ﰡ
﴿ نُقَيِّضْ ﴾ أي نهيىء ونيسر وهذا عقاب على الكفر بالحتم وعدم الفلاح والظاهر أن ضمير النصب في وانهم ليصدونهم عائد على من على المعنى أعاد أولاً على اللفظ في إفراد الضمير ثم أعاد على المعنى والضمير في يصدونهم عائد على شيطان وإن كان مفرداً لأنه مبهم في جنسه ولكل عاش شيطان قرين فجاز أن يعود الضمير مجموعاً وقرىء: جاآنا على التثنية أي العاش والقرين أعاد على لفظ من ولفظ الشيطان القرين وإن كان من حيث المعنى صالحاً للجمع وقرىء: جاءنا على الإِفراد والضمير عائد على لفظ من أعاد أولاً على اللفظ ثم جمع على المعنى ثم أفرد على اللفظ.﴿ قَالَ ﴾ أي الكافر للشيطان.﴿ يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ ﴾ تمنى لو كان ذلك في الدنيا حتى لا يصده عن سبيل الله أو تمنى ذلك في الآخرة وهو الظاهر لأنه جواب إذا التي للإِستقبال أي مشرقي الشمس مشرقها في أقصر يوم من السنة ومشرقها في أطول يوم من السنة.﴿ فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ ﴾ مبالغة منه في ذم قرينه إذ كان سبب إيراده النار والمخصوص بالذم محذوف تقديره فبئس القرين أنت.﴿ وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ ﴾ حكاية حال يقال لهم يوم القيامة وهي مقالة موحشة حرمتهم روح التأسي لأنه وقفهم بها على أنه لا ينفعهم التأسي لعظم المصيبة وطول العذاب واستمر مدته إذ التأسي راحة كل مصاب في الدنيا في الأغلب. قال الزمخشري: وإذا بدل من اليوم " انتهى ". وحمل إذ ظلمتم على معنى إذ نبين ووضح ظلمكم ولم يبق لأحد ولا لكم شبهة في أنكم كنتم ظالمين ونظيره قوله: إذا ما انتسبنا لم تلدني أي يتبين أني ولد كريمة " انتهى ". ولا يجوز فيه البدل على بقاء إذ على موضوعها من كونها ظرفاً لما مضى من الزمان فإِن جعلت لمطلق الوقت جاز وتخريجها على البدل أخذه الزمخشري من ابني أخذه الزمخشري من ابني جنى قال الزمخشري: من ابن جنى قال في مساءلته ابا على راجعته مراراً فيها وآخر ما حصل منه أن الدنيا والآخرة متصلتان وهما سواء في حكم الله تعالى وعلمه فتكون إذ بدلاً من اليوم حتى كأنها مستقبلة أو كان اليوم ماض وقيل التقدير بعد إذ ظلمتم فحذف المضاف للعلم به وفاعل ينفعكم الاشتراك ولما كانت حواسهم لم ينتفعوا بها أعاد الضمير عليهم في قوله:﴿ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ ﴾ ولم يجر لهم ذكر إلا في قوله: أفأنت تسمع الصم والمعنى إن قبضناك قبل نصرك فإِنا منهم منتقمون في الآخرة.﴿ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ ﴾ أي هم في قبضتنا لا يفوتونا ولما ردّ تعالى بين حياته وموته صلى الله عليه وسلم أمره بأن يستمسك بما أوحاه إليه.﴿ وَإِنَّهُ ﴾ أي وإن ما أوحينا إليك.﴿ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ﴾ أي شرف حيث نزل عليهم وبلسانهم وجعل سائر الناس تبعاً لهم والقوم على هذا قريش ثم العرب.﴿ وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا ﴾ الظاهر أنه خطاب للسامع الذي يريد أن يفحص عن الديانات فقيل له اسأل أيها الناظر اتباع الرسل جاءتهم الرسل بعبادة غير الله فإِنهم يخبرونك ان ذلك لم يقع ولا يمكن أن يأتوا به قبلك أي قبل بعثة رسولك أيها السامع وعلق واسأل فارتفع من وهو اسم استفهام على الابتداء وأرسلنا خبره والجملة في موضع نصب باسأل بعد إسقاط الخافض كان سؤاله من أرسلت يا رب قبلي من رسلك أجعلت في رسالته آلهة تعبد ثم سألهم السؤال فحكى المعنى فرد الخطاب إلى محمد في قوله من قبلك.﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَـٰتِنَآ ﴾ الآية.﴿ فَلَمَّا جَآءَهُم بِآيَاتِنَآ ﴾ قبله كلام محذوف تقديره فطالبوه بما يدل على صحة دعواه الرسالة من الله تعالى فلما جاءهم بآياتنا.﴿ إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ ﴾ أي فاجأهم الضحك بحيث لم يفكروا ولم يتأملوا بل بنفس ما رأوا ذلك ضحكوا سخرية واستهزاء كما كانت قريش تضحك قال الزمخشري: فإِن قلت كيف جاز أن تجاب لما باذا المفاجأة قلت: لأن فعل المفاجأة معها مقدر وهو عامل النصب في محلها كأنه قيل فلما جاءهم فاجأوا وقت ضحكم " انتهى ". ولا نعلم غوياً ذهب إلى ما ذهب إليه هذا الرجل من أن الفجائية تكون منصوبة بفعل مقدّر تقديره فاجأ بل المذاهب فيها ثلاثة مذهب انها حرف فلا تحتاج إلى عامل ومذهب انها ظرف مكان فإِن صرح بعد الاسم بعدها بخبر له كان ذلك الخبر عاملاً فيها نحو خرجت فإِذا زيد قائم فقائم ناصب لا اذا كأن التقدير خرجت ففي المكان الذي خرجت فيه زيد قائم ومذهب انها ظرف زمان والعامل فيه الخبر أيضاً كأنه قال: ففي الزمان الذي خرجت فيه زيد قائم وإن لم يذكر بعد الاسم خبر أو ذكر اسم منصوب على الحال كانت إذا خبراً للمبتدأ فإِن كان المبتدأ جثة وقلنا إذا ظرف مكان كان الأمر واضحاً وإن قلنا ظرف زمان كان الكلام على حذف أي ففي الزمان حضور زيد وما ادعاه الزمخشري من إضمار فعل المفاجأة لم ينطق به ولا في موضع واحد ثم المفاجأة التي ادعاها لا يدل المعنى على أنها تكون من الكلام السابق بل المعنى يدل على أن المفاجأة تكون من الكلام الذي فيه إذا تقول خرجت فإِذا الأسد فالمعنى ففاجأني الأسد وليس المعنى ففاجأت الأسد.﴿ وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ ﴾ كانت آياته من كبار الآيات وكانت كل واحدة أكبر من التي قبلها فعلى هذا يكون ثم صفة محذوفة أي من أختها السابقة عليها ولا يبقى في الكلام تعارض ولا يكون ذلك الحكم في الآية الأولى لأنه لا يسبقها شىء فتكون أكبر منه وقيل الأولى تقتضي علماً والثانية تقتضي علماً منضماً إلى علم الأولى فيزداد الرجوح ومعنى أختها مناسبتها تقول هذه الدرة أخت هذه أي مناسبتها.﴿ وَقَالُواْ يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ﴾ خطاب استهزاء وانتقاص ويكون قولهم بما عهد عندك أي زعمك وقولك.﴿ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ ﴾ إخبار غير مطابق معلق على شرط دعائه وكشف العذاب عنهم وعهد معزوم على نكثه ألا ترى إلى قوله إذا هم ينكثون قوله بما عهد عندك يحتمل أن يكون من أن دعوتك مستجابة.