ﰡ
الأولي: هي الناحية الجسمانية وما ينتج عنها، مثل السيلان والزهري والقرحة والزفرة، ومن مضاعفاتها أن السيلان ينتهي بمضاعفات بولية تناسلية، أو مفصلية، أو رمدية قد ينتج عنها فقد الإبصار، أما الزهري فينتشر في الجسم كله ويصيب الأنسجة والشرايين والجهاز العصبي، وقد ينتهي بصاحبه إلي الجنون، كما يؤثر علي النسل، فيموت الجنين أو يشوه.
الثانية: التأثير العصبي، فإن الزناة منهم من قد يصاب بتأنيب الضمير والشعور بالإثم، وفي النهاية يصاب بانهيار عصبي، ومن كثرة الإفراط قد يؤدي به إلي طريق الجنون..
وتشير هذه الآية إلي الحكة العالية في توزيع الماء بقدر أي بتقدير لائق حكيم، لاستجلاب المنافع ودفع المضار. وثم معنى آخر للآية الكريمة يفيد: أن مشيئة الخالق ـ جل وعلا ـ اقتضت أن يسكن في الأرض كمية معلومة من المياه في محيطاتها وبحارها تكفي لحدوث التوازن الحراري المناسب في هذا الكوكب، وعدم وجود فروق عظيمة بين درجات حرارة الصيف والشتاء لتلائم الحياة، كما في بعض الكواكب والتوابع كالقمر. كما أن مياه الأرض أنزلت بقدر معلوم لا يزيد فيغطي كل سطحها، ولا يقل فيقصر دون ري الجزء الربي منها..
وتفيد الأبحاث الطبية إلي أن زيت الزيتون له فوائد عديدة، فهو يفيد الجهاز الهضمي عامة، والكبد خاصة، وهو يفضل كافة أنواع الدهون الأخرى نباتية أو حيوانية، إذ لا يسبب أمراضا للدورة الدموية أو الشرايين كغيره من الدهون، كما أنه ملطف للجلد، إذ يجعله ناعما ومرنا. ولزيت الزيتون استعمالات أخرى كثيرة صناعية، إذ يحضر منه بعض الصناعات، ويدخل في تركيب أفضل وأحسن أنواع الصابون، وفي غير ذلك من مختلف الصناعات الغذائية والصناعية..
ونحن عندما نحاول تحديد تاريخ حدوث الطوفان نجد أنه ليس بالأمر السهل. فقد حدثت طوفانات عديدة في أزمنة غير سحيقة في عهد البشرية، كما حدث في أرض بابل وفي الهند وفي الصين وفي الأمريكتين.
وجاء ذكر بعض هذه الطوفانات في القصص الشعبي، إلا أنه من المستبعد أن يكون لها علاقة بالطوفان العظيم أو طوفان نوح.
وقد ثبت من البحث والمشاهدة أن العالم انتابته طوفانات عالمية كثيرة، وأن آخر الطوفانات لعالمية كان سببه انقضاء عصر الجليد الأخير وانصهار معظم الثلوج المتجمدة في القطبين، ونحن لا نعلم علن اليقين متى انقلب الميزان وفار التنور ـ وجه الأرض ـ نتيجة للارتفاع المفاجئ في سرعة انصهار الجليد حتى علا منسوب الماء العام للبحار، وطفت المياه.
وجدير بالذكر أنه قد صاحب انصهار ثلوج العصر الجليدي الأخير مناخ شديد المطر في مناطق نائية عن القطبين، مثل حوض البحر الأبيض المتوسط.
ومهما يكن من شيء فمن المسلم به أنه ليس لدينا من الوثائق ما يمكننا من تحديد عصر نوح وقومه، فالظاهرة كلها معجزة إلهية. ومن الإعجاز أن ينصح نوح قومه ويحذرهم من غضب الله، ويوحي الله أنه مغرقهم إذا لم ينتصحوا، ثم يوحي إليه أن يصنع الفلك، ثم يأتي أمر الله، وينقلب الميزان، ويفوز التنور، وينهمر المطر تحقيقا لما أخبر الله به نوحا من أن الله يعلم أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن..
أولا: إلي أن الإيمان بذلك علي وجه الإجمال يقيني. تاركين التعرض إلي التفصيل إلي أن يشاء الله ـ سبحانه ـ بيانه بمقتضى قوله: ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم﴾.
ثانيا: يوجهنا أيضا إلي محاولة البحث العلمي إن استطعنا، لأن الوصول إلي هذه الحقيقة يؤكد إيماننا، والإيمان هو الهدف الهام من توجيهنا إلي تلك الآيات..
الأولي: الاختلاف الزمني طولا وقصرا.
والثانية: الاختلاف في الظواهر وغير المرئية.
أولا: الاختلاف الزمني:
النهار: هو الفترة الزمنية بين ظهور حاجب الشمس واختفائها من أفق المكان حيث يلامس سطح الأرض، وكما نشاهدها بالعين. وحيث إن موقع الحافة العليا للشمس في الحقيقة ليس عند الأفق. وإنما نشاهده كذلك لأن الإشعاع المنبعث منها يتقوس لدى انكساره أثناء مروره في طبقات الجو، حتى يصل إلي عين الراصد، فيشاهدها كما لو كانت عند الأفق. والواقع أن هذه الحافة منخفضة عن الأفق بمقدار ٣٥ دقيقة قوسية.
والليل: هو الفترة الزمنية المتممة لفترة النهار، حتى يبلغ مجوعها فترة دوران الأرض حول محورها من الغرب إلي الشرق.
وفيما بين الليل والنهار فترتان زمنيتان: هما فترة الشفق الغربي، وفترة الشفق الشرقي، وفترة النهار تختلف باختلاف عرض المكان وفصول السنة. وتختلف أيضا فترة الليل تبعا لذلك. وتحدد مواقيت الصلاة والصوم تبعا لوضع قرص الشمس بالنسبة للأفق.
ثانيا: الاختلاف في الظواهر الطبيعية:
وهذه هي الظواهر العديدة المختلفة الألوان، والتي تنشأ من تفاعل الإشعاع الشمسي ـ بما يحتويه من إشعاعات موجبة مرئية وغير مرئية. وجسيمات تحمل شحنات كهربائية ـ مع الغلاف الجوي وأسطح البحار والصحاري... الخ، كما أن هناك مشاهدات فلكية كالخسوف والكسوف والمذنبات والنجوم والكواكب السيارة والشهب والنيازك التي قد تحجبها شدة إضاءة الشمس أثناء النهار، بينما تظهر واضحة أثناء الليل.
وأهم الظواهر الفيزيائية التي تختلف فيها الليل عن النهار هي الضوء بالنهار، وسببه أن الإشعاع المباشر للشمس عندما يسقط علي الغلاف الجوي الذي يتألف من جزئيات صغيرة، ويحمل الذرات الغبارية، فإنه ينعكس في مختلف الاتجاهات ويتشتت فإذا ما كان الجو نقيا، وأحجام الذرات الغبارية صغيرة جدا، والشمس مرتفعة عن الأفق، فإن اللون الأكثر تشتتا وحساسية للعين هو اللون الأزرق، فتظهر السماء زرقاء، أما عند شروق الشمس أو غروبها فإن الأفق يظهر بلون برتقالي متدرجا إلي الأحمر، بينما يكون الضوء الأزرق المشتت قليلا نسبيا، ولذلك يميل لون السماء عند السمت إلي الزرقة الخافتة.
وفي لحظة غروب الشمس عند الأفق نشاهد لونا أخضر عند حافتها العليا لمدة ثانية أو أقل، وهذه الظاهرة تسمى بالوميض الأخضر. وتشاهد عادة علي سطح البحر أو وراء قمم الجبال أو حتى جدران المنازل. وترجع هذه الظاهرة إلي حيود الأشعة الشمسية الذي ينتج عنها تحلل طيفها إلي ألوان منها الضوء الأخضر.
والخلاصة أن الإشعاع الشمسي يتألف من مجموعة من الألوان المرتبة وغير المرتبة، ويتميز بعضها عن بعض بطول الموجة، وتخضع هذه الموجات لخصائص عديدة الانكسار والانعكاس والتشتت والتداخل والاستقطاب والحيود. فإذا ما تفاعلت مع الغلاف الجوي في حالات خاصة فإننا نشاهد نتيجة لهذا التفاعل ضوء النهار والسراب وأقواس قزح والهالة الشمسية إلي غير ذلك من آيات السماء (من الظواهر الكونية) وعندما تغيب الشمس وراء الأفق تظهر السماء بألوان مختلفة نظرا لتشتت الضوء في طبقات الجو العليا، وكلما انخفض قرص الشمس خفت ضوء الشفق، وقلت ألوانه الطبيعية، حتى إذا ما بلغ ٥و١٨ درجة قوسية أصبحت السماء قاتمة، وقد اصطلح الميقاتيون علي أن تلون هذه اللحظة "غسق الليل" إيذانا بصلاة العشاء وتلك اللحظة يبدأ عندها الضوء البروجي علي شكل مخروط قاعدته عند الأفق الغربي، ويمتد في ليالي الشتاء الصافية حتى تبلغ قمة المخروط السمت! وفي منتصف الليل تظهر الأضواء البروجية عند أولا كرأس قمة مخروط ضوئي خافت، تزداد في الارتفاع، وتمتد قاعدته عن الأفق الشرقي، حتى إذا بزغ الفجر، أي عندما تكون الشمس منخفضة عن الأفق الشرقي بمقدار ٥و١٨، وهي إيذان بصلاة الفجر، وتبدأ ألوان الشفق الشرقي في الظهور تدريجيا وعكسيا للشفق الغربي، وما الفجر الكاذب سوى الضوء البروجي الذي يبلغ أقصى شدته عندما تكون الشمس منخفضة عن الأفق الشرقي بأكثر من ٥و١٨ درجة قوسية.
ولقد تبين حديثا أن للشمس غلافا رقيقا يمتد امتدادا هائلا في الفضاء حتى يكاد يلامس جو الأرض، هذا هو الغلاف الرقيق الذي يسبب الأضواء البروجية بأشكالها المختلفة.
هذه الظواهر العديدة التي ذكرناها علي سبيل المثال لا الحصر تتكشف لنا إذا كانت السماء خالية من السحب والأعاصير المحملة بالتراب، لأنها تظهر عندئذ وهي قاتمة اللون، وإذا كانت السحب محملة بقطرات ماء المطر فهي تتفاعل مع الأشعة الشمسية، وتحدث أقواس قزح في أحوال مناسبة.
وإذا كان السحاب نوع السمحاق الذي يحمل حبيبات بلورية مسدسة من الماء المتجمد، فإن هذه البلورات تتفاعل مع الإشعاع الشمسي فتنكسر من سطحها إلي داخلها، وينعكس علي الأسطح الداخلية، ثم تنكسر إلي الخارج. وقد نشاهد في ظروف وأحوال مناسبة الهالة الشمسية بمظاهرها الجميلة وهي دائرة ملونة كبرى حول الشمس. وعند سواد الليل تظهر النجوم متلألئة علي سطح القبة السماوية كما لو كانت علي مسافة قريبة منا، وفي الواقع هي علي مسافات شاسعة تقاس بالسنين الضوئية، كما تظهر علي هذه القبة أيضا الكواكب السيارة والمذنبات والشهب والنيازك وهي تبدو قريبة جدا نسبيا، كما لو كانت فروق المسافات قد انعدمت. وهذا ما يجعلنا ندرك المعنى الخفي في قوله تعالي: ﴿وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون﴾. كما بينا سابقا بالإضافة إلي الإشعاعات الموجبة من الشمس هناك إشعاع من الجسيمات، ينبعث من مناطق شمسية شديدة النشاط، وتحمل شحنات كهربائية، كما تنبعث منها إشاعات شديدة فوق البنفسجية، وهذه الجسيمات والإشعاعات تتفاعل مع الطبقات الجوية العليا، وتتأثر بالمجال المغناطيسي حول الأرض، فتثير الأضواء الشمالية أو الجنوبية، وتظهر قائمة في السماء الشمالية، كأنها ستائر من الإضاءة الجميلة الألوان خضراء اللون، وتميل إلي الاحمرار والزرقة عند الحواف. هذه الأشكال قد تستمر ساعات طويلة في السماء الشمالية وتكاد تشاهد في ليال عديدة عندما تكون الشمس في أوج نشاطها، نرى هذه الستائر ليس فقط في العروض الشمالية بل أيضا في العروض المتوسطة الاستوائية.
وهناك شحنات كهربية في السحب والجو يتولد عنها البروق وإضاءة بعض السحب العالية. جميع هذه الظواهر العديدة التي نشاهدها تجعلنا ندرك المعنى الخفي في قوله سبحانه وتعالي: ﴿إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب﴾.
ومما سبق يتضح أن الاختلاف في الظواهر الفيزيائية إنما لأسباب لا يمكن للإنسان أن يتدخل فيها، وأن الله ـ جل شأنه ـ هو الذي له اختلاف الليل والنهر، ولا سبيل إطلاقا إلي تحكم الإنسان في أي يوم علي الليل والنهار. وهو ـ جل شأنه ـ بما وضع من موازين دقيقة وتقديرات محددة يتعاقب الليل والنهار، ويختلف علي مدار السنة طولا وقصرا..