تفسير سورة الشرح

فتح الرحمن في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة الشرح من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن المعروف بـفتح الرحمن في تفسير القرآن .
لمؤلفه مجير الدين العُلَيْمي . المتوفي سنة 928 هـ

سورة ألم نشرح
مكية، وآيها: ثماني آيات، وحروفها: مئة وحرفان، وكلمها: سبع وعشرة كلمة.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١)﴾.
[١] عدَّد الله نعمه على نبيه - ﷺ -، فقال: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ وشرحُ الصدر المذكور هو تنويرُ قلبه بالحكمة، وتوسيعُه لتلقي ما يوحى إليه.
...
﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢)﴾.
[٢] ﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ إثمك الماضي في الجاهلية، والوزر أصله: الثقل، فشبهت الذنوب به، وهذه الآية نظير قوله تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: ٢]، وكان رسول الله - ﷺ - في الجاهلية قبل النبوة وزرهُ صحبةُ قومه، وأكلُه من ذبائحهم، ونحو هذا، وهذه كلها جرها المنشأ، وأما عبادة الأصنام، فلم يتلبس بها قط بإجماع الأمة (١)، وتقدم في الشورى.
(١) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (٥/ ٤٩٦).
﴿الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣)﴾.
[٣] ﴿الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ أثقلَه حتى سُمع له نقيض؛ أي: صوت، وقيل: المعنى: أنه حُفظ قبل النبوة منها، وعُصم، ولولا ذلك، لأثقلت ظهره.
...
﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)﴾.
[٤] ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ نَوَّهْنا باسمك بأنه إذا ذُكر الله، ذكرتَ معه، والاستفهام في كلها بمعنى التقرير؛ أي: قد فعلنا ذلك كله.
...
﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥)﴾.
[٥] ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ﴾ أي: مع ما تراه من الأذى ﴿يُسْرًا﴾ فرجًا يأتي.
...
﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦)﴾.
[٦] ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ كرره مبالغة وتثبيتًا للخير، وذهب كثير من العلماء إلى أن مع كل عسر يسرين بهذه الآية؛ من حيث (العسرُ) معرف للعهد، فيكون الثاني الأولَ بعينه، و (اليسر) منكَّر، فالأولُ غيرُ الثاني، وقد روي في هذا التأويل حديثٌ عن النبي - ﷺ - أنه قال: "لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ" (١)؛ أي: لن يغلب عسرُ الدنيا يُسري الدنيا والآخرة. قرأ
(١) رواه الحاكم في "المستدرك" (٣٩٥٠)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (١٠٠١٣)، عن الحسن مرسلًا.
أبو جعفر: (الْعُسُرِ يُسُرًا) بضم السين في الموضعين، والباقون: بإسكانها (١).
...
﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧)﴾.
[٧] ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ﴾ من الصلاة والعبادات ﴿فَانْصَبْ﴾ فاتعبْ فيما ينجيك من العذاب، والمعنى: أن يدأب على ما أُمر به، ولا يفتُرَ.
...
﴿وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)﴾.
[٨] ﴿وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ تضرَّعْ إليه، وتوكل عليه، والله أعلم.
* * *
(١) انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢١٦)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ١٨٧ - ١٨٨).
Icon