تفسير سورة فاطر

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
تفسير سورة سورة فاطر من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم .
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لمّا بّيَن انتقامه من اعدائه، وهو إنعامه على أوليائه، حمد ذاته تعالى على الآية فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ﴾: مُبْدع ﴿ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾: بلا سبق مثال ﴿ جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً ﴾: بينه وبين خلقه للوحي أو الإلهام أو الرؤيا أو لإيصال آثار صنعه ﴿ أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ ﴾: متعددة ﴿ مَّثْنَىٰ ﴾: اثنين اثنين، أي: ذا جناحين ﴿ وَثُلاَثَ ﴾: ثلاثة ثلاثة ﴿ وَرُبَاعَ ﴾: أربعة أربعة، قيل: الأوزان لتكرير تلك الأعداد، فيندفع قولهم صاحب الأجنحة الثلاثة لا يطير إذ الثالث فيها عون للجناحين ﴿ يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ ﴾: صورة ومعنى ﴿ مَا يَشَآءُ ﴾: رأى عليه الصلاة والسلام جبريل في المعراج بسبعمائة جناح بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * مَّا يَفْتَحِ ﴾: ما يرسل ﴿ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ﴾: بعد إمساكه، أفاد يتخصيص تفسير الأول سبق رحمته ﴿ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾: في أموره ﴿ ٱلْحَكِيمُ ﴾: في فعله ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ ﴾: ولا تنسوا ﴿ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ ﴾: لا موصوف بالخالقية ﴿ غَيْرُ ٱللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ ﴾: فمِنْ أيّ وجهٍ ﴿ تُؤْفَكُونَ ﴾: تصرفون عن التوحيد ﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ ﴾: فليس ببدع ﴿ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ ﴾: فاصبر كما صبروا ﴿ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ ﴾: فيجازي الكل ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا ﴾: أي: لذاتها عن الآخرة ﴿ وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِٱللَّهِ ﴾: بمغفرته، الشيطان ﴿ ٱلْغَرُورُ ﴾: فتعصوه فإنه كأكل السم اعتمادا على دفع الطبيعة ﴿ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ ﴾: عظيم ﴿ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً ﴾: بمخالفته ﴿ إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ ﴾: أتباعه إلى الهوى ﴿ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ ﴾: فيشاركوه في منزله ﴿ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ * أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً ﴾: أي: كمن وفق فرأى الباطل باطلا، دل عليه ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ ﴾: فلا تهلك ﴿ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ ﴾: على غيهم ﴿ حَسَرَاتٍ ﴾: للحسرات عليه، أفهم بجمعها تضاعف اغتمامه المقتضية لها ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾: فيجازيهم ﴿ وَٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ ﴾: تزعج ﴿ سَحَاباً ﴾: وهذا حكاية عن الماضي ﴿ فَسُقْنَاهُ ﴾: التفت كما مر ﴿ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ ﴾: الإحياء ﴿ ٱلنُّشُورُ ﴾: وفي الحديث" ينزل من تحت العرش مَطرٌ يَعمُّ الأرض وينبت الأجساد من قبورها "﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ ﴾: الشَّرف فليطلبه من الله تعالى بطاعته ﴿ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً ﴾: في الدارين ﴿ إِلَيْهِ ﴾: بلا واسطةٍ ﴿ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ ﴾: التوحيد أو كل ذكر ﴿ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾: الله تعالى، خصه به لما فيه من الكلفة، أو فاعلهُ الكلِمُ، أو العمل ﴿ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ﴾: المكرات ﴿ ٱلسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾: يفسد ولا ينفذ، ومضى في آية:﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ﴾[الأنفال: ٣٠] ﴿ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ﴾: كآدم ﴿ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ﴾: كذريته ﴿ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً ﴾: ذكورا وإناثا ﴿ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ ﴾: إلا معلوما له ﴿ وَمَا يُعَمَّرُ ﴾: يمد في العمر ﴿ مِن مُّعَمَّرٍ ﴾: طويل عمر ﴿ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ ﴾: نفسه، نحو: أن عمل كذا فعمره ستون، وإلا فأربعون، ويؤيد ذلك ما ورد في أسبابهما أو من عمر آخر، من باب: لي درهم ونصفه، أو المعمر: الصائر إلى التعمير ﴿ إِلاَّ فِي كِتَابٍ ﴾: اللوح أو علم الله تعالى ﴿ إِنَّ ذَلِكَ ﴾: الحفظ ﴿ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ * وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ ﴾: بيان قدره أخرى ﴿ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ ﴾: شديد العذوبة أو كاسر العطش ﴿ سَآئِغٌ ﴾: سهل الانحدار ﴿ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ﴾: محرق بملوحته ﴿ وَمِن كُلٍّ ﴾: منهما ﴿ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً ﴾: السمك ﴿ وَتَسْتَخْرِجُونَ ﴾: عطف على من كل ﴿ حِلْيَةً ﴾: كاللؤلؤ والمرجان ﴿ تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ ﴾: في كل ﴿ مَوَاخِرَ ﴾: تمخر الماء، تشقه كما مر ﴿ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ ﴾: بالتجارة ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾: نعمه ﴿ يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ ﴾: فيزيد ﴿ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ ﴾: فيزيد ﴿ وَسَخَّرَ ﴾: لكم ﴿ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ ﴾: منهما ﴿ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾: القيامة ﴿ ذَلِكُمُ ﴾: القادر الله ﴿ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ ﴾: وحده ﴿ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ ﴾: بالألوهية ﴿ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ ﴾: قشرة النواة ﴿ إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ ﴾: لأنهم جماد ﴿ وَلَوْ سَمِعُواْ ﴾: فرضا ﴿ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ ﴾: لعجزهم ﴿ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ ﴾: بإيراككم إياهم بتبريهم عن عبادتكم ﴿ وَلاَ يُنَبِّئُكَ ﴾: بالأمور مُخْبرٌ ﴿ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾: وهو الله تعالى
﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ ﴾: في كل أمر عرف، مُبالغة في احتياجنا ﴿ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ﴾: عن الخلق ﴿ ٱلْحَمِيدُ ﴾: على إنعامه، فإن الغنيّ بلا جود مذموم ﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ ﴾: لغناه عنكم ﴿ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾: مطيعين أو بعالم آخر ﴿ وَمَا ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾: شديد ﴿ وَلاَ تَزِرُ ﴾: تحمل نفس ﴿ وَازِرَةٌ وِزْرَ ﴾: نفس ﴿ أُخْرَىٰ ﴾: كما مر في الأنعام ﴿ وَإِن تَدْعُ ﴾: نفس ﴿ مُثْقَلَةٌ ﴾: أثقلها الوزر ﴿ إِلَىٰ حِمْلِهَا ﴾: أحدا ليحمل بعضه ﴿ لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ ﴾: من ووره ﴿ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ﴾: قريبها ﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ ﴾: وما رأوه ﴿ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ ﴾: فإنهم المنتفعون بإنذارك ﴿ وَمَن تَزَكَّىٰ ﴾: تطهر عن المعاصي ﴿ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ ﴾: نفعه له ﴿ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ ﴾: فيجازي ﴿ وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ ﴾: كالكافر ﴿ وَٱلْبَصِيرُ ﴾: كالمؤمن ﴿ وَلاَ ٱلظُّلُمَاتُ ﴾: الباطل ﴿ وَلاَ ٱلنُّورُ ﴾: الحق ﴿ وَلاَ ٱلظِّلُّ ﴾: الثواب الجزيل ﴿ وَلاَ ٱلْحَرُورُ ﴾: سموم العذاب ﴿ وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَحْيَآءُ ﴾: المؤمنون أو العلماء ﴿ وَلاَ ٱلأَمْوَاتُ ﴾: الكفرة أو الجهلة ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ ﴾: هدايته ﴿ وَمَآ أَنتَ ﴾: يا محمد ﴿ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ٱلْقُبُورِ ﴾: إذ الكفار مثلهم في عدم الاتعاظ ﴿ إِنْ ﴾: أي: مَا ﴿ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ * إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ ﴾: ملتبسا ﴿ بِٱلْحَقِّ بَشِيراً ﴾: للمطيع ﴿ وَنَذِيراً ﴾: للعاصي ﴿ وَإِن ﴾: أي: ما ﴿ مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ ﴾: مضى ﴿ فِيهَا نَذِيرٌ ﴾: نبي أو عالم ينذر عنه، فلا يرد الفترة، واكتفى به عن البشير لأنه المقصود من البعثة ﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ ﴾: فليس ببدع ﴿ فَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ ﴾: من المعجزات ﴿ وَبِٱلزُّبُرِ ﴾: الصحف ﴿ وَبِٱلْكِتَابِ ٱلْمُنِيرِ ﴾: المبين كالتوراة ﴿ ثُمَّ أَخَذْتُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾: إنكاري عليهم بالعقوبة ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ﴾: التفت كما مر ﴿ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا ﴾: صفرة وخضرة ﴿ وَمِنَ ٱلْجِبَالِ جُدَدٌ ﴾: أي: ذو جُدَد، أي: خطط، هو طرق بعضها ﴿ بِيضٌ وَحُمْرٌ ﴾: بعضها ﴿ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا ﴾: شدة وضعفا ﴿ وَ ﴾: منها ﴿ غَرَابِيبُ ﴾: تأكيد ﴿ سُودٌ ﴾: وتقديمها آكَدُ لتكرارها إظهارا إضمارا وجاء غربيب أَسْود ﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ ﴾: الاختلاف، لكن ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ ﴾: إذ شرط خشيته معرفته، وأفْهم بالجمع المحلى أن من لم يخشيه فجاهلٌ، وعلى رفع الجلالة استعير الخشية للتعظيم ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ﴾: في الانتقام على المُصرِّين ﴿ غَفُورٌ ﴾: لتائبين، فحقه أن يخشى ويرجى ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ ٱللَّهِ ﴾: يداومون على تلاوة القرآن ﴿ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً ﴾: في السر ﴿ وَعَلاَنِيَةً ﴾: في لبفرض أو في جميع أحوالهم ﴿ يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ ﴾: تكسد وتهلك وهي الإخلاص ﴿ لِيُوَفِّيَهُمْ ﴾: متعلق يرجون ﴿ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم ﴾: على الأجر ﴿ مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ ﴾: لفرطاتهم ﴿ شَكُورٌ ﴾: لطاعتهم ﴿ وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ ﴾: القرآن ﴿ هُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾: منَ الكتب ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾: باطنا وظاهرا
﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَابَ ﴾: حكمنا بتوريثه منك ﴿ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ﴾: لأمتك أو صحبك ﴿ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ﴾: المجرم فيحبسون طول المحشر ثم يرحمون ﴿ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ ﴾: متوسط خلطوا العملين فيحاسبون حسابا يسيرا ﴿ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِٱلْخَيْرَاتِ ﴾: بالطاعات من حسناته تكفر سيئاته فيدخل الجنة بلا حساب، وترتيبهم بتقديم الأكثر فالأكثر ﴿ بِإِذُنِ ٱللَّهِ ﴾: أي: بأمره ﴿ ذَلِكَ ﴾: التوريث ﴿ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ ﴾: إقامة ﴿ يَدْخُلُونَهَا ﴾: الثلاثة ﴿ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَ ﴾: يُحلون ﴿ لُؤْلُؤاً ﴾: أو من لُؤلُؤ ﴿ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾: كما مر ﴿ وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِيۤ أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ ﴾: كخوف العاقبة ﴿ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ ﴾: للذنوب ﴿ شَكُورٌ ﴾: للطاعة ﴿ ٱلَّذِيۤ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ ﴾: الإقامة ﴿ مِن فَضْلِهِ ﴾: لا بطاعتنا ﴿ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ ﴾: تعب ﴿ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ﴾: كلال، إذ لا تكليف ثمة وهذا تصريح بما فهم للمبالغة ﴿ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ ﴾: بالموت ﴿ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ ﴾: الجزاء ﴿ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ﴾: مبالغ في الكفر أو الكفران ﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ ﴾: يصيحون شديدا ﴿ فِيهَا ﴾: قائلين: ﴿ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ ﴾ عملا ﴿ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ ﴾: مما حسبناه صالحا، فيجابون بعد مضي مقدار الدنيا: ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ ﴾: هو ستون سنة ﴿ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ ﴾: الرسول أو الشيب أو موت القريب ﴿ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ * إِنَّ ٱللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾: فلا يخفي عليه أحوالكم ﴿ هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: يخلف بعضكم بعضا جمع خليفة ﴿ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ﴾: وباله لهُ ﴿ وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً ﴾: أشد بغض ﴿ وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً ﴾: للآخرة ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي ﴾: تأكيدا ﴿ مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ ﴾: شركة مع الله تعالى ﴿ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ ﴾: حجة واضحة ﴿ مِّنْهُ ﴾: بأنهم شركائي ﴿ بَلْ إِن ﴾: ما ﴿ يَعِدُ ٱلظَّالِمُونَ بَعْضُهُم ﴾: المتبوعون ﴿ بَعْضاً ﴾: التابعين ﴿ إِلاَّ غُرُوراً ﴾: من أنهم شفعاؤهم ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ﴾: يمنع ﴿ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ ﴾: من أمامنهما ﴿ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ ﴾: أي: ما ﴿ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ﴾: تعالى ﴿ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ﴾: حيث أمسكهما مع أنهما جديران بالهدم عقابا لكم ﴿ وَأَقْسَمُواْ ﴾: قريش ﴿ بِٱللَّهِ جَهْدَ ﴾: غاية اجتهاهم في ﴿ أَيْمَانِهِمْ ﴾: قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم حين سمعوا أن أهل التابين كذبوا رسلهم ﴿ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ ﴾: رسول ﴿ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ ﴾: المذكورة أي: من أفضلهم، يقال أحد القوم وأوحدهم، أي: أفضلهم ﴿ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ ﴾: محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ مَّا زَادَهُمْ ﴾: مجيئة ﴿ إِلاَّ نُفُوراً ﴾: تباعدا عن الحق ﴿ ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ ﴾: عن الإيمان ﴿ وَمَكْرَ ﴾: العمل ﴿ ٱلسَّيِّىءِ وَلاَ يَحِيقُ ﴾: يحيط ﴿ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ ﴾: أي: بالماكر ﴿ فَهَلْ يَنظُرُونَ ﴾: ينتظرون ﴿ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ ﴾: وسنتا تدمير مكذبيهم ﴿ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً ﴾: من المستحق إلى غيره ﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾: فيعتبروا ﴿ وَكَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ﴾: فدمر الله عليهم ﴿ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُ ﴾: يسبقه ﴿ مِن شَيْءٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً ﴾: بالكل ﴿ قَدِيراً ﴾: عليه ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا ﴾: أي: ظهر الارض ﴿ مِن دَآبَّةٍ ﴾: نسمة تدب عليها بشؤمهم ﴿ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾: القيامة ﴿ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً ﴾: فيجازيهم على أعمالهم.
Icon