تفسير سورة المطفّفين

تفسير الخازن
تفسير سورة سورة المطففين من كتاب لباب التأويل في معاني التنزيل المعروف بـتفسير الخازن .
لمؤلفه الخازن . المتوفي سنة 741 هـ
مدنية في قول ومكية في قول : وقيل فيها ثمان آيات مكية وهي من قوله :﴿ إن الذين أجرموا ﴾ إلى آخرها، وقيل فيها آية مكية، وهي قوله تعالى :﴿ إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾ وقيل إنها نزلت بين مكة، والمدينة زمن الهجرة، وهي ست وثلاثون آية ومائة وتسع وستون كلمة وسبعمائة وثلاثون حرفا.

سورة المطففين
مدنية في قول ومكية في قول: وقيل فيها ثمان آيات مكية وهي من قوله: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا إلى آخرها، وقيل فيها آية مكية، وهي قوله تعالى: إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ وقيل إنها نزلت بين مكة، والمدينة زمن الهجرة، وهي ست وثلاثون آية ومائة وتسع وستون كلمة وسبعمائة وثلاثون حرفا.

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[سورة المطففين (٨٣): الآيات ١ الى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢)
قوله عز وجل: وَيْلٌ أي قبح وهي كلمة تذكر عند وقوع البلاء، يقال ويل له وويل عليه، وقيل ويل اسم واد في جهنم لِلْمُطَفِّفِينَ يعني الذين ينقصون المكيال والميزان لأنه لا يكاد المطفف يسرق في الكيل والوزن، إلا الشيء اليسير الطّفيف قال ابن عباس: لما قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة كانوا من أخبث النّاس كيلا.
فأنزل الله عز وجل: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ فأحسنوا الكيل، وقيل لما قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة، وبها رجل يقال له أبو جهينة، ومعه صاعان يكيل بأحدهما، ويكتال بالآخر، فأنزل الله هذه الآية وجعل الويل للمطففين ثم بين من هم. فقال تعالى: الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ يعني أنهم إذا اكتالوا من النّاس، ومن وعلى يتعاقبان، وقيل معناه إذا اكتالوا من النّاس، أي اشتروا شيئا استوفوا عليهم لأنفسهم الكيل والوزن.
[سورة المطففين (٨٣): الآيات ٣ الى ٧]
وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣) أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦) كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧)
وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يعني وإذا كالوا لهم أو وزنوا لهم للناس كما يقال نصحتك ونصحت لك.
يُخْسِرُونَ أي ينقصون الكيل والوزن وهذا الوعيد يلحق من يأخذ لنفسه زائدا ويدفع إلى غيره ناقصا، ويتناول الوعيد القليل والكثير لكن إذا لم يتب منه فإن تاب منه ورد الحقوق إلى أهلها قبلت توبته ومن فعل ذلك، وأصر عليه كان مصرا على كبيرة من الكبائر، وذلك لأن عامة الخلق محتاجون إلى المعاملات وهي مبنية على أمر الكيل والوزن والذرع، فلهذا السبب عظم الله أمر الكيل والوزن، قال نافع: كان ابن عمر يمر بالبائع فيقول له اتق الله أوف الكيل والوزن، فإن المطففين يوقفون يوم القيامة حتى يلجمهم العرق، وقال قتادة: أوف يا ابن آدم كما تحب أن يوفى لك، واعدل كما تحب أن يعدل لك، قال الفضيل: بخس الميزان سواد يوم القيامة. أَلا يَظُنُّ أي ألا يعلم ويستيقن أُولئِكَ أي الذين يفعلون هذا الفعل، وهم المطففون أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يعني يوم القيامة يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ يعني من قبورهم لِرَبِّ الْعالَمِينَ أي لأمره وجزائه وحسابه (ق) عن نافع «أن ابن عمر تلا أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ، قال يقوم أحدهم في
ثم بين من هم. فقال تعالى :﴿ الذين إذا اكتالوا على النّاس يستوفون ﴾ يعني أنهم إذا اكتالوا من النّاس، ومن وعلى يتعاقبان، وقيل معناه إذا اكتالوا من النّاس، أي اشتروا شيئاً استوفوا عليهم لأنفسهم الكيل والوزن.
وإذا كالوهم أو وزنوهم } يعني وإذا كالوا لهم أو وزنوا لهم للناس كما يقال نصحتك ونصحت لك. ﴿ يخسرون ﴾ أي ينقصون الكيل والوزن وهذا الوعيد يلحق من يأخذ لنفسه زائداً ويدفع إلى غيره ناقصاً، ويتناول الوعيد القليل والكثير لكن إذا لم يتب منه فإن تاب منه ورد الحقوق إلى أهلها قبلت توبته ومن فعل ذلك، وأصر عليه كان مصراً على كبيرة من الكبائر، وذلك لأن عامة الخلق محتاجون إلى المعاملات وهي مبنية على أمر الكيل والوزن والذرع، فلهذا السبب عظم الله أمر الكيل والوزن، قال نافع : كان ابن عمر يمر بالبائع فيقول له اتق الله أوف الكيل والوزن، فإن المطففين يوقفون يوم القيامة حتى يلجمهم العرق، وقال قتادة : أوف يا ابن آدم كما تحب أن يوفى لك، واعدل كما تحب أن يعدل لك، قال الفضيل : بخس الميزان سواد يوم القيامة.
﴿ ألا يظن ﴾ أي ألا يعلم ويستيقن ﴿ أولئك ﴾ أي الذين يفعلون هذا الفعل، وهم المطففون ﴿ أنهم مبعوثون ﴾.
﴿ ليوم عظيم ﴾ يعني يوم القيامة.
﴿ يوم يقوم النّاس ﴾ يعني من قبورهم ﴿ لرب العالمين ﴾ أي لأمره وجزائه وحسابه ( ق ) عن نافع " أن ابن عمر تلا ﴿ ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم النّاس لرب العالمين ﴾، قال يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه "، وروي مرفوعاً عن المقداد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " تدنو الشّمس من رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى تكون منهم كمقدار ميل " زاد التّرمذي أو ميلين " قال سليم بن عامر والله ما أدري ما يعني بالميل مسافة الأرض، أو الميل ما تكتحل به العين قال فيكون النّاس على قدر أعمالهم في العرق فمنهم من يكون إلى كعبيه ومنهم من يكون إلى ركبتيه ومنهم من يكون إلى حقويه ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً، وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه إلى فيه ".
قوله عز وجل :﴿ كلا ﴾ قيل إنه ردع وتنبيه أي ليس الأمر على ما هم عليه من بخس الكيل والميزان، فليرتدعوا عنه فعلى هذا تم الكلام هنا، وقيل كلا ابتداء يتصل بما بعده على معنى حقاً ﴿ إن كتاب الفجار ﴾ أي الذي كتبت فيه أعمالهم ﴿ لفي سجين ﴾ قال ابن عمر هي الأرض السابعة السفلى، وفيها أرواح الكفار وروى البغوي بإسناد الثعلبي عن البراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سجين أسفل سبع أرضين وعليون في السماء السابعة تحت العرش " وقال شمر بن عطية : جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار فقال : أخبرني عن قول الله عز وجل ﴿ إن كتاب الفجار لفي سجين ﴾ قال إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء، فتأبى السماء أن تقبلها ثم يهبط بها إلى الأرض، فتأبى أن تقبلها فتدخل تحت سبع أرضين حتى ينتهى بها إلى سجين، وهو موضع جند إبليس فيخرج لها من سجين رق، فليتم ويختم ويوضع تحت جند إبليس لمعرفتها الهلاك بحساب يوم القيامة، وقيل هي صخرة تحت الأرض السابعة السفلى خضراء خضرة السماء منها فتقلب، ويجعل كتاب الفجار تحتها، قال وهب : هي آخر سلطان إبليس وجاء في الحديث " الفلق جب في جهنم مغطى وسجين جب في جهنم مفتوح "، وقيل معناه لفي سجين لفي خسار وضلال، وقيل إنه مشتق من السجن، ومعناه لفي حبس وضيق شديد.
رشحه إلى أنصاف أذنيه»، وروي مرفوعا عن المقداد قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول «تدنو الشّمس من رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى تكون منهم كمقدار ميل» زاد التّرمذي أو ميلين «قال سليم بن عامر والله ما أدري ما يعني بالميل مسافة الأرض، أو الميل ما تكتحل به العين قال فيكون النّاس على قدر أعمالهم في العرق فمنهم من يكون إلى كعبيه ومنهم من يكون إلى ركبتيه ومنهم من يكون إلى حقويه ومنهم من يلجمه العرق إلجاما، وأشار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيديه إلى فيه» قوله عز وجل: كَلَّا قيل إنه ردع وتنبيه أي ليس الأمر على ما هم عليه من بخس الكيل والميزان، فليرتدعوا عنه فعلى هذا تم الكلام هنا، وقيل كلا ابتداء يتصل بما بعده على معنى حقا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ أي الذي كتبت فيه أعمالهم لَفِي سِجِّينٍ قال ابن عمر هي الأرض السابعة السفلى، وفيها أرواح الكفار وروى البغوي بإسناد الثعلبي عن البراء قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «سجين أسفل سبع أرضين وعليون في السماء السابعة تحت العرش» وقال شمر بن عطية: جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار فقال: أخبرني عن قول الله عز وجل إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ قال إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء، فتأبى السماء أن تقبلها ثم يهبط بها إلى الأرض، فتأبى أن تقبلها فتدخل تحت سبع أرضين حتى ينتهى بها إلى سجين، وهو موضع جند إبليس فيخرج لها من سجين رق، فليتم ويختم ويوضع تحت جند إبليس لمعرفتها الهلاك بحساب يوم القيامة، وقيل هي صخرة تحت الأرض السابعة السفلى خضراء خضرة السماء منها فتقلب، ويجعل كتاب الفجار تحتها، قال وهب: هي آخر سلطان إبليس وجاء في الحديث «الفلق جب في جهنم مغطى وسجين جب في جهنم مفتوح»، وقيل معناه لفي سجين لفي خسار وضلال، وقيل إنه مشتق من السجن، ومعناه لفي حبس وضيق شديد.
[سورة المطففين (٨٣): الآيات ٨ الى ١٤]
وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ (٨) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١) وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢)
إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)
وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ أي ليس ذلك مما كنت تعلمه أنت، ولا قومك، وقيل إنما قال ذلك تعظيما لأمر سجين كِتابٌ مَرْقُومٌ ليس هذا تفسيرا للسجن وإنما هو بيان للكتاب المذكور في قوله إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ والمعنى إن كتاب الفجار مرقوم أي مكتوب فيه أعمالهم مثبتة عليهم كالرقم في الثّوب لا ينسى ولا يمحى حتى يحاسبوا به، ويجازوا عليه، وقيل مرقوم رقم عليه بشر كأنه علم بعلامة يعرف بها أنه كافر، وقيل مرقوم أي مختوم وهو بلغة حمير وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ قيل إنه متصل بقوله يوم يقوم النّاس لرب العالمين ومعنى الآية ويل لمن كذب بهذا اليوم، وقيل معناه مرقوم بالشّقاوة، ثم قال ويل يومئذ للمكذبين أي في ذلك اليوم من ذلك الكتاب المرقوم عليهم بالشقاوة الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ أي بيوم القيامة لأنه يوم الجزاء وَما يُكَذِّبُ بِهِ أي بيوم القيامة إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أي متجاوز عن نهج الحق أَثِيمٍ هو مبالغة في الآثم وهو المرتكب الإثم والمعاصي إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي أكاذيب الأولين.
قوله عز وجل: كَلَّا أي لا يؤمن ثم استأنف فقال بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال «إن العبد إن أخطأ خطيئة نكت في قلبه نكتة فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي قال الله: بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ» أخرجه التّرمذي وقال: حديث حسن صحيح وأصل الرّان الغلبة ومعنى الآية أن الذّنوب والمعاصي غلبت على قلوبهم وأحاطت بها، وقيل هو الذنب على الذّنب حتى يميت القلب وقال ابن عباس: ران على قلوبهم طبع عليها، وقيل الرين أن يسود القلب من الذّنوب، والطّبع أن يطبع على القلب وهو أشد من الرّين والإقفال أشد من الطّبع وقيل الرّين التغطية، والمعنى أنه يغشى القلب شيء كالصدى فيغطيه فعند ذلك يموت القلب.
﴿ كتاب مرقوم ﴾ ليس هذا تفسيراً للسجن وإنما هو بيان للكتاب المذكور في قوله﴿ إن كتاب الفجار ﴾[ المطففين : ٧ ] والمعنى إن كتاب الفجار مرقوم أي مكتوب فيه أعمالهم مثبتة عليهم كالرقم في الثّوب لا ينسى ولا يمحى حتى يحاسبوا به، ويجازوا عليه، وقيل مرقوم رقم عليه بشر كأنه علم بعلامة يعرف بها أنه كافر، وقيل مرقوم أي مختوم وهو بلغة حمير.
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ﴾ قيل إنه متصل بقوله يوم يقوم النّاس لرب العالمين ومعنى الآية ويل لمن كذب بهذا اليوم، وقيل معناه مرقوم بالشّقاوة، ثم قال ويل يومئذ للمكذبين أي في ذلك اليوم من ذلك الكتاب المرقوم عليهم بالشقاوة.
﴿ الذين يكذبون بيوم الدين ﴾ أي بيوم القيامة لأنه يوم الجزاء.
﴿ وما يكذب به ﴾ أي بيوم القيامة ﴿ إلا كل معتد ﴾ أي متجاوز عن نهج الحق ﴿ أثيم ﴾ هو مبالغة في الآثم وهو المرتكب الإثم والمعاصي.
﴿ إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾ أي أكاذيب الأولين.
قوله عز وجل :﴿ كلا ﴾ أي لا يؤمن ثم استأنف فقال ﴿ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ﴾ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن العبد إن أخطأ خطيئة نكت في قلبه نكتة فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي قال الله :﴿ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ﴾ " أخرجه التّرمذي وقال : حديث حسن صحيح وأصل الرّان الغلبة ومعنى الآية أن الذّنوب والمعاصي غلبت على قلوبهم وأحاطت بها، وقيل هو الذنب على الذّنب حتى يميت القلب وقال ابن عباس : ران على قلوبهم طبع عليها، وقيل الرين أن يسود القلب من الذّنوب، والطّبع أن يطبع على القلب وهو أشد من الرّين والإقفال أشد من الطّبع وقيل الرّين التغطية، والمعنى أنه يغشى القلب شيء كالصدى فيغطيه فعند ذلك يموت القلب.

[سورة المطففين (٨٣): الآيات ١٥ الى ٢٠]

كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (١٧) كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ (١٩)
كِتابٌ مَرْقُومٌ (٢٠)
كَلَّا قال ابن عباس يريد لا يصدقون وقيل معناه ليس الأمر كما يقولون إن لهم في الآخرة خيرا ثم استأنف فقال تعالى: إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ قيل عن كرامته ورحمته ممنوعون، وقيل إن الله لا ينظر إليهم ولا يزكيهم وهذا التّفسير فيه ضعف أما حمله على منع الكرامة والرّحمة فهو عدول عن الظّاهر بغير دليل، وكذا الوجه الثاني فإن من حجب عن الله فإن الله لا ينظر إليه نظر رحمة، ولا يزكيه والذي ذهب إليه أكثر المفسرين أنهم محجوبون عن رؤية الله، وهذا هو الصّحيح واحتج بهذه الآية من أثبت الرّؤية للمؤمنين قالوا:
لولا ذلك لم يكن للتّخصيص فائدة، ووجه آخر وهو أنه تعالى ذكر الحجاب في معرض الوعيد والتّهديد للكفار، وما يكون وعيدا وتهديدا للكفار لا يجوز حصوله في حق المؤمنين، فوجب أن لا يحصل هذا الحجاب في حق المؤمنين قال الحسن: لو علم الزّاهدون والعابدون أنهم لا يرون ربهم في المعاد لزهقت أنفسهم في الدّنيا.
وقيل كما حجبهم في الدّنيا عن توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته وسئل مالك عن هذه الآية، فقال: لما حجب الله أعداءه فلم يروه تجلى لأوليائه حتى رأوه، وقال الشافعي في قوله كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ دلالة على أن أولياء الله يرون الله جلّ جلاله وعنه كما حجب قوما بالسّخط دل على أن قوما يرونه بالرضا، ثم أخبر أن الكفار مع كونهم محجوبون عن الله يدخلون النّار. فقال عز من قائل ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ أي لداخلو النّار ثُمَّ يُقالُ أي تقول لهم الخزنة هذَا أي هذا العذاب الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ يعني في الدنيا كَلَّا أي ليس الأمر كما يتوهمه الفجار من إنكار البعث، وقيل كلا أي لا يؤمنون بالعذاب الذي يصلونه، ثم بين محل كتاب الأبرار فقال تعالى: إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ جمع علي من العلو، وقيل هو موضوع على صفة الجمع لا واحد له من لفظه وتقدم من حديث البراء المرفوع إن عليين في السّماء السابعة تحت العرش وقال ابن عباس: هو لوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيه، وقيل هو قائمة العرش اليمنى وقال ابن عباس في رواية عنه في الجنة، وقيل هي سدرة المنتهى، وقيل معناه علو بعد علو وشرف بعد شرف، وقيل هي مراتب عالية محفوفة بالجلالة وقد عظّمها الله وأعلاها. وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ تنبيها له على عظم شأنه كِتابٌ مَرْقُومٌ ليس تفسير العليين، والمعنى أن كتاب الأبرار كتاب مرقوم في عليين فيه ما أعد لهم في الآخرة من الكرامة، وقيل مكتوب فيه أعمالهم وعليون محل الملائكة وضده سجين، وهو محل إبليس وجنوده.
[سورة المطففين (٨٣): الآيات ٢١ الى ٢٧]
يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥)
خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (٢٦) وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧)
يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ يعني الملائكة الذين هم في عليين يشهدون، أي يحضرون ذلك المكتوب ومن قال إنه كتاب الأعمال قال: يشهد ذلك الكتاب إذا صعد به إلى عليين المقربون من الملائكة لكرامة المؤمن.
قوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ يعني المطيعين لله لَفِي نَعِيمٍ يعني نعيم الجنة عَلَى الْأَرائِكِ جمع أريكة وهي الأسرة في الحجال يَنْظُرُونَ أي إلى ما أعد الله لهم من نعيم الجنة، وقيل ينظرون إلى أعدائهم كيف يعذبون في النّار، وقيل ينظرون إلى ربهم سبحانه وتعالى تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يعني أنك إذا رأيتهم تعرف أنهم من أهل النعمة لما ترى على وجوههم من النّور والحسن والبياض، قيل النضرة في الوجه والسرور في
فقال عز من قائل ﴿ ثم إنهم لصالوا الجحيم ﴾ أي لداخلو النّار.
﴿ ثم يقال ﴾ أي تقول لهم الخزنة ﴿ هذا ﴾ أي هذا العذاب ﴿ الذي كنتم به تكذبون ﴾ يعني في الدنيا.
﴿ كلا ﴾ أي ليس الأمر كما يتوهمه الفجار من إنكار البعث، وقيل كلا أي لا يؤمنون بالعذاب الذي يصلونه، ثم بين محل كتاب الأبرار فقال تعالى :﴿ إن كتاب الأبرار لفي عليين ﴾ جمع علي من العلو، وقيل هو موضوع على صفة الجمع لا واحد له من لفظه وتقدم من حديث البراء المرفوع إن عليين في السّماء السابعة تحت العرش وقال ابن عباس : هو لوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيه، وقيل هو قائمة العرش اليمنى وقال ابن عباس في رواية عنه هي الجنة، وقيل هي سدرة المنتهى، وقيل معناه علو بعد علو وشرف بعد شرف، وقيل هي مراتب عالية محفوفة بالجلالة وقد عظّمها الله وأعلاها.
﴿ وما أدراك ما عليون ﴾ تنبيهاً له على عظم شأنه.
﴿ كتاب مرقوم ﴾ ليس تفسير العليين، والمعنى أن كتاب الأبرار كتاب مرقوم في عليين فيه ما أعد لهم في الآخرة من الكرامة، وقيل مكتوب فيه أعمالهم وعليون محل الملائكة وضده سجين، وهو محل إبليس وجنوده.
﴿ يشهده المقربون ﴾ يعني الملائكة الذين هم في عليين يشهدون، أي يحضرون ذلك المكتوب ومن قال إنه كتاب الأعمال قال : يشهد ذلك الكتاب إذا صعد به إلى عليين المقربون من الملائكة لكرامة المؤمن.
قوله تعالى :﴿ إن الأبرار ﴾ يعني المطيعين لله ﴿ لفي نعيم ﴾ يعني نعيم الجنة.
﴿ على الأرائك ﴾ جمع أريكة وهي الأسرة في الحجال ﴿ ينظرون ﴾ أي إلى ما أعد الله لهم من نعيم الجنة، وقيل ينظرون إلى أعدائهم كيف يعذبون في النّار، وقيل ينظرون إلى ربهم سبحانه وتعالى.
﴿ تعرف في وجوههم نضرة النعيم ﴾ يعني أنك إذا رأيتهم تعرف أنهم من أهل النعمة لما ترى على وجوههم من النّور والحسن والبياض، قيل النضرة في الوجه والسرور في القلب.
﴿ يسقون من رحيق ﴾ يعني الخمر الصّافية الطّيبة البيضاء ﴿ مختوم ﴾ يعني ختم على ذلك الشراب ومنع من أن تمسه الأيدي إلى أن يفك ختمه الأبرار.
فإن قلت قد قال في سورة محمد صلى الله عليه وسلم﴿ وأنهار من خمر ﴾ [ محمد : ١٥ ] والنهر لا يختم عليه فكيف طريق الجمع بين الآيتين، قلت يحتمل أن يكون المذكور في هذه الآية. في أوان مختوم عليها، وهي غير تلك الخمر التي في الأنهار، وإنما ختم عليها لشرفها ونفاستها.
﴿ ختامه مسك ﴾ أي طينته التي ختم عليه بها مسك بخلاف خمر الدّنيا فإن ختامها طين وقال ابن مسعود مختوم أي ممزوج ختامه أي آخر طعمه، وعاقبته مسك، وقيل يمزج لهم بالكافور ويختم لهم بالمسك ﴿ وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ﴾ أي فليرغب الرّاغبون بالمبادرة إلى طاعة الله عز وجل، ليحصل لهم هذا الشّراب المختوم بالمسك وقيل أصله من الشيء النّفيس الذي تحرص عليه نفوس الناس، ويريده كل أحد لنفسه وينفس به على غيره أي يضن ويبخل.
﴿ ومزاجه من تسنيم ﴾ أي شراب ينصب عليهم من غرفهم ومنازلهم وقيل يجري في الهواء مسنماً فيصب في أواني أهل الجنة على قدر ملئها فإذا امتلأت أمسك وأصل هذه الكلمة من العلو ومنه سنام البعير لأنه أعلاه، وقيل هو شراب اسمه تسنيم وهو من أشرف شراب أهل الجنة وقال ابن مسعود وابن عباس : هو خالص للمقربين يشربونه صرفاً ويمزج لسائر أهل الجنة، وسئل ابن عباس عن قوله من تسنيم فقال : هذا مما قال الله تعالى :﴿ فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين ﴾[ السجدة : ١٧ ].
القلب يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ يعني الخمر الصّافية الطّيبة البيضاء مَخْتُومٍ يعني ختم على ذلك الشراب ومنع من أن تمسه الأيدي إلى أن يفك ختمه الأبرار.
فإن قلت قد قال في سورة محمد صلّى الله عليه وسلّم وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ والنهر لا يختم عليه فكيف طريق الجمع بين الآيتين، قلت يحتمل أن يكون المذكور في هذه الآية. في أوان مختوم عليها، وهي غير تلك الخمر التي في الأنهار، وإنما ختم عليها لشرفها ونفاستها خِتامُهُ مِسْكٌ أي طينته التي ختم عليه بها مسك بخلاف خمر الدّنيا فإن ختامها طين وقال ابن مسعود مختوم أي ممزوج ختامه أي آخر طعمه، وعاقبته مسك، وقيل يمزج لهم بالكافور ويختم لهم بالمسك وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ أي فليرغب الرّاغبون بالمبادرة إلى طاعة الله عز وجل، ليحصل لهم هذا الشّراب المختوم بالمسك وقيل أصله من الشيء النّفيس الذي تحرص عليه نفوس الناس، ويريده كل أحد لنفسه وينفس به على غيره أي يضن ويبخل وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ أي شراب ينصب عليهم من غرفهم ومنازلهم وقيل يجري في الهواء مسنما فيصب في أواني أهل الجنة على قدر ملئها فإذا امتلأت أمسك وأصل هذه الكلمة من العلو ومنه سنام البعير لأنه أعلاه، وقيل هو شراب اسمه تسنيم وهو من أشرف شراب أهل الجنة وقال ابن مسعود وابن عباس: هو خالص للمقربين يشربونه صرفا ويمزج لسائر أهل الجنة، وسئل ابن عباس عن قوله من تسنيم فقال: هذا مما قال الله تعالى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ.
[سورة المطففين (٨٣): الآيات ٢٨ الى ٣٤]
عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ (٣٢)
وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ (٣٣) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤)
عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا أي منها وقيل يشربها الْمُقَرَّبُونَ أي صرفا وقوله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا أي أشركوا يعني كفار قريش أبا جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأصحابهم من مترفي أهل مكة كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا أي من عمار وخباب وصهيب وبلال وأصحابهم من فقراء المؤمنين يَضْحَكُونَ أي منهم ويستهزئون بهم وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ
يعني مر المؤمنون الفقراء بالكفار الأغنياء يَتَغامَزُونَ
يعني يتغامز الكفار والغمز الإشارة بالجفن والحاجب أي يشيرون إليها بالأعين استهزاء بهم وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ يعني الكفار انْقَلَبُوا فَكِهِينَ أي معجبين بما هم فيه، وقيل ينقلبون بذكرهم كأنهم يتفكهون بحديثهم وَإِذا رَأَوْهُمْ يعني رأوا أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ أي هم في ضلال يأتون محمدا ويرون أنهم على شيء. قال الله عز وجل: وَما أُرْسِلُوا يعني المشركين عَلَيْهِمْ يعني على المؤمنين حافِظِينَ أي لأعمالهم والمعنى أنهم لم يوكلوا بحفظ أعمالهم قوله عز وجل: فَالْيَوْمَ يعني في الآخرة الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ وسبب هذا الضحك أن الكفار لما كانوا في الدّنيا يضحكون من المؤمنين لما هم فيه من الشدة والبلاء فلما أفضوا إلى الآخرة انعكس ذلك الأمر فصار المؤمنون في السرور والنّعيم وصار الكفار في العذاب والبلاء، فضحك المؤمنون من الكافرين لما رأوا حالهم وقال أبو صالح: تفتح للكافرين أبواب النّار وهم فيها ويقال لهم اخرجوا فإذا انتهوا إليها أغلقت دونهم فيفعل ذلك بهم مرارا والمؤمنون ينظرون إليهم ويضحكون منهم وقال كعب بين الجنة والنّار كوى، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدوه في الدّنيا من الكفار اطلع عليه من تلك الكوى وهو يعذب فيضحك منه فذلك قوله تعالى: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ.
وقوله عز وجل :﴿ إن الذين أجرموا ﴾ أي أشركوا يعني كفار قريش أبا جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأصحابهم من مترفي أهل مكة ﴿ كانوا من الذين آمنوا ﴾ أي من عمار وخباب وصهيب وبلال وأصحابهم من فقراء المؤمنين ﴿ يضحكون ﴾ أي منهم ويستهزئون بهم.
﴿ وإذا مروا بهم ﴾ يعني مر المؤمنون الفقراء بالكفار الأغنياء ﴿ يتغامزون ﴾ يعني يتغامز الكفار والغمز الإشارة بالجفن والحاجب أي يشيرون إليها بالأعين استهزاء بهم.
﴿ وإذا انقلبوا إلى أهلهم ﴾ يعني الكفار ﴿ انقلبوا فكهين ﴾ أي معجبين بما هم فيه، وقيل ينقلبون بذكرهم كأنهم يتفكهون بحديثهم.
﴿ وإذا رأوهم ﴾ يعني رأوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ قالوا إن هؤلاء لضالون ﴾ أي هم في ضلال يأتون محمداً ويرون أنهم على شيء.
قال الله عز وجل :﴿ وما أرسلوا ﴾ يعني المشركين ﴿ عليهم ﴾ يعني على المؤمنين ﴿ حافظين ﴾ أي لأعمالهم والمعنى أنهم لم يوكلوا بحفظ أعمالهم.
قوله عز وجل :﴿ فاليوم ﴾ يعني في الآخرة ﴿ الذين آمنوا من الكفار يضحكون ﴾ وسبب هذا الضحك أن الكفار لما كانوا في الدّنيا يضحكون من المؤمنين لما هم فيه من الشدة والبلاء فلما أفضوا إلى الآخرة انعكس ذلك الأمر فصار المؤمنون في السرور والنّعيم وصار الكفار في العذاب والبلاء، فضحك المؤمنون من الكافرين لما رأوا حالهم وقال أبو صالح : تفتح للكافرين أبواب النّار وهم فيها ويقال لهم اخرجوا فإذا انتهوا إليها أغلقت دونهم فيفعل ذلك بهم مراراً والمؤمنون ينظرون إليهم ويضحكون منهم وقال كعب بين الجنة والنّار كوى، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدوه في الدّنيا من الكفار اطلع عليه من تلك الكوى وهو يعذب فيضحك منه فذلك قوله تعالى :﴿ فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون ﴾.

[سورة المطففين (٨٣): الآيات ٣٥ الى ٣٦]

عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)
عَلَى الْأَرائِكِ جمع أريكة وهو السرير ويتخذ في الحجلة وهي الكلة يزين بها البيت، وأرائك الجنة من الدر والياقوت يَنْظُرُونَ يعني إليهم وهم في النّار يعذبون قال الله تعالى هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ أي جوزي الكفار ما كانُوا يَفْعَلُونَ أي بالمؤمنين من الاستهزاء والضحك وهذا الاستفهام بمعنى التقرير، وثوب، وأثيب بمعنى، قال أوس:
سأجزيك أو يجزيك عني مثوّب وحسبك أن يثنى عليك وتحمدي
والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال الله تعالى ﴿ هل ثُوِّبَ الكفار ﴾ أي جوزي الكفار ﴿ ما كانوا يفعلون ﴾ أي بالمؤمنين من الاستهزاء والضحك وهذا الاستفهام بمعنى التقرير، وثوب، وأثيب بمعنى، قال أوس :
سأجزيك أو يجزيك عني مُثَوِّبٌ **** وحسبك أن يثنى عليك وتحمدي
والله سبحانه وتعالى أعلم.
Icon