تفسير سورة الأعراف

تفسير العز بن عبد السلام
تفسير سورة سورة الأعراف من كتاب تفسير العز بن عبد السلام المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام .
لمؤلفه عز الدين بن عبد السلام . المتوفي سنة 660 هـ
سورة الأعراف مكية كلها، أو مكية إلا خمس آيات ﴿ واسألهم عن القرية ﴾ إلى آخر الخمس [ ٦٣ - ١٦٧ ].

١ - ﴿المص﴾ أنا الله أفصل، أو هجاء ((المصور))، أو اسم للقرآن، أو للسورة أو اختصار كلام يفهمه الرسول ﷺ قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو حروف الاسم الأعظم، أو حروف هجاء مقطعة، أو من حساب الجُمَّل، أو حروف تحوي معاني كثيرة دلّ الله - تعالى - خلقه بها على مراده من كل ذلك.
٢ - ﴿حَرَجٌ﴾ ضيق، أو شك، أو لا يضيق صدرك بتكذيبهم.
474
{وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قاءلون (٤) فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين (٥) فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين (٦) فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين (٧)
475
٤ - ﴿ (أَهْلَكْنَاهَا﴾ حكمنا بإهلاكها فجاءها بأسنا، أو أهلكناها بإرسال ملائكة العذاب إليها فجاءها بأسنا بوقوع العذاب بهم، أو أهلكناها بالخذلان عن الطاعة فجاءتهم العقوبة، أو وقوع الهلاك والبأس معاً فتكون الفاء بمعنى ((الواو)) كقوله: ((أعطيت فأحسنت)) وكان الإحسان مع العطاء لا بعده. البَأس: شدة العذاب، والبُؤْس: شدة الفقر. ﴿بَيَاتاً﴾ في نوم الليل. ﴿قَآئِلُونَ﴾ نوم النهار ووقت القائلة لأن وقوع العذاب في وقت الراحة أفظع. ﴿والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولائك هم المفلحون (٨) ومن خفت موازينه فأولائك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون (٩) ﴾
٨ - / ﴿وَالْوَزْنُ﴾ القضاء بالعدل، أو موازنة الحسنات والسيئات بميزان له كفَّتان توضع الحسنات في إحداهما والسيئات في الأخرى أو توزن صحائف الأعمال إذ لا يمكن وزن الأعمال وهي أعراض قاله ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما -، أو يوزن الإنسان فيؤتى بالرجل العظيم الجثة فلا يزن جناح
475
بعوضة قاله عبيد بن عمير - رضي الله تعالى عنهما - ﴿فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾ قضي له بالطاعة، أو زادت حسناته على سيئاته، أو ثقلت كفة حسناته. ﴿ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون (١٠) ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين (١١) ﴾
476
١١ - ﴿وَلَقَدْ خَلَقَناكُمْ﴾ في أصلاب الرجال ﴿ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ﴾ في أرحام النساء، أو خلقناكم ((إدم)) ثم صورناكم في ظهره، أو خلقناكم نطفاً في أصلاب الرجال وترائب النساء ثم صورناكم في ارحام، أو خلقناكم في الأرحام ثم صورناكم فيها بعد الخلق بشق السمع والبصر. ﴿ثُمَّ قُلْنَا﴾ صورناكم في صلبه ثم قلنا، أو صورناكم ثم أخبرناكم بأنا قلنا، أو فيه تقديم وتأخير تقديره ثم قلنا للملائكة اسجدوا ثم صورناكم أو يكون ثم بمعنى ((الواو)) قاله
476
الأخفش، وأنكره بعض النحويين. {قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين (١٢) قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين (١٣) قال أنظرني إلى يوم يبعثون (١٤) قال إنك من المنظرين (١٥)
477
١٣ - ﴿فَأْهْبِطْ مِنْهَا﴾ من السماء، أو من الجنة، قاله ربه له على لسان بعض الملائكة أو أراه آية دلَّته على ذلك.
١٤ - ﴿أَنظِرْنِى﴾ طلب الإنظار بالعقوبة إلى يوم القيامة فأنظر بها إلى يوم القيامة، أو طلب الإنظار بالحياة إلى القيامة فأنظره إلى النفخة الأولى ليذوق الموت بين النفختين، وهوأربعون سنة، ولا يصح أجابة العصاة لأنها تكرمة ولا يستحقونها فقوله: ﴿إنك من المنظرين﴾ [١٥] ابتداء عطاء جعل عقيب سؤاله، أو يصح إجابتهم ابتلاء وتأكيدا للحجة. {قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم (١٦) ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين (١٧) قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين (١٨)
١٦ - ﴿فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِى﴾ الباء للقسم، أو للمجازاة، أو التسبب. ﴿أغويتيني﴾ أضللتني، أو خيبتني من جنتك، أو أهلكتني باللعن، غوى الفصيل: أشفى على الهلاك. ﴿لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ﴾ على صراطك: طريق الحق / ليصدهم عنه، أو طريق مكة ليمنع من الحج والعمرة.
١٧ - ﴿مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾ من بين أيديهم: أشككهم في الآخرة ﴿وَمِنْ خَلفِهِمْ﴾ أرغبهم في الدنيا ﴿وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ﴾ حسناتهم، ﴿وَعَن شَمَآئِلِهِمْ﴾
477
سيئاتهم قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: أو ((من بين أيديهم)) الدنيا ((وخلفهم)) الآخرة، ((وأيمانهم)) : الحق يشككهم فيه، وشمائلهم ((الباطل يرغبهم فيه، أو ((بين أيديهم وعن أيمانهم)) من حيث يبصرون، ((ومن خلفهم وعن شمائلهم)) من حيث لا يبصرون، أو أراد من كل جهة يمكن الاحتيال عليهم منها ﴿شَاكِرينَ﴾ ظنَّ أنهم لا يشكرون فصدق ظنه، أو يمكن أن علمه من بعض الملائكة بإخبار الله - تعالى -.
478
١٨ - ﴿مَذْءُوماً﴾ مذموماً، أو أسواْ حالاً من المذموم، أو لئيما، أومقيتا /، أو منفيا. ﴿مدحورا﴾ مدفوعا، أو مطرودا. ﴿ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (١٩) فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وروي عنهما من سوءاتهما وقال مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هذه الشجرة إِلاَّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين (٢٠) وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين (٢١) ﴾
٢٠ - ﴿فَوَسْوَسَ) الوسوسة: إخفاء الصوت بالدعاء، وسوس له: أوهمه النصح، ووسوس إليه: ألقى إليه المعنى، كان في الأرض وهما في الجنة في السماء فوصلت وسوسته إليهما بقوة أعطيها قاله الحسن، أوكان في السماء، وكانا يخرجان إليه فيلقاهما هناك أو خاطبهما من باب الجنة وهما فيها. {مَا نَهَاكُمَا﴾ هذه وسوسته: رغَّبهما في الخلود وشرف المنزلة، وأوهمهما أنهما يتحولان في صور الملائكة، أو أنهما يصيران بمنزلة الملك في علو منزلته مع علمهما أن صورهما لا تتحول. ﴿فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشطان لكما عدو مبين (٢٢) قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين (٢٣) ﴾
٢٢ - ﴿فَدَلاَّهُمَا﴾ حطهما من منزلة الطاعة إلى منزلة المعصية. ﴿وطفقا﴾ جعلا ﴿يخصفان﴾ يطعان من ورق التين. ﴿قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين (٢٤) قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون (٢٥) ﴾
٢٤ - ﴿اهْبِطُواْ﴾ آدم وحواء وإبليس، أخبر أنه أمرهم وإن وقع أمره في زمانين لأن إبليس أخرج قبلهما. ﴿مُسْتَقَرٌّ﴾ استقرار، أو موضع استقرار ﴿وَمَتَاعٌ﴾ ما انتفع به من عروض الدنيا. (حِينٍ) انقضاء الدنيا. ﴿يا يني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكما وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من ءايات الله لعلهم يذكرون (٢٦) يايني آدم لا يفتتنكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون﴾
٢٦ - ﴿قَدْ أَنزَلْنَا﴾ لما كانوا يطوفون بالبيت عراة ويرونه أبلغ في التعظيم بنزع ثياب عصوا فيها، أو للتفاؤل بالتعري من من الذنوب نزلت وجُعل اللباس
479
مُنزلاً، لنباته بالمطر المنزَل، أو لأنه من بركات الله - تعالى - والبركة تنسب إلى النزول من السماء ﴿وأنزلنا الحديد﴾ [الحديد: ٢٥] ﴿سوآتكم﴾ عوراتكم، لأنه يسوء صاحبها انكشافها. ﴿وَرِيشاً﴾ المعاش، أو اللباس والعيش والنعيم، أو الجمال، أو المال.
(فريشي منكم وهواي معكم وإن كانت زيارتكم لماما)
﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ الإيمان، أو الحياء، أو العمل الصالح، أو السمت الحسن، أو خشية الله - تعالى - أو ستر العورة. ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ لباس التقوى خير من الرياش واللباس، أويريد أن ما ذكره من اللباس والرياش ولباس التقوى ذلك خير كله فلا يكون خير للتفضيل.
480
٢٧ - ﴿لِبَاسَهُمَا﴾ من التقوى والطاعة، أو كان لباسهما نوراً، أو أظفاراً تستر البدن فنُزعت عنهما وتُركت زينة وتذكرة، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليهآ ءابآءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشآء أتقولون على الله ما لا تعلمون (٢٨) قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودودن (٢٩) فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم
480
الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أوليآء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون (٣٠) }
481
٢٨ - ﴿وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ﴾ توجَّهوا حيث كنتم في الصلاة إلى الكعبة، أو اجعلوا سجودكم خالصاً لله - تعالى - دون الأصنام. ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ﴾ شقياً وسعيداً كذلك تبعثون يوم القيامة، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو كما قدر على الابتداء يقدر على الإعادة، أو كما بدأكم لا تملكون شيئاً كذلك تبعثون، قال الرسول ﷺ " يُحشر الناس حفاة عراة غُرلاً " ثم قرأ ﴿كما بدأنا أول خلق نعيده﴾ [الأنبياء: ١٠٤]. {يا بني ءادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (٣١) قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين ءامنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون (٣٢) قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وَأّن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (٣٣) ولكل أمة أجل فإذا جآء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (٣٤) يا بني ءادم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم
481
آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (٣٥) والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنهآ أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (٣٦) }
482
٣١ - ﴿خُذُواْ زِينَتَكُمْ﴾ ستر العورة في الطواف، أو في الصلاة أو التزين باجمل اللباس في الجمع والإعياد، أو أراد المشط لتسريح اللحية وهو شاذ. ﴿وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ﴾ ما أحلَّ لكم ﴿وَلا تُسْرِفُواْ﴾ في التحريم، أو لا تأكلوا حراماً، أو لا تأكلوا ما زاد على الشبع.
٣٢ - ﴿زينة الله﴾ ستر العورة في الطواف. ﴿الطيبات﴾ الحلال، أو المستلذ كانوا يحرِّمون السمن والألبان في الإحرام، أو البحيرة والسائبة. ﴿خَالِصَةً﴾ لهم دون الكفر، أو خالصة من مأثم أو مضرة. ﴿فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جآءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين (٣٧) قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعاً قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلآء أضلونا فئاتهم عذاباً ضعفاً من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون (٣٨) وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون (٣٩) ﴾
٣٧ - ﴿نَصِيبُهُم﴾ العذاب، أو الشقاء والسعادة، أو ما كتب عليهم مما عملوه في الدنيا، أو ما وُعدوا في الكتاب من خير أو شر، أو ما كتب لهم من الأجل والرزق والعمل. ﴿يَتَوَفَّوْنَهُمْ﴾ بالموت، أو بالحشر إلى النار. {إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السمآء ولا يدخلون الجنة حتى
482
يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين (٤٠) لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين (٤١) }
483
٤٠ - ﴿لا تُفَتَّحُ﴾ لأرواحهم، وتفتح لأرواح المؤمنين، أو لدعائهم وأعمالهم أو لا تفتح لهم لدخول الجنة لأنها في السماء. ﴿الْجَمَلُ﴾ البعير، وسم الخياط: ثقب الإبرة، أو السم القاتل الداخل في مسام الجسد الخفية.
٤١ - ﴿مِهَادٌ﴾ المهاد: الوطاء، ومنه مهد الصبي. ﴿غَوَاشٍ﴾ لحف، أو لباس، أو ظلل. ﴿والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعهآ أولئك أصحاب الجنة هم فيها جالدون (٤٢) ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون (٤٣) ﴾
٤٣ - ﴿وَنَزَعْنَا﴾ الحقد من صدورهم لطفاً بهم أو انتزاعه من لوازم الإيمان الذي هدوا إليه، وهو أحقاد الجاهلية، أو لا تحاقد ولا عداوة بعد الإيمان. {ونادى أَصْحَابُ الجنة أَصْحَابَ النار أَن قَدْ وَجَدْنَا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين (٤٤) الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرى كافرون (٤٥) وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون (٤٦) وإذا صرفت أبصارهم تلقاء
483
أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين (٤٧) }
484
٤٦ - ﴿الأَعْرَافِ﴾ جمع ((عرف))، وهو سور بين الجنة والنار، مأخوذ من الارتفاع، منه عرف الديك، وأصحابه فضلاء المؤمنين، قاله الحسن ومجاهد، أو ملائكة في صورة الرجال، أو قوم بطأت بهم صغائرهم إلى آخر الناس، أو قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فجعلوا هنالك حتى يقضي الله - تعالى - فيهم ما شاء الله ثم يدخلون الجنة، قاله ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - أو قوم قُتلوا في سبيل الله - تعالى - عصاة لآبائهم، سُئل الرسول ﷺ عن أصحاب الأعراف فقال ((قوم قُتلوا في سبيل الله - تعالى - بمعصية آبائهم أن يدخلوا الجنة)). ﴿بِسِيمَاهُمْ﴾ علامات في وجوههم وأعينهم، سواد الوجه
484
وزرقة العين لأهل النار، وبياضه وحسن العين لأهل الجنة. ونادى أصحاب الأعراف رجالاً يعرفونهم بسيماهم قالوا مآ أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون (٤٨) أهؤلآء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لاخوف عليكم ولآ أنتم تحزنون (٤٩) ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من المآء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين (٥٠) الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقآء يومهم هذا وما كانوا بئاياتنا يجحدون (٥١) }
485
٤٨ - ﴿وَنَادَى﴾ وينادي، أو تقديره: إذا كان يوم القيامة نادى. ﴿ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون (٥٢) هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تاويله يقول الذين نسوه من قبل قد جآءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعآء فيشفعوا لنآ أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروآ أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون (٥٣) ﴾
٥٣ - ﴿تَأْوِيلَهُ﴾ تأويل القرآن: عاقبته من الجزاء، أو البعث والحساب. ﴿نَسُوهُ﴾ أعرضوا عنه فصار كالمنسِي، أو تركوا العمل به. ﴿إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى اليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين (٥٤) ﴾
٥٤ - ﴿سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ من الأحد إلى الجمعة. ﴿اسْتَوَى﴾ أمره على العرش
485
قاله الحسن، أو استولى. ﴿الْعَرْشِ﴾ عبَّر به عن الملك لعادة الملوك الجلوس على الأَسرَّة، أو السموات كلها، لأنها سقف / وكل سقف عرش ﴿خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا﴾ [البقرة: ٢٥٩، الكهف: ٤٢] سقوفها أو موضع هو أعلى ما في السماء وأشرفه محجوب عن الملائكة. ﴿يُغْشِى﴾ ظلمة الليل ضوء النهار. ﴿يَطْلُبُهُ﴾ عبَّر عن سرعة التعاقب بالطلب. ﴿ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين (٥٥) ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين (٥٦) ﴾
486
٥٥ - ﴿تضرعا وخفية﴾ رغبة ورهبة، أو التضرع: التذلل، والخفية: الإسرار. ﴿لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ في الدعاء برفع الصوت، أو بطلب ما لا يستحقه من منازل الأنبياء، أو باللعنة والهلاك على من لا يستحقهما.
٥٦ - ﴿وَلا تُفْسِدُواْ فِى الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا﴾ [لا تفسدوها بالكفر بعد إصلاحها] بالإيمان، أو بالمعصية بعد إصلاحها بالطاعة، أو بتكذيب الرسل بعد إصلاحها بالوحي، أو بقتل المؤمن بعد إصلاحها ببقائه. ﴿رحمة اللَّهِ﴾ أتت على المعنى لأنها " إنعام "، أو " مكان رحمة الله ". {وهو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته حتى إذآ أقلت سحاباً ثقالاً
486
سقناه لبلد ميت فأنزلنا به المآء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون (٥٧) والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون (٥٨) }
487
٥٨ - ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ﴾ القلب النقي ﴿يَخْرُجُ نَبَاتُهُ﴾ من الإيمان والطاعات ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾ بما أمر به ذلك ﴿وَالَّذِى خَبُثَ﴾ من القلوب ﴿لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا﴾ بالكفر والمعاصي، قاله بعض أرباب القلوب، والجمهور على أنه من بلاد الأرض الطيِّب التربة والرخيص السعر، أو الكثير العلماء، أو العادل سلطانه. ضرب الله - تعالى - الأرض الطيبة مثلاً للمؤمن والخبيثة السبخة مثلاُ للكافر ﴿يَخْرُجُ نَبَاتُهُ﴾ زرعه وثماره ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾ بلا كد على قول التربة، أو صلاح أهله على قول الطيب بالعلماء ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾ بدين ربه أو كثرة أمواله وحسن أحواله على قول عدل السلطان ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِ) {بأمر ربه﴾ (وَالَّذِى خَبُثَ} في تربته، أو بغلاء أسعاره. أو بجور سلطانه، أو قلّة علمائه. ﴿نَكِداً﴾ بالكد والتعب، أو قليلاً لا ينتفع به، أو عسراً لشدته مانعا من خيره. {لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم (٥٩) قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين (٦٠) قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين (٦١) أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون (٦٢) أو عجبتم أن جآءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون (٦٣) فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك
487
وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنآ إنهم كانوا قوما عمين (٦٤) وإلى عاد أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون (٦٥) قال الملآ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين (٦٦) قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين (٦٧) أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين (٦٨) أو عجبتم أن جآءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفآء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا ءالآء الله لعلكم تفلحون (٦٩) قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آبآؤنا فأتنا بما تعدنآ إن كنت من الصادقين (٧٠) قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسمآء سميتموهآ أنتم وءابآؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين (٧١) فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين (٧٢) }
488
٦٩ - ﴿بَسطَةً﴾ قوة، أو بسط اليدين وطول الجسد، كان أقصرهم طوله اثنا عشر دراعاً. ﴿آلاء اللَّهِ﴾ نعمه، أو عهوده.
٧١ - ﴿رِجْسٌ﴾ عذاب، أو سخط، أو هو الرجز أًبدلت زايه سيناً. ﴿سَمَّيْتُمُوهَآ﴾ آلهة، أو سموا بعضاً بأن يسقيهم المطر والآخر أن يأتيهم بالرزق والآخر أن يشفي المرضى والآخر أن يصحبهم في السفر، قيل ما أمرهم هود إلا بالتوحيد والكف عن ظلم الناس فأبوا ﴿وقالوا من أشد منا قوة﴾ [فصلت: ١٥]. {وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جآءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم (٧٣) واذكروا إذ جعلكم خلفآء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا ءالآء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين (٧٤) قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن ءامن منهم أتعلمون أن صالحاً مرسل من ربه قالوا إنا بمآ أرسل به مؤمنون (٧٥) قال الذين استكبروا إنا بالذي ءامنتم به كافرون (٧٦) فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ المرسلين (٧٧) فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين (٧٨) قتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم
489
رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين (٧٩) }
490
٧٣ - ﴿آية) {فريضة﴾ (وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [النور: ١] فروضاً، فرض عليهم أن لا يعقروها ولا يمسوها بسوء، أو علامة على قدرته، لأنها تمخَّضت بها صخرة ملساء كما تتمخَّض المرأة فانفلقت عنها على الصفة التي طلبوها، وكانت تشرب في يومها ماء الوادي كله وتسقيهم اللبن بدله، ولهم يوم يخصهم لا تقرب فيه ماءهم.
٧٤ - ﴿بوأكم﴾ أنزلكم، أو مكَّنكم فيها من منازل تأوون إليها. ﴿الأَرْضِ﴾ / أرض الحجر بين الشام والمدينة. ﴿قصوراً﴾ تصيفون فيها، وتشتُّون في بيوت الجبال لأنها أحصن وأبقى وأدفأ، وكانوا طوال الأعمار والآمال، والقصر: ما شيد وعلا من المنازل. ﴿آلاء اللَّهِ﴾ تعالى نعمه، أو عهوده. ﴿تَعْثُوْاْ﴾ العيث: السعي في الباطل، أو الفعل المؤذي لغير فاعله. ﴿مُفْسِدِينَ﴾ بالمعاصي، أو بالدعاء أو عبادة غير الله - تعالى -.
٧٨ - ﴿الرَّجْفَةُ﴾ زلزلة الأرض، أو الصيحة، قال السدي: " كل ما في القرآن من دارهم فالمراد به مدينتهم، وكل ما فيه من ديارهم فالمراد به عساكرهم ". ﴿جَاثِمِينَ﴾ أصبحوا كالرماد الجاثم، لاحتراقهم بالصاعقة أو الجاثم: البارك على ركبتيه، قيل: كان ذلك بعد العصر.
٧٩ - ﴿فَتَوَلَّىَ عَنْهُمْ﴾ خرج عن أرضهم بمن آمن معه وهم مائة وعشرة، قيل خرج [إلى] فلسطين، وقيل: لم تهلك أمة ونبيهم بين أظهرهم. {ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين (٨٠)
490
إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النسآء بل أنتم قوم مسرفون (٨١) وما كان جواب قومه إلآ أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون (٨٢) فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين (٨٣) وأمطرنا عليهم مطراً فانظر كيف كان عاقبة المجرمين (٨٤) }
491
٨٢ - ﴿يَتَطَهَّرُونَ﴾ من إتيان الأدبار، أو بإتيان النساء في الأطهار.
٨٣ - ﴿فأنجيناه﴾ خلصناه، أو أبعدناه على نجوة من الأرض. ﴿وأهله﴾ ابنتيه ريثا ورعثا. ﴿الغابرين﴾ الباقين في الهلاك، أو الغائبين عن النجاة، غبر عنا فلان زماناً: إذا غاب، أو الغابرين في العمر لأنها لقيت هلاك قومها. ﴿وإلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جآءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشيآءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذالكم خير لكم إن كنتم مؤمنين (٨٥) ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من ءامن به وتبغونها عوجاً واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين (٨٦) وإن كان طآئفة منكم ءامنوا بالذي أرسلت به وطآئفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين (٨٧) ﴾
٨٦ - ﴿ولا تقعدوا﴾ كانوا يقعدون على طريق شعيب يؤذون من قصده للإيمان ويخوفونه بالقتل، أو نهاهم عن قطع الطريق، أو عن تعشير أموال الناس. ﴿عوجاً﴾ يبغون السبيل عوجاً عن الحق، العوج في الدين وما لا
491
يرى والعوج في العود وما يرى. ﴿فكثركم﴾ بالغنى بعد الفقر، أو بالقوة بعد الضعف، أو بطول الأعمار بعد قصرها، او كثرة عددهم لأن مدين بن إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - تزوج ريثا بنت لوط فولدت آل مدين منها. ﴿قال الملآ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين ءامنوا معك من قريتنآ أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين (٨٨) قد افترينا على الله كذباً إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنآ أن نعود فيهآ إلآ أن يشآء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علماً على الله توكلنآ ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين (٨٩) ﴾
492
٨٩ - ﴿نَّعُودَ فِيهَآ﴾ حكاية عن أتباع شعيب الذين كانوا قبل اتباعه على الكفر، أو قاله تنزُّلاً لو كان عليها لم يعد إليها، إأو يطلق لفظ العود على منشىء الفعل وإن لم يسبق منه فعل مثله ﴿فِيهَآ﴾ في القرية، أو ملّة الكفر عند الجمهور. ﴿إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ﴾ علّق العود على المشيئة تبعيداً كقوله: ﴿حتى يلج الجمل﴾ [٤٠]، أو لو شاء الله - تعالى - عبادة الوثن كانت طاعة لأنه شاءها كتعظيم الحجر الأسود. ﴿افْتَحْ﴾ اكشف؛ أو احكم، وأهل عُمان يسمون الحاكم، " الفاتح " و " الفتاح " ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: " كنت لا أدري ما معنى قوله: ﴿رَبَّنَا افْتَحْ﴾ حتى سمعت بنت ذي يزن تقول: تعالَ أفاتحك، تعني أقاضيك. وسمي بذلك، لأنه يفتح باب العلم المنغلق على غيره، وحكم الله - تعالى - لا يكون إلا بالحق، فقوله بالحق أخرجه مخرج الصفة / لا أنه طلبه، أو طلب أن يكشف الله - تعالى - لمخالفه أنه على الحق، أو طلب الحكم في الدنيا بنصر المحق /. {وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيباً إنكم إذاً لخاسرون (٩٠) فأخذتهم
492
الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين (٩١) الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين (٩٢) فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف ءاسى على قوم كافرين (٩٣) }
493
٩٢ - ﴿يَغْنَواْ﴾ يقيموا، أو يعيشوا، أو ينعموا، أو يعمرو، ﴿هم الخاسرين﴾ بالكفر، أو بالهلاك. ﴿وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون (٩٤) ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس ءاباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون (٩٥) ﴾
٩٤ -
493
٩٥ -
493
﴿بِالْبَأْسَآءِ﴾ بالقحط ﴿وَالضَّرَّآءِ﴾ الأمراض والشدائد، أو البأساء: الجوع، والضراء: الفقر، أو البأساء: البلاء، والضراء: الزمانة، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو البأساء: الشدائد في أنفسهم، والضراء / الشدائد في أموالهم.
493
﴿بِالْبَأْسَآءِ﴾ بالقحط ﴿وَالضَّرَّآءِ﴾ الأمراض والشدائد، أو البأساء: الجوع، والضراء: الفقر، أو البأساء: البلاء، والضراء: الزمانة، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو البأساء: الشدائد في أنفسهم، والضراء: الشدائد في أموالهم.
493
٩٥ - ﴿السيئة﴾ الشدة و ﴿الحسنة﴾ الرخاء، أو السيبئة: الشر والحسنة: الخير ﴿عَفَواْ﴾ كثروا، أو أعرضوا، أو سمنوا، أو سروا. ﴿مس آباءنا الضَّرَّآءُ وَالسَّرَّآءُ) يريدون ليس عقوبة على التكذيب بل ذلك عادة الله - تعالى - في خلقه. {ولو أن أهل القرىءامنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون (٩٦) أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون (٩٧) أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون (٩٨) أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون (٩٩) ﴾
493
٩٦ - ﴿لَفَتَحْنَا﴾ لرزقنا أو لوسعنا. ﴿بَرَكَاتٍ﴾ السماء القطر، وبركات الأرض النبات والثمار. ﴿أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع عل قلوبهم فهم لا يسمعون (١٠٠) تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين (١٠١) وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين (١٠٢) ﴾
١٠٠ - ﴿لا يَسْمَعُونَ﴾ لا يقبلون / ومنه سمع الله لمن حمده.
١٠١ - ﴿فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ﴾ وقت أخذ الميثاق يوم الذر أو لم يؤمنوا عند مجيء الرسل بما سبق عليهم أنهم يكذبون به يوم الذر، أو لو أحييناهم بعد هلاكهم لم يؤمنوا بما كذبوا قبل هلاكهم كقوله - تعالى - ﴿وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ﴾ [الأنعام: ٢٨].
١٠٢ - ﴿مِّنْ عَهْدٍ﴾ من طاعة للأنبياء، أو من وفاء بعهد عهده إليهم مع الرسل أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، أو عهد يوم الذر، أو ما ركز في عقولهم من معرفته ووجوب شكره. ﴿لَفَاسِقِينَ﴾ الفسق: الخروج عن الطاعة، أو خيانة العهد. {ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنآ إلى فرعون ملإئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين (١٠٣) وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين (١٠٤) حقيق
494
على أن لآ أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرآءيل (١٠٥) قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين (١٠٦) فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين (١٠٧) ونزع يده فإذا هي بيضآء للناظرين (١٠٨) قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم (١٠٩) يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون (١١٠) قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدآئن حاشرين (١١١) يأتوك بكل ساحر عليم (١١٢) }
495
١٠٥ - ﴿حَقِيقٌ﴾ حريص، أو واجب، أخذ من وجوب الحق. ﴿إِلاَّ الْحَقَّ﴾ الصدق، أو ما فرضه عليَّ من الرسالة.
١١١ - ﴿أَرْجِهْ﴾ أخره، أو احبسه. ﴿حَاشِرِينَ﴾ أصحاب الشُّرَط، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. ﴿وجآء السحرة فرعو قالوا إن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين (١١٣) قال نعم وإنكم لمن المقربين (١١٤) قالوا يا موسى إمآ أن تلقي وإمآ أن نكون نحن الملقين (١١٥) قال ألقوا فلمآ ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجآءو بسحر عظيم (١١٦) وأوحينآ إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون (١١٧) فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون (١١٨) فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين (١١٩) وألقي السحرة ساجدين (١٢٠) قالوا ءامنا برب العالمين (١٢١) رب موسى وهارون (١٢٢) ﴾
١١٧ - ﴿عصاك﴾ هي أول آيات موسى - عليه الصلاة والسلام - من آس الجنة، طولها عشرة أذرع بطول موسى عليه الصلاة والسلام، فضرب بها باب فرعون ففزع فشاب فخضب بالسواد حياء من قومه، وكان أول خضب بالسواد قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. ﴿تَلْقَفُ﴾ التلقُف: التناول
495
بسرعة، يريد ابتلاعها بسرعة. ﴿يَأْفِكُونَ﴾ يقلبون، المؤتفكات: المنقلبات، أو يكذبون من الإفك.
﴿ألْقُواْ﴾ تقديره " إن كنتم محقين "، أو أَلقوا على ما يصح ويجوز دون ما لا يصح.
496
١١٨ - ﴿فَوَقَعَ الْحَقُّ﴾ ظهرت العصا على حبال السحرة، أو ظهرت نبوة موسى - عليه الصلاة والسلام - على ربوبية فرعون.
١٢٠ - ﴿ساجدين﴾ لله إيماناً بربوبيته، أو لموسى - عليه الصلاة والسلام - تسليماً له وإيماناً بنبوّته، أُلهموا السجود لله - تعالى - أو رأوا موسى عليه الصلاة والسلام - وهارون سجدا / شكراً عند الغلبة فاقتتدوا بهما. {قال فرعون ءامنتم به قبل أن ءاذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منهآ أهلها فسوف تعلمون (١٢٣) لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين (١٢٤) قالوا إنآ إلى ربنا منقلبون (١٢٥) وما تنقم منآ إلآ أن ءامنا بآيات ربنا لما جآءتنا ربنآ أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين (١٢٦) وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وءالهتك قال سنقتل أبنآءهم ونستحي نسآءهم وإنا فوقهم قاهرون (١٢٧) قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشآء من عباده والعاقبة للمتقين (١٢٨) قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض
496
فينظر كيف تعملون (١٢٩) }
497
١٢٧ - ﴿الْمَلأُ﴾ الأشراف، أو الرؤساء، أو الرهط، والنفر: " الرجال الذين لا نساء معهم "، والرهط أقوى من النفر وأكبر، والملأ: المليئون بما يراد منهم، أو تملأ النفوس هيبتهم، أو يملؤون صدور المجالس، وإنما أنكروا على فرعون، لأنهم رأوا منه خلاف عادة الملوك في السطوة بمن أظهر مخالفتهم، وكان ذلك لطفاً من الله - تعالى - بموسى - عليه الصلاة والسلام -. ﴿لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ﴾ بعبادة غيرك، أو بالغلبة عليها وأخذ قومه منها. ﴿وآلهتك﴾ كان يعبد الأصنام وقومه يعبدونه، أو كان يعبد ما يستحسن من البقر ولذلك أخرج السامري العجل وكان معبوداً في قومه، أو أصنام كان يعبدها قومه تقرباً إليه، قاله الزجاج، قرأ ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - ﴿وإلهتك﴾ أي وعبادتك وقال: كان فرعون يُعْبَد ولا يَعْبُد. ﴿سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ﴾ عدل عن قتل موسى إلى قتلهم، لأنه علم أنه لا يقدر على قتل موسى - عليه الصلاة والسلام - إما لقوته، أو لأنه مصروف عن قتله فأراد استئصال بني إسرائيل ليضعف عنه موسى. ﴿وَنَسْتَحْىِ نِسَآءَهُمْ﴾ نفتش حياءهن عن الولد، والحياء: الفرج والأظهر أنه نبقهن أحياء لضعفهن عن المنازعة والمحاربة.
١٢٨ - ﴿يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ﴾ أعلمهم أن الله - تعالى - يورثهم أرض فرعون، أو سلاهم بأن الأرض لا تبقى على أحد حتى تبقى لفرعون.
١٢٩ - ﴿أوذينا من قبل أن تأتينا﴾ بالاستعباد وقتل الأبناء ﴿وَمِن بَعْدِ﴾ بالوعيد بإعادة ذلك عليهم أو بالجزية من قبل مجيئه وبعده، أو كانوا يضربون اللَّبِنَ ويُعطون التبن فلما جاء صاروا يضربون اللَّبِنَ وعليهم التبن أو كانوا
497
يسخرون في الأعمال نصف النهار ويكسبون لأنفسهم في النصف الآخر فلما جاء سخَّرهم جميع النهار بغير طعام ولا شراب ﴿مِن قَبْلِ أَن تَأَتِيَنَا﴾ بالرسالة ﴿وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا﴾ بها، أو من قبل أن تأتينا بعهد الله - تعالى - أنه يخلِّصنا، ومن بعد ما جئتنا به شكوا ذلك استغاثة منهم بموسى - عليه الصلاة والسلام - أو استبطاء لوعده. ﴿عَسَى﴾ في اللغة طمع وإشفاق. وهي من الله - تعالى - إيجاب ويقين ويحتمل أن يكون رجاهم ذلك. ﴿وَيَسْتَخْلِفَكُمْ﴾ يجعلكم خلفاً من فرعون، أو يجعلكم خلفاً لنفسه لأنكم أولياؤه. ﴿الأَرْضِ﴾ أرض مصر، أو الشام. ﴿فَيَنظُرَ﴾ فيرى، أو فيعلم أولياؤه. وعدهم بالنصر، أو حذّرهم من الفساد، لأن الله - تعالى - ينظر كيف تعملون في طاعته أو خلافته. ﴿ولقد أخذنآ ءال فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون (١٣٠) فإذا جآءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بموسى وَمَن مَّعَهُ ألآ إنما طآئرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون (١٣١) ﴾
498
١٣٠ - ﴿بِالسِّنِينَ﴾ الجوع، أو الجدوب، أخذتهم السنة: قحطوا، قال الفراء: بالسنين: القحط عاماً بعد عام، قيل قحطوا سبع سنين.
١٣١ - ﴿الْحَسنَةُ﴾ / الخصب، والسيئة: الجدب، أو الحسنة: السلامة والأمن، والسيئة: الأمراض والخوف. ﴿لَنَا هَذِهِ﴾ أي كانت هذه حالنا في أوطاننا قبل اتباعنا لك. ﴿يَطَّيَّرُواْ﴾ يتشاءموا، يقولون: هذه بطاعتنا لك. ﴿طَآئِرُهُمْ﴾ حظهم من العقاب، أو طائر البركة، والشؤم من الخير والشر والنفع والضر من عند الله - تعالى - لا صنع فيه لمخلوق. {وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين (١٣٢) فأرسلنا عليهم
498
الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ءايات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين (١٣٣) ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل (١٣٤) فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون (١٣٥) }
499
١٣٣ - ﴿الطُّوفَانَ﴾ الغرق بالماء الزائد، أو الطاعون، أو الموت، وقال الرسول ﷺ ((الطوفان: الموت)) أو أمر من الله - تعالى - طاف بهم، أو المطر والريح، أو عذاب، ((قيل: دام بهم ثمانية أيام من السبت إلى السبت، قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنه -: فما زال الطوفان حتى خرج زرعهم حسناً، فقالوا: هذه نعمة فأرسل الله - تعالى - عليهم الجراد بعد شهر فأكل جميع نبات الأرض وبقي من السبت إلى السبت، ثم طلع بهد الشهر من الزرع ما قالوا هذا يكفينا فأرسل الله - تعالى - عليهم القُمَّل فسحقها))، وهو الدبا صغار الجراد لا أجنحة له، أو سوس الحنطة، أو البراغيث، أو القردان، أو ذوات سود صغار. ﴿وَالدَّمَ﴾ الرعاف، أو صار ماء شربهم دماً عبيطاً. ﴿مُّفَصَّلاتٍ﴾ مبينات لنبوة موسى - عليه الصلاة والسلام - أو انفصل بعضها عن بعض فكان بين كل آيتين شهر. ﴿فَأسْتَكْبَرُواْ﴾ عن الإيمان بموسى - عليه الصلاة واسلام -، أو عن الاتعاظ بالآيات.
١٣٤ - ﴿الرجز﴾ العذاب، أوطاعون أهلك من القبط سبعين ألفاً {بِمَا
499
عَهِدَ عِندَكَ} الباء للقسم، أو بما أوصاك أن تفعله في قومك، أو بما عهده إليك أن تدعوه به فيجيبك. ﴿فانتقمنا منهم فأعرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بئاياتنا وكانوا عنها غافلين (١٣٦) وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرآءيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون (١٣٧) ﴾
500
١٣٧ - ﴿مَشَارِقَ الأَرْضِ﴾ الشرق والغرب، أو أرض الشام ومصر، أو الشام وحدها شرقها وغربها. ﴿بَارَكْنَا فِيهَا﴾ بالخصب، أو بكثرة الثمار والأشجار والأنهار. ﴿وتمت كلمة رَبِّكَ﴾ بإهلاك عدوهم واستخلافهم او بما وعدهم به بقوله - تعالى - ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ﴾ الآيتين [القصص: ٥، ٦] ﴿الحسنى﴾ لأنها وعد بما يحيون. ﴿بِمَا صَبَرُواْ﴾ على طاعة الله - تعالى - أو على أذى فرعون. ﴿وجاوزنا ببني إسرآءيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنآ إلهاً كما لهم ءالهة قال إنكم قوم تجهلون (١٣٨) إن هؤلآء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون (١٣٩) قال أغير الله أبغيكم إلهاً وهو فضلكم على العالمين (١٤٠) وإذ أنجيناكم من ءال فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبنآءكم ويستحيون نسآءكم وفي ذلكم بلآء من ربكم عظيم (١٤١) ﴾
١٣٩ - ﴿مُتَبَّرٌ﴾ باطل، أو ضلال، أو مُهلك، والتبر: الذهب، لأن معدنه مهلك، أو لكسره، وكل إناء مكسور متبر، قاله الزجاج.
١٤١ - ﴿بَلآءٌ﴾ في خلاصكم، أو فيما فعلوه بكم، والبلاء: الاختبار بالنعم، أو النقم. ﴿وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين (١٤٢) ﴾
١٤٢ - ﴿ثَلاثِينَ لَيْلَةً﴾ أمر بصيامها، والعشر بعدها أجل المناجاة، أو الأربعون كلها أجل الميقات للمناجاة، قيل ذو القعدة وعشر من ذي الحجة. تأخر عنه قومه في الأجل الأول فزادهم الله - تعالى - العشر ليحضروه، أو لأنهم عبدوا العجل بعده فزاد الله - تعالى - العشر عقوبة لهم، ﴿فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ تأكيد /، أو لبيان أن العشر ليالي وليست بساعات، أو لبيان أن العشر زائد على الثلاثين غير داخل فيها، لأن تمام الشيء يكون بعضه. ﴿ولما جآء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقاً فلمآ أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين (١٤٣) ﴾
١٤٣ - ﴿أَرِنِى﴾ سأل الرؤية ليجاب بما يحتج به على قومه إذ قالوا ﴿أَرِنَا الله جَهْرَةً﴾ [النساء: ١٥٣] مع علمه أنه لا يجوز أن يراه في الدنيا، أو
501
كان يعلمه باستدلال فأحبَّ أن يعلمه ضرورة، أو كان يظن ذلك حتى ظهر له ما ينفيه. ، ﴿تَجَلَّى﴾ ظهر بآياته التي أحدثها في الجبل لحاضري الجبل، أو ظهر من ملكوته للجبل ما تدكدك به، لأن الدنيا لا تقوم لما يظهر من ملكوت السماء، أو ظهر قدر الخنصر من العرش، أو أظهر أمره للجبل، والتجلَّي: الظهور، ومنه جلاء المرآة وجلاء العروس. ﴿دَكّاً﴾ مستوياً بالأرض، ناقة دكاء لا سنام لها، أو ساخ في الأرض أو صار تراباً قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو صار قطعاً. ﴿صَعِقاً﴾ ميتاً، أو مغشياً عليه، قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أخذته الغشية عشية الخميس يوم عرفة فأفاق عشية الجمعة يوم النحر وفيه نزلت عليه التوراة، فيها عشر آيات نزلت في القرآن في ثماني عشرة آية من بني إسرائيل. ﴿تُبْتُ﴾ من السؤال قبل الإذن، أو من تجويز الرؤية في الدنيا، أو ذكر ذلك على جهة التسبيح، لأن المؤمن يسبِّح عند ظهور الآيات. ﴿أَوَّلُ الْمؤْمِنِينَ﴾ أنه لا يراك شيء من خلقك في الدنيا، أو باستعظام سؤال الرؤية. ﴿قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ مآ ءاتيتك وكن من الشاكرين (١٤٤) وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأوريكم دار الفاسقين (١٤٥) ﴾
502
١٤٥ - ﴿وَكَتَبْنَا﴾ فرضنا ك ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام﴾ [البقرة: ١٨٣] أو خططنا بالقلم. ﴿اللواح﴾ زمرد أخضر، أو ياقوت، أو بُرد، أو خشب، أًخذ اللوح من أن المعاني تلوح بالكتابة فيه. ﴿مِن كُلِّ شَىْءٍ﴾ يحتاج إليه في الدين من حرام، أو حلال، أو مباح، أو واجب، أو غير واجب، أو كل شيء من
502
الحِكم والعِبر. ﴿مَّوْعِظَةً﴾ بالنواهي ﴿وَتَفْصِيلاً﴾ بالأوامر، أو موعظة: بالزواجر وتفصيلاً: بالأحكام، وكانت سبعة ألواح. ﴿بِقُوَّةٍ﴾ بجد واجتهاد، أو بطاعة، أو بصحة عزيمة، أو بشكر. / ﴿بِأَحْسَنِهَا﴾ الفرائض أحسن من المباح، أو بناسخها دون منسوخها أو المأمور أحسن من ترك المنهي وإن كانا طاعة. ﴿دَارَ الْفَاسِقِينَ﴾ جهنم، أو منازل الهلكى ليعتبروا بنكالهم، أو مساكن الجبابرة والعمالقة بالشام، أو مصر دار فرعون. ﴿سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين (١٤٦) والذين كذبوا بآياتنا ولقآء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون (١٤٧) واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلاً جسداً له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين (١٤٨) ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين (١٤٩) ﴾
503
١٤٦ - ﴿سأصرف عن آياتي﴾ أمنع عن فهم القرآن، أو أجزيهم على كفرهم بإضلالهم عما جاء به من الحق، أو أصرفهم عن دفع الانتقام عنهم ﴿يَتَكَبَّرُونَ﴾ عن الإيمان بالرسول ﷺ أو يحقرون الناس ويرون لهم عليهم فضلاً. ﴿الرُّشْدِ﴾ الإيمان، والغي: الكفر، أو الرشد: الهدى، والغي: الضلال. / ﴿غَافلِينَ﴾ عن الإيمان، أو عن الجزاء. {ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا
503
يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين (١٥٠) قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين (١٥١) إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين (١٥٢) والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وءامنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم (١٥٣) }
504
١٥٠ - ﴿أَسِفاً﴾ حزيناً، أو شديد الغضب، أو مغتاظاً، أو نادماً. والأَسِف: المتأسف على فوت ما سلف، غضب عليهم لعبادة العجل أسفاً على ما فاته من المناجاة، أو غضب على نفسه من تركهم حتى ضلُّوا أسفاً على ما رآهم عليه من المعصية، قال بعض المتصوفة: أعضبه الرجوع عن مناجاة الحق إلى مخاطبة الخلق. ﴿أَمْرَ رَبِّكُمْ﴾ وعده بالأربعين، ظنوا موت موسى - عليه الصلاة والسلام - لما لم يأتهم على رأس الثلاثين، أو وعده بالثواب على عبادته فعدلتم إلى عبادة غيره، والعجلة: التقدم بالشيء قبل وقته، والسرعة: عمله في أول أوقاته. ﴿وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ﴾ غضباً لما رأى عبادة العجل، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو لما رأى فيها أن أمة محمد ﷺ خير أمة أخرجت لناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالله، قال: رب اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد فاشتدّ عليه فألقاها، قاله قتادة. فلما ألقاها تكسرت ورفعت إلا سبعها، وكان في المرفوع تفصيل كل شيء، وبقي الهدى
504
والرحمة في الباقي ف ﴿أَخَذَ الآَلْوَاحَ وَفِي نسختها هدى ورحمة﴾ [١٥٤] وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - تكسرت الألواح ورُفعت إلا سدسها. ﴿بِرَأْسِ أَخِيهِ﴾ بأذنه، أو شعر رأسه، كما يقبض الرجل منا على لحيته ويعض على شفته، أو يجوز أن يكون ذلك في ذلك الزمان بخلاف ما هو عليه الآن من الهوان. ﴿أبْنَ أُمَّ﴾ كان أخاه لأبويه، أو استعطفه بالرحمة كما في عادة العرب قال:
(يا ابن أمي ويا شُقَيِّقَ نفسي...............................)
﴿مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ لا تغضب عليَّ كما غضبت عليهم، فرق له، ف ﴿قال ربي اغفر لي ولأخي﴾ [١٥١]. {ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون (١٥٤) واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال
505
رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهآء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشآء وتهدي من تشآء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين (١٥٥) واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنآ إليك قال عذابي أصيب به من أشآء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون (١٥٦) }
506
١٥٥ - ﴿لِّمِيقَاتِنَا﴾ الميقات الأول الذي سأل فيه الرؤية أو ميقات آخر للتوبة من عبادة العجل. ﴿أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ لسؤالهم الرؤية أو لأنهم لم ينهوا عن عبادة العجل، والرجفة: زلزلة، أو موت أُحيوا بعده، أو نار أحرقتهم فظنّ موسى - عليه الصلاة والسلام - أنهم هلكوا ولم يهلكوا. ﴿أَتُهْلِكُنَا﴾ نفى أن يعذب إلا من ظلم، أو الاستفهام على بابه، خاف من عموم العقوبة، كقوله ﴿لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً﴾ [الأنفال: ٢٥] ﴿فِتْنَتُكَ﴾ عذابك، أو اختبارك.
١٥٦ - ﴿حَسَنَةً﴾ نعمة، سميت بذلك لحسن وقعها في النفوس، أو ثناءً صالحاً، أو مستحقات الطاعة. ﴿هُدْنَآ﴾ تُبنا، أو رجعنا بالتوبة إليك هاد يهود: رجع، أو تقرَّبنا بالتوبة إليك، ما له عندي هوادة سبب يقربه ﴿مَنْ أَشَاءُ﴾ من خلقي، أو من أشاء في التعجيل والتأخير. ﴿وَرَحْمَتِى﴾ توبتي، أو الرحمة خاصة بأمة محمد ﷺ قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو تسع رحمته في الدنيا البر والفاجر وتختص / في الآخرة بالمتقين قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - ﴿يَتَّقُونَ﴾ الشرك، أو المعاصي. ﴿الزَّكَاةَ﴾ من أموالهم عند الجمهور، أو يتطهَّرون بالطاعة، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - ﴿فَسَأكْتُبُهَا﴾ لما انطلق موسى - عليه الصلاة والسلام - بوفد من بني إسرائيل،
506
قال الله - تعالى -: قد جعلت لهم الأرض طهورا ومساجد يصلون ومساجد يصلَّون حيث أدركتهم الصلاة إلا عند مرحاض، أوقبر أو حمام، وجعلت السكينة في قلوبهم، وجعلتهم يقرءون التوراة عن ظهر قلب، فذكره موسى عليه الصلاة والسلام لهم فقالوا: لا نستطيع حمل السكينة في قلوبنا فاجعلها في تابوت، ولا نقرأ التوراة إلا نظراً، ولا نصلي إلا في الكنيسة، فقال الله - تعالى - فسأكتبها - يعني السكينة والقراءة والصلاة لمتبعي محمد صلى الله عليه وسلم. {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويرحم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النورالذي أنزل معه أولائك هم المفلحون (١٥٧) قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون (١٥٨)
507
١٥٧ - ﴿الأُمِّىَّ﴾ لأنه لا يكتب، أو لأنه من أم القرى - مكة - أو لأنه من أمة أمية هي العرب. ﴿بِالْمعْرُوفِ﴾ بالحق، لأن العقول تعرف صحته. ﴿الْمُنكَرِ﴾ الباطل لإنكارها صحته. ﴿الطَّيِّبَاتِ﴾ الشحوم المحرمة عليهم، أو ما حرمته الجاهلية من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام. ﴿الْخَبَائِثَ﴾ لحم الخنزير والدماء. ﴿إِصْرَهُمْ﴾ العهد على العمل بما في التوراة، أو تشديدات دينهم كتحريم السبت والشحوم والعروق وغير ذلك. ﴿وَالأَغْلآَلَ) {قوله﴾ (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ}
507
[المائدة: ٦٤] أو عهده فيما حرمه عليهم سماه غلاًّ للزومه. ﴿وَعَزَّرُوهُ﴾ عظَّموه، أو منعوه من عدوه. ﴿النُّورَ﴾ القرآن، يسمون ما ظهر ووضح نوراً. ﴿أُنزِلَ مَعَهُ﴾ عليه، أو في زمانه، وقال الرسول ﷺ لأصحابه: " أي الخلق أعجب إليكم إيماناً، قالوا: الملائكة، فقال: هم عند ربهم فما لهم لا يؤمنون، فقالوا: النبيون، فقال: النبيون يُوحى إليهم فما لهم لا يؤمنون، قالوا: نحن، فقال: أنا فيكم فما لكم لا تؤمنون، قالوا: فمَن، قال: قوم يكونون بعدكم فيجدون كتاباً في ورق فيؤمنون به " هذا معنى قوله ﴿وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ﴾. ﴿وَمِن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون (١٥٩) وقطعناهم اثنتى عشرة أسباطاً أمماً وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كل أناس مشربهم وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (١٦٠) وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجداً نغفر لكم خطيئاتكم سنزيد المحسنين (١٦١) فبدل الذين ظلموا منهم قولاً غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزاً من السمآء بما كانوا يظلمون (١٦٢) ﴾
508
١٥٩ - ﴿وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ﴾ الذين صدقوا الرسول ﷺ كابن سلام وابن صوريا، أو قوم وراء الصين لم تبلغهم دعوة الإسلام، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو الذين تمسكوا بالحق لما قُتلت الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -.
١٦١ - ﴿الْقَرْيَةَ﴾ لاجتماع الناس إليها، أو الماء، قَرَى الماء في حوضه جمعه، بيت المقدس، أو الشام. ﴿وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون (١٦٣) ﴾
١٦٣ - ﴿حَاضِرَةَ الْبَحْرِ﴾ أيلة، أو ساحل مدين، أو مدين، قرية بين إيلة والطور، أو مقنا بين مدين وعينونا، أو طبرية ﴿واسألهم﴾ توبيخاً على ما سلف من الذنوب. ﴿شُرَّعًا﴾ طافية على الماء ظاهرة، شوارع البلد لظهورها، أو تشرع على أبوابهم كأنهم الكباش البيض رافعة رؤوسها، أو تأتيهم من كل مكان / فتعدوا بأخذها في السبت. ﴿وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون (١٦٤) فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون (١٦٥) فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين (١٦٦) ﴾
١٦٥ - ﴿نَسُواْ﴾ تركوا ﴿مَا ذُكِّرُواْ بِهِ﴾ أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر. ﴿ظَلَمُواْ﴾ بترك المعروف وإتيان المنكر. ﴿بَئِيس﴾ شديد، أو رديء، أو
509
عذاب مقترن بالبؤس وهو الفقر، هلك المعتدون، ونجا المنكرون، ونجت التي لم تَعْتَدِ ولم تنكر، وقال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: لا أدري ما فعلت. ﴿وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم (١٦٧) ﴾
510
١٦٧ - ﴿تَأَذَّنَ﴾ أعلم، أو أقسم، قاله الزجاج. ﴿لَيَبْعَثَنَّ﴾ على اليهود العرب، و ﴿سُوءَ الْعَذَابِ﴾ الصغار والجزية، قيل أول من وضع الخراج من الأنبياء موسى - عليه الصلاة والسلام - جباه سبع سنين، أو ثلاث عشرة سنة ثم أمسك. ﴿وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون (١٦٨) فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون (١٦٩) والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين (١٧٠) ﴾
١٦٨ - ﴿وَقَطَّعْنَاهُمْ﴾ فرقناهم ليذهب تعاونهم، أو ليتميز الصالح من المفسد، أو انتقاماً منهم. ﴿بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ﴾ الثواب والعقاب، أو النعم والنقم، أو الخصب والجدب.
١٦٩ - ﴿خَلْفٌ﴾ وخَلَف واحد، أو بالسكون للذم، وبالفتح للحمد، وهو
510
الأظهر، والخلف: القرن، أو جمع خالف، وهم أبناء اليهود ورثوا التوراة عن آبائهم، أو النصارى خلفوا اليهود وورثوا الإنجيل لحصوله معهم. ﴿عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى﴾ الرشوة على الحكم إجماعاً، سمي عرضاً لقلة بقائه، الأدنى: لأنه من المحرمات الدنية، أو لأخذه في الدنيا الدانية. ﴿وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ﴾ عبّر به عن إصرارهم على الذنوب، أو أراد لا يشبعهم شيء فهم لا يأخذونه لحاجة، قاله الحسن، - رضي الله تعالى عنه - ﴿وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ﴾ تركوه، أو تلوه وخالفوه على علم. ﴿وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون (١٧١) ﴾
511
١٧١ - ﴿نَتَقْنَا﴾ زحزحنا، أو جذبنا، النتق: الجذب، والمرأة الولود ناتق لاجتذابها ماء الفحل، أو لأن ولادها كالجذب، أو رفعناه عليهم من أصله لما أبوا قبول فرائض التوراة لمشقتها، وعظهم موسى - عليه الصلاة والسلام - فلم يقبلوا فرفع الجبل فوقهم، وقيل: إن أخذتموه بجد واجتهاد وإلا أُلقي عليكم، فأخذوه بجد ثم نكثوا بعده، وكان نتقه نقمة بما دخل عليهم من رعبة وخوفه، أو نعمة لإقلاعهم عن المعصية. ﴿وَظَنُّواْ﴾ على بابه، أو أيقنوا ﴿ما آتيناكم﴾ التوراة. ﴿وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين (١٧٢) أو تقولوا أنما أشرك ءاباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهكلنا بما فعل المبطلون (١٧٣) وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون (١٧٤) ﴾
١٧٢ - ﴿أَخَذَ رَبُّكَ﴾ أخرج الأرواح قبل الأجساد في الجنة، أو بعد هبوط آدم إلى الأرض، وخلق فيها المعرفة فعرفت من خاطبها، أو خلق الأرواح
511
والأجساد معاً في الأرض - مكة والطائف - فأخرجهم كالذر في الدور الأول مسح ظهره، فخرج من صفحة ظهره اليمنى أصحاب الميمنة بيضاً كالذر، وخرج أصحاب المشأمة من اليسرى سوداً كالذر وألهمهم ذلك، فلما شهدوا على أنفسهم مؤمنهم وكافرهم أعادهم، أو أخرج الذرية قرناً بعد قرن وعصراً بعد عصر. ﴿وَأَشهَدَهُمْ﴾ بما شهدوه من دلائل قدرته، أو بما اعترفوا به من ربوبيته، فقال للذرية لما أخرجهم على لسان الأنبياء ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ بعد كمال عقولهم. قاله الأكثر، أو جعل للهم عقولاً علموا بها ذلك فشهدوا به، أو قال للآباء بعد
512
إخراج ذريتهم كما خلقت ذريتكم فكذلك خلقتكم فاعترفوا بعد قيام الحجة، والذرية من ذرأ الله - تعالى - الخلق أحدثهم وأظهرهم، أو لخروجهم من الأصلاب كالذر. ﴿واتل عليهم نبأ الذي ءاتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين (١٧٥) ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون (١٧٦) سآء مثلاً القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون (١٧٧) من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون (١٧٨) ﴾
513
١٧٥ - ﴿الذي آتيناه آياتنا﴾ بلعم بن باعورا من أهل اليمن، أو من الكنعانيين، أو من بني صاب بن لوط، أو أمية بن أبي الصلت الثقفي، أو
513
من أسلم من اليهود والنصارى ونافق. ﴿آياتنا﴾ الاسم الأعظم الذي تُجاب به الدعوات، أو كتاب من كتب الله - تعالى - قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو أوتي النبوة فرشاه قومه على أن يسكت عنهم ففعل ولا يصح هذا. ﴿فَانسَلَخَ﴾ سُلب المعرفة بها لأجل عصيانه، أو انسلخ من الطاعة مع بقاء علمه بالآيات، حُكي أن بلعم رُشي على أن يدعو على قوم موسى - عليه الصلاة والسلام - بالهلاك فسها فدعا على قوم نفسه فهُلكُوا. ﴿فأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ﴾ صيَّره لنفسه تابعاً لما دعاه فأجابه، أو الشيطان متبعه من الإنس على كفره، أو لحقه الشيطان فأغواه، اتبعت القوم: لحقتهم وتبعتهم: سرت خلفهم. ﴿الْغَاوِينَ﴾ الهالكين، أو الضالين.
514
١٧٦ - ﴿لَرَفَعْنَاهُ﴾ لأمتناه ولم يكفر، أو لحلنا بينه وبين الكفر فارتفعت بذاك منزلته. ﴿أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ﴾ ركن إلى أهلها في خدعهم إياه، أو ركن إلى شهواتها فشغلته عن الطاعة. ﴿كالكلب﴾ اللاهث في ذلته ومهانته، أو لأن لهثه لا ينفعه. ﴿ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم ءاذان لا يسمعون بهآ اولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون (١٧٩) ﴾
١٧٩ - ﴿كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ﴾ عام، أو يراد به أولاد الزنا،
514
لمسارعتهم إلى الكفر لخبث نطفهم. ﴿لاَّ يَفْقَهُونَ﴾ الحق بقلوبهم و ﴿لاَّ يُبْصِروُنَ﴾ الرشد بأعينهم، و ﴿لاَّ يَسْمَعُونَ﴾ الوعظ بآذانهم. ﴿كَالأَنْعَامِ﴾ همهم الأكل والشرب، أو لا يعقلون الوعظ. ﴿هُمْ أَضَلُّ﴾ لعصيانهم، أو لتوجه الأمر إليهم دونها. ﴿ولله الأسمآء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمآئه سيجزون ما كانوا يعملون (١٨٠) ﴾
515
١٨٠ - ﴿الأسماء الحسنى﴾ كل أسمائه حسنى والحسنى ها هنا ما مالت إليه القلوب من وصفة بالعفو والرحمة دون الغضب والنقمة، أو أسماؤه التي يستحقها لذاته وأفعاله. ﴿فَادْعُوهُ بِهَا﴾ عظَّموه بها تعبداً له بذكرها، أو اطلبوا بها وسائلكم ﴿يُلْحِدُونَ﴾ بتسمية الأوثان آلهة والله أبا المسيح، أو اشتقاقهم اللات من الله، والعزى من العزيز، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - ويلحدون: يكذبون، أو يشركون، أو يجورون. ﴿وممن خلقنآ أمة يهدون بالحق وبه يعدلون (١٨١) والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (١٨٢) وأملي لهم إن كيدي متين (١٨٣) ﴾
١٨١ - ﴿أُمَّةٌ يَهْدُونَ﴾ الأنبياء والعلماء، أو هذه الأمة مروي عن
515
الرسول ﷺ يهدون إلى الإسلام بالدعاء إليه ثم بالجهاد عليه.
516
١٨٢ - / ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم﴾ الاستدراج: أن يأتي الشيء من حيث لا يعلم، أو أن ينطوي منزلة بعد منزلة من الدرج لانطوائه على شيء بعد شيء، أو من الدرجة لانحطاطه عن منزلة بعد منزلة، يستدرجون إلى الكفر، أو إلى الهلكة بالإمداد بالنعم ونسيان الشكر، أو كلما أحدثوا خطيئة جدد لهم نعمة، والاستدراج بالنعم الظاهرة، والمكر بالباطنة. ﴿لا يعلمون﴾ بالاستدارج، أو الهلكة. ﴿أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين (١٨٤) أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون (١٨٥) من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون (١٨٦) ﴾
١٨٦ - ﴿مَن يُضْلِلِ اللَّهُ﴾ يحكم بضلاله في الدين، أو يضله عن طريق الجنة إلى النار. ﴿طُغْيانِهِمْ﴾ الطغيان: إفراط العدوان. ﴿يَعْمَهُونَ﴾ يتحيَّرون، العمه في القلب كالعمى في العين، أو يتردَّدون. ﴿يسئلونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتهآ إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسئلون كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون (١٨٧) قل لآ أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شآء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون (١٨٨) ﴾
١٨٧ - ﴿يسألونك عَنِ السَّاَعَةِ﴾ اليهود، أو قريش. ﴿أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾ : متى، ﴿مُرْسَاهَا﴾ : قيامها، أو منتهاها، أو ظهورها. ﴿حَفِىُّ عَنْهَا﴾ عالم بها، أو تقديره: يسألونك عنها كأنك حفي بهم.
١٨٨ - ﴿وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ لو علمت متى أموت لاستكثرت من العمل الصالح، أو لو علمت سنة الجدب لادخرت لها من سنة الخصب أو لو علمت الكتب المنزَلة لاستكثرت من الوحي، أو لاشتريت في الرخص وبعت في الغلاء، وهو شاذ، أو لو علمت أسراركم وما في قلوبكم لأكثرت لكم من دفع الأذى واجتلاب النفع. ﴿وَمَا مَسَّنِىَ السُّوءُ﴾ ما بي جنون، أو ما مسني الفقر لاستكثاري من الخير، أو ما دخلت عليَّ شبهة. ﴿هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفاً فمرت به فلمآ أثقلت دعوا الله ربهما لئن ءاتيتنا صالحاً لنكونن من الشاكرين (١٨٩) فلمآ ءاتاهما صالحاً جعلا له شركآء فيمآ ءاتاهما فتعالى الله عما يشركون (١٩٠) ﴾
١٨٩ - ﴿نَّفْسٍ وَاحِدةٍ﴾ آدم ﴿زَوْجَهَا﴾ حواء ﴿لِيَسْكُنَ﴾ ليأوي، أو ليألفها ويعطف عليها. ﴿خَفِيفاً﴾ النطفة. ﴿فَمَرَّتْ بِهِ﴾ استمرت إلى حال الثقل، أو شكت هل حملت أم لا؟ قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. ﴿دَّعَوَا﴾ آدم وحواء. ﴿صَالِحاً﴾ غلاماً سويّاً، أو بشراً سويّاً، لأن إبليس أوهمها أنه بهيمة، ﴿جَعَلا لَهُ شُرَكَآءَ﴾ كان اسم إبليس في السماء " الحارث " فلما ولدت حواء، قال: سميه " عبد الحارث " فسمّته " عبد الله " فمات فلما ولدت ثانياً قال لها ذلك فأبت، فلما حملت ثالثاً قال لها ولآدم - عليه الصلاة والسلام _ أتظنان أن الله - تعالى - يترك عبده عندكما لا والله ليذهبن به كما ذهب بالأخوين، فسمياه بذلك فعاش فكان إشراكهما في الاسم دون
517
العبادة، أو جعل ابن آدم وزوجته لله شركاء من الأصنام فيما آتاهما، قاله الحسن. {أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون (١٩١) ولا يستطيعون لهم نصراً ولآ أنفسهم ينصرون (١٩٢) وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سوآء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون (١٩٣) إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم
518
فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين (١٩٤) ألهم أرجل يمشون بهآ أم لهم أيد يبطشون بهآ أم لهم أعين يبصرون بهآ أم لهم ءاذان يسمعون بها قل ادعوا شركآءكم ثم كيدون فلا تنظرون (١٩٥) إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين (١٩٦) والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولآ أنفسهم ينصرون (١٩٧) وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون (١٩٨) }
519
١٩٥ - ﴿أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ﴾ في مصالحهم ﴿أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ﴾ في الدفاع عنكم ﴿أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ﴾ منافعكم ومضاركم ﴿آذان يَسْمَعونَ بِهَا﴾ دعاءكم. فكيف تعبدون من أنتم أفضل منه وأقدر؟. ﴿خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين (١٩٩) وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم (٢٠٠) إن الذين اتقوا إذا مسهم طآئف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون (٢٠١) وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون (٢٠٢٥﴾
١٩٩ - ﴿الْعَفْوَ﴾ من أخلاق الناس وأعمالهم، أو من أموال المسلمين، ثم نسخ بالزكاة، أو العفو عن المشركين ثم نسخ / بالجهاد ﴿بِالْعُرْفِ﴾ بالمعروف، أو لما نزلت
قال الرسول ﷺ " يا جبريل ما هذا؟ قال: لا أدري حتى أسأل العالِم، ثم عاد فقال: يا محمد إن الله - تعالى - يأمرك أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك ".
٢٠٠ - ﴿نَزْغٌ﴾ انزعاج، أو غضب، أو فتنة، أو إغواء، أو عجلة ﴿فَاسْتَعِذْ﴾ فاستجر. ﴿سَمِيعٌ﴾ لجهل الجاهل ﴿عَلِيمٌ﴾ بما يزيل النزغ.
٢٠١ - ﴿طيف﴾ و ﴿طَآئِفٌ﴾ واحد وهو لمم كالخيال يلم بالإنسان، أو وسوسة، أو غضب، أو نزغ، أو الطيف: الجنون، والطائف: الغضب، أو الطيف اللمم، والطائف كل شيء طاف بالإنسان. ﴿تَذَكَّرُواْ فإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ علموا فانتهوا، أو اعتبروا فاهتدوا. ﴿وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنمآ أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصآئر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (٢٠٣) ﴾
٢٠٣ - ﴿اجْتَبَيْتَهَا﴾ أتيت بها من قِبَلِك، أو اخترتها لنفسك، [أو] تقبلتها من ربك، أو طلبتها لنا قبل مسألتك. ﴿وإذا قرىء القرءان فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون (٢٠٤) ﴾
٢٠٤ - ﴿فاستمعوا له﴾ لا تقابلوه بكلام ولا اعتراض، نزلت في المأموم ينصت ولا يقرأ، أو في الإنصات لخطبة الجمعة، أو نسخت
520
جواز الكلام في الصلاة. ﴿واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والأصال ولا تكن من الغافلين (٢٠٥) إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون (٢٠٦) ﴾
521
٢٠٥ - ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ﴾ خلف الإمام بالقراءة سراً، او عند سماع الخطبة، أو في عموم الأحوال اذكره بقلبك أو بلسانك في دعائك وثنائك ﴿تَضَرُّعاً﴾ الخشوع والتواضع. ﴿وَدُونَ الْجَهْرِ﴾ إسرار القول بالقلب، أو اللسان. ﴿بِالْغُدُوِّ وَالأَصَالِ﴾ بالبُكَر والعشيات، أو الغدو: آخر الفجر صلاة الصبح والآصال: آخر العشي صلاة العصر.
٢٠٦ - ﴿عِبَادَتِهِ﴾ الصلاة والخضوع فيها، أو امتثال الأوامر واجتناب النواهي، قاله الجمهور ﴿وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ نزلت لما قالوا أنسجد لما تأمرنا، إذا كانت الملائكة مع شرفها تسجد فأنتم أولى.
521
(سورة الأنفال)
مدنية، أو مدنية إلا سبع آيات ﴿وإذ يمكر بك﴾ إلى آخر السبع [٣٠ - ٣٦] لما سألوا عن الأنفال يوم بدر نزلت.

(بسم الله الرحمن الرحيم)

﴿يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين (١) ﴾
522
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(أبيض لا يرهب الهزال ولا يقطع رحماً ولا يخون إلاَّ)