تفسير سورة آل عمران

الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور
تفسير سورة سورة آل عمران من كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور .
لمؤلفه بشير ياسين . المتوفي سنة 2006 هـ
فضلها : تقدم ذكره مقرونا بفضل سورة البقرة.

قوله تعالى ﴿ ألم. الله لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾
قال الترمذي : حدثنا علي بن خشرم. حدثنا عيسى بن يونس عن عبيد الله ابن أبي زياد القداح، كذا قال عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال :" اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين﴿ وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ﴾وفاتحه آل عمران﴿ ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾ ".
( السنن٥/٥١٧ ح٣٤٧٨-ك الدعوات، ب٦٥ )وأخرجه أبو داود( السنن٢/٨٠ ح١٤٩٦-ك الصلاة، ب الدعاء عن مسدد )، وابن ماجة( السنن٢/١٢٦٧ ح٣٧٥٥-ك الدعاء، ب اسم الله الأعظم ) عن أبي بكر بن أبي شيبة. كلاهما عن عيسى بم يونس. وأخرجه احمد-المسند٦/٤٦١ )عن محمد بن بكر. والدارمي( السنن٢/٤٥٠-ك فضائل القرآن، ب فضل اول سورة البقرة... )عن أبي عاصم النبيل. وابن أبي حاتم( التفسير ح٤-آل عمران/١ )من طريق مكي بن إبراهيم، جميعهم عن عبيد الله بن أبي زياد به. قال الترمذي : حسن صحيح. وقد ذكر الإمام احمد أن شهرا روى عن أسماء بنت يزيد احاديث حسانا( التهذيب٤/٣٧٠ ) فلعل هذا الحديث منها. وقال الألباني : حسن. ( صحيح الترمذي ح ٢٧٦٤ ).
وانظر الكلام عن الحروف المقطعة في بداية سورة البقرة.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الصحيح عن مجاهد في قول الله جل ثناؤه﴿ الحي القيوم ﴾ قال القائم على كل شئ.
قوله تعالى ﴿ نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه ﴾
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن قتادة قوله﴿ نزل عليك الكتاب بالحق ﴾يقول : القرآن.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة﴿ نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه ﴾يقول : القرآن﴿ مصدقا لما بين يديه ﴾من الكتب التي قد خلت من قبله.
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد﴿ مصدقا لما بين يديه ﴾قال : لما قبله من كتاب او رسول.
قوله تعالى﴿ وانزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان ﴾
قال الإمام احمد : ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم : ثنا عمران أبو العوام ؟، عن قتادة، عن أبي المليح، عن واثلة بن الأسقع ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان ".
( المسند ٤/٤٠٧ )، أخرجه الطبراني( ٢٢/٧٥ ح١٨٥ )، وابن أبي حاتم( التفسير-سورة آل عمران، الآية٣-٤-ح٣٣٥، سورة المائدة الآية٤٨، ٤٦، ٤٤ ح١٦٤، ١٥، ٦٨ )من طريق عبد الله بن رجاء عن عمران به. وحسنه السيوطي( فيض القدير مع الجامع الصغير٣/٥٧ ). وقال الألباني : وهذا إسناد حسن ورجاله ثقات، وفي القطان-عمران أبي العوام-كلام يسير، وله شاهد علي ابن أبي طلحة عنه... ( الصحيحة ح١٥٧٥ ). وله شاهد آخر من حديث جابر عند ابن مردويه.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة﴿ وانزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس ﴾هما كتابان انزلهما الله، فيهما بيان من الله، وعصمة لمن اخذ به وصدق به، وعمل بما فيه.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة﴿ وانزل الفرقان ﴾هو القرآن، أنزله على محمد، وفرق به بين الحق والباطل، فأحل فيه حلاله وحرم فيه حرامه وشرع فيه شرائعه، وحد فيه حدوده، وفرض فيه فرائضه، وبين فيه بيانه وأمر بطاعته، ونهى عن معصيته.
قوله تعالى﴿ إن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء ﴾
أي إن الله تعالى يعلم كل شئ وقد فصل ذلك في سورة النعام وبين ان كل شئ في كتاب مبين كما قال تعالى﴿ وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ﴾الأنعام : ٥٩.
قوله تعالى﴿ هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قوله﴿ هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ﴾قادر والله ربنا ان يصور عباده في الأرحام كيف يشاء، ذكر او أنثى، أو أسود أحمر، تام خلقه أو غير تام.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية قوله :﴿ العزيز ﴾عزيز في نقمته إذا انتقم. ﴿ الحكيم ﴾حكيم في امره.
قوله تعالى﴿ هو الذي انزل عليك الكتاب منه ءايات محكمات هن ام الكتاب وأخر متشابهات ﴾إلى قوله﴿ أولوا الألباب ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : المحكمات : ناسخه، وحلاله، وحرامه، وحدوده وفرائضه وما يؤمن به ويعمل به﴿ وأخر متشابهات ﴾ والمتشابهات : منسوخه، ومقدمه ومؤخره، وأمثاله وأقسامه، وما يؤمن به ولا يعمل به.
قال ومسلم : حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم " ﴿ هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام الكتاب وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله. والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذكر إلا أولوا الألباب ﴾ ". قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم ".
( صحيح مسلم٤/٢٠٥٣ ح ٢٦٦٥-ك العلم، ب النهي عن إتباع متشابه القرآن )واللفظ له، ( وصحيح البخاري٨/٢٠٩ ح٤٥٤٧-ك التفسير- سورة آل عمران ).
قال البخاري : حدثنا أبو معمر قال : حدثنا عبد الوارث قال : حدثنا خالد عن عكرمة، عن ابن عباس قال : ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال :" اللهم علمه الكتاب ".
( الصحيح ١/١٦٩ ح٧٥ ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة﴿ المحكمات ﴾ : الناسخ الذي يعمل به، ما احل الله فيه حلاله وحرم فيه حرامه وأما﴿ المتشابهات ﴾ : فالمنسوخ الذي لا يعمل به ويؤمن به.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله﴿ منه آيات محكمات ﴾ما فيه من الحلال والحرام، وما سوى ذلك فهو﴿ متشابه ﴾، يصدق بعضه بعضا وهو مثل قوله﴿ وما يضل به إلا الفاسقين ﴾سورة البقرة٢٦، ومثل قوله﴿ كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ﴾سورة النعام١٢٥، ومثل قوله تعالى﴿ والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ﴾سورة محمد ١٧.
قوله تعالى﴿ فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء تأويله ﴾
قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن الزهري عن عمرو بن شعيب عن أبي عن جده، قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوما يتدارؤون فقال :" إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض، وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضا، فلا تكذبوا بعضه ببعض فما علمتم منه فقولوا وما جهلتم فكلوه إلى عالمه ".
( المصنف١١/٢١٦-٢١٧ ح٢٠٣٦٧ )، وأخرجه احمد( المسند ح٦٧٤١ )عن عبد الرزاق به، وصححه محققه. وقال الألباني : صحيح( صحيح الجامع ح ٢٣٧٠ ).
يتدارؤون : درأ يدرأ درءا إذا وقع. ( النهاية لابن الأثير٢/١٠٩ ).
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس﴿ فأما الذين في قلوبهم زيغ ﴾قال : من أهل الشك.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : فيحملون المحكم على المتشابه، والمتشابه على المحكم، ويلبسون فلبس الله عليهم.
قال عبد بن حميد : ثنا يونس عن شيبان عن قتادة :﴿ فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ﴾قال : طلب القوم التأويل فأخطأوا التأويل وأصابوا الفتنة واتبعوا ما تشابه منه فهلكوا بين ذلك.
ويونس هو الأيلي وشيبان وقتادة تقدم ذكرهما في المقدمة وكلهم ثقات وإسناده صحيح.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي في قوله﴿ فيتبعون ما تشابه منه ﴾، يتبعون المنسوخ والناسخ فيقولون : ما بال هذه الآية عمل بها كذا وكذا مكان هذه الآية، فتركت الأولى وعمل بهذه الأخرى ؟ هلا كان العمل بهذه الآية قبل ان تجئ الأولى التي نسخت ؟ وما باله يعد العذاب من عمل عملا يعذبه في النار، وفي مكان آخر : من عمله فإنه لم يوجب النار ؟.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي :﴿ ابتغاء الفتنة ﴾قال : إرادة الشرك. أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ ابتغاء الفتنة ﴾قال : الشبهات بها اهلكوا.
قوله تعالى﴿ وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولن آمنا به كل من عند ربنا ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : يعني تأويله يوم القيامة إلا الله.
قال الطبري حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا خالد بن نزار عن نافع، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قوله﴿ والراسخون في العلم يقولون آمنا به ﴾قالت : كان من رسوخهم في العلم ان آمنوا بمحكمه ومتشابهه، ولم يعلموا تأويله.
وسنده حسن.
قال الطبري حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني ابن أبي الزناد قال، قال هشام بن عروة : كان أبي يقول في هذه الآية﴿ وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ﴾ان الراسخين في العلم لا يعلمون تأويله، ولكنهم يقولون﴿ آمنا به كل من عند ربنا ﴾.
وسنده حسن.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال : أنا ممن يعلم تأويله.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قوله :﴿ وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ﴾قالوا :﴿ كل من عند ربنا ﴾آمنوا بمتشابهه، وعملوا بمحكمه.
قوله تعالى﴿ ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ﴾
قال البخاري : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر حدثنا أبو أسامة عن أبي حيان عن زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم يوما بلحم، فقال :" إن الله يجمع يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي فيقولون : أنت نبي الله وخليله من الأرض اشفع لنا إلى ربك، فيقول-فذكر كذباته- : نفسي نفسي، اذهبوا إلى موسى ". تابعه انس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
( الصحيح٦/٤٥٥ ح٣٣٦١-ك الأنبياء، ب يزفون : النسلان في المشي ).
قوله تعالى﴿ إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار ﴾
قال ابن كثير : يخبر تعالى عن الكفار بأنهم وقود النار﴿ يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ﴾وليس ما أوتوه في الدنيا من الأموال والأولاد بنافع لهم عند الله ولا بمنجيهم من عذابه وأليم عقابه كما قال تعالى﴿ ولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسكم وهم كافرون ﴾وقال تعالى﴿ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد، متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ﴾.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي، ثنا ابن أبي مريم، أنبأ ابن لهيعة، أخبرني ابن الهاد، عن هند بنت الحارث، عن ام الفصل ام عبد الله بن عباس قالت : بينما نحن بمكة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فنادى :" اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت " ثلاثا، فقام عمر بن الخطاب فقال : نعم، ثم أصبح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ليظهرن الإسلام حتى يرد الكفر إلى موطنه، وليخوضن البحار بالإسلام ؟، وليأتين على الناس زمان يتعلمون القرآن ثم يقولون : قد قرانا القرآن، وعلمنا فمن هذا الذي هو خير منا، فهل في أولئك خير ؟ " قالوا : يا رسول الله فمن أولئك ؟ قال : أولئك منكم، أولئك معهم﴿ وأولئك هم وقود النار ﴾.
( التفسير : سورة آل عمران-آية١٠، ح١٥٢ ). وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا ابن لهيعة، فغنه صدوق واختلط بعد احتراق كتبه، لكن تابعه على رواية هذا الحديث عبد العزيز بن ابي حازم، عن يزيد بن الهاد به، اخرجه الطبراني في المعجم الكبير( ١٢/٢٥٠ ح١٣٠١٩ )، وحسن إسناده المنذري في الترغيب( الترغيب والترهيب )، وحسنه الألباني( صحيح الترغيب١/٥٨ ح١٣٣ ). ولبعضه شاهد من حديث انس عند البخاري( الصحيح٦/١٠٣ ح٢٨٩٤، ٢٨٩٥ )، قال : حدثتني ام حرام... أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عجبت من قوم من أمتي يركبون البحر كالملوك على الأسرة... " فيكون هذا الحديث حسنا بهذه المتابعة والشاهد ).
وانظر سورة البقرة آية( ٢٤ )لبيان وقود النار.
قوله تعالى﴿ كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا من هؤلاء الذين من قبلهم وما ذنوبهم التي أخذهم الله بها. وبين في مواضع أخر ان منهم قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم لوط وقوم شعيب وان ذنوبهم التي أخذهم بها هي الكفر بالله وتكذيب الرسل وغير ذلك من المعاصي، كعقر ثمود للناقة وكلواط قوم لوط، وكتطفيف قوم شعيب للمكيال والميزان، وغير ذلك كما جاء مفصلا في آيات كثيرة كقوله في نوح وقومه﴿ فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ﴾ونحوها من الآيات وكقوله في قوم هود :﴿ فأرسلنا عليهم الريح العقيم ﴾الآية ونحوها من الآيات وكقوله في قوم صالح :﴿ وأخذ الذين ظلموا الصيحة ﴾الآية ونحوها من الآيات وكقوله في قوم شعيب :﴿ فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم ﴾ونحوها من الآيات.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي :﴿ كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم ﴾، ذكر الذين كفروا وأفعال تكذيبهم كمثل تكذيب الذين من قبلهم في الجحود والتكذيب.
قوله تعالى﴿ قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله﴿ وبئس المهاد ﴾، قال : بئسما مهدوا لأنفسهم.
قوله تعالى﴿ قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة :﴿ قد كان لكم آية ﴾، عبرة وتفكر.
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله﴿ قد كان لكم آية في فئتين ﴾. قال : محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومشركي قريش يوم بدر.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قوله :﴿ قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين ﴾، ذلكم يوم بدر ألف المشركون أو قاربوا، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مئة وبضعة عشر رجلا.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة﴿ إن في ذلك لعبرة لولي الأبصار ﴾يقول لقد كان لهم في هؤلاء عبرة وتفكر، أيدهم الله ونصرهم على عدوهم.
قوله تعالى﴿ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة... ﴾
انظر حديث الشيخين عن أبي هريرة مرفوعا :" : تنكح النساء لأربع : لمالها وجمالها وحسبها ودينها... " في تفسير سورة البقرة آية٢٢١.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن طلحة عن ابن عباس قال : القنطار اثنا عشر ألف درهم، وألف دينار.
قال الطبري : حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا حماد ابن زيد، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال : القنطار ألف ومئتا أوقية.
وسنده حسن.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة عن الحسن : ان القنطار اثنا عشر ألفا.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال : كنا نحدث ان القنطار ألف رطل من ذهب، او ثمانون ألفا من الورق.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي : القنطار يكون مئة رطل، وهو ثمانية آلاف مثقال.
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله :﴿ القناطير المقنطرة ﴾قال : القنطار سبعون ألف دينار.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة :﴿ القناطير المقنطرة من الذهب والفضة ﴾، والمقنطرة المال الكثير بعضه على بعض.
ولعل هذا الخلاف بسبب اختلاف البلدان، فلكل بلد له مكاييله وأوزانه كالحجاز والشام والكوفة والبصرة ومصر.
قوله تعالى﴿ والخيل المسومة ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال :﴿ والخيل المسومة ﴾ : يعني المعلمة.
قال الطبري حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن، قال حدثنا سفيان، قال عن حبيب، عن سعيد بن جبير﴿ الخيل المسومة ﴾قال : الراعية، التي ترعى.
و رجاله ثقات وسنده صحيح.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ والخيل المسومة ﴾قال : المطهمة حسنا.
المطهم : البارع الجمال( القاموس مادة : ط ه م ).
قوله تعالى﴿ والأنعام والحرث ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا كم يدخل تحت لفظ الأنعام من الأصناف، ولكنه قد بين في مواضع اخر انها ثمانية أصناف هي : الجمل والناقة والثور والبقرة والكبش والنعجة والتيس والعنز كقوله تعالى﴿ ومن الأنعام حمولة وفرشا ﴾ثم بين النعام بقوله﴿ ثمانية أزواج من الضأن اثنين ﴾يعني الكبش والنعجة﴿ ومن المعز اثنين ﴾يعني التيس والعنز إلى قوله﴿ ومن الإبل اثنين ﴾ يعني الجمل والناقة﴿ ومن البقر اثنين ﴾يعني : الثور والبقرة، وهذه الثمانية هي المرادة بقوله﴿ وانزل لكم من النعام ثمانية أزواج ﴾وهي المشار إليها بقوله﴿ فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن النعام أزواجا ﴾الآية.
وانظر سورة البقرة آية( ٢٠٥ ).
قوله تعالى﴿ والله عنده حسن المآب ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن السدي :﴿ والله عنده حسن المآب ﴾، يقول : حسن المنقلب، وهي الجنة.
قوله تعالى﴿ وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد ﴾
قال البخاري : حدثنا معاذ بن أسد، أخبرنا عبد الله، أخبرنا مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ؟ فيقولون لبيك وسعديك. فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك. فيقول : أنا أعطيكم أفضل من ذلك. قالوا : يا رب، وأي شئ أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدا ".
( الصحيح١١/٤٢٣ ح٦٥٤٩-ك الرقاق، ب صفة الجنة والنار )، ( وأخرجه مسلم٤/٢١٧٦ ح ٢٨٢٩-ك الجنة وصفة نعيمها وأهلها، ب إحلال الرضوان على أهل الجنة فلا يسخط عليهم أبدا ).
وانظر سورة البقرة آية( ٢٥ ).
قوله تعالى﴿ الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار ﴾
في هذه الآية والتي تليها بيان صفة العباد من أهل الجنة المذكورين في الآية السابقة.
قوله تعالى﴿ الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قوله﴿ الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين ﴾، ﴿ الصادقين ﴾ : قوم صدقت أفواههم واستقامت قلوبهم وألسنتهم وصدقوا في السر والعلانية ﴿ والصابرين ﴾قوم صبروا على طاعة الله، وصبروا عن محارمه﴿ والقانتين ﴾هم المطيعين لله.
وانظر سورة البقرة آية( ١١٦ ).
قوله تعالى﴿ والمستغفرين بالأسحار ﴾
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة وأبي عبد الله الأغر، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول : من يدعونني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له ".
( الصحيح ٣/٢٩- ح ١١٤٥-ك التهجد، ب الدعاء والصلاة من آخر الليل ). وأخرجه مسلم ( الصحيح-صلاة المسافرين، الترغيب في الدعاء والذكر ١/٥٢١ ح٧٥٨ ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة :﴿ والمستغفرين بالأسحار ﴾هم أهل الصلاة.
قوله تعالى﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن السدي :﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة ﴾إلى﴿ لا إله إلا هو العزيز الحكيم ﴾، قال : الله يشهد هو والملائكة والعلماء من الناس : أن الدين عند الله الإسلام.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ بالقسط ﴾، بالعدل.
قوله تعالى﴿ إن الدين عند الله الإسلام ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قوله :﴿ إن الدين عند الله الإسلام ﴾والإسلام : شهادة أن لا إله إلا الله، والإقرار بما جاء به من عند الله، وهو دين الله الذي شرع لنفسه، وبعث به رسله، ودل عليه أولياؤه، لا يقبل غيره، ولا يجزي إلا به.
قوله تعالى﴿ وإن تولوا فإنما عليك البلاغ... ﴾
انظر حديث أبي المتقدم عند الآية( ٢١٧ )من سورة البقرة، والآتي تحت الآية( ٢ )من سورة المائدة. وفيه :" ألا هل بلغت ؟ ".
قوله تعالى﴿ إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ﴾
انظر حديث ابن مسعود المتقدم عند الآية( ٦١ )من سورة البقرة.
قوله تعالى﴿ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ﴾
أخرج الطبري وابن ابي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المدارس على جماعة من اليهود، فدعاهم إلى الله، فقال له نعيم بن عمرو، والحارث بن زيد : على أي دين أنت يا محمد ؟ فقال : على ملة إبراهيم ودينه. فقالا : فإن إبراهيم كان يهوديا ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهلموا إلى التوراة، فهي بيننا وبينكم ! فأبيا عليه، فأنزل الله عز وجل :﴿ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ﴾إلى قوله﴿ وما كانوا يفترون ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة : قوله﴿ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ﴾أولئك أعداء الله اليهود، دعوا إلى كتاب الله ليحكم بينهم وإلى نبيه ليحكم بينهم وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، ثم تولوا عنه وهم معرضون.
قوله تعالى﴿ ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات ﴾، قالوا : لن تمسنا النار إلا تحلة القسم التي نصبنا فيها العجل، ثم ينقطع القسم والعذاب عنا قال الله عز وجل :﴿ وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون ﴾، أي قالوا :﴿ نحن أبناء الله وأحباؤه ﴾.
انظر حديث البخاري عن أبي هريرة عند الآية( ٨٠ )من سورة البقرة، وفيه سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لليهود : من أهل النار ؟ وقولهم : نكون فيها يسيرا... الحديث.
قوله تعالى﴿ تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله عز وجل :﴿ وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ﴾قال : الناس الأحياء من النطف والنطف ميته، ويخرجها من الناس الأحياء، والأنعام.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة عن الحسن في قوله :﴿ وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ﴾، يعني المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن والمؤمن عبد حي الفؤاد، والكافر عبد ميت الفؤاد.
قوله تعالى﴿ لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : نهى الله سبحانه المؤمنين أن يلاطفوا الكفار أو يتخذوهم وليجة من دون المؤمنين إلا أن يكون الكفار عليهم ظاهرين فيظهرون لهم اللطف، ويخالفوهم في الدين، وذلك في قوله﴿ إلا ان تتقوا منهم تقاة ﴾.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي :﴿ ومن يفعل ذلك ﴾قال : ومن يفعل هذا فهو مشرك. وبه عن السدي :﴿ فليس من الله في شيء ﴾فقد برئ الله منه.
قوله تعالى﴿ قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السموات وما في الأرض والله على كل شيء قدير ﴾
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي قال : أخبرهم أنه يعلم ما أسروا من ذلك وما أعلنوا، فقال :﴿ إن تخفوا ما في صدوركم او تبدوه ﴾.
قال الإمام احمد : ثنا أبو العلاء الحسن بن سوار ثنا ليث عن معاوية عن أيوب ابن زياد حدثني عبادة بن الوليد بن عبادة حدثني أبي قال : دخلت على عبادة وهو مريض أتخايل فيه الموت فقلت : يا أبتاه أوصني واجتهد لي فقال : أجلسوني. قال : يا بني إنك لا تطعم طعم الإيمان ولم تبلغ حق حقيقة العلم بالله تبارك وتعالى حتى تؤمن بالقدر خيره وشره. قال قلت : يا أبتاه فكيف لي أن اعلم ما خير القدر وشره قال : تعلم ما أخطأك لم يكن يصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول : إن أول ما خلق الله تبارك وتعالى القلم. ثم قال : اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة. يا بني : إن مت ولست على ذلك دخلت النار.
( المسند٥/٣١٧ )، وأخرجه أبو داود من طريق أبي حفصة عن عبادة بنحوه. وصححه الألباني ( صحيح سنن أبي داود ح ٣٩٣٣ ).
قوله تعالى﴿ يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ﴾يقول : موفرا.
قوله تعالى﴿ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ﴾
قال البخاري : حدثنا عبدان اخبرنا أبي عن شعبة عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن انس بن مالك : أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم : متى الساعة يا رسول الله ؟ قال :" ما أعددت لها ؟ قال : ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله. قال : أنت مع من أحببت ".
( الصحيح١٠/٥٥٧ ح٦١٧١-ك الأدب، ب علامة الحب في الله ).
قوله تعالى﴿ قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ﴾
قال أبو داود : حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل وعبد الله بن محمد النفيلي، قالا : ثنا سفيان، عن أبي النضر، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ لا ألفين أحدكم علي متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ".
( السنن٤/٢٠٠ ح٤٦٠٥-ك السنة، ب في لزوم السنة )، ( وأخرجه الترمذي٥/٣٧ ح٢٦٦٣-ك العلم، بما نهي عنه أن يقال عند حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن قتيبة ). وابن ماجة ( السنن١/٦-٧ ح١٣ –المقدمة، ب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم... ) عن نصر بن علي الجهضمي. والحاكم ( المستدرك١/١٠٨ )من طريق الشافعي والحميدي، كلهم عن سفيان بن عيينة به. قال الترمذي : حسن صحيح. وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال البغوي : حديث حسن ( شرح السنة١/٢٠٠ )، وقال الألباني : صحيح ( صحيح سنن ابن ماجة ح١٣ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ فإن تولوا ﴾يعني الكفار تولوا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى﴿ إن الله اصطفى ادم ونوحا وال إبراهيم وال عمران على العالمين ﴾
قال الإمام احمد : ثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال حدثني النضر بن شميل المازني قال حدثني أبو نعامة قال حدثني أبو هنيدة البراء بن نوفل عن والان العدوي عن حذيفة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فصلى الغداة ثم جلس حتى إذا كان من الضحى ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلس مكانه حتى وصل الأولى والعصر والمغرب كل ذلك لا يتكلم حتى صلى العشاء الآخرة ثم قام إلى أهله فقال الناس لأبي بكر لا تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأنه صنع اليوم شيئا لم يصنعه قط قال : فسأله فقال :" نعم عرض علي ما هو كائن من أمر الدنيا وأمر الآخرة فجمع الأولون والآخرون بصعيد واحد ففظع الناس بذلك حتى انطلقوا إلى آدم عليه السلام والعرق يكاد يلجمهم فقالوا يا آدم أنت أبو البشر وأنت اصطفاك الله عز وجل اشفع لنا إلى ربك قال لقد لقيت مثل الذي لقيتم انطلقوا إلى أبيكم إلى نوح﴿ إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ﴾قال : فينطلقون إلى نوح عليه السلام فيقولون : اشفع لنا إلى ربك، فأنت اصطفاك الله واستجاب لك في دعائه... فذكر الحديث بطوله.
( المسند١/٤ ). وأخرجه ابن أبي حاتم ( التفسير-آل عمران-آية٣٣ ح٣٩٠ ) عن احمد بن منصور المروزي عن النضر بن شميل. قال أحمد شاكر : إسناده صحيح ( المسند ح١٥ ). وأخرجه ابن حبان من طريق النضر بن شميل به ( الإحسان٨/١٣٤-١٣٦ ح ٦٤٤٢ ). وقال الهيثمي : رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجالهم ثقات ( مجمع الزوائد١٠/٣٧٥ ).
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : هم المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد يقول الله عز وجل﴿ إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه ﴾.
قوله تعالى﴿ ذرية بعضها من بعض ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ذرية بعضها من بعض ﴾يقول : في النية والعمل والإخلاص والتوحيد له.
قوله تعالى﴿ إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا ﴾الآية كانت امرأة عمران حررت لله ما في بطنها، وكانوا إنما يحررون الذكور، وكان المحرر إذا حرر جعل الكنيسة لا يبرحها، يقوم عليها ويكنسها.
قوله تعالى﴿ فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ وليس الذكر كالأنثى ﴾كانت المرأة لا تستطيع أن يصنع بها ذلك يعني أن تحرر للكنيسة، فتجعل فيها تقوم عليها وتكنسها فلا تبرحها مما يصيبها من الحيض والأذى، فعند ذلك قالت﴿ ليس الذكر كالأنثى ﴾.
قوله تعالى﴿ وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ﴾
قال البخاري : حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد، فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه، إلا مريم وابنها ". ثم يقول أبو هريرة : واقرؤوا عن شئتم﴿ وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ﴾.
( الصحيح٨/٦٠ ح٤٥٤٨-ك التفسير، سورة آل عمران ). ( وأخرجه مسلم٤/١٨٣٨ ح٢٣٦٦-ك الفضائل، ب فضائل عيسى عليه السلام ).
قوله تعالى﴿ فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا ﴾
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن شيبان عن قتادة :﴿ فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا ﴾قال حدثنا أنهما كانا لا يصيبان الذنوب كما يصيبها بنو آدم.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ وكفلها زكريا ﴾قال : سهمهم بقلمه.
واخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ وكفلها زكريا ﴾يقول : ضمها إليه.
قوله تعالى﴿ كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد : في قوله﴿ وجد عندها رزقا ﴾قال : عنبا وجده زكريا عند مريم في غير زمانه.
قوله تعالى﴿ قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة ﴾
اخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي :﴿ قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة ﴾يقول : مباركة.
قوله تعالى﴿ فنادته الملائكة ﴾
أخبر الطبري بسنده الحسن عن السدي :﴿ فنادته الملائكة ﴾ و هو جبريل.
قوله تعالى﴿ أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله ﴾
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة :﴿ أن الله يبشرك بيحيى ﴾قال : عبد أحياه الله بالإيمان.
وأخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ مصدقا بكلمة من الله ﴾يقول : مصدقا بعيسى بن مريم، وعلى سنته ومنهاجه.
قوله تعالى﴿ وسيدا وحصورا ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله :﴿ وسيدا ﴾إي والله، لسيد في العبادة والحلم والعلم والورع.
وأخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله عز وجل :﴿ وسيدا ﴾ قال : السيد : الكريم على الله. وبه عن مجاهد الحصور : الذي لا يقرب النساء.
قوله تعالى﴿ قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا القدر الذي بلغ من الكبر، ولكنه بين في سورة مريم انه بلغ من الكبر عتيا. وذلك في قوله تعالى عنه﴿ وقد بلغت من الكبر عتيا ﴾والعتى : اليبس والقحول في المفاصل والعظام من شدة الكبر.
أخرج ابن ابي حاتم بسنده الحسن عن السدي :﴿ قال رب انى يكون لي غلام ﴾يقول : من أين.
قوله تعالى﴿ قال ءايتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ ثلاثة أيام إلا رمزا ﴾قال : إيماؤه بشفتيه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ إلا رمزا ﴾إلا إيماء.
وانظر لبيان قصة زكريا سورة مريم الآيات( ٢-١١ )وسورة الأنبياء( ٨٩-٩٠ ).
قوله تعالى﴿ وسبح بالعشي والإبكار ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ وسبح بالعشي والإبكار ﴾ قال : الإبكار أول الفجر، والعشي ميل الشمس حتى تغيب.
قوله تعالى﴿ وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ﴾
انظر قصة مريم سورة مريم الآيات( ١٦-٢٩ ).
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله :﴿ إن الله اصطفاك وطهرك ﴾قال : جعلك طيبة إيمانا.
قال البخاري : حدثني أحمد بن أبي رجاء حدثنا النضر عن هشام قال : أخبرني أبي قال : سمعت عبد الله بن جعفر قال : سمعت عليا رضي الله عنه يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" خير نسائها مريم ابنة عمران، وخير نسائها خديجة ".
( الصحيح٦/٤٧٠ح٣٤٣٢-ك أحاديث الأنبياء، ب﴿ وإذ قالت الملائكة يا مريم عن الله اصطفاك... ﴾، ( وأخرجه مسلم ٤/١٨٨٦ ح٢٤٣٠-ك فضائل الصحابة، ب فضائل خديجة ).
قال البخاري : حدثنا آدم، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة قال : سمعت مرة الهمذاني يحدث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : " قال النبي صلى الله عليه وسلم : فضل عائشة على النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون ".
( الصحيح٦/٤٧١-٤٧٢ ح٣٤٣٣-ك احاديث الأنبياء، ب قوله تعالى﴿ إذ قالت الملائكة يا مريم ﴾إلى قوله﴿ فإنما يقول له كن فيكون ﴾ ).
قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" حسبك من نساء العالمين : مريم ابنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون ".
( المصنف١١/٤٣٠ ح٢٠٩١٩ )، وأخرجه أيضا في التفسير( ١/١٢٨ ح٤٠٣ )بالإسناد نفسه. ومن طريق عبد الرزاق اخرجه : الترمذي في جامعه( ٥/٧٠٣ ح ٣٨٧٨-ك المناقب، ب فضل خديجة رضي الله عنها )، واحمد في مسنده( ٣/١٣٥ )، وأبو يعلى كذلك في مسنده( ٥/٣٨٠ ح٣٠٣٩ )، وابن حبان في صحيحه( الإحسان٩/٧١ ح٦٩٦٤ )والطبراني في الكبير( ٢٢/٤٠٢ ح١٠٠٣ )، والحاكم في المستدرك٣/١٥٧ ). قال الترمذي : حديث صحيح. وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ، ووافقه الذهبي. وصحح إسناده الحافظ ابن حجر( فتح الباري٦/٤٧١ ). وادخله البغوي في قسم الحسن من " مصابيحه " ( انظر المشكاة٣/١٧٤٥ ح ٦١٨١ ). وصححه الشيخ الألباني( صحيح الجامع رقم ٣١٤٣، وصحيح الترمذي رقم ٣٠٥٣ ). وقد روي عن أنس بلفظ :" خير نساء العالمين... "، أخرجه كذلك ابن أبي عاصم( الآحاد والمثاني٥/٣٦٤ ح٢٩٦١ )، والطبراني في الكبير( ٢٢/٤٠٢ ح١٠٠٤ )، وابن مردويه في تفسيره-كما في تفسير ابن كثير١/٣٦٢ )-ثلاثتهم من طريق أبي جعفر الرازي، عن ثابت، عن انس به. ويشهد له حديث علي رضي الله عنه مرفوعا : " خير نسائها مريم ابنت عمران، وخير نسائها خديجة " أخرجه البخاري( ٦/٤٧٠ ح٣٤٣٢ الفتح ) ومسلم( ٤/١٨٨٦ ح٢٤٣٠ ).
قوله تعالى﴿ يا مريم اقنتي لربك ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ يا مريم اقنتي لربك ﴾قال : أطيلي الركود، يعني القنوت.
اخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله :﴿ اقنتي لربك ﴾أطيعي ربك. وانظر سورة البقرة آية( ١١٦ ).
قوله تعالى﴿ وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله﴿ وما كنت لديهم ﴾يعني محمدا صلى الله عليه وسلم.
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ يلقون أقلامهم ﴾زكريا وأصحابه، استهموا بأقلامهم على مريم حين دخلت عليهم.
قوله تعالى﴿ إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا هذه الكلمة التي أطلقت على عيسى لأنها هي سبب في وجوده من إطلاق السبب وإرادة مسببه، ولكنه بين في موضع آخر انها لفظة كن وذلك في قوله﴿ إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ بكلمة منه ﴾قال : قوله كن.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ومن المقربين ﴾يقول : من المقربين عند الله يوم القيامة.
قوله تعالى﴿ ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا ما كلمهم به في المهد. ولكنه بينه في سورة مريم بقوله﴿ فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ﴾.
قال البخاري : حدثنا مسلم عن إبراهيم، حدثنا جرير بن حازم، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى. وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج كان يصلي، فجاءته أمه فدعته، فقال ؟ : أجيبها أو أصلي ؟ فقالت : اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات، وكان جريج في صومعته، فتعرضت له امرأة وكلمته فأبى، فأتت راعيا فأمكنته من نفسها، فولدت غلاما، فقالت من جريج، فأتوه فكسروا صومعته وأنزلوه وسبوه، فتوضأ وصلى، ثم أتى الغلام فقال : من أبوك يا غلام. قال : الراعي، قالوا : نبني صومعتك من ذهب ؟ قال : لا، إلا من طين. وكانت امرأة ترضع ابنا لها من بني إسرائيل، فمر رجل راكب ذو شارة، فقالت : اللهم اجعل ابني مثله، فترك ثديها وأقبل على الراكب فقال : اللهم لا تجعلني مثله، ثم أقبل على ثديها يمصه "، -قال أبو هريرة : كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يمص إصبعه- " ثم مر بأمة فقالت : اللهم لا تجعل ابني مثل هذه، فترك ثديها فقال : اللهم اجعلني مثلها، فقالت : لم ذاك ؟ فقال : الراكب جبار من الجبابرة، وهذه أمة يقولون سرقت زنيت ولم تفعل ".
( صحيح البخاري٦/٥٤٩ ح٣٤٣٦-ك أحاديث الأنبياء، قول الله﴿ واذكر في الكتاب مريم... ﴾. ( صحيح مسلم٤/١٩٧٦-١٩٧٧ بعد رقم ٢٥٥٠-ك البر والصلة، ب تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة﴿ ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين ﴾يقول : يكلمهم صغيرا وكبيرا.
قوله تعالى﴿ قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ﴾الآية
قال الشيخ الشنقيطي : أشار في هذه الآية إلى قصة حملها بعيسى وبسطها مبينة في سورة مريم بقوله﴿ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا ﴾. إلى آخر القصة وبين النفخ فيها في سورة التحريم والأنبياء، معبرا في التحريم بالنفخ في فرجها، وفي الأنبياء بالنفخ فيها.
قوله تعالى﴿ ويعلمه الكتاب والحكمة ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ ويعلمه الكتاب والحكمة ﴾قال : الحكمة : السنة.
قوله تعالى﴿ وأبرئ الأكمه والأبرص ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ وأبرئ الكمه ﴾قال : الأكمه : الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل، فهو يتكمه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال : الأكمه : الأعمى.
قوله تعالى﴿ وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله :﴿ وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ﴾قال : بما أكلتم البارحة، وما خبأتم منه عيسى ابن مريم يقوله.
قوله تعالى﴿ ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ﴾كان الذي جاء به عيسى ألين مما جاء به موسى، وكان قد حرم عليهم فيما جاء به موسى لحوم الإبل والثروب، وأشياء من الطير والحيتان.
قوله تعالى﴿ وجئتكم بآية من ربكم ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ وجئتكم بآية من ربكم ﴾قال ما بين عيسى من الأشياء كلها، وما أعطاه ربه.
قوله تعالى﴿ إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ﴾
انظر سورة الفاتحة الصراط المستقيم : الإسلام.
قوله تعالى﴿ فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال حواريون نحن أنصار الله ﴾الآية
قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا الحكمة في ذكر قصة الحواريين مع عيسى ولكنه بين في سورة الصف أن حكمة ذكر قصتهم هي أن تتأسى بهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم في نصرة الله ودينه، ذلك في قوله تعالى﴿ ياأيها الذين آمنوا كونوا أنصارا لله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله ﴾الآية.
قوله تعالى﴿ قال الحواريون نحن أنصار الله ﴾
قال البخاري : حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا عبد العزيز-هو ابن أبي سلمة- عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :" إن لكل نبي حواريا، وإن حواري الزبير بن العوام ".
( الصحيح٧/٩٩ ح ٣٧١٩-ك فضائل الصحابة، ب مناقب الزبير بن العوام ). وأخرجه مسلم في( الصحيح٤/١٨٧٩ ح ٢٤١٥- ك فضائل الصحابة، ب من فضائل طلحة والزبير ) من طريق ابن عيينة، عن ابن المنكدر به.
قوله تعالى﴿ ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا مكر اليهود بعيسى ولا مكر الله باليهود، ولكنه بين في موضع آخر أن مكرهم به محاولتهم قتله، وذلك في قوله﴿ وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ﴾وبين أن مكرهم بهم إلقاؤه الشبه على غير عيسى وإنجاؤه عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وذلك قوله :﴿ وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ﴾وقوله﴿ وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه ﴾الآية.
قوله تعالى﴿ إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ إني متوفيك ﴾يقول : إني مميتك.
قوله تعالى﴿ وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ﴾
انظر حديث البخاري ومسلم عن معاوية المتقدم عند الآية( ١٢٠ )من سورة البقرة، والآتي عند الآية( ١٨١ ) من سورة الأعراف.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله :﴿ وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ﴾هم أهل الإسلام الذين اتبعوه على فطرته وملته وسنته، فلا يزالون ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة.
قوله تعالى﴿ وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ وعملوا الصالحات ﴾يقول : أدوا فرائضي.
قوله تعالى﴿ ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال : الذكر : القرآن. الحكيم : الذي قد كمل في حكمته.
قوله تعالى﴿ إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ﴾
وقد بين الله تعالى قصة خلق عيسى عليه السلام في سورة مريم آية١٦-٣٦.
قوله تعالى﴿ الحق من ربك فلا تكن من الممترين ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ الحق من ربك فلا تكن من الممترين ﴾يعني : فلا تكن في شك من عيسى أنه كمثل آدم، عبد الله ورسوله، وكلمة الله وروحه.
قوله تعالى﴿ فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ﴾
قال البخاري : حدثنا عباس بن الحسين، حدثنا يحيى بن ادم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن حذيفة قال : جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن يلاعناه. قال : فقال أحدهما لصاحبه : لا تفعل، فوالله لئن كان نبيا فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا. قالا : إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلا أمينا، ولا تبعث معنا إلا أمينا. فقال :" لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين ". فاستشرف له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال :" قم يا أبا عبيدة بن الجراح ". فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم :" هذا أمين هذه الأمة ".
( الصحيح٧/٦٩٥ ح٤٣٨٠-ك المغازي، ب قصة أهل نجران )، وأخرجه مسلم( الصحيح-ك فضائل الصحابة، ب فضل أبي عبيدة بن الجراح-ح٢٤٢٠ من حديث حذيفة ).
قال مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد( وتقاربا في اللفظ )قالا : حدثنا حاتم( وهو ابن إسماعيل )عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال : ما منعك أن تسب أبا التراب ؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلن أسبه. لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له، خلفه في بعض مغازيه، فقال له علي : يا رسول الله ! خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى. إلا أنه لا نبوة بعدي ". وسمعته يقول يوم خيبر لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله " قال فتطاولنا لها فقال :" ادعوا لي عليا ". فأتي به أرمد. فبصق في عينه ودفع الراية إليه. ففتح الله عليه. ولما نزلت هذه الآية :﴿ فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ﴾دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال :" اللهم ! هؤلاء أهلي ".
( الصحيح٤/١٨٧١ ح٣٢-ك فضائل الصحابة، ب من فضائل علي رضي الله عنه ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم ﴾أي في عيسى : أنه عبد الله ورسوله، من كلمة الله وروحه﴿ فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ﴾إلى قوله :﴿ على الكاذبين ﴾.
قال الطبري : حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس قال : لو خرج الذين يباهلون النبي صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا.
ورجاله ثقات إلا الحسن فصدوق والإسناد حسن.
قوله تعالى﴿ قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ﴾
قال البخاري : حدثني إبراهيم بن موسى عن هشام عن معمر ح. وحدثني عبد الله ابن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال حدثني ابن عباس قال : حدثني أبو سفيان من فيه إلي في قال : انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : فبينا أنا بالشام إذ جيء بكتاب من النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل... فإذا فيه :
" بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله، إلى هرقل عظيم الروم. سلام على من اتبع الهدى. أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسين. ﴿ يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله-إلى قوله-اشهدوا بأنا مسلمون ﴾فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده، وكثر اللغط، وأمر بنا فأخرجنا. قال : فقلت لأصحابي حين خرجنا : لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، إنه يخافه ملك بني الأصفر. فما زلت موقنا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام. قال الزهري : فدعا لكم في الفلاح والرشد آخر الأبد، وأن يثبت لكم ملككم ؟ قال : فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غلقت. فقال : علي بهم. فدعا بهم فقال : إني إنما اختبرت شدتكم على دينكم، فقد رأيت منكم الذي أحببت، فسجدوا له ورضوا عنه ".
( الصحيح٨/٦٢-٦٣ ح٤٥٥٣-ك التفسير، سورة آل عمران ).
انظر حديث الحاكم عن ابن عباس المتقدم تحت الآية رقم( ١٣٦ )من سورة البقرة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ﴾عدل بيننا وبينكم﴿ ألا نعبد إلا الله ﴾الآية.
أخرج ابن أبي حاتم الجيد عن أبي العالية : كلمة السواء لا إله إلا الله.
قوله تعالى﴿ يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا ما وجه محاجتهم في إبراهيم، ولكنه بين في موضع آخر أن محاجتهم في إبراهيم هي قول اليهود : إنه يهودي، والنصارى إنه نصراني وذلك في قوله﴿ أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ﴾وأشار إلى ذلك هنا بقوله﴿ والله يعلم وأنتم لا تعلمون ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ﴾ الآية.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن إسحاق عن ابن عباس قال : اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنازعوا عنده، فقالت الأحبار : ما كان إبراهيم إلا يهوديا ! وقالت النصارى : ما كان إبراهيم إلا نصرانيا ! فأنزل الله عز وجل فيهم﴿ يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون ﴾ : قالت النصارى : كان نصرانيا ! وقالت اليهود كان يهوديا فأخبرهم الله أن التوراة والإنجيل ما أنزلا إلا من بعده، وبعده كانت اليهودية والنصرانية.
قوله تعالى﴿ ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم ﴾يقول : فيما شهدتم ورأيتم وعاينتم﴿ فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم ﴾فيما لم تشاهدوا ولم تروا ولم تعاينوا﴿ والله يعلم وأنتم لا تعلمون ﴾.
قوله تعالى﴿ ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ﴾
يفسرها قول ابن عباس السابق. وانظر سورة البقرة آية( ١٣٥ )لبيان كلمة حنيفا.
قوله تعالى﴿ إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ﴾
قال الترمذي : حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى عن مسروق، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن لكل نبي ولاة من النبيين وإن وليي أبي وخليل ربي " ثم قرأ﴿ إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ﴾.
وقال الترمذي : حدثنا محمود، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن أبيه عن أبي الضحى، عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، ولم يقل فيه عن مسروق. قال أبو عيسى : هذا أصح من حديث أبي الضحى عن مسروق، وأبو الضحى اسمه مسلم بن صبيح. حدثنا أبو كريب. حدثنا وكيع عن سفيان عن أبيه عن أبي الضحى عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث أبي نعيم وليس فيه عن مسروق ). سنن الترمذي٥/٢٢٣-٢٢٤ ح٢٩٩٥-ك تفسير القرآن، ب من سورة آل عمران ). وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي. وأخرجه الطبري( التفسير٦/٤٩٨ )، والحاكم( المستدرك٢/٢٩٢-٥٥٣ )كلاهما من طريق الثوري به وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وقال أحمد شاكر في تعليقه على رواية الطبري : إسناد صحيح متصل ).
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال : يقول الله سبحانه﴿ إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه ﴾وهم المؤمنون.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه ﴾يقول : الذين اتبعوه على ملته وسنته ومنهاجه وفطرته﴿ وهذا النبي ﴾وهو نبي الله محمد﴿ والذين آمنوا ﴾معه وهم المؤمنون الذين صدقوا نبي الله واتبعوه. كان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين معه من المؤمنين، أولى الناس بإبراهيم.
قوله تعالى﴿ ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون ﴾
بيان هذه الطائفة ورد في الآية( ٧٢-٧٣ )من السورة نفسها.
قوله تعالى﴿ يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون ﴾يقول : تشهدون أن نعمت محمد نبي الله صلى الله عليه وسلم في كتابكم، ثم تكفرون به وتنكرونه ولا تؤمنون به، وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل النبي الأمي الذي بالله وكلماته.
قوله تعالى﴿ يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن إسحاق عن ابن عباس قال : قال عبد الله بن الصيف، وعدى بن زيد، والحارث بن عوف بعضهم لبعض : تعالوا نؤمن بما أنزل على محمد وأصحابه غدوة ونكفر به عشية، حتى نلبس عليهم دينهم، لعلهم يصنعون كما نصنع فيرجعوا عن دينهم ! فأنزل الله عز وجل فيهم :﴿ يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل ﴾إلى قوله﴿ والله واسع عليم ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل ﴾يقول : لم تلبسون اليهودية والنصرانية بالإسلام، وقد علمتم أن دين الله الذي لا يقبل غيره، الإسلام، ولا يجزى إلا به.
وأخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله﴿ وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ﴾كتموا شأن محمد، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر.
قوله تعالى﴿ وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله :﴿ آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره ﴾فقال بعضهم لبعض : أعطوهم الرضى بدينهم أول النهار، واكفروا آخره، فإنه أجدر أن يصدقوكم، ويعلموا أنكم قد رأيتم فيهم ما تكرهون، وهو أجدر أن يرجعوا عن دينهم.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله عز وجل :﴿ آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار ﴾يهود تقوله. صلت مع محمد صلاة الصبح وكفروا آخر النهار، مكرا منهم، ليروا الناس أن قد بدت لهم منه الضلالة بعد أن كانوا اتبعوه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ لعلهم يرجعون ﴾يقول : لعلهم يدعون دينهم، ويرجعون إلى الذي أنتم عليه.
قوله تعالى﴿ ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ﴾هذا قول بعضهم لبعض.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ﴾حسدا من يهود أن تكون النبوة في غيرهم، وإرادة أن يتبعوا على دينهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ﴾يقول : لما أنزل الله كتابا مثل كتابكم، وبعث نبيا مثل نبيكم، حسدتموهم على ذلك﴿ قل إن الفضل بيد الله ﴾الآية.
قوله تعالى﴿ يختص برحمته من يشاء ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ يختص برحمته من يشاء ﴾قال : النبوة، يخص بها من يشاء.
قوله تعالى﴿ ومن أهل الكتاب من إن تامنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تامنه بدينار لا يؤده إليك ما دمت عليه قائما ﴾
قال البخاري : وقال الليث : حدثني جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال : ائتني بالشهداء أشهدكم، قال : صدقت، فدفعها إليه على أجل مسمى. فخرج في البحر فقضى حاجته، ثم التمس مركبا يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبا، فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه، ثم زجج موضعها، ثم أتى بها إلى البحر فقال : اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت فلانا ألف دينار فسألني كفيلا فقلت : كفى بالله كفيلا، فرضي بك. وسألني شهيدا فقلت : كفى بالله شهيدا، فرضي بذلك. وإني جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه الذي له فلم أقدر، وإني أستودعكها. فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه، ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده، فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا قد جاء بماله، فإذا بالخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله حطبا، فلما نشرها وجد المال والصحيفة، ثم قدم الذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار فقال : والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه. قال : هل كنت بعثت إلي بشيء ؟ قال : أخبرك أني لم أجد مركبا قبل الذي جئت فيه. قال : فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة، فانصرف بالألف الدينار راشدا ".
( الصحيح٤/٥٤٨-٥٤٩ ح٢٢٩١-ك الكفالة، ب الكفالة في القرض والديون... وكذا وقع عند البخاري هنا معلقا، وقد جاء في موضع آخر موصولا في رواية أبي ذر، ولم يذكر لفظه وإنما ذكر طرفا منه فقط( الصحيح٤/٣٥٠ح٢٠٦٣- ك البيوع، ب التجارة في البحر )قال : حدثني عبد الله بن صالح حدثني الليث... به. وأخرجه أحمد( المسند٢/٣٤٨-٣٤٩ )عن يونس بن محمد عن الليث به. وتقدم تفسير القنطار في الآية( ١٤ )من هذه السورة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ إلا ما دمت عليه قائما ﴾إلا ما طلبته واتبعته.
قوله تعالى﴿ ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ﴾الآية قالت اليهود : ليس علينا فيما أصبنا من أموال العرب سبيل.
قوله تعالى﴿ بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال : اتقى الشرك، ﴿ فإن الله يحب المتقين ﴾. المتقين : الذين يتقون الشرك.
قوله تعالى﴿ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ﴾
قال البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد بن زياد عن الأعمش قال : سمعت أبا صالح يقول : سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : رجل كان له فضل ماء الطريق، فمنعه من ابن سبيل، ورجل بايع إمامه لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها رضي، وإن لم يعطه منها سخط. ورجل أقام سلعته بعد العصر فقال : والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا، فصدقه رجل ". ثم قرأ هذه الآية﴿ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ﴾.
( الصحيح٥/٣٤- ح٢٣٥٨- ك المساقاة، ب إثم من منع ابن السبيل من الماء )، وأخرجه مسلم ( الصحيح١/١٠٣ ح ١٠٨- الإيمان، ب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار ).
قال البخاري : حدثني إسحاق اخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوام، حدثني إبراهيم أبو إسماعيل السكسكي، سمع عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما يقول : أقام رجل سلعته فحلف بالله لقد اعطي بها ما لم يعطها. فنزلت :﴿ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ﴾قال ابن أبي أوفى :" الناجش آكل ربا خائن ".
( الصحيح٥/٢٨٦ ح ٢٦٧٥- الشهادات، باب قوله تعالى﴿ إن الذين يشترون بعهد الله ﴾ ).
قال البخاري : حدثنا حجاج بن منهال حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من حلف يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان، فأنزل الله تصديق ذلك﴿ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ﴾إلى آخر الآية. قال : فدخل الأشعث بن قيس وقال : ما يحدثك أبو عبد الرحمن ؟ قلنا كذا وكذا، قال : في أنزلت، كانت لي بئر في أرض ابن عم لي، قال النبي صلى الله عليه وسلم :" بينتك أو يمينه ". فقلت : إذا يحلف يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم وهو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان ".
( الصحيح٨/٦٠-٦١ ك التفسير، ب سورة آل عمران-الآية... ح٤٥٥٠، ٤٥٤٩ )، وأخرجه مسلم ( ١/١٢٢-١٢٣ ح١٣٣٨ –ك الإيمان، ب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار ).
قوله تعالى﴿ وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ﴾
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب ﴾قال : يحرفونه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب ﴾حتى بلغ :﴿ وهم يعلمون ﴾وهم أعداء الله اليهود، حرفوا كتاب الله، وابتدعوا فيه وزعموا أنه من عند الله.
قوله تعالى﴿ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن إسحاق عن ابن عباس قال أبو رافع القرظي حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاهم إلى الإسلام : أتريد يا محمد أن نعبدك، كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم ؟ فقال رجل من أهل نجران نصراني يقال له الرئيس : أو ذاك تريد منا يا محمد، وإليه تدعونا ! أو كما قال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : معاذ الله أن نعبد غير الله أو نأمر بعبادة غيره ما بذلك بعثني، ولا بذلك أمرني أو كما قال. فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم :﴿ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ﴾الآية إلى قوله﴿ بعد إذ أنتم مسلمون ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ﴾يقول : ما كان ينبغي لبشر ان يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة، يأمر عباده ان يتخذوه ربا من دون الله.
قوله تعالى﴿ كونوا ربانيين ﴾
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ كونوا ربانيين ﴾قال : فقهاء، علماء، حكماء.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧٩:قوله تعالى﴿ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن إسحاق عن ابن عباس قال أبو رافع القرظي حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاهم إلى الإسلام : أتريد يا محمد أن نعبدك، كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم ؟ فقال رجل من أهل نجران نصراني يقال له الرئيس : أو ذاك تريد منا يا محمد، وإليه تدعونا ! أو كما قال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : معاذ الله أن نعبد غير الله أو نأمر بعبادة غيره ما بذلك بعثني، ولا بذلك أمرني أو كما قال. فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم :﴿ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ﴾الآية إلى قوله﴿ بعد إذ أنتم مسلمون ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ﴾يقول : ما كان ينبغي لبشر ان يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة، يأمر عباده ان يتخذوه ربا من دون الله.
قوله تعالى﴿ كونوا ربانيين ﴾
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ كونوا ربانيين ﴾قال : فقهاء، علماء، حكماء.

قوله تعالى﴿ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ و أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من الكتاب ﴾ الآية : هذا ميثاق أخذه الله على النبيين أن يصدق بعضهم بعضا، و أن يبلغوا كتاب الله ورسالاته، فبلغت الأنبياء كتاب الله ورسالاته إلى قومهم، وأخذ عليهم – فيما بلغهم رسلهم – أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه و سلم و يصدقوه و ينصروه.
أخرج الطبري و ابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن إسحاق عن ابن عباس قال : ثم تذكر ما أخذ عليهم – يعني أهل الكتاب – و على أنبيائهم من الميثاق بتصديقه –يعني تصديق محمد صلى الله عليه و سلم - إذ جاءهم، و إقرارهم به على أنفسهم. فقال :﴿ وأخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من الكتاب ﴾ إلى آخر الآية.
قوله تعالى ﴿ أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون ﴾
قال ابن كثير : يقول تعالى منكرا على من أراد دينا سوى دين الله الذي أنزل به كتبه وأرسل به رسله وهو عبادة الله وحده لا شريك له الذي له أسلم من في السموات والأرض أي استسلم له من فيهما طوعا وكرها كما قال تعالى﴿ ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها ﴾الآية، وقال تعالى﴿ أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون ولله يسجد ما في السموات و ما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله :﴿ أفغير دين الله يبغون ﴾الآية، فأما المؤمن فأسلم طائعا فنفعه ذلك وقبل منه، وأما الكافر فأسلم كرها حين لا ينفعه ذلك، ولا يقبل منه.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية :﴿ وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه ترجعون ﴾قال : كل آدمي قد أقر على نفسه بأن الله ربي وأنا عبده، فهذا الإسلام لو استقام عليه، فلما تكلم بهذا صارت حجة عليه، ثم أشرك في عبادته فهذا الذي أسلم كرها، ومنهم من شهد أن الله ربي وأنا عبده ثم اخلص له العبودية فهذا الذي أسلم طوعا.
قال الطبري حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان عن منصور عن مجاهد :﴿ وله أسلم من في السموات والأرض ﴾قال : هو كقوله :﴿ ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ﴾ سورة الزمر : ٣٨.
ورجاله ثقات وإسناده صحيح.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : عبادتهم لي أجمعين طوعا وكرها وهو قوله﴿ ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها ﴾.
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ طوعا وكرها ﴾قال سجود المؤمن طائعا، وسجود الكافر وهو كاره.
قوله تعالى﴿ قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم... ﴾
انظر حديث البخاري عن أبي هريرة المتقدم عند الآية( ١٣٦ )من سورة البقرة. وفي الآية نفسها بيان الأسباط عن أبي العالية.
قوله تعالى﴿ ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال : قوله﴿ إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر ﴾إلى قوله﴿ ولا هم يحزنون ﴾فأنزل الله عز وجل بعد هذا﴿ ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ﴾.
قوله تعالى﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين أولئك جزاءهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون إلا الذين تابوا من بعد وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ﴾
انظر سورة البقرة آية رقم( ١٥٩-١٦١ ).
قال النسائي : أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع، قال : حدثنا يزيد-وهو ابن زريع-قال : أنبأنا داود عن عكرمة عن ابن عباس قال كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك ثم تندم فأرسل إلى قومه سلوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لي من توبة ؟ فجاء قومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن فلانا قد ندم وإنه أمرنا أن نسألك هل له من توبة، فنزلت﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم... ﴾إلى قوله﴿ غفور رحيم ﴾فأرسل إليه فأسلم.
( السنن٧/١٠٧ ك تحريم الدم، ب توبة المرتد )، وأخرجه ابن حبان في صحيحه( الإحسان ١٠/٣٢٩ ح٤٤٧٧ )من طريق بشر بن معاذ العقدي عن يزيد به. قال محققه : إسناده صحيح. وأخرجه الحاكم في ( المستدرك٢/١٤٢ )من طريق حفص بن غياث عن داود بن أبي هند به، وقال : حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي )، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي.
قال الطبري : حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله :﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم ﴾ قال : هم أهل الكتاب كانوا يجدون محمدا صلى الله عليه وسلم في كتابهم، ويستفتحون به فكفروا بعد إيمانهم.
وسنده حسن.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨٦:قوله تعالى﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين أولئك جزاءهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون إلا الذين تابوا من بعد وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ﴾
انظر سورة البقرة آية رقم( ١٥٩-١٦١ ).
قال النسائي : أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع، قال : حدثنا يزيد-وهو ابن زريع-قال : أنبأنا داود عن عكرمة عن ابن عباس قال كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك ثم تندم فأرسل إلى قومه سلوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لي من توبة ؟ فجاء قومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن فلانا قد ندم وإنه أمرنا أن نسألك هل له من توبة، فنزلت﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم... ﴾إلى قوله﴿ غفور رحيم ﴾فأرسل إليه فأسلم.
( السنن٧/١٠٧ ك تحريم الدم، ب توبة المرتد )، وأخرجه ابن حبان في صحيحه( الإحسان ١٠/٣٢٩ ح٤٤٧٧ )من طريق بشر بن معاذ العقدي عن يزيد به. قال محققه : إسناده صحيح. وأخرجه الحاكم في ( المستدرك٢/١٤٢ )من طريق حفص بن غياث عن داود بن أبي هند به، وقال : حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي )، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي.
قال الطبري : حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله :﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم ﴾ قال : هم أهل الكتاب كانوا يجدون محمدا صلى الله عليه وسلم في كتابهم، ويستفتحون به فكفروا بعد إيمانهم.
وسنده حسن.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨٦:قوله تعالى﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين أولئك جزاءهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون إلا الذين تابوا من بعد وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ﴾
انظر سورة البقرة آية رقم( ١٥٩-١٦١ ).
قال النسائي : أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع، قال : حدثنا يزيد-وهو ابن زريع-قال : أنبأنا داود عن عكرمة عن ابن عباس قال كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك ثم تندم فأرسل إلى قومه سلوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لي من توبة ؟ فجاء قومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن فلانا قد ندم وإنه أمرنا أن نسألك هل له من توبة، فنزلت﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم... ﴾إلى قوله﴿ غفور رحيم ﴾فأرسل إليه فأسلم.
( السنن٧/١٠٧ ك تحريم الدم، ب توبة المرتد )، وأخرجه ابن حبان في صحيحه( الإحسان ١٠/٣٢٩ ح٤٤٧٧ )من طريق بشر بن معاذ العقدي عن يزيد به. قال محققه : إسناده صحيح. وأخرجه الحاكم في ( المستدرك٢/١٤٢ )من طريق حفص بن غياث عن داود بن أبي هند به، وقال : حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي )، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي.
قال الطبري : حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله :﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم ﴾ قال : هم أهل الكتاب كانوا يجدون محمدا صلى الله عليه وسلم في كتابهم، ويستفتحون به فكفروا بعد إيمانهم.
وسنده حسن.

قوله تعالى﴿ إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا ﴾أولئك أعداء الله اليهود، كفروا بالإنجيل وبعيسى، ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم والفرقان.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية في قوله :﴿ لن تقبل توبتهم ﴾قال : تابوا من بعض، ولم يتوبوا من الأصل.
قوله تعالى﴿ إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به ﴾
قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا معاذ بن هشام قال : حدثني أبي عن قتادة، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم. ح. وحدثني محمد بن معمر، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا سعيد، عن قتادة، حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له : أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت تفتدي به ؟ فيقول : نعم. فيقال له : قد كنت سئلت ما هو أيسر من ذلك ".
( الصحيح١١/٤٠٨ ح٦٥٣٨-ك الرقاق، ب من نوقش الحساب عذب ). وأخرجه مسلم ( الصحيح٤/٢١٦٠ ح٢٨٠٥-ك صفات المنافقين، ب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا ).
قوله تعالى﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾
قال البخاري : حدثنا إسماعيل قال : حدثني مالك، عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة انه سمع انس بن مالك رضي الله عنه يقول : كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة نخلا، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب. فلما أنزلت﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾قام أبو طلحة فقال يا رسول الله، إن الله يقول﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾وإن أحب أموالي إلي بيرحاء. وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بخ ذلك مال رابح، ذلك مال رابح. وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين ". قال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله. فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه. قال عبد الله بن يوسف وروح بن عبادة " ذلك مال رابح ". حدثني يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك :" مال رابح ".
( الصحيح٨/٧١ ح٤٥٥٤-ك التفسير، سورة آل عمران )، ( ومسلم٣/٢٩٣ ح١٤٦١-ك الزكاة، ب الزكاة على الأقارب ).
اخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾يقول : لن تنالوا بر ربكم حتى تنفقوا مما يعجبكم، ومما تهوون من أموالكم.
قوله تعالى﴿ كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل ان تنزل التوراة فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ﴾
قال الترمذي : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو نعيم، عن عبد الله ابن الوليد-وكان يكون في بني عجل-عن بكير بن شهاب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : أقبلت يهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا : يا ابا القاسم اخبرنا عن الرعد ما هو ؟ قال :" ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخا ريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله "، فقالوا : فما هذا الصوت الذي نسمع ؟ قال : زجره بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر، قالوا : صدقت. فأخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه ؟ قال : اشتكى عرق النسا فلم يجد شيئا يلائمه إلا لحوم الإبل وألبانها فلذلك حرمها، قالوا : صدقت.
( السنن٥/٢٩٤ ح٣١١٧-ك التفسير، ب ومن سورة الرعد )، وأخرجه احمد( المسند ح ٢٤٨٣ )من طريق عبد الله بن الوليد به. قال الترمذي : حديث حسن غريب. وقال الألباني : صحيح( صحيح الترمذي ح ٢٤٩٢ ). وأخرجه أحمد( المسند ح٢٤٧١ )، والطبري( التفسير ح ٧٤٢٠، ١٦٠٥ )، والطبراني( المعجم الكبير١٢/٢٤٦ ح١٣٠١٢ )من طرق عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن ابن عباس به. قال الهيثمي-بعد ان عزاه لأحمد والطبراني : رجالهما ثقات( مجمع الزوائد٨/٢٤٢ ). وصححه احمد شاكر في تعليقه على المسند.
قال البخاري : حدثني إبراهيم بن المنذر حدثنا ضمرة حدثنا موسى بن عقبة عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ان اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة قد زنيا، فقال :" لا تجدون في التوراة الرجم ؟ فقالوا : لا نجد فيها شيئا. فقال لهم عبد الله بن سلام : كذبتم، فأتوا بالتوراة فاتلوها عن كنتم صادقين، فوضع مدراسها الذي يدرسها منهم كفه على آية الرجم، فطفق يقرأ ما دون يده وما وراءها ولا يقرأ آية الرجم، فنزع يده عن آية الرجم فقال : ما هذه ؟ فلما رأوا ذلك قالوا : هي آية الرجم، فأمر بهما فرجما قريبا من حيث موضع الجنائز عند المسجد، قال : فرأيت صاحبها يجنأ عليها، يقيها الحجارة.
( صحيح البخاري٨/٧٢ ح٤٥٥٦-ك التفسير-سورة آل عمران )، ومسلم( ٣/١٣٢٦ ح١٦٩٩-ك الحدود، ب رجم اليهود وأهل الذمة في الزنا ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله﴿ كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل ان تنزل التوراة ﴾وإسرائيل، هو يعقوب﴿ قل فأتوا بالتوراة فاتلوها عن كنتم صادقين ﴾يقول : كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل من قبل ان تنزل التوراة، إلا ما حرم إسرائيل على نفسه، فلما انزل الله التوراة حرم عليهم فيها ما شاء واحل لهم ما شاء.
قوله تعالى﴿ قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ﴾
انظر سورة البقرة آية( ١٣٥ ).
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أسيد بن عاصم، ثنا الحسين يعني : ابن حفص، ثنا سفيان عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عبد الله بن عمرو قال : أفاض جبريل بإبراهيم صلى الله عليهما، فصلى بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم غدا من منى إلى عرفة، فصلى به الصلاتين : الظهر والعصر ثم توقف له حتى غابت الشمس ثم حتى اتى المزدلفة، فنزل بها، فبات وصلى، ثم صلى كاعجل ما يصلي أحد من المسلمين، ثم وقف به كأبطأ ما يصلي احد من المسلمين، ثم دفع منه إلى منى، فرمى وذبح، ثم أوحى الله تعالى إلى محمد ان اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين.
( التفسير-آل عمران/آية٩٥- ح٩٦١ ). وعزاه الهيثمي للطبراني في الكبير بأسانيد، وقال : رجال بعضها رجال الصحيح( مجمع الزوائد٣/٢٥١ ). ورجاله ثقات إلا الحسين بن حفص محله الصدق، فالإسناد حسن.
قوله تعالى﴿ إن اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا... ﴾
قال البخاري : حدثنا عمر بن حفص، حدثنا ابي، حدثنا الأعمش، حدثنا إبراهيم التيمي، عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت : يا رسول الله أي مسجد وضع اول ؟ قال :" المسجد الحرام ". قلت : ثم أي ؟ قال :" ثم المسجد الأقصى " قلت كم كان بينهما ؟ قال :" أربعون ". ثم قال :" حيثما ادركتك الصلاة فصل والأرض لك مسجد ".
( الصحيح٦/٤٥٨ ح٣٤٢٥-ك احاديث الأنبياء، ب قوله تعالى﴿ ووهبنا لداود سليمان ﴾ ).
قال الترمذي : حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن عاصم بن عمر، عن علي بن أبي طالب قال، خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ائتوني بوضوء، فتوضأ ثم قام فاستقبل القبلة، ثم قال : اللهم عن إبراهيم كان عبدك وخليلك ودعا لأهل مكة بالبركة، وأنا عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في مدهم وصاعهم مثلي ما باركت لهل مكة مع البركة بركتين ".
( السنن٥/٧١٨ ح٣٩١٤-ك المناقب، ب في فضل المدينة ح٣٩١٤ )وقال : حديث حسن صحيح. وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه( ١/١٠٥-١٠٢ ح٢٠٩٠-ك الوضوء، ب استحباب الوضوء للدعاء... )من حديث شعيب بن الليث عن سعيد بن أبي سعيد به، قال محققه : إسناده صحيح. وأخرجه صحيح ورجاله ثقات. وأخرجه الضياء المقدسي( المختارة٢/١٦٤-١٦٦ ح٥٤٣ و٥٤٤ ) من طرق عن الليث به، قال محققه في الموضعين : إسناده صحيح.
قال الضياء المقدسي : قرئ على احمد عبد الباقي بن عبد الجبار الهروي-ونحن نسمع-أخبركم أبو شجاع عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي-قراءة عليه وأنت تسمع-انا احمد بن محمد بن الخليلي، أنا علي بن احمد الخزاعي، انا الهيثم بن كليب الشاشي، ثنا إسماعيل القاضي، ثنا حجاج بن منهال، ثنا حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن خالد بن عرعرة، قال : لما قتل عثمان، ذعرني ذعرا شديدا، وكان سل السيف فينا عظيما، فجلست في بيتي، وكانت لي حاجة في السوق لثياب اشتريتها، فخرجت فإذا انا بنفر في ظل جلوس، نحو من أربعين رجلا، وإذا سلسلة معلقة معروضة على الباب، فقلت : لأدخلن فللأنظرن. قال : فذهبت لدخل، فمنعني البواب، فقالوا : دع الرجل. فدخلت، فإذا أشراف الناس، وإذا وسادة معروضة، فجلست، فجاء رجل جميل عليه حلة ليس عليه قميص ولا عمامة، فإذا هو علي-رضي الله عنه-ثم جلس، فلم ينكر من القوم غيري. فقال : سلوني، ولا تسألوني إلا عما ينفع ويضر. فقال رجل : ما قلت حتى أحببت ان تقول، أنا أسألك. فقال : سل، ولا تسأل إلا عما ينفع او يضر. فقال : ما﴿ الداريات ذروا. فالحاملات وقرا. فالجاريات يسرا. فالمقسمات أمرا ﴾ ؟ قال : الملائكة. ( الذاريات١-٤ ). ثم قال : أخبرني عن ما أسألك. فقال : سل، ولا تسأل إلا عما ينفع أو يضر. فقال : ما﴿ السقف المرفوع ﴾ ؟ قال : السماء. قال : فما﴿ العاصفات عصفا ﴾ ؟ قال : الرياح. قال : فما ﴿ الجوار الكنس ﴾ ؟ قال : الكواكب. قال : فما﴿ البيت المعمور ﴾ ؟ قال : قال علي لأصحابه ما تقولون ؟ قالوا : نقول : هو البيت الحرام. قال : بل هو بيت في السماء يقال له : الصراح، حيال هذا البيت، حرمته في السماء كحرمة هذا في الأرض، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه، ثم تلا هذه الآية :﴿ إن اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين. فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ﴾. ثم قال : أما إنه ليس بأول بيت كان، قد كان نوح قبله وكان في البيوت، وكان إبراهيم قبله وفي البيوت، ولكنه اول بيت وضع للناس فيه البركة، ﴿ فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ﴾ثم حدث ان إبراهيم-عليه السلام-لما امر ببناء البيت ضاق به ذرعا فلم يدر كيف يبينه، فأرسل الله السكينة، وهي ريح خجوج لها رأس، فتطوقت له بالحج، فكان يبني عليها كل يوم سافا، ومكة شديدة الحر، فلما بلغ الحجر، قال لإسماعيل : اذهب فالتمس لي حجرا أضعه. فذهب يطوف في الجبال، فجاء جبريل بالحجر فوضعه، فجاء إسماعيل فقال : من أين هذا ؟ قال : جاء به من لم يتكل على بنائي وبنائك، فوضعه، فلبث ما شاء الله ان يلبث، ثم انهدم، فبنته العمالقة، ثم انهدم فبنته جرهم، ثم انهدم فبنته قريش، فلما أرادوا ان يضعوا الحجر تنازعوا في وضعه. قالوا : أول من يخرج من هذا الباب يضعه، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم من باب بني شيبة، فأمر بثوب فبسط، ووضع الحجر في وسط الثوب، وأمر من كل فخذ رجلا ان يأخذ ناحية الثوب، فأخذوه فرفعوه، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه. فقام رجل آخر فقال : أخبرني عن هذه الآية :﴿ وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا او إعراضا فلا جناح عليهما ﴾حتى ختم الآية ؟ قال : عن مثل هذا فسلوا، هذا العلم، هو الرجل تكون له امرأتان، إحداهما قد عجزت وهي دميمة، فيصالحها ان يأتيها كل يوم، أو ثلاثة، أو أربع. فقام غليه رجل آخر فسأله عن هذه الآية :﴿ ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن ﴾ ( النساء١٢٨ ). فأقيمت الصلاة فقام. روى قتيبة عن أبي عوانة، عن سماك، عن خالد بن عرعرة قال : سمعت عليا وسأله رجل عن :﴿ الذاريات ذروا ﴾و﴿ الحاملات وقرا ﴾و﴿ المقسمات ﴾.
( المختارة٢/٦٠ ح٤٣٨ ). وحسنه المحقق وهو كما قال، وأخرجه الحاكم من طريق خالد بن الوليد عرعرة به منحصرا على الآية المذكورة وصححه ووافقه الذهبي( المستدرك٢/٢٩٢-٢٩٣ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :" بكة " بك الناس بعضهم بعضا، الرجال والنساء، يصلي بعضهم بين يدي بعض، لا يصح ذلك إلا بمكة.
قوله تعالى﴿ فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ومجاهد :﴿ فيه آيات بينات مقام إبراهيم ﴾قال : مقام إبراهيم، من الآيات البينات.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ فيه آيات بينات ﴾قال : قدماه في المقام آية بينة. يقول :﴿ ومن دخله كان آمنا ﴾وهذا كان في الجاهلية، كان الرجل لو جر كل جريرة على نفسه، ثم لجأ إلى حرم الله، لم يتناول ولم يطلب. فأما في الإسلام فإنه لا يمنع من حدود الله، من سرق فيه قطع، ومن زنى فيه أقيم عليه الحد، ومن قتل فيه قتل.
وعن قتادة :{ أن الحسن كان يقول : إن الحرم لا يمنع من حدود الله. لو أصاب حدا في غير الحرم، فلجأ إلى الحرم، ولم يمنعه ذلك ان يقام عليه الحد.
قوله تعالى﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ﴾
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت : يا رسول الله عن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه ؟ قال :" نعم " وذلك في حجة الوداع.
( الصحيح٣/٣٧٨ ح١٥١٣-ك الحج، ب وجوب الحج وفضله ).
وانظر حديث البخاري تحت الآية رقم( ١٢٦ )من سورة البقرة.
قال أبو داود : حدثنا زهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة المعنى، قالا : ثنا يزيد ابن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أبي سنان، عن ابن عباس ان الأقرع بن حابس سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله الحج في كل سنة او مرة واحدة ؟ قال :" بل مرة واحدة، فمن زاد فهو تطوع ".
قال أبو داود : هو ابو سنان الدؤلي، كذا قال عبد الجليل بن حميد وسليمان ابن كثير جميعا عن الزهري، وقال عقيل : عن سنان. ( السنن٢/١٣٩ ح١٧٢١-ك المناسك، ب فرض الحج )، وأخرجه النسائي( ٥/١١١-ك المناسك، ب وجوب الحج )، وابن ماجه( ك المناسك، ب فرض الحج رقم ٢٨٨٦ )، والحاكم في المستدرك( ١/٤٤١ و٤٧٠-ك المناسك )من طرق عن الزهري به. قال الحاكم : إسناده صحيح، وأبو سنان هذا هو الدؤلي ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وعند بعضهم بدون اسم السائل. وصححه الألباني في( صحيح سنن أبي داود ح١٥١٤ ).
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال : السبيل ان يصح بدن العبد، ويكون له ثمن زاد وراحلة من غير ان يجحف به.
قوله تعالى﴿ ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى﴿ ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ﴾صرح في هذه الآية غنه غني عن خلقه وإن كفر من كفر منهم لا يضره شيئا، وبين هذا المعنى في مواضع متعددة، كقوله عن نبيه موسى﴿ وقال موسى إن تكفروا انتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ﴾وقوله ﴿ إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر ﴾وقوله﴿ فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد ﴾وقوله﴿ وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني ﴾إلى غير ذلك من الآيات، فالله تبارك وتعالى يأمر الخلق وينهاهم، لا لأنه تضره معصيتهم وتنفعه طاعتهم، بل نفع طاعتهم لهم وضرر معصيتهم عليهم، كما قال تعالى﴿ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ﴾وقال﴿ من عمل صاحا فلنفسه ومن أساء فعليها ﴾وقال﴿ يا أيها الناس انتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ﴾.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن ابي طلحة عن ابن عباس قال : من كفر بالحج فلم يرجحه برا، ولا تركه ماثما.
قال الطبري : حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن بن المهدي قال : حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد في قوله :﴿ ومن كفر ﴾قال : من كفر بالله واليوم الآخر.
ورجاله ثقات وإسناده صحيح.
قوله تعالى﴿ قل يا اهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون ﴾
بيانها في الآية التي تليها.
قوله تعالى﴿ قل يا اهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة : قوله﴿ قل يا اهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله ﴾يقول : لم تصدون عن الإسلام وعن نبي الله، من آمن بالله، وانتم شهداء فيما تقرءون من كتاب الله : أن محمدا رسول الله، وان الإسلام دين الله الذي لا يقبل غيره ولا يجزي إلا به، تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل.
قوله تعالى﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين. وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ﴾
قال ابن كثير : يحذر تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن ان يطيعوا طائفة من اهل الكتاب الذين يحسدون المؤمنين على ما آتاهم الله من فضله وما منحهم من إرسال رسوله كما قال تعالى﴿ ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم ﴾الآية، وهكذا قال ههنا :﴿ إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردونكم بعد إيمانكم كافرين ﴾ثم قال تعالى﴿ وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ﴾يعني ان الكفر بعيد منكم وحاشاكم منه، فإن آيات الله تنزل على رسوله ليلا ونهارا وهو يتلوها عليكم ويبلغها إليكم، وهذا كقوله تعالى :﴿ وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين ﴾الآية بعدها.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله﴿ وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ﴾قال : علمان بينان : نبي الله وكتاب الله، فأما نبي الله فمضى عليه الصلاة والسلام، وأما كتاب الله فأبقاه الله بين أظهركم رحمة من الله ونعمة في حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة : قوله﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين ﴾قد تقدم الله إليكم فيهم كما تسمعون، وحذركم وأنبأكم بضلالتهم، فلا تؤمنوهم على دينكم ولا تنتصحوهم على أنفسكم، فإنهم العداء الحسدة الضلال. كيف تأتمنون قوما كفروا بكتابهم، وقتلوا رسلهم، وتحيروا في دينهم، وعجزوا عن انفسهم ؟ أولئك والله هم اهل التهمة والعداوة.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسين بن السكن، ثنا أبو زيد النحوي، أنبأ قيس ابن الربيع، عن الأغر بن الصباح، عن خليفة بن حصين، عن أبي نصر، عن ابن عباس قال : كانت بين الأوس والخزرج حرب في الجاهلية، فبينما هم يوما جلوس إذ ذكروا ما بينهم حتى غضبوا، فقام بعضهم على بعض بالسلاح فنزلت :﴿ وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ﴾الآية كلها.
( التفسير-آل عمران آية( ١. ١ح١. ٦٩ ). وأخرجه الطبري( التفسير٧/٦٣ح٧٥٣٥ )عن أبي كريب عن الحسن بن عطية عن قيس به. وأخرجه البخاري( التاريخ الكبير٩/٧٦ )من طريق إبراهيم ابن نصر عن الأشجعي عن سفيان الثوري عن الأغر به. والحديث بهذه المتابعات حسن( انظر تفسير ابن أبي حاتم-الموضع المذكور أعلاه ).
قوله تعالى﴿ ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ﴾
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي، ثنا عمرو بن رافع، ثنا سليمان يعني : ابن عامر عن الربيع بن انس في قوله :﴿ ومن يعتصم بالله ﴾والاعتصام هو : الثقة بالله.
وسنده حسن.
وانظر حديث النواس بن سمعان المتقدم عند الآية( ٦ )من سورة الفاتحة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠٠:قوله تعالى﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين. وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ﴾
قال ابن كثير : يحذر تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن ان يطيعوا طائفة من اهل الكتاب الذين يحسدون المؤمنين على ما آتاهم الله من فضله وما منحهم من إرسال رسوله كما قال تعالى﴿ ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم ﴾الآية، وهكذا قال ههنا :﴿ إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردونكم بعد إيمانكم كافرين ﴾ثم قال تعالى﴿ وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ﴾يعني ان الكفر بعيد منكم وحاشاكم منه، فإن آيات الله تنزل على رسوله ليلا ونهارا وهو يتلوها عليكم ويبلغها إليكم، وهذا كقوله تعالى :﴿ وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين ﴾الآية بعدها.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله﴿ وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ﴾قال : علمان بينان : نبي الله وكتاب الله، فأما نبي الله فمضى عليه الصلاة والسلام، وأما كتاب الله فأبقاه الله بين أظهركم رحمة من الله ونعمة في حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة : قوله﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين ﴾قد تقدم الله إليكم فيهم كما تسمعون، وحذركم وأنبأكم بضلالتهم، فلا تؤمنوهم على دينكم ولا تنتصحوهم على أنفسكم، فإنهم العداء الحسدة الضلال. كيف تأتمنون قوما كفروا بكتابهم، وقتلوا رسلهم، وتحيروا في دينهم، وعجزوا عن انفسهم ؟ أولئك والله هم اهل التهمة والعداوة.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسين بن السكن، ثنا أبو زيد النحوي، أنبأ قيس ابن الربيع، عن الأغر بن الصباح، عن خليفة بن حصين، عن أبي نصر، عن ابن عباس قال : كانت بين الأوس والخزرج حرب في الجاهلية، فبينما هم يوما جلوس إذ ذكروا ما بينهم حتى غضبوا، فقام بعضهم على بعض بالسلاح فنزلت :﴿ وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ﴾الآية كلها.
( التفسير-آل عمران آية( ١. ١ح١. ٦٩ ). وأخرجه الطبري( التفسير٧/٦٣ح٧٥٣٥ )عن أبي كريب عن الحسن بن عطية عن قيس به. وأخرجه البخاري( التاريخ الكبير٩/٧٦ )من طريق إبراهيم ابن نصر عن الأشجعي عن سفيان الثوري عن الأغر به. والحديث بهذه المتابعات حسن( انظر تفسير ابن أبي حاتم-الموضع المذكور أعلاه ).
قوله تعالى﴿ ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ﴾
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي، ثنا عمرو بن رافع، ثنا سليمان يعني : ابن عامر عن الربيع بن انس في قوله :﴿ ومن يعتصم بالله ﴾والاعتصام هو : الثقة بالله.
وسنده حسن.
وانظر حديث النواس بن سمعان المتقدم عند الآية( ٦ )من سورة الفاتحة.

قوله تعالى﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ﴾
قال مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى، اخبرنا يحيى بن زكرياء، عن الأعمش، عن أبي سفيان عن جابر قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بثلاث يقول :" لا يموتن أحدكم غلا وهو يحسن بالله الظن ".
( الصحيح٤/٢٢٠٥ح٢٨٧٧-ك الجنة وصفة نعيمها، ب المر بحسن الظن بالله... }.
قال الترمذي : حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا أبو داود. أخبرنا شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية﴿ اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ﴾قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لو ان قطرة من الزقوم في دار الدنيا لفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن يكون طعامه ".
( السنن٤/٧٠٦-٧٠٧-ك صفة الجنة، ب ما جاء في صفة شراب اهل النار ح٢٥٥٨، وقال : حديث حسن صحيح، وأخرجه( أخرجه( ابن ماجة-ك الزهد، ب صفة النار ح ٤٣٢٥ )، وأحمد في ( المسند ١/٣٠٠-٣٠١ )وابن حبان في صحيحه( الإحسان١٦/٥١١ ح ٧٤٧٠ ). والحاكم في المستدرك ( ٢/٢٩٤ )من طرق عن شعبة به. قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبي.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا احمد بن سنان : حدثنا عبد الرحمن عن سفيان وشعبة عن زبيد اليامي، عن مرة، عن عبد الله-هو ابن مسعود-﴿ اتقوا الله حق تقاته ﴾قال : أن يطاع فلا يعصى، وان يذكر فلا ينسى، وان يشكر فلا يكفر.
قال ابن كثير : وهذا إسناد صحيح موقوف. وأخرجه الحاكم من طريق مسعر عن زبيد به، وصححه ووافقه الذهبي( المستدرك٢/٢٩٤ ).
أخرج الطبري وابن ابي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن ابي طلحة عن ابن عباس قال : قوله ﴿ اتقوا الله حق تقاته ﴾ان يجاهدوا في الله حق جهاده ولا يأخذهم في الله لومة لائم ويقوموا لله بالقسط ولو على انفسهم وآبائهم وأبنائهم.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : إنها لم تنسخ، ولكن﴿ حق تقاته ﴾ان يجاهد في الله حق جهاده، ثم ذكر تأويله الذي ذكرناه عنه آنفا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :{ قوله﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ﴾ثم انزل التخفيف واليسر، وعاد بعائدته ورحمته على ما يعلم من ضعف خلقه فقال﴿ فاتقوا الله ما استطعتم ﴾فجاءت هذه الآية، فيها تخفيف وعافية ويسر.
قوله تعالى﴿ ... واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ﴾
قال مسلم : حدثني زهير بن حرب. حدثنا جرير عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا. فيرضى لكم ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا. وان تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا. ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال. وإضاعة المال ".
( صحيح مسلم٣/١٣٤٠ح١٧١٠-ك الأقضية، ب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة ).
قال الترمذي : حدثنا علي بن المنذر كوفي. حدثنا محمد بن فضيل قال : حدثنا الأعمش عن عطية عن أبي سعيد والأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي. أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما ".
( السنن٥/٦٦٣ح٣٧٨٨ )، أخرجه احمد( المسند٣/٥٩، ٢٦، ١٧، ١٤ )من طرق عن عطية به. قال الترمذي : حسن غريب. وقال الألباني صحيح( صحيح سنن الترمذي ح٢٩٨٠ ). والحديث له شاهد من رواية زيد بن ثابت اخرجه احمد( ٥/١٨٢ )، وذكر الحديث الهيثمي ونسبه على احمد ثم قال : إسناده جيد( مجمع الزوائد٩/١٦٣، ١٦٢ )وصححه الألباني( صحيح الجامع٢/٣١٧ ).
وانظر حديث ابن ماجة عن انس الآتي عند الآية( ١٠٥ )من السورة نفسها.
قال الطبري : حدثنا ابو كريب قال، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله :﴿ واعتصموا بحبل الله ﴾، قال : حبل الله، القرآن.
ورجاله ثقات وإسناده صحيح.
أخرج بن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية في قوله :﴿ واعتصموا بحبل الله جميعا ﴾يقول اعتصموا بالإخلاص لله وحده.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم ﴾إن الله عز وجل قد كره لكم الفرقة، وقدم إليكم فيها، حذركموها، ونهاكم عنها، ورضي لكم السمع والطاعة واللفة و الجماعة، فارضوا لأنفسكم ما رضي الله لكم إن استطعتم، ولا قوة إلا بالله.
قوله تعالى﴿ واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى﴿ واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ﴾لم يبين هنا ما بلغته معاداتهم من الشدة، لكنه بين في موضع آخر ان معاداتهم بلغت من الشدة امرا عظيما حتى لو أنفق ما في الأرض كله لأزالتها وللتأليف بين قلوبهم لم يفد ذلك شيئا، وذلك في قوله :﴿ وغن يريدوا ان يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم ﴾.
وانظر حديث البخاري عن عبد الله بن زيد بن عاصم الآتي عند الآية( ٦٣ )من سورة الأنفال.
قال مسلم : حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا جرير( يعني ابن حازم ) : حدثنا غيلان بن جرير، عن أبي قيس بن رياح، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال :" من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات، مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية، يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة، فقتل فقتلة جاهلية. ومن خرج على أمتي، يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاش من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس مني ولست منه ".
( الصحيح٣/١٤٧٦-١٤٧٧ح١٨٤٨-ك الإمارة، ب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن... ).
قال مسلم : حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، حدثنا أبي، حدثنا عاصم( وهو ابن محمد بن زيد )عن زيد بن محمد، عن نافع قال : جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع بن مطيع حين كان من امر الحرة ما كان، زمن يزيد بن معاوية. فقال : اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة. فقال : إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" من خلع يدا من طاعة، لقي الله يوم القيامة، لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة الجاهلية ".
( الصحيح٣/١٤٧٨ح١٨٥١-ك الإمارة، ب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند طهور الفتن ).
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله }نعمت الله }عافية الله.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة : قوله :﴿ واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم ﴾، كنتم تذابحون يأكل شديدكم ضعيفكم، حتى جاء بالإسلام فآخى به بينكم، وألف به بينكم. أما والله الذي لا إله غلا هو إن الألفة لرحمة، وغن الفرقة لعذاب.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي :﴿ وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ﴾بمحمد صلى الله عليه وسلم. يقول كنتم على طرف النار، من مات منكم أوبق في النار، فبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فاستنقذكم به من تلك الحفرة.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان﴿ وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ﴾أنقذكم الله من الشرك إلى الإيمان.
قوله تعالى﴿ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ﴾
قال الترمذي : حدثنا قتيبة، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو عن عبد الله الأنصاري، عن حذيفة بن اليمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله ان يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ".
( السنن٤/٤٦٨ح٢١٦٩-ك الفتن، ب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )، وقال الألباني : حسن. وأخرجه أحمد في مسنده( ٥/٣٨٨ )من طريق إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو به. وانظر( صحيح سنن الترمذي ح١٧٦٢ ). وله شاهد اخرجه الطبراني بسنده عن ابن مسعود( المعجم الكبير١٠/١٨٠ ح١٠٢٦٧ )، وله شواهد ذكرها الهيثمي( مجمع الزوائد٧/٢٦٦ ).
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية قال : كل آية يذكرها الله في القرآن، فذكر المر بالمعروف، فالأمر بالمعروف انهم دعوا إلى الله وحده وعبادته لا شريك له دعاء من الشرك إلى الإسلام.
وبه عن أبي العالية قال : كل آية ذكرها الله في القرآن، فذكر النهي عن المنكر، النهي عن عبادة الأوثان والشيطان.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان قوله :﴿ ولتكن منكم امة ﴾يقول ليكن منكم قوم يعني : واحد او اثنين او ثلاثة نفر فما فوق ذلك. ﴿ أمة ﴾يقول : إماما يقتدي به كما قال لإبراهيم كان امة قانتا يقول : إماما مطيعا لربه يقتدي به. قوله :﴿ يدعون إلى الخير ﴾قال : إلى الإسلام. قوله{ يأمرون عن معصيته يعني : معصية ربهم.
قال مسلم : حدثنا ابو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن سفيان. ح وحدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، كلاهما عن قيس ابن مسلم، عن طارق بن شهاب-وهذا حديث أبي بكر-قال : أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان، فقام إليه رجل فقال : الصلاة قبل الخطبة. فقال : قد ترك ما هنالك. فقال أبو سعيد : أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك اضعف الإيمان ".
( الصحيح١/٦٩ح٤٩-ك الإيمان، ب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان ).
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن ابن إسحاق عن ابن عباس﴿ وأولئك هم المفلحون ﴾أي : الذين أدركوا ما طلبوا، ونجوا من شر ما منه هربوا.
قوله تعالى﴿ ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ﴾
قال ابن ماجة : حدثنا هشام بن عمار. ثنا الوليد بن مسلم. ثنا أبو عمرو. ثنا قتادة عن انس بن مالك، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة. وإن أمتي ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة. كلها في النار غلا واحدة. وهي الجماعة ".
( السنن ح ٣٩٩٣-ك الفتن، ب افتراق الأمم )، قال البوصيري : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. رواه الإمام احمد في مسنده من حديث انس أيضا ورواه أبو يعلى الموصلي( مصباح الزجاجة ٢/٢٩٦ ). وصححه السيوطي له، وأخرجه الحاكم ووافقه الذهبي( المستدرك١/١٢٨ )وذكره ابن كثير( ٢/٧٦ ).
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : قوله﴿ ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا ﴾ونحوها هذا في القرآن امر الله جل ثناؤه المؤمنين بالجماعة، فنهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم أنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان قوله :﴿ ولا تكونوا ﴾يعني للمؤمنين يقول : لا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد موسى فنهى الله تعالى المؤمنين ان يتفرقوا من بعد كفعل اليهود.
قوله تعالى﴿ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى﴿ وتسود وجوه ﴾بين في هذه الآية الكريمة ان من أسباب اسوداد الوجوه يوم القيامة الكفر بعد الإيمان وذلك في قوله﴿ فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم ﴾الآية. وبين في موضع آخر ان من أسباب ذلك الكذب على الله تعالى وهو قوله تعالى :﴿ ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة ﴾. وبين في موضع آخر ان من أسباب ذلك اكتساب السيئات وهو قوله﴿ والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما ﴾وبين في موضع آخر أن من أسباب ذلك الكفر والفجور وهو قوله تعالى :﴿ وجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة ﴾.
قال الترمذي : حدثنا ابو كريب. حدثنا وكيع عن الربيع بن صبيح وحماد بن سلمة عن أبي غالب قال : رأى أبو امامة رءوسا منصوبة على درج مسجد دمشق فقال أبو أمامة : كلاب النار شر قتلى تحت أديم السماء، خير قتلى من قتلوه، ثم قرأ :﴿ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ﴾إلى آخر الآية قلت لأبي امامة : أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لو لم أسمعه إلا مرة او مرتين او ثلاثا أو أربعا-حتى عد سبعا-ما حدثتكموه.
قال أبو عيسى : هذا حديث وأبو غالب يقال اسمه حزور وأبو امامة الباهلي اسمه صدي بن عجلان وهو سيد باهلة.
( سنن الترمذي٥/٢٢٦ ح٣٠٠٠-ك التفسير، ب سورة آل عمران )، وصححه الألباني في( صحيح سنن الترمذي )، وعزاه الهيثمي للطبراني وقال : رجاله ثقات( مجمع الزوائد ٦/٢٣٤ )، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي( المستدرك٢/١٤٩-١٥٠ )، وذكره ابن كثير وقال : وهذا الحديث اقل أقسامه ان يكون موقوفا من كلام الصحابي( التفسير١/٣٤٦ ).
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الجيد عن أبي العالية عن أبي بن كعب في قوله :﴿ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ﴾قال : صاروا يوم القيامة فريقين، فقال لمن اسود وجهه، وعيرهم :﴿ أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ﴾قال : هو الإيمان الذي كان قبل الاختلاف في زمن آدم، حين اخذ منهم عهدهم وميثاقهم وأقروا كلهم بالعبودية وفطرهم على الإسلام، فكانوا امة واحدة مسلمين. يقول :﴿ أكفرتم بعد إيمانكم ﴾يقول : بعد ذلك الذي كان في زمان آدم. وقال في الآخرين : الذين استقاموا على إيمانهم ذلك، فأخلصوا له الدين والعمل، فبيض الله وجوههم، وأدخلهم في رضوانه وجنته.
واللفظ للطبري وقد رجحه.
قوله تعالى﴿ كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ﴾
قال الترمذي : حدثنا عبد بن حميد، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن بهز ابن حكيم، عن أبيه، عن جده انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في قوله :﴿ كنتم خير امة أخرجت للناس ﴾قال :" إنكم تتمون سبعين امة انتم خيرها وأكرمها على الله ".
هذا حديث حسن. وقد روى غير واحد هذا الحديث عن بهز بن حكيم نحو هذا ولم يذكروا فيه﴿ كنتم خير امة أخرجت للناس ﴾. ( سنن الترمذي٥/٢٢٦ ح٣٠٠١ )، وصححه الألباني في( صحيح سنن الترمذي )، وأخرجه الحاكم( ٤/٨٤ )من طريق عبد الرزاق عن معمر به، وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقال ابن حجر : وهذا حديث حسن صحيح( الفتح٨/٧٣ ). وقال ابن كثير : حديث مشهور( التفسير٢/٧٨ ط الشعب )، ويشهد له حديث أحمد عن علي بن أبي طالب كما سيأتي عند هذه الآية.
قال أحمد : حدثنا حسين وأبو نعيم قالا : حدثنا إسرائيل عن سماك عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس في قوله عز وجل﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ﴾قال : هم الذين هاجروا مع محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة قال أبو نعيم : مع النبي صلى الله عليه وسلم.
( المسند رقم ٢٤٦٣ )وأخرجه أيضا برقم( ٣٣٢١، ٢٩٢٨، ٢٩٨٩ )من طرق عن إسرائيل به، وصححه احمد شاكر. وأخرجه الحاكم( ٢/٢٩٤ )وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وجود الحافظ ابن حجر إسناد روايتي احمد والحاكم( فتح الباري٨/٢٢٥ )وعزاه الهيثمي لأحمد والطبراني، قال : ورجال احمد رجال الصحيح( مجمع الزوائد٦/٣٢٧ ).
قال أحمد : حدثنا عبد الرحمن حدثنا زهير عن عبد الله-يعني ابن محمد بن عقيل-عن محمد بن علي انه سمع علي بن أبي طالب يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أعطيت ما لم يعط احد من الأنبياء " فقلنا يا رسول الله ما هو ؟ قال : نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت احمد، وجعل التراب لي طهورا، وجعلت أمتي خير الأمم ".
( المسند رقم ٧٦٣ )وصححه المحقق. وقال ابن كثير : إسناده حسن التفسير( ٢/٧٨ )وحسنه الهيثمي أيضا( مجمع الزوائد١/٢٦٠ )، وحسنه الحافظ ابن حجر( الفتح٨/٢٢٥ )، وكذا السيوطي( الدر المنثور٢/٢٩٤ ).
قال ابن ماجة : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار عن رفاعة الجهني ؛ قال : صدرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال :" والذي نفس محمد بيده ! ما من عبد يؤمن ثم يسدد إلا سلك به في الجنة. أرجو ألا يدخلوها حتى تبؤوا انتم ومن صلح من ذرا ريكم، مساكن في الجنة. ولقد وعدني ربي، عز وجل، أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ".
( السنن٤/١٤٣٢-١٤٣٣ ح٤٢٨٥-ك الرعد، ب صفة امة محمد صلى الله عليه وسلم )، وأخرجه النسائي في( عمل اليوم والليلة رقم ٤٧٥ )، وابن حبان في صحيحه( الإحسان١/٤٤٤ ح٢١٢ )من طرق عن الأوزاعي به. وعزاه الهيثمي إلى الطبراني والبزار وقال : ورجال بعضها عند الطبراني والبزار رجال الصحيح( مجمع الزوائد ١٠/٤٠٨ )، وصححه الألباني( صحيح سنن ابن ماجة رقم ٣٤٥٨ )، وقال الأرناءوط في تعليقه على الإحسان : إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه أحمد من حديث ثوبان بنحوه، وصححه ابن كثير في ( التفسير٢/٧٩ ). وله شاهد في صحيح مسلم من حديث ابن عباس( الصحيح١/١٩٩ ح٢٢٠ ).
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : تأمرونهم بالمعروف : أن يشهدوا ان لا إله إلا الله، والإقرار بما انزل الله، وتقاتلونهم عليه، ولا إله إلا الله هو أعظم المعروف وتنهونهم عن المنكر والمنكر هو التكذيب، وهو أنكر المنكر.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية قوله :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾قال : لم تكن امة أكثر استجابة في الإسلام من هذه الأمة، فمن ثم قال﴿ كنتم خير امة أخرجت للناس ﴾.
قوله تعالى﴿ كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن اهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة﴿ منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ﴾ذم الله أكثر الناس.
قوله تعالى﴿ لن يضروكم إلا أذى ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ لن يضروكم الا أذى ﴾يقول : لن يضروكم، إلا أذى تسمعونه منهم.
قوله تعالى﴿ ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ إلا بحبل من الله ﴾قال : بعهد﴿ وحبل من الناس ﴾قال : بعهدهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس ﴾يقول : إلا بعهد من الله وعهد من الناس.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية قوله :﴿ وضربت عليهم المسكنة ﴾قال : المسكنة : الفاقة.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة :﴿ ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ﴾اجتنبوا المعصية والعدوان فإن بهما هلك من هلك من قبلكم من الناس.
قوله تعالى﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن محمد بن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال : لما اسلم عبد الله بن سلام، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيد، ومن اسلم من اليهود معهم، فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام ورسخوا فيه قالت أحبار اليهود وأهل الكفار منهم : ما آمن بمحمد ولا تبعه إلا أشرارنا ! ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره، فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم﴿ ليسوا سواء من اهل الكتاب امة قائمة يتلون آيات الله ﴾إلى قوله :﴿ وأولئك من الصالحين ﴾.
واللفظ للطبري.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى﴿ من اهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ﴾. ذكر هنا من صفات هذه الطائفة المؤمنة من أهل الكتاب انها قائمة. أي : مستقيمة على الحق وأنها تتلو آيات الله آناء الليل وتصلي وتؤمن بالله وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. وذكر في موضع آخر انها تتلوا الكتاب حق تلاوته وتؤمن بالله. وهو قوله﴿ الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ﴾. وذكر في موضع آخر انهم يؤمنون بالله وما انزل إلينا وما أنزل إليهم وأنهم خاشعون لله لا يشترون بآياته ثمنا قليلا وهو قوله﴿ وإن من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل إليكم وما انزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ ليسوا سواء من اهل الكتاب أمة قائمة ﴾الآية. يقول : ليس كل القوم هلك، قد كان لله فيهم بقية.
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ أمة قائمة ﴾قال : عادلة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله :﴿ أمة قائمة ﴾يقول : قائمة على كتاب الله وحدوده وفرائضه.
قال النسائي : أنا محمد بن رافع، ثنا ابو النضر، ثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود قال : أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد، فإذا الناس ينتظرون الصلاة، فقال :" أما إنه ليس من هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم ". قال : وأنزلت هذه الآية﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب ﴾حتى بلغ﴿ والله عليم بالمتقين ﴾.
( التفسير١/٣٢٠-٣٢١ ح٩٣ عند تفسير هذه الآية من آل عمران ). وأخرجه أحمد( المسند١/٣٩٦ )، والطبري( التفسير ح ٧٦٦٢ )، وابن ابي حاتم( التفسير-آل عمران، ح ١٢٢٦ )، والبزار( كشف الأستار ح ٣٧٥ )، وابن حبان( الإحسان ٤/٣٩٧-٣٩٨ ح١٥٣٠ ). من طرق عن عاصم عن زر به. قال الهيثمي : رجال أحمد ثقات ليس فيهم غير عاصم بن أبي النجود، وهو مختلف في الاحتجاج به( مجمع الزوائد١/٣١٢ ). وحسن السيوطي إسناده( الدر المنثور٢/٦٥ )وكذا فعل محقق الإحسان، وتفسير النسائي. وصححه محقق المسند، ولعله إلى الحسن أقرب لأجل عاصم هذا ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ وما يفعلوا من خير فلن يكفروه ﴾يقول : لن يضل عنهم.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن محمد بن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال ﴿ المتقين ﴾أي الذين يحذرون من الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى ويرجون رحمته بالتصديق بما جاء منه.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١٣:قوله تعالى﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن محمد بن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال : لما اسلم عبد الله بن سلام، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيد، ومن اسلم من اليهود معهم، فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام ورسخوا فيه قالت أحبار اليهود وأهل الكفار منهم : ما آمن بمحمد ولا تبعه إلا أشرارنا ! ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره، فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم﴿ ليسوا سواء من اهل الكتاب امة قائمة يتلون آيات الله ﴾إلى قوله :﴿ وأولئك من الصالحين ﴾.
واللفظ للطبري.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى﴿ من اهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ﴾. ذكر هنا من صفات هذه الطائفة المؤمنة من أهل الكتاب انها قائمة. أي : مستقيمة على الحق وأنها تتلو آيات الله آناء الليل وتصلي وتؤمن بالله وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. وذكر في موضع آخر انها تتلوا الكتاب حق تلاوته وتؤمن بالله. وهو قوله﴿ الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ﴾. وذكر في موضع آخر انهم يؤمنون بالله وما انزل إلينا وما أنزل إليهم وأنهم خاشعون لله لا يشترون بآياته ثمنا قليلا وهو قوله﴿ وإن من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل إليكم وما انزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ ليسوا سواء من اهل الكتاب أمة قائمة ﴾الآية. يقول : ليس كل القوم هلك، قد كان لله فيهم بقية.
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ أمة قائمة ﴾قال : عادلة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله :﴿ أمة قائمة ﴾يقول : قائمة على كتاب الله وحدوده وفرائضه.
قال النسائي : أنا محمد بن رافع، ثنا ابو النضر، ثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود قال : أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد، فإذا الناس ينتظرون الصلاة، فقال :" أما إنه ليس من هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم ". قال : وأنزلت هذه الآية﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب ﴾حتى بلغ﴿ والله عليم بالمتقين ﴾.
( التفسير١/٣٢٠-٣٢١ ح٩٣ عند تفسير هذه الآية من آل عمران ). وأخرجه أحمد( المسند١/٣٩٦ )، والطبري( التفسير ح ٧٦٦٢ )، وابن ابي حاتم( التفسير-آل عمران، ح ١٢٢٦ )، والبزار( كشف الأستار ح ٣٧٥ )، وابن حبان( الإحسان ٤/٣٩٧-٣٩٨ ح١٥٣٠ ). من طرق عن عاصم عن زر به. قال الهيثمي : رجال أحمد ثقات ليس فيهم غير عاصم بن أبي النجود، وهو مختلف في الاحتجاج به( مجمع الزوائد١/٣١٢ ). وحسن السيوطي إسناده( الدر المنثور٢/٦٥ )وكذا فعل محقق الإحسان، وتفسير النسائي. وصححه محقق المسند، ولعله إلى الحسن أقرب لأجل عاصم هذا ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ وما يفعلوا من خير فلن يكفروه ﴾يقول : لن يضل عنهم.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن محمد بن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال ﴿ المتقين ﴾أي الذين يحذرون من الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى ويرجون رحمته بالتصديق بما جاء منه.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١٣:قوله تعالى﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن محمد بن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال : لما اسلم عبد الله بن سلام، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيد، ومن اسلم من اليهود معهم، فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام ورسخوا فيه قالت أحبار اليهود وأهل الكفار منهم : ما آمن بمحمد ولا تبعه إلا أشرارنا ! ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره، فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم﴿ ليسوا سواء من اهل الكتاب امة قائمة يتلون آيات الله ﴾إلى قوله :﴿ وأولئك من الصالحين ﴾.
واللفظ للطبري.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى﴿ من اهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ﴾. ذكر هنا من صفات هذه الطائفة المؤمنة من أهل الكتاب انها قائمة. أي : مستقيمة على الحق وأنها تتلو آيات الله آناء الليل وتصلي وتؤمن بالله وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. وذكر في موضع آخر انها تتلوا الكتاب حق تلاوته وتؤمن بالله. وهو قوله﴿ الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ﴾. وذكر في موضع آخر انهم يؤمنون بالله وما انزل إلينا وما أنزل إليهم وأنهم خاشعون لله لا يشترون بآياته ثمنا قليلا وهو قوله﴿ وإن من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل إليكم وما انزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ ليسوا سواء من اهل الكتاب أمة قائمة ﴾الآية. يقول : ليس كل القوم هلك، قد كان لله فيهم بقية.
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ أمة قائمة ﴾قال : عادلة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله :﴿ أمة قائمة ﴾يقول : قائمة على كتاب الله وحدوده وفرائضه.
قال النسائي : أنا محمد بن رافع، ثنا ابو النضر، ثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود قال : أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد، فإذا الناس ينتظرون الصلاة، فقال :" أما إنه ليس من هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم ". قال : وأنزلت هذه الآية﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب ﴾حتى بلغ﴿ والله عليم بالمتقين ﴾.
( التفسير١/٣٢٠-٣٢١ ح٩٣ عند تفسير هذه الآية من آل عمران ). وأخرجه أحمد( المسند١/٣٩٦ )، والطبري( التفسير ح ٧٦٦٢ )، وابن ابي حاتم( التفسير-آل عمران، ح ١٢٢٦ )، والبزار( كشف الأستار ح ٣٧٥ )، وابن حبان( الإحسان ٤/٣٩٧-٣٩٨ ح١٥٣٠ ). من طرق عن عاصم عن زر به. قال الهيثمي : رجال أحمد ثقات ليس فيهم غير عاصم بن أبي النجود، وهو مختلف في الاحتجاج به( مجمع الزوائد١/٣١٢ ). وحسن السيوطي إسناده( الدر المنثور٢/٦٥ )وكذا فعل محقق الإحسان، وتفسير النسائي. وصححه محقق المسند، ولعله إلى الحسن أقرب لأجل عاصم هذا ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ وما يفعلوا من خير فلن يكفروه ﴾يقول : لن يضل عنهم.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن محمد بن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال ﴿ المتقين ﴾أي الذين يحذرون من الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى ويرجون رحمته بالتصديق بما جاء منه.

قوله تعالى﴿ إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ﴾
انظر آية( ١٠ )من السورة نفسها.
قوله تعالى﴿ مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا انفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن انفسهم يظلمون ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله عز وجل :﴿ مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا ﴾قال : نفقة الكافر في الدنيا.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ ريح فيها صر ﴾برد.
وانظر سورة البقرة آية( ٢٠٥ و٢٦٤ ).
قوله تعالى﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا... ﴾
قال البخاري : حدثنا أصبغ، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن ابي سلمة، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان : بطانة تأمره بالمعروف وتحصنه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، فالمعصوم من عصم الله تعالى ".
( الصحيح١٣/٢٠١ ح٧١٩٨-ك الحكام، ب بطانة الإمام... ).
أخرج ابن ابي حاتم بسنده الحسن عن محمد بن إسحاق، عن ابن عباس قال : كان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من اليهود، لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية، فأنزل الله عز وجل ينهاهم عن مباطنتهم، وتخوفوا الفتنة عليهم منهم :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم ﴾إلى قوله﴿ وتؤمنون بالكتاب كله ﴾.
قال ابن أبي حاتم : حدثني أبي، حدثني أيوب بن محمد الوزان، ثنا عيسى بن يونس، عن أبي حيان التيمي، عن أبي الزنباع، عن أبي دهقانة، قال : قيل لعمر ابن الخطاب إن ها هنا غلاما من اهل الحيرة حافظا كاتبا، فلو اتخذته كاتبا، قال : قد اتخذت إذا بطانة من دون المؤمنين.
ورجاله ثقات تقدم ذكرهم في تفسير ابن حاتم وإسناده صحيح.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان قوله :﴿ لا يألونكم خبالا ﴾يقول : يضلونكم كما ضلوا فنهاهم أن يستدخلوا المنافقين دون المؤمنين او يتخذوهم أولياء.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله عز وجل :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ﴾في المنافقين من اهل المدينة. نهى الله عز وجل المؤمنين ان يتولوهم.
قوله تعالى﴿ قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم اكبر ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ قد بدت البغضاء من أفواههم ﴾يقول : قد بدت البغضاء من أفواه المنفقين إلى إخوانهم من الكفار، من غشهم للإسلام وأهله، وبغضهم إياهم.
وبه عن قتادة : قوله﴿ وما تخفي صدوركم أكبر ﴾يقول : وما تخفي صدوركم أكبر مما قد أبدوا بألسنتهم.
قوله تعالى﴿ ها انتم أولاء تحبونهم ولا يحبونهم وتؤمنون بالكتاب كله ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ها انتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله ﴾فوالله إن المؤمن ليحب المنافق ويأوي له ويرحمه. ولو ان المنافق يقدر على ما يقدر عليه المؤمن منه، لأباد خضراءه.
قوله تعالى﴿ وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ ﴾، إذا لقوا المؤمنين قالوا :﴿ آمنا ﴾، ليس بهم إلا مخافة على دمائهم وأموالهم، فصانعوهم بذلك﴿ وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ ﴾، يقول : مما يجدون في قلوبهم من الغيظ والكراهة لما عليه لو يجدون ريحا لكانوا على المؤمنين، فهم كما نعت الله عز وجل.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ الأنامل ﴾، أطراف الأصابع.
قوله تعالى﴿ إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها ﴾، فإذا رأوا من اهل الإسلام ألفة وجماعة وظهورا على عدوهم، غاظهم ذلك وساءهم، وإذا رأوا من أهل الإسلام فرقة واختلافا، أو أصيب طرف من أطراف المسلمين، سرهم ذلك وأعجبوا به وابتهجوا به فهم كلما خرج منهم قرن أكذب الله أحدوثته، وأوطأ محلته، وأبطل حجته، وأظهر عورته، فذاك قضاء الله فيمن مضى منهم وفيمن بقى إلى يوم القيامة.
قوله تعالى﴿ إذ همت طائفتان منكم ان تفشلا والله وليهما ﴾
قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال : قال عمرو : سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول :" فينا نزلت﴿ إذ همت طائفتان منكم ان تفشلا والله وليهما ﴾قال : نحن الطائفتان : بنو حارثة، وبنو سلمة. وما نحب-وقال سفيان مرة : وما يسرني-أنها لم تنزل، لقول الله :﴿ والله وليهما ﴾.
( الصحيح٨/٧٣ ح٤٥٥٨-ك التفسير، سورة آل عمران )، ومسلم في ( صحيحه٤/١٩٤٩-ك فضائل الصحابة، ب من فضائل الأنصار رضي الله عنهم ).
قوله تعالى﴿ وعلى الله فليتوكل المؤمنون ﴾
انظر الآية( ١٥ )من السورة نفسها.
قوله تعالى﴿ ولقد نصركم الله ببدر وانتم أذلة ﴾
قال أحمد : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سماك قال : سمعت عياضا الأشعري قال : شهدت اليرموك وعلينا خمسة أمراء : أبو عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان، وابن حسنة، وخالد بن الوليد، وعياض، وليس عياض هذا بالذي حدث سماكا، قال وقال عمر : إذا كان قتال فعليكم أبو عبيدة قال : فكتبنا إليه، إنه قد جاش إلينا الموت واستمددناه، فكتب إلينا انه قد جاءني كتابكم تستمدوني، وإني أدلكم على من هو أعز نصرا وأحضر جندا الله عز وجل فاستنصروه، فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد نصر يوم بدر في أقل من عدتكم فإذا أتاكم كتابي هذا فقاتلوهم ولا تراجعوني، قال فقاتلنهم فهزمناهم وقتلناهم أربع فراسخ، قال : وأصبنا أموالا، فتشاوروا، فأشار علينا عياض ان نعطي عن كل رأس عشرة، قال : وقال أبو عبيدة : من يراهنني. فقال شاب : أنا إن لم تغضب، قال : فسبقه، فرأيت عقيصتي أبي عبيدة تنقزان وهو خلفه على فرس عربي.
( المسند رقم٣٤٤ )وصححه احمد شاكر ومحققو المسند بإشراف أ. د. عبد الله التركي( ١/٤٢٢ ح٣٤٤ )وذكره ابن كثير في تفسيره وعزاه لابن حبان والضياء. وقال : وهذا إسناد صحيح ( التفسير٢/٩٣ ). وأخرجه ابن حبان من طريق محمد بن جعفر به وحسنه شعيب الأرناءوط( ١١/ ٨٣-٨٤ ح٤٧٦٦ ). وقال الهيثمي : رواه احمد ورجاله رجال الصحيح( مجمع الزوائد ٦/٢١٣ ).
العقيصة : الشعر المعقوص وهو نحو من المضفور، وأصل العقص : اللي وإدخال أطراف الشعر في أصوله. ( النهاية لابن الأثير٣/٢٧٥ ).
وانظر حديث البراء في صحيح البخاري عند الآية( ٢٤٧ )سورة البقرة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ من فورهم هذا ﴾، يقول : من وجههم هذا.
قوله تعالى﴿ ويأتوكم من فورهم هذا ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ ويأتوكم من فورهم هذا ﴾قال : غضب لهم، يعني الكفار، فلم يقاتلوهم عن تلك الساعة، وذلك يوم أحد.
قوله تعالى﴿ يممدكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح مجاهد في قوله :﴿ بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ﴾، يقول : معلمين، مجزوزة أذناب خيلهم، ونواصيها-فيها الصوف أو العهن. وذلك التسويم.
قوله تعالى﴿ وما جعله الله إلا بشرى لكم ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ وما جعله الله إلا بشرى لكم ﴾يقول : إنما جعلهم ليستبشروا بهم وليطمئنوا إليهم، ولم يقاتلوا معهم يومئذ يعني يوم احد قال مجاهد : ولم يقاتلوا معهم يومئذ ولا قبله ولا بعده إلا يوم بدر.
قوله تعالى﴿ ليقطع طرفا من الذين كفروا او يكبتهم فينقلبوا خائبين ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ أو يكبتهم ﴾، يقول : يخزيهم﴿ فينقلبوا خائبين ﴾.
قوله تعالى﴿ ليس لك من المر شئ أو يتوب عليهم او يعذبهم فإنهم ظالمون ﴾.
قال مسلم : حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب. حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت، عن انس ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم احد. وشج في رأسه. فجعل يسلت الدم عنه ويقول :" كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله ؟ ّفأنزل الله عز وجل﴿ ليس لك من الأمر شئ ﴾.
( الصحيح٣/١٤١٧ ح١٧٩١-ك الجهاد والسير، ب غزوة أحد ).
قال البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد ان يدعو على احد او يدعو لأحد قنت بعد الركوع فربما قال إذا قال سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد :" اللهم انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها سنين كسني يوسف. يجهر بذلك. وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر : اللهم العن فلانا وفلانا :-لأحياء من العرب-حتى انزل الله﴿ ليس لك من الأمر شئ ﴾الآية. ( صحيح البخاري٨/٧٤ ح٤٥٦٠-ك التفسير، سورة آل عمران )، ( وصحيح مسلم ١/٤٦٦-ك المساجد ومواضع الصلاة، ب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة نحوه ).
قوله تعالى﴿ ولله ما في السموات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم ﴾
انظر تفسير آخر سورة البقرة آية( ٢٨٤ ).
قوله تعالى﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله عز وجل :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ﴾قال : ربا الجاهلية.
وانظر سورة البقرة آية( ٢٧٥-٢٧٩ ).
قوله تعالى﴿ واتقوا النار التي أعدت للكافرين ﴾
قال البخاري : حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي قال : حدثني الأعمش، قال : حدثني خيثمة، عن عدي بن حاتم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :" ما منكم من احد إلا وسيكلمه الله يوم القيامة ليس بين الله وبينه ترجمان، ثم ينظر فلا يرى شيئا قدامه، ثم ينظر بين يديه فتستقبله النار، فمن استطاع منكم ان يتقي النار ولو بشق تمرة ".
( الصحيح١١/٤٠٨ ح٦٥٣٩-ك الرقائق، ب من نوقش الحساب عذب )، ( وصحيح مسلم٢/٧٠٣-٧٠٤-ك الزكاة، ب الحث على الصدقة ).
وانظر سورة البقرة آية( ٢٤ ).
قوله تعالى﴿ وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ﴾
انظر سورة آل عمران آية( ٢٣ ).
قوله تعالى﴿ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ﴾
انظر حديث مسلم عن أبي هريرة الآتي عند الآية( ٢١ )من سورة التوبة.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي، ثنا وكيع عن سعدان الجهني، عن سعد أبي مجاهد الطائي، عن أبي مدله، عن أبي هريرة قال : قلنا : يا رسول الله اخبرنا عن الجنة ما بناؤها ؟ قال :" لبنة من فضة ولبنة من ذهب، ملاطها المسك الأذفر، حصباؤها الياقوت واللؤلؤ، ومزاجها الورس والزعفران من يدخلها يخلد فلا يموت وينعم، لا يبؤس لا يبلى شبابهم ولا تحرق ثيابهم ".
( التفسير-آل عمران آية ١٣٣ ح١٤٢٣ ). وأخرجه احمد( المسند٢/٣٠٤-٣٠٥ )، وابن حبان في صحيحه( الإحسان١٦/٣٩٦ ح٧٣٨٧ )كلاهما من طريق زهير بن معاوية عن سعد الطائي بنحوه مطولا، وفيه الشاهد. قال أحمد شاكر : إسناده صحيح( المسند ح٨٠٣٠ ). وأخرجه بنحو حديث ابن ابي حاتم، أحمد( المسند٢/٣٦٢ )، والطبراني في الوسط( -كما في المجمع-والبزار في مسنده )، وأبو نعيم في( صفة الجنة ح١٣٧ )من طرق عن عمران القطان، عن قتادة، عن العلاء بن زياد عن أبي هريرة به. قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح( مجمع الزوائد١٠/٣٩٦ ). وللحديث شاهد عن أبي سعيد موقوفا عليه، ذكره الهيثمي في ( مجمع الزوائد١٠/٣٩٧ )وعزاه للبزار والطبراني في الوسط وقال : رجال الموقوف رجال الصحيح، وأبو سعيد لا يقول هذا إلا بتوقيف.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى﴿ وجنة عرضها السموات والأرض ﴾يعني عرضها كعرض السموات والأرض كما بينه قوله تعالى : في سورة الحديد﴿ سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ﴾. وآية آل عمران هذه تبين ان المراد بالسماء في آية الحديد جنسها الصادق بجميع السموات كما هو ظاهر.
قال ابن حبان اخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قال : أخبرنا المخزومي، قال حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال : حدثنا عبيد الله بن عبد الله الأصم، قال : حدثنا يزيد الأصم. عن أبي هريرة، قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : يا محمد أرأيت جنة عرضها السماوات والأرض فأين النار ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" أرأيت هذا الليل قد كان ثم ليس شئ أين جعل ؟ " قال :" فإن الله يفعل ما يشاء ".
( الصحيح ح ١٠٣ )وأخرجه الحاكم من طريق الأصم عن أبي هريرة وقال : حديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه ولا أعلم له علة ووافقه الذهبي( المستدرك١/٣٦ )وذكره الهيثمي وقال : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح( مجمع الزوائد٦/٣٢٧ ). وله شاهد رواه احمد ( المسند ٣/٤٤١ )، والطبري( التفسير رقم ٨٧٣١ )من حديث سعيد بن أبي راشد وفيه تسمية الرجل السائل وهو : هرقل. وذكره ابن كثير وقال : إسناده لا بأس به( البداية والنهاية( ٥/١٦، ١٥ ).
قوله تعالى﴿ الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ﴾، قوم أنفقوا في العسر واليسر، والجهد والرخاء، فمن استطاع أن يغلب الشر بالخير فليفعل، ولا قوة غلا بالله. فنعمت والله يا ابن آدم، الجرعة تجترعها من صبر وأنت مغيظ، وأنت مظلوم.
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ".
( الصحيح١٠/٥٣٥ ح٦١١٤-ك الأدب، ب الحذر من الغضب )، وأخرجه مسلم( الصحيح ٤/٢٩٤ ح٢٦٠٩ ).
وانظر حديث سليمان بن صرد في الصحيحين في تفسير الاستعاذة.
وانظر سورة البقرة آية( ١٧٧ ).
قال البخاري : حدثنا يحيى بن يوسف أخبرنا أبو بكر-هو ابن عياش-عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني. قال :" لا تغضب ". فردد مرارا، قال :" لا تغضب ".
( الصحيح١٠/٥٣٥ ح٦١١٦-ك الأدب، ب الحذر من الغضب ).
قال ابن ماجة : حدثنا حرملة بن يحيى، ثنا عبد الله بن وهب، حدثني سعيد ابن ابي أيوب عن أبي مرحوم، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن ابيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" من كظم غيظا، وهو قادر على ان ينفذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره في أي الحور شاء ".
( السنن-الزهد، باب الحلم ح ٤١٨٦ ). أخرجه أبو داود والترمذي من طريق سعيد بن ابي أيوب به نحوه، وقال الترمذي : حديث حسن غريب( السنن-الأدب، ٤/٤٤٨ )، ( السنن، باب كظم الغيظ )، وقال الألباني : حسن( صحيح ابن ماجة٢/٤٠٧ ). وذكره ابن كثير( ٢/١٠٢ ).
قال ابن ماجة : حدثنا زيد بن اخزم، ثنا بشر بن عمر، ثنا حماد بن سلمة، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن ابن عمر، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما من جرعة أعظم أجرا عند الله، من جرعة غيظ، كظمها عبد ابتغاء وجه الله ".
( السنن( ٢/١٤. ١ ح٤١٨٩-ك الزهد، ب الحلم، وأخرجه احمد( المسند ح ٦١١٦ )من طريق سالم عن ابن عمر به. وصححه احمد شاكر. قال البوصيري : إسناده صحيح رجاله ثقات( مصباح الزجاجة٣/٢٩١ )، وقال العراقي : رواه ابن ماجه بإسناد جيد( تخريج الإحياء٤/١٨١٠ )، وحسنه السيوطي ( الدر المنثور٢/٣١٧ )، وصححه الألباني( صحيح ابن ماجة ح ٣٣٧٧ ).
قوله تعالى﴿ والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ﴾
قال الترمذي : حدثنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة عن علي بن ربيعة عن أسماء بن الحكم الفزاري قال : سمعت عليا يقول : إني كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني به، وإذا حدثني رجل من أصحابه استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وإنه حدثني أبو بكر، وصدق أبو بكر، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" ما من رجل يذنب ذنبا، ثم يقوم فيتطهر، ثم يصلي، ثم يستغفر الله، إلا غفر الله له. ثم قرأ هذه الآية :﴿ والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفر لذنوبهم، ومن يغفر الذنوب إلا الله، ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ﴾.
( السنن٢/٢٥٧-٢٥٨ ح٤٠٦-ك الصلاة، ب ما جاء في الصلاة عند التوبة )وقال : حديث حسن. وأخرجه أبو داود( ٢/٨٦ ح١٥٢١-ك الصلاة، ب في الاستغفار )من طريق مسدد عن أبي عوانة به، وأخرجه ابن ماجة( ١/٤٤٦ ح١٣٩٥-ك إقامة الصلاة، ب ما حاء أن الصلاة كفارة )من طريق مسعر وسفيان عن عثمان بن المغيرة به. وأخرجه ابن حبان في صحيحه( الإحسان٢/٣٨٩ ح٦٢٣ ) من طريق الفضل بن الحباب عن مسدد به. قال محققه : إسناده حسن. وأخرجه الضياء المقدسي ( المختارة١/٨٣-٨٧ ح٩-١١ )من طرق عن عثمان بن المغيرة به، وصحح محققه إسناده في المواضع كلها ). وقال ابن كثير : حديث حسن( التفسير١/٤٠٧ ). وقال ابن حجر : جيد الإسناد( تهذيب التهذيب ١/٢٦٨ )، وصححه أحمد شاكر في تحقيقه لسنن الترمذي. وصححه الألباني في( صحيح الجامع برقم ٥٧٣٨ ).
قال مسلم : حدثني عبد الأعلى بن حماد، حدثنا حماد بن سلمة، عن إسحاق ابن عبد الله بن أبي طلحة، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال :" أذنب عبد ذنبا. فقال : اللهم ! اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب. فقال : أي رب ! اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى : عبدي أذنب ذنبا. فعلم ان له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال : أي رب ! اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا. فعلم أن له ربا يغفر الذنب. اعمل ما شئت فقد غفرت لك ".
قال عبد الأعلى : لا أدري أقال في الثالثة او الرابعة " اعمل ما شئت ".
( الصحيح٤/٢١١٢ ح٢٧٥٨-ك التوبة، ب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت... ).
قال أحمد : حدثنا يزيد، أخبرنا حريز، حدثنا حبان الشرعبي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال وهو على المنبر :" ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر الله لكم، ويل لأقماع القول، ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون ".
( المسند ح٦٥٤١ )وصححه احمد شاكر. وقال المنذري : رواه احمد بإسناد جيد( الترغيب٣/١٥٥ )، وكذا العراقي، وصححه السيوطي في( الجامع الصغير١/٤٧٥ )، وعزاه الهيثمي لأحمد والطبراني وقال : ورجاله رجال الصحيح غير حبان بن يزيد الشرعبي ووثقه ابن حبان( مجمع الزوائد ١٠ /١٩١ )وصححه الألباني( صحيح الجامع١/٣٠٨ ).
قوله تعالى﴿ أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم اجر العاملين ﴾
انظر سورة البقرة آية( ٢٥ ).
قوله تعالى﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ﴾
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ قد خلت من قبلكم سنن ﴾يقول : في الكفار والمؤمنين، والخير والشر.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ﴾، يقول : متعهم في الدنيا قليلا، ثم صيرهم إلى النار.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ هذا بيان للناس ﴾، وهو هذا القرآن، وجعله الله بيانا للناس عامة، وهدى وموعظة للمتقين خصوصا.
قوله تعالى﴿ ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون عن كنتم مؤمنين ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ﴾، يعزي أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كما تسمعون، ويحثهم على قتال عدوهم، وينهاهم عن العجز والوهن في طلب عدوهم في سبيل الله.
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله عز وجل :﴿ ولا تهنوا ﴾ولا تضعفوا.
قوله تعالى﴿ إن يمسسكم قرح فقد مس قوم قرح مثله ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى﴿ إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله ﴾المراد بالقرح الذي مس المسلمين هو ما أصابهم يوم أحد من القتل والجراح كما أشار له تعالى في هذه السورة الكريمة في مواضع متعددة كقوله﴿ ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ﴾وقوله﴿ ويتخذ منكم شهداء ﴾الآية. وقوله :﴿ حتى إذا فشلتم وتنازعتم في المر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ﴾، وقوله :﴿ إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم ﴾، ونحو ذلك من الآيات. وأما المراد بالقرح الذي مس القوم المشركين، فيحتمل انه هو ما أصابهم يوم بدر من القتل والأسر، وعليه فإليه الإشارة بقوله :﴿ إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان. ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ﴾، ويحتمل أيضا انه هزيمة المشركين اولا يوم احد كما سيأتي قريبا عن شاء الله تعالى وقد أشار إلى القرحين معا بقوله :﴿ أو لما أصابكم مصيبة قد أصبتم مثليها ﴾.
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله ﴾ قال : جراح وقتل.
قوله تعالى :﴿ وتلك الأيام نداولها بين الناس ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ وتلك الأيام نداولها بين الناس ﴾إنه والله لولا الدول ما أوذي المؤمنون، لكن يدال للكافر من المؤمن، ويبتلى المؤمن بالكافر، ليعلم الله من يطيعه ممن يعصيه، ويعلم الصادق من الكاذب.
قوله تعالى :﴿ وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء ﴾، فكرم الله أولياءه بالشهادة بأيدي عدوهم، ثم تصير حواصل الأمور وعواقبها لهل طاعة الله.
قوله تعالى﴿ وليمحص الله الذين آمنوا ﴾
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :{ وليمحص الله الذين آمنوا قال : ليبتلي.
قوله تعالى﴿ أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : أنكر الله في هذه الآية على من ظن أنه يدخل الجنة دون ان يبتلى بشدائد التكاليف التي يحصل بها الفرق بين الصابر المخلص في دينه وبين غيره وأوضح هذا المعنى في آيات متعددة كقوله :﴿ أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ﴾، وقوله :﴿ أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعلمون ﴾، وقوله :﴿ الم أحسب الناس أن يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ﴾
قوله تعالى﴿ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات او قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ﴾
قال البخاري : حدثنا بشر بن محمد قال أخبرنا عبد الله قال : أخبرني معمر ويونس عن الزهري قال اخبرني ابو سلمة ان عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلمة أخبرته قالت : أقبل أبو بكر رضي الله عنه على فرسه من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة رضي الله عنها، فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم- وهو مسجى ببرد حبرة-فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله، ثم بكى فقال : بأبي انت وأمي يا نبي الله، لا يجمع الله عليك موتتين : اما الموتة التي كتبت عليك فقد متها. قال ابو سلمة : فأخبرني ابن عباس رضي الله عنهما ان ابا بكر رضي الله عنه خرج وعمر رضي الله عنه يكلم الناس، فقال : اجلس، فأبى. فقال : اجلس، فأبى، فتشهد أبو بكر رضي الله عنه، فمال إليه الناس وتركوا عمر، فقال : أما بعد فمن كان منكم يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، قال الله تعالى﴿ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ﴾فوالله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون ان الله انزل الآية حتى تلاها أبو بكر رضي الله عنه، فتلقاها منه الناس، فما يسمع بشر إلا يتلوها.
( الصحيح٣/١٣٦-١٣٧ ك الجنائز- ب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في أكفانه ح / ١٢٤٢، ١٢٤١ ).
قوله تعالى﴿ ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ﴾
هذه الآية مقيدة بمشيئة الله تعالى وإرادته المذكورة في قوله تعالى﴿ من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ﴾الإسراء : ١٨. كما سيأتي تفصيله في سورة هود آية( ١٥ ).
قوله تعالى﴿ وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن ابي طلحة عن ابن عباس قال :﴿ قاتل معه ربيون كثير ﴾جموع.
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا أبو نعيم، عن سفيان، عن عاصم، عن زر عن عبد الله :﴿ وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير ﴾قال : ألوف.
ورجاله ثقات إلا عاصما صدوق وإسناده حسن.
قوله تعالى﴿ فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا ﴾يقول : ما عجزوا وما اتضعوا لقتل نبيهم﴿ وما استكانوا ﴾يقول : ما ارتدوا عن بصيرتهم ولا عن دينهم، بل قاتلوا على ما قاتل عليه نبي الله حتى لحقوا بالله.
قوله تعالى﴿ وما كان قولهم إلا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين ﴾
قال الطبري : حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا ابو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس في قول الله﴿ وإسرافنا في أمرنا ﴾قال : خطايانا.
ورجاله ثقات وإسناده صحيح.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ وما كان قولهم إلا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا ﴾، فقرأ حتى بلغ﴿ والله يحب المحسنين ﴾، إي والله، لآتاهم الله الفتح والظهور والتمكين والنصر على عدوهم في الدنيا﴿ وحسن ثواب الآخرة ﴾، يقول : حسن الثواب في الآخرة، هي الجنة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٤٧:قوله تعالى﴿ وما كان قولهم إلا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين ﴾
قال الطبري : حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا ابو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس في قول الله﴿ وإسرافنا في أمرنا ﴾قال : خطايانا.
ورجاله ثقات وإسناده صحيح.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ وما كان قولهم إلا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا ﴾، فقرأ حتى بلغ﴿ والله يحب المحسنين ﴾، إي والله، لآتاهم الله الفتح والظهور والتمكين والنصر على عدوهم في الدنيا﴿ وحسن ثواب الآخرة ﴾، يقول : حسن الثواب في الآخرة، هي الجنة.

قوله تعالى﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين. بل الله مولاكم وهو خير الناصرين ﴾
انظر آية( ٢٨ )من السورة نفسها.
وأما الآية( ١٥٠ )فبيانها في قوله تعالى﴿ إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون ﴾سورة آل عمران : ١٦٠.
قوله تعالى﴿ سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ﴾
قال البخاري : حدثنا محمد بن سنان قال حدثنا هشيم. ح. قال : وحدثني سعيد بن النضر قال اخبرنا هشيم قال أخبرنا سيار قال حدثنا يزيد-هو ابن صهيب الفقير-قال : أخبرنا جابر بن عبد الله ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : أعطيت خمسا لم يعطهن احد قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة ".
( الصحيح١/٥١٩ح٣٣٥-ك التيمم )، وأخرجه مسلم( الصحيح١/٣٧٠ح٥٢١ ).
قوله تعالى﴿ ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون ﴾
أخرج الطبري : حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن ابي إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال : لقينا المشركين يومئذ، واجلس النبي صلى الله عليه وسلم جيشا من الرماة، وأمر عليهم عبد الله وقال :" لا تبرحوا، إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا ". فلما لقينا هربوا، حتى رأيت النساء يشتددن في الحبل، رفعن عن سوقهن قد بدت خلاخلهم فأخذوا يقولون : الغنيمة الغنيمة. فقال عبد الله : عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم ان لا تبرحوا فأبوا، فلما أبوا صرف وجوههم، فأصيب سبعون قتيلا. وأشرف أبو سفيان فقال أفي القوم محمد ؟ فقال :" لا تجيبوه " فقال لأفي القوم ابن أبي قحافة ؟ قال :" لا تجيبوه " فقال : أفي القوم ابن الخطاب ؟ فقال : عن هؤلاء قتلوا، فلو كانوا احياء لأجابوا. فلم يكن عمر نفسه فقال : كذبت يا عدو الله أبقى الله عليك ما يخزي. قال أبو سفيان : اعل هبل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قال أجيبوه قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا الله أعلى واجل قال أبو سفيان : لنا العزى ولا عزى لكم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أجيبوه قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم قال أبو سفيان يوم بيوم بدر، والحرب سجال، وتجدون مثله لم آمر بها ولم تسؤني.
( الصحيح٧/٤٠٥ح٤٠٤٣-ك المغزي- ب غزوة أحد ).
قوله تعالى﴿ منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ﴾
قال ابن أبي شيبة : حدثنا احمد بن الفضل، ثنا أسباط، عن السدي، عن عبد خير، عن عبد الله رضي الله عنه قال : ما كنت أرى ان أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا، حتى نزل ﴿ منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ﴾.
( المطالب العالية-المسندة( ق ١٣٢/أ ). وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره( ٢/٦٠٥ ح١٦٤٩ ) والطبري( ٤/١٣٠ )، والطبراني في الوسط( ٢/٢٣٧ ح١٤٢١ )من طرق عن احمد بن المفضل به. وهذا الإسناد فيه أسباط بن نصر، وهو( صدوق كثير الخطأ يغرب )، كما قاله ابن حجر رحمه الله ( التقريب ص٩٨ ). ولكن لم ينفرد بروايته لهذا الأثر، بل روي من طريق آخر عن ابن مسعود، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده( ١/٤٦٣ )ضمن حديث طويل في قصة احد، من طريق : حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب، عن الشعبي، عن ابن مسعود. وعطاء وإن كان قد اختلط، إلا ان رواية حماد عنه قبل الاختلاط، وباقي رجال الإسناد ثقات، فيكون الحديث بمجموع هذين الطريقين حسنا عن شاء الله. وقد حسن إسناده الحافظ العراقي في تخريجه للإحياء( ٤/٢١٩ )، وقال الهيثمي-بعد أن عزاه للطبراني واحمد- : ورجال الطبراني ثقات( مجمع الزوائد٦/٣٢٧-٣٢٨ ). وصحح إسناده السيوطي( الدر المنثور٢/٨٦ ). وانظر : تخريج الحديث والكلام عليه في حاشية ابن أبي حاتم.
قوله تعالى﴿ إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم ﴾
قال البخاري : حدثنا عمرو بن خالد حدثنا زهير حدثنا ابو إسحاق قال : سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : جعل النبي صلى الله عليه وسلم على الرجالة يوم احد عبد الله بن جبير، وأقبلوا منهزمين، فذاك : إذ يدعوهم الرسول في أخراهم، ولم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم غير اثني عشر رجلا.
( الصحيح٨/٧٥ ك التفسير- سورة آل عمران- ح/٤٥٦١ ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال : انحازوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلوا يصعدون في الجبل، والرسول يدعوهم في أخراهم.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن قتادة :﴿ غما بغم ﴾قال : الغم الأول : الجراح والقتل، والغم الآخر : حين سمعوا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل فأنساهم الغم الأخير ما أصابهم من الجراح والقتل وما كانوا يرجون من الغنيمة.
قوله تعالى﴿ ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم انفسهم ﴾
قال ابن كثير : يقول تعالى ممتنا على عباده فيما انزل عليهم من السكينة والأمنة وهو النعاس الذي غشيهم وهم مشتملون السلاح في حال همهم وغمهم والنعاس في مثل تلك الحال دليل على المنة كما قال في سورة الأنفال في قصة بدر﴿ إذ يغشيكم النعاس أمنة منه ﴾الآية.
قال البخاري : حدثني إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن أبو يعقوب حدثنا حسين بن محمد حدثنا شيبان عن قتادة حدثنا انس ان ابا طلحة قال : غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم احد، قال : فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط وآخذه.
( الصحيح٨/٧٦ ح٤٥٦٢-ك التفسير-سورة آل عمران ).
قال الترمذي : حدثنا عبد بن حميد، حدثنا روح بن عبادة، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن انس، عن أبي طلحة قال : رفعت رأسي يوم أحد فجعلت انظر، وما منهم يومئذ احد إلا يميد حجفته من النعاس، فذلك قوله عز وجل :﴿ ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ﴾.
حدثنا عبد بن حميد. حدثنا روح بن عبادة عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير مثله. قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح.
( سنن الترمذي٥/٢٢٩ ح٣٠٠٧-ك التفسير، ب سورة آل عمران )، وأخرجه الحاكم ( المستدرك ٢/٢٩٧ )وصححه ووافقه الذهبي. وأخرجه المقدسي( المختارة٣/٦٢ ح٨٦٦ )من طريق الترمذي به، وصححه الألباني في ( صحيح سنن الترمذي ).
قال ابن أبي حاتم أبو سعيد الأشج، ثنا أبو نعيم ووكيع، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي رزين، عن عبد الله بن مسعود قال : النعاس في القتال من الله وفي الصلاة من الشيطان. ورجاله ثقات إلا عاصما صدوق وإسناده حسن.
قوله تعالى﴿ وطائفة قد أهمتهم انفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية ﴾
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن ابن إسحاق عن ابن عباس قال : معتب الذي قال يوم احد : لو كان لنا من المر شئ ما قتلنا هاهنا، فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم :﴿ وطائفة قد أهمتهم انفسهم يظنون بالله ﴾إلى آخر القصة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال : والطائفة الأخرى المنافقون، ليس لهم هم غلا انفسهم، وأجبن قوم وأرعبه وأخذله للحق، ويظنون بالله غير الحق ظنونا كاذبة، إنما هم شك وريبة في امر الله :﴿ يقولون : لو كان لنا من الأمر شئ ما قتلنا ههنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله :﴿ ظن الجاهلية ﴾قال : ظن اهل الشرك.
قوله تعالى﴿ لو كان لنا من المر شئ ما قتلنا هاهنا ﴾
قال الضياء المقدسي : أخبرنا ابو هاشم الحسين بن محمد علي الحربادقاني-بأصفهان-أن محمد بن احمد بن محمد الباغبان اخبرهم-قراءة عليه-انا ابو الحسين احمد بن عبد الرحمن الذكواني، انا ابو بكر أحمد بن مردويه الحافظ، ثنا دعلج بن احمد، ثنا عبد الله بن الحسن الحراني، ثنا ابو جعفر النفيلي، ثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير قال : والله إني لأسمع قول معتب بن قشير أخي بني عمرو بن عوف، والنعاس يغشاني ما اسمعه غلا كالحلم حين قال :﴿ لو كان لنا من الأمر شئ ما قتلنا هاهنا ﴾.
( المختارة٣/٦٠ ح٨٦٤ ). وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق به، وبينت ان إسناده حسن( التفسير٢/٦٢٠ ح١٦٩٧ ).
قوله تعالى﴿ إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان غنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور رحيم ﴾
قال البخاري : حدثنا عبدان اخبرنا ابو حمزة عن عثمان بن موهب قال : جاء رجل حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال : من هؤلاء القعود ؟ قالوا : هؤلاء قريش. قال : من الشيخ ؟ قالوا : ابن عمر. فأتاه فقال : إني سائلك عن شئ أتحدثني ؟ قال أنشدك بحرمة هذا البيت، أتعلم ان عثمان بن عفان فر يوم احد ؟ قال : نعم، قال : فتعلمه تغيب عن بدر فلم يشهدها ؟ قال : نعم. قال : فتعلم انه تخلف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها ؟ قال : نعم. قال : فكبر. قال ابن عمر : تعال لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه : أما فراره يوم احد فأشهد ان الله عفا عنه.
وأما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :" إن لك اجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه ". وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فإنه لو كان احد اعز ببطن مكة من عثمان بن عفان لبعثه مكانه فبعث عثمان وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة، فقال : النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى :" هذه يد عثمان "، فضرب بها على يده فقال :" هذه لعثمان ". اذهب بهذا الآن معك.
( الصحيح٧/٤٢١-ك المغازي، ب الآية نفسها ح/٤٠٦٦ ).
قوله تعالى﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض او كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم... ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر في هذه الآية الكريمة ان المنافقين إذا مات بعض إخوانهم يقولون لو أطاعونا فلم يخرجوا إلى الغزو ما قتلوا، ولم يبين هنا هل يقولون لهم ذلك قبل السفر إلى الغزو ليثبطوهم اولا ؟ ونظير هذه الآية : قوله تعالى :﴿ الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا ﴾ ولكنه بين في آيات أخر انهم يقولون لهم ذلك قبل الغزو ليثبطوهم كقوله﴿ وقالوا لا تنفروا في الحر ﴾الآية. وقوله﴿ قد يعلم المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ﴾وقوله﴿ وإن منكم لمن ليبطئن ﴾إلى غير ذلك من الآيات.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي :﴿ وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض ﴾أما إذا ضربوا في الأرض فهي التجارة.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ في قلوبهم ﴾، قال : يخزيهم قولهم، لا ينفعهم شيئا.
قوله تعالى﴿ ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ولئن متم او قتلتم لإلى الله تحشرون ﴾
انظر آية( ١٦٩-١٧١ )من السورة نفسها، وانظر سورة البقرة آية( ١٥٤ ).
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٥٧:قوله تعالى﴿ ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ولئن متم او قتلتم لإلى الله تحشرون ﴾
انظر آية( ١٦٩-١٧١ )من السورة نفسها، وانظر سورة البقرة آية( ١٥٤ ).

قوله تعالى﴿ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في المر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحي المتوكلين ﴾
انظر سورة التوبة آية( ١٢٨ )وتفسيرها.
قال ابن ماجة : حدثنا ابو بكر بن ابي شيبة، ثنا يحيى بن أبي بكير، عن شيبان، عن عبد الملك بن عمير، عن ابي سلمة، عن أبي هريرة، قال : قال رسول اله صلى الله عليه وسلم :" المستشار مؤتمن ".
( السنن ح٣٧٤٥-ك الأدب، ب المستشار مؤتمن )أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي من طريق عبد الملك بن عمير به نحوه، وحسنه الترمذي( انظر تفسير ابن كثير٢/١٢٩ )وقال الألباني : صحيح( صحيح ابن ماجة٢/٣٠٨ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ فإذا عزمت فتوكل على الله ﴾أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم إذا عزم على أمر ان يمضي فيه، ويستقيم على امر الله ويتوكل على الله.
قوله تعالى﴿ وما كان لنبي ان يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة... ﴾
قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن عمرو عن سالم بن ابي الجعد عن عبد الله بن عمرو قال : كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة، فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" هو في النار "، فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها.
قال أبو عبد الله قال ابن سلام : كركرة يعني بفتح الكاف، وهو مضبوط كذا.
( صحيح البخاري٦/٢١٦ ح٣٠٧٤-ك الجهاد، ب القليل من الغلول ). ثقل : يقال لكل خطير نفيس ( النهاية لابن الأثير١/٢١٦ ).
وقال البخاري : حدثنا أبو اليمان اخبرنا شعيب عن الزهري قال اخبرني عروة عن ابي حميد الساعدي انه اخبره ان رسول الله صلى اله عليه وسلم استعمل عاملا فجاءه العامل حين فرغ من عمله فقال : يا رسول الله، هذا لكم، وهذا أهدي لي. فقال له :" أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدى لك ام لا ؟ ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية بعد الصلاة فتشهد وأنثى على الله بما هو أهله ثم قال :" اما بعد فما بال العامل نستعمله، فيأتينا فيقول : هذا من عملكم وهذا اهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فنظر هل يهدى له ام لا ؟ فو الذي نفس محمد بيده، لا يغل أحدكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه : إن كان بعيرا جاء به له رغاء، وغن كانت بقرة جاء بها لها خوار، وإن كانت شاة جاء بها تيعر. فقد بلغت. فقال أبو حميد : ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده حتى إنا لننظر إلى عفرة إبطيه. قال أبو حميد : وقد سمع ذلك معي زيد بن ثابت من النبي صلى الله عليه وسلم فسلوه.
( الصحيح١١/٥٣٢ ح٦٦٣٦-ك الأيمان والنذور، ب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم ).
قال البخاري : حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن أبي حيان قال : حدثني ابو زرعة قال : حدثني ابو هريرة رضي الله عنه قال : قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الغلول فعظمه وعظم امره، قال :" لا ألفين أحدكم يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة، يقول : يا رسول الله أغثني، فأقول : لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك. وعلى رقبته صامت فيقول : يا رسول الله أغثني، فأقول : لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك. أو على رقبته رقاع تخفق، فيقول : يا رسول الله أغثني، فأقول : لا املك لك شيئا قد أبلغتك. وقال أيوب عن أبي حيان فرس له حمحمة ".
( الصحيح٦/٢١٤-٢١٥-ك الجهاد والسير، ب الغلول وقول الله عز وجل( الآية ح٣٠٧٣ ).
قال البخاري : حدثنا إسماعيل قال : حدثني مالك عن ثور بن زيد الديلي عن أبي الغيث مولى ابن مطيع عن ابي هريرة، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر فلم نغنم ذهبا ولا فضة إلا الأموال والثياب والمتاع فأهدى رجل من بني الضبيب، يقال له فارعة بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما يقال له مدعم، فوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى حتى إذا كان بوادي القرى بينما مدعم يحط رحلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سهم عائر فقتله، فقال الناس هنيئا له الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" كلا والذي نفسي بيده، إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا، فلما سمع ذلك الناس جاء رجل بشراك او شراكين إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : شراك من نار او شراكان من نار.
( الصحيح١١/٦٠٠ ح٦٧٠٧-ك الأيمان والنذور، ب هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم والزر وع والمتعة ). وأخرجه مسلم في( صحيحه١/١٠٨ ح١٨٣-ك الإيمان، ب غلظ تحريم الغلول ).
قال مسلم : حدثنا ابو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع بن الجراح، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عدي بن عميرة الكندي، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" من استعملناه منكم على عمل، فكتمنا مخيطا فما فوقه، كان غلولا يأتي به يوم القيامة. قال : فقام إليه رجل اسود، من الأنصار. كأني انظر إليه. فقال : يا رسول الله ! اقبل عني عملك. قال ومالك ؟. قال : سمعتك تقول كذا وكذا. قال : و انا أقوله الآن : من استعملناه منكم على عمل فليجئ بقليله وكثيره. فما أوتي منه اخذ، وما نهي عنه انتهى.
( الصحيح٣/١٤٦٥ ح١٨٣٣-ك الإمارة، ب تحريم هدايا العمال ).
قال مسلم : حدثني زهير بن حرب، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا عكرمة بن عمار، قال : حدثني سماك الحنفي، أبو زميل، قال : حدثني عبد الله بن عباس، قال : حدثني عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم خيبر أقبل نفر من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : فلان شهيد، فلان شهيد، حتى مروا على رجل فقالوا : فلان شهيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" كلا، إني رأيته في النار، في بردة غلها، او عباءة ". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يا ابن الخطاب ! اذهب فناد في الناس : إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون ". قال فخرجت فناديت : ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون ".
( الصحيح١/١٠٧-١٠٨ ح١١٤-ك الإيمان، ب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه ).
قال الدارمي : حدثنا محمد بن عيينة ثنا ابو إسحاق الفزاري عن عبد الرحمن ابن عياش عن سليمان بن موسى عن ابي سلام عن أبي امامة الباهلي عن عبادة بن الصامت ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول :" أدوا الخياط والمخيط وإياكم والغلول، فإنه عار على أهله يوم القيامة ".
( السنن٢/٢٢٩_٢٣٠- السير، ب ما جاء أنه قال : أد الخياط والمخيط(. وأخرجه احمد( المسند ٥/٣١٣ )من طريق ابي إسحاق الفزاري بإسناده نحوه، وابن حبان في صحيحه( الموارد رقم١٩٣ ) والحاكم( المستدرك٣/٤٩ )وسكت هو والذهبي. قال الألباني : إسناد حسن رجاله كلهم ثقات. ( السلسلة الصحيحة٢/٧١٧ ).
قال الترمذي : حدثنا قتيبة. حدثنا عبد الواحد بن زياد. عن خصيف حدثنا مقسم قال : قال ابن عباس : نزلت هذه الآية﴿ ما كان لنبي ان يغل ﴾في قطيفة حمراء افتقدت يوم بدر. فقال بعض الناس : لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها، فأنزل الله﴿ ما كان لنبي ان يغل ﴾إلى آخر الآية.
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب، وقد روى عبد السلام بن حرب عن خصيف نحو هذا، وروى بعضهم هذا الحديث عن خصيف عن مقسم، ولم يذكر فيه عن ابن عباس.
( سنن الترمذي٥/٢٣٠ ح٣٠٠٩-ك التفسير، ب سورة آل عمران )وصححه الألباني في( صحيح سنن الترمذي ). وأخرجه ابن مردويه( كما في تفسير ابن كثير٢/١٣٠ )، والواحدي في( أسباب النزول ص١٠٨ )كلاهما من طريق أبي عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس نحوه، وفيه متابعة لخصيف ومقسم.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ ما كان لنبي ان يغل ﴾، قال : أن يخون.
قوله تعالى﴿ أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ﴾الآية
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر في هذه الآية ان من اتبع رضوان الله ليس كمن باء بسخط منه لن همزة الإنكار بمعنى النفي ولم يذكر هنا صفة من اتبع رضوان الله ولكن أشار على بعضها في موضع آخر وهو قوله﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم ﴾وأشار على بعض صفات من باء بسخط من الله بقوله﴿ ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبأس ما قدمت لهم انفسهم ان سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ﴾وبقوله هنا﴿ ومن يغلل يأت بما غل ﴾الآية.
قوله تعالى﴿ هم درجات عند الله ﴾
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ هم درجات عند الله ﴾قال : هي كقوله﴿ لهم درجات عند ربهم ﴾سورة الأنفال آية : ٤.
قوله تعالى﴿ لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ﴾
انظر سورة البقرة آية( ١٢٩ ).
قوله تعالى﴿ أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم انى هذا قل هو من عند أنفسكم عن الله على كل شئ قدير ﴾
قال البخاري : حدثنا عمرو بن خالد حدثنا زهير حدثنا ابو إسحاق قال سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : جعل النبي صلى الله عليه وسلم على الرماة يوم احد عبد الله بن جبير فأصابوا منا سبعين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة : سبعين أسيرا، وسبعين قتيلا. قال أبو سفيان : يوم بيوم بدر، والحرب سجال.
( الصحيح البخاري٧/٣٥٧ ح/٣٩٨٦-ك المغازي ).
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى﴿ أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم انى هذا قل هو من عند أنفسكم ﴾ذكر في الآية الكريمة ان ما أصاب المسلمين يوم احد غنما جاءهم من قبل انفسهم، ولم يبين تفصيل ذلك هنا ولكنه فصله في موضع آخر وهو قوله :﴿ ولقد صدقكم الله وعده غذ تحسونهم بإذنه، حتى إذا فشلتم وتنازعتم في المر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ﴾. وهذا هو الظاهر في معنى الآية، لأن خير ما يبين به القرآن : القرآن.
قال الضياء المقدسي : أخبرنا أبو المجد، زاهر بن احمد بن حامد الثقفي-بأصفهان-ان سعيد بن أبي النعمان، انا محمد بن إبراهيم بن علي، ثنا ابو يعلى، أحمد بن علي، ثنا زهير، ثنا ابو نوح، ثنا عكرمة بن عمار العجلي، ثنا سماك أبو زميل قال : حدثني ابن عباس، قال : حدثني عمر ابن الخطاب، نحو حديث عمر بن يونس في قصة بدر. وزاد ابو نوح في حديثه قال : فلما كان يوم احد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون، وفر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم فكسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم، وهشمت البيضة على رأسه، وسال الدم على وجهه، وانزل الله عز وجل :﴿ أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم انى هذا ؟ قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شئ قدير ﴾بأخذكم الفداء.
هذه الزيادة لم يخرجها مسلم، وقد روى من طريق عمر بن يونس عن عكرمة حديثا طويلا في قصة بدر. وأبو نوح اسمه : عبد الرحمن بن غزوان، أخرج له البخاري. ( المختارة١/٢٨٠-٢٨١ ح١٧٠ ). وصححه محقق المختارة، وسنده حسن، ولبعضه شواهد في الصحيح.
قوله تعالى﴿ وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين ﴾
أي في غزوة أحد، وانظر آية( ١٧٢-١٧٤ )من السورة نفسها.
قوله تعالى﴿ وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله... ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، وبسنده الحسن عن السدي : هم عبد الله بن أبي وأصحابه.
قوله تعالى﴿ يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله اعلم بما يكتمون ﴾
انظر سورة البقرة آية( ٨ ).
قوله تعالى﴿ قل فادرءوا عن أنفسكم الموت عن كنتم صادقين ﴾
أخرج ابن ابي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية :﴿ إن كنتم صادقين ﴾بما يقولونه غنه كما يقولون.
قوله تعالى﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وان الله لا يضيع اجر المؤمنين ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : نهى الله تبارك وتعالى في هذه الآية عن ظن الموت بالشهداء وصرح بأنهم احياء عند ربهم يرزقون، وأنهم فرحون بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ولم يبين هنا هل حياتهم البرزخ يدرك اهل الدنيا حقيقتها او لا ؟ ولكنه بين في سورة البقرة أنهم لا يدركونها بقوله﴿ ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ﴾لأن نفي الشعور يدل على نفي الإدراك من باب أولى كما هو ظاهر.
قال مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى وابو بكر بن ابي شيبة. كلاهما عن ابي معاوية. ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا جرير وعيسى بن يونس، جميعا عن الأعمش. ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير( واللفظ له ). حدثنا أسباط وابو معاوية. قالا : حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة، عن مسروق. قال : سألنا عبد الله( هو ابن مسعود )عن هذه الآية :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ﴾قال : أما إنا قد سألنا عن ذلك، فقال : أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت. ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعه، فقال : هل تشتهون شيئا ؟ قالوا : أي شئ نشتهي ؟ ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات. فلما رأوا انهم لن يتركوا من ان يسألوا، قالوا : يا رب ! نريد ان ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى ان ليس لهم حاجة تركوا.
( الصحيح٣/١٥٠٢-١٥٠٣ ح١٨٨٧-ك الإمارة، ب بيان أرواح الشهداء في الجنة ).
قال مسلم : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو خالد الحمر، عن شعبة، عن قتادة، وحميد، عن انس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرها انها ترجع إلى الدنيا. ولا ان لها الدنيا وما فيها. إلا الشهيد، فإنه يتمنى ان يرجع فيقتل في الدنيا، لما يرى من فضل الشهادة ".
( الصحيح٣/١٤٩٨ ح١٨٧٧-ك الإمارة، ب فضل الشهادة في سبيل الله ).
قال أبو داود : حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد ابن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية، عن ابي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد انهار الجنة : تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا : من يبلغ إخواننا عنا انا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب ؟ فقال الله سبحانه : أنا أبلغهم عنكم، قال فأنزل الله﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله ﴾إلى آخر الآية.
( السنن٣/١٥ ح٢٥٢٠-ك الجهاد، ب في فضل الشهادة )، وفي إسناده ابن إسحاق ولم يصرح بالسماع ولكنه لا يضر لأنه صرح في رواية احمد( المسند١/٢٦٦ ). وأخرجه احمد في( مسنده رقم ٢٣٨٩ )بإسناد أبي داود به، وصححه احمد شاكر و أخرجه الحاكم في ( المستدرك٢/٢٩٧-٢٩٨-ك التفسير، تفسير سورة آل عمران )من طريق مسدد بن قطن عن عثمان بن أبي شيبة به، وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في ( صحيح سنن أبي داود ).
قال الترمذي : حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي، حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري قال : سمعت طلحة بن خراش قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال لي :" يا جابر مالي أراك منكسرا ؟ ". قلت : يا رسول الله استشهد أبي قتل يوم احد، وترك عيالا ودينا، قال :" أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك ؟ ". قال : قلت : بلى يا رسول الله. قال :" ما كلم الله أحدا قط غلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحا. فقال : يا عبدي تمن علي أعطك. قال : يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية. قال الرب عز وجل : إنه قد سبق مني﴿ أنهم إليها لا يرجعون ﴾قال : وأنزلت هذه الآية :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ﴾الآية.
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه( سنن الترمذي٥/٢٣٠-٢٣١ ح/٣٠١٠-ك التفسير، ب سورة آل عمران ). وصححه الألباني في( صحيح سنن الترمذي ). وأخرجه ابن ماجة في( سننه-ك الجهاد، ب فضل الشهادة في سبيل الله ح ٢٨٠٠ )وابن حبان في صحيحه-الإحسان ١٥/٤٩٠-٤٩١ ح٧٠٢٢ )والحاكم في ( المستدرك٣/٢٠٣-٣٠٤-معرفة الصحابة، ب ذكر مناقب اليمان بن جابر... )وصحح إسناده ووافقه الذهبي. وأخرجه أبو يعلى، وصححه المحقق( المسند٤/٦ ح٢٠٠٢ ).
وانظر حديث ابن عباس في مسند أحمد في تفسير سورة البقرة آية( ١٥٤ ).
قال البخاري : حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال : حدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن ابي طلحة عن انس بن مالك رضي الله عنه قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين غداة، على رعل وذكوان وعصية عصت الله ورسوله. قال أنس : أنزل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآن قرأناه ثم نسخ بعد : بلغوا قومنا ان قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه.
( الصحيح٦/٣٧-٣٨ ح٢٨١٤-ك الجهاد والسير، ب فضل قول الله تعالى( الآية ) ).
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦٩:قوله تعالى﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وان الله لا يضيع اجر المؤمنين ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : نهى الله تبارك وتعالى في هذه الآية عن ظن الموت بالشهداء وصرح بأنهم احياء عند ربهم يرزقون، وأنهم فرحون بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ولم يبين هنا هل حياتهم البرزخ يدرك اهل الدنيا حقيقتها او لا ؟ ولكنه بين في سورة البقرة أنهم لا يدركونها بقوله﴿ ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ﴾لأن نفي الشعور يدل على نفي الإدراك من باب أولى كما هو ظاهر.
قال مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى وابو بكر بن ابي شيبة. كلاهما عن ابي معاوية. ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا جرير وعيسى بن يونس، جميعا عن الأعمش. ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير( واللفظ له ). حدثنا أسباط وابو معاوية. قالا : حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة، عن مسروق. قال : سألنا عبد الله( هو ابن مسعود )عن هذه الآية :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ﴾قال : أما إنا قد سألنا عن ذلك، فقال : أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت. ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعه، فقال : هل تشتهون شيئا ؟ قالوا : أي شئ نشتهي ؟ ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات. فلما رأوا انهم لن يتركوا من ان يسألوا، قالوا : يا رب ! نريد ان ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى ان ليس لهم حاجة تركوا.
( الصحيح٣/١٥٠٢-١٥٠٣ ح١٨٨٧-ك الإمارة، ب بيان أرواح الشهداء في الجنة ).
قال مسلم : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو خالد الحمر، عن شعبة، عن قتادة، وحميد، عن انس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرها انها ترجع إلى الدنيا. ولا ان لها الدنيا وما فيها. إلا الشهيد، فإنه يتمنى ان يرجع فيقتل في الدنيا، لما يرى من فضل الشهادة ".
( الصحيح٣/١٤٩٨ ح١٨٧٧-ك الإمارة، ب فضل الشهادة في سبيل الله ).
قال أبو داود : حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد ابن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية، عن ابي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد انهار الجنة : تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا : من يبلغ إخواننا عنا انا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب ؟ فقال الله سبحانه : أنا أبلغهم عنكم، قال فأنزل الله﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله ﴾إلى آخر الآية.
( السنن٣/١٥ ح٢٥٢٠-ك الجهاد، ب في فضل الشهادة )، وفي إسناده ابن إسحاق ولم يصرح بالسماع ولكنه لا يضر لأنه صرح في رواية احمد( المسند١/٢٦٦ ). وأخرجه احمد في( مسنده رقم ٢٣٨٩ )بإسناد أبي داود به، وصححه احمد شاكر و أخرجه الحاكم في ( المستدرك٢/٢٩٧-٢٩٨-ك التفسير، تفسير سورة آل عمران )من طريق مسدد بن قطن عن عثمان بن أبي شيبة به، وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في ( صحيح سنن أبي داود ).
قال الترمذي : حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي، حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري قال : سمعت طلحة بن خراش قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال لي :" يا جابر مالي أراك منكسرا ؟ ". قلت : يا رسول الله استشهد أبي قتل يوم احد، وترك عيالا ودينا، قال :" أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك ؟ ". قال : قلت : بلى يا رسول الله. قال :" ما كلم الله أحدا قط غلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحا. فقال : يا عبدي تمن علي أعطك. قال : يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية. قال الرب عز وجل : إنه قد سبق مني﴿ أنهم إليها لا يرجعون ﴾قال : وأنزلت هذه الآية :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ﴾الآية.
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه( سنن الترمذي٥/٢٣٠-٢٣١ ح/٣٠١٠-ك التفسير، ب سورة آل عمران ). وصححه الألباني في( صحيح سنن الترمذي ). وأخرجه ابن ماجة في( سننه-ك الجهاد، ب فضل الشهادة في سبيل الله ح ٢٨٠٠ )وابن حبان في صحيحه-الإحسان ١٥/٤٩٠-٤٩١ ح٧٠٢٢ )والحاكم في ( المستدرك٣/٢٠٣-٣٠٤-معرفة الصحابة، ب ذكر مناقب اليمان بن جابر... )وصحح إسناده ووافقه الذهبي. وأخرجه أبو يعلى، وصححه المحقق( المسند٤/٦ ح٢٠٠٢ ).
وانظر حديث ابن عباس في مسند أحمد في تفسير سورة البقرة آية( ١٥٤ ).
قال البخاري : حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال : حدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن ابي طلحة عن انس بن مالك رضي الله عنه قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين غداة، على رعل وذكوان وعصية عصت الله ورسوله. قال أنس : أنزل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآن قرأناه ثم نسخ بعد : بلغوا قومنا ان قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه.
( الصحيح٦/٣٧-٣٨ ح٢٨١٤-ك الجهاد والسير، ب فضل قول الله تعالى( الآية ) ).

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦٩:قوله تعالى﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وان الله لا يضيع اجر المؤمنين ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : نهى الله تبارك وتعالى في هذه الآية عن ظن الموت بالشهداء وصرح بأنهم احياء عند ربهم يرزقون، وأنهم فرحون بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ولم يبين هنا هل حياتهم البرزخ يدرك اهل الدنيا حقيقتها او لا ؟ ولكنه بين في سورة البقرة أنهم لا يدركونها بقوله﴿ ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ﴾لأن نفي الشعور يدل على نفي الإدراك من باب أولى كما هو ظاهر.
قال مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى وابو بكر بن ابي شيبة. كلاهما عن ابي معاوية. ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا جرير وعيسى بن يونس، جميعا عن الأعمش. ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير( واللفظ له ). حدثنا أسباط وابو معاوية. قالا : حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة، عن مسروق. قال : سألنا عبد الله( هو ابن مسعود )عن هذه الآية :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ﴾قال : أما إنا قد سألنا عن ذلك، فقال : أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت. ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعه، فقال : هل تشتهون شيئا ؟ قالوا : أي شئ نشتهي ؟ ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات. فلما رأوا انهم لن يتركوا من ان يسألوا، قالوا : يا رب ! نريد ان ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى ان ليس لهم حاجة تركوا.
( الصحيح٣/١٥٠٢-١٥٠٣ ح١٨٨٧-ك الإمارة، ب بيان أرواح الشهداء في الجنة ).
قال مسلم : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو خالد الحمر، عن شعبة، عن قتادة، وحميد، عن انس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرها انها ترجع إلى الدنيا. ولا ان لها الدنيا وما فيها. إلا الشهيد، فإنه يتمنى ان يرجع فيقتل في الدنيا، لما يرى من فضل الشهادة ".
( الصحيح٣/١٤٩٨ ح١٨٧٧-ك الإمارة، ب فضل الشهادة في سبيل الله ).
قال أبو داود : حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد ابن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية، عن ابي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد انهار الجنة : تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا : من يبلغ إخواننا عنا انا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب ؟ فقال الله سبحانه : أنا أبلغهم عنكم، قال فأنزل الله﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله ﴾إلى آخر الآية.
( السنن٣/١٥ ح٢٥٢٠-ك الجهاد، ب في فضل الشهادة )، وفي إسناده ابن إسحاق ولم يصرح بالسماع ولكنه لا يضر لأنه صرح في رواية احمد( المسند١/٢٦٦ ). وأخرجه احمد في( مسنده رقم ٢٣٨٩ )بإسناد أبي داود به، وصححه احمد شاكر و أخرجه الحاكم في ( المستدرك٢/٢٩٧-٢٩٨-ك التفسير، تفسير سورة آل عمران )من طريق مسدد بن قطن عن عثمان بن أبي شيبة به، وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في ( صحيح سنن أبي داود ).
قال الترمذي : حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي، حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري قال : سمعت طلحة بن خراش قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال لي :" يا جابر مالي أراك منكسرا ؟ ". قلت : يا رسول الله استشهد أبي قتل يوم احد، وترك عيالا ودينا، قال :" أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك ؟ ". قال : قلت : بلى يا رسول الله. قال :" ما كلم الله أحدا قط غلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحا. فقال : يا عبدي تمن علي أعطك. قال : يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية. قال الرب عز وجل : إنه قد سبق مني﴿ أنهم إليها لا يرجعون ﴾قال : وأنزلت هذه الآية :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ﴾الآية.
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه( سنن الترمذي٥/٢٣٠-٢٣١ ح/٣٠١٠-ك التفسير، ب سورة آل عمران ). وصححه الألباني في( صحيح سنن الترمذي ). وأخرجه ابن ماجة في( سننه-ك الجهاد، ب فضل الشهادة في سبيل الله ح ٢٨٠٠ )وابن حبان في صحيحه-الإحسان ١٥/٤٩٠-٤٩١ ح٧٠٢٢ )والحاكم في ( المستدرك٣/٢٠٣-٣٠٤-معرفة الصحابة، ب ذكر مناقب اليمان بن جابر... )وصحح إسناده ووافقه الذهبي. وأخرجه أبو يعلى، وصححه المحقق( المسند٤/٦ ح٢٠٠٢ ).
وانظر حديث ابن عباس في مسند أحمد في تفسير سورة البقرة آية( ١٥٤ ).
قال البخاري : حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال : حدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن ابي طلحة عن انس بن مالك رضي الله عنه قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين غداة، على رعل وذكوان وعصية عصت الله ورسوله. قال أنس : أنزل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآن قرأناه ثم نسخ بعد : بلغوا قومنا ان قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه.
( الصحيح٦/٣٧-٣٨ ح٢٨١٤-ك الجهاد والسير، ب فضل قول الله تعالى( الآية ) ).

قوله تعالى﴿ الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا اجر عظيم ﴾
قال البخاري : حدثنا محمد حدثنا أبو معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها﴿ الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا اجر عظيم ﴾قالت لعروة : يا ابن أختي، كان أبواك منهم : الزبير وأبو بكر. لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصاب يوم احد وتنصرف عنه المشركون خاف ان يرجعوا، قال : من يذهب في أثرهم فانتدب منهم سبعون رجلا. قال : كان فيهم أبو بكر والزبير.
( صحيح البخاري٧/٤٣٢ ح٤٠٧٧-ك المغازي، ب﴿ الذين استجابوا.. ﴾ ).
قوله تعالى﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ﴾
قال البخاري : حدثنا أحمد بن يونس-أراه قال-حدثنا أبو بكر عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس﴿ حسبنا الله ونعم الوكيل ﴾قالها إبراهيم عليه السلام حين القي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا :﴿ إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ﴾.
( صحيح البخاري٨/٧٧ ح٤٥٦٣-ك التفسير، سورة آل عمران، ب﴿ الذين قال لهم الناس ﴾ ).
قوله تعالى﴿ فانقلبوا بنعمة من الله وفضل ﴾
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي قوله﴿ فانقلبوا بنعمة من الله ﴾أما النعمة فهي العافية.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ فانقلبوا بنعمة من الله وفضل ﴾قال : والفضل ما أصابوا من التجارة والأجر.
قوله تعالى﴿ إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ﴾يخوف والله المؤمن بالكافر، ويرهب المؤمن بالكافر.
قوله تعالى﴿ ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ﴾
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ﴾يعني : أنهم المنافقون.
قوله تعالى﴿ إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم ﴾
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مجاهد قوله :﴿ إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ﴾قال هم المنافقون.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ اشتروا ﴾أي استحبوا الضلالة على الهدى.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية :﴿ ولهم عذاب أليم ﴾قال : الأليم الموجع في القرآن كله.
قوله تعالى﴿ ولا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لأنفسهم غنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر في هذه الآية الكريمة انه يملي للكافرين ويمهلهم لزيادة الإثم عليهم وشدة العذاب وبين في موضع آخر : أنه لا يمهلهم متنعمين هذا الإمهال إلا بعد ان يبتليهم بالبأساء والضراء، فإذا لم يتضرعوا أفاض عليهم النعم وأمهلهم حتى يأخذهم بغتة، كقوله﴿ وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا اهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون ﴾وقوله﴿ ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾-إلى قوله-﴿ أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ﴾وبين في موضع آخر ان ذلك الاستدراج من كيده المتين وهو قوله﴿ سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم عن كيدي متين ﴾.
قال الطبري : حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان عن الأعمش، عن خيثمة عن الأسود قال، قال عبد الله : ما من نفس برة ولا فاجرة إلا والموت خير لها. وقرأ :﴿ ولا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لنفسهم غنما نملي ليزدادوا إثما ﴾وقرأ :﴿ نزلا من عند الله خير للأبرار ﴾
( ورجاله ثقات وإسناده صحيح وأخرجه الحاكم من طريق الأعمش به. ( المستدرك٢/٢٩٨ ).
قوله تعالى﴿ ما كان الله ليذر المؤمنين على ما انتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن ابي طلحة عن ابن عباس قال : يقول للكفار ما كان الله ليذر المؤمنين على ما انتم عليه من الكفر حتى يميز الخبيث من الطيب، فيميز اهل السعادة من اهل الشقاوة.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله :﴿ ما كان الله ليذر المؤمنين على ما انتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ﴾قال : ميز بينهم يوم احد المنافق من المؤمن.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله﴿ ما كان الله ليذر المؤمنين على ما انتم عليه ﴾يعني الكفار. يقول : لم يكن الله ليدع المؤمنين على ما انتم عليه من ضلالة﴿ حتى يميز الخبيث من الطيب ﴾يميز بينهم في الجهاد والهجرة.
قوله تعالى﴿ ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء ﴾
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء ﴾قال : يخلصهم لنفسه.
قوله تعالى﴿ ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة... ﴾
قال البخاري : حدثني عبد الله بن منير سمع أبا النضر حدثنا عبد الرحمن-هو ابن عبد الله بن دينار-عن أبي صالح عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له ماله شجاعا اقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه-يعني بشدقيه-يقول : أنا مالك، أنا كنزك. ثم تلا هذه الآية﴿ ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله ﴾إلى آخر الآية.
( الصحيح٨/٧٨ ح٤٥٦٥-ك التفسير-سورة آل عمران، ب ﴿ ولا يحسبن الذين يبخلون ﴾ ).
قوله تعالى﴿ والله بما تعملون خبير ﴾
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله :﴿ خبير ﴾قال : خبير بخلقه.
قوله تعالى﴿ لقد سمع الله قول الذين قالوا عن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق ﴾
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس قال : دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه بيت المدارس، فوجد من يهود ناسا كثيرا قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص، كان من علمائهم وأحبارهم ومعه حبر حبر يقال له أشيع. فقال أبو بكر رضي الله عنه لفنحاص : ويحك يا فنحاص : اتق الله وأسلم، فوالله إنك لتعلم ان محمدا رسول الله قد جاءكم بالحق من عند الله، تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل قال فنحاص : والله يا أبا بكر، ما بنا إلى الله من فقر، وغنه إلينا لفقير وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وغنا عنه لأغنياء، ولو كان عنا غنيا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم ينهاكم عن الربا ويعطيناه ولو كان عنا غنيا ما أعطانا الربا فغضب ابو بكر فضرب وجه فنحاص ضربة شديدة، وقال : والذي نفسي بيده، لولا العهد الذي بيننا وبينكم لضربت عنقك يا عدو الله فأكذبونا ما استطعتم إن كنتم إن كنتم صادقين. فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد، انظر ما صنع بي صاحبك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : ما حملك على ما صنعت ؟ فقال : يا رسول الله، إن عدو الله قال قولا عظيما، زعم ان الله فقير وأنهم عنه أغنياء فلما قال ذلك غضبت لله مما قال، فضربت وجهه. فجحد ذلك فنحاص وقال : ما قلت ذلك فأنزل الله تبارك وتعالى فيما قال فنحاص، ردا عليه وتصديقا لبي بكر :﴿ لقد سمع الله قول الذين قالوا عن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق ﴾وفي قول أبي بكر وما بلغه في ذلك من الغضب :﴿ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فغن ذلك من عزم الأمور ﴾. سورة آل عمران( ١٨٦ ).
قوله تعالى﴿ فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك ﴾
أخرج ابن ابي حاتم بسنده الحسن عن مجاهد في قوله :﴿ فغن كذبوك ﴾قال : اليهود.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله :﴿ فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك ﴾قال : يعزى نبيه صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى﴿ كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ﴾
قال ابن كثير : يخبر تعالى إخبارا عاما يعم جميع الخليقة بان كل نفس ذائقة الموت كقوله تعالى :﴿ كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ﴾.
قال الترمذي : حدثنا عبد بن حميد. حدثنا يزيد بن هارون وسعيد بن عامر عن محمد بن عمرو عن ابي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن موضع سوط في الجنة لخير من الدنيا وما فيها، اقرءوا عن شئتم :﴿ فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ﴾ ".
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح.
( سنن الترمذي٥/٢٣٢-٢٣٣ ح/٣٠١٣-ك التفسير، ب سورة آل عمران )وصححه الألباني في ( صحيح سنن الترمذي )، وأخرجه الحاكم( المستدرك٢/٢٩٩-ك التفسير، سورة آل عمران ). وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وعزاه الهيثمي إلى الطبراني في( الأوسط ) وقال : ورجاله رجال الصحيح. ( مجمع الزوائد١٠/٤١٥ )وعنده : خير مما بين السماء والأرض. وأخرجه البخاري في صحيحه عن سهل بن سعد بلفظه ولكن بدون ذكر الآية( الصحيح-ك بدء الخلق، ب ما جاء في صفة الجنة ح ٣٢٥٠ ).
وانظر حديث مسلم عن عبد الله بن عمرو الآتي عند الآية( ٢٩ )من سورة النساء.
قوله تعالى﴿ لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وغن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر في هذه الآية الكريمة ان المؤمنين سيبتلون في أموالهم وأنفسهم، وسيسمعون الأذى الكثير من اهل الكتاب والمشركين، وأنهم عن صبروا على ذلك البلاء والأذى واتقوا الله، فإن صبرهم وتقاهم من عزم الأمور، أي : من الأمور التي ينبغي العزم والتصميم عليها لوجوبها. وقد بين في موضع آخر ان من جملة هذا البلاء : الخوف والجوع وان البلاء في النفس والأموال هو النقص فيها، وأوضح فيه نتيجة الصبر المشار إليها هنا بقوله﴿ فإن ذلك من عزم الأمور ﴾وذلك الموضع هو قوله تعالى :﴿ ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والنفس والثمرات وبشر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا غنا لله وغنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ﴾.
قال البخاري : حدثنا ابو اليمان اخبرنا شعيب عن الزهري قال اخبرني عروة ابن الزبير ان أسامة بن زيد رضي الله عنهما اخبره : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار على قطيفة فدكية، وأردف أسامة بن زيد وراءه، يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر، قال : حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي ابن سلول، وذلك قبل ان يسلم عبد الله بن أبي، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود والمسلمين، وفي المجلس عبد الله بن رواحه، فلما غشيت المجلس عجاجه الدابة خمر عبد الله بن أبي انفه بردائه ثم قال :" لا تغبروا علينا، فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ثم وقف فنزل، فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول : أيها المرء، إنه لا أحسن مما تقول عن كان حقا فلا تؤذينا به في مجلسنا، ارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه. فقال عبد الله بن رواحه : بلى يا رسول الله، فاغشنا به في مجالسنا، فإنا نحب ذلك. فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكنوا. ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا سعد الم تسمع ما قال أبو حباب-يريد عبد الله بن أبي-قال كذا وكذا. قال سعد بن عبادة : يا رسول الله أعف عنه واصفح عنه، فوالذي أنزل عليك الكتاب، لقد جاء الله بالحق الذي انزل عليك ولقد اصطلح اهل هذه البحيرة على أن يتوجوه فيعصبون بالعصابة، فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله شرق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت. فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله، ويصطبرون على الأذى، قال الله عز وجل :﴿ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا ﴾الآية. وقال الله :﴿ ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم ﴾إلى آخر الآية. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول العفو ما امره الله به، حتى أذن الله فيهم، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا فقتل الله به صناديد كفار قريش قال ابن أبي ابن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان : هذا امر قد توجه، فبايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فأسلموا ".
( الصحيح٨/٧٨-٧٩ ح٤٥٦٦-ك التفسير- سورة آل عمران، قوله تعالى :﴿ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب ﴾ ). توجه : أقبل( القاموس مادة : و ج ه ).
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة، ثنا عبد الرحمن بن صالح ومحمد بن عبد الله بن نمير قالا : ثنا يوسف يعنيان ابن بكير، ثنا ابن إسحاق، فحدثني محمد ابن ابي محمد. عن عكرمة انه حدثه، عن ابن عباس قال : نزل في أبي بكر وما بلغه في ذلك من الغضب :﴿ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا ﴾.
وحسنه الحافظ ابن حجر( فتح الباري٨/٢٣١ ).
قوله تعالى﴿ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا بها ثمنا قليلا فبئس ما يشترون لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا ﴾.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس قال : قوله تعالى﴿ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ﴾إلى قوله :﴿ عذاب أليم ﴾ يعني : فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار.
قال مسلم : حدثنا زهير بن حرب وهارون بن عبد الله( واللفظ لزهير )قالا : حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج. أخبرني ابن أبي مليكة ؛ أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف اخبره، أن مروان قال : اذهب. يا رافع ! ( لبوابه )إلى ابن عباس فقل : لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى، وأحب ان محمد بما لم يفعل، معذبا لنعذبن أجمعون، فقال ابن عباس :﴿ وغذ اخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبننه للناس ولا تكتمونه ﴾هذه الآية. وتلا ابن عباس :﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا ﴾. وقال ابن عباس : سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شئ فكتموه إياه. واخبروه بغيره. فخرجوا قد أروه ان قد اخبروه بما سألهم عنه. واستحمدوا بذلك إليه. وفرحوا بما أتوا، من كتمانهم إياه، ما سألهم عنه.
( الصحيح٤/٢١٤٣ ح٢٧٧٨-ك صفات المنافقين وأحكامهم ). واخرج البخاري( الصحيح-التفسير- ب و﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ﴾ ح ٤٥٦٨ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ وإذ اخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم ﴾الآية، هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم، فمن علم شيئا فليعلمه، وإياكم وكتمان العلم، فإن كتمان العلم هلكة، ولا يتكلفن رجل ما لا علم له به، فيخرج من دين الله فيكون من المتكلفين، كان يقال :" مثل علم لا يقال به، كمثل كنز لا ينفق منه ! ومثل حكمة لا تخرج، كمثل صنم قائم لا يأكل ولا يشرب( وكان يقال )طوبى لعالم ناطق، وطوبى لمستمع واع ". هذا رجل علم علما فعلمه وبذله ودعا إليه، ورجل سمع خيرا فحفظه ووعاه وانتفع به.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا إدريس ابو أسامة، والسياق لابن إدريس، عن يحيى بن أيوب الهجلي، عن الشعبي في قوله :﴿ فنبذوه وراء ظهورهم ﴾قال : قد كانوا يقرؤونه ولكنهم نبذوا العمل به.
ورجاله ثقات إلا يحيى لا بأس به فالإسناد حسن.
وانظر حديث :" من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار ". في تفسير سورة البقرة آية( ١٥٩ ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ فبئس ما يشترون ﴾قال : تبديل اليهود التوراة. قال البخاري : حدثنا سعيد بن ابي مريم حدثنا محمد بن جعفر قال حدثني زيد ابن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن رجالا من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتذروا إليه وحلفوا، وأحبوا ان يحمدوا بما لم يفعلوا، فنزلت﴿ لا تحسبن الذين يفرحون ﴾الآية.
( صحيح البخاري٨/٨١ ح٤٥٦٧-ك التفسير-سورة آل عمران، ب ﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ﴾ )و )صحيح مسلم٤/٢١٤٢-ك صفات المنافقين وأحكامهم ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ﴾ قال : يهود، فرحوا بإعجاب الناس بتبديلهم الكتاب وحمدهم إياهم عليه، ولا تملك يهود ذلك.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس قال : قوله ﴿ ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا ﴾أن يقول الناس لهم علماء وليسوا بأهل علم لم يحملوهم على خير ولا هدى ويحبون ان يقول الناس قد فعلوا.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨٧:قوله تعالى﴿ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا بها ثمنا قليلا فبئس ما يشترون لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا ﴾.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس قال : قوله تعالى﴿ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ﴾إلى قوله :﴿ عذاب أليم ﴾ يعني : فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار.
قال مسلم : حدثنا زهير بن حرب وهارون بن عبد الله( واللفظ لزهير )قالا : حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج. أخبرني ابن أبي مليكة ؛ أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف اخبره، أن مروان قال : اذهب. يا رافع ! ( لبوابه )إلى ابن عباس فقل : لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى، وأحب ان محمد بما لم يفعل، معذبا لنعذبن أجمعون، فقال ابن عباس :﴿ وغذ اخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبننه للناس ولا تكتمونه ﴾هذه الآية. وتلا ابن عباس :﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا ﴾. وقال ابن عباس : سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شئ فكتموه إياه. واخبروه بغيره. فخرجوا قد أروه ان قد اخبروه بما سألهم عنه. واستحمدوا بذلك إليه. وفرحوا بما أتوا، من كتمانهم إياه، ما سألهم عنه.
( الصحيح٤/٢١٤٣ ح٢٧٧٨-ك صفات المنافقين وأحكامهم ). واخرج البخاري( الصحيح-التفسير- ب و﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ﴾ ح ٤٥٦٨ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ وإذ اخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم ﴾الآية، هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم، فمن علم شيئا فليعلمه، وإياكم وكتمان العلم، فإن كتمان العلم هلكة، ولا يتكلفن رجل ما لا علم له به، فيخرج من دين الله فيكون من المتكلفين، كان يقال :" مثل علم لا يقال به، كمثل كنز لا ينفق منه ! ومثل حكمة لا تخرج، كمثل صنم قائم لا يأكل ولا يشرب( وكان يقال )طوبى لعالم ناطق، وطوبى لمستمع واع ". هذا رجل علم علما فعلمه وبذله ودعا إليه، ورجل سمع خيرا فحفظه ووعاه وانتفع به.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا إدريس ابو أسامة، والسياق لابن إدريس، عن يحيى بن أيوب الهجلي، عن الشعبي في قوله :﴿ فنبذوه وراء ظهورهم ﴾قال : قد كانوا يقرؤونه ولكنهم نبذوا العمل به.
ورجاله ثقات إلا يحيى لا بأس به فالإسناد حسن.
وانظر حديث :" من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار ". في تفسير سورة البقرة آية( ١٥٩ ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ فبئس ما يشترون ﴾قال : تبديل اليهود التوراة. قال البخاري : حدثنا سعيد بن ابي مريم حدثنا محمد بن جعفر قال حدثني زيد ابن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن رجالا من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتذروا إليه وحلفوا، وأحبوا ان يحمدوا بما لم يفعلوا، فنزلت﴿ لا تحسبن الذين يفرحون ﴾الآية.
( صحيح البخاري٨/٨١ ح٤٥٦٧-ك التفسير-سورة آل عمران، ب ﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ﴾ )و )صحيح مسلم٤/٢١٤٢-ك صفات المنافقين وأحكامهم ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ﴾ قال : يهود، فرحوا بإعجاب الناس بتبديلهم الكتاب وحمدهم إياهم عليه، ولا تملك يهود ذلك.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس قال : قوله ﴿ ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا ﴾أن يقول الناس لهم علماء وليسوا بأهل علم لم يحملوهم على خير ولا هدى ويحبون ان يقول الناس قد فعلوا.

قوله تعالى﴿ ولله ملك السموات والأرض والله على كل شئ قدير ﴾
انظر سورة البقرة آية( ١١٧ ).
قوله تعالى﴿ إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب. الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ﴾
قال ابن حبان : أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن زكريا، عن إبراهيم بن سويد النخعي، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء قال : دخلت انا وعبيد بن عمير على عائشة، فقالت لعبيد بن عمير : قد آن لك ان تزورنا، فقال : أقول يا أمه كما قال الأول : زر غبا تزدد حبا. قال : فقالت : دعونا من رطانتكم هذه. قال ابن عمير : أخبرينا بأعجب شئ رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : فسكتت ثم قالت : لما كان ليلة من الليالي قال :" يا عائشة ذريني أتعبد الليلة لربي ". قالت : والله إني لأحب قربك، وأحب ما سرك. قالت : فقام فتطهر، ثم قام يصلي. قالت : فلم يزل يبكي حتى بل حجره، قالت : ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل لحيته، قالت : ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال :" يا رسول الله لم تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال :" أفلا أكون عبدا شكورا ؛ لقد نزلت علي الليلة آية، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها﴿ إن في خلق السموات والأرض ﴾الآية كلها.
( الإحسان٢/٣٢٩ ح٦٢٠_طبعة الأرناءوط )، وأخرجه ابو الشيخ في كتاب( أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ص ١٦٠ )من طريق عثمان بن أبي شيبة به. وهذا الإسناد رجاله ثقات أئمة، وعبد الملك بن أبي سليمان، وإن تكلم فيه البعض، فإن ثناء الأئمة عليه ووصفه بالحفظ والإتقان مستفيض مشهور( النظر : تهذيب الكمال١٨/٣٢٢-٣٢٨ ). فيكون الحديث من هذا الطريق حسنا عن شاء الله. ومع ذلك فللحديث طريق آخر : اخرجه ابن مردويه، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا-كما في تفسير ابن كثير( ١/٤٤٠ )-من طرق، عن ابي جناب الكلبي، عن عطاء به نحوه. -وأخرجه الأصفهاني في ( الترغيب والترهيب١/٢٨٦ ح٦٣٩ )من طريق ابن مردويه-وأبو جناب وإن كان مدلسا، إلا ان أبا الشيخ اخرجه من طريقه مصرحا فيه بالسماع( أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ص ١٦٠ )فتزول الخشية من تدليسه، وبذلك يكون هذا الطريق متابعة قوية لطريق ابن حبان المتقدم، ويتأكد بذلك حسن الحديث كما قدمنا. وقد قوى إسناده الأرناءوط في حاشية( الإحسان )، وحكم بحسنه الشيخ محمد رزق في( موسوعة فضائل القرآن ١/٢١٩ ح٩٠ ).
قال مسلم : حدثنا عبد بن حميد، حدثنا ابو نعيم، حدثنا إسماعيل بن مسلم، حدثنا أبو المتوكل ؛ أن ابن عباس حدثه، انه بات عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة. فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم من آخر الليل. فخرج فنظر في السماء. ثم تلا هذه الآية في آل عمران﴿ إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار ﴾حتى بلغ﴿ فقنا عذاب النار ﴾ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ. ثم قام فصلى. ثم اضطجع. ثم قام فخرج فنظر إلى السماء فتلا هذه الآية. ثم رجع فتسوك فتوضأ. ثم قام فصلى.
( الصحيح١/٢٢١ ح٢٥٦-ك الطهارة، ب السواك ).
قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله حدثنا معن بن عيسى عن مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى عبد الله بن عباس ان عبد الله ابن عباس اخبره انه بات عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم-وهي خالته-قال : فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتصف الليل او قبله بقليل او بعده بقليل، ثم استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح النوم من وجهه بيديه، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران، ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام يصلي. فصنعت مثل ما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع رسول الله يده اليمنى على رأسي، واخذ بأذني اليمنى يفتلها، فصلى ركعتين ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم اوتر، ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح.
( الصحيح٨/٨٤-٨٥ ح٤٥٧١-ك التفسير- سورة آل عمران، ب ﴿ ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته ﴾ ).
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله :﴿ الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ﴾وهذه حالات كلها يا ابن آدم، اذكر الله وأنت قائم فإن لم تستطع فاذكره وأنت قاعد، فإن لم تستطع فاذكره وأنت على جانبك يسر من الله وتخفيف.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩٠:قوله تعالى﴿ إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب. الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ﴾
قال ابن حبان : أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن زكريا، عن إبراهيم بن سويد النخعي، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء قال : دخلت انا وعبيد بن عمير على عائشة، فقالت لعبيد بن عمير : قد آن لك ان تزورنا، فقال : أقول يا أمه كما قال الأول : زر غبا تزدد حبا. قال : فقالت : دعونا من رطانتكم هذه. قال ابن عمير : أخبرينا بأعجب شئ رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : فسكتت ثم قالت : لما كان ليلة من الليالي قال :" يا عائشة ذريني أتعبد الليلة لربي ". قالت : والله إني لأحب قربك، وأحب ما سرك. قالت : فقام فتطهر، ثم قام يصلي. قالت : فلم يزل يبكي حتى بل حجره، قالت : ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل لحيته، قالت : ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال :" يا رسول الله لم تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال :" أفلا أكون عبدا شكورا ؛ لقد نزلت علي الليلة آية، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها﴿ إن في خلق السموات والأرض ﴾الآية كلها.
( الإحسان٢/٣٢٩ ح٦٢٠_طبعة الأرناءوط )، وأخرجه ابو الشيخ في كتاب( أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ص ١٦٠ )من طريق عثمان بن أبي شيبة به. وهذا الإسناد رجاله ثقات أئمة، وعبد الملك بن أبي سليمان، وإن تكلم فيه البعض، فإن ثناء الأئمة عليه ووصفه بالحفظ والإتقان مستفيض مشهور( النظر : تهذيب الكمال١٨/٣٢٢-٣٢٨ ). فيكون الحديث من هذا الطريق حسنا عن شاء الله. ومع ذلك فللحديث طريق آخر : اخرجه ابن مردويه، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا-كما في تفسير ابن كثير( ١/٤٤٠ )-من طرق، عن ابي جناب الكلبي، عن عطاء به نحوه. -وأخرجه الأصفهاني في ( الترغيب والترهيب١/٢٨٦ ح٦٣٩ )من طريق ابن مردويه-وأبو جناب وإن كان مدلسا، إلا ان أبا الشيخ اخرجه من طريقه مصرحا فيه بالسماع( أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ص ١٦٠ )فتزول الخشية من تدليسه، وبذلك يكون هذا الطريق متابعة قوية لطريق ابن حبان المتقدم، ويتأكد بذلك حسن الحديث كما قدمنا. وقد قوى إسناده الأرناءوط في حاشية( الإحسان )، وحكم بحسنه الشيخ محمد رزق في( موسوعة فضائل القرآن ١/٢١٩ ح٩٠ ).
قال مسلم : حدثنا عبد بن حميد، حدثنا ابو نعيم، حدثنا إسماعيل بن مسلم، حدثنا أبو المتوكل ؛ أن ابن عباس حدثه، انه بات عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة. فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم من آخر الليل. فخرج فنظر في السماء. ثم تلا هذه الآية في آل عمران﴿ إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار ﴾حتى بلغ﴿ فقنا عذاب النار ﴾ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ. ثم قام فصلى. ثم اضطجع. ثم قام فخرج فنظر إلى السماء فتلا هذه الآية. ثم رجع فتسوك فتوضأ. ثم قام فصلى.
( الصحيح١/٢٢١ ح٢٥٦-ك الطهارة، ب السواك ).
قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله حدثنا معن بن عيسى عن مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى عبد الله بن عباس ان عبد الله ابن عباس اخبره انه بات عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم-وهي خالته-قال : فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتصف الليل او قبله بقليل او بعده بقليل، ثم استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح النوم من وجهه بيديه، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران، ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام يصلي. فصنعت مثل ما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع رسول الله يده اليمنى على رأسي، واخذ بأذني اليمنى يفتلها، فصلى ركعتين ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم اوتر، ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح.
( الصحيح٨/٨٤-٨٥ ح٤٥٧١-ك التفسير- سورة آل عمران، ب ﴿ ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته ﴾ ).
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله :﴿ الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ﴾وهذه حالات كلها يا ابن آدم، اذكر الله وأنت قائم فإن لم تستطع فاذكره وأنت قاعد، فإن لم تستطع فاذكره وأنت على جانبك يسر من الله وتخفيف.

قوله تعالى﴿ ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته ﴾
قال ابن ابي حاتم : حدثنا محمد بن عمار بن الحارث، ثنا مؤمل، ثنا حماد بن سلمة عن قتادة، عن انس في قوله :﴿ ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته ﴾قال : من تدخل في النار فقد أخزيته.
ورجاله ثقات سوى مؤمل صدوق فالإسناد حسن.
قوله تعالى﴿ ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان ان آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ربنا غننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان ﴾إلى قوله ﴿ وتوفنا مع الأبرار ﴾سمعوا دعوة من الله فأجابوها فأحسنوا الإجابة فيها، وصبروا عليها. ينبئكم الله عن مؤمن الإنس كيف قال، وعن مؤمن الجن كيف قال. فأما مؤمن الجن فقال :﴿ إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا ﴾وأما مؤمن الإنس فقال﴿ إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان ان آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا ﴾الآية.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩٣:قوله تعالى﴿ ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان ان آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ربنا غننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان ﴾إلى قوله ﴿ وتوفنا مع الأبرار ﴾سمعوا دعوة من الله فأجابوها فأحسنوا الإجابة فيها، وصبروا عليها. ينبئكم الله عن مؤمن الإنس كيف قال، وعن مؤمن الجن كيف قال. فأما مؤمن الجن فقال :﴿ إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا ﴾وأما مؤمن الإنس فقال﴿ إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان ان آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا ﴾الآية.

قوله تعالى﴿ فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر او أنثى بعضكم من بعض... ﴾
قال عبد الرزاق : أنبأنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال : سمعت رجلا من ولد ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يقول : قالت ام سلمة : يا رسول الله، لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشئ ؟ فأنزل الله تعالى﴿ فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عما عامل منكم من ذكر او أنثى ﴾.
( التفسير١/١٤٤ ح٤٩٨ ). وأخرجه الترمذي في جامعه( ٥/٢٣٧ ح٣٠٢٣-ك التفسير، ب ومن سورة النساء )، والشافعي في سنن حرملة-كما في( المعرفة )للبيهقي( ٣/١٢٠ ح١٧٦٤٤ )، والحاكم في( المستدرك٢/٣٠٠-تسمية ولد أم سلمة ب( سلمة بن أبي سلمة ). وهذا الحديث إسناده صحيح، ووافقه الذهبي. ورجاله أئمة ثقات. وقد وقع تصريح ابن عيينة بالإخبار في رواية الشافعي، فزالت الخشية من احتمال تدليسه، هذا مع احتمال الأئمة لتدليسه ؛ حيث كان لا يدلس إلا عن ثقة. ( انظر طبقات المدلسين ص٢٣ ).
قوله تعالى﴿ فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب ﴾
قال الطبري حدثنا عبد الرحمن بن وهب قال، حدثنا عمى عبد الله بن وهب قال، حدثني عمرو بن الحارث : ان ابا عشانة المعافري حدثه : انه سمع عبد الله ابن عمرو بن العاص يقول : لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن اول ثلة تدخل الجنة لفقراء المهاجرين الذين تتقى بهم المكاره، إذا أمروا سمعوا وأطاعوا، وغن كانت لرجل منهم حاجة إلى السلطان، لم تقض حتى يموت وهي في صدره، وغن الله يدعو يوم القيامة الجنة فتاتي بزخرفها وزينتها فيقول :" أين عبادي الذين قاتلوا في سبيلي وقتلوا، وأوذوا في سبيلي، وجاهدوا في سبيلي ؟ ادخلوا الجنة "، فيدخلونها بغير عذاب ولا حساب، وتأتي الملائكة فيسجدون ويقولون :" ربنا نحن نسبح لك الليل والنهار، ونقدس لك، من هؤلاء الذين آثرتهم علينا ". فيقول الرب جل ثناؤه :" هؤلاء عبادي الذين قاتلوا في سبيلي وأوذوا في سبيلي ". فتدخل الملائكة عليهم من كل باب :﴿ سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ﴾سورة الرعد : ٢٤.
( أخرجه الإمام احمد في( المسند٦٥٧٠ )، والحاكم في( المستدرك٢/٧١-٧٢ )كلاهما من طريق عبد الله بن وهب به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وذكره الهيثمي في( مجمع الزوائد١٠/٢٥٩ )ونسبه للطبراني أيضا وقال ورجال الطبراني رجال الصحيح غير أبي عشانة وهو ثقة ).
قوله تعالى﴿ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد. متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ﴾
قال ابن كثير : يقول تعالى لا تنظر إلى ما هؤلاء الكفار مترفون فيه من النعمة والغبطة والسرور، فعما قليل يزول هذا كله عنهم ويصبحون مرتهنين بأعمالهم السيئة. فإنما نمد لهم فيما هم فيه استدراجا وجميع ما هم فيه﴿ متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ﴾وهذه الآية كقوله تعالى :﴿ ما يجادل في آيات الله غلا الذين كفروا فلا يغرنك تقلبهم في البلاد ﴾وقال تعالى :﴿ إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون. متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ﴾وقال تعالى﴿ نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ﴾وقال تعالى﴿ فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ﴾أي : قليلا، وقال تعالى﴿ أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ﴾والله ما غروا نبي الله، ولا وكل إليهم شيئا من امر الله حتى قبضه الله على ذلك.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي قوله :﴿ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ﴾يقول : ضربهم في البلاد.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩٦:قوله تعالى﴿ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد. متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ﴾
قال ابن كثير : يقول تعالى لا تنظر إلى ما هؤلاء الكفار مترفون فيه من النعمة والغبطة والسرور، فعما قليل يزول هذا كله عنهم ويصبحون مرتهنين بأعمالهم السيئة. فإنما نمد لهم فيما هم فيه استدراجا وجميع ما هم فيه﴿ متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ﴾وهذه الآية كقوله تعالى :﴿ ما يجادل في آيات الله غلا الذين كفروا فلا يغرنك تقلبهم في البلاد ﴾وقال تعالى :﴿ إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون. متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ﴾وقال تعالى﴿ نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ﴾وقال تعالى﴿ فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ﴾أي : قليلا، وقال تعالى﴿ أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ﴾والله ما غروا نبي الله، ولا وكل إليهم شيئا من امر الله حتى قبضه الله على ذلك.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي قوله :﴿ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ﴾يقول : ضربهم في البلاد.

قوله تعالى﴿ وما عند الله خير للأبرار ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا ما عنده للأبرار ولكنه بين في موضع آخر : انه النعيم، وهو قوله﴿ إن الأبرار لفي نعيم ﴾وبين في موضع آخر : أن من جملة ذلك النعيم : الشرب من كاس ممزوجة بالكافور وهو قوله﴿ إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ﴾.
قال ابن ابي حاتم : حدثنا احمد بن سنان، ثنا ابو معاوية، ثنا الأعمش، عن خيثمة، عن الأسود قال : قال عبد الله : ما من نفس برة ولا فاجرة إلا الموت خير لها، لئن كان برا لقد قال الله :﴿ وما عند الله خير الأبرار ﴾.
( ورجاله ثقات، وأخرجه الحاكم من طريق الأعمش به وصححه ووافقه الذهبي ( المستدرك٣/ ٢٩٨ ).
قوله تعالى﴿ وإن من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم عن الله سريع الحساب ﴾
قال ابن كثير : يخبر تعالى عن طائفة من اهل الكتاب انهم يؤمنون بالله حق الإيمان، ويؤمنون بما انزل على محمد مع ماهم مؤمنون به من الكتب المتقدمة انهم خاشعون لله أي مطيعون له خاضعون متذللون بين يديه لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أي لا يكتمون ما بأيديهم من البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم وذكر صفته ومبعثه وصفة أمته، وهؤلاء هم خيرة اهل الكتاب وصفوتهم سواء كانوا يهودا او نصارى. وقد قال تعالى في سورة القصص﴿ الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا غنا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ﴾الآية. وقد قال تعالى﴿ الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ﴾الآية. وقد قال تعالى﴿ ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون ﴾ وقال تعالى﴿ ليسوا سواء من اهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ﴾وقال تعالى﴿ قل آمنوا به او لاتؤمنوا عن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ﴾وهذه الصفات توجد في اليهود ولكن قليلا كما وجد في عبد الله بن سلام وأمثاله ممن آمن من أحبار اليهود ولم يبلغوا عشرة أنفس، وأما النصارى منهم يهتدون وينقادون للحق كما قال تعالى﴿ لتجدن اشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا غنا نصارى ﴾إلى قوله تعالى :﴿ فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ﴾الآية.
قال البخاري : حدثنا ابو الربيع، حدثنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن عطاء عن جابر رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم حين مات النجاشي :" مات اليوم رجل صالح، فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة ".
( الصحيح٧/٢٣٠ ح٣٨٧٧-ك مناقب الأنصار- ب موت النجاشي ).
قال الضياء : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مكي بن ابي الرجاء-بأصبهان—أن مسعود بن الحسن الثقفي اخبرهم، أنا احمد بن عبد الرحمن الذكواني، أنا أبو بكر احمد بن موسى الحافظ، نا محمد بن عبد الله بن إبراهيم( ح ). واخبرنا ابو طاهر معاوية بن علي بن معاوية الصوفي-إجازة-انا الحسن بن احمد الحداد، انا أبو نعيم، انا أبو القاسم سليمان بن احمد الطبراني، قالا : نا إبراهيم بن أحمد بن عمر، نا أبي، قثنا مؤمل بن إسماعيل، قثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن انس بن مالك، قال : لما مات النجاشي، قال النبي صلى الله عليه وسلم :" استغفروا لأخيكم ".
فقال بعض الناس : تأمرنا ان نستغفر له وقد مات بأرض الحبشة ؟ فنزلت :﴿ وإن من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل إليكم ﴾.
اللفظ للطبراني والآخر بمعناه. قال الطبراني لم يروه عن حماد إلا مؤمل. ( وقد رواه حميد عن انس ا. ه( المختارة٥/٤٠-٤١ ح١٦٤٩، ١٦٤٨ )ولفظه :" قوموا صلوا على أخيكم النجاشي ".
( المختارة٦/٦١ ح٢٠٣٧ )ورواية الطبراني في( الوسط٣/٣٢٣ ح٢٦٨٨ )قال الهيثمي : رواه البزار والطبراني ورجال الطبراني ثقات. ( مجمع الزوائد٣/٣٨ ).
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مجاهد قوله :﴿ وإن من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله ﴾ : من اليهود والنصارى وهم مسلمة اهل الكتاب.
قوله تعالى﴿ يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ﴾
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن منير سمع ابا النضر، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن ابي حازم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله او الغدوة خير من الدنيا وما عليها ".
( الصحيح٦/١٠٠ ح٢٨٩٢-ك الجهاد والسير، ب فضل رباط يوم سبيل الله... }.
قال مسلم : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي، حدثنا ابو الوليد الطيالسي، حدثنا ليث( يعني ابن سعد ) عن أيوب بن موسى، عن مكحول، عن شرحبيل بن السمط، عن سلمان. قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وغن مات، جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجرى عليه رزقه، وامن الفتان ".
( الصحيح٣/١٥٢٠ ح١٩١٣-ك الإمارة، ب فضل الرباط في سبيل الله عز وجل ).
قال مسلم : حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر. جميعا عن إسماعيل بن جعفر. قال ابن أيوب. حدثنا إسماعيل. أخبرني العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات " ؟ قالوا : بلى. يا رسول الله ! قال : إسباغ الوضوء على المكاره. وكثرة الخطى على المساجد. وانتظار الصلاة بعد الصلاة. فذلكم الرباط ".
( الصحيح١/٢١٩ ح٢٥١-ك الطهارة، ب فضل إسباغ الوضوء على المكاره ).
قال أبو داود : حدثنا سعيد بن منصور، ثنا عبد الله بن وهب، حدثني ابو هانئ، عم عمرو بن مالك، عن فضالة بن عبيد، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" كل الميت يختم على عمله، إلا المرابط، فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة، ويؤمن من فتان القبر ".
( السنن٣/٩ ح٢٥٠٠-ك الجهاد، ب في فضل الرباط )، وأخرجه الحاكم( المستدرك٢/٧٩-ك الجهاد ). من طريق احمد بن نجدة القرشي، عن سعيد بن منصور به. قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وأخرجه الترمذي( السنن٤/١٦٥ ح١٦٢١ ). ( فضائل الجهاد، ب ما جاء في فضل من مات مرابطا ). وأحمد في المسند( ٦/٢٠ )، وابن حبان في صحيحه ( الإحسان ١٠/٤٨٤ ح٤٦٢٤ )، والحاكم في المستدرك( ٢/١٤٤ )من طرق عن حيوة بن شريح عن أبي هانئ به. قال الترمذي : حسن صحيح. وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال الألباني : صحيح( صحيح سنن الترمذي ح ١٣٢٢ ).
قال الحاكم : حدثنا ابو محمد احمد بن عبد الله المزني، ثنا احمد بن نجدة القرشي، ثنا سعيد بن منصور، ثنا ابن المبارك، أنبأ مصعب بن ثابت، حدثني داود بن صالح قال : قال أبو سلمة بن عبد الرحمن : يا ابن أخي هل تدري في أي شئ نزلت هذه الآية﴿ اصبروا وصابروا ورابطوا ﴾ قال : قلت، لا. قال : يا ابن أخي غني سمعت ابا هريرة يقول : لم يكن في زمان النبي صلى الله عليه وسلم غزو يرابط فيه ولكن انتظار الصلاة بعد الصلاة.
( المستدرك٢/٣٠١-ك التفسير، ب تفسير سورة آل عمران وصححه ووافقه الذهبي ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ﴾ أي : اصبروا على طاعة الله، وصابروا اهل الضلالة ورابطوا في سبيل الله﴿ واتقوا الله لعلكم تفلحون ﴾.
قال البخاري : وزادنا عمرو قال : أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة : إن اعطى رضي وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش. طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وغن شفع لم يشفع ".
( الصحيح ٦/٨١ الفتح ح٢٨٨٧-ك الجهاد والسير، ب الحراسة في الغزو في سبيل الله ). وهكذا وقعت هذه الرواية عند البخاري عن شيخه عمرو، وهو ابن مرزوق. قال ابن حجر : وقد صرح بسماعه منه في مواضع أخرى. ( الفتح ٦/٨٢ )، وإنما عطف البخاري على رواية سابقة ليس فيها ذكر ما يتعلق بالحراسة والجهاد.
Icon