ﰡ
مكية، وآيها: تسع عشرة آية، وحروفها ثلاث مئة وسبعة وعشرون حرفًا، وكلمها: إحدى وثمانون كلمة.
بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (١)﴾.[١] ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ﴾ انشقَّتْ، وتشقُّقها على غير نظام مقصود، إنما هو انشقاق لتزول بنيتها.
* * *
﴿وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (٢)﴾.
[٢] ﴿وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ﴾ تساقطت من مواضعها التي هي فيها.
* * *
﴿وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (٣)﴾.
[٣] ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ﴾ فُتح بعضُها إلى بعض، عذبُها ومِلْحُها، فصارت بحرًا واحدًا.
* * *
[٤] ﴿وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ﴾ بُحثت وأُخرج ما فيها من الموتى، وهذه أوصاف يوم القيامة.
* * *
﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٥)﴾.
[٥] وجواب (إِذا): ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ﴾ و (نفسٌ) هاهنا اسمُ جنس، وإفرادها ليبين لذهن السامع حقارتها وقلتها وضعفها عن منفعة ذاتها، إلا من رحم الله تعالى ﴿مَا قَدَّمَتْ﴾ في حياتها من عمل صالح أو سيئ.
﴿وَأَخَّرَتْ﴾ مما سَنَّتْه فعُمل به بعد موتها.
* * *
﴿يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦)﴾.
[٦] ثم خاطب تعالى جنس ابن آدم، فوقفه على جهة التوبيخ والتنبيه على أي شيء أوجب أن يغتر بربه الكريم فيعصيه، ويجعل له ندًّا، وغير ذلك من أنواع الكفر، وهو الخالق الموجِدُ بعدَ العدم، فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ﴾ أي: ما دعاك إلى الاغترار.
﴿بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ روي أن النبي - ﷺ - قرأ: ﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ فقال: "جَهْلُهُ" (١)، وهذا يترتب في الكافر.
* * *
﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧)﴾.
[٧] ﴿الَّذِي خَلَقَكَ﴾ بعدَ أنْ لم تكن شيئًا ﴿فَسَوَّاكَ﴾ بأن سوى أعضاءك، وركب فيك العقل، وأنطق لسانك (٢).
﴿فَعَدَلَكَ﴾ قرأ الكوفيون: بتخفيف الدال، أي: صرفَكَ وأمالك إلى ما شاء، وقرأ الباقون: بالتشديد (٣)، أي: قَوَّمَك وجعلك معتدلَ الخَلْق والأعضاء.
* * *
﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨)﴾.
[٨] ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ أي: في قبيحة أو حسنة، أو مشوهة أو سليمة، ونحو هذا.
* * *
(٢) "لسانك" ساقطة من "ت".
(٣) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٧٤)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٢٠)، و"تفسير البغوي" (٤/ ٥٦٨)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٨٩ - ٩٠).
[٩] ﴿كَلَّا﴾ ردٌّ على سائر أقوالهم، وردعٌ عنها. قرأ أبو عمرو، ورويس بخلاف عنه: (رَكَّبَك كَلَّا) بإدغام الكاف، في الكاف، والباقون: بالإظهار (١).
﴿بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ﴾ بالحساب، أثبت لهم تكذيبهم بالدين، وهذا الخطاب عام، ومعناه الخصوص. قرأ أبو جعفر: (يُكَذِّبُونَ) بالغيب، والباقون: بالخطاب، ومنهم: حمزة، والكسائي، وهشام يدغمون اللام في التاء (٢).
* * *
﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠)﴾.
[١٠] ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ﴾ رقباء من الملائكة.
* * *
﴿كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١)﴾.
[١١] ﴿كِرَامًا كَاتِبِينَ﴾ يكتبون أعمال بني آدم، و (٣) وصفهم بالكرم الذي هو نفيُ المذامِّ.
* * *
(٢) انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٥٦٩)، و "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٩٩)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٩٠).
(٣) "و" زيادة من "ت".
[١٢] ﴿يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ وتقولون؛ لمشاهدتهم حالَكم.
* * *
﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣)﴾.
[١٣] ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ﴾ جمعَ برّ، وهو الذي قد اطَّرد بِرُّهُ عمومًا، فبرَّ ربَّه في طاعته إياه، وبرَّ أبويه، وبرَّ الناس في جلب ما استطاع من الخير لهم، وغير ذلك ﴿لَفِي نَعِيمٍ﴾.
* * *
﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)﴾.
[١٤] ﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ﴾ يعني: الكفار ﴿لَفِي جَحِيمٍ﴾ بيان لما يكتبون لأجله.
* * *
﴿يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (١٥)﴾.
[١٥] ﴿يَصْلَوْنَهَا﴾ يباشرون حرها بأبدانهم ﴿يَوْمَ الدِّينِ﴾ هو يوم الجزاء.
* * *
﴿وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (١٦)﴾.
[١٦] ﴿وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ﴾ لا بدَّ من دخولهم إياها.
* * *
[١٧] ثم فخم شأن يوم الدين فقال: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾.
* * *
﴿ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨)﴾.
[١٨] ثم كرر تعجبًا لشأنه فقال: ﴿ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ والخطاب للنبي - ﷺ -.
* * *
﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩)﴾.
[١٩] ﴿يَوْمَ﴾ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب: (يَوْمُ) برفع الميم على معنى: هو يوم، وقرأ الباقون: (يَوْمَ) بالنصب على الظرف (١)، والمعنى الجزاءُ يومَ.
﴿لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾ من المنفعة ﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ إخبار منه تعالى بضعف الناس (٢) يومئذ، وأنه لا يُغني بعضهم عن بعض، وأن الأمر له -تبارك وتعالى- كما هو له في الدنيا، والله أعلم.
* * *
(٢) "الناس": ساقطة من "ت".