تفسير سورة فاطر

جامع البيان في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة فاطر من كتاب جامع البيان في تفسير القرآن .
لمؤلفه الإيجي محيي الدين . المتوفي سنة 905 هـ
سورة فاطر مكية
وهي خمس وأربعون آية وخمس ركوعات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ الحمد لله فاطر ﴾ : مبدع، ﴿ السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا ﴾ : بينه وبين أنبيائه، قيل : بينه وبين خلقه بإيصال آثار صنعه إليهم، ﴿ أولي ﴾ : ذوي، ﴿ أجنحة ﴾ : متعددة، ﴿ مثنى وثلاث ورباع ﴾ : يسرعون نحو ما أمرهم الله به، صفات لأجنحة١، ﴿ يزيد في الخلق ﴾ أي : في خلق الأجنحة، وغيرها كحسن الصوت والعقل، ﴿ ما يشاء ﴾، في الحديث :''رأى ليلة المعرج جبرائيل عليه السلام وله ستمائة جناح بين كل حين كما بين المشرق والمغرب''٢﴿ إن الله على كل شيء قدير ﴾ :
١ في محل الجر يعني: أجنحة بعضهم اثنان اثنان لكل منهم جناحان، وكذا في ثلاث ورباع، ونحن نؤمن بما قال الله والعلم بالكيفية ليس علينا، والحمد لله على أن خلصنا في مثل ذلك من التأويلات البديعة / ١٢ وجيز..
٢ أخرجاه في الصحيحين..
﴿ ما يفتح الله ﴾ : ما يرسل ويطلق، ﴿ للناس من رحمة ﴾ : كهداية وزرق ومطر، ﴿ فلا ممسك لها ﴾ : يمنعها، ﴿ وما يمسك فلا مرسل له ﴾ : يطلقه لما فسر الشرطية في الأول بالرحمة لبيان رحمته وأبهم في الثاني أنث الضمير في الأول دون الثاني، ﴿ من بعده ﴾ : بعد إمساكه، ﴿ وهو العزيز ﴾ : الغالب، ﴿ الحكيم ﴾ : في أفعاله،
﴿ يا أيها١ الناس اذكروا ﴾ : احفظوا واشكروا، ﴿ نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله ﴾ أنكر أن يكون لغيره في النعم مدخل يستحق أن يشرك في الشكر، وقراءة رفع غير بأن يكون صفة تابعا للمحل، أو فاعل خالق، أو خبره، وخبر خالق محذوف على الأولين، ﴿ يرزقكم من السماء والأرض ﴾، كلام مبتدأ أو صفة بعد صفة، ﴿ لا إله إلا هو ﴾ : فهو الخالق الرازق وحده، ﴿ فأنى تؤفكون٢ : فمن أي وجه تصرفون عن التوحيد ؟
١ ولما بين أن جميع الأمور منه سبحانه أمر الخلق بشكر إنعامه فقال: ﴿يا أيها الناس اذكروا﴾ الآية / ١٢ وجيز..
٢ من أين تصرفون عن توحيده مع إقراركم بأنه الخالق الرازق؟ / ١٢ جلالين..
﴿ وإن يكذبوك ﴾ : فليس ببدع، ﴿ فقد كذبت رسل ﴾ : عظام محترمون، ﴿ من قبلك ﴾ : فاصبر كما صبروا، ﴿ وإلى الله ترجع المأمور١ فيجازي كلا بما يستحقه،
١ ولما كان بعث رسول الله من أتم النعم، وأعمها وأكثر الناس أنكروه وما شكروه بين سببه تسلية لقلبه الأشرف فقال: ﴿وإن يكذبوك﴾ الآية/ ١٢ وجيز..
﴿ يا أيها الناس إن وعد الله ﴾ : بالحشر وغيره، ﴿ حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ﴾ : فيذهلنكم التلذذ بمنافعها عن العمل للآخرة، ﴿ ولا يغرنّكم بالله الغرور ﴾ : الشيطان، فيحثكم التلذذ المعاصي بإنكار الآخرة، وبوعد التوبة والمغفرة،
﴿ إن الشيطان لكم عدو ﴾ : من قديم الزمان، ﴿ فاتخذوه عدوا ﴾ : ولا تغتروا بأمانيه، ﴿ إنما يدعو حزبه ﴾ : أشياعه، ﴿ ليكونوا من أصحاب السعير ﴾ : لأن يشاركوه في المنزل والمنزلة،
﴿ الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير ﴾، بيان لحال موافقيه ومخالفيه.
﴿ أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا ﴾ : رأى الباطل حقا، ﴿ فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك ﴾ : لا تهلكها ﴿ عليهم ﴾، متعلق بلا تذهب، ﴿ حسرات١، مفعول له وجواب ''أفمن زين'' ''محذوف تقديره كمن وفق فرأى الحق حقا والباطل باطلا، ويدل عليه قوله :﴿ فإن الله يضل ﴾ إلى آخره، أو تقديره ذهبت نفسك عليهم للحسرة، فيدل عليه قوله : فلا تذهب إلخ، ﴿ إن الله عليم بما يصنعون ﴾ : ليس بغافل عن صنيعهم، وهو الذي أراده فاصبر على مراد الله تعالى،
١ كأنه لما قيل لنبيه أفمن زين له سوء عمله كمن لم يزين له قال- صلى الله عليه وسلم: لا قال له فإذا كان كذلك فلا تهلك نفسك حسرة، فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فقدم وأخر اهتماما بشأن المقدم / ١٢ وجيز..
﴿ والله الذي أرسل١ الرياح فتثير ﴾، صيغة المضارع حكاية للحال الماضية استحضارا لتلك الصورة البديعة، ونعم ما قيل اختلاف الأفعال للدلالة على استمرار الفعل، ﴿ سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا ﴾، التفت إلى ما هو أدخل في الاختصاص لما فيهما من مزيد الصنع، ﴿ به ﴾ : بالمطر، وهو مفهوم من الكلام أو بالسحاب، فإنه السبب أيضا، ﴿ الأرض بعد موتها كذلك النشور ﴾٢، في الحديث٣ ﴿ ينزل من تحت العرش مطر فيعم الأرض جميعا، وينبت الأجساد من قبورها كما ينبت الحب في الأرض ﴾،
١ ولما قال ﴿يا أيها الناس إن وعد الله حق﴾ وقال ﴿لا تغرنكم الحياة الدنيا﴾، ولا الشيطان ذكر الآخرة وأتي بمثال دال عليه، فقال: ﴿والله الذي أرسل الرياح﴾ الآية / ١٢ وجيز..
٢ ولما أثبت القدرة والوحدانية والحشر والنشر ما بقى لعابدي الصنم مستند عندهم إلا أنهم يتحرزون بها كما قال تعالى: ﴿اتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا﴾ [مريم: ٨١] أراد تبيين ضلالهم في ذلك أيضا فقال: ﴿من كان يريد العزة﴾ في الدنيا، أو في الدنيا والآخرة ﴿فلله العزة جميعا﴾ لا يكون عزيز إلا من أعزه الله / ١٢ وجيز..
٣ أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله ابن مسعود / ١٢ در منثور..
﴿ من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ﴾ : فليطلبها منه بطاعته، فإن كلها له قال تعالى ﴿ واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا ﴾ [ مريم : ٨١ ]، ﴿ إليه ﴾ : إلى الله، ﴿ يصعد الكلم١ الطيب ﴾ : الذكر والدعاء والتلاوة، ﴿ والعمل الصالح ﴾ : أداء الفرائض، ﴿ يرفعه ﴾، أي : يرفع العمل الصالح الكلم الطيب، ويجعله في محل القبول ولولاه لم يقبل، أو يرفع الكلم الطيب العمل الصالح لا يقبل عمل بدون كلم التوحيد، أو العمل الصالح أي : الخالص الله يرفعه ﴿ والذين ٢ يمكرون ﴾ هم المراءون والمنافقون يوهمون أنهم في طاعة الله، وعن بعض نزل فيمن تشاور ومكر في حبس رسول الله، وإخراجه، وقتله، ﴿ السيئات ﴾ أي : المكرات والسيئات أو مفعول به لتضمين يمكرون معنى يعملون، ﴿ لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور ﴾ : يبطل، ويفسد ويظهر من يخسر عن قريب،
١ أخرج عبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود قال: إذا حدثناكم بحديث - أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله- إن العبد المسلم إذا قال: سبحان الله وبحمده والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله، قبض عليهن ملك يضمهن تحت جناحه ثم يصعد بهن إلى السماء فلا يمر بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يجيء بهن وجه الرحمن ثم قرأ ﴿إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه﴾ / ١٢ در منثور للسيوطي..
٢ ولما بين ما يحصل العزة بين ما يكسب الذلة فقال: ﴿والذين يمكرون السيئات﴾ الآية / ١٢ وجيز..
﴿ والله١ خلقكم من تراب ﴾ : بخلق آدم منه، ﴿ ثم من نطفة ﴾ : بخلق ذريته منها، ﴿ ثم جعلكم أزواجا ﴾ : ذكرانا وإناثا، ﴿ وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ﴾ : إلا معلومة لله حال من أنثى فاعل تحمل، ﴿ وما يعمر من معمر ﴾ : ما يمد في عمره من مصيره إلى الكبر، ﴿ ولا ينقص من عمره ﴾ : لغيره بأن يعطي لأحد عمر ناقص من عمر معمر، أو الضمير للمنقوص وإن لم يذكر لدلالة مقابله عليه أو الضمير للمعمر على التسامح المشهور اعتمادا على فهم السامع نحو : لك عندي درهم، ونصفه قيل : معناه لا يطول ولا يقصر عمر إنسان إلا في كتاب، فإنه مكتوب في اللوح : إن فلانا إذا حج - مثلا فعمره ستون مثلا وإلا فأربعون، وإذا حج فقد عمر، وإلا فقد نقص من عمره الذي هو الغاية وهو ستون، ﴿ إلا في كتاب ﴾ : صحيفة كتب في بطن أمه أو اللوح المحفوظ، ﴿ عن ذلك ﴾ : الحفظ، أو الزيادة والنقصان ﴿ على الله يسير ﴾
١ ولما ذكر دلائل الآفاق من السموات وما يرسل منها من الملائكة والأرض، وما يرسل فيها من الرياح شرع في دلائل الأنفس فقال: ﴿والله خلقكم من تراب﴾ الآية هذا ما في الكبير وفي الوجيز، ولما بين التفاوت البين في العمل أتبعه ما هم عليه من وحدة الأصل فقال: ﴿والله خلقكم﴾ الآية: / ١٢..
﴿ وما يستوي البحران ﴾، هذا بيان قدرة أخرى عظيمة، ﴿ هذا عذب فرات ﴾ : يكسر العطش، ﴿ سائغ ﴾ : مريء، ﴿ شرابه وهذا ملح أجاج ﴾ : يحرق بملوحته، ﴿ ومن كل ﴾ : من البحرين، ﴿ تأكلون لحما طريا ﴾ : السمك، ﴿ وتستخرجون حلية ﴾ : اللآلئ، ﴿ تلبسونها ﴾ : الحلية من الأجاج لا من العذب، ولا يلزم من عطف تستخرجون على تأكلون أن يكون الاستخراج من كل قيل : البحران مثلان للمؤمن، والكافر، ثم إن قوله ﴿ ومن كل ﴾ إلخ إما استطراد أو تتميم لتفصيل المشبه به على المشبه، ونظيره قوله :﴿ وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار ﴾ [ البقرة : ٧٤ ]، ﴿ وترى الفلك فيه ﴾ : في كل ﴿ مواخر ﴾ : شواق للماء بجريها، ﴿ لتبتغوا ﴾، متعلق بمواخر، ﴿ من فضله ﴾ : من فضل الله بالتجارة، ﴿ ولعلكم تشكرون ﴾ : نعمه،
﴿ يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ﴾ : يزيد من هذا في ذاك ومن ذاك في هذا، ﴿ وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ﴾ : إلى يوم القيامة، ﴿ ذلكم الله ربكم ﴾ أي : ذلك الموصوف بتلك الصفات المذكورة الله، ﴿ له الملك ﴾ : وحده، ﴿ والذين تدعون من دونه ﴾ : من ملك أو صنم، ﴿ ما يملكون من قطمير ﴾ : القشرة الرقيقة الملتفة على النواة،
﴿ إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ﴾ : فإنهم جماد، ﴿ ولو سمعوا ﴾ : على الفرض، ﴿ ما استجابوا لكم ﴾ : لعجزهم عن الإنفاع، ﴿ ويوم القيامة يكفرون بشرككم ﴾ : يتبرءون منكم قائلين : ما كنتم إيانا تعبدون، ﴿ ولا ينبئك مثل خبير ﴾ : لا يخبرك بالأمر مخبر مثل خبير عالم به، ولا عالم أعلم من الله وهو الذي أخبركم.
﴿ يَا أَيُّهَا١ النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد ﴾، زيادة قيد الحميد ليعلم أنه جواد منعم فإن الغنى بدون الجود غير محمود،
١ ولما اختص تعالى بالملك، ونفى عن الشركاء النفع أنتج قوله: ﴿يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ﴾ الآية ١٢/ وجيز..
﴿ إن يشأ يذهبكم ﴾ : فإنه غير محتاج إليكم، ﴿ ويأت بخلق جديد ﴾. غير عاصين مطيعين،
﴿ وما ذلك على الله بعزيز ﴾ : بعسير،
﴿ ولا تزر ﴾ : لا تحمل، ﴿ وازرة ﴾ : نفس آثمة، ﴿ وزر ﴾ : نفس، ﴿ أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها ﴾ أي : وإن تدع نفس أثقلتها أوزارها أحدا من الآحاد إلى أن يحمل بعض ما عليها، ﴿ لا يُحمل منه ﴾ : من وزره، ﴿ شيء ولو كان ﴾ : المدعو، ﴿ ذا قربى ﴾ : من أب وأم وابن وأخ وغيرهم، ﴿ إنما تنذر١ الذين يخشون ربهم بالغيب ﴾ : غائبين عن الناس في السر، أو غائبين عن عذابه، أو حال عن المفعول٢، ﴿ وأقاموا الصلاة ﴾ : فهم المنتفعون بالإنذار، ﴿ ومن تزكى ﴾ : عن دنس المعاصي، ﴿ فإنما يتزكى ﴾ : يتطهر، ﴿ لنفسه ﴾ : نفعها لها، ﴿ وإلى الله المصير ﴾ : فيجزيه،
١ ولما سبق ما تضمن الوعيد وبعض أهوال القيامة كان ذلك إنذارا فذكر أن الإنذار إنما يجدي من يخشى الله بالغيب فقال: ﴿إنما تنذر الذين يخشون ربهم﴾ الآية ١٢/ وجيز.
.

٢ أي: يخشون عذابه غائبا عنهم/ ١٢ وجيز.
.

﴿ وما يستوي١ الأعمى ﴾ : الكافر، ﴿ والبصير٢ : المؤمن،
١ ولما بين افتقار الناس إلى الله الغني، وبين قدرته وأن كل احد تحت عمله لا ينفعه قريبه، والنافع خشية الله وإقامة الصلاة، وختم بأن المصير إلى الله أعقبه بما دل على أن المنتفع بالآيات ليس إلا من هو بصير ذو حياة عند الله وما ذلك إلا المؤمنون، فقال: ﴿وما يستوي الأعمى ﴾ الآية/ ١٢ وجيز..
٢ ولما كان التفاوت بين الجنسين مقطوعا به لا بين الإفراد، فإنه قد يكون لفرد منه ذكاء يساوي البصير البليد أفراد، الأعمى والبصير/ ١٢ وجيز.
.

﴿ ولا الظلمات ﴾ : الباطل١، ﴿ ولا النور ﴾ : الحق٢،
١ وطرقه متعددة/١٢..
٢ وطريقه واحد/ ١٢..
﴿ ولا الظل ﴾ : الثواب والجنة، ﴿ ولا الحرور ﴾ : العقاب والنار، والحرور : السموم، وتكرير لا على الشقين لمزيد التأكيد،
﴿ وما يستوي الأحياء ﴾ : المؤمنون، ﴿ ولا الأموات١ : الكفار، تمثيل آخر لهما، وقيل المراد العلماء، والجهال، ﴿ إن الله يسمع من يشاء ﴾ : سماع قبول، ﴿ وما أنت بمسمع من في القبور ﴾ أي : الكفار المصرين فإنهم كالأموات في عدم الانتفاع بالموعظة،
١ التفاوت بين الأحياء والأموات ثابت سواء قابلت الجنس بالجنس والفرد بالفرد، ولما ذكر المثلين الأعمى والبصير، وبين أن البصير ولو كان حاد النظر لا يبصر إلا في ضوء ذكر ما هو الكافر فيه من ظلمات كفره، وما هو المؤمن فيه من نور إيمانه، ثم ذكر ما آل أمرهما إليه وهو الظل الذي فيه الراحة، والسموم الذي فيه التعب، وتكرير لا على الشقين لمزيد التأكيد ثم ذكر مثلا آخر هو فوق حال الأعمى والبصير، إذ الأعمى يشارك البصير في إدراك ما، والكافر ليس كذلك ولذلك أتى بلا التأكيدية في الأخير، وما أتى في الأول فإن التفاوت بين الأخير أقوى وأعاد قوله: ﴿وما يستوي﴾ ليعلم أنه مثل آخر/ ١٢ وجيز..
﴿ إن أنت إلا نذير ﴾ : فما عليك إلا الإنذار،
﴿ إنا أرسلناك١ بالحق ﴾ أي : محقا أو محقين وقيل : إرسالا مصحوبا بالحق، ﴿ بشيرا ﴾ : للمؤمنين، ﴿ ونذيرا ﴾ : للكافرين، ﴿ وإن من أمة ﴾ : أهل كل عصر، ﴿ إلا خلا ﴾ : مضى، ﴿ فيها نذير ﴾ : نبي ينذرهم من عقاب الله، ومتى بقيت آثار النذارة صدق أن تلك الأمة لم تخل عن نذير، ولهذا لما اندرست آثار نذارة عيسى بعث الله سيد الكونين -عليهما الصلاة والسلام-
١ لما قال: ﴿إن أنت إلا نذير﴾ بين أنه ليس نذير من تلقاء نفسه إنما هو نذير بإذن الله وإرساله فقال: ﴿إنا أرسلناك ﴾ الآية/ ١٢ وجيز..
﴿ وإن يكذبوك ﴾ : فلا تحزن لأنه ليس ببدع، ﴿ فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم ﴾، من باب التنازع والعمل للثاني، ﴿ بالبينات وبالزبر ﴾ : الكتب، ﴿ وبالكتاب المنير ﴾ : الواضح المبين، العطف لتغاير الوصفين،
﴿ ثم أخذت ﴾ : أهلكت، ﴿ الذين كفروا فكيف كان نكير ﴾ : إنكاري، وتغييري لهم بالعقوبة.
﴿ ألم تر١ أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ﴾ : هيآتها كالصفرة والخضرة، أو أجناسها كالرمان والتفاح، ﴿ ومن الجبال جدد ﴾ أي : ذو جدد أي خطط، وطرائق جملة من مبتدأ وخبر، ﴿ بيض ﴾ : كالعروق، ﴿ وحمر ﴾ يعني : بعضها أبيض، وبعضها أحمر، ﴿ مختلف ألوانها ﴾ : أجناسها بالشدة والضعف، ﴿ وغرابيب سود ﴾ يقال : أسود غريب أي : شديد السواد عطف على بيض أصله سود غرابيب حذف الموصوف ثم فسر به، وعن عكرمة : هي الجبال الطوال السود،
١ ولما قرر وحدانيته بأدلة وأمثال أتبعها بحجج سماوية وأرضية فقال: ﴿ألم تر أن الله أنزل﴾ الآية/ ١٢ وجيز..
﴿ ومن الناس والدواب والأنعام مختلفة ألوانه كذلك ﴾ أي : الأمر كذلك كما بين ولخص، أو مختلف ألوانه اختلافا كذلك أي : كاختلاف الثمار والجبال، ﴿ إنما يخشى١ الله من عباده العلماء ﴾، لما قال ألم تعلم إنزال المطر وآثاره، واختلاف هيئات الأجناس الذي هو من آثار صنع الله، أتبع ذلك كذلك ﴿ إنما يخشى الله ﴾ إلخ، كأنه قال الأمر كما ذكر لكن إنما ينجح الخطاب ويؤثر فيمن يخشى الله بالغيب، فوضع موضعه إنما يخشى الله من عباده العلماء تعريضا لجهل الكفرة، ومن يدعي العلم ولم يخش الله وتنويها برفع منزلة العلماء العاملين ويلزم من الجمع المحلى باللام المفيد للعموم أن من لم يخش لم يكن عالما قال مسروق : كفى بخشية الله علما، وكفى بالاغترار بالله جهلا، ﴿ إن الله عزيز ﴾ : فيتمكن من الانتقام، ﴿ غفور ﴾ : للعصاة فحقه أن يخشى ويرجى،
١ قوله تعالى: ﴿إنما يخشى الله﴾ الآية، أخرج ابن أبي شيبة، وأحمد في الزهد عن العباس العمى، قال: بلغني أن داود عليه الصلاة والسلام قال: سبحانك تعاليت فوق عرشك، وجعلت خشيتك على من في السموات والأرض فأقرب خلقك إليك أشدهم لك خشية، وما علم من لم يخشك، أو ما حكمته من لم يطع أمرك/ ١٢ تفسير در منثور للحافظ السيوطي..
﴿ إن١ الذين يتلون كتاب الله ﴾ : يداومون قراءته أو متابعته، ﴿ وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ﴾ : في جميع أحوالهم، ﴿ يرجون٢تجارة ﴾ : طلب ثواب طاعة وهو خبر إن، ﴿ لن تبور ﴾ : لن تهلك بالخسران،
١ لما وصف العلماء أعقبه ببعض أوصافهم فقال: ﴿إن الذين يتلون كتاب الله﴾ الآية/ ١٢ وجيز..
٢ فيه إشارة إلى الإخلاص أي: يقصدون وجه الله لا رياء وسمعة / ١٢ وجيز..
﴿ ليوفيهم ﴾ : على للتلاوة والإقامة والإنفاق، أو متعلق بلن تبور، ﴿ أجورهم ويزيدهم من فضله ﴾ : على الأجر مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ﴿ إنه غفور ﴾ : لفرطاتهم، ﴿ شكور ﴾ : لطاعاتهم،
﴿ والذي أوحينا إليك من الكتاب ﴾، من للتبيين يعني القرآن، ﴿ هو الحق مصدقا لما بين يديه ﴾ : من الكتب السماوية، ﴿ إن الله بعباده لخبير بصير ﴾ : عالم بالبواطن والظواهر، ولهذا اجتباك وأنزل عليك هذا الكتاب،
﴿ ثم أورثنا ﴾ : حكمنا بتوريثه منك أو عبر بالماضي عن المضارع لتحققه، ﴿ الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ﴾ : آلك وأصحابك ومن بعدهم من أمتك، ﴿ فمنهم ظالم لنفسه ﴾ : لتقصيرهم في العمل به، وهم يحبسون في طول المحشر حتى يصيبهم الهم الطويل، ثم١ يدخلون الجنة وفي الحديث٢ ﴿ هم الذين يقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ﴾ ويدل على ما فسرنا الأحاديث الكثيرة، ﴿ ومنهم مقتصد ﴾ : لأنهم يعملون به في أغلب أحوالهم، وهم يحاسبون حسابا يسيرا، ﴿ ومنهم سابق بالخيرات ﴾ : بالطاعات هم الأولياء والأبرار، ﴿ بإذن الله ﴾ : بأمره، وإرادته وهم يدخلون الجنة من غير حساب، أخر السابقين لقلتهم، وللترقي من الأدنى، وعن عائشة حين سأل٣ عقبة عن تلك الآيات ''يا بني كلهم في الجنة أمّا السابق فمن مضى على عهد رسول -الله صلى الله عليه وسلم- وشهد له بالجنة، وأما المقتصد فمن اتبع أثره من أصحابه، وأما الظالم فمثلي ومثلكم''، وهذا منها -رضي الله عنها- من باب التواضع، وهضم النفس وعن بعض الظالم لنفسه كافر أو منافق فحينئذ ضمير منهم للعباد لا للذين اصطفينا والأول أصح، ﴿ ذلك ﴾ : التوريث، وقيل السبق، ﴿ هو الفضل الكبير ﴾ : العظيم،
١ كذا رواه الإمام أحمد، وابن أبي حاتم وابن جرير/ ١٢ وجيز..
٢ رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم، وابن مردويه والبيهقي عن أبي الدرداء مرفوعا [رواه أحمد بأسانيد رجال أحدها رجال الصحيح، وهي هذه إن كان على ابن عبد الله الأزدي سمع من أبي الدرداء فإنه تبعي، كما في المجمع (٧/٩٥)] قال البيهقي: إذا كثرت الروايات في حديث ظهر أن للحديث أصلا/ ١٢ در منثور ملخصا..
٣ رواه أبو داود/ ١٢ وجيز..
﴿ جنات عدن ﴾، مبتدأ ﴿ يدخلونها١، والضمير للمصطفين، وفي الشواذ جنات بالنصب على شريطة التفسير، ﴿ يُحَلّوْنَ فيها ﴾، خبر بعد خبر، أو حال مقدرة من حلية المرأة إذا جعلت لها حليا، ﴿ من أساور ﴾ جمع سوار، ومن للتبعيض، ﴿ من ذهب ﴾، بيان لأساور، ﴿ ولؤلؤا ﴾ بالنصب عطف على محل من أساور، ﴿ ولباسهم فيها حرير ﴾
١ وضمير يدخلونها عائد إلى الأصناف الثلاثة، وهو قول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له'' [ضعيف، انظر ضعيف الجامع (٣٢٩٩)] وقال صاحب البحر: إن هذا قول ابن مسعود -رضي الله عنه- وعثمان ابن عفان -رضي الله عنه- وأبي الدرداء، وعقبة ابن عامر وأبي سعيد، وعائشة، ومحمد ابن الحنفية وجعفر الصادق، وكعب الأحبار -رضي الله عنهم-/ ١٢ وجيز، وفي الكمالين يدخلونها أي: الثلاثة أي: الظالم والمقتصد والسابق، روى أحمد والترمذي عن أبي سعيد مرفوعا في هذه الآية هؤلاء كلها في الجنة [صحيح، وانظر صحيح سنن أبي داود (٢٥٧٧)]/ ١٢..
﴿ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ﴾ : هموم الدارين، ﴿ إنا ربنا لغفور ﴾ : للذنوب، ﴿ شكور ﴾ : للطاعة،
﴿ الذي أحلّنا دار المُقامة ﴾ : الإقامة، ﴿ من فضله ﴾ : إذ لا يجب عليه شيء، ﴿ لا يمسنا فيها نصب ﴾ : تعب، ﴿ ولا يمسّنا فيها لغوب ﴾ : كلال،
﴿ والذين كفروا ﴾، مقابل للذين اصطفينا١، ﴿ لهم نار جهنم لا يُقضى عليهم ﴾ : بموت فيها، ﴿ فيموتوا ﴾، جواب النفي منصوب بإضمار أن، ﴿ ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك ﴾ : مثل ذلك الجزاء، ﴿ نجزي كل كفور ﴾ : مبالغ في الكفر أو الكفران،
١ دال على أن الأصناف في الجنة، والحمد لله أضعاف ما حمده الحامدون/ ١٢ وجيز..
﴿ وهم يصطرخون ﴾ من الصراخ وهو الصياح بجهد وشدة، ﴿ فيها ﴾ : قائلين :﴿ ربنا أخرجنا نعمل صالحا ﴾ أي : عملا صالحا، ﴿ غير الذي كنا نعمل ﴾، بدل أو صفة وفائدته التحسر، والاعتراف بالذنب، ﴿ أو لم نعمّركم ﴾، جواب من الله لهم، ﴿ ما يتذكر فيه من تذكر ﴾، ما موصولة، ومن فاعل يتذكر والأصح الذي يدل عليه الأحاديث١ أنه ستون٢ سنة وعن زين العابدين : إنه سبع عشر سنة، وعن كثير : إنه أربعون، ﴿ وجاءكم ﴾، عطف على معنى أو لم نعمركم كأنه قال عمرناكم وجاءكم، ﴿ النذير ﴾ : الرسول، أو الشيب٣، ﴿ فذوقوا فما للظالمين من نصير ﴾.
١ المروية في البخاري، والنسائي، والطبراني، وغيرها/ ١٢ وجيز..
٢ أخرج ابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ''إذا كان يوم القيامة قيل أين أبناء الستين، وهو العمر الذي قال الله تعالى: ﴿أو لم نعمركم كما يتذكر فيه من تذكر﴾، وفي إسناده إبراهيم بن الفضل المخزومي، وفيه مقال [ضعيف جدا، وانظر ضعيف الجامع]، وأخرج أحمد والبخاري والنسائي وغيرهم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أعذر الله إلى امرئ أخر عمره حتى بلغ ستين سنة"/ ١٢ فتح..
٣ وقيل: موت الأقارب/ ١٢ وجيز..
﴿ إن الله عالم غيب السماوات والأرض ﴾ : فلا يخفى عليه أحوالهم، ﴿ إنه عليم بذات الصدور ﴾، تعليل له أي : إذا علم مضمرات الصدور فكيف يخفى عليه شيء آخر ؟ !
﴿ هو الذي جعلكم خلائف في الأرض ﴾ جمع خليفة أي : خلفاء قوم آخرين أورثكم أرضهم وملككم مقاليد التصرف، وسلطكم فيها، ﴿ فمن كفر فعليه كفره ﴾ : لا يضر غيره، ﴿ ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ﴾ : أشد البغض، وهم يحسبون أن آلهتهم شفعاءهم، ﴿ ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا ﴾ : وهم يحسبون أنهم على شيء إلا أنهم هم الخاسرون،
﴿ قل أرأيتم١ شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ﴾، بدل من أرأيتم أو تأكيد أرأيتم لأنه بمعنى أخبروني عن شركائكم، ﴿ ماذا خلقوا من الأرض ﴾ : هل استبدوا بخلق شيء حتى استحقوا العبادة ؟ ! ﴿ أم لهم شرك في السماوات ﴾ : شركة مع الله في خلقها، ﴿ أم آتيناهم ﴾ أي : الأصنام أو المشركين، ﴿ كتابا ﴾ : بأنهم شركائي، ﴿ فهم على بينة ﴾ : حجة واضحة، ﴿ منه ﴾ : من ذاك٢ الكتاب، والظاهر أنه للترقي فإن الاستبداد بخلق جزء من الأرض أقل دلالة من أن يكونوا شركاء في خلق السماوات، ثم إيتاء كتاب من الله أدل وأدل، وأم منقطعة، ﴿ بل إن يعد الظالمون بعضهم ﴾، بدل من ''الظالمون''، ﴿ بعضا إلا غرورا ﴾، فإن الأخلاف والأتباع اعتمدوا على قول الرؤساء والأسلاف بأنهم شفعاء عند الله،
١ بمعنى أخبروني، يطلب مفعولين أحدهما منصوب هو شركاءكم والآخر مشتمل على الاستفهام ﴿ماذا خلقوا﴾ نحو: أرأيت زيدا ما صنع؟! / ١٢ وجيز.
.

٢ فعبادتهم للأصنام لا عقليه ولا نقلية، لأنه لا عقل لمن يعبد ما لا يخلق جزءا من الأرض ولا له شرك في السماء، ولا نقل؛ لأنه لم يؤت إليهم كتاب فيه أمر بعبادة هؤلاء/ ١٢ وجيز..
﴿ إن١ الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا٢أي : كراهة الزوال، أو يمنعها من الزوال أو يمنعها من الزوال فإن الإمساك منع، ﴿ ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ﴾، الجملة المنفية ساد مسد الجوابين، و ''من'' الأولى زائدة والثانية ابتدائية، ﴿ إنه كان حليما غفورا ﴾ : لا يعاجل بالعقوبة مع تلك القدرة التامة،
١ ولما بين فساد أمر الأصنام عقب بذكر عظمته وقدرته ليتأكد حقارة آلهتهم، فقال: ﴿إن الله يمسك السماوات﴾ الآية/ ١٢ وجيز..
٢ تنتقلا من أماكنهما فلا يبقى النظام الذي تراه/ ١٢ وجيز..
﴿ وأقسموا١ بالله ﴾ : قبل مبعث محمد عليه السلام، ﴿ جهد أيمانكم ﴾، مفعول مطلق أي قسما غليظا، ﴿ لئن جاءهم نذير ﴾ : نبي، ﴿ ليكونن أهدى من إحدى٢ الأمم ﴾ : أي من الأمة التي هي إحدى الأمم أي : أفضلهم وأهداهم تقول : فلان واحد القوم وأوحدي العصر، ولهذا قال الضحاك : معناه من جميع الأمم الذين أرسل إليهم الرسل أو من اليهود والنصارى وغيرهم، ﴿ فلما جاءهم نذير ما زادهم ﴾ أي : مجيئه، ﴿ إلا نفورا ﴾ : عن الحق،
١ ولما بين إنكارهم للتوحيد بين تكذيبهم للرسل فقال: ﴿وأقسموا بالله﴾/ ١٢ وجيز.
.

٢ حكاية لمعنى كلامهم، حيث لم يقل لئن جاءنا نذير لنكونن كانوا يلعنون اليهود والنصارى، حيث كذبوا رسلهم وقالوا: لئن أتانا رسول الله لنكون أهدى من إحدى الأمم/ ١٢وجيز..
﴿ استكبارا ﴾، بدل من نفورا أو مفعول له قيل استكبروا استكبارا، ﴿ في الأرض ومكر السيئ ﴾، من إضافة الموصوف إلى الصفة بدليل قوله :﴿ ولا يحيق ﴾ : يحيط، ﴿ المكر السيئ١ إلا بأهله ﴾ : بالماكر، ﴿ فهل ينظرون ﴾ : ينتظرون، ﴿ إلا سنة الأولين ﴾ : سنة الله فيهم بتعذيب المكذبين جعل استقبالهم لذلك انتظارا له منهم، ﴿ فلن تجد لسنة الله تبديلا٢ ولن تجد لسنة الله تحويلا ﴾ : فيصل العذاب البتة، ويصل إليهم لا إلى غيرهم،
١ يعني: المكر لا يحيق في العاقبة بالتدمير إلا بالماكر، وإن كان قد ينفذ ظاهرا/ ١٢..
٢ تغيير العذاب إلى غيره فيصل العذاب إليه البتة/ ١٢ وجيز..
﴿ أو لم يسيروا في الأرض فينظرون كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ﴾ : فإنه يشاهد آثار العذاب من آثارهم، ﴿ وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه ﴾ : ليسبقه، ويفوت عنه، ﴿ من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا ﴾
﴿ ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها ﴾ : ظهر الأرض، ﴿ من دابة ﴾ : بشؤم معاصيهم، وقيل : المراد من الدابة الإنس وحده، ﴿ ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى ﴾ : يوم القيامة أو إلى جهلهم المقدر المعين، ﴿ فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا ﴾ : فيجازيهم على ما علم من عملهم.
اللهم عاملنا معاملة فضلك لا عدلك،
والحمد لله حق حمده.
Icon