تفسير سورة المطفّفين

حاشية الصاوي على تفسير الجلالين
تفسير سورة سورة المطففين من كتاب حاشية الصاوي على تفسير الجلالين .
لمؤلفه الصاوي . المتوفي سنة 1241 هـ

قوله: ﴿ وَيْلٌ ﴾ مبتدأ، سوغ الابتداء به كونه دعاء، و ﴿ لِّلْمُطَفِّفِينَ ﴾ خبره، وهذا على انه كلمة عذاب، وأما على أنه اسم للوادي فهو معرفة، ويجوز نصبه في غير هذا الموضع، ويختار فيما إذا كان مضافاً أو معرفاً. قوله: (كلمة عذاب) أي معلمة بشدة عذابهم في الآخرة، فهو دعاء عليهم بالهلاك، وقوله: (أو واد في جهنم) أي يهوي فيه الكفار أربعين خريفاً قبل أن يبلغ قعره، فهما قولان، ويمكن الجمع بأن الويل له اطلاقان. قوله: ﴿ لِّلْمُطَفِّفِينَ ﴾ جمع مطفف، وهو الذي يأخذ في كيل أو وزن شيئاً قليلاً، ومنه قولهم دون الطفيف، أي الشيء التافه لقلته، وهذا الوعيد يلحق كل من يأخذ لنفسه زائداً، ويدفع إلى غيره ناقصاً قليلاً أو كثيراً، لكن إن لم يتب منه، فإن تاب قبلت توبته، ومن فعل ذلك وأصر عليه، كان مصراً على كبيرة من الكبائر، وذلك لأن عامة الخلق محتاجون إلى المعاملات، وهي مبنية على أمر الكيل والوزن والذرع، فلهذا السبب، عظم الله أمر الكيل والوزن، قال نافع: كان ابن عمر يمر بالبائع فيقول: اتق الله وأوف الكيل والوزن، فإ المطففين يوقفون يوم القيامة حتى يلجمهم العرق، فيكون عرقهم على قدر تفاوتهم في التطفيف، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً، وفي الحديث الصحيح:" خمس بخمس، ما نقض العهد قوم إلا سلط الله عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، وما ظهرت فيهم الفاحشة إي الزنا إلا فشا فيهم الموت، ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين من القحط، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر ". قوله: ﴿ عَلَى ٱلنَّاسِ ﴾ متعلق باكتالوا، و ﴿ عَلَى ﴾ بمعنى (من) كما قال المفسر، ويصح أن يكون متعلق بيستوفون، قدم لإفادة الاختصاص، والمعنى: يستوفون على الناس خاصة، وأما لأنفسهم فيستوفون لها. قوله: ﴿ يَسْتَوْفُونَ ﴾ أي يزيدون على حقهم، وليس المراد يستوفون حقهم فقط، إذ ليس في ذلك نهي، قوله: (أي كالوا لهم) أشار بذلك إلى أن ضمير ﴿ هُمْ ﴾ في محل نصب مفعول لكالوا، تعدى إليه الفعل بنفسه بعد حذف اللام، وليس ضمير رفع مؤكداً للواو. قوله: ﴿ أَوْ وَّزَنُوهُمْ ﴾ حذفه مما تقدم لدلالة هذا عليه. قوله: ﴿ يُخْسِرُونَ ﴾ جواب ﴿ إِذَا ﴾.
قوله: (استفهام توبيخ) أي فلا نافية، دخل عليها همزة الاستفهام، فألا هنا ليست استفتاحية، بل هي همزة الاستفهام، دخلت على لا النافية، فأفادت التوبيخ والإنكار. قوله: ﴿ أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ ﴾ إلخ، أشار المفسر إلى أن الظن بمعنى اليقين، أي لا يوقن أولئك، إذ لو أيقنوا ما نقصوا في الكيل الوزن، وقيل: الظن بمعنى التردد، والمعنى: إن كانوا لا يستيقنون بالبعث، فهلا ظنوه حتى يتدبروا ويأخذو بالأحواط، وأولئك اشارة للمطففين، أتى بها نظراً إلى بعدهم عن مرتبة الأبرار، وعدهم من الأشرار. قوله: (فناصبه مبعوثون) أي مقدراً، لأن البدل على نية تكرار العامل. قوله: (حقاً) أي فكلا كلام مستأنف، فالوقف على ما قبلها، وقيل: إنها كلمة ردع وزجر، والعنى: ليس الأمر على ما هم عليه من بخس الكيل والميزان، فعلى هذا يكون الوقف عليها.
قوله: ﴿ ٱلْفُجَّارِ ﴾ أظهر في مقام الإضمار، تسجيلاً عليهم بهذا الوصف الشنيع. قوله: (أي كتب أعمال الكفار) أشار بذلك إلى أن ﴿ كِتَابَ ﴾ بمعنى كتب، والكلام على حذف مضاف، وبذلك اندفع ما يلزم من ظرفية الشيء في نفسه. قوله: ﴿ لَفِي سِجِّينٍ ﴾ اختلف في نونه فقيل: اصلية مشتق من السجن وهو الحبس، وقيل: بدل من اللام مشتق من السجل وهو الكتاب. قوله: (قيل هو كتاب جامع) أي دون الله فيه أعمال الشيطان والكفرة من الثقلين، موضع تحت الأرض السابعة، في مكان مظلم موحش، وهو مسكن إبليس وذريته، يذهبون إليه ليستوفوا جزاء أعمالهم. قوله: (وقيل هو مكان) إلخ، أي فهو اسم موضع، وعليه فقوله الآتي ﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ ﴾ على حذف مضاف والتقدير (ما كتاب سجين) كما ذكره المفسر، والإضافة على معنى في، وقد يجمع بأن ﴿ سِجِّينٌ ﴾ اسم الكتاب الموضع معاً. قوله: (وهو محل إبليس) الخ، أي وفيه أرواح الكفار. قوله: ﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ ﴾ ﴿ مَا ﴾ اسم استفهام مبتدأ، و ﴿ أَدْرَاكَ ﴾ خبره، و ﴿ مَا سِجِّينٌ ﴾ مبتدأ وخبر، والجملة سادَّة مسد المفعول الثاني، والاستفهام الأول للإنكار، والثاني للتفخيم والتعظيم. قوله: ﴿ مَّرْقُومٌ ﴾ بيان للكتاب المذكور في قوله: ﴿ إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ ﴾ والمعنى: أن هذا الكتاب مكتوب فيه أعمالهم مثبتة، كالرقم في الثوب، لا ينسى ولا يمحى، وقيل: الرقم الختم بلغة حمير، وعليه مشى المفسر، والمعنى: أن هذا الكتاب مرقوم بعلامة يعرف أنه كافر. قوله: (أو بيان) أي أو نعت. قوله: (ردع وزجر) أي للمتعدي الأثيم عن ذلك القول الباطل، فهي حرف، وقال الحسن: إن ﴿ كَلاَّ ﴾ بمعنى حقاً.
قوله: ﴿ بَلْ رَانَ ﴾ أي احاط وغطى كتغطية الغيم للسماء، ورد:" أن المؤمن إذا أذنب ذنباً، نكتت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه منها، وإذا زاد زادت حتى تعلو قلبه، فذلكم الران الذي ذكره الله تعالى في كتبه المبين "وقال أبو معاذ: الرين أن يسود القلب من الذنوب، والطبع أن يطبع على القلب، وهو اشد من الرين، والإقفال اشد من الطبع، وهو أن يقفل على القلب، قال تعالى﴿ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ ﴾[محمد: ٢٤].
قوله: (حقاً) وقيل: حرف ردع وزجر، أي ليس الأمر كما يقولون، بل ﴿ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ ﴾ الخ، قوله: (فلا يرونه) هذا هو الصحيح، وقيل: يرونه ثم يحجبون حسرة وندامة. قوله: ﴿ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُواْ ٱلْجَحِيمِ ﴾ ثم للتراخي في الرتبة، فإن صلى الجحيم أشد من الإهانة والحرمان من الرحمة والكرامة. قوله: ﴿ ثُمَّ يُقَالُ ﴾ (لهم) أي من طرف الخزنة على سبيل التقريع والتوبيخ. قوله: ﴿ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ أي في الدنيا.
قوله: ﴿ كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلأَبْرَارِ ﴾ بيان لمحل كتاب الأبرار، وما أعد لهم من النعيم الدائم، إثر بيان محل كتاب الفجار، وما أعد لهم من العذاب الدائم. قوله: (حقاً) وقيل: حرف ردع وزجر، فتحصل أن في كل واحدة من الأربعة الواقعة في هذه السورة قولين. قوله: ﴿ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴾ اسم مفرد على صيغة الجمع لا واحد له، من لفظه سمي بذلك، إما لأنه سبب العلو إلى أعلى درجات في الجنة، وإما لأنه مرفوع في السماء السابعة، لما ورد مرفوعاً" عليين في السماء السابعة تحت العرش ". قوله: (قيل هو كتاب) الخ، أي فهو علم على ديوان الخير الذي دون فيه كل عمل صالح للثقلين، ورد:" أن الملائكة لتصعد بعمل العبد فيستقبلونه، فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله من سلطانه، أوحى إ ليهم: أنتم حفظة على عبدي، وأنا الرقيب على ما في قلبه، وإنه أخلص عمله، فاجعلوه في عليين وقد غفرت له، وإنها لتصعد بعمل العبد فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله، أوحى إليهم: أنتم الحفظة على عبدي، وأنا الرقيب على قلبه، وإنه لم يخلص لي عمله، فاجعلوه في سجين "قال ابن عباس: هو لوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش، أعمالهم مكتوبة فيه، وقال كعب وقتادة: هو قائمة العرش اليمنى، وقال بعض أهل المعنى: هو علو بعد علو، وشرف بعد شرف. قوله: (من الملائكة) ظاهره أن الملائكة تكتب أعمالهم ويثابون عليها، وانظر في ذلك. قوله: (وقيل هو مكان) الخ، قد يجمع بأن ﴿ عِلِّيِّينَ ﴾ اسم لكل من الكتاب والمكان. قوله: (ما كتاب عليين) هذا التقدير إنما يحتاج له على القول الثاني في تفسير ﴿ عِلِّيِّينَ ﴾ لا على الأول قوله: (مختوم) وقيل: الرقم الكتاب، والمعنى مكتوب فيه: إن فلاناً آمن من النار. قوله: ﴿ يَشْهَدُهُ ٱلْمُقَرَّبُونَ ﴾ أي يحضرونه ويحفظونه ويشهدون بما فيه. قوله: ﴿ إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾ شروع في بيان عاقبة أمرهم، إثر بيان حال كتابهم، على سنن ما مر في شأن الكفار. قوله: (السرر في الحجال) جمع حجلة بفتحتين، بيت مربع من الثياب الفاخرة يرخى على السرير، يسمى في العرف الناموسية. قوله: ﴿ يَنظُرُونَ ﴾ الجملة حالية من الضمير في خبر ﴿ إِنَّ ﴾ أو مستأنفة، وقوله: ﴿ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ ﴾ متعلق بينظرون. قوله: ﴿ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ ﴾ الخ، أي إنك إذا رأيتهم، تعرف أنهم أهل النعمة، لما ترى في وجوههم من الحسن والبياض، وفي قلوبهم من السرور والفرح، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل من تصح منه المعرفة، وهذه قراءة العامة، وقرأء أبو جعفر بالتاء مبنياً للمفعول و ﴿ نَضْرَةَ ﴾ بالرفع نائب فاعل، وقرئ بالياء مبنياً للمفعول أيضاً مع رفع ﴿ نَضْرَةَ ﴾ نظراً إلى التأنيث مجازي. قوله: (بهجة التنعم) الخ، أي لعدم ما يكدره من الأمراض والعلل وخوف الزوال وغير ذلك. قوله: (خالصة من الدنس) أي الكدر، قال تعالى:﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾[الصافات: ٤٧].
قوله: ﴿ مَّخْتُومٍ ﴾ (على إنائها) أي لشرفها ونفاستها، إن قلت: في سورة محمد صلى الله عليه وسلم﴿ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ ﴾[محمد: ١٥] والنهر لا ختم فيه، فكيف طريق الجمع بين الآيتين؟ أجيب: بأن هذه الأواني غير خمر الأنهار. قوله: ﴿ خِتَامُهُ مِسْكٌ ﴾ صفة ثانية لرحيق، وفي قراءة سبعية أيضاً خاتمه بتاء مفتوحة بعد الألف بيان الجنس الخاتم، وقرئ شذوذاً بكسر التاء، والمعنى خاتم رائحته مسك. قوله: (يفوح منه رائحة المسك) أي إن رائحة المسك تظهر في آخر الشراب، فوجه التخصيص أن في العادة يمل آخر الشراب في الدنيا، فأفاد أن آخر الشراب، يفوح منه رائحة المسك، فلا يمل منه. قوله: ﴿ وَفِي ذَلِكَ ﴾ اشارة للرحيق وما بعده، أو إلى ما ذكر من أحوال الأبرار. قوله: ﴿ ٱلْمُتَنَافِسُونَ ﴾ أي الذين شأنهم المنافسة، بكثرة الأعمال الصالحة والنيات الخالصة، لعلو همتهم وطهارة نفوسهم، قال تعالى:﴿ لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَامِلُونَ ﴾[الصافات: ٦١].
قوله: ﴿ مِن تَسْنِيمٍ ﴾ اسم للعين، سميت بذلك لما روي أنها تجري في الهواء مسنمة، فتصب في أواني أهل الجنة على مقدرا الحاجة، فإذا امتلأت امسكت، فالمقربون يشربونها صرفاً، وتمزج لسائر أهل الجنة. قوله: (أو ضمن) أشار بذلك إلى أن التضمين إما في الحرف أو في الفعل.
قوله: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ ﴾ إلخ، لما ذكر الله تعالى كرامة الأبرار في الآخرة، ذكر بعد قبح معاملة الكفار معهم في الدنيا، تسلية للمؤمنين وتقوية لقلوبهم. قوله: (كأبي جهل ونحوه) أي وهو الوليد بن المغيرة، والعاصي بن وائل وأصحابهم من أهل مكة. قوله: (ونحوهما) أي كخباب وصهيب وأصحابهم من فقراء المؤمنين. قوله: (رجعوا) أي من مجالسهم. قوله: ﴿ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ ﴾ أي متلذذين برفعتهم ومكانتهم الموصلة إلى الاستسخار بغيرهم، ففي الحديث:" إن الدين بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، يكن القابض على دينه كالقابض على الجمر ". وفي رواية:" يكون المؤمن فيهم أذل من الأمة ". وفي أخرى:" العالم فيهم أنتن من جيفة حمار "والله المستعان. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: (معجبين) راجع للقراءتين، أي متلذذين بذكرهم المؤمنين وبالضحك. قوله: ﴿ وَإِذَا رَأَوْهُمْ ﴾ الضمير المرفوع عائد على المجرمين، أو المنصوب عائد على المؤمنين، أي إذا رأى المجرمون المؤمنين نسبوهم إلى الضلال. قوله: (لإيمانهم بمحمد) الخ، أي فهم يرون أنهم على هدى، والمؤمنون على ضلال، حيث تركوا النعيم الحاضر، بسبب شيء غائب لا يرونه. قوله: ﴿ وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ ﴾ حال من الواو في ﴿ قَالُوۤاْ ﴾ أي قالوا ذلك والحال أنهم ما أرسلوا من جهة الله موكلين بهم يحفظون عليهم أحوالهم وأعمالهم. قوله: (حتى يردوهم إلى مصالحهم أي بل أمروا بإصلاح أنفسهم لا بإصلاح المؤمنين.
قوله: ﴿ فَٱلْيَوْمَ ﴾ منصوب بـ ﴿ يَضْحَكُونَ ﴾ الواقع خبراً عن المبتدأ، ولا يضر تقدمه على المبتدأ لأمن اللبس، وذلك أن الظرف المبهم لا يصح وقوعه خبراً عن المبتدأ، بخلاف: في الدار زيد قام، فلا يجوز تقديم الجار والمجرور على المبتدأ؛ لصلاحتيه للخبرية. قوله: ﴿ يَنظُرُونَ ﴾ حال من ضمير ﴿ يَضْحَكُونَ ﴾.
قوله: (من منازلهم) قال كعب: لأهل الجنة كوى، ينظرون منها إلى أهل النار، وقيل: حصن شفاف بينهم يرون منه حالهم، وفي سبب هذا الضحك وجوه منها: أن الكفار كانوا في ترفه ونعيم، فيضحكون من المؤمنين بسبب ما هم فيه من البؤس والضر، وفي الآخرة ينعكس الحال؛ فيكون المؤمنون في النعيم، والكفار في الجحيم. ومنها: أنه يقال لأهل النار وهم فيها اخرجوا، وتنفتح أبوابها لهم، فإذا رأوها وقد فتحت أبوابها، أقبلوا عليها يريدون الخروج، والمؤمنون ينظرون إليهم، فإذا انتهوا إلى أبوابها، أغلقت دونهم، يفعل ذلك بهم مراراً. ومنها: أنهم إذا دخلوا الجنة وأجلسوا على الأرائك، ينظرون إلى الكفار كيف يعذبون في النار، يرفعون أصواتهم بالويل والثبور، ويلعن بعضهم بعضاً، فهذا سبب ضحكهم. قوله: ﴿ هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ ﴾ الخ، يحتمل أنه مقول قول محذوف، والتقدير: يقول الله لأهل الجنة، أو يقول بعض المؤمنين لبعض: ﴿ هَلْ ثُوِّبَ ﴾ الخ، ويحتمل أنه متعلق بينظرون، والمعنى: ينظرون هل جوزي الكفار؟ فمحلها نصب، إما بالقول المحذوف، أو ينظرون، وقوله: (جوزي) أشارة إلى أن التثويب بمعنى الجزاء، وهو يكون في الخير والشر، والمراد هنا الثاني، وقوله: (نعم) جواب الاستفهام على كل.
Icon