تفسير سورة فاطر

التبيان في إعراب القرآن
تفسير سورة سورة فاطر من كتاب التبيان في إعراب القرآن .
لمؤلفه أبو البقاء العكبري . المتوفي سنة 616 هـ

سُورَةُ فَاطِرٍ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ) : الْإِضَافَةُ مَحْضَةٌ؛ لِأَنَّهُ لِلْمَاضِي لَا غَيْرَ، فَأَمَّا «جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ» فَكَذَلِكَ فِي أَجْوَدِ الْمَذْهَبَيْنِ. وَأَجَازَ قَوْمٌ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَحْضَةٍ عَلَى حِكَايَةِ الْحَالِ.
وَ (رُسُلًا) : مَفْعُولٌ ثَانٍ.
وَ (أُولَى) : بَدَلٌ مِنْ رُسُلٍ، أَوْ نَعْتٌ لَهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «جَاعِلِ» بِمَعْنَى خَالِقِ؛ فَيَكُونُ «رُسُلًا» حَالًا مُقَدَّرَةً.
وَ (مَثْنَى) : نَعْتٌ لِأَجْنِحَةٍ. وَقَدْ ذُكِرَ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ الْمَعْدُولَةِ فِي أَوَّلِ النِّسَاءِ.
وَ (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ) : مُسْتَأْنَفٌ.
قَالَ تَعَالَى: (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ) :«مَا» شَرْطِيَّةٌ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِيَفْتَحْ. وَ (مِنْ رَحْمَةٍ) : تَبْيِينٌ لِـ «مَا».
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ) : يُقْرَأُ بِالرَّفْعِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ؛
أَحَدُهُمَا: هُوَ صِفَةٌ لِخَالِقٍ عَلَى الْمَوْضِعِ، وَ «خَالِقٍ» : مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: لَكُمْ أَوْ لِلْأَشْيَاءِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فَاعِلَ «خَالِقٍ» أَيْ هَلْ يَخْلُقُ غَيْرُ اللَّهِ شَيْئًا.
وَيُقْرَأُ بِالْجَرِّ عَلَى الصِّفَةِ لَفْظًا.
(يَرْزُقُكُمْ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِخَالِقٍ.
قَالَ تَعَالَى: (الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ كَفَرُوا) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَمَا بَعْدَهُ الْخَبَرُ، وَأَنْ يَكُونَ صِفَةً لِـ «حِزْبَهُ» أَوْ بَدَلًا مِنْهُ؛ وَأَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ جَرِّ صِفَةٍ لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ، أَوْ بَدَلٍ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ تَعَالَى: (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (حَسَرَاتٍ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا؛ أَيْ مُتَلَهِّفَةً، وَأَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ.
قَالَ تَعَالَى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ (١٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَرْفَعُهُ) : الْفَاعِلُ ضَمِيرُ الْعَمَلِ، وَالْهَاءُ لِلْكَلِمِ؛ أَيِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُ الْكَلِمَ.
وَقِيلَ: الْفَاعِلُ اسْمُ اللَّهِ؛ فَتَعُودُ الْهَاءُ عَلَى الْعَمَلِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَكْرُ أُولَئِكَ) : مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ: «يَبُورُ». وَ «هُوَ» فَصْلٌ أَوْ تَوْكِيدٌ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً، وَ «يَبُورُ» الْخَبَرُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ «مَكْرُ».
قَالَ تَعَالَى: (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢))
قَوْلُهُ تَعَالَى: (سَائِغٌ شَرَابُهُ) :«سَائِغٌ» عَلَى فَاعِلٍ، وَبِهِ يَرْتَفِعُ «شَرَابُهُ»، لِاعْتِمَادِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ.
وَيُقْرَأُ «سَيِّغٌ» بِالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ فَيْعِلٌ مِثْلُ سَيِّدٍ. وَيُقْرَأُ بِالتَّخْفِيفِ مِثْلَ مَيِّتٍ؛ وَقَدْ ذُكِرَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (١٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) : أَيْ لَوْ كَانَ الْمَدْعُوُّ ذَا قُرْبَى.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا، وَكَانَ تَامَّةٌ.
قَالَ تَعَالَى: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (٢٠) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (٢١) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٢٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَا النُّورُ) (وَلَا الْحَرُورُ) :«لَا» فِيهِمَا زَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الظُّلُمَاتُ لَا تُسَاوِي النُّورَ؛ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ النُّورَ فِي نَفْسِهِ لَا يَسْتَوِي، وَكَذَلِكَ «لَا» فِي «وَلَا الْأَمْوَاتُ».
قَالَ تَعَالَى: (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (٢٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ) : حَالٌ، وَ «قَدْ» مُقَدَّرَةٌ؛ أَيْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، وَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ.
قَالَ تَعَالَى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلْوَانُهَا) : مَرْفُوعٌ بِـ «مُخْتَلِفًا».
(وَجُدَدٌ) بِفَتْحِ الدَّالِ: جَمْعُ جُدَّةٍ، وَهِيَ الطَّرِيقَةُ. وَيُقْرَأُ بِضَمِّهَا، وَهُوَ جَمْعٌ جَدِيدٌ.
(وَغَرَابِيبُ سُودٌ) : الْأَصْلُ: وَسُودٌ غَرَابِيبُ؛ لِأَنَّ الْغِرْبِيبَ تَابِعٌ لِلْأَسْوَدِ، يُقَالُ: أَسْوَدُ غِرْبِيبٌ، كَمَا تَقُولُ: أَسْوَدُ حَالِكٌ.
وَ (كَذَلِكَ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ؛ أَيِ اخْتِلَافًا مِثْلَ ذَلِكَ.
وَ (الْعُلَمَاءُ) بِالرَّفْعِ، وَهُوَ الْوَجْهُ. وَيُقْرَأُ بِرَفْعِ اسْمِ «اللَّهِ» وَنَصْبِ «الْعُلَمَاءِ» عَلَى مَعْنَى: إِنَّمَا يُعَظِّمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءَ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (٢٩) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (٣٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَرْجُونَ تِجَارَةً) : هُوَ خَبَرُ إِنَّ.
وَ (لِيُوَفِّيَهُمْ) : تَتَعَلَّقُ بِيَرْجُونَ، وَهِيَ لَامُ الصَّيْرُورَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ؛ أَيْ فَعَلُوا ذَلِكَ لِيُوَفِّيَهُمْ.
قَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٣١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (هُوَ الْحَقُّ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «هُوَ» فَصْلًا، وَأَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً.
وَ (مُصَدِّقًا) : حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ.
قَالَ تَعَالَى: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (٣٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (جَنَّاتُ عَدْنٍ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا ثَانِيًا لِذَلِكَ، أَوْ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ مُبْتَدَأً، وَالْخَبَرُ: «يَدْخُلُونَهَا» وَتَمَامُ الْآيَةِ قَدْ ذُكِرَ فِي الْحَجِّ.
قَالَ تَعَالَى: (الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (٣٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (دَارَ الْمُقَامَةِ) : مَفْعُولُ «أَحَلَّنَا» وَلَيْسَ بِظَرْفٍ، لِأَنَّهَا مَحْدُودَةٌ.
(لَا يَمَسُّنَا) : هُوَ حَالٌ مِنَ الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَيَمُوتُوا) : هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى جَوَابِ النَّفْيِ.
وَ (عَنْهُمْ) : يَجُوزُ أَنْ يَقُومَ مَقَامَ الْفَاعِلِ.
وَ (مِنْ عَذَابِهَا) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ؛ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ «مِنْ» زَائِدَةً، فَيَتَعَيَّنُ لَهُ الرَّفْعُ.
وَ (كَذَلِكَ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ نَجْزِي جَزَاءً مِثْلَ ذَلِكَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ قَالَ تَعَالَى: (٣٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا صِفَتَيْنِ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ؛ أَوْ لِمَفْعُولٍ مَحْذُوفٍ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «صَالِحًا» نَعْتًا لِلْمَصْدَرِ، وَ «غَيْرَ الَّذِي» : مَفْعُولٌ.
وَ (مَا يَتَذَكَّرُ) أَيْ زَمَنَ مَا يَتَذَكَّرُ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً؛ أَيْ تَعْمِيرًا يُتَذَكَّرُ فِيهِ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (٤١) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (٤٢) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (٤٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَنْ تَزُولَا) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ؛ أَيْ مَخَافَةَ أَنْ تَزُولَا، أَوْ عَنْ.
وَ (يُمْسِكُ) : أَيْ يَحْبِسُ.
وَ (إِنْ أَمْسَكَهُمَا) : أَيْ مَا يُمْسِكُهُمَا؛ فَإِنْ بِمَعْنَى مَا، وَأَمْسَكَ بِمَعْنَى يُمْسِكُ.
Icon