ﰡ
١٩٠ - قال اللَّه تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج البخاري وأحمد ومسلم والترمذي والنَّسَائِي عن جابر بن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يحدث عن فترة الوحي، قال في حديثه: (بينا أنا أمشي، سمعت صوتاً من السماء، فرفعت بصري، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، ففرقت منه، فرجعت، فقلت: زملوني زملوني فدثروه، فأنزل اللَّه تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ) - قال أبو سلمة: وهي الأوثان التي كان أهل الجاهلية يعبدون - قال: ثم تتابع الوحي).
وفي لفظ آخر: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: جاورت بحراء فلما قضيت
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآيات. وقد ذكر هذا الحديث جمهور المفسرين كالطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير وابن عاشور.
قال ابن عطية: (واختلف الناس لم ناداه بالمدثر. فقال جمهور المفسرين بما ورد في البخاري من أنه لما فرغ من رؤية جبريل على كرسي بين السماء والأرض فرعب منه ورجع إلى خديجة فقال: زملوني زملوني نزلت يا أيها المدثر) اهـ.
وقال ابن عاشور: (نودي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بوصفه في حالة خاصة تلبس بها حين نزول السورة وهي أنه لما رأى الملك بين السماء والأرض فرق من رؤيته فرجع إلى خديجة فقال: دثروني دثروني فدثرته فنزلت: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) اهـ. باختصار.
* النتيجة:
أن الحديث الذي معنا سبب نزول الآيات الكريمة لصحة سنده، وتصريحه بالنزول، وموافقته لسياق القرآن، وإجماع المفسرين على ذلك والله أعلم.