تفسير سورة القيامة

تفسير السمعاني
تفسير سورة سورة القيامة من كتاب تفسير السمعاني المعروف بـتفسير السمعاني .
لمؤلفه أبو المظفر السمعاني . المتوفي سنة 489 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
تفسير سورة القيامة.
وهي مكية.
وعن عمر - رضي الله - عنه أنه قال : من أراد أن يشاهد القيامة فليقرأ سورة القيامة. وعن المغيرة بن شعبة أنه قال : يقولون القيامة ومن مات فقد قامت قيامته. أورد هذين الأثرين النقاش في تفسيره.

قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة﴾ قَالَ سعيد بن جُبَير مَعْنَاهُ: أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة.
وَعنهُ أَيْضا أَنه سَأَلَ ابْن عَبَّاس عَن قَوْله: ﴿لَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة﴾ فَقَالَ: إِن رَبنَا تَعَالَى يقسم بِمَا شَاءَ من خلقه.
وَاخْتلفُوا فِي قَوْله: " لَا " على أَقْوَال: أحد الْأَقْوَال: أَنَّهَا صلَة، أَي: زَائِدَة على مَا هُوَ مَذْهَب كَلَام الْعَرَب، وَأنكر الْفراء هَذَا وَقَالَ: الصِّلَة إِنَّمَا تكون فِي أثْنَاء الْكَلَام، فَأَما فِي ابْتِدَاء الْكَلَام فَلَا، وَمعنى قَوْله: ﴿لَا﴾ أَي: لَيْسَ الْأَمر كَمَا يَزْعمُونَ أَن لَا بعث وَلَا جنَّة وَلَا نَار، ثمَّ ابْتَدَأَ بقوله: ﴿أقسم﴾ وَأجَاب من قَالَ بالْقَوْل الأول أَن الْقُرْآن كُله مُتَّصِل بعضه بِالْبَعْضِ فِي الْمَعْنى، فيصلح أَن تكون " لَا " صلَة فِي هَذَا الْموصل وَإِن كَانَ (عِنْد) ابْتِدَاء السُّورَة.
وَالْقَوْل الثَّالِث أَن معنى قَوْله: ﴿لَا﴾ على معنى التَّنْبِيه، كَأَنَّهُ قَالَ: أَلا فَتنبه ثمَّ أقسم، وَمثله قَول الشَّاعِر:
(أَلا وَأَبِيك ابْنة العامري لَا يَدعِي قوم أَنِّي أفر)
وَقَرَأَ ابْن كثير: " لأقسم بِيَوْم الْقِيَامَة " وَهِي قِرَاءَة الْحسن والأعرج.
وَأنكر النحويون
101
﴿وَلَا أقسم بِالنَّفسِ اللوامة (٢) أيحسب الْإِنْسَان أَن لن نجمع عِظَامه (٣) بلَى قَادِرين على أَن نسوي بنانه (٤) ﴾. من الْبَصرِيين هَذِه الْقِرَاءَة وَزَعَمُوا أَنَّهَا لحن، وَقَالُوا: لَا بُد من دُخُول النُّون إِذا كَانَ على هَذَا الْوَجْه، وَالصَّحِيح هِيَ الْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة، وَأكْثر الْقُرَّاء على هَذَا.
وَقَوله: ﴿بِيَوْم الْقِيَامَة﴾ سميت الْقِيَامَة؛ لِأَن النَّاس يقومُونَ فِي هَذَا الْيَوْم لِلْحسابِ وَجَزَاء الْأَعْمَال.
102
وَقَوله: ﴿وَلَا أقسم بِالنَّفسِ اللوامة﴾ أَي: أقسم.
وَعَن الْحسن أَنه قَالَ: أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة، وَلم يقسم بِالنَّفسِ اللوامة.
وَالأَصَح أَن الْقسم بهما.
وَفِي اللوامة أَقْوَال: أَحدهَا: أَنَّهَا الْفَاجِرَة تلام يَوْم الْقِيَامَة، فَمَعْنَى اللوامة: الملومة هَاهُنَا على هَذَا القَوْل.
وَالْقَوْل الثَّانِي - وَهُوَ الْأَصَح -: أَنَّهَا المؤمنة تلوم نَفسهَا على مَا تفعل من الْمعاصِي.
قَالَ مُجَاهِد: الْمُؤمن يلوم نَفسه على الْمعاصِي، وَالْكَافِر يمْضِي قدما قدما فِي الْمعاصِي وَلَا يفكر فِيهِ.
وَفِي التَّفْسِير: أَنه مَا من أحد إِلَّا وَيَلُوم نَفسه يَوْم الْقِيَامَة؛ إِن كَانَ محسنا يلوم أَلا ازْدَادَ واستكثر من الْإِحْسَان، وَإِن كَانَ مسيئا يلوم نَفسه أَلا أقلع عَن الْإِسَاءَة والمعاصي.
وَقَوله ﴿أيحسب الْإِنْسَان أَن لن نجمع عِظَامه﴾ أَي: لن نحيي عِظَامه (فنجمعها) للإحياء بعد تفرقها.
وَقَوله: ﴿بلَى﴾ هُوَ جَوَاب الْقسم، وَعَلِيهِ وَقع الْقسم.
وَقَوله: ﴿قَادِرين﴾ أَي: بلَى لنجمعنكم قَادِرين.
وَقيل: بلَى نقدر قَادِرين.
وَقَوله: ﴿على أَن نسوي بنانه﴾ أَي: على تَسْوِيَة بنانه، وَهِي أَطْرَاف الْأَصَابِع، وفيهَا عِظَام صغَار، وخصها بِالذكر؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِذا قدر على جمع الْعِظَام الصغار فعلى الْكِبَار أقدر على جمعهَا وإحيائها.
وَعَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿على أَن نسوي بنانه﴾ أَن
102
﴿بل يُرِيد الْإِنْسَان ليفجر أَمَامه (٥) يسْأَل أَيَّانَ يَوْم الْقِيَامَة (٦) فَإِذا برق الْبَصَر (٧) وَخسف الْقَمَر (٨) ﴾. نجْعَل أَصَابِعه بِمَنْزِلَة خف الْبَعِير وحافر الْحمار، وَهَذَا قَول مَشْهُور فِي التفاسير.
103
قَوْله تَعَالَى: ﴿بل يُرِيد الْإِنْسَان ليفجر أَمَامه﴾ فِي التَّفْسِير: أَن مَعْنَاهُ: يقدم الذَّنب وَيُؤَخر التَّوْبَة.
وَهُوَ بِمَعْنى التسويف فِي ترك الْمعاصِي وَالتَّوْبَة إِلَى الله.
وروى عَليّ بن أبي طَلْحَة الْوَالِبِي عَن ابْن عَبَّاس أَن مَعْنَاهُ: هُوَ التَّكْذِيب بالقيامة، والفجور هُوَ الْميل عَن الْحق، والكاذب مائل عَن الصدْق فَهُوَ فَاجر.
وَحكى ابْن قُتَيْبَة أَن أَعْرَابِيًا جَاءَ إِلَى عمر - رَضِي الله - عَنهُ وَقَالَ: إِن بَعِيري قد دبر فَاحْمِلْنِي على بعير، فَلم يحملهُ عمر، فولى الْأَعرَابِي وَهُوَ يَقُول:
(أقسم بِاللَّه أَبُو حَفْص عمر... مَا مَسّه من نقب وَلَا دبر)
(اغْفِر لَهُ اللَّهُمَّ إِن كَانَ فجر... )
أَي: كذب.
قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿يفجر أَمَامه﴾ أَي: يمْضِي أَمَامه رَاكِبًا هَوَاهُ لَا يفكر فِي ذَنْب، وَلَا يَتُوب عَن مَعْصِيّة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يسْأَل أَيَّانَ يَوْم الْقِيَامَة﴾ أَي: مَتى يَوْم الْقِيَامَة، وَكَانُوا يَقُولُونَ ذَلِك على وَجه الِاسْتِهْزَاء، وَهُوَ دَلِيل على صِحَة القَوْل الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَن ابْن عَبَّاس.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذا برق الْبَصَر﴾ وَقُرِئَ: " برق " بِالْفَتْح، فَقَوله: " برق الْبَصَر " أَي: شخص من الهول فَلم يطرف.
وَقَوله: " برق " أَي: تحير وجزع، وَيُقَال: غشيه مثل الْبَرْق.
وَقَوله: ﴿وَخسف الْقَمَر﴾ أَي: ذهب ضوءه.
وَمِنْه يُقَال: بِئْر منخسفة وَغير منخسفة.
وَعَن أبي حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ أَنه قَالَ: الْكُسُوف أَن يذهب بعض
103
﴿وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر (٩) يَقُول الْإِنْسَان يَوْمئِذٍ أَيْن المفر (١٠) كلا لَا وزر (١١) إِلَى رَبك يَوْمئِذٍ المستقر (١٢) ينبأ الْإِنْسَان يَوْمئِذٍ بِمَا قدم وَأخر (١٣) ﴾. الضَّوْء، والخسوف أَن يذهب جَمِيع الضَّوْء.
وَهُوَ قَول مَرْوِيّ عَن غَيره أَيْضا.
104
وَقَوله: ﴿وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر﴾ أَي: فِي الخسفة وإذهاب الضَّوْء.
قَالَ ابْن مَسْعُود: يصيران كالبعيرين القرينين، ثمَّ يلقيان فِي النَّار فيصيران نَارا على الْكفَّار، وَهَذَا على معنى قَوْله.
وَعَن مُجَاهِد: وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر أَي: كور كِلَاهُمَا.
وَقَوله: ﴿يَقُول الْإِنْسَان يَوْمئِذٍ أَيْن المفر﴾ أَي: أَيْن الْمَهْرَب؟ وَقُرِئَ: " أَيْن الْمقر " أَي: أَيْن مَوضِع الْقَرار.
وَقَوله: ﴿كلا لَا وزر﴾ أَي: لَا مهرب وَلَا فرار.
وَأما قَوْله: ﴿لَا وزر﴾ فِيهِ أَقْوَال: قَالَ سعيد بن جُبَير: لَا محيص.
وَقَالَ عِكْرِمَة: لَا مَنْعَة.
وَعَن مُجَاهِد: لَا منجا.
وَقَالَ مطرف بن عبد الله بن الشخير، وَالضَّحَّاك: لَا جبل.
وَهُوَ قَول مَشْهُور، وَقد كَانَت الْعَرَب إِذا طرقتهم الْخَيل قَالُوا: الْوزر الْوزر، أَي: الْجَبَل الْجَبَل.
قَالَ الشَّاعِر:
(لعمرك مَا للفتى من وزر إِذا الْمَوْت يُدْرِكهُ وَالْكبر)
وَهَذَا على الْمَعْنى المنجا.
وَقَوله: ﴿إِلَى رَبك يَوْمئِذٍ المستقر﴾ أَي: يظْهر مُسْتَقر الْعباد فِي الْجنَّة أَو النَّار.
وَقَوله: ﴿ينبأ الْإِنْسَان يَوْمئِذٍ بِمَا قدم وَأخر﴾ قَالَ ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس: بِمَا قدم من طاعه فَعمل بهَا، وَأخر من (سنة) سَيِّئَة، فَعمل بهَا بعده.
وَيُقَال: ﴿بِمَا قدم وَأخر﴾ بِأول عمله وَآخره.
وَهُوَ محكي عَن مُجَاهِد وَإِبْرَاهِيم.
وَقيل: ﴿بِمَا قدم وَأخر﴾
104
{بل الْإِنْسَان على نَفسه بَصِيرَة (١٤) وَلَو ألْقى معاذيره (١٥) لَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ (١٦). أَي: يلقى جَزَاء جَمِيع أَعماله من طَاعَة ومعصية.
وَعَن زيد بن أسلم: بِمَا قدم من المَال للصدقة، وَأخر من المَال للْوَرَثَة.
105
وَقَوله: ﴿بل الْإِنْسَان على نَفسه بَصِيرَة﴾ أَي: شَاهد، وَالْمعْنَى: هُوَ لُزُوم الْحجَّة عَلَيْهِ كَمَا يلْزم بِالشَّهَادَةِ، وَمَا من أحد إِلَّا وَله من نَفسه على نَفسه حجَّة.
وَقيل: هُوَ شَهَادَة الْجَوَارِح عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة.
قَالَ ابْن عَبَّاس: تشهد عَلَيْهِ يَدَاهُ وَرجلَاهُ وفرجه وَغير ذَلِك.
وَدخلت التَّاء فِي قَوْله ﴿بَصِيرَة﴾ للْمُبَالَغَة مثل قَوْلهم: عَلامَة وَرِوَايَة وَمَا يشبهها.
وَقَوله: ﴿وَلَو ألْقى معاذيره﴾ فِيهِ قَولَانِ معروفان: أَحدهمَا: وَلَو جَاءَ بِكُل عذر، وأدلى بِكُل حجَّة أَي: لَا يقبل مِنْهُ ذَلِك؛ لِأَنَّهُ لَا عذر لَهُ وَلَا حجَّة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن قَوْله: ﴿وَلَو ألْقى معاذيره﴾ أَي: ستوره، وَاحِدهَا معذار، قَالَ الزّجاج: وَهُوَ السّتْر.
وَقيل: هُوَ لُغَة يَمَانِية.
وَالْمعْنَى: أَنه وَإِن ستر جَمِيع أعمله بالستور، فَإِنَّمَا تظهر يَوْم الْقِيَامَة ويجازى عَلَيْهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ﴾ روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن مُوسَى ابْن أبي عَائِشَة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي كَانَ إِذا نزل عَلَيْهِ الْوَحْي يُحَرك بِهِ لِسَانه يُرِيد أَن يحفظه فَأنْزل الله تَعَالَى قَوْله: ﴿لَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ﴾ قَالَ: وحرك سعيد بن جُبَير شَفَتَيْه، وحرك ابْن عَبَّاس شَفَتَيْه ". قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بِهَذَا الحَدِيث أَبُو عَليّ الشَّافِعِي، أخبرنَا أَبُو الْحسن بن (فراس)، أخبرنَا أَبُو جَعْفَر الديبلي، أخبرنَا سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي عَن ابْن عُيَيْنَة.
الحَدِيث.
105
﴿إِن علينا جمعه وقرآنه (١٧) فَإِذا قرأناه فَاتبع قرآنه (١٨) ثمَّ إِن علينا بَيَانه (١٩) كلا بل تحبون العاجلة (٢٠) وتذرون الْآخِرَة (٢١) وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة (٢٢) إِلَى رَبهَا ناظرة (٢٣) ﴾. وَاخْتلف القَوْل أَن النَّبِي لماذا كَانَ يُحَرك لِسَانه؟ فأحد الْقَوْلَيْنِ: أَنه كَانَ يحركه مَخَافَة الانفلات لكيلا ينساه، وَهُوَ الْمَعْرُوف.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه كَانَ يُحَرك لِسَانه حبا للوحي، ذكره الضَّحَّاك.
106
وَقَوله: ﴿إِن علينا جمعه وقرآنه﴾ أَي: جمعه فِي صدرك.
و" قرآنه " أَي: نيسر قِرَاءَته عَلَيْك؛ فالقرآن هَاهُنَا بِمَعْنى الْقِرَاءَة.
وَقَالَ قَتَادَة: إِن علينا جمعه وقرآنه فِي صدرك وتآليفه على مَا أَنزَلْنَاهُ.
وَقَوله: ﴿فَإِذا قرأناه فَاتبع قرآنه﴾ أَي: إِذا أَنزَلْنَاهُ فاستمع لَهُ.
وَيُقَال: إِذا قَرَأَهُ جِبْرِيل عَلَيْك فَاتبع قرآنه، وَقيل: فَاتبع قرآنه أَي: فَاتبع الْقُرْآن بِالْعَمَلِ بِهِ فِي الْحَلَال وَالْحرَام وَالْأَمر وَالنَّهْي.
وَقَوله: ﴿ثمَّ إِن علينا بَيَانه﴾ أَي: علينا أَن نجمعه فِي صدرك لتبينه للنَّاس وتقرأه عَلَيْهِم، وَهُوَ مَذْكُور بِمَعْنى تيسير الْحِفْظ عَلَيْهِ وتسهيله بمعونة: الله تَعَالَى، وَقد كَانَ يلقى من الْحِفْظ شدَّة قبل ذَلِك، فَلَمَّا أنزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة كَانَ إِذا قَرَأَ عَلَيْهِ جِبْرِيل أطرق، فَإِذا ذهب قَرَأَ كَمَا أنزل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الْآخِرَة﴾ هِيَ خطاب للْكفَّار؛ لأَنهم كَانُوا يعْملُونَ للدنيا وَلَا يعْملُونَ للآخرة، فَهَذَا هُوَ معنى الْآيَة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٠:قوله تعالى :( كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة ) هي خطاب للكفار ؛ لأنهم كانوا يعملون للدنيا ولا يعملون للآخرة، فهذا هو معنى الآية.
وَقَوله: ﴿وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة﴾ قَوْله: ﴿ناضرة﴾ بالضاد أَي: مسرورة طَلْقَة هشة بشة.
والنضرة: هِيَ النِّعْمَة والبهجة فِي اللُّغَة.
وَقَوله: ﴿إِلَى رَبهَا ناظرة﴾ هُوَ النّظر إِلَى الله تَعَالَى بالأعين، وَهُوَ ثَابت للْمُؤْمِنين فِي الْجنَّة بوعد الله تَعَالَى وبخبر الرَّسُول.
106
قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا أَبُو الْحسن بن النقور، أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم بن حبابة، أخبرنَا الْبَغَوِيّ، أخبرنَا هدبة [بن] خَالِد عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن صُهَيْب عَن النَّبِي قَالَ: " إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة يَقُول الله تَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئا أَزِيدكُم؟ فَيَقُولُونَ: ألم تبيض وُجُوهنَا؟ ألم تُدْخِلنَا الْجنَّة وتنجنا من النَّار؟ قَالَ: فَيكْشف الْحجاب، فَمَا أعْطوا شَيْئا أحب إِلَيْهِم من النّظر إِلَى الله تَعَالَى ".
قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا أَبُو عَليّ الشَّافِعِي بِمَكَّة، أخبرنَا أَبُو الْحسن بن فراس بِإِسْنَادِهِ عَن إِسْرَائِيل عَن ثُوَيْر بن أبي فَاخِتَة عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي قَالَ: " إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة لمن ينظر فِي ملكه ألف سنة يرى أقصاه كَمَا يرى أدناه، وَإِن أفضلهم منزلَة لمن ينظر إِلَى الله تَعَالَى كل يَوْم مرَّتَيْنِ ".
وَفِي رِوَايَة: " غدْوَة وعشيا، ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وجود يَوْمئِذٍ ناضرة﴾ ".
107
﴿ووجوه يَوْمئِذٍ باسرة (٢٤) تظن أَن يفعل بهَا فاقرة (٢٥) كلا إِذا بلغت التراقي (٢٦) ﴾.
وَالَّذِي ذَكرْنَاهُ من النّظر إِلَى الله هُوَ قَول عَامَّة الْمُفَسّرين، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَيْضا أَنه حمل الْآيَة على هَذَا، وَذكره سَائِر الروَاة.
وَحكى بَعضهم عَن مُجَاهِد: إِلَى ثَوَاب رَبهَا ناظرة، وَلَيْسَ يَصح؛ لِأَن الْعَرَب لَا تطلق هَذَا اللَّفْظ فِي مثل هَذَا الْموضع إِلَّا وَالْمرَاد مِنْهُ النّظر بِالْعينِ، وَلَعَلَّ القَوْل المحكي عَن مُجَاهِد لَا يثبت؛ لِأَنَّهُ لم يُورد من يوثق بروايته.
وَحمل بَعضهم قَوْله: ﴿ناظرة﴾ أَي: منتظرة، وَهَذَا أَيْضا تَأْوِيل بَاطِل؛ لِأَن الْعَرَب لَا تصل قَوْله: " ناظرة " بِكَلِمَة " إِلَى " إِلَّا بِمَعْنى النّظر بِالْعينِ، قَالَ الشَّاعِر:
(نظرت إِلَيْهَا بالمحصب من منى ولي نظر وَلَوْلَا التحرج عَارِم)
فَأَما إِذا [أَرَادَ] الِانْتِظَار فَإِنَّهُم لَا يصلونها بإلى، قَالَ الشَّاعِر:
(فإنكما إِن تنظراني سَاعَة من الدَّهْر تنفعني لَدَى أم جُنْدُب)
أَي: تنتظراني، وعَلى الْمَعْنى لَا يَصح أَيْضا هَذَا التَّأْوِيل؛ لِأَن الطلاقة والهشاشة وَالسُّرُور إِنَّمَا يكون بالوصول إِلَى الْمَطْلُوب فَأَما مَعَ الِانْتِظَار فَلَا، فَإِن فِي الِانْتِظَار تنغصا ومشقة.
108
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٢:وقوله :( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) قوله :( ناضرة ) بالضاد أي : مسرورة طلقة هشة بشة. والنضرة : هي النعمة والبهجة في اللغة.
وقوله :( إلى ربها ناظرة ) هو النظر إلى الله تعالى بالأعين، وهو ثابت للمؤمنين في الجنة بوعد الله تعالى وبخبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال رضي الله عنه : أخبرنا أبو الحسن بن النقور، أخبرنا أبو القاسم بن حبابة، أخبرنا البغوي، أخبرنا هدبة [ بن ]١ خالد عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ قال : فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى الله تعالى " ٢.
قال رضي الله عنه : أخبرنا أبو علي الشافعي بمكة، أخبرنا أبو الحسن بن فراس بإسناده عن إسرائيل عن ثوير بن أبي فاختة عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه ألف سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه، وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر إلى الله تعالى كل يوم مرتين ". وفي رواية :" غدوة وعشيا، ثم قرأ قوله تعالى :( وجود يومئذ ناضرة ) " ٣.
والذي ذكرناه من النظر إلى الله هو قول عامة المفسرين، وهو مروي عن الحسن البصري أيضا أنه حمل الآية على هذا، وذكره سائر الرواة.
وحكى بعضهم عن مجاهد : إلى ثواب ربها ناظرة، وليس يصح ؛ لأن العرب لا تطلق هذا اللفظ في مثل هذا الموضع إلا والمراد منه النظر بالعين، ولعل القول المحكي عن مجاهد لا يثبت ؛ لأنه لم يورده من يوثق بروايته.
وحمل بعضهم قوله :( ناظرة ) أي : منتظرة، وهذا أيضا تأويل باطل ؛ لأن العرب لا تصل قوله :" ناظرة " بكلمة " إلى " إلا بمعنى النظر بالعين، قال الشاعر :.
نظرت إليها بالمحصب من منى ولي نظر ولولا التحرج عارم
فأما إذا [ أراد ]٤ الانتظار فإنهم لا يصلونها بإلى، قال الشاعر :
فإنكما إن تنظراني ساعة من الدهر تنفعني لدى أم جندب
أي : تنتظراني، وعلى المعنى لا يصح أيضا هذا التأويل ؛ لأن الطلاقة والهشاشة والسرور إنما يكون بالوصول إلى المطلوب فأما مع الانتظار فلا، فإن في الانتظار تنغصا ومشقة.
١ - في "الأصل" و"ك" : بنت، وهو تحريف، وهو هدبة بن خالد بن الأسود القيسي أبو خالد البصري. يروي عن حمادة بن سلمة كما في ترجمتيهما من تهذيب الكمال..
٢ - تقدم تخريجه..
٣ - رواه الترمذي٥/ ٤٠٢، رقم ٣٣٣٠، وقال: غريب، وأحمد ٢/ ١٣، ٦٤، وعبد بن حميد ٢٦ رقم ٨١٩، وأبو يعلى ١٠/ ٧٦- ٧٧ رقم ٥٧١٢، ٥٧٢٩، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة رقم ٩٦، في السنة رقم ٢٧٤، ٢٧٥، والطبري ٢٩/ ١٢٠، وابن عدي في الكامل ٢/ ١٠٦، والآجري في الشريعة ٢٦٩، والحاكم ٢/ ٥٠٩- ٥١٠، وأبو الشيخ في العظمة رقم ٦٠٦، وأبو نعيم في الحلية ٥/ ٨٧، وفي صفة الجنة رقم ٤٥١، والبيهقي في البعث رقم ٤٧٧- ٤٧٨،
وقال الهيثمي في المجمع ١٠/ ٤١٠: "رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني، وفي أسانيدهم ثوير بن أبي فاختة، وهو مجمع على ضعفه. قلت: وبه أعله الذهبي في تلخيصه على المستدرك..

٤ - في "الأصل" و"ك": أرادت..

وَقَوله: ﴿ووجوه يَوْمئِذٍ باسرة﴾ أَي: كالحة عابسة.
وَقَوله: ﴿تظن أَن يفعل بهَا فاقرة﴾ أَي: تتيقن أَن الَّذِي يفعل بهَا فاقرة، والفاقرة هُوَ الْأَمر الشَّديد الَّذِي ينكسر مَعَه فقار الظّهْر.
وَقيل: فاقرة: واهية، أَو أَمر عَظِيم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كلا إِذا بلغت التراقي﴾ الْمَعْنى: أَنه لَيْسَ الْأَمر كَمَا يظنون ويتوهمون، (ويستعملون) ذَلِك إِذا بلغت النَّفس التراقي.
والتراقي جمع ترقوة،
108
﴿وَقيل من راق (٢٧) وَظن أَنه الْفِرَاق (٢٨) والتفت السَّاق بالساق (٢٩) إِلَى رَبك يَوْمئِذٍ المساق (٣٠) فَلَا صدق وَلَا صلى (٣١) وَلَكِن كذب وَتَوَلَّى (٣٢) ثمَّ ذهب إِلَى أَهله يتمطى (٣٣) ﴾. وَهُوَ مقدم الْحلق الْمُتَّصِل بالصدر، وَهُوَ مَوضِع الحشرجة، ذكره أَبُو عِيسَى.
109
وَقَوله: ﴿وَقيل من راق﴾ أَي: هَل من طَبِيب يشفي ويداوي، قَالَه قَتَادَة.
وَقيل مَعْنَاهُ: أَن الْمَلَائِكَة يَقُولُونَ من يرقي بِرُوحِهِ أَي: تصعد مَلَائِكَة الرَّحْمَة أَو مَلَائِكَة الْعَذَاب.
وَقَوله: ﴿وَظن أَنه الْفِرَاق﴾ قَرَأَ ابْن عَبَّاس: " وأيقن أَنه الْفِرَاق ".
وَهُوَ صَحِيح عَنهُ، وَهُوَ المعني.
وَقَوله: ﴿والتفت السَّاق بالساق﴾ أَي: [اتَّصَلت] شدَّة الدُّنْيَا بِشدَّة الْآخِرَة.
وَقيل: يجْتَمع عَلَيْهِ كرب الْمَوْت وهول المطلع.
قَالَ الضَّحَّاك: هُوَ فِي أَمر عَظِيم، النَّاس يجهزون بدنه، وَالْمَلَائِكَة يجهزون روحه.
وَعَن الْحسن: " والتفت السَّاق بالساق " أَي: فِي الْكَفَن، وَهُوَ السَّاق الْمَعْرُوف، وعَلى القَوْل الأول السَّاق بِمَعْنى الشدَّة.
وَقد ذكرنَا من قبل.
وَقَوله: ﴿إِلَى رَبك يَوْمئِذٍ المساق﴾ أَي: السُّوق، فَإِنَّهُ يساق إِمَّا فِي الْجنَّة، وَإِمَّا إِلَى النَّار بِأَمْر الله تَعَالَى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا صدق وَلَا صلى﴾ مَعْنَاهُ: فَلَا صدق الْكَافِر وَلَا صلى مَعْنَاهُ: لم يصدق الْكَافِر وَلم يصل.
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: نزلت الْآيَة فِي أبي جهل بن هِشَام.
قَوْله: ﴿وَلَكِن كذب وَتَوَلَّى﴾ أَي: كذب بآيَات الله، وَأعْرض عَن الْحق.
وَقَوله: ﴿ثمَّ ذهب إِلَى أَهله يتمطى﴾ أَي: يتبختر.
ومشية الْمُطَيْطَاء هِيَ مشْيَة التَّبَخْتُر.
وَقيل: هُوَ أَن يولي مطاؤه، والمطا الظّهْر.
وَفِي بعض التفاسير: أَنه مشْيَة بني مَخْزُوم.
وَقيل: التمطي: هُوَ التمدد من كسل أَو مرض، فَأَما من الْمَرَض فَهُوَ غير مَذْمُوم، وَأما من الكسل إِذا كَانَ تثاقلا عَن الْحق فَهُوَ مَذْمُوم.
109
﴿أولى لَك فَأولى (٣٤) ثمَّ أولى لَك فَأولى (٣٥) أيحسب الْإِنْسَان أَن يتْرك سدى (٣٦) ألم يَك نُطْفَة من مني يمنى (٣٧) ﴾.
110
وَقَوله: ﴿أولى لَك فَأولى﴾ اخْتلف القَوْل فِي هَذِه اللَّفْظَة، فأحد الْأَقْوَال: أَن مَعْنَاهَا: الويل لَك ثمَّ الويل لَك.
وَالثَّانِي: مَعْنَاهَا: وليك الْمَكْرُوه وقارب مِنْك، وَهَذَا قَول قَتَادَة وَجَمَاعَة.
وَالْقَوْل الثَّالِث: الذَّم أولى لَك، ثمَّ طرحت لفظ الذَّم للاستغناء عَنْهَا وَلِأَنَّهُ مَعْلُوم، ذكره عَليّ بن عِيسَى.
وَفِي التَّفْسِير: " أَن النَّبِي لَقِي أَبَا جهل وَهُوَ يخرج من بَاب بني مَخْزُوم يتبختر، فَأخذ بِيَدِهِ وهزه مرّة أَو مرَّتَيْنِ، ثمَّ قَالَ لَهُ: أولى لَك فَأولى، فَأخْبر الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن قَول الرَّسُول على مَا قَالَ "، وَهَذَا قَول حسن؛ لِأَن أولى فِي لُغَة الْعَرَب بِمَعْنى كَاد وهم، وَلَفْظَة كَاد بالخلق أليق؛ فَهُوَ حِكَايَة من الله تَعَالَى لقَوْل الرَّسُول.
وأنشدوا فِي كلمة أولى قَول الخنساء:
(هَمَمْت بنفسي بعض الهموم فَأولى لنَفْسي أولى لَهَا)
(سأحمل نَفسِي على آلَة فإمَّا عَلَيْهَا وَإِمَّا لَهَا)
آلَة أَي: حَالَة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٤:وقوله :( أولى لك فأولى ) اختلف القول في هذه اللفظة :
فأحد الأقوال أن معناها : الويل لك ثم الويل لك.
والثاني : معناها : وليك المكروه وقارب منك، وهذا قول قتادة وجماعة.
والقول الثالث : الذم أولى لك، ثم طرحت لفظ الذم للاستغناء عنها ولأنه معلوم، ذكره علي بن عيسى.
وفي التفسير :" أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي أبا جهل وهو يخرج من باب بني مخزوم يتبختر، فأخذ بيده وهزه مرة أو مرتين، ثم قال له : أولى لك فأولى، فأخبر الله تعالى في القرآن قول الرسول على ما قال " ١، وهذا قول حسن ؛ لأن أولى في لغة العرب بمعنى كاد وهم، ولفظة كاد بالخلق أليق ؛ فهو حكاية من الله تعالى لقول الرسول صلى الله عليه وسلم. وأنشدوا في كلمة أولى قول الخنساء :.
هممت بنفسي بعض الهموم فأولى لنفسي أولى لها
سأحمل نفسي على آلة فإما عليها وإما لها
آلة أي : حالة.
١ - رواه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة مرسلا بنحوه، كما في الدر ٦/ ٣٢٨..

قَوْله تَعَالَى: ﴿أيحسب الْإِنْسَان أَن يتْرك سدا﴾ أَي: مهملا لَا يُؤمر وَلَا ينْهَى.
قَالَه مُجَاهِد.
وَقيل: لَا يبْعَث وَلَا يُحَاسب وَلَا يُعَاقب، قَالَ الشَّاعِر:
وَقَوله: ﴿ألم يَك نُطْفَة من مني يمنى﴾ وَقُرِئَ بِالتَّاءِ: " تمنى ".
والمني مَاء مَعْرُوف يخلق مِنْهُ الْإِنْسَان، فالقراءة بِالْيَاءِ تتصرف إِلَى المنى، وَالتَّاء تَنْصَرِف إِلَى مَعْنَاهُ، وَهُوَ النُّطْفَة.
وَقَوله: ﴿يمنى﴾ أَي: يقذف فِي الرَّحِم.
وَقيل: يقدر.
110
﴿ثمَّ كَانَ علقَة فخلق فسوى (٣٨) فَجعل مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذّكر وَالْأُنْثَى (٣٩) أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر على أَن يحيي الْمَوْتَى (٤٠) ﴾.
قَالَ الشَّاعِر:
(مَا يمنى لَك الماني... )
أَي: مَا يقدر لَك الْقدر.
111
قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ كَانَ علقَة﴾ أَي: الْمَنِيّ علقَة، وَهُوَ الدَّم المنعقد.
وَقَوله: ﴿فخلق فسوى﴾ أَي: فخلق مِنْهُ الْإِنْسَان فسوى خلقه.
وَقَوله: ﴿فَجعل مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذّكر وَالْأُنْثَى﴾ وَقيل: من الْمَنِيّ الذّكر وَالْأُنْثَى.
وَقَوله: ﴿أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر على أَن يحيي الْمَوْتَى﴾ مَعْنَاهُ: أَلَيْسَ الله الَّذِي خلق الْإِنْسَان من النُّطْفَة بِقَادِر على أَن يحيى الْمَوْتَى؟ يَعْنِي: هُوَ قَادر.
وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ إِذا بلغ هَذِه الْآيَة قَالَ: اللَّهُمَّ بلَى.
وَفِي رِوَايَة: سُبْحَانَكَ بلَى.
وَقد روى هَذَا مَرْفُوعا فِي بعض المسانيد.
وَالله أعلم وَأحكم.
111

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا (١) إِنَّا خلقنَا الْإِنْسَان من نُطْفَة أمشاج﴾.
تَفْسِير سُورَة الْإِنْسَان
وَهِي مَكِّيَّة فِي قَول بَعضهم.
مَدَنِيَّة فِي قَول بَعضهم، وَقيل: بَعْضهَا مَكِّيَّة وَبَعضهَا مَدَنِيَّة.
112
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(فأقسم بِاللَّه جهد الْيَمين مَا ترك الله شَيْئا سدى)