ﰡ
وقوله تعالى :﴿ بَلْ كَذَّبُواْ بالساعة ﴾ أي إنما يقول هؤلاء هكذا تكذيباً وعناداً، لا أنهم يطلبون ذلك تبصراً واسترشاداً، بل تكذيبهم بيوم القيامة يحملهم على قول ما يقولونه من هذه الأقوال، ﴿ وَأَعْتَدْنَا ﴾ أي أرصدنا ﴿ لِمَن كَذَّبَ بالساعة سَعِيراً ﴾ أي عذاباً أليماً حاراً لا يطاق في نار جهنم، وقوله :﴿ إِذَا رَأَتْهُمْ ﴾ أي جهنم ﴿ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ يعني في مقام المحشر، فقال السدي : من مسيرة مائة عام ﴿ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً ﴾ أي حنقاً عليهم، كما قال تعالى :﴿ إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ ﴾
وقوله تعالى :﴿ وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ ﴾ الآية، هذا يوم القيامة حين يحاسب الله العباد على ما عملوه من الخير والشر، فأخبر أنه لا يحصل لهؤلاء المشركين من الأعمال التي ظنوا أنها منجاة لهم شيء، وذلك لأنها فقدت الشرط الشرعي إما الإخلاص فيها، وإما المتابعة لشرع الله، فكل عمل لا يكون خالصاً وعلى الشريعة المرضية فهو باطل، ولهذا قال تعالى :﴿ وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً ﴾، عن علي رضي الله عنه في قوله ﴿ هَبَآءً مَّنثُوراً ﴾ قال : شعاع الشمس إذا دخل الكوة وكذا قال الحسن البصري : هو الشعاع في كوة أحدكم ولو ذهب يقبض عليه لم يستطع، وقال ابن عباس هَبَآءً مَّنثُوراً } قال : هو الماء المهراق، قال قتادة : أما رأيت يبس الشجر إذا ذرته الريح؟ فهو ذلك الورق.
وقوله تعالى :﴿ أَصْحَابُ الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ﴾ أي يوم القيامة ﴿ لاَ يستوي أَصْحَابُ النار وَأَصْحَابُ الجنة أَصْحَابُ الجنة هُمُ الفآئزون ﴾ [ الحشر : ٢٠ ] وذلك أن أهل الجنة يصيرون إلى الدرجات العاليات، والغرفات الآمنات، فهم في مقام أمين حسن المنظر طيب المقام ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً ﴾ [ الفرقان : ٧٦ ] وأهل النار يصيرون إلى الدركات السافلات، وأنواع العذاب والعقوبات ﴿ إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً ﴾ [ الفرقان : ٦٦ ] أي بئس المنزل منظراً وبئس المقيل مقاماً، ولهذا قال تعالى :﴿ أَصْحَابُ الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ﴾ أي بما عملوه من الأعمال المتقبلة نالوا ما نالوا وصاروا إلى ما صاروا إليه بخلاف أهل النار، فإنهم ليس لهم عمل واحد يقتضي دخول الجنة لهم والنجاة من النار، فنبه تعالى بحال السعداء على حال الأشقياء وأنه لا خير عندهم بالكلية، فقال تعالى :﴿ أَصْحَابُ الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ﴾، قال ابن عباس : إنما هي ساعة فيقيل أولياء الله على الأسرة مع الحور العين، ويقيل أعداء الله مع الشياطين مقرنين، وقال سعيد بن جبير : يفرغ الله من الحساب نصف النهار فيقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، قال الله تعالى :﴿ أَصْحَابُ الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ﴾، قال قتادة : أي مأوى ومنزلاً. وقال ابن جرير عن سعيد الصواف : أنه بلغه أن يوم القيامة يقصر على المؤمن حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس، وإنهم يتقلبون في رياض الجنة، حتى يفرغ من الناس، وذلك قوله تعالى :﴿ أَصْحَابُ الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ﴾.
وقوله تعالى :﴿ الملك يَوْمَئِذٍ الحق للرحمن ﴾ الآية. كما قال تعالى :﴿ لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار ﴾ [ غافر : ١٦ ] وفي « الصحيح » : أن الله تعالى يطوي السماوات بيمينه. ويأخذ الأرضين بيده الأخرى ثم يقول : أنا الملك، أنا الديان، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟. وقوله :﴿ وَكَانَ يَوْماً عَلَى الكافرين عَسِيراً ﴾ أي شديداً صعباً لأنه يوم عدل وقضاء فصل. كما قال تعالى :﴿ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الكافرين غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾ [ المدثر : ٩-١٠ ] فهذا حال الكافرين في هذا اليوم. وأما المؤمنون فكما قال تعالى :﴿ لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر ﴾ [ الأنبياء : ١٠٣ ] الآية، وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري قال، قيل : يا رسول الله ﴿ يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [ المعارج : ٤ ] ما أطول هذا اليوم! فقال رسول الله ﷺ :« والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا » وقوله تعالى :﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالم على يَدَيْهِ ﴾ الآية، يخبر تعالى عن ندم الظالم الذي فارق طريق الرسول ﷺ، وما جاء من عند الله من الحق المبين الذي لا مرية فيه، وسلك طريقاً أخرى غير سبيل الرسول، فإذا كان يوم القيامة ندم حيث لا ينفعه الندم، وعض على يديه حسرة وأسفاً، وسواء كان سبب نزولها في عقبة بن معيط، أو غيره من الأشقياء، فإنها عامة في كل ظالم كما قال تعالى :﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النار ﴾ [ الأحزاب : ٦٦ ] الآيتين، فكل ظالم يندم يوم القيامة غاية الندم، ويعض على يديه قائلاً ﴿ ياليتني اتخذت مَعَ الرسول سَبِيلاً * ياويلتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً ﴾ يعني من صرفه عن الهدى وعدل به إلى طريق الضلال من دعاة الضلالة، وسواء في ذلك ( أمية بن خلف ) أو أخوه ( أبي بن خلف ) أو غيرهما ﴿ لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذكر ﴾ وهو القرآن ﴿ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي ﴾ أي بعد بلوغه إليَّ قال الله تعالى :﴿ وَكَانَ الشيطان لِلإِنْسَانِ خَذُولاً ﴾ أي يخذله عن الحق ويصرفه عنه ويستعمله في الباطل ويدعوه إليه.
ثم قال تعالى مخبراً عن سوء حال الكفار في معادهم يوم القيامة، وحشرهم إلى جهنم في أسوأ الحالات وأقبح الصفات. ﴿ الذين يُحْشَرُونَ على وُجُوهِهِمْ إلى جَهَنَّمَ أولئك شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً ﴾، وفي الصحيح عن أنس، أن رجلاً قال : يا رسول الله! كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ فقال :« إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة ».
وقوله تعالى :﴿ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً ﴾ أي وأمماً - أضعاف من ذكر أهلكناهم - كثيرة، ولهذا قال :﴿ وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأمثال ﴾ أبي بينا لهم الحجج، ووضحنا لهم الأدلة، وأزحنا الأعذار عنهم، ﴿ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً ﴾ أي أهلكنا إهلاكاً، كقوله تعالى :﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ القرون مِن بَعْدِ نُوحٍ ﴾ [ الإسراء : ١٧ ]، والقرن هو الأمة من الناس، كقوله :﴿ ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ ﴾ [ المؤمنون : ٤٢ ]، وحَدَّه بعضُهم بمائة، وقيل بثمانين، والأظهر أن القرآن هو الأمة المتعاصرون من الزمن الواحد، وإذا ذهبوا وخلفهم جبل فهو الحديث. ﴿ وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى القرية التي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السوء ﴾ يعني قرية قوم لوط وهي ( سدوم ) التي أهلكها الله بالقلب وبالمطر من الحجارة التي من سجيل، كما قال تعالى :﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ المنذرين ﴾ [ الشعراء : ١٧٣ ]، وقال :﴿ وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وباليل أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ [ الصافات : ١٣٧-١٣٨ ]، وقال تعالى :﴿ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ ﴾ [ الججر : ٧٦ ]، وقال :﴿ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ ﴾ [ الحجر : ٧٩ ]، ولهذا قال :﴿ أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا ﴾ ؟ أي فيعتبروا بما بأهلها من العذاب والنكال بسبب تكذيبهم بالرسول وبمخالفتهم أوامر الله، ﴿ بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً ﴾ يعني المارين بها من الكفار لا يعتبرون، لأنهم ﴿ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً ﴾ أي معاداً يوم القيامة.
وقوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ ﴾ أي أمطرنا هذه الأرض دون هذه، وسقنا السحاب يمر على الأرض ويتعداها ويتجاوزها إلى الأرض الأخرى، فيمطرها ويكفيها ويجعلها غدقاً والتي وراءها لم ينزل فيها قطرة من ماء، وله في ذلك الحجة البالغة والحكمة القاطعة. قال ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما : ليس عام بأكثر مطراً من عام، ولكن الله يصرفه كيف يشاء، ثم قرأ هذه الآية ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ فأبى أَكْثَرُ الناس إِلاَّ كُفُوراً ﴾ : أي ليذكروا بإحياء، الله الأرض الميتة أنه قادر على إحياء الأموات والعظام الرفات، أو ليذكر من منع المطر إنما أصابه ذلك بذنب أصابه فيقلع عما هو فيه. وقوله :﴿ فأبى أَكْثَرُ الناس إِلاَّ كُفُوراً ﴾ قال عكرمة : يعني الذين يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا، وفي « صحيح مسلم » عن رسول الله ﷺ أنه قال لأصحابه يوما على أثر سماء أصابتهم من الليل :« أتدرون ماذا قال ربكم؟ » قالوا : الله ورسوله أعلم، « قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذاك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأمن من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذاك كافر بي مؤمن بالكوكب ».
وقوله تعالى :﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ﴾ أي أقرن بين حمده وتسبيحه، ولهذا كان رسول الله ﷺ يقول :« سبحانك اللهم ربنا وبحمدك »، أي أخلص له العبادة والتوكل، كما قال تعالى :﴿ رَّبُّ المشرق والمغرب لاَ إله إِلاَّ هُوَ فاتخذه وَكِيلاً ﴾ [ المزمل : ٩ ]، وقال تعالى :﴿ فاعبده وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ [ هود : ١٢٣ ]، وقال تعالى :﴿ قُلْ هُوَ الرحمن آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ﴾ [ الملك : ٢٩ ] وقوله تعالى :﴿ وكفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً ﴾ أي بعلمه التام لا يخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة، وقوله تعالى :﴿ الذي خَلَقَ السماوات والأرض ﴾ الآية، أي هو خالق كل شيء وربه ومليكه، الذي خلق بقدرته وسلطانه السماوات السبع في ارتفاعها واتساعها، والأرضين السبع في سفولها وكثافتها ﴿ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ استوى عَلَى العرش ﴾، يدبر الأمر ويقضي الحق وهو خير الفاصلين، وقوله :﴿ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً ﴾ أي استعلم عنه من هو خبير بن عالم به، فاتبعه واقتد به، وقد علم أنه لا أحد أعلم بالله ولا أخبر به، من عبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه سيد ولد آدم علىلإطلاق، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلاّ وحي يوحى، فما قاله فهو الحق، وما أخبره به فهو الصدق، ولهذا قال تعالى :﴿ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً ﴾، قال مجاهد : ما أخبرتك من شيء فهو كما أخبرتك، وقال شمر بن عطية : هذا القرآن خبير به، ثم قال تعالى منكراً على المشركين الذين يسجدون لغير الله من الأصنام والأنداد :﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسجدوا للرحمن قَالُواْ وَمَا الرحمن ﴾ ؟ أي لا نعرف الرحمن، وكانوا ينكرون أن يسمى الله باسمه الرحمن، كما أنكروا ذلك يوم الحديبية حين قال النبي ﷺ للكاتب :
إِنْ يُعذّبْ يكنْ غراماً وإن يع | طِ جزيلاً فإنه لا يبالي |
وقوله تعالى :﴿ فأولئك يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً ﴾. في معنى قوله :﴿ يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ﴾ قولان : أحدهما أنهم بدلا مكان عمل السيئات بعمل الحسنات، قال ابن عباس : هم المؤمنون كانوا من قبل إيمانهم على السيئات فرغب الله بهم عن السيئات فحولهم إلى الحسنات فأبدلهم مكان السيئات الحسنات. وقال سعيد بن جبير : أبدلهم الله بعبادة الأوثان عبادة الرحمن، وأبدلهم بقتال المسلمين قتال المشركين، وأبدلهم بنكاح المشركات نكاح المؤمنات، وقال الحسن البصري : أبدلهم الله بالعمل السيء العمل الصالح، وأبدلهم بالشرك إخلاصاً، وأبدلهم بالفجور إحصاناً، وبالكفر إسلاماً، ( والقول الثاني ) : أن تلك السيئات الماضية تنقلب بنفس التوبة النصوح حسنات، كما ثبتت السنة بذلك وصحت به الآثار المروية عن السلف رضي الله عنهم. فعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال رسول الله ﷺ :« إني لأعرف آخر أهل النار خروجاً من النار، وآخر أهل الجنة دخولاً إلى الجنة، يؤتى برجل فيقول : نحوّا عنه كبار ذنوبه وسلوه عن صغارها، قال فيقال له : عملت يوم كذا، كذا وكذا، وعملت يوم كذا، كذا وكذا، فيقول : نعم، لا يستطيع أن ينكر من ذلك شيئاً، فيقال : فإن لك بكل سيئة حسنة، فيقول : يا رب عملت أشياء لا أراها هاهنا » قال : فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت نواجذه « وعن أبي هريرة قال : ليأتين الله عزَّ وجلَّ بأناس يوم القيامة رأوا أنهم قد استكثروا من السيئات، قيل : من هم يا أبا هريرة؟ قال : الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات، وقال علي بن الحسين زين العابدين ﴿ يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ﴾ قال : في الآخرة. وقال مكحول : يغفرها لهم فيجعلها حسنات، قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو جابر أنه سمع مكحولاً يحدث قال :
وقوله تعالى :﴿ والذين يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾ يعني الذين يسألون الله أن يخرج من أصلابهم من ذرياتهم من يطيعه ويعبده وحده لا شريك له، قال ابن عباس : يعنون من يعمل بطاعة الله فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة، قال عكرمة : لم يريدوا بذلك صباحة ولا جمالاً، ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين. وسئل الحسن البصري عن هذه الآية فقال : أن يرى الله العبد المسلم من زوجته ومن أخيه ومن حميمه طاعة الله، لا والله لا شيء أقر لعين المسلم من أن يرى ولداً، أو ولد ولد، أو أخاً، أو حميماً مطبعاً لله عزَّ وجلَّ.
قال ابن عباس : لولا دعاؤكم : أي لولا إيمانكم، وأخبر تعالى الكفار أنه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين، ولو كان له بهم حاجة لحبب إليهم الإيمان كما حببه إلى المؤمنين. وقوله تعالى :﴿ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ ﴾ أيها الكافرون ﴿ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً ﴾ أي فسوف يكون تكذيبكم لزاما لكم، يعني مقتضياً لعذابكم وهلاككم ودماركم في الدنيا والآخرة.