تفسير سورة فاطر

معاني القرآن
تفسير سورة سورة فاطر من كتاب معاني القرآن .
لمؤلفه الأخفش . المتوفي سنة 215 هـ

قال ﴿ أُوْلِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ﴾ ( ١ ) فلم يصرفه لأنه توهم به " الثَلاثَةَ " و " الأرْبَعَةَ ". وهذا لا يستعمل إلا في حال العدد. وقال في مكان آخر ﴿ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ﴾ وتقول " ادْخُلوا أُحادَ أُحادَ " كما تقول " ثُلاثَ ثُلاثَ " وقال الشاعر :[ من الوافر وهو الشاهد الثاني والستون بعد المئة ] :
[ ١٦١ ب ] أحمَّ اللهُ ذَلِكَ من لِقاءِ أُحادَ أُحَادَ في شَهْرٍ حلال
وقال ﴿ مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا ﴾ ( ٢ ) فأنث لذكر الرحمة ﴿ وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ﴾ ( ٢ ) فذكر لأن لفظ ﴿ ما ﴾ يذكّر.
وقال﴿ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾ ( ١٨ ) لأنه خبر.
وقال ﴿ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا ﴾ ( ١٨ ) فكأنه قال و " إِنْ تَدْعُ إِنْساناً لا يحمل من ثِقَلِها شَيْئاً ولو كان الإنسان ذا قربى.
وقال ﴿ وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ ﴾ ( ٢١ ) فيشبه أن تكون ﴿ لا ﴾ زائدة لأنك لو قلت : " لا يَسْتَوِي عَمْرٌو ولا زَيْدٌ " في هذا المعنى لم يكن إلا أن تكون ﴿ لا ﴾ زائدة.
وقال ﴿ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ ﴾ ( ٢٧ ) و " الجُدَدُ " واحدتها " جُدَّةٌ " و " الجُدَدِ " هي ألوان الطرائق التي فيها مثل " الغُدَّة " وجماعتها " الغُدَدُ " ولو كانت جماعة " الجَديدِ " لكانت " الجُدُد ". وإنما قرئت ﴿ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُها ﴾ ( ٢٧ ) لأن كل صفة مقدمة فهي تجري على الذي قبلها إذا كانت من سببه فالثمرات في موضع نصب.
وقال ﴿ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا ﴾ ( ٢٧ ) فرفع " المُخْتَلِفُ " لأن الذي قبلها مرفوع.
وقال ﴿ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً ﴾ ( ٣١ ) لأن الحق معرفة.
وقال ﴿ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا ﴾ ( ٣٦ ) وقد قال ﴿ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً ﴾ يقول : " لاَ يُخَفَّفُ عنهم من العذابِ الذي هو هكذا ".
وقال ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولاَ [ وَلَئِن زَالَتَا ] إِنْ أَمْسَكَهُمَا ﴾ ( ٤١ ) فثنى وقد قال ﴿ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾ فهذه جماعة وأرى [ ١٦٢ ء ] - و الله أعلم - أنه جعل السماوات صنفا كالواحد.
وقال ﴿ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ ﴾ ( ٤٢ ) فجعلها إِحْدَى لأنها أمة.
وقال ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ ﴾ ( ٤٥ ) فأضمر الأرض من غير أن يكون ذكرها لأن هذا الكلام قد كثر حتى عرف معناه تقول : " أُخْبِرُكَ ما على ظَهْرِهَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ منِْكَ وما بِهَا أحَدٌ آثَرُ عِنْدِي مِنْكَ ".
Icon