تفسير سورة سورة المعارج من كتاب الجامع لأحكام القرآن
.
لمؤلفه
القرطبي
.
المتوفي سنة 671 هـ
ﰡ
سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ
سُورَة الْمَعَارِج وَهِيَ مَكِّيَّة بِاتِّفَاقٍ.
وَهِيَ أَرْبَع وَأَرْبَعُونَ آيَةً
قَرَأَ نَافِع وَابْن عَامِر " سَالَ سَايِلٌ " بِغَيْرِ هَمْزَة.
الْبَاقُونَ بِالْهَمْزِ.
فَمَنْ هَمَزَ فَهُوَ مِنْ السُّؤَال.
وَالْبَاء يَجُوز أَنْ تَكُونَ زَائِدَة، وَيَجُوز أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى عَنْ.
وَالسُّؤَال بِمَعْنَى الدُّعَاء ; أَيْ دَعَا دَاعٍ بِعَذَابٍ ; عَنْ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره.
يُقَال : دَعَا عَلَى فُلَان بِالْوَيْلِ، وَدَعَا عَلَيْهِ بِالْعَذَابِ.
وَيُقَال : دَعَوْت زَيْدًا ; أَيْ اِلْتَمَسْت إِحْضَاره.
أَيْ اِلْتَمَسَ مُلْتَمِس عَذَابًا لِلْكَافِرِينَ ; وَهُوَ وَاقِع بِهِمْ لَا مَحَالَةَ يَوْم الْقِيَامَة.
وَعَلَى هَذَا فَالْبَاء زَائِدَة ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" تَنْبُت بِالدُّهْنِ " [ الْمُؤْمِنُونَ : ٢٠ ]، وَقَوْله.
" وَهُزِّي إِلَيْك بِجِذْعِ النَّخْلَة " [ مَرْيَم : ٢٥ ] فَهِيَ تَأْكِيد.
أَيْ سَأَلَ سَائِل عَذَابًا وَاقِعًا.
سُورَة الْمَعَارِج وَهِيَ مَكِّيَّة بِاتِّفَاقٍ.
وَهِيَ أَرْبَع وَأَرْبَعُونَ آيَةً
قَرَأَ نَافِع وَابْن عَامِر " سَالَ سَايِلٌ " بِغَيْرِ هَمْزَة.
الْبَاقُونَ بِالْهَمْزِ.
فَمَنْ هَمَزَ فَهُوَ مِنْ السُّؤَال.
وَالْبَاء يَجُوز أَنْ تَكُونَ زَائِدَة، وَيَجُوز أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى عَنْ.
وَالسُّؤَال بِمَعْنَى الدُّعَاء ; أَيْ دَعَا دَاعٍ بِعَذَابٍ ; عَنْ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره.
يُقَال : دَعَا عَلَى فُلَان بِالْوَيْلِ، وَدَعَا عَلَيْهِ بِالْعَذَابِ.
وَيُقَال : دَعَوْت زَيْدًا ; أَيْ اِلْتَمَسْت إِحْضَاره.
أَيْ اِلْتَمَسَ مُلْتَمِس عَذَابًا لِلْكَافِرِينَ ; وَهُوَ وَاقِع بِهِمْ لَا مَحَالَةَ يَوْم الْقِيَامَة.
وَعَلَى هَذَا فَالْبَاء زَائِدَة ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" تَنْبُت بِالدُّهْنِ " [ الْمُؤْمِنُونَ : ٢٠ ]، وَقَوْله.
" وَهُزِّي إِلَيْك بِجِذْعِ النَّخْلَة " [ مَرْيَم : ٢٥ ] فَهِيَ تَأْكِيد.
أَيْ سَأَلَ سَائِل عَذَابًا وَاقِعًا.
لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ
أَيْ عَلَى الْكَافِرِينَ.
وَهُوَ النَّضْر بْن الْحَارِث حَيْثُ قَالَ :" اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقّ مِنْ عِنْدك فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاء أَوْ اِئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيم " [ الْأَنْفَال : ٣٢ ] فَنَزَّلَ سُؤَالَهُ، وَقُتِلَ يَوْمَ بَدْر صَبْرًا هُوَ وَعُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط ; لَمْ يُقْتَل صَبْرًا غَيْرهمَا ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد.
وَقِيلَ : إِنَّ السَّائِلَ هُنَا هُوَ الْحَارِث بْن النُّعْمَان الْفِهْرِيّ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ :( مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ) رَكِبَ نَاقَتَهُ فَجَاءَ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ بِالْأَبْطَحِ ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّد، أَمَرْتنَا عَنْ اللَّه أَنْ نَشْهَد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه وَأَنَّك رَسُول اللَّه فَقَبِلْنَاهُ مِنْك، وَأَنْ نُصَلِّيَ خَمْسًا فَقَبِلْنَاهُ مِنْك، وَنُزَكِّي أَمْوَالنَا فَقَبِلْنَاهُ مِنْك، وَأَنَّ نَصُوم شَهْر رَمَضَانَ فِي كُلّ عَام فَقَبِلْنَاهُ مِنْك، وَأَنْ نَحُجّ فَقَبِلْنَاهُ مِنْك، ثُمَّ لَمْ تَرْضَ بِهَذَا حَتَّى فَضَّلْت اِبْن عَمّك عَلَيْنَا ! أَفَهَذَا شَيْء مِنْك أَمْ مِنْ اللَّه ؟ ! فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( وَاَللَّه الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا هُوَ إِلَّا مِنْ اللَّه ) فَوَلَّى الْحَارِث وَهُوَ يَقُول : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد حَقًّا فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاء أَوْ اِئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيم.
فَوَاَللَّهِ مَا وَصَلَ إِلَى نَاقَته حَتَّى رَمَاهُ اللَّه بِحَجَرٍ فَوَقَعَ عَلَى دِمَاغه فَخَرَجَ مِنْ دُبُره فَقَتَلَهُ ; فَنَزَلَتْ :" سَأَلَ سَائِل بِعَذَابٍ وَاقِع " الْآيَة.
وَقِيلَ : إِنَّ السَّائِلَ هُنَا أَبُو جَهْل وَهُوَ الْقَائِل لِذَلِكَ، قَالَهُ الرَّبِيع.
وَقِيلَ : إِنَّهُ قَوْل جَمَاعَة مِنْ كُفَّار قُرَيْش.
وَقِيلَ : هُوَ نُوح عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ الْعَذَابَ عَلَى الْكَافِرِينَ.
وَقِيلَ : هُوَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ دَعَا عَلَيْهِ السَّلَام بِالْعِقَابِ وَطَلَبَ أَنْ يُوقِعَهُ اللَّه بِالْكُفَّارِ ; وَهُوَ وَاقِع بِهِمْ لَا مَحَالَةَ.
وَامْتَدَّ الْكَلَام إِلَى قَوْله تَعَالَى :" فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا " [ الْمَعَارِج : ٥ ] أَيْ لَا تَسْتَعْجِل فَإِنَّهُ قَرِيب.
وَإِذَا كَانَتْ الْبَاء بِمَعْنَى عَنْ - وَهُوَ قَوْل قَتَادَة - فَكَأَنَّ سَائِلًا سَأَلَ عَنْ الْعَذَاب بِمَنْ يَقَع أَوْ مَتَى يَقَع.
قَالَ اللَّه تَعَالَى :" فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا " [ الْفُرْقَان : ٥٩ ] أَيْ سَلْ عَنْهُ.
وَقَالَ عَلْقَمَة :
أَيْ عَنْ النِّسَاء.
وَيُقَال : خَرَجْنَا نَسْأَل عَنْ فُلَان وَبِفُلَانٍ.
فَالْمَعْنَى سَأَلُوا بِمَنْ يَقَع الْعَذَاب وَلِمَنْ يَكُون فَقَالَ اللَّه :" لِلْكَافِرِينَ ".
قَالَ أَبُو عَلِيّ وَغَيْره : وَإِذَا كَانَ مِنْ السُّؤَال فَأَصْله أَنْ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَيَجُوز الِاقْتِصَار عَلَى أَحَدهمَا.
أَيْ عَلَى الْكَافِرِينَ.
وَهُوَ النَّضْر بْن الْحَارِث حَيْثُ قَالَ :" اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقّ مِنْ عِنْدك فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاء أَوْ اِئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيم " [ الْأَنْفَال : ٣٢ ] فَنَزَّلَ سُؤَالَهُ، وَقُتِلَ يَوْمَ بَدْر صَبْرًا هُوَ وَعُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط ; لَمْ يُقْتَل صَبْرًا غَيْرهمَا ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد.
وَقِيلَ : إِنَّ السَّائِلَ هُنَا هُوَ الْحَارِث بْن النُّعْمَان الْفِهْرِيّ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ :( مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ) رَكِبَ نَاقَتَهُ فَجَاءَ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ بِالْأَبْطَحِ ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّد، أَمَرْتنَا عَنْ اللَّه أَنْ نَشْهَد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه وَأَنَّك رَسُول اللَّه فَقَبِلْنَاهُ مِنْك، وَأَنْ نُصَلِّيَ خَمْسًا فَقَبِلْنَاهُ مِنْك، وَنُزَكِّي أَمْوَالنَا فَقَبِلْنَاهُ مِنْك، وَأَنَّ نَصُوم شَهْر رَمَضَانَ فِي كُلّ عَام فَقَبِلْنَاهُ مِنْك، وَأَنْ نَحُجّ فَقَبِلْنَاهُ مِنْك، ثُمَّ لَمْ تَرْضَ بِهَذَا حَتَّى فَضَّلْت اِبْن عَمّك عَلَيْنَا ! أَفَهَذَا شَيْء مِنْك أَمْ مِنْ اللَّه ؟ ! فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( وَاَللَّه الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا هُوَ إِلَّا مِنْ اللَّه ) فَوَلَّى الْحَارِث وَهُوَ يَقُول : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد حَقًّا فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاء أَوْ اِئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيم.
فَوَاَللَّهِ مَا وَصَلَ إِلَى نَاقَته حَتَّى رَمَاهُ اللَّه بِحَجَرٍ فَوَقَعَ عَلَى دِمَاغه فَخَرَجَ مِنْ دُبُره فَقَتَلَهُ ; فَنَزَلَتْ :" سَأَلَ سَائِل بِعَذَابٍ وَاقِع " الْآيَة.
وَقِيلَ : إِنَّ السَّائِلَ هُنَا أَبُو جَهْل وَهُوَ الْقَائِل لِذَلِكَ، قَالَهُ الرَّبِيع.
وَقِيلَ : إِنَّهُ قَوْل جَمَاعَة مِنْ كُفَّار قُرَيْش.
وَقِيلَ : هُوَ نُوح عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ الْعَذَابَ عَلَى الْكَافِرِينَ.
وَقِيلَ : هُوَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ دَعَا عَلَيْهِ السَّلَام بِالْعِقَابِ وَطَلَبَ أَنْ يُوقِعَهُ اللَّه بِالْكُفَّارِ ; وَهُوَ وَاقِع بِهِمْ لَا مَحَالَةَ.
وَامْتَدَّ الْكَلَام إِلَى قَوْله تَعَالَى :" فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا " [ الْمَعَارِج : ٥ ] أَيْ لَا تَسْتَعْجِل فَإِنَّهُ قَرِيب.
وَإِذَا كَانَتْ الْبَاء بِمَعْنَى عَنْ - وَهُوَ قَوْل قَتَادَة - فَكَأَنَّ سَائِلًا سَأَلَ عَنْ الْعَذَاب بِمَنْ يَقَع أَوْ مَتَى يَقَع.
قَالَ اللَّه تَعَالَى :" فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا " [ الْفُرْقَان : ٥٩ ] أَيْ سَلْ عَنْهُ.
وَقَالَ عَلْقَمَة :
فَإِنْ تَسْأَلُونِي بِالنِّسَاءِ فَإِنَّنِي | بَصِير بِأَدْوَاءِ النِّسَاء طَبِيب |
وَيُقَال : خَرَجْنَا نَسْأَل عَنْ فُلَان وَبِفُلَانٍ.
فَالْمَعْنَى سَأَلُوا بِمَنْ يَقَع الْعَذَاب وَلِمَنْ يَكُون فَقَالَ اللَّه :" لِلْكَافِرِينَ ".
قَالَ أَبُو عَلِيّ وَغَيْره : وَإِذَا كَانَ مِنْ السُّؤَال فَأَصْله أَنْ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَيَجُوز الِاقْتِصَار عَلَى أَحَدهمَا.
وَإِذَا اِقْتَصَرَ عَلَى أَحَدهمَا جَازَ أَنْ يَتَعَدَّى إِلَيْهِ بِحَرْفِ جَرّ ; فَيَكُون التَّقْدِير سَأَلَ سَائِل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ الْمُسْلِمِينَ بِعَذَابٍ أَوْ عَنْ عَذَاب.
وَمَنْ قَرَأَ بِغَيْرِ هَمْز فَلَهُ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : أَنَّهُ لُغَة فِي السُّؤَال وَهِيَ لُغَة قُرَيْش ; تَقُول الْعَرَب : سَالَ يَسَال ; مِثْل نَالَ يَنَال وَخَافَ يَخَاف.
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مِنْ السَّيَلَان ; وَيُؤَيِّدهُ قِرَاءَة اِبْن عَبَّاس " سَالَ سَيْل ".
قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد : سَالَ وَادٍ مِنْ أَوْدِيَة جَهَنَّم يُقَال لَهُ : سَائِل ; وَقَوْل زَيْد بْن ثَابِت.
قَالَ الثَّعْلَبِيّ : وَالْأَوَّل أَحْسَن ; كَقَوْلِ الْأَعْشَى فِي تَخْفِيف الْهَمْزَة :
وَفِي الصِّحَاح : قَالَ الْأَخْفَش : يُقَال خَرَجْنَا نَسْأَل عَنْ فُلَان وَبِفُلَانٍ.
وَقَدْ تُخَفَّف هَمْزَته فَيُقَال : سَالَ يَسَال.
وَقَالَ :
الْمُرْهَق : الَّذِي أُدْرِكَ لِيُقْتَل.
وَالْأُصْدَة بِالضَّمِّ : قَمِيص صَغِير يُلْبَس تَحْتَ الثَّوْب.
الْمَهْدَوِيّ : مَنْ قَرَأَ " سَالَ " جَازَ أَنْ يَكُونَ خَفَّفَ الْهَمْزَة بِإِبْدَالِهَا أَلِفًا، وَهُوَ الْبَدَل عَلَى غَيْر قِيَاس.
وَجَازَ أَنْ تَكُونَ الْأَلِف مُنْقَلِبَة عَنْ وَاو عَلَى لُغَة مَنْ قَالَ : سِلْت أَسَال ; كَخِفْتُ أَخَاف.
النَّحَّاس : حَكَى سِيبَوَيْهِ سِلْت أَسَال ; مِثْل خِفْت أَخَاف ; بِمَعْنَى سَأَلْت.
وَأَنْشَدَ :
وَيُقَال : هُمَا يَتَسَاوَلَانِ.
الْمَهْدَوِيّ : وَجَازَ أَنْ تَكُونَ مُبْدَلَة مِنْ يَاء، مِنْ سَالَ يَسِيل.
وَيَكُون سَايِلٌ وَادِيًا فِي جَهَنَّم ; فَهَمْزَة سَايِل عَلَى الْقَوْل الْأَوَّل أَصْلِيَّة، وَعَلَى الثَّانِي بَدَل مِنْ وَاو، وَعَلَى الثَّالِث بَدَل مِنْ يَاء.
الْقُشَيْرِيّ : وَسَائِل مَهْمُوز ; لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مِنْ سَأَلَ بِالْهَمْزِ فَهُوَ مَهْمُوز، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْر الْهَمْز كَانَ مَهْمُوزًا أَيْضًا ; نَحْو قَائِل وَخَائِف ; لِأَنَّ الْعَيْنَ اِعْتَلَّ فِي الْفِعْل وَاعْتَلَّ فِي اِسْم الْفَاعِل أَيْضًا.
وَلَمْ يَكُنْ الِاعْتِلَال بِالْحَذْفِ لِخَوْفِ الِالْتِبَاس، فَكَانَ بِالْقَلْبِ إِلَى الْهَمْزَة، وَلَك تَخْفِيف الْهَمْزَة حَتَّى تَكُونَ بَيْنَ بَيْنَ.
" وَاقِع " أَيْ يَقَع بِالْكُفَّارِ بَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ اللَّه ذِي الْمَعَارِج.
وَمَنْ قَرَأَ بِغَيْرِ هَمْز فَلَهُ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : أَنَّهُ لُغَة فِي السُّؤَال وَهِيَ لُغَة قُرَيْش ; تَقُول الْعَرَب : سَالَ يَسَال ; مِثْل نَالَ يَنَال وَخَافَ يَخَاف.
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مِنْ السَّيَلَان ; وَيُؤَيِّدهُ قِرَاءَة اِبْن عَبَّاس " سَالَ سَيْل ".
قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد : سَالَ وَادٍ مِنْ أَوْدِيَة جَهَنَّم يُقَال لَهُ : سَائِل ; وَقَوْل زَيْد بْن ثَابِت.
قَالَ الثَّعْلَبِيّ : وَالْأَوَّل أَحْسَن ; كَقَوْلِ الْأَعْشَى فِي تَخْفِيف الْهَمْزَة :
سَالَتَانِي الطَّلَاق إِذْ رَأَتَانِي | قَلَّ مَالِي قَدْ جِئْتُمَانِي بِنُكْرٍ |
وَقَدْ تُخَفَّف هَمْزَته فَيُقَال : سَالَ يَسَال.
وَقَالَ :
وَمُرْهَق سَالَ إِمْتَاعًا بِأُصْدَتِهِ | لَمْ يَسْتَعِنْ وَحَوَامِي الْمَوْت تَغْشَاهُ |
وَالْأُصْدَة بِالضَّمِّ : قَمِيص صَغِير يُلْبَس تَحْتَ الثَّوْب.
الْمَهْدَوِيّ : مَنْ قَرَأَ " سَالَ " جَازَ أَنْ يَكُونَ خَفَّفَ الْهَمْزَة بِإِبْدَالِهَا أَلِفًا، وَهُوَ الْبَدَل عَلَى غَيْر قِيَاس.
وَجَازَ أَنْ تَكُونَ الْأَلِف مُنْقَلِبَة عَنْ وَاو عَلَى لُغَة مَنْ قَالَ : سِلْت أَسَال ; كَخِفْتُ أَخَاف.
النَّحَّاس : حَكَى سِيبَوَيْهِ سِلْت أَسَال ; مِثْل خِفْت أَخَاف ; بِمَعْنَى سَأَلْت.
وَأَنْشَدَ :
سَالَتْ هُذَيْل رَسُولَ اللَّه فَاحِشَةً | ضَلَّتْ هُذَيْل بِمَا سَالَتْ وَلَمْ تُصِبِ |
الْمَهْدَوِيّ : وَجَازَ أَنْ تَكُونَ مُبْدَلَة مِنْ يَاء، مِنْ سَالَ يَسِيل.
وَيَكُون سَايِلٌ وَادِيًا فِي جَهَنَّم ; فَهَمْزَة سَايِل عَلَى الْقَوْل الْأَوَّل أَصْلِيَّة، وَعَلَى الثَّانِي بَدَل مِنْ وَاو، وَعَلَى الثَّالِث بَدَل مِنْ يَاء.
الْقُشَيْرِيّ : وَسَائِل مَهْمُوز ; لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مِنْ سَأَلَ بِالْهَمْزِ فَهُوَ مَهْمُوز، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْر الْهَمْز كَانَ مَهْمُوزًا أَيْضًا ; نَحْو قَائِل وَخَائِف ; لِأَنَّ الْعَيْنَ اِعْتَلَّ فِي الْفِعْل وَاعْتَلَّ فِي اِسْم الْفَاعِل أَيْضًا.
وَلَمْ يَكُنْ الِاعْتِلَال بِالْحَذْفِ لِخَوْفِ الِالْتِبَاس، فَكَانَ بِالْقَلْبِ إِلَى الْهَمْزَة، وَلَك تَخْفِيف الْهَمْزَة حَتَّى تَكُونَ بَيْنَ بَيْنَ.
" وَاقِع " أَيْ يَقَع بِالْكُفَّارِ بَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ اللَّه ذِي الْمَعَارِج.
مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ
نَزَّلَ اللَّه تَعَالَى :" سَأَلَ سَائِل بِعَذَابٍ وَاقِع " فَقَالَ لِمَنْ هُوَ ؟ فَقَالَ لِلْكَافِرِينَ ; فَاللَّام فِي الْكَافِرِينَ مُتَعَلِّقَة " بِوَاقِعٍ ".
وَقَالَ الْفَرَّاء : التَّقْدِير بِعَذَابٍ لِلْكَافِرِينَ وَاقِع ; فَالْوَاقِع مِنْ نَعْت الْعَذَاب وَاللَّام دَخَلَتْ لِلْعَذَابِ لَا لِلْوَاقِعِ، أَيْ هَذَا الْعَذَاب لِلْكَافِرِينَ فِي الْآخِرَة لَا يَدْفَعهُ عَنْهُمْ أَحَد.
وَقِيلَ إِنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى، وَالْمَعْنَى : وَاقِع عَلَى الْكَافِرِينَ.
وَرُوِيَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَة أُبَيّ كَذَلِكَ.
وَقِيلَ : بِمَعْنَى عَنْ ; أَيْ لَيْسَ لَهُ دَافِع عَنْ الْكَافِرِينَ مِنْ اللَّه.
أَيْ ذَلِكَ الْعَذَاب مِنْ اللَّه ذِي الْمَعَارِج أَيْ ذِي الْعُلُوّ وَالدَّرَجَات الْفَوَاضِل وَالنِّعَم ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة فَالْمَعَارِج مَرَاتِب إِنْعَامه عَلَى الْخَلْق وَقِيلَ ذِي الْعَظَمَة وَالْعَلَاء وَقَالَ مُجَاهِد : هِيَ مَعَارِج السَّمَاء.
وَقِيلَ : هِيَ مَعَارِج الْمَلَائِكَة ; لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَعْرُج إِلَى السَّمَاء فَوَصَفَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ.
وَقِيلَ : الْمَعَارِج الْغُرَف ; أَيْ إِنَّهُ ذُو الْغُرَف، أَيْ جَعَلَ لِأَوْلِيَائِهِ فِي الْجَنَّة غُرَفًا.
وَقَرَأَ عَبْد اللَّه " ذِي الْمَعَارِيج " بِالْيَاءِ.
يُقَال : مَعْرَج وَمِعْرَاج وَمَعَارِج وَمَعَارِيج ; مِثْل مِفْتَاح وَمَفَاتِيح.
وَالْمَعَارِج الدَّرَجَات ; وَمِنْهُ :" وَمَعَارِج عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ " [ الزُّخْرُف : ٣٣ ].
نَزَّلَ اللَّه تَعَالَى :" سَأَلَ سَائِل بِعَذَابٍ وَاقِع " فَقَالَ لِمَنْ هُوَ ؟ فَقَالَ لِلْكَافِرِينَ ; فَاللَّام فِي الْكَافِرِينَ مُتَعَلِّقَة " بِوَاقِعٍ ".
وَقَالَ الْفَرَّاء : التَّقْدِير بِعَذَابٍ لِلْكَافِرِينَ وَاقِع ; فَالْوَاقِع مِنْ نَعْت الْعَذَاب وَاللَّام دَخَلَتْ لِلْعَذَابِ لَا لِلْوَاقِعِ، أَيْ هَذَا الْعَذَاب لِلْكَافِرِينَ فِي الْآخِرَة لَا يَدْفَعهُ عَنْهُمْ أَحَد.
وَقِيلَ إِنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى، وَالْمَعْنَى : وَاقِع عَلَى الْكَافِرِينَ.
وَرُوِيَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَة أُبَيّ كَذَلِكَ.
وَقِيلَ : بِمَعْنَى عَنْ ; أَيْ لَيْسَ لَهُ دَافِع عَنْ الْكَافِرِينَ مِنْ اللَّه.
أَيْ ذَلِكَ الْعَذَاب مِنْ اللَّه ذِي الْمَعَارِج أَيْ ذِي الْعُلُوّ وَالدَّرَجَات الْفَوَاضِل وَالنِّعَم ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة فَالْمَعَارِج مَرَاتِب إِنْعَامه عَلَى الْخَلْق وَقِيلَ ذِي الْعَظَمَة وَالْعَلَاء وَقَالَ مُجَاهِد : هِيَ مَعَارِج السَّمَاء.
وَقِيلَ : هِيَ مَعَارِج الْمَلَائِكَة ; لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَعْرُج إِلَى السَّمَاء فَوَصَفَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ.
وَقِيلَ : الْمَعَارِج الْغُرَف ; أَيْ إِنَّهُ ذُو الْغُرَف، أَيْ جَعَلَ لِأَوْلِيَائِهِ فِي الْجَنَّة غُرَفًا.
وَقَرَأَ عَبْد اللَّه " ذِي الْمَعَارِيج " بِالْيَاءِ.
يُقَال : مَعْرَج وَمِعْرَاج وَمَعَارِج وَمَعَارِيج ; مِثْل مِفْتَاح وَمَفَاتِيح.
وَالْمَعَارِج الدَّرَجَات ; وَمِنْهُ :" وَمَعَارِج عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ " [ الزُّخْرُف : ٣٣ ].
تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ
أَيْ تَصْعَدُ فِي الْمَعَارِج الَّتِي جَعَلَهَا اللَّه لَهُمْ.
وَقَرَأَ اِبْن مَسْعُود وَأَصْحَابه وَالسُّلَمِيّ وَالْكِسَائِيّ " يَعْرُج " بِالْيَاءِ عَلَى إِرَادَة الْجَمْع ; وَلِقَوْلِهِ : ذَكِّرُوا الْمَلَائِكَةَ وَلَا تُؤَنِّثُوهُمْ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ عَلَى إِرَادَة الْجَمَاعَة.
" وَالرُّوح " جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
دَلِيله قَوْله تَعَالَى :" نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين " [ الشُّعَرَاء : ١٩٣ ].
وَقِيلَ : هُوَ مَلَك آخَر عَظِيم الْخِلْقَة.
وَقَالَ أَبُو صَالِح : إِنَّهُ خَلْق مِنْ خَلْق اللَّه كَهَيْئَةِ النَّاس وَلَيْسَ بِالنَّاسِ.
قَالَ قَبِيصَة بْن ذُؤَيْب : إِنَّهُ رُوح الْمَيِّت حِينَ يُقْبَض.
" إِلَيْهِ " أَيْ إِلَى الْمَكَان الَّذِي هُوَ مَحَلّهمْ وَهُوَ فِي السَّمَاء ; لِأَنَّهَا مَحَلّ بِرّه وَكَرَامَته.
وَقِيلَ : هُوَ كَقَوْلِ إِبْرَاهِيم " إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي " [ الصَّافَّات : ٩٩ ].
أَيْ إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي أَمَرَنِي بِهِ.
وَقِيلَ :
أَيْ تَصْعَدُ فِي الْمَعَارِج الَّتِي جَعَلَهَا اللَّه لَهُمْ.
وَقَرَأَ اِبْن مَسْعُود وَأَصْحَابه وَالسُّلَمِيّ وَالْكِسَائِيّ " يَعْرُج " بِالْيَاءِ عَلَى إِرَادَة الْجَمْع ; وَلِقَوْلِهِ : ذَكِّرُوا الْمَلَائِكَةَ وَلَا تُؤَنِّثُوهُمْ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ عَلَى إِرَادَة الْجَمَاعَة.
" وَالرُّوح " جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
دَلِيله قَوْله تَعَالَى :" نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين " [ الشُّعَرَاء : ١٩٣ ].
وَقِيلَ : هُوَ مَلَك آخَر عَظِيم الْخِلْقَة.
وَقَالَ أَبُو صَالِح : إِنَّهُ خَلْق مِنْ خَلْق اللَّه كَهَيْئَةِ النَّاس وَلَيْسَ بِالنَّاسِ.
قَالَ قَبِيصَة بْن ذُؤَيْب : إِنَّهُ رُوح الْمَيِّت حِينَ يُقْبَض.
" إِلَيْهِ " أَيْ إِلَى الْمَكَان الَّذِي هُوَ مَحَلّهمْ وَهُوَ فِي السَّمَاء ; لِأَنَّهَا مَحَلّ بِرّه وَكَرَامَته.
وَقِيلَ : هُوَ كَقَوْلِ إِبْرَاهِيم " إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي " [ الصَّافَّات : ٩٩ ].
أَيْ إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي أَمَرَنِي بِهِ.
وَقِيلَ :
إِلَيْهِ
أَيْ إِلَى عَرْشه.
أَيْ إِلَى عَرْشه.
فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ
قَالَ وَهْب وَالْكَلْبِيّ وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق : أَيْ عُرُوج الْمَلَائِكَة إِلَى الْمَكَان الَّذِي هُوَ مَحَلّهمْ فِي وَقْت كَانَ مِقْدَاره عَلَى غَيْرهمْ لَوْ صَعِدَ خَمْسِينَ أَلْف سَنَة.
وَقَالَ وَهْب أَيْضًا : مَا بَيْنَ أَسْفَل الْأَرْض إِلَى الْعَرْش مَسِيرَة خَمْسِينَ أَلْف سَنَة.
وَهُوَ قَوْل مُجَاهِد.
وَجَمَعَ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَة وَبَيْنَ قَوْله :" فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة " فِي سُورَة السَّجْدَة، فَقَالَ :" فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة " مِنْ مُنْتَهَى أَمْره مِنْ أَسْفَل الْأَرْضِينَ إِلَى مُنْتَهَى أَمْره مِنْ فَوْق السَّمَوَات خَمْسُونَ أَلْف سَنَة.
وَقَوْله تَعَالَى فِي ( الم تَنْزِيل ) :" فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة " [ السَّجْدَة : ٥ ] يَعْنِي بِذَلِكَ نُزُول الْأَمْر مِنْ سَمَاء الدُّنْيَا إِلَى الْأَرْض، وَمِنْ الْأَرْض إِلَى السَّمَاء فِي يَوْم وَاحِد فَذَلِكَ مِقْدَار أَلْف سَنَة لِأَنَّ مَا بَيْنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ عَام.
وَعَنْ مُجَاهِد أَيْضًا وَالْحَكَم وَعِكْرِمَة : هُوَ مُدَّة عُمُر الدُّنْيَا مِنْ أَوَّل مَا خُلِقَتْ إِلَى آخِر مَا بَقِيَ خَمْسُونَ أَلْف سَنَة.
لَا يَدْرِي أَحَد كَمْ مَضَى وَلَا كَمْ بَقِيَ إِلَّا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
وَقِيلَ : الْمُرَاد يَوْم الْقِيَامَة، أَيْ مِقْدَار الْحُكْم فِيهِ لَوْ تَوَلَّاهُ مَخْلُوق خَمْسُونَ أَلْف سَنَة، قَالَهُ عِكْرِمَة أَيْضًا وَالْكَلْبِيّ وَمُحَمَّد بْن كَعْب.
يَقُول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنَا أَفْرُغ مِنْهُ فِي سَاعَة.
وَقَالَ الْحَسَن : هُوَ يَوْم الْقِيَامَة، وَلَكِنْ يَوْم الْقِيَامَة لَا نُفَاد لَهُ فَالْمُرَاد ذِكْر مَوْقِفهمْ لِلْحِسَابِ فَهُوَ فِي خَمْسِينَ أَلْف سَنَة مِنْ سِنِي الدُّنْيَا، ثُمَّ حِينَئِذٍ يَسْتَقِرّ أَهْل الدَّارَيْنِ فِي الدَّارَيْنِ.
وَقَالَ يَمَان : هُوَ يَوْم الْقِيَامَة، فِيهِ خَمْسُونَ مَوْطِنًا كُلّ مَوْطِن أَلْف سَنَة.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : هُوَ يَوْم الْقِيَامَة، جَعَلَهُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ مِقْدَار خَمْسِينَ أَلْف سَنَة، ثُمَّ يَدْخُلُونَ النَّارَ لِلِاسْتِقْرَارِ.
قُلْت : وَهَذَا الْقَوْل أَحْسَن مَا قِيلَ فِي الْآيَة إِنْ شَاءَ اللَّه، بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ قَاسِم بْن أَصْبَغَ مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة ".
فَقُلْت : مَا أَطْوَلَ هَذَا ! فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيُخَفَّف عَنْ الْمُؤْمِن حَتَّى يَكُونَ أَخَفّ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاة الْمَكْتُوبَة يُصَلِّيهَا فِي الدُّنْيَا ).
وَاسْتَدَلَّ النَّحَّاس عَلَى صِحَّة هَذَا الْقَوْل بِمَا رَوَاهُ سُهَيْل عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :( مَا مِنْ رَجُل لَمْ يُؤَدِّ زَكَاةَ مَال إِلَّا جُعِلَ شُجَاعًا مِنْ نَار تُكْوَى بِهِ جَبْهَته وَظَهْره وَجَنْبَاهُ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة حَتَّى يَقْضِيَ اللَّه بَيْنَ النَّاسِ ).
قَالَ : فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ يَوْم الْقِيَامَة.
قَالَ وَهْب وَالْكَلْبِيّ وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق : أَيْ عُرُوج الْمَلَائِكَة إِلَى الْمَكَان الَّذِي هُوَ مَحَلّهمْ فِي وَقْت كَانَ مِقْدَاره عَلَى غَيْرهمْ لَوْ صَعِدَ خَمْسِينَ أَلْف سَنَة.
وَقَالَ وَهْب أَيْضًا : مَا بَيْنَ أَسْفَل الْأَرْض إِلَى الْعَرْش مَسِيرَة خَمْسِينَ أَلْف سَنَة.
وَهُوَ قَوْل مُجَاهِد.
وَجَمَعَ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَة وَبَيْنَ قَوْله :" فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة " فِي سُورَة السَّجْدَة، فَقَالَ :" فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة " مِنْ مُنْتَهَى أَمْره مِنْ أَسْفَل الْأَرْضِينَ إِلَى مُنْتَهَى أَمْره مِنْ فَوْق السَّمَوَات خَمْسُونَ أَلْف سَنَة.
وَقَوْله تَعَالَى فِي ( الم تَنْزِيل ) :" فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة " [ السَّجْدَة : ٥ ] يَعْنِي بِذَلِكَ نُزُول الْأَمْر مِنْ سَمَاء الدُّنْيَا إِلَى الْأَرْض، وَمِنْ الْأَرْض إِلَى السَّمَاء فِي يَوْم وَاحِد فَذَلِكَ مِقْدَار أَلْف سَنَة لِأَنَّ مَا بَيْنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ عَام.
وَعَنْ مُجَاهِد أَيْضًا وَالْحَكَم وَعِكْرِمَة : هُوَ مُدَّة عُمُر الدُّنْيَا مِنْ أَوَّل مَا خُلِقَتْ إِلَى آخِر مَا بَقِيَ خَمْسُونَ أَلْف سَنَة.
لَا يَدْرِي أَحَد كَمْ مَضَى وَلَا كَمْ بَقِيَ إِلَّا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
وَقِيلَ : الْمُرَاد يَوْم الْقِيَامَة، أَيْ مِقْدَار الْحُكْم فِيهِ لَوْ تَوَلَّاهُ مَخْلُوق خَمْسُونَ أَلْف سَنَة، قَالَهُ عِكْرِمَة أَيْضًا وَالْكَلْبِيّ وَمُحَمَّد بْن كَعْب.
يَقُول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنَا أَفْرُغ مِنْهُ فِي سَاعَة.
وَقَالَ الْحَسَن : هُوَ يَوْم الْقِيَامَة، وَلَكِنْ يَوْم الْقِيَامَة لَا نُفَاد لَهُ فَالْمُرَاد ذِكْر مَوْقِفهمْ لِلْحِسَابِ فَهُوَ فِي خَمْسِينَ أَلْف سَنَة مِنْ سِنِي الدُّنْيَا، ثُمَّ حِينَئِذٍ يَسْتَقِرّ أَهْل الدَّارَيْنِ فِي الدَّارَيْنِ.
وَقَالَ يَمَان : هُوَ يَوْم الْقِيَامَة، فِيهِ خَمْسُونَ مَوْطِنًا كُلّ مَوْطِن أَلْف سَنَة.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : هُوَ يَوْم الْقِيَامَة، جَعَلَهُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ مِقْدَار خَمْسِينَ أَلْف سَنَة، ثُمَّ يَدْخُلُونَ النَّارَ لِلِاسْتِقْرَارِ.
قُلْت : وَهَذَا الْقَوْل أَحْسَن مَا قِيلَ فِي الْآيَة إِنْ شَاءَ اللَّه، بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ قَاسِم بْن أَصْبَغَ مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة ".
فَقُلْت : مَا أَطْوَلَ هَذَا ! فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيُخَفَّف عَنْ الْمُؤْمِن حَتَّى يَكُونَ أَخَفّ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاة الْمَكْتُوبَة يُصَلِّيهَا فِي الدُّنْيَا ).
وَاسْتَدَلَّ النَّحَّاس عَلَى صِحَّة هَذَا الْقَوْل بِمَا رَوَاهُ سُهَيْل عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :( مَا مِنْ رَجُل لَمْ يُؤَدِّ زَكَاةَ مَال إِلَّا جُعِلَ شُجَاعًا مِنْ نَار تُكْوَى بِهِ جَبْهَته وَظَهْره وَجَنْبَاهُ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة حَتَّى يَقْضِيَ اللَّه بَيْنَ النَّاسِ ).
قَالَ : فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَالَ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ : مَا قَدْر ذَلِكَ الْيَوْم عَلَى الْمُؤْمِن إِلَّا قَدْر مَا بَيْنَ الظُّهْر وَالْعَصْر.
وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيث مُعَاذ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :( يُحَاسِبكُمْ اللَّه تَعَالَى بِمِقْدَارِ مَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَلِذَلِكَ سَمَّى نَفْسَهُ سَرِيعَ الْحِسَاب وَأَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ ).
ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيّ.
وَقِيلَ : بَلْ يَكُون الْفَرَاغ لِنِصْفِ يَوْم، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" أَصْحَاب الْجَنَّة يَوْمئِذٍ خَيْر مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَن مَقِيلًا " [ الْفُرْقَان : ٢٤ ].
وَهَذَا عَلَى قَدْر فَهْم الْخَلَائِق، وَإِلَّا فَلَا يَشْغَلهُ شَأْن عَنْ شَأْن.
وَكَمَا يَرْزُقهُمْ فِي سَاعَة كَذَا يُحَاسِبهُمْ فِي لَحْظَة، قَالَ اللَّه تَعَالَى :" مَا خَلْقكُمْ وَلَا بَعْثكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَة " [ لُقْمَان : ٢٨ ].
وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة وَعَنْ قَوْله تَعَالَى :" فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة " [ السَّجْدَة : ٥ ] فَقَالَ : أَيَّام سَمَّاهَا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ هُوَ أَعْلَم بِهَا كَيْفَ تَكُون، وَأَكْرَهُ أَنْ أَقُولَ فِيهَا مَا لَا أَعْلَم.
وَقِيلَ : مَعْنَى ذَكَرَ خَمْسِينَ أَلْف سَنَة تَمْثِيل، وَهُوَ تَعْرِيف طُول مُدَّة الْقِيَامَة فِي الْمَوْقِف، وَمَا يَلْقَى النَّاس فِيهِ مِنْ الشَّدَائِد.
وَالْعَرَب تَصِف أَيَّام الشِّدَّة بِالطُّولِ، وَأَيَّام الْفَرَح بِالْقِصَرِ ; قَالَ الشَّاعِر :
وَقِيلَ : فِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير ; وَالْمَعْنَى : سَأَلَ سَائِل بِعَذَابٍ وَاقِع لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ مِنْ اللَّه دَافِع، فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة تَعْرُج الْمَلَائِكَة وَالرُّوح إِلَيْهِ.
وَهَذَا الْقَوْل هُوَ مَعْنَى مَا اِخْتَرْنَاهُ، وَالْمُوَفِّق الْإِلَه.
وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيث مُعَاذ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :( يُحَاسِبكُمْ اللَّه تَعَالَى بِمِقْدَارِ مَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَلِذَلِكَ سَمَّى نَفْسَهُ سَرِيعَ الْحِسَاب وَأَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ ).
ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيّ.
وَقِيلَ : بَلْ يَكُون الْفَرَاغ لِنِصْفِ يَوْم، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" أَصْحَاب الْجَنَّة يَوْمئِذٍ خَيْر مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَن مَقِيلًا " [ الْفُرْقَان : ٢٤ ].
وَهَذَا عَلَى قَدْر فَهْم الْخَلَائِق، وَإِلَّا فَلَا يَشْغَلهُ شَأْن عَنْ شَأْن.
وَكَمَا يَرْزُقهُمْ فِي سَاعَة كَذَا يُحَاسِبهُمْ فِي لَحْظَة، قَالَ اللَّه تَعَالَى :" مَا خَلْقكُمْ وَلَا بَعْثكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَة " [ لُقْمَان : ٢٨ ].
وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة وَعَنْ قَوْله تَعَالَى :" فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة " [ السَّجْدَة : ٥ ] فَقَالَ : أَيَّام سَمَّاهَا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ هُوَ أَعْلَم بِهَا كَيْفَ تَكُون، وَأَكْرَهُ أَنْ أَقُولَ فِيهَا مَا لَا أَعْلَم.
وَقِيلَ : مَعْنَى ذَكَرَ خَمْسِينَ أَلْف سَنَة تَمْثِيل، وَهُوَ تَعْرِيف طُول مُدَّة الْقِيَامَة فِي الْمَوْقِف، وَمَا يَلْقَى النَّاس فِيهِ مِنْ الشَّدَائِد.
وَالْعَرَب تَصِف أَيَّام الشِّدَّة بِالطُّولِ، وَأَيَّام الْفَرَح بِالْقِصَرِ ; قَالَ الشَّاعِر :
وَيَوْم كَظِلِّ الرُّمْح قَصَّرَ طُولَهُ | دَم الزِّقّ عَنَّا وَاصْطِفَاق الْمَزَاهِر |
وَهَذَا الْقَوْل هُوَ مَعْنَى مَا اِخْتَرْنَاهُ، وَالْمُوَفِّق الْإِلَه.
فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا
أَيْ عَلَى أَذَى قَوْمك.
وَالصَّبْر الْجَمِيل : هُوَ الَّذِي لَا جَزَع فِيهِ وَلَا شَكْوَى لِغَيْرِ اللَّه.
وَقِيلَ : هُوَ أَنْ يَكُونَ صَاحِب الْمُصِيبَة فِي الْقَوْم لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ.
وَالْمَعْنَى مُتَقَارِب.
وَقَالَ اِبْن زَيْد : هِيَ مَنْسُوخَة بِآيَةِ السَّيْف.
أَيْ عَلَى أَذَى قَوْمك.
وَالصَّبْر الْجَمِيل : هُوَ الَّذِي لَا جَزَع فِيهِ وَلَا شَكْوَى لِغَيْرِ اللَّه.
وَقِيلَ : هُوَ أَنْ يَكُونَ صَاحِب الْمُصِيبَة فِي الْقَوْم لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ.
وَالْمَعْنَى مُتَقَارِب.
وَقَالَ اِبْن زَيْد : هِيَ مَنْسُوخَة بِآيَةِ السَّيْف.
إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا
يُرِيد أَهْل مَكَّة يَرَوْنَ الْعَذَابَ بِالنَّارِ بَعِيدًا ; أَيْ غَيْر كَائِن.
يُرِيد أَهْل مَكَّة يَرَوْنَ الْعَذَابَ بِالنَّارِ بَعِيدًا ; أَيْ غَيْر كَائِن.
ﯲﯳ
ﰆ
وَنَرَاهُ قَرِيبًا
لِأَنَّ مَا هُوَ آتٍ فَهُوَ قَرِيب.
وَقَالَ الْأَعْمَش : يَرَوْنَ الْبَعْثَ بَعِيدًا لِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ كَأَنَّهُمْ يَسْتَبْعِدُونَهُ عَلَى جِهَة الْإِحَالَة.
كَمَا تَقُول لِمَنْ تُنَاظِرهُ : هَذَا بَعِيد لَا يَكُون وَقِيلَ : أَيْ يَرَوْنَ هَذَا الْيَوْمَ بَعِيدًا " وَنَرَاهُ " أَيْ نَعْلَمهُ ; لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ إِنَّمَا تَتَعَلَّق بِالْمَوْجُودِ.
وَهُوَ كَقَوْلِك : الشَّافِعِيّ يَرَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة كَذَا وَكَذَا.
لِأَنَّ مَا هُوَ آتٍ فَهُوَ قَرِيب.
وَقَالَ الْأَعْمَش : يَرَوْنَ الْبَعْثَ بَعِيدًا لِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ كَأَنَّهُمْ يَسْتَبْعِدُونَهُ عَلَى جِهَة الْإِحَالَة.
كَمَا تَقُول لِمَنْ تُنَاظِرهُ : هَذَا بَعِيد لَا يَكُون وَقِيلَ : أَيْ يَرَوْنَ هَذَا الْيَوْمَ بَعِيدًا " وَنَرَاهُ " أَيْ نَعْلَمهُ ; لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ إِنَّمَا تَتَعَلَّق بِالْمَوْجُودِ.
وَهُوَ كَقَوْلِك : الشَّافِعِيّ يَرَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة كَذَا وَكَذَا.
يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ
الْعَامِل فِي " يَوْم " " وَاقِع " ; تَقْدِيره يَقَع بِهِمْ الْعَذَاب يَوْم.
وَقِيلَ :" نَرَاهُ " أَوْ " يُبَصَّرُونَهُمْ " أَوْ يَكُون بَدَلًا مِنْ قَرِيب.
وَالْمُهْل : دُرْدِيّ الزَّيْت وَعَكَره ; فِي قَوْل اِبْن عَبَّاس وَغَيْره.
وَقَالَ اِبْن مَسْعُود : مَا أُذِيبَ مِنْ الرَّصَاص وَالنُّحَاس وَالْفِضَّة.
وَقَالَ مُجَاهِد :" كَالْمُهْلِ " كَقَيْحٍ مِنْ دَم وَصَدِيد.
وَقَدْ مَضَى فِي سُورَة " الدُّخَان "، وَ " الْكَهْف " الْقَوْل فِيهِ.
الْعَامِل فِي " يَوْم " " وَاقِع " ; تَقْدِيره يَقَع بِهِمْ الْعَذَاب يَوْم.
وَقِيلَ :" نَرَاهُ " أَوْ " يُبَصَّرُونَهُمْ " أَوْ يَكُون بَدَلًا مِنْ قَرِيب.
وَالْمُهْل : دُرْدِيّ الزَّيْت وَعَكَره ; فِي قَوْل اِبْن عَبَّاس وَغَيْره.
وَقَالَ اِبْن مَسْعُود : مَا أُذِيبَ مِنْ الرَّصَاص وَالنُّحَاس وَالْفِضَّة.
وَقَالَ مُجَاهِد :" كَالْمُهْلِ " كَقَيْحٍ مِنْ دَم وَصَدِيد.
وَقَدْ مَضَى فِي سُورَة " الدُّخَان "، وَ " الْكَهْف " الْقَوْل فِيهِ.
وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ
أَيْ كَالصُّوفِ الْمَصْبُوغ.
وَلَا يُقَال لِلصُّوفِ عِهْن إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَصْبُوغًا.
وَقَالَ الْحَسَن :" وَتَكُون الْجِبَال كَالْعِهْنِ " وَهُوَ الصُّوف الْأَحْمَر، وَهُوَ أَضْعَف الصُّوف.
وَمِنْهُ قَوْل زُهَيْر :
الْفُتَات الْقِطَع.
وَالْعِهْن الصُّوف الْأَحْمَر ; وَاحِده عِهْنَة.
وَقِيلَ : الْعِهْن الصُّوف ذُو الْأَلْوَان ; فَشَبَّهَ الْجِبَالَ بِهِ فِي تَلَوُّنهَا أَلْوَانًا.
وَالْمَعْنَى أَنَّهَا تَلِينَ بَعْدَ الشِّدَّة، وَتَتَفَرَّق بَعْدَ الِاجْتِمَاع.
وَقِيلَ : أَوَّل مَا تَتَغَيَّر الْجِبَال تَصِير رَمْلًا مَهِيلًا، ثُمَّ عِهْنًا مَنْفُوشًا، ثُمَّ هَبَاء مُنْبَثًّا.
أَيْ كَالصُّوفِ الْمَصْبُوغ.
وَلَا يُقَال لِلصُّوفِ عِهْن إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَصْبُوغًا.
وَقَالَ الْحَسَن :" وَتَكُون الْجِبَال كَالْعِهْنِ " وَهُوَ الصُّوف الْأَحْمَر، وَهُوَ أَضْعَف الصُّوف.
وَمِنْهُ قَوْل زُهَيْر :
كَأَنَّ فُتَات الْعِهْن فِي كُلّ مَنْزِل | نَزَلْنَ بِهِ حَبّ الْفَنَا لَمْ يُحَطَّم |
وَالْعِهْن الصُّوف الْأَحْمَر ; وَاحِده عِهْنَة.
وَقِيلَ : الْعِهْن الصُّوف ذُو الْأَلْوَان ; فَشَبَّهَ الْجِبَالَ بِهِ فِي تَلَوُّنهَا أَلْوَانًا.
وَالْمَعْنَى أَنَّهَا تَلِينَ بَعْدَ الشِّدَّة، وَتَتَفَرَّق بَعْدَ الِاجْتِمَاع.
وَقِيلَ : أَوَّل مَا تَتَغَيَّر الْجِبَال تَصِير رَمْلًا مَهِيلًا، ثُمَّ عِهْنًا مَنْفُوشًا، ثُمَّ هَبَاء مُنْبَثًّا.
وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا
أَيْ عَنْ شَأْنه لِشُغْلِ كُلّ إِنْسَان بِنَفْسِهِ، قَالَهُ قَتَادَة.
كَمَا قَالَ تَعَالَى :" لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه " [ عَبَسَ : ٣٧ ].
وَقِيلَ : لَا يَسْأَل حَمِيم عَنْ حَمِيم، فَحَذَفَ الْجَارّ وَوَصَلَ الْفِعْلَ.
وَقِرَاءَة الْعَامَّة " يَسْأَل " بِفَتْحِ الْيَاء.
وَقَرَأَ شَيْبَة وَالْبَزِّيّ عَنْ عَاصِم " وَلَا يُسْأَل بِالضَّمِّ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله، أَيْ لَا يُسْأَل حَمِيم عَنْ حَمِيمه وَلَا ذُو قَرَابَة عَنْ قَرَابَته، بَلْ كُلّ إِنْسَان يُسْأَل عَنْ عَمَله.
نَظِيره :" كُلّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة " [ الْمُدَّثِّر : ٣٨ ].
أَيْ عَنْ شَأْنه لِشُغْلِ كُلّ إِنْسَان بِنَفْسِهِ، قَالَهُ قَتَادَة.
كَمَا قَالَ تَعَالَى :" لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه " [ عَبَسَ : ٣٧ ].
وَقِيلَ : لَا يَسْأَل حَمِيم عَنْ حَمِيم، فَحَذَفَ الْجَارّ وَوَصَلَ الْفِعْلَ.
وَقِرَاءَة الْعَامَّة " يَسْأَل " بِفَتْحِ الْيَاء.
وَقَرَأَ شَيْبَة وَالْبَزِّيّ عَنْ عَاصِم " وَلَا يُسْأَل بِالضَّمِّ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله، أَيْ لَا يُسْأَل حَمِيم عَنْ حَمِيمه وَلَا ذُو قَرَابَة عَنْ قَرَابَته، بَلْ كُلّ إِنْسَان يُسْأَل عَنْ عَمَله.
نَظِيره :" كُلّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة " [ الْمُدَّثِّر : ٣٨ ].
يُبَصَّرُونَهُمْ
أَيْ يَرَوْنَهُمْ.
وَلَيْسَ فِي الْقِيَامَة مَخْلُوق إِلَّا وَهُوَ نَصْب عَيْن صَاحِبه مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس.
فَيُبْصِر الرَّجُل أَبَاهُ وَأَخَاهُ وَقَرَابَته وَعَشِيرَتَهُ وَلَا يَسْأَلهُ وَلَا يُكَلِّمهُ ; لِاشْتِغَالِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : يَتَعَارَفُونَ سَاعَة ثُمَّ لَا يَتَعَارَفُونَ بَعْد تِلْكَ السَّاعَة.
وَفِي بَعْض الْأَخْبَار أَنَّ أَهْل الْقِيَامَة يَفِرُّونَ مِنْ الْمَعَارِف مَخَافَة الْمَظَالِم.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا :" يُبَصَّرُونَهُمْ " يُبْصِر بَعْضهمْ بَعْضًا فَيَتَعَارَفُونَ ثُمَّ يَفِرّ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض.
فَالضَّمِير فِي " يُبَصَّرُونَهُمْ " عَلَى هَذَا لِلْكُفَّارِ، وَالْمِيم لِلْأَقْرِبَاءِ.
وَقَالَ مُجَاهِد : الْمَعْنَى يُبَصِّر اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْكُفَّار فِي يَوْم الْقِيَامَة ; فَالضَّمِير فِي يُبَصَّرُونَهُمْ " لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْهَاء وَالْمِيم لِلْكُفَّارِ.
اِبْن زَيْد : الْمَعْنَى يُبَصِّر اللَّه الْكُفَّارَ فِي النَّار الَّذِينَ أَضَلُّوهُمْ فِي الدُّنْيَا ; فَالضَّمِير فِي " يُبَصَّرُونَهُمْ " لِلتَّابِعِينَ، وَالْهَاء وَالْمِيم لِلْمَتْبُوعِينَ.
وَقِيلَ : إِنَّهُ يُبَصِّر الْمَظْلُومُ ظَالِمَهُ وَالْمَقْتُولُ قَاتِلَهُ.
وَقِيلَ :" يُبَصَّرُونَهُمْ " يَرْجِع إِلَى الْمَلَائِكَة ; أَيْ يَعْرِفُونَ أَحْوَال النَّاس فَيَسُوقُونَ كُلَّ فَرِيق إِلَى مَا يَلِيق بِهِمْ.
وَتَمَّ الْكَلَام عِنْدَ قَوْله :" يُبَصَّرُونَهُمْ ".
ثُمَّ قَالَ :
أَيْ يَرَوْنَهُمْ.
وَلَيْسَ فِي الْقِيَامَة مَخْلُوق إِلَّا وَهُوَ نَصْب عَيْن صَاحِبه مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس.
فَيُبْصِر الرَّجُل أَبَاهُ وَأَخَاهُ وَقَرَابَته وَعَشِيرَتَهُ وَلَا يَسْأَلهُ وَلَا يُكَلِّمهُ ; لِاشْتِغَالِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : يَتَعَارَفُونَ سَاعَة ثُمَّ لَا يَتَعَارَفُونَ بَعْد تِلْكَ السَّاعَة.
وَفِي بَعْض الْأَخْبَار أَنَّ أَهْل الْقِيَامَة يَفِرُّونَ مِنْ الْمَعَارِف مَخَافَة الْمَظَالِم.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا :" يُبَصَّرُونَهُمْ " يُبْصِر بَعْضهمْ بَعْضًا فَيَتَعَارَفُونَ ثُمَّ يَفِرّ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض.
فَالضَّمِير فِي " يُبَصَّرُونَهُمْ " عَلَى هَذَا لِلْكُفَّارِ، وَالْمِيم لِلْأَقْرِبَاءِ.
وَقَالَ مُجَاهِد : الْمَعْنَى يُبَصِّر اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْكُفَّار فِي يَوْم الْقِيَامَة ; فَالضَّمِير فِي يُبَصَّرُونَهُمْ " لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْهَاء وَالْمِيم لِلْكُفَّارِ.
اِبْن زَيْد : الْمَعْنَى يُبَصِّر اللَّه الْكُفَّارَ فِي النَّار الَّذِينَ أَضَلُّوهُمْ فِي الدُّنْيَا ; فَالضَّمِير فِي " يُبَصَّرُونَهُمْ " لِلتَّابِعِينَ، وَالْهَاء وَالْمِيم لِلْمَتْبُوعِينَ.
وَقِيلَ : إِنَّهُ يُبَصِّر الْمَظْلُومُ ظَالِمَهُ وَالْمَقْتُولُ قَاتِلَهُ.
وَقِيلَ :" يُبَصَّرُونَهُمْ " يَرْجِع إِلَى الْمَلَائِكَة ; أَيْ يَعْرِفُونَ أَحْوَال النَّاس فَيَسُوقُونَ كُلَّ فَرِيق إِلَى مَا يَلِيق بِهِمْ.
وَتَمَّ الْكَلَام عِنْدَ قَوْله :" يُبَصَّرُونَهُمْ ".
ثُمَّ قَالَ :
يَوَدُّ الْمُجْرِمُ
أَيْ يَتَمَنَّى الْكَافِر.
أَيْ يَتَمَنَّى الْكَافِر.
لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ
يَعْنِي مِنْ عَذَاب جَهَنَّم بِأَعَزّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَقَارِبه فَلَا يَقْدِر.
ثُمَّ ذَكَرَهُمْ فَقَالَ :
يَعْنِي مِنْ عَذَاب جَهَنَّم بِأَعَزّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَقَارِبه فَلَا يَقْدِر.
ثُمَّ ذَكَرَهُمْ فَقَالَ :
ﭜﭝ
ﰋ
وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ
زَوْجَته وَعَشِيرَته.
زَوْجَته وَعَشِيرَته.
وَفَصِيلَتِهِ
أَيْ عَشِيرَته.
أَيْ عَشِيرَته.
الَّتِي تُؤْوِيهِ
تَنْصُرهُ ; قَالَهُ مُجَاهِد وَابْن زَيْد.
وَقَالَ مَالِك : أُمّه الَّتِي تُرَبِّيه.
حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ وَرَوَاهُ عَنْهُ أَشْهَب.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة : الْفَصِيلَة دُونَ الْقَبِيلَة.
وَقَالَ ثَعْلَب : هُمْ آبَاؤُهُ الْأَدْنَوْنَ.
وَقَالَ الْمُبَرِّد : الْفَصِيلَة الْقِطْعَة مِنْ أَعْضَاء الْجَسَد، وَهِيَ دُون الْقَبِيلَة.
وَسُمِّيَتْ عِتْرَة الرَّجُل فَصِيلَته تَشْبِيهًا بِالْبَعْضِ مِنْهُ.
وَقَدْ مَضَى فِي سُورَة " الْحُجُرَات " الْقَوْل فِي الْقَبِيلَة وَغَيْرهَا.
وَهُنَا مَسْأَلَة، وَهِيَ : إِذَا حَبَسَ عَلَى فَصِيلَته أَوْ أَوْصَى لَهَا فَمَنْ اِدَّعَى الْعُمُوم حَمَلَهُ عَلَى الْعَشِيرَة، وَمَنْ اِدَّعَى الْخُصُوصَ حَمَلَهُ عَلَى الْآبَاء ; الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى.
وَالْأَوَّل أَكْثَر فِي النُّطْق، وَاَللَّه أَعْلَم.
وَمَعْنَى :" تُؤْوِيه " تَضُمّهُ وَتُؤَمِّنهُ مِنْ خَوْف إِنْ كَانَ بِهِ.
تَنْصُرهُ ; قَالَهُ مُجَاهِد وَابْن زَيْد.
وَقَالَ مَالِك : أُمّه الَّتِي تُرَبِّيه.
حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ وَرَوَاهُ عَنْهُ أَشْهَب.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة : الْفَصِيلَة دُونَ الْقَبِيلَة.
وَقَالَ ثَعْلَب : هُمْ آبَاؤُهُ الْأَدْنَوْنَ.
وَقَالَ الْمُبَرِّد : الْفَصِيلَة الْقِطْعَة مِنْ أَعْضَاء الْجَسَد، وَهِيَ دُون الْقَبِيلَة.
وَسُمِّيَتْ عِتْرَة الرَّجُل فَصِيلَته تَشْبِيهًا بِالْبَعْضِ مِنْهُ.
وَقَدْ مَضَى فِي سُورَة " الْحُجُرَات " الْقَوْل فِي الْقَبِيلَة وَغَيْرهَا.
وَهُنَا مَسْأَلَة، وَهِيَ : إِذَا حَبَسَ عَلَى فَصِيلَته أَوْ أَوْصَى لَهَا فَمَنْ اِدَّعَى الْعُمُوم حَمَلَهُ عَلَى الْعَشِيرَة، وَمَنْ اِدَّعَى الْخُصُوصَ حَمَلَهُ عَلَى الْآبَاء ; الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى.
وَالْأَوَّل أَكْثَر فِي النُّطْق، وَاَللَّه أَعْلَم.
وَمَعْنَى :" تُؤْوِيه " تَضُمّهُ وَتُؤَمِّنهُ مِنْ خَوْف إِنْ كَانَ بِهِ.
وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا
أَيْ وَيَوَدّ لَوْ فُدِيَ بِهِمْ لَافْتَدَى
أَيْ وَيَوَدّ لَوْ فُدِيَ بِهِمْ لَافْتَدَى
ثُمَّ يُنْجِيهِ
أَيْ يُخَلِّصهُ ذَلِكَ الْفِدَاء.
فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْإِضْمَار، كَقَوْلِهِ :" وَإِنَّهُ لَفِسْق " [ الْأَنْعَام : ١٢١ ] أَيْ وَإِنَّ أَكْلَهُ لَفِسْق.
وَقِيلَ :" يَوَدّ الْمُجْرِم " يَقْتَضِي جَوَابًا بِالْفَاءِ ; كَقَوْلِهِ :" وَدُّوا لَوْ تُدْهِن فَيُدْهِنُونَ " [ الْقَلَم : ٩ ].
وَالْجَوَاب فِي هَذِهِ الْآيَة " ثُمَّ يُنْجِيه " لِأَنَّهَا مِنْ حُرُوف الْعَطْف ; أَيْ يَوَدّ الْمُجْرِم لَوْ يَفْتَدِي فَيُنْجِيه الِافْتِدَاء.
أَيْ يُخَلِّصهُ ذَلِكَ الْفِدَاء.
فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْإِضْمَار، كَقَوْلِهِ :" وَإِنَّهُ لَفِسْق " [ الْأَنْعَام : ١٢١ ] أَيْ وَإِنَّ أَكْلَهُ لَفِسْق.
وَقِيلَ :" يَوَدّ الْمُجْرِم " يَقْتَضِي جَوَابًا بِالْفَاءِ ; كَقَوْلِهِ :" وَدُّوا لَوْ تُدْهِن فَيُدْهِنُونَ " [ الْقَلَم : ٩ ].
وَالْجَوَاب فِي هَذِهِ الْآيَة " ثُمَّ يُنْجِيه " لِأَنَّهَا مِنْ حُرُوف الْعَطْف ; أَيْ يَوَدّ الْمُجْرِم لَوْ يَفْتَدِي فَيُنْجِيه الِافْتِدَاء.
كَلَّا
تَقَدَّمَ الْقَوْل فِي " كَلَّا " وَأَنَّهَا تَكُون بِمَعْنَى حَقًّا، وَبِمَعْنَى لَا.
وَهِيَ هُنَا تَحْتَمِل الْأَمْرَيْنِ ; فَإِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى حَقًّا كَانَ تَمَام الْكَلَام " يُنْجِيه ".
وَإِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى لَا كَانَ تَمَام الْكَلَام عَلَيْهَا ; أَيْ لَيْسَ يُنْجِيه مِنْ عَذَاب اللَّه الِافْتِدَاء ثُمَّ قَالَ :
تَقَدَّمَ الْقَوْل فِي " كَلَّا " وَأَنَّهَا تَكُون بِمَعْنَى حَقًّا، وَبِمَعْنَى لَا.
وَهِيَ هُنَا تَحْتَمِل الْأَمْرَيْنِ ; فَإِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى حَقًّا كَانَ تَمَام الْكَلَام " يُنْجِيه ".
وَإِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى لَا كَانَ تَمَام الْكَلَام عَلَيْهَا ; أَيْ لَيْسَ يُنْجِيه مِنْ عَذَاب اللَّه الِافْتِدَاء ثُمَّ قَالَ :
إِنَّهَا لَظَى
أَيْ هِيَ جَهَنَّم ; أَيْ تَتَلَظَّى نِيرَانهَا ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى " [ اللَّيْل : ١٤ ] وَاشْتِقَاق لَظَى مِنْ التَّلَظِّي.
وَالْتِظَاء النَّار اِلْتِهَابهَا، وَتَلَظِّيهَا تَلَهُّبهَا.
وَقِيلَ : كَانَ أَصْلهَا " لَظَظَ " أَيْ مَا دَامَتْ لِدَوَامِ عَذَابهَا ; فَقُلِبَتْ إِحْدَى الظَّاءَيْنِ أَلِفًا فَبَقِيَتْ لَظَى.
وَقِيلَ : هِيَ الدَّرَكَة الثَّانِيَة مِنْ طَبَقَات جَهَنَّم.
وَهِيَ اِسْم مُؤَنَّث مَعْرِفَة فَلَا يَنْصَرِف.
أَيْ هِيَ جَهَنَّم ; أَيْ تَتَلَظَّى نِيرَانهَا ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى " [ اللَّيْل : ١٤ ] وَاشْتِقَاق لَظَى مِنْ التَّلَظِّي.
وَالْتِظَاء النَّار اِلْتِهَابهَا، وَتَلَظِّيهَا تَلَهُّبهَا.
وَقِيلَ : كَانَ أَصْلهَا " لَظَظَ " أَيْ مَا دَامَتْ لِدَوَامِ عَذَابهَا ; فَقُلِبَتْ إِحْدَى الظَّاءَيْنِ أَلِفًا فَبَقِيَتْ لَظَى.
وَقِيلَ : هِيَ الدَّرَكَة الثَّانِيَة مِنْ طَبَقَات جَهَنَّم.
وَهِيَ اِسْم مُؤَنَّث مَعْرِفَة فَلَا يَنْصَرِف.
ﭯﭰ
ﰏ
نَزَّاعَةً لِلشَّوَى
قَرَأَ أَبُو جَعْفَر وَشَيْبَة وَنَافِع وَعَاصِم فِي رِوَايَة أَبِي بَكْر عَنْهُ وَالْأَعْمَش وَأَبُو عَمْرو وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ " نَزَّاعَة " بِالرَّفْعِ.
وَرَوَى أَبُو عَمْرو عَنْ عَاصِم " نَزَّاعَة " بِالنَّصْبِ.
فَمَنْ رَفَعَ فَلَهُ خَمْسَة أَوْجُه : أَحَدهَا أَنْ تُجْعَل " لَظَى " خَبَر " إِنَّ " وَتُرْفَع " نَزَّاعَة " بِإِضْمَارِ هِيَ ; فَمِنْ هَذَا الْوَجْه يَحْسُن الْوَقْف عَلَى " لَظَى ".
وَالْوَجْه الثَّانِي أَنْ تَكُونَ " لَظَى " وَ " نَزَّاعَة " خَبَرَانِ لِإِنَّ.
كَمَا تَقُول إِنَّهُ خُلُق مُخَاصِم.
وَالْوَجْه الثَّالِث أَنْ تَكُونَ " نَزَّاعَة " بَدَلًا مِنْ " لَظَى " و " لَظَى " خَبَر " إِنَّ ".
وَالْوَجْه الرَّابِع أَنْ تَكُونَ " لَظَى " بَدَلًا مِنْ اِسْم " إِنَّ " وَ " نَزَّاعَة " خَبَر " إِنَّ ".
وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقِصَّة وَالْخَبَر لَظَى نَزَّاعَة لِلشَّوَى وَمَنْ نَصَبَ " نَزَّاعَة " حَسُنَ لَهُ أَنْ يَقِفَ عَلَى " لَظَى " وَيَنْصِب " نَزَّاعَةً " عَلَى الْقَطْع مِنْ " لَظَى " إِذْ كَانَتْ نَكِرَة مُتَّصِلَة بِمَعْرِفَةٍ.
وَيَجُوز نَصْبهَا عَلَى الْحَال الْمُؤَكِّدَة ; كَمَا قَالَ :" وَهُوَ الْحَقّ مُصَدِّقًا " [ الْبَقَرَة : ٩١ ].
وَيَجُوز أَنْ تُنْصَب عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا تَتَلَظَّى نَزَّاعَة ; أَيْ فِي حَال نَزْعهَا لِلشَّوَى.
وَالْعَامِل فِيهَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَام مِنْ مَعْنَى التَّلَظِّي.
وَيَجُوز أَنْ يَكُونَ حَالًا ; عَلَى أَنَّهُ حَال لِلْمُكَذِّبِينَ بِخَبَرِهَا.
وَيَجُوز نَصْبهَا عَلَى الْقَطْع ; كَمَا تَقُول : مَرَرْت بِزَيْدٍ الْعَاقِل الْفَاضِل.
فَهَذِهِ خَمْسَة أَوْجُه لِلنَّصْبِ أَيْضًا.
وَالشَّوَى : جَمْع شَوَاة وَهِيَ جِلْدَة الرَّأْس.
قَالَ الْأَعْشَى :
وَقَالَ آخَر :
الْقَتِير : الشَّيْب.
وَفِي الصِّحَاح :" وَالشَّوَى : جَمْع شَوَاة وَهِيَ جِلْدَة الرَّأْس ".
وَالشَّوَى : الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالرَّأْس مِنْ الْآدَمِيِّينَ، وَكُلّ مَا لَيْسَ مَقْتَلًا.
يُقَال : رَمَاهُ فَأَشْوَاهُ إِذَا لَمْ يُصِبْ الْمَقْتَلَ.
قَالَ الْهُذَلِيّ :
يَقُول : إِنَّ مِنْ الْقَوْل كَلِمَة لَا تَشْوِي وَلَكِنْ تَقْتُل.
قَالَ الْأَعْشَى :
قَالَ أَبُو عُبَيْد : أَنْشَدَهَا أَبُو الْخَطَّاب الْأَخْفَش أَبَا عَمْرو بْن الْعَلَاء فَقَالَ لَهُ :" صَحَّفْت ! إِنَّمَا هُوَ سَرَاتُهُ ; أَيْ نَوَاحِيه فَسَكَتَ أَبُو الْخَطَّاب ثُمَّ قَالَ لَنَا : بَلْ هُوَ صَحَّفَ، إِنَّمَا هُوَ شَوَاتُهُ ".
وَشَوَى الْفَرَس : قَوَائِمه ; لِأَنَّهُ يُقَال : عَبْل الشَّوَى، وَلَا يَكُون هَذَا لِلرَّأْسِ ; لِأَنَّهُمْ وَصَفُوا الْخَيْلَ بِإِسَالَةِ الْخَدَّيْنِ وَعِتْق الْوَجْه وَهُوَ رِقَّته.
وَالشَّوَى : رُذَال الْمَال.
وَالشَّوَى : هُوَ الشَّيْء الْهَيِّن الْيَسِير.
وَقَالَ ثَابِت الْبُنَانِيّ وَالْحَسَن :" نَزَّاعَة لِلشَّوَى " أَيْ لِمَكَارِمِ وَجْهه.
أَبُو الْعَالِيَة : لِمَحَاسِن وَجْهه.
قَتَادَة : لِمَكَارِمِ خِلْقَته وَأَطْرَافه.
قَرَأَ أَبُو جَعْفَر وَشَيْبَة وَنَافِع وَعَاصِم فِي رِوَايَة أَبِي بَكْر عَنْهُ وَالْأَعْمَش وَأَبُو عَمْرو وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ " نَزَّاعَة " بِالرَّفْعِ.
وَرَوَى أَبُو عَمْرو عَنْ عَاصِم " نَزَّاعَة " بِالنَّصْبِ.
فَمَنْ رَفَعَ فَلَهُ خَمْسَة أَوْجُه : أَحَدهَا أَنْ تُجْعَل " لَظَى " خَبَر " إِنَّ " وَتُرْفَع " نَزَّاعَة " بِإِضْمَارِ هِيَ ; فَمِنْ هَذَا الْوَجْه يَحْسُن الْوَقْف عَلَى " لَظَى ".
وَالْوَجْه الثَّانِي أَنْ تَكُونَ " لَظَى " وَ " نَزَّاعَة " خَبَرَانِ لِإِنَّ.
كَمَا تَقُول إِنَّهُ خُلُق مُخَاصِم.
وَالْوَجْه الثَّالِث أَنْ تَكُونَ " نَزَّاعَة " بَدَلًا مِنْ " لَظَى " و " لَظَى " خَبَر " إِنَّ ".
وَالْوَجْه الرَّابِع أَنْ تَكُونَ " لَظَى " بَدَلًا مِنْ اِسْم " إِنَّ " وَ " نَزَّاعَة " خَبَر " إِنَّ ".
وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقِصَّة وَالْخَبَر لَظَى نَزَّاعَة لِلشَّوَى وَمَنْ نَصَبَ " نَزَّاعَة " حَسُنَ لَهُ أَنْ يَقِفَ عَلَى " لَظَى " وَيَنْصِب " نَزَّاعَةً " عَلَى الْقَطْع مِنْ " لَظَى " إِذْ كَانَتْ نَكِرَة مُتَّصِلَة بِمَعْرِفَةٍ.
وَيَجُوز نَصْبهَا عَلَى الْحَال الْمُؤَكِّدَة ; كَمَا قَالَ :" وَهُوَ الْحَقّ مُصَدِّقًا " [ الْبَقَرَة : ٩١ ].
وَيَجُوز أَنْ تُنْصَب عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا تَتَلَظَّى نَزَّاعَة ; أَيْ فِي حَال نَزْعهَا لِلشَّوَى.
وَالْعَامِل فِيهَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَام مِنْ مَعْنَى التَّلَظِّي.
وَيَجُوز أَنْ يَكُونَ حَالًا ; عَلَى أَنَّهُ حَال لِلْمُكَذِّبِينَ بِخَبَرِهَا.
وَيَجُوز نَصْبهَا عَلَى الْقَطْع ; كَمَا تَقُول : مَرَرْت بِزَيْدٍ الْعَاقِل الْفَاضِل.
فَهَذِهِ خَمْسَة أَوْجُه لِلنَّصْبِ أَيْضًا.
وَالشَّوَى : جَمْع شَوَاة وَهِيَ جِلْدَة الرَّأْس.
قَالَ الْأَعْشَى :
قَالَتْ قُتَيْلَة مَا لَهُ | قَدْ جُلِّلَتْ شَيْبًا شَوَاتُهُ |
لَأَصْبَحْت هَدَّتْك الْحَوَادِث هَدَّة | لَهَا فَشَوَاة الرَّأْس بَادٍ قَتِيرهَا |
وَفِي الصِّحَاح :" وَالشَّوَى : جَمْع شَوَاة وَهِيَ جِلْدَة الرَّأْس ".
وَالشَّوَى : الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالرَّأْس مِنْ الْآدَمِيِّينَ، وَكُلّ مَا لَيْسَ مَقْتَلًا.
يُقَال : رَمَاهُ فَأَشْوَاهُ إِذَا لَمْ يُصِبْ الْمَقْتَلَ.
قَالَ الْهُذَلِيّ :
فَإِنَّ مِنْ الْقَوْل الَّتِي لَا شَوَى لَهَا | إِذَا زَلَّ عَنْ ظَهْر اللِّسَان اِنْفِلَاتهَا |
قَالَ الْأَعْشَى :
قَالَتْ قُتَيْلَة مَا لَهُ | قَدْ جُلِّلَتْ شَيْبًا شَوَاتُهُ |
وَشَوَى الْفَرَس : قَوَائِمه ; لِأَنَّهُ يُقَال : عَبْل الشَّوَى، وَلَا يَكُون هَذَا لِلرَّأْسِ ; لِأَنَّهُمْ وَصَفُوا الْخَيْلَ بِإِسَالَةِ الْخَدَّيْنِ وَعِتْق الْوَجْه وَهُوَ رِقَّته.
وَالشَّوَى : رُذَال الْمَال.
وَالشَّوَى : هُوَ الشَّيْء الْهَيِّن الْيَسِير.
وَقَالَ ثَابِت الْبُنَانِيّ وَالْحَسَن :" نَزَّاعَة لِلشَّوَى " أَيْ لِمَكَارِمِ وَجْهه.
أَبُو الْعَالِيَة : لِمَحَاسِن وَجْهه.
قَتَادَة : لِمَكَارِمِ خِلْقَته وَأَطْرَافه.
وَقَالَ الضَّحَّاك : تَفْرِي اللَّحْم وَالْجِلْد عَنْ الْعَظْم حَتَّى لَا تَتْرُك مِنْهُ شَيْئًا.
وَقَالَ الْكِسَائِيّ : هِيَ الْمَفَاصِل.
وَقَالَ بَعْض الْأَئِمَّة : هِيَ الْقَوَائِم وَالْجُلُود.
قَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس :
وَقَالَ أَبُو صَالِح : أَطْرَاف الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ.
قَالَ الشَّاعِر :
يَعْنِي أَطْرَافَهَا.
وَقَالَ الْحَسَن أَيْضًا : الشَّوَى الْهَام.
وَقَالَ الْكِسَائِيّ : هِيَ الْمَفَاصِل.
وَقَالَ بَعْض الْأَئِمَّة : هِيَ الْقَوَائِم وَالْجُلُود.
قَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس :
سَلِيم الشَّظَى عَبْل الشَّوَى شَنِج النَّسَا | لَهُ حَجَبَات مُشْرِفَات عَلَى الْفَالِ |
قَالَ الشَّاعِر :
إِذَا نَظَرْت عَرَفْت الْفَخْر مِنْهَا | وَعَيْنَيْهَا وَلَمْ تَعْرِف شَوَاهَا |
وَقَالَ الْحَسَن أَيْضًا : الشَّوَى الْهَام.
تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى
أَيْ تَدْعُو لَظَى مَنْ أَدْبَرَ فِي الدُّنْيَا عَنْ طَاعَة اللَّه وَتَوَلَّى عَنْ الْإِيمَان.
وَدُعَاؤُهَا أَنْ تَقُولَ : إِلَيَّ يَا مُشْرِك، إِلَيَّ يَا كَافِر.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : تَدْعُو الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ بِأَسْمَائِهِمْ بِلِسَانٍ فَصِيح : إِلَيَّ يَا كَافِر، إِلَيَّ يَا مُنَافِق ; ثُمَّ تَلْتَقِطهُمْ كَمَا يَلْتَقِط الطَّيْر الْحَبّ.
وَقَالَ ثَعْلَب :" تَدْعُو " أَيْ تُهْلِك.
تَقُول الْعَرَب : دَعَاك اللَّه ; أَيْ أَهْلَكَك اللَّه.
وَقَالَ الْخَلِيل : إِنَّهُ لَيْسَ كَالدُّعَاءِ " تَعَالَوْا " وَلَكِنْ دَعْوَتهَا إِيَّاهُمْ تُمَكِّنهَا مِنْ تَعْذِيبهمْ.
وَقِيلَ : الدَّاعِي خَزَنَة جَهَنَّم ; أُضِيفَ دُعَاؤُهُمْ إِلَيْهَا.
وَقِيلَ هُوَ ضَرْب مَثَل ; أَيْ إِنَّ مَصِيرَ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى إِلَيْهَا ; فَكَأَنَّهَا الدَّاعِيَة لَهُمْ.
وَمِثْله قَوْل الشَّاعِر :
الْعَضِيض الْأَبْكَم : الذُّبَاب.
وَهُوَ لَا يَدْعُو وَإِنَّمَا طَنِينه نَبَّهَ عَلَيْهِ فَدَعَا إِلَيْهِ.
قُلْت : الْقَوْل الْأَوَّل هُوَ الْحَقِيقَة ; حَسْب مَا تَقَدَّمَ بَيَانه بِآيِ الْقُرْآن وَالْأَخْبَار الصَّحِيحَة.
الْقُشَيْرِيّ : وَدُعَاء لَظَى بِخَلْقِ الْحَيَاة فِيهَا حِينَ تَدْعُو، وَخَوَارِق الْعَادَة غَدًا كَثِيرَة.
أَيْ تَدْعُو لَظَى مَنْ أَدْبَرَ فِي الدُّنْيَا عَنْ طَاعَة اللَّه وَتَوَلَّى عَنْ الْإِيمَان.
وَدُعَاؤُهَا أَنْ تَقُولَ : إِلَيَّ يَا مُشْرِك، إِلَيَّ يَا كَافِر.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : تَدْعُو الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ بِأَسْمَائِهِمْ بِلِسَانٍ فَصِيح : إِلَيَّ يَا كَافِر، إِلَيَّ يَا مُنَافِق ; ثُمَّ تَلْتَقِطهُمْ كَمَا يَلْتَقِط الطَّيْر الْحَبّ.
وَقَالَ ثَعْلَب :" تَدْعُو " أَيْ تُهْلِك.
تَقُول الْعَرَب : دَعَاك اللَّه ; أَيْ أَهْلَكَك اللَّه.
وَقَالَ الْخَلِيل : إِنَّهُ لَيْسَ كَالدُّعَاءِ " تَعَالَوْا " وَلَكِنْ دَعْوَتهَا إِيَّاهُمْ تُمَكِّنهَا مِنْ تَعْذِيبهمْ.
وَقِيلَ : الدَّاعِي خَزَنَة جَهَنَّم ; أُضِيفَ دُعَاؤُهُمْ إِلَيْهَا.
وَقِيلَ هُوَ ضَرْب مَثَل ; أَيْ إِنَّ مَصِيرَ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى إِلَيْهَا ; فَكَأَنَّهَا الدَّاعِيَة لَهُمْ.
وَمِثْله قَوْل الشَّاعِر :
وَلَقَدْ هَبَطْنَا الْوَادِيَيْنِ فَوَادِيًا | يَدْعُو الْأَنِيس بِهِ الْعَضِيض الْأَبْكَم |
وَهُوَ لَا يَدْعُو وَإِنَّمَا طَنِينه نَبَّهَ عَلَيْهِ فَدَعَا إِلَيْهِ.
قُلْت : الْقَوْل الْأَوَّل هُوَ الْحَقِيقَة ; حَسْب مَا تَقَدَّمَ بَيَانه بِآيِ الْقُرْآن وَالْأَخْبَار الصَّحِيحَة.
الْقُشَيْرِيّ : وَدُعَاء لَظَى بِخَلْقِ الْحَيَاة فِيهَا حِينَ تَدْعُو، وَخَوَارِق الْعَادَة غَدًا كَثِيرَة.
ﭷﭸ
ﰑ
وَجَمَعَ فَأَوْعَى
أَيْ جَمَعَ الْمَالَ فَجَعَلَهُ فِي وِعَائِهِ وَمَنَعَ مِنْهُ حَقَّ اللَّه تَعَالَى ; فَكَانَ جَمُوعًا مَنُوعًا.
قَالَ الْحَكَم : كَانَ عَبْد اللَّه بْن عُكَيْم لَا يَرْبِط كِيسَهُ وَيَقُول سَمِعْت اللَّهَ يَقُول :" وَجَمَعَ فَأَوْعَى ".
أَيْ جَمَعَ الْمَالَ فَجَعَلَهُ فِي وِعَائِهِ وَمَنَعَ مِنْهُ حَقَّ اللَّه تَعَالَى ; فَكَانَ جَمُوعًا مَنُوعًا.
قَالَ الْحَكَم : كَانَ عَبْد اللَّه بْن عُكَيْم لَا يَرْبِط كِيسَهُ وَيَقُول سَمِعْت اللَّهَ يَقُول :" وَجَمَعَ فَأَوْعَى ".
إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا
يَعْنِي الْكَافِر ; عَنْ الضَّحَّاك.
وَالْهَلَع فِي اللُّغَة : أَشَدّ الْحِرْص وَأَسْوَأ الْجَزَع وَأَفْحَشَهُ.
وَكَذَلِكَ قَالَ قَتَادَة وَمُجَاهِد وَغَيْرهمَا.
وَقَدْ هَلِع ( بِالْكَسْرِ ) يَهْلَع فَهُوَ هَلِيع وَهَلُوع ; عَلَى التَّكْثِير.
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصْبِر عَلَى خَيْر وَلَا شَرّ حَتَّى يَفْعَل فِيهِمَا مَا لَا يَنْبَغِي.
عِكْرِمَة : هُوَ الضَّجُور.
الضَّحَّاك : هُوَ الَّذِي لَا يَشْبَع.
وَالْمَنُوع : هُوَ الَّذِي إِذَا أَصَابَ الْمَال مَنَعَ مِنْهُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَالَ اِبْن كَيْسَان : خَلَقَ اللَّه الْإِنْسَان يُحِبّ مَا يَسُرّهُ وَيُرْضِيه، وَيَهْرُب مِمَّا يَكْرَههُ وَيُسْخِطهُ، ثُمَّ تَعَبَّدَهُ اللَّه بِإِنْفَاقِ مَا يُحِبّ وَالصَّبْر عَلَى مَا يَكْرَه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة : الْهَلُوع هُوَ الَّذِي إِذَا مَسَّهُ الْخَيْر لَمْ يَشْكُر، وَإِذَا مَسَّهُ الضُّرّ لَمْ يَصْبِر ; قَالَهُ ثَعْلَب.
وَقَالَ ثَعْلَب أَيْضًا : قَدْ فَسَّرَ اللَّه الْهَلُوع،
يَعْنِي الْكَافِر ; عَنْ الضَّحَّاك.
وَالْهَلَع فِي اللُّغَة : أَشَدّ الْحِرْص وَأَسْوَأ الْجَزَع وَأَفْحَشَهُ.
وَكَذَلِكَ قَالَ قَتَادَة وَمُجَاهِد وَغَيْرهمَا.
وَقَدْ هَلِع ( بِالْكَسْرِ ) يَهْلَع فَهُوَ هَلِيع وَهَلُوع ; عَلَى التَّكْثِير.
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصْبِر عَلَى خَيْر وَلَا شَرّ حَتَّى يَفْعَل فِيهِمَا مَا لَا يَنْبَغِي.
عِكْرِمَة : هُوَ الضَّجُور.
الضَّحَّاك : هُوَ الَّذِي لَا يَشْبَع.
وَالْمَنُوع : هُوَ الَّذِي إِذَا أَصَابَ الْمَال مَنَعَ مِنْهُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَالَ اِبْن كَيْسَان : خَلَقَ اللَّه الْإِنْسَان يُحِبّ مَا يَسُرّهُ وَيُرْضِيه، وَيَهْرُب مِمَّا يَكْرَههُ وَيُسْخِطهُ، ثُمَّ تَعَبَّدَهُ اللَّه بِإِنْفَاقِ مَا يُحِبّ وَالصَّبْر عَلَى مَا يَكْرَه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة : الْهَلُوع هُوَ الَّذِي إِذَا مَسَّهُ الْخَيْر لَمْ يَشْكُر، وَإِذَا مَسَّهُ الضُّرّ لَمْ يَصْبِر ; قَالَهُ ثَعْلَب.
وَقَالَ ثَعْلَب أَيْضًا : قَدْ فَسَّرَ اللَّه الْهَلُوع،
إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا
وَهُوَ الَّذِي إِذَا نَالَهُ الشَّرّ أَظْهَرَ شِدَّةَ الْجَزَع
وَهُوَ الَّذِي إِذَا نَالَهُ الشَّرّ أَظْهَرَ شِدَّةَ الْجَزَع
وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا
وَإِذَا نَالَهُ الْخَيْر بَخِلَ بِهِ وَمَنَعَهُ النَّاس.
وَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( شَرّ مَا أُعْطِيَ الْعَبْد شُحّ هَالِع وَجُبْن خَالِع ).
وَالْعَرَب تَقُول : نَاقَة هِلْوَاعَة وَهِلْوَاع ; إِذَا كَانَتْ سَرِيعَة السَّيْر خَفِيفَة.
قَالَ :
الذِّعْلِبُ وَالذِّعْلِبَةُ النَّاقَة السَّرِيعَة.
وَ " جَزُوعًا " و " مَنُوعًا " نَعْتَانِ لِهَلُوعٍ.
عَلَى أَنْ يَنْوِيَ بِهِمَا التَّقْدِيم قَبْل " إِذَا ".
وَقِيلَ : هُوَ خَبَر كَانَ مُضْمَرَة.
وَإِذَا نَالَهُ الْخَيْر بَخِلَ بِهِ وَمَنَعَهُ النَّاس.
وَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( شَرّ مَا أُعْطِيَ الْعَبْد شُحّ هَالِع وَجُبْن خَالِع ).
وَالْعَرَب تَقُول : نَاقَة هِلْوَاعَة وَهِلْوَاع ; إِذَا كَانَتْ سَرِيعَة السَّيْر خَفِيفَة.
قَالَ :
صَكَّاء ذِعْلِبَةٌ إِذَا اِسْتَدْبَرْتهَا | حَرَج إِذَا اِسْتَقْبَلْتهَا هِلْوَاع |
وَ " جَزُوعًا " و " مَنُوعًا " نَعْتَانِ لِهَلُوعٍ.
عَلَى أَنْ يَنْوِيَ بِهِمَا التَّقْدِيم قَبْل " إِذَا ".
وَقِيلَ : هُوَ خَبَر كَانَ مُضْمَرَة.
ﮊﮋ
ﰕ
إِلَّا الْمُصَلِّينَ
دَلَّ عَلَى أَنَّ مَا قَبْلَهُ فِي الْكُفَّار ; فَالْإِنْسَان اِسْم جِنْس بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاء الَّذِي يَعْقُبهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْر.
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا " [ الْعَصْر :
٢ - ٣ ].
قَالَ النَّخَعِيّ : الْمُرَاد بِالْمُصَلِّينَ الَّذِي يُؤَدُّونَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ.
اِبْن مَسْعُود : الَّذِينَ يُصَلُّونَهَا لِوَقْتِهَا، فَأَمَّا تَرْكهَا فَكُفْر.
وَقِيلَ : هُمْ الصَّحَابَة.
وَقِيلَ : هُمْ الْمُؤْمِنُونَ عَامَّة، فَإِنَّهُمْ يَغْلِبُونَ فَرْط الْجَزَع بِثِقَتِهِمْ بِرَبِّهِمْ وَيَقِينهمْ.
دَلَّ عَلَى أَنَّ مَا قَبْلَهُ فِي الْكُفَّار ; فَالْإِنْسَان اِسْم جِنْس بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاء الَّذِي يَعْقُبهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْر.
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا " [ الْعَصْر :
٢ - ٣ ].
قَالَ النَّخَعِيّ : الْمُرَاد بِالْمُصَلِّينَ الَّذِي يُؤَدُّونَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ.
اِبْن مَسْعُود : الَّذِينَ يُصَلُّونَهَا لِوَقْتِهَا، فَأَمَّا تَرْكهَا فَكُفْر.
وَقِيلَ : هُمْ الصَّحَابَة.
وَقِيلَ : هُمْ الْمُؤْمِنُونَ عَامَّة، فَإِنَّهُمْ يَغْلِبُونَ فَرْط الْجَزَع بِثِقَتِهِمْ بِرَبِّهِمْ وَيَقِينهمْ.
الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ
أَيْ عَلَى مَوَاقِيتهَا.
وَقَالَ عُقْبَة بْن عَامِر : هُمْ الَّذِينَ إِذَا صَلَّوْا لَمْ يَلْتَفِتُوا يَمِينًا وَلَا شِمَالًا.
وَالدَّائِم السَّاكِن، وَمِنْهُ : نُهِيَ عَنْ الْبَوْل فِي الْمَاء الدَّائِم، أَيْ السَّاكِن.
وَقَالَ اِبْن جُرَيْج وَالْحَسَن : هُمْ الَّذِينَ يُكْثِرُونَ فِعْل التَّطَوُّع مِنْهَا.
أَيْ عَلَى مَوَاقِيتهَا.
وَقَالَ عُقْبَة بْن عَامِر : هُمْ الَّذِينَ إِذَا صَلَّوْا لَمْ يَلْتَفِتُوا يَمِينًا وَلَا شِمَالًا.
وَالدَّائِم السَّاكِن، وَمِنْهُ : نُهِيَ عَنْ الْبَوْل فِي الْمَاء الدَّائِم، أَيْ السَّاكِن.
وَقَالَ اِبْن جُرَيْج وَالْحَسَن : هُمْ الَّذِينَ يُكْثِرُونَ فِعْل التَّطَوُّع مِنْهَا.
وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ
يُرِيد الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة، قَالَهُ قَتَادَة وَابْن سِيرِينَ.
وَقَالَ مُجَاهِد : سِوَى الزَّكَاة.
وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : صِلَة رَحِم وَحَمْل كَلّ.
وَالْأَوَّل أَصَحّ ; لِأَنَّهُ وَصَفَ الْحَقَّ بِأَنَّهُ مَعْلُوم، وَسِوَى الزَّكَاة لَيْسَ بِمَعْلُومٍ، إِنَّمَا هُوَ عَلَى قَدْر الْحَاجَة، وَذَلِكَ يَقِلّ وَيَكْثُر.
يُرِيد الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة، قَالَهُ قَتَادَة وَابْن سِيرِينَ.
وَقَالَ مُجَاهِد : سِوَى الزَّكَاة.
وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : صِلَة رَحِم وَحَمْل كَلّ.
وَالْأَوَّل أَصَحّ ; لِأَنَّهُ وَصَفَ الْحَقَّ بِأَنَّهُ مَعْلُوم، وَسِوَى الزَّكَاة لَيْسَ بِمَعْلُومٍ، إِنَّمَا هُوَ عَلَى قَدْر الْحَاجَة، وَذَلِكَ يَقِلّ وَيَكْثُر.
ﮙﮚ
ﰘ
لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
" لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم " السَّائِل الَّذِي يَسْأَل النَّاسَ لِفَاقَتِهِ ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَغَيْرهمَا.
" وَالْمَحْرُوم " الَّذِي حُرِمَ الْمَالَ.
وَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينه ; فَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَغَيْرهمَا : الْمَحْرُوم الْمُحَارَف الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْإِسْلَام سَهْم.
وَقَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا : الْمَحْرُوم الْمُحَارَف الَّذِي لَا يَتَيَسَّر لَهُ مَكْسَبه ; يُقَال : رَجُل مُحَارَف بِفَتْحِ الرَّاء أَيْ مَحْدُود مَحْرُوم، وَهُوَ خِلَاف قَوْلك مُبَارَك.
وَقَدْ حُورِفَ كَسْب فُلَان إِذَا شُدِّدَ عَلَيْهِ فِي مَعَاشه كَأَنَّهُ مِيل بِرِزْقِهِ عَنْهُ.
وَقَالَ قَتَادَة وَالزُّهْرِيّ : الْمَحْرُوم الْمُتَعَفِّف الَّذِي لَا يَسْأَل النَّاسَ شَيْئًا وَلَا يَعْلَم بِحَاجَتِهِ.
وَقَالَ الْحَسَن وَمُحَمَّد اِبْن الْحَنَفِيَّة : الْمَحْرُوم الَّذِي يَجِيء بَعْدَ الْغَنِيمَة وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا سَهْم.
رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فَأَصَابُوا وَغَنِمُوا فَجَاءَ قَوْم بَعْدَمَا فَرَغُوا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة " وَفِي أَمْوَالهمْ ".
وَقَالَ عِكْرِمَة : الْمَحْرُوم الَّذِي لَا يَبْقَى لَهُ مَال.
وَقَالَ زَيْد بْن أَسْلَمَ : هُوَ الَّذِي أُصِيب ثَمَره أَوْ زَرْعه أَوْ نَسْل مَاشِيَته.
وَقَالَ الْقُرَظِيّ : الْمَحْرُوم الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَائِحَة ثُمَّ قَرَأَ " إِنَّا لَمُغْرَمُونَ.
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ " نَظِيره فِي قِصَّة أَصْحَاب الْجَنَّة حَيْثُ قَالُوا :" بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ " [ الْقَلَم : ٢٧ ] وَقَالَ أَبُو قِلَابَة : كَانَ رَجُل مِنْ أَهْل الْيَمَامَة لَهُ مَال فَجَاءَ سَيْل فَذَهَبَ بِمَالِهِ، فَقَالَ رَجُل مِنْ أَصْحَابه : هَذَا الْمَحْرُوم فَأَقْسَمُوا لَهُ.
وَقِيلَ : إِنَّهُ الَّذِي يَطْلُب الدُّنْيَا وَتُدْبِر عَنْهُ.
وَهُوَ يُرْوَى عَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا.
وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن حُمَيْد : الْمَحْرُوم الْمَمْلُوك.
وَقِيلَ : إِنَّهُ الْكَلْب ; رُوِيَ أَنَّ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز كَانَ فِي طَرِيق مَكَّة، فَجَاءَ كَلْب فَانْتَزَعَ عُمَر رَحِمَهُ اللَّه كَتِف شَاة فَرَمَى بِهَا إِلَيْهِ وَقَالَ : يَقُولُونَ إِنَّهُ الْمَحْرُوم.
وَقِيلَ : إِنَّهُ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَته بِالْفَقْرِ مِنْ ذَوِي الْأَنْسَاب ; لِأَنَّهُ قَدْ حُرِمَ كَسْبَ نَفْسه حَتَّى وَجَبَتْ نَفَقَته فِي مَال غَيْره.
وَرَوَى اِبْن وَهْب عَنْ مَالِك أَنَّهُ الَّذِي يُحْرَم الرِّزْق، وَهَذَا قَوْل حَسَن ; لِأَنَّهُ يَعُمّ جَمِيعَ الْأَقْوَالِ.
وَقَالَ الشَّعْبِيّ : لِي الْيَوْم سَبْعُونَ سَنَة مُنْذُ اِحْتَلَمْت أَسْأَل عَنْ الْمَحْرُوم فَمَا أَنَا الْيَوْم بِأَعْلَمَ مِنِّي فِيهِ يَوْمئِذٍ.
رَوَاهُ شُعْبَة عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل عَنْ الشَّعْبِيّ.
وَأَصْله فِي اللُّغَة الْمَمْنُوع ; مِنْ الْحِرْمَان وَهُوَ الْمَنْع.
عَلْقَمَة :
" لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم " السَّائِل الَّذِي يَسْأَل النَّاسَ لِفَاقَتِهِ ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَغَيْرهمَا.
" وَالْمَحْرُوم " الَّذِي حُرِمَ الْمَالَ.
وَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينه ; فَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَغَيْرهمَا : الْمَحْرُوم الْمُحَارَف الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْإِسْلَام سَهْم.
وَقَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا : الْمَحْرُوم الْمُحَارَف الَّذِي لَا يَتَيَسَّر لَهُ مَكْسَبه ; يُقَال : رَجُل مُحَارَف بِفَتْحِ الرَّاء أَيْ مَحْدُود مَحْرُوم، وَهُوَ خِلَاف قَوْلك مُبَارَك.
وَقَدْ حُورِفَ كَسْب فُلَان إِذَا شُدِّدَ عَلَيْهِ فِي مَعَاشه كَأَنَّهُ مِيل بِرِزْقِهِ عَنْهُ.
وَقَالَ قَتَادَة وَالزُّهْرِيّ : الْمَحْرُوم الْمُتَعَفِّف الَّذِي لَا يَسْأَل النَّاسَ شَيْئًا وَلَا يَعْلَم بِحَاجَتِهِ.
وَقَالَ الْحَسَن وَمُحَمَّد اِبْن الْحَنَفِيَّة : الْمَحْرُوم الَّذِي يَجِيء بَعْدَ الْغَنِيمَة وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا سَهْم.
رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فَأَصَابُوا وَغَنِمُوا فَجَاءَ قَوْم بَعْدَمَا فَرَغُوا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة " وَفِي أَمْوَالهمْ ".
وَقَالَ عِكْرِمَة : الْمَحْرُوم الَّذِي لَا يَبْقَى لَهُ مَال.
وَقَالَ زَيْد بْن أَسْلَمَ : هُوَ الَّذِي أُصِيب ثَمَره أَوْ زَرْعه أَوْ نَسْل مَاشِيَته.
وَقَالَ الْقُرَظِيّ : الْمَحْرُوم الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَائِحَة ثُمَّ قَرَأَ " إِنَّا لَمُغْرَمُونَ.
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ " نَظِيره فِي قِصَّة أَصْحَاب الْجَنَّة حَيْثُ قَالُوا :" بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ " [ الْقَلَم : ٢٧ ] وَقَالَ أَبُو قِلَابَة : كَانَ رَجُل مِنْ أَهْل الْيَمَامَة لَهُ مَال فَجَاءَ سَيْل فَذَهَبَ بِمَالِهِ، فَقَالَ رَجُل مِنْ أَصْحَابه : هَذَا الْمَحْرُوم فَأَقْسَمُوا لَهُ.
وَقِيلَ : إِنَّهُ الَّذِي يَطْلُب الدُّنْيَا وَتُدْبِر عَنْهُ.
وَهُوَ يُرْوَى عَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا.
وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن حُمَيْد : الْمَحْرُوم الْمَمْلُوك.
وَقِيلَ : إِنَّهُ الْكَلْب ; رُوِيَ أَنَّ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز كَانَ فِي طَرِيق مَكَّة، فَجَاءَ كَلْب فَانْتَزَعَ عُمَر رَحِمَهُ اللَّه كَتِف شَاة فَرَمَى بِهَا إِلَيْهِ وَقَالَ : يَقُولُونَ إِنَّهُ الْمَحْرُوم.
وَقِيلَ : إِنَّهُ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَته بِالْفَقْرِ مِنْ ذَوِي الْأَنْسَاب ; لِأَنَّهُ قَدْ حُرِمَ كَسْبَ نَفْسه حَتَّى وَجَبَتْ نَفَقَته فِي مَال غَيْره.
وَرَوَى اِبْن وَهْب عَنْ مَالِك أَنَّهُ الَّذِي يُحْرَم الرِّزْق، وَهَذَا قَوْل حَسَن ; لِأَنَّهُ يَعُمّ جَمِيعَ الْأَقْوَالِ.
وَقَالَ الشَّعْبِيّ : لِي الْيَوْم سَبْعُونَ سَنَة مُنْذُ اِحْتَلَمْت أَسْأَل عَنْ الْمَحْرُوم فَمَا أَنَا الْيَوْم بِأَعْلَمَ مِنِّي فِيهِ يَوْمئِذٍ.
رَوَاهُ شُعْبَة عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل عَنْ الشَّعْبِيّ.
وَأَصْله فِي اللُّغَة الْمَمْنُوع ; مِنْ الْحِرْمَان وَهُوَ الْمَنْع.
عَلْقَمَة :