آيها ثلاث وثمانون
هي مكية إلا قوله :( وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين( ( الأنعام : ٤ ) فمدنية.
ووجه اتصالها بما قبلها :
( ١ ) إنه لما جاء في السورة السالفة قوله :( وجاءكم النذير( ( فاطر : ٣٧ ) وقوله :( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير( ( فاطر : ٤٢ ) وقد أعرضوا عنه وكذبوه- افتتح هذه السورة بالقسم بصحة رسالته وأنه على صراط مستقيم لينذر قوما ما أنذر آباؤهم.
( ٢ ) إنه قال فيما قبلها :( وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى( ( الرعد : ٢ ) وقال في هذه :( والشمس تجري لمستقر لها( ( يس : ٣٨ ) وقال :( والقمر قدرناه منازل( ( يس : ٣٩ ).
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
( يس١ والقرآن الحكيم٢ إنك لمن المرسلين ٣ على صراط مستقيم ٤ تنزيل العزيز الرحيم ٥ لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون٦ لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون٧ إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون ٨ وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون٩ وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ١٠ إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم ١١ إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين( ( يس : ١-١٢ ).تفسير المفردات :
( يس( : تقدم الكلام في نظائره من الحروف المقطعة في أوائل السور، وأن الرأي الرجيح فيها أنها حروف تنبيه نحو ألا ويا، وينطق بأسمائها فيقال ( ياسين ).
روي عن ابن عباس أنه قال يس : أي يا إنسان بلغة طيئ.
الإيضاح :
( يس *والقرآن الحكيم* إنك لمن المرسلين *على صراط مستقيم( أي أقسم بالقرآن المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. إنك أيها الرسول لمن المرسلين الذين هم على دين قويم، وشرع مستقيم.
بسم الله الرحمن الرحيم
( يس١ والقرآن الحكيم٢ إنك لمن المرسلين ٣ على صراط مستقيم ٤ تنزيل العزيز الرحيم ٥ لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون٦ لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون٧ إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون ٨ وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون٩ وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ١٠ إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم ١١ إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين( ( يس : ١-١٢ ).تفسير المفردات :
( يس( : تقدم الكلام في نظائره من الحروف المقطعة في أوائل السور، وأن الرأي الرجيح فيها أنها حروف تنبيه نحو ألا ويا، وينطق بأسمائها فيقال ( ياسين ).
روي عن ابن عباس أنه قال يس : أي يا إنسان بلغة طيئ.
الإيضاح :
( يس *والقرآن الحكيم* إنك لمن المرسلين *على صراط مستقيم( أي أقسم بالقرآن المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. إنك أيها الرسول لمن المرسلين الذين هم على دين قويم، وشرع مستقيم.
تفسير المفردات :
والحكيم : أي ذي الحكمة.
بسم الله الرحمن الرحيم
( يس١ والقرآن الحكيم٢ إنك لمن المرسلين ٣ على صراط مستقيم ٤ تنزيل العزيز الرحيم ٥ لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون٦ لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون٧ إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون ٨ وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون٩ وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ١٠ إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم ١١ إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين( ( يس : ١-١٢ ).تفسير المفردات :
( يس( : تقدم الكلام في نظائره من الحروف المقطعة في أوائل السور، وأن الرأي الرجيح فيها أنها حروف تنبيه نحو ألا ويا، وينطق بأسمائها فيقال ( ياسين ).
روي عن ابن عباس أنه قال يس : أي يا إنسان بلغة طيئ.
الإيضاح :
( يس *والقرآن الحكيم* إنك لمن المرسلين *على صراط مستقيم( أي أقسم بالقرآن المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. إنك أيها الرسول لمن المرسلين الذين هم على دين قويم، وشرع مستقيم.
تفسير المفردات :
على صراط مستقيم : أي طريق قويم، من عقائد صحيحة، وشرائع حقة.
( تنزيل العزيز الرحيم( أي هذا الصراط المستقيم، والدين القويم، تنزيل من ذي العزة والرحمة بعباده.
ونحو الآية قوله :( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم٥٢ صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور( ( الشورى : ٥٢-٥٣ ).
( لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون( أي إنا أرسلناك لتنذر العرب الذين لم يأتهم نذير من قبلك، فهم في غفلة عن معرفة الشرائع التي فيها سعادة البشر، وإصلاح المجتمع.
وذكرهم وحدهم هنا، لأن الخطاب كان معهم، وهذا لا يمنع أنه مرسل إلى الناس كافة كما قال :( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا( ( الأعراف : ١٥٨ ).
حق : أي ثبت ووجب.
الإيضاح :
( لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون( أي لقد وجب العقاب على أكثرهم، لأنه سبحانه سجل عليهم في أم الكتاب أنهم لا يؤمنون به، ولا يصدقون برسوله، لما علم من خبث نفوسهم وسوء استعدادهم، فلا تعمر قلوبهم بالإيمان، ولا تخبت لله في أي زمان.
ثم ضرب لهم مثلا فقال :( إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون(.
الأغلال : واحدها غل، وهو ما تشد به اليد إلى العنق للتعذيب والتشديد، والمقمح : الذي يرفع رأسه ويغض بصره.
قال أبو عبيدة : يقال قمح البعير : إذا رفع رأسه عن الحوض ولم يشرب.
الإيضاح :
( إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون( أي إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي واصلة إلى الأذقان ملصقة بها، فهم من جراء ذلك مقمحون أي مرفوعو الرؤوس، إذ أن طوق الغل الذي في عنق المغلول يكون في ملتقى طرفيه تحت الذقن خلقة فيها رأس العمود خارجا من الحلقة إلى الذقن، فلا يمكنه من أن يطأطئ رأسه فلا يزال مقمحا.
والمراد منعناهم بموانع عن الإيمان تشبه ما ذكر، فهم غاضو أبصارهم، لا يلتفتون إلى الحق، ولا يعطفون أعناقهم نحوه، ولا يطأطئون رؤوسهم له.
ثم أكد ما سبق وزاده بيانا وتفصيلا فقال :( وجعلنا من بيد أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون(.
من بين أيديهم : أي من أمامهم، فأغشيناهم : أي فغطينا أبصارهم.
الإيضاح :
( وجعلنا من بيد أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون( أي إنه زين لهم سوء أعمالهم، وأعجبوا بأنفسهم، واستكبروا عن اتباع الرسول، وشمخوا بأنوفهم، ولم يخضعوا لما جاءهم به، وصدوا أبواب النظر عما ينفعهم، ولم يقبلوا شيئا سوى ما هم عليه، فما مثلهم إلا مثل من أحاط به سدان من الأمام والخلف فحجباه عن النظر فهو لا يبصر شيئا.
والخلاصة : إنهم محبوسون في سجن الجهالة، ممنوعون عن النظر في دلائل الأنفس ودلائل الكون، محرومون عن التأمل فيما حل بمن قبلهم من الأمم الخالية، والتفكر في العواقب المستقبلية.
ثم ذكر فذلكة لما تقدم فقال :( وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون(.
( وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون( أي وسواء على هؤلاء الذين حق عليهم القول، إنذارك إياهم وتركه، فإنه قد طبع الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون، إذ قد خبثت نفوسهم، وساء استعدادهم، وغشيت أبصارهم فلا تقدر على النظر في الدلائل المشاهدة، ولا تستطيع التأمل في جمال الكون.
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد | وينكر الفم طعم الماء من سقم |
( إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم(.
والذكر : القرآن، وخشي الرحمن : أي خشي عقابه، بالغيب : أي قبل حلوله ومعاينة أهواله.
الإيضاح :
( إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم( أي إنما ينفع إنذارك من آمن بالقرآن، واتبع ما فيه من الأحكام، وخشي عقاب الله قبل حلوله ومعاينة أهواله، فإنه سبحانه عظيم الرحمة، أليم العذاب كما قال :( نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم٤٩ وأن عذابي هو العذاب الأليم( ( الحجر : ٤٩-٥٠ ).
فبشر هذا الذي اتبع أحكام الدين، وخاف العقاب بمغفرة ما فرط منه من الزلات، وأجر كريم، ونعيم مقيم، لا يستطاع وصفه مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
ونحو الآية قوله :( إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير( ( الملك : ١٢ ).
ما قدموا : أي ما أسلفوا من الأعمال الصالحة والطالحة، وآثارهم : أي ما أبقوه بعدهم من الحسنات كعلم علموه، أو كتاب ألفوه، أو بناء في سبيل الله بنوه، أو من السيئات كغرس بذور الضلالات بين الناس، في إمام مبين : أي في أصل يؤتم به.
الإيضاح :
ثم ذكر ما يؤكد الخشية من الله وخوف عقابه بقوله :( إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم( أي إنا نحيي الموتى جميعا من قبورهم يوم القيامة، ونكتب ما أسلفوا من عمل، وتركوا من أثر حسن بعدهم، كعلم علموه، أو حبيس في سبيل الله وقفوه، أو مستشفى لنفع الأمة أنشؤوه، أو أثر سيء كغرس الأحقاد والأضغان، وترتيب مبادئ الشر والعدوان بين الأنام.
وروى ابن أبي حاتم عن جرير بن عبد الله البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئا، ومن سنن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شيئا "، ثم تلا :( وتكتب ما قدموا وآثارهم( والمراد من كتابة ذلك مجازاتهم عليه إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
ثم ذكر أن الضبط والإحصاء لا يخص أعمال بني آدم، بل يتناول جميع الأشياء فقال :
( وكل شيء أحصيناه في إمام مبين( أي وبينا كل شيء وحفظناه، في أصل عظيم يؤتم به، ويتبع ولا يخالف، وهو علمنا الأزلي القديم الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
ونحو الآية قوله :( علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى( ( طه : ٥٢ ) وقوله :( وكل شيء فعلوه في الزبر ٥٢ وكل صغير وكبير مستطر( ( القمر : ٥٢-٥٣ ).
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن هؤلاء المشركين قد ختم الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون أردف ذلك ذكر مثل لقوم حالهم كحالهم في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، والاستكبار على الرسل، وصم الآذان عن سماع الوعظ والإرشاد، وهم أهل قرية أنطاكية ببلاد الشام، فقد كان قصصهم مع رسل الله كقصص قومك معك، في العناد والاستكبار والعتو والطغيان.
تفسير المفردات :
ضرب المثل : يستعمل تارة في تشبيه حال غريبة بأخرى مثلها كما في قوله :( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح( ( التحريم : ١٠ )، ويستعمل أخرى في ذكر حال غريبة وبيانها للناس من غير قصد إلى تشبيهها بحال أخرى نحو قوله :( وضربنا لكم الأمثال( ( إبراهيم : ٤٥ ) أي وبينا لكم أحوالا غاية في الغرابة كالأمثال، والقرية : هي أنطاكية كما روي عن قتادة وعكرمة، والمرسلون : هم رسل عيسى من الحواريين.
الإيضاح :
( واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون( أي واجعل أصحاب قرية أنطاكية مثلا لهؤلاء القوم، إذ أصروا على تكذيب الرسل الذين أرسلوا إليهم كما أصر قومك على تكذيبك عنادا واستكبارا.
والمشهور لدى المفسرين ومنهم قتادة وغيره أن الرسل هم رسل عيسى عليه السلام من الحواريين بعثهم إلى أهل أنطاكية، وكان منهم ما قصه الله علينا في كتابه.
ويرى ابن عباس واختاره كثير من جلة العلماء أن الرسل هم رسل الله أرسلهم ردءا لعيسى عليه السلام مقررين لشريعته كهارون لموسى عليه السلام، ويؤيد ذلك :
( ١ ) قولهم ﴿ ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون* وما علينا إلا البلاغ المبين ﴾.
( ٢ ) إنهم لو كانوا رسل المسيح لما قالوا لهم :﴿ إن أنتم إلا بشر مثلنا ﴾( إبراهيم : ١٠ ).
( ٣ ) إن أهل أنطاكية آمنوا برسل المسيح إليهم، فقد كانوا أول أهل مدينة آمنت بالمسيح ومن ثم كانت إحدى المدن الأربع اللاتي فيهن بطارقة، وهن القدس وأنطاكية والإسكندرية ورومية، لأنها مدينة الملك قسطنطين الذي نصر دينهم ووطده، ولما ابتنى القسطنطينة نقلوا البطريق من رومية إليها.
ثم فصل ما تقدم وزاده بيانا فقال :( إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون(.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن هؤلاء المشركين قد ختم الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون أردف ذلك ذكر مثل لقوم حالهم كحالهم في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، والاستكبار على الرسل، وصم الآذان عن سماع الوعظ والإرشاد، وهم أهل قرية أنطاكية ببلاد الشام، فقد كان قصصهم مع رسل الله كقصص قومك معك، في العناد والاستكبار والعتو والطغيان.
تفسير المفردات :
فعززنا : أي فقوينا وشددنا.
الإيضاح :
( إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون( أي حين أرسلنا إليهم رسولين من عندنا فأسرعوا في تكذيبهما فقويناهما وشددنا أزرهما برسول ثالث فقالوا لأهل القرية : إنا إليكم مرسلون من ربكم الذي خلقكم، بأن تخلصوا له العبادة، وتتبرؤوا مما تعبدون من الآلهة والأصنام.
والمشهور أن الرسولين الأولين كانا يوحنا وبولس والرسول الثالث شمعون.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن هؤلاء المشركين قد ختم الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون أردف ذلك ذكر مثل لقوم حالهم كحالهم في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، والاستكبار على الرسل، وصم الآذان عن سماع الوعظ والإرشاد، وهم أهل قرية أنطاكية ببلاد الشام، فقد كان قصصهم مع رسل الله كقصص قومك معك، في العناد والاستكبار والعتو والطغيان.
الإيضاح :
ثم ذكر شبهة، كثيرا ما تمسك بها المكذبون للرسل من الأمم الماضية :
( قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون( أي قال أصحاب القرية للثلاثة الذين أرسلوا إليهم : ما أنتم إلا بشر مثلنا من غير مزية دعية لاختصاصكم بما تدعون، وما أنزل الرحمن إليكم رسالة ولا كتابا ولا أمركم فينا شيء، ما أنتم إلا كاذبون في قيلكم إنا مرسلون إليكم.
وفي قولهم :( ما أنزل الرحمن( إيماء إلى أنهم يعترفون بالألوهية لكنهم ينكرون الرسالة ويتوسلون بالأصنام. وحينئذ رد عليهم الرسل مؤكدين رسالتهم.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن هؤلاء المشركين قد ختم الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون أردف ذلك ذكر مثل لقوم حالهم كحالهم في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، والاستكبار على الرسل، وصم الآذان عن سماع الوعظ والإرشاد، وهم أهل قرية أنطاكية ببلاد الشام، فقد كان قصصهم مع رسل الله كقصص قومك معك، في العناد والاستكبار والعتو والطغيان.
الإيضاح :
( قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون( أي فأجابهم الرسل قائلين : الله يعلم إنا رسله إليكم ولو كنا كذبة عليه لانتقم منا أشد الانتقام، ولكنه سيعزنا وينصرنا عليكم وستعلمون لمن تكون عقبى الدار ؟
ونحو الآية قوله :﴿ قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السموات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون ﴾( العنكبوت : ٥٢ ).
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن هؤلاء المشركين قد ختم الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون أردف ذلك ذكر مثل لقوم حالهم كحالهم في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، والاستكبار على الرسل، وصم الآذان عن سماع الوعظ والإرشاد، وهم أهل قرية أنطاكية ببلاد الشام، فقد كان قصصهم مع رسل الله كقصص قومك معك، في العناد والاستكبار والعتو والطغيان.
تفسير المفردات :
البلاغ المبين : أي التبليغ الواضح الظاهر للرسالة.
الإيضاح :
ثم ذكر الرسل ما أمروا به فقالوا :
( وما علينا إلا البلاغ المبين( أي إنما علينا أن نبلغكم ما أرسلنا به إليكم، فإن أطعتم ربحتم وكانت لكم سعادة الدارين، وإن لم تجيبوا فستعلمون عاقبة تكذيبكم حين يحيق بكم الوبال والنكال.
والتبليغ المبين إنما يكون إذا صحبته الآيات الباهرة، والمعجزات الدالة على أنهم رسل من عند الله.
والخلاصة : ما علينا من جهة ربنا إلا التبليغ المعزز بالآيات البينات وقد فعلنا فأي شيء تطلبون منا حتى تصدقوا دعوانا ؟
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن هؤلاء المشركين قد ختم الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون أردف ذلك ذكر مثل لقوم حالهم كحالهم في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، والاستكبار على الرسل، وصم الآذان عن سماع الوعظ والإرشاد، وهم أهل قرية أنطاكية ببلاد الشام، فقد كان قصصهم مع رسل الله كقصص قومك معك، في العناد والاستكبار والعتو والطغيان.
تفسير المفردات :
تطيرنا : أي تشاءمنا، لنجرمنكم : أي لنرمينكم بالحجارة.
الإيضاح :
ولما ضاقت بهؤلاء المكذبين الحيل، وأعيتهم الحجج لجؤوا إلى التهديد والوعيد :
( قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم( أي قالوا إنا تشاءمنا من تبليغكم ودعوتكم، فقد افتتن بعض القوم بكم، وتفرقت كلمتنا وانفرط عقد وحدتنا، ولئن لم تنتهوا عن بث هذه الدعوة بيننا لنرجمنكم بالحجارة رجما، ولنمثلن بكم شر التمثيل أو لنعذبنكم عذابا شديدا وأنتم أحياء.
والخلاصة : إنا إما أن نقتلكم أو نلقيكم في غيابات السجون وننكل بكم تنكيلا عظيما.
حينئذ أجابهم الرسل :( قالوا طائركم معكم(.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن هؤلاء المشركين قد ختم الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون أردف ذلك ذكر مثل لقوم حالهم كحالهم في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، والاستكبار على الرسل، وصم الآذان عن سماع الوعظ والإرشاد، وهم أهل قرية أنطاكية ببلاد الشام، فقد كان قصصهم مع رسل الله كقصص قومك معك، في العناد والاستكبار والعتو والطغيان.
تفسير المفردات :
طائركم : أي سبب شؤمكم، مسرفون : أي مجاوزون الحد في العصيان.
الإيضاح :
( قالوا طائركم معكم( أي قالوا لهم سبب شؤمكم من أفعالكم لا من قبلنا كما تزعمون، فأنتم أشركتم بالله سواه، وأولعتم بالمعاصي واجترحتم السيئات، أما نحن فلا شؤم من قبلنا، فإنا لا ندعو إلا إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة له، والإنابة إليه، و في ذلك منتهى اليمن والبركة.
( أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون( أي أمن جزاء أنا ذكرناكم وأمرناكم بعبادة الله مخلصين له الدين تقابلوننا بمثل هذا الوعيد ؟ بل أنتم ديدنكم الإسراف ومجاوزة الحد في الطغيان، ومن ثم جاءكم الشؤم ولا دخل لرسل الله في ذلك.
والخلاصة : أنتم قوم مسرفون في ضلالكم، متمادون في غيكم، تتشاءمون بمن يجب التبرك بهم من هداية الدين، فقد جعلتم أسباب السعادة أسبابا للشقاء.
ولا يخفى ما في ذلك من شديد التوبيخ وعظيم التهديد والتنبيه إلى سوء صنيعهم بحرمانهم من الخيرات.
ونحو الآٍية قوله تعالى حكاية عن قوم فرعون :( فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله( ( الأعراف : ١٣١ ).
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن هؤلاء المشركين قد ختم الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون أردف ذلك ذكر مثل لقوم حالهم كحالهم في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، والاستكبار على الرسل، وصم الآذان عن سماع الوعظ والإرشاد، وهم أهل قرية أنطاكية ببلاد الشام، فقد كان قصصهم مع رسل الله كقصص قومك معك، في العناد والاستكبار والعتو والطغيان.
تفسير المفردات :
أقصى المدينة : أي أبعد مواضعها، يسعى : أي يعدو ويسرع.
الإيضاح :
ثم أبان أن الحق لا يعدم نصيرا، وأن الله يقيض له من يدافع عنه فقال :
( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين* اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون( أي وجاء من أطراف المدينة رجل يعدو مسرعا، لينصح قومه حين بلغه أنهم عقدوا النية على قتل الرسل، فتقدم للذب عنهم ابتغاء وجه الله ونيل ثوابه، قال يا قوم اتبعوا رسل الله الذين لا يطلبون منكم أجرا على تبليغهم ولا يطلبون علوا في الأرض ولا فسادا، وهم سالكون طريق الهداية التي توصل إلى سعادة الدارين.
روي أن هذا الرجل يسمى حبيبا، وكان نجارا، قال ابن أبي ليلى : سباقوا الأمم ثلاثة لم يكفروا قط طرفة عين : علي بن أبي طالب، وصاحب يس، ومؤمن آل فرعون. ورواه الزمخشري حديثا، وقال ابن كثير إنه حديث منكر.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن هؤلاء المشركين قد ختم الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون أردف ذلك ذكر مثل لقوم حالهم كحالهم في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، والاستكبار على الرسل، وصم الآذان عن سماع الوعظ والإرشاد، وهم أهل قرية أنطاكية ببلاد الشام، فقد كان قصصهم مع رسل الله كقصص قومك معك، في العناد والاستكبار والعتو والطغيان.
تفسير المفردات :
أقصى المدينة : أي أبعد مواضعها، يسعى : أي يعدو ويسرع.
الإيضاح :
ثم أبان أن الحق لا يعدم نصيرا، وأن الله يقيض له من يدافع عنه فقال :
( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين* اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون( أي وجاء من أطراف المدينة رجل يعدو مسرعا، لينصح قومه حين بلغه أنهم عقدوا النية على قتل الرسل، فتقدم للذب عنهم ابتغاء وجه الله ونيل ثوابه، قال يا قوم اتبعوا رسل الله الذين لا يطلبون منكم أجرا على تبليغهم ولا يطلبون علوا في الأرض ولا فسادا، وهم سالكون طريق الهداية التي توصل إلى سعادة الدارين.
روي أن هذا الرجل يسمى حبيبا، وكان نجارا، قال ابن أبي ليلى : سباقوا الأمم ثلاثة لم يكفروا قط طرفة عين : علي بن أبي طالب، وصاحب يس، ومؤمن آل فرعون. ورواه الزمخشري حديثا، وقال ابن كثير إنه حديث منكر.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن هؤلاء المشركين قد ختم الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون أردف ذلك ذكر مثل لقوم حالهم كحالهم في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، والاستكبار على الرسل، وصم الآذان عن سماع الوعظ والإرشاد، وهم أهل قرية أنطاكية ببلاد الشام، فقد كان قصصهم مع رسل الله كقصص قومك معك، في العناد والاستكبار والعتو والطغيان.
الإيضاح :
ثم أبان لهم أنه ما اختار لهم إلا ما اختاره لنفسه فقال :
( وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون( أي وما يمنعني من إخلاص العبادة للذي خلقني، وإليه المرجع للجزاء يوم المعاد فيجازيكم على ألأعمالكم إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشر.
وفي هذا تقريع لهم بتركهم عبادة الخالق وعبادة غيره، وتهديد بتخويفهم بالرجوع إلى شديد العقاب.
ثم أعاد التوبيخ مرة أخرى مبينا عظيم حمقهم فقال :
( أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون(.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن هؤلاء المشركين قد ختم الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون أردف ذلك ذكر مثل لقوم حالهم كحالهم في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، والاستكبار على الرسل، وصم الآذان عن سماع الوعظ والإرشاد، وهم أهل قرية أنطاكية ببلاد الشام، فقد كان قصصهم مع رسل الله كقصص قومك معك، في العناد والاستكبار والعتو والطغيان.
تفسير المفردات :
لا تغن : أي لا تنفع، ولا ينقذون : أي لا يخلصوني.
الإيضاح :
( أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون( أي أأعبد من دون الله آلهة لا تملك من الأمر شيئا، وهو لو أرادني بسوء فلا كاشف له إلا هو، ولا تملك الآلهة دفعه عني ولا منعه.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن هؤلاء المشركين قد ختم الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون أردف ذلك ذكر مثل لقوم حالهم كحالهم في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، والاستكبار على الرسل، وصم الآذان عن سماع الوعظ والإرشاد، وهم أهل قرية أنطاكية ببلاد الشام، فقد كان قصصهم مع رسل الله كقصص قومك معك، في العناد والاستكبار والعتو والطغيان.
الإيضاح :
( إني إذا لفي ضلال مبين( أي إني إذا فعلت ذلك واتخذت من دونه آلهة لفي ضلال بين لا يخفى على من له أدنى مسكة من عقل، فإن إشراك من لا يخلق وليس من شأنه النفع والضر، بمن يخلق وهو القادر على كل شيء- خطأ ظاهر، وغلط واضح لدى أرباب الأحلام وذوي الحجا.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن هؤلاء المشركين قد ختم الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون أردف ذلك ذكر مثل لقوم حالهم كحالهم في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، والاستكبار على الرسل، وصم الآذان عن سماع الوعظ والإرشاد، وهم أهل قرية أنطاكية ببلاد الشام، فقد كان قصصهم مع رسل الله كقصص قومك معك، في العناد والاستكبار والعتو والطغيان.
الإيضاح :
ثم التفت إلى الرسل وخاطبهم منيبا إلى ربه فقال :
( إني آمنت بربكم فاسمعون( أي إني آمنت بربكم الذي أرسلكم فاشهدوا لي بذلك عنده.
روي أنه لما قال ذلك وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه ولم يجد من يدافع عنه. قال قتادة : جعلوا يرجمونه بالحجارة وهو يقول : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، فلم يزالوا به كذلك حتى فارق الحياة.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن هؤلاء المشركين قد ختم الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون أردف ذلك ذكر مثل لقوم حالهم كحالهم في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، والاستكبار على الرسل، وصم الآذان عن سماع الوعظ والإرشاد، وهم أهل قرية أنطاكية ببلاد الشام، فقد كان قصصهم مع رسل الله كقصص قومك معك، في العناد والاستكبار والعتو والطغيان.
الإيضاح :
ثم ذكر مآل أمره وما قاله حين وجد النعيم والكرامة، فقال :
( قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون* بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين( أي قال الله له : ادخل الجنة كفاء ما قدمت من عمل وأسلفت من إحسان، فلما دخلها وعاين ما أكرمه الله به لإيمانه وصبره قال : ليت قومي يعلمون بما أنا فيه من نعيم، وخير عميم، لإيماني بربي وتصديقي برسله وصبري على أذى قومي، وإنما تمنى علم قومه بحاله، ليحملهم ذلك على اكتساب المثوبة مثله بالتوبة عن الكفر والدخول في حظيرة الإيمان والطاعة اتباعا لسنن أولياء الله الذين يكظمون الغيظ ويترحمون على العداء.
قال ابن عباس : نصح قومه حيا بقومه :( يا قوم اتبعوا المرسلين( وبعد مماته بقوله :( يا ليت قومي يعلمون * بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين(.
وإلى هنا وقف القلم في تفسير هذا الجزء من الكتاب الكريم. وكان الفراغ منه بمدينة حلوان من أرباض القاهرة قاعدة الديار المصرية في اليوم الثامن عشر من شعبان سنة أربع وستين وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة النبوية.
والحمد لله على إحسانه وإنعامه، وصل ربنا على محمد وآله الطيبين الأخيار وصحبه الأبرار.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن هؤلاء المشركين قد ختم الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون أردف ذلك ذكر مثل لقوم حالهم كحالهم في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، والاستكبار على الرسل، وصم الآذان عن سماع الوعظ والإرشاد، وهم أهل قرية أنطاكية ببلاد الشام، فقد كان قصصهم مع رسل الله كقصص قومك معك، في العناد والاستكبار والعتو والطغيان.
الإيضاح :
ثم ذكر مآل أمره وما قاله حين وجد النعيم والكرامة، فقال :
( قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون* بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين( أي قال الله له : ادخل الجنة كفاء ما قدمت من عمل وأسلفت من إحسان، فلما دخلها وعاين ما أكرمه الله به لإيمانه وصبره قال : ليت قومي يعلمون بما أنا فيه من نعيم، وخير عميم، لإيماني بربي وتصديقي برسله وصبري على أذى قومي، وإنما تمنى علم قومه بحاله، ليحملهم ذلك على اكتساب المثوبة مثله بالتوبة عن الكفر والدخول في حظيرة الإيمان والطاعة اتباعا لسنن أولياء الله الذين يكظمون الغيظ ويترحمون على العداء.
قال ابن عباس : نصح قومه حيا بقومه :( يا قوم اتبعوا المرسلين( وبعد مماته بقوله :( يا ليت قومي يعلمون * بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين(.
وإلى هنا وقف القلم في تفسير هذا الجزء من الكتاب الكريم. وكان الفراغ منه بمدينة حلوان من أرباض القاهرة قاعدة الديار المصرية في اليوم الثامن عشر من شعبان سنة أربع وستين وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة النبوية.
والحمد لله على إحسانه وإنعامه، وصل ربنا على محمد وآله الطيبين الأخيار وصحبه الأبرار.
بسم الله الرحمن الرحيم
المعنى الجملي : تقدم أن قلنا غير مرة : إن تقسيم الكتاب الكريم إلى الأجزاء الثلاثين لوحظ فيه العد اللفظي لا الاتصال المعنوي، إذ كثيرا ما تكون بداءة الجزء في أثناء القصة الواحدة كما هنا، فإنه بعد أن بين حال الناصح الشهيد ودخوله الجنة- أردف ذلك ذكر حال المتخلفين المخالفين له، ثم ذكر سنة الله في أمثالهم في العذاب الدنيوي، ثم هم يردون إلى ربهم فيعذبهم في الآخرة.
تفسير المفردات :
الجند : العسكر، والمراد بهم الجند من الملائكة.
الإيضاح :
﴿ وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين ﴾أي : وما أنزلنا على قوم هذا المؤمن الذي قتلوه لدعائه إياهم إلى الله ونصيحته لهم- من بعد مهلكه جندا من الملائكة، بل كان الأمر أيسر من ذلك.
وإجمال المعنى : إنه انتقم من قومه بعد قتلهم إياه غضبا منه تبارك وتعالى ؛ لأنهم كذبوا رسله وقتلوا وليه، وما كاثرهم سبحانه بالجنود وإنزال الملائكة، بل كان أمرهم أهون من ذلك، إذ ليس من سنته أن يكون عذاب الاستئصال بجند كثير من السماء.
ثم بين ما كان من هلاكهم بقوله :﴿ إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون ﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم
المعنى الجملي : تقدم أن قلنا غير مرة : إن تقسيم الكتاب الكريم إلى الأجزاء الثلاثين لوحظ فيه العد اللفظي لا الاتصال المعنوي، إذ كثيرا ما تكون بداءة الجزء في أثناء القصة الواحدة كما هنا، فإنه بعد أن بين حال الناصح الشهيد ودخوله الجنة- أردف ذلك ذكر حال المتخلفين المخالفين له، ثم ذكر سنة الله في أمثالهم في العذاب الدنيوي، ثم هم يردون إلى ربهم فيعذبهم في الآخرة.
تفسير المفردات :
والخمود : انطفاء النار، والمقصود به الموت.
الإيضاح :
﴿ إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون ﴾أي : ما كان هلاكهم إلا بصيحة واحدة فإذا هم أموات لا حراك بهم، قد ذهبت منهم حرارة الحياة كما تذهب حرارة النار حين الخمود.
وفي هذا إيماء إلى أن الحي كشعلة النار، والميت كالرماد، وإلى هذا يشير لبيد :
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه | يحور رمادا بعد إذ هو ساطع |
وكالنار الحياة فمن رماد | أواخرها وأولها دخان |
وفي هذا ما لا يخفى من تهوين أمرهم، وتحقير شأنهم، وتفخيم شأن رسل الله.
﴿ يا حسرة على العباد ﴾المراد بالعباد هنا مكذبو الرسل، أي يا حسرتهم وندامتهم يوم القيامة إذا عاينوا العذاب على تكذيبهم رسل الله ومخالفة أوامره.
بسم الله الرحمن الرحيم
المعنى الجملي : تقدم أن قلنا غير مرة : إن تقسيم الكتاب الكريم إلى الأجزاء الثلاثين لوحظ فيه العد اللفظي لا الاتصال المعنوي، إذ كثيرا ما تكون بداءة الجزء في أثناء القصة الواحدة كما هنا، فإنه بعد أن بين حال الناصح الشهيد ودخوله الجنة- أردف ذلك ذكر حال المتخلفين المخالفين له، ثم ذكر سنة الله في أمثالهم في العذاب الدنيوي، ثم هم يردون إلى ربهم فيعذبهم في الآخرة.
تفسير المفردات :
والحسرة على ما قال الراغب : الغم على ما فات، والندم عليه، كأن المتحسر انحسرت عنه قواه من فرط الإعياء.
الإيضاح :
ثم بين سبب الحسرة والندامة فقال :
﴿ ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤون ﴾أي : ما جاءهم رسول إلا استهزؤوا به وكذبوه، وجحدوا ما أرسل به من الحق.
والخلاصة : إن المستهزئين بالناصحين المخلصين المنوط بنصحهم خير الدارين، جديرون أن يتحسروا على أنفسهم، إذ فوتوا عليها السعادة الأبدية، وعرضوها لعذاب مقيم، وكأنه قيل : يا حسرة احضري، فهذه شدة لا سبيل للخلاص منها.
بسم الله الرحمن الرحيم
المعنى الجملي : تقدم أن قلنا غير مرة : إن تقسيم الكتاب الكريم إلى الأجزاء الثلاثين لوحظ فيه العد اللفظي لا الاتصال المعنوي، إذ كثيرا ما تكون بداءة الجزء في أثناء القصة الواحدة كما هنا، فإنه بعد أن بين حال الناصح الشهيد ودخوله الجنة- أردف ذلك ذكر حال المتخلفين المخالفين له، ثم ذكر سنة الله في أمثالهم في العذاب الدنيوي، ثم هم يردون إلى ربهم فيعذبهم في الآخرة.
الإيضاح :
ولما بين حال الأولين نبه الحاضرين فقال :
﴿ ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون ﴾أي : ألم يعتبروا بمن أهلك الله قبلهم من المكذبين للرسل كعاد وثمود، وأنهم لا رجعة لهم إلى الدنيا كما يعتقد الدهرية، جهلا منهم بأنهم يعودون إليها كما كانوا.
وبعد أن ذكر أنه أهلكهم وبين طريق ذلك، أعقب هذا بأن لهم حسابا وعقابا فقال :
﴿ وإن كل لما جميع لدينا محضرون ﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم
المعنى الجملي : تقدم أن قلنا غير مرة : إن تقسيم الكتاب الكريم إلى الأجزاء الثلاثين لوحظ فيه العد اللفظي لا الاتصال المعنوي، إذ كثيرا ما تكون بداءة الجزء في أثناء القصة الواحدة كما هنا، فإنه بعد أن بين حال الناصح الشهيد ودخوله الجنة- أردف ذلك ذكر حال المتخلفين المخالفين له، ثم ذكر سنة الله في أمثالهم في العذاب الدنيوي، ثم هم يردون إلى ربهم فيعذبهم في الآخرة.
تفسير المفردات :
﴿ وإن ﴾بمعنى : ما، و﴿ لما ﴾ بمعنى : إلا، محضرون أي : للحساب والجزاء.
الإيضاح :
﴿ وإن كل لما جميع لدينا محضرون ﴾أي : وإن جميع الأمم ماضيها وحاضرها وآتيها ستحضر يوم القيامة بين يدي الله فيجازيهم بأعمالهم خيرها وشرها، ولو أن من أهلك ترك لكان الموت راحة له، وما أحسن قوله :
ولو أنا إذا متنا تركنا | لكان الموت راحة كل حي |
ولكنا إذا متنا بعثنا | ونسأل بعده عن كل شيء |
والخلاصة : إن الناس يجمعون للحساب والجزاء ويوفي كل عامل جزاء عمله من خير أو شر.
المعنى الجملي : بعد أن بين سبحانه أن العباد كلهم محضرون إليه يوم القيامة للحساب والجزاء على ما قدموا من عمل- أردف ذلك ما يدل على أن البعث ممكن وليس بمستحيل، وآية ذلك أن الأرض الميتة إذا نزل عليها المطر تحيا وتنبت من كل زوج بهيج، ثم ذكر أنه كان يجب عليهم شكران هذه النعم بعبادة خالقها وترك عبادة غيره مما لا يجديهم نفعا، ولا يدفع عنهم ضرا.
الإيضاح :
﴿ وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون ﴾أي : ومن الأدلة على قدرتنا على البعث إحياء الأرض الهامدة التي لا نبات فيها بإنزالنا الماء عليها، فتهتز وتربو وتنبت نباتا مختلفا ألوانه وأشكاله، وتخرج حبا هو قوت لكم ولأنعامكم، وبه قوام حياتكم.
المعنى الجملي : بعد أن بين سبحانه أن العباد كلهم محضرون إليه يوم القيامة للحساب والجزاء على ما قدموا من عمل- أردف ذلك ما يدل على أن البعث ممكن وليس بمستحيل، وآية ذلك أن الأرض الميتة إذا نزل عليها المطر تحيا وتنبت من كل زوج بهيج، ثم ذكر أنه كان يجب عليهم شكران هذه النعم بعبادة خالقها وترك عبادة غيره مما لا يجديهم نفعا، ولا يدفع عنهم ضرا.
الإيضاح :
﴿ وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون* ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم ﴾أي : وأنشأنا في هذه الأرض التي أحييناها بساتين من نخيل وأعناب، وجعلنا فيها أنهارا سارحة في أمكنة تنتشر فيها، ليأكلوا من ثمر الجنات ومما عملت أيديهم مما غرسوا وزرعوا.
ثم لما عدد النعم طلب منهم الشكر فقال :﴿ أفلا يشكرون ﴾.
ولما أمرهم سبحانه، بالشكر وشكره تعالى بعبادته وقد تركوها وعبدوا غيره وأشركوا به سواه قال :﴿ سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ﴾.
المعنى الجملي : بعد أن بين سبحانه أن العباد كلهم محضرون إليه يوم القيامة للحساب والجزاء على ما قدموا من عمل- أردف ذلك ما يدل على أن البعث ممكن وليس بمستحيل، وآية ذلك أن الأرض الميتة إذا نزل عليها المطر تحيا وتنبت من كل زوج بهيج، ثم ذكر أنه كان يجب عليهم شكران هذه النعم بعبادة خالقها وترك عبادة غيره مما لا يجديهم نفعا، ولا يدفع عنهم ضرا.
الإيضاح :
﴿ وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون* ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم ﴾أي : وأنشأنا في هذه الأرض التي أحييناها بساتين من نخيل وأعناب، وجعلنا فيها أنهارا سارحة في أمكنة تنتشر فيها، ليأكلوا من ثمر الجنات ومما عملت أيديهم مما غرسوا وزرعوا.
ثم لما عدد النعم طلب منهم الشكر فقال :﴿ أفلا يشكرون ﴾.
ولما أمرهم سبحانه، بالشكر وشكره تعالى بعبادته وقد تركوها وعبدوا غيره وأشركوا به سواه قال :﴿ سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ﴾.
الإيضاح :
﴿ أفلا يشكرون ﴾أي : أفلا يشكرون خالق هذه النعم على ما تفضل به عليهم من نعم لا تعد ولا تحصى.
المعنى الجملي : بعد أن بين سبحانه أن العباد كلهم محضرون إليه يوم القيامة للحساب والجزاء على ما قدموا من عمل- أردف ذلك ما يدل على أن البعث ممكن وليس بمستحيل، وآية ذلك أن الأرض الميتة إذا نزل عليها المطر تحيا وتنبت من كل زوج بهيج، ثم ذكر أنه كان يجب عليهم شكران هذه النعم بعبادة خالقها وترك عبادة غيره مما لا يجديهم نفعا، ولا يدفع عنهم ضرا.
الإيضاح :
﴿ سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ﴾ أي : تنزيها لمن خلق هذه الأنواع كلها من الزرع والثمار ومختلف النبات، وخلق من أولادهم ذكورا وإناثا، وخلق مما لا يعلمون من الأشياء التي لم يطلعهم عليها، ولم يجعل لهم طريقا إلى معرفتها تفصيلا، بل علمهم ذلك بطريق الإجمال بنحو قوله :﴿ ويخلق ما لا يعلمون ﴾( النحل : ٨ ) ليستدلوا بذلك على عظمة الخالق وسعة ملكه وجلالة قدره.
والخلاصة : تنزه ربنا خالق هذا الخلق العظيم من نبات وحيوان وإنسان، وخالق ما لا نعلم مما لا ندرك كنهه ولا نعلم حقيقته وفيه الدليل على عظيم قدرته وواسع ملكه- عن كل نقص لا يليق بجليل عظمته.
المعنى الجملي : بعد أن استدل على إمكان البعث والنشور بأحوال الأرض وما يطرأ عليها من تغير مما هو دليل القدرة الشاملة- أردف ذلك ذكر أحوال الأزمنة من اختلاف الليل والنهار وجريان الشمس والقمر والأجرام السماوية، وهي مخلوقات عظيمة واقعة تحت قبضته، يتصرف فيها بعظيم سلطانه.
تفسير المفردات :
أصل السلخ : كشط الجلد عن الشاة ونحوها، واستعمل هنا في كشف الضوء من مكان الليل وموضع إلقاء ظله، مظلمون : أي داخلون في الظلام.
الإيضاح :
﴿ وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون ﴾أي : ومن آيات قدرته الدالة على إمكان البعث والحشر والنشر، وعلى قدرته على فعل كل ما يشاء : الليل ينزع عنه النهار، فتأتي الظلمة، ويذهب النهار، فإذا الخلق قد صاروا في ظلمة بمجيء الليل الذي كان الضياء ساترا له.
وفي الضياء سرور ولذة وراحة للنفس، وسعي على الرزق، وفي زواله وحشة وانقباض تشعر بألمه النفوس، كما أن فيه تركا للعمل الذي به قوام الحياة، ومن ثم جعل الآية ظهور الليل ولم يجعلها مجيء النهار، والآية تحصل بكل منهما.
والخلاصة : إن تعاقب الليل والنهار على ظهر البسيطة من أكبر الأدلة على قدرة المولى سبحانه، وفيه عبرة لمن يعي ويفهم، وإن البعث والنشور من أيسر الأمور عليه سبحانه.
الآية الأولى : من آيات الله وبديع صنعه تعاقب الليل والنهار دائبين. وقد جاء ذكر ذلك مرارا في القرآن الكريم، لما لهذه الظاهرة الفلكية من الأهمية العظمى في حياة الجنس البشري وكافة الأحياء التي على ظهر البسيطة، فهي من الأمور الجديرة بالتفكير للاستدلال بها على عظمة الخالق جل شأنه، فالليل يسلخ من النهار والنهار يسلخ من الليل، نتيجة لدوران الأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق، فتشرق الشمس على بعض الآفاق، وتغيب عن البعض الآخر بانتظام تام بديع.
الآية الثانية : وزيادة على دوران الشمس الظاهري وسط النجوم الناشئ عن دوران الأرض حول الشمس مرة في السنة- ثبت لدى العلماء أخيرا أن للشمس حركتين أخريين حقيقتين إحداهما : حول محورها مرة في كل ست وعشرين يوما تقريبا وتدل عليها أرصاد كلف الشمس، وهي نقط سوداء تظهر على سطحها بين حين وآخر، وتتغير مواقعها بالنسبة إلى السطح، وتقطع المسافة بين حافتي القرص في زمن قدره ١٣ يوما.
ثانيتهما : دوران الشمس ( ومن حولها توابعها الكواكب السيارة وأقمارها ) حول مركز النظام النجومي بسرعة تقدر بنحو مائتي ميل في الثانية، فالشمس واحدة من ملايين النجوم التي تكون النظام النجومي، والذي ثبت أنه يدور حول مركزه، ونظرا لأن الشمس لا تقع عند مركزه فإن لها حركة دورانية.
والذي يفهمه الفلكي أو الرياضي من المستقر لجسم متحرك حركة دورانية، أنه المحور الثابت الذي تكون الحركة حوله، أو مركز المدار الدائري لهذه الحركة، ففي الحالة الأولى يكون المستقر هو الخط الواصل بين قطبي الشمس، وفي الحالة الثانية : يكون هو مركز النظام النجومي بأسره الذي تدور حوله الشمس وكافة النجوم الأخرى.
وإذا علمنا أن هاتين الحركتين الحقيقتين للشمس لم تثبتا بالبرهان العلمي والأرصاد الفلكية إلا حديثا أدركنا ما في هذه الآية الكريمة من إعجاز عظيم.
الآية الثالثة : قسم الفلكيون القدماء النجوم التي تقع حول مدار القمر ثمانيا وعشرين مجموعة تسمى منازل القمر، وقد جاء ذكرها هنا وفي آيات أخرى كقوله تعالى :﴿ هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ﴾( يونس : ٥ ).
ولما كانت الشمس تنتقل باستمرار وسط النجوم، فتحجب عن الرؤية كل النجوم ومجموعات النجوم التي تكون موجودة فوق الأفق نهارا، نجد أن ما يكون موجودا من منازل القمر فوق الأفق ليلا يتغير تدريجا من ليلة إلى أخرى، ومن شهر إلى آخر، وهكذا نجد في معرفة مواقع القمر بالنسبة لهذه المنازل وسيلة لحساب الأوقات.
وقد كان العرب يعرفون بها الأنوار ويقيسون بالنسبة إليها مواقع الكواكب السيارة والشمس، وأسماؤها هي : الشرطان، البطين، الثريا، الدبران، الهقعة، الهنعة، الذراع المبسوطة، النثرة، الطرف، جبهة الأسد، الزبرة، الصرفة العوا، السماك الأعزل، الغفر، الزبانا، الإكليل، قلب العقرب، الشولة، النعائم، البلدة، سعد الذابح، سعد بلع، سعد السعود، سعد الأخبية، الفرع المقدم، الفرع المؤخر، الرشاء أو بطن الحوت.
وبعد أن يتم القمر دورته في مداره منتقلا بين منازله هذه يعود كما بدأ هلالا صغيرا مقوسا في بادئ الشهر، ويرى في ضوء الشفق بعد مغيب الشمس، ويكون لونه مصفرا كعرجون النخل، لأن مركبات ضوئه الأخرى تشتت في الطبقة الهوائية قبل وصولها إلى عين الراصد، كما نرى لون الشمس مصفرا حين الشروق أو حين الغروب.
الآية الرابعة : المقصود هنا أن الله سبحانه بديع السماوات والأرض جعل لكل من الشمس والقمر مدارا مستقلا يسبح فيه، فلا يحجب أحدهما ضوء الآخر إلا نادرا حين ما يحدث كسوف الشمس أو خسوف القمر.
فالشمس كما ذكرنا تدور حول الأرض في حركة ظاهرية تنشأ عن دوران الأرض حولها وهي تشبه ما يبدو للمسافر في القطار من حركة الأشجار وأعمدة التلغراف والقرى دون أن يحس بحركته المكتسبة من وجوده في القطار. وهكذا تتحرك الشمس وسط النجوم في مدار واسع نسبيا، نصف قطره ٩٣ مليون ميل وتتم دورة كاملة في زمن مقداره سنة، ويدل على هذه الحركة تنقلها وسط البروج بمعدل برج في كل شهر أو درجة واحدة تقريبا في كل يوم.
أما القمر فمداره حول الأرض أصغر نسبيا، ويقدر طول نصف قطر مداره بحوالي ٢٤ ألف ميل يقطعه في شهر، أي بمعدل منزل في كل يوم أو ١٣ درجة في اليوم، وحركته حول الأرض حركة حقيقية، ويمكن ملاحظتها بسهولة من مراقبة موقعه بين النجوم ليلة بعد أخرى.
وفضلا عن ذلك فالمداران السالفا الذكر ليسا في مستوى واحد، بل يميل أحدهما على الآخر، ولولا ذلك لتكرر كل من الكسوف والخسوف مرة في كل شهر، وهكذا يتبين كيف إن لكل من : الشمس والقمر فلكا أو مدارا مستقلا يسبح فيه اهـ.
المعنى الجملي : بعد أن استدل على إمكان البعث والنشور بأحوال الأرض وما يطرأ عليها من تغير مما هو دليل القدرة الشاملة- أردف ذلك ذكر أحوال الأزمنة من اختلاف الليل والنهار وجريان الشمس والقمر والأجرام السماوية، وهي مخلوقات عظيمة واقعة تحت قبضته، يتصرف فيها بعظيم سلطانه.
تفسير المفردات :
لمستقر لها : أي حول مستقر لها وهو مركز مدارها.
الإيضاح :
﴿ والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ﴾أي والشمس تجري حول مركز مدارها الثابت الذي تسير حوله بحسب وضعها النجمي، فقد ثبت أن لها حركة رحوية حول هذا المركز تقدر بمائتي ميل في الثانية، وهذا الوضع العجيب من تقدير العزيز القاهر لعباده، القابض على زمام مخلوقاته، العليم بأحوالها الذي لا تخفى عليه خافية من أمرها.
الآية الأولى : من آيات الله وبديع صنعه تعاقب الليل والنهار دائبين. وقد جاء ذكر ذلك مرارا في القرآن الكريم، لما لهذه الظاهرة الفلكية من الأهمية العظمى في حياة الجنس البشري وكافة الأحياء التي على ظهر البسيطة، فهي من الأمور الجديرة بالتفكير للاستدلال بها على عظمة الخالق جل شأنه، فالليل يسلخ من النهار والنهار يسلخ من الليل، نتيجة لدوران الأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق، فتشرق الشمس على بعض الآفاق، وتغيب عن البعض الآخر بانتظام تام بديع.
الآية الثانية : وزيادة على دوران الشمس الظاهري وسط النجوم الناشئ عن دوران الأرض حول الشمس مرة في السنة- ثبت لدى العلماء أخيرا أن للشمس حركتين أخريين حقيقتين إحداهما : حول محورها مرة في كل ست وعشرين يوما تقريبا وتدل عليها أرصاد كلف الشمس، وهي نقط سوداء تظهر على سطحها بين حين وآخر، وتتغير مواقعها بالنسبة إلى السطح، وتقطع المسافة بين حافتي القرص في زمن قدره ١٣ يوما.
ثانيتهما : دوران الشمس ( ومن حولها توابعها الكواكب السيارة وأقمارها ) حول مركز النظام النجومي بسرعة تقدر بنحو مائتي ميل في الثانية، فالشمس واحدة من ملايين النجوم التي تكون النظام النجومي، والذي ثبت أنه يدور حول مركزه، ونظرا لأن الشمس لا تقع عند مركزه فإن لها حركة دورانية.
والذي يفهمه الفلكي أو الرياضي من المستقر لجسم متحرك حركة دورانية، أنه المحور الثابت الذي تكون الحركة حوله، أو مركز المدار الدائري لهذه الحركة، ففي الحالة الأولى يكون المستقر هو الخط الواصل بين قطبي الشمس، وفي الحالة الثانية : يكون هو مركز النظام النجومي بأسره الذي تدور حوله الشمس وكافة النجوم الأخرى.
وإذا علمنا أن هاتين الحركتين الحقيقتين للشمس لم تثبتا بالبرهان العلمي والأرصاد الفلكية إلا حديثا أدركنا ما في هذه الآية الكريمة من إعجاز عظيم.
الآية الثالثة : قسم الفلكيون القدماء النجوم التي تقع حول مدار القمر ثمانيا وعشرين مجموعة تسمى منازل القمر، وقد جاء ذكرها هنا وفي آيات أخرى كقوله تعالى :﴿ هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ﴾( يونس : ٥ ).
ولما كانت الشمس تنتقل باستمرار وسط النجوم، فتحجب عن الرؤية كل النجوم ومجموعات النجوم التي تكون موجودة فوق الأفق نهارا، نجد أن ما يكون موجودا من منازل القمر فوق الأفق ليلا يتغير تدريجا من ليلة إلى أخرى، ومن شهر إلى آخر، وهكذا نجد في معرفة مواقع القمر بالنسبة لهذه المنازل وسيلة لحساب الأوقات.
وقد كان العرب يعرفون بها الأنوار ويقيسون بالنسبة إليها مواقع الكواكب السيارة والشمس، وأسماؤها هي : الشرطان، البطين، الثريا، الدبران، الهقعة، الهنعة، الذراع المبسوطة، النثرة، الطرف، جبهة الأسد، الزبرة، الصرفة العوا، السماك الأعزل، الغفر، الزبانا، الإكليل، قلب العقرب، الشولة، النعائم، البلدة، سعد الذابح، سعد بلع، سعد السعود، سعد الأخبية، الفرع المقدم، الفرع المؤخر، الرشاء أو بطن الحوت.
وبعد أن يتم القمر دورته في مداره منتقلا بين منازله هذه يعود كما بدأ هلالا صغيرا مقوسا في بادئ الشهر، ويرى في ضوء الشفق بعد مغيب الشمس، ويكون لونه مصفرا كعرجون النخل، لأن مركبات ضوئه الأخرى تشتت في الطبقة الهوائية قبل وصولها إلى عين الراصد، كما نرى لون الشمس مصفرا حين الشروق أو حين الغروب.
الآية الرابعة : المقصود هنا أن الله سبحانه بديع السماوات والأرض جعل لكل من الشمس والقمر مدارا مستقلا يسبح فيه، فلا يحجب أحدهما ضوء الآخر إلا نادرا حين ما يحدث كسوف الشمس أو خسوف القمر.
فالشمس كما ذكرنا تدور حول الأرض في حركة ظاهرية تنشأ عن دوران الأرض حولها وهي تشبه ما يبدو للمسافر في القطار من حركة الأشجار وأعمدة التلغراف والقرى دون أن يحس بحركته المكتسبة من وجوده في القطار. وهكذا تتحرك الشمس وسط النجوم في مدار واسع نسبيا، نصف قطره ٩٣ مليون ميل وتتم دورة كاملة في زمن مقداره سنة، ويدل على هذه الحركة تنقلها وسط البروج بمعدل برج في كل شهر أو درجة واحدة تقريبا في كل يوم.
أما القمر فمداره حول الأرض أصغر نسبيا، ويقدر طول نصف قطر مداره بحوالي ٢٤ ألف ميل يقطعه في شهر، أي بمعدل منزل في كل يوم أو ١٣ درجة في اليوم، وحركته حول الأرض حركة حقيقية، ويمكن ملاحظتها بسهولة من مراقبة موقعه بين النجوم ليلة بعد أخرى.
وفضلا عن ذلك فالمداران السالفا الذكر ليسا في مستوى واحد، بل يميل أحدهما على الآخر، ولولا ذلك لتكرر كل من الكسوف والخسوف مرة في كل شهر، وهكذا يتبين كيف إن لكل من : الشمس والقمر فلكا أو مدارا مستقلا يسبح فيه اهـ.
المعنى الجملي : بعد أن استدل على إمكان البعث والنشور بأحوال الأرض وما يطرأ عليها من تغير مما هو دليل القدرة الشاملة- أردف ذلك ذكر أحوال الأزمنة من اختلاف الليل والنهار وجريان الشمس والقمر والأجرام السماوية، وهي مخلوقات عظيمة واقعة تحت قبضته، يتصرف فيها بعظيم سلطانه.
تفسير المفردات :
وقدرناه : أي صيرنا مسيره في منازل، والمنازل واحدها منزل : وهو المسافة التي يقطعها القمر في يوم وليلة، عاد : أي صار في أواخر سيره وقربه من الشمس كالعرجون في رأي العين، والعرجون : هو العود الذي عليه الشماريخ، فإذا أتى عليه الحول تقوس ودق واصفر.
قال أعشى بني قيس :
شرق المسك والعبير بها | فهي صفراء كعرجون القمر |
﴿ والقمر قدرناه منازل ﴾أي وجعلنا لسير القمر منازل، وهي ثمانية وعشرون منزلا ينزل في كل واحد منها كل ليلة ثم يستتر ليلتين أو ليلة إذا نقص الشهر، فإذا كان في آخر منازله دق وتقوس، وهذا ما يشير إليه قوله :
﴿ حتى عاد كالعرجون القديم ﴾أي يسير في منازله إلى آخرها حتى يدق ويتقوس ويصفر ويكون كالعود الذي عليه الشماريخ إذا آتى عليه الحول.
الآية الأولى : من آيات الله وبديع صنعه تعاقب الليل والنهار دائبين. وقد جاء ذكر ذلك مرارا في القرآن الكريم، لما لهذه الظاهرة الفلكية من الأهمية العظمى في حياة الجنس البشري وكافة الأحياء التي على ظهر البسيطة، فهي من الأمور الجديرة بالتفكير للاستدلال بها على عظمة الخالق جل شأنه، فالليل يسلخ من النهار والنهار يسلخ من الليل، نتيجة لدوران الأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق، فتشرق الشمس على بعض الآفاق، وتغيب عن البعض الآخر بانتظام تام بديع.
الآية الثانية : وزيادة على دوران الشمس الظاهري وسط النجوم الناشئ عن دوران الأرض حول الشمس مرة في السنة- ثبت لدى العلماء أخيرا أن للشمس حركتين أخريين حقيقتين إحداهما : حول محورها مرة في كل ست وعشرين يوما تقريبا وتدل عليها أرصاد كلف الشمس، وهي نقط سوداء تظهر على سطحها بين حين وآخر، وتتغير مواقعها بالنسبة إلى السطح، وتقطع المسافة بين حافتي القرص في زمن قدره ١٣ يوما.
ثانيتهما : دوران الشمس ( ومن حولها توابعها الكواكب السيارة وأقمارها ) حول مركز النظام النجومي بسرعة تقدر بنحو مائتي ميل في الثانية، فالشمس واحدة من ملايين النجوم التي تكون النظام النجومي، والذي ثبت أنه يدور حول مركزه، ونظرا لأن الشمس لا تقع عند مركزه فإن لها حركة دورانية.
والذي يفهمه الفلكي أو الرياضي من المستقر لجسم متحرك حركة دورانية، أنه المحور الثابت الذي تكون الحركة حوله، أو مركز المدار الدائري لهذه الحركة، ففي الحالة الأولى يكون المستقر هو الخط الواصل بين قطبي الشمس، وفي الحالة الثانية : يكون هو مركز النظام النجومي بأسره الذي تدور حوله الشمس وكافة النجوم الأخرى.
وإذا علمنا أن هاتين الحركتين الحقيقتين للشمس لم تثبتا بالبرهان العلمي والأرصاد الفلكية إلا حديثا أدركنا ما في هذه الآية الكريمة من إعجاز عظيم.
الآية الثالثة : قسم الفلكيون القدماء النجوم التي تقع حول مدار القمر ثمانيا وعشرين مجموعة تسمى منازل القمر، وقد جاء ذكرها هنا وفي آيات أخرى كقوله تعالى :﴿ هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ﴾( يونس : ٥ ).
ولما كانت الشمس تنتقل باستمرار وسط النجوم، فتحجب عن الرؤية كل النجوم ومجموعات النجوم التي تكون موجودة فوق الأفق نهارا، نجد أن ما يكون موجودا من منازل القمر فوق الأفق ليلا يتغير تدريجا من ليلة إلى أخرى، ومن شهر إلى آخر، وهكذا نجد في معرفة مواقع القمر بالنسبة لهذه المنازل وسيلة لحساب الأوقات.
وقد كان العرب يعرفون بها الأنوار ويقيسون بالنسبة إليها مواقع الكواكب السيارة والشمس، وأسماؤها هي : الشرطان، البطين، الثريا، الدبران، الهقعة، الهنعة، الذراع المبسوطة، النثرة، الطرف، جبهة الأسد، الزبرة، الصرفة العوا، السماك الأعزل، الغفر، الزبانا، الإكليل، قلب العقرب، الشولة، النعائم، البلدة، سعد الذابح، سعد بلع، سعد السعود، سعد الأخبية، الفرع المقدم، الفرع المؤخر، الرشاء أو بطن الحوت.
وبعد أن يتم القمر دورته في مداره منتقلا بين منازله هذه يعود كما بدأ هلالا صغيرا مقوسا في بادئ الشهر، ويرى في ضوء الشفق بعد مغيب الشمس، ويكون لونه مصفرا كعرجون النخل، لأن مركبات ضوئه الأخرى تشتت في الطبقة الهوائية قبل وصولها إلى عين الراصد، كما نرى لون الشمس مصفرا حين الشروق أو حين الغروب.
الآية الرابعة : المقصود هنا أن الله سبحانه بديع السماوات والأرض جعل لكل من الشمس والقمر مدارا مستقلا يسبح فيه، فلا يحجب أحدهما ضوء الآخر إلا نادرا حين ما يحدث كسوف الشمس أو خسوف القمر.
فالشمس كما ذكرنا تدور حول الأرض في حركة ظاهرية تنشأ عن دوران الأرض حولها وهي تشبه ما يبدو للمسافر في القطار من حركة الأشجار وأعمدة التلغراف والقرى دون أن يحس بحركته المكتسبة من وجوده في القطار. وهكذا تتحرك الشمس وسط النجوم في مدار واسع نسبيا، نصف قطره ٩٣ مليون ميل وتتم دورة كاملة في زمن مقداره سنة، ويدل على هذه الحركة تنقلها وسط البروج بمعدل برج في كل شهر أو درجة واحدة تقريبا في كل يوم.
أما القمر فمداره حول الأرض أصغر نسبيا، ويقدر طول نصف قطر مداره بحوالي ٢٤ ألف ميل يقطعه في شهر، أي بمعدل منزل في كل يوم أو ١٣ درجة في اليوم، وحركته حول الأرض حركة حقيقية، ويمكن ملاحظتها بسهولة من مراقبة موقعه بين النجوم ليلة بعد أخرى.
وفضلا عن ذلك فالمداران السالفا الذكر ليسا في مستوى واحد، بل يميل أحدهما على الآخر، ولولا ذلك لتكرر كل من الكسوف والخسوف مرة في كل شهر، وهكذا يتبين كيف إن لكل من : الشمس والقمر فلكا أو مدارا مستقلا يسبح فيه اهـ.
المعنى الجملي : بعد أن استدل على إمكان البعث والنشور بأحوال الأرض وما يطرأ عليها من تغير مما هو دليل القدرة الشاملة- أردف ذلك ذكر أحوال الأزمنة من اختلاف الليل والنهار وجريان الشمس والقمر والأجرام السماوية، وهي مخلوقات عظيمة واقعة تحت قبضته، يتصرف فيها بعظيم سلطانه.
تفسير المفردات :
ينبغي لها : أي لا يتيسر لها، أن تدرك القمر : أي تجتمع معه في وقت واحد فتداخله وتطمس نوره، لأن الكل منهما دورة خاصة في فلكه سيأتي ذكرها بعد، والفلك : مجرى الكواكب، سمي بذلك لاستدارته، والسباحة : الجري في الماء للسمك ونحوه، ثم استعمل في سير الكواكب في الفضاء في مداره الخاص.
الإيضاح :
﴿ لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ﴾أي لا يصح للشمس و لا يسهل عليها أن تدرك القمر في سرعة سيره، لأن الشمس تجري مقدار درجة في اليوم، والقمر يسير مقدار ١٣ درجة في اليوم، ولأن لكل منها مدارا خاصا لا يجتمع مع الآخر فيه.
﴿ ولا الليل سابق النهار ﴾أي ولا تسبق آية الليل وهي القمر، آية النهار وهي الشمس فيحل سلطانه محلها، إذ أنهما يجريان بحساب منتظم لا يتغير ولا يتبدل.
﴿ وكل في فلك يسبحون ﴾أي وكل من الأرض والشمس والقمر يسبح في فلكه كما يسبح السمك في الماء، فالشمس تجري في مدارها، والأرض تجري حول الشمس في سنة وحول نفسها في يوم وليلة، والقمر يجري حول الأرض كل شهر.
وعلماء الفلك قديما جعلوا الكواكب مركوزة في الأفلاك على ما نراه في كتبهم فليس للكوكب أن يسبح من تلقاء نفسه، بل لا بد له من حامل يحمله وهو الذي يدور به، وكيف يسبح ما لا حرية له ولا قدرة له على السير بل هو محمول على غيره ؟ هكذا كان الرأي عندهم، ولكن رأي علماء الفلك المحدثين : أن جميع الكواكب تسير في مدارات في عالم الأثير، فهي إذا كأنها سمك في بحر لجي.
فاعجب أيها القارئ الكريم للقرآن كيف أثبت ما دل على صحته الكشف الحديث، ودحض تلك الآراء التي كانت شائعة عصر التنزيل لدى علماء الفلك من اليونان والهند والصين.
الآية الأولى : من آيات الله وبديع صنعه تعاقب الليل والنهار دائبين. وقد جاء ذكر ذلك مرارا في القرآن الكريم، لما لهذه الظاهرة الفلكية من الأهمية العظمى في حياة الجنس البشري وكافة الأحياء التي على ظهر البسيطة، فهي من الأمور الجديرة بالتفكير للاستدلال بها على عظمة الخالق جل شأنه، فالليل يسلخ من النهار والنهار يسلخ من الليل، نتيجة لدوران الأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق، فتشرق الشمس على بعض الآفاق، وتغيب عن البعض الآخر بانتظام تام بديع.
الآية الثانية : وزيادة على دوران الشمس الظاهري وسط النجوم الناشئ عن دوران الأرض حول الشمس مرة في السنة- ثبت لدى العلماء أخيرا أن للشمس حركتين أخريين حقيقتين إحداهما : حول محورها مرة في كل ست وعشرين يوما تقريبا وتدل عليها أرصاد كلف الشمس، وهي نقط سوداء تظهر على سطحها بين حين وآخر، وتتغير مواقعها بالنسبة إلى السطح، وتقطع المسافة بين حافتي القرص في زمن قدره ١٣ يوما.
ثانيتهما : دوران الشمس ( ومن حولها توابعها الكواكب السيارة وأقمارها ) حول مركز النظام النجومي بسرعة تقدر بنحو مائتي ميل في الثانية، فالشمس واحدة من ملايين النجوم التي تكون النظام النجومي، والذي ثبت أنه يدور حول مركزه، ونظرا لأن الشمس لا تقع عند مركزه فإن لها حركة دورانية.
والذي يفهمه الفلكي أو الرياضي من المستقر لجسم متحرك حركة دورانية، أنه المحور الثابت الذي تكون الحركة حوله، أو مركز المدار الدائري لهذه الحركة، ففي الحالة الأولى يكون المستقر هو الخط الواصل بين قطبي الشمس، وفي الحالة الثانية : يكون هو مركز النظام النجومي بأسره الذي تدور حوله الشمس وكافة النجوم الأخرى.
وإذا علمنا أن هاتين الحركتين الحقيقتين للشمس لم تثبتا بالبرهان العلمي والأرصاد الفلكية إلا حديثا أدركنا ما في هذه الآية الكريمة من إعجاز عظيم.
الآية الثالثة : قسم الفلكيون القدماء النجوم التي تقع حول مدار القمر ثمانيا وعشرين مجموعة تسمى منازل القمر، وقد جاء ذكرها هنا وفي آيات أخرى كقوله تعالى :﴿ هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ﴾( يونس : ٥ ).
ولما كانت الشمس تنتقل باستمرار وسط النجوم، فتحجب عن الرؤية كل النجوم ومجموعات النجوم التي تكون موجودة فوق الأفق نهارا، نجد أن ما يكون موجودا من منازل القمر فوق الأفق ليلا يتغير تدريجا من ليلة إلى أخرى، ومن شهر إلى آخر، وهكذا نجد في معرفة مواقع القمر بالنسبة لهذه المنازل وسيلة لحساب الأوقات.
وقد كان العرب يعرفون بها الأنوار ويقيسون بالنسبة إليها مواقع الكواكب السيارة والشمس، وأسماؤها هي : الشرطان، البطين، الثريا، الدبران، الهقعة، الهنعة، الذراع المبسوطة، النثرة، الطرف، جبهة الأسد، الزبرة، الصرفة العوا، السماك الأعزل، الغفر، الزبانا، الإكليل، قلب العقرب، الشولة، النعائم، البلدة، سعد الذابح، سعد بلع، سعد السعود، سعد الأخبية، الفرع المقدم، الفرع المؤخر، الرشاء أو بطن الحوت.
وبعد أن يتم القمر دورته في مداره منتقلا بين منازله هذه يعود كما بدأ هلالا صغيرا مقوسا في بادئ الشهر، ويرى في ضوء الشفق بعد مغيب الشمس، ويكون لونه مصفرا كعرجون النخل، لأن مركبات ضوئه الأخرى تشتت في الطبقة الهوائية قبل وصولها إلى عين الراصد، كما نرى لون الشمس مصفرا حين الشروق أو حين الغروب.
الآية الرابعة : المقصود هنا أن الله سبحانه بديع السماوات والأرض جعل لكل من الشمس والقمر مدارا مستقلا يسبح فيه، فلا يحجب أحدهما ضوء الآخر إلا نادرا حين ما يحدث كسوف الشمس أو خسوف القمر.
فالشمس كما ذكرنا تدور حول الأرض في حركة ظاهرية تنشأ عن دوران الأرض حولها وهي تشبه ما يبدو للمسافر في القطار من حركة الأشجار وأعمدة التلغراف والقرى دون أن يحس بحركته المكتسبة من وجوده في القطار. وهكذا تتحرك الشمس وسط النجوم في مدار واسع نسبيا، نصف قطره ٩٣ مليون ميل وتتم دورة كاملة في زمن مقداره سنة، ويدل على هذه الحركة تنقلها وسط البروج بمعدل برج في كل شهر أو درجة واحدة تقريبا في كل يوم.
أما القمر فمداره حول الأرض أصغر نسبيا، ويقدر طول نصف قطر مداره بحوالي ٢٤ ألف ميل يقطعه في شهر، أي بمعدل منزل في كل يوم أو ١٣ درجة في اليوم، وحركته حول الأرض حركة حقيقية، ويمكن ملاحظتها بسهولة من مراقبة موقعه بين النجوم ليلة بعد أخرى.
وفضلا عن ذلك فالمداران السالفا الذكر ليسا في مستوى واحد، بل يميل أحدهما على الآخر، ولولا ذلك لتكرر كل من الكسوف والخسوف مرة في كل شهر، وهكذا يتبين كيف إن لكل من : الشمس والقمر فلكا أو مدارا مستقلا يسبح فيه اهـ.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه على سبيل المنة على عباده أنه أحيا الأرض وهي مكان الحيوان- أردف ذلك ذكر نعمة أخرى على الإنسان، وهي أنه جعل له طريقا يتخذه في البحر ويسير فيه كما يسير في البر جلبا لأرزاقه وتحصيلا لأقواته من أقاصي البلاد في أنحاء المعمورة.
تفسير المفردات :
الذرية : أصلها صغار الأولاد، ثم استعملت في الصغار والكبار، ويقع على الواحد والجمع، وهي من ذرأ الله الخلق فتركت همزته نحو برية، الفلك : السفينة، المشحون : المملوء.
الإيضاح :
﴿ وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون ﴾أي ومن آيات قدرته الدالة على رحمته بعباده أن جعل أولادهم يركبون السفن الموقرة بسائر السلع التي ينقلونها من بلد إلى آخر ليستفيدوا مما تحمله من الأقوات وسائر حاجهم المعيشية، ولولا ذلك لما بقي للآدمي نسل ولا عقب من بعده.
ونحو الآية قوله :﴿ ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمت الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ﴾( لقمان : ٣١ ).
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه على سبيل المنة على عباده أنه أحيا الأرض وهي مكان الحيوان- أردف ذلك ذكر نعمة أخرى على الإنسان، وهي أنه جعل له طريقا يتخذه في البحر ويسير فيه كما يسير في البر جلبا لأرزاقه وتحصيلا لأقواته من أقاصي البلاد في أنحاء المعمورة.
تفسير المفردات :
ما يركبون : هي الإبل فإنها سفائن البر لكثرة ما تحمل.
الإيضاح :
﴿ وخلقنا لهم من مثله ما يركبون ﴾أي وخلقنا من مثل تلك السفن البحرية سفنا برية، وهي الإبل التي تسير في الصحارى كما قال شاعرهم :
سفائن بر والسراب بحارها
ونحوها قطر السكك الحديدية والسفن الهوائية من مطاود وطائرات تسير في الجو حاملة للناس السلع المختلفة والذخائر الحربية، ومن جراء هذا لم يعين الكتاب الكريم ما يركبون لما سيظهر في عالم الوجود مما هو مخبأ في صحيفة الغيب، وهذا من إعجاز الكتاب الكريم.
ونحو الآية :﴿ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون ﴾( النحل : ٨ ).
ثم ذكر لطفه بعباده حين ركوبهم تلك السفن فقال :﴿ وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون ﴾.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه على سبيل المنة على عباده أنه أحيا الأرض وهي مكان الحيوان- أردف ذلك ذكر نعمة أخرى على الإنسان، وهي أنه جعل له طريقا يتخذه في البحر ويسير فيه كما يسير في البر جلبا لأرزاقه وتحصيلا لأقواته من أقاصي البلاد في أنحاء المعمورة.
تفسير المفردات :
فلا صريخ : أي فلا مغيث لهم يحفظهم من الغرق.
الإيضاح :
﴿ وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون ﴾أي وإن نشأ إغراقهم في الماء مع ما حملته السفن والزوارق فلا مغيث لهم يحفظهم من الغرق وينجيهم من الموت، ولكن رحمة منا بهم وتمتيعا لهم إلى حين بلذات الحياة الدنيا أبقيناهم وحفظناهم من الغرق.
وإلى هذا أشار بقوله :﴿ إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين ﴾
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه على سبيل المنة على عباده أنه أحيا الأرض وهي مكان الحيوان- أردف ذلك ذكر نعمة أخرى على الإنسان، وهي أنه جعل له طريقا يتخذه في البحر ويسير فيه كما يسير في البر جلبا لأرزاقه وتحصيلا لأقواته من أقاصي البلاد في أنحاء المعمورة.
﴿ إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين ﴾
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أنهم أعرضوا عن النظر في الآيات التي يشاهدونها في الآفاق أردف هذا ذكر إعراضهم عن الآيات المنزلة من عند ربهم مما فيه تحذيرهم بأن يحل بهم من المثلات مثل ما حل بمن قبلهم، ثم أعقبه بذمهم على ترك الشفقة على خلق الله، إذ قيل لهم أنفقوا فلم يفعلوا.
الإيضاح :
﴿ وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون ﴾أي : وإذا قيل لهؤلاء المكذبين بما أنزل الله من الآيات احذروا ما مضى بين أيديكم من نقم الله ومثلاته التي حلت بمن قبلكم من الأمم، وخافوا أن يحل بكم مثلها من جراء شرككم وتكذيبهم لرسوله- وما خلفكم أي : وما بعد هلاككم مما أنتم قادمون عليه إن متم على كفركم الذي أنتم عليه، لعل ربكم يرحمكم ويغفر لكم ما اجترحتم من السيئات- أعرضوا نأوا ونكصوا على أعقابهم مستكبرين.
ثم بين أن الإعراض ديدنهم، وليس ببدع منهم فقال :﴿ وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين ﴾.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أنهم أعرضوا عن النظر في الآيات التي يشاهدونها في الآفاق أردف هذا ذكر إعراضهم عن الآيات المنزلة من عند ربهم مما فيه تحذيرهم بأن يحل بهم من المثلات مثل ما حل بمن قبلهم، ثم أعقبه بذمهم على ترك الشفقة على خلق الله، إذ قيل لهم أنفقوا فلم يفعلوا.
الإيضاح :
﴿ وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين ﴾أي : وما تجيء هؤلاء المشركين حجة من حجج الله الدالة على توحيده وتصديق رسوله إلا بادروا بتكذيبها وأعرضوا عنها وتركوا النظر الصحيح المؤدي إلى الإيمان به، ومعرفة صدق رسوله.
والخلاصة : إنه ما ظهرت لهم آية من الآيات الناطقة ببدائع صنع الله وسوابغ آلائه الموجبة للإقبال عليها والإيمان بها إلا أعرضوا عنها مكذبين مستهزئين، ولم يكلفوا أنفسهم مشقة البحث في صدقها، والاستدلال بها على وحدانيته وصدق رسوله.
وبعد أن ذكر إعراضهم عن الخالق بين قسوتهم على المخلوقين فقال :﴿ وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ﴾.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أنهم أعرضوا عن النظر في الآيات التي يشاهدونها في الآفاق أردف هذا ذكر إعراضهم عن الآيات المنزلة من عند ربهم مما فيه تحذيرهم بأن يحل بهم من المثلات مثل ما حل بمن قبلهم، ثم أعقبه بذمهم على ترك الشفقة على خلق الله، إذ قيل لهم أنفقوا فلم يفعلوا.
الإيضاح :
﴿ وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ﴾أي : وإذا أمروا بالإنفاق مما رزقهم الله على الفقراء والمحاويج من المسلمين قالوا لمن طلب منهم ذلك : لو شاء الله لأغناهم وأطعمهم من رزقه، فنحن نوافق مشيئة الله فيهم.
وفي قوله : مما رزقكم الله، ترغيب في الإنفاق على نهج قوله :﴿ وأحسن كما أحسن الله إليك ﴾( القصص ٧٧ ) وتنبيه إلى عظيم جرمهم في ترك الامتثال للأمر، وذم لهم على ترك الشفقة على عباد الله.
وإجمال ذلك إنهم لم يعظموا الخالق ولم يشفقوا على المخلوق.
ثم ذكر أنهم على شحهم وبخلهم عابوا الآمر على الإنفاق ووصفوه بالضلال البين الذي لا شبهة فيه فقال :
﴿ إن أنتم إلا في ضلال مبين ﴾أي : ما أنتم أيها القوم في قيلكم لنا أنفقوا مما رزقكم الله على مساكينكم- إلا في جور بين وبعد عن سبيل الرشاد لمن تأمل وتدبر.
وهذا معذرة البخلاء في كل عصر ومصر، إذ تراهم دائما يقولون : لا نعطي من حرمه الله وتلك فرية منهم، لأن الله أغنى بعض الخلق، وأفقر بعضا، ابتلاء منه لعباده، ولأسباب نحن لا نعلمها لا بخلا منه وشحا، وأمره الأغنياء بالإنفاق على الفقراء ليس لحاجة منه إلى ما لهم، بل ليبلوهم ويرى أيمتثلون الأمر ويؤدون الواجب، أم ينكصون على أعقابهم ويلوون مدبرين ؟
ولا ينبغي لأحد أن يعترض على مشيئة ربه، لأنه يجهل أسباب ما يشاهد ويرى في الكون.
المعنى الجملي : بعد أن أمرهم بتقوى الله وخوفهم أن يحل بهم مثل ما حل بمن قبلهم من المثلات- أعقب هذا بذكر إنكارهم ليوم البعث، واستعجالهم له، استهزاء به وسخرية منه، ثم أتبعه ببيان أنه حق لا شك فيه وأنه سيأتيهم بغتة من حيث لا يشعرون، وإذ ذاك يخرجون من قبورهم مسرعين إلى الداعي ثم ينادون بالويل والثبور، وعظائم الأمور، حين يرون العذاب ويقولون : من أخرجنا من قبورنا ؟ فيجابون بأن ربكم هو الذي قدر هذا ووعدكم به على ألسنة رسله وسيوفي كل عامل جزاء عمله.
تفسير المفردات :
متى هذا الوعد : أي متى يتحقق ويجيء ما وعدنا به ؟
الإيضاح :
﴿ ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ﴾أي : ويقولون استهزاء وإنكارا، متى يحصل هذا البعث الذي تهددوننا به تارة تصريحا وأخرى تلويحا ؟ إن كنتم صادقين فيما تقولون وتعدون.
والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من قبل أنهم كانوا يتلون عليهم الآيات الدالة عليه، الآمرة بالإيمان به.
فأجابهم ربهم :﴿ ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون ﴾
المعنى الجملي : بعد أن أمرهم بتقوى الله وخوفهم أن يحل بهم مثل ما حل بمن قبلهم من المثلات- أعقب هذا بذكر إنكارهم ليوم البعث، واستعجالهم له، استهزاء به وسخرية منه، ثم أتبعه ببيان أنه حق لا شك فيه وأنه سيأتيهم بغتة من حيث لا يشعرون، وإذ ذاك يخرجون من قبورهم مسرعين إلى الداعي ثم ينادون بالويل والثبور، وعظائم الأمور، حين يرون العذاب ويقولون : من أخرجنا من قبورنا ؟ فيجابون بأن ربكم هو الذي قدر هذا ووعدكم به على ألسنة رسله وسيوفي كل عامل جزاء عمله.
تفسير المفردات :
ينظرون : أي ينتظرون، صيحة واحدة : هي النفخة الأولى في الصور، بها يموت أهل الأرض جميعا.
الإيضاح :
﴿ ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون ﴾أي ما ينتظرون بحلول العذاب إلا نفخة واحدة في الصور، بها يموت أهل الأرض جميعا تأخذهم بغتة وهم يتنازعون في أمور معايشهم لا يخطر ببالهم مجيئها.
ونحو الآية قوله :﴿ فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون ﴾( الأعراف : ٩٥ ).
روى ابن جرير عن ابن عمر قال :" لينفخن في الصور والناس في طرقهم وأسواقهم ومجالسهم، حتى إن الثوب ليكون بين الرجلين يتساومانه، فما يرسله أحدهما من يده حتى ينفخ في الصور فيصعق به وهي التي قال الله :﴿ ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون ﴾.
وأخرج الشيخان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة والرجل يليط حوضه فلا يسقى منه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن نعجته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فمه فلا يطعمها ".
ثم بين سرعة حدوثها وأنها كلمح البصر أو هي أقرب فقال :﴿ فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون ﴾
المعنى الجملي : بعد أن أمرهم بتقوى الله وخوفهم أن يحل بهم مثل ما حل بمن قبلهم من المثلات- أعقب هذا بذكر إنكارهم ليوم البعث، واستعجالهم له، استهزاء به وسخرية منه، ثم أتبعه ببيان أنه حق لا شك فيه وأنه سيأتيهم بغتة من حيث لا يشعرون، وإذ ذاك يخرجون من قبورهم مسرعين إلى الداعي ثم ينادون بالويل والثبور، وعظائم الأمور، حين يرون العذاب ويقولون : من أخرجنا من قبورنا ؟ فيجابون بأن ربكم هو الذي قدر هذا ووعدكم به على ألسنة رسله وسيوفي كل عامل جزاء عمله.
الإيضاح :
﴿ فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون ﴾أي فلا يستطيعون أن يوصوا في أموالهم أحدا، إذ لا يمهلون بذلك، ولا يستطيع من كان منهم خارجا من أهله أن يرجع إليهم، بل تبغتهم الصيحة فيموتون حيثما كانوا ويرجعون إلى ربهم.
المعنى الجملي : بعد أن أمرهم بتقوى الله وخوفهم أن يحل بهم مثل ما حل بمن قبلهم من المثلات- أعقب هذا بذكر إنكارهم ليوم البعث، واستعجالهم له، استهزاء به وسخرية منه، ثم أتبعه ببيان أنه حق لا شك فيه وأنه سيأتيهم بغتة من حيث لا يشعرون، وإذ ذاك يخرجون من قبورهم مسرعين إلى الداعي ثم ينادون بالويل والثبور، وعظائم الأمور، حين يرون العذاب ويقولون : من أخرجنا من قبورنا ؟ فيجابون بأن ربكم هو الذي قدر هذا ووعدكم به على ألسنة رسله وسيوفي كل عامل جزاء عمله.
تفسير المفردات :
ونفخ في الصور : أي النفخة الثانية، والأجداث : واحدها جدث ( بفتحتين ) القبر، ينسلون : أي يسرعون.
الإيضاح :
ثم بين أنهم بعد أن يموتوا ينفخ في الصور النفخة الثانية نفخة البعث من القبور فقال :
﴿ ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون ﴾أي ونفخ في الصور نفخة ثانية للبعث والنشور، والخروج من القبور، فإذا هم جميعا يسرعون للقاء ربهم للحساب والجزاء.
ونحو الآية قوله :﴿ يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون ﴾( المعارج : ٤٣ ).
المعنى الجملي : بعد أن أمرهم بتقوى الله وخوفهم أن يحل بهم مثل ما حل بمن قبلهم من المثلات- أعقب هذا بذكر إنكارهم ليوم البعث، واستعجالهم له، استهزاء به وسخرية منه، ثم أتبعه ببيان أنه حق لا شك فيه وأنه سيأتيهم بغتة من حيث لا يشعرون، وإذ ذاك يخرجون من قبورهم مسرعين إلى الداعي ثم ينادون بالويل والثبور، وعظائم الأمور، حين يرون العذاب ويقولون : من أخرجنا من قبورنا ؟ فيجابون بأن ربكم هو الذي قدر هذا ووعدكم به على ألسنة رسله وسيوفي كل عامل جزاء عمله.
تفسير المفردات :
والويل : الهلاك، من مرقدنا : أي موتنا
الإيضاح :
ثم ذكر أنهم يعجبون حين يرون أنفسهم قد خرجوا من قبورهم للبعث، كما حكى عنهم بقوله :
﴿ قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ﴾أي قالوا يا قومنا انظروا هلاكنا وتعجبوا منه، من بعثنا من قبورنا بعد موتنا ؟ حينئذ يجيبهم المؤمنون فيقولون لهم :
﴿ هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ﴾أي هذا الذي ترون ما وعد به الرحمن وصدق في الإخبار به المرسلون الذين أتونا بوعد الله ووعيده.
وهم قد سألوا عن الفاعل للبعث وأجيبوا بالفعل تذكيرا لهم بكفرهم وتقريعا عليه مع تضمن ذلك الإشارة إلى الفاعل.
ثم بين سرعة بعثهم من القبور فقال :﴿ إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون ﴾
المعنى الجملي : بعد أن أمرهم بتقوى الله وخوفهم أن يحل بهم مثل ما حل بمن قبلهم من المثلات- أعقب هذا بذكر إنكارهم ليوم البعث، واستعجالهم له، استهزاء به وسخرية منه، ثم أتبعه ببيان أنه حق لا شك فيه وأنه سيأتيهم بغتة من حيث لا يشعرون، وإذ ذاك يخرجون من قبورهم مسرعين إلى الداعي ثم ينادون بالويل والثبور، وعظائم الأمور، حين يرون العذاب ويقولون : من أخرجنا من قبورنا ؟ فيجابون بأن ربكم هو الذي قدر هذا ووعدكم به على ألسنة رسله وسيوفي كل عامل جزاء عمله.
تفسير المفردات :
محضرون : أي للحساب والجزاء.
الإيضاح :
﴿ إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون ﴾ أي ما كانت إعادتهم أحياء بعد مماتهم إلا نفخة واحدة فإذا هم مجتمعون لدينا قد أحضروا للعرض والحساب لم يتخلف منهم أحد.
ونحو الآية قول :﴿ فإنما هي زجرة واحدة١٣ فإذا هم بالساهرة ﴾( النازعات : ١٣-١٤ ) وقوله :﴿ وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب ﴾( النحل : ٧٧ ).
المعنى الجملي : بعد أن أمرهم بتقوى الله وخوفهم أن يحل بهم مثل ما حل بمن قبلهم من المثلات- أعقب هذا بذكر إنكارهم ليوم البعث، واستعجالهم له، استهزاء به وسخرية منه، ثم أتبعه ببيان أنه حق لا شك فيه وأنه سيأتيهم بغتة من حيث لا يشعرون، وإذ ذاك يخرجون من قبورهم مسرعين إلى الداعي ثم ينادون بالويل والثبور، وعظائم الأمور، حين يرون العذاب ويقولون : من أخرجنا من قبورنا ؟ فيجابون بأن ربكم هو الذي قدر هذا ووعدكم به على ألسنة رسله وسيوفي كل عامل جزاء عمله.
الإيضاح :
ثم بين ما يكون في ذلك اليوم من الحساب بالعدل والقسطاس فقال :
﴿ فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون ﴾أي ففي هذا اليوم يوم القيامة لا تبخس نفس جزاء ما عملت من خير أو شر، ولا يحمل عليها وزر غيرها، بل توفي كل نفس أجر ما عملت من صالح، ولا تعاقب إلا بما اكتسبت من طالح، جزاء وفاقا لما عملت في الدنيا.
المعنى الجملي : بعد أن بين سبحانه أن ذلك اليوم كائن لا محالة، وأنه سيأتي بغتة من حيث يشعر به أحد، فما هو إلا صيحة واحدة فإذا الناس خارجون من قبورهم ينسلون أردف ذلك بيان ما أعده للمحسن والمسيء في هذا اليوم من ثواب وعقاب ليكون في ذلك ترغيب في صالح الأعمال، وترهيب من فعل الفجور واجتراح السيئات.
تفسير المفردات :
الشغل : الشأن الذي يصد المرء ويشغله عما سواه من شؤونه وأحواله لأهميته لديه، إما لأنه يحصل مسرة كاملة أو مساءة عظيمة، الفاكه : الطيب النفس الضحوك قاله أبو زيد.
الإيضاح :
﴿ إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون ﴾أي إن من يدخل الجنة يتمتع بنعيمها ولذاتها، ويكون بذلك في شغل عما سواه، إذ يرى ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فأنى له أن يفكر فيما سواه ؟ وهو بذلك فرح مستبشر ضحوك السن هادئ النفس، لا يرى شيئا يغمه أو ينغص عليه حبوره وسروره.
ثم ذكر ما يكمل به تفكههم ويزيد في سرورهم فقال :﴿ هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون ﴾.
المعنى الجملي : بعد أن بين سبحانه أن ذلك اليوم كائن لا محالة، وأنه سيأتي بغتة من حيث يشعر به أحد، فما هو إلا صيحة واحدة فإذا الناس خارجون من قبورهم ينسلون أردف ذلك بيان ما أعده للمحسن والمسيء في هذا اليوم من ثواب وعقاب ليكون في ذلك ترغيب في صالح الأعمال، وترهيب من فعل الفجور واجتراح السيئات.
تفسير المفردات :
والضلال : واحدها ظل وهو ضد الضح ( ما تصيبه الشمس ) والأرائك : واحدها أريكة، وهي سرير منجد مزين في قبة أو في بيت.
الإيضاح :
﴿ هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون ﴾أي هم وأزواجهم في ظل لا يضحون لشمس، لأنه لا شمس فيها ( وألذ شيء لدى العربي أن يرى مكانا فيه ظل ظليل، وأنهار جارية، وأشجار مورقة ) وهم فيها متكئون على السرر عليها الحجال ( الناموسيات ) وهذا منتهى ما تسمو إليه النفوس من لذة لدى من نزل عليهم التنزيل.
وبعد أن ذكر ما لهم فيها من مجالس الأنس -ذكر ما يتمتعون به من مآكل ومشارب، ولذات جسمانية وروحية فقال :﴿ لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون ﴾.
المعنى الجملي : بعد أن بين سبحانه أن ذلك اليوم كائن لا محالة، وأنه سيأتي بغتة من حيث يشعر به أحد، فما هو إلا صيحة واحدة فإذا الناس خارجون من قبورهم ينسلون أردف ذلك بيان ما أعده للمحسن والمسيء في هذا اليوم من ثواب وعقاب ليكون في ذلك ترغيب في صالح الأعمال، وترهيب من فعل الفجور واجتراح السيئات.
تفسير المفردات :
يدعون : أي يطلبون.
الإيضاح :
﴿ لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون ﴾أي لهم فيها من الفواكه ما لذ وطاب، مما تقر به أعينهم، وتسر به نفوسهم، كما هو شأن المترفين المنعمين في الدنيا، ولهم فوق ذلك كل ما يتمنون وتشتاق إليه نفوسهم، قال أبو عبيدة : العرب تقول : ادع علي ما شئت أي تمن علي وتقول فلان في خير ما ادعى أي في خير ما تمنى.
ثم فسر الذي يدعون بقوله :﴿ سلام قولا من رب رحيم ﴾.
المعنى الجملي : بعد أن بين سبحانه أن ذلك اليوم كائن لا محالة، وأنه سيأتي بغتة من حيث يشعر به أحد، فما هو إلا صيحة واحدة فإذا الناس خارجون من قبورهم ينسلون أردف ذلك بيان ما أعده للمحسن والمسيء في هذا اليوم من ثواب وعقاب ليكون في ذلك ترغيب في صالح الأعمال، وترهيب من فعل الفجور واجتراح السيئات.
الإيضاح :
﴿ سلام قولا من رب رحيم ﴾أي ذلك الذي يتمنوه هو التسليم من الله عليهم تعظيما لهم، وهذا السلام يكون بوساطة الملائكة كما قال سبحانه :﴿ والملائكة يدخلون عليهم من كل باب٢٣ سلام عليكم ﴾( الرعد : ٢٣-٢٤ ).
والسلام أمان من كل مكروه، ونيل لكل محبوب، وذلك منتهى درجات النعيم الروحي والجسماني الذي تصبو إليه النفوس في دنياها وآخرتها، فكأن هذا إجمال لما تقدم من اللذات التي فصلت فيما سلف.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما للمحسنين من نعيم واجتماع بالمحبين والإخوان والأزواج في الجنات- أعقبه بذكر حال المجرمين وأنهم في ذلك اليوم يطلب منهم التفرق وابتعاد بعضهم من بعض، فيكون لهم عذابان : عذاب النار وعذاب الوحدة، ولا عذاب فوق هذا، ثم أردف هذا أنه قد كان لهم مندوحة من كل هذا بما أرسل إليهم من الرسل الذين بلغوهم أوامر ربهم ونواهيه، ومنها نهيهم عن اتباع خطوات الشيطان وعن اتباعه فيما يوسوس به، ثم ذكر أنه كان لهم فيمن قبلهم من العظات ما فيه مزدجر لهم لو تذكروا، لكنهم اتبعوا وساوسه، فحل بهم من النكال والوبال ما رأوا آثاره بأعينهم في الدنيا، وفيه دليل على ما سيكون لهم في العقبى، ثم ذكر مآل أمرهم وأنهم سيصلون نار جهنم خالدين فيها أبدا بما اكتسبت أيديهم، وهم في هذا اليوم لا ينطقون ببنت شفة، ولا تقبل منهم معذرة، بل تتكلم أيديهم بما عملت، وتشهد أرجلهم بما اكتسبت، ثم ذكر أنه رحمة منه بعباده لم يشأ أن يعاقبهم في الدنيا بشديد العقوبات، فلم يشأ أن يذهب أبصارهم حتى لو أرادوا الاستباق وسلوك الطريق الذي اعتادوا سلوكه ما قدروا ولا أبصروا، ولم يشأ أن يمسخ صورهم ويجعلهم كالقدرة والخنازير حتى لو أرادوا الذهاب إلى مقاصدهم ما استطاعوا، ولو أرادوا الرجوع ما قدروا، ثم دفع معذرة أخرى ربما احتجوا بها وهي أن ما عمروه قليل، ولو طال عمرهم لأحسنوا العمل، واهتدوا على الحق فرد ذلك عليهم بأنهم كلما عمروا في السن ضعفوا عن العمل وقد عمروا مقدار ما يتمكنون به من البحث والإدراك كما قال :﴿ أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ﴾( فاطر : ٣٧ ) ولكن ذلك ما كفاهم، فهم مهما طالت أعمارهم لا يجديهم ذلك فتيلا ولا قطميرا.
تفسير المفردات :
امتازوا : أي انفردوا وابتعدوا عن المؤمنين.
الإيضاح :
﴿ وامتازوا اليوم أيها المجرمون ﴾أي تفرقوا وادخلوا مساكنكم من النار، فلم يبق لكم اجتماع بالمؤمنين أبدا، ونحو الآية قوله :﴿ ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم ﴾( يونس : ٢٨ ) وقوله :﴿ ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون ﴾( الروم : ١٤ ) وقوله :﴿ احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون٢٢ من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾( الصافات : ٢٢-٢٣ ).
ولما أمروا بالامتياز وشخصت منهم الأبصار وكلحت الوجوه وتنكست الرؤوس قال سبحانه موبخا لهم :﴿ ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان ﴾.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما للمحسنين من نعيم واجتماع بالمحبين والإخوان والأزواج في الجنات- أعقبه بذكر حال المجرمين وأنهم في ذلك اليوم يطلب منهم التفرق وابتعاد بعضهم من بعض، فيكون لهم عذابان : عذاب النار وعذاب الوحدة، ولا عذاب فوق هذا، ثم أردف هذا أنه قد كان لهم مندوحة من كل هذا بما أرسل إليهم من الرسل الذين بلغوهم أوامر ربهم ونواهيه، ومنها نهيهم عن اتباع خطوات الشيطان وعن اتباعه فيما يوسوس به، ثم ذكر أنه كان لهم فيمن قبلهم من العظات ما فيه مزدجر لهم لو تذكروا، لكنهم اتبعوا وساوسه، فحل بهم من النكال والوبال ما رأوا آثاره بأعينهم في الدنيا، وفيه دليل على ما سيكون لهم في العقبى، ثم ذكر مآل أمرهم وأنهم سيصلون نار جهنم خالدين فيها أبدا بما اكتسبت أيديهم، وهم في هذا اليوم لا ينطقون ببنت شفة، ولا تقبل منهم معذرة، بل تتكلم أيديهم بما عملت، وتشهد أرجلهم بما اكتسبت، ثم ذكر أنه رحمة منه بعباده لم يشأ أن يعاقبهم في الدنيا بشديد العقوبات، فلم يشأ أن يذهب أبصارهم حتى لو أرادوا الاستباق وسلوك الطريق الذي اعتادوا سلوكه ما قدروا ولا أبصروا، ولم يشأ أن يمسخ صورهم ويجعلهم كالقدرة والخنازير حتى لو أرادوا الذهاب إلى مقاصدهم ما استطاعوا، ولو أرادوا الرجوع ما قدروا، ثم دفع معذرة أخرى ربما احتجوا بها وهي أن ما عمروه قليل، ولو طال عمرهم لأحسنوا العمل، واهتدوا على الحق فرد ذلك عليهم بأنهم كلما عمروا في السن ضعفوا عن العمل وقد عمروا مقدار ما يتمكنون به من البحث والإدراك كما قال :﴿ أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ﴾( فاطر : ٣٧ ) ولكن ذلك ما كفاهم، فهم مهما طالت أعمارهم لا يجديهم ذلك فتيلا ولا قطميرا.
تفسير المفردات :
والعهد : الوصية وعرض ما فيه خير ومنفعة، وعبادة الشيطان : يراد بها عبادة غير الله من الآلهة الباطلة، وأضيفت إلى الشيطان لأنه الآمر بها والمزين لها.
الإيضاح :
﴿ ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان ﴾أي ألم أوصكم بما نصبت من الأدلة، ومنحت من العقول، وبعثت من الرسل، وأنزلت من الكتب بيانا للطريق الموصل إلى النجاة- أن تتركوا طاعة الشيطان فيما يوسوس به إليكم من معصيتي ومخالفة أمري.
ثم علل النهي عن عبادته بقوله :
﴿ إنه لكم عدو مبين ﴾أي إنه ظاهر العداوة لكم من جراء عداوته لأبيكم آدم من قبل، ولأنه يوبقكم في مهاوي الردى، ويوقعكم في مزالق الهلاك.
ولما منع من عبادة الشيطان أمر بعبادته سبحانه فقال :﴿ وأن اعبدوني ﴾.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما للمحسنين من نعيم واجتماع بالمحبين والإخوان والأزواج في الجنات- أعقبه بذكر حال المجرمين وأنهم في ذلك اليوم يطلب منهم التفرق وابتعاد بعضهم من بعض، فيكون لهم عذابان : عذاب النار وعذاب الوحدة، ولا عذاب فوق هذا، ثم أردف هذا أنه قد كان لهم مندوحة من كل هذا بما أرسل إليهم من الرسل الذين بلغوهم أوامر ربهم ونواهيه، ومنها نهيهم عن اتباع خطوات الشيطان وعن اتباعه فيما يوسوس به، ثم ذكر أنه كان لهم فيمن قبلهم من العظات ما فيه مزدجر لهم لو تذكروا، لكنهم اتبعوا وساوسه، فحل بهم من النكال والوبال ما رأوا آثاره بأعينهم في الدنيا، وفيه دليل على ما سيكون لهم في العقبى، ثم ذكر مآل أمرهم وأنهم سيصلون نار جهنم خالدين فيها أبدا بما اكتسبت أيديهم، وهم في هذا اليوم لا ينطقون ببنت شفة، ولا تقبل منهم معذرة، بل تتكلم أيديهم بما عملت، وتشهد أرجلهم بما اكتسبت، ثم ذكر أنه رحمة منه بعباده لم يشأ أن يعاقبهم في الدنيا بشديد العقوبات، فلم يشأ أن يذهب أبصارهم حتى لو أرادوا الاستباق وسلوك الطريق الذي اعتادوا سلوكه ما قدروا ولا أبصروا، ولم يشأ أن يمسخ صورهم ويجعلهم كالقدرة والخنازير حتى لو أرادوا الذهاب إلى مقاصدهم ما استطاعوا، ولو أرادوا الرجوع ما قدروا، ثم دفع معذرة أخرى ربما احتجوا بها وهي أن ما عمروه قليل، ولو طال عمرهم لأحسنوا العمل، واهتدوا على الحق فرد ذلك عليهم بأنهم كلما عمروا في السن ضعفوا عن العمل وقد عمروا مقدار ما يتمكنون به من البحث والإدراك كما قال :﴿ أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ﴾( فاطر : ٣٧ ) ولكن ذلك ما كفاهم، فهم مهما طالت أعمارهم لا يجديهم ذلك فتيلا ولا قطميرا.
الإيضاح :
﴿ وأن اعبدوني ﴾وحدي، وأطيعوني فيما أمرتكم به، وانتهوا عما نهيتكم عنه.
ثم بين أن ما أمر به ونهى عنه طريق معبد واضح لا لبس فيه ولا خفاء فقال :
﴿ هذا صراط مستقيم ﴾أي هذا الذي نهيتكم عنه من عبادة الشيطان، وأمرتكم به من عبادة الرحمن، هو الصراط المستقيم، لكنكم سلكتم غيره فوقعتم في مزالق الضلال وترديتم في مهاوي الردى.
وبعد أن نبههم إلى أنهم نقضوا العهد وبخهم على عدم اتعاظهم بغيرهم ممن أوقعهم الشيطان في المهالك، وكانت عاقبتهم ما يرون من سوء المنقلب في الدنيا والآخرة فقال :﴿ ولقد أضل منكم جبلا كثيرا ﴾.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما للمحسنين من نعيم واجتماع بالمحبين والإخوان والأزواج في الجنات- أعقبه بذكر حال المجرمين وأنهم في ذلك اليوم يطلب منهم التفرق وابتعاد بعضهم من بعض، فيكون لهم عذابان : عذاب النار وعذاب الوحدة، ولا عذاب فوق هذا، ثم أردف هذا أنه قد كان لهم مندوحة من كل هذا بما أرسل إليهم من الرسل الذين بلغوهم أوامر ربهم ونواهيه، ومنها نهيهم عن اتباع خطوات الشيطان وعن اتباعه فيما يوسوس به، ثم ذكر أنه كان لهم فيمن قبلهم من العظات ما فيه مزدجر لهم لو تذكروا، لكنهم اتبعوا وساوسه، فحل بهم من النكال والوبال ما رأوا آثاره بأعينهم في الدنيا، وفيه دليل على ما سيكون لهم في العقبى، ثم ذكر مآل أمرهم وأنهم سيصلون نار جهنم خالدين فيها أبدا بما اكتسبت أيديهم، وهم في هذا اليوم لا ينطقون ببنت شفة، ولا تقبل منهم معذرة، بل تتكلم أيديهم بما عملت، وتشهد أرجلهم بما اكتسبت، ثم ذكر أنه رحمة منه بعباده لم يشأ أن يعاقبهم في الدنيا بشديد العقوبات، فلم يشأ أن يذهب أبصارهم حتى لو أرادوا الاستباق وسلوك الطريق الذي اعتادوا سلوكه ما قدروا ولا أبصروا، ولم يشأ أن يمسخ صورهم ويجعلهم كالقدرة والخنازير حتى لو أرادوا الذهاب إلى مقاصدهم ما استطاعوا، ولو أرادوا الرجوع ما قدروا، ثم دفع معذرة أخرى ربما احتجوا بها وهي أن ما عمروه قليل، ولو طال عمرهم لأحسنوا العمل، واهتدوا على الحق فرد ذلك عليهم بأنهم كلما عمروا في السن ضعفوا عن العمل وقد عمروا مقدار ما يتمكنون به من البحث والإدراك كما قال :﴿ أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ﴾( فاطر : ٣٧ ) ولكن ذلك ما كفاهم، فهم مهما طالت أعمارهم لا يجديهم ذلك فتيلا ولا قطميرا.
تفسير المفردات :
والجبل : الجماعة العظيمة.
الإيضاح :
﴿ ولقد أضل منكم جبلا كثيرا ﴾أي ولقد صد الشيطان منكم خلقا كثيرا من طاعتي وإفرادي بالألوهية فاتخذوا من دوني آلهة يعبدونها.
ثم زاد في توبيخهم والإنكار عليهم فقال :
﴿ أفلم تكونوا تعقلون ﴾أي فلم يكن لكم عقل فترتدعوا عن مثل ما كانوا عليه كي لا يحيق بكم من العذاب مثل ما حاق بهم.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما للمحسنين من نعيم واجتماع بالمحبين والإخوان والأزواج في الجنات- أعقبه بذكر حال المجرمين وأنهم في ذلك اليوم يطلب منهم التفرق وابتعاد بعضهم من بعض، فيكون لهم عذابان : عذاب النار وعذاب الوحدة، ولا عذاب فوق هذا، ثم أردف هذا أنه قد كان لهم مندوحة من كل هذا بما أرسل إليهم من الرسل الذين بلغوهم أوامر ربهم ونواهيه، ومنها نهيهم عن اتباع خطوات الشيطان وعن اتباعه فيما يوسوس به، ثم ذكر أنه كان لهم فيمن قبلهم من العظات ما فيه مزدجر لهم لو تذكروا، لكنهم اتبعوا وساوسه، فحل بهم من النكال والوبال ما رأوا آثاره بأعينهم في الدنيا، وفيه دليل على ما سيكون لهم في العقبى، ثم ذكر مآل أمرهم وأنهم سيصلون نار جهنم خالدين فيها أبدا بما اكتسبت أيديهم، وهم في هذا اليوم لا ينطقون ببنت شفة، ولا تقبل منهم معذرة، بل تتكلم أيديهم بما عملت، وتشهد أرجلهم بما اكتسبت، ثم ذكر أنه رحمة منه بعباده لم يشأ أن يعاقبهم في الدنيا بشديد العقوبات، فلم يشأ أن يذهب أبصارهم حتى لو أرادوا الاستباق وسلوك الطريق الذي اعتادوا سلوكه ما قدروا ولا أبصروا، ولم يشأ أن يمسخ صورهم ويجعلهم كالقدرة والخنازير حتى لو أرادوا الذهاب إلى مقاصدهم ما استطاعوا، ولو أرادوا الرجوع ما قدروا، ثم دفع معذرة أخرى ربما احتجوا بها وهي أن ما عمروه قليل، ولو طال عمرهم لأحسنوا العمل، واهتدوا على الحق فرد ذلك عليهم بأنهم كلما عمروا في السن ضعفوا عن العمل وقد عمروا مقدار ما يتمكنون به من البحث والإدراك كما قال :﴿ أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ﴾( فاطر : ٣٧ ) ولكن ذلك ما كفاهم، فهم مهما طالت أعمارهم لا يجديهم ذلك فتيلا ولا قطميرا.
الإيضاح :
وبعد أن أنبوا ووبخوا بما سلف خوطبوا بما يزيدهم حسرة وألما فقيل لهم :
﴿ هذه جهنم التي كنتم توعدون ﴾أي هذه هي جهنم التي كنتم توعدون بها على ألسنة الرسل والمبلغين عنهم إذا أنتم اتبعتم وساوس الشيطان، وعصيتم الرحمن، وعبدتم من دونه الأصنام والأوثان، واجترحتم الفسوق والعصيان.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما للمحسنين من نعيم واجتماع بالمحبين والإخوان والأزواج في الجنات- أعقبه بذكر حال المجرمين وأنهم في ذلك اليوم يطلب منهم التفرق وابتعاد بعضهم من بعض، فيكون لهم عذابان : عذاب النار وعذاب الوحدة، ولا عذاب فوق هذا، ثم أردف هذا أنه قد كان لهم مندوحة من كل هذا بما أرسل إليهم من الرسل الذين بلغوهم أوامر ربهم ونواهيه، ومنها نهيهم عن اتباع خطوات الشيطان وعن اتباعه فيما يوسوس به، ثم ذكر أنه كان لهم فيمن قبلهم من العظات ما فيه مزدجر لهم لو تذكروا، لكنهم اتبعوا وساوسه، فحل بهم من النكال والوبال ما رأوا آثاره بأعينهم في الدنيا، وفيه دليل على ما سيكون لهم في العقبى، ثم ذكر مآل أمرهم وأنهم سيصلون نار جهنم خالدين فيها أبدا بما اكتسبت أيديهم، وهم في هذا اليوم لا ينطقون ببنت شفة، ولا تقبل منهم معذرة، بل تتكلم أيديهم بما عملت، وتشهد أرجلهم بما اكتسبت، ثم ذكر أنه رحمة منه بعباده لم يشأ أن يعاقبهم في الدنيا بشديد العقوبات، فلم يشأ أن يذهب أبصارهم حتى لو أرادوا الاستباق وسلوك الطريق الذي اعتادوا سلوكه ما قدروا ولا أبصروا، ولم يشأ أن يمسخ صورهم ويجعلهم كالقدرة والخنازير حتى لو أرادوا الذهاب إلى مقاصدهم ما استطاعوا، ولو أرادوا الرجوع ما قدروا، ثم دفع معذرة أخرى ربما احتجوا بها وهي أن ما عمروه قليل، ولو طال عمرهم لأحسنوا العمل، واهتدوا على الحق فرد ذلك عليهم بأنهم كلما عمروا في السن ضعفوا عن العمل وقد عمروا مقدار ما يتمكنون به من البحث والإدراك كما قال :﴿ أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ﴾( فاطر : ٣٧ ) ولكن ذلك ما كفاهم، فهم مهما طالت أعمارهم لا يجديهم ذلك فتيلا ولا قطميرا.
تفسير المفردات :
اصلوها : أي قاسوا حرها.
الإيضاح :
ثم أمرهم أمر إهانة وتحقير لهم بقوله :
﴿ اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون ﴾أي احترقوا بها اليوم، وقاسوا حرها الشديد بسبب جحودكم بها في الدنيا، وتكذيبكم إياها، بعد أن نبهتم فلم تنتبهوا، وأوقظتم فلم تستيقظوا.
وخلاصة ذلك : إنه قد ذكر ما يوجب الحزن والأسى من وجوه ثلاثة :
( ١ ) إنه أمرهم أمر تنكيل وإهانة نحو قوله لفرعون :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾( الدخان : ٤٩ ).
( ٢ ) إنه ذكر لفظ ( اليوم ) الذي يدل على أن العذاب حاضر وأن لذاتهم قد مضت وبقي العذاب اليوم.
( ٣ ) إن قوله بما كنتم تكفرون يومئ إلى أن هناك نعمة قد كانت فكفروا بها، وحياء الكفور من المنعم أشد ألما وأعظم مضاضة كما قيل :
أليس بكاف لذي همة *** حياء المسيء من المحسن
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما للمحسنين من نعيم واجتماع بالمحبين والإخوان والأزواج في الجنات- أعقبه بذكر حال المجرمين وأنهم في ذلك اليوم يطلب منهم التفرق وابتعاد بعضهم من بعض، فيكون لهم عذابان : عذاب النار وعذاب الوحدة، ولا عذاب فوق هذا، ثم أردف هذا أنه قد كان لهم مندوحة من كل هذا بما أرسل إليهم من الرسل الذين بلغوهم أوامر ربهم ونواهيه، ومنها نهيهم عن اتباع خطوات الشيطان وعن اتباعه فيما يوسوس به، ثم ذكر أنه كان لهم فيمن قبلهم من العظات ما فيه مزدجر لهم لو تذكروا، لكنهم اتبعوا وساوسه، فحل بهم من النكال والوبال ما رأوا آثاره بأعينهم في الدنيا، وفيه دليل على ما سيكون لهم في العقبى، ثم ذكر مآل أمرهم وأنهم سيصلون نار جهنم خالدين فيها أبدا بما اكتسبت أيديهم، وهم في هذا اليوم لا ينطقون ببنت شفة، ولا تقبل منهم معذرة، بل تتكلم أيديهم بما عملت، وتشهد أرجلهم بما اكتسبت، ثم ذكر أنه رحمة منه بعباده لم يشأ أن يعاقبهم في الدنيا بشديد العقوبات، فلم يشأ أن يذهب أبصارهم حتى لو أرادوا الاستباق وسلوك الطريق الذي اعتادوا سلوكه ما قدروا ولا أبصروا، ولم يشأ أن يمسخ صورهم ويجعلهم كالقدرة والخنازير حتى لو أرادوا الذهاب إلى مقاصدهم ما استطاعوا، ولو أرادوا الرجوع ما قدروا، ثم دفع معذرة أخرى ربما احتجوا بها وهي أن ما عمروه قليل، ولو طال عمرهم لأحسنوا العمل، واهتدوا على الحق فرد ذلك عليهم بأنهم كلما عمروا في السن ضعفوا عن العمل وقد عمروا مقدار ما يتمكنون به من البحث والإدراك كما قال :﴿ أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ﴾( فاطر : ٣٧ ) ولكن ذلك ما كفاهم، فهم مهما طالت أعمارهم لا يجديهم ذلك فتيلا ولا قطميرا.
تفسير المفردات :
والختم على الأفواه : يراد به المنع من الكلام.
الإيضاح :
ثم بين أنهم في هذا اليوم لا يستطيعون دفاعا عن أنفسهم وتشهد عليهم أيبديهم وأرجلهم فقال :
﴿ اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ﴾أي ففي هذا اليوم ينكر الكافرون ما اجترحوا في الدنيا من الشرور والآثام، ويحلفون أنهم ما فعلوا كما حكى الله عنهم من قولهم :﴿ والله ربنا ما كنا مشركين ﴾( الأنعام : ٢٣ ) فيختم على أفواههم فلا تنطق ببنت شفة، ويستنطق جوارحهم بما اجترمت من الفسوق والعصيان الذي لم يتوبوا عنه.
ونسب الكلام إلى الأيدي والشهادة إلى الأرجل، من قبل أن الأولى لها مزيد اختصاص بمباشرة الأعمال، ومن ثم كثر نسبة العمل إليها في نحو قوله :﴿ يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ﴾( النبأ : ٤٠ ) وقوله :﴿ وما عملته أيديهم ﴾( يس : ٣٥ ) وقوله :﴿ بما كسبت أيدي الناس ﴾( الروم ٤١ ) ولا كذلك الثانية فكانت الشهادة بها أنسب، إذ هي كالأجنبية منها.
وجاء في الخبر :" يقول العبد يوم القيامة إني لا أجد علي شاهدا إلا من نفسي، فيختم الله على فيه ويقول لأركانه : انطقي، فتنطق بأعماله. ثم يخلي بينها وبين الكلام فيقول بعدا لكن وسحقا، فعنكن كنت أناضل ".
وإذا كان المرء في دار الدنيا المملوءة أكاذيب ونفاقا يخجل فيحمر وجهه، ويوجل فيصفر وجهه ويتخذ القضاة من ذلك أدلة على إدانة المتهم. كما نقص آثار أقدام اللصوص والجناة ونتبعهم في السهل والجبل حتى إذا عثرنا عليهم قدمناهم للقضاء بشهادة هذه الآثار التي لا اشتباه فيها، كذلك نختم بأصابع المجرمين على الورق ( البصمة ) فلا تشاكل يد يدا، مما يجعل لذلك أجل قيمة في خدمة العدالة.
وإذا كان في عالمنا الجسماني فما بالك بعالم الأرواح التي يكون فيها لكل ذنب أو عمل حسن أثر في النفوس يولد فيه الخير أو الشر، حتى إذا انفصلت الأرواح من الأجساد ظهر ما انطبع فيها من خير أو شر ؟ وإلى هذا يشير قوله تعالى ذاكرا حال الحساب يوم القيامة :﴿ اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ﴾( الإسراء : ١٤ ) فالنفس إذا هي الكتاب الذي لا غش فيه ولا كذب، فإذا صمت اللسان نطقت الجوارح كما ننطق آثارها اليوم، أي تدل على المراد أفصح دلالة، وترشد إلى المقصود أيما إرشاد، وهذا هو الذي ينبغي أن يفهم في الآية الكريمة.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما للمحسنين من نعيم واجتماع بالمحبين والإخوان والأزواج في الجنات- أعقبه بذكر حال المجرمين وأنهم في ذلك اليوم يطلب منهم التفرق وابتعاد بعضهم من بعض، فيكون لهم عذابان : عذاب النار وعذاب الوحدة، ولا عذاب فوق هذا، ثم أردف هذا أنه قد كان لهم مندوحة من كل هذا بما أرسل إليهم من الرسل الذين بلغوهم أوامر ربهم ونواهيه، ومنها نهيهم عن اتباع خطوات الشيطان وعن اتباعه فيما يوسوس به، ثم ذكر أنه كان لهم فيمن قبلهم من العظات ما فيه مزدجر لهم لو تذكروا، لكنهم اتبعوا وساوسه، فحل بهم من النكال والوبال ما رأوا آثاره بأعينهم في الدنيا، وفيه دليل على ما سيكون لهم في العقبى، ثم ذكر مآل أمرهم وأنهم سيصلون نار جهنم خالدين فيها أبدا بما اكتسبت أيديهم، وهم في هذا اليوم لا ينطقون ببنت شفة، ولا تقبل منهم معذرة، بل تتكلم أيديهم بما عملت، وتشهد أرجلهم بما اكتسبت، ثم ذكر أنه رحمة منه بعباده لم يشأ أن يعاقبهم في الدنيا بشديد العقوبات، فلم يشأ أن يذهب أبصارهم حتى لو أرادوا الاستباق وسلوك الطريق الذي اعتادوا سلوكه ما قدروا ولا أبصروا، ولم يشأ أن يمسخ صورهم ويجعلهم كالقدرة والخنازير حتى لو أرادوا الذهاب إلى مقاصدهم ما استطاعوا، ولو أرادوا الرجوع ما قدروا، ثم دفع معذرة أخرى ربما احتجوا بها وهي أن ما عمروه قليل، ولو طال عمرهم لأحسنوا العمل، واهتدوا على الحق فرد ذلك عليهم بأنهم كلما عمروا في السن ضعفوا عن العمل وقد عمروا مقدار ما يتمكنون به من البحث والإدراك كما قال :﴿ أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ﴾( فاطر : ٣٧ ) ولكن ذلك ما كفاهم، فهم مهما طالت أعمارهم لا يجديهم ذلك فتيلا ولا قطميرا.
تفسير المفردات :
والطمس : إزالة الأثر بالمحو، فاستبقوا الصراط : أي ابتدروا إلى الطريق المألوف لهم، فأنى يبصرون : أي فكيف يبصرون الحق، ويهتدون إليه ؟ والمسخ تحويل الصورة إلى صورة أخرى قبيحة.
الإيضاح :
ثم بين سبحانه أنه قادر على إذهاب الأبصار، كما هو قادر على إذهاب البصائر فقال :
﴿ ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون ﴾أي ولو نشاء لعاقبناهم على كفرهم، فطمسنا على أعينهم، فصيرناهم عميا لا يصبرون طريقا، ولا يهتدون إلى شيء.
وإجمال المراد : لو شئنا لأذهبنا أحداقهم، فلو أرادوا الاستباق وسلوك الطريق الذي اعتادوا سلوكه لم يستطيعوا ذلك.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما للمحسنين من نعيم واجتماع بالمحبين والإخوان والأزواج في الجنات- أعقبه بذكر حال المجرمين وأنهم في ذلك اليوم يطلب منهم التفرق وابتعاد بعضهم من بعض، فيكون لهم عذابان : عذاب النار وعذاب الوحدة، ولا عذاب فوق هذا، ثم أردف هذا أنه قد كان لهم مندوحة من كل هذا بما أرسل إليهم من الرسل الذين بلغوهم أوامر ربهم ونواهيه، ومنها نهيهم عن اتباع خطوات الشيطان وعن اتباعه فيما يوسوس به، ثم ذكر أنه كان لهم فيمن قبلهم من العظات ما فيه مزدجر لهم لو تذكروا، لكنهم اتبعوا وساوسه، فحل بهم من النكال والوبال ما رأوا آثاره بأعينهم في الدنيا، وفيه دليل على ما سيكون لهم في العقبى، ثم ذكر مآل أمرهم وأنهم سيصلون نار جهنم خالدين فيها أبدا بما اكتسبت أيديهم، وهم في هذا اليوم لا ينطقون ببنت شفة، ولا تقبل منهم معذرة، بل تتكلم أيديهم بما عملت، وتشهد أرجلهم بما اكتسبت، ثم ذكر أنه رحمة منه بعباده لم يشأ أن يعاقبهم في الدنيا بشديد العقوبات، فلم يشأ أن يذهب أبصارهم حتى لو أرادوا الاستباق وسلوك الطريق الذي اعتادوا سلوكه ما قدروا ولا أبصروا، ولم يشأ أن يمسخ صورهم ويجعلهم كالقدرة والخنازير حتى لو أرادوا الذهاب إلى مقاصدهم ما استطاعوا، ولو أرادوا الرجوع ما قدروا، ثم دفع معذرة أخرى ربما احتجوا بها وهي أن ما عمروه قليل، ولو طال عمرهم لأحسنوا العمل، واهتدوا على الحق فرد ذلك عليهم بأنهم كلما عمروا في السن ضعفوا عن العمل وقد عمروا مقدار ما يتمكنون به من البحث والإدراك كما قال :﴿ أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ﴾( فاطر : ٣٧ ) ولكن ذلك ما كفاهم، فهم مهما طالت أعمارهم لا يجديهم ذلك فتيلا ولا قطميرا.
تفسير المفردات :
على مكانتهم : أي في أماكنهم حيث يجترحون القبائح.
الإيضاح :
ثم زاد في تهديدهم وتوبيخهم وبيان أنه قادر على منعهم من الحركة فقال :
﴿ ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون ﴾أي ولو أردنا لحولناهم عن تلك الحال إلى ما هو أقبح منها، فجعلناهم قردة وخنازير وهم في مساكنهم التي يجترحون فيها السيئات، فلا يقدرون على ذهاب ولا مجيء ولا غدو ولا رواح.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما للمحسنين من نعيم واجتماع بالمحبين والإخوان والأزواج في الجنات- أعقبه بذكر حال المجرمين وأنهم في ذلك اليوم يطلب منهم التفرق وابتعاد بعضهم من بعض، فيكون لهم عذابان : عذاب النار وعذاب الوحدة، ولا عذاب فوق هذا، ثم أردف هذا أنه قد كان لهم مندوحة من كل هذا بما أرسل إليهم من الرسل الذين بلغوهم أوامر ربهم ونواهيه، ومنها نهيهم عن اتباع خطوات الشيطان وعن اتباعه فيما يوسوس به، ثم ذكر أنه كان لهم فيمن قبلهم من العظات ما فيه مزدجر لهم لو تذكروا، لكنهم اتبعوا وساوسه، فحل بهم من النكال والوبال ما رأوا آثاره بأعينهم في الدنيا، وفيه دليل على ما سيكون لهم في العقبى، ثم ذكر مآل أمرهم وأنهم سيصلون نار جهنم خالدين فيها أبدا بما اكتسبت أيديهم، وهم في هذا اليوم لا ينطقون ببنت شفة، ولا تقبل منهم معذرة، بل تتكلم أيديهم بما عملت، وتشهد أرجلهم بما اكتسبت، ثم ذكر أنه رحمة منه بعباده لم يشأ أن يعاقبهم في الدنيا بشديد العقوبات، فلم يشأ أن يذهب أبصارهم حتى لو أرادوا الاستباق وسلوك الطريق الذي اعتادوا سلوكه ما قدروا ولا أبصروا، ولم يشأ أن يمسخ صورهم ويجعلهم كالقدرة والخنازير حتى لو أرادوا الذهاب إلى مقاصدهم ما استطاعوا، ولو أرادوا الرجوع ما قدروا، ثم دفع معذرة أخرى ربما احتجوا بها وهي أن ما عمروه قليل، ولو طال عمرهم لأحسنوا العمل، واهتدوا على الحق فرد ذلك عليهم بأنهم كلما عمروا في السن ضعفوا عن العمل وقد عمروا مقدار ما يتمكنون به من البحث والإدراك كما قال :﴿ أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ﴾( فاطر : ٣٧ ) ولكن ذلك ما كفاهم، فهم مهما طالت أعمارهم لا يجديهم ذلك فتيلا ولا قطميرا.
تفسير المفردات :
ونعمره : أي نطل عمره، ننكسه في الخلق : أي نقلبه فيه فلا يزال ضعفه يتزايد، وانتقاص بنيته يكثر، بعكس ما كان عليه في بدء أمره حتى يرد إلى أرذل العمر.
الإيضاح :
ثم شرع يقطع معذرة لهم ربما احتجوا بها وهي قولهم : إنهم لو عمروا لأحسنوا العمل فقال :
﴿ ومن نعمره ننكسه في الخلق ﴾أي إنه كلما طال عمر المرء رد إلى الضعف بعد القوة، والعجز بعد النشاط.
﴿ أفلا يعقلون ﴾أنهم كلما تقدمت بهم السن ضعفوا وعجزوا عن العمل، فلو عمروا أكثر مما عمروا ما ازدادوا إلا ضعفا، فلا يستطيعون أن يصلحوا ما أفسدوا في شبابهم، وقد عمرناهم مقدار ما يتمكنون من البحث والتفكير، والتروي في عواقب الأمور ومصايرها، فلم يفعلوا، وجاءتهم النذر فلم يهتدوا، فمهما طالت أعمارهم فلن يفيدهم ذلك، ولن يصلح من حالهم قليلا ولا كثيرا.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أمر الوحدانية في قوله : وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم، وذكر أمر البعث في قوله : اصلوها اليوم- ذكر هنا الأصل الثالث. وهو الرسالة في هاتين الآيتين.
تفسير المفردات :
وما ينبغي له : أي لا يليق به ولا يصلح له، ذكر : أي عظة من الله وإرشاد للثقلين.
الإيضاح :
﴿ وما علمناه الشعر ﴾الشعر : ضرب من ضروب الكلام ذو وزن خاص ينتهي كل بيت منه بحرف خاص يسمى قافية، وهو يسير مع العواطف والأهواء، ولا يتبع ما يمليه العقل والمنطق الصحيح، ومن ثم كان مستقر الأكاذيب والمبالغات في الأهاجي والمدائح والتفاخر والتنافر، فإذا غضب الشاعر أقذع في القول، وبالغ في الذم، وضرب بالحقيقة عرض الحائط، ولا يرى في ذلك ضيرا، وإذا هو استرضي بعد قليل رفع من هجاه إلى السماكين، وأدخله في زمرة العظماء الشجعان، أو الكرماء الأجواد إلى نحو هذا مما تراه في شعر الهجائين المداحين حتى لقد بلغ الأمر بهم أن قالوا ( أعذب الشعر أكذبه ).
والقرآن الكريم آداب وأخلاق، وحكم وأحكام، وتشريع فيه سعادة البشر في دنياهم وآخرتهم، فرادى وجماعات، فحاشى أن يكون شعرا ! أو أن يمت إليه بنسب.
فالمراد من نفى تعليمه الشعر نفى أن يكون القرآن شعرا، لأن الله علمه القرآن وإذا لم يكن المعلم شاعرا لم يكن القرآن شعرا البتة.
وهذا رد لقولهم : إن القرآن شعر، وإن محمدا شاعر، ومقصدهم بهذا أنه افتراء وتخيلات وأباطيل، وليس وحيا من عند الله.
﴿ وما ينبغي له ﴾أي ولا يليق به الشعر ولا يصلح له، لأنه مبني كما علمت على الركون إلى الأهواء تبعا لفائدة ترجى، أو شفاء للنفس من ضغائن الصدور، أو كبتا لسورة حقد أو حسد بحق أو باطل، والشرائع والأحكام تنزه عن مثل هذا.
وما اتفق له عليه الصلاة والسلام دون قصد من نحو قوله يوم حنين وهو راكب بغلته البيضاء وأبو سفيان بن الحارث آخذ بزمامها :
أنا النبي لا كذب *** أنا ابن عبد المطلب
فلا يسمى شعرا، لأن مثل هذا يقع في الكلام المنثور ولا يسمى قائله شاعرا.
وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أنشد :
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا *** ويأتيك ما لم تزود بالأخبار
فقال أبو بكر رضي الله عنه : ليس هكذا يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام :" إني والله ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي ".
وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم عن الحسن : أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت هكذا :
كفى بالإسلام والشيب ناهيا للمرء
والروايةّ : كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا.
فقال أبو بكر : أشهد أنك رسول الله، ما علمك الشعر وما ينبغي لك ".
والخلاصة : إن الله تعالى كما جعل رسوله أميا لتكون الحجة أتم، والبرهان على المشركين أقوم، كذلك منعه قول الشعر حتى لا يكون لهم حجة أن يدعوا عليه أن القرآن من المفتريات التي يتقولها، والأباطيل التي ينمقها، وليس بوحي من عند ربه.
وبعد أن نفى عنه أنه شعر وتخيلات أثبت أنه مواعظ ونصائح فقال :
﴿ إن هو إلا ذكر وقرآن مبين ﴾أي وما القرآن إلا مواعظ من ربنا، يرشد بها عباده إلى ما فيه نفعهم وهدايتهم في معايشهم ومعادهم، نزل من الملإ الأعلى، وليس من كلام البشر، فقد تحدى المخالفين أن يأتوا بمثله فما استطاعوا، فلجؤوا إلى السيف والسنان، وتركوا المقاولة بالحجة والبرهان.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أمر الوحدانية في قوله : وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم، وذكر أمر البعث في قوله : اصلوها اليوم- ذكر هنا الأصل الثالث. وهو الرسالة في هاتين الآيتين.
تفسير المفردات :
حيا : أي حي القلب مستنير البصيرة، يحق القول : أي يجب العذاب.
الإيضاح :
ثم ذكر من ينتفع به فقال :
﴿ لينذر من كان حيا ﴾أي لينتفع بنذارته من كان حي القلب، مستنير البصيرة، يعرف مواقع الهدى والرشاد، فيسترشد بهديه، وليس له من صوارف الهوى ما يصده عن اتباع الحق، ولا من نوازع الاستكبار والإعراض ما يكون حائلا بينه وبين الهدى، فهو يتواثب على الإقرار بالحق إذا لاح له بريق من نوره، فتمتلئ جوانبه إشراقا وضياء، ويخر له مذعنا مستسلما، وكأن طائفا من السماء نزل عليه فأثلج صدره وألان قلبه، فاطمأن له وركن إليه، وذلك من رزقه الله التوفيق والهداية، وكتب له الفوز والسعادة.
وبعدئذ بين عاقبة من أعرض عنه فقال :
﴿ ويحق القول على الكافرين ﴾أي وتجب كلمة العذاب على الكافرين به الذين هم كأنهم أموات لخلوهم من النفوس الحساسة اليقظة التي من دأبها اتباع الحق ومخالفة الهوى.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه الأدلة على الأصول الثلاثة : الوحدانية والحشر والرسالة- أعاد الكلام في الوحدانية وذكر بعض دلائلها.
الإيضاح :
﴿ أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون ﴾أي أو لم يشاهد هؤلاء المشركون بالله الأصنام والأوثان : أنا خلقنا لهم بقدرتنا وإرادتنا بلا معين ولا ظهير- أنعاما من الإبل والبقر والغنم يصرفونها كما شاؤوا بالقهر والغلبة فهي ذليلة منقادة لهم، فالجارية الصغيرة إن شاءت أناخت البازل الكبير، وإن شاءت ساقته وصرفته كما تريد، قال العباس بن مرداس :
وتضربه الوليدة بالهراوى | فلا غير لديه ولا نكير |
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه الأدلة على الأصول الثلاثة : الوحدانية والحشر والرسالة- أعاد الكلام في الوحدانية وذكر بعض دلائلها.
الإيضاح :
﴿ وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ﴾أي وسخرنا لهم هذه الأنعام، فمنها ما يركبون في الأسفار، ويحملون عليه الأثقال إلى سائر الجهات والأقطار، ومنها ما ينحرون، فيأكلون لحومها وينتفعون بدهنها.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه الأدلة على الأصول الثلاثة : الوحدانية والحشر والرسالة- أعاد الكلام في الوحدانية وذكر بعض دلائلها.
الإيضاح :
﴿ ولهم فيها منافع ومشارب ﴾أي ولهم فيها منافع أخرى غير الركوب والأكل منها، كالجلود والأصواف والأوبار والأشعار والحراثة وإدارة المنجنون ( الساقية ) ولهم منها مشارب من ألبانها ونتاجها.
ثم حثهم على الشكر على هذه النعم وتوحيد صانعها فقال :
﴿ أفلا يشكرون ﴾نعمتي عليهم، وإحساني إليهم، بطاعتي وإفرادي بالألوهية والعبادة، وترك وساوس الشيطان، بعبادة الأصنام والأوثان ؟
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أنهم كفروا بأنعم الله عليهم وأنكروها- أردف ذلك بيان أنهم زادوا في ضلالهم، وأقبلوا على عبادة من لا يضر ولا ينفع، وتوقعوا منه النصرة مع أنهم هم الناصرون لهم كما قال تعالى حاكيا عنهم ﴿ قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم ﴾( الأنبياء : ٦٨ ) والحقيقة أنها لا هي ناصرة ولا منصورة.
الإيضاح :
﴿ واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون ﴾أي واتخذ هؤلاء المشركون من دون الله آلهة يعبدونهم، طمعا في نصرتهم، ودفع العذاب عنهم، وتقريبهم إلى الله زلفى.
ثم بين بطلان آرائهم، وخيبة رجاءهم، وانعكاس تدبيرهم فقال :﴿ لا يستطيعون نصرهم ﴾.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أنهم كفروا بأنعم الله عليهم وأنكروها- أردف ذلك بيان أنهم زادوا في ضلالهم، وأقبلوا على عبادة من لا يضر ولا ينفع، وتوقعوا منه النصرة مع أنهم هم الناصرون لهم كما قال تعالى حاكيا عنهم ﴿ قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم ﴾( الأنبياء : ٦٨ ) والحقيقة أنها لا هي ناصرة ولا منصورة.
الإيضاح :
﴿ لا يستطيعون نصرهم ﴾أي لا تقدر هذه الآلهة على نصر عابديها، فهي أضعف من ذلك وأحقر، ولا تقدر على الاستنصار لأنفسها، ولا الانتقام ممن أرادها بسوء، لأنها جماد لا تسمع ولا تعقل.
﴿ وهم لهم جند محضرون ﴾ أي والمشركون يغضبون للآلهة في الدنيا، وهم لا يسوقون إليهم خيرا ولا يدفعون عنهم ضرا.
والخلاصة : إن العابدين وهم المشركون كالجند، لحمايتهم والذب عنهم في الدنيا، والمعبودون يوم القيامة لا يستطيعون أن يقدموا لهم معونة، ولا يدفعون عنهم مضرة.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أنهم كفروا بأنعم الله عليهم وأنكروها- أردف ذلك بيان أنهم زادوا في ضلالهم، وأقبلوا على عبادة من لا يضر ولا ينفع، وتوقعوا منه النصرة مع أنهم هم الناصرون لهم كما قال تعالى حاكيا عنهم ﴿ قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم ﴾( الأنبياء : ٦٨ ) والحقيقة أنها لا هي ناصرة ولا منصورة.
الإيضاح :
ثم سلى رسوله على ما يلقاه من قومه من الأذى بنحو قولهم : هو شاعر، وهو ساحر، وهو كاهن إلى نحو ذلك من مقالاتهم التي كانوا يجابهون بها الرسول إرادة تحقيره وإهانته فقال :
﴿ فلا يحزنك قولهم ﴾أي فلا يحزنك أيها الرسول قول هؤلاء المشركين من قومك : إنك شاعر وما جئتنا به شعر، ولا تكذيبهم بآيات الله وجحودهم نبوتك.
ثم ذكر أنه سيجازيهم على ما يضمرون في نفوسهم ويتفوهون به بألسنتهم فقال :
﴿ إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون ﴾أي إنا نعلم أن الذي يدعوهم إلى قيل ذلك إنما هو الحسد، وأنهم يعتقدون أن الذي جئتهم به ليس بشعر ولا يشبه الشعر، وأنك لست بكذاب.
والخلاصة : إنا نعلم ما يسرون من معرفتهم حقيقة ما تدعوهم إليه، وما يعلنون من جحود ذلك بألسنتهم علانية، وسنجزيهم وصفهم ونعاملهم بما يستحقون يوم يجدون جليل أعمالهم وحقيرها حاضرا لديهم.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر فيما سلف الدلائل على عظيم قدرته، ووجوب عبادته، وبطلان إشراكهم به، بعد أن عاينوا فيما بين أيديهم ما يوجب التوحيد والإقرار بالبعث- أردف ذلك ذكر حجة من أنفسهم دالة على قدرته تعالى ومبطلة لإنكارهم له، ثم ذكر أن بعض خلقه استبعدوا البعث ونسوا بدء أمرهم وكيف خلقوا، وقالوا : كيف ترجع الحياة إلى هذه العظام النخرة ؟ فأجابهم عن شبهتهم بأن الذي أنشأها أول مرة من العدم هو الذي يحييها، وهو العليم بتفاصيل أجزاءها مهما وزعت وتفرقت، ثم ذكر لهم دليلا آخر يرفع هذا الاستبعاد، وهو أن من قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر مع ما فيه من الماء، قادر على إعادة الحياة إلى ما كان غضا طريا ثم يبس وبلي، ثم ذكر ما هو أعظم من خلق الإنسان وفيه الدليل على قدرته، وهو خلق السماوات والأرض، ثم أعقب ذلك بما هو كالنتيجة لما سلف، وفيه بطلان لإنكارهم، فأبان أن كل شيء هين عليه، فما هو إلا بقول﴿ كن فيكون ﴾تنزه ربنا ذو الملك والملكوت عن كل ما يقول المشركون، فإليه يرجع جميع الخلق للحساب والجزاء.
قال مجاهد وعكرمة وعروة بن الزبير وقتادة : جاء أبي بن خلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم رميم وهو يفته بيده ويذروه في الهواء ويقول : أتزعم يا محمد أن الله يبعث هذا ؟ قال صلى الله عليه وسلم :" نعم يميتك الله ثم يبعثك ثم يحشرك إلى النار "، ونزلت هذه الآيات من سورة يس ﴿ أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة ﴾إلى آخرهن.
تفسير المفردات :
أولم ير : أي أولم يعلم، والخصيم : المبالغ في الجدل والخصومة إلى أقصى الغاية.
الإيضاح :
﴿ أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين ﴾أي أو لا يستدل من أنكر البعث بسهولة المبدأ على سهولة الإعادة، فإن من بدأ خلق الإنسان من سلالة من ماء مهين، ثم جعله بشرا سويا يخاصم ربه فيما قال : إني فاعل، فيقول : من يحيي العظام وهي رميم ؟ إنكارا منه لقدرته على إحيائها- قادر على إعادته بعد موته وحسابه وجزائه على أعماله.
ونحو الآية قوله :﴿ ألم نخلقكم من ماء مهين ٢٠ فجعلناه في قرار مكين٢١ إلى قدر معلوم ﴾( المرسلات : ٢٠-٢٢ ) وقوله :﴿ إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج ﴾( الإنسان : ٢ ) أي من نطفة من أخلاط متفرقة.
والخلاصة : إنه تعالى خلق للإنسان ما خلق من النعم ليشكر، فكفر وجحد المنعم والنعم، وخلقه من نطفة قذرة مذرة ليكون متذللا، فطغى وبغى وتجبر، وخاصم ربه واستبعد البعث والإعادة.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر فيما سلف الدلائل على عظيم قدرته، ووجوب عبادته، وبطلان إشراكهم به، بعد أن عاينوا فيما بين أيديهم ما يوجب التوحيد والإقرار بالبعث- أردف ذلك ذكر حجة من أنفسهم دالة على قدرته تعالى ومبطلة لإنكارهم له، ثم ذكر أن بعض خلقه استبعدوا البعث ونسوا بدء أمرهم وكيف خلقوا، وقالوا : كيف ترجع الحياة إلى هذه العظام النخرة ؟ فأجابهم عن شبهتهم بأن الذي أنشأها أول مرة من العدم هو الذي يحييها، وهو العليم بتفاصيل أجزاءها مهما وزعت وتفرقت، ثم ذكر لهم دليلا آخر يرفع هذا الاستبعاد، وهو أن من قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر مع ما فيه من الماء، قادر على إعادة الحياة إلى ما كان غضا طريا ثم يبس وبلي، ثم ذكر ما هو أعظم من خلق الإنسان وفيه الدليل على قدرته، وهو خلق السماوات والأرض، ثم أعقب ذلك بما هو كالنتيجة لما سلف، وفيه بطلان لإنكارهم، فأبان أن كل شيء هين عليه، فما هو إلا بقول﴿ كن فيكون ﴾تنزه ربنا ذو الملك والملكوت عن كل ما يقول المشركون، فإليه يرجع جميع الخلق للحساب والجزاء.
قال مجاهد وعكرمة وعروة بن الزبير وقتادة : جاء أبي بن خلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم رميم وهو يفته بيده ويذروه في الهواء ويقول : أتزعم يا محمد أن الله يبعث هذا ؟ قال صلى الله عليه وسلم :" نعم يميتك الله ثم يبعثك ثم يحشرك إلى النار "، ونزلت هذه الآيات من سورة يس ﴿ أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة ﴾إلى آخرهن.
تفسير المفردات :
وضرب لنا مثلا : أي وأورد في شأننا قصة عجيبة هي في غرابتها كالمثل، إذ أنكر إحياءنا للعظام النخرة، والرميم : كالرمة والرفات.
الإيضاح :
﴿ وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم ﴾أي وذكر أمرا عجيبا ينفي به قدرتنا على إحياء الخلق، فقال : من يحيي العظام ؟ ونسي خلقنا له، أفلم يكن نطفة فجعلناه خلقا سويا ناطقا ؟ ولا شك أن من فعل ذلك لا يعجزه أن يعيد الأموات أحياء، والعظام الرميم بشرا كهيئتهم التي كانوا عليها قبل الفناء.
وإجمال ذلك : إن بعض المشركين استبعدوا إعادة الله ذي القدرة العظيمة التي خلقت السماوات والأرض للأجساد والعظام الرميم، ونسوا أنفسهم وأنه تعالى خلقهم من العدم، فكيف هم بعد هذا يستبعدون أو يجحدون ؟
ونحو الآية حكاية عن المشركين :﴿ وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد ﴾( السجدة : ١٠ ) وقوله أيضا على طريق الحكاية :﴿ أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ١٦أو آباؤنا الأولون ﴾( الصافات : ١٦-١٧ ).
المعنى الجملي : بعد أن ذكر فيما سلف الدلائل على عظيم قدرته، ووجوب عبادته، وبطلان إشراكهم به، بعد أن عاينوا فيما بين أيديهم ما يوجب التوحيد والإقرار بالبعث- أردف ذلك ذكر حجة من أنفسهم دالة على قدرته تعالى ومبطلة لإنكارهم له، ثم ذكر أن بعض خلقه استبعدوا البعث ونسوا بدء أمرهم وكيف خلقوا، وقالوا : كيف ترجع الحياة إلى هذه العظام النخرة ؟ فأجابهم عن شبهتهم بأن الذي أنشأها أول مرة من العدم هو الذي يحييها، وهو العليم بتفاصيل أجزاءها مهما وزعت وتفرقت، ثم ذكر لهم دليلا آخر يرفع هذا الاستبعاد، وهو أن من قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر مع ما فيه من الماء، قادر على إعادة الحياة إلى ما كان غضا طريا ثم يبس وبلي، ثم ذكر ما هو أعظم من خلق الإنسان وفيه الدليل على قدرته، وهو خلق السماوات والأرض، ثم أعقب ذلك بما هو كالنتيجة لما سلف، وفيه بطلان لإنكارهم، فأبان أن كل شيء هين عليه، فما هو إلا بقول﴿ كن فيكون ﴾تنزه ربنا ذو الملك والملكوت عن كل ما يقول المشركون، فإليه يرجع جميع الخلق للحساب والجزاء.
قال مجاهد وعكرمة وعروة بن الزبير وقتادة : جاء أبي بن خلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم رميم وهو يفته بيده ويذروه في الهواء ويقول : أتزعم يا محمد أن الله يبعث هذا ؟ قال صلى الله عليه وسلم :" نعم يميتك الله ثم يبعثك ثم يحشرك إلى النار "، ونزلت هذه الآيات من سورة يس ﴿ أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة ﴾إلى آخرهن.
الإيضاح :
وقد أمر الله رسوله أن يجيبهم عن استبعادهم ويبكتهم بتذكيرهم بما نسوه من حقيقة أمرهم وخلقهم من العدم فقال :
﴿ قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ﴾أي قل أيها الرسول لهذا المشرك القائل لك : من يحيي العظام وهي رميم ؟ يحييها الذي ابتدع خلقها أول مرة ولم تكن شيئا وهو العليم بالعظام، وأين تفرقت في سائر أقطار الأرض ؟ وأين ذهبت ؟ لا يخفى عليه شيء من أمر خلقه، فهو يعيده على النمط السابق والأوضاع التي كان عليها مع قواه السالفة.
وكان الفيلسوف الإسلامي الملقب بالفارابي يقول. وددت لو أن أرسطو وقف على القياس الجلي في قوله تعالى :﴿ قل يحييها الذي أنشأها ﴾، إذ تفصيله : الله أنشأ العظام وأحياها أول مرة، وكل من أنشأ شيئا أولا قادر على إنشائه وإحيائه ثانيا- ونتيجة هذا- الله قادر على إنشائها وإحيائها بقواها ثانيا اه.
ولا شك ان الفارابي إنما يريد القياس الذي يفهمه اليوناني باصطلاحه المنطقي، وإلا ففي الآية قياس فهمه العربي على أسلوبه في التخاطب الذي يجري عليه ويقتنع به، ولكل أمة أساليب في الإقناع والحجاج تسير عليها وتسلك سبيلها، وقد اقتنع الكثير من العرب بما جاء به في هذا، ومن جحد فإنما فعل ذلك عنادا واستكبارا.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر فيما سلف الدلائل على عظيم قدرته، ووجوب عبادته، وبطلان إشراكهم به، بعد أن عاينوا فيما بين أيديهم ما يوجب التوحيد والإقرار بالبعث- أردف ذلك ذكر حجة من أنفسهم دالة على قدرته تعالى ومبطلة لإنكارهم له، ثم ذكر أن بعض خلقه استبعدوا البعث ونسوا بدء أمرهم وكيف خلقوا، وقالوا : كيف ترجع الحياة إلى هذه العظام النخرة ؟ فأجابهم عن شبهتهم بأن الذي أنشأها أول مرة من العدم هو الذي يحييها، وهو العليم بتفاصيل أجزاءها مهما وزعت وتفرقت، ثم ذكر لهم دليلا آخر يرفع هذا الاستبعاد، وهو أن من قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر مع ما فيه من الماء، قادر على إعادة الحياة إلى ما كان غضا طريا ثم يبس وبلي، ثم ذكر ما هو أعظم من خلق الإنسان وفيه الدليل على قدرته، وهو خلق السماوات والأرض، ثم أعقب ذلك بما هو كالنتيجة لما سلف، وفيه بطلان لإنكارهم، فأبان أن كل شيء هين عليه، فما هو إلا بقول﴿ كن فيكون ﴾تنزه ربنا ذو الملك والملكوت عن كل ما يقول المشركون، فإليه يرجع جميع الخلق للحساب والجزاء.
قال مجاهد وعكرمة وعروة بن الزبير وقتادة : جاء أبي بن خلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم رميم وهو يفته بيده ويذروه في الهواء ويقول : أتزعم يا محمد أن الله يبعث هذا ؟ قال صلى الله عليه وسلم :" نعم يميتك الله ثم يبعثك ثم يحشرك إلى النار "، ونزلت هذه الآيات من سورة يس ﴿ أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة ﴾إلى آخرهن.
الإيضاح :
ثم ذكر دليلا ثانيا يرفع استبعادهم ويبطل إنكارهم فقال :
﴿ الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون ﴾أي وهو الذي بدأ خلق الشجر من ماء حتى صار أخضر ناضرا ثم أعاده إلى أن صار حطبا يابسا توقد به النار، ومن فعل ذلك فهو قادر على ما يريد لا يمنعه شيء، إذ من أحدث النار في الشجر الأخضر على ما فيه من المائية المضادة للاحتراق، فهو أقدر على إعادة الغضاضة إلى ما كان غضا فيبس وبلي.
ثم زكى ذلك بدليل ثالث على قدرته أعجب من سابقيه فقال :﴿ أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم ﴾.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر فيما سلف الدلائل على عظيم قدرته، ووجوب عبادته، وبطلان إشراكهم به، بعد أن عاينوا فيما بين أيديهم ما يوجب التوحيد والإقرار بالبعث- أردف ذلك ذكر حجة من أنفسهم دالة على قدرته تعالى ومبطلة لإنكارهم له، ثم ذكر أن بعض خلقه استبعدوا البعث ونسوا بدء أمرهم وكيف خلقوا، وقالوا : كيف ترجع الحياة إلى هذه العظام النخرة ؟ فأجابهم عن شبهتهم بأن الذي أنشأها أول مرة من العدم هو الذي يحييها، وهو العليم بتفاصيل أجزاءها مهما وزعت وتفرقت، ثم ذكر لهم دليلا آخر يرفع هذا الاستبعاد، وهو أن من قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر مع ما فيه من الماء، قادر على إعادة الحياة إلى ما كان غضا طريا ثم يبس وبلي، ثم ذكر ما هو أعظم من خلق الإنسان وفيه الدليل على قدرته، وهو خلق السماوات والأرض، ثم أعقب ذلك بما هو كالنتيجة لما سلف، وفيه بطلان لإنكارهم، فأبان أن كل شيء هين عليه، فما هو إلا بقول﴿ كن فيكون ﴾تنزه ربنا ذو الملك والملكوت عن كل ما يقول المشركون، فإليه يرجع جميع الخلق للحساب والجزاء.
قال مجاهد وعكرمة وعروة بن الزبير وقتادة : جاء أبي بن خلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم رميم وهو يفته بيده ويذروه في الهواء ويقول : أتزعم يا محمد أن الله يبعث هذا ؟ قال صلى الله عليه وسلم :" نعم يميتك الله ثم يبعثك ثم يحشرك إلى النار "، ونزلت هذه الآيات من سورة يس ﴿ أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة ﴾إلى آخرهن.
تفسير المفردات :
وبلى : كلمة جواب كنعم، تأتي بعد كلام منفى.
الإيضاح :
﴿ أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم ﴾يقول تعالى منها هذا الكافر الذي قال : من يحيي العظام وهي رميم ؟ إلى خطأ قوله، وعظيم جهله، بأن خلق مثلكم من العظام الرميم- ليس بأعظم من خلق السماوات والأرض، وإذا لم يتعذر عليه خلق ما هو أعظم منكم، فكيف يتعذر عليه إحياء العظام بعد ما قد رمت وبليت ؟.
والخلاصة : إنه تعالى نبه إلى عظيم قدرته على خلق السماوات السبع بما فيها من الكواكب السيارة والثوابت والأرضين السبع وما فيها من جبال ورمال وقفار وما بين ذلك، وإلى أن الذي قدر على إيجاد هذه العوالم العظيمة- قادر على إعادة الأجساد بعد البلي.
ونحو الآية قوله :﴿ لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ﴾( غافر : ٥٧ ) وقوله :﴿ أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير ﴾( الأحقاف : ٣٣ ).
المعنى الجملي : بعد أن ذكر فيما سلف الدلائل على عظيم قدرته، ووجوب عبادته، وبطلان إشراكهم به، بعد أن عاينوا فيما بين أيديهم ما يوجب التوحيد والإقرار بالبعث- أردف ذلك ذكر حجة من أنفسهم دالة على قدرته تعالى ومبطلة لإنكارهم له، ثم ذكر أن بعض خلقه استبعدوا البعث ونسوا بدء أمرهم وكيف خلقوا، وقالوا : كيف ترجع الحياة إلى هذه العظام النخرة ؟ فأجابهم عن شبهتهم بأن الذي أنشأها أول مرة من العدم هو الذي يحييها، وهو العليم بتفاصيل أجزاءها مهما وزعت وتفرقت، ثم ذكر لهم دليلا آخر يرفع هذا الاستبعاد، وهو أن من قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر مع ما فيه من الماء، قادر على إعادة الحياة إلى ما كان غضا طريا ثم يبس وبلي، ثم ذكر ما هو أعظم من خلق الإنسان وفيه الدليل على قدرته، وهو خلق السماوات والأرض، ثم أعقب ذلك بما هو كالنتيجة لما سلف، وفيه بطلان لإنكارهم، فأبان أن كل شيء هين عليه، فما هو إلا بقول﴿ كن فيكون ﴾تنزه ربنا ذو الملك والملكوت عن كل ما يقول المشركون، فإليه يرجع جميع الخلق للحساب والجزاء.
قال مجاهد وعكرمة وعروة بن الزبير وقتادة : جاء أبي بن خلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم رميم وهو يفته بيده ويذروه في الهواء ويقول : أتزعم يا محمد أن الله يبعث هذا ؟ قال صلى الله عليه وسلم :" نعم يميتك الله ثم يبعثك ثم يحشرك إلى النار "، ونزلت هذه الآيات من سورة يس ﴿ أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة ﴾إلى آخرهن.
تفسير المفردات :
أمره : أي شأنه في الإيجاد.
الإيضاح :
ثم ذكر ما هو كالنتيجة لما سلف من تقرير واسع قدرته، وإثبات عظيم سلطانه فقال :
﴿ إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ﴾أي إنما شأنه تعالى في إيجاد الأشياء أن يقول لما يريد إيجاده : تكون فيتكون ويحدث فورا بلا تأخير.
وهذا ولا شك تمثيل لتأثير قدرته فيما يريد، بأمر المطاع لمن يطيعه في حصول المأمور به بلا توقف ولا افتقار على مزاولة عمل ولا استعمال آلة.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر فيما سلف الدلائل على عظيم قدرته، ووجوب عبادته، وبطلان إشراكهم به، بعد أن عاينوا فيما بين أيديهم ما يوجب التوحيد والإقرار بالبعث- أردف ذلك ذكر حجة من أنفسهم دالة على قدرته تعالى ومبطلة لإنكارهم له، ثم ذكر أن بعض خلقه استبعدوا البعث ونسوا بدء أمرهم وكيف خلقوا، وقالوا : كيف ترجع الحياة إلى هذه العظام النخرة ؟ فأجابهم عن شبهتهم بأن الذي أنشأها أول مرة من العدم هو الذي يحييها، وهو العليم بتفاصيل أجزاءها مهما وزعت وتفرقت، ثم ذكر لهم دليلا آخر يرفع هذا الاستبعاد، وهو أن من قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر مع ما فيه من الماء، قادر على إعادة الحياة إلى ما كان غضا طريا ثم يبس وبلي، ثم ذكر ما هو أعظم من خلق الإنسان وفيه الدليل على قدرته، وهو خلق السماوات والأرض، ثم أعقب ذلك بما هو كالنتيجة لما سلف، وفيه بطلان لإنكارهم، فأبان أن كل شيء هين عليه، فما هو إلا بقول﴿ كن فيكون ﴾تنزه ربنا ذو الملك والملكوت عن كل ما يقول المشركون، فإليه يرجع جميع الخلق للحساب والجزاء.
قال مجاهد وعكرمة وعروة بن الزبير وقتادة : جاء أبي بن خلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم رميم وهو يفته بيده ويذروه في الهواء ويقول : أتزعم يا محمد أن الله يبعث هذا ؟ قال صلى الله عليه وسلم :" نعم يميتك الله ثم يبعثك ثم يحشرك إلى النار "، ونزلت هذه الآيات من سورة يس ﴿ أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة ﴾إلى آخرهن.
تفسير المفردات :
والملكوت : الملك التام كالرحموت والرهبوت والجبروت، والعرب تقول : جبروتي خير من رحموتي.
الإيضاح :
وبعد أن أثبت لنفسه القدرة التامة والسلطة العامة، نزه نفسه عما وصفوه به، وعجب السامعين مما قالوه فقال :
﴿ فسبحانه الذي بيده ملكوت كل شيء ﴾أي تنزه ربنا الحي القيوم الذي بيده مقاليد السماوات والأرض- عن كل سوء.
﴿ وإليه ترجعون ﴾أي وإليه يرجع العباد يوم المعاد، فيجازي كل عامل بما عمل، وهو العادل المنعم المتفضل.
ونحو الآية قوله :﴿ تبارك الذي بيده الملك ﴾( الملك : ١ ) وقوله :﴿ قل من بيده ملكوت كل شيء ﴾( المؤمنون : ٨٨ ).
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، نسألك يا ذا الجلال والإكرام أن تنير قلوبنا بالتبصر في فهم كتابك، كما أنرت به قلوب عبادك الأبرار، وأصفيائك الأطهار.