ﰡ
قَالَ يحيى: بَلغنِي أَنه كتب مَعَ امْرَأَة مولاة لنَبِيّ هَاشم وَجعل لَهَا جُعْلًا، وَجعلت الْكتاب فِي خمارها، فجَاء جِبْرِيل إِلَى رَسُول الله فَأخْبرهُ، فَبعث رَسُول الله فِي طلبَهَا عليا ورجلاً آخر، ففتشاها فَلم يجدا مَعهَا شَيْئا، فَأَرَادَ صَاحبه الرُّجُوع فَأبى عَليّ وسَلَّ عَلَيْهَا السَّيْفَ، وَقَالَ: وَالله مَا كَذَبتُ وَلَا كُذِبْتُ، فَأخذت عَلَيْهِمَا إِن أَعْطتْهُ إيَّاهُمَا أَلا يَرُداها، فأخرجت الْكتاب من خمارها.
قَالَ الْكَلْبِيّ: فَأرْسل رَسُول الله إِلَيْهِ هَل تعرف هَذَا يَا حاطبُ؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَمَا حملك عَلَيْهِ؟ قَالَ: أما وَالَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب مَا كفرت مُنْذُ آمنتُ، وَلَا أحببْتُهم مُنْذُ فَارَقْتهمْ، وَلم يكن من أَصْحَابك أحدٌ إِلَّا وَله بِمَكَّة من يمْنَع الَّذِي لَهُ غَيْرِي، فأحببتُ أَن أَتَّخِذ عِنْدهم مَوَدَّة، وَقد علمت أَن اللَّه منزلٌ عَلَيْهِم بأسه ونِقْمَته، وَإِن كتابي لن يُغني عَنْهُم شَيْئا، فصدّقه رَسُول الله وعَذَره؛ فَأنْزل اللَّه هَذَا فِيهِ.
تَفْسِير سُورَة الممتحنة من الْآيَة ٤ إِلَى آيَة ٥.
﴿وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ﴾ أَن أُدْخِلَك فِي الْإِيمَان، وَلَا أَن أَغفر لَك. يَقُول: قد كَانَت لكم فِي إِبْرَاهِيم وَالَّذين مَعَه أُسْوَة حَسَنَة إِلَّا قَول إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ: لأَسْتَغْفِرَن لَك، فَلَا تستغفروا للْمُشْرِكين.
تَفْسِير سُورَة الممتحنة من الْآيَة ٦ إِلَى آيَة ٩.
قَالَ مُحَمَّد: قيل: إِن معنى (تقسطوا إِلَيْهِم) (ل ٣٦٠): تعدلوا فِيمَا بَيْنكُم وَبينهمْ من الْوَفَاء بالعهد.
قَالَ يحيى: وَكَانَ هَذَا قبل أَن يُؤمر بِقِتَال الْمُشْركين كَافَّة، كَانَ الْمُسلمُونَ قبل أَن يُؤمر بقتالهم استشاروا النَّبِي فِي قرابتهم من الْمُشْركين أَن يصلوهم ويبروهم، فَأنْزل اللَّه هَذِه الْآيَة فِي تَفْسِير الْحسن.
تَفْسِير سُورَة الممتحنة الْآيَة ١٠.
﴿الله أعلم بإيمانهن﴾ أصدقن أم كذبن ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مؤمنات﴾ إِذا أقررن بِالْإِسْلَامِ، وحلفن بِاللَّه مَا أخرجهُنّ النشوزُ، وَمَا أخرجهنّ إِلَّا حُبُّ الْإِسْلَام والحرص عَلَيْهِ ﴿فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ﴾ مهورهن ﴿وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ يَعْنِي: كوافر الْعَرَب إِذا أبَيْن أَن يُسْلِمْنَ أَن يُخلَّى سبيلُهنّ ﴿وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنكُم﴾ وَهَذَا حكمٌ حكمه اللَّه بَين أهل الْهدى وَأهل الضَّلَالَة، فِي تَفْسِير قَتَادَة.
قَالَ قَتَادَة: كن إِذا فررْن إِلَى أَصْحَاب رَسُول الله وأزواجهن من أهلِ الْعَهْد فتزوّجُوهُن، بعثوا بمهورهنّ إِلَى أَزوَاجهنَّ من الْمُشْركين، وَإِذا فررْن من أَصْحَاب رَسُول الله إِلَى الْكفَّار الَّذين بَينهم وَبَين رَسُول الله عهدٌ فتزوجوهنّ، بعثوا بمهورهن إِلَى أَزوَاجهنَّ من الْمُسلمين، فَكَانَ هَذَا بَين أَصْحَاب رَسُول الله وَبَين أهل الْعَهْد من الْمُشْركين، ثمَّ نسخ هَذَا الحكم وَهَذَا الْعَهْد فِي بَرَاءَة فنبذ إِلَى كل ذِي عهدٍ عَهده، وَقد مضى تَفْسِيره.
قَالَ محمدٌ: الْمَعْنى: كَانَت العقبى لكم فغنمتم.
﴿فَآتُوا الَّذين ذهبت أَزوَاجهم﴾ يَعْنِي: من أَصْحَاب النَّبِي ﴿مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُم بِهِ مُؤمنُونَ﴾ فَكَانُوا إِذا غنموا غنيمَة أعْطوا زَوجهَا صَدَاقهَا الَّذِي كَانَ سَاق إِلَيْهَا من جَمِيع الْغَنِيمَة، ثمَّ تُقْسَم الْغَنِيمَة بعد، ثمَّ نسخ ذَلِك مَعَ الْعَهْد وَالْحكم بقوله: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ﴾.
تَفْسِير سُورَة الصَّفّ الْآيَات من الْآيَة ١ إِلَى الْآيَة ٤.