تفسير سورة الإنشقاق

أوضح التفاسير
تفسير سورة سورة الإنشقاق من كتاب أوضح التفاسير المعروف بـأوضح التفاسير .
لمؤلفه محمد عبد اللطيف الخطيب . المتوفي سنة 1402 هـ

﴿إِذَا السَّمَآءُ انشَقَّتْ﴾ تصدعت وتقطعت يوم القيامة
﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا﴾ سمعت له وأطاعت؛ حين أراد انشقاقها ﴿وَحُقَّتْ﴾ أي وحق لها أن تمتثل لأمر خالقها؛ إذ هو مدبرها ومالكها
﴿وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ﴾ بسطت وسويت باندكاك جبالها ﴿لاَّ تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً﴾
﴿وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا﴾ أي ورمت ما في جوفها من الأموات، والأموال، والكنوز ﴿وَتَخَلَّتْ﴾ عن حفظه في بطنها
﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا﴾ سمعت له وأطاعت
﴿يأَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ﴾ أي إنك جاهد ومجد بأعمالك التي عاقبتها الموت حتماً؛ فتساق بعملك هذا إلى ربك فتلاقيه؛ فيكافئك عليه: إن خيراً فخير، وإن شراً فشر ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ﴾
﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾ وهو المؤمن
﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً﴾ سهلاً ليناً: يجازى على حسناته، ويتجاوز عن سيئاته
﴿وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ﴾ إلى عشيرته المؤمنين، أو إلى أهله من الحور العين ﴿مَسْرُوراً﴾ بما لاقاه من الإكرام والتكريم، وعفو البر التواب الرحيم
﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ﴾ وهو الكافر. وقيل: تغل يمناه إلى عنقه، وتجعل شماله وراء ظهره؛ فيؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره
﴿فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً﴾ الثبور: الهلاك. أي يتمنى الهلاك
﴿وَيَصْلَى سَعِيراً﴾ يدخل جهنم
﴿إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾ أي كان في الدنيا لاهياً لاعباً. قال تعالى: ﴿وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ﴾
﴿إِنَّهُ ظَنَّ﴾ تيقن. والظن - في القرآن الكريم - يأتي دائماً بمعنى اليقين؛ إلا في بضع مواضع - يقتضيها مقام الكلام - فإنها جاءت بمعنى الشك كقوله تعالى:
﴿إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً﴾ ﴿إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ﴾ ﴿أَن لَّن يَحُورَ﴾ لن يرجع ﴿بَلَى﴾ سيرجع
﴿إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ﴾ وبأعماله ﴿بَصِيراً﴾ فيأخذه بها
﴿فَلاَ أُقْسِمُ﴾ أي أقسم ﴿بِالشَّفَقِ﴾ وهو الحمرة التي تشاهد في الأفق بعد الغروب. وعند الزجاج: إنه النهار
﴿وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ﴾ أي وما جمع وضم؛ لأن ما انتشر بالنهار: يجتمع بالليل؛ حتى أن جناحيك اللذين تمدهما إلى العمل بالنهار: تضمهما إلى جنبيك للراحة بالليل. والليل يضم الأفراخ إلى أمهاتها، والسائمات إلى مناخها، والإنسان إلى فراشه. وبالجملة فإن كل ما نشره النهار بالحركة؛ يجمعه الليل ويضمه بالسكون
﴿وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ﴾ إذا اجتمع وتم
﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ﴾ أي لتركبن حالة بعد حالة؛ على أن الحالة الثانية تطابق الحالة الأولى. أي ستعودون بعد الموت إلى حياة أخرى شبيهة بحياتكم هذه، مطابقة لها: من حيث الحس والإدراك، واللذة والألم. أي إنها حياة حقيقية، وإن خالفت في بعض شؤونها هذه الحياة
﴿فَمَا لَهُمْ﴾ رغم هذه الدلالات ﴿لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ بربهم
﴿وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ﴾ أي لا يخضعون لأوامره تعالى ونواهيه؛ لأن السجود أصلاً معناه الخضوع.
وبه سمي السجود في الصلاة؛ لما فيه من الذلة والخضوع: بوضع الرأس - وهي أشرف الأعضاء - في موضع القدم؛ وهي أخسها
﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ﴾ دائماً بآيات الله تعالى ورسله
﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ﴾ بما يضمرون من الكفر والحقد على المسلمين
﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ ب الله وكتبه ورسله ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ﴾ التي أمرهم الله تعالى بها، وحثهم عليها ﴿لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ أي غير مقطوع، أو «غير ممنون» عليهم به.
741
سورة البروج

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

741
Icon