تفسير سورة الكهف

كتاب نزهة القلوب
تفسير سورة سورة الكهف من كتاب كتاب نزهة القلوب .
لمؤلفه أبى بكر السجستاني .

﴿ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ ﴾: أي قاتل نفسك.﴿ أَسَفاً ﴾ غضبا، ويقال حزنا.
(جرز) وجرز: أرض غليظة يابسة لا نبت فيها، ويقال: الأرض الجرز: التي تحرق ما فيها من النبات وتبطله، يقال: جرزت الأرض إذا ذهبت نباتها، فكأنها قد أكلته كما يقال: رجل جروز إذا كان يأتي على مأكول لا يبقى شيئا، وسيف جراز: يقطع كل شيء وقع عليه ويهلكه، وكذلك السنة الجروز.
﴿ ٱلْكَهْفِ ﴾ هو غار في الجبل ﴿ ٱلرَّقِيمِ ﴾: لوح كتب فيه خبر أصحاب الكهف ونصب على باب الكهف. والرقيم: الكتاب، وهو فعيل بمعنى مفعول، ومنه﴿ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ ﴾[المطففين: ٩] أي مكتوب. ويقال الرقيم اسم الوادي الذي فيه الكهف.
﴿ ضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ ﴾: أي أنمناهم. وقيل: منعناهم السمع.
﴿ بَعَثْنَاهُمْ ﴾: أي أحييناهم.
﴿ رَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ ﴾ أي ثبتنا قلوبهم وألهمناهم الصبر ﴿ شَطَطاً ﴾ أي جورا وغلوا في القول وغيره.
﴿ مِّرْفَقاً ﴾ ومرفقا جميعا: ما يرتفق به، وكذلك مرفق الإنسان ومرفقه، ومنهم من يجعل المرفق بفتح الميم وكسر الفاء: من الأمر، والمرفق من الإنسان.
﴿ تَّزَاوَرُ ﴾: تمايل، ولذا قيل للكذب: زور لأنه أميل عن الحق ﴿ تَّقْرِضُهُمْ ﴾: تخلفهم وتجاوزهم ﴿ فَجْوَةٍ ﴾ أي متسع، ويقال: مفيأة: أي موضع لا تصيبه الشمس.
(وصيد): هو فناء البيت، وقيل عتبة الباب.
﴿ بِوَرِقِكُمْ ﴾: أي فضتكم.﴿ يُشْعِرَنَّ ﴾: أي يعلن.
﴿ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ ﴾ أطلعنا عليهم.﴿ مُلْتَحَداً ﴾[الكهف: ٢٧] أي معتدلا ومميلا: أي ملجأ يميل إليه فيجعله حرزا.
﴿ تُمَارِ فِيهِمْ ﴾: تجادل فيهم.
﴿ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ﴾ أي ما أبصره وأسمعه.
﴿ ٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم ﴾: أي احبس نفسك عليهم ولا ترغب عنهم إلى غيرهم. ﴿ فُرُطاً ﴾ أي سرفا وتضييعا.
﴿ سُرَادِقُهَا ﴾: السرادق: الحجب التي تكون حول الفسطاط (المهل) هو دردي الزيت: ويقال: ما أذيب من النحاس والرصاص وما أشبه ذلك ﴿ مُرْتَفَقاً ﴾: متكأ عليه على المرفق. والاتكاء: الاعتماد على المرفق.
﴿ أَسَاوِرَ ﴾ وأسورة وأسورة: جمع سوار وسوار وهو الذي يلبس في الذراع من ذهب، فإن كان من فضة فهو قلب، وجمعه قلبة، وإن كان من قرون أوعاج فهو مسكة وجمعها مسك ﴿ سُنْدُسٍ ﴾ رقيق الديباج. والإستبرق صفيقه ﴿ إِسْتَبْرَقٍ ﴾: هو ثخين الديباج، وهو فارسي معرب (أرائك) أسرة في الحجال، واحدها أريكة.
﴿ حَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ ﴾ أي أطفناهما من جوانبهما. والحفاف: الجانب، وجمعه أحفة.
﴿ ثَمَرٌ ﴾ بضم الثاء جمع ثمار، ويقال الثمر بضم الثاء: المال، والثمر بفتح الثاء: جمع ثمرة من أثمار المأكول ﴿ يُحَاوِرُهُ ﴾ يقال تحاور الرجلان إذا رد كل واحد منهما على صاحبه، والمحاورة الخطاب من اثنين فما فوق ذلك.
﴿ حُسْبَاناً ﴾ يعني مرامي، واحدها حسبانة ﴿ زَلَقاً ﴾ الزلق: الذي لا تثبت عليه قدم.
﴿ غَوْراً ﴾ أي غائرا، وصف بالمصدر.
﴿ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا ﴾ أي يصفق بالواحدة على الأخرى كما يفعل المتندم الأسيف على ما فاته ﴿ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا ﴾: خالية قد سقط بعضها على بعض.
﴿ هُنَالِكَ ٱلْوَلاَيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقِّ ﴾ يعني يومئذ يتولون الله ويؤمنون، ويتبرءون مما كانوا يعبدون. انظر ٧٢ من الأنفال.
﴿ هَشِيماً ﴾ يعني ما يبس من النبت وتهشم أي تكسر وتفتت، وهشمت الشيء أي كسرته: ومنه سمي الرجل هاشما، وينشد هذا البيت: عمرو العلا هشم الثريد لقومه   ورجال مكة مسنتون عجافكان اسمه عمرا فلما هشم الثريد سمي هاشما ﴿ تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ ﴾: تطيره وتفرقه.
﴿ وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ ﴾: الصلوات الخمس، وقيل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
﴿ بَارِزَةً ﴾: أي ظاهرة، أي يرى الأرض ظاهرة ليس فيها مستظل ولا متفيأ، ويقال للأرض الظاهرة البراز ﴿ نُغَادِرْ ﴾ نبقى ونترك وتخلف، يقال غادرت كذا وأغدرته إذا خلفته، ومنه سمي الغدير لأنه ماء تخلفه السيول.
﴿ يُغَادِرُ ﴾ أي يترك ويخلف وقد مر تفسيره.
﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾ أي خرج عنه. انظر ٢٦ من البقرة.
﴿ عَضُداً ﴾ أي أعوانا، ومنه قولهم: قد عاضده على أمره، إذا أعانه عليه.
﴿ مَّوْبِقاً ﴾ أي موعدا. ويقال: مهلكا بينهم وبين آلهتهم. ويقال: موبق: واد في جهنم.
﴿ مَصْرِفاً ﴾ أي معدلا.
﴿ قُبُلاً ﴾ مقابلة وقيل معاينة انظر ١١١ من الأنعام.
﴿ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ ﴾ أي ليزيلوا به الحق ويذهبوا به انظر ١٦ من الشورى.
﴿ مَوْئِلاً ﴾ أي منجى، ومنه قول علي عليه السلام، وكانت درعه صدرا بلا ظهر، فقيل له: لو أحرزت ظهرك! فقال إذا وليت فلا وألت. أي اذا أمكنت من ظهري فلا نجوت.
﴿ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ ﴾ أي العذاب والملح ﴿ حُقُباً ﴾ أي دهرا. ويقال: الحقب: ثمانون سنة.
﴿ فِي ٱلْبَحْرِ سَرَباً ﴾ أي فاتخذ الحوت سبيله في البحر سربا: أي مسلكا ومذهبا أي يسرب فيه. وانظر ١٠ من الرعد.
﴿ ٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً ﴾: أي رجعا يقصان الأثر الذي جاءا فيه.
﴿ أمْراً ﴾: أي عجبا، ويقال: داهية.
﴿ تُرْهِقْنِي ﴾: تغشني.
(زاكية) وزكية: قرئ بهما جميعا. وقيل نفس زاكية: لم تذنب قط، وزكية: أذنبت ثم غفر لها. قال أبو عمر: الصواب: زكية في الحال، وزاكية في غد، فالإختيار زكية مثل ميت ومائت، ومريض ومارض، عن قليل. وقوله عز وجل:﴿ مَا زَكَىٰ مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً ﴾[النور: ٢١] أي لم يكن زاكيا، يقال زكا فلان إذا كان زاكيا، وزكاة الله عز وجل. إذا جعله زاكيا ﴿ نُّكْراً ﴾ أي منكرا.
﴿ يُضَيِّفُوهُمَا ﴾ أي ينزلوهما منزلة الأضياف (جدار) أي حائط وجمعه جدر ﴿ يَنقَضَّ ﴾ أي يسقط وينهدم، وينقاض: ينشق وينقلع من أصله ﴿ تَّخَذْتَ ﴾: بمعنى اتخذت.
﴿ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ ﴾: أي أمامهم، ووراء من الأضداد، يكون بمعنى خلف، ويكون بمعنى أمام، قال أبو عمر: فأما قوله عز وجل﴿ وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ ﴾[البقرة: ٩١] أي بما سواه.
﴿ رُحْماً ﴾: أي رحمة وعطفا.
(سبب) يعني ما وصل شيئا بشيء. وقوله عز وجل ﴿ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً ﴾ أي وصلة إليه. وأصل السبب: الحبل. وقوله عز وجل﴿ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَآءِ ﴾[الحج: ١٥] أي بحبل إلى سقف بيته ثم ليخنق نفسه فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ.
﴿ حَمِئَةٍ ﴾: مهموز: ذات حمأة. وحمية وحامية بلا همز: أي حارة.
﴿ السَّدَّيْنِ ﴾ والسدين - يقرآن جميعا - أي جبلان. ويقال: ما كان مسدودا خلقة فهو سد بالضم، وما كان من عمل الناس فهو سد بالفتح.
﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً ﴾ أي جعلا.
﴿ زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ ﴾ أي قطع الحديد، واحدتها زبرة ﴿ ٱلصَّدَفَيْنِ ﴾ والصدفين ناحيتي الجبل. وقوله عز وجل ﴿ سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ ﴾ ويقرأ: الصدفين: أي ما بين الناحيتين من الجبلين ﴿ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً ﴾: أي اصبب عليه نحاسا مذابا.
﴿ يَظْهَرُوهُ ﴾ أي يعلوه، يقال: ظهر على الحائط أي علاه.
﴿ يَمُوجُ ﴾ أي يضطرب وقوله تعالى: ﴿ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ﴾ أي يختلط بعضهم ببعض مقبلين ومدبرين حيارى.
﴿ عَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً ﴾: أظهرناها حتى رآها الكفار، يقال: عرضت الشيء أظهرته، وأعرض لك الشيء: ظهر، ومنه قول عمرو بن كلثوم: وأعرضت اليمامة واشمخرت كأسياف بأيدي مصلتينا
﴿ صُنْعاً ﴾ وصنيعا: أي عملا. والصنع والصنيع والصنعة بمعنى واحد. وقوله سبحانه وتعالى:﴿ وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ صُنْعَ ٱللَّهِ ﴾[النمل: ٨٨] أي فعل الله.
﴿ ٱلْفِرْدَوْسِ ﴾ أي البستان بلسان الروم.﴿ نُزُلاً ﴾: النزل: ما يقام للضيف ولأهل العسكر.
﴿ حِوَلاً ﴾ تحويلا.
﴿ نَفِدَ ﴾: فنى.﴿ تَنفَدَ ﴾: أي تفنى.
Icon