تفسير سورة الزلزلة

صفوة البيان لمعاني القرآن
تفسير سورة سورة الزلزلة من كتاب صفوة البيان لمعاني القرآن .
لمؤلفه حسنين مخلوف . المتوفي سنة 1410 هـ
مدنية، وآياتها ثمان.

بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ إذا زلزلت الأرض زلزالها ﴾ حركت حركتها الهائلة التي لا غاية وراءها. أو العجيبة التي لا يقادر قدرها ؛ وذلك عند نفخة البعث ؛ لقوله تعالى :﴿ وأخرجت الأرض أثقالها ﴾.
﴿ وأخرجت الأرض أثقالها ﴾ لفظت بسبب الزلزال ما في بطنها من الموتى أحياء للحساب والجزاء ؛ جمع ثقل – بكسر فسكون – وهو الحمل الثقيل. أو لفظت كنوزها ؛ جمع ثقل - بالتحرك – وهو كل نفيس مصون.
﴿ وقال الإنسان ما لها ﴾ وقال الكافر عند بعثه – وقد كان ينكره – ما للأرض زلزلت، أو أخرجت أثقالها ؟ أو هو كل فرد من أفراد الإنسان ؛ عل أن المؤمن يقول ذلك بطريق الاستعظام، والكافر بطريق التعجب.
﴿ يومئذ تحدث أخبارها ﴾ أي في هذا اليوم تبين الأرض أخبارها بالزلزلة والرجة، وإخراج الموتى أو الكنوز من بطنها إلى ظهرها، بوحي الله إليها وإذنه بذلك. وقيل : تخبر بأمر الله تعالى من على ظهرها بما عملوا من خير أو شر.
﴿ يومئذ يصدر الناس أشتاتا... ﴾ يخرجون من قبورهم إلى موقف الحساب متفرقين بحسب أعمالهم، آمنين وفزعين، سعداء وأشقياء ؛ ليبصروا جزاء أعمالهم. وقيل : ينصرفون من موقف الحساب متفرقين ؛ فآخذ جهة اليمين إلى الجنة، وآخذ جهة الشمال إلى النار ؛ ليبصروا جزاء أعمالهم. يقال : صدر الناس عن الورد، انصرفوا عنه. و " أشتاتا " جمع شتيت ؛ أي متفرق ؛ ومنه شتت الله جمعهم ؛ أي فرق أمرهم.
﴿ فمن يعمل مثقال ذرة... ﴾ تفصيل للرائين وما يرونه. و " مثقال ذرة " أي مقدار وزن أصغر نملة. أو ما يرى من الهباء في شعاع الشمس الداخل من الكوة ؛ وهو مثل في القلة. وعن ابن عباس : ليس مؤمن ولا كافر عمل خير أو شرا في الدنيا إلا أراه الله إياه يوم القيامة ؛ فأما المؤمن فيرى حسناته وسيئاته، فيغفر له سيئاته، ويثيبه بحسناته. وأما الكافر فيرى حسناته وسيئاته، فيرد حسناته، ويعذبه بسيئاته. وقوله : " فيرد حسناته " أي لا يثيبه عليها ؛ لكفره وهو محبط للعمل. وإن خفف عنه العذاب بسببها ؛ للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك.
والله أعلم.
Icon