تفسير سورة سورة البقرة من كتاب التفسير البسيط
المعروف بـالبسيط للواحدي
.
لمؤلفه
الواحدي
.
المتوفي سنة 468 هـ
ﰡ
ﭑ
ﰀ
تفسير (١) سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم
١ - قوله عزّ وجلّ ﴿الم﴾: إجماع النحويين أن (٢) هذه الحروف ما دامت حروف هجاء غير معطوفة، ولا موقعة موقع الأسماء، أنها سواكن الأواخر في الإدراج والوقف، وذلك قولك (٣): (ألف (٤)، با تا ثا) إلى آخرها، وذلك أنها أسماء الحروف الملفوظة بها في صيغ الكلم، بمنزلة أسماء الأعداد، نحو: ثلاثة، أربعة، خمسة. ولا تجد لها رافعاً، ولا ناصباً، ولا جاراً، وإذا (٥) جرت مجرى الحروف لم يجز تصريفها، ولا اشتقاقها (٦)،
(١) (تفسير) ساقط من (ب).
(٢) من هذا الموضع نقل المؤلف هذا الكلام من كتاب "سر صناعة الإعراب" لأبي الفتح عثمان بن جني، فصل: في تصريف حروف المعجم واشتقاقها وجمعها. قال: اعلم أن هذِه الحروف مادامت حروف هجاء غير معطوفة ولا... الخ ٢/ ٧٨١ - ٧٨٤.
(٣) في (ب): (قوله).
(٤) في (أ)، (ج): (أ) وما في (ب) موافق لـ "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٨١
(٥) في (ب): فإذا.
(٦) في (ج): (اشقاقها).
(٢) من هذا الموضع نقل المؤلف هذا الكلام من كتاب "سر صناعة الإعراب" لأبي الفتح عثمان بن جني، فصل: في تصريف حروف المعجم واشتقاقها وجمعها. قال: اعلم أن هذِه الحروف مادامت حروف هجاء غير معطوفة ولا... الخ ٢/ ٧٨١ - ٧٨٤.
(٣) في (ب): (قوله).
(٤) في (أ)، (ج): (أ) وما في (ب) موافق لـ "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٨١
(٥) في (ب): فإذا.
(٦) في (ج): (اشقاقها).
7
ولا تثنيتها، ولا جمعها، كما أن الحروف كذلك. ويدلك (١) على كونها بمنزلة (هل، وبل، وقد، وحتى، وسوف) أنك (٢) تجد فيها ما هو على حرفين الثاني منهما ألف نحو: (با، تا، طا) ولا تجد (٣) في الأسماء المعربة ما هو على حرفين الثاني منهما حرف لين، إنما ذلك في الحروف نحو: (ما، ولا، ويا (٤)، وأو، ولو، وكي، وأي) فلا تزال (٥) هذِه الحروف هكذا مبنية غير معربة؛ لأنها أصوات بمنزلة: (صه) (٦)، و (مه) (٧)، و (غاق) (٨)، و (إيه) (٩). حتى توقعها مواقع الأسماء فتعربها حينئذٍ كما تفعل بالأسماء، وذلك قولك (١٠): أول الجيم (جيم) وآخر الصاد (دال) وأوسط الكاف (ألف) وكتبتُ جيمًا حسنةً (١١).
(١) في (ب): (وبذلك).
(٢) في (ب): (أنها).
(٣) في (ب): (ولا يجوز).
(٤) (ويا) ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (فلا يزال)، وفي (ج): (فلا تنال).
(٦) اسم فعل بمعنى: اسكت. انظر "المقتضب" ٣/ ٢٠٢، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٤٩٤، ٦٠٠.
(٧) اسم فعل بمعنى. اكفف. انظر المصدرين السابقين.
(٨) في (ب): (عاقه). و (غاق) حكايته لصوت الغراب. انظر "الكتاب" ٣/ ٣٠٢، "المقتضب" ٣/ ١٨٠، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٤٩٤.
(٩) اسم فعل. تقول: إيه يا فتى: إذا أردت أن يزيدك من الحديث. انظر "المقتضب" ٣/ ٢٥، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٤٩٤.
(١٠) في (ب): (قول).
(١١) انظر: "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٨٢، وانظر: "المقتضب" ١/ ٣٧١.
(٢) في (ب): (أنها).
(٣) في (ب): (ولا يجوز).
(٤) (ويا) ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (فلا يزال)، وفي (ج): (فلا تنال).
(٦) اسم فعل بمعنى: اسكت. انظر "المقتضب" ٣/ ٢٠٢، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٤٩٤، ٦٠٠.
(٧) اسم فعل بمعنى. اكفف. انظر المصدرين السابقين.
(٨) في (ب): (عاقه). و (غاق) حكايته لصوت الغراب. انظر "الكتاب" ٣/ ٣٠٢، "المقتضب" ٣/ ١٨٠، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٤٩٤.
(٩) اسم فعل. تقول: إيه يا فتى: إذا أردت أن يزيدك من الحديث. انظر "المقتضب" ٣/ ٢٥، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٤٩٤.
(١٠) في (ب): (قول).
(١١) انظر: "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٨٢، وانظر: "المقتضب" ١/ ٣٧١.
8
وكذلك العطف (١)، لأنه نظير التثنية، فتقول: ما هجاء بكر؟ فيقول المجيب: (باء، وكاف، وراء) فيعرب، لأنه قد عطف، فإن لم يعطف بني، فقال: (باء، كاف، را). ونظير هذِه الحروف في أنها موقوفة غير موصولة، أسماء العدد نحو ثلاثة وأربعة (٢).
وإذا أخبرت عن حروف الهجاء، أو أسماء الأعداد فقد أخرجتها بذلك عن حيز الأصوات، وأدخلتها في جملة الأسماء المتمكنة (٣)، فاستحقت أن تعرب للإخبار عنها، فإنه لا معنى [للحرفية فيها إذا] (٤) زال إدارة الحكاية بها، فدخل بذلك في حد [المتمكنات، وخرج] (٥) من باب الأصوات.
وكذلك العدد إذا أردت به معدودًا، ولم ترد به العدد وحده دون المعدود أعربت كقولك (٦): ثمانية ضعف أربعة، وسبعة أكثر من أربعة بثلاثة، فأعربت هذه الأسماء ولم تصرفها لاجتماع التأنيث والتعريف فيها، ألا ترى أن (٧) (ثلاثة) عدد معروف القدر، وأنه أكثر من اثنين بواحد، وكذلك سائر الأعداد (٨).
وإذا أخبرت عن حروف الهجاء، أو أسماء الأعداد فقد أخرجتها بذلك عن حيز الأصوات، وأدخلتها في جملة الأسماء المتمكنة (٣)، فاستحقت أن تعرب للإخبار عنها، فإنه لا معنى [للحرفية فيها إذا] (٤) زال إدارة الحكاية بها، فدخل بذلك في حد [المتمكنات، وخرج] (٥) من باب الأصوات.
وكذلك العدد إذا أردت به معدودًا، ولم ترد به العدد وحده دون المعدود أعربت كقولك (٦): ثمانية ضعف أربعة، وسبعة أكثر من أربعة بثلاثة، فأعربت هذه الأسماء ولم تصرفها لاجتماع التأنيث والتعريف فيها، ألا ترى أن (٧) (ثلاثة) عدد معروف القدر، وأنه أكثر من اثنين بواحد، وكذلك سائر الأعداد (٨).
(١) عند أبي الفتح (العاطف) ٢/ ٧٨٢.
(٢) "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٨٢، وانظر "معاني القرآن" للأخفش١/ ١٦٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١، (الأصول في النحو) لابن السراج ٢/ ١٣٩.
(٣) غير واضح في (ب). (المتمكن) هو الاسم الذي يتغير آخره بتغير العوامل، ولم يشبه الحرف، انظر "معجم المصطلحات النحوية" ص ٢١٣.
(٤) ما بين المعقوفين غير واضح في (ب).
(٥) ما بين المعقوفين غير واضح في (ب).
(٦) في (ب): (كقوله).
(٧) في (ج): (أنك).
(٨) "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٨٣، وانظر: "الكتاب" ٣/ ٢٦٤ - ٢٦٦، "الأصول في النحو" ٢/ ١٣٩.
(٢) "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٨٢، وانظر "معاني القرآن" للأخفش١/ ١٦٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١، (الأصول في النحو) لابن السراج ٢/ ١٣٩.
(٣) غير واضح في (ب). (المتمكن) هو الاسم الذي يتغير آخره بتغير العوامل، ولم يشبه الحرف، انظر "معجم المصطلحات النحوية" ص ٢١٣.
(٤) ما بين المعقوفين غير واضح في (ب).
(٥) ما بين المعقوفين غير واضح في (ب).
(٦) في (ب): (كقوله).
(٧) في (ج): (أنك).
(٨) "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٨٣، وانظر: "الكتاب" ٣/ ٢٦٤ - ٢٦٦، "الأصول في النحو" ٢/ ١٣٩.
9
وأنشدوا قول أبي النجم (١):
تكتبان في الطريق لامَ الف (٢)
كأنه قال (٣): (لام ألف) إلا أنه ألقى حركة (الهمزة) على (الميم) للوزن ولم يعرب (٤).
قال أبو إسحاق (٥): وهذه الحروف ليست كالحروف (٦) المتمكنة، والأفعال المضارعة التي يجب لها الإعراب، وإنما هي تقطيع الاسم
| أقبلت من عند زياد كالخرف | تخطّ رجلاي بخط مختلف |
كأنه قال (٣): (لام ألف) إلا أنه ألقى حركة (الهمزة) على (الميم) للوزن ولم يعرب (٤).
قال أبو إسحاق (٥): وهذه الحروف ليست كالحروف (٦) المتمكنة، والأفعال المضارعة التي يجب لها الإعراب، وإنما هي تقطيع الاسم
(١) هو الفضل بن قدامة بن عجل، كان ينزل الكوفة، أحد رجاز الإسلام المتقدمين من الطبقة التاسعة. انظر "الشعر والشعراء" ص٤٠٠، "طبقات فحول الشعراء" ٢/ ٧٣٧، "الخزانة" ١/ ١٠٣.
(٢) معنى الأبيات: كان لأبي النجم صديق يسقيه الخمر، فينصرف من عنده ثملًا. لا يملك نفسه، مثل الخرف وهو الذي فسد عقله من الكبر، وكان يتمايل فتخط رجلاه في الطريق ما يشبه: لام ألف، أو أنه تارة يمشي معوجاً فتخط رجلاه ما يشبه: اللام، وتارة يمشي مستقيماً فتخط رجلاه خطأ مستقيما يشبه: الألف. والأبيات في "ديوان أبي النجم" ص ١٤١، وهي عند أبي عبيدة في "المجاز" ١/ ٢٨ والمبرد في "المقتضب" ١/ ٢٣٧، ٣/ ٣٥٧، والزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢٢، و"المخصص" ١٤/ ٩٥، ١٧/ ٥٣، و"سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٥١، و"الخزانة" ١/ ٩٩ - ١٠٢، والبيت الثالث عند سيبويه ٣/ ٢٦٦.
(٣) (قال) ساقط من (ج).
(٤) في (ب) (يعرف). أي أنها ساكنة، لم يجر عليها الإعراب، وعلى هذا استشهد بها سيبويه، ومكان إيراد هذِه الأبيات بعد ذكر وجه البناء، كما هو عند سيبويه والزجاج وغيرهما. ولابن جني توجيه آخر للأبيات غير ما ذكر، رده البغدادي في (الخزانة). انظر "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٥٢، (الخزانة) ١/ ٩٩.
(٥) هو الزجاج. انظر "معاني القرآن" ١/ ٢٢، نقل عنه بتصرف.
(٦) في "معاني القرآن": (.. ليست تجري مجرى الأسماء المتمكنة، والأفعال المضارعة..) ١/ ٢٢، فقوله هنا (ليست كالحروف المتمكنة) لعله تصحيف.
(٢) معنى الأبيات: كان لأبي النجم صديق يسقيه الخمر، فينصرف من عنده ثملًا. لا يملك نفسه، مثل الخرف وهو الذي فسد عقله من الكبر، وكان يتمايل فتخط رجلاه في الطريق ما يشبه: لام ألف، أو أنه تارة يمشي معوجاً فتخط رجلاه ما يشبه: اللام، وتارة يمشي مستقيماً فتخط رجلاه خطأ مستقيما يشبه: الألف. والأبيات في "ديوان أبي النجم" ص ١٤١، وهي عند أبي عبيدة في "المجاز" ١/ ٢٨ والمبرد في "المقتضب" ١/ ٢٣٧، ٣/ ٣٥٧، والزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢٢، و"المخصص" ١٤/ ٩٥، ١٧/ ٥٣، و"سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٥١، و"الخزانة" ١/ ٩٩ - ١٠٢، والبيت الثالث عند سيبويه ٣/ ٢٦٦.
(٣) (قال) ساقط من (ج).
(٤) في (ب) (يعرف). أي أنها ساكنة، لم يجر عليها الإعراب، وعلى هذا استشهد بها سيبويه، ومكان إيراد هذِه الأبيات بعد ذكر وجه البناء، كما هو عند سيبويه والزجاج وغيرهما. ولابن جني توجيه آخر للأبيات غير ما ذكر، رده البغدادي في (الخزانة). انظر "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٥٢، (الخزانة) ١/ ٩٩.
(٥) هو الزجاج. انظر "معاني القرآن" ١/ ٢٢، نقل عنه بتصرف.
(٦) في "معاني القرآن": (.. ليست تجري مجرى الأسماء المتمكنة، والأفعال المضارعة..) ١/ ٢٢، فقوله هنا (ليست كالحروف المتمكنة) لعله تصحيف.
10
المؤلف الذي لا يجب الإعراب إلا مع كماله (١)، فقولك: (جعفر) لا يعرب منه حرف دون تكميل الاسم.
فأما قول الشاعر:
كافاً وميمَين وسينًا طاسما (٢)
فإنما أعرب لأنه أجرى الحروف مجرى الأسماء. وقال يزيد بن الحكم (٣):
فأما قول الشاعر:
كافاً وميمَين وسينًا طاسما (٢)
فإنما أعرب لأنه أجرى الحروف مجرى الأسماء. وقال يزيد بن الحكم (٣):
| إذا اجتمعوا على ألف وياء (٤) | وواو هاج بينهم جدال (٥) |
(١) في (ب): (كمالها) وفي (ج): (طاسما).
(٢) (ب): (كاسما). الرجز استشهد به سيبويه ٣/ ٢٦٠، وابن الأنباري في "المذكر والمؤنث" ص ٤٥٠، والزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢٣، والأزهري في "التهذيب" ١/ ٩١، وابن سيده في "المخصص" ١٧/ ٤٩، "اللسان" ١/ ١٦. والشاهد عندهم أنه ذكر (طاسما) وهي صفة (للسين) فذكره، ولو أنثه لجاز ذلك. واستشهد به ابن جني في "سر صناعة الإعراب" على أنه أعرب الحروف وأجراها مجرى الأسماء، كما عند المؤلف هنا ٢/ ٧٨٢. ولم ينسب البيت أحد. ومعنى البيت. أنه يشبه آثار الديار بحروف الكتاب. والطاسم: الدارس. وقد روى (طامسا) انظر: "الكتاب" ٣/ ٢٦٠ (مع هامش عبد السلام هارون).
(٣) هو يزيد بن الحكم بن أبي العاص الثقفي البصري، من فصحاء الشعراء، وقد على سليمان بن عبد الملك فوصله وأكرمه. وكان قد عُيِّن لإمرة فارس. انظر ترجمته في "الجرح والتعديل" ٤/ ٢/ ٢٥٧، "سير أعلام النبلاء" ٤/ ٥١٩، "الخزانة" ١/ ١١٣.
(٤) في (ب): (وباء).
(٥) أورده المبرد في "المقتضب" ١/ ٢٣٦، قال: قال رجل من الأعراب يذم النحويين إذ سمع خصومتهم فيه:
وأورده في ٤/ ٤٣، وقافيته (جدال) وأورده الزجاج في "المعاني" ١/ ٢٣، ونصه:
ونسبه لزيد بن الحكم، وأورده ابن سيده في "المخصص" ١٤/ ٩٥، وابن جني في =
(٢) (ب): (كاسما). الرجز استشهد به سيبويه ٣/ ٢٦٠، وابن الأنباري في "المذكر والمؤنث" ص ٤٥٠، والزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢٣، والأزهري في "التهذيب" ١/ ٩١، وابن سيده في "المخصص" ١٧/ ٤٩، "اللسان" ١/ ١٦. والشاهد عندهم أنه ذكر (طاسما) وهي صفة (للسين) فذكره، ولو أنثه لجاز ذلك. واستشهد به ابن جني في "سر صناعة الإعراب" على أنه أعرب الحروف وأجراها مجرى الأسماء، كما عند المؤلف هنا ٢/ ٧٨٢. ولم ينسب البيت أحد. ومعنى البيت. أنه يشبه آثار الديار بحروف الكتاب. والطاسم: الدارس. وقد روى (طامسا) انظر: "الكتاب" ٣/ ٢٦٠ (مع هامش عبد السلام هارون).
(٣) هو يزيد بن الحكم بن أبي العاص الثقفي البصري، من فصحاء الشعراء، وقد على سليمان بن عبد الملك فوصله وأكرمه. وكان قد عُيِّن لإمرة فارس. انظر ترجمته في "الجرح والتعديل" ٤/ ٢/ ٢٥٧، "سير أعلام النبلاء" ٤/ ٥١٩، "الخزانة" ١/ ١١٣.
(٤) في (ب): (وباء).
(٥) أورده المبرد في "المقتضب" ١/ ٢٣٦، قال: قال رجل من الأعراب يذم النحويين إذ سمع خصومتهم فيه:
| إذا اجتمعوا على ألف وباء | وتاء هاج بينهم قتال |
| إذا اجتمعوا على ألف وواو | وياء لاح بينهمُ جدال |
11
فأعرب لأنه أدخل حرف العطف، وجعلها في حكم الأسماء.
ويجوز (١) تأنيث هذه الحروف وتذكيرها، فمن أنث فلمعنى [الكلمة. ومن ذكر فلمعنى] (٢) الحرف (٣). ولا محل لها من الإعراب لأنها حكايات وضعت على هذه الحروف، ولم تجر مجرى الأسماء المتمكنة، ولا الأفعال المضارعة، وإنما هي كقولهم: (غاق يا فتى) إذا حكوا صوت الغراب، فهذه الحروف وإن كانت إشارات إلى معان فلا موضع لها من الإعراب (٤).
ومن قال: إنها أسماء للسور (٥) والقرآن، قال: محلها رفع (٦)، كأنه
ويجوز (١) تأنيث هذه الحروف وتذكيرها، فمن أنث فلمعنى [الكلمة. ومن ذكر فلمعنى] (٢) الحرف (٣). ولا محل لها من الإعراب لأنها حكايات وضعت على هذه الحروف، ولم تجر مجرى الأسماء المتمكنة، ولا الأفعال المضارعة، وإنما هي كقولهم: (غاق يا فتى) إذا حكوا صوت الغراب، فهذه الحروف وإن كانت إشارات إلى معان فلا موضع لها من الإعراب (٤).
ومن قال: إنها أسماء للسور (٥) والقرآن، قال: محلها رفع (٦)، كأنه
= "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٨٢، والبغدادي في "الخزانة" ١/ ١١٠، ١١٣. والبيت آخر ما نقله عن الزجاج بتصرف. انظر: "معاني القرآن" ١/ ٢٢، ٢٣.
(١) في (ب): (وبجو).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢، "المذكر والمؤنث" لابن الأنباري ص ٤٤٩، ٤٥٠، "المخصص" ١٧/ ٤٩.
(٤) انظر: "الكتاب" ٣/ ٢٦٦، "المقتضب" ١/ ٢٣٦ - ٢٣٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٨١، ٧٨٢. قال السمين الحلبي: في إعراب الحروف المتقطعة في أوائل السور ثلاثة أقوال: إحداها: أنها أسماء حروف التهجي لا محل لها من الإعراب، وهو أصحها، والثاني: أنها معربة بمعنى أنها صالحة للإعراب، وإنما فات شرط وهو التركيب، وإليه مال الزمخشري، والثالث: أنها موقوفة لا معربة ولا مبنية. "الدر المصون" ١/ ٧٩.
(٥) في (ب): (اسما للسورة)، و (جـ): (لسور).
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٩٠، و"ابن عطية" ١/ ٩٦، "البحر المحيط" ١/ ١٤١، "البيان في غريب القرآن" ١/ ٤٣، و"القرطبي" ١/ ١٥٧، "الدر المصون" ١/ ٨١ قال الزمخشري: ومن لم يجعلها أسماء للسور لم يتصور أن تكون لها محل في مذهبه، كما لا محل للجمل المبتدأة وللمفردات المعددة. "الكشاف" ١/ ١٠٧، ١٠٨، ونحوه قال الرازي ٢/ ١٢.
(١) في (ب): (وبجو).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢، "المذكر والمؤنث" لابن الأنباري ص ٤٤٩، ٤٥٠، "المخصص" ١٧/ ٤٩.
(٤) انظر: "الكتاب" ٣/ ٢٦٦، "المقتضب" ١/ ٢٣٦ - ٢٣٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٨١، ٧٨٢. قال السمين الحلبي: في إعراب الحروف المتقطعة في أوائل السور ثلاثة أقوال: إحداها: أنها أسماء حروف التهجي لا محل لها من الإعراب، وهو أصحها، والثاني: أنها معربة بمعنى أنها صالحة للإعراب، وإنما فات شرط وهو التركيب، وإليه مال الزمخشري، والثالث: أنها موقوفة لا معربة ولا مبنية. "الدر المصون" ١/ ٧٩.
(٥) في (ب): (اسما للسورة)، و (جـ): (لسور).
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٩٠، و"ابن عطية" ١/ ٩٦، "البحر المحيط" ١/ ١٤١، "البيان في غريب القرآن" ١/ ٤٣، و"القرطبي" ١/ ١٥٧، "الدر المصون" ١/ ٨١ قال الزمخشري: ومن لم يجعلها أسماء للسور لم يتصور أن تكون لها محل في مذهبه، كما لا محل للجمل المبتدأة وللمفردات المعددة. "الكشاف" ١/ ١٠٧، ١٠٨، ونحوه قال الرازي ٢/ ١٢.
12
قيل: هذه ألم، كما تقول: هذا زيد، أو يكون رفعًا على الابتداء، وخبره ﴿ذَلِكَ اَلكِتَابُ﴾ كما تقول (١): زيد ذلك الرجل، ويحتمل أن يكون رفعًا على أنه خبر مقدم، كأنه قال: ذلك الكتاب الذي وعدتك (٢) أن أنزله إليك (٣) ﴿الم﴾ (٤).
فأما التفسير: فقد كثر اختلاف الناس في هذه الحروف المقطعة وأشباهها في القرآن. فذهب قوم إلى أن الله لم يجعل لأحد سبيلا إلى إدراك معانيها، وأنها مما استأثر الله بعلمها، فنحن نؤمن بظاهرها ونكل (٥) علمها إلى الله تعالى (٦).
وعن الشعبي (٧) أنه قال: لله في كل كتاب سر، وسره في القرآن
فأما التفسير: فقد كثر اختلاف الناس في هذه الحروف المقطعة وأشباهها في القرآن. فذهب قوم إلى أن الله لم يجعل لأحد سبيلا إلى إدراك معانيها، وأنها مما استأثر الله بعلمها، فنحن نؤمن بظاهرها ونكل (٥) علمها إلى الله تعالى (٦).
وعن الشعبي (٧) أنه قال: لله في كل كتاب سر، وسره في القرآن
(١) في (أ): (يقول) وأثبت ما في (ب، جـ) لأنه أنسب للسياق.
(٢) في (ب): (وعد بك).
(٣) في (ج): (عليك).
(٤) ذكر الواحدي بعض الأوجه في إعراب الحروف المقطعة في أوائل السور وهناك أوجه أخرى، فقيل: إنها في محل نصب بتقدير: أقرأ (ألم)، وقيل: في موضع خفض بالقسم، لقول ابن عباس: إنها قسم أقسم الله بها. انظر ابن عطية ١/ ١٤١، "البحر المحيط" ١/ ٣٥، "البيان في غريب القرآن" ١/ ٤٣، والقرطبي ١/ ١٣٦، "الدر المصون" ١/ ٨١.
(٥) في (ب): (وبكل).
(٦) ذكره الثعلبي في "الكشف" ١/ ٣٧/ أ. انظر الطبري ١/ ٨٨، "تفسير أبي الليث" ١/ ٨٧، وذكره ابن عطية ونسبه للشعبي وسفيان الثوري وجماعة من المحدثين ١/ ١٣٨، وذكره في "البحر المحيط"، ومال إليه. ١/ ٣٥، والقرطبي ١/ ١٥٤، وقال: روي عن أبي بكر وعلي، وابن كثير١/ ٣٨.
(٧) هو عامر بن شراحيل بن عبد، تابعي شهر بالرواية والحفظ، ولد ونشأ بالكوفة. والشعبي نسبة إلى (شعب) بطن من همدان، مات سنة خمس ومائة، وقيل: غير ذلك، انظر: "تاريخ بغداد" ١٢/ ٢٢٧، "حلية الأولياء" ٤/ ٣١٠.
(٢) في (ب): (وعد بك).
(٣) في (ج): (عليك).
(٤) ذكر الواحدي بعض الأوجه في إعراب الحروف المقطعة في أوائل السور وهناك أوجه أخرى، فقيل: إنها في محل نصب بتقدير: أقرأ (ألم)، وقيل: في موضع خفض بالقسم، لقول ابن عباس: إنها قسم أقسم الله بها. انظر ابن عطية ١/ ١٤١، "البحر المحيط" ١/ ٣٥، "البيان في غريب القرآن" ١/ ٤٣، والقرطبي ١/ ١٣٦، "الدر المصون" ١/ ٨١.
(٥) في (ب): (وبكل).
(٦) ذكره الثعلبي في "الكشف" ١/ ٣٧/ أ. انظر الطبري ١/ ٨٨، "تفسير أبي الليث" ١/ ٨٧، وذكره ابن عطية ونسبه للشعبي وسفيان الثوري وجماعة من المحدثين ١/ ١٣٨، وذكره في "البحر المحيط"، ومال إليه. ١/ ٣٥، والقرطبي ١/ ١٥٤، وقال: روي عن أبي بكر وعلي، وابن كثير١/ ٣٨.
(٧) هو عامر بن شراحيل بن عبد، تابعي شهر بالرواية والحفظ، ولد ونشأ بالكوفة. والشعبي نسبة إلى (شعب) بطن من همدان، مات سنة خمس ومائة، وقيل: غير ذلك، انظر: "تاريخ بغداد" ١٢/ ٢٢٧، "حلية الأولياء" ٤/ ٣١٠.
13
حروف التهجي (١).
ومثل هذا روي عن أبي بكر الصديق وعلي (٢) رضي الله عنهما.
والأكثرون من أهل التفسير تكلموا في معاني هذه الحروف واستنبطوا لها وجوها من التأويل (٣)، وقالوا: لا يجوز أن يلغى شيء من كتاب الله تعالى، لأنه قال: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٥].
فيروى عن ابن عباس في ﴿الم﴾ ثلاثة أوجه (٤):
أحدها: أن الله تعالى أقسم بهذه الحروف، أن هذا الكتاب الذي أنزل على محمد الكتاب الذي عند الله، لا شك فيه (٥).
ومثل هذا روي عن أبي بكر الصديق وعلي (٢) رضي الله عنهما.
والأكثرون من أهل التفسير تكلموا في معاني هذه الحروف واستنبطوا لها وجوها من التأويل (٣)، وقالوا: لا يجوز أن يلغى شيء من كتاب الله تعالى، لأنه قال: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٥].
فيروى عن ابن عباس في ﴿الم﴾ ثلاثة أوجه (٤):
أحدها: أن الله تعالى أقسم بهذه الحروف، أن هذا الكتاب الذي أنزل على محمد الكتاب الذي عند الله، لا شك فيه (٥).
(١) قال الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٥، قال داود بن أبي هند: كنت أسأل الشعبي عن فواتح السور، فقال: يا داود: إن لكل كتاب سرا وإن سر القرآن فواتح السور، فدعها وسل عما سوى ذلك. وبهذا اللفظ ذكره السيوطي في (الدر) وعزاه لابن المنذر، وأبي الشيخ، ابن حبان في "التفسير". "الدر" ١/ ٥٦، وذكره الطبري ولم يعزه لأحد ١/ ٨٨، وذكره أبو الليث عن الشعبي١/ ٨٧، والزجاج في "المعاني" ١/ ١٩، وانظر: القرطبي ١/ ١٣٣، ١٣٤. وقد روي عن الشعبي أنه فسرها: بأنها من أسماء الله. كما في الطبري ١/ ٨٧، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٣، وذكره الأزهري في "التهذيب" ١/ ٩٠.
(٢) انظر أقوالهم في "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٠/ أ، و"القرطبي" ١/ ١٣٤، و"ابن كثير" ١/ ٣٨. روي عن علي: أنها اسم الله الأعظم. انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٨٧، و"ابن عطية" ١/ ١٣٨، و"ابن كثير" ١/ ٣٩.
(٣) انظر: الطبري ١/ ٨٦ - ٩٣، و"ابن عطية" ١/ ١٤٠، و"البحر المحيط" ١/ ٣٥، و"القرطبي" ١/ ١٥٥.
(٤) انظر. "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩، ٢٠، "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨.
(٥) بهذا اللفظ ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٩، والأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨، وأبو الليث ونسبه للكلبي١/ ٨٧. وأخرج ابن جرير بسنده عن ابن عباس قال: هو قسم أقسم الله به، وهو من أسماء الله، وذكره السيوطي في "الدر" =
(٢) انظر أقوالهم في "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٠/ أ، و"القرطبي" ١/ ١٣٤، و"ابن كثير" ١/ ٣٨. روي عن علي: أنها اسم الله الأعظم. انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٨٧، و"ابن عطية" ١/ ١٣٨، و"ابن كثير" ١/ ٣٩.
(٣) انظر: الطبري ١/ ٨٦ - ٩٣، و"ابن عطية" ١/ ١٤٠، و"البحر المحيط" ١/ ٣٥، و"القرطبي" ١/ ١٥٥.
(٤) انظر. "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩، ٢٠، "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨.
(٥) بهذا اللفظ ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٩، والأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨، وأبو الليث ونسبه للكلبي١/ ٨٧. وأخرج ابن جرير بسنده عن ابن عباس قال: هو قسم أقسم الله به، وهو من أسماء الله، وذكره السيوطي في "الدر" =
14
وهذا الوجه من تفسير ابن عباس اختيار (١) الأخفش، لأنه قال: أقسم الله تعالى بهذه الحروف لشرفها (٢) وفضلها (٣)، لأنها (٤) مباني كتبه المنزلة بالألسنة (٥) المختلفة، ومباني أسمائه الحسنى وصفاته العلى، وأصول كلام الأمم، بها يتعارفون ويذكرون الله عزّ وجلّ ويوحدونه، فكأنه (٦) أقسم بهذه الحروف أن القرآن كتابه وكلامه لا ريب فيه (٧).
الوجه الثاني: أن هذه الحروف وإن كانت متفرقة في النزول، فإذا ألّفت ضربًا من التأليف كانت (٨) اسمًا لله، وإن كنا لا نقف على تأويلها، فـ (ألف، لام، را)، و (حم)، و (ن) (٩) اسمه: الرحمن (١٠). إلا أنا لا نقف
الوجه الثاني: أن هذه الحروف وإن كانت متفرقة في النزول، فإذا ألّفت ضربًا من التأليف كانت (٨) اسمًا لله، وإن كنا لا نقف على تأويلها، فـ (ألف، لام، را)، و (حم)، و (ن) (٩) اسمه: الرحمن (١٠). إلا أنا لا نقف
= وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في "الأسماء والصفات". "الدر" ١/ ٥٤، وانظر "تفسير ابن عطية" ١/ ١٣٨، وابن كثير ١/ ٣٩، وروي عن عكرمة أنها قسم. انظر: الطبري ١/ ٢٠٧وابن أبي حاتم ١/ ١٧٠.
(١) في (ب): (اختاره).
(٢) في (ب): (وشرفها).
(٣) في (ب): (وفضّلها).
(٤) في (ب): (أنها).
(٥) في (ب): (بالألسن).
(٦) في (ب): (وكأنه).
(٧) كلام الأخفش ذكره الثعلبي ١/ ٤٠ ب، ولم أجده في "معاني القرآن" للأخفش.
(٨) في (ب). (كان).
(٩) في (ب): (كألف لام حاميم نون).
(١٠) في "معاني القرآن" للزجاج (الر)، و (حم)، و (نون) اسم للرحمن، مقطع في اللفظ موصول في المعنى ١/ ٢٠، ونحوه في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨، وقد أخرج ابن جرير بسنده عن ابن عباس في قوله: (ألم) و (حم) و (ن) قال اسم مقطع. وفي سنده (الباهلي) قال شاكر: لم أقف له على ترجمة. انظر الطبري مع تحقيق شاكر ١/ ٢٠٧، وأخرجه ابن أبي حاتم، وفي سنده الباهلي قال محققه: لم أقف له على =
(١) في (ب): (اختاره).
(٢) في (ب): (وشرفها).
(٣) في (ب): (وفضّلها).
(٤) في (ب): (أنها).
(٥) في (ب): (بالألسن).
(٦) في (ب): (وكأنه).
(٧) كلام الأخفش ذكره الثعلبي ١/ ٤٠ ب، ولم أجده في "معاني القرآن" للأخفش.
(٨) في (ب). (كان).
(٩) في (ب): (كألف لام حاميم نون).
(١٠) في "معاني القرآن" للزجاج (الر)، و (حم)، و (نون) اسم للرحمن، مقطع في اللفظ موصول في المعنى ١/ ٢٠، ونحوه في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨، وقد أخرج ابن جرير بسنده عن ابن عباس في قوله: (ألم) و (حم) و (ن) قال اسم مقطع. وفي سنده (الباهلي) قال شاكر: لم أقف له على ترجمة. انظر الطبري مع تحقيق شاكر ١/ ٢٠٧، وأخرجه ابن أبي حاتم، وفي سنده الباهلي قال محققه: لم أقف له على =
15
على كيفية نظمها.
قال سعيد بن جبير (١): لو أحسن الناس تأليفها لعلموا (٢) اسم الله الأعظم (٣).
الوجه الثالث عنه (٤): ﴿الم﴾: أنا الله أعلم، و ﴿الر﴾ (٥): أنا الله أرى، و ﴿المص﴾ [الأعراف: ١]: أنا الله أعلم وأفصل (٦)، و ﴿المر﴾ [الرعد: ١]: أنا الله أعلم وأرى (٧). وهذا الوجه اختيار الزجاج.
قال سعيد بن جبير (١): لو أحسن الناس تأليفها لعلموا (٢) اسم الله الأعظم (٣).
الوجه الثالث عنه (٤): ﴿الم﴾: أنا الله أعلم، و ﴿الر﴾ (٥): أنا الله أرى، و ﴿المص﴾ [الأعراف: ١]: أنا الله أعلم وأفصل (٦)، و ﴿المر﴾ [الرعد: ١]: أنا الله أعلم وأرى (٧). وهذا الوجه اختيار الزجاج.
= ترجمة. "تفسير ابن أبي حاتم" مع الهامش ١/ ١٦٨ رسالة دكتوراه. وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى ابن جرير، وابن أبي حاتم وابن مردويه. "الدر" ١/ ٥٤ انظر ابن عطية ١/ ١٣٨.
(١) هو سعيد بن جبير بن هشام الأسدي بالولاء، كان من سادات التابعين علمًا وفضلًا وورعًا وفقهًا، قتله الحجاج سنة خمس وتسعين. انظر ترجمته في: "تذكرة الحفاظ" ١/ ٧٦، "طبقات المفسرين" للداودي ١/ ١٨٨.
(٢) في (ب): (تعلموا).
(٣) ذكره الثعلبي بدون سند. ١/ ٤٠ أ، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٤.
(٤) أي عن ابن عباس.
(٥) في (ب): (الرا).
(٦) في (ب): (وأفضل).
(٧) ذكره الزجاج بنصه حيث قال: والثالث عنه: ثم ذكره ١/ ٢٠، وفي تهذيب القول الثالث: (الم) معناه: أنا الله أعلم وأرى ١٥/ ٦٧٧، وأخرج ابن جرير بسنده عن ابن عباس: (الم) قال: أنا الله أعلم. الطبري ١/ ٨٨، وأخرجه ابن أبي حاتم بنحو رواية ابن جرير. قال المحقق: في سنده عطاء وشريك، اختلطا وساء حفظهما. (تفسير ابن أبي حاتم) ١/ ٣٢، وأخرجه أبو جعفر النحاس في "القطع والائتناف" قال: (الم) أنا الله أعلم. و (المر) قال أنا الله أرى، و (المص) قال أنا الله أفصل. ص ١١١، وذكره السيوطي في "الدر" بمثل رواية ابن جرير وعزاه إلى وكيع وعبد ابن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والنحاس ١/ ٥٤.
(١) هو سعيد بن جبير بن هشام الأسدي بالولاء، كان من سادات التابعين علمًا وفضلًا وورعًا وفقهًا، قتله الحجاج سنة خمس وتسعين. انظر ترجمته في: "تذكرة الحفاظ" ١/ ٧٦، "طبقات المفسرين" للداودي ١/ ١٨٨.
(٢) في (ب): (تعلموا).
(٣) ذكره الثعلبي بدون سند. ١/ ٤٠ أ، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٤.
(٤) أي عن ابن عباس.
(٥) في (ب): (الرا).
(٦) في (ب): (وأفضل).
(٧) ذكره الزجاج بنصه حيث قال: والثالث عنه: ثم ذكره ١/ ٢٠، وفي تهذيب القول الثالث: (الم) معناه: أنا الله أعلم وأرى ١٥/ ٦٧٧، وأخرج ابن جرير بسنده عن ابن عباس: (الم) قال: أنا الله أعلم. الطبري ١/ ٨٨، وأخرجه ابن أبي حاتم بنحو رواية ابن جرير. قال المحقق: في سنده عطاء وشريك، اختلطا وساء حفظهما. (تفسير ابن أبي حاتم) ١/ ٣٢، وأخرجه أبو جعفر النحاس في "القطع والائتناف" قال: (الم) أنا الله أعلم. و (المر) قال أنا الله أرى، و (المص) قال أنا الله أفصل. ص ١١١، وذكره السيوطي في "الدر" بمثل رواية ابن جرير وعزاه إلى وكيع وعبد ابن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والنحاس ١/ ٥٤.
16
قال: المختار: ما روي عن ابن عباس وهو أن معنى: (الم) أنا الله أعلم، وأن كل حرف منها له تفسير (١). قال: والدليل على ذلك أن العرب تنطق بالحرف الواحد تدل به على الكلمة التي هو (٢) فيها، وأنشد:
قلت لها قفي فقالت قاف (٣)...................
فنطق (٤) - بقاف- فقط، يريد قالت: أقف (٥). وقال الفراء: معنى هذه الحروف [المقطعة في أوائل السور: أن هذه الحروف] (٦) ذلك الكتاب الذي وعدتك أن أنزله عليك، لأن قوله: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾ [الأعلى: ٦] وعد من الله تعالى أن ينزل عليه كتابا، فلما أنزل عليه القرآن قال: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ الذي وعدتك أن أقرئكه فلا تنسى، فاكتفى من حروف (أ، ب، ت، ث) بـ ﴿الم﴾، و ﴿المص﴾، وأشباه ذلك؛ لأن هذه الحروف لما
قلت لها قفي فقالت قاف (٣)...................
فنطق (٤) - بقاف- فقط، يريد قالت: أقف (٥). وقال الفراء: معنى هذه الحروف [المقطعة في أوائل السور: أن هذه الحروف] (٦) ذلك الكتاب الذي وعدتك أن أنزله عليك، لأن قوله: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾ [الأعلى: ٦] وعد من الله تعالى أن ينزل عليه كتابا، فلما أنزل عليه القرآن قال: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ الذي وعدتك أن أقرئكه فلا تنسى، فاكتفى من حروف (أ، ب، ت، ث) بـ ﴿الم﴾، و ﴿المص﴾، وأشباه ذلك؛ لأن هذه الحروف لما
(١) في (المعاني): (تفسيره) ١/ ٢٤.
(٢) (هو) ساقط من (ب).
(٣) البيت بتمامه في (المعاني):
قلنا لها قفي قالت: قاف... لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف
"معاني القرآن" ١/ ٢٤ ومثله عند الطبري ١/ ٩٠، وكذا في "الخصائص" ١/ ٣٠، ٨٠، ٤٢٦، ٢/ ٣٦١، وهو في (تأويل مشكل القرآن) وفيه (... قالت لي: قاف...) ص ٣٠٨، وورد في "معاني القرآن" للفراء٣/ ٧٥، "اللسان" (وقف) ٨/ ٤٨٩٨، "البحر المحيط" ١/ ٣٥. والرجز للوليد بن عقبة خرج يريد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - لما طلبه حين شهد عليه عنده أنه يشرب الخمر، فخرج الوليد مع بعض رفقته ونزل يسوق الإبل بهم ويرتجز بأبيات منها المذكورة هنا.
(٤) في (ج). (تنطق).
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٤.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) (هو) ساقط من (ب).
(٣) البيت بتمامه في (المعاني):
قلنا لها قفي قالت: قاف... لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف
"معاني القرآن" ١/ ٢٤ ومثله عند الطبري ١/ ٩٠، وكذا في "الخصائص" ١/ ٣٠، ٨٠، ٤٢٦، ٢/ ٣٦١، وهو في (تأويل مشكل القرآن) وفيه (... قالت لي: قاف...) ص ٣٠٨، وورد في "معاني القرآن" للفراء٣/ ٧٥، "اللسان" (وقف) ٨/ ٤٨٩٨، "البحر المحيط" ١/ ٣٥. والرجز للوليد بن عقبة خرج يريد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - لما طلبه حين شهد عليه عنده أنه يشرب الخمر، فخرج الوليد مع بعض رفقته ونزل يسوق الإبل بهم ويرتجز بأبيات منها المذكورة هنا.
(٤) في (ج). (تنطق).
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٤.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
17
كانت موضوعة للكتاب معروفة، كان الحرفان (١) والثلاثة منها يدل على الجمع، والعرب تعبر ببعض الشيء عن كله. كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اُرْكَعُواْ لَا يَرْكَعُونَ﴾ [المرسلات: ٤٨] أي: صلوا لا يصلون، وقال: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَت يَدَاكَ﴾ [الحج: ١٠] وقال الشاعر:
فعبر بفظة (حطى) عن جميع حروف (أبجد) (٣).
وهذا القول اختيار الحسن (٤) بن محمد بن نصر الجرجاني (٥)، فإنه
| لما رأيت أنها في حُطِّي | أخذتُ منها بقرونٍ شُمْطِ (٢) |
وهذا القول اختيار الحسن (٤) بن محمد بن نصر الجرجاني (٥)، فإنه
(١) في (ج): (الجرفان) بالجيم.
(٢) الأبيات لبعض بني أسد، وسماه بعضهم بأبي القماقم الأسدي، يتحدث عن امرأة لا يرضى خلقها، حاول إصلاحها فلم تنقد له، كأنها تستمر في أول تعلمها كالصبي الذي لا يعدو في تعلمه حروف الهجاء. و (القرون الشمط). خصل الشعر المختلط فيه السواد والبياض. والأبيات عند الفراء:
حتى علا الرأس دم يغُطِّي
"معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٦٩، وذكر منها في "تأويل مشكل القرآن" البيتين اللذين ذكرهما الواحدي ص ٣٠، وكذا الثعلبي ١/ ٤١، وذكر الطبري الأبيات مثل ما عند الفراء مع اختلاف يسير ١/ ٨٩، ووردت في "كنز الحفاظ في كتاب تهذيب الألفاظ" ص ٤٤٧، "أمالي القالي" ٢/ ٢٠٠، "تفسير السجاوندي" ص ٢٤.
(٣) الكلام الذي نسبه للفراء لم أجده بهذا النص في "معاني القرآن"، وللفراء كلام بمعناه ١/ ٣٦٨، ٢/ ٣، وذكر الثعلبي قريبا مما ذكر الواحدي هنا، قال بعده: هذا قول المبرد وجماعة من أهل (المعاني). الثعلبي ١/ ٤٠/ ب، ٤١/ أوذكر الواحدي في "البسيط" نحو الكلام الذي نسبه للفراء، وعزاه لابن الأنباري. انظر "الوسيط" ١/ ٢٦.
(٤) في (ب): (الحسين).
(٥) هو الحسن بن محمد أو ابن يحيى بن نصر الجرجاني، أبو علي، صاحب "نظم القرآن" نقل عنه الواحدي كثيرا، انظر ما تقدم في مصادر الواحدي في تفسيره.
(٢) الأبيات لبعض بني أسد، وسماه بعضهم بأبي القماقم الأسدي، يتحدث عن امرأة لا يرضى خلقها، حاول إصلاحها فلم تنقد له، كأنها تستمر في أول تعلمها كالصبي الذي لا يعدو في تعلمه حروف الهجاء. و (القرون الشمط). خصل الشعر المختلط فيه السواد والبياض. والأبيات عند الفراء:
| لما رأيت أمرها في حُطِّي | وفَنَكَتْ في كذب ولَطِّ |
| أخذتُ منها بقرون شمط | ولم يزل ضربي لها ومَعْطِي |
"معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٦٩، وذكر منها في "تأويل مشكل القرآن" البيتين اللذين ذكرهما الواحدي ص ٣٠، وكذا الثعلبي ١/ ٤١، وذكر الطبري الأبيات مثل ما عند الفراء مع اختلاف يسير ١/ ٨٩، ووردت في "كنز الحفاظ في كتاب تهذيب الألفاظ" ص ٤٤٧، "أمالي القالي" ٢/ ٢٠٠، "تفسير السجاوندي" ص ٢٤.
(٣) الكلام الذي نسبه للفراء لم أجده بهذا النص في "معاني القرآن"، وللفراء كلام بمعناه ١/ ٣٦٨، ٢/ ٣، وذكر الثعلبي قريبا مما ذكر الواحدي هنا، قال بعده: هذا قول المبرد وجماعة من أهل (المعاني). الثعلبي ١/ ٤٠/ ب، ٤١/ أوذكر الواحدي في "البسيط" نحو الكلام الذي نسبه للفراء، وعزاه لابن الأنباري. انظر "الوسيط" ١/ ٢٦.
(٤) في (ب): (الحسين).
(٥) هو الحسن بن محمد أو ابن يحيى بن نصر الجرجاني، أبو علي، صاحب "نظم القرآن" نقل عنه الواحدي كثيرا، انظر ما تقدم في مصادر الواحدي في تفسيره.
18
قال: ﴿الم﴾ مبتدأ مرصد لخبر (١)، أو لأن يبنى عليه خبر، أي: أن هذه الحروف التي منها (الم) الكتاب الذي (٢) وعدتك إنزاله عليك، فتكون هذه الحروف الثلاثة اسما لجميع الحروف المعجمة، كما يستدل ببعض الشيء على كله، يقول الرجل: قرأت (نون) و (صاد) و (حم) (٣) وهو لا يريد (٤) هذه الحروف بعينها، وإنما يريد كلّ ما اتصل به مما (٥) بعده.
ومنه قول النبي - ﷺ - "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله" (٦) وقد كان - ﷺ - يقاتل اليهود والنصارى، وهم يقولون: لا إله إلا الله، [وهو أراد (لا إله إلا الله)] (٧) وما اتصل بها من أسبابها، فجعل (لا إله إلا
ومنه قول النبي - ﷺ - "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله" (٦) وقد كان - ﷺ - يقاتل اليهود والنصارى، وهم يقولون: لا إله إلا الله، [وهو أراد (لا إله إلا الله)] (٧) وما اتصل بها من أسبابها، فجعل (لا إله إلا
(١) في (ب): (بخير).
(٢) في (ب): (التي).
(٣) في (ب): (ص) و (حم) و (نون).
(٤) في (ب): (لا يريد به).
(٥) (مما) ساقط من (ب).
(٦) الحديث بلفظ: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله... الحديث). عن أبي هريرة: قال السيوطي: متواتر: "فيض القدير" ٢/ ٢٣٨، وكذا قال الألباني. انظر "الأحاديث الصحيحة" ١/ ٦٩١ (٤٠٧). والحديث أخرجه البخاري (١٣٩٩) كتاب الزكاة، باب: وجوب الزكاة، "الفتح" ٣/ ٢٦٢، و"كتاب استتابة المرتدين" باب (قتل من أبى قبول الفرائض) ١٢/ ٢٧٥، وكتاب "الاعتصام بالكتاب والسنة" باب "الإقتداء بسنن رسول الله - ﷺ -" ١٣/ ٢٥٠، ومسلم ٢٠، ٢١ كتاب الإيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، وأبو داود (١٥٥٦) كتاب الزكاة، والترمذي (٢٦٠٧) كتاب الإيمان، باب: أمرت أن أقاتل الناس.. ، والنسائي ٥/ ١٤ كتاب الزكاة، باب: مانع الزكاة. وأحمد في "المسند" ١/ ١٩، ٣٥، ٤٨، ٢/ ٤٢٣، ٥٢٨. والأحاديث بنحو لفظه كثيرة عن ابن عمر وأنس وغيرهم.
(٧) مابين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) في (ب): (التي).
(٣) في (ب): (ص) و (حم) و (نون).
(٤) في (ب): (لا يريد به).
(٥) (مما) ساقط من (ب).
(٦) الحديث بلفظ: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله... الحديث). عن أبي هريرة: قال السيوطي: متواتر: "فيض القدير" ٢/ ٢٣٨، وكذا قال الألباني. انظر "الأحاديث الصحيحة" ١/ ٦٩١ (٤٠٧). والحديث أخرجه البخاري (١٣٩٩) كتاب الزكاة، باب: وجوب الزكاة، "الفتح" ٣/ ٢٦٢، و"كتاب استتابة المرتدين" باب (قتل من أبى قبول الفرائض) ١٢/ ٢٧٥، وكتاب "الاعتصام بالكتاب والسنة" باب "الإقتداء بسنن رسول الله - ﷺ -" ١٣/ ٢٥٠، ومسلم ٢٠، ٢١ كتاب الإيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، وأبو داود (١٥٥٦) كتاب الزكاة، والترمذي (٢٦٠٧) كتاب الإيمان، باب: أمرت أن أقاتل الناس.. ، والنسائي ٥/ ١٤ كتاب الزكاة، باب: مانع الزكاة. وأحمد في "المسند" ١/ ١٩، ٣٥، ٤٨، ٢/ ٤٢٣، ٥٢٨. والأحاديث بنحو لفظه كثيرة عن ابن عمر وأنس وغيرهم.
(٧) مابين المعقوفين ساقط من (ب).
19
الله) اسماً لجميع الإيمان.
وعلى هذا قوله: ﴿وذلك﴾ مبتدأ ثان و ﴿الكتاب﴾ (١) خبره، وهما جميعا خبر للمبتدأ الأول (٢)، لأنهما صارا قصة وشأنا، مثل قولك: (زيد أبوه قائم) و (عمرو وجهه حسن).
وزعم قطرب (٣): أن هذه الحروف المقطعة ذكرت في القرآن لتدل على أن هذا القرآن المؤلف من هذه الحروف المقطعة التي هي مقدورة للمشركين في تخاطبهم، فلولا أنه من عند الله نزل وأنه معجز في نفسه، وإلا وهلا جئتم بمثله لأنكم (٤) متمكنون من المخاطبة بهذه الحروف. (٥)
وحكي عنه- أيضا- قول آخر، وهو أنه قال (٦): يجوز أن يكون لما لغا القوم في القرآن فلم يتفهموه (٧) حين قالوا: ﴿لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ (٨) وَالْغَوْا فِيهِ﴾ [فصلت: ٢٦] أنزل الله سبحانه هذه الحروف المقطعة، ولم
وعلى هذا قوله: ﴿وذلك﴾ مبتدأ ثان و ﴿الكتاب﴾ (١) خبره، وهما جميعا خبر للمبتدأ الأول (٢)، لأنهما صارا قصة وشأنا، مثل قولك: (زيد أبوه قائم) و (عمرو وجهه حسن).
وزعم قطرب (٣): أن هذه الحروف المقطعة ذكرت في القرآن لتدل على أن هذا القرآن المؤلف من هذه الحروف المقطعة التي هي مقدورة للمشركين في تخاطبهم، فلولا أنه من عند الله نزل وأنه معجز في نفسه، وإلا وهلا جئتم بمثله لأنكم (٤) متمكنون من المخاطبة بهذه الحروف. (٥)
وحكي عنه- أيضا- قول آخر، وهو أنه قال (٦): يجوز أن يكون لما لغا القوم في القرآن فلم يتفهموه (٧) حين قالوا: ﴿لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ (٨) وَالْغَوْا فِيهِ﴾ [فصلت: ٢٦] أنزل الله سبحانه هذه الحروف المقطعة، ولم
(١) في (ج): (بالكتاب).
(٢) انظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٢/ ب، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٦، وابن عطية ١/ ١٤٣، "البحر" ١/ ٣٦.
(٣) هو محمد بن المستنير المعروف بـ (قطرب) أحد العلماء المشهورين بالنحو واللغة، أخذ عن سيبويه، مات سنة ست ومائتين. انظر ترجمته في: "طبقات النحويين واللغويين" ص ٩٩، "تاريخ بغداد" ٣/ ٢٩٨، "معجم الأدباء" ١٩/ ٥٢، "إنباه الرواة" ٣/ ٢١٩، "المزهر" ٢/ ٤٠٥.
(٤) في (ب): (وأنتم).
(٥) ذكر المؤلف قول قطرب بمعناه، وتصرفه في اللفظ أخل به، انظر نص قوله في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩، "تهذيب اللغة" ١/ ٨٩، "اللسان" ١/ ١٥.
(٦) (قال) ساقط من (ب).
(٧) في (ب): (يتفهموا).
(٨) في (ب): (القول) تصحيف في الآية.
(٢) انظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٢/ ب، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٦، وابن عطية ١/ ١٤٣، "البحر" ١/ ٣٦.
(٣) هو محمد بن المستنير المعروف بـ (قطرب) أحد العلماء المشهورين بالنحو واللغة، أخذ عن سيبويه، مات سنة ست ومائتين. انظر ترجمته في: "طبقات النحويين واللغويين" ص ٩٩، "تاريخ بغداد" ٣/ ٢٩٨، "معجم الأدباء" ١٩/ ٥٢، "إنباه الرواة" ٣/ ٢١٩، "المزهر" ٢/ ٤٠٥.
(٤) في (ب): (وأنتم).
(٥) ذكر المؤلف قول قطرب بمعناه، وتصرفه في اللفظ أخل به، انظر نص قوله في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩، "تهذيب اللغة" ١/ ٨٩، "اللسان" ١/ ١٥.
(٦) (قال) ساقط من (ب).
(٧) في (ب): (يتفهموا).
(٨) في (ب): (القول) تصحيف في الآية.
20
تجر لهم عادة بسماع مثلها حتى إذا سكتوا واستمعوا إلى ذلك، هجم القرآن أسماعهم وقرع (١) المعاني آذانهم، فيكون في إنزال هذه الحروف (٢) المقطعة نوع من المبالغة في الدعوة وتأكيد (٣) للحجة عليهم (٤).
ويروى عن الحسن أنه قال: ﴿الم﴾ وسائر حروف التهجي في القرآن أسماء للسور (٥).
فعلى هذا إذا قال القائل (٦): قرأت (المص) عرف السامع أنه قرأ السورة المخصوصة التي افتتحت بـ (المص) كما أنه إذا قال: لقيت عمرا، علم السامع أنه يريد شخصاً معلومًا عنده.
ويجوز أن يكون ﴿الم﴾ اسما للسورة المفتتحة بها، ثم لا تعرف تلك السورة بعينها ما لم يقرن بـ ﴿الم﴾ لفظ آخر، فيقال: سورة ﴿الم ذَلِكَ﴾،
ويروى عن الحسن أنه قال: ﴿الم﴾ وسائر حروف التهجي في القرآن أسماء للسور (٥).
فعلى هذا إذا قال القائل (٦): قرأت (المص) عرف السامع أنه قرأ السورة المخصوصة التي افتتحت بـ (المص) كما أنه إذا قال: لقيت عمرا، علم السامع أنه يريد شخصاً معلومًا عنده.
ويجوز أن يكون ﴿الم﴾ اسما للسورة المفتتحة بها، ثم لا تعرف تلك السورة بعينها ما لم يقرن بـ ﴿الم﴾ لفظ آخر، فيقال: سورة ﴿الم ذَلِكَ﴾،
(١) في (ب): (وقرعت).
(٢) هذا آخر وجه (أ) من لوحة (٣٩) في نسخة (ب) وفي أسفل الصفحة في الهامش كتب بخط مختلف: (هذا آخر الاختلاف وليس في هذِه النسخة غيره).
(٣) في (ب) (وتأكيداً).
(٤) انظر نص كلام قطرب في: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٤، "تهذيب اللغة" ١/ ٨٩، "اللسان" ١/ ١١، "تفسير أبي الليث" ١/ ٨٧، وذكره الطبري ولم يعزه ١/ ٨٩، وذكره الرازي ونسبه لابن روق وقطرب ٢/ ٦، ومال إليه ٢/ ١١.
(٥) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٦، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٣٤، وأورد الطبري هذا القول ونسبه لزيد بن أسلم ١/ ٢٠٦، وكذا الثعلبي ١/ ٤٠/ أ، وابن عطية ١/ ١٣٨، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٢١، وأبو حيان في (البحر) ١/ ٣٤، والسيوطي في "الدر" ١/ ٥٥.
(٦) نقل عن الطبري بتصرف. انظر الطبري ١/ ٩٠.
(٢) هذا آخر وجه (أ) من لوحة (٣٩) في نسخة (ب) وفي أسفل الصفحة في الهامش كتب بخط مختلف: (هذا آخر الاختلاف وليس في هذِه النسخة غيره).
(٣) في (ب) (وتأكيداً).
(٤) انظر نص كلام قطرب في: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٤، "تهذيب اللغة" ١/ ٨٩، "اللسان" ١/ ١١، "تفسير أبي الليث" ١/ ٨٧، وذكره الطبري ولم يعزه ١/ ٨٩، وذكره الرازي ونسبه لابن روق وقطرب ٢/ ٦، ومال إليه ٢/ ١١.
(٥) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٦، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٣٤، وأورد الطبري هذا القول ونسبه لزيد بن أسلم ١/ ٢٠٦، وكذا الثعلبي ١/ ٤٠/ أ، وابن عطية ١/ ١٣٨، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٢١، وأبو حيان في (البحر) ١/ ٣٤، والسيوطي في "الدر" ١/ ٥٥.
(٦) نقل عن الطبري بتصرف. انظر الطبري ١/ ٩٠.
21
وسورة (الم الله) (١)، لأنه وقع الاشتراك، ولا يمنع احتياجهم (٢) إلى ذكر القرينة أن يكون ذلك اسما له في الأصل. ألا ترى أنه إذا قال: رأيت زيدا، والسامع عرف (٣) رجلين اسمهما زيد، فيقول: أيما (٤) زيد؟ فيقول: الأزدي أو (٥) التميمي (٦). فلا يمنع هذا أن يكون (زيد) اسما (٧) في الأصل لذلك الشخص، وإن (٨) لم يحصل به التمييز حتى ذكر معه النسبة (٩) عند وقوع الاشتراك، ويجوز تسمية الشيء ببعضه، أو بما هو من جملة معناه، كالقصائد التي تسمى بما افتتحت به كقولهم: (لخولة أطلال)، و (قفا نبك)، و (أما صحا) (١٠).
وقول الحسن (١١) هذا مختار عند النحويين، من قبل أن الأسماء
وقول الحسن (١١) هذا مختار عند النحويين، من قبل أن الأسماء
(١) عند الطبري (.. قرأت (الم البقرة). وفي آل عمران: قرأت (الم آل عمران) و (الم ذلك الكتاب) و (الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم) الطبري ١/ ٩٠.
(٢) في (ب). (احتاجهم).
(٣) (عرف) ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (أبا).
(٥) في (ب): (و).
(٦) انظر الطبري ١/ ٩٠، وانظر "تأويل المشكل" لابن قتيبة ص ٣٠٠.
(٧) في (ب): (زيدا في الأصل).
(٨) في (ب): (فإن).
(٩) في (ب). (التشبه).
(١٠) قوله: (لخولة أطلال) مطلع معلقة طرفة بن العبد. انظر "شرح القصائد المشهورات" للنحاس ص ٥٣. و (قفا نبك) مطلع معلقة امرئ القيس. انظر "شرح القصائد" ص ٣. وقوله "أما صحا" لم أعثر عليها فيما قرأت.
(١١) وهو أن الحروف المقطعة أسماء للسور، وهذا القول نسبه أكثر المفسرين لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه. انظر ما سبق ص ٣٨٩.
(٢) في (ب). (احتاجهم).
(٣) (عرف) ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (أبا).
(٥) في (ب): (و).
(٦) انظر الطبري ١/ ٩٠، وانظر "تأويل المشكل" لابن قتيبة ص ٣٠٠.
(٧) في (ب): (زيدا في الأصل).
(٨) في (ب): (فإن).
(٩) في (ب). (التشبه).
(١٠) قوله: (لخولة أطلال) مطلع معلقة طرفة بن العبد. انظر "شرح القصائد المشهورات" للنحاس ص ٥٣. و (قفا نبك) مطلع معلقة امرئ القيس. انظر "شرح القصائد" ص ٣. وقوله "أما صحا" لم أعثر عليها فيما قرأت.
(١١) وهو أن الحروف المقطعة أسماء للسور، وهذا القول نسبه أكثر المفسرين لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه. انظر ما سبق ص ٣٨٩.
22
الأعلام منقولة عن معانيها للتفرقة بين المسميات (١)، ونقلت هاهنا حروف المعجم إلى التسمية. وقد جاء نظير ذلك (٢) في أسماء العرب، قالوا: (أوس بن حارثة بن لأم الطائي) (٣).
ولا خلاف بينهم أن لك أن تسمي بحروف المعجم كما أن لك أن تسمي بالجمل (٤) كقولهم (٥): (تأبط شرًّا (٦))، و (ذرّى حبًّا (٧))، قال الشاعر:
ولا خلاف بينهم أن لك أن تسمي بحروف المعجم كما أن لك أن تسمي بالجمل (٤) كقولهم (٥): (تأبط شرًّا (٦))، و (ذرّى حبًّا (٧))، قال الشاعر:
| إن لها لَرَكَبًا (٨) إرزَبَّا (٩) | كأنه جبهةُ ذرّى حَبَّا (١٠) |
(١) انظر "شرح المفصل" ١/ ٢٩.
(٢) في (ب): (ذاك).
(٣) ذكره ابن دريد قال: أوس بن حارثة بن لأم، رأس طييء، عاش مائتي سنة. وفسر (لأم) فقال: (اللأم) السهم المريش إذا استوت قذذه. (الاشتقاق) ص ٣٨٢، ٣٨٣. وانظر مادة (لأم) في "اللسان" ٧/ ٣٩٧٦، "القاموس" ص١١٥٦. وقد أورد الواحدى الاسم على أن المراد (لام) الحرف، نقل فأصبح علمًا على اسم معين، وعلى ما ذكر ابن دريد لا شاهد فيه للواحدي.
(٤) تحكى الجملة على حالها فتصبح علمًا للمسمى انظر "الكتاب" ٣/ ٣٢٦ "المقتضب" ٤/ ٩، "شرح المفصل" ١/ ٢٨.
(٥) في (ب): (كقولك).
(٦) في (ب): (سابط).
قيل: سمي بذلك لأنه تأبط حية. انظر (شرح المفصل) ١/ ٢٨.
(٧) دي (ب): (وروا حبا). وذرى حبا: اسم رجل. انظر: "الكتاب" ٣/ ٣٢٦، "المقتضب" ٤/ ٩، "شرح المفصل" ١/ ٢٨، و"اللسان" (حبب) ١/ ٢٩٦.
(٨) في (ب). (الركبا).
(٩) في (ج). (اردبا).
(١٠) نسبه سيبويه لرجل من بني طهية. يروى (مركبا) و (مركنا) وهو منبت المعانة =
(٢) في (ب): (ذاك).
(٣) ذكره ابن دريد قال: أوس بن حارثة بن لأم، رأس طييء، عاش مائتي سنة. وفسر (لأم) فقال: (اللأم) السهم المريش إذا استوت قذذه. (الاشتقاق) ص ٣٨٢، ٣٨٣. وانظر مادة (لأم) في "اللسان" ٧/ ٣٩٧٦، "القاموس" ص١١٥٦. وقد أورد الواحدى الاسم على أن المراد (لام) الحرف، نقل فأصبح علمًا على اسم معين، وعلى ما ذكر ابن دريد لا شاهد فيه للواحدي.
(٤) تحكى الجملة على حالها فتصبح علمًا للمسمى انظر "الكتاب" ٣/ ٣٢٦ "المقتضب" ٤/ ٩، "شرح المفصل" ١/ ٢٨.
(٥) في (ب): (كقولك).
(٦) في (ب): (سابط).
قيل: سمي بذلك لأنه تأبط حية. انظر (شرح المفصل) ١/ ٢٨.
(٧) دي (ب): (وروا حبا). وذرى حبا: اسم رجل. انظر: "الكتاب" ٣/ ٣٢٦، "المقتضب" ٤/ ٩، "شرح المفصل" ١/ ٢٨، و"اللسان" (حبب) ١/ ٢٩٦.
(٨) في (ب). (الركبا).
(٩) في (ج). (اردبا).
(١٠) نسبه سيبويه لرجل من بني طهية. يروى (مركبا) و (مركنا) وهو منبت المعانة =
23
فكل (١) كلمة لم تكن على معنى الأصل فهي منقولة إلى التسمية للفرق، فمن ذلك (زيد (٢)) لما لم يرد به معنى الزيادة، لم يكن إلا منقولا (٣). وكذلك جميع الأسماء الأعلام ولو سميت رجلا: (ب ت ث)، [لقلت (هذا ب ت ث)] (٤)، ورأيت: (ب ت ث) فحكيت هذا القول كان جائزا.
وقال أبو العالية: ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسماء الله عز وجل، وليس منها حرف إلا وهو في آلائه وبلائه، وليس منها حرف إلا وهو في مدة قوم وآجال آخرين (٥).
وقال أبو العالية: ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسماء الله عز وجل، وليس منها حرف إلا وهو في آلائه وبلائه، وليس منها حرف إلا وهو في مدة قوم وآجال آخرين (٥).
= و (الإرزب) الضخم شبهه بجبهة ذلك الرجل المسمى (ذرى حبا). ورد البيت في "الكتاب" ٣/ ٣٢٦، "المقتضب" ٤/ ٩، "معجم مقاييس اللغة" ٢/ ٣٩١، "اللسان" (حبب) ٢/ ٧٤٦، و (رزب) ٣/ ١٦٣٤، و"شرح المفصل" ١/ ٢٨.
(١) في (ب): (كل).
(٢) (زيد) ساقط من (ب).
(٣) انظر: "شرح المفصل" ١/ ٣٠.
(٤) مابين المعقوفتين ساقط من (ب).
(٥) بهذا النصر ذكره الثعلبي في "تفسيره" بدون نسبه ١/ ٤٠ أ، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" بسنده عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية: في قوله (الم) قال: (هذِه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا، دارت فيها الألسن كلها. ليس منها حرف...) الخ الأثر كما عند المؤلف هنا. قال المحقق: رجال هذا الإسناد يحتج بروايتهم، لكن أبا العالية يرسل كثيراً، ورواية أبي جعفر الرازي عن أنس مضطربة والمتن في بعض ألفاظه نكارة. "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ١٦٨ (رسالة دكتوراه). وأخرجه ابن جرير بسنده عن الربيع بن أنس، بنفس اللفظ١/ ٨٨، وذكره ابن كثير في " تفسيره" عن أبي العالية، وتكلم فيه من جهة معناه. ابن كثير ١/ ٤١، وذكره =
(١) في (ب): (كل).
(٢) (زيد) ساقط من (ب).
(٣) انظر: "شرح المفصل" ١/ ٣٠.
(٤) مابين المعقوفتين ساقط من (ب).
(٥) بهذا النصر ذكره الثعلبي في "تفسيره" بدون نسبه ١/ ٤٠ أ، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" بسنده عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية: في قوله (الم) قال: (هذِه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا، دارت فيها الألسن كلها. ليس منها حرف...) الخ الأثر كما عند المؤلف هنا. قال المحقق: رجال هذا الإسناد يحتج بروايتهم، لكن أبا العالية يرسل كثيراً، ورواية أبي جعفر الرازي عن أنس مضطربة والمتن في بعض ألفاظه نكارة. "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ١٦٨ (رسالة دكتوراه). وأخرجه ابن جرير بسنده عن الربيع بن أنس، بنفس اللفظ١/ ٨٨، وذكره ابن كثير في " تفسيره" عن أبي العالية، وتكلم فيه من جهة معناه. ابن كثير ١/ ٤١، وذكره =
24
فالاختلاف في هذه الحروف كما ترى، وقد ذكرت عيون أقاويل أهل (١) التأويل. وليس يبعد أن يقال: إن جميع ما ذكر من هذه التأويلات كلها مرادة بهذه الحروف مودعة فيها، ولا تنافي في هذه الأقوال، لأنه ليس كون هذه الحروف مفاتح أسماء الله تعالى بمانع أن تكون (٢) مما (٣) أقسم الله بها، ولا أن يشير بها إلى مدة قوم وآجال أناس عرف الله نبيه عليه السلام ذلك على الخصوص (٤).
= السيوطي في "الدر" وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم. "الدر" ١/ ٥٦، وذكره أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٤.
(١) في (ب): (هذا).
(٢) في (ب): (يكون).
(٣) في (ب). (ما).
(٤) وإلى نحو هذا مال ابن جرير حيث قال: (والصواب من القول عندي في تأويل مفاتيح السور، التي هي حروف المعجم: أن الله جل ثناؤه جعلها حروفا مقطعة، ولم يصل بعضها ببعض -فيجعلها كسائر الكلام المتصل الحروف- لأنه عز ذكره أراد بلفظه الدلالة بكل حرف منه على معان كثيرة، لا على معنى واحد، كما قال الربيع بن أنس. وإن كان الربيع قد اقتصر به على معان ثلاثة، دون ما زاد عليها. والصواب في تأويل ذلك عندي: أن كل حرف منه يحوي ما قاله الربيع، وما قاله سائر المفسرين غيره فيه.... الخ. واستثنى بعض الأقوال لضعفها. انظر الطبري ١/ ٩٣، وانظر "تأويل المشكل" لابن قتيبة ص ٢٩٩، ٣٠٠، وقد ذكر ابن كثير كلام الطبري، ولم يرضه، ثم ذكر أقوالاً أخرى وبين ضعفها ثم قال: وقال آخرون: بل إنما ذكرت هذِه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانا لإعجاز القرآن وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه مركب من هذِه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها، وقد حكى هذا المذهب الرازي في "تفسيره" عن المبرد وجمع من المحققين، وحكى القرطبي عن الفراء وقطرب نحو هذا، وقرره الزمخشري في "كشافه" ونصره أتم نصر، واليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية، =
(١) في (ب): (هذا).
(٢) في (ب): (يكون).
(٣) في (ب). (ما).
(٤) وإلى نحو هذا مال ابن جرير حيث قال: (والصواب من القول عندي في تأويل مفاتيح السور، التي هي حروف المعجم: أن الله جل ثناؤه جعلها حروفا مقطعة، ولم يصل بعضها ببعض -فيجعلها كسائر الكلام المتصل الحروف- لأنه عز ذكره أراد بلفظه الدلالة بكل حرف منه على معان كثيرة، لا على معنى واحد، كما قال الربيع بن أنس. وإن كان الربيع قد اقتصر به على معان ثلاثة، دون ما زاد عليها. والصواب في تأويل ذلك عندي: أن كل حرف منه يحوي ما قاله الربيع، وما قاله سائر المفسرين غيره فيه.... الخ. واستثنى بعض الأقوال لضعفها. انظر الطبري ١/ ٩٣، وانظر "تأويل المشكل" لابن قتيبة ص ٢٩٩، ٣٠٠، وقد ذكر ابن كثير كلام الطبري، ولم يرضه، ثم ذكر أقوالاً أخرى وبين ضعفها ثم قال: وقال آخرون: بل إنما ذكرت هذِه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانا لإعجاز القرآن وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه مركب من هذِه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها، وقد حكى هذا المذهب الرازي في "تفسيره" عن المبرد وجمع من المحققين، وحكى القرطبي عن الفراء وقطرب نحو هذا، وقرره الزمخشري في "كشافه" ونصره أتم نصر، واليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية، =
25
فإن قيل: كيف كتبوا في المصحف هذه الحروف موصولة، والهجاء منقطع لا يتصل بعضه ببعض؟
قلنا: لأنه لم يقصد به الهجاء، إنما هي حروف اجتمعت يراد بكل حرف منها معنى، فهي وإن كانت في صورة الهجاء فإن تحتها معاني، فكانت من هذا الوجه في معنى الكلمات الموصولة (١).
فإن قيل: فلم قطعت ﴿حم عسق﴾ ولم تقطع ﴿كهيعص﴾.
قلنا: لأن (حم) قد ذكرت في أوائل سور أخرى، فقطعت مما (٢) بعدها، لأن هذه السور كغيرها (٣) مما افتتح بـ (حم) (٤).
هذا هو الكلام في الحروف المقطعة في هذه السورة. (٥) فأما في سائر السور فسنأتي على بيانها إن شاء الله.
٢ - وقوله تعالى: ﴿ذَالِكَ اَلكِتَبُ﴾. قال أبو الهيثم (٦): (ذا) اسم كل
قلنا: لأنه لم يقصد به الهجاء، إنما هي حروف اجتمعت يراد بكل حرف منها معنى، فهي وإن كانت في صورة الهجاء فإن تحتها معاني، فكانت من هذا الوجه في معنى الكلمات الموصولة (١).
فإن قيل: فلم قطعت ﴿حم عسق﴾ ولم تقطع ﴿كهيعص﴾.
قلنا: لأن (حم) قد ذكرت في أوائل سور أخرى، فقطعت مما (٢) بعدها، لأن هذه السور كغيرها (٣) مما افتتح بـ (حم) (٤).
هذا هو الكلام في الحروف المقطعة في هذه السورة. (٥) فأما في سائر السور فسنأتي على بيانها إن شاء الله.
٢ - وقوله تعالى: ﴿ذَالِكَ اَلكِتَبُ﴾. قال أبو الهيثم (٦): (ذا) اسم كل
= شيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي، وحكاه لي عن ابن تيمية. ابن كثير ١/ ٤٠.
(١) هذا السؤال والإجابة عليه ذكره ابن الأنباري في "إيضاح الوقف والابتداء" ص ٤٧٩، وانظر: "القطع والائتناف" للنحاس ص ١٠٩، "البرهان في علوم القرآن" ١/ ٤٣١.
(٢) في (ب): (ما).
(٣) في (ب): (لغيرها).
(٤) ذكره ابن الأنباري في "إيضاح الوقف والابتداء" ص ٤٧٩، والنحاس في "القطع والائتناف" ص ١٠٩، والزركشي في "البرهان" ١/ ٤٣١.
(٥) أي في سورة (البقرة) (الم).
(٦) قول أبي الهيثم ذكره الأزهري في (التهذيب) في مواضع متعددة أخذ الواحدي منه بالاختصار وجمعه مع بعضه. قال الأزهري: أخبرني المنذرى عن أبي الهيثم أنه قال: ذا اسم كل مشار إليه..) "التهذيب" (ذا) ٢/ ١٢٥٨.
(١) هذا السؤال والإجابة عليه ذكره ابن الأنباري في "إيضاح الوقف والابتداء" ص ٤٧٩، وانظر: "القطع والائتناف" للنحاس ص ١٠٩، "البرهان في علوم القرآن" ١/ ٤٣١.
(٢) في (ب): (ما).
(٣) في (ب): (لغيرها).
(٤) ذكره ابن الأنباري في "إيضاح الوقف والابتداء" ص ٤٧٩، والنحاس في "القطع والائتناف" ص ١٠٩، والزركشي في "البرهان" ١/ ٤٣١.
(٥) أي في سورة (البقرة) (الم).
(٦) قول أبي الهيثم ذكره الأزهري في (التهذيب) في مواضع متعددة أخذ الواحدي منه بالاختصار وجمعه مع بعضه. قال الأزهري: أخبرني المنذرى عن أبي الهيثم أنه قال: ذا اسم كل مشار إليه..) "التهذيب" (ذا) ٢/ ١٢٥٨.
26
مشار إليه يراه المتكلم والمخاطب كقولك: ذا الرجل، وذا الفرس، فإذا (١) بعد المشار إليه زادوا (كافا) فقالوا: ذاك (٢) الرجل، وهذه (الكاف) ليست في موضع نصب ولا خفض (٣) ولا رفع، إنما أشبهت كاف (أخاك) و (عصاك) فتوهم السامع أنها في موضع خفض (٤)، فلما دخل فيها هذا اللبس زادوا (لاما) فقالوا: ذلك أخوك (٥)، فإن اللام إذا دخلت ذهبت بمعنى الإضافة. و (ذا) مبني (٦)، نصبه وخفضه ورفعه سواء، لأن فيه معنى الإشارة إلى معرفة فكأنه قد تضمن معنى من الحروف (٧). وهذا الذي ذكره
(١) قال الأزهري: قال أبو الهيثم فيما أخبرني عنه المنذري: (إذا بعد المشار إليه من المخاطب، وكان المخاطب بعيدا ممن يشار إليه، (زادوا) (كافا) فقالوا. ذاك أخوك..) "التهذيب" تفسير (ذاك وذلك) ٢/ ١٢٥٨.
(٢) في (ج): (ذلك).
(٣) في "التهذيب": (ليست في موضع خفض ولا نصب، إنما أشبهت..) ٢/ ١٢٥٨.
(٤) في "التهذيب": (فتوهم السامعون أن قول القائل: ذاك أخوك كأنها في موضع خفض لاشباهها (كاف)، (أخاك). وليس ذلك كذلك، إنما تلك (كاف) ضمت إلى (ذا) لبعد (ذا) من المخاطب، فلما دخل...) "التهذيب" ٢/ ١٢٥٨.
(٥) في "التهذيب": (وفي الجماعة: أولئك اخوتك). مراتب المشار اليه عند بعضهم اثنتان:
الأولى: القربى ويشار لها بذا.
الثانية: البعدى سواء كان البعد قليلاً أو كثيرًا ويشار لها بذاك. وعلى هذا الرأي زيدت اللام لرفع اللبس، كما ذكر الواحدي، أو لتأكيد بعد المشار إليه. أما عند الجمهور فمراتب المشار إليه ثلاث: قريب يشار له بذا، ومتوسط يشار له بذاك، وبعيد ويشار له بذلك، وعلى هذا: اللام لبعد المشار اليه، وليست لرفع اللبس. انظر "حاشية الصبان" ١/ ١٣٩، ١٤٢.
(٦) في (ب): (مبين).
(٧) هذا الكلام عن أبي الهيثم بمعناه، "التهذيب" ٢/ ١٢٥٨.
(٢) في (ج): (ذلك).
(٣) في "التهذيب": (ليست في موضع خفض ولا نصب، إنما أشبهت..) ٢/ ١٢٥٨.
(٤) في "التهذيب": (فتوهم السامعون أن قول القائل: ذاك أخوك كأنها في موضع خفض لاشباهها (كاف)، (أخاك). وليس ذلك كذلك، إنما تلك (كاف) ضمت إلى (ذا) لبعد (ذا) من المخاطب، فلما دخل...) "التهذيب" ٢/ ١٢٥٨.
(٥) في "التهذيب": (وفي الجماعة: أولئك اخوتك). مراتب المشار اليه عند بعضهم اثنتان:
الأولى: القربى ويشار لها بذا.
الثانية: البعدى سواء كان البعد قليلاً أو كثيرًا ويشار لها بذاك. وعلى هذا الرأي زيدت اللام لرفع اللبس، كما ذكر الواحدي، أو لتأكيد بعد المشار إليه. أما عند الجمهور فمراتب المشار إليه ثلاث: قريب يشار له بذا، ومتوسط يشار له بذاك، وبعيد ويشار له بذلك، وعلى هذا: اللام لبعد المشار اليه، وليست لرفع اللبس. انظر "حاشية الصبان" ١/ ١٣٩، ١٤٢.
(٦) في (ب): (مبين).
(٧) هذا الكلام عن أبي الهيثم بمعناه، "التهذيب" ٢/ ١٢٥٨.
27
أبو الهيثم في ذلك، إجماع من النحويين (١).
وقال الزجاج (٢): كسرت (اللام) في (ذلك) لالتقاء الساكنين (٣)، قال: ولم يذكر الكوفيون كسرة هذه (اللام).
قال أبو الفتح الموصلي (٤):
(اللام) قد تزاد في الكلمة مبنية (٥) معها، غير مفارقة لها، كقولهم: (ذلك) و (ألالك) (٦)، و (هنالك) و (عبدل) (٧)، و (زيدل) (٨)، و (فيشله) (٩). والذي يدل على زيادة (اللام) في هذه الحروف قولهم: (ذاك) (١٠) بمعنى:
وقال الزجاج (٢): كسرت (اللام) في (ذلك) لالتقاء الساكنين (٣)، قال: ولم يذكر الكوفيون كسرة هذه (اللام).
قال أبو الفتح الموصلي (٤):
(اللام) قد تزاد في الكلمة مبنية (٥) معها، غير مفارقة لها، كقولهم: (ذلك) و (ألالك) (٦)، و (هنالك) و (عبدل) (٧)، و (زيدل) (٨)، و (فيشله) (٩). والذي يدل على زيادة (اللام) في هذه الحروف قولهم: (ذاك) (١٠) بمعنى:
(١) انظر "التهذيب" حيث نقل الأزهري عن بعض الأئمة٢/ ١٢٥٨ - ١٢٥٩، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٠.
(٢) قول الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٣١، إلا قوله: (قال: ولم يذكر الكوفيون...
إلخ)، ونقله الأزهري في "التهذيب"، ١٥/ ٣٤، ٣٥.
(٣) المراد بالساكنين: (الألف) من (ذا) واللام التي بعدها. انظر "المعاني" للزجاج ١/ ٣١.
(٤) كلام أبي الفتح في "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٢١، وقد تصرف المؤلف فيه، ونقله بالمعنى مع الاختصار. قال أبو الفتح: (وإذا كانت اللام زائدة فهي على ضربين: أحدهما: أن تزاد في الكلمة مبنية معها غير مفارقة لها، والآخر أن تزاد فيها لمعنى، ولا تكون من صيغة الكلمة....).
(٥) في (ب): (مبينة).
(٦) كذا في (أ)، وفي (ب)، (ج): (إلا لك) وفي "سر صناعة الإعراب" (أولا لك) ١/ ٣٢١. وهذا هو الصواب، ولعل ما أثبت في النسخ اختلاف في الرسم.
(٧) في (ب): (عندك).
(٨) في (ب): (زيدك).
(٩) في (ج): (فشيله). في "اللسان": (الفيشلة) كالفيشه، واللام فيها عند بعضهم زائدة، وقيل اللام أصل. والفيشة: أعلى الهامة، أو الكمرة، أو الذكر المنتفخ. "اللسان" (فيش) ٦/ ٣٤٩٩.
(١٠) في (ب): (ذلك).
(٢) قول الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٣١، إلا قوله: (قال: ولم يذكر الكوفيون...
إلخ)، ونقله الأزهري في "التهذيب"، ١٥/ ٣٤، ٣٥.
(٣) المراد بالساكنين: (الألف) من (ذا) واللام التي بعدها. انظر "المعاني" للزجاج ١/ ٣١.
(٤) كلام أبي الفتح في "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٢١، وقد تصرف المؤلف فيه، ونقله بالمعنى مع الاختصار. قال أبو الفتح: (وإذا كانت اللام زائدة فهي على ضربين: أحدهما: أن تزاد في الكلمة مبنية معها غير مفارقة لها، والآخر أن تزاد فيها لمعنى، ولا تكون من صيغة الكلمة....).
(٥) في (ب): (مبينة).
(٦) كذا في (أ)، وفي (ب)، (ج): (إلا لك) وفي "سر صناعة الإعراب" (أولا لك) ١/ ٣٢١. وهذا هو الصواب، ولعل ما أثبت في النسخ اختلاف في الرسم.
(٧) في (ب): (عندك).
(٨) في (ب): (زيدك).
(٩) في (ج): (فشيله). في "اللسان": (الفيشلة) كالفيشه، واللام فيها عند بعضهم زائدة، وقيل اللام أصل. والفيشة: أعلى الهامة، أو الكمرة، أو الذكر المنتفخ. "اللسان" (فيش) ٦/ ٣٤٩٩.
(١٠) في (ب): (ذلك).
28
(ذلك)، و (أولئك) بمعنى: (ألالك) (١)، و (هناك) بمعنى: (هنالك)، ومعنى (عبدل) كمعنى (عبد) (٢)، ومعنى: (زيدل) كمعنى: (زيد) (٣)، ومعنى: (فيشلة) كمعنى (٤): (فيشة) (٥).
وأما (٦) (الكاف) فهي في (ذاك)، و (ذلك)، و (تلك)، و (تانك) (٧)، و (ذانك)، و (أولئك) حرف يفيد الخطاب، وليست باسم (٨).
والدليل (٩) على ذلك ثبوت النون [في (ذانك، وتانك) ولو كانت اسما لوجب حذف النون] (١٠) قبلها، وجرها بالإضافة، كما تقول: غلاماك وصاحباك.
والعرب قد تزيد (الكاف) للخطاب كقولهم: (النجاءك) أي: انج، ولو كانت (١١) (الكاف) اسما لما جازت إضافة ما فيه (الألف واللام)
وأما (٦) (الكاف) فهي في (ذاك)، و (ذلك)، و (تلك)، و (تانك) (٧)، و (ذانك)، و (أولئك) حرف يفيد الخطاب، وليست باسم (٨).
والدليل (٩) على ذلك ثبوت النون [في (ذانك، وتانك) ولو كانت اسما لوجب حذف النون] (١٠) قبلها، وجرها بالإضافة، كما تقول: غلاماك وصاحباك.
والعرب قد تزيد (الكاف) للخطاب كقولهم: (النجاءك) أي: انج، ولو كانت (١١) (الكاف) اسما لما جازت إضافة ما فيه (الألف واللام)
(١) كذا في (أ) وفي (ب)، (ج) (بدون تشكيل)، وفي "سر صناعة الإعراب" (أولالك) وهو الصواب، وانظر التعليق في الصفحة قبلها.
(٢) في (ب): (ومعنى عندك كمعنى عند).
(٣) في (ب): (ومعنى زيد كمعنى زيدك).
(٤) في (ب): (بمعنى).
(٥) انظر. "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٢٢، (معنى الفيشة) مر قريبا.
(٦) الكلام عن (الكاف) أخذه المؤلف عن أبي الفتح من موضع آخر ١/ ٣٠٩، بتصرف واختصار.
(٧) في (ب): (تاتك).
(٨) انظر: "الأصول في النحو" ٢/ ١٢٧.
(٩) "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣١٥.
(١٠) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(١١) "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٠٩ - ٣١٠.
(٢) في (ب): (ومعنى عندك كمعنى عند).
(٣) في (ب): (ومعنى زيد كمعنى زيدك).
(٤) في (ب): (بمعنى).
(٥) انظر. "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٢٢، (معنى الفيشة) مر قريبا.
(٦) الكلام عن (الكاف) أخذه المؤلف عن أبي الفتح من موضع آخر ١/ ٣٠٩، بتصرف واختصار.
(٧) في (ب): (تاتك).
(٨) انظر: "الأصول في النحو" ٢/ ١٢٧.
(٩) "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣١٥.
(١٠) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(١١) "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٠٩ - ٣١٠.
29
إليهما (١)، وكذلك قولهم: أبصرك زيدا. ولا يجوز أن تكون (الكاف) اسما لأن هذا الفعل لا يتعدى إلى ضمير المأمور (٢)، ألا ترى أنك لا تقول: أضربك، ولا أقتلك، إذا أمرته بضرب نفسه وقتله إياها (٣).
وزاد غيره بيانا فقال: (الكاف) في (ذلك) حرف، وفي (غلامك) وأشباهه اسم، الدليل على هذا أنك تؤكد (الكاف) في غلامك، كما تؤكد الاسم، فتقول: جاءني غلامك نفسك، ولا تؤكد (الكاف) في ذلك، فلا يجوز أن تقول: ذلك نفسك، على معنى تأكيد (الكاف) بالنفس (٤).
قوله تعالى: ﴿الْكِتَابُ﴾ يقال: كتب يكتب كتابًا وكَتْبًا وكتابةً. و (الكتاب) أيضا اسم لما كتب، وهو من باب تسمية المفعول بالمصدر، وهو كثير (٥). وأصل (الكتب) في اللغة جمعك بين الشيئين، يقال: اكتب بغلتك، وهو أن يضم بين شفريها بحلقة (٦)، ومن ذلك سميت (الكتيبة) لأنها تكتبت واجتمعت (٧).
ويقال: كتبت السقاء أكتبه كَتْبًا إذا خرزته (٨). وهي الكُتْبة وجمعها
وزاد غيره بيانا فقال: (الكاف) في (ذلك) حرف، وفي (غلامك) وأشباهه اسم، الدليل على هذا أنك تؤكد (الكاف) في غلامك، كما تؤكد الاسم، فتقول: جاءني غلامك نفسك، ولا تؤكد (الكاف) في ذلك، فلا يجوز أن تقول: ذلك نفسك، على معنى تأكيد (الكاف) بالنفس (٤).
قوله تعالى: ﴿الْكِتَابُ﴾ يقال: كتب يكتب كتابًا وكَتْبًا وكتابةً. و (الكتاب) أيضا اسم لما كتب، وهو من باب تسمية المفعول بالمصدر، وهو كثير (٥). وأصل (الكتب) في اللغة جمعك بين الشيئين، يقال: اكتب بغلتك، وهو أن يضم بين شفريها بحلقة (٦)، ومن ذلك سميت (الكتيبة) لأنها تكتبت واجتمعت (٧).
ويقال: كتبت السقاء أكتبه كَتْبًا إذا خرزته (٨). وهي الكُتْبة وجمعها
(١) انظر "الكتاب" ١/ ٢٤٥.
(٢) عند أبي الفتح: (لا يجوز أن تكون (الكاف) اسما لأن هذا الفعل لا يتعدى إلى ضمير المأمور به..) ١/ ٣١١.
(٣) انظر كلام أبي الفتح ١/ ٣١٠، ٣١١.
(٤) ذكره سيبويه. انظر: "الكتاب" ١/ ٢٤٥، وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٠، "تهذيب اللغة" (ذاك) ٢/ ١٢٥٩.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (كتب) ٤/ ٣٥٩٧، "معجم مقاييس اللغة" (كتب) ٥/ ١٥٨، "الكشف" للثعلبي ١/ ٤٢/ب.
(٦) في (ب): (لحلقة).
(٧) في (ب): (فاجتمعت). ذكره الأزهري عن شمر، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٠٩٧.
(٨) في (ب): (جررته). ذكره الأزهري عن أبي عبيد عن أبي زيد. "التهذيب" (كتب) ٢/ ٢٠٧٩.
(٢) عند أبي الفتح: (لا يجوز أن تكون (الكاف) اسما لأن هذا الفعل لا يتعدى إلى ضمير المأمور به..) ١/ ٣١١.
(٣) انظر كلام أبي الفتح ١/ ٣١٠، ٣١١.
(٤) ذكره سيبويه. انظر: "الكتاب" ١/ ٢٤٥، وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٠، "تهذيب اللغة" (ذاك) ٢/ ١٢٥٩.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (كتب) ٤/ ٣٥٩٧، "معجم مقاييس اللغة" (كتب) ٥/ ١٥٨، "الكشف" للثعلبي ١/ ٤٢/ب.
(٦) في (ب): (لحلقة).
(٧) في (ب): (فاجتمعت). ذكره الأزهري عن شمر، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٠٩٧.
(٨) في (ب): (جررته). ذكره الأزهري عن أبي عبيد عن أبي زيد. "التهذيب" (كتب) ٢/ ٢٠٧٩.
30
كُتَب للخروز (١). ومنه قيل: كتبت الكتاب، لأنه يجمع حرفا إلى حرف (٢).
فأما التفسير فقوله (٣): ﴿ذلك﴾ يجوز أن يكون بمعنى: (هذا) عند كثير من المفسرين وأهل المعاني (٤).
قال الفراء: وإنما يجوز (ذلك) بمعنى: (هذا) لما مضى، وقرب وقت تقضيه، أو تقضي ذكره، فأما الموجود الحاضر (٥) فلا يقال فيه (ذلك) (٦) مثاله أنك تقول (٧): قد قدم فلان، فيقول السامع: قد بلغنا ذلك، وبلغنا هذا الخبر، فصلحت فيه (هذا)، لأنه قرب من جوابه (٨)، فصار كالحاضر الذي تشير (٩) إليه، وصلحت (ذلك) لانقضائه، والمنقضي
فأما التفسير فقوله (٣): ﴿ذلك﴾ يجوز أن يكون بمعنى: (هذا) عند كثير من المفسرين وأهل المعاني (٤).
قال الفراء: وإنما يجوز (ذلك) بمعنى: (هذا) لما مضى، وقرب وقت تقضيه، أو تقضي ذكره، فأما الموجود الحاضر (٥) فلا يقال فيه (ذلك) (٦) مثاله أنك تقول (٧): قد قدم فلان، فيقول السامع: قد بلغنا ذلك، وبلغنا هذا الخبر، فصلحت فيه (هذا)، لأنه قرب من جوابه (٨)، فصار كالحاضر الذي تشير (٩) إليه، وصلحت (ذلك) لانقضائه، والمنقضي
(١) في (ب): (للحزور). الأزهري عن الليث، "التهذيب" ٢/ ٢٠٧٩.
(٢) الأزهري عن شمر ٢/ ٢٠٧٩.
(٣) في (ب). (وقوله).
(٤) انظر: الطبري ١/ ٩٦، "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٩، ونسب القول فيه للأخفش وأبي عبيدة، و"مجاز القرآن" ١/ ٢٨، وابن عطية ١/ ١٤١.
(٥) الموجود الحاضر لا يقال فيه (ذلك) لأنك تراه بعينه، بل تشير له بهذا، الدالة على الحاضر في الذهن. انظر "معاني القرآن" للفراء١/ ١١.
(٦) في (ج): (ذاك).
(٧) في "معاني القرآن" للفراء: (يصلح (ذلك) من جهتين، وتصلح فيه (هذا) من جهة، فأما أحد الوجهين من (ذاك) فعلى معنى: هذِه الحروف يا أحمد، ذلك الكتاب الذي وعدتك أن أوحيه إليك. والآخر أن يكون (ذلك) على معنى يصلح فيه (هذا) لأن قوله: (هذا) و (ذلك) يصلحان في كل كلام، إذا ذكر ثم أتبعته بأحدهما بالإخبار عنه. ألا ترى أنك تقول: قد قدم فلان... الخ.) ١/ ١٠.
(٨) في (ب): (حركه).
(٩) في (ب): (يشير).
(٢) الأزهري عن شمر ٢/ ٢٠٧٩.
(٣) في (ب). (وقوله).
(٤) انظر: الطبري ١/ ٩٦، "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٩، ونسب القول فيه للأخفش وأبي عبيدة، و"مجاز القرآن" ١/ ٢٨، وابن عطية ١/ ١٤١.
(٥) الموجود الحاضر لا يقال فيه (ذلك) لأنك تراه بعينه، بل تشير له بهذا، الدالة على الحاضر في الذهن. انظر "معاني القرآن" للفراء١/ ١١.
(٦) في (ج): (ذاك).
(٧) في "معاني القرآن" للفراء: (يصلح (ذلك) من جهتين، وتصلح فيه (هذا) من جهة، فأما أحد الوجهين من (ذاك) فعلى معنى: هذِه الحروف يا أحمد، ذلك الكتاب الذي وعدتك أن أوحيه إليك. والآخر أن يكون (ذلك) على معنى يصلح فيه (هذا) لأن قوله: (هذا) و (ذلك) يصلحان في كل كلام، إذا ذكر ثم أتبعته بأحدهما بالإخبار عنه. ألا ترى أنك تقول: قد قدم فلان... الخ.) ١/ ١٠.
(٨) في (ب): (حركه).
(٩) في (ب): (يشير).
31
كالغائب (١).
وتقول: أنفقت ثلاثة وثلاثة، فذلك ستة، وإن شئت قلت: فهذا ستة، وقد قال الله عز وجل: ﴿فَحَشَرَ فَنَادَى﴾ [النازعات: ٢٣] تْم قال: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ [النازعات: ٢٦]، وقال: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ (٢) [الأنبياء: ١٠٥]، ثم قال: ﴿إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا﴾ [الأنبياء: ١٠٦] (٣).
وقال محمد بن جرير: أشار بقوله: ﴿ذلك﴾ إلى ما تقدم ومضى من قوله: ﴿الم﴾ لأن كل ما تقضى (٤) وقرب تقضيه من الأخبار فهو في حكم الحاضر، كالرجل يحدث الرجل الحديث، فيقول السامع: (إن ذلك لكما (٥) قلت)، و (هذا والله كما قلت)، فيخبر مرة عنه بمعنى الغائب (٦)، إذا كان قد تقضى، ومرة بالحاضر لقرب جوابه من كلامه، كأنه غير متقض (٧)، فكذلك لما ذكر الله سبحانه ﴿الم﴾ التي ذكرنا تصرفها في وجوهها من المعاني، قال: يا محمد هذا الذي ذكرته وبينته لك: الكتاب، [فحسن وضع (ذلك) في موضع (هذا) (٨) وروى عن ابن عباس أنه قال:
وتقول: أنفقت ثلاثة وثلاثة، فذلك ستة، وإن شئت قلت: فهذا ستة، وقد قال الله عز وجل: ﴿فَحَشَرَ فَنَادَى﴾ [النازعات: ٢٣] تْم قال: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ [النازعات: ٢٦]، وقال: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ (٢) [الأنبياء: ١٠٥]، ثم قال: ﴿إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا﴾ [الأنبياء: ١٠٦] (٣).
وقال محمد بن جرير: أشار بقوله: ﴿ذلك﴾ إلى ما تقدم ومضى من قوله: ﴿الم﴾ لأن كل ما تقضى (٤) وقرب تقضيه من الأخبار فهو في حكم الحاضر، كالرجل يحدث الرجل الحديث، فيقول السامع: (إن ذلك لكما (٥) قلت)، و (هذا والله كما قلت)، فيخبر مرة عنه بمعنى الغائب (٦)، إذا كان قد تقضى، ومرة بالحاضر لقرب جوابه من كلامه، كأنه غير متقض (٧)، فكذلك لما ذكر الله سبحانه ﴿الم﴾ التي ذكرنا تصرفها في وجوهها من المعاني، قال: يا محمد هذا الذي ذكرته وبينته لك: الكتاب، [فحسن وضع (ذلك) في موضع (هذا) (٨) وروى عن ابن عباس أنه قال:
(١) وقال الفراء (.. ولو كان شيئًا قائمًا يُرى لم يجز مكان (ذلك)، (هذا) ولا مكان (هذا)، (ذلك)..) "معاني القرآن" ١/ ١٠، وقد نقل الواحدي كلامه بتصرف.
(٢) في (ج) تصحيف في الآية (من بعد ما الذكر).
(٣) الكلام بنصه في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٠. وانظر "معاني القرآن" للفراء ١/ ١١.
(٤) في (ب). (ما يقضى). في الطبري: (لأن كل ما تقضى بقرب تقضيه..) وفي الحاشية في المطبوعة (وقرب تقضيه) يريد: أن ذكر ما نقضى، وانقضاؤه قريب من إخبارك عنه. (تفسير الطبري) ١/ ٩٦.
(٥) في (ب): (كما).
(٦) أي إذا أشار إليه بـ (ذلك) وبمعنى الحاضر إذا أشار إليه بـ (هذا).
(٧) في (ب). (مقتض) وفي الطبري: (منقض).
(٨) "تفسير الطبري" ١/ ٩٦، وذكر المؤلف كلام الطبري بتصرف واختصار، واختار=
(٢) في (ج) تصحيف في الآية (من بعد ما الذكر).
(٣) الكلام بنصه في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٠. وانظر "معاني القرآن" للفراء ١/ ١١.
(٤) في (ب). (ما يقضى). في الطبري: (لأن كل ما تقضى بقرب تقضيه..) وفي الحاشية في المطبوعة (وقرب تقضيه) يريد: أن ذكر ما نقضى، وانقضاؤه قريب من إخبارك عنه. (تفسير الطبري) ١/ ٩٦.
(٥) في (ب): (كما).
(٦) أي إذا أشار إليه بـ (ذلك) وبمعنى الحاضر إذا أشار إليه بـ (هذا).
(٧) في (ب). (مقتض) وفي الطبري: (منقض).
(٨) "تفسير الطبري" ١/ ٩٦، وذكر المؤلف كلام الطبري بتصرف واختصار، واختار=
32
معنا ذلك الكتاب] (١) الذي أخبرتك أنى أوحيه (٢) إليك (٣).
وقال يمان بن رباب (٤): ذلك (٥) الكتاب الذي ذكرته في التوراة (٦) والإنجيل (٧).
وهذان القولان (٨) متقاربان، والأول (٩) اختيار ابن الانباري،
وقال يمان بن رباب (٤): ذلك (٥) الكتاب الذي ذكرته في التوراة (٦) والإنجيل (٧).
وهذان القولان (٨) متقاربان، والأول (٩) اختيار ابن الانباري،
= الطبري هذا القول وهو: أن (ذلك) بمعنى (هذا) ١/ ٩٦، ورجحه ابن كثير، وقال: ذكره ابن جريج عن ابن عباس، وهو قول مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والسدي، ومقاتل بن حيان، وزيد بن أسلم، وابن جريج ١/ ٤٢.
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) في (ب): (أوجه).
(٣) ذكره الثعلبي عن أبي الضحى عن ابن عباس١/ ٤٣/أ، وذكره أبو الليث في "تفسيره" ولم يسنده لأحد ١/ ٨٩، وانظر "البحر المحيط" ١/ ٣٦، والقرطبي ١/ ١٣٧، "زاد المسير" ١/ ٢٣.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: هذا الكتاب. الطبري ١/ ٩٦.
(٤) (يمان بن رباب) مكانه بياض في (ب)، وفي (أ): (رياب) بالياء و (رباب) بالباء في (ج) وهو عند الثعلبي ١/ ٤٣ أ، ولم أجد (يمان بن رباب) ولا (رياب) سوى ما ذكره البغدادي في "هدية العارفين" قال: (اليمان بن رباب البصري من رءوساء الخوارج، له: "إثبات إمامة أبي بكر الصديق". و"أحكام المؤمنين".) ولم يذكر سنة وفاته. "هدية العارفين" ١/ ٧٣٥، فلا أدرى هل هو المذكور، أو شخص غيره؟ والله أعلم.
(٥) في (ب): (كل).
(٦) في (ج): (التوريه).
(٧) ذكره الثعلبي في "تفسيره" بعد قول ابن عباس السابق، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٣أ، وذكر الزجاج بمعناه ولم ينسبه ١/ ٣٩، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٢٣، القرطبي ١/ ١٣٧، وأبو حيان في "البحر" ونسبه لابن رئاب ١/ ٣٦.
(٨) أي: قول ابن عباس وقول يمان بن رباب.
(٩) أي قول ابن عباس: ذلك الكتاب الذي أخبرتك أني أوحيه إليك.
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) في (ب): (أوجه).
(٣) ذكره الثعلبي عن أبي الضحى عن ابن عباس١/ ٤٣/أ، وذكره أبو الليث في "تفسيره" ولم يسنده لأحد ١/ ٨٩، وانظر "البحر المحيط" ١/ ٣٦، والقرطبي ١/ ١٣٧، "زاد المسير" ١/ ٢٣.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: هذا الكتاب. الطبري ١/ ٩٦.
(٤) (يمان بن رباب) مكانه بياض في (ب)، وفي (أ): (رياب) بالياء و (رباب) بالباء في (ج) وهو عند الثعلبي ١/ ٤٣ أ، ولم أجد (يمان بن رباب) ولا (رياب) سوى ما ذكره البغدادي في "هدية العارفين" قال: (اليمان بن رباب البصري من رءوساء الخوارج، له: "إثبات إمامة أبي بكر الصديق". و"أحكام المؤمنين".) ولم يذكر سنة وفاته. "هدية العارفين" ١/ ٧٣٥، فلا أدرى هل هو المذكور، أو شخص غيره؟ والله أعلم.
(٥) في (ب): (كل).
(٦) في (ج): (التوريه).
(٧) ذكره الثعلبي في "تفسيره" بعد قول ابن عباس السابق، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٣أ، وذكر الزجاج بمعناه ولم ينسبه ١/ ٣٩، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٢٣، القرطبي ١/ ١٣٧، وأبو حيان في "البحر" ونسبه لابن رئاب ١/ ٣٦.
(٨) أي: قول ابن عباس وقول يمان بن رباب.
(٩) أي قول ابن عباس: ذلك الكتاب الذي أخبرتك أني أوحيه إليك.
33
والثاني (١) اختيار الزجاج (٢).
أما ابن الانباري فقال: إنما قال عز (٣) ذكره: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾، فأشار إلى غائب، لأنه (٤) أراد هذه الكلمات يا محمد: ذلك الكتاب الذي وعدتك أن أوحيه إليك، لأن الله تعالى لما أنزل على نبيه - ﷺ - ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ [المزمل: ٥]، كان عليه السلام واثقا بوعد الله إياه، فلما أنزل عليه ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ١، ٢]. دله على (٥) الوعد المتقدم (٦).
وقال الزجاج: القرآن، ذلك الكتاب الذي وعدوا به على لسان موسى وعيسى (٧).
فجعل ﴿الم﴾ بمعنى القرآن، لأنه من القرآن فهو قرآن.
والمراد بالكتاب هاهنا: القرآن في (٨) قول ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد والضحاك، ومقاتل (٩).
أما ابن الانباري فقال: إنما قال عز (٣) ذكره: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾، فأشار إلى غائب، لأنه (٤) أراد هذه الكلمات يا محمد: ذلك الكتاب الذي وعدتك أن أوحيه إليك، لأن الله تعالى لما أنزل على نبيه - ﷺ - ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ [المزمل: ٥]، كان عليه السلام واثقا بوعد الله إياه، فلما أنزل عليه ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ١، ٢]. دله على (٥) الوعد المتقدم (٦).
وقال الزجاج: القرآن، ذلك الكتاب الذي وعدوا به على لسان موسى وعيسى (٧).
فجعل ﴿الم﴾ بمعنى القرآن، لأنه من القرآن فهو قرآن.
والمراد بالكتاب هاهنا: القرآن في (٨) قول ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد والضحاك، ومقاتل (٩).
(١) وهو قول يمان: ذلك الكتاب الذي ذكرته في التوراة والإنجيل.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٩.
(٣) في (ب): (عن).
(٤) في (ب): (كأنه).
(٥) في (ب): (ذله الوعد).
(٦) ذكر نحوه ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٢٣، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١/ ١٣٧ - ١٣٨.
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٩.
(٨) في (ب): (فهو في).
(٩) ذكره الثعلبي فىِ "تفسيره" ١/ ٤٣ ب، وذكر ابن أبي حاتم قول الحسن، وابن عباس ١/ ٣٤، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٩٦، و"ابن كثير" ١/ ٤٢.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٩.
(٣) في (ب): (عن).
(٤) في (ب): (كأنه).
(٥) في (ب): (ذله الوعد).
(٦) ذكر نحوه ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٢٣، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١/ ١٣٧ - ١٣٨.
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٩.
(٨) في (ب): (فهو في).
(٩) ذكره الثعلبي فىِ "تفسيره" ١/ ٤٣ ب، وذكر ابن أبي حاتم قول الحسن، وابن عباس ١/ ٣٤، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٩٦، و"ابن كثير" ١/ ٤٢.
34
والمراد به المفعول (١)، كقولهم: الخلق، يريدون: المخلوق (٢)، لا الحدث الذي هو اختراع وإبداع.
وهذا (٣) أرجح عندي من قول من قال: إنه سمي به لما فرض فيه (٤)، وأوجب العمل به (٥)، ألا ترى أن جميع التنزيل مكتوب، وليس كله فروضًا، وإذا كان كذلك كان العام (٦) الشامل [بجميع المسمى أولى مما كان بخلاف ذلك. فإن جعلت ﴿الم﴾ متعلقا بما بعده، فهو ابتداء، وخبره] (٧) ﴿ذلك﴾، والكتاب تفسير وبيان (٨) للمشار إليه (٩). ويصح أن
وهذا (٣) أرجح عندي من قول من قال: إنه سمي به لما فرض فيه (٤)، وأوجب العمل به (٥)، ألا ترى أن جميع التنزيل مكتوب، وليس كله فروضًا، وإذا كان كذلك كان العام (٦) الشامل [بجميع المسمى أولى مما كان بخلاف ذلك. فإن جعلت ﴿الم﴾ متعلقا بما بعده، فهو ابتداء، وخبره] (٧) ﴿ذلك﴾، والكتاب تفسير وبيان (٨) للمشار إليه (٩). ويصح أن
(١) أي: المكتوب. انظر الثعلبي ١/ ٤٢/ ب.
(٢) في ج (الخلوق)، وهذا المعنى ذكره الثعلبي ١/ ٤٢ ب.
(٣) في (أ)، (ج): (قال: وهذا أرجح.. إلخ) واخترت ما في (ب) لأني لم أجد لوجود (قال) معنى. فكلام الزجاج قد انتهى، وما بعده أخذه عن الثعلبي بمعناه ولم يصرح باسمه، وليس الكلام بعد (قال) في "تفسيره"، ولم يكن من نهج الواحدي أن يفتتح قوله هو بـ (قال) لذلك اعتبرتها زيادة في (أ)، (ج).
(٤) في (ب): (به).
(٥) أي أن المراد بالكتاب: المكتوب، بمعنى المفعول، أرجح ممن قال: إنه سمي كتابا لما فرض فيه، وأوجب العمل به، فإن الكتاب يطلق على معان كثيرة منها: الفرض، والأمر، والجعل. انظر "مشكل القرآن" لابن قتيبة ص ١١، "معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن" لأبي بكر محمد بن عزيز السجستاني ١/ ٤٦١ رسالة ماجستير، "تهذيب اللغة" (كتب) ٤/ ٣٠٩٧، "تفسير الرازي" ٢/ ١٤، والقرطبي ١/ ١٣٨.
(٦) أي أن الكتاب بمعنى المكتوب.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٨) أي: عطف بيان، أو بدل. انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٥، "إعراب القرآن" للنحاس١/ ١٢٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٤٣.
(٩) (إليه) ساقط من (ج).
(٢) في ج (الخلوق)، وهذا المعنى ذكره الثعلبي ١/ ٤٢ ب.
(٣) في (أ)، (ج): (قال: وهذا أرجح.. إلخ) واخترت ما في (ب) لأني لم أجد لوجود (قال) معنى. فكلام الزجاج قد انتهى، وما بعده أخذه عن الثعلبي بمعناه ولم يصرح باسمه، وليس الكلام بعد (قال) في "تفسيره"، ولم يكن من نهج الواحدي أن يفتتح قوله هو بـ (قال) لذلك اعتبرتها زيادة في (أ)، (ج).
(٤) في (ب): (به).
(٥) أي أن المراد بالكتاب: المكتوب، بمعنى المفعول، أرجح ممن قال: إنه سمي كتابا لما فرض فيه، وأوجب العمل به، فإن الكتاب يطلق على معان كثيرة منها: الفرض، والأمر، والجعل. انظر "مشكل القرآن" لابن قتيبة ص ١١، "معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن" لأبي بكر محمد بن عزيز السجستاني ١/ ٤٦١ رسالة ماجستير، "تهذيب اللغة" (كتب) ٤/ ٣٠٩٧، "تفسير الرازي" ٢/ ١٤، والقرطبي ١/ ١٣٨.
(٦) أي أن الكتاب بمعنى المكتوب.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٨) أي: عطف بيان، أو بدل. انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٥، "إعراب القرآن" للنحاس١/ ١٢٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٤٣.
(٩) (إليه) ساقط من (ج).
35
يقال: ﴿الم﴾ ابتداء، ﴿وذلك﴾ ابتداء آخر، و ﴿الكتاب﴾ خبره، وجملة الكلام خبر الابتداء الأول. وإن (١) جعلت ﴿الم﴾ منقطعًا مما بعده، فـ ﴿ذلك﴾ ابتداء، وخبره ﴿هُدًى﴾ (٢).
وقوله تعالى: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾. الريب: الشك يقال: رابني فلن يريبني أي: علمت من الريبة، وأرابني (٣) أوهمنيها ولم يحققها (٤)، وقال:
أراد أنه (٧) مع اليقين بالريبة يتوهمها (٨) منك، جريا على حكم
وقوله تعالى: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾. الريب: الشك يقال: رابني فلن يريبني أي: علمت من الريبة، وأرابني (٣) أوهمنيها ولم يحققها (٤)، وقال:
| أَخُوكَ الذي إنْ رِبْتَهُ قَالَ إنَّمَا | أرَابَ وإنْ عَاتَبْتَهُ (٥) لاَنَ جَانِبُه (٦) |
(١) في (ب): (فإن).
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٢ ب، وانظر "إيضاح الوقف والابتداء" لابن الأنباري ١/ ٤٨٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٠ - ٣٣، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٢٨، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٧، ١٥، وقد ذكر الواحدي بعض الوجوه في إعراب (الم. ذلك الكتاب).
(٣) في (ب): (فأرابني).
(٤) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٣١، والأزهري، وقال: وأنشد أبو زيد ثم ذكر البيت. "تهذيب اللغة" (راب) ٢/ ١٣٠٦ - ١٣٠٧.
(٥) في (ب): (عاينته).
(٦) نسب البيت للفرزدق، ولم أجده في "ديوانه"، ونسب للمتلمس، ولبشار، وهو الصحيح، حيث ورد في "ديوانه" من قصيدة يمدح بها عمر بن هبيرة قوله: (أراب) كذا ورد في جميع النسخ، وفي "الديوان" وغيره من المصادر (اربت) ومعناه: أخوك الذي إن ربته بريبة قال: أنا الذي أربت، أي: أنا صاحب الريبة، وروي (أربت) بفتح التاء، أي: أوجبت له الريبة. وقوله: (عاتبته) كذا وردت عند الزجاج، وفي المصادر الأخرى (لاينته) بمعنى: عاتبته، انظر "ديوان بشار" ص ٤٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١، "تهذيب اللغة" (راب) ٢/ ١٣٠٦ - ١٣٠٧، "اللسان" (ريب) ٣/ ١٧٨٨ - ١٧٨٩.
(٧) في (ب): (به).
(٨) في (ب): (سموهمها).
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٢ ب، وانظر "إيضاح الوقف والابتداء" لابن الأنباري ١/ ٤٨٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٠ - ٣٣، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٢٨، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٧، ١٥، وقد ذكر الواحدي بعض الوجوه في إعراب (الم. ذلك الكتاب).
(٣) في (ب): (فأرابني).
(٤) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٣١، والأزهري، وقال: وأنشد أبو زيد ثم ذكر البيت. "تهذيب اللغة" (راب) ٢/ ١٣٠٦ - ١٣٠٧.
(٥) في (ب): (عاينته).
(٦) نسب البيت للفرزدق، ولم أجده في "ديوانه"، ونسب للمتلمس، ولبشار، وهو الصحيح، حيث ورد في "ديوانه" من قصيدة يمدح بها عمر بن هبيرة قوله: (أراب) كذا ورد في جميع النسخ، وفي "الديوان" وغيره من المصادر (اربت) ومعناه: أخوك الذي إن ربته بريبة قال: أنا الذي أربت، أي: أنا صاحب الريبة، وروي (أربت) بفتح التاء، أي: أوجبت له الريبة. وقوله: (عاتبته) كذا وردت عند الزجاج، وفي المصادر الأخرى (لاينته) بمعنى: عاتبته، انظر "ديوان بشار" ص ٤٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١، "تهذيب اللغة" (راب) ٢/ ١٣٠٦ - ١٣٠٧، "اللسان" (ريب) ٣/ ١٧٨٨ - ١٧٨٩.
(٧) في (ب): (به).
(٨) في (ب): (سموهمها).
36
المودة، هذا قول جمهور أهل اللغة (١).
وقال سيبويه: (أراب) الرجل أي: صار صاحب ريبة. كما قالوا: ألام أي: استحق أن يلام (٢). وأما (رابني) فمعناه: جعل في ريبة (٣)، كما تقول: قطعت النخل، أي: أوصلت إليه القطع، واستعملته فيه (٤).
وقال أبو زيد (٥): قد رابني من فلان أمر رأيته منه رَيْبًا، إذا كنت مستيقنا منه بالريبة، فإذا أسأت به الظن ولم تستيقن بالريبة منه قلت: قد أرابني من فلان أمر هو فيه، إذا ظننته من غير أن تستيقنه (٦). وقوم على أن: (راب) و (أراب) بمعنى واحد (٧)، وينشدون قول الهذلي (٨):
وقال سيبويه: (أراب) الرجل أي: صار صاحب ريبة. كما قالوا: ألام أي: استحق أن يلام (٢). وأما (رابني) فمعناه: جعل في ريبة (٣)، كما تقول: قطعت النخل، أي: أوصلت إليه القطع، واستعملته فيه (٤).
وقال أبو زيد (٥): قد رابني من فلان أمر رأيته منه رَيْبًا، إذا كنت مستيقنا منه بالريبة، فإذا أسأت به الظن ولم تستيقن بالريبة منه قلت: قد أرابني من فلان أمر هو فيه، إذا ظننته من غير أن تستيقنه (٦). وقوم على أن: (راب) و (أراب) بمعنى واحد (٧)، وينشدون قول الهذلي (٨):
(١) انظر: "التهذيب" (راب) ٢/ ١٣٠٦ - ١٣٠٧، "معجم مقاييس اللغة" (ريب) ٢/ ٤٦٣، "الصحاح" (ريب) ١/ ١٤١، "اللسان" (ريب) ٣/ ١٧٨٨ - ١٧٨٩.
(٢) في (ب) (تلام).
(٣) في "الكتاب" (وأما رابني فإنه يقول: جعل لي ريبة..) ٤/ ٦٠.
(٤) "الكتاب" ٤/ ٦٠، والنص في "الحجة" لأبي علي١/ ١٧٩.
(٥) في (ب) (يزيد). وأبو زيد هو سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري، صاحب النحو واللغة، توفي سنة خمس عشرة ومائتين. انظر "طبقات النحويين واللغويين" ص١٥٦، "تاريخ بغداد" ٩/ ٧٧، "إبناه الرواة" ٢/ ٣٠.
(٦) ذكره أبو علي في "الحجة" ١/ ١٧٩، ونحوه عند الأزهري قال: هذا قول أبي زيد (راب) ١٥/ ٢٥٢، ولم أجده في "نوادر أبي زيد".
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (راب) ٢/ ١٣٠٦ - ١٣٠٧، "الصحاح" (ريب) ١/ ١٤١، "اللسان" (ريب) ٣/ ١٧٨٨ - ١٧٨٩.
(٨) في ج (الهزلي). و (الهذلي) هو خالد بن زهير الهذلي أحد شعراء الهذليين المشهورين عشق امرأة كان يأتيها أبو ذؤيب الهذلي خاله، وجرت بينهما أشعار في ذلك منها، "بيت الشاهد" وقتل خالد بسبب تلك المرأة في قصة طويلة. انظر "شرح أشعار الهذليين" للسكري ١/ ٢٠٧، "الخزانة" للبغدادي ٥/ ٧٦ - ٨٦.
(٢) في (ب) (تلام).
(٣) في "الكتاب" (وأما رابني فإنه يقول: جعل لي ريبة..) ٤/ ٦٠.
(٤) "الكتاب" ٤/ ٦٠، والنص في "الحجة" لأبي علي١/ ١٧٩.
(٥) في (ب) (يزيد). وأبو زيد هو سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري، صاحب النحو واللغة، توفي سنة خمس عشرة ومائتين. انظر "طبقات النحويين واللغويين" ص١٥٦، "تاريخ بغداد" ٩/ ٧٧، "إبناه الرواة" ٢/ ٣٠.
(٦) ذكره أبو علي في "الحجة" ١/ ١٧٩، ونحوه عند الأزهري قال: هذا قول أبي زيد (راب) ١٥/ ٢٥٢، ولم أجده في "نوادر أبي زيد".
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (راب) ٢/ ١٣٠٦ - ١٣٠٧، "الصحاح" (ريب) ١/ ١٤١، "اللسان" (ريب) ٣/ ١٧٨٨ - ١٧٨٩.
(٨) في ج (الهزلي). و (الهذلي) هو خالد بن زهير الهذلي أحد شعراء الهذليين المشهورين عشق امرأة كان يأتيها أبو ذؤيب الهذلي خاله، وجرت بينهما أشعار في ذلك منها، "بيت الشاهد" وقتل خالد بسبب تلك المرأة في قصة طويلة. انظر "شرح أشعار الهذليين" للسكري ١/ ٢٠٧، "الخزانة" للبغدادي ٥/ ٧٦ - ٨٦.
37
كأنَّما أَرَبْتُهُ بِرَيْبِ (١)
والحذاق (٢) على الفرق بينهما، كما أخبرتك، قال الأزهري: والقول في (راب وأراب) قول أبي زيد (٣).
وموضح (ريب) نصب (٤)، قال سيبويه: (لا) تعمل فيما بعدها فتنصبه، ونصبها لما بعدها كنصب (إن) إلا أنها تنصب بغير تنوين (٥). وإنما شبه (لا) بـ (إن)، لأن (إن) للتحقيق في الإثبات، و (لا) في النفي، فلما كان (لا) تقتضي (٦) تحقيق النفي، كما تقتضي (إن) تحقيق الإثبات أجري مجراه. وزعم سيبويه أنها مع ما بعدها بمنزلة شيء واحد (٧)؛ لأنها جواب لما يكون بمنزلة شيء واحد، ولذلك لم ينون وبني على الفتحة، كأنها جواب قول
والحذاق (٢) على الفرق بينهما، كما أخبرتك، قال الأزهري: والقول في (راب وأراب) قول أبي زيد (٣).
وموضح (ريب) نصب (٤)، قال سيبويه: (لا) تعمل فيما بعدها فتنصبه، ونصبها لما بعدها كنصب (إن) إلا أنها تنصب بغير تنوين (٥). وإنما شبه (لا) بـ (إن)، لأن (إن) للتحقيق في الإثبات، و (لا) في النفي، فلما كان (لا) تقتضي (٦) تحقيق النفي، كما تقتضي (إن) تحقيق الإثبات أجري مجراه. وزعم سيبويه أنها مع ما بعدها بمنزلة شيء واحد (٧)؛ لأنها جواب لما يكون بمنزلة شيء واحد، ولذلك لم ينون وبني على الفتحة، كأنها جواب قول
(١) البيت من رجز لخالد بن زهير، يخاطب أبا ذؤيب، ويروى (كأنني) والأبيات في أشعار الهذليين:
ياقوم ما بال أبي ذؤيب... يمس رأسي ويشم ثوبي
كأنني أتوته بريب
انظر "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٢٠٧، "الحجة" لأبي على ١/ ١٨٠، "تهذيب اللغة" (أتى) ١/ ١١٦ - ١١٧، "المخصص" ١٢/ ٣٠٣، ١٤/ ٢٤، ٢٨، "الصحاح" ١/ ١٤١، "اللسان" (ريب) ٣/ ١٧٨٨ - ١٧٨٩، "الخزانة" ٥/ ٨٤.
(٢) في (ب): (فالحلاف).
(٣) في "التهذيب" (قول أبي زيد أحسن) ٢/ ١٣٠٦.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١، وانظر "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٦.
(٥) أي مبنى على الفتح لأن (لا) نافية للجنس، "الكتاب" ٢/ ٢٧٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١، والعبارة للزجاج، وانظر "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٦.
(٦) في (ب): (يقتضي).
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١، "الكتاب" ٢/ ٢٧٤، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٦، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٢٨.
ياقوم ما بال أبي ذؤيب... يمس رأسي ويشم ثوبي
كأنني أتوته بريب
انظر "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٢٠٧، "الحجة" لأبي على ١/ ١٨٠، "تهذيب اللغة" (أتى) ١/ ١١٦ - ١١٧، "المخصص" ١٢/ ٣٠٣، ١٤/ ٢٤، ٢٨، "الصحاح" ١/ ١٤١، "اللسان" (ريب) ٣/ ١٧٨٨ - ١٧٨٩، "الخزانة" ٥/ ٨٤.
(٢) في (ب): (فالحلاف).
(٣) في "التهذيب" (قول أبي زيد أحسن) ٢/ ١٣٠٦.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١، وانظر "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٦.
(٥) أي مبنى على الفتح لأن (لا) نافية للجنس، "الكتاب" ٢/ ٢٧٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١، والعبارة للزجاج، وانظر "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٦.
(٦) في (ب): (يقتضي).
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١، "الكتاب" ٢/ ٢٧٤، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٦، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٢٨.
38
القائل: هل من رجل في الدار؟، فـ (من) مع رجل كشيء واحد. فإن قيل: فما (١) أنكرت أن يكون جواب هل رجل في الدار؟ قيل: معنى (لا رجل في الدار)، عمهم (٢) النفي، لا يجوز أن يكون في الدار رجل، ولا أكثر منه، وكذلك (هل من رجل في الدار) استفهام عن الواحد وأكثر منه.
فإن قلت: (هل رجل في الدار) أو (لا رجلٌ في الدار)، جاز أن يكون في الدار رجلان، لأنك إنما أخبرت أنه ليس فيها واحد، فيجوز أن يكون فيها أكثر منه، فإذا قلت: (لا رجلَ في الدار)، فهو نفي عام، وكذلك ﴿لا رَيْبَ فِيهِ﴾ (٣) وموضع ﴿لا رَيْبَ﴾ رفع بالابتداء عند سيبويه، لأنه بمنزلة خمسة (٤) عشر (٥)، إذا ابتدأت به، ولهذا جاز العطف عليه بالرفع في قوله:
لا أُمَّ لي إنْ (٦) كان ذَاكَ ولا أَبُ (٧)
فإن قلت: (هل رجل في الدار) أو (لا رجلٌ في الدار)، جاز أن يكون في الدار رجلان، لأنك إنما أخبرت أنه ليس فيها واحد، فيجوز أن يكون فيها أكثر منه، فإذا قلت: (لا رجلَ في الدار)، فهو نفي عام، وكذلك ﴿لا رَيْبَ فِيهِ﴾ (٣) وموضع ﴿لا رَيْبَ﴾ رفع بالابتداء عند سيبويه، لأنه بمنزلة خمسة (٤) عشر (٥)، إذا ابتدأت به، ولهذا جاز العطف عليه بالرفع في قوله:
لا أُمَّ لي إنْ (٦) كان ذَاكَ ولا أَبُ (٧)
(١) في (ب): (مما).
(٢) في "المعاني" للزجاج (عموم) ١/ ٣٢، ولعله أصوب.
(٣) الكلام للزجاج، انظر "المعاني" ١/ ٣٢، وانظر "الكتاب" ٢/ ٢٧٤ - ٢٧٦، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٢٩.
(٤) في (ب): (خمس).
(٥) قال سيبويه: (لا وما عملت فيه في موضع ابتداء) "الكتاب" ٢/ ٢٧٥، ٢٨٤، وانظر "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٦.
(٦) في (ب): (وان).
(٧) اختلف في نسبة البيت، فقيل: لضمرة بن ضمرة، وقيل: لهمام بن مرة، وقيل: لبعض مذحج، وقيل: لزرافة الباهلي، وقيل: لهني بن أحمر، وفيه أقوال أخرى. قيل: إن هذا الشاعر كان بارًّا بأمه، وكان له أخ تؤثره عليه، فقال هذِه الأبيات، والشطر الأول:
هذا وجدكم الصغار بعينه
والشاهد فيه: رفع الاسم الثاني مع فتح الأول، إما بإلغاء الثانية ورفع ما بعدها بالعطف=
(٢) في "المعاني" للزجاج (عموم) ١/ ٣٢، ولعله أصوب.
(٣) الكلام للزجاج، انظر "المعاني" ١/ ٣٢، وانظر "الكتاب" ٢/ ٢٧٤ - ٢٧٦، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٢٩.
(٤) في (ب): (خمس).
(٥) قال سيبويه: (لا وما عملت فيه في موضع ابتداء) "الكتاب" ٢/ ٢٧٥، ٢٨٤، وانظر "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٦.
(٦) في (ب): (وان).
(٧) اختلف في نسبة البيت، فقيل: لضمرة بن ضمرة، وقيل: لهمام بن مرة، وقيل: لبعض مذحج، وقيل: لزرافة الباهلي، وقيل: لهني بن أحمر، وفيه أقوال أخرى. قيل: إن هذا الشاعر كان بارًّا بأمه، وكان له أخ تؤثره عليه، فقال هذِه الأبيات، والشطر الأول:
هذا وجدكم الصغار بعينه
والشاهد فيه: رفع الاسم الثاني مع فتح الأول، إما بإلغاء الثانية ورفع ما بعدها بالعطف=
39
ومن نصب المعطوف (١) فهو عاطف على اللفظ (٢). وسنستقصي الكلام في هذا عند قوله: ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ (١٩٧)﴾ [البقرة: ١٩٧]، إن شاء الله.
وقوله تعالى: ﴿فِيهِ﴾. يجوز (٣): أن تجعله خبرا للابتداء الذي هو ﴿لَا رَيْبَ﴾ ويجوز: أن تجعله صفة لقوله ﴿لَا رَيْبَ﴾، وإذا جعلته صفة أضمرت الخبر، كأنه قيل: لا ريب فيه واقع أو كائن، فإن جعلته خبرا كان موضعه رفعا من وجهين:
أحدهما: بكونه خبرًا (٤) للمبتدأ (٥). والثاني: من حيث كان خبر إن رفعا (٦)، وقد ذكرنا أن (لا) بمنزلة (إن).
وقوله تعالى: ﴿فِيهِ﴾. يجوز (٣): أن تجعله خبرا للابتداء الذي هو ﴿لَا رَيْبَ﴾ ويجوز: أن تجعله صفة لقوله ﴿لَا رَيْبَ﴾، وإذا جعلته صفة أضمرت الخبر، كأنه قيل: لا ريب فيه واقع أو كائن، فإن جعلته خبرا كان موضعه رفعا من وجهين:
أحدهما: بكونه خبرًا (٤) للمبتدأ (٥). والثاني: من حيث كان خبر إن رفعا (٦)، وقد ذكرنا أن (لا) بمنزلة (إن).
= على محل الأولى مع اسمها، فخبرهما واحد، وعلى هذا استشهد به الواحدي. وهناك تقدير آخر: وهو أن تكون الثانية عاملة عمل ليس، فيكون لكل واحدة خبر يخصها. انظر "الخزانة" ٢/ ٣٨ - ٤١، وقد ورد البيت عند سيبويه ٢/ ٢٩٢، وفي "المقتضب" ٤/ ٣٧١، "شرح المفضل" ٢/ ١١٥، "شرح أبيات سيبويه" للنحاس ص٥٤، "الحجة" لأبي علي ١/ ١٩٠، "الهمع" ٥/ ٢٨٨، "اللسان" (حيس) ٢/ ١٠٦٩.
(١) في (ب): (العطوف).
(٢) انظر "الكتاب" ٢/ ٢٩١، ٢٩٢، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١، ٢٦٥، "المشكل" لمكي١/ ١٦، "الدر المصون" للسمين١/ ٨٠، "شرح المفصل" لابن يعيش ٢/ ١٠٩.
(٣) أخذه عن أبي علي الفارسي، "الحجة" ١/ ١٨٩.
(٤) في (ب): (خبر).
(٥) في "الحجة" (وإن جعلته خبرا كان موضعه رفعا في قياس قول سيبويه من حيث يرتفع خبر المبتدأ....) ١/ ١٨٩، فيكون خبر لـ (لا) مع اسمها، حيث أنهما في محل رفع مبتدأ.
(٦) في "الحجة": (.. وعلى قول أبي الحسن موضعه رفع من حيث كان خبر (إن) =
(١) في (ب): (العطوف).
(٢) انظر "الكتاب" ٢/ ٢٩١، ٢٩٢، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١، ٢٦٥، "المشكل" لمكي١/ ١٦، "الدر المصون" للسمين١/ ٨٠، "شرح المفصل" لابن يعيش ٢/ ١٠٩.
(٣) أخذه عن أبي علي الفارسي، "الحجة" ١/ ١٨٩.
(٤) في (ب): (خبر).
(٥) في "الحجة" (وإن جعلته خبرا كان موضعه رفعا في قياس قول سيبويه من حيث يرتفع خبر المبتدأ....) ١/ ١٨٩، فيكون خبر لـ (لا) مع اسمها، حيث أنهما في محل رفع مبتدأ.
(٦) في "الحجة": (.. وعلى قول أبي الحسن موضعه رفع من حيث كان خبر (إن) =
40
وإن جعلت (فيه) صفة، ولم تجعله خبرا، كان موضعه نصبا في قول من وصف على اللفظ (١)، [كما عطف (٢) على اللفظ] (٣) في قوله:
فلا أبَ وابْنًا مِثْلُ مَرْوانَ (٤)
ومن وصفه على الموضع (٥)، كما عطف على الموضع في قوله:
لا أمَّ لي إنْ كان ذَاكَ ولا أَبُ (٦)
كان موضعه على هذا رفعا (٧). وفي قوله: ﴿فِيهِ﴾: قراءتان، إشباع (الهاء) حتى تلحق به (ياء) وكذلك في (الهاء) المضمومة (٨) مثل (منهو) و (عنهو)، وهو مذهب ابن كثير (٩).
فلا أبَ وابْنًا مِثْلُ مَرْوانَ (٤)
ومن وصفه على الموضع (٥)، كما عطف على الموضع في قوله:
لا أمَّ لي إنْ كان ذَاكَ ولا أَبُ (٦)
كان موضعه على هذا رفعا (٧). وفي قوله: ﴿فِيهِ﴾: قراءتان، إشباع (الهاء) حتى تلحق به (ياء) وكذلك في (الهاء) المضمومة (٨) مثل (منهو) و (عنهو)، وهو مذهب ابن كثير (٩).
= رفعا..) ١/ ١٨٩، فجعل (لا) بمنزلة (إن) وجعل خبرها مرفوعا مثل خبر (إن).
(١) يقول: إن جعلت (فيه) صفة جاز فيها النصب على الوصف للفظ اسم (لا) وهو (ريب) كما عطف عليه بالنصب في قول الشاعر: (فلا أب وابنا...) وجاز رفع الصفة على موضع (لا ريب) كما عطف عليه بالرفع كما سبق.
(٢) في (ج) (ثم أعطف).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) في (أ)، ج (مثل مر) والجملة ساقطة من ب. والبيت من شواهد سيبويه، وهو:
يقول لا أب وابنا مثل مروان ابن الحكم وابنه عبد الملك، لشهرتهما صارا كاللابسين لرداء المجد، والشاهد عطف (ابن) مع تنوينه على لفظ اسم (لا). انظر "الكتاب" ٢/ ٢٨٥، "الحجة" ١/ ١٨٩، "شرح المفصل" ٢/ ١١٠، "المقتضب" ٤/ ٣٧٢، "الهمع" ٥/ ٢٨٧.
(٥) في (ج) (ومن وصف على اللفظ الموضع).
(٦) مر تخريج البيت قريبًا. انظر ص ٣٩.
(٧) في ج (رفع).
(٨) في (أ)، (ج) (المضموم).
(٩) انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص ١٣٢، "الحجة" ١/ ١٧٧. وابن كثير هو عبد الله =
(١) يقول: إن جعلت (فيه) صفة جاز فيها النصب على الوصف للفظ اسم (لا) وهو (ريب) كما عطف عليه بالنصب في قول الشاعر: (فلا أب وابنا...) وجاز رفع الصفة على موضع (لا ريب) كما عطف عليه بالرفع كما سبق.
(٢) في (ج) (ثم أعطف).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) في (أ)، ج (مثل مر) والجملة ساقطة من ب. والبيت من شواهد سيبويه، وهو:
| لا أب وابنا مثل مروان وابنه | إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا |
(٥) في (ج) (ومن وصف على اللفظ الموضع).
(٦) مر تخريج البيت قريبًا. انظر ص ٣٩.
(٧) في ج (رفع).
(٨) في (أ)، (ج) (المضموم).
(٩) انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص ١٣٢، "الحجة" ١/ ١٧٧. وابن كثير هو عبد الله =
41
والباقون يقتصرون على الضمة والكسرة (١).
وأصل (الهاء) في ﴿فيه﴾ الضم، لأن الأصل (فيهو) كما ذكرنا في (عليهو) ثم كسرت (الهاء) للعلة التي ذكرنا في (عليهم) (٢) فمن اقتصر على الضمة والكسرة قال: إن (الهاء) حرف خفي (٣)، فإذا اكتنفها (٤) ساكنان من حروف اللين صار كأن الساكنين قد التقيا (٥)؛ لخفاء (الهاء)، وأنهم لم يعتدّوا بها حاجزًا (٦) للخفاء في مواضع.
ألا ترى أن من قال: (رُدُّ)، فأتبع الضمة الضمة، فإذا وصل الفعل بضمير (٧) المؤنث قال: (ردَّها)، فلم يتبع الضم الضم، كما كان يتبع قبل، لأنه جعله بمنزلة (رُدَّا) وفي (رُدَّا) لا يمكن إتباع الضم الضم، وفي (رُدَّها) (٨)
وأصل (الهاء) في ﴿فيه﴾ الضم، لأن الأصل (فيهو) كما ذكرنا في (عليهو) ثم كسرت (الهاء) للعلة التي ذكرنا في (عليهم) (٢) فمن اقتصر على الضمة والكسرة قال: إن (الهاء) حرف خفي (٣)، فإذا اكتنفها (٤) ساكنان من حروف اللين صار كأن الساكنين قد التقيا (٥)؛ لخفاء (الهاء)، وأنهم لم يعتدّوا بها حاجزًا (٦) للخفاء في مواضع.
ألا ترى أن من قال: (رُدُّ)، فأتبع الضمة الضمة، فإذا وصل الفعل بضمير (٧) المؤنث قال: (ردَّها)، فلم يتبع الضم الضم، كما كان يتبع قبل، لأنه جعله بمنزلة (رُدَّا) وفي (رُدَّا) لا يمكن إتباع الضم الضم، وفي (رُدَّها) (٨)
= أبو معبد العطار الداري الفارسي الأصل، إمام أهل مكة في القراءة، من التابعين، أحد السبعة الذين أثبت ابن مجاهد قراءتهم في كتابه. (٤٥ - ١٢٠)، انظر ترجمته في "معرفة القراء الكبار" ١/ ٨٦، "غاية النهاية" ١/ ٤٤٣.
(١) انظر: "السبعة" ص١٣١، ١٣٠، "الحجة" ١/ ١٧٥ - ١٧٧، "الكشف" لمكي ١/ ٤٢.
(٢) إشارة إلى ما سبق في الفاتحة في القراءات في قوله (عليهم) وانظر العلة التي ذكرها أبو علي في "الحجة" ١/ ٢٠٧.
(٣) نقل المؤلف من "الحجة"، قال أبو علي: (ومما يحسن الحذف هاهنا -مع ما ذكرنا من اجتماع المتشابهة- أن (الهاء) حرف خفي..... إلخ) "الحجة" ١/ ٢٠٩.
(٤) في (ج): (فإذا كثفها).
(٥) في (ب). (التقتا).
(٦) كلمة (حاجزا) ليست عند أبي علي١/ ٢٠٩.
(٧) في (ب): (لضمير).
(٨) عبارة أبي علي: (.. بمنزلة (ردَّا)، فكما لم يعتد بها هاهنا، وجعلت الدال في حكم الملازقة للألف، كذلك إذا لم يعتد بها في نحو: فيهي..) "الحجة" ١/ ٢٠٩.
(١) انظر: "السبعة" ص١٣١، ١٣٠، "الحجة" ١/ ١٧٥ - ١٧٧، "الكشف" لمكي ١/ ٤٢.
(٢) إشارة إلى ما سبق في الفاتحة في القراءات في قوله (عليهم) وانظر العلة التي ذكرها أبو علي في "الحجة" ١/ ٢٠٧.
(٣) نقل المؤلف من "الحجة"، قال أبو علي: (ومما يحسن الحذف هاهنا -مع ما ذكرنا من اجتماع المتشابهة- أن (الهاء) حرف خفي..... إلخ) "الحجة" ١/ ٢٠٩.
(٤) في (ج): (فإذا كثفها).
(٥) في (ب). (التقتا).
(٦) كلمة (حاجزا) ليست عند أبي علي١/ ٢٠٩.
(٧) في (ب): (لضمير).
(٨) عبارة أبي علي: (.. بمنزلة (ردَّا)، فكما لم يعتد بها هاهنا، وجعلت الدال في حكم الملازقة للألف، كذلك إذا لم يعتد بها في نحو: فيهي..) "الحجة" ١/ ٢٠٩.
42
جعلت الدال (١) في حكم الملازمة للألف، إذ (٢) لم يعتد بها حاجزا، كذلك إذا لم يعتد بها في نحو (فيهي)، و (عصاهو)، و (خذوهو) صار كأن الساكنين قد التقيا. ولهذه العلة -أيضًا- حذف حرف اللين بعد (الهاء) من حذف، وإن كان الساكن الذي قبلها ليس من حروف اللين نحو: (منه) و (عنه) (٣).
ومثل (الهاء) (٤) في أنه (٥) لما كان حرفا خفيًّا لم يعتدوا به حاجزًا (النون)، وذلك في قولهم: (هو (٦) ابن عمي دِنْيا) (٧) و (قِنْيَة) (٨)، لما كانت (النون) خفية صارت (الواو) كأنها وليت الكسرة، فقلبتها كما قلبتها في
ومثل (الهاء) (٤) في أنه (٥) لما كان حرفا خفيًّا لم يعتدوا به حاجزًا (النون)، وذلك في قولهم: (هو (٦) ابن عمي دِنْيا) (٧) و (قِنْيَة) (٨)، لما كانت (النون) خفية صارت (الواو) كأنها وليت الكسرة، فقلبتها كما قلبتها في
(١) في (ب): (الدار).
(٢) في (ب): (إذا).
(٣) انظر بقية كلام أبي علي في "الحجة" ١/ ٢٠٩.
(٤) "الحجة" ١/ ٢١٠، والمعنى: مثل الهاء النون في كونه حرفا خفيا لا يعتد به حاجزا.
(٥) في (ب): (إيه).
(٦) في (ب): (هط).
(٧) يقال: هو ابن عمه دُنْيَا مقصور، ودِنْيَةً ودِنْياً منون وغير منون، إذا كان ابن عمه لَحَّا أي أقرب من غيره ويقال ذلك في ابن العمة وابن الخال والخالة. انقلبت فيها (الواو)، (ياء) لمجاورة الكسرة، ولأن (النون) حاجز ضعيف. انظر "تهذيب اللغة" (دنا) ٢/ ١٢٣٣، و"اللسان" (دنا) ٣/ ١٤٣٦.
(٨) في "الحجة": (وفي قولهم: "هو ابن عمي دنيا" وفي "غنية") ١/ ٢١٠، والقنية والقنوة بكسر القاف وضمها بالياء وبالواو: الكسبة، وهي كل ما اكتسبه الإنسان لنفسه ولم يعده للتجارة، وإذا كانت واوية الأصل فقد جرى فيها القلب، وعلى هذا سار أبو علي وتبعه الواحدي، ومنهم من قال أصلها يائية فلا تغيير فيها. انظر: "الحجة" ١/ ٢١٠، "تهذيب اللغة" (قنا) ٣/ ٣٠٥٠، "مقاييس اللغة" ٥/ ٢٩، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٣٦، "اللسان" (قنا) ٦/ ٢٧٥٩.
(٢) في (ب): (إذا).
(٣) انظر بقية كلام أبي علي في "الحجة" ١/ ٢٠٩.
(٤) "الحجة" ١/ ٢١٠، والمعنى: مثل الهاء النون في كونه حرفا خفيا لا يعتد به حاجزا.
(٥) في (ب): (إيه).
(٦) في (ب): (هط).
(٧) يقال: هو ابن عمه دُنْيَا مقصور، ودِنْيَةً ودِنْياً منون وغير منون، إذا كان ابن عمه لَحَّا أي أقرب من غيره ويقال ذلك في ابن العمة وابن الخال والخالة. انقلبت فيها (الواو)، (ياء) لمجاورة الكسرة، ولأن (النون) حاجز ضعيف. انظر "تهذيب اللغة" (دنا) ٢/ ١٢٣٣، و"اللسان" (دنا) ٣/ ١٤٣٦.
(٨) في "الحجة": (وفي قولهم: "هو ابن عمي دنيا" وفي "غنية") ١/ ٢١٠، والقنية والقنوة بكسر القاف وضمها بالياء وبالواو: الكسبة، وهي كل ما اكتسبه الإنسان لنفسه ولم يعده للتجارة، وإذا كانت واوية الأصل فقد جرى فيها القلب، وعلى هذا سار أبو علي وتبعه الواحدي، ومنهم من قال أصلها يائية فلا تغيير فيها. انظر: "الحجة" ١/ ٢١٠، "تهذيب اللغة" (قنا) ٣/ ٣٠٥٠، "مقاييس اللغة" ٥/ ٢٩، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٣٦، "اللسان" (قنا) ٦/ ٢٧٥٩.
43
(غازية)، و (محنية) (١)، ولو كان مكان (النون) (٢) حرف غيره لم يكن فيما بعده القلب، نحو: (جرو) و (عدوة) (٣). فهذا (٤) مثل (الهاء) في أنه للخفاء لم يعتد به حاجزا (٥).
وأما ابن كثير: فإنه يتبع هذه (الهاء) في الوصل (الواو) و (الياء) (٦) ويسوى بين حروف اللين وبين (٧) غيرها من الحروف، إذا (٨) وقعت قبل (الهاء) وحجته: أن (الهاء) وإن كانت خفية (٩) فليس يخرجها (١٠) ذلك من أن تكون كغيرها من حروف المعجم التي لاخفاء فيها، نحو: (الدال) و (الصاد) و (الهاء).
و (النون) عند الجميع في وزن الشعر بمنزلة الدال والصاد (١١)، وإذا
وأما ابن كثير: فإنه يتبع هذه (الهاء) في الوصل (الواو) و (الياء) (٦) ويسوى بين حروف اللين وبين (٧) غيرها من الحروف، إذا (٨) وقعت قبل (الهاء) وحجته: أن (الهاء) وإن كانت خفية (٩) فليس يخرجها (١٠) ذلك من أن تكون كغيرها من حروف المعجم التي لاخفاء فيها، نحو: (الدال) و (الصاد) و (الهاء).
و (النون) عند الجميع في وزن الشعر بمنزلة الدال والصاد (١١)، وإذا
(١) الحنو: الاعوجاج، و (المحنية). منحنى الوادي. انظر "اللسان" (حنا) ٢/ ١٠٣٤ - ١٠٣٥. وأصل (غازية): (غازوة) و (محنية): (محنوة) قلبت الواو فيهما ياء للكسرة قبلها. انظر "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٥٨٧، ٥٨٨.
(٢) (النون) ساقط من (ب).
(٣) (العدوة): صلابة من شاطئ الوادي. انظر "معجم مقاييس اللغة" (عدو) ٤/ ٢٥٢.
(٤) أي (النون) في مثل (دنيا) و (قنية).
(٥) "الحجة" ١/ ٢١٠.
(٦) قال أبو علي في "الحجة": (الحجة لابن كثير في إتباعه هذِه (الهاء) في الوصل (الواو) أو (الياء) وتسويته بين حروف اللين وبين غيرها من الحروف إذا وقعت قبل (الهاء) من حجته أن (الهاء) وإن كانت خفية... إلخ) ١/ ٢١١.
(٧) (بين) ساقط من (ب).
(٨) في (ب): (وإذا).
(٩) في (ب): (خفيفة).
(١٠) في (ب): (مخرجها).
(١١) عبارة أبي علي في "الحجة": (.. من حروف المعجم التي لا خفاء فيها - نحو: =
(٢) (النون) ساقط من (ب).
(٣) (العدوة): صلابة من شاطئ الوادي. انظر "معجم مقاييس اللغة" (عدو) ٤/ ٢٥٢.
(٤) أي (النون) في مثل (دنيا) و (قنية).
(٥) "الحجة" ١/ ٢١٠.
(٦) قال أبو علي في "الحجة": (الحجة لابن كثير في إتباعه هذِه (الهاء) في الوصل (الواو) أو (الياء) وتسويته بين حروف اللين وبين غيرها من الحروف إذا وقعت قبل (الهاء) من حجته أن (الهاء) وإن كانت خفية... إلخ) ١/ ٢١١.
(٧) (بين) ساقط من (ب).
(٨) في (ب): (وإذا).
(٩) في (ب): (خفيفة).
(١٠) في (ب): (مخرجها).
(١١) عبارة أبي علي في "الحجة": (.. من حروف المعجم التي لا خفاء فيها - نحو: =
44
كان كذلك كان حجزها [بين الساكنين كحجز] (١) غيرها (٢).
وقوله تعالى ﴿هُدًى﴾:
قال سيبويه: قلّما (٣) يكون ما ضم أوله من المصدر إلا منقوصًا، لأن (فُعَل) لا تكاد (٤) تراه مصدرًا من غير بنات (٥) (الياء) و (الواو) (٦) كالهُدى والسُّرى، والنُّهى (٧)، والتُّقَى، والقِرى، والقِلَى (٨)، وقالوا: كِسْوَة، ورِشْوَة، وجِذْوَة، وصُوَّة (٩)، وإذا (١٠) جمعوا جمعوها على (فِعَل)
وقوله تعالى ﴿هُدًى﴾:
قال سيبويه: قلّما (٣) يكون ما ضم أوله من المصدر إلا منقوصًا، لأن (فُعَل) لا تكاد (٤) تراه مصدرًا من غير بنات (٥) (الياء) و (الواو) (٦) كالهُدى والسُّرى، والنُّهى (٧)، والتُّقَى، والقِرى، والقِلَى (٨)، وقالوا: كِسْوَة، ورِشْوَة، وجِذْوَة، وصُوَّة (٩)، وإذا (١٠) جمعوا جمعوها على (فِعَل)
= الراء والضاد -وإن كان في الراء تكرير وفي الضاد استطالة- وإذا كان كذلك كان حجزها بين الساكنين كحجز غيرها من الحروف التي لا خفاء فيها.. إلخ). "الحجة" ١/ ٢١١.
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٢) "الحجة"١/ ٢١١، وانظر: "الكشف" لمكي ١/ ٤٢، ٤٣.
(٣) (قل) ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (لا يكاد).
(٥) في (ب): (من غير أن تران).
(٦) (غير بنات الواو والياء، أي: الصحيح اللام، فـ (فُعَل) لا يكون مصدرا في الصحيح اللام إلا قليلا، والمعتل يجري مجرى الصحيح.
انظر "الحجة" ١/ ١٨٠، وانظر كلام سيبويه في "الكتاب" ٤/ ٤٦.
(٧) (النهى) ساقط من (ب).
(٨) في "الحجة": (قالوا: هَدَيْته هُدى ولم يكن هذا في غير (هدى)، وذلك لأن (الفِعَل) لا يكون مصدراً في هديته، فصار (هُدى) عوضا منه، قالوا: قريته قِرى وقليته قِلَى فأشركوا بينهما في هذا..) ١/ ١٨١ فأشركوا بين (فُعَل) و (فِعَل) انظر "الكتاب" ٤/ ٤٦.
(٩) (الصوة) جماعة السباع، والحجر يكون علامة في الطريق، ومختلف الريح وصوت الصدى، وما غلظ وارتفع من الأرض. انظر "اللسان" (صوى) ١٤/ ٤٧١، "القاموس" ص ١٣٠٤.
(١٠) في (ب): (فإذا).
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٢) "الحجة"١/ ٢١١، وانظر: "الكشف" لمكي ١/ ٤٢، ٤٣.
(٣) (قل) ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (لا يكاد).
(٥) في (ب): (من غير أن تران).
(٦) (غير بنات الواو والياء، أي: الصحيح اللام، فـ (فُعَل) لا يكون مصدرا في الصحيح اللام إلا قليلا، والمعتل يجري مجرى الصحيح.
انظر "الحجة" ١/ ١٨٠، وانظر كلام سيبويه في "الكتاب" ٤/ ٤٦.
(٧) (النهى) ساقط من (ب).
(٨) في "الحجة": (قالوا: هَدَيْته هُدى ولم يكن هذا في غير (هدى)، وذلك لأن (الفِعَل) لا يكون مصدراً في هديته، فصار (هُدى) عوضا منه، قالوا: قريته قِرى وقليته قِلَى فأشركوا بينهما في هذا..) ١/ ١٨١ فأشركوا بين (فُعَل) و (فِعَل) انظر "الكتاب" ٤/ ٤٦.
(٩) (الصوة) جماعة السباع، والحجر يكون علامة في الطريق، ومختلف الريح وصوت الصدى، وما غلظ وارتفع من الأرض. انظر "اللسان" (صوى) ١٤/ ٤٧١، "القاموس" ص ١٣٠٤.
(١٠) في (ب): (فإذا).
45
و (فُعَل)، ومنهم من يضم في الواحد ويكسر في الجمع (١)، ويجوز (٢) الكسر في واحده، والضم في الجمع (٣)، وهذا مما يدلك على اشتراكهما.
وقال أناس من النحويين (٤): إنه قد تجرى الأسماء التي ليست بمصادر مجرى المصادر فيقولون: جلس جلسة، وركب ركبة، ويقولون: عجبت من دهنك لحيتك (٥)، وينشدون:
وبعد عطائك المائة الرتاعا (٦)
فيجري (٧) مجرى الإعطاء، وقال لبيد (٨):
وقال أناس من النحويين (٤): إنه قد تجرى الأسماء التي ليست بمصادر مجرى المصادر فيقولون: جلس جلسة، وركب ركبة، ويقولون: عجبت من دهنك لحيتك (٥)، وينشدون:
وبعد عطائك المائة الرتاعا (٦)
فيجري (٧) مجرى الإعطاء، وقال لبيد (٨):
(١) فيقولون: رشوة ورشا. انظر: "الكتاب" ٤/ ٤٦.
(٢) في (ب): (ونحوه).
(٣) في أ (الجميع). مثال المكسور في الواحد والمضموم في الجمع: (رشوة ورشا) "الكتاب" ٤/ ٤٦.
(٤) في "الحجة". (ويقويه -أيضًا- أن ناسًا من النحويين يزعمون أنه قد يجري الأسماء التي ليست لمصادر... إلخ) ١/ ١٨٢.
(٥) قوله. (جلسة) و (ركبة) و (دهن) ليست مصادر وأجريت مجرى المصادر.
(٦) البيت من قصيدة للقطامي يمدح بها زفر بن الحارث الكلابي، وصدر البيت:
أَكُفْراً بَعْدَ رَدِّ المَوْتِ عَنِّي
يقول: لا أكفر معروفك بعد أن أطلقتني من الأسر، وأعطيتني مائة من الإبل الرتاع أي الراعية، ورد البيت في "الشعر والشعراء" ص ٤٨٣، "الحجة" ١/ ١٨٢، "الخصائص" ٢/ ٢٢١، "شرح المفصل" ١/ ٢٠، "شرح شذور الذهب" ص ٤٩١، "الهمع" ٣/ ١٠٣، "الخزانة" ٨/ ١٣٦، والشاهد: إعمال العطاء على أنه بمعنى الإعطاء.
(٧) في (ب): (فتجرى) وفي "الحجة": (فيجرونه مجرى الإعطاء) ١/ ١٨٢.
(٨) هو لبيد بن ربيعة بن مالك بن كلاب العامري، كان من شعراء الجاهلية وأدرك الإسلام وأسلم، وقدم على رسول الله - ﷺ - في وفد بني كلاب، مات بالكوفة في خلافة معاوية، وهو ابن مائة وسبع وخمسين سنة. انظر: "الشعر والشعراء" ص١٦٧، "طبقات ابن سعد" ٦/ ٣٣، "الإصابة" ٣/ ٣٢٦، "الخزانة" ٢/ ٢٤٦.
(٢) في (ب): (ونحوه).
(٣) في أ (الجميع). مثال المكسور في الواحد والمضموم في الجمع: (رشوة ورشا) "الكتاب" ٤/ ٤٦.
(٤) في "الحجة". (ويقويه -أيضًا- أن ناسًا من النحويين يزعمون أنه قد يجري الأسماء التي ليست لمصادر... إلخ) ١/ ١٨٢.
(٥) قوله. (جلسة) و (ركبة) و (دهن) ليست مصادر وأجريت مجرى المصادر.
(٦) البيت من قصيدة للقطامي يمدح بها زفر بن الحارث الكلابي، وصدر البيت:
أَكُفْراً بَعْدَ رَدِّ المَوْتِ عَنِّي
يقول: لا أكفر معروفك بعد أن أطلقتني من الأسر، وأعطيتني مائة من الإبل الرتاع أي الراعية، ورد البيت في "الشعر والشعراء" ص ٤٨٣، "الحجة" ١/ ١٨٢، "الخصائص" ٢/ ٢٢١، "شرح المفصل" ١/ ٢٠، "شرح شذور الذهب" ص ٤٩١، "الهمع" ٣/ ١٠٣، "الخزانة" ٨/ ١٣٦، والشاهد: إعمال العطاء على أنه بمعنى الإعطاء.
(٧) في (ب): (فتجرى) وفي "الحجة": (فيجرونه مجرى الإعطاء) ١/ ١٨٢.
(٨) هو لبيد بن ربيعة بن مالك بن كلاب العامري، كان من شعراء الجاهلية وأدرك الإسلام وأسلم، وقدم على رسول الله - ﷺ - في وفد بني كلاب، مات بالكوفة في خلافة معاوية، وهو ابن مائة وسبع وخمسين سنة. انظر: "الشعر والشعراء" ص١٦٧، "طبقات ابن سعد" ٦/ ٣٣، "الإصابة" ٣/ ٣٢٦، "الخزانة" ٢/ ٢٤٦.
46
بَادَرْتُ حَاجَتَها (١) الدَّجَاج (٢)
وفسروه على حاجتي (٣) إليها (٤)، فأضيف إلى المفعول كما يضاف المصدر إليه، فعند هؤلاء (الهُدى والسُّرى والتُّقَى) أسماء أجريت مجرى المصادر (٥)، وليست مصادر (٦) حقيقة.
وزعم الأخفش: أن من العرب (٧) من يؤنث الهدى (٨).
ومعنى الهدى: البيان، لأنه قد قوبل به الضلال في قوله عز وجل ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ [البقرة: ١٩٨]، [أي من قبل هداه] (٩).
وفسروه على حاجتي (٣) إليها (٤)، فأضيف إلى المفعول كما يضاف المصدر إليه، فعند هؤلاء (الهُدى والسُّرى والتُّقَى) أسماء أجريت مجرى المصادر (٥)، وليست مصادر (٦) حقيقة.
وزعم الأخفش: أن من العرب (٧) من يؤنث الهدى (٨).
ومعنى الهدى: البيان، لأنه قد قوبل به الضلال في قوله عز وجل ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ [البقرة: ١٩٨]، [أي من قبل هداه] (٩).
(١) في (ب): (باكرت حنامها).
(٢) البيت من معلقة لبيد وتمامه:
ويروى (باكرت) يذكر الخمر يقول: سابقت صياح الدجاج لحاجتي إليها، لِأُعَلَّ منها: أي أسقي منها مرة بعد مرة، حين هب نيامها، انظر "شرح ديوان لبيد" ص ٣١٥، "الحجة" ١/ ١٨٢، "المعاني الكبير" ١/ ٤٥٣، "شرح القصائد المشهورات" للنحاس١/ ١٦٣، "اللسان" (بكر) ١/ ٣٣٢، "الخزانة" ٣/ ١٠٤.
(٣) (حاجتي) ساقط من (ب).
(٤) في "الحجة". (وفسروه على باكرت حاجتي إليها..) وروايته للبيت (باكرت) ١/ ١٨٣.
(٥) فتضاف للمفعول كما يضاف المصدر إليه. انظر "الحجة" ١/ ١٨٣.
(٦) في (ج): (مصاد).
(٧) هم بنو أسد. انظر (المذكر والمؤنث) للفراء ص ٨٧.
(٨) في "الحجة": وقال أبو الحسن: زعموا أن من العرب من يؤنث الهدى. "الحجة" ١/ ١٨٣، وانظر: "معاني القرآن" للاخفش ١/ ١٧٩.
(٩) ما بين المعقوفين ساقط من (ب) والكلام أخذه عن أبي علي في "الحجة" ١/ ١٨٦، وانظر: "الطبري" ١/ ٩٨، "معاني الزجاج" ١/ ٣٣، "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٠.
(٢) البيت من معلقة لبيد وتمامه:
| بادرتُ حاجَتها الدجاجَ بسحرة | لِأُعَلَّ منها حين هبّ نيامُها |
(٣) (حاجتي) ساقط من (ب).
(٤) في "الحجة". (وفسروه على باكرت حاجتي إليها..) وروايته للبيت (باكرت) ١/ ١٨٣.
(٥) فتضاف للمفعول كما يضاف المصدر إليه. انظر "الحجة" ١/ ١٨٣.
(٦) في (ج): (مصاد).
(٧) هم بنو أسد. انظر (المذكر والمؤنث) للفراء ص ٨٧.
(٨) في "الحجة": وقال أبو الحسن: زعموا أن من العرب من يؤنث الهدى. "الحجة" ١/ ١٨٣، وانظر: "معاني القرآن" للاخفش ١/ ١٧٩.
(٩) ما بين المعقوفين ساقط من (ب) والكلام أخذه عن أبي علي في "الحجة" ١/ ١٨٦، وانظر: "الطبري" ١/ ٩٨، "معاني الزجاج" ١/ ٣٣، "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٠.
47
وقوله تعالى: ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾. الاتقاء في اللغة: الحجز بين الشيئين، يقال: اتقاه بترسه، أي: جعل الترس حاجزا بينه وبينه، واتقاه بحقه، إذا وفاه (١)، فجعل الإعطاء وقاية بينه وبين خصمه عن نيله إياه بيده أو لسانه، ومنه (التقية في الدين) بجعل ما يظهره حاجزا بينه وبين ما يخشاه من المكروه (٢)، ومنه الحديث: كنا إذا احمرّ البأس اتقينا برسول الله - ﷺ -، وكان أقربنا إلى العدو (٣). فالمتقي هو الذي يتحرز بطاعته عن العقوبة، ويجعل اجتنابه عما نهى، وفعله ما (٤) أمر، حاجزًا بينه وبين العقوبة التي توعد (٥) بها العصاة.
وكان (اتقى) (٦) في الأصل (اوْتقى) (٧) لأنه (افتعل) (٨) من الوقاية، وأصل هذا الباب بالواو (٩)، كالاتزان (١٠) من الوزن، والاتضاح من
وكان (اتقى) (٦) في الأصل (اوْتقى) (٧) لأنه (افتعل) (٨) من الوقاية، وأصل هذا الباب بالواو (٩)، كالاتزان (١٠) من الوزن، والاتضاح من
(١) في (ب): (وقاه).
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (تقي)، (وقى) ١/ ٤٤، "الصحاح" (وقى) ٦/ ٢٥٢٧، "اللسان" (وقى) ٨/ ٤٩٠٢، (لباب التفاسير) للكرماني ١/ ١١١، (رسالة دكتوراه).
(٣) أخرجه مسلم في "صحيحه" في قصة غزوة حنين وفيه: (... قال البراء: كنا والله إذا أحمر البأس نتقى به وإن الشجاع منا للذي يحاذى به، يعني رسول الله - ﷺ -) مسلم ١٧٧٦/ ٧٩، كتاب الجهاد، غزوة حنين، وذكره البيهقي في "دلائل النبوة" ٥/ ١٣٥.
(٤) في (ب): (عما أمر) تصحيف.
(٥) في (ب): (يدعو).
(٦) في (ب): (من في).
(٧) بكسر الهمزة وسكون الواو.
(٨) في (ج): (لا افتعل).
(٩) في (ج): (من الواو).
(١٠) في (ب): (كالا يزان).
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (تقي)، (وقى) ١/ ٤٤، "الصحاح" (وقى) ٦/ ٢٥٢٧، "اللسان" (وقى) ٨/ ٤٩٠٢، (لباب التفاسير) للكرماني ١/ ١١١، (رسالة دكتوراه).
(٣) أخرجه مسلم في "صحيحه" في قصة غزوة حنين وفيه: (... قال البراء: كنا والله إذا أحمر البأس نتقى به وإن الشجاع منا للذي يحاذى به، يعني رسول الله - ﷺ -) مسلم ١٧٧٦/ ٧٩، كتاب الجهاد، غزوة حنين، وذكره البيهقي في "دلائل النبوة" ٥/ ١٣٥.
(٤) في (ب): (عما أمر) تصحيف.
(٥) في (ب): (يدعو).
(٦) في (ب): (من في).
(٧) بكسر الهمزة وسكون الواو.
(٨) في (ج): (لا افتعل).
(٩) في (ج): (من الواو).
(١٠) في (ب): (كالا يزان).
48
الوضوح، إلا أن الواو صارت (ياء) لانكسار ما قبلها وهي ساكنة، ثم اندغمت (الياء) في (تاء) (١) الافتعال بعدما صارت (تاء)، فتولدت التشديدة لذلك (٢).
وقال أبو الفتح الموصلي (٣): إن (افْتَعَل) إذا كانت فاؤه (واوا)، فإن (واوه) تقلب (٤) (تاء)، وتدغم في (تاء) (افْتَعَل) مثل (اتَّعد) (٥) و (اتَّلج) (اتَّصف).
والعلة في قلب هذه الواو (تاء)، أنهم لو لم يقلبوها (تاء) لوجب أن يقلبوها إذا انكسر ما قبلها (ياء)، فيقولوا: (٦) (ايتقى) (٧) وإذا (٨) انضم ما قبلها ردت إلى (الواو) فقالوا: (مُوتَق) (٩)، وإذا انفتح ما قبلها قلبت (ألفا)، فقالوا: (ياتقي) (١٠)، فلما (١١) كانوا لو لم يقلبوها (تاء) صائرين من قلبها (١٢) مرة (ياء) ومرة (ألفا)، ومرة (واوا)، أرادوا أن يقلبوها حرفا جلدا
وقال أبو الفتح الموصلي (٣): إن (افْتَعَل) إذا كانت فاؤه (واوا)، فإن (واوه) تقلب (٤) (تاء)، وتدغم في (تاء) (افْتَعَل) مثل (اتَّعد) (٥) و (اتَّلج) (اتَّصف).
والعلة في قلب هذه الواو (تاء)، أنهم لو لم يقلبوها (تاء) لوجب أن يقلبوها إذا انكسر ما قبلها (ياء)، فيقولوا: (٦) (ايتقى) (٧) وإذا (٨) انضم ما قبلها ردت إلى (الواو) فقالوا: (مُوتَق) (٩)، وإذا انفتح ما قبلها قلبت (ألفا)، فقالوا: (ياتقي) (١٠)، فلما (١١) كانوا لو لم يقلبوها (تاء) صائرين من قلبها (١٢) مرة (ياء) ومرة (ألفا)، ومرة (واوا)، أرادوا أن يقلبوها حرفا جلدا
(١) في (ب): (مما).
(٢) انظر. "تهذيب اللغة" (تقى) ١/ ٤٤٤، "الصحاح" (وقى) ٦/ ٢٥٢٦، "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٤٧.
(٣) "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٤٧.
(٤) في (ج): (تقلب الفاتا).
(٥) في (ب): (ما اتعد).
(٦) في جميع النسخ (فيقولون). وفي "سر صناعة الإعراب" (فيقولوا) وفي الحاشية قال: في ل (فيقولون) ١/ ١٤٧.
(٧) عند أبي الفتح فيقولوا: (أيتزن، ايتعد، ايتلج) ١/ ١٤٧، فلم يرد لفظ (أيتقى).
(٨) في (ج): (إذا) مكررة.
(٩) عند أبي الفتح (مُوتَعِد) و (مُوتَزِن) و (مُوتَلج) ١/ ١٤٧.
(١٠) عند أبي الفتح: يَا تَعِدُ، ويَا تَزِنُ، ويَا تَلِجُ ١/ ١٤٨.
(١١) في (ج): (فكانوا).
(١٢) في جميع النسخ (قبلها): والتصحيح من "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٤٨.
(٢) انظر. "تهذيب اللغة" (تقى) ١/ ٤٤٤، "الصحاح" (وقى) ٦/ ٢٥٢٦، "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٤٧.
(٣) "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٤٧.
(٤) في (ج): (تقلب الفاتا).
(٥) في (ب): (ما اتعد).
(٦) في جميع النسخ (فيقولون). وفي "سر صناعة الإعراب" (فيقولوا) وفي الحاشية قال: في ل (فيقولون) ١/ ١٤٧.
(٧) عند أبي الفتح فيقولوا: (أيتزن، ايتعد، ايتلج) ١/ ١٤٧، فلم يرد لفظ (أيتقى).
(٨) في (ج): (إذا) مكررة.
(٩) عند أبي الفتح (مُوتَعِد) و (مُوتَزِن) و (مُوتَلج) ١/ ١٤٧.
(١٠) عند أبي الفتح: يَا تَعِدُ، ويَا تَزِنُ، ويَا تَلِجُ ١/ ١٤٨.
(١١) في (ج): (فكانوا).
(١٢) في جميع النسخ (قبلها): والتصحيح من "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٤٨.
49
تغير أحوال ما قبله، وهو باق بحاله، وكانت (التاء) (١) قريبة المخرج من (الواو)، لأنها من أصول الثنايا، والواو من الشفة، فأبدلوها (تاء) وأدغموها في لفظ ما بعدها وهو (التاء) وقالوا: اتقى (٢)، وقد فعلوا هذا أيضًا في (الياء) وأجروها مجرى (الواو) فقالوا في (افتعل) من اليسر: أتسر (٣)، ومن اليبس: اتبس (٤)، لهذه العلة (٥).
وإدغام (الياء) في (التاء) على هذه الجهة، إنما يجوز إذا كانت (٦) في كلمة واحدة، فإذا التقتا من كلمتين لم يجز الإدغام، نحو قولك: (في تبيانه)، و (في تمثاله)، وذلك أنه (٧) لو أجرى (٨) الكلام هاهنا على الإدغام، أشبه الألف واللام. هذا هو الأصل، ثم صارت التاء لازمة حتى صارت كالأصلية (٩)، لأنه لا يجوز إظهار (١٠) هذا الإدغام في حال (١١).
وإدغام (الياء) في (التاء) على هذه الجهة، إنما يجوز إذا كانت (٦) في كلمة واحدة، فإذا التقتا من كلمتين لم يجز الإدغام، نحو قولك: (في تبيانه)، و (في تمثاله)، وذلك أنه (٧) لو أجرى (٨) الكلام هاهنا على الإدغام، أشبه الألف واللام. هذا هو الأصل، ثم صارت التاء لازمة حتى صارت كالأصلية (٩)، لأنه لا يجوز إظهار (١٠) هذا الإدغام في حال (١١).
(١) في (ب): (الباء).
(٢) في (ب): (أتقا) وعند أبي الفتح (أتعد، واتزن) ١/ ١٤٨.
(٣) في (ب): (السر).
(٤) في (ج): (التبس).
(٥) عند أبي الفتح: (.. وذلك لأنهم كرهوا انقلابها (واوا) متى انضم ما قبلها في نحو: (موتبس) وألفا في (يا تبس)، فأجروها مجرى الواو فقالوا: اتَّبَس وأتَّسَر. ومن العرب من لا يبدلهما (تاء) ويجري عليهما من القلب ماتنكبه الآخرون فيقول: إيتَعد أيتَزن ايتبس... واللغة الأولى أكثر وأقيس...)، "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٤٨، وانظر "المنصف" ١/ ٢٢٢، ٢٢٨.
(٦) كذا ورد في جميع النسخ ولعل الأولى (إذا كانتا).
(٧) (أنه) ساقط من (ج).
(٨) في (ب): (أجرا).
(٩) في (ب): (كالا مطيه).
(١٠) في (ب): (إظهارها).
(١١) انظر "تهذيب اللغة" (تقى) ١/ ٤٤٤.
(٢) في (ب): (أتقا) وعند أبي الفتح (أتعد، واتزن) ١/ ١٤٨.
(٣) في (ب): (السر).
(٤) في (ج): (التبس).
(٥) عند أبي الفتح: (.. وذلك لأنهم كرهوا انقلابها (واوا) متى انضم ما قبلها في نحو: (موتبس) وألفا في (يا تبس)، فأجروها مجرى الواو فقالوا: اتَّبَس وأتَّسَر. ومن العرب من لا يبدلهما (تاء) ويجري عليهما من القلب ماتنكبه الآخرون فيقول: إيتَعد أيتَزن ايتبس... واللغة الأولى أكثر وأقيس...)، "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٤٨، وانظر "المنصف" ١/ ٢٢٢، ٢٢٨.
(٦) كذا ورد في جميع النسخ ولعل الأولى (إذا كانتا).
(٧) (أنه) ساقط من (ج).
(٨) في (ب): (أجرا).
(٩) في (ب): (كالا مطيه).
(١٠) في (ب): (إظهارها).
(١١) انظر "تهذيب اللغة" (تقى) ١/ ٤٤٤.
50
وقد بني على هذا الإدغام أسماء كثيرة، وهي: التُّخَمَة والتُّجَاه (١)، والتُّرَاث، والتّقوى، والتُّكْلَان، والتُّكَلَة، والتُّؤَدَة، والتُّهمَة (٢).
الحراني (٣) عن ابن السكيت (٤) يقال: اتَّقَاه بِحَقِّه يَتَّقِيه، وتَقَاهُ يَتَّقِيه، وأنشد عن الأصمعي (٥) قال:
أنشدني عيسى بن عمر (٦):
الحراني (٣) عن ابن السكيت (٤) يقال: اتَّقَاه بِحَقِّه يَتَّقِيه، وتَقَاهُ يَتَّقِيه، وأنشد عن الأصمعي (٥) قال:
أنشدني عيسى بن عمر (٦):
| جَلَاهَا الصَّيْقَلُونَ فَأخْلَصوهَا | خِفَافاً كُلُّهَا يَتَّقِي بِأَثْرِ (٧) |
(١) في (ب): (التحافه).
(٢) انظر: "الكتاب" ٤/ ٣٣٢.
(٣) أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني اللغوي، لغوي صدوق، أخذ عن ابن السكيت، ونقل عنه الأزهري في "التهذيب" من طريق المنذري، توفي سنة خمس وتسعين ومائتين. انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" ١٣/ ٥٣٦، "إنباه الرواه" ٢/ ١١٥، "سير أعلام النبلاء"١٣/ ٥٣٦.
(٤) أبو يوسف يعقوب بن إسحاق السكيت، النحوي اللغوي، كان موثقا بروايته، مات سنة أربع وأربعين ومائتين. انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" ١٤/ ٢٧٣، "وفيات الأعيان" ٦/ ٣٩٥، "إنباه الرواة" ٤/ ٥٠، "معجم الأدباء" ٢٠/ ٥٠.
(٥) في "التهذيب": (وأخبرني المنذري، عن الحراني، عن ابن السكيت، قال: يقال: اتقاه... الخ. وأنشد ثم ذكر بيتين غير ما ذكر المؤلف، ثم قال: وقال الأصمعي: أنشدني عيسى بن عمر) (التهذيب) (تقى) ١/ ٤٤٤، وانظر كلام ابن السكيت في "إصلاح المنطق" ص ٢٤.
(٦) ورد اسمه في "التهذيب": (عيسى بن عمرو) وهو تصحيف، والصحيح (ابن عمر) وهو عيسى بن عمر البصري الثقفي المقرئ النحوي، كان في طبقة أبي عمرو بن العلاء، وعنه أخذ الخليل، توفي سنة تسع وأربعين ومائة. انظر ترجمته في: "طبقات النحويين واللغويين" ص ٤٠، "نزهة الألباء" ص ٢٨، "إنباه الرواة" ٢/ ٣٧٤، "معجم الأدباء" ٤/ ٥١٩، "وفيات الأعيان" ٣/ ٤٨٦.
(٧) البيت لخفاف بن ندبة، يذكر السيف. والصيقلون: جمع صيقل وهو شحاذ السيوف =
(٢) انظر: "الكتاب" ٤/ ٣٣٢.
(٣) أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني اللغوي، لغوي صدوق، أخذ عن ابن السكيت، ونقل عنه الأزهري في "التهذيب" من طريق المنذري، توفي سنة خمس وتسعين ومائتين. انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" ١٣/ ٥٣٦، "إنباه الرواه" ٢/ ١١٥، "سير أعلام النبلاء"١٣/ ٥٣٦.
(٤) أبو يوسف يعقوب بن إسحاق السكيت، النحوي اللغوي، كان موثقا بروايته، مات سنة أربع وأربعين ومائتين. انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" ١٤/ ٢٧٣، "وفيات الأعيان" ٦/ ٣٩٥، "إنباه الرواة" ٤/ ٥٠، "معجم الأدباء" ٢٠/ ٥٠.
(٥) في "التهذيب": (وأخبرني المنذري، عن الحراني، عن ابن السكيت، قال: يقال: اتقاه... الخ. وأنشد ثم ذكر بيتين غير ما ذكر المؤلف، ثم قال: وقال الأصمعي: أنشدني عيسى بن عمر) (التهذيب) (تقى) ١/ ٤٤٤، وانظر كلام ابن السكيت في "إصلاح المنطق" ص ٢٤.
(٦) ورد اسمه في "التهذيب": (عيسى بن عمرو) وهو تصحيف، والصحيح (ابن عمر) وهو عيسى بن عمر البصري الثقفي المقرئ النحوي، كان في طبقة أبي عمرو بن العلاء، وعنه أخذ الخليل، توفي سنة تسع وأربعين ومائة. انظر ترجمته في: "طبقات النحويين واللغويين" ص ٤٠، "نزهة الألباء" ص ٢٨، "إنباه الرواة" ٢/ ٣٧٤، "معجم الأدباء" ٤/ ٥١٩، "وفيات الأعيان" ٣/ ٤٨٦.
(٧) البيت لخفاف بن ندبة، يذكر السيف. والصيقلون: جمع صيقل وهو شحاذ السيوف =
51
أي: كلها يستقبلك بفرنده (١).
وقال أوس بن حجر:
أي اتقاك، ومعناه: جعل بينك وبينه كعبا واحدا (٣)، يصف رمحا، يقول (٤): كأنه كعب واحد، إذا هززته اهتز (٥) كله. وقال أبو سعيد السكري (٦): تقاك: وليك منه كعب.
قال: ويقال: إبلك (٧) اتقت كبارها بصغارها، أي جعلت الصغار مما
وقال أوس بن حجر:
| تَقَاكَ بِكَعْب وَاحِدٍ وَتَلَذُّهُ | يَدَاكَ إذَا مَا هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ (٢) |
قال: ويقال: إبلك (٧) اتقت كبارها بصغارها، أي جعلت الصغار مما
= وجلاؤها، يقول: جلوا تلك السيوف حتى إذا انظر الناظر إليها اتصل شعاعها بعينه فلم يتمكن من النظر إليها، فكلها يستقبلك بفرنده، و (يتقى) مخفف (يتقى) وهذا مكان الشاهد من البيت. ورد البيت في (إصلاح المنطق) ص ٢٣، "تهذيب اللغة" (تقى) ١/ ٤٤٤، "الصحاح" (وقى) ٦/ ٢٥٢٧، "معجم مقاييس اللغة" (أثر) ١/ ٥٦، "الخصائص" ٢/ ٢٨٦، "اللسان" (أثر) ١/ ٢٦، (وقى) ٨/ ٤٩٠٢.
(١) في (ج): (بفيرنده). (إصلاح المنطق) ص ٤، "التهذيب" (تقى) ١/ ٤٤٤.
(٢) يصف رمحاً يقول: اتقاك برمح تلذه يداك: أي لا يثقلهما، إذا هز بالكف يعسل أي. يضطرب ويهتز. ورد البيت في "إصلاح المنطق" ص ٢٤، "الخصائص" ٢/ ٢٨٦، "الصحاح" (عسل) ٥/ ١٧٦٥، (وقى) ٥/ ٢٥٢٧، "المحكم" ١/ ١٧٠، "اللسان" (عسل) ٥/ ٢٩٤٦، (وقى) ١٥/ ٤٠٣، (أساس البلاغة) (كعب) ٢/ ٣١٢، "الحجة" لأبي علي٣/ ٢٨.
(٣) (واحدا) ساقط من (ب).
(٤) في (ب). (يقال).
(٥) في (ب): (يهتر) في (ج): (كأنه يقول كأنه كعب).
(٦) هو الحسن بن الحسين بن عبد الله بن عبد الرحمن بن العلاء بن أبي صفرة بن المهلب بن أبي صفرة السكري النحوي، كان ثقة دينا صادقا، انتشر عنه من كتب الأدب شيء كثير (٢١٢ - ٢٧٥ هـ). انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" ٧/ ٢٩٦، "معجم الأدباء" ٢/ ٤٧٨، "إنباه الرواة" ١/ ٢٩١، "نزهة الألباء" ص ١٦٠.
(٧) في (ب): (ابنك).
(١) في (ج): (بفيرنده). (إصلاح المنطق) ص ٤، "التهذيب" (تقى) ١/ ٤٤٤.
(٢) يصف رمحاً يقول: اتقاك برمح تلذه يداك: أي لا يثقلهما، إذا هز بالكف يعسل أي. يضطرب ويهتز. ورد البيت في "إصلاح المنطق" ص ٢٤، "الخصائص" ٢/ ٢٨٦، "الصحاح" (عسل) ٥/ ١٧٦٥، (وقى) ٥/ ٢٥٢٧، "المحكم" ١/ ١٧٠، "اللسان" (عسل) ٥/ ٢٩٤٦، (وقى) ١٥/ ٤٠٣، (أساس البلاغة) (كعب) ٢/ ٣١٢، "الحجة" لأبي علي٣/ ٢٨.
(٣) (واحدا) ساقط من (ب).
(٤) في (ب). (يقال).
(٥) في (ب): (يهتر) في (ج): (كأنه يقول كأنه كعب).
(٦) هو الحسن بن الحسين بن عبد الله بن عبد الرحمن بن العلاء بن أبي صفرة بن المهلب بن أبي صفرة السكري النحوي، كان ثقة دينا صادقا، انتشر عنه من كتب الأدب شيء كثير (٢١٢ - ٢٧٥ هـ). انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" ٧/ ٢٩٦، "معجم الأدباء" ٢/ ٤٧٨، "إنباه الرواة" ١/ ٢٩١، "نزهة الألباء" ص ١٦٠.
(٧) في (ب): (ابنك).
52
يليك (١) ووقت أنفسها بها.
وقوله: (تقاك) تقديره (٢) (تَعَلَكَ) (٣) والأصل: (اتَقَاك)، فحذف (فاء) الفعل المدغمة، فسقطت همزة الوصل المجتلبة لسكونها (٤). وقولهم في المضارع (يتقى) تقديره (يَتَعِل) (٥).
قال الأزهري: اتَّقَى كان في الأصل (اوْتَقَى) فأدغمت الواو في التاء وشددت فقيل (اتَّقَى) ثم حذفوا ألف الوصل، والواو التي انقلبت تاء، فقيل: تَقَى يَتَقِى، بمعنى (٦): استقبل الشيء بالشيء وتوقاه.
قال السكري: وتَقَى يَتَقِى بفتح (التاء) شاذ جدا، لأنه لا يقال: تَضح بمعنى اتَّضح (٧)، ولا تَزَن بمعنى اتَّزَن (٨).
قال (٩) الأزهري: وإذا قالوا: تَقِيَ يَتْقَى (١٠) فالمعنى: أنه صار تقيا (١١).
وقوله: (تقاك) تقديره (٢) (تَعَلَكَ) (٣) والأصل: (اتَقَاك)، فحذف (فاء) الفعل المدغمة، فسقطت همزة الوصل المجتلبة لسكونها (٤). وقولهم في المضارع (يتقى) تقديره (يَتَعِل) (٥).
قال الأزهري: اتَّقَى كان في الأصل (اوْتَقَى) فأدغمت الواو في التاء وشددت فقيل (اتَّقَى) ثم حذفوا ألف الوصل، والواو التي انقلبت تاء، فقيل: تَقَى يَتَقِى، بمعنى (٦): استقبل الشيء بالشيء وتوقاه.
قال السكري: وتَقَى يَتَقِى بفتح (التاء) شاذ جدا، لأنه لا يقال: تَضح بمعنى اتَّضح (٧)، ولا تَزَن بمعنى اتَّزَن (٨).
قال (٩) الأزهري: وإذا قالوا: تَقِيَ يَتْقَى (١٠) فالمعنى: أنه صار تقيا (١١).
(١) في (ب): (للصفار ما يليك).
(٢) في (ج): (تقريره).
(٣) في (ب): (تعلل).
(٤) في "الحجة" لأبي علي: (... وأعللتها بالحذف كما أعللتها بالقلب، وليس ذلك بالمطرد وقولهم في المضارع... إلخ) ٣/ ٢٩.
(٥) انظر قول السكري في "الحجة" لأبي علي٣/ ٢٩.
(٦) في "التهذيب" (بمعنى: توقي). "التهذيب" (تقى) ١/ ٤٤٤.
(٧) في (ب): (بفتح معنى الفتح).
(٨) انظر "اللسان" (وقى) ٨/ ٤٩٠٢.
(٩) (قال) ساقط من (أ) و (ج).
(١٠) في (ب): (تقى يقي).
(١١) "تهذيب اللغة" (تقى) ١/ ٤٤٤.
(٢) في (ج): (تقريره).
(٣) في (ب): (تعلل).
(٤) في "الحجة" لأبي علي: (... وأعللتها بالحذف كما أعللتها بالقلب، وليس ذلك بالمطرد وقولهم في المضارع... إلخ) ٣/ ٢٩.
(٥) انظر قول السكري في "الحجة" لأبي علي٣/ ٢٩.
(٦) في "التهذيب" (بمعنى: توقي). "التهذيب" (تقى) ١/ ٤٤٤.
(٧) في (ب): (بفتح معنى الفتح).
(٨) انظر "اللسان" (وقى) ٨/ ٤٩٠٢.
(٩) (قال) ساقط من (أ) و (ج).
(١٠) في (ب): (تقى يقي).
(١١) "تهذيب اللغة" (تقى) ١/ ٤٤٤.
53
والمراد بالمتقين في هذه الآية: المؤمنون، كذلك قال أهل التفسير في قوله: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ أي: للمؤمنين (١)، كأنه قال: القرآن بيان وهدى لمن اتقى الشرك، فخص المؤمنين بأن الكتاب بيان لهم دون الكفار الذين لم يهتدوا بهذا الكتاب، فأما من آمن ولم يجتنب الكبائر، فهو داخل في جملة المتقين (٢) أيضًا لأنه آمن بموجب الكتاب، واتقى الشرك.
وقيل: إن الكتاب بيان بنفسه ودلالة على الحق، ولكنه أضافه إلى المؤمنين خصوصا، لانتفاعهم به، والكافر لو تأمل القرآن لوجده بيانا، فهو في كونه بيانا في نفسه لا يتخصص بقوم دون قوم، ولكنه أضيف إلى المؤمنين على الخصوص لانتفاعهم به دون الكفار (٣) كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا﴾ [النازعات: ٤٥]، وكان - ﷺ - منذرا لمن يخشى ولمن لم يخش.
وقال ابن الأنباري: معناه: هدى للمتقين والكافرين، فاكتفى بأحد (٤) الفريقين من (٥) الآخر، كقوله: ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ [النحل:
وقيل: إن الكتاب بيان بنفسه ودلالة على الحق، ولكنه أضافه إلى المؤمنين خصوصا، لانتفاعهم به، والكافر لو تأمل القرآن لوجده بيانا، فهو في كونه بيانا في نفسه لا يتخصص بقوم دون قوم، ولكنه أضيف إلى المؤمنين على الخصوص لانتفاعهم به دون الكفار (٣) كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا﴾ [النازعات: ٤٥]، وكان - ﷺ - منذرا لمن يخشى ولمن لم يخش.
وقال ابن الأنباري: معناه: هدى للمتقين والكافرين، فاكتفى بأحد (٤) الفريقين من (٥) الآخر، كقوله: ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ [النحل:
(١) ذكر ابن جرير بسنده عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي - ﷺ - (للمتقين): هم المؤمنون، ١/ ١٠٠، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٤٢/ أ.
(٢) رجح ابن جرير: أن المراد عموم التقوى، ولا تخص معنى دون معنى، ثم قال: فقد تبين إذا فساد قول من زعم أن تأويل ذلك إنما هو. الذين اتقوا الشرك وبرئوا من النفاق، لأنه قد يكون كذلك، وهو فاسق غير مستحق أن يكون من المتقين... الخ. "تفسير الطبري" ١/ ١٠١، وانظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٠، وابن عطية ١/ ١٤٤
(٣) ذكره أبو الليث في "تفسيره" ١/ ٩٠، ونحوه في القرطبي ١/ ١٤٠ - ١٤١، "زاد المسير" ١/ ٢٤.
(٤) في (ب): (بإحدى).
(٥) في (ب): (عن).
(٢) رجح ابن جرير: أن المراد عموم التقوى، ولا تخص معنى دون معنى، ثم قال: فقد تبين إذا فساد قول من زعم أن تأويل ذلك إنما هو. الذين اتقوا الشرك وبرئوا من النفاق، لأنه قد يكون كذلك، وهو فاسق غير مستحق أن يكون من المتقين... الخ. "تفسير الطبري" ١/ ١٠١، وانظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٠، وابن عطية ١/ ١٤٤
(٣) ذكره أبو الليث في "تفسيره" ١/ ٩٠، ونحوه في القرطبي ١/ ١٤٠ - ١٤١، "زاد المسير" ١/ ٢٤.
(٤) في (ب): (بإحدى).
(٥) في (ب): (عن).
54
٨١] وقوله: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ﴾ [آل عمران: ١١٣] أراد وأخرى غير قائمة (١).
وقال أبو ذؤيب (٢):
فَمَا أَدْرى أَرُشْدٌ طِلابُهَا (٣)
(وأراد: أم غيّ).
والدليل على هذا: أنه قال في موضع آخر: ﴿هُدًى لِّلنَّاسَ﴾ (٤) فجعله هدى للناس عاما، على أنه ليس في الإخبار أنه ﴿هُدًى للِمُتَّقِينَ﴾ ما يدل على أنه ليس هدى لغيرهم.
فأما إعراب ﴿هُدًى﴾ فقال أبو إسحاق (٥): موضعه نصب من وجهين:
وقال أبو ذؤيب (٢):
فَمَا أَدْرى أَرُشْدٌ طِلابُهَا (٣)
(وأراد: أم غيّ).
والدليل على هذا: أنه قال في موضع آخر: ﴿هُدًى لِّلنَّاسَ﴾ (٤) فجعله هدى للناس عاما، على أنه ليس في الإخبار أنه ﴿هُدًى للِمُتَّقِينَ﴾ ما يدل على أنه ليس هدى لغيرهم.
فأما إعراب ﴿هُدًى﴾ فقال أبو إسحاق (٥): موضعه نصب من وجهين:
(١) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ولم ينسبه لابن الأنباري ١/ ٢٤.
(٢) هو خويلد بن خالد الهذلي، شاعر مجيد مخضرم، أدرك الإسلام وقدم المدينة عند وفاة النبي - ﷺ - وأسلم، توفي في غزوة افريقية مع ابن الزبير، انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٤٣٥، "الاستيعاب" ٤/ ٦٥، "معجم الأدباء" ٣/ ٣٠٦، "الخزانة" ١/ ٤٢٢.
(٣) جزء من بيت لأبي ذؤيب الهذلي، من الطويل. وتمامه:
يقول: إن قلبه عصاه فلا يقبل منه، فيذهب إليها قلبه سفها، فأنا اتبع ما يأمرني به، فما أدرى أرشد أم غي. ويروى البيت (عصيت إليها القلب...). ورد البيت عند الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٢٣٠، وابن قتيبة في "المشكل" ص ٢١٥، والسكري في "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٤٣، وابن هشام في "مغني اللبيب" ١/ ١٤، ٤٣، ٢/ ٦٢٨، والبغدادي في "خزانة الأدب" ١١/ ٢٥١
(٤) سورة آل عمران: ٤، كما ورد هذا في ذكر الكتاب الذي أنزل على موسى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ﴾ [الأنعام: ٩١].
(٥) "معاني القرآن" ١/ ٣٣.
(٢) هو خويلد بن خالد الهذلي، شاعر مجيد مخضرم، أدرك الإسلام وقدم المدينة عند وفاة النبي - ﷺ - وأسلم، توفي في غزوة افريقية مع ابن الزبير، انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٤٣٥، "الاستيعاب" ٤/ ٦٥، "معجم الأدباء" ٣/ ٣٠٦، "الخزانة" ١/ ٤٢٢.
(٣) جزء من بيت لأبي ذؤيب الهذلي، من الطويل. وتمامه:
| عصاني إليها القلب إني لأمره | سميع فما أدرى أرشد طلابها |
(٤) سورة آل عمران: ٤، كما ورد هذا في ذكر الكتاب الذي أنزل على موسى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ﴾ [الأنعام: ٩١].
(٥) "معاني القرآن" ١/ ٣٣.
55
أحدهما: أن يكون منصوبا على الحال من قولك: القرآن ذلك الكتاب هدى، فيكون حالا من الكتاب، كأنك قلت: هاديا؛ لأن (هدى) جاء بعد تمام الكلام، والعامل فيه يكون معنى الإشارة في ذلك (١).
والثاني: أن يكون منصوبا على الحال من (الهاء) في قوله: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ كأنك قلت: لا شك فيه هاديا، والعامل فيه معنى ريب (٢).
والفراء يسمي الحال هاهنا: قطعا (٣)، لأنه قال (٤): تجعل ﴿الكتاب﴾ خبرا لـ ﴿ذلك﴾ وتنصب ﴿هدى﴾ (٥) على القطع، لأن ﴿هدى﴾ نكرة اتصلت بمعرفة، والنكرة لا تكون دليلا على معرفة.
قال: وإن شئت قطعته (٦) من الهاء التي (٧) في ﴿فيه﴾، كأنك قلت: لا شك فيه هاديا.
قال أبو إسحاق (٨): ويجوز أن يكون موضعه رفعا من جهات:
إحداها: أن يكون (٩) خبرا بعد خبر، كأنه قال: (ذلك الكتاب هدى)، أي قد جمع أنه الكتاب الموعود، وأنه هدى، كما تقول: هذا حلو
والثاني: أن يكون منصوبا على الحال من (الهاء) في قوله: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ كأنك قلت: لا شك فيه هاديا، والعامل فيه معنى ريب (٢).
والفراء يسمي الحال هاهنا: قطعا (٣)، لأنه قال (٤): تجعل ﴿الكتاب﴾ خبرا لـ ﴿ذلك﴾ وتنصب ﴿هدى﴾ (٥) على القطع، لأن ﴿هدى﴾ نكرة اتصلت بمعرفة، والنكرة لا تكون دليلا على معرفة.
قال: وإن شئت قطعته (٦) من الهاء التي (٧) في ﴿فيه﴾، كأنك قلت: لا شك فيه هاديا.
قال أبو إسحاق (٨): ويجوز أن يكون موضعه رفعا من جهات:
إحداها: أن يكون (٩) خبرا بعد خبر، كأنه قال: (ذلك الكتاب هدى)، أي قد جمع أنه الكتاب الموعود، وأنه هدى، كما تقول: هذا حلو
(١) من قوله:
(٢) ذكر قول الزجاج بمعناه ١/ ٣٣، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٠، "إملاء ما من به الرحمن" للعكبري١/ ١٦، "مشكل إعراب القرآن" المكي ١/ ١٧.
(٣) وبهذا أخذ الكوفيون. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٣٠.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٥، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٩٩، وقد رد الطبري على الفراء قوله.
(٥) (هدى) ساقط من (أ) و (ج) وثابت في (ب)، "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٢.
(٦) عبارة الفراء: (وإن شئت نصبت (هدى) على القطع من الهاء التي في (فيه)...) ١/ ١٢.
(٧) في (ب): (إلى).
(٨) "معاني القرآن" ١/ ٣٣.
(٩) في (ب): (تكون).
| فيكون حالا من الكتاب | إلى (في ذلك) ليس في "المعاني" ١/ ٣٣. |
(٣) وبهذا أخذ الكوفيون. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٣٠.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٥، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٩٩، وقد رد الطبري على الفراء قوله.
(٥) (هدى) ساقط من (أ) و (ج) وثابت في (ب)، "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٢.
(٦) عبارة الفراء: (وإن شئت نصبت (هدى) على القطع من الهاء التي في (فيه)...) ١/ ١٢.
(٧) في (ب): (إلى).
(٨) "معاني القرآن" ١/ ٣٣.
(٩) في (ب): (تكون).
56
حامض، أي قد جمع الطعمين (١).
ويجوز: أن يكون رفعا على إضمار (هو) كأنه لما تم الكلام قيل: هو هدى (٢).
ويجوز: أن يكون الوقف على قولك (٣): ﴿لَا رَيْبَ﴾، [أي: ذلك الكتاب لا ريب] (٤) ولا شك (٥)، كأنك قلت: ذلك الكتاب حقا، لأن (لا شك) بمعنى: حق، ثم قيل (٦) بعد (فيه هدى) (٧).
فإن قيل: كيف قال: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ (٨)، وقد ارتاب فيه المرتابون؟ قيل: معناه أنه حق في نفسه وصدق، وإن ارتاب المبطلون (٩)، كما (١٠) قال الشاعر:
ويجوز: أن يكون رفعا على إضمار (هو) كأنه لما تم الكلام قيل: هو هدى (٢).
ويجوز: أن يكون الوقف على قولك (٣): ﴿لَا رَيْبَ﴾، [أي: ذلك الكتاب لا ريب] (٤) ولا شك (٥)، كأنك قلت: ذلك الكتاب حقا، لأن (لا شك) بمعنى: حق، ثم قيل (٦) بعد (فيه هدى) (٧).
فإن قيل: كيف قال: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ (٨)، وقد ارتاب فيه المرتابون؟ قيل: معناه أنه حق في نفسه وصدق، وإن ارتاب المبطلون (٩)، كما (١٠) قال الشاعر:
(١) تعقب أبو علي الفارسي الزجاج في هذا وقال: فالقول في هذا على هذا الوجه مشكل... ثم شرح وجه إشكاله. انظر: "الحجة" ١/ ١٩٨.
(٢) عبارة الزجاج: (.. كأنه لما تم الكلام فقيل: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ قيل: هو هدى) ١/ ٣٣.
(٣) في (ج): (قوله).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) عبارة الزجاج كما في المطبوع: (ويجوز أن يكون رفعه على قولك: (ذلك الكتاب لا ريب فيه) كأنك قلت: ذلك الكتاب حقا... إلخ) فلعل وجود (فيه) في المطبوع تصحيف. والله أعلم. انظر "المعاني" ١/ ٣٣.
(٦) (قيل) ساقط من (ب).
(٧) انتهى كلام الزجاج. أنظر "المعاني" ١/ ٣٣، وانظر "معاني القرآن" للفراء ص ٤٤، "تفسير الطبري" ١/ ٩٩، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٢٩ - ١٣٠، "المشكل" لمكي١/ ١٧، و"إملاء ما من به الرحمن" ١/ ١١.
(٨) (فيه) ساقط من (ب).
(٩) ذكره بمعناه أبو الليث ١/ ٩٠، وابن الجوزي في "زاد المسير" واستشهد بالبيت ١/ ٢٤.
(١٠) (كما) ساقط من (ب).
(٢) عبارة الزجاج: (.. كأنه لما تم الكلام فقيل: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ قيل: هو هدى) ١/ ٣٣.
(٣) في (ج): (قوله).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) عبارة الزجاج كما في المطبوع: (ويجوز أن يكون رفعه على قولك: (ذلك الكتاب لا ريب فيه) كأنك قلت: ذلك الكتاب حقا... إلخ) فلعل وجود (فيه) في المطبوع تصحيف. والله أعلم. انظر "المعاني" ١/ ٣٣.
(٦) (قيل) ساقط من (ب).
(٧) انتهى كلام الزجاج. أنظر "المعاني" ١/ ٣٣، وانظر "معاني القرآن" للفراء ص ٤٤، "تفسير الطبري" ١/ ٩٩، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٢٩ - ١٣٠، "المشكل" لمكي١/ ١٧، و"إملاء ما من به الرحمن" ١/ ١١.
(٨) (فيه) ساقط من (ب).
(٩) ذكره بمعناه أبو الليث ١/ ٩٠، وابن الجوزي في "زاد المسير" واستشهد بالبيت ١/ ٢٤.
(١٠) (كما) ساقط من (ب).
57
| ليس في الحق يا أُمَيمةَ (١) رَيْبٌ | إنَّما الرَّيْبُ ما يَقُول الكَذُوبُ (٢) |
٣ - قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ﴾.
قال الزجاج (٨): موضع ﴿الَّذِين﴾ جر، تبعا ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾، ويجوز أن يكون موضعه (٩) رفعا على المدح، كأنه لما قيل: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾، قيل: من هم؟ فقيك: هم ﴿الَّذِينَ﴾، ويجوز أن يكون موضعه نصبا على المدح، كأنه قيل: أذكر (١٠) الذين (١١).
(١) في (ب): (أمية).
(٢) البيت لعبد الله بن الزبعرى ورد في الماوردي ١/ ٦٧، رسالة دكتوراة "زاد المسير" ١/ ٢٤، والقرطبي١/ ١٣٨، "البحر المحيط" ١/ ٣٣، "الدر المصون" ١/ ٨٦.
(٣) أي فالاعتبار لمن كان معه من الأدلة ما لو تأمله المنصف المحق لم يرتب فيه، ولا
اعتبار لمن وجد منه الريب، لأنه لم ينظر حق النظر. "الفتوحات الإلهية" ١/ ١١.
(٤) في (ب): (الأمر).
(٥) في (ب): (لا يرتابوا).
(٦) في (ب) لفظ (ولا فسوق) مكرر.
(٧) ذكر هذا الكلام ابن الجوزي في "زاد المسير"، ونسبه للخليل، وابن الأنباري ١٠/ ٢٣، وقد أجاب الواحدي عن السؤال بجوابين، وهناك جواب ثالث: وهو أنه مخصوص والمعنى (لا ريب فيه عند المؤمنين)، والجواب الأول أحسنها. ذكر ذلك الجمل في "الفتوحات الإلهية" ١/ ١١.
(٨) "معاني القرآن" ١/ ٣٣.
(٩) في "معاني القرآن" (موضعهم) قال المحقق: وهو ناظر فيه إلى معنى الكلمة ١/ ٣٣.
(١٠) في (ب): (اذكروا) مكررة.
(١١) انتهى من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٣، ٣٤، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٣١، "الإملاء" للعكبري ١/ ١١.
(٢) البيت لعبد الله بن الزبعرى ورد في الماوردي ١/ ٦٧، رسالة دكتوراة "زاد المسير" ١/ ٢٤، والقرطبي١/ ١٣٨، "البحر المحيط" ١/ ٣٣، "الدر المصون" ١/ ٨٦.
(٣) أي فالاعتبار لمن كان معه من الأدلة ما لو تأمله المنصف المحق لم يرتب فيه، ولا
اعتبار لمن وجد منه الريب، لأنه لم ينظر حق النظر. "الفتوحات الإلهية" ١/ ١١.
(٤) في (ب): (الأمر).
(٥) في (ب): (لا يرتابوا).
(٦) في (ب) لفظ (ولا فسوق) مكرر.
(٧) ذكر هذا الكلام ابن الجوزي في "زاد المسير"، ونسبه للخليل، وابن الأنباري ١٠/ ٢٣، وقد أجاب الواحدي عن السؤال بجوابين، وهناك جواب ثالث: وهو أنه مخصوص والمعنى (لا ريب فيه عند المؤمنين)، والجواب الأول أحسنها. ذكر ذلك الجمل في "الفتوحات الإلهية" ١/ ١١.
(٨) "معاني القرآن" ١/ ٣٣.
(٩) في "معاني القرآن" (موضعهم) قال المحقق: وهو ناظر فيه إلى معنى الكلمة ١/ ٣٣.
(١٠) في (ب): (اذكروا) مكررة.
(١١) انتهى من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٣، ٣٤، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٣١، "الإملاء" للعكبري ١/ ١١.
58
وقوله تعالى: ﴿يُؤمِنوُنَ﴾ قال الأزهري: اتفق العلماء أن (الإيمان) معناه: التصديق، كقوله (١): ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾ [يوسف: ١٧]. أي: بمصدق.
ومعنى التصديق: هو اعتقاد السامع صدق (٢) المخبر فيما يخبر، وأصله في اللغة: الطمأنينة إلى الشيء، من قولهم: أمن يأمن أمنا، إذا اطمأن وزال (٣) الخوف عنه.
وآمنت فلانا، إذا جعلته يطمئن وتسكن نفسه. وآمن بالله ورسوله إذا صدقهما واثقا (٤) بذلك مطمئنا إليه.
ومعنى التصديق: هو اعتقاد السامع صدق (٢) المخبر فيما يخبر، وأصله في اللغة: الطمأنينة إلى الشيء، من قولهم: أمن يأمن أمنا، إذا اطمأن وزال (٣) الخوف عنه.
وآمنت فلانا، إذا جعلته يطمئن وتسكن نفسه. وآمن بالله ورسوله إذا صدقهما واثقا (٤) بذلك مطمئنا إليه.
(١) في "تهذيب اللغة": (اتفق العلياء من اللغويين وغيرهم أن الإيمان معناه: التصديق، وقال تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا﴾ "تهذيب اللغة" (أمن) ١/ ٢١٠. وقد اعترض بعض العلماء على دعوى الإجماع على أن الإيمان معناه في اللغة التصديق. قال ابن أبي العز في "شرح العقيدة الطحاوية": (وقد اعترض على استدلالهم بأن الإيمان في اللغة عبارة عن التصديق، بمنع الترادف بين التصديق والإيمان، وهب أنه يصح في موضع فلم قلتم إنه يوجب الترادف مطلقا؟) "شرح الطحاوية" ص ٣٢١. وقال ابن تيمية في معرض رده على من ادعى إجماع أهل اللغة على أن الإيمان معناه التصديق، قال: (... قوله إجماع أهل اللغة قاطبة على أن الإيمان قبل نزول القرآن هو التصديق، فيقال له: من نقل هذا الإجماع ومن أين يعلم هذا الإجماع؟ وفي أي كتاب ذكر هذا الإجماع؟...) ثم ذكر وجوها كثيرة في رد هذِه الدعوى. انظر كتاب الإيمان ضمن "مجموع الفتاوى" ٧/ ١٢٣ - ١٣٠. وعلى فرض أن معنى الإيمان في اللغة (التصديق) فإن الشارع استعمله في معنى اصطلاحي خاص، كما استعمل الصلاة والزكاة في معان شرعية خاصة زائدة على المعنى اللغوي. انظر. "مجموع الفتاوى" ٧/ ٢٩٨.
(٢) في (ب): (مع صدق).
(٣) في (ب): (وزوال).
(٤) في (ب): (واقي).
(٢) في (ب): (مع صدق).
(٣) في (ب): (وزوال).
(٤) في (ب): (واقي).
59
قال الأزهري: وإنما قلت: إن المؤمن معناه: المصدق، لأن الإيمان مآخوذ من الأمانة، والله يتولى علم السرائر ونية العقد (١)، وجعل تصديقه أمانة ائتمن كل من أسلم على (٢) تلك الأمانة، فمن (٣) صدق بقلبه فقد أدى الأمانة، ومن كان قلبه على خلاف ما يظهره بلسانه فقد خان، والله حسيبه.
وإنما قيل للمصدق: مؤمن، وقد آمن؛ لأنه دخل في أداء الأمانة التي ائتمنه الله عليها (٤).
وأنشد ابن الأنباري على أن (آمن) معناه: صدّق (٥) قول الشاعر:
معناه: من قبل آمنا محمدا، [أي صدقنا محمدا] (٧) فمحمدا منصوب بمعنى التصديق (٨).
قال أبو علي الفارسي (٩): ويجوز من حيث قياس اللغة، أن يكون (آمن) [صار ذا أمن] (١٠)، مثل: أجدب، وأعاه (١١)، أي: صار ذا عاهة في
وإنما قيل للمصدق: مؤمن، وقد آمن؛ لأنه دخل في أداء الأمانة التي ائتمنه الله عليها (٤).
وأنشد ابن الأنباري على أن (آمن) معناه: صدّق (٥) قول الشاعر:
| وَمِنْ قَبْلُ آمنَّا وَقَدْ كَانَ قَوْمُنَا | يُصلُون للأوْثَانِ قَبْلُ مُحَمَّدَا (٦) |
قال أبو علي الفارسي (٩): ويجوز من حيث قياس اللغة، أن يكون (آمن) [صار ذا أمن] (١٠)، مثل: أجدب، وأعاه (١١)، أي: صار ذا عاهة في
(١) في (ب): (العبد).
(٢) في (ب): (عن).
(٣) في (ب): (فقد).
(٤) نقل كلام الأزهري بمعناه، انظر "التهذيب" (أمن) ١/ ٢١١.
(٥) "تهذيب اللغة" (أمن) ١/ ٢١١، وانظر "الزاهر" ١/ ٢٠٣.
(٦) البيت أنشده ابن الأنباري في "الزاهر" بدون عزو ١/ ٢٠٣، وكذلك الأزهري في "التهذيب"، (أمن) ١/ ٢١٢، "اللسان" (أمن) ١/ ١٤٢.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب) و (ج).
(٨) انظر كلام ابن الأنباري في "الزاهر" ١/ ٢٠٢، ٢٠٣.
(٩) "الحجة" ١/ ٢٢٠.
(١٠) ما بين المعقوفين ساقط من (ب) وفي (ج) (ذا أمر).
(١١) في "الحجة": (أجرب، وأقطف، وأعاه) ١/ ٢٢٠.
(٢) في (ب): (عن).
(٣) في (ب): (فقد).
(٤) نقل كلام الأزهري بمعناه، انظر "التهذيب" (أمن) ١/ ٢١١.
(٥) "تهذيب اللغة" (أمن) ١/ ٢١١، وانظر "الزاهر" ١/ ٢٠٣.
(٦) البيت أنشده ابن الأنباري في "الزاهر" بدون عزو ١/ ٢٠٣، وكذلك الأزهري في "التهذيب"، (أمن) ١/ ٢١٢، "اللسان" (أمن) ١/ ١٤٢.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب) و (ج).
(٨) انظر كلام ابن الأنباري في "الزاهر" ١/ ٢٠٢، ٢٠٣.
(٩) "الحجة" ١/ ٢٢٠.
(١٠) ما بين المعقوفين ساقط من (ب) وفي (ج) (ذا أمر).
(١١) في "الحجة": (أجرب، وأقطف، وأعاه) ١/ ٢٢٠.
60
ماله، فكذلك (آمن) صار ذا (أمن) في نفسه وماله بإظهار الشهادتين، كقولهم: أسلم، أي: صار ذا سلم، وخرج عن أن يكون حربا مستحل المال والدم (١).
والقول في معنى الإيمان: ما قاله الأزهري (٢).
على أن أبا القاسم الزجاجي شرح معنى الإيمان بما هو أظهر مما ذكره الأزهري، وهو أنه قال (٣): معنى التصديق في الإيمان لا يعرف من طريق اللغة إلا بالاعتبار والنظر، لأن حقيقته ليست للتصديق، ألا ترى أنك إذا صدقت إنسانا فيما يخبرك به، لا تقول: آمنت به، لكنك إذا نظرت في موضوع (٤) هذه الكلمة وصرّفته حق التصريف، ظهر لك من باطنها معنى يرجع إلى التصديق (٥).
والقول في معنى الإيمان: ما قاله الأزهري (٢).
على أن أبا القاسم الزجاجي شرح معنى الإيمان بما هو أظهر مما ذكره الأزهري، وهو أنه قال (٣): معنى التصديق في الإيمان لا يعرف من طريق اللغة إلا بالاعتبار والنظر، لأن حقيقته ليست للتصديق، ألا ترى أنك إذا صدقت إنسانا فيما يخبرك به، لا تقول: آمنت به، لكنك إذا نظرت في موضوع (٤) هذه الكلمة وصرّفته حق التصريف، ظهر لك من باطنها معنى يرجع إلى التصديق (٥).
(١) انتهى ما نقله عن "الحجة" لأبي علي ١/ ٢٢٠، وانظر بقية كلام أبي علي ص ٢٢٦ حيث أفاد أن الإيمان بمعنى التصديق ليس على إطلاقه في كل موضع.
(٢) أي بمعنى التصديق، فإن أراد المعنى اللغوي، فقد سبق ذكر اعتراض بعض العلماء عليه، وإن أراد المعنى اللغوي والشرعي فهذا مردود، فإن معنى الإيمان عند السلف: تصديق القلب ونطق (اللسان)، وعمل الجوارح. ولو قلنا: إن الإيمان في اللغة التصديق، فإن الشارع استعمله في معنى أوسع من ذلك، كما استعمل الصلاة والزكاة وغيرها من المصطلحات الشرعية التي نقلت من معناها اللغوي إلى معنى شرعي خاص، أو أن الشارع لم ينقلها ولم يغيرها، ولكن استعملها مقيدة لا مطلقة.
انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" ص٣١٤ - ٣٣٢، "مجموع الفتاوى" ٧/ ١٧٠، ٢٨٧، ٢٩٨.
(٣) لم أجده فيما اطلعت عليه من كتب الزجاجي والله أعلم.
(٤) في (ب): (موضع).
(٥) إذا حقيقة الإيمان في أصلها ليست للتصديق فقط، وإن كان التصديق أحد معانيها، =
(٢) أي بمعنى التصديق، فإن أراد المعنى اللغوي، فقد سبق ذكر اعتراض بعض العلماء عليه، وإن أراد المعنى اللغوي والشرعي فهذا مردود، فإن معنى الإيمان عند السلف: تصديق القلب ونطق (اللسان)، وعمل الجوارح. ولو قلنا: إن الإيمان في اللغة التصديق، فإن الشارع استعمله في معنى أوسع من ذلك، كما استعمل الصلاة والزكاة وغيرها من المصطلحات الشرعية التي نقلت من معناها اللغوي إلى معنى شرعي خاص، أو أن الشارع لم ينقلها ولم يغيرها، ولكن استعملها مقيدة لا مطلقة.
انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" ص٣١٤ - ٣٣٢، "مجموع الفتاوى" ٧/ ١٧٠، ٢٨٧، ٢٩٨.
(٣) لم أجده فيما اطلعت عليه من كتب الزجاجي والله أعلم.
(٤) في (ب): (موضع).
(٥) إذا حقيقة الإيمان في أصلها ليست للتصديق فقط، وإن كان التصديق أحد معانيها، =
61
وذلك أن (آمن) أَفْعَل، من (أَمِنَ)، والواحد إذا قال: آمنت بالله. [فإن (آمنت) فعل متعد، ومعناه: آمنت نفسي، أي: جعلتها في أمان الله بتصديقي (١) إياه، لأن الأمن من عذاب الله لا يحصل إلا بتصديقه، فإذا صدقه فقد آمن نفسه (٢)، فصار التصديق إيمانا للعبد، وجاز أن يعبر عن الإيمان بالتصديق، لأن أحدهما سبب للآخر (٣).
و (الباء) في قولك: (آمنت بالله)] (٤) ليست (باء) التعدية، إنما هي (باء) الإلصاق التي يسميها (٥) النحويون (باء) الاستعانة (٦)، كما تقول: قطعت القلم بالسكين.
و (الباء) في قولك: (آمنت بالله)] (٤) ليست (باء) التعدية، إنما هي (باء) الإلصاق التي يسميها (٥) النحويون (باء) الاستعانة (٦)، كما تقول: قطعت القلم بالسكين.
= كما ذكر: أنك إذا صدقت إنسانا فيما يخبرك به لا تقول: آمنت، وبهذا استدل من قال. إن الإيمان والتصديق ليسا مترادفين على الإطلاق.
قال شارح الطحاوية: (ومما يدل على عدم الترادف، أنه يقال للمُخْبَر إذا صدَّق: صدقه، ولا يقال: آمنه، ولا آمن به، بل يقال: آمن له، كما قال تعالى: ﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ﴾ [العنكبوت: ٢٦]. ﴿فَمَآءَامَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِيَّهُ مِّن قَومِهِ عَلىَ خَوْفٍ﴾ [يونس: ٨٣]. وقال تعالى: ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ٦١] ففرق بين المعدى بالباء والمعدى باللام، فالأول يقال للمُخْبَر به، والثاني للمُخْبِر..) "شرح الطحاوية" ص٣٢١، وانظر: "مجموع الفتاوى" ٧/ ٢٩٠.
(١) في (ب): (تصديقي).
(٢) في (ب). (آمن من نفسه).
(٣) في (ب): (الآخر).
(٤) ما بين المعقوفين مكرر في (ب).
(٥) في (ب): (يسموها).
(٦) سماها شارح الطحاوية باء التعدية، لكن هناك فرق بين المعدى بالباء والمعدى باللام، فالمعدى بالباء للمخبر به، وباللام للمخبر. انظر: "شرح الطحاوية" ص ٣٢١، "مجموع الفتاوى" ٧/ ٢٨٨.
قال شارح الطحاوية: (ومما يدل على عدم الترادف، أنه يقال للمُخْبَر إذا صدَّق: صدقه، ولا يقال: آمنه، ولا آمن به، بل يقال: آمن له، كما قال تعالى: ﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ﴾ [العنكبوت: ٢٦]. ﴿فَمَآءَامَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِيَّهُ مِّن قَومِهِ عَلىَ خَوْفٍ﴾ [يونس: ٨٣]. وقال تعالى: ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ٦١] ففرق بين المعدى بالباء والمعدى باللام، فالأول يقال للمُخْبَر به، والثاني للمُخْبِر..) "شرح الطحاوية" ص٣٢١، وانظر: "مجموع الفتاوى" ٧/ ٢٩٠.
(١) في (ب): (تصديقي).
(٢) في (ب). (آمن من نفسه).
(٣) في (ب): (الآخر).
(٤) ما بين المعقوفين مكرر في (ب).
(٥) في (ب): (يسموها).
(٦) سماها شارح الطحاوية باء التعدية، لكن هناك فرق بين المعدى بالباء والمعدى باللام، فالمعدى بالباء للمخبر به، وباللام للمخبر. انظر: "شرح الطحاوية" ص ٣٢١، "مجموع الفتاوى" ٧/ ٢٨٨.
62
كذلك وقع إيمان النفس من العذاب بتصديق الله، وحذف المفعول من قولهم: (آمنت بالله) لدلالة المعنى عليه، كقولهم: حمل فلان على العدو، أي: سلاحه أو نفسه، هذا هو الأصل في الإيمان، ثم جعل الإيمان بمعنى التصديق في قوله: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾ [يوسف: ١٧] أي: بمصدق (١)، ولم يقل: (بنا) لأنه أريد ها هنا التصديق الخالص، لا إيمان بالنفس من العذاب، كما أريد ذلك في قولهم: (آمنت بالله)
وأما الفرق بين الإيمان والإسلام فسنذكره عند قوله: ﴿قُل لم تُؤمِنُواْ وَلَكن قُولُوا أسلمَنَا﴾ (٢) [الحجرات: ١٤] إن شاء الله.
وسمي أحدهما (٣) باسم الآخر (٤) مجازا وتوسعا، كقوله تعالى:
وأما الفرق بين الإيمان والإسلام فسنذكره عند قوله: ﴿قُل لم تُؤمِنُواْ وَلَكن قُولُوا أسلمَنَا﴾ (٢) [الحجرات: ١٤] إن شاء الله.
وسمي أحدهما (٣) باسم الآخر (٤) مجازا وتوسعا، كقوله تعالى:
(١) قال الفارسي: (وأما قوله: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾ فليس المعنى على: ما أنت بمصدق لنا ولو كنا صادقين عندك؛ لأن الأنبياء لا تكذب الصادقين، ولكن المعنى: ما أنت واثقا، ولا غير خائف الكذب في قولنا... فمؤمن هنا من آمن، أي صار ذا أمن أو صار ذا ثقة...). "الحجة" ١/ ٢٢٦، ٢٢٧، ونحو هذا قال ابن تيمية في الآية، إنها بمعنى:
(٢) في (ب): ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾.
(٣) أي: الإيمان والإسلام.
(٤) ذكره أبو علىِ الفارسي، انظر: "الحجة" ١/ ٢٢٠. قال ابن كثير -رادا على من قال ذلك- عند تفسير قوله تعالى: ﴿فأَخرَجنا مَن كاَنَ فِيهَا مِنَ المُؤمنِينَ (٣٥) فما وَجدنَا﴾ الآية قال: (احتج بهذِه من ذهب إلى رأي المعتزلة ممن لا يفرق بين مسمى الإيمان والإسلام، لأنه أطلق عليهم المؤمنين والمسلمين، وهذا الاستدلال ضعيف، لأن هؤلاء كانوا قوما مؤمنين، وعندنا أن كل مؤمن مسلم، ولا ينعكس، فاتفق الإسمان هاهنا لخصوصية الحال، ولا يلزم ذلك في كل حال)، "ابن كثير" ٤/ ٢٤٩٨. ط. دار الفكر.
| أي بمقر لنا ومصدق لنا، لأنهم أخبروه عن غائب | ). "الإيمان الأوسط" ص ٧١. |
(٣) أي: الإيمان والإسلام.
(٤) ذكره أبو علىِ الفارسي، انظر: "الحجة" ١/ ٢٢٠. قال ابن كثير -رادا على من قال ذلك- عند تفسير قوله تعالى: ﴿فأَخرَجنا مَن كاَنَ فِيهَا مِنَ المُؤمنِينَ (٣٥) فما وَجدنَا﴾ الآية قال: (احتج بهذِه من ذهب إلى رأي المعتزلة ممن لا يفرق بين مسمى الإيمان والإسلام، لأنه أطلق عليهم المؤمنين والمسلمين، وهذا الاستدلال ضعيف، لأن هؤلاء كانوا قوما مؤمنين، وعندنا أن كل مؤمن مسلم، ولا ينعكس، فاتفق الإسمان هاهنا لخصوصية الحال، ولا يلزم ذلك في كل حال)، "ابن كثير" ٤/ ٢٤٩٨. ط. دار الفكر.
63
﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَاَ﴾ الآية [الذاريات: ٣٥، ٣٦].
وفي بعض القراءات ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ [المنافقون: ٢] بكسر الألف (١)، بمعنى الشهادة باللسان (٢).
وفي قوله ﴿يُؤمِنُونَ﴾ قراءتان، تحقيق الهمزة وتليينها (٣).
فمن حقق، فحجته (٤): أن الألف في (آمن) لا تخلو إما أن تكون زائدة، أو منقلبة، فلا (٥) يجوز أن تكون زائدة، لأنها لو كانت كذلك لكان (فَاعَل) [ولو كان (فَاعَل)،] (٦) كان مضارعه (يُفَاعِل) فلما كان مضارعه (يؤمن) دل على أنها غير زائدة، فإذا لم تكن زائدة كانت منقلبة، ولا يخلو أنقلابها من أن يكون عن: (الواو) أو عن (الياء) أو عن (الهمزة)، ولا يجوز أن تكون منقلبة عن (الواو)، لأنها في موضع سكون، [وإذا كانت في موضع سكون] (٧) وجب تصحيحها، وبمثل هذه الدلالة لا يجوز انقلابها
وفي بعض القراءات ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ [المنافقون: ٢] بكسر الألف (١)، بمعنى الشهادة باللسان (٢).
وفي قوله ﴿يُؤمِنُونَ﴾ قراءتان، تحقيق الهمزة وتليينها (٣).
فمن حقق، فحجته (٤): أن الألف في (آمن) لا تخلو إما أن تكون زائدة، أو منقلبة، فلا (٥) يجوز أن تكون زائدة، لأنها لو كانت كذلك لكان (فَاعَل) [ولو كان (فَاعَل)،] (٦) كان مضارعه (يُفَاعِل) فلما كان مضارعه (يؤمن) دل على أنها غير زائدة، فإذا لم تكن زائدة كانت منقلبة، ولا يخلو أنقلابها من أن يكون عن: (الواو) أو عن (الياء) أو عن (الهمزة)، ولا يجوز أن تكون منقلبة عن (الواو)، لأنها في موضع سكون، [وإذا كانت في موضع سكون] (٧) وجب تصحيحها، وبمثل هذه الدلالة لا يجوز انقلابها
(١) قراءة الجمهور بالفتح، وبالكسر قراءة الحسن. انظر: "المحتسب" ٢/ ٣١٥، ٣٢٢، "البحر" ٨/ ٢٧١، "القراءات الشاذة" للقاضي ص ٧٢.
(٢) في (ب): (اللسان). انظر: "الحجة" ١/ ٢٢٢.
(٣) قرأ ورش عن نافع، وأبو عمرو (يومنون) بغير همز، وبقية السبعة يهمزون. انظر "الحجة" لأبي علي١/ ٢١٤، "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٨٤.
(٤) نقله عن "الحجة" لأبي علي، قال في "الحجة": (الإعراب: لا تخلو الألف في (آمن) من أن تكون زائدة، أو منقلبة، وليس في القسمة أن تكون أصلا. فلا يجوز أن تكون زائدة لأنها...) ١/ ٢٣٥.
(٥) في (ب): (ولا يجوز).
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) في (ب): (اللسان). انظر: "الحجة" ١/ ٢٢٢.
(٣) قرأ ورش عن نافع، وأبو عمرو (يومنون) بغير همز، وبقية السبعة يهمزون. انظر "الحجة" لأبي علي١/ ٢١٤، "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٨٤.
(٤) نقله عن "الحجة" لأبي علي، قال في "الحجة": (الإعراب: لا تخلو الألف في (آمن) من أن تكون زائدة، أو منقلبة، وليس في القسمة أن تكون أصلا. فلا يجوز أن تكون زائدة لأنها...) ١/ ٢٣٥.
(٥) في (ب): (ولا يجوز).
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
64
عن (الياء)، فإذا (١) لم يجز انقلابها عن (الواو) ولا عن (الياء) ثبت أنها منقلبة عن (الهمزة)، وإنما انقلبت عنها ألفا لوقوعها ساكنة بعد حرف مفتوح، كما أنها إذا خففت في: (بأس) و (رأس) (٢) و (فأس) انقلبت عنها ألفا لسكونها وانفتاح ما قبلها (٣)، كذلك قلبت في نحو: (آمن) و (آتى) (٤)، وفي الأسماء: نحو (آدر) (٥) و (آدم)، و (آخر) إلا أن الانقلاب هاهنا لزمها لاجتماع الهمزتين، والهمزتان إذا اجتمعتا في كلمة لزم الثانية منهما القلب بحسب الحركة التي قبلها إذا كانت ساكنة، نحو: (آمن) و (اوتمن) و (ايذن) (٦)، و (ايتنا) (٧).
فمن حقق (٨) (الهمز) في ﴿يؤمنون﴾ فلأنه إنما ترك (الهمز) من (أومن) لاجتماع الهمزتين، كما أن تركها في (آمن) كذلك (٩)، فلما زال اجتماعها مع سائر الحروف المضارعة سوى (١٠) الهمزة، رد (١١) الكلمة إلى
فمن حقق (٨) (الهمز) في ﴿يؤمنون﴾ فلأنه إنما ترك (الهمز) من (أومن) لاجتماع الهمزتين، كما أن تركها في (آمن) كذلك (٩)، فلما زال اجتماعها مع سائر الحروف المضارعة سوى (١٠) الهمزة، رد (١١) الكلمة إلى
(١) في (ب): (وإذا).
(٢) في (ج): (ووأس).
(٣) بنصه في "الحجة" ١/ ٢٣٥، وانظر "الكتاب" ٣/ ٥٤٣.
(٤) في جميع النسخ (ااتى) ورسمتها حسب ما في "الحجة" ١/ ٢٣٥.
(٥) الآدر: وهو المنتفخ الخصية. انظر: "اللسان" (أدر) ١/ ٤٤.
(٦) (ائذن) مكانها بياض في (ب).
(٧) انظر بقية كلام أبي علي في "الحجة" ١/ ٢٣٦، وما بعده نقله من موضع آخر ١/ ٢٣٨ حيث قال أبو علي: (أما حجة من قرأ (يؤمنون) بتحقيق الهمز، فلأنه إنما ترك الهمز في (أومن) لاجتماع الهمزتين...)، ١/ ٢٣٨، ٢٣٩.
(٨) في (ج): (خفف).
(٩) في (أ)، (ج): (لذلك) واخترت ما في ب، لأنه أصح وموافق ما في "الحجة" ١/ ٢٣٨.
(١٠) في (ب): (سرى).
(١١) في (ب): (ورد).
(٢) في (ج): (ووأس).
(٣) بنصه في "الحجة" ١/ ٢٣٥، وانظر "الكتاب" ٣/ ٥٤٣.
(٤) في جميع النسخ (ااتى) ورسمتها حسب ما في "الحجة" ١/ ٢٣٥.
(٥) الآدر: وهو المنتفخ الخصية. انظر: "اللسان" (أدر) ١/ ٤٤.
(٦) (ائذن) مكانها بياض في (ب).
(٧) انظر بقية كلام أبي علي في "الحجة" ١/ ٢٣٦، وما بعده نقله من موضع آخر ١/ ٢٣٨ حيث قال أبو علي: (أما حجة من قرأ (يؤمنون) بتحقيق الهمز، فلأنه إنما ترك الهمز في (أومن) لاجتماع الهمزتين...)، ١/ ٢٣٨، ٢٣٩.
(٨) في (ج): (خفف).
(٩) في (أ)، (ج): (لذلك) واخترت ما في ب، لأنه أصح وموافق ما في "الحجة" ١/ ٢٣٨.
(١٠) في (ب): (سرى).
(١١) في (ب): (ورد).
65
الأصل فهمز؛ لأن الهمز من (الأمن) و (الأمنة) فاء الفعل.
ومما (١) يقوي الهمزة (٢) أن من تركها إنما يقلبها (واوا) (٣) ساكنة وما قبلها متحرك بالضم، و (الواو) الساكنة إذا انضم ما قبلها فقد استجازوا قلبها (٤) همزة.
يدل (٥) على هذا، ما ذكره المازني عن الأخفش، قال (٦): كان أبو حية النميري يهمز كل واو ساكنة قبلها ضمة نحو: (مؤسى) (٧) وأشباهه.
وتقدير ذلك: أن الحركة لما كانت تلي الواو من (مؤسى) (٨) صارت كأنها عليها، والواو إذا تحركت بالضمة أبدل منها الهمزة.
وإذا جاز إبدال (الهمزة) من (الواو الساكنة) التي قبلها ضمة، واجتلابها وإن لم تكن من الكلمة، فالهمزة التي هي أصل في الكلمة أولى بالتحقيق، وأن لا يبدل منها الواو.
وحجة من لم يهمز (٩): أن هذه الهمزة قد لزمها البدل في مثالين من
ومما (١) يقوي الهمزة (٢) أن من تركها إنما يقلبها (واوا) (٣) ساكنة وما قبلها متحرك بالضم، و (الواو) الساكنة إذا انضم ما قبلها فقد استجازوا قلبها (٤) همزة.
يدل (٥) على هذا، ما ذكره المازني عن الأخفش، قال (٦): كان أبو حية النميري يهمز كل واو ساكنة قبلها ضمة نحو: (مؤسى) (٧) وأشباهه.
وتقدير ذلك: أن الحركة لما كانت تلي الواو من (مؤسى) (٨) صارت كأنها عليها، والواو إذا تحركت بالضمة أبدل منها الهمزة.
وإذا جاز إبدال (الهمزة) من (الواو الساكنة) التي قبلها ضمة، واجتلابها وإن لم تكن من الكلمة، فالهمزة التي هي أصل في الكلمة أولى بالتحقيق، وأن لا يبدل منها الواو.
وحجة من لم يهمز (٩): أن هذه الهمزة قد لزمها البدل في مثالين من
(١) في (ب): (وما).
(٢) في (ج): (أن الهمزة أن من تركها).
(٣) في (ب): (واو).
(٤) في (ب): (قبلها).
(٥) في (ب): (نيل).
(٦) في "الحجة": (قال محمد بن يزيد: أخبرني أبو عثمان، قال: أخبرني الأخفش قال: كان أبو حية النميري يهمز كل واو ساكنة قبلها ضمة وينشد:
لَحُبَّ المُؤقِدَانِ إلى مُؤْسَى
وتقدير ذلك أن الحركة... إلخ) ١/ ٢٣٩.
(٧) (موسى) غير مهموزة في جميع النسخ، وهمزتها كما في "الحجة" ١/ ١٣٩.
(٨) انظر التعليق السابق.
(٩) "الحجة" ١/ ٢٤٠.
(٢) في (ج): (أن الهمزة أن من تركها).
(٣) في (ب): (واو).
(٤) في (ب): (قبلها).
(٥) في (ب): (نيل).
(٦) في "الحجة": (قال محمد بن يزيد: أخبرني أبو عثمان، قال: أخبرني الأخفش قال: كان أبو حية النميري يهمز كل واو ساكنة قبلها ضمة وينشد:
لَحُبَّ المُؤقِدَانِ إلى مُؤْسَى
وتقدير ذلك أن الحركة... إلخ) ١/ ٢٣٩.
(٧) (موسى) غير مهموزة في جميع النسخ، وهمزتها كما في "الحجة" ١/ ١٣٩.
(٨) انظر التعليق السابق.
(٩) "الحجة" ١/ ٢٤٠.
66
الفعل المضارع والماضي، نحو (١): (آمن) و (أُومِنَ)، والمضارع نحو: (أُومِنُ) ولم يجز تحقيقها في هذه المواضع، وهذا القلب الذي يلزمنا (٢) في المثالين إعلال لها، والإعلال إذا لزم مثالا أتبع سائر الأمثلة العارية من موجب الإعلال كإعلالهم: (يقوم)، و (لقام)، و (يُكْرِم) (٣) من أجل (أُكْرِمُ) (٤) و (أَعِدُ) (لِيَعِد) (٥)، فوجب على هذا أن يختار (٦) ترك الهمزة في ﴿يؤمنون﴾، ليتبع قولهم ﴿يؤمنون﴾ في الإعلال المثالين الآخرين (٧)، لا على التخفيف القياسي (٨) نحو: (جونة) في (جؤنة) (٩)، و (بوس) في (بؤس) (١٠).
(١) في "الحجة" (فالماضي نحو:..) ١/ ٢٤٠.
(٢) في "الحجة" (يلزمها) ١/ ٢٤٠.
(٣) في (ب): (يلزم).
(٤) أصل (أُكْرِم) (أُؤكْرِمُ) مضارع (أَكْرَمَ)، ثم حذفت الهمزة في (أُؤَكْرِم) لاجتماع الهمزتين، ثم حملت الياء في (يُكرم) على الهمزة في (أكرم) فحذفت الهمزة معه مثل حذفها مع (أُكْرِم) ليتفق الباب. انظر "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٨٥.
(٥) لأن الواو في (يَعِد) حذفت لوقوعها بين ياء وكسرة، وحملت الهمزة في (أعد) على ذلك، وحذفت الواو معها حتى لا يختلف الباب. انظر: "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٨٥.
(٦) في (ج): (تختاريتك).
(٧) أي الإعلال في الماضي نحو (آمن)، والمضارع (أُومِنُ).
(٨) أي أن حذف الهمزة في (يؤمنون) إعلال لا تخفيف قياسي. والتخفيف القياسي ما ذكره سيبويه بقوله: (وإن كان ما قبلها مضموماً -أي الهمزة- فأردت أن تخفف، أبدلت مكانها واوا، وذلك قولك في (الجؤنة) و (البؤس) و (المؤمن): الجونة والبوس والمومن) "الكتاب" ٣/ ٥٤٣.
(٩) في (ب): (جونة). و (الجؤنة): سليلة مستديرة مغشاة بجلد، يستعملها العطار ظرفا للطيب. انظر: "تهذيب اللغة" (جون) ١/ ٦٨٩٣.
(١٠) إلى هنا انتهى ما نقله الواحدي عن "الحجة" ١/ ٢٤٠.
(٢) في "الحجة" (يلزمها) ١/ ٢٤٠.
(٣) في (ب): (يلزم).
(٤) أصل (أُكْرِم) (أُؤكْرِمُ) مضارع (أَكْرَمَ)، ثم حذفت الهمزة في (أُؤَكْرِم) لاجتماع الهمزتين، ثم حملت الياء في (يُكرم) على الهمزة في (أكرم) فحذفت الهمزة معه مثل حذفها مع (أُكْرِم) ليتفق الباب. انظر "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٨٥.
(٥) لأن الواو في (يَعِد) حذفت لوقوعها بين ياء وكسرة، وحملت الهمزة في (أعد) على ذلك، وحذفت الواو معها حتى لا يختلف الباب. انظر: "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٨٥.
(٦) في (ج): (تختاريتك).
(٧) أي الإعلال في الماضي نحو (آمن)، والمضارع (أُومِنُ).
(٨) أي أن حذف الهمزة في (يؤمنون) إعلال لا تخفيف قياسي. والتخفيف القياسي ما ذكره سيبويه بقوله: (وإن كان ما قبلها مضموماً -أي الهمزة- فأردت أن تخفف، أبدلت مكانها واوا، وذلك قولك في (الجؤنة) و (البؤس) و (المؤمن): الجونة والبوس والمومن) "الكتاب" ٣/ ٥٤٣.
(٩) في (ب): (جونة). و (الجؤنة): سليلة مستديرة مغشاة بجلد، يستعملها العطار ظرفا للطيب. انظر: "تهذيب اللغة" (جون) ١/ ٦٨٩٣.
(١٠) إلى هنا انتهى ما نقله الواحدي عن "الحجة" ١/ ٢٤٠.
67
وأيضًا فإن (١) حرف المضارعة المضموم صادف حرفا منقلبا ألف قبل أن يلحقه حرف المضارعة، فلما ولي المضموم من حرف المضارعة، انقلب ذلك الألف واوا، وأي (٢) مرضع للهمزة (٣) هاهنا.
وقوله تعالى: ﴿بِالْغَيْبِ﴾ (٤) الغيب: مصدر غاب يغيب غيبا، وكل (٥) ما غاب عنك فلم تشهده فهو غيب (٦)، قال الله تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ (٧) والعرب تسمى (٨) المطمئن من الأرض: الغيب (٩)، لأنه غاب عن الأبصار.
ومه قول لبيد:
وقوله تعالى: ﴿بِالْغَيْبِ﴾ (٤) الغيب: مصدر غاب يغيب غيبا، وكل (٥) ما غاب عنك فلم تشهده فهو غيب (٦)، قال الله تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ (٧) والعرب تسمى (٨) المطمئن من الأرض: الغيب (٩)، لأنه غاب عن الأبصار.
ومه قول لبيد:
| وَتَسمَّعَت رِزَّ الأَنِيس فرَاعَها | عَن ظَهْرِ (١٠) غَيْبٍ والأنيسُ سَقَامُها (١١) |
(١) في (ب) سقط وتصحيف فالنص فيها: (وأيضًا، قال في حرف المضارعة انقلب ذلك الألف صادق حرفاً).
(٢) (الواو) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): (للهمز).
(٤) في (ب): (الغيب) تصحيف.
(٥) في (ب): (وكلما)
(٦) انظر: " تفسير الطبري" ١/ ١٠٢، و"ابن عطية" ١/ ١٤٦، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٤٢.
(٧) هذا جزء من آية وردت في مواضع وهي: ٧٣ من الأنعام، و ٩٤ و ١٠٥ من التوبة و ٩ من الرعد، و ٩٢ من المؤمنون، و ٦ من السجدة و ٤٦ من الزمر، و ٢٢ من الحشر، و ٨ من الجمعة، و ١٨ من التغابن.
(٨) (تسمى) ساقط من (ج).
(٩) "تهذيب اللغة" (غاب) ٣/ ٢٦١٦.
(١٠) في (ج): (صهر).
(١١) البيت في "ديوان لبيد"، وروايتة: (وتوجست رز..) ويروى: (.. ركز الأنيس) =
(٢) (الواو) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): (للهمز).
(٤) في (ب): (الغيب) تصحيف.
(٥) في (ب): (وكلما)
(٦) انظر: " تفسير الطبري" ١/ ١٠٢، و"ابن عطية" ١/ ١٤٦، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٤٢.
(٧) هذا جزء من آية وردت في مواضع وهي: ٧٣ من الأنعام، و ٩٤ و ١٠٥ من التوبة و ٩ من الرعد، و ٩٢ من المؤمنون، و ٦ من السجدة و ٤٦ من الزمر، و ٢٢ من الحشر، و ٨ من الجمعة، و ١٨ من التغابن.
(٨) (تسمى) ساقط من (ج).
(٩) "تهذيب اللغة" (غاب) ٣/ ٢٦١٦.
(١٠) في (ج): (صهر).
(١١) البيت في "ديوان لبيد"، وروايتة: (وتوجست رز..) ويروى: (.. ركز الأنيس) =
68
قال شمر (١): وكل مكان لا يدرى ما فيه فهو غيب، وكذلك الموضع الذي لا يدرى ما وراءه وجمعه غيوب (٢)، ومنه قوله:
وقال أبو زيد: يقال: بدا غَيَّبَان العود، إذا بدت عروقه التي تغيبت في الأرض لحفر السيل (٥).
والمراد بالغيب المذكور هاهنا: ما غاب علمه (٦) وعن الحس
| وللفؤاد وجيب تحت أبهره | لدم (٣) الغلام وراء الغيب بالحجر (٤) |
والمراد بالغيب المذكور هاهنا: ما غاب علمه (٦) وعن الحس
= وهو يصف بقر الوحش، والرز والركز: الصوت الخفي، عن ظهر غيب: من وراء حجاب، وقوله: والأنيس سقامها: لأنهم يصيدونها فهم داؤها. انظر "شرح ديوان لبيد" ص ٣١١، وهو في "المخصص" لابن سيده ٢/ ١٣٧. بمثل رواية الديوان، وبدل (راعها) (رابها). وفي "البحر المحيط" ٦/ ١٩٨.
(١) هو شمر بن حمدويه الهروي، اللغوي الأديب، لقي أبا عبيدة، وابن الأعرابي، والأصمعي والفراء وغيرهم، ألف كتابا كبيرا في اللغة على حروف المعجم، وفقد بعده، توفي سنة خمس وخمسين ومائتين.
انظر: "إنباه الرواة" ٢/ ٧٧، "معجم الأدباء" ٣/ ٤١٠، "إشارة التعيين" ص١٤١.
(٢) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (غاب) ٣/ ٢٦٢١.
(٣) في (ب): (دم).
(٤) البيت لابن مقبل. (الوجيب): تحرك القلب تحت الأبهر، و (اللدم): الضرب، و (الغيب): ما كان بينك وبينه حجاب، يقول: إن للقلب صوتا يسمعه ولا يراه، كما يسمع صوت الحجر الذي يرمى به الصبي ولا يراه. ورد البيت في "تهذيب اللغة" (بهر) ١/ ٤٠١، "الصحاح" (بهر) ٢/ ٥٩٨، "معجم مقاييس اللغة" (لدم) ٥/ ٢٤٣، "الزاهر" ١/ ٣٩٨، ٥٥٢، "أساس البلاغة" (لدم) ٢/ ٣٣٨، و"اللسان" (بهر) ١/ ٣٧٠، (لدم) ٤/ ٣٢٥٥.
(٥) لم أجده في "نوادر أبي زيد"، وذكره الأزهري نحوه ولم ينسجه لأبي زيد. "تهذيب اللغة" (غاب) ٣/ ٢٦١٦.
(٦) في (ب): (محله).
(١) هو شمر بن حمدويه الهروي، اللغوي الأديب، لقي أبا عبيدة، وابن الأعرابي، والأصمعي والفراء وغيرهم، ألف كتابا كبيرا في اللغة على حروف المعجم، وفقد بعده، توفي سنة خمس وخمسين ومائتين.
انظر: "إنباه الرواة" ٢/ ٧٧، "معجم الأدباء" ٣/ ٤١٠، "إشارة التعيين" ص١٤١.
(٢) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (غاب) ٣/ ٢٦٢١.
(٣) في (ب): (دم).
(٤) البيت لابن مقبل. (الوجيب): تحرك القلب تحت الأبهر، و (اللدم): الضرب، و (الغيب): ما كان بينك وبينه حجاب، يقول: إن للقلب صوتا يسمعه ولا يراه، كما يسمع صوت الحجر الذي يرمى به الصبي ولا يراه. ورد البيت في "تهذيب اللغة" (بهر) ١/ ٤٠١، "الصحاح" (بهر) ٢/ ٥٩٨، "معجم مقاييس اللغة" (لدم) ٥/ ٢٤٣، "الزاهر" ١/ ٣٩٨، ٥٥٢، "أساس البلاغة" (لدم) ٢/ ٣٣٨، و"اللسان" (بهر) ١/ ٣٧٠، (لدم) ٤/ ٣٢٥٥.
(٥) لم أجده في "نوادر أبي زيد"، وذكره الأزهري نحوه ولم ينسجه لأبي زيد. "تهذيب اللغة" (غاب) ٣/ ٢٦١٦.
(٦) في (ب): (محله).
69
والضرورة (١) مما يدرك بالدليل (٢)،
ولذلك (٣) استوجبوا حسن الثناء بالإيمان بالغيب، لأنه تصديق بما أخبروا به مما لا يعلم حسا وضرورة، ويكون العلم به مكتسبا، فيدخل (٤) في جملة هذا ما أخبر عنه الرسول عليه السلام من أمر الجنة والنار والوعد وغير ذلك (٥).
قال أبو العالية في قوله: ﴿يُؤمِنوُنَ بِالغيَب﴾ قال: يؤمنون بالله (٦)، وملائكته وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وجنته، وناره، ولقائه (٧)، وبالبعث بعد (٨) الموت (٩).
وكأن هذا إجمال ما فصل في قوله: ﴿كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٨٥]
ولذلك (٣) استوجبوا حسن الثناء بالإيمان بالغيب، لأنه تصديق بما أخبروا به مما لا يعلم حسا وضرورة، ويكون العلم به مكتسبا، فيدخل (٤) في جملة هذا ما أخبر عنه الرسول عليه السلام من أمر الجنة والنار والوعد وغير ذلك (٥).
قال أبو العالية في قوله: ﴿يُؤمِنوُنَ بِالغيَب﴾ قال: يؤمنون بالله (٦)، وملائكته وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وجنته، وناره، ولقائه (٧)، وبالبعث بعد (٨) الموت (٩).
وكأن هذا إجمال ما فصل في قوله: ﴿كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٨٥]
(١) قال البيضاوي: والمراد به: الخفي الذي لا يدركه الحس، ولا يقتضيه بديهة العقل ١/ ٧.
(٢) الغيب قسمان. قسم لا دليل عليه وهو المعني بقوله: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام: ٥٩]، وقسم نص عليه دليل كوجود الخالق سبحانه، واليوم الآخر، وغير ذلك من أمور الغيب، وهو المراد هنا، أي: يستدلون عليه فيؤمنوا به. انظر البيضاوي ١/ ٧، والرازي ٢/ ٢٣.
(٣) في (ب): (وكذلك).
(٤) في (ج): (يدخل).
(٥) انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٥.
(٦) في (ب): (به).
(٧) (الواو) ساقطة من (ب).
(٨) في (ب): (هذا).
(٩) ذكره الثعلبي بسنده عن الربيع عن أبي العالية ١/ ٤٦ أ، وأخرجه ابن جرير عن الربيع بن أنس. قال شاكر: لعل ذكر: عن أبي العالية سقط من الإسناد من نسخ الطبري، لثبوته عند الناقلين عنه. الطبري ١/ ٢٣٧ (ط. شاكر)، وأخرجه ابن أبي حاتم في (تفسيره) ١/ ٣٦، وذكره ابن كثير ١/ ٤٤، "الدر" ١/ ٦٠.
(٢) الغيب قسمان. قسم لا دليل عليه وهو المعني بقوله: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام: ٥٩]، وقسم نص عليه دليل كوجود الخالق سبحانه، واليوم الآخر، وغير ذلك من أمور الغيب، وهو المراد هنا، أي: يستدلون عليه فيؤمنوا به. انظر البيضاوي ١/ ٧، والرازي ٢/ ٢٣.
(٣) في (ب): (وكذلك).
(٤) في (ج): (يدخل).
(٥) انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٥.
(٦) في (ب): (به).
(٧) (الواو) ساقطة من (ب).
(٨) في (ب): (هذا).
(٩) ذكره الثعلبي بسنده عن الربيع عن أبي العالية ١/ ٤٦ أ، وأخرجه ابن جرير عن الربيع بن أنس. قال شاكر: لعل ذكر: عن أبي العالية سقط من الإسناد من نسخ الطبري، لثبوته عند الناقلين عنه. الطبري ١/ ٢٣٧ (ط. شاكر)، وأخرجه ابن أبي حاتم في (تفسيره) ١/ ٣٦، وذكره ابن كثير ١/ ٤٤، "الدر" ١/ ٦٠.
70
وقال عطاء (١): من آمن بالله آمن بالغيب (٢).
وكذلك روى أبو العباس عن ابن الأعرابي (٣) في قوله: ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ قال (٤): يؤمنون بالله. قال (٥): والغيب- أيضًا- ما غاب عن العيون وإن كان محصلا في القلوب (٦).
قال أبو إسحاق: وكل ما غاب عنهم مما أخبرهم به النبي - ﷺ - فهو غيب. (٧). هذا طريق المفسرين في معنى (الغيب).
ولأهل المعاني فيه طريق آخر (٨)، وهو أن معنى قوله: ﴿يُؤِمنوُنَ
وكذلك روى أبو العباس عن ابن الأعرابي (٣) في قوله: ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ قال (٤): يؤمنون بالله. قال (٥): والغيب- أيضًا- ما غاب عن العيون وإن كان محصلا في القلوب (٦).
قال أبو إسحاق: وكل ما غاب عنهم مما أخبرهم به النبي - ﷺ - فهو غيب. (٧). هذا طريق المفسرين في معنى (الغيب).
ولأهل المعاني فيه طريق آخر (٨)، وهو أن معنى قوله: ﴿يُؤِمنوُنَ
(١) هو عطاء بن أبي رباح، المكي، القرشي مولاهم، روى عن عدد من الصحابة، كان ثقة فقيهًا عالمًا، توفي سنة أربع عشرة ومائة من الهجرة. انظر ترجمته في "طبقات ابن سعد" ٥/ ٤٦٧، "سير أعلام النبلاء" ٥/ ٧٨، "تهذيب التهذيب" ٣/ ١٠١.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح، قال المحقق: رجال إسناده ثقات ابنِ أبي حاتم ١/ ١٧٨ (رسالة دكتوراه). وأخرجه الثعلبي بسنده عن عطاء قال: {الًذِين يُؤمنوُنَ بِالغيبِ﴾ قال: هو الله عز وجل من آمن بالله فقد آمن بالغيب. الثعلبي في ١/ ٤٦ ب، وذكره ابن كثير ١/ ١٨١.
(٣) هو محمد بن زياد الأعرابي، مولى العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، كان راوية للأشعار نحويا، كثير الحفظ، توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. انظر ترجمته في: "طبقات النحويين واللغويين" ص ١٩٥، "إنباه الرواة" ٣/ ١٢٨، "نزهة الألباء" ص ١١٩.
(٤) في (ب): (ملا).
(٥) (قال) ساقط من (ب).
(٦) "تهذيب اللغة" (غاب) ٣/ ٢٦١٦.
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٥.
(٨) ما ذكره قال به عدد من المفسرين، ولم أجد أحدا من أهل المعاني فيما اطلعت عليه قال به، بل كلام الزجاج السابق بخلافه وهو أحد أهل المعاني، فلا وجه لتخصيص أهل المعاني بالذكر.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح، قال المحقق: رجال إسناده ثقات ابنِ أبي حاتم ١/ ١٧٨ (رسالة دكتوراه). وأخرجه الثعلبي بسنده عن عطاء قال: {الًذِين يُؤمنوُنَ بِالغيبِ﴾ قال: هو الله عز وجل من آمن بالله فقد آمن بالغيب. الثعلبي في ١/ ٤٦ ب، وذكره ابن كثير ١/ ١٨١.
(٣) هو محمد بن زياد الأعرابي، مولى العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، كان راوية للأشعار نحويا، كثير الحفظ، توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. انظر ترجمته في: "طبقات النحويين واللغويين" ص ١٩٥، "إنباه الرواة" ٣/ ١٢٨، "نزهة الألباء" ص ١١٩.
(٤) في (ب): (ملا).
(٥) (قال) ساقط من (ب).
(٦) "تهذيب اللغة" (غاب) ٣/ ٢٦١٦.
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٥.
(٨) ما ذكره قال به عدد من المفسرين، ولم أجد أحدا من أهل المعاني فيما اطلعت عليه قال به، بل كلام الزجاج السابق بخلافه وهو أحد أهل المعاني، فلا وجه لتخصيص أهل المعاني بالذكر.
71
بِالغَيْبِ} أي: يؤمنون إذا غابوا عنكم، ولم يكونوا كالمنافقين (١) الذين يقولون إذا خلوا إلى شياطينهم: ﴿إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ [البقرة: ١٤]، ويقوي هذا الوجه قوله: ﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ﴾ [الملك: ١٢]، وقوله: ﴿من خشي الرحمن بالغيب﴾ [ق: ٣٣]، والجار والمجرور هاهنا في موضع (الحال)، أي: يؤمنون غائبين عن مراءاة الناس، لا يريدون بإيمانهم تصنعا لأحد.
وقوله تعالى: ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾:
أي: يديمونها (٢)، ويحافظون عليها، ويقال: قام الشيء إذا دام وثبت، وأقامه إذا أدامه (٣)، والذي يدل على أن قيام الشيء إنما يعنى به دوامه وثباته (٤) ما أنشده أبو زيد:
والراكد: الدائم الثابت (٦)، ومن ثم قيل: ماء راكد، وماء دائم.
وقوله تعالى: ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾:
أي: يديمونها (٢)، ويحافظون عليها، ويقال: قام الشيء إذا دام وثبت، وأقامه إذا أدامه (٣)، والذي يدل على أن قيام الشيء إنما يعنى به دوامه وثباته (٤) ما أنشده أبو زيد:
| إنِّي إذَا لم يُنْدِ حَلْقاً رِيقُه | وَرَكَدَ السَّبُّ فَقَامَتْ سُوقُهْ (٥) |
(١) ذكره ابن عطية ١/ ١٤٥، والزمخشري في "الكشاف" ١/ ١٢٨، والرازي ٢/ ٢٧، وابن كثير ١/ ٤٤، والبيضاوي ١/ ٧.
(٢) أنظر: "تفسير أبي الليث" قال: يقيمون الصلاة يحافظون على الصلوات، وقد قيل: معنى يقيمون أي: يديمون الصلاة، ١/ ٩٨٠. وذكره ابن الجوزي وعزاه لابن كيسان، "زاد المسير" ١/ ٢٥.
(٣) في (ب): (دام).
(٤) انظر. "التهذيب" (قام) ٣/ ٢٨٦٤، "اللسان" (قوم) ٦/ ٣٧٨٢.
(٥) أبيات من الرجز أنشدها أبو زيد في "النوادر" مع أبيات أخرى ولم يعزها، "النوادر" ص ١٦٩، وذكر ابن الأنباري في "المذكر والمؤنث" البيت الثاني (وركد السب.. إلخ) مع بيت آخر ص٣٥٥، وكذا ورد البيت الثاني في "المخصص" ١٧/ ٢١.
(٦) في "غريب الحديث" لأبي عبيد: الدائم الراكد الساكن، ١/ ١٣٧، وانظر: "تهذيب اللغة" (دام) ٢/ ١١٣٤، (الزاهر) ٢/ ٣٧٢.
(٢) أنظر: "تفسير أبي الليث" قال: يقيمون الصلاة يحافظون على الصلوات، وقد قيل: معنى يقيمون أي: يديمون الصلاة، ١/ ٩٨٠. وذكره ابن الجوزي وعزاه لابن كيسان، "زاد المسير" ١/ ٢٥.
(٣) في (ب): (دام).
(٤) انظر. "التهذيب" (قام) ٣/ ٢٨٦٤، "اللسان" (قوم) ٦/ ٣٧٨٢.
(٥) أبيات من الرجز أنشدها أبو زيد في "النوادر" مع أبيات أخرى ولم يعزها، "النوادر" ص ١٦٩، وذكر ابن الأنباري في "المذكر والمؤنث" البيت الثاني (وركد السب.. إلخ) مع بيت آخر ص٣٥٥، وكذا ورد البيت الثاني في "المخصص" ١٧/ ٢١.
(٦) في "غريب الحديث" لأبي عبيد: الدائم الراكد الساكن، ١/ ١٣٧، وانظر: "تهذيب اللغة" (دام) ٢/ ١١٣٤، (الزاهر) ٢/ ٣٧٢.
72
ومن هذا يقال: أقام القوم سوقهم إذا أداموها وواظبوا (١) عليها (٢).
قال أبو علي الفارسي: وهذا التفسير أشبه من أن يفسر بـ (يتمونها) (٣). وأما (الصلاة) فمعناها في اللغة: الدعاء (٤)، ومنه الحديث: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليصل" (٥) قال أبو عبيد: قوله: "فليصل" أي: فليدع له بالبركة والخير، وكل داع فهو مصل (٦).
قال الأعشى:
قال أبو علي الفارسي: وهذا التفسير أشبه من أن يفسر بـ (يتمونها) (٣). وأما (الصلاة) فمعناها في اللغة: الدعاء (٤)، ومنه الحديث: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليصل" (٥) قال أبو عبيد: قوله: "فليصل" أي: فليدع له بالبركة والخير، وكل داع فهو مصل (٦).
قال الأعشى:
(١) في (ب): (ووضبوا).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٠٤.
(٣) وبهذا أخذ الزجاج حيث قال: معناه يتمون الصلاة، كما قال: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦]. "المعاني" ١/ ٣٥. وقال ابن جرير: إقامتها. أداؤها بحدودها وفروضها والواجب فيها، على ما فرضت عليهم ١/ ١٠٤، وانظر ابن كثير ١/ ٤٥.
(٤) أنظر: الطبري ١/ ١٠٤، "تهذيب اللغة" (صلى) ٢/ ٢٠٤٩.
(٥) الحديث أخرجه مسلم عن أبي هريرة (١٤٣١٢) في كتاب النكاح، باب: الأمر بإجابة الدعوة دون قوله (إلى طعام)، وأبو داود بمثل رواية مسلم (٢٤٦٠) في كتاب الصوم، باب. في الصائم يدعى إلى وليمة، وأخرج (٣٧٣٦) في كتاب الأطعمة، باب: ما جاء في إجابة الدعوة، نحوه عن ابن عمر.
وأخرجه الترمذي (٧٩٨٠) في كتاب الصيام، باب: ما جاء في إجابة الدعوة دون قوله: (فإن كان مفطرا فليطعم) في لفظه (إلى طعام)، وأحمد في "مسنده" ٢/ ٥٠٧، ٢/ ٤٨٩ دون قوله (فإن كان مفطرا فليطعم).
(٦) في "غريب الحديث": (قال: قوله: فليصل... قال أبو عبيد: كل داع فهو مصل) في الهامش: قالا: أي ابن علية ويزيد. أنظر "غريب الحديث" لأبي عبيد ١/ ١١٠. فالكلام الأول نقله أبو عبيد، والمؤلف هنا نقل من الأزهري وتابعه في نسبة النص لأبي عبيد، "التهذيب" (صلى) ٢/ ٢٠٤٩.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٠٤.
(٣) وبهذا أخذ الزجاج حيث قال: معناه يتمون الصلاة، كما قال: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦]. "المعاني" ١/ ٣٥. وقال ابن جرير: إقامتها. أداؤها بحدودها وفروضها والواجب فيها، على ما فرضت عليهم ١/ ١٠٤، وانظر ابن كثير ١/ ٤٥.
(٤) أنظر: الطبري ١/ ١٠٤، "تهذيب اللغة" (صلى) ٢/ ٢٠٤٩.
(٥) الحديث أخرجه مسلم عن أبي هريرة (١٤٣١٢) في كتاب النكاح، باب: الأمر بإجابة الدعوة دون قوله (إلى طعام)، وأبو داود بمثل رواية مسلم (٢٤٦٠) في كتاب الصوم، باب. في الصائم يدعى إلى وليمة، وأخرج (٣٧٣٦) في كتاب الأطعمة، باب: ما جاء في إجابة الدعوة، نحوه عن ابن عمر.
وأخرجه الترمذي (٧٩٨٠) في كتاب الصيام، باب: ما جاء في إجابة الدعوة دون قوله: (فإن كان مفطرا فليطعم) في لفظه (إلى طعام)، وأحمد في "مسنده" ٢/ ٥٠٧، ٢/ ٤٨٩ دون قوله (فإن كان مفطرا فليطعم).
(٦) في "غريب الحديث": (قال: قوله: فليصل... قال أبو عبيد: كل داع فهو مصل) في الهامش: قالا: أي ابن علية ويزيد. أنظر "غريب الحديث" لأبي عبيد ١/ ١١٠. فالكلام الأول نقله أبو عبيد، والمؤلف هنا نقل من الأزهري وتابعه في نسبة النص لأبي عبيد، "التهذيب" (صلى) ٢/ ٢٠٤٩.
73
| عَلَيْكِ مثل الذي صَلَّيْتِ فَاغْتَمِضي | نَومًا (١) فإنَّ لِجَنْبِ المرءِ مُضْطَجعا (٢) |
وصَلَّى عَلى دَنِّهَا وارْتَسَمْ (٣)
قال: دعا لها أن لا تحمض ولا تفسد (٤).
هذا معنى الصلاة في اللغة، ثم ضمت إليها هيئات وأركان سميت بمجموعها صلاة، هذا مذهب الأكثرين.
وقال الزجاج (٥): الأصل في الصلاة اللزوم، يقال: قد صلى
(١) في (ب): (يوما) وهي رواية للبيت.
(٢) البيت في "ديوان الأعشى" ص ١٠٦، وهو من قصيدة يمدح بها (هوذة بن علي الحنفي) ويروى: (يوما) بدل (نوما) ذكره أبو عبيدة في "المجاز"، وقال: فمن رفع (مثل) جعله. عليك مثل الذي قلت لي ودعوت لي به، ومن نصبه جعله. أمرا، يقول: عليك بالترحم والدعاء لي، وذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢١٤، وابن الأنباري في "الزاهر" ١/ ١٣٩، وأبو بكر بن عزيز في "معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن" ٢/ ٥٣٩ رسالة ماجستير، وأبو عبيد في "غريب الحديث" ١/ ١١١، والأزهري في "التهذيب" (صلى) ٢/ ٢٠٤٩، وورد في "الدر المصون" ١/ ٩٢ و"القرطبي" ١/ ١٤٦، و"ابن كثير" ١/ ٤٦، "البحر المحيط" ١/ ٣٨.
(٣) البيت للأعشى من قصيدة يمدح به قيس بن معد يكرب، وصدره:
قابلها الريح في دنها
يصف الخمر، صلى: دعا، ارتسم: كبَّر ودعا وتعوَّذ مخافة أن يجدها فسدت، فتبور تجارته. انظر: "ديوان الأعشى" ص ١٩٦، "غريب الحديث" لأبي عبيد ١/ ١١١ والطبري ١/ ١٠٤، "تهذيب اللغة" (صلى) ٢/ ٢٠٤٩، وابن كثير ١/ ٤٦.
(٤) "تهذيب اللغة" (صلى) ٢/ ٢٠٤٩.
(٥) "معاني القرآن" ١/ ٢١٥.
(٢) البيت في "ديوان الأعشى" ص ١٠٦، وهو من قصيدة يمدح بها (هوذة بن علي الحنفي) ويروى: (يوما) بدل (نوما) ذكره أبو عبيدة في "المجاز"، وقال: فمن رفع (مثل) جعله. عليك مثل الذي قلت لي ودعوت لي به، ومن نصبه جعله. أمرا، يقول: عليك بالترحم والدعاء لي، وذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢١٤، وابن الأنباري في "الزاهر" ١/ ١٣٩، وأبو بكر بن عزيز في "معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن" ٢/ ٥٣٩ رسالة ماجستير، وأبو عبيد في "غريب الحديث" ١/ ١١١، والأزهري في "التهذيب" (صلى) ٢/ ٢٠٤٩، وورد في "الدر المصون" ١/ ٩٢ و"القرطبي" ١/ ١٤٦، و"ابن كثير" ١/ ٤٦، "البحر المحيط" ١/ ٣٨.
(٣) البيت للأعشى من قصيدة يمدح به قيس بن معد يكرب، وصدره:
قابلها الريح في دنها
يصف الخمر، صلى: دعا، ارتسم: كبَّر ودعا وتعوَّذ مخافة أن يجدها فسدت، فتبور تجارته. انظر: "ديوان الأعشى" ص ١٩٦، "غريب الحديث" لأبي عبيد ١/ ١١١ والطبري ١/ ١٠٤، "تهذيب اللغة" (صلى) ٢/ ٢٠٤٩، وابن كثير ١/ ٤٦.
(٤) "تهذيب اللغة" (صلى) ٢/ ٢٠٤٩.
(٥) "معاني القرآن" ١/ ٢١٥.
74
واصطلى (١): إذا لزم، ومن هذا من يصلى في النار أي: يلزم، قال: والقول عندي هذا؛ لأن الصلاة من أعظم الفرض الذي أمر بلزومه، وألزم ما أمر به من العبادات (٢).
ومن اختار هذه الطريقة (٣) قال: معنى قولهم للداعي إذا دعا: (صلى) معناه: أنه لزم الدعاء لشدة حاجته إلى الإجابة.
و (الصَّلَوَان) من الفرس، العظمان اللذان في العجز (٤)، والواحد: (صلا)، سميا للزوم كل واحد منهما الآخر (٥)، والمُصَلِّي: الذي يأتي في أثر السابق من هذا، لأنه يأتي ورأسه مع ذلك المكان من السابق (٦)، ومنه حديث علي - رضي الله عنه -: (سبق رسول الله - ﷺ - وصلى أبو بكر) (٧).
وقوله تعالى: ﴿وَمِمَّا رزَقنَهُم﴾. يقال: رَزَق الله الخلق رَزْقا ورِزْقا،
ومن اختار هذه الطريقة (٣) قال: معنى قولهم للداعي إذا دعا: (صلى) معناه: أنه لزم الدعاء لشدة حاجته إلى الإجابة.
و (الصَّلَوَان) من الفرس، العظمان اللذان في العجز (٤)، والواحد: (صلا)، سميا للزوم كل واحد منهما الآخر (٥)، والمُصَلِّي: الذي يأتي في أثر السابق من هذا، لأنه يأتي ورأسه مع ذلك المكان من السابق (٦)، ومنه حديث علي - رضي الله عنه -: (سبق رسول الله - ﷺ - وصلى أبو بكر) (٧).
وقوله تعالى: ﴿وَمِمَّا رزَقنَهُم﴾. يقال: رَزَق الله الخلق رَزْقا ورِزْقا،
(١) في (أ) و (ج): (واصطلا) وفي (المعاني) (يقال: صلى وأصلى واصطلى...) ١/ ٢١٥، ونص المؤلف في "التهذيب" فلعله نقل منه، ٢/ ٢٠٤٩.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج، دون قوله: (وألزم ما أمرت به من العبادات) ١/ ٢١٥، وذكره في "تهذيب اللغة" ٢/ ٢٠٤٩.
(٣) أي: أن الصلاة بمعنى اللزوم.
(٤) انظر. "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٥، "تهذيب اللغة" (صلى) ٢/ ٢٠٤٩، "مجمل اللغة" (صلى) ٢/ ٥٣٨.
(٥) في (ب): (للآخر).
(٦) المراجع السابقة.
(٧) أخرجه أحمد في "المسند": (عن علي -رضي الله عنه- قال: سبق رسول الله - ﷺ - وصلى أبو بكر وثلث عمر، ثم خبطتنا فتنة بعدهم يصنع الله فيها ما يشاء) "المسند" ١/ ١١٢، ١٢٤، ١٣٢، ١٤٧. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" ٦/ ١٣٠، وذكره أبو عبيد في "غريب الحديث" ٢/ ١٤٢، والأزهري في "تهذيب اللغة" (صلى) ٢/ ٢٠٥٠.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج، دون قوله: (وألزم ما أمرت به من العبادات) ١/ ٢١٥، وذكره في "تهذيب اللغة" ٢/ ٢٠٤٩.
(٣) أي: أن الصلاة بمعنى اللزوم.
(٤) انظر. "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٥، "تهذيب اللغة" (صلى) ٢/ ٢٠٤٩، "مجمل اللغة" (صلى) ٢/ ٥٣٨.
(٥) في (ب): (للآخر).
(٦) المراجع السابقة.
(٧) أخرجه أحمد في "المسند": (عن علي -رضي الله عنه- قال: سبق رسول الله - ﷺ - وصلى أبو بكر وثلث عمر، ثم خبطتنا فتنة بعدهم يصنع الله فيها ما يشاء) "المسند" ١/ ١١٢، ١٢٤، ١٣٢، ١٤٧. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" ٦/ ١٣٠، وذكره أبو عبيد في "غريب الحديث" ٢/ ١٤٢، والأزهري في "تهذيب اللغة" (صلى) ٢/ ٢٠٥٠.
75
فالرَّزْقُ بالفتح: هو المصدر الحقيقي، والرِّزْق: الاسم، ويجوز أن يوضع موضع المصدر (١)، وكل ما انتفع به العبد هو رزقه، من مال وولد وغيره.
وقوله تعالى: ﴿يُنفِقُونَ﴾ معنى الإنفاق في اللغة: إخراج المال من اليد. ومن هذا يقال: نفق المبيع إذا كثر مشتروه، فخرج عن يد البائع، ونفقت الدابة إذا خرجت روحها (٢)، والنفق (٣) سرب له مخلص إلى مكان آخر يخرج منه (٤)، والنافقاء من جحرة اليربوع: وهو الذي يخرج منه إذا أخذ من جهة أخرى، ومنه المنافق، لخروجه عن الإيمان بما ينطوي عليه من الكفر (٥).
والمراد بالإنفاق هاهنا: إنفاق فيما يكون طاعة فرضا أو نفلا؛ لأن الله تعالى مدحهم بهذا الإنفاق (٦).
٤ - قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾. قال مجاهد: الآيات الأربع من أول هذه السورة نزلت في جميع المؤمنين (٧) سواء كانوا من العرب، أو من أهل الكتاب.
وقوله تعالى: ﴿يُنفِقُونَ﴾ معنى الإنفاق في اللغة: إخراج المال من اليد. ومن هذا يقال: نفق المبيع إذا كثر مشتروه، فخرج عن يد البائع، ونفقت الدابة إذا خرجت روحها (٢)، والنفق (٣) سرب له مخلص إلى مكان آخر يخرج منه (٤)، والنافقاء من جحرة اليربوع: وهو الذي يخرج منه إذا أخذ من جهة أخرى، ومنه المنافق، لخروجه عن الإيمان بما ينطوي عليه من الكفر (٥).
والمراد بالإنفاق هاهنا: إنفاق فيما يكون طاعة فرضا أو نفلا؛ لأن الله تعالى مدحهم بهذا الإنفاق (٦).
٤ - قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾. قال مجاهد: الآيات الأربع من أول هذه السورة نزلت في جميع المؤمنين (٧) سواء كانوا من العرب، أو من أهل الكتاب.
(١) "تهذيب اللغة" (رزق) ٢/ ١٤٠١.
(٢) ذكره الثعلبي ١/ ٤٧ أ، ب. وانظر. "تهذيب اللغة" (نفق) ٤/ ٣٦٣٤.
(٣) في (ب): (النعفق).
(٤) في (ب): (منه إذا)، وعند الثعلبي (يخرج إليه) ١/ ٤٧ ب، وهو في "التهذيب" دون قوله: (يخرج منه نفق) ٤/ ٣٦٣٥.
(٥) انظر: "التهذيب" (نفق) ٤/ ٣٦٣٥.
(٦) ذكر الطبري نحوه، ١/ ١٠٥.
(٧) الأثر عن مجاهد أخرجه الطبري ١/ ١٠٣، وذكره الثعلبي ١/ ٤٧ب، وابن كثير، وقال: قاله مجاهد، وأبو العالية، والربيع بن أنس، وقتادة ١/ ٤٦.
(٢) ذكره الثعلبي ١/ ٤٧ أ، ب. وانظر. "تهذيب اللغة" (نفق) ٤/ ٣٦٣٤.
(٣) في (ب): (النعفق).
(٤) في (ب): (منه إذا)، وعند الثعلبي (يخرج إليه) ١/ ٤٧ ب، وهو في "التهذيب" دون قوله: (يخرج منه نفق) ٤/ ٣٦٣٥.
(٥) انظر: "التهذيب" (نفق) ٤/ ٣٦٣٥.
(٦) ذكر الطبري نحوه، ١/ ١٠٥.
(٧) الأثر عن مجاهد أخرجه الطبري ١/ ١٠٣، وذكره الثعلبي ١/ ٤٧ب، وابن كثير، وقال: قاله مجاهد، وأبو العالية، والربيع بن أنس، وقتادة ١/ ٤٦.
76
فعلى هذا القول (الواو) في قوله ﴿وَالَّذِينَ﴾ لتعديد صفاتهم، فهو عطف صفة على صفة، والموصوف واحد (١)، كما قال:
ولم يرد إلا شخصا واحدا.
وقال ابن عباس في رواية أبي صالح، وابن مسعود في رواية مرة (٤): (إن آيتين من أول السورة نزلتا في مؤمني العرب، والآيتان بعدهما نزلتا في مؤمني أهل الكتاب)، لأنه لم يكن للعرب كتاب كانوا مؤمنين به قبل محمد
| إلى الملكِ القَرْم وابنِ (٢) الهُمام | وليثِ الكتيبةِ في المُزْدحَمْ (٣) |
وقال ابن عباس في رواية أبي صالح، وابن مسعود في رواية مرة (٤): (إن آيتين من أول السورة نزلتا في مؤمني العرب، والآيتان بعدهما نزلتا في مؤمني أهل الكتاب)، لأنه لم يكن للعرب كتاب كانوا مؤمنين به قبل محمد
(١) انظر: "الطبري" ١/ ١٠٧، و"ابن كثير" ١/ ٤٦، "الكشاف" ١/ ١٣٣، ١٣٥.
(٢) في (ج): (بن).
(٣) البيت غير منسوب في "معاني القرآن" للفراء١/ ١٠٥، و"الثعلبي" ١/ ٧٣ أ، "الكشاف" ١/ ١٣٣، و"القرطبي" ١/ ٣٢٨، وابن كثير ١/ ٤٦، "خزانة الأدب" ١/ ٤٥١، ٥/ ١٠٧، ٦/ ٩١، "البحر" ١/ ٢٠٢، "الدر المصون" ١/ ٩٧.
القرم: الفحل المكرم الذي لا يحمل عليه، ويسمى السيد من الناس قرما، والهُمام: من أسماء الملوك، لعظم همتهم، أو لأنه إذا هم بأمر فعله، والكتيبة. الجيش، المزدحم. المعركة، لأنها موضع المزاحمة والمدافعة.
(٤) ذكره ابن جرير بسنده من طريق السدي عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي - ﷺ - ١/ ١٠٥ - ١٠٦، وانظر ابن كثير ١/ ٤٦. وأبو صالح هو مولى أم هانئ بنت أبي طالب، اسمه (باذان) تابعي وثقه أكثرهم. انظر ترجمته في "الجرح والتعديل" ٢/ ٤٣١، "تهذيب التهذيب" ١/ ٢١١. ومُرَّة هو مُرَّة بن شراحيل الهمداني الكوفي، من كبار التابعين ثقة. انظر ترجمته في "الجرح والتعديل" ٨/ ٣٦٦، "تهذيب التهذيب" ٤/ ٤٨. وقد تكلم أحمد شاكر كلامًا جيدًا وأطال حول هذا الإسناد في حاشية الطبري ١/ ١٥٦ - ١٥٩ (ط. شاكر). أفاد فيه أن للسدي كتابا في التفسير جمع فيه مفرق =
(٢) في (ج): (بن).
(٣) البيت غير منسوب في "معاني القرآن" للفراء١/ ١٠٥، و"الثعلبي" ١/ ٧٣ أ، "الكشاف" ١/ ١٣٣، و"القرطبي" ١/ ٣٢٨، وابن كثير ١/ ٤٦، "خزانة الأدب" ١/ ٤٥١، ٥/ ١٠٧، ٦/ ٩١، "البحر" ١/ ٢٠٢، "الدر المصون" ١/ ٩٧.
القرم: الفحل المكرم الذي لا يحمل عليه، ويسمى السيد من الناس قرما، والهُمام: من أسماء الملوك، لعظم همتهم، أو لأنه إذا هم بأمر فعله، والكتيبة. الجيش، المزدحم. المعركة، لأنها موضع المزاحمة والمدافعة.
(٤) ذكره ابن جرير بسنده من طريق السدي عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي - ﷺ - ١/ ١٠٥ - ١٠٦، وانظر ابن كثير ١/ ٤٦. وأبو صالح هو مولى أم هانئ بنت أبي طالب، اسمه (باذان) تابعي وثقه أكثرهم. انظر ترجمته في "الجرح والتعديل" ٢/ ٤٣١، "تهذيب التهذيب" ١/ ٢١١. ومُرَّة هو مُرَّة بن شراحيل الهمداني الكوفي، من كبار التابعين ثقة. انظر ترجمته في "الجرح والتعديل" ٨/ ٣٦٦، "تهذيب التهذيب" ٤/ ٤٨. وقد تكلم أحمد شاكر كلامًا جيدًا وأطال حول هذا الإسناد في حاشية الطبري ١/ ١٥٦ - ١٥٩ (ط. شاكر). أفاد فيه أن للسدي كتابا في التفسير جمع فيه مفرق =
77
- ﷺ - (١).
فعلى هذا (الواو) (٢) لعطف مؤمني أهل الكتاب على مؤمني العرب (٣).
وقوله تعالى: ﴿إِليْكَ﴾ الأصل في (إليك) و (عليك): (إلاك) و (علاك)، كما تقول: إلى زيد، وعلى زيد، إلا أن (الألف) غيرت مع الضمير (٤)، وأبدلت (ياء) ليفصل بين (الألف) التي في آخر المتمكنة مثل: القفا والعصا، وبين الألف في أواخر غير المتمكنة [التي] (٥) الإضافة لازمة لها، ألا ترى أن (إلى) و (على) و (لدى) (٦) لا تنفرد من الإضافة (٧).
وقوله تعالى: ﴿هُمْ يُوقِنُونَ﴾. دخلت (هم) توكيدًا، يسميه الكوفيون: عمادا، والبصريون: فصلاً (٨).
فعلى هذا (الواو) (٢) لعطف مؤمني أهل الكتاب على مؤمني العرب (٣).
وقوله تعالى: ﴿إِليْكَ﴾ الأصل في (إليك) و (عليك): (إلاك) و (علاك)، كما تقول: إلى زيد، وعلى زيد، إلا أن (الألف) غيرت مع الضمير (٤)، وأبدلت (ياء) ليفصل بين (الألف) التي في آخر المتمكنة مثل: القفا والعصا، وبين الألف في أواخر غير المتمكنة [التي] (٥) الإضافة لازمة لها، ألا ترى أن (إلى) و (على) و (لدى) (٦) لا تنفرد من الإضافة (٧).
وقوله تعالى: ﴿هُمْ يُوقِنُونَ﴾. دخلت (هم) توكيدًا، يسميه الكوفيون: عمادا، والبصريون: فصلاً (٨).
= هذِه التفاسير عن الصحابة الذين ذكرهم، ذكر في أوله هذِه الأسانيد، "تفسيره" من أوائل الكتب التي ألفت في هذا وهو من طبقةِ عالية من طبقة شيوخ مالك.
(١) ذكره ابن جرير واستدل على هذا بقوله: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾. وذكر قولا ثالثا. أن الآيات الأربع في مؤمني أهل الكتاب خاصة. وقد رجح أن الآيتين من أول السورة في مؤمني العرب، والآيتين بعدهما في مؤمني أهل الكتاب. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٠٢، ١٠٦، ١٠٧.
ورجَّح ابن كثير في "تفسيره" قول مجاهد ١/ ٤٧.
(٢) (الواو) ساقطة من (ب).
(٣) انظر: "الكشاف" ١/ ١٣٥.
(٤) في (ب): (المضمر) ومثله عند الزجاج في "المعاني" ١/ ٣٧.
(٥) في جميع النسخ (إلى) وفي "معاني القرآن" للزجاج (التي) والكلام بنصه منقول منه ١/ ٣٧.
(٦) في (ب): (لدن).
(٧) "معاني القرآن" للزجاج١/ ٣٧.
(٨) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٤٧ ب، ويجوز: في (هم) أن تكون ابتداءً ثانيًا =
(١) ذكره ابن جرير واستدل على هذا بقوله: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾. وذكر قولا ثالثا. أن الآيات الأربع في مؤمني أهل الكتاب خاصة. وقد رجح أن الآيتين من أول السورة في مؤمني العرب، والآيتين بعدهما في مؤمني أهل الكتاب. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٠٢، ١٠٦، ١٠٧.
ورجَّح ابن كثير في "تفسيره" قول مجاهد ١/ ٤٧.
(٢) (الواو) ساقطة من (ب).
(٣) انظر: "الكشاف" ١/ ١٣٥.
(٤) في (ب): (المضمر) ومثله عند الزجاج في "المعاني" ١/ ٣٧.
(٥) في جميع النسخ (إلى) وفي "معاني القرآن" للزجاج (التي) والكلام بنصه منقول منه ١/ ٣٧.
(٦) في (ب): (لدن).
(٧) "معاني القرآن" للزجاج١/ ٣٧.
(٨) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٤٧ ب، ويجوز: في (هم) أن تكون ابتداءً ثانيًا =
78
و ﴿يُوقِنُونَ﴾ أصله (يُيْقِنون)، لأنه (يُفْعِلون) من اليَقين، فلما سكنت (الياء) وانضم ما قبلها صارت (واوا) (١)، كما صارت (الواو) (ياء) لكسرة ما قبلها (٢) في قولك: إيثاق وإيشال (٣) وميثاق وميعاد.
واليقين: هو العلم الذي يحصل بعد (٤) استدلال ونظر، لغموض المنظور (٥) فيه أو لإشكاله على الناظر (٦)، يقوي ذلك قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ [الأنعام: ٧٥] ولذلك (٧) لم يجز أن يوصف القديم سبحانه به، لأن علمه لم يحصل عن نظر واستدلال (٨).
واليقين: هو العلم الذي يحصل بعد (٤) استدلال ونظر، لغموض المنظور (٥) فيه أو لإشكاله على الناظر (٦)، يقوي ذلك قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ [الأنعام: ٧٥] ولذلك (٧) لم يجز أن يوصف القديم سبحانه به، لأن علمه لم يحصل عن نظر واستدلال (٨).
= للتوكيد و (المفلحون) خبره، والجملة خبر (أولئك) ويجوز: أن يكون (هم) عمادًا، أو فصلاً. انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٧، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٣٣.
(١) انظر: "الكتاب" ٤/ ٣٣٨، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٥٨٤، وقال العكبري: (أصله (يؤيقنون) لأن ماضيه (أيقن) والأصل أن يؤتى في المضارع بحروف الماضي، إلا أن الهمزة حذفت لما ذكرنا في (يؤمنون) وأبدلت الياء واوا لسكونها وانضمام ما قبلها) (الإملاء) ١/ ١٣.
(٢) مع سكون (الياء) انظر "الكتاب" ٤/ ٣٣٥، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٣٢.
(٣) في (ب): (اسياق) ولم أجدها فيما اطلعت عليه من كتب اللغة.
(٤) في (ب): (به).
(٥) في (ب): (المقصود).
(٦) قال ابن عطية: (اليقين أعلى درجات العلم وهو الذي لا يمكن أن يدخله شك بوجه) ١/ ١٤٩، وعرفه الراغب فقال: (هو سكون الفهم مع ثبات الحكم) مفردات الراغب ص ٥٥٢. وانظر كتاب "معرفة أسماء نطق بها القرآن" ٢/ ٦١٨ (رسالة ماجستير)، "تفسير الرازي" ٢/ ٣٢، ٣٥.
(٧) في (ب): (وكذلك).
(٨) انظر: "تفسير الرازي" ٢/ ٣٢. ومذهب السلف: أن الله لا يوصف بذلك لعدم ورود النص به.
(١) انظر: "الكتاب" ٤/ ٣٣٨، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٥٨٤، وقال العكبري: (أصله (يؤيقنون) لأن ماضيه (أيقن) والأصل أن يؤتى في المضارع بحروف الماضي، إلا أن الهمزة حذفت لما ذكرنا في (يؤمنون) وأبدلت الياء واوا لسكونها وانضمام ما قبلها) (الإملاء) ١/ ١٣.
(٢) مع سكون (الياء) انظر "الكتاب" ٤/ ٣٣٥، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٣٢.
(٣) في (ب): (اسياق) ولم أجدها فيما اطلعت عليه من كتب اللغة.
(٤) في (ب): (به).
(٥) في (ب): (المقصود).
(٦) قال ابن عطية: (اليقين أعلى درجات العلم وهو الذي لا يمكن أن يدخله شك بوجه) ١/ ١٤٩، وعرفه الراغب فقال: (هو سكون الفهم مع ثبات الحكم) مفردات الراغب ص ٥٥٢. وانظر كتاب "معرفة أسماء نطق بها القرآن" ٢/ ٦١٨ (رسالة ماجستير)، "تفسير الرازي" ٢/ ٣٢، ٣٥.
(٧) في (ب): (وكذلك).
(٨) انظر: "تفسير الرازي" ٢/ ٣٢. ومذهب السلف: أن الله لا يوصف بذلك لعدم ورود النص به.
79
ويقال: أَيْقَن بالأمر واسْتَيْقَن وتَيَقَّن كله واحد. ويقال في الثلاثي: يَقِنَ يَيْقَن يَقَناً فهو يَقِنٌ، واليَقِنُ: اليَقِين (١).
وقوله تعالى: ﴿وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾. تخصيص بعد التعميم على قول مجاهد (٢)، لأن الإيقان بالآخرة داخل في قوله: ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ على التفسير الأول في (٣) (الغيب) (٤) ومثل هذا قوله: ﴿الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢)﴾ [العلق: ١، ٢] عمَّ بقوله: ﴿خَلَقَ﴾ جميع المخلوقات، ثم خص بعد.
٥ - قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى﴾ الآية. (أولاء) كلمة معناها الكناية عن جماعة، وهي لا تعرب لأنها اسم الإشارة، وكسرت الهمزة فيها لالتقاء الساكنين (٥)، قال الله تعالى: ﴿هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي﴾ [طه: ٨٤] ودخلت الكاف للمخاطبة كما ذكرنا في قوله (ذلك)، وفيه ثلاث لغات: (أولئك) و (أولاك) و (أولالك) (٦).
قال الشاعر:
وقوله تعالى: ﴿وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾. تخصيص بعد التعميم على قول مجاهد (٢)، لأن الإيقان بالآخرة داخل في قوله: ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ على التفسير الأول في (٣) (الغيب) (٤) ومثل هذا قوله: ﴿الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢)﴾ [العلق: ١، ٢] عمَّ بقوله: ﴿خَلَقَ﴾ جميع المخلوقات، ثم خص بعد.
٥ - قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى﴾ الآية. (أولاء) كلمة معناها الكناية عن جماعة، وهي لا تعرب لأنها اسم الإشارة، وكسرت الهمزة فيها لالتقاء الساكنين (٥)، قال الله تعالى: ﴿هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي﴾ [طه: ٨٤] ودخلت الكاف للمخاطبة كما ذكرنا في قوله (ذلك)، وفيه ثلاث لغات: (أولئك) و (أولاك) و (أولالك) (٦).
قال الشاعر:
(١) انظر: "العين" ٥/ ٢٢٠، "تهذيب اللغة" (يقن) ٤/ ٤٩٩٨٣، "اللسان" (يقن) ٩٨/ ٤٩٦٤.
(٢) هو ما سبق من قوله: إن الآيات الأربع في جميع المؤمنين. انظر ص ٤٤٥.
(٣) التفسير الأول للغيب هو ما ذكره عن أبي العالية. يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وجنته وناره ولقائه وبالبعث بعد الموت.
(٤) في (أ)، (ب): (للغيب).
(٥) انظر. "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٧.
(٦) انظر: "الأصول في النحو" ٢/ ١٢٨، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٢٢، "تهذيب اللغة" ١/ ٧٤، "المنصف" ١/ ١٦٥، ١٦٦، ٣/ ٢٦، "تفسير القرطبي" ١/ ١٥٧ "الدر المصون" ١/ ١٠٢.
(٢) هو ما سبق من قوله: إن الآيات الأربع في جميع المؤمنين. انظر ص ٤٤٥.
(٣) التفسير الأول للغيب هو ما ذكره عن أبي العالية. يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وجنته وناره ولقائه وبالبعث بعد الموت.
(٤) في (أ)، (ب): (للغيب).
(٥) انظر. "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٧.
(٦) انظر: "الأصول في النحو" ٢/ ١٢٨، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٢٢، "تهذيب اللغة" ١/ ٧٤، "المنصف" ١/ ١٦٥، ١٦٦، ٣/ ٢٦، "تفسير القرطبي" ١/ ١٥٧ "الدر المصون" ١/ ١٠٢.
80
| أولئك قومي لم يكونوا أُشابةً | وهل يَعِظُ الضِّلِّيلَ إلا أولالكا (١) |
| أولاكَ بنو (٢) خير وشرٍّ كليهما (٣) | جميعًا ومعروفٍ ألمَّ ومُنكرِ (٤) |
| لعمرك إنّا والأحاليف هؤلا | لَفي فتنةٍ أظفارُها لم تُقَلَّمِ (٦) |
(١) نسب أبو زيد البيت في "النوادر" لأخي الكلحبة وروايته له.
"نوادر أبي زيد" ص ٤٣٨، ومثل ذلك في "الخزانة" ١/ ٣٩٤، بينما نسبه في "شرح المفصل" للأعشى وروايته له مثل ما ورد عند الواحدي "شرح المفصل"، ١٠/ ٦ ويروى البيت عند أكثر النحاة (أولالك قومي...) بدل (أولئك)، و (الأشابة) بضم الهمزة: الجمع المختلط من هنا وهناك، والضليل: الضال، يصف قومه بالصفاء والنصح، ورد البيت كذلك في "المنصف" ١/ ١٦٦، ٣/ ٢٦، "الهمع" ١/ ٢١٦، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٥٨ "الدر المصون" ١/ ١٠٢.
(٢) في جميع النسخ (بني) والتصحيح حسب المصادر التي ورد فيها البيت.
(٣) في (ب): (كلاهما) وفي (ج): (كله هما).
(٤) في (ج): (وينكر).
البيت لمسافع بن حذيفة العبسي، شاعر جاهلي، قوله (أولاك) مبتدأ و (بنو) خبر المبتدأ، أراد أنهم ملازمون لفعل الخير والشر مع الأصدقاء والأعداء، و (معروف) و (منكر) معطوف على خير، وهما أخص من الخير والشر، و (ألم). نزل. انظر. "الخزانة" ١/ ١٧١ وانظر: "حاشية يس على التصريح" ٢/ ١٢٤، (مطبوع في هامش التصريح)، "الحماسة بشرح المرزوقي" ٢/ ٩٩٠.
(٥) انظر: "الأصول في النحو" ٢/ ١٢٧.
(٦) رواية البيت (حقبة) بدل (فتنة) يقول: نحن في حرب، والأظفار: كناية عن السلاح. انظر: "ديوان أوس" ص١٢٠، "المعاني الكبير" ٢/ ٨٩٨، "الخزانة" ٣/ ١٧، ٧/ ١٨.
| ألم تك قد جربت ما الفقر والغنى | ولا يعظ الضليل إلا ألالكا |
(٢) في جميع النسخ (بني) والتصحيح حسب المصادر التي ورد فيها البيت.
(٣) في (ب): (كلاهما) وفي (ج): (كله هما).
(٤) في (ج): (وينكر).
البيت لمسافع بن حذيفة العبسي، شاعر جاهلي، قوله (أولاك) مبتدأ و (بنو) خبر المبتدأ، أراد أنهم ملازمون لفعل الخير والشر مع الأصدقاء والأعداء، و (معروف) و (منكر) معطوف على خير، وهما أخص من الخير والشر، و (ألم). نزل. انظر. "الخزانة" ١/ ١٧١ وانظر: "حاشية يس على التصريح" ٢/ ١٢٤، (مطبوع في هامش التصريح)، "الحماسة بشرح المرزوقي" ٢/ ٩٩٠.
(٥) انظر: "الأصول في النحو" ٢/ ١٢٧.
(٦) رواية البيت (حقبة) بدل (فتنة) يقول: نحن في حرب، والأظفار: كناية عن السلاح. انظر: "ديوان أوس" ص١٢٠، "المعاني الكبير" ٢/ ٨٩٨، "الخزانة" ٣/ ١٧، ٧/ ١٨.
81
وكتبت (١) الواو في ﴿أُولَئِكَ﴾ لئلا يشتبه في الكتابة بـ (إليك) وأشار بقوله: (أولئك) إلى الموصوفين بالصفات المتقدمة (٢). ومحله رفع بالاستئناف (٣).
وقوله تعالى: ﴿عَلَى هُدًى﴾ معنى: (على) كمعنى: (فوق) (٤). وهي (٥) تكون: اسما وحرفا (٦)، يقول: عليه مال (٧)، فهذا حرف، وكأنه شيء اعتلاه. وقول الشاعر:
وقوله تعالى: ﴿عَلَى هُدًى﴾ معنى: (على) كمعنى: (فوق) (٤). وهي (٥) تكون: اسما وحرفا (٦)، يقول: عليه مال (٧)، فهذا حرف، وكأنه شيء اعتلاه. وقول الشاعر:
| غَدَتْ مِنْ عليه تنفُضُ الطَّلَّ بعدما | رأتْ حاجبَ الشمسِ استوى فترفَّعا (٨) |
(١) في (ب): (يشبه في الكناية إليك). انظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٣.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٠٦، وابن "تفسير كثير" ١/ ٤٧.
(٣) في محل ﴿أُولَئِكَ﴾ من الإعراب أقوال وهي: أنها مبتدأ وخبره الجار والمجرور بعده، والجملة إما مستأنفة، أو خبر عن قوله: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ﴾ الأولى أو الثانية، ويجوز. أن تكون ﴿أُولَئِكَ﴾ وحدها خبراً عن ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ﴾ الأولى أو الثانية، ويجوز: أن يكون ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ﴾ مبتدأ، و ﴿أُولَئِكَ﴾ بدل أو بيان. انظر "الدر المصون" ١/ ١٠٢.
(٤) تكون بمعنى (فوق) إذا كانت اسما. انظر: "الكتاب" ١/ ٢٦٨، "مغني اللبيب" ١/ ١٤٥.
(٥) في (ب): (وهو).
(٦) وإذا كانت حرفا فلها عدة معان. انظر: "مغني اللبيب" ١/ ١٤٣.
(٧) انظر: "تهذيب اللغة": (على) ٣/ ٢٥٥٩.
(٨) نسبه أبو زيد في "النوادر" لبعض القشيريين، ونسب في "اللسان" ليزيد ابن الطثرية، يقول: غدت الظبية من فوقه. والشاهد فيه (من عليه) استعمل (على) اسما بمعنى: فوق لما دخل عليها حرف الجر (من). ورد البيت في "نوادر أبي زيد" ص ٤٥٣، "المقتضب" ٢/ ٣٢٠، ٣/ ٥٣، "الأزهية" ص ١٩٤، "اللسان" (علا) ٥/ ٣٠٩٢، "شرح المفصل" ٨/ ٣٨.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٠٦، وابن "تفسير كثير" ١/ ٤٧.
(٣) في محل ﴿أُولَئِكَ﴾ من الإعراب أقوال وهي: أنها مبتدأ وخبره الجار والمجرور بعده، والجملة إما مستأنفة، أو خبر عن قوله: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ﴾ الأولى أو الثانية، ويجوز. أن تكون ﴿أُولَئِكَ﴾ وحدها خبراً عن ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ﴾ الأولى أو الثانية، ويجوز: أن يكون ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ﴾ مبتدأ، و ﴿أُولَئِكَ﴾ بدل أو بيان. انظر "الدر المصون" ١/ ١٠٢.
(٤) تكون بمعنى (فوق) إذا كانت اسما. انظر: "الكتاب" ١/ ٢٦٨، "مغني اللبيب" ١/ ١٤٥.
(٥) في (ب): (وهو).
(٦) وإذا كانت حرفا فلها عدة معان. انظر: "مغني اللبيب" ١/ ١٤٣.
(٧) انظر: "تهذيب اللغة": (على) ٣/ ٢٥٥٩.
(٨) نسبه أبو زيد في "النوادر" لبعض القشيريين، ونسب في "اللسان" ليزيد ابن الطثرية، يقول: غدت الظبية من فوقه. والشاهد فيه (من عليه) استعمل (على) اسما بمعنى: فوق لما دخل عليها حرف الجر (من). ورد البيت في "نوادر أبي زيد" ص ٤٥٣، "المقتضب" ٢/ ٣٢٠، ٣/ ٥٣، "الأزهية" ص ١٩٤، "اللسان" (علا) ٥/ ٣٠٩٢، "شرح المفصل" ٨/ ٣٨.
82
فهذا اسم لدخول (من) عليها (١)، كأنه قال: غدت تنفض الطل من فوقه.
وقوله تعالى: ﴿هُمُ اَلمُفلِحُونَ﴾. (هم) دخلت فصلا (٢)، وإن شئت كان تكريرا للاسم، كما تقول: زيد هو العالم، ترفع (٣) (زيدا (٤)) بالابتداء، و (هو) ابتداء ثان، و (العالم) خبر له (٥)، وهما جميعا خبر لزيد، وكذلك قوله: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾. وإن شئت جعلت (هو) فصلا، وترفع (زيدا)، و (العالم) على الابتداء والخبر، والفصل هو الذي يسميه (٦) الكوفيون عماداً.
قال سيبويه (٧): دخل الفصل في قوله: ﴿تَجِدُوهُ عنِدَ اللهِ هُوَ خَيراً﴾ [المزمل: ٢٠].
وفي قوله: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ (٨) [آل عمران: ١٨٠].
وفي قوله: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ
وقوله تعالى: ﴿هُمُ اَلمُفلِحُونَ﴾. (هم) دخلت فصلا (٢)، وإن شئت كان تكريرا للاسم، كما تقول: زيد هو العالم، ترفع (٣) (زيدا (٤)) بالابتداء، و (هو) ابتداء ثان، و (العالم) خبر له (٥)، وهما جميعا خبر لزيد، وكذلك قوله: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾. وإن شئت جعلت (هو) فصلا، وترفع (زيدا)، و (العالم) على الابتداء والخبر، والفصل هو الذي يسميه (٦) الكوفيون عماداً.
قال سيبويه (٧): دخل الفصل في قوله: ﴿تَجِدُوهُ عنِدَ اللهِ هُوَ خَيراً﴾ [المزمل: ٢٠].
وفي قوله: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ (٨) [آل عمران: ١٨٠].
وفي قوله: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ
(١) انظر: "الكتاب" ١/ ٢٦٨، "مغني اللبيب" ١/ ١٤٥، "شرح المفصل" ٨/ ٣٨.
(٢) نقله الواحدي عن الزجاج بتصرف يسير. انظر: "معاني القرآن" ١/ ٣٧.
(٣) مكانها بياض في (ب).
(٤) في (ب): (زيد).
(٥) أي خبر هو. انظر: "معاني القرآن" ١/ ٣٧.
(٦) في (أ): (تسمية) وما في (ب، ج) أصح في السياق.
(٧) في "معاني القرآن": (وسيبويه يقول: إن الفصل لا يصلح إلا مع الأفعال التي لا تتم، نحو: كان زيد هو العالم، وظننت زيدا هو العالم. وقال سيبويه. دخل الفصل في قوله عز وجل.. إلخ)، وقوله: (وسيبويه يقول... إلى: وظننت زيدا هو العالم (ليس موجودا في بعض مخطوطات المعاني.
انظر: حاشية "معاني القرآن" ١/ ٣٨، وانظر كلام سيبويه في "الكتاب" ٢/ ٣٨٩ - ٣٩٥.
(٨) سقط (لهم) من (أ)، (ب)، والآية (١٨٠) من آل عمران.
(٢) نقله الواحدي عن الزجاج بتصرف يسير. انظر: "معاني القرآن" ١/ ٣٧.
(٣) مكانها بياض في (ب).
(٤) في (ب): (زيد).
(٥) أي خبر هو. انظر: "معاني القرآن" ١/ ٣٧.
(٦) في (أ): (تسمية) وما في (ب، ج) أصح في السياق.
(٧) في "معاني القرآن": (وسيبويه يقول: إن الفصل لا يصلح إلا مع الأفعال التي لا تتم، نحو: كان زيد هو العالم، وظننت زيدا هو العالم. وقال سيبويه. دخل الفصل في قوله عز وجل.. إلخ)، وقوله: (وسيبويه يقول... إلى: وظننت زيدا هو العالم (ليس موجودا في بعض مخطوطات المعاني.
انظر: حاشية "معاني القرآن" ١/ ٣٨، وانظر كلام سيبويه في "الكتاب" ٢/ ٣٨٩ - ٣٩٥.
(٨) سقط (لهم) من (أ)، (ب)، والآية (١٨٠) من آل عمران.
83
الْحَقَّ} [سبأ: ٦]، وفي قوله: ﴿إِن كاَنَ هَذَا هُوَ اَلحَقَّ مِن عِندِكَ﴾ [الأنفال: ٣٢]. وذكر أن [هذا] (١) بمنزلة (ما) (٢) اللغو (٣) في قوله: ﴿فبَمَا رحمَةٍ﴾ [آل عمران: ١٥٩].
وقوله ﴿الْمُفْلِحُونَ﴾ قال أبو عبيد (٤): أصل الفلاح: البقاء (٥)، وأنشد للأضبط (٦) بن قريع (٧) السعدي:
لِكلِّ هَمِّ من الهموم سَعَةْ... والمُسْيُ والصبحُ لا فلاحَ مَعَهْ (٨)
يقول: ليس مع كر الليل والنهار بقاء. ومنه قول عَبِيد (٩):
وقوله ﴿الْمُفْلِحُونَ﴾ قال أبو عبيد (٤): أصل الفلاح: البقاء (٥)، وأنشد للأضبط (٦) بن قريع (٧) السعدي:
لِكلِّ هَمِّ من الهموم سَعَةْ... والمُسْيُ والصبحُ لا فلاحَ مَعَهْ (٨)
يقول: ليس مع كر الليل والنهار بقاء. ومنه قول عَبِيد (٩):
(١) قوله: ذكر، أي. سيبويه، وقوله: (هذا) كذا وردت في جميع النسخ، وفي "معاني القرآن" للزجاج (هو) وهو الصواب.
(٢) في (ج): (وذان هذا بمنزلة ها).
(٣) "معاني القرآن" ١/ ٣٨، كلام سيبويه في "الكتاب" ٢/ ٣٩١، ولم يذكر سيبويه الآية.
(٤) في (ب) (أبو عبيدة) وهو خطأ. وكلام أبي عبيد في "غريب الحديث" ٤/ ٣٨، وانظر "تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦.
(٥) في (ب) (التقى).
(٦) في (ب)، (ج). (وأنضد الأضبط) وما في (أ) موافق لـ"تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦، وعبارة "غريب الحديث": قال الأضبط... ، ٢/ ١٨٣.
(٧) في (ب): (فيع). وهو الأضبط بن قريع بن عوف بن كعب بن سعد، السعدي شاعر جاهلي قديم. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٢٤٢، "الخزانة" ١١/ ٤٥٥.
(٨) البيت في "غريب الحديث" لأبي عبيد ٢/ ١٨٣، "الزاهر" ١/ ٣١، "تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩/أ، "اللسان" ٦/ ٣٤٥٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٥٠، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٥٨، "الدر المصون" ١/ ١٠٤ "الخزانة" ١١/ ٤٥٢، وقد ذكره في "الشعر والشعراء" ونصه:
ياقوم من عاذرى من الخدعة... والمسى.......... إلخ ١/ ٣٩٠
(٩) هو عبيد بن الأبرص كما في "غريب الحديث" ٤/ ١٨٣.
(٢) في (ج): (وذان هذا بمنزلة ها).
(٣) "معاني القرآن" ١/ ٣٨، كلام سيبويه في "الكتاب" ٢/ ٣٩١، ولم يذكر سيبويه الآية.
(٤) في (ب) (أبو عبيدة) وهو خطأ. وكلام أبي عبيد في "غريب الحديث" ٤/ ٣٨، وانظر "تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦.
(٥) في (ب) (التقى).
(٦) في (ب)، (ج). (وأنضد الأضبط) وما في (أ) موافق لـ"تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦، وعبارة "غريب الحديث": قال الأضبط... ، ٢/ ١٨٣.
(٧) في (ب): (فيع). وهو الأضبط بن قريع بن عوف بن كعب بن سعد، السعدي شاعر جاهلي قديم. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٢٤٢، "الخزانة" ١١/ ٤٥٥.
(٨) البيت في "غريب الحديث" لأبي عبيد ٢/ ١٨٣، "الزاهر" ١/ ٣١، "تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩/أ، "اللسان" ٦/ ٣٤٥٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٥٠، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٥٨، "الدر المصون" ١/ ١٠٤ "الخزانة" ١١/ ٤٥٢، وقد ذكره في "الشعر والشعراء" ونصه:
ياقوم من عاذرى من الخدعة... والمسى.......... إلخ ١/ ٣٩٠
(٩) هو عبيد بن الأبرص كما في "غريب الحديث" ٤/ ١٨٣.
84
| أفلِحْ بما شئتَ فقد يُبلَغ بالـ | ـضَّعف (١) وقد يُخْدَعُ الأريبُ (٢) |
قال: وإنما قيل لأهل الجنة: مفلحون، لفوزهم ببقاء الأبد، ومن هذا يقال للسحور (٤): الفلح والفلاح، أي: أن (٥) به بقاء الصوم (٦). الحراني عن ابن السكيت (٧) الفلح والفلاح: البقاء، وأنشد لعدي بن زيد:
| ثم بعد الفلاح والرشد والإ | مَّة وارَتْهمُ هناك القبورُ (٨) |
(١) في (ب): (بالضغت).
(٢) البيت يروى (يدرك) بدل (يبلغ) و (يخدع) بالتشديد، وهو في "غريب الحديث" ٢/ ١٨٣، ٢٠٠، "ديوان عبيد" ص١٤، و"تفسير الطبري" ١/ ١٠٨، (مجاز القرآن) ١/ ٣٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٩، "الزاهر" ١/ ١٣٢، وفيه (يفلح) بدل يبلغ، "تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦، "اللسان" (فلح) ٦/ ٣٤٥٨، وفيه (بالنوك) بدل (بالضعف)، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٥٨، "الدر المصون" ١/ ١٠٤.
(٣) في (ب): (ما).
(٤) في (ب): (السحور).
(٥) في (ب): (اذ به).
(٦) انتهى كلام أبي عبيد، "غريب الحديث" ٢/ ١٨٣، وانظر: "تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦.
(٧) "تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦، وفيه بيت الأعشى مقدم على بيت عدي.
(٨) من قصيدة لعدي بن زيد، ذكرها ابن قتيبة في "الشعر والشعراء"، وتعتبر من غرر شعره، ويروى (الملك) بدل (الرشد) و (الإمه) بكسر الهمزة: غضارة العيش والنعمة. انظر "الشعر والشعراء" ص١٣٠، "تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦، "اللسان" (فلح) ٦/ ٣٤٥٨.
(٢) البيت يروى (يدرك) بدل (يبلغ) و (يخدع) بالتشديد، وهو في "غريب الحديث" ٢/ ١٨٣، ٢٠٠، "ديوان عبيد" ص١٤، و"تفسير الطبري" ١/ ١٠٨، (مجاز القرآن) ١/ ٣٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٩، "الزاهر" ١/ ١٣٢، وفيه (يفلح) بدل يبلغ، "تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦، "اللسان" (فلح) ٦/ ٣٤٥٨، وفيه (بالنوك) بدل (بالضعف)، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٥٨، "الدر المصون" ١/ ١٠٤.
(٣) في (ب): (ما).
(٤) في (ب): (السحور).
(٥) في (ب): (اذ به).
(٦) انتهى كلام أبي عبيد، "غريب الحديث" ٢/ ١٨٣، وانظر: "تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦.
(٧) "تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦، وفيه بيت الأعشى مقدم على بيت عدي.
(٨) من قصيدة لعدي بن زيد، ذكرها ابن قتيبة في "الشعر والشعراء"، وتعتبر من غرر شعره، ويروى (الملك) بدل (الرشد) و (الإمه) بكسر الهمزة: غضارة العيش والنعمة. انظر "الشعر والشعراء" ص١٣٠، "تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦، "اللسان" (فلح) ٦/ ٣٤٥٨.
85
| ولَئن كُنَّا كقومٍ (١) هلكوا | ما لِحَيٍّ يا لَقومٍ مِنْ فَلَحْ (٢) |
| نَحُلّ بلاداً كلُّها (٣) حُلَّ قبلنا | ونرجو الفلاحَ بعد عادٍ وحِمْيَرِ (٤) |
ثم يقال لكل من ظفر ببغيته وأصاب خيرا: أفلح (٥)، وقال (٦) لبيد:
| اعْقِلي إن كنت لمّا تَعْقِلي | ولقد أفلحَ مَنْ كان عَقَلْ (٧) |
فمعنى قوله: ﴿الْمُفْلِحُونَ﴾ أي: هم الذين أدركوا البغية، ووجدوا
(١) في (ب): (القوم).
(٢) البيت في (غريب الحديث) للخطابي١/ ٥٢٣، "تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦، "اللسان" (فلح) ٦/ ٣٤٥٨، (الصحاح) (فلح) ١/ ٣٩٢، "ديوان الأعشى" ص ٣٨، وفيه (أو لئن)، (يا لقومي) وهو من قصيدة يمدح بها إياس بن قبيصة الطائي، ومعنى (فلح): بقاء.
(٣) في (ب): (حلها).
(٤) البيت في ديوان لبيد (مع شرحه) ص ٥٧، "مجاز القرآن" ١/ ٣٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٩، والطبري ١/ ١٠٨، والثعلبي ١/ ٤٧/ب، والقرطبي ١/ ١٥٨، وابن عطية ١/ ١٥٠، (زاد المسير) ١/ ٢٧، "الدر المصون" ١/ ١٠٤.
(٥) انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٠٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٩.
(٦) في (ب): (وقال).
(٧) "ديوان لبيد مع شرحه" ص ١٧٧، "مجاز القرآن" ١/ ٣١، و"تفسير الطبري" ١/ ١٨٠، و"تفسير أبن عطية" ١/ ١٠٤، "الزاهر" ١/ ١٣١، وقوله: (أعقلي) يخاطب عاذلته، أو نفسه.
(٨) في (ب): (ببغيته).
انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٠٨، "مجاز القرآن" ١/ ٣١.
(٢) البيت في (غريب الحديث) للخطابي١/ ٥٢٣، "تهذيب اللغة" (فلح) ٣/ ٢٨٢٦، "اللسان" (فلح) ٦/ ٣٤٥٨، (الصحاح) (فلح) ١/ ٣٩٢، "ديوان الأعشى" ص ٣٨، وفيه (أو لئن)، (يا لقومي) وهو من قصيدة يمدح بها إياس بن قبيصة الطائي، ومعنى (فلح): بقاء.
(٣) في (ب): (حلها).
(٤) البيت في ديوان لبيد (مع شرحه) ص ٥٧، "مجاز القرآن" ١/ ٣٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٩، والطبري ١/ ١٠٨، والثعلبي ١/ ٤٧/ب، والقرطبي ١/ ١٥٨، وابن عطية ١/ ١٥٠، (زاد المسير) ١/ ٢٧، "الدر المصون" ١/ ١٠٤.
(٥) انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٠٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٩.
(٦) في (ب): (وقال).
(٧) "ديوان لبيد مع شرحه" ص ١٧٧، "مجاز القرآن" ١/ ٣١، و"تفسير الطبري" ١/ ١٨٠، و"تفسير أبن عطية" ١/ ١٠٤، "الزاهر" ١/ ١٣١، وقوله: (أعقلي) يخاطب عاذلته، أو نفسه.
(٨) في (ب): (ببغيته).
انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٠٨، "مجاز القرآن" ١/ ٣١.
86
البقاء في الدار الآخرة في النعيم المقيم (١). وحكم لهم بالفلاح ولم يصلوا بعد إلى الجنة، لأن المعنى أنهم يصلون إلى البغية والبقاء بكونهم على الهدى، أو كأنهم قد وصلوا للثقة بالموعود لهم. وقيل: هم على هدى في الحال، وهم المفلحون في المآل.
٦ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ الذين كَفَرُوا﴾ الآية. ﴿إِنَّ﴾ الثقيلة تكون منصوبة الألف وتكون مكسورة الألف. فإذا (٢) كانت مبتدأة ليس قبلها شيء تعتمد (٣) عليه، أو جاءت بعدها (لام) مؤكدة يعتمد عليه (٤) أو جاءت بعد القول وما تصرف (٥) منه، وكانت حكاية: كسرت الألف، وفيما سوى ذلك تنصب (٦). ومعناها في الكلام: التوكيد، وهي التي تنصب الأسماء وترفع الأخبار، وإنما نصبت ورفعت، لأنها تشبه بالفعل، وشبهها أنها لا تلي الأفعال ولا تعمل فيها، وأنها يذكر بعدها الاسم والخبر، كما يذكر بعد الفعل الفاعل والمفعول، إلا أنه قدم المفعول فيها ليفصل بين ما يشبه بالفعل وليس لفظه لفظ الفعل (٧)، وبين ما يشبه بالفعل ولفظه لفظ الفعل،
٦ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ الذين كَفَرُوا﴾ الآية. ﴿إِنَّ﴾ الثقيلة تكون منصوبة الألف وتكون مكسورة الألف. فإذا (٢) كانت مبتدأة ليس قبلها شيء تعتمد (٣) عليه، أو جاءت بعدها (لام) مؤكدة يعتمد عليه (٤) أو جاءت بعد القول وما تصرف (٥) منه، وكانت حكاية: كسرت الألف، وفيما سوى ذلك تنصب (٦). ومعناها في الكلام: التوكيد، وهي التي تنصب الأسماء وترفع الأخبار، وإنما نصبت ورفعت، لأنها تشبه بالفعل، وشبهها أنها لا تلي الأفعال ولا تعمل فيها، وأنها يذكر بعدها الاسم والخبر، كما يذكر بعد الفعل الفاعل والمفعول، إلا أنه قدم المفعول فيها ليفصل بين ما يشبه بالفعل وليس لفظه لفظ الفعل (٧)، وبين ما يشبه بالفعل ولفظه لفظ الفعل،
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٠٨، "تفسير أبي الليث" ١/ ٩١، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٥٩، و"تفسير ابن عطية" ١/ ١٥٠.
(٢) في (ب): (وإذا).
(٣) في (ب)، (ج): (يعتمد) وهو موافق لـ"تهذيب اللغة" ١/ ٢٢٢، والكلام منقول منه.
(٤) (عليه) في جميع النسخ. وفي "تهذيب اللغة" (عليها) ١/ ٢٢٢.
(٥) في (ب): (يصرف).
(٦) في (ب). (ينصب) وفي "تهذيب اللغة" (تنصب الألف).
والكلام بنصه ذكره الأزهري عن الليث عن الخليل، سوى قوله: أو جاءت بعد القول فذكره عن الفراء. "تهذيب اللغة" (أن) ١/ ٢٢٢، وانظر مواضع فتح وكسر همزة (إن) في "الكتاب" ٣/ ١٣٤ وما بعدها، "الأصول في النحو" ١/ ٢٦٢ وما بعدها.
(٧) من هنا بدأ سقط لوحة كاملة من (ب).
(٢) في (ب): (وإذا).
(٣) في (ب)، (ج): (يعتمد) وهو موافق لـ"تهذيب اللغة" ١/ ٢٢٢، والكلام منقول منه.
(٤) (عليه) في جميع النسخ. وفي "تهذيب اللغة" (عليها) ١/ ٢٢٢.
(٥) في (ب): (يصرف).
(٦) في (ب). (ينصب) وفي "تهذيب اللغة" (تنصب الألف).
والكلام بنصه ذكره الأزهري عن الليث عن الخليل، سوى قوله: أو جاءت بعد القول فذكره عن الفراء. "تهذيب اللغة" (أن) ١/ ٢٢٢، وانظر مواضع فتح وكسر همزة (إن) في "الكتاب" ٣/ ١٣٤ وما بعدها، "الأصول في النحو" ١/ ٢٦٢ وما بعدها.
(٧) من هنا بدأ سقط لوحة كاملة من (ب).
87
نحو (كان) وبابه (١).
وقوله تعالى: ﴿كَفَرُوا﴾ معنى الكفر في اللغة: التغطية.
أقرأني أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف العروضي (٢) -رحمه الله- قال: أخبرني الأزهري، عن المنذري، عن الحراني، عن ابن السكيت قال: إذا لبس الرجل فوق درعه ثوباً فهو كافر، وقد كفر فوق درعه، وكل ما غطى شيئاً فقد كفره. ومنه قيل لليل: كافر، لأنه ستر بظلمته وغطى، وأنشد لثعلبة بن صُعَير المازني (٣):
أي: الليل.
ومنه يسمى الكافر كافراً، لأنه ستر نعم الله.
وقوله تعالى: ﴿كَفَرُوا﴾ معنى الكفر في اللغة: التغطية.
أقرأني أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف العروضي (٢) -رحمه الله- قال: أخبرني الأزهري، عن المنذري، عن الحراني، عن ابن السكيت قال: إذا لبس الرجل فوق درعه ثوباً فهو كافر، وقد كفر فوق درعه، وكل ما غطى شيئاً فقد كفره. ومنه قيل لليل: كافر، لأنه ستر بظلمته وغطى، وأنشد لثعلبة بن صُعَير المازني (٣):
| فتذكّرا ثَقَلًا رثيداً بعدما | ألقت ذكاءُ يمينَها في كافرِ (٤) |
ومنه يسمى الكافر كافراً، لأنه ستر نعم الله.
(١) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٤٠، وانظر: "الأصول في النحو" ١/ ٢٣، "الإيضاح في علل النحو" ص ١٣٥، "الإنصاف" ص ١٥٣ - ١٥٥.
(٢) شيخ الواحدي، تقدمت ترجيته مع شيوخه.
(٣) هو ثعلبة بن صعير بن خزاعي المازني، شاعر جاهلي قديم، قال الأصمعي: لو قال ثعلبة بن صعير مثل قصيدته خمساً كان فحلاً، انظر "فحولة الشعراء" الأصمعي ص ١٢، "الأعلام" للزركلي ٢/ ٩٩.
(٤) البيت من قصيدة له، ذكرها المفضل الضبي في "المفضليات" ص ١٢٨ - ١٣١، والبيت في "إصلاح المنطق" ص ٤٩، ٣٣٩، وفي "تهذيب اللغة" (كفر) ٤/ ٣١٦٢، "المشوف المعلم في ترتيب الإصلاح" ١/ ٣٣٢، ٢/ ٦٧٩، "أمالي القالي" ٢/ ١٤٥، "الصحاح" (كفر) ٢/ ٨٠٨، "مقاييس اللغة" (كفر) ٥/ ١٩١، "المخصص" ٦/ ٧٨، ٩/ ١٩، ٧/ ١٧، "اللسان" (رثد) ٣/ ١٥٩٨١، و (كفر) ٧/ ٣٨٩٩، و (ذكا) ٣/ ١٥١٠، و"تفسير ابن عطية" ١/ ١٥١، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٥٩، و"تفسير الطبري" ١/ ١١٠، "الدر المصون" ١/ ١٠٧.
وفي هذا البيت يذكر الظليم والنعامة، والثقل: بيضهما، والرثد: المتاع المرثود، وذكاء. الشمس، أي بدأت في المغيب، والكافر: الليل.
(٢) شيخ الواحدي، تقدمت ترجيته مع شيوخه.
(٣) هو ثعلبة بن صعير بن خزاعي المازني، شاعر جاهلي قديم، قال الأصمعي: لو قال ثعلبة بن صعير مثل قصيدته خمساً كان فحلاً، انظر "فحولة الشعراء" الأصمعي ص ١٢، "الأعلام" للزركلي ٢/ ٩٩.
(٤) البيت من قصيدة له، ذكرها المفضل الضبي في "المفضليات" ص ١٢٨ - ١٣١، والبيت في "إصلاح المنطق" ص ٤٩، ٣٣٩، وفي "تهذيب اللغة" (كفر) ٤/ ٣١٦٢، "المشوف المعلم في ترتيب الإصلاح" ١/ ٣٣٢، ٢/ ٦٧٩، "أمالي القالي" ٢/ ١٤٥، "الصحاح" (كفر) ٢/ ٨٠٨، "مقاييس اللغة" (كفر) ٥/ ١٩١، "المخصص" ٦/ ٧٨، ٩/ ١٩، ٧/ ١٧، "اللسان" (رثد) ٣/ ١٥٩٨١، و (كفر) ٧/ ٣٨٩٩، و (ذكا) ٣/ ١٥١٠، و"تفسير ابن عطية" ١/ ١٥١، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٥٩، و"تفسير الطبري" ١/ ١١٠، "الدر المصون" ١/ ١٠٧.
وفي هذا البيت يذكر الظليم والنعامة، والثقل: بيضهما، والرثد: المتاع المرثود، وذكاء. الشمس، أي بدأت في المغيب، والكافر: الليل.
88
ويقال: رماد مكفور، أي: سَفَت عليه الريح التراب حتى وارته، قال الراجز:
وقال آخر (٣):
أي: فيما يواريه من سواد الليل، وقد كفر الرجل متاعه [أي:] (٦) أوعاه في وعاء (٧).
| قد درسَتْ (١) غير رمادٍ مكفورْ | مكتئبِ اللون مَريحٍ ممطورْ (٢) |
| فوردَتْ قبلَ انبلاجِ (٤) الفَجْرِ | وابنُ ذُكاءٍ كامنٌ فى كَفْرِ (٥) |
(١) في (ج): (رزشت).
(٢) الرجز لمنظور بن مرثد الأسدي، وقيل: لأبي مهدي. وقبله:
هل تعرف الدار بأعلى ذى القور؟
يقول: درست معالم الدار إلا رماداً مكفوراً، أي: سفت عليه الريح، والأبيات في "إصلاح المنطق" ص ٣٤٠، وفي "التهذيب" (كفر) ٤/ ٣١٦٢، "الصحاح" (كفر) ٢/ ٨٠٧، "المخصص" ٦/ ٧٨، "المشوف المعلم في ترتيب الإصلاح" ٢/ ٦٧٩، "مقاييس اللغة" (كفر) ١٠/ ١٩٨، "اللسان" (كفر) ٧/ ٣٩٠٠. وكلهم رووه (مروح ممطور) سوى (المخصص) فنصه مثل رواية المؤلف هنا.
(٣) هو حميد الأرقط.
(٤) في (ج): (ابلاج).
(٥) قال ابن السكيت. ويروى: (في كفر) وهما لغتان. وابن ذكاء: يعني الصبح، "إصلاح المنطق" ص ٣٤٠، وانظر: "تهذيب اللغة" (كفر) ٤/ ٣١٦٢، ورد البيت كذلك في "الصحاح" (كفر) ٧/ ٣٩٠٠، "المخصص" ٦/ ٧٨، "المشوف المعلم" ٢/ ٦٧٩، "اللسان" (كفر) ٧/ ٣٩٠٠، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٦٠، "الدر المصون" ١/ ١٠٦.
(٦) في (أ)، (ج): (إلى)، وفي "إصلاح المنطق"، "التهذيب": (أي) وهو الصحيح. "الإصلاح" ص ٣٤٠، "التهذيب" (كفر) ٤/ ٣١٦٢.
(٧) انتهى كلام ابن السكيت وهو في "الإصلاح" ص ٣٣٩، ٣٤٠، "تهذيب اللغة" (كفر) ٤/ ٣١٦٢، ونص الواحدي من "التهذيب".
(٢) الرجز لمنظور بن مرثد الأسدي، وقيل: لأبي مهدي. وقبله:
هل تعرف الدار بأعلى ذى القور؟
يقول: درست معالم الدار إلا رماداً مكفوراً، أي: سفت عليه الريح، والأبيات في "إصلاح المنطق" ص ٣٤٠، وفي "التهذيب" (كفر) ٤/ ٣١٦٢، "الصحاح" (كفر) ٢/ ٨٠٧، "المخصص" ٦/ ٧٨، "المشوف المعلم في ترتيب الإصلاح" ٢/ ٦٧٩، "مقاييس اللغة" (كفر) ١٠/ ١٩٨، "اللسان" (كفر) ٧/ ٣٩٠٠. وكلهم رووه (مروح ممطور) سوى (المخصص) فنصه مثل رواية المؤلف هنا.
(٣) هو حميد الأرقط.
(٤) في (ج): (ابلاج).
(٥) قال ابن السكيت. ويروى: (في كفر) وهما لغتان. وابن ذكاء: يعني الصبح، "إصلاح المنطق" ص ٣٤٠، وانظر: "تهذيب اللغة" (كفر) ٤/ ٣١٦٢، ورد البيت كذلك في "الصحاح" (كفر) ٧/ ٣٩٠٠، "المخصص" ٦/ ٧٨، "المشوف المعلم" ٢/ ٦٧٩، "اللسان" (كفر) ٧/ ٣٩٠٠، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٦٠، "الدر المصون" ١/ ١٠٦.
(٦) في (أ)، (ج): (إلى)، وفي "إصلاح المنطق"، "التهذيب": (أي) وهو الصحيح. "الإصلاح" ص ٣٤٠، "التهذيب" (كفر) ٤/ ٣١٦٢.
(٧) انتهى كلام ابن السكيت وهو في "الإصلاح" ص ٣٣٩، ٣٤٠، "تهذيب اللغة" (كفر) ٤/ ٣١٦٢، ونص الواحدي من "التهذيب".
89
وقال ابن المظفر (١): سمي الكافر: كافراً، لأن الكفر غطى قلبه كله.
قال الأزهري: وهذا يحتاج إلى إيضاح. وهو: أن (الكفر) في اللغة:
التغطية، فالكافر معناه: ذو الكفر، ذو تغطية لقلبه بكفره، كما يقال للابس السلاح: كافر، وهو الذي غطاه السلاح. ومثله: رجل كاس أي: ذو كسوة، وناعل: ذو نعل (٢).
وقول ابن (٣) السكيت في معنى الكافر أبين وأصح (٤). والنعمة التي أنعم الله على العبد فكفرها (٥) الكافر، أي: سترها، هي الهدى والآيات التي أبانت لذوي التمييز أن الله واحد لا شريك له، فمن لم يصدق بها وردها فقد كفر النعمة، أي: سترها وغطاها.
ويجوز أن يقال: إن الكافر لما دعاه الله إلى توحيده فقد دعاه إلى نعمة أوجبها له إذا أجابه إلى ما دعاه إليه، فإذا لم (٦) يجب كان كافرا لتلك النعمة، أي: مغطيا لها، مكذبًا بها، حاجبا لها عنه (٧).
قال شمر: قال بعض أهل العربية (٨): الكفر على أربعة أنحاء: كفر إنكار، وكفر جحود، وكفر معاندة، وكفر نفاق، من لقي ربه بشيء من ذلك
قال الأزهري: وهذا يحتاج إلى إيضاح. وهو: أن (الكفر) في اللغة:
التغطية، فالكافر معناه: ذو الكفر، ذو تغطية لقلبه بكفره، كما يقال للابس السلاح: كافر، وهو الذي غطاه السلاح. ومثله: رجل كاس أي: ذو كسوة، وناعل: ذو نعل (٢).
وقول ابن (٣) السكيت في معنى الكافر أبين وأصح (٤). والنعمة التي أنعم الله على العبد فكفرها (٥) الكافر، أي: سترها، هي الهدى والآيات التي أبانت لذوي التمييز أن الله واحد لا شريك له، فمن لم يصدق بها وردها فقد كفر النعمة، أي: سترها وغطاها.
ويجوز أن يقال: إن الكافر لما دعاه الله إلى توحيده فقد دعاه إلى نعمة أوجبها له إذا أجابه إلى ما دعاه إليه، فإذا لم (٦) يجب كان كافرا لتلك النعمة، أي: مغطيا لها، مكذبًا بها، حاجبا لها عنه (٧).
قال شمر: قال بعض أهل العربية (٨): الكفر على أربعة أنحاء: كفر إنكار، وكفر جحود، وكفر معاندة، وكفر نفاق، من لقي ربه بشيء من ذلك
(١) هو الليث. انظر: "التهذيب" (كفر) ٤/ ٣١٦١، ومقدمة "التهذيب" ١/ ٤٧.
(٢) في (التهذيب) بدل (فاعل: ذو نعل)، وماء دافق: ذو دفق ٤/ ٣١٦١.
(٣) في (ج): (بن).
(٤) قال الأزهري: قلت: وما قاله ابن السكيت بيِّن صحيح، ٤/ ٣١٦١.
(٥) في "التهذيب": (والنعم التي سترها الكافر هي الآيات التي أبانت لذي التمييز.. إلخ) ٤/ ٣١٦٢.
(٦) في "التهذيب": (.. فقد دعاه إلى نعمة ينعم بها عليه إذا قبلها، فلما رد ما دعاه إليه من توحيده كان كافرا نعمة الله..)، ٤/ ٣١٦١.
(٧) "التهذيب" (كفر) ٤/ ٣١٦٠، وقد تصرف الواحدي في نقل كلام الأزهري.
(٨) في "التهذيب" (قال شمر: قال بعض أهل العلم)، ٤/ ٣١٦٠.
(٢) في (التهذيب) بدل (فاعل: ذو نعل)، وماء دافق: ذو دفق ٤/ ٣١٦١.
(٣) في (ج): (بن).
(٤) قال الأزهري: قلت: وما قاله ابن السكيت بيِّن صحيح، ٤/ ٣١٦١.
(٥) في "التهذيب": (والنعم التي سترها الكافر هي الآيات التي أبانت لذي التمييز.. إلخ) ٤/ ٣١٦٢.
(٦) في "التهذيب": (.. فقد دعاه إلى نعمة ينعم بها عليه إذا قبلها، فلما رد ما دعاه إليه من توحيده كان كافرا نعمة الله..)، ٤/ ٣١٦١.
(٧) "التهذيب" (كفر) ٤/ ٣١٦٠، وقد تصرف الواحدي في نقل كلام الأزهري.
(٨) في "التهذيب" (قال شمر: قال بعض أهل العلم)، ٤/ ٣١٦٠.
90
لم يغفر له.
فأما كفر الإنكار: فهو أن يكفر بقلبه ولسانه ولا يعرف ما يذكر له من التوحيد.
وكذلك روي في تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ﴾ [البقرة: ٦]، أي: الذين كفروا بتوحيد الله.
وأما كفر الجحود: فأن يعرف بقلبه ولا يقر بلسانه، فهذا كافر جاحد ككفر إبليس، وكفر أمية بن أبي الصلت (١)، ومنه قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ [البقرة: ٨٩]، يعني: كفر الجحود. وأما كفر المعاندة: فهو أن يعرف بقلبه ويقر بلسانه، ويأبى أن يقبل، ككفر أبي طالب حيث يقول:
فأما كفر الإنكار: فهو أن يكفر بقلبه ولسانه ولا يعرف ما يذكر له من التوحيد.
وكذلك روي في تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ﴾ [البقرة: ٦]، أي: الذين كفروا بتوحيد الله.
وأما كفر الجحود: فأن يعرف بقلبه ولا يقر بلسانه، فهذا كافر جاحد ككفر إبليس، وكفر أمية بن أبي الصلت (١)، ومنه قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ [البقرة: ٨٩]، يعني: كفر الجحود. وأما كفر المعاندة: فهو أن يعرف بقلبه ويقر بلسانه، ويأبى أن يقبل، ككفر أبي طالب حيث يقول:
| ولقد علمتُ بأنّ (٢) دين محمد | من خير أديان البرية دينا (٣) |
| لولا الملامةُ أو حِذارُ مسَبّةٍ | لوجدتَني سمحاً (٤) بذاك متينا (٥) |
(١) شاعر جاهلي أدرك النبي - ﷺ - وكفر به حسدًا، كان له شعر جيد، وكان يخبر أن نبيًّا قد أظل زمانه، وكان يؤمل أن يكون ذلك النبي، فلما بلغه خروج النبي - ﷺ - كفر به حسداً، ولما أنشد النبي - ﷺ - شعره قال: "آمن لسانه وكفر قلبه". وسبقت ترجمته، وانظر: "الخزانة" ١/ ٢٤٩.
(٢) في (ج): (أن).
(٣) إلى هنا ينتهي السقط من (ب).
(٤) في (ب): (سحا).
(٥) كذا جاءت الأبيات في "التهذيب" ٤/ ٣١٦٠، "اللسان" (كفر) ٧/ ٣٨٩٨، و"تفسير البغوي" ١/ ٦٤، وفي "تفسير النسفي" ١/ ٥٠، (ضمن مجموعة من التفاسير) وفيها (سمحا بذلك مبينا) وفي "تفسير القرطبي" (بقينا) ٦/ ٤٠٦. وذكرها المؤلف في "أسباب النزول" بمثل روايته لها هنا. ص ٢١٠.
(٢) في (ج): (أن).
(٣) إلى هنا ينتهي السقط من (ب).
(٤) في (ب): (سحا).
(٥) كذا جاءت الأبيات في "التهذيب" ٤/ ٣١٦٠، "اللسان" (كفر) ٧/ ٣٨٩٨، و"تفسير البغوي" ١/ ٦٤، وفي "تفسير النسفي" ١/ ٥٠، (ضمن مجموعة من التفاسير) وفيها (سمحا بذلك مبينا) وفي "تفسير القرطبي" (بقينا) ٦/ ٤٠٦. وذكرها المؤلف في "أسباب النزول" بمثل روايته لها هنا. ص ٢١٠.
91
وأما كفر النفاق: فأن يقر بلسانه ويكفر بقلبه.
قال (١): والكفر -أيضا- يكون بمعنى: البراءة، كقول الله عز وجل خبرًا عن الشيطان ﴿إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ﴾ [إبراهيم: ٢٢]، أي تبرأت (٢). ويقال: كفر كفراً وكفوراً، كما يقال: شكر شكراً وشكوراً (٣) قال الله تعالى: ﴿فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا﴾ [الإسراء: ٨٩].
وقوله تعالى: ﴿سَوَآءُ عَلَيهِم﴾. السواء (٤)، والعدل، والوسط، والقصد، والنصف: ألفاظ متقاربة في المعنى. يقال للعدل: السواء، قال زهير (٥).
قال (١): والكفر -أيضا- يكون بمعنى: البراءة، كقول الله عز وجل خبرًا عن الشيطان ﴿إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ﴾ [إبراهيم: ٢٢]، أي تبرأت (٢). ويقال: كفر كفراً وكفوراً، كما يقال: شكر شكراً وشكوراً (٣) قال الله تعالى: ﴿فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا﴾ [الإسراء: ٨٩].
وقوله تعالى: ﴿سَوَآءُ عَلَيهِم﴾. السواء (٤)، والعدل، والوسط، والقصد، والنصف: ألفاظ متقاربة في المعنى. يقال للعدل: السواء، قال زهير (٥).
| أرُوني (٦) خُطَّةً لا خَسْفَ فيها | يُسَوِّي (٧) بيننا فيها السَّوَاءُ (٨) |
(١) أي: شمر. "التهذيب" ٤/ ٣١٦٠.
(٢) كلام شمر جميعه في "تهذيب اللغة" (كفر) ٤/ ٣١٦٠، "اللسان" (كفر) ٧/ ٣٨٩٨، وانظر أنواع الكفر في "التصاريف" المنسوب ليحيى بن سلام ص ١٠٤، ١٠٥، و"النسفي" ١/ ٥٠ (ضمن مجموعة من التفاسير).
(٣) "الحجة" لأبي علي١/ ٢٤٥، وانظر "تهذيب اللغة" ٤/ ٣١٦٠.
(٤) الكلام في "الحجة" بنصه ١/ ٢٤٥. وانظر "التصاريف" ص ١١١، ١١٢، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٩٥، "الصحاح" (سوا) ٦/ ٢٣٨٤.
(٥) هو زهير بن أبي سلمى، أحد فحول شعراء الجاهلية، توفي قبل المبعث بسنة. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٦٩، "الخزانة" ٢/ ٣٣٢.
(٦) في "الحجة" (أرونا) وفي الهامش في ط (أرني) ١/ ٢٤٦.
(٧) في (ب): (يسوا).
(٨) رواية البيت في الديوان: أرونا سنة لا عيب فيها.
يقول: أرونا سنة لا عيب فيها ولا ظلم، تسوى بيننا بالحق، "ديوان زهير" ص ٨٤، "الحجة" ١/ ٢٤٦، "تهذيب اللغة" "لفيف السين" ٢/ ١٧٩٥، "البحر" ١/ ٣٤٧، "الدر المصون" ١/ ١٠٨.
(٢) كلام شمر جميعه في "تهذيب اللغة" (كفر) ٤/ ٣١٦٠، "اللسان" (كفر) ٧/ ٣٨٩٨، وانظر أنواع الكفر في "التصاريف" المنسوب ليحيى بن سلام ص ١٠٤، ١٠٥، و"النسفي" ١/ ٥٠ (ضمن مجموعة من التفاسير).
(٣) "الحجة" لأبي علي١/ ٢٤٥، وانظر "تهذيب اللغة" ٤/ ٣١٦٠.
(٤) الكلام في "الحجة" بنصه ١/ ٢٤٥. وانظر "التصاريف" ص ١١١، ١١٢، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٩٥، "الصحاح" (سوا) ٦/ ٢٣٨٤.
(٥) هو زهير بن أبي سلمى، أحد فحول شعراء الجاهلية، توفي قبل المبعث بسنة. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٦٩، "الخزانة" ٢/ ٣٣٢.
(٦) في "الحجة" (أرونا) وفي الهامش في ط (أرني) ١/ ٢٤٦.
(٧) في (ب): (يسوا).
(٨) رواية البيت في الديوان: أرونا سنة لا عيب فيها.
يقول: أرونا سنة لا عيب فيها ولا ظلم، تسوى بيننا بالحق، "ديوان زهير" ص ٨٤، "الحجة" ١/ ٢٤٦، "تهذيب اللغة" "لفيف السين" ٢/ ١٧٩٥، "البحر" ١/ ٣٤٧، "الدر المصون" ١/ ١٠٨.
92
وأنشد أبو زيد لعنترة (١):
و (السواء): وسط الشيء، ومنه قوله: ﴿فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ (٣) [الصافات: ٥٥].
و (سواء) مأخوذ من الاستواء والتساوي، وهو الاعتدال (٤)، قال الشاعر:
أي: معتدلة في البصر والإدراك.
وقالوا: سِيٌّ بمعنى: سواء، كما قالوا: قِيّ وقَواء (٦)، ولا يثنى (سواء) كما ثني (سيان) وإن كانوا قد جمعوه جمع التكسير في قولهم:
| أبَينا فلا نُعطي السَّواءَ عدوَّنا | قيامًا بأعضاد السَّراءِ المُعَطَّفِ (٢) |
و (سواء) مأخوذ من الاستواء والتساوي، وهو الاعتدال (٤)، قال الشاعر:
| وليلٍ يقولُ المرءُ من ظلماته | سواءٌ صحيحاتُ العيونِ وعُورُها (٥) |
وقالوا: سِيٌّ بمعنى: سواء، كما قالوا: قِيّ وقَواء (٦)، ولا يثنى (سواء) كما ثني (سيان) وإن كانوا قد جمعوه جمع التكسير في قولهم:
(١) هو عنترة بن عمرو بن شداد العبسي، كان شاعرًا، وكان أشجع أهل زمانه وأجودهم. انظر ترجمته في: "الشعر والشعراء" ص ١٤٩، "طبقات فحول الشعراء" ١/ ١٥٢، "الخزانة" ١/ ١٢٨.
(٢) البيت من قصيدة قالها عنترة يوم (عرار) يخاطب فيها بني حنيفة، قوله: السواء: الصلح، أعضاد: جمع عضد، وهو القوس، والسراء: شجر يتخذ منه القسي، المعطف: المعوج، انظر. "ديوان عنترة" ص ٥٢، "نوادر أبي زيد" ص ٣٧٧، "الحجة" ١/ ٢٤٦.
(٣) كلمة (في) في الآية ساقط من (أ).
(٤) "الأضداد" لابن الأنباري ص ٤٣.
(٥) البيت للأعشى كما في "ديوانه" ص ٦٨، وفيه: "يقول القوم" سواء بصيرات.. " وهو في "الأضداد" لابن الأنباري ص ٤٣، وفيه "يقول القوم"، "الطبري" ١/ ١١١، "البحر المحيط" ١/ ٤٧، "القرطبي" ١/ ١٦٠، "الدر المصون" ١/ ١٠٧.
(٦) (القي) بالكسر والتشديد (فعل) من القوا (وهي الأرض القفر) "اللسان" (قوا) ٦/ ٣٧٨٩، انظر: "الصحاح" ٦/ ٢٤٧٠، "مقاييس اللغة" (قوي) ٥/ ٣٧.
(٢) البيت من قصيدة قالها عنترة يوم (عرار) يخاطب فيها بني حنيفة، قوله: السواء: الصلح، أعضاد: جمع عضد، وهو القوس، والسراء: شجر يتخذ منه القسي، المعطف: المعوج، انظر. "ديوان عنترة" ص ٥٢، "نوادر أبي زيد" ص ٣٧٧، "الحجة" ١/ ٢٤٦.
(٣) كلمة (في) في الآية ساقط من (أ).
(٤) "الأضداد" لابن الأنباري ص ٤٣.
(٥) البيت للأعشى كما في "ديوانه" ص ٦٨، وفيه: "يقول القوم" سواء بصيرات.. " وهو في "الأضداد" لابن الأنباري ص ٤٣، وفيه "يقول القوم"، "الطبري" ١/ ١١١، "البحر المحيط" ١/ ٤٧، "القرطبي" ١/ ١٦٠، "الدر المصون" ١/ ١٠٧.
(٦) (القي) بالكسر والتشديد (فعل) من القوا (وهي الأرض القفر) "اللسان" (قوا) ٦/ ٣٧٨٩، انظر: "الصحاح" ٦/ ٢٤٧٠، "مقاييس اللغة" (قوي) ٥/ ٣٧.
93
(سواسية) (١).
قال أبو الهيثم (٢): يقال فلان وفلان سواء (٣)، أي: متساويان، وقوم سواء، لأنه مصدر، لا يثنى ولا يجمع. قال الله عز وجل: ﴿لَيسُواْ سَوَآء﴾ [آل عمران: ١١٣] أي: ليسوا مستوين (٤)، وإذا قلت: سواء عليّ، احتجت أن تترجم عنه بشيئين، كقولك: سواء حرمتني أو أعطيتني.
وحكى السكري عن أبي حاتم إجازة تثنية (سواء) (٥).
قال أبو علي الفارسي: لم يصب ابن (٦) السجستاني في ذلك، لأن الأخفش وأبا عمر الجرمي (٧) زعما (٨) أن ذلك لا يثنى، كأنهم استغنوا بتثنية (سي) (٩) عن تثنية (سواء)، كما استغنوا عن (ودع)، بـ (ترك) (١٠). وأنشد أبو زيد:
قال أبو الهيثم (٢): يقال فلان وفلان سواء (٣)، أي: متساويان، وقوم سواء، لأنه مصدر، لا يثنى ولا يجمع. قال الله عز وجل: ﴿لَيسُواْ سَوَآء﴾ [آل عمران: ١١٣] أي: ليسوا مستوين (٤)، وإذا قلت: سواء عليّ، احتجت أن تترجم عنه بشيئين، كقولك: سواء حرمتني أو أعطيتني.
وحكى السكري عن أبي حاتم إجازة تثنية (سواء) (٥).
قال أبو علي الفارسي: لم يصب ابن (٦) السجستاني في ذلك، لأن الأخفش وأبا عمر الجرمي (٧) زعما (٨) أن ذلك لا يثنى، كأنهم استغنوا بتثنية (سي) (٩) عن تثنية (سواء)، كما استغنوا عن (ودع)، بـ (ترك) (١٠). وأنشد أبو زيد:
(١) في (ج): (سواء سييه). الكلام في "الحجة" لأبي علي ١/ ٢٤٦، ٢٤٧.
(٢) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٩٣.
(٣) في "التهذيب": (فلان وفلان سواعد، أي: متساويان) وهو تصحيف ٢/ ١٧٩٥.
(٤) في (ب): (مستويين).
(٥) ذكره أبو علي في "الحجة" ١/ ٢٦٨.
(٦) في (ب): (لم يصف ممن).
(٧) هو صالح بن إسحاق، أبو عمر الجرمي، النحوي، بصري، قدم بغداد، لقي الفراء، وأخذ عن الأخفش وأبي عبيدة والأصمعي، وكان ذا دين وورع، توفى سنة خمس وعشرين ومائتين. انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" ٩/ ٣١٣، "طبقات النحويين واللغويين" ص ١٧٤، (إنباه الرواة) ٢/ ٨٠، "وفيات الأعيان" ٢/ ٤٨٥.
(٨) في (ب): (زعموا).
(٩) في (ب): (بتثنيته شي).
(١٠) في (ب) (بكرا). "الحجة" ١/ ٢٦٨، وما بعده في "الحجة" في موضع آخر.
(٢) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٩٣.
(٣) في "التهذيب": (فلان وفلان سواعد، أي: متساويان) وهو تصحيف ٢/ ١٧٩٥.
(٤) في (ب): (مستويين).
(٥) ذكره أبو علي في "الحجة" ١/ ٢٦٨.
(٦) في (ب): (لم يصف ممن).
(٧) هو صالح بن إسحاق، أبو عمر الجرمي، النحوي، بصري، قدم بغداد، لقي الفراء، وأخذ عن الأخفش وأبي عبيدة والأصمعي، وكان ذا دين وورع، توفى سنة خمس وعشرين ومائتين. انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" ٩/ ٣١٣، "طبقات النحويين واللغويين" ص ١٧٤، (إنباه الرواة) ٢/ ٨٠، "وفيات الأعيان" ٢/ ٤٨٥.
(٨) في (ب): (زعموا).
(٩) في (ب): (بتثنيته شي).
(١٠) في (ب) (بكرا). "الحجة" ١/ ٢٦٨، وما بعده في "الحجة" في موضع آخر.
94
| هلاّ، (١) كوصل ابن عمّارٍ تُواصلني | ليس الرجالُ وإن سُوُّوا بأسواءِ (٢) |
وقوله تعالى: ﴿ءَأَنذَرتَهُم﴾ (٧). الإنذار: إعلام مع تخويف، فكل منذر معلم، وليس كل معلم منذراً (٨). وأنذرت يتعدى إلى مفعولين كقوله تعالى: ﴿فَقُل أَنذَرتُكُم صعِقَةً﴾ [فصلت: ١٣] وقوله: ﴿إِنَّا أَنذَرناكم عَذَابًا قَرِيبًا﴾ [النبأ: ٤٠] ويقال: أنذرتُه فنَذِرَ، أي: علم بموضع الخوف (٩).
(١) في (ب): (مهلا).
(٢) أنشده أبو زيد في (النوادر) قال: (وقال رافع بن هريم، وأدرك الإسلام، ثم ذكر البيت وبيتين قبله، "النوادر" ص ٢٨٢، وانظر: "الحجة" ١/ ٢٤٧، "اللسان" (سوا) ٤/ ٢١٦٠.
(٣) (من) ساقطة من (ب).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) في "الحجة": (وإن كان جمع سواء فهو مثل ما حكاه أبو زيد من قولهم: جواد وأجواد..)، ١/ ٢٤٧.
(٦) انتهى من "الحجة" ١/ ٢٤٧، ٢٤٨.
(٧) في (أ) رسمت: (آنذرتهم).
(٨) ذكره أبو علي في "الحجة" ١/ ٢٥٣، وانظر (تفسير أبي الليث) ١/ ٩٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨/أ.
(٩) "الحجة" ١/ ٢٥٣، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨ أ.
(٢) أنشده أبو زيد في (النوادر) قال: (وقال رافع بن هريم، وأدرك الإسلام، ثم ذكر البيت وبيتين قبله، "النوادر" ص ٢٨٢، وانظر: "الحجة" ١/ ٢٤٧، "اللسان" (سوا) ٤/ ٢١٦٠.
(٣) (من) ساقطة من (ب).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) في "الحجة": (وإن كان جمع سواء فهو مثل ما حكاه أبو زيد من قولهم: جواد وأجواد..)، ١/ ٢٤٧.
(٦) انتهى من "الحجة" ١/ ٢٤٧، ٢٤٨.
(٧) في (أ) رسمت: (آنذرتهم).
(٨) ذكره أبو علي في "الحجة" ١/ ٢٥٣، وانظر (تفسير أبي الليث) ١/ ٩٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨/أ.
(٩) "الحجة" ١/ ٢٥٣، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨ أ.
95
و (النذر) ما يجعله الإنسان على نفسه إن سلم مما يخافه (١).
وقد جاء: النذير والنذر مصدرين كالإنذار (٢)، فجاء المصدر على: (فعيل) و (فعل). وفي القرآن ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ (٣) وفيه ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ [القمر: ١٦]. وقيل في قوله: ﴿نَذِيَرًا لِلْبَشَرِ﴾ [المدثر: ٣٦]: إنه مصدر في موضع الحال من قوله: ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ﴾ [المدثر: ٣٥]، كما تقول (٤): جاء (٥) ركضاً. فتجعل المصدر حالاً (٦).
وجعل (نذير) أيضًا مصدراً في قوله: ﴿وَجَآءكُمُ اَلنذِير﴾ [فاطر: ٣٧] إذا فسر بأنه الشيب (٧).
وقد جاء: النذير والنذر مصدرين كالإنذار (٢)، فجاء المصدر على: (فعيل) و (فعل). وفي القرآن ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ (٣) وفيه ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ [القمر: ١٦]. وقيل في قوله: ﴿نَذِيَرًا لِلْبَشَرِ﴾ [المدثر: ٣٦]: إنه مصدر في موضع الحال من قوله: ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ﴾ [المدثر: ٣٥]، كما تقول (٤): جاء (٥) ركضاً. فتجعل المصدر حالاً (٦).
وجعل (نذير) أيضًا مصدراً في قوله: ﴿وَجَآءكُمُ اَلنذِير﴾ [فاطر: ٣٧] إذا فسر بأنه الشيب (٧).
(١) تعريف النذر اصطلاحًا: التزام قربة غير لازمة في أصل الشرع، بلفظ يشعر بذلك، انظر: "الروض المربع مع حاشية ابن قاسم" ٧/ ٤٩٦، "التعريفات" للجرجاني ص٢٤٠، و"فقه السنة" ٢/ ٢٢.
(٢) في "الحجة": (وقالوا: النذير والنذر، كما قالوا: النكير والنكر، فجاء المصدر على فعيل وعلى فعل..) ١/ ٢٥٤.
(٣) جزء من آية في الحج: ٤٤، وسبأ: ٤٥، وفاطر: ٢٦، والملك: ١٨.
(٤) (تقول) ساقط من (ب).
(٥) في (ج): (أجاء).
(٦) في "الحجة": (فأما قوله تعالى: ﴿نَذِيَرًا لِلْبَشَرِ﴾ فقد قيل فيه قولان: أحدهما: أن يكون حالا من (قم) المذكورة في أول السورة والآخر: أن يكون حالا من قوله: ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ﴾ فإذا جعل (نذيرا) حالا مما في (قم) فإن (النذير) اسم فاعل بمعنى المنذر.. وإن جعلته حالا من قوله: ﴿لَإِحْدَى الْكُبَرِ﴾ فليس يخلو الحال أن يكون من المضاف أومن المضاف إليه.. وفي كلا الوجهين ينبغي أن يكون (نذيرا) مصدرا، والمصدر يكون حالا من الجميع كما يكون حالا من المفرد. تقول: جاؤوا ركضًا، كما تقول: جاء ركضًا..) ١/ ٢٥٥.
(٧) في "الحجة". (.. فمن قال: إن النذير النبي - ﷺ - كان اسم فاعل كالمنذر، ومن قال: إنه الشيب كان الأولى أن يكون مصدرًا كالإنذار)، "الحجة" ١/ ٢٥٥.
(٢) في "الحجة": (وقالوا: النذير والنذر، كما قالوا: النكير والنكر، فجاء المصدر على فعيل وعلى فعل..) ١/ ٢٥٤.
(٣) جزء من آية في الحج: ٤٤، وسبأ: ٤٥، وفاطر: ٢٦، والملك: ١٨.
(٤) (تقول) ساقط من (ب).
(٥) في (ج): (أجاء).
(٦) في "الحجة": (فأما قوله تعالى: ﴿نَذِيَرًا لِلْبَشَرِ﴾ فقد قيل فيه قولان: أحدهما: أن يكون حالا من (قم) المذكورة في أول السورة والآخر: أن يكون حالا من قوله: ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ﴾ فإذا جعل (نذيرا) حالا مما في (قم) فإن (النذير) اسم فاعل بمعنى المنذر.. وإن جعلته حالا من قوله: ﴿لَإِحْدَى الْكُبَرِ﴾ فليس يخلو الحال أن يكون من المضاف أومن المضاف إليه.. وفي كلا الوجهين ينبغي أن يكون (نذيرا) مصدرا، والمصدر يكون حالا من الجميع كما يكون حالا من المفرد. تقول: جاؤوا ركضًا، كما تقول: جاء ركضًا..) ١/ ٢٥٥.
(٧) في "الحجة". (.. فمن قال: إن النذير النبي - ﷺ - كان اسم فاعل كالمنذر، ومن قال: إنه الشيب كان الأولى أن يكون مصدرًا كالإنذار)، "الحجة" ١/ ٢٥٥.
96
وفي قوله: ﴿ءَأَنذَرتَهُم﴾ وجهان من القراءة (١) تحقيق الهمزتين، وتليين الثانية (٢).
فمن حققهما (٣) فحجته (٤): أن الهمزة حرف من حروف الحلق، فجاز أن يجتمع مع مثله كسائر الحروف الحلقية، نحو: فَهَّ (٥) وفَهِهْتُ، وكَعَّ (٦) وكَعَعْتُ، كذلك حكم الهمزة.
ومما يقوّي ذلك قولهم: (رَأّس) (٧) وسأّل، (تذأَّبت الريح) (٨)، و (رأيت (٩) الرجل). وكما جمع الجميع بينهما إذا كانتا عينين، كذلك يجوز الجمع بينهما في غير هذا الموضع (١٠).
فمن حققهما (٣) فحجته (٤): أن الهمزة حرف من حروف الحلق، فجاز أن يجتمع مع مثله كسائر الحروف الحلقية، نحو: فَهَّ (٥) وفَهِهْتُ، وكَعَّ (٦) وكَعَعْتُ، كذلك حكم الهمزة.
ومما يقوّي ذلك قولهم: (رَأّس) (٧) وسأّل، (تذأَّبت الريح) (٨)، و (رأيت (٩) الرجل). وكما جمع الجميع بينهما إذا كانتا عينين، كذلك يجوز الجمع بينهما في غير هذا الموضع (١٠).
(١) (من القراءة) ساقط من (ب).
(٢) بالتحقيق قرأ عاصم، وحمزة، والكسائي، وابن عامر. "السبعة" لابن مجاهد ص ١٣٧، "الكشف عن وجوه القراءات" ١/ ٧٣. وبتليين الثانية قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو. "السبعة" لابن مجاهد ص ١٣٧، "الكشف" ١/ ٧٣ قال في (السبعة). من قول أبي عمرو أنه يدخل بين الهمزتين ألفا.
(٣) في (ب): (حققها) وفي (ج): (حقق).
(٤) "الحجة" ١/ ٢٧٤.
(٥) الفهّ: الكليل اللسان العيي، وفه عن الشيء: نسيه، وقد فهه كفرح. عيي. انظر: "اللسان" (فهه) ٦/ ٣٤٨١، "القاموس" (فهه) ص ١٢٥١.
(٦) الكع. الضعيف العاجز، وكع الوجه: رقيقه، وكع يكع: جبن وضعف. انظر. "اللسان" (كعع) ٨/ ٣١٢، "القاموس" (كع) ص ٧٥٩.
(٧) وهو الذي يبيع الرؤوس. إصلاح المنطق ص ١٤٨.
(٨) (تذأبت الريح) إذا جاءت مرة من هاهنا، ومرة من هاهنا. "إصلاح المنطق" ص ١٤٤، " اللسان" (ذأب) ٣/ ١٤٧٩.
(٩) رأيته: إذا أريته على خلاف ما أنا عليه. انظر: "القاموس" ص ١٢٨٥.
(١٠) "الحجة" ١/ ٢٧٥، وانظر: "الكشف" لمكي ١/ ٧٣.
(٢) بالتحقيق قرأ عاصم، وحمزة، والكسائي، وابن عامر. "السبعة" لابن مجاهد ص ١٣٧، "الكشف عن وجوه القراءات" ١/ ٧٣. وبتليين الثانية قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو. "السبعة" لابن مجاهد ص ١٣٧، "الكشف" ١/ ٧٣ قال في (السبعة). من قول أبي عمرو أنه يدخل بين الهمزتين ألفا.
(٣) في (ب): (حققها) وفي (ج): (حقق).
(٤) "الحجة" ١/ ٢٧٤.
(٥) الفهّ: الكليل اللسان العيي، وفه عن الشيء: نسيه، وقد فهه كفرح. عيي. انظر: "اللسان" (فهه) ٦/ ٣٤٨١، "القاموس" (فهه) ص ١٢٥١.
(٦) الكع. الضعيف العاجز، وكع الوجه: رقيقه، وكع يكع: جبن وضعف. انظر. "اللسان" (كعع) ٨/ ٣١٢، "القاموس" (كع) ص ٧٥٩.
(٧) وهو الذي يبيع الرؤوس. إصلاح المنطق ص ١٤٨.
(٨) (تذأبت الريح) إذا جاءت مرة من هاهنا، ومرة من هاهنا. "إصلاح المنطق" ص ١٤٤، " اللسان" (ذأب) ٣/ ١٤٧٩.
(٩) رأيته: إذا أريته على خلاف ما أنا عليه. انظر: "القاموس" ص ١٢٨٥.
(١٠) "الحجة" ١/ ٢٧٥، وانظر: "الكشف" لمكي ١/ ٧٣.
97
وحجة من خفف (١) الثانية: أن القرب قد رفضت جمعهما (٢) في مواضع من كلامهم، من ذلك أنهما (٣) لما اجتمعتا في (آدم) و (آدر) و (آخر) ألزموا جميعا الثانية البدل (٤) ولم يحققوها.
ولما كسروا وحقروا جعلوا هذه المبدلة بمنزلة مالا أصل له في الهمزة فقالوا: أواخر وأويخر (٥)، فأبدلوا منها (الواو)، كما أبدلوها مما هو ألفط لا يناسب (٦) الهمزة، نحو: ضوارب وضويرب، وفي هذا دلالة بينة على رفضهم اجتماعهما.
ألا تراهم لم يرجعوها (٧) في التحقير والتكسير، كما رجعوا (الواو) في: ميقات وميعاد (٨)، و (الياء) في: موسر (٩)، في قولهم: مواقيت ومياسير، وفي ذلك دلالة بينة على رفضهم لجمعها (١٠).
ومن ذلك أيضا أنا لم نجد كلمة عينها همزة ولامها كذلك، كما
ولما كسروا وحقروا جعلوا هذه المبدلة بمنزلة مالا أصل له في الهمزة فقالوا: أواخر وأويخر (٥)، فأبدلوا منها (الواو)، كما أبدلوها مما هو ألفط لا يناسب (٦) الهمزة، نحو: ضوارب وضويرب، وفي هذا دلالة بينة على رفضهم اجتماعهما.
ألا تراهم لم يرجعوها (٧) في التحقير والتكسير، كما رجعوا (الواو) في: ميقات وميعاد (٨)، و (الياء) في: موسر (٩)، في قولهم: مواقيت ومياسير، وفي ذلك دلالة بينة على رفضهم لجمعها (١٠).
ومن ذلك أيضا أنا لم نجد كلمة عينها همزة ولامها كذلك، كما
(١) في (ب): (حقق).
(٢) في (ب): (جمعها).
(٣) في "الحجة" (أنهم لما اجتمعتا...)، ١/ ٢٧٥.
(٤) أبدلوا مكانها الألف، انظر "الكتاب" ٣/ ٥٥٢.
(٥) وقالوا في آدم: أوادم في الجمع، وفي التصغير: أويدم. انظر "الكتاب" ٣/ ٥٥٢.
(٦) في (أ): (تناسب) وما في (ب)، (ج) موافق لما في "الحجة" ١/ ٢٧٦.
(٧) في (ب): (يرجعوا لها).
(٨) (وميعاد) ساقط من (ب).
(٩) في (ب): (مولس)
(١٠) (لجمعها) كذا في جميع النسخ، وفي "الحجة" (لجمعهما) ١/ ٢٧٦، وهذا هو الصحيح أي: جمع الهمزتين.
(٢) في (ب): (جمعها).
(٣) في "الحجة" (أنهم لما اجتمعتا...)، ١/ ٢٧٥.
(٤) أبدلوا مكانها الألف، انظر "الكتاب" ٣/ ٥٥٢.
(٥) وقالوا في آدم: أوادم في الجمع، وفي التصغير: أويدم. انظر "الكتاب" ٣/ ٥٥٢.
(٦) في (أ): (تناسب) وما في (ب)، (ج) موافق لما في "الحجة" ١/ ٢٧٦.
(٧) في (ب): (يرجعوا لها).
(٨) (وميعاد) ساقط من (ب).
(٩) في (ب): (مولس)
(١٠) (لجمعها) كذا في جميع النسخ، وفي "الحجة" (لجمعهما) ١/ ٢٧٦، وهذا هو الصحيح أي: جمع الهمزتين.
98
وجدنا في سائر أخوات الهمزة من الحلقية كقولهم: مهاه (١)، فهّ (٢)، و ﴿يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾ [الماعون: ٢]، و (مح) (٣) و (ألح) و (مخ) (٤). فإذا لم يجمعوا بين الهمزتين في المواضع (٥) التي جمع فيها بين أخواتها (٦)، دل ذلك على رفضهم (٧) لجمعها (٨).
ومن ذلك (٩) أنهم ألزموا باب (رزيئة) و (خطيئة) (١٠) القلب (١١) في الجمع، لما يؤدي اجتماع الهمزتين، فقالوا: (خطايا) و (رزايا) (١٢)، فلو
ومن ذلك (٩) أنهم ألزموا باب (رزيئة) و (خطيئة) (١٠) القلب (١١) في الجمع، لما يؤدي اجتماع الهمزتين، فقالوا: (خطايا) و (رزايا) (١٢)، فلو
(١) المهه والمهاه. النضارة والحسن، وقيل: الشيء الحقير اليسير، والهاء فيها لا تصير تاء، إلا إذا أردت بالمهاة. البقرة. انظر: "اللسان" (مهه) ٧/ ٤٢٩٠.
(٢) في (أ): (فة) وفي "الحجة" (فه) بدون نقط وهو الصحيح ١/ ٢٧٦، فه عن الشيء: إذا نسيه، والفه: اللسان العيى. "اللسان" (فهه) ٦/ ٣٤٨١.
(٣) (مح): المح: الثوب الخلق، مح: أخلق. "اللسان" (محح) ٧/ ٤١٤٣.
(٤) في (أ): (مح) وفي (ب)، (ج) بدون نقط أو تشكيل. وفي "الحجة" (مخ) ١/ ٢٧٦.
(٥) في "الحجة": (الموضع) ١/ ٢٧٦.
(٦) في "الحجة": (وكررت) ١/ ٢٧٦، أي جمع بين حروف الحلق وكررت
(٧) في (ب). (بعصهم).
(٨) في "الحجة": (لجمعهما) ١/ ٢٧٦ أي الهمزتين.
(٩) انظر بقية كلام أبي علي في "الحجة" ١/ ٢٧٧.
(١٠) في (ج): (ذربه) و (خطئه).
(١١) في "الحجة": (.. عما يؤدي إلى اجتماع همزتين فيه، فقالوا...) ١/ ٢٧٧.
(١٢) قال المازني: (اعلم أنك إذا جمعت (خطيئة) و (رزيئة) على (فعائل) قلت: (خطايا) و (رزايا) وما أشبه هذا مما لامه همزة في الأصل، لأنك همزت ياء (خطيئة) و (رزيئة) في الجمع كما همزت ياء (قبيلة) و (سفينة) حين قلت: (قبائل) و (سفائن) وموضع اللام من (خطيئة) مهموز فاجتمع همزتان، فقلبت الثانية ياء، لاجتماع الهمزتين فصارت (خطائى) ثم أبدلت مكان الياء ألفاء... فصارت (خطاءا) وتقديرها: (خطاءا) والهمزة قريبة المخرج من الألف فكأنك جمعت =
(٢) في (أ): (فة) وفي "الحجة" (فه) بدون نقط وهو الصحيح ١/ ٢٧٦، فه عن الشيء: إذا نسيه، والفه: اللسان العيى. "اللسان" (فهه) ٦/ ٣٤٨١.
(٣) (مح): المح: الثوب الخلق، مح: أخلق. "اللسان" (محح) ٧/ ٤١٤٣.
(٤) في (أ): (مح) وفي (ب)، (ج) بدون نقط أو تشكيل. وفي "الحجة" (مخ) ١/ ٢٧٦.
(٥) في "الحجة": (الموضع) ١/ ٢٧٦.
(٦) في "الحجة": (وكررت) ١/ ٢٧٦، أي جمع بين حروف الحلق وكررت
(٧) في (ب). (بعصهم).
(٨) في "الحجة": (لجمعهما) ١/ ٢٧٦ أي الهمزتين.
(٩) انظر بقية كلام أبي علي في "الحجة" ١/ ٢٧٧.
(١٠) في (ج): (ذربه) و (خطئه).
(١١) في "الحجة": (.. عما يؤدي إلى اجتماع همزتين فيه، فقالوا...) ١/ ٢٧٧.
(١٢) قال المازني: (اعلم أنك إذا جمعت (خطيئة) و (رزيئة) على (فعائل) قلت: (خطايا) و (رزايا) وما أشبه هذا مما لامه همزة في الأصل، لأنك همزت ياء (خطيئة) و (رزيئة) في الجمع كما همزت ياء (قبيلة) و (سفينة) حين قلت: (قبائل) و (سفائن) وموضع اللام من (خطيئة) مهموز فاجتمع همزتان، فقلبت الثانية ياء، لاجتماع الهمزتين فصارت (خطائى) ثم أبدلت مكان الياء ألفاء... فصارت (خطاءا) وتقديرها: (خطاءا) والهمزة قريبة المخرج من الألف فكأنك جمعت =
99
كان لاجتماعهما عندهم مساغ ما رفضوا ذلك الأصل، كما أنه لو كان لتحرك العينات في نحو: (قال) و (باع) مجاز، ما ألزموها القلب (١). فإن قيل: فقد حكى عن بعضهم: (خطائئ) بتحقيق الهمزتين (٢)؟
قيل: هذا يجري مجرى الأصول المرفوضة (٣) نحو:
............. ضننوا (٤)
........... والأظلل (٥)
ولا يعتد بذلك (٦).
قيل: هذا يجري مجرى الأصول المرفوضة (٣) نحو:
............. ضننوا (٤)
........... والأظلل (٥)
ولا يعتد بذلك (٦).
= بين ثلاث ألفات فلما كان كذلك أبدلوا من الهمزة (ياء) فصار (خطايا)، "المنصف" ٢/ ٥٤، ٥٥.
(١) (القلب) ساقط من (ب).
(٢) انظر "المقتضب" ١/ ١٥٩، "المنصف" ٢/ ٥٧، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٧١، قال ابن جني: حكاه أبو زيد.
(٣) قال أبو الفتح ابن جني: شاذ لا يقاس عليه. "سر صناعة الإعراب" ١/ ٧٢.
(٤) جزء من بيت كما في "الحجة" ١/ ٢٧٧ وتمامه:
أراد. ضنوا، فأظهر التضعيف لضرورة الشعر. انظر "الكتاب" ١/ ٢٩، ٣/ ٥٣٥، "النوادر" لأبي زيد ص ٢٣٠، "المقتضب" ١/ ١٤٢، ٢٥٣، "المنصف" ١/ ٣٣٩ "اللسان" (ضنن) ٥/ ٢٦١٤، "ظلل" ٥/ ٢٧٥٦.
(٥) المراد بالأظلل ما ورد في قول الراجز: تشكو الوجى من أظلل وأظلل ففك الإدغام في (أظلل) ضرورة، والبيت للعجاج، وبعضهم نسبه لأبي النجم. وهو في "ديوان العجاج" ص ١٥٥، "الكتاب" ٣/ ٥٣٥، "النوادر" ص ٢٣٠، "المقتضب" ١/ ٢٥٢، ٣/ ٣٥٤، "الخصائص" ١/ ١٦١، ٣/ ٨٧، "المنصف" ١/ ٣٣٩ "اللسان" (ظلل) ٤/ ٢٧٥٦، و (ملل) ٧/ ٤٢٧١، وقوله (تشكو): أي: الإبل و (الوجى): الحفى، الأظلل: باطن الخف.
(٦) "الحجة" ١/ ٢٧٧، ٢٧٨.
(١) (القلب) ساقط من (ب).
(٢) انظر "المقتضب" ١/ ١٥٩، "المنصف" ٢/ ٥٧، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٧١، قال ابن جني: حكاه أبو زيد.
(٣) قال أبو الفتح ابن جني: شاذ لا يقاس عليه. "سر صناعة الإعراب" ١/ ٧٢.
(٤) جزء من بيت كما في "الحجة" ١/ ٢٧٧ وتمامه:
| مهلا أعاذل قد جربت من خلقي | أني أجود لأقوام وإن ضننوا |
(٥) المراد بالأظلل ما ورد في قول الراجز: تشكو الوجى من أظلل وأظلل ففك الإدغام في (أظلل) ضرورة، والبيت للعجاج، وبعضهم نسبه لأبي النجم. وهو في "ديوان العجاج" ص ١٥٥، "الكتاب" ٣/ ٥٣٥، "النوادر" ص ٢٣٠، "المقتضب" ١/ ٢٥٢، ٣/ ٣٥٤، "الخصائص" ١/ ١٦١، ٣/ ٨٧، "المنصف" ١/ ٣٣٩ "اللسان" (ظلل) ٤/ ٢٧٥٦، و (ملل) ٧/ ٤٢٧١، وقوله (تشكو): أي: الإبل و (الوجى): الحفى، الأظلل: باطن الخف.
(٦) "الحجة" ١/ ٢٧٧، ٢٧٨.
100
ومن ذلك أيضا أنهم إذا بنوا اسم فاعل من (١) (ناء) و (شاء) [و (جاء) (٢) قالوا: (شاءٍ) (٣)] و (ناءٍ) (٤)، فرفضوا الجمع بينهما ورفضوه في هذا الطرف كما رفضوه أولا في: (آدم) و (آخر) (٥).
ومن ذلك أيضًا أن من قال: هذا فرجّ، وهو يجعلّ، فضاعف (٦) في الوقف حرصاً على البيان، في يضاعف نحو: (البناء) (٧)، و (الرشاء)، لكنه رفض (٨) هذا الضرب (٩) من الوقف، وما كان يحرص عليه من البيان لما كان يلزمه الأخذ بما تركوه، والاستعمال لما رفضوه من اجتماع الهمزتين (١٠).
وإذا كان الأمر على هذا (١١)، فالجمع في: ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ (١٢) أقبح من الجمع في كلمتين منفصلتين، نحو: قرأ أبوك، ورشاء أخيك، لأن الهمزة
ومن ذلك أيضًا أن من قال: هذا فرجّ، وهو يجعلّ، فضاعف (٦) في الوقف حرصاً على البيان، في يضاعف نحو: (البناء) (٧)، و (الرشاء)، لكنه رفض (٨) هذا الضرب (٩) من الوقف، وما كان يحرص عليه من البيان لما كان يلزمه الأخذ بما تركوه، والاستعمال لما رفضوه من اجتماع الهمزتين (١٠).
وإذا كان الأمر على هذا (١١)، فالجمع في: ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ (١٢) أقبح من الجمع في كلمتين منفصلتين، نحو: قرأ أبوك، ورشاء أخيك، لأن الهمزة
(١) في (ب): (على من) زيادة (على).
(٢) في "الحجة" (ناء وساء وشاء).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (تا). وترك التمثيل لاسم الفاعل من (جاء) وهو: (جاء) والأصل فيها (شائئ) و (جائئ) و (نائئ) فلما التقت همزتان أبدلت الثانية (ياء) ثم عوملت مثل (قاض). انظر: "المنصف" ٢/ ٥٢.
(٥) انظر بقية كلام أبي علي في: "الحجة" ١/ ٢٧٨.
(٦) في (ب): (تضاعف).
(٧) في "الحجة" (النبأ).
(٨) في (ب): (نفض).
(٩) في (ب): (الصوت).
(١٠) "الحجة" ١/ ٢٧٩.
(١١) أي: رفض اجتماع الهمزتين. قال أبو علي بعد سياق تلك الحجج، (فهذِه الأشياء تدل على رفض اجتماع الهمزتين في كلامهم. فأما جمعهما وتحقيقهما في (أأنذرتهم) فهو أقبح....) ١/ ٢٨٠.
(١٢) في (أ)، (ب): (أنذرتهم) بهمزة واحدة، وما في (ج) موافق لما في "الحجة".
(٢) في "الحجة" (ناء وساء وشاء).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (تا). وترك التمثيل لاسم الفاعل من (جاء) وهو: (جاء) والأصل فيها (شائئ) و (جائئ) و (نائئ) فلما التقت همزتان أبدلت الثانية (ياء) ثم عوملت مثل (قاض). انظر: "المنصف" ٢/ ٥٢.
(٥) انظر بقية كلام أبي علي في: "الحجة" ١/ ٢٧٨.
(٦) في (ب): (تضاعف).
(٧) في "الحجة" (النبأ).
(٨) في (ب): (نفض).
(٩) في (ب): (الصوت).
(١٠) "الحجة" ١/ ٢٧٩.
(١١) أي: رفض اجتماع الهمزتين. قال أبو علي بعد سياق تلك الحجج، (فهذِه الأشياء تدل على رفض اجتماع الهمزتين في كلامهم. فأما جمعهما وتحقيقهما في (أأنذرتهم) فهو أقبح....) ١/ ٢٨٠.
(١٢) في (أ)، (ب): (أنذرتهم) بهمزة واحدة، وما في (ج) موافق لما في "الحجة".
101
الأولى من ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ تنزل منزلة ما هو من الكلمة نفسها، لكونها على حرف مفرد (١)، ألا ترى أنهم قالوا (٢): لهو ولهي، فخففوا كما خففوا: عضدا (٣)، فكذلك الهمزة الأولى، لما لم تنفصل من الكلمة صارت بمنزلة التي في آخر (٤).
فأما إذا كانتا (٥) من كلمتين، فاجتماعهما في القياس أحسن من هذا (٦)، ألا ترى أن المثلين إذا كانا في كلمة نحو: يرد ويعض، لا يكون فيها (٧) إلا الإدغام.
ولو كانا منفصلين نحو: (يد داود)، لكنت (٨) في الإدغام والبيان بالخيار. فعلى هذا تحقيق الهمزتين في: ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ (٩) -وما أشبهه- أبعد منه في الكلمتين المنفصلتين.
ومما يقوي ترك الجمع بين الهمزتين: أنهم قالوا في جمع (ذؤابة): ذوائب، فأبدلوا (١٠) من الهمزة التي هي عين (١١) (واوا) في التكسير كراهة
فأما إذا كانتا (٥) من كلمتين، فاجتماعهما في القياس أحسن من هذا (٦)، ألا ترى أن المثلين إذا كانا في كلمة نحو: يرد ويعض، لا يكون فيها (٧) إلا الإدغام.
ولو كانا منفصلين نحو: (يد داود)، لكنت (٨) في الإدغام والبيان بالخيار. فعلى هذا تحقيق الهمزتين في: ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ (٩) -وما أشبهه- أبعد منه في الكلمتين المنفصلتين.
ومما يقوي ترك الجمع بين الهمزتين: أنهم قالوا في جمع (ذؤابة): ذوائب، فأبدلوا (١٠) من الهمزة التي هي عين (١١) (واوا) في التكسير كراهة
(١) في (ب): (منفرد).
(٢) في (ب): (إذا قالوا).
(٣) أصلها: (عضد).
(٤) في (ب): (آخرها).
(٥) أي: (الهمزتان)
(٦) قال سيبويه: (وأعلم أن الهمزتين إذا التقتا وكانت كل واحدة منهما من كلمة فإن أهل التحقيق يخففون إحداهما ويستثقلون تحقيقهما...)، "الكتاب" ٣/ ٥٤٨.
(٧) في "الحجة" (فيهما) ١/ ٢٨٠.
(٨) في (ب): (الكنت).
(٩) في جميع النسخ (أنذرتهم) بهمزة واحدة والتصحيح من "الحجة" ١/ ٢٨١.
(١٠) في (ب): (وأبدلوا).
(١١) في (ب): (غير).
(٢) في (ب): (إذا قالوا).
(٣) أصلها: (عضد).
(٤) في (ب): (آخرها).
(٥) أي: (الهمزتان)
(٦) قال سيبويه: (وأعلم أن الهمزتين إذا التقتا وكانت كل واحدة منهما من كلمة فإن أهل التحقيق يخففون إحداهما ويستثقلون تحقيقهما...)، "الكتاب" ٣/ ٥٤٨.
(٧) في "الحجة" (فيهما) ١/ ٢٨٠.
(٨) في (ب): (الكنت).
(٩) في جميع النسخ (أنذرتهم) بهمزة واحدة والتصحيح من "الحجة" ١/ ٢٨١.
(١٠) في (ب): (وأبدلوا).
(١١) في (ب): (غير).
102
للهمزتين مع فصل حرف بينهما. فإذا كرهوهما مع فصل حرف بينهما حتى أبدلوا الأولى منهما، فأن (١) يكرهوهما غير مفصول بينهما بشيء أجدر (٢).
وأيضاً فإنهم كرهوا (٣) الهمزة المفردة حتى قلبوها أو حذفوها، وذلك إجماعهم (٤) في (٥) (يرى) (٦) على حذف الهمزة (٧)، فلما كرهوا ذلك في الإفراد وجب أن لا يجوز في المتكرر (٨) إلا التغيير.
وإذا كان الجمع بينهما في [البعد على هذا، فالجمع بينهما في] (٩): (أئمة) (١٠) أبعد، لأن الهمزتين لا تفارقان الكلمة (١١)، وهمزة الاستفهام قد تسقط في الإخبار وغيره، فلما كانت أشد لزومًا للكلمة كان التحقيق
وأيضاً فإنهم كرهوا (٣) الهمزة المفردة حتى قلبوها أو حذفوها، وذلك إجماعهم (٤) في (٥) (يرى) (٦) على حذف الهمزة (٧)، فلما كرهوا ذلك في الإفراد وجب أن لا يجوز في المتكرر (٨) إلا التغيير.
وإذا كان الجمع بينهما في [البعد على هذا، فالجمع بينهما في] (٩): (أئمة) (١٠) أبعد، لأن الهمزتين لا تفارقان الكلمة (١١)، وهمزة الاستفهام قد تسقط في الإخبار وغيره، فلما كانت أشد لزومًا للكلمة كان التحقيق
(١) في (ب): (وإن).
(٢) في (ب): (واحد). "الحجة" لأبي علي ١/ ٢٨١.
(٣) الضمير يعود على من يقول بتخفيف الهمزة، قال في "الحجة": (من ذلك أن الهمزة إذا كانت مفردة غير متكررة، كرهها أهل التخفيف، حتى قلبوها أو حذفوها، لئلا، يلزمهم تحقيقها، وقد وافقهم في بعض ذلك أهل التحقيق، كموافقتهم لهم في: (يرى)..)، ١/ ٢٧٩.
(٤) أي. أهل التخفيف والتحقيق. انظر كلام أبي علي السابق.
(٥) (في) ساقطة من (ج).
(٦) في (ب): (ترى).
(٧) (يرى) مضارع (رأى) اتفق أهل تحقيق الهمزة، وتخفيفها، على حذفها على التخفيف. انظر "الكتاب" ٣/ ٥٤٦، "المسائل الحلبيات" لأبي علي ص ٨٣، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٧٦.
(٨) أي: الهمزة المكررة. "الحجة" ١/ ٢٧٩.
(٩) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(١٠) في (أ): (أأيمة) وفي (ب)، (ج): (أئمة) ومثله في "الحجة" ١/ ٢٨١.
(١١) في (ب): (الضمة).
(٢) في (ب): (واحد). "الحجة" لأبي علي ١/ ٢٨١.
(٣) الضمير يعود على من يقول بتخفيف الهمزة، قال في "الحجة": (من ذلك أن الهمزة إذا كانت مفردة غير متكررة، كرهها أهل التخفيف، حتى قلبوها أو حذفوها، لئلا، يلزمهم تحقيقها، وقد وافقهم في بعض ذلك أهل التحقيق، كموافقتهم لهم في: (يرى)..)، ١/ ٢٧٩.
(٤) أي. أهل التخفيف والتحقيق. انظر كلام أبي علي السابق.
(٥) (في) ساقطة من (ج).
(٦) في (ب): (ترى).
(٧) (يرى) مضارع (رأى) اتفق أهل تحقيق الهمزة، وتخفيفها، على حذفها على التخفيف. انظر "الكتاب" ٣/ ٥٤٦، "المسائل الحلبيات" لأبي علي ص ٨٣، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٧٦.
(٨) أي: الهمزة المكررة. "الحجة" ١/ ٢٧٩.
(٩) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(١٠) في (أ): (أأيمة) وفي (ب)، (ج): (أئمة) ومثله في "الحجة" ١/ ٢٨١.
(١١) في (ب): (الضمة).
103
فيها أبعد (١).
وأما أبو عمرو فكان يلين الثانية ويجعل بينهما مدة (٢). وحجته: أنه وإن خفف الثانية بأن جعلها بين الألف والهمز، فذلك لا يخرجها عن أن تكون همزة متحركة، وإن كان الصوت بها أضعف؛ ألا ترى أنها إذا كانت مخففة في الوزن مثلها إذا كانت محققة (٣)، فلولا ذلك لم يتزن (٤) قوله (٥):
.... آأنتَ (٦) زيد الأراقم (٧)
وأما أبو عمرو فكان يلين الثانية ويجعل بينهما مدة (٢). وحجته: أنه وإن خفف الثانية بأن جعلها بين الألف والهمز، فذلك لا يخرجها عن أن تكون همزة متحركة، وإن كان الصوت بها أضعف؛ ألا ترى أنها إذا كانت مخففة في الوزن مثلها إذا كانت محققة (٣)، فلولا ذلك لم يتزن (٤) قوله (٥):
.... آأنتَ (٦) زيد الأراقم (٧)
(١) يشير إلى أن التحقيق في (أئمة) أبعد، لأن الهمزتين لا تفارقان الكلمة، بينما الهمزة الأولى في (أأنذرتهم) همزة استفهام قد تسقط، فهي كالمنفصلة، ومع ذلك كرهوا تحقيقها. وبعد هذا الاحتجاج الطويل لمن يرى تخفيف الهمزة الثانية الذي نقله الواحدي عن أبي علي من كتاب "الحجة"، والذي هو مذهب أكثر النحويين وعليه أكثر العرب، كما قال سيبويه: (فليس من كلام العرب أن تلتقى همزتان فتحققا...) انظر "الكتاب" ٣/ ٥٤٨، ٥٤٩، وانظر "المقتضب" ١/ ١٥٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤١ - ٤٥، مع ذلك فقراءة التحقيق قراءة سبعية متواترة من حيث السند، ولها حجتها من اللغة. انظر "الكشف" لمكي١/ ٧٣، ولا يقال فيها ما قال أبو الفتح عثمان بن جني: قراءة أهل الكوفة أئمة شاذة عندنا. "سر صناعة الإعراب" ١/ ٧٢ وإن كان يريد من الناحية اللغوية.
(٢) انظر "السبعة" ص ١٣٦، "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٨٥، "الكتاب" ٣/ ٥٥١، قال في "الكشف": وهو مذهب أبي عمرو، وقالون عن نافع، وهشام عن عامر ١/ ٧٤.
(٣) في (ب)، (ج): (مخففة).
(٤) في (ب): (تبرز).
(٥) أي: لو لم تكن الهمزة المخففة بزنة المحققة لا نكسر وزن الشعر. انظر "الكتاب" ٣/ ٥٥٠، "الحجة" ١/ ٣٨٥.
(٦) في (ب) (أنت).
(٧) الكلام بنصه في "الحجة"، قال: (.. ولولا ذلك لم يتزن قوله: أأن رأت رجلاً =
(٢) انظر "السبعة" ص ١٣٦، "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٨٥، "الكتاب" ٣/ ٥٥١، قال في "الكشف": وهو مذهب أبي عمرو، وقالون عن نافع، وهشام عن عامر ١/ ٧٤.
(٣) في (ب)، (ج): (مخففة).
(٤) في (ب): (تبرز).
(٥) أي: لو لم تكن الهمزة المخففة بزنة المحققة لا نكسر وزن الشعر. انظر "الكتاب" ٣/ ٥٥٠، "الحجة" ١/ ٣٨٥.
(٦) في (ب) (أنت).
(٧) الكلام بنصه في "الحجة"، قال: (.. ولولا ذلك لم يتزن قوله: أأن رأت رجلاً =
104
لأنه يجتمع (١) ثلاث سواكن، وإذا كان كذلك فتجعل (٢) بينهما (مدة)، لئلا تكون جامعاً بين الهمزتين.
وقوله تعالى: ﴿ءَأَنذَرتَهُم﴾: لفظه لفظ الاستفهام (٣)، ومعناه الخبر، ومثل ذلك قولك: ما أبالي (٤) أشهدت أم غبت، وما أدري أأقبلت (٥) أم أدبرت.
وإنما جرى عليه لفظ الاستفهام وإن كان خبرا، لأن فيه التسوية التي في الاستفهام، ألا ترى أنك إذا استفهمت فقلت: أخرج زيد أم أقام؟ فقد استوى الأمران عندك في الاستفهام، وعدم علم أحدهما بعينه، كما أنك (٦) إذا أخبرت (٧) فقلت. سواء عليّ أقعدت أم قمت، فقد سويت الأمرين
وقوله تعالى: ﴿ءَأَنذَرتَهُم﴾: لفظه لفظ الاستفهام (٣)، ومعناه الخبر، ومثل ذلك قولك: ما أبالي (٤) أشهدت أم غبت، وما أدري أأقبلت (٥) أم أدبرت.
وإنما جرى عليه لفظ الاستفهام وإن كان خبرا، لأن فيه التسوية التي في الاستفهام، ألا ترى أنك إذا استفهمت فقلت: أخرج زيد أم أقام؟ فقد استوى الأمران عندك في الاستفهام، وعدم علم أحدهما بعينه، كما أنك (٦) إذا أخبرت (٧) فقلت. سواء عليّ أقعدت أم قمت، فقد سويت الأمرين
= أعشى "الحجة" ١/ ٢٨٥، ٢٨٦. فاستشهد أبو علي ببيت الأعشى، وهو شاهد سيبويه على هذِه المسألة انظر "الكتاب" ٣/ ٥٥٠. أما الواحدي فاستشهد ببيت ذي الرمة، الذي استشهد به الثعلبي في (تفسيره) ونصه:
تطاللت فاستشرفته فعرفته... فقلت له: آأنت زيد الأراقم
وروايته في "ديوان ذي الرمة"، وفي "الحجة" وغيرهما (زيد الأرانب). نظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨/ أ، "الحجة" ١/ ٢٧٩، "تهذيب اللغة" (اجتماع الهمزتين) ١/ ٧٣، "اللسان" (حرف الهمزة) ١/ ١٨، "ديوان ذى الرمة" ٣/ ١٨٤٩.
(١) في (ب): (لأنه كان تجتمع) مثله في "الحجة": (لأنه كان يجتمع فيه ساكنان) ١/ ٢٨٦، وقصد الواحدي بثلاثة سواكن هي: السكون الذي في مدة الهمزة الأولى وسكون الثانية على الاحتمال الممنوع، وسكون النون.
(٢) في (ب): (يجعل)، (ويكون) بالياء في الموضعين.
(٣) من قوله: وقوله تعالى ﴿ءَأَنذَرْتَهُم﴾.. نقله من "الحجة" بنصه، ١/ ٢٦٤.
(٤) في (ب): (لا أبالي).
(٥) في (ب): (أقبلت).
(٦) في (ب): (أنت).
(٧) في (ب): (اختبرت).
تطاللت فاستشرفته فعرفته... فقلت له: آأنت زيد الأراقم
وروايته في "ديوان ذي الرمة"، وفي "الحجة" وغيرهما (زيد الأرانب). نظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨/ أ، "الحجة" ١/ ٢٧٩، "تهذيب اللغة" (اجتماع الهمزتين) ١/ ٧٣، "اللسان" (حرف الهمزة) ١/ ١٨، "ديوان ذى الرمة" ٣/ ١٨٤٩.
(١) في (ب): (لأنه كان تجتمع) مثله في "الحجة": (لأنه كان يجتمع فيه ساكنان) ١/ ٢٨٦، وقصد الواحدي بثلاثة سواكن هي: السكون الذي في مدة الهمزة الأولى وسكون الثانية على الاحتمال الممنوع، وسكون النون.
(٢) في (ب): (يجعل)، (ويكون) بالياء في الموضعين.
(٣) من قوله: وقوله تعالى ﴿ءَأَنذَرْتَهُم﴾.. نقله من "الحجة" بنصه، ١/ ٢٦٤.
(٤) في (ب): (لا أبالي).
(٥) في (ب): (أقبلت).
(٦) في (ب): (أنت).
(٧) في (ب): (اختبرت).
105
عليك، فلما عمتهما التسوية، جرى على هذا الخبر لفظ الاستفهام، لمشاركته له في الإبهام، فكل استفهام تسوية، وإن لم يكن كل تسوية استفهاما (١).
وحرر أبو إسحاق هذا الفصل فقال (٢): إنما (٣) دخلت ألف الاستفهام وأم التي هي للاستفهام (٤)، والكلام خبر، لمعنى التسوية، والتسوية آلتها (٥) الاستفهام وأم. تقول من ذلك (٦): أزيد في الدار أم عمرو؟ فإنما دخلت الألف وأم، لأن علمك (٧) قد استوى في زيد وعمرو، وقد علمت أن أحدهما في الدار لا محالة، ولكنك استدعيت (٨) أن يبين (٩) لك الذي علمت ويلخص (١٠) لك علمه من غيره، ولهذا تقول (١١). قد علمت أزيد في الدار أم عمرو، وإنما تريد أن تسوي عند من تخبره العام الذي قد خلص
وحرر أبو إسحاق هذا الفصل فقال (٢): إنما (٣) دخلت ألف الاستفهام وأم التي هي للاستفهام (٤)، والكلام خبر، لمعنى التسوية، والتسوية آلتها (٥) الاستفهام وأم. تقول من ذلك (٦): أزيد في الدار أم عمرو؟ فإنما دخلت الألف وأم، لأن علمك (٧) قد استوى في زيد وعمرو، وقد علمت أن أحدهما في الدار لا محالة، ولكنك استدعيت (٨) أن يبين (٩) لك الذي علمت ويلخص (١٠) لك علمه من غيره، ولهذا تقول (١١). قد علمت أزيد في الدار أم عمرو، وإنما تريد أن تسوي عند من تخبره العام الذي قد خلص
(١) انتهى ما نقله عن أبي علي من "الحجة" ١/ ٢٦٤، ٢٦٥، ونحوه قال أبو عبيدة في "المجاز" ١/ ٣١ وانظر. الطبري ١/ ١١١، وابن عطية ١/ ١٥٤ - ١٥٥.
(٢) في "معاني القرآن" ١/ ٤١.
(٣) في (ب): (إذا).
(٤) في (ب): (الاستفهام).
(٥) في "معاني القرآن": (والكلام خبر فإنما وقع ذلك لمعنى التسوية، والتسوية آلتها (ألف) الاستفهام و (أم)، تقول: أزيد في الدار أم عمر.). ١/ ٤١.
(٦) في (ب): (في ذلك) وفي (ج) (يقول).
(٧) في (ب): (عليك).
(٨) في "المعاني": (أردت) ١/ ٤١.
(٩) في (ب): (تبين).
(١٠) كذا رسمت في (أ)، (ج)، وفي (ب) (ويلحظ) وفي "المعاني" (ويخلص) وهو الأصوب.
(١١) في (ج): (يقول).
(٢) في "معاني القرآن" ١/ ٤١.
(٣) في (ب): (إذا).
(٤) في (ب): (الاستفهام).
(٥) في "معاني القرآن": (والكلام خبر فإنما وقع ذلك لمعنى التسوية، والتسوية آلتها (ألف) الاستفهام و (أم)، تقول: أزيد في الدار أم عمر.). ١/ ٤١.
(٦) في (ب): (في ذلك) وفي (ج) (يقول).
(٧) في (ب): (عليك).
(٨) في "المعاني": (أردت) ١/ ٤١.
(٩) في (ب): (تبين).
(١٠) كذا رسمت في (أ)، (ج)، وفي (ب) (ويلحظ) وفي "المعاني" (ويخلص) وهو الأصوب.
(١١) في (ج): (يقول).
106
عندك (١).
ولا يجوز هاهنا (أو) مكان (أم) لأن (أم) للتسوية بين الشيئين، و (أو) إنما هي لأحد شيئين (٢)، يدلك (٣) على هذا أن (أم) (٤) تكون مع الألف بتأويل (أي) فإذا قلت: أزيد عندك أم عمرو؟ فكأنك قلت: أيهما (٥) عندك، [وإذا قلت: أزيد عندك أو عمرو؟ لم يكن على معنى: أيهما عندك (٦)]، هذا اختلاف الجواب، لأنك إذا قلت: أزيد عندك أم عمرو؟ فجوابه: زيد أو عمرو (٧)، وكذلك في (أي) جوابه أن يذكر أحد الاسمين بعينه، فأما إذا قلت: أزيد عندك أو عمرو؟ فجوابه: نعم أو لا، فهذا فرق بينهما واضح (٨).
ومثل هذه الآية قوله (٩): ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [المنافقون: ٦]، وقوله: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا﴾ [إبراهيم: ٢١]
و ﴿سَوَاءٌ﴾ في الآية رفع بالابتداء، ويقوم ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ مقام الخبر في المعنى، كأنه بمنزلة قولك: (سواء عليهم الإنذار وتركه) لا
ولا يجوز هاهنا (أو) مكان (أم) لأن (أم) للتسوية بين الشيئين، و (أو) إنما هي لأحد شيئين (٢)، يدلك (٣) على هذا أن (أم) (٤) تكون مع الألف بتأويل (أي) فإذا قلت: أزيد عندك أم عمرو؟ فكأنك قلت: أيهما (٥) عندك، [وإذا قلت: أزيد عندك أو عمرو؟ لم يكن على معنى: أيهما عندك (٦)]، هذا اختلاف الجواب، لأنك إذا قلت: أزيد عندك أم عمرو؟ فجوابه: زيد أو عمرو (٧)، وكذلك في (أي) جوابه أن يذكر أحد الاسمين بعينه، فأما إذا قلت: أزيد عندك أو عمرو؟ فجوابه: نعم أو لا، فهذا فرق بينهما واضح (٨).
ومثل هذه الآية قوله (٩): ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [المنافقون: ٦]، وقوله: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا﴾ [إبراهيم: ٢١]
و ﴿سَوَاءٌ﴾ في الآية رفع بالابتداء، ويقوم ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ مقام الخبر في المعنى، كأنه بمنزلة قولك: (سواء عليهم الإنذار وتركه) لا
(١) انتهى كلام الزجاج ١/ ٤١، وانظر الطبري ١/ ١١١.
(٢) انظر: "الحجة" ١/ ٢٦٥، ٢٦٦، "مغني اللبيب" ١/ ٤٣.
(٣) في (ب): (فذلك).
(٤) في (ب): (لم).
(٥) في (ب): (أنهما).
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٧) في (ب): (ونحوا به زيدا وعمرا).
(٨) انظر: "الكتاب" ٣/ ١٦٩، ١٧٠، ١٧١، "مغني اللبيب" ١/ ٤٢.
(٩) انظر: "الحجة" ١/ ٢٧١.
(٢) انظر: "الحجة" ١/ ٢٦٥، ٢٦٦، "مغني اللبيب" ١/ ٤٣.
(٣) في (ب): (فذلك).
(٤) في (ب): (لم).
(٥) في (ب): (أنهما).
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٧) في (ب): (ونحوا به زيدا وعمرا).
(٨) انظر: "الكتاب" ٣/ ١٦٩، ١٧٠، ١٧١، "مغني اللبيب" ١/ ٤٢.
(٩) انظر: "الحجة" ١/ ٢٧١.
107
في الإعراب، لأنك إذا قدرت هذا التقدير في الإعراب صار ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ﴾ خبراً مقدَّمًا (١).
والجملة في موضع رفع، بأنها (٢) خبر ﴿إن﴾ (٣).
ويجوز أن يكون خبر ﴿إن﴾ قوله: ﴿لَا يؤْمِنُونَ﴾ كأنه قيل: (إن الذين كفروا لا يؤمنون سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم). فيكون قوله: ﴿سَوَآءٌ عَلَيهمءَأَنذَرتَهُم﴾ جملة معترضة بين الاسم والخبر، وجاز ذلك، لأنه تأكيد لامتناعهم عن الإيمان (٤)، ولو كان كلاماً أجنبياً لم يجز اعتراضه بينهما، وسترى لهذا (٥) نظائر.
ومعنى: ﴿سَوَآءٌ عَلَيْهِم﴾ أي: معتدل متساو، و ﴿سَوَآءٌ﴾ اسم مشتق من التساوي. يقول: هما عندي سواء، ومنه قوله ﴿فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾ [الأنفال: ٥٨]، يعني: أعلمهم (٦) حتى يستوي علمك وعلمهم (٧). و ﴿سَوَآءٌ اَلْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٥٥] وسطه، لاستواء مقادير نواحيه إليه.
والجملة في موضع رفع، بأنها (٢) خبر ﴿إن﴾ (٣).
ويجوز أن يكون خبر ﴿إن﴾ قوله: ﴿لَا يؤْمِنُونَ﴾ كأنه قيل: (إن الذين كفروا لا يؤمنون سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم). فيكون قوله: ﴿سَوَآءٌ عَلَيهمءَأَنذَرتَهُم﴾ جملة معترضة بين الاسم والخبر، وجاز ذلك، لأنه تأكيد لامتناعهم عن الإيمان (٤)، ولو كان كلاماً أجنبياً لم يجز اعتراضه بينهما، وسترى لهذا (٥) نظائر.
ومعنى: ﴿سَوَآءٌ عَلَيْهِم﴾ أي: معتدل متساو، و ﴿سَوَآءٌ﴾ اسم مشتق من التساوي. يقول: هما عندي سواء، ومنه قوله ﴿فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾ [الأنفال: ٥٨]، يعني: أعلمهم (٦) حتى يستوي علمك وعلمهم (٧). و ﴿سَوَآءٌ اَلْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٥٥] وسطه، لاستواء مقادير نواحيه إليه.
(١) قال أبو علي. (.. فإن رفعته بأنه خبر لم يجز، لأنه ليس في الكلام مخبر عنه، فإذا لم يكن مخبر عنه بطل أن يكون خبرا.. وأيضا فإنه لا يجوز أن يكون خبرا لأنه قبل الاستفهام، وما قبل الاستفهام لا يكون داخلا في حيز الاستفهام، فلا يجوز إذن أن يكون الخبر عما في الاستفهام متقدما على الاستفهام..)، "الحجة" ١/ ٢٦٩،
(٢) في (ب): (بأن).
(٣) "الحجة"، ١/ ٢٦٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤١.
(٤) "الحجة" ١/ ٢٦٨، ٢٦٩، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤١، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٣٤، "المشكل" لمكي ١/ ٢٠، "الدر المصون" للسمين الحلبي ١/ ١٠٥.
(٥) في (ب): (لها).
(٦) في (أ)، (ج): (علمهم). وأثبت ما في (ب)، لأنه المناسب للسياق.
(٧) ذكره الطبري ١٠/ ٢٧، وانظر: "الثعلبي" ١/ ٤٨ أ.
(٢) في (ب): (بأن).
(٣) "الحجة"، ١/ ٢٦٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤١.
(٤) "الحجة" ١/ ٢٦٨، ٢٦٩، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤١، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٣٤، "المشكل" لمكي ١/ ٢٠، "الدر المصون" للسمين الحلبي ١/ ١٠٥.
(٥) في (ب): (لها).
(٦) في (أ)، (ج): (علمهم). وأثبت ما في (ب)، لأنه المناسب للسياق.
(٧) ذكره الطبري ١٠/ ٢٧، وانظر: "الثعلبي" ١/ ٤٨ أ.
108
وقول القائل: (سواك وسواءك) (١) أي (٢): من هو في مكانك بدلا منك لاستوائه (٣) في مكانك.
قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في اليهود الذين كانوا بنواحي المدينة (٤) على عهد رسول الله - ﷺ -. وهذا القول اختيار ابن جرير، قال: لأن الله تعالى إنما ذكر هؤلاء عقيب مؤمني أهل الكتاب، فذكر بعد مؤمنيهم كافريهم، والكلام بعضه لبعض تبع (٥).
وقال الضحاك: نزلت في أبي جهل وخمسة (٦) من أهل بيته (٧).
وقال الربيع: نزلت في قادة الأحزاب يوم بدر (٨)، وكذلك الآية التي بعدها.
قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في اليهود الذين كانوا بنواحي المدينة (٤) على عهد رسول الله - ﷺ -. وهذا القول اختيار ابن جرير، قال: لأن الله تعالى إنما ذكر هؤلاء عقيب مؤمني أهل الكتاب، فذكر بعد مؤمنيهم كافريهم، والكلام بعضه لبعض تبع (٥).
وقال الضحاك: نزلت في أبي جهل وخمسة (٦) من أهل بيته (٧).
وقال الربيع: نزلت في قادة الأحزاب يوم بدر (٨)، وكذلك الآية التي بعدها.
(١) في (أ): (سواؤك) و (ب): (سواك) و (ج): (سوائك)، والتصحيح من "الحجة" ١/ ٢٥٠، ٢٥١، وانظر "الأضداد" لابن الأنباري ص ٤٠، وقد سبق كلام الواحدي عن (سواء) في أول تفسير الآية.
(٢) (أي) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): (لاستوائك).
(٤) ذكره الطبري ١/ ١٠٨، وابن أبي حاتم ١/ ١٨٦ - ١٨٧ وذكره الثعلبي عن الكلبي ١/ ٤٧ ب، ومثله أبو الليث ١/ ٩٢، والبغوي ١/ ٦٤، وانظر ابن كثير ١/ ٤٨.
(٥) "تفسير الطبري" ١/ ١٠٩.
(٦) في (ب): (وحمته).
(٧) ذكره الثعلبي١/ ٤٧ ب.
(٨) أخرجه الطبري بسنده عن الربيع ١/ ١٠٩، وأخرجه ابن أبي حاتم بسنده عن الربيع ابن أنس عن أبي العالية ١/ ٤٠، وفي حاشيته: قال المحقق: في سنده اضطراب وذكره ابن كثير، قال: قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية ثم ذكره، ١/ ٤٨. وذكره السيوطي في "الدر" عن أبي العالية ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، ١/ ٦٥، وهو عند ابن جرير عن الربيع بن أنس ولم يوصله لأبي العالية كما سبق.
(٢) (أي) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): (لاستوائك).
(٤) ذكره الطبري ١/ ١٠٨، وابن أبي حاتم ١/ ١٨٦ - ١٨٧ وذكره الثعلبي عن الكلبي ١/ ٤٧ ب، ومثله أبو الليث ١/ ٩٢، والبغوي ١/ ٦٤، وانظر ابن كثير ١/ ٤٨.
(٥) "تفسير الطبري" ١/ ١٠٩.
(٦) في (ب): (وحمته).
(٧) ذكره الثعلبي١/ ٤٧ ب.
(٨) أخرجه الطبري بسنده عن الربيع ١/ ١٠٩، وأخرجه ابن أبي حاتم بسنده عن الربيع ابن أنس عن أبي العالية ١/ ٤٠، وفي حاشيته: قال المحقق: في سنده اضطراب وذكره ابن كثير، قال: قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية ثم ذكره، ١/ ٤٨. وذكره السيوطي في "الدر" عن أبي العالية ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، ١/ ٦٥، وهو عند ابن جرير عن الربيع بن أنس ولم يوصله لأبي العالية كما سبق.
109
قال أبو العالية: لم يسلم منهم إلا رجلان، وكانا مغموصاً عليهما في دينهما (١)، أحدهما: أبو سفيان (٢)، والأخر: الحكم بن أبي العاص (٣). ثم ذكر الله تعالى سبب تركهم الإيمان فقال:
٧ - ﴿خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِم﴾ الآية. (الختم) في اللغة بمعنى: الطبع، والخاتم: الفاعل. وأصله من آخر الشيء (٤)، ومنه قوله تعالى: ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦]، قال ابن مسعود: عاقبته (٥) طعم المسك (٦) وروي
٧ - ﴿خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِم﴾ الآية. (الختم) في اللغة بمعنى: الطبع، والخاتم: الفاعل. وأصله من آخر الشيء (٤)، ومنه قوله تعالى: ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: ٢٦]، قال ابن مسعود: عاقبته (٥) طعم المسك (٦) وروي
(١) هذِه الزيادة عن أبي العالية، ذكرها النحاس في "القطع والائتناف" ص ١١٦، والسيوطي في "الدر" ولفظه: (ولم يدخل من القادة أحد في الإسلام إلا رجلان أبو سفيان، والحكم بن أبي العاص)، ولم ترد عند ابن جرير ولا ابن أبي حاتم، كما أن قوله (وكان مغموصاً عليهما في دينهما) لم يذكرها السيوطي. "الدر" ١/ ٦٥.
(٢) أبو سفيان هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، رأس قريش وقائدهم في يوم الأحزاب، أسلم يوم الفتح، كان من دهاة العرب، توفي بالمدينة سنة إحدى وثلاثين. انظر ترجمته في "الإصابة" ٢/ ١٧٨ - ١٧٩، "سير أعلام النبلاء" ٢/ ١٠٥ - ١٠٧.
(٣) الحكم بن أبي العاص بن أمية، ابن عم أبي سفيان، من مسلمة الفتح، وله نصيب من الصحبة، نفاه النبي - ﷺ - إلى الطائف، وأقدمه للمدينة عثمان - رضي الله عنه - مات سنة إحدى وثلاثين. انظر ترجمته في: "الإصابة" ١/ ٣٤٥، "سير أعلام النبلاء" ٢/ ١٠٧، "الجرح والتعديل" ٣/ ١٢٠.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" (ختم) ١/ ٩٨٣ - ٩٨٤، وفيه: خاتم كل شيء: آخره.
(٥) في (ج): (عاقبه).
(٦) ذكره الأزهري في "التهذيب" (ختم) ١/ ٩٨٤، وأخرج الطبري عن ابن مسعود في تفسير الآية: قال: (خلطه مسك) وعنه: (طعمه وريحه) وأخرج عن إبراهيم، والحسن: عاقبته مسك. الطبري ٣٠/ ١٠٦، ١٠٧، وفي "الدر": أخرج سعيد بن منصور، وهناد؛ وابن أبي حاتم، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، والبيهقي في "البعث"، عن ابن مسعود، وفيه: (يجدون عاقبتها طعم المسك)، ٦/ ٥٤٤.
(٢) أبو سفيان هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، رأس قريش وقائدهم في يوم الأحزاب، أسلم يوم الفتح، كان من دهاة العرب، توفي بالمدينة سنة إحدى وثلاثين. انظر ترجمته في "الإصابة" ٢/ ١٧٨ - ١٧٩، "سير أعلام النبلاء" ٢/ ١٠٥ - ١٠٧.
(٣) الحكم بن أبي العاص بن أمية، ابن عم أبي سفيان، من مسلمة الفتح، وله نصيب من الصحبة، نفاه النبي - ﷺ - إلى الطائف، وأقدمه للمدينة عثمان - رضي الله عنه - مات سنة إحدى وثلاثين. انظر ترجمته في: "الإصابة" ١/ ٣٤٥، "سير أعلام النبلاء" ٢/ ١٠٧، "الجرح والتعديل" ٣/ ١٢٠.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" (ختم) ١/ ٩٨٣ - ٩٨٤، وفيه: خاتم كل شيء: آخره.
(٥) في (ج): (عاقبه).
(٦) ذكره الأزهري في "التهذيب" (ختم) ١/ ٩٨٤، وأخرج الطبري عن ابن مسعود في تفسير الآية: قال: (خلطه مسك) وعنه: (طعمه وريحه) وأخرج عن إبراهيم، والحسن: عاقبته مسك. الطبري ٣٠/ ١٠٦، ١٠٧، وفي "الدر": أخرج سعيد بن منصور، وهناد؛ وابن أبي حاتم، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، والبيهقي في "البعث"، عن ابن مسعود، وفيه: (يجدون عاقبتها طعم المسك)، ٦/ ٥٤٤.
110
عن الحسن: مقطعه مسك (١). و ﴿رَّحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾ [المطففين: ٢٥]: له ختام، أي عاقبه، قاله أبو عبيد (٢)، ومنه: خاتم النبيين، أي آخرهم (٣).
قال الليث: وخاتمة السورة: آخرها، وخاتم كل شيء: آخره (٤). ومنه ختم القرآن، لأنه حال الفراغ من قراءته، وختم الكتاب عند طيه والفراغ منه (٥). وقيل في قول ابن مقبل (٦) يصف الخمر:
بالفُلْفُلِ الجَوْنِ والرُّمَّانِ مَخْتومُ (٧)
قال الليث: وخاتمة السورة: آخرها، وخاتم كل شيء: آخره (٤). ومنه ختم القرآن، لأنه حال الفراغ من قراءته، وختم الكتاب عند طيه والفراغ منه (٥). وقيل في قول ابن مقبل (٦) يصف الخمر:
بالفُلْفُلِ الجَوْنِ والرُّمَّانِ مَخْتومُ (٧)
(١) ذكره أبو علي الفارسي في "الحجة" ١/ ٢٩٢.
(٢) لعل المراد أبو عبيدة كما في "الحجة" حيث قال: (وأظن أبا عبيدة اعتبر ما روي عن الحسن في تفسير الآية، لأنه قال في قوله: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾: له ختام، أي: عاقبة ختامه مسك، أي: عاقبته، وأنشد لابن مقبل... فتأول الختام على العاقبة، ليس على الختم الذي هو الطبع، وهذا قول الحسن، مقطعه مسك)، "الحجة" ١/ ٢٩٢، وانظر: "مجاز القرآن" ٢/ ٢٩٠.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٤٤، "التهذيب" (ختم) ١/ ٩٨٤.
(٤) ذكره الأزهري عن الليث، "تهذيب اللغة" (ختم) ١/ ٩٨٤.
(٥) انظر: "العين" ٤/ ٢٤٢، "الصحاح" (ختم) ٥/ ١٩٠٨، "معجم مقاييس اللغة" (ختم) ٢/ ٢٤٥.
(٦) هو: الشاعر تميم بن أبي بن مقبل العجلاني، شاعر مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، وبلغ مائة وعشرين سنة. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٢٩٧، "الإصابة" ١/ ١٨٧، "الخزانة" ١/ ٢٣١.
(٧) صدره في "الحجة":
مما يفتق في الحانوت ناطفها
وورد صدره في "ديوانه":
صرف ترقرق في الناجود ناطلها
يفتق: يشق، الحانوت: دكان الخمار، ناطفها: النطف سيلان الماء، الجون: يطلق على الأبيض والأسود، وقوله (ترقرق): تترقرق أي: تتلألأ، الناجون: =
(٢) لعل المراد أبو عبيدة كما في "الحجة" حيث قال: (وأظن أبا عبيدة اعتبر ما روي عن الحسن في تفسير الآية، لأنه قال في قوله: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾: له ختام، أي: عاقبة ختامه مسك، أي: عاقبته، وأنشد لابن مقبل... فتأول الختام على العاقبة، ليس على الختم الذي هو الطبع، وهذا قول الحسن، مقطعه مسك)، "الحجة" ١/ ٢٩٢، وانظر: "مجاز القرآن" ٢/ ٢٩٠.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٤٤، "التهذيب" (ختم) ١/ ٩٨٤.
(٤) ذكره الأزهري عن الليث، "تهذيب اللغة" (ختم) ١/ ٩٨٤.
(٥) انظر: "العين" ٤/ ٢٤٢، "الصحاح" (ختم) ٥/ ١٩٠٨، "معجم مقاييس اللغة" (ختم) ٢/ ٢٤٥.
(٦) هو: الشاعر تميم بن أبي بن مقبل العجلاني، شاعر مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، وبلغ مائة وعشرين سنة. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٢٩٧، "الإصابة" ١/ ١٨٧، "الخزانة" ١/ ٢٣١.
(٧) صدره في "الحجة":
مما يفتق في الحانوت ناطفها
وورد صدره في "ديوانه":
صرف ترقرق في الناجود ناطلها
يفتق: يشق، الحانوت: دكان الخمار، ناطفها: النطف سيلان الماء، الجون: يطلق على الأبيض والأسود، وقوله (ترقرق): تترقرق أي: تتلألأ، الناجون: =
111
أي لآخرها طعم الفلفل والرمان. قال الأزهري: أصل الختم: التغطية، وختم البذر (١) في الأرض إذا غطاه (٢).
وقال أبو إسحاق: معنى: ختم وطبع (٣) في اللغة واحد، وهو التغطية على الشيء، والاستيثاق منه بأن لا يدخله شيء، كما قال: ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: ٢٤]، وكذلك قوله: ﴿طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ (٤) هذا كلام أبي إسحاق.
واعلم أن الختم على الوعاء يمنع (٥) الدخول فيه والخروج منه، كذلك الختم على قلوب الكفار يمنع دخول الإيمان فيها وخروج الكفر منها، وإنما يكون ذلك بأن يخلق الله الكفر فيها (٦)، ويصدهم عن الهدى،
وقال أبو إسحاق: معنى: ختم وطبع (٣) في اللغة واحد، وهو التغطية على الشيء، والاستيثاق منه بأن لا يدخله شيء، كما قال: ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: ٢٤]، وكذلك قوله: ﴿طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ (٤) هذا كلام أبي إسحاق.
واعلم أن الختم على الوعاء يمنع (٥) الدخول فيه والخروج منه، كذلك الختم على قلوب الكفار يمنع دخول الإيمان فيها وخروج الكفر منها، وإنما يكون ذلك بأن يخلق الله الكفر فيها (٦)، ويصدهم عن الهدى،
= راووق الخمر الذي يصفي به، الناطل: مكيال الخمر. انظر: "الحجة" ١/ ٢٩٢، ٢٩٤، "ديوان ابن مقبل" ص ٢٦٨، "المخصص" ٢/ ١٤٩.
(١) في (ب): (النذر).
(٢) "التهذيب" (ختم) ١/ ٩٨٥، وفيه: (ختم البذر: تغطية).
(٣) في (ب): (تطبع).
(٤) جاءت في عدة آيات في التوبة ﴿وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [التوبة: ٩٣]، وفي النحل: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [النحل: ١٠٨]، وفي محمد: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [محمد: ١٦]. والآية وردت في "تهذيب اللغة" ضمن كلام أبي إسحاق، "التهذيب" (ختم) ١/ ٩٨٤، ويظهر أن الواحدي نقل كلام الزجاج عنه، وفي "معاني القرآن" للزجاج ورد مكانها: (طبع عليها بكفرهم) ووضع المحقق لها رقم (النساء: ١٥٥)، وسياق آية النساء: ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾. انظر "معاني القرآن" للزجاج١/ ٤٦.
(٥) في (ب): (ممنع).
(٦) قال ابن كثير: (.. ختم على قلوبهم، وحال بينهم وبين الهدى، جزاء وفاقا على تماديهم في الباطل، وتركهم الحق، وهذا عدل منه تعالى حسن، وليس بقبيح...)، =
(١) في (ب): (النذر).
(٢) "التهذيب" (ختم) ١/ ٩٨٥، وفيه: (ختم البذر: تغطية).
(٣) في (ب): (تطبع).
(٤) جاءت في عدة آيات في التوبة ﴿وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [التوبة: ٩٣]، وفي النحل: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [النحل: ١٠٨]، وفي محمد: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [محمد: ١٦]. والآية وردت في "تهذيب اللغة" ضمن كلام أبي إسحاق، "التهذيب" (ختم) ١/ ٩٨٤، ويظهر أن الواحدي نقل كلام الزجاج عنه، وفي "معاني القرآن" للزجاج ورد مكانها: (طبع عليها بكفرهم) ووضع المحقق لها رقم (النساء: ١٥٥)، وسياق آية النساء: ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾. انظر "معاني القرآن" للزجاج١/ ٤٦.
(٥) في (ب): (ممنع).
(٦) قال ابن كثير: (.. ختم على قلوبهم، وحال بينهم وبين الهدى، جزاء وفاقا على تماديهم في الباطل، وتركهم الحق، وهذا عدل منه تعالى حسن، وليس بقبيح...)، =
112
ولا (١) يدخل الإيمان في قلوبهم كما قال: ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ﴾ [الجاثية: ٢٣].
فأما قول من قال: معنى ﴿خَتَمَ اَللَّهُ عَلىَ قُلُوبِهِم﴾: حكم الله بكفرهم (٢)، فغير صحيح، لأن أحدنا يحكم بكفر الكافر، ولا يقال (٣): ختم على قلبه.
وذهب بعض المتأولين من القدرية إلى أن معنى ﴿ختم الله على قلوبهم﴾: وسمها سمة (٤) تدل (٥) على أن فيها الكفر، لتعرفهم الملائكة بتلك السمة، وتفرق (٦) بينهم وبين المؤمنين الذين في قلوبهم الشرع (٧).
قال: والختم والطبع واحد، وهما سمة وعلامة في قلب المطبوع
فأما قول من قال: معنى ﴿خَتَمَ اَللَّهُ عَلىَ قُلُوبِهِم﴾: حكم الله بكفرهم (٢)، فغير صحيح، لأن أحدنا يحكم بكفر الكافر، ولا يقال (٣): ختم على قلبه.
وذهب بعض المتأولين من القدرية إلى أن معنى ﴿ختم الله على قلوبهم﴾: وسمها سمة (٤) تدل (٥) على أن فيها الكفر، لتعرفهم الملائكة بتلك السمة، وتفرق (٦) بينهم وبين المؤمنين الذين في قلوبهم الشرع (٧).
قال: والختم والطبع واحد، وهما سمة وعلامة في قلب المطبوع
= ١/ ٤٩، وأما ما عبر به الواحدي من قوله: (بأن يخلق الله الكفر فيها..) المعنى صحيح، فإن الله خالق كل شيء من الطاعات والكفر والمعاصي، لكن السلف لم يستعملوا هذا اللفظ تأدبا مع الله تعالى كما قال: ﴿وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ [الجن: ١٠]، فلم ينسب الشر إليه، مع أنه خالقه ونسب إليه الخير.
(١) في (ب): (فلا يدخل). ولعله أولى.
(٢) ذكره الفارسي في "الحجة" ١/ ٣٠٩، والثعلبي ١/ ٤٨ ب، وهذا قول المعتزلة ذكره القاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، أحد علمائهم في كتابه "متشابه القرآن" ١/ ٥١، ٥٢ تحقيق عدنان زرزور. وانظر "الكشاف" للزمخشري ١/ ١٥٧ - ١٦٢، وانظر رد الأسكندري عليه في "الحاشية"، "البحر المحيط" ١/ ٤٨.
(٣) في (ب): (ولان يقال).
(٤) في (ج): (وسمة).
(٥) في (ب): (يدل).
(٦) في (ب): (يفرق)
(٧) في (ب): (السرح) وفي (ج): (الشرح).
(١) في (ب): (فلا يدخل). ولعله أولى.
(٢) ذكره الفارسي في "الحجة" ١/ ٣٠٩، والثعلبي ١/ ٤٨ ب، وهذا قول المعتزلة ذكره القاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، أحد علمائهم في كتابه "متشابه القرآن" ١/ ٥١، ٥٢ تحقيق عدنان زرزور. وانظر "الكشاف" للزمخشري ١/ ١٥٧ - ١٦٢، وانظر رد الأسكندري عليه في "الحاشية"، "البحر المحيط" ١/ ٤٨.
(٣) في (ب): (ولان يقال).
(٤) في (ج): (وسمة).
(٥) في (ب): (يدل).
(٦) في (ب): (يفرق)
(٧) في (ب): (السرح) وفي (ج): (الشرح).
113
على قلبه (١). وهذا باطل، لأن الختم في اللغة ليس هو الإعلام، ولا يقال: ختمت على الشيء بمعنى: أعلمت عليه ومن حمل الختم على الإعلام فقد تشهى على أهل اللغة، وجر كلامهم إلى موافقة عقيدته.
وقوله تعالى ﴿عَلىَ قُلُوبِهِم﴾. قال الليث: القلب مضغة من الفؤاد، معلقة بالنياط (٢). وكأنه أخص من الفؤاد، ولذلك (٣) قالوا: أصبت حبة قلبه، وسويداء قلبه.
وقيل: القلوب والأفئدة: قريبان من السواء (٤). وقال بعضهم: سمي القلب قلبا لتقلبه (٥)، وأنشد:
وقوله تعالى: ﴿وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾. وحد السمع، لأنه مصدر، والمصادر
وقوله تعالى ﴿عَلىَ قُلُوبِهِم﴾. قال الليث: القلب مضغة من الفؤاد، معلقة بالنياط (٢). وكأنه أخص من الفؤاد، ولذلك (٣) قالوا: أصبت حبة قلبه، وسويداء قلبه.
وقيل: القلوب والأفئدة: قريبان من السواء (٤). وقال بعضهم: سمي القلب قلبا لتقلبه (٥)، وأنشد:
| ما سمي القلب (٦) إلا من تقلبه | والرأي (٧) يصرف بالإنسان أطوارا (٨) |
= وهذا قول ثانٍ للمعتزلة. انظرة "متشابه القرآن" للهمذاني ١/ ٥١، ٥٢، "البحر المحيط" ١/ ٤٨.
(١) ذكره أبو علي الفارسي في "الحجة" عن قوم من المتأولين، ١/ ٣٠١.
(٢) "تهذيب اللغة" (قلب) ٣/ ٣٠٢٦.
(٣) في (ب): (وكذلك).
(٤) في (ب): (العوا).
(٥) "تهذيب اللغة" (قلب) ٣/ ٣٠٢٦.
(٦) في (ج): (ما سمي القلب قلبا إلا من..).
(٧) في (ب): (الذي).
(٨) البيت في "التهذيب" (قلب) ٣/ ٣٠٢٦، وكذا "اللسان" (قلب) ٦/ ٣٧١٤، بهذا النص، وورد في القرطبي ١/ ١٦٣، و"الدر المصون" ١/ ١١٤، "روح المعاني" ١/ ١٣٥، شطره الثاني: =
(١) ذكره أبو علي الفارسي في "الحجة" عن قوم من المتأولين، ١/ ٣٠١.
(٢) "تهذيب اللغة" (قلب) ٣/ ٣٠٢٦.
(٣) في (ب): (وكذلك).
(٤) في (ب): (العوا).
(٥) "تهذيب اللغة" (قلب) ٣/ ٣٠٢٦.
(٦) في (ج): (ما سمي القلب قلبا إلا من..).
(٧) في (ب): (الذي).
(٨) البيت في "التهذيب" (قلب) ٣/ ٣٠٢٦، وكذا "اللسان" (قلب) ٦/ ٣٧١٤، بهذا النص، وورد في القرطبي ١/ ١٦٣، و"الدر المصون" ١/ ١١٤، "روح المعاني" ١/ ١٣٥، شطره الثاني: =
114
لا تثنى ولا تجمع، [لأن المصدر ينبئ عن الفعل، فهو بمنزلة الفعل، والفعل لا يثنى ولا يجمع (١)] (٢).
وقال ابن الأنباري: أراد (٣): وعلى مواضع سمعهم، فحذف المضاف، كما تقول العرب: تكلم المجلس، وهم يريدون أهله، وحذف المضاف كثير في التنزيل والكلام (٤).
وقيل: اكتفى من الجمع بالواحد (٥)، كما قال الراعي (٦):
وقال ابن الأنباري: أراد (٣): وعلى مواضع سمعهم، فحذف المضاف، كما تقول العرب: تكلم المجلس، وهم يريدون أهله، وحذف المضاف كثير في التنزيل والكلام (٤).
وقيل: اكتفى من الجمع بالواحد (٥)، كما قال الراعي (٦):
| بها جيف الحسرى فأما عظامها | فبيض وأما جلدها فصليب (٧) |
= فاحذر على القلب من قلب وتحويل
غير منسوب في جميع المصادر.
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٧، "تهذيب اللغة" (سمع) ٢/ ١٧٥٦، والثعلبي ١/ ٤٨/ب، "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٣، "زاد المسير" ١/ ٢٨، والقرطبي ١/ ١٦٥. وقيل: وحد السمع، لأن المسموع واحد وهو الصوت، وقرئ شاذا ﴿وعلى أسماعهم﴾. انظر. "الفتوحات الإلهية" ١/ ١٥.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) في جميع النسخ (أرادوا على) زيادة ألف بعد الواو والصحيح حذفها.
(٤) لم أجده منسوبا لابن الأنباري. وورد بمعناه في "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٣، والقرطبي ١/ ١٦٦، "تهذيب اللغة" (سمع) ٢/ ١٧٥٧.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٧، والثعلبي ١/ ٤٨ ب، و"تفسير أبي الليث" ١/ ٩٣، و"تهذيب اللغة" (سمع) ص ١٧٥٧.
(٦) كذا نسبه الثعلبي ١/ ٤٨ ب، والبيت لعلقمة بن عبدة الفحل كما في "الكتاب" وغيره.
(٧) البيت لعلقمة بن عبدة الفحل، قاله يصف طريقاً شاقًّا، قطعه لممدوحه. الحسرى: جمع حسير، والحسير: البعير المعيب يتركه أصحابه فيموت، وابيضت عظامه لما أكلت السباع والطير ما عليه من لحم، صليب: يابس لم يدبغ. الشاهد (جلدها) مفرد أريد به الجمع، أي: جلودها. =
غير منسوب في جميع المصادر.
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٧، "تهذيب اللغة" (سمع) ٢/ ١٧٥٦، والثعلبي ١/ ٤٨/ب، "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٣، "زاد المسير" ١/ ٢٨، والقرطبي ١/ ١٦٥. وقيل: وحد السمع، لأن المسموع واحد وهو الصوت، وقرئ شاذا ﴿وعلى أسماعهم﴾. انظر. "الفتوحات الإلهية" ١/ ١٥.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) في جميع النسخ (أرادوا على) زيادة ألف بعد الواو والصحيح حذفها.
(٤) لم أجده منسوبا لابن الأنباري. وورد بمعناه في "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٣، والقرطبي ١/ ١٦٦، "تهذيب اللغة" (سمع) ٢/ ١٧٥٧.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٧، والثعلبي ١/ ٤٨ ب، و"تفسير أبي الليث" ١/ ٩٣، و"تهذيب اللغة" (سمع) ص ١٧٥٧.
(٦) كذا نسبه الثعلبي ١/ ٤٨ ب، والبيت لعلقمة بن عبدة الفحل كما في "الكتاب" وغيره.
(٧) البيت لعلقمة بن عبدة الفحل، قاله يصف طريقاً شاقًّا، قطعه لممدوحه. الحسرى: جمع حسير، والحسير: البعير المعيب يتركه أصحابه فيموت، وابيضت عظامه لما أكلت السباع والطير ما عليه من لحم، صليب: يابس لم يدبغ. الشاهد (جلدها) مفرد أريد به الجمع، أي: جلودها. =
115
وقال الله تعالى: ﴿يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ [الشورى: ٤٥]، وهو كثير جدًّا.
وقال سيبويه (١): توحيد السمع يدل على الجمع، لأنه توسط جمعين، كقوله: ﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة: ٢٥٧]، وقوله: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ﴾ [النحل: ٤٨].
وتم الكلام (٢) ههنا (٣).
ثم قال: ﴿وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ﴾ الأبصار جمع البصر، والبصر العين، إلا أنه مذكر، ويقال: تبصرت الشيء بمعنى رمقته (٤)، ومنه قول زهير:
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن................ البيت (٥)
وقال سيبويه (١): توحيد السمع يدل على الجمع، لأنه توسط جمعين، كقوله: ﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة: ٢٥٧]، وقوله: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ﴾ [النحل: ٤٨].
وتم الكلام (٢) ههنا (٣).
ثم قال: ﴿وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ﴾ الأبصار جمع البصر، والبصر العين، إلا أنه مذكر، ويقال: تبصرت الشيء بمعنى رمقته (٤)، ومنه قول زهير:
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن................ البيت (٥)
= انظر: "الكتاب" ١/ ٢٠٩، و"معاني القرآن" للزجاج١/ ٤٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨ ب، والقرطبي ١/ ١٦٥، "الخزانة" ٧/ ٥٥٩، وفيها: (به جيف الحسرى..)، "الدر المصون" ١/ ١١٤، والرازي ٢/ ٥٣، وفيه: (الحيدى) بدل (الحسرى).
(١) انظر. "الكتاب" ١/ ٢٠٩، والنص من الثعلبي ١/ ٤٨/ب.
(٢) في (ج): (السلام).
(٣) انظر. "معاني القرآن" للفراء١/ ١٣، "مجاز القرآن" ١/ ١٣ "تفسير الطبري" ١١٣ - ١١٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨/ ب، وذكر النحاس عن الأخفش سعيد، ويعقوب: أن وقف على (قلوبهم) كان أيضا تاما، وتعقبه النحاس فقال: (إذا وقف على (قلوبهم) وقدره بمعنى: وختم على سمعهم لم يكن الوقت على قلوبهم تماماً، لآن الثاني معطوف على الأول، وإن قدر الختم على القلوب خاصة فهو (تام)..)، "القطع والائتناف" ص ١١٦.
(٤) "تهذيب اللغة" (بصر) ١/ ٣٤٠.
(٥) وتمامه كما في الديوان:
تحملن بالعليا من فوق جرثم
"ديوان زهير" ص ٩. =
(١) انظر. "الكتاب" ١/ ٢٠٩، والنص من الثعلبي ١/ ٤٨/ب.
(٢) في (ج): (السلام).
(٣) انظر. "معاني القرآن" للفراء١/ ١٣، "مجاز القرآن" ١/ ١٣ "تفسير الطبري" ١١٣ - ١١٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨/ ب، وذكر النحاس عن الأخفش سعيد، ويعقوب: أن وقف على (قلوبهم) كان أيضا تاما، وتعقبه النحاس فقال: (إذا وقف على (قلوبهم) وقدره بمعنى: وختم على سمعهم لم يكن الوقت على قلوبهم تماماً، لآن الثاني معطوف على الأول، وإن قدر الختم على القلوب خاصة فهو (تام)..)، "القطع والائتناف" ص ١١٦.
(٤) "تهذيب اللغة" (بصر) ١/ ٣٤٠.
(٥) وتمامه كما في الديوان:
تحملن بالعليا من فوق جرثم
"ديوان زهير" ص ٩. =
116
والغشاوة الغطاء (١)، ويقال للجلدة التي على الولد: غشاوة، ومنه غشى على المريض إذا دير به، لأنه لبسةٌ من حال المرض، ومنه غاشية السرج (٢).
وفيه ثلاث لغات: ضم الغين وفتحها وكسرها (٣). والأفصح الكسر، لأن كل ما كان مشتملاً على شيء فهو مبني على (فعالة) كالعمامة والقلادة والعصابة. وكذلك أسماء الصناعات، لأن معنى الصناعة الاشتمال على (٤) كل ما فيها، نحو: الخياطة والقصارة، وكذلك كل من استولى، فاسم ما استولى عليه الفعالة نحو: الخلافة والإمارة (٥).
قال أبو علي الفارسي: ولم أسمع منه فعلاً متصرفا بالواو، ولامه (ياء) لأنك تقول: غشي يغشى، والغشيان وغشيته أي: ألبسته وسترته، والغشاوة من الغشيان كالجباوة من جبيت، في أن (الواو) كأنها بدل من (الياء) إذ (٦) لم يصرف منه فعل بالواو كما لم يصرف من الجباوة (٧).
وفيه ثلاث لغات: ضم الغين وفتحها وكسرها (٣). والأفصح الكسر، لأن كل ما كان مشتملاً على شيء فهو مبني على (فعالة) كالعمامة والقلادة والعصابة. وكذلك أسماء الصناعات، لأن معنى الصناعة الاشتمال على (٤) كل ما فيها، نحو: الخياطة والقصارة، وكذلك كل من استولى، فاسم ما استولى عليه الفعالة نحو: الخلافة والإمارة (٥).
قال أبو علي الفارسي: ولم أسمع منه فعلاً متصرفا بالواو، ولامه (ياء) لأنك تقول: غشي يغشى، والغشيان وغشيته أي: ألبسته وسترته، والغشاوة من الغشيان كالجباوة من جبيت، في أن (الواو) كأنها بدل من (الياء) إذ (٦) لم يصرف منه فعل بالواو كما لم يصرف من الجباوة (٧).
= الظعائن: جمع ظعينة، وهي المرأة في الهودج تحمل على الإبل، بالعلياء: الأرض المرتفعة، جرثم: ماء معين.
(١) في (ب): (والعطاء).
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (غشى) ٣/ ٢٦٦٨، "اللسان" (غشى) ٦/ ٣٢٦١.
(٣) ذكره في "الحجة"، قال: روى لنا عن الكسائي وعن غيره ١/ ٣١، وانظر: "اللسان" ٦/ ٣٢٦١.
(٤) (على) ساقطة من (ب).
(٥) في (ج): (الامارمه). والكلام بنصه في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٨، وانظر "تهذيب اللغة" (غشى) ٣/ ٢٦٦٨، و"اللسان" (غشى) ٦/ ٣٢٦١..
(٦) في (أ)، (ج): (إذا) وفي (ب) و"الحجة": (إذ). وهو الأولى لصحة السياق.
(٧) في (ب): (الجباره). انظر كلام أبي علي في "الحجة" ١/ ٣٠٠، نقله الواحدي بتصرف، قال ابن فارس (غشى): الغين والشين والحرف المعتل، أصل صحيح =
(١) في (ب): (والعطاء).
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (غشى) ٣/ ٢٦٦٨، "اللسان" (غشى) ٦/ ٣٢٦١.
(٣) ذكره في "الحجة"، قال: روى لنا عن الكسائي وعن غيره ١/ ٣١، وانظر: "اللسان" ٦/ ٣٢٦١.
(٤) (على) ساقطة من (ب).
(٥) في (ج): (الامارمه). والكلام بنصه في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٨، وانظر "تهذيب اللغة" (غشى) ٣/ ٢٦٦٨، و"اللسان" (غشى) ٦/ ٣٢٦١..
(٦) في (أ)، (ج): (إذا) وفي (ب) و"الحجة": (إذ). وهو الأولى لصحة السياق.
(٧) في (ب): (الجباره). انظر كلام أبي علي في "الحجة" ١/ ٣٠٠، نقله الواحدي بتصرف، قال ابن فارس (غشى): الغين والشين والحرف المعتل، أصل صحيح =
117
والأشهر في القراءة رفع الغشاوة (١)، لأنها لم تحمل على (ختم)، ألا ترى أنه قد جاء في الأخرى ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾ [الجاثية: ٢٣]، فلما (٢) لم تحمل في هذه على (ختم) كذلك لا تحمل هاهنا (٣)، وبقطعها عن ختم فتكون مرفوعة (٤) بعلى (٥).
وقرأ المفضل (٦) ﴿غِشَاوَةٌ﴾ بالنصب (٧). وله وجهان:
وقرأ المفضل (٦) ﴿غِشَاوَةٌ﴾ بالنصب (٧). وله وجهان:
= يدل على تغطية شيء بشيء. "معجم مقاييس اللغة" ١/ ٤٢٥.
قال السمين الحلبي بعد أن ذكر كلام أبي علي: وظاهر عبارته أن الواو بدل من الياء، فالياء أصل؛ بدليل تصرف الفعل منها دون مادة الواو، والذي يظهر أن لهذا المعنى مادتين: غ ش و، غ ش ى، ثم تصرفوا في إحدى المادتين واستغنوا بذلك عن التصرف في المادة الأخرى، وهذا أقرب من ادعاء قلب الواو ياء من غير سبب..)، "الدر المصون" ١/ ١١٦.
(١) قرأ السبعة كلهم برفع الغشاوة، إلا ما روى المفضل الضبي، عن عاصم أنه قرأ بالنصب. انظر "الحجة" لأبي علي ١/ ٢٩١، ٣١٢، وقال الطبري: إن قراءة الرفع هي الصحيحة، والنصب شاذة، ١/ ٢٦٢، ونحوه قال أبو الليث في "تفسيره" ١/ ٩٣.
(٢) في "الحجة": (فكما) ١/ ٣٠٩.
(٣) في "الحجة" (كذلك لا تحمل في هذِه التي في مسألتنا) ١/ ٣٠٩.
(٤) فى (ب): (فتكون من موسه بعلى).
(٥) في "الحجة": (ملها على (ختم) قطعها عنه وإذا قطعها عن (ختم) كانت مرفوعة إما بالظرف، وإما بالابتداء، "الحجة" ١/ ٣٠٩. قال مكي: (غشاوة: رفع بالابتداء، والخبر. وعلى أبصارهم)، (المشكل) ١/ ٢٠، وقال العكبري: (وعلى قول الأخفش (غشاوة) مرفوع بالجار كارتفاع الفاعل بالفعل)، "الإملاء" ١/ ١٥.
(٦) هو المفضل بن محمد الضبي الكوفي، إمام مقرئ، نحوي، إخباري، أخذ القراءة عن عاصم، ومات سنة ثمان وستين ومائة.
انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" ١٣/ ١٢١، "الأنساب" ٨/ ٣٨٥، "إنباه الرواة" ٣/ ٢٩٨، "غاية النهاية" ٢/ ٣٠٧.
(٧) قال ابن مجاهد: "قرأوا كلهم (غشاوة) في (البقرة) رفعا وبالألف، إلا أن المفضل =
قال السمين الحلبي بعد أن ذكر كلام أبي علي: وظاهر عبارته أن الواو بدل من الياء، فالياء أصل؛ بدليل تصرف الفعل منها دون مادة الواو، والذي يظهر أن لهذا المعنى مادتين: غ ش و، غ ش ى، ثم تصرفوا في إحدى المادتين واستغنوا بذلك عن التصرف في المادة الأخرى، وهذا أقرب من ادعاء قلب الواو ياء من غير سبب..)، "الدر المصون" ١/ ١١٦.
(١) قرأ السبعة كلهم برفع الغشاوة، إلا ما روى المفضل الضبي، عن عاصم أنه قرأ بالنصب. انظر "الحجة" لأبي علي ١/ ٢٩١، ٣١٢، وقال الطبري: إن قراءة الرفع هي الصحيحة، والنصب شاذة، ١/ ٢٦٢، ونحوه قال أبو الليث في "تفسيره" ١/ ٩٣.
(٢) في "الحجة": (فكما) ١/ ٣٠٩.
(٣) في "الحجة" (كذلك لا تحمل في هذِه التي في مسألتنا) ١/ ٣٠٩.
(٤) فى (ب): (فتكون من موسه بعلى).
(٥) في "الحجة": (ملها على (ختم) قطعها عنه وإذا قطعها عن (ختم) كانت مرفوعة إما بالظرف، وإما بالابتداء، "الحجة" ١/ ٣٠٩. قال مكي: (غشاوة: رفع بالابتداء، والخبر. وعلى أبصارهم)، (المشكل) ١/ ٢٠، وقال العكبري: (وعلى قول الأخفش (غشاوة) مرفوع بالجار كارتفاع الفاعل بالفعل)، "الإملاء" ١/ ١٥.
(٦) هو المفضل بن محمد الضبي الكوفي، إمام مقرئ، نحوي، إخباري، أخذ القراءة عن عاصم، ومات سنة ثمان وستين ومائة.
انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" ١٣/ ١٢١، "الأنساب" ٨/ ٣٨٥، "إنباه الرواة" ٣/ ٢٩٨، "غاية النهاية" ٢/ ٣٠٧.
(٧) قال ابن مجاهد: "قرأوا كلهم (غشاوة) في (البقرة) رفعا وبالألف، إلا أن المفضل =
118
أحدهما (١): أن تحمل على الفعل، كأنه قال: وختم على قلبه غشاوة، أي: بغشاوة فلما حذف الحرف وصل الفعل، ومعنى ختم عليه بغشاوة: مثل جعل على بصره غشاوة. ألا ترى أنه إذا ختمها بالغشاوة فقد جعلها فيها، والدليل على جواز حمل غشاوة على ختم هذا الظاهر قوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ﴾ [النحل: ١٠٨]، وطبع في المعنى كختم، وقد حملت الأبصار على (طبع)، فكذلك (٢) تحمل (٣) على (ختم) (٤).
والوجه الثاني: ما قاله الفراء (٥)، وهو أنه نصبها بإضمار (وجعل)، كقوله في الجاثية: ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾ [الجاثية: ٢٣].
والكلام إذا اجتمع ودل أوله على آخره حسن الإضمار، كقولك: أصاب فلان المال، فبنى الدور والعبيد والإماء واللباس، فـ (بنى) لا يقع على العبيد (٦) وإلاماء، واللباس فبنى لا يقع على العبيد والإماء ولكنه (٧)، صفات اليسار، فحسن الإضمار لما عرف، ومثله كثير. والذي لا يحسن من الإضمار (٨) ما يشتبه ولا يعرف المعنى، كقولك: ضربت فلانًا وفلانًا،
والوجه الثاني: ما قاله الفراء (٥)، وهو أنه نصبها بإضمار (وجعل)، كقوله في الجاثية: ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾ [الجاثية: ٢٣].
والكلام إذا اجتمع ودل أوله على آخره حسن الإضمار، كقولك: أصاب فلان المال، فبنى الدور والعبيد والإماء واللباس، فـ (بنى) لا يقع على العبيد (٦) وإلاماء، واللباس فبنى لا يقع على العبيد والإماء ولكنه (٧)، صفات اليسار، فحسن الإضمار لما عرف، ومثله كثير. والذي لا يحسن من الإضمار (٨) ما يشتبه ولا يعرف المعنى، كقولك: ضربت فلانًا وفلانًا،
= ابن محمد الضبي روى عن عاصم (وعلى أبصارهم غشاوة) نصبا"، "السبعة" ص ١٤١، "معاني القرآن" للفراء١/ ١٣، "الحجة" ١/ ٢٩١ "زاد المسير" ١/ ٢٨.
(١) في (ج): (أحدها).
(٢) (فكذلك) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): (حمل).
(٤) بنصه في "الحجة"، ١/ ٣٠٩، ٣١٠.
(٥) "معاني القرآن" ١/ ١٣، ١٤، ونقله بتصرف يسير.
(٦) في (ب) (العبد).
(٧) في (ب): (لكن).
(٨) في (ب): (لا يشتبه).
(١) في (ج): (أحدها).
(٢) (فكذلك) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): (حمل).
(٤) بنصه في "الحجة"، ١/ ٣٠٩، ٣١٠.
(٥) "معاني القرآن" ١/ ١٣، ١٤، ونقله بتصرف يسير.
(٦) في (ب) (العبد).
(٧) في (ب): (لكن).
(٨) في (ب): (لا يشتبه).
119
وأنت تريد بالثاني: قتلت، لأنه ليس هاهنا دليل، وكذلك قولك: قد أعتقت يساراً أمس وآخر اليوم، وأنت تريد: واشتريت آخر اليوم، فهذا لا يجوز، لأنه مختلف (١).
قال الزجاج في هذه الآية: إنهم كانوا يسمعون ويبصرون ويعقلون، ولكن لم يستعملوا (٢) هذه الحواس استعمالاً يجدي عليهم، فصاروا كمن لا يعقل ولا يسمع ولا يبصر (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. (العذاب): كل ما يُعَنَي الإنسان ويشق عليه، وذكرت اشتقاقه عند قوله: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [البقرة: ١٠].
و (العظيم) فعيل من العظم، ومعنى العظم: هو كثرة المقدار في الجثة (٤)، ثم استعير ذلك في الصفات، فقيل: كلام عظيم، [وأمر عظيم، أي: عظيم (٥)] القدر، يريدون به المبالغة في وصفه، ومن هذا الباب العظام، لأنها من (٦) أكبر ما ركب منه البدن، فالعظم في الأصل الزيادة على المقدار (٧)، ثم ينقسم إلى عظم الأجسام، وعظم الشأن (٨)، وهو
قال الزجاج في هذه الآية: إنهم كانوا يسمعون ويبصرون ويعقلون، ولكن لم يستعملوا (٢) هذه الحواس استعمالاً يجدي عليهم، فصاروا كمن لا يعقل ولا يسمع ولا يبصر (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. (العذاب): كل ما يُعَنَي الإنسان ويشق عليه، وذكرت اشتقاقه عند قوله: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [البقرة: ١٠].
و (العظيم) فعيل من العظم، ومعنى العظم: هو كثرة المقدار في الجثة (٤)، ثم استعير ذلك في الصفات، فقيل: كلام عظيم، [وأمر عظيم، أي: عظيم (٥)] القدر، يريدون به المبالغة في وصفه، ومن هذا الباب العظام، لأنها من (٦) أكبر ما ركب منه البدن، فالعظم في الأصل الزيادة على المقدار (٧)، ثم ينقسم إلى عظم الأجسام، وعظم الشأن (٨)، وهو
(١) انتهى ما نقله عن الفراء، انظر "المعاني" ١/ ١٤.
(٢) في (ب): (لا يسمعوا).
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٧.
(٤) في (ب): (الجنة).
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) (من) ساقطة من (ب).
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (عظم) ٣/ ٢٤٨٨، "معجم المقاييس" (عظم) ٤/ ٣٥٥، "اللسان" (عظم) ٥/ ٣٠٠٤.
(٨) في (ب): "اللسان".
(٢) في (ب): (لا يسمعوا).
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٧.
(٤) في (ب): (الجنة).
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) (من) ساقطة من (ب).
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (عظم) ٣/ ٢٤٨٨، "معجم المقاييس" (عظم) ٤/ ٣٥٥، "اللسان" (عظم) ٥/ ٣٠٠٤.
(٨) في (ب): "اللسان".
120
منقول إلى عظم الشأن (١) من عظم الجثة، وكثر استعماله حتى صار حقيقة في الموضعين (٢).
ومعنى وصف العذاب بالعظم، هو المواصلة بين أجزاء الآلام بحيث لا تتخللها (٣) فرجة، أو إحداث ألم في كل جزء، أو (٤) يخلق ألما أشد من ألم.
٨ - قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ الآية. روى ثعلب عن سلمه (٥) عن الفراء (٦) قال: يكون (٧) (من) ابتداء غاية، ويكون بعضًا، ويكون صلة، قال الله: ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ﴾ [يونس: ٦١]. المعنى: مثقال ذرة (٨).
قال أبو عبيد (٩): والعرب تضع (من) مواضع (مذ) يقال: ما رأيته من [سنة، أي:] (١٠) مذ سنة. قال زهير:
ومعنى وصف العذاب بالعظم، هو المواصلة بين أجزاء الآلام بحيث لا تتخللها (٣) فرجة، أو إحداث ألم في كل جزء، أو (٤) يخلق ألما أشد من ألم.
٨ - قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ الآية. روى ثعلب عن سلمه (٥) عن الفراء (٦) قال: يكون (٧) (من) ابتداء غاية، ويكون بعضًا، ويكون صلة، قال الله: ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ﴾ [يونس: ٦١]. المعنى: مثقال ذرة (٨).
قال أبو عبيد (٩): والعرب تضع (من) مواضع (مذ) يقال: ما رأيته من [سنة، أي:] (١٠) مذ سنة. قال زهير:
(١) في (ب): "اللسان".
(٢) انظر: "تفسير الرازي" ٢/ ٥٤.
(٣) في (ب): (لا محللها).
(٤) في (ب): (جزوو أو يحلو).
(٥) هو سلمة بن عاصم النحوي، روى عن الفراء، كان أديبا فاضلا، سمع منه ثعلب كتاب "لمعاني" للفراء، توفي بعد السبعين ومائتين. انظر ترجمته في: "طبقات النحويين واللغويين" ص ١٣٧، "معجم الأدباء" ٣/ ٣٩١، "إنباه الرواة" ٢/ ٥٦، "غاية النهاية" ١/ ٣١١.
(٦) في "تهذيب اللغة" (سلمه عن الفراء ثم ذكره بنصه). "التهذيب" (من) ٤/ ٣٤٥٣.
(٧) في "التهذيب": (تكون) في المواضع الثلاثة.
(٨) في "التهذيب": (أي: ما يعزب عن علمه من مثقال ذرة) ٤/ ٣٤٥٣.
(٩) "تهذيب اللغة" (من) ٤/ ٣٤٥٤.
(١٠) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) انظر: "تفسير الرازي" ٢/ ٥٤.
(٣) في (ب): (لا محللها).
(٤) في (ب): (جزوو أو يحلو).
(٥) هو سلمة بن عاصم النحوي، روى عن الفراء، كان أديبا فاضلا، سمع منه ثعلب كتاب "لمعاني" للفراء، توفي بعد السبعين ومائتين. انظر ترجمته في: "طبقات النحويين واللغويين" ص ١٣٧، "معجم الأدباء" ٣/ ٣٩١، "إنباه الرواة" ٢/ ٥٦، "غاية النهاية" ١/ ٣١١.
(٦) في "تهذيب اللغة" (سلمه عن الفراء ثم ذكره بنصه). "التهذيب" (من) ٤/ ٣٤٥٣.
(٧) في "التهذيب": (تكون) في المواضع الثلاثة.
(٨) في "التهذيب": (أي: ما يعزب عن علمه من مثقال ذرة) ٤/ ٣٤٥٣.
(٩) "تهذيب اللغة" (من) ٤/ ٣٤٥٤.
(١٠) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
121
أقوين من حجج ومن شهر (١)
أي: مذ حجج (٢). ويكون (٣) (من) بمعنى البدل، كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً﴾ [الزخرف: ٦٠]. معناه: بدلكم (٤)، وسنذكره في موضعه. (٥) وأما الأصل [في (الناس) (٦)] فقد أقرأني العروضي قال: أقرأني الأزهري قال (٧): (أخبرني المنذري عن أبي الهيثم (٨) أنه سأله (٩) عن (الناس) (١٠) ما أصله؟
أي: مذ حجج (٢). ويكون (٣) (من) بمعنى البدل، كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً﴾ [الزخرف: ٦٠]. معناه: بدلكم (٤)، وسنذكره في موضعه. (٥) وأما الأصل [في (الناس) (٦)] فقد أقرأني العروضي قال: أقرأني الأزهري قال (٧): (أخبرني المنذري عن أبي الهيثم (٨) أنه سأله (٩) عن (الناس) (١٠) ما أصله؟
(١) مطلع قصيدة لزهير يمدح هرم بن سنان وصدره:
لمن الديار بقنة الحجر
القنة: أعلى الجبل، الحجر: بكسر الحاء منازل ثمود، ويروى بالفتح موضع باليمامة، أقوين: أقفرت، الحجج: بكسر الحاء جمع حجة وهي السنة، ومن شهر: واحد الشهور، ويروى ومن دهر. ورد البيت في "تهذيب اللغة" (من) ٤/ ٣٤٥٤، "الجمل المنسوب" للخليل ص ١٦١، "الجمل" للزجاجي ص ١٣٩، "مغني اللبيب" ١/ ٣٣٥، "الهمع" ٣/ ٢٢٦، "شرح المفصل" ٤/ ٢٩٣، ٨/ ١١، "الإنصاف" ص ٣١٥، "الخزانة" ٩/ ٤٣٩، "شرح ديوان زهير" ص ٨٦.
(٢) أي: مذ حجج ومذ شهر.
(٣) في "التهذيب": (من) ٤/ ٣٤٥٤.
(٤) في (ب): (بدله).
(٥) عند أبي عبيد وتكون (من) بمعنى: اللام الزائدة. انظر بقية كلامه في "التهذيب" (من) ٤/ ٣٤٥٤، وذكر ابن هشام في "مغني اللبيب": أن (من) تأتي على خمسة عشر وجها، ١/ ٣١٨.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٧) (التهذيب) (أنس) ١/ ٢١٦.
(٨) في (ب) (أبي القاسم).
(٩) في (ج) (سأل).
(١٠) (عن الناس) ساقط من (ب).
لمن الديار بقنة الحجر
القنة: أعلى الجبل، الحجر: بكسر الحاء منازل ثمود، ويروى بالفتح موضع باليمامة، أقوين: أقفرت، الحجج: بكسر الحاء جمع حجة وهي السنة، ومن شهر: واحد الشهور، ويروى ومن دهر. ورد البيت في "تهذيب اللغة" (من) ٤/ ٣٤٥٤، "الجمل المنسوب" للخليل ص ١٦١، "الجمل" للزجاجي ص ١٣٩، "مغني اللبيب" ١/ ٣٣٥، "الهمع" ٣/ ٢٢٦، "شرح المفصل" ٤/ ٢٩٣، ٨/ ١١، "الإنصاف" ص ٣١٥، "الخزانة" ٩/ ٤٣٩، "شرح ديوان زهير" ص ٨٦.
(٢) أي: مذ حجج ومذ شهر.
(٣) في "التهذيب": (من) ٤/ ٣٤٥٤.
(٤) في (ب): (بدله).
(٥) عند أبي عبيد وتكون (من) بمعنى: اللام الزائدة. انظر بقية كلامه في "التهذيب" (من) ٤/ ٣٤٥٤، وذكر ابن هشام في "مغني اللبيب": أن (من) تأتي على خمسة عشر وجها، ١/ ٣١٨.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٧) (التهذيب) (أنس) ١/ ٢١٦.
(٨) في (ب) (أبي القاسم).
(٩) في (ج) (سأل).
(١٠) (عن الناس) ساقط من (ب).
122
قال: أصله أناس (١)، والألف فيه أصلية، ثم زيدت عليه اللام التي نزاد مع الألف للتعريف (٢)، وأصل تلك اللام سكون أبدا (٣)، فصار (الأناس) ثم كثر في الكلام، وكانت الهمزة واسطة فاستثقلوها (٤) فتركوها (٥)، ثم أدغموا اللام في النون فقالوا: الناس، فلما طرحوا الألف واللام قالوا: (ناس) (٦). وقد استعمله الشاعر على الأصل فقال:
إن المنايا يَطّلعـ... ـنَ على الأناس الآمنينا (٧)
قال الأزهري: وهذا قول حذاق (٨) النحويين (٩). و (الناس) لفظ وضع
إن المنايا يَطّلعـ... ـنَ على الأناس الآمنينا (٧)
قال الأزهري: وهذا قول حذاق (٨) النحويين (٩). و (الناس) لفظ وضع
(١) في (التهذيب): (فقال أصله (الأناس)، لأن أصله (أناس) فالألف فيه أصلية.....) ١/ ٢١٧.
(٢) في (ب): (التعريف).
(٣) في "التهذيب" (وأصل تلك اللام سكون أبدا إلا في أحرف قليلة، مثل: الاسم والابن، وما أشبهها من الألفات الوصلية، فلما زادوهما على أناس صار الاسم: الأناس....) ١/ ٢١٧.
(٤) في (ب): (فاستقلوها).
(٥) في "التهذيب": (..... فتركوها وصار باقي الاسم (ألناس) بتحريك اللام في الضمة، فلما تحركت اللام والنون أدغموا اللام في النون...) ١/ ٢١٧.
(٦) في "التهذيب": (فلما طرحوا الألف واللام ابتداء والاسم فقالوا: قال ناس من الناس. انتهى كلام أبي الهيثم في "التهذيب"، وقول الواحدي: وقد استعمله الشاعر... الخ مع البيت ليس في "التهذيب" ١/ ٢١٧.
(٧) البيت لذي جدن الحميري، ورد في "مجالس العلماء" للزجاجي ص ٧٠، "الخزانة" ٢/ ٢٨٠، "الخصائص" ٣/ ١٥١، "تفسير البيضاوي" ١/ ٩٩، "الدر المصون" ١/ ١١٩، "اللسان" (نوس) ٨/ ٤٥٧٥.
(٨) في (ب): (خلاف).
(٩) في "التهذيب": (قلت: وهذا الذي قاله أبو الهيثم تعليل النحويين) وفي الهامش في (ج) (قول حذاق النحويين)، "التهذيب" ١/ ٢١٧.
(٢) في (ب): (التعريف).
(٣) في "التهذيب" (وأصل تلك اللام سكون أبدا إلا في أحرف قليلة، مثل: الاسم والابن، وما أشبهها من الألفات الوصلية، فلما زادوهما على أناس صار الاسم: الأناس....) ١/ ٢١٧.
(٤) في (ب): (فاستقلوها).
(٥) في "التهذيب": (..... فتركوها وصار باقي الاسم (ألناس) بتحريك اللام في الضمة، فلما تحركت اللام والنون أدغموا اللام في النون...) ١/ ٢١٧.
(٦) في "التهذيب": (فلما طرحوا الألف واللام ابتداء والاسم فقالوا: قال ناس من الناس. انتهى كلام أبي الهيثم في "التهذيب"، وقول الواحدي: وقد استعمله الشاعر... الخ مع البيت ليس في "التهذيب" ١/ ٢١٧.
(٧) البيت لذي جدن الحميري، ورد في "مجالس العلماء" للزجاجي ص ٧٠، "الخزانة" ٢/ ٢٨٠، "الخصائص" ٣/ ١٥١، "تفسير البيضاوي" ١/ ٩٩، "الدر المصون" ١/ ١١٩، "اللسان" (نوس) ٨/ ٤٥٧٥.
(٨) في (ب): (خلاف).
(٩) في "التهذيب": (قلت: وهذا الذي قاله أبو الهيثم تعليل النحويين) وفي الهامش في (ج) (قول حذاق النحويين)، "التهذيب" ١/ ٢١٧.
123
للجمع، ولا واحد له من لفظه (١)، كالقوم والرهط والجيش، واختلفوا في تصغيره، فقيل: (أنيس) و (نويس).
فمن قال: (أنيس) وهو قول أكثر النحويين (٢)، دل على (٣) أن أصله (أناس) لثبوت الهمزة في التصغير. ومن قال: نويس، جعل اشتقاق الناس من (النوس) وهو الاضطراب والحركة (٤) يقال ناس ينوس إذا تذبذب وتحرك، وأناس إذا حرك (٥). ومنه قول المرأة في حديث أم زرع: (أناس من حلي أذني) (٦).
فمن قال: (أنيس) وهو قول أكثر النحويين (٢)، دل على (٣) أن أصله (أناس) لثبوت الهمزة في التصغير. ومن قال: نويس، جعل اشتقاق الناس من (النوس) وهو الاضطراب والحركة (٤) يقال ناس ينوس إذا تذبذب وتحرك، وأناس إذا حرك (٥). ومنه قول المرأة في حديث أم زرع: (أناس من حلي أذني) (٦).
(١) قال الطبري: (في الناس وجهان: أحدهما: أن يكون جمعا لا واحد له من لفظه، وإنما واحدهم (إنسان) وواحدتهم (إنسانة). والوجه الأخر: أن يكون أصله (أناس) أسقطت الهمزة منها لكثرة الكلام بها، ثم دخلتها الألف واللام المعرفتان...) ١/ ١١٦، وانظر "تفسير ابن عطية" ١/ ١٥٨ - ١٥٩، (البحر) ١/ ٥٢ (الدر المصون) ١/ ١١٨.
(٢) قال سيبويه: (ليس من العرب أحد إلا ويقول: نويس)، انظر "الكتاب" ٣/ ٤٥٧، وانظر "المسائل الحلبيات" لأبي علي الفارسي ص ١٧١، ١٧٢.
(٣) (دل على) مطموس في (ب).
(٤) (الحركة) ساقطة من (ب).
(٥) في (ب): (إذ بريدت).
(٦) في (ب): (أرلى). قطعة من حديث طويل، فقد أخرج البخاري بسنده عن عائشة، قالت (جلس إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً...)، وفيه: (قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع فما أبو زرع أناس من حلي أذني.....). أخرجه البخاري (٥١٨٩) كتاب النكاح، باب: حسن المعاشرة مع الأهل، ومسلم (٢٤٤٨) كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل عائشة، قال ابن حجر اختلف في رفعه ووقفه، ثم ذكر الخلاف في ذلك، وقال: (قلت: المرفوع منه في الصحيحين: (كنت لك كأبي زرع لأم زرع) وباقيه من قول عائشة، وجاء خارج الصحيحين مرفوعا كله...). (الفتح) ٩/ ٢٥٥ - ٢٥٧. وقد =
(٢) قال سيبويه: (ليس من العرب أحد إلا ويقول: نويس)، انظر "الكتاب" ٣/ ٤٥٧، وانظر "المسائل الحلبيات" لأبي علي الفارسي ص ١٧١، ١٧٢.
(٣) (دل على) مطموس في (ب).
(٤) (الحركة) ساقطة من (ب).
(٥) في (ب): (إذ بريدت).
(٦) في (ب): (أرلى). قطعة من حديث طويل، فقد أخرج البخاري بسنده عن عائشة، قالت (جلس إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً...)، وفيه: (قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع فما أبو زرع أناس من حلي أذني.....). أخرجه البخاري (٥١٨٩) كتاب النكاح، باب: حسن المعاشرة مع الأهل، ومسلم (٢٤٤٨) كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل عائشة، قال ابن حجر اختلف في رفعه ووقفه، ثم ذكر الخلاف في ذلك، وقال: (قلت: المرفوع منه في الصحيحين: (كنت لك كأبي زرع لأم زرع) وباقيه من قول عائشة، وجاء خارج الصحيحين مرفوعا كله...). (الفتح) ٩/ ٢٥٥ - ٢٥٧. وقد =
124
قال (١): وسمي الناس ناسًا، لأن من (٢) شأنهم الحركة على الاختيار العقلي، والواو في التصغير يدل على هذا الاشتقاق، وواحد الناس: إنسان، لا من لفظه. وكان في الأصل (إنسيان)، وهو فعليان، والألف فيه (فاء) الفعل، ومثله في الكلام (حرصيان) وهو الجلد الذي يلي الجلد الأعلى من (٣) الحيوان، ورجل حذريان، إذا كان حذرا، وإنما قلنا: إن أصله إنسيان، لأن العرب لم تختلف في تصغيره على أنيسيان (٤).
قال الأزهري (٥): وأصل الإنس، والإنسان، والناس، من آنس يؤنس (٦) إذا أبصر، لأنهم يؤنسون، أي: يبصرون، كما قيل للجن: جن، لأنهم مجتنّون، لا يؤنسون أي: لا يبصرون (٧). وقد روي عن ابن عباس أنه
قال الأزهري (٥): وأصل الإنس، والإنسان، والناس، من آنس يؤنس (٦) إذا أبصر، لأنهم يؤنسون، أي: يبصرون، كما قيل للجن: جن، لأنهم مجتنّون، لا يؤنسون أي: لا يبصرون (٧). وقد روي عن ابن عباس أنه
= ذكر علماء اللغة وغريب الحديث أجزاء من الحديث، لما فيه من الألفاظ، فذكره أبو عبيد في "غريب الحديث"، ١/ ٣٦٤ - ٣٧٦، وورد في "الفائق" ٣/ ٤٨، ٤٩، وذكر قطعة منه الأزهري في "التهذيب" ٣/ ٢٤٥١، وذكره السيوطي من طرق كثيرة في "المزهر" ٢/ ٤٤٩.
(١) المراد الأزهري فبعد كلامه السابق الذي ذكره الواحدي وهو قوله: (قلت: وهذا الذي قاله أبو الهيثم تعليل النحويين... قال: وإنسان في الأصل:
(٢) في (ب): (معنى).
(٣) في (ج): (بين).
(٤) انظر "تهذيب اللغة" (أنس) ١/ ٢١٦، وانظر "الكتاب" ٣/ ٤٨٦.
(٥) "تهذيب اللغة" (أنس).
(٦) في "التهذيب" (قلت: واصل الإنس والأنس والإنسان من الإيناس وهو الإبصار)، وفي الهامش في (ج) (وأصل الإنسان والناس من أنس يؤنس إذا أبصر)، ٢١٦ - ٢١٧.
(٧) انتهى كلام الأزهري. انظر: "التهذيب" ١/ ٢١٦ - ٢١٧.
(١) المراد الأزهري فبعد كلامه السابق الذي ذكره الواحدي وهو قوله: (قلت: وهذا الذي قاله أبو الهيثم تعليل النحويين... قال: وإنسان في الأصل:
| إنسيان وهو فعليان من الإنس | إلخ) وما بينهما ليس في "التهذيب". انظر "التهذيب" ١/ ٢١٦. |
(٣) في (ج): (بين).
(٤) انظر "تهذيب اللغة" (أنس) ١/ ٢١٦، وانظر "الكتاب" ٣/ ٤٨٦.
(٥) "تهذيب اللغة" (أنس).
(٦) في "التهذيب" (قلت: واصل الإنس والأنس والإنسان من الإيناس وهو الإبصار)، وفي الهامش في (ج) (وأصل الإنسان والناس من أنس يؤنس إذا أبصر)، ٢١٦ - ٢١٧.
(٧) انتهى كلام الأزهري. انظر: "التهذيب" ١/ ٢١٦ - ٢١٧.
125
قال: عهد الله سبحانه إلى آدم فنسي فسمي إنساناً (١) وإن صح هذا فالهمزة تكون زائدة (٢).
وذكر أبو علي في "المسائل الحلبية" (٣): أن الكسائي قال: إن الأناس (٤) لغة، والناس لغة أخرى (٥)، كأنه يذهب إلى أن (الفاء) محذوف من الناس، كما يذهب إليه سيبويه (٦)، والدلالة على أنهما من لفظ واحد، وليسا من كلمتين مختلفتين أنهم قالوا: (الأناس) في المعنى الذي قالوا فيه (الناس) وقالوا: الإنس والأنس والإنسي والأناسي (٧)، وإذا كان كذلك ثبت أن الهمزة (فاء) الفعل، وأن الألف من (أناس) زائدة (٨)، وأن (فاء) الفعل من الناس هي الهمزة المحذوفة، وهذا من مبادئ التصريف وأوائله (٩).
وذكر أبو علي في "المسائل الحلبية" (٣): أن الكسائي قال: إن الأناس (٤) لغة، والناس لغة أخرى (٥)، كأنه يذهب إلى أن (الفاء) محذوف من الناس، كما يذهب إليه سيبويه (٦)، والدلالة على أنهما من لفظ واحد، وليسا من كلمتين مختلفتين أنهم قالوا: (الأناس) في المعنى الذي قالوا فيه (الناس) وقالوا: الإنس والأنس والإنسي والأناسي (٧)، وإذا كان كذلك ثبت أن الهمزة (فاء) الفعل، وأن الألف من (أناس) زائدة (٨)، وأن (فاء) الفعل من الناس هي الهمزة المحذوفة، وهذا من مبادئ التصريف وأوائله (٩).
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٤٩ أ، والقرطبي ١/ ١٦٨.
(٢) انظر: "المسائل الحلبيات" ص ١٧١، والقرطبي ١/ ١٦٨، "الدر المصون" ١/ ١١٩، ١٢٠.
(٣) في (ب): (الجلسه).
"المسائل الحلبيات" أحد كتب أبي علي المشهورة، طبع بتحقيق د/ حسن هنداوي، وقد نقل الواحدي كلام أبي علي بمعناه. انظر: "المسائل الحلبيات" ص ١٦٨ - ١٧٣.
(٤) في (ب): (الإنسان).
(٥) لم أجد هذا القول للكسائي في "المسائل الحلبيات". انظر: "المسائل الحلبيات" ص١٦٨ - ١٧٣، وانظر "تهذيب اللغة" (أنس) ١/ ٢١٦ - ٢١٧.
(٦) انظر "الكتاب" ٢/ ١٩٦.
(٧) قوله: (وقالوا: الإنس والأنس والأنسي والأناسي) ليس فىِ "الحلبيات"، انظر ص ١٦٨ - ١٧٣.
(٨) في (ب): (فائده).
(٩) في (ج): (وأوئله). أنظر: "المسائل الحلبيات" ص ١٦٨.
(٢) انظر: "المسائل الحلبيات" ص ١٧١، والقرطبي ١/ ١٦٨، "الدر المصون" ١/ ١١٩، ١٢٠.
(٣) في (ب): (الجلسه).
"المسائل الحلبيات" أحد كتب أبي علي المشهورة، طبع بتحقيق د/ حسن هنداوي، وقد نقل الواحدي كلام أبي علي بمعناه. انظر: "المسائل الحلبيات" ص ١٦٨ - ١٧٣.
(٤) في (ب): (الإنسان).
(٥) لم أجد هذا القول للكسائي في "المسائل الحلبيات". انظر: "المسائل الحلبيات" ص١٦٨ - ١٧٣، وانظر "تهذيب اللغة" (أنس) ١/ ٢١٦ - ٢١٧.
(٦) انظر "الكتاب" ٢/ ١٩٦.
(٧) قوله: (وقالوا: الإنس والأنس والأنسي والأناسي) ليس فىِ "الحلبيات"، انظر ص ١٦٨ - ١٧٣.
(٨) في (ب): (فائده).
(٩) في (ج): (وأوئله). أنظر: "المسائل الحلبيات" ص ١٦٨.
126
ولو جاز لقائل أن (١) يقول: إن (ناسا) لسقوط الهمزة منه ليس من لفظ أناس، للزمه أن يقول: [قولهم (ويل أمه (٢)) إذا حذفت الهمزة منه: ليست التي في (أمه) وأن يقول (٣)]: (عدة) ليس من الوعد، لسقوط الواو منه التي هي (فاء) (٤).
وقوله تعالى: ﴿مَن يَقُولُ﴾. روى سلمة، عن الفراء، عن الكسائي (٥) قال: ﴿مِنَ﴾ يكون اسماً، ويكون شرطاً ويكون معرفة، ويكون نكرة، ويكون للواحد والاثنين (٦) وللجميع، ويكون (٧) للإنس (٨) والملائكة والجن (٩)، وهذه الوجوه كلها موجودة في التنزيل (١٠)، ستمر بك مشروحة
وقوله تعالى: ﴿مَن يَقُولُ﴾. روى سلمة، عن الفراء، عن الكسائي (٥) قال: ﴿مِنَ﴾ يكون اسماً، ويكون شرطاً ويكون معرفة، ويكون نكرة، ويكون للواحد والاثنين (٦) وللجميع، ويكون (٧) للإنس (٨) والملائكة والجن (٩)، وهذه الوجوه كلها موجودة في التنزيل (١٠)، ستمر بك مشروحة
(١) (أن) ساقطة من (ب).
(٢) إذا حذفت الهمزة منه يصير (ويلمه) الأصل فيها (ويل لأمه) أدغمت (لام) ويل في الجارة في (لأمه) ثم حذفت (لام) ويل لكثرة الاستعمال ثم حذفت الهمزة. انظر "المسائل الحلبيات" ص ٤٣.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) في (ج): (فاء العمل).
(٥) في "التهذيب" سلمة عن الفراء عن الكسائي قال: (من) تكون اسما، وتكون جحدا، وتكون استفهاما، وتكون شرطا، وتكون معرفة، وتكون نكرة، وتكون للواحد، وتكون للأثنين، وتكون خصوصا، وتكون للأناس، والملائكة والجن وتكون للبهائم إذا خلطت بغيرها. "التهذيب" (من) ٤/ ٣٤٥٣، وذكر في "مغني اللبيب" أن (من) تأتي على خمسة أوجه ١/ ٣٢٧.
(٦) في (ب): وللأثنين.
(٧) في (ب): (تكون).
(٨) في (أ)، (ج): (الأنس).
(٩) في (ب): (للملائكة وللجن).
(١٠) في "التهذيب" (قلت: هذِه الوجوه التي ذكرها الكسائي موجودة فىِ الكتاب...)، ثم ذكر الأزهري أمثلة لها من القرآن. "التهذيب" ٤/ ٣٤٥٣.
(٢) إذا حذفت الهمزة منه يصير (ويلمه) الأصل فيها (ويل لأمه) أدغمت (لام) ويل في الجارة في (لأمه) ثم حذفت (لام) ويل لكثرة الاستعمال ثم حذفت الهمزة. انظر "المسائل الحلبيات" ص ٤٣.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) في (ج): (فاء العمل).
(٥) في "التهذيب" سلمة عن الفراء عن الكسائي قال: (من) تكون اسما، وتكون جحدا، وتكون استفهاما، وتكون شرطا، وتكون معرفة، وتكون نكرة، وتكون للواحد، وتكون للأثنين، وتكون خصوصا، وتكون للأناس، والملائكة والجن وتكون للبهائم إذا خلطت بغيرها. "التهذيب" (من) ٤/ ٣٤٥٣، وذكر في "مغني اللبيب" أن (من) تأتي على خمسة أوجه ١/ ٣٢٧.
(٦) في (ب): وللأثنين.
(٧) في (ب): (تكون).
(٨) في (أ)، (ج): (الأنس).
(٩) في (ب): (للملائكة وللجن).
(١٠) في "التهذيب" (قلت: هذِه الوجوه التي ذكرها الكسائي موجودة فىِ الكتاب...)، ثم ذكر الأزهري أمثلة لها من القرآن. "التهذيب" ٤/ ٣٤٥٣.
127
إن شاء الله. وإعرابها: الوقف (١)، لأنها لا تتم إلا بصلة، فلا يكون الإعراب في (٢) بعض الاسم (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ (اليوم) مقداره من لدن طلوع الشمس إلى غروبها، وجمعه: أيام، وكان الأصل (أيوام) واجتمعت الياء والواو، وسبقت إحداهما الأخرى بالسكون، فأدغمت (٤). والآخر: نقيض المتقدم (٥)، يعني باليوم الآخر: يوم القيامة، ويسمى (٦) آخراً، لأنه (٧) بعد أيام الدنيا، وقيل: لأنه (٨) آخر يوم ليس بعده ليلة، والأيام إنما تتميز بالليالي (٩)، فإذا لم يكن بعده ليل لم يكن بعده يوم على الحقيقة (١٠).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾. دخلت (الباء) مؤكدة لمعنى النفي، لأنك إذا قلت: (ما زيد أخوك) فلم يسمع السامع (ما) ظن أنك موجب،
وقوله تعالى: ﴿وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ (اليوم) مقداره من لدن طلوع الشمس إلى غروبها، وجمعه: أيام، وكان الأصل (أيوام) واجتمعت الياء والواو، وسبقت إحداهما الأخرى بالسكون، فأدغمت (٤). والآخر: نقيض المتقدم (٥)، يعني باليوم الآخر: يوم القيامة، ويسمى (٦) آخراً، لأنه (٧) بعد أيام الدنيا، وقيل: لأنه (٨) آخر يوم ليس بعده ليلة، والأيام إنما تتميز بالليالي (٩)، فإذا لم يكن بعده ليل لم يكن بعده يوم على الحقيقة (١٠).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾. دخلت (الباء) مؤكدة لمعنى النفي، لأنك إذا قلت: (ما زيد أخوك) فلم يسمع السامع (ما) ظن أنك موجب،
(١) أي: السكون.
(٢) في (ب): (من).
(٣) قال الزجاج في (المعاني): (لأنها لا تكون اسما تاما في الخبر إلا بصلة، فلا يكون الإعراب في بعض الاسم)، ١/ ٤٩.
(٤) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" وفيه: (وجعلوا الياء هي الغالبة) أي: غلبوا (الياء) فقلبوا (الواو) (ياء) وأدغموها في (الياء). انظر "تهذيب اللغة" (يوم)، ٤/ ٣٩٩٠.
(٥) ذكره الأزهري عن الليث. "التهذيب" (أخر) ١/ ١٣١.
(٦) في (ب): (وسمى).
(٧) في (ب): (إلا أنه).
(٨) في (ب): (أنه).
(٩) قال الطبري: فإن قال قائل: وكيف لا يكون بعده يوم، ولا انقطاع للآخرة، ولا فناء ولا زوال؟ قيل: إن اليوم عند العرب، إنما سمي يوما بليلته التي قبله، فإذا لم يتقدم النهار ليل لم يسم، فيوم القيامة يوم لا ليل بعده.... ١/ ١١٧.
(١٠) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ١٥٩.
(٢) في (ب): (من).
(٣) قال الزجاج في (المعاني): (لأنها لا تكون اسما تاما في الخبر إلا بصلة، فلا يكون الإعراب في بعض الاسم)، ١/ ٤٩.
(٤) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" وفيه: (وجعلوا الياء هي الغالبة) أي: غلبوا (الياء) فقلبوا (الواو) (ياء) وأدغموها في (الياء). انظر "تهذيب اللغة" (يوم)، ٤/ ٣٩٩٠.
(٥) ذكره الأزهري عن الليث. "التهذيب" (أخر) ١/ ١٣١.
(٦) في (ب): (وسمى).
(٧) في (ب): (إلا أنه).
(٨) في (ب): (أنه).
(٩) قال الطبري: فإن قال قائل: وكيف لا يكون بعده يوم، ولا انقطاع للآخرة، ولا فناء ولا زوال؟ قيل: إن اليوم عند العرب، إنما سمي يوما بليلته التي قبله، فإذا لم يتقدم النهار ليل لم يسم، فيوم القيامة يوم لا ليل بعده.... ١/ ١١٧.
(١٠) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ١٥٩.
128
فإذا قلت: (ما زيد بأخيك) (١)، علم السامع أنك تنفي، وإن لم يسمع (ما) (٢). وجمع في قوله: ﴿وَمَا هُمْ﴾ بعد التوحيد في ﴿مَنْ يَقُولُ﴾ لأن لفظ (٣) (من) يصلح للواحد وللجميع (٤).
قال المفسرون: نزلت هذه الآيات في المنافقين (٥) حين أظهروا كلمة الإيمان وأسرّوا الكفر (٦). فأخبر الله سبحانه أنهم يقولون: إنا مؤمنون، ويظهرون كلمة الإيمان، ثم نفى عنهم الإيمان فقال ﴿وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ فدل أن حقيقة الإيمان ليس الإقرار فقط (٧).
٩ - قوله تعالى: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآية. ﴿يُخَادِعُونَ﴾: يفاعلون من الخدع والخداع.
واختلف أهل اللغة في أصل الخداع، فقال قوم: (٨) أصله من إخفاء
قال المفسرون: نزلت هذه الآيات في المنافقين (٥) حين أظهروا كلمة الإيمان وأسرّوا الكفر (٦). فأخبر الله سبحانه أنهم يقولون: إنا مؤمنون، ويظهرون كلمة الإيمان، ثم نفى عنهم الإيمان فقال ﴿وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ فدل أن حقيقة الإيمان ليس الإقرار فقط (٧).
٩ - قوله تعالى: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآية. ﴿يُخَادِعُونَ﴾: يفاعلون من الخدع والخداع.
واختلف أهل اللغة في أصل الخداع، فقال قوم: (٨) أصله من إخفاء
(١) في (ب): (أخيك).
(٢) ذكره الزجاج بنصه، دون قوله. وإن لم يسمع (ما)، "معاني القرآن" ١/ ٥٠.
(٣) (لفظ) ساقط من (ب).
(٤) (من) لها لفظ ومعنى، فلفظها مفرد مذكر، ومعناها يصلح للجمع وغيره، فيجوز مراعاة اللفظ فيعود الضمير مفردا، ويجوز مراعاة المعنى فيعود الضمير جمعا. انظر"الدر المصون" ١/ ١٢١.
(٥) في (ب): (للمنافقين).
(٦) قال الطبري: أجمع جميع أهل التأويل على أن الآية نزلت في قوم من أهل النفاق. الطبري ١/ ٢٦٨، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٩، "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٤، وابن عطية١/ ١٥٩، وابن كثير ١/ ٥٠.
(٧) قال الطبري: (وفي هذِه الآية دلالة واضحة على بطول ما زعمته الجهمية من أن الإيمان هو التصديق بالقول دون سائر المعاني غيره...)، ١/ ١١٧، وانظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٤، وابن عطية ١/ ١٥٩.
(٨) فيه طمس في (ب).
(٢) ذكره الزجاج بنصه، دون قوله. وإن لم يسمع (ما)، "معاني القرآن" ١/ ٥٠.
(٣) (لفظ) ساقط من (ب).
(٤) (من) لها لفظ ومعنى، فلفظها مفرد مذكر، ومعناها يصلح للجمع وغيره، فيجوز مراعاة اللفظ فيعود الضمير مفردا، ويجوز مراعاة المعنى فيعود الضمير جمعا. انظر"الدر المصون" ١/ ١٢١.
(٥) في (ب): (للمنافقين).
(٦) قال الطبري: أجمع جميع أهل التأويل على أن الآية نزلت في قوم من أهل النفاق. الطبري ١/ ٢٦٨، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٩، "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٤، وابن عطية١/ ١٥٩، وابن كثير ١/ ٥٠.
(٧) قال الطبري: (وفي هذِه الآية دلالة واضحة على بطول ما زعمته الجهمية من أن الإيمان هو التصديق بالقول دون سائر المعاني غيره...)، ١/ ١١٧، وانظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٤، وابن عطية ١/ ١٥٩.
(٨) فيه طمس في (ب).
129
الشيء (١)، قال الليث (٢): أخدعت الشيء، أي أخفيته، قال: (٣) ومن أمثال العرب (أخدَعُ من ضبِّ حرشتَه) (٤)، وهو من قولك: خدع مني (٥) فلان، إذا توارى ولم يظهر (٦). والضبّ (٧) إذا أروَحَ ريحَ الإنسان خَدَع (٨) في جحره (٩) فلم يخرج. وقال أبو العميثل (١٠): خدع (١١) الضب إذا (١٢) دخل في
(١) انظر "العين" ١/ ١٣٣، "معجم مقاييس اللغة" ٢/ ١٦١، "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٣.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٩ ب، "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٣.
(٣) (قال ومن) فيه طمس في (ب).
(٤) في (أ)، (ج) (جرشته). الخدع: التواري، وخَدْعُ الضب إنما يكون من شدة حذره، وصفة خدعه أنه يعمد بذنبه باب جحره ليضرب به من يعتدى عليه، فيجئ المحترش: أي المعتدى فيخرج الضب ذنبه إلى نصف الجحر، فإن دخل عليه شيء ضربه، وإلا بقى في جحره. وقد ورد المثل (أخدع من ضب)، انظر "المستقصى في أمثال العرب" ١/ ٩٢، ٩٥، "مجمع الأمثال" ١/ ٢٦٠، "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٤.
(٥) (منى) غير واضح في (ب).
(٦) انتهى كلام الليث. "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٤.
(٧) في (ب) (والضب).
(٨) (خدع) غير واضح في (ب).
(٩) في (ب) (حجر) وفي (ج) (حجره).
(١٠) في (ج) (العميثك). وأبو العميثل أعرابي، اسمه: عبد الله بن خالد، مولى جعفر ابن سليمان، كان يؤدب ولد عبد الله بن طاهر بخراسان، وكان يفخم كلامه ويعربه. توفي سنة أربعين ومائتين. انظر ترجمته في "إنباه الرواة" ٤/ ١٤٣، "وفيات الأعيان" ٣/ ٨٩.
(١١) في (ب) (أجدع).
(١٢) (أذا دخل) غير واضح في (ب).
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٩ ب، "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٣.
(٣) (قال ومن) فيه طمس في (ب).
(٤) في (أ)، (ج) (جرشته). الخدع: التواري، وخَدْعُ الضب إنما يكون من شدة حذره، وصفة خدعه أنه يعمد بذنبه باب جحره ليضرب به من يعتدى عليه، فيجئ المحترش: أي المعتدى فيخرج الضب ذنبه إلى نصف الجحر، فإن دخل عليه شيء ضربه، وإلا بقى في جحره. وقد ورد المثل (أخدع من ضب)، انظر "المستقصى في أمثال العرب" ١/ ٩٢، ٩٥، "مجمع الأمثال" ١/ ٢٦٠، "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٤.
(٥) (منى) غير واضح في (ب).
(٦) انتهى كلام الليث. "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٤.
(٧) في (ب) (والضب).
(٨) (خدع) غير واضح في (ب).
(٩) في (ب) (حجر) وفي (ج) (حجره).
(١٠) في (ج) (العميثك). وأبو العميثل أعرابي، اسمه: عبد الله بن خالد، مولى جعفر ابن سليمان، كان يؤدب ولد عبد الله بن طاهر بخراسان، وكان يفخم كلامه ويعربه. توفي سنة أربعين ومائتين. انظر ترجمته في "إنباه الرواة" ٤/ ١٤٣، "وفيات الأعيان" ٣/ ٨٩.
(١١) في (ب) (أجدع).
(١٢) (أذا دخل) غير واضح في (ب).
130
وجاره (١). ومنه قول الأعرابي لعمر -رضي الله عنه- يصف قحوط المطر: خدعت الضباب وجاعت الأعراب (٢).
ويقال: خدع خير (٣) الرجل، أي: قل وخفي. وخدعت الضبع في وجارها، وخدع الثعلب إذا أخذ في الروغان (٤). قال (٥) الليث: والأخدعان: عرقان في صفحتي العنق قد خفيا وبطنا (٦).
وطريق خدوع وخادع، إذا كان يبين (٧) مرة ويخفى أخرى (٨)، ومنه قول الطرماح (٩):
ويقال: خدع خير (٣) الرجل، أي: قل وخفي. وخدعت الضبع في وجارها، وخدع الثعلب إذا أخذ في الروغان (٤). قال (٥) الليث: والأخدعان: عرقان في صفحتي العنق قد خفيا وبطنا (٦).
وطريق خدوع وخادع، إذا كان يبين (٧) مرة ويخفى أخرى (٨)، ومنه قول الطرماح (٩):
(١) "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٤، وفيه: (إذا دخل في وجاره ملتويا)، والوجار بكسر الواو وفتحها: جحر الضب وغيره.
(٢) ذكره الأزهري. "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٤، وهو في "الفائق" ١/ ٢٥٦، وفي "النهاية في غريب الحديث" ٢/ ١٤.
(٣) في (أ)، (ج): (خبر) وفي (ب) بدون نقط، وفي "التهذيب" (خدع خير الرجل أي: قل) ١/ ١٥٨.
(٤) "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٤.
(٥) (قال) ساقط من (أ)، (ج).
(٦) "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٤، وانظر (العين) ١/ ١٣٣.
(٧) في (أ)، (ج): (يتبين) وما في (ب) موافق لما في "تهذيب اللغة".
(٨) ذكره الأزهري في "التهذيب"، وأنشد بعده بيتا غير بيت الطرماح الذي ذكره المؤلف هنا.
انظر: " التهذيب" (خدع) ١/ ٩٩٤، (العين) (خدع) ١/ ١٣٢.
(٩) الطرماح بن حكيم الطائي، والطرماح بكسر الطاء والراء المهملتين، شاعر إسلامي في الدولة المروانية، ولد ونشأ بالشام، ثم انتقل إلى الكوفة، واعتنق مذهب الشراة من الخوارج.
انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٣٨٨، "الخزانة" ٨/ ٧٤.
(٢) ذكره الأزهري. "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٤، وهو في "الفائق" ١/ ٢٥٦، وفي "النهاية في غريب الحديث" ٢/ ١٤.
(٣) في (أ)، (ج): (خبر) وفي (ب) بدون نقط، وفي "التهذيب" (خدع خير الرجل أي: قل) ١/ ١٥٨.
(٤) "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٤.
(٥) (قال) ساقط من (أ)، (ج).
(٦) "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٤، وانظر (العين) ١/ ١٣٣.
(٧) في (أ)، (ج): (يتبين) وما في (ب) موافق لما في "تهذيب اللغة".
(٨) ذكره الأزهري في "التهذيب"، وأنشد بعده بيتا غير بيت الطرماح الذي ذكره المؤلف هنا.
انظر: " التهذيب" (خدع) ١/ ٩٩٤، (العين) (خدع) ١/ ١٣٢.
(٩) الطرماح بن حكيم الطائي، والطرماح بكسر الطاء والراء المهملتين، شاعر إسلامي في الدولة المروانية، ولد ونشأ بالشام، ثم انتقل إلى الكوفة، واعتنق مذهب الشراة من الخوارج.
انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٣٨٨، "الخزانة" ٨/ ٧٤.
131
| خَادِعَةُ المسلَكِ أرْصَادُهَا | تُمسي (١) وُكُوَنًا فَوْقَ آرَامِهَا (٢) |
فَقَدْ أُدَاهى (٤) خِدْعَ من تَخَدَّعَا (٥)
وأجاز غيره (خَدْعا) بالفتح (٦).
وعلى هذا الأصل (٧) معنى قوله: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ﴾ أي: يظهرون غير ما في نفوسهم، ليدرؤوا عنهم أحكام الكفار في ظاهر الشريعة من القتل والجزية وغيرهما.
ولما كان القوم عملوا (٨) عمل المخادع [قال الله تعالى: {يُخَادِعُونَ
(١) في (ب): (بمسى).
(٢) البيت من قصيدة للطرماح، يمدح المهلب بن أبي صفرة الأزدي، وقوله: (خادعة المسلك): تخدع سالكها فلا يهتدي، و (الأرصاد): القوم يرصدون الطرق من المرتفعات، وكون: جالسون، من الوكن وهو موقع الطائر، (الآرام): (الأعلام)، ورد البيت في "العين" (خدع) ١/ ١٣٢، "اللسان" (خدع) ٢/ ١١٣، "ديوان الطرماح" ص ٤٥٣.
(٣) هو الراجز المشهور ابن الراجز، رؤبة بن العجاج من بني مالك بن سعد بن مناة بن تميم، كان أكثر شعرا من أبيه وأفصح، كان مقيما بالبصرة، ولحق الدولة العباسية كبيرا، ومات بالبادية سنة خمس وأربعين ومائة. انظر "الشعر والشعراء" ص ٣٩٢، "تهذيب التهذيب" ١/ ٩٩٣، "الخزانة" ١/ ٨٩.
(٤) في (ب): (أوداهى).
(٥) ورد الرجز في (ديوان رؤبة) ص ٨٨، "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٣، "اللسان" (خدع) ٢/ ١١١٢.
(٦) "التهذيب" (خدع) ١/ ٩٩٣، "اللسان" (خدع) ٢/ ١١٢.
(٧) وهو أن الخداع من إخفاء الشيء.
(٨) (عملوا) ساقطة من (ب).
(٢) البيت من قصيدة للطرماح، يمدح المهلب بن أبي صفرة الأزدي، وقوله: (خادعة المسلك): تخدع سالكها فلا يهتدي، و (الأرصاد): القوم يرصدون الطرق من المرتفعات، وكون: جالسون، من الوكن وهو موقع الطائر، (الآرام): (الأعلام)، ورد البيت في "العين" (خدع) ١/ ١٣٢، "اللسان" (خدع) ٢/ ١١٣، "ديوان الطرماح" ص ٤٥٣.
(٣) هو الراجز المشهور ابن الراجز، رؤبة بن العجاج من بني مالك بن سعد بن مناة بن تميم، كان أكثر شعرا من أبيه وأفصح، كان مقيما بالبصرة، ولحق الدولة العباسية كبيرا، ومات بالبادية سنة خمس وأربعين ومائة. انظر "الشعر والشعراء" ص ٣٩٢، "تهذيب التهذيب" ١/ ٩٩٣، "الخزانة" ١/ ٨٩.
(٤) في (ب): (أوداهى).
(٥) ورد الرجز في (ديوان رؤبة) ص ٨٨، "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٣، "اللسان" (خدع) ٢/ ١١١٢.
(٦) "التهذيب" (خدع) ١/ ٩٩٣، "اللسان" (خدع) ٢/ ١١٢.
(٧) وهو أن الخداع من إخفاء الشيء.
(٨) (عملوا) ساقطة من (ب).
132
اللَّهَ} أي: يعملون عمل المخادع، ليس أن خداعهم يخفى على الله (١).
وقال آخرون: أصل الخداع والخدع من الفساد (٢) روى ثعلب عن ابن الأعرابي (٣) قال: الخادع (٤):] الفاسد من الطعام وغيره، وأنشد قوله:
..................... إذا الرِّيقُ خَدَعْ (٥)
قال ابن الأعرابي: خدع الريق أي: فسد (٦)
ومنه الحديث: "يكون قبل خروج الدجال سنون خداعة" (٧).
وقال آخرون: أصل الخداع والخدع من الفساد (٢) روى ثعلب عن ابن الأعرابي (٣) قال: الخادع (٤):] الفاسد من الطعام وغيره، وأنشد قوله:
..................... إذا الرِّيقُ خَدَعْ (٥)
قال ابن الأعرابي: خدع الريق أي: فسد (٦)
ومنه الحديث: "يكون قبل خروج الدجال سنون خداعة" (٧).
(١) انظر (تفسير الطبري) ١/ ١١٩، وابن كثير ١/ ٥١.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٩ أ، وانظر. "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٤، "الحجة" ١/ ٣١٣، والقرطبي في "تفسير" ١/ ١٧٠.
(٣) "الحجة" ١/ ٣١٣، وفي "التهذيب" روى ابن الأنباري عن ثعلب عن ابن الأعرابي ثم ذكره، ١/ ٩٩٤.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) البيت لسويد بن أبي كاهل اليشكرى، يصف ثغر امرأة وتمامه:
البيت ورد في "الحجة" ١/ ٣١٣، "التهذيب" (خدع) ١/ ٩٩٤، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٤٩ أ، (معجم مقاييس اللغة) (خدع) ٢/ ١٦١، "الصحاح" (خدع) ٣/ ١٢٠٢، "اللسان" (خدع) ٢/ ١١١٣، "زاد المسير" ١/ ٣٠، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ١٧٠، "الدر المصون" ١/ ١٢٥.
(٦) قال في (الصحاح): خدع الريق، أي: يبس، ثم ذكر البيت وقال: لأنه يغلظ وقت السحر فييبس وينتن. "الصحاح" (خدع) ٣/ ١٢٠٢.
(٧) بهذا اللفظ ذكره الخطابي في "غريب الحديث" ١/ ٥٣٠، والازهري في "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٤، وابن الجوزي في "غريب الحديث" ١/ ٢٦٧، وابن الأثير في "النهاية" ٢/ ١٤. وأخرج ابن ماجه عن أبي هريرة: "سيأتي على الناس سنوات خداعات... "، ابن ماجه (٤٠٣٦) كتاب الفتن، باب: شدة الزمان، وأخرجه أحمد في "المسند" ولفظه:
أراد: لبسن الفرند الخسرواني مشاعر فوقه المفوف من خز العراق، أي جعلنها الشعار. فالشعر ضرب من العلم مخصوص، وكل مشعور به معلوم، وليس كل معلوم مشعورا (٣) به، ولهذا لم يجز في وصف الله تعالى (٤).
وقوله في وصف الكافرين ﴿لَا يَشْعُرُونَ﴾ أبلغ في الذم من وصفهم بأنهم لا يعلمون؛ لأن البهيمة قد تشعر من حيث تحس (٥)، فكأنهم وصفوا بنهاية الذهاب عن الفهم، وعلى هذا قال: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: ١٥٤] ولم يقل: (ولكن لا تعلمون) لأن المؤمنين إذا أخبرهم الله تعالى بأنهم أحياء علموا أنهم أحياء،
فمواعيد عرقوب علم (٣) في كل ما لا يصح من المواعيد (٤). وورد المثل في معان كثيرة في التنزيل، فَذِكْرُ كل واحد في موضعه، إن شاء الله.
وذُكِر لفظ (المثل) لأن المراد تشبيه الحالة بالحالة، وذكرنا أن لفظ المثل (٥) قد صار كالعلم للتشبيه بحال الأول، ولو قيل ﴿كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ لم يُعرف ما الغرض من التشبيه، فإذا ذكر لفظ المثل عُلم أن المراد تشبيه الحال بالحال (٦).
و ﴿اسْتَوْقَدَ﴾ بمعنى: أوقد (٧) في قول أكثر أهل اللغة (٨).
وقال بعضهم: استوقد، معناه: استدعى بالنار الضياء (٩)، والأول
وقال توبة (٢):
قال النحويون: المعنى أو كأصحاب صيب (٤)، فحذف المضاف
أي استعنت بهم. ألا تراه يقول: فَشَمَّرَتْ.
وقالت امرأة من طيء:
أي استعان بهم فلم ينصروه.
وقال الفراء: يريد (آلهتهم)، يقول: استغيثوا بهم، وهو كقولك للرجل: إذا لقيت العدو خاليا فادع المسلمين، معناه استغث (٣) بالمسلمين (٤).
قال لبيد هذا في الجاهلية، فوافق قوله التنزيل: ﴿يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ (٢) (٣) (٤). ولا يجوز أن يكون معنى الإضلال: الحكم والتسمية، لأن أحدنا إذا حكم بضلالة (٥) إنسان لا يقال: أضله، وهذا لا يعرفه أهل اللغة (٦).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾. قال الليث: (الفسق) الترك لأمر الله، ومثله (الفسوق) (٧). قال أبو عبيدة: وأصله في اللغة الجور
ويدل على هذا التأويل قوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجَهُمَا﴾ فَكما أن خروجه عن الموضع الذي كان فيه انتقال منه إلى غيره، كذلك عثاره فيه وزليله (٢).
وقرأ حمزة: (فأزالهما) (٣). وحجته أن قوله: ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ [البقرة: ٣٥] أمر لهما بالثبات، وتأويله: (اثبتا) فثبتا، فأزالهما الشيطان، فقابل الثبات بالزوال الذي هو خلافه. وفي الآية على هذا التقدير إضمار، كقوله: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ [الشعراء: ٦٣] أي: فضرب فانفلق، ومثله: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦]، أي: فحلق ففدية. ونُسب الفعل إلى الشيطان، لأن زوالهما عنها إنما كان بتزيينه وتسويله فلما كان ذلك منه بسبب، أسند الفعل إليه، كقوله: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ [الأنفال: ١٧] لما كان الرمي بتقوية الله وإرادته وخلقه نسبه إلى نفسه. ومما يقوي هذه القراءة قوله: ﴿فَأَخْرَجَهُمَا﴾ وأخرجهما في المعنى قريب من (فأزالهما) (٤).
وقال آخر (٢):
وقال أبو دواد (٥):
قال الفراء: وإنما فعلت طيئ هذا لأن العرب اعتادت كسر ما قبل (ياء) (٣) الإضافة نحو قولهم: (غلامِيَ) و (دارِيَ) فلما قالوا: (رحاي) (٤) و (عصاي) طلبوا من الألف ذلك الكسر فقلبوها (ياء) وأدغموها في (ياء) الإضافة، فجعلوا بدل كسرة ما قبل (ياء) الإضافة قلب الألف (ياء)، إذ (٥) كانت الألف لا يكسر (٦) ما قبلها، ولا تكسر هي (٧).
٣٩ - وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ الآية. الآيات جمع آية، ومعنى الآية في اللغة: العلامة (٨)، ومنه قوله: {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا
وذكر أبو القاسم الزجاجي حقيقة (٢) الظن في اللغة، فقال: هو اعتقاد الشيء على طريقة التقدير والحدس، فإن أصاب فيما ظن صار يقينا، وإن لم يصب كان مخطئا في تقديره، ولهذا ذكر أهل اللغة هذه اللفظة في باب الأضداد، فقالوا: الظن: يقين وشك (٣)، لأنه وضع لمعنى بالاعتبار يؤول (٤) إلى أحدهما، كما يقال: الظن يخطئ ويصيب، فإن أصاب الظان فيما اعتقد وقدر، عبر عن ذلك باليقين؛ وإن (٥) لم يصب كان ظنه شكًّا (٦).
وسئل أبو عمرو بن العلاء عن الظن، فقال: النظر في المطلوب بضرب من الأمارة، بمعنى أن الأمارة لما كانت مترددة بين يقين وشك، فتقرب (٧)
أي ليس هناك (منار) فيكون اهتداء، وكقوله أيضًا-:
وَلاَ تَرى الضَّبَّ بهَا يَنْجَحِرْ (٢)
أي ليس هناك (ضب) فيكون منه (٣) انجحار.
لأن أعوج فيهم فرس (٤) مشهوَر، فلذلك قال: آل أعوج، ولا يقال: آل الخياط كما يقال: أهل الخياط، ولا آل الإسكاف (٥) كما يقال: أهل الإسكاف. كما أن التاء في القسم لما كانت بدلا من بدل (٦) وكانت فرع الفرع اختصت بأشرف الأسماء وأشهرها، وهو الله (٧) عز اسمه. ولا يجوز أن يكون، ألف (آل) بدلا من الهاء، لأن الهاء لم تقلب ألفا في غير هذا الموضع، فيقاس (٨) هذا عليه، وإنما تقلب الهاء همزة (٩) كما ذكرنا (١٠).
أي: مشقوق.
والذُبَاح والذُّبَّاح بالتخفيف والتشديد تشقق (٣) في الرجل (٤).
ومن هذا سمى الكوكب: (سعدٌ الذَّابح)، لأنه يطلع في وقت يحدث فيه الشقاق في الرجل لأجل البرد (٥)، ولهذا تقول العرب: إذا طلع الذابح انجحر النابح. وسمي فري الأوداج ذبحاً، لأنه نوع شقّ، والتفعيل على التكثير (٦).
و (الأبناء) جمع ابن. قال الزجاج: وأصله: بَنَا (٧) أو بِنْوٌ، فهو يصلح
أراد لا أرى الموت يسبقه شيء، فأظهر الكناية. وأنشد ابن الأنباري:
أراد في رحمته أطمع، فأظهر الهاء.
والرجز: العذاب (٤)، [قال رؤبة] (٥):
كَمْ رَامَنَا مِنْ ذِي عَدِيدٍ مُبْرِ (٦)
حَتَّى وَقَمْنَا كَيْدَهُ بِالرِّجْزِ (٧)
قال: النبي: المكان المرتفع.
قال أبو علي فيما استدرك على أبي إسحاق (٣): النبي اشتقاقه من النبأ الذي هو الخبر، كأنه المخبر عن الله سبحانه، وهذا مذهب سيبويه (٤).
ولا يجوز أن يكون مشتقا من النبأ الذي هو الخبر والنجاوة التي هي الرفعة بأن يحتمل الأمرين (٥)؛ وذلك لأن العرب كلهم
وقال آخر (٢):
كَمَا سَجَدَتْ نَصْرَانَةٌ لَمْ تَحَنَّفِ (٣)
ثم زيدت ياء النسبة فقيل: نصراني. وقد جاء في كلام العرب النصارى، وأرادوا به الأنصار، لا هؤلاء الذين يعرفون بهذا الاسم (٤)، أنشد الفراء:
كُنْتُ لَهَا (١) مِنَ النَّصارَى جَارَا (٢)
فجمع بين الأنصار والنصارى على التوفيق بين معنييهم.
وقال الزجاج: ويجوز أن يكون واحد النصارى نَصْرِيٌّ، مثل بَعِيرٌ مَهْرِي وإبل مَهَارى (٣). وهذا قول مقاتل (٤)، وزعم أنهم سموا نصارى لاعتزائهم إلى قرية يقال لها نصرة (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَالصَّابِئِينَ﴾ قال أبو زيد: صبأ الرجل فى دينه يَصْبَأ صُبُوءًا. [إذا كان صابئا (٦).
وهو الخارج من دين إلى دين، ومنه صبا النجم وأصبأ] (٧) إذا ظهر كأنه خرج من بين التي لم تطلع (٨)، قال الشاعر، أنشده ابن السكيت:
وَصبَأَ نابه إذا خرج، يَصْبَأُ صُبُوءًا (٣).
وقال (٤) أبو زيد (٥): صَبَأَتْ عليهم تَصْبَأُ صَبْأً وصُبُوءًا، إذا طلعت عليهم (٦). [وكأن] (٧) معنى الصابئ التارك دينه الذي شرع له إلى دين غيره، كما أن الصابئ على القوم تارك لأرضه منتقل إلى سواها، والدين الذي فارقوه هو (٨) تركهم التوحيد إلى عبادة النجوم وتعظيمها (٩).
وقال أبو إسحاق في قوله: ﴿وَالصَّابِئِينَ﴾ معناه: الخارجين من دين إلى (١٠) دين، يقال: صَبَأَ فلان يَصْبَأُ، إذا خرج من دينه (١١).
قال الليث: وكان يقال للرجل إذا أسلم في زمن النبي - ﷺ - قد صبأ، عنوا: أنه خرج من دين إلى دين (١٢).
وإنما جاز ذلك في (من)؛ لأنه مبهم جامد لا يتصرف ولا يتبين فيه الإعراب ولا العدد، وكذلك (ما) إلا أن (من) لبني آدم والموصوفين بالعقل، و (ما) لغيرهم. وعلى هذا (٢) يحكى أن جريرًا أنشد قوله:
فقيل له: وإن كان ساكنه (٤) قرودًا؟ فقال: إنما يلزمني هذا لو قلت: ما كانا، وربما عاقب (ما) مَنْ على السعة كقوله: ﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴾ [الشمس: ٥]، على تأويل: ومن بناها (٥) وإنما ترخصوا في ذلك لأنهم قد يبدلون النون الخفيفة ألفا، كما قالوا: رأيت رجلًا، في الوقف، فالألف فيه بدل من التنوين، ومثله قوله: ﴿لَنَسْفَعًا﴾ [العلق: ١٥]، قول الشاعر:
لم أدخل اللام (٢)؟ فقال: أدخله زيادة للضرورة، كقول الآخر: (٣)
يَا ليْتَ أمَّ العَمْرِو كانَت صَاحِبي (٤)
فكما أن اللام زيادة فيما ذكرنا، كذلك هو في (الآن) زائدة، ولا تستوحشنَّ من قولنا فيها، فقد قال بزيادته سيبويه والخليل في قولهم: مررت بهم الجمّاءَ الغفير نصب على نية (٥) إلغاء الألف واللام نحو: طرًّا
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٩ أ، وانظر. "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٤، "الحجة" ١/ ٣١٣، والقرطبي في "تفسير" ١/ ١٧٠.
(٣) "الحجة" ١/ ٣١٣، وفي "التهذيب" روى ابن الأنباري عن ثعلب عن ابن الأعرابي ثم ذكره، ١/ ٩٩٤.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) البيت لسويد بن أبي كاهل اليشكرى، يصف ثغر امرأة وتمامه:
| أبْيَضُ اللَّوْنِ لَذِيذٌ طَعْمُهُ | طَيِّبُ الرِّيقِ إذا الرِّيقُ خَدَعْ |
(٦) قال في (الصحاح): خدع الريق، أي: يبس، ثم ذكر البيت وقال: لأنه يغلظ وقت السحر فييبس وينتن. "الصحاح" (خدع) ٣/ ١٢٠٢.
(٧) بهذا اللفظ ذكره الخطابي في "غريب الحديث" ١/ ٥٣٠، والازهري في "تهذيب اللغة" (خدع) ١/ ٩٩٤، وابن الجوزي في "غريب الحديث" ١/ ٢٦٧، وابن الأثير في "النهاية" ٢/ ١٤. وأخرج ابن ماجه عن أبي هريرة: "سيأتي على الناس سنوات خداعات... "، ابن ماجه (٤٠٣٦) كتاب الفتن، باب: شدة الزمان، وأخرجه أحمد في "المسند" ولفظه:
| "ستأتي على الناس سنون خداعة | " الحديث، ٢/ ٢٩١، = |
| تذكر من أنّى ومن أين شربه | يؤامر نفسَيه كذي الهَجْمة الأَبِلْ (٤) |
(١) في "الحجة": (ألا ترى الكميت أو غيره..)، ١/ ٣١٧، وفي "اللسان" نسبه للكميت (أبل) ١/ ١٠. والكميت. هو الكميت بن زيد بن الأخنس من بني أسد، كوفي شاعر، مقدم، عالم بلغات العرب، كان متشيعا (٦٠ - ١٢٦هـ). انظر ترجمته في: "الشعر والشعراء" ص ٣٨٥، "طبقات فحول الشعراء" ٢/ ٣١٨، "الخزانة" ١/ ١٤٤.
(٢) في (ب) (ألا ترى الكميت في ذلك ذكر حمار).
(٣) في (أ)، (ج) (في ذكر حمار أباد الورود).
(٤) يؤامر: يشاور الهجمة: القطعة من الإبل، والأبل: على وزن (فَعِل) بفتح الفاء وكسر العين من صيغ المبالغة، وهو من حذق مصلحة الإبل، ورد البيت في "الحجة" ١/ ٣١٧ "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦١، "اللسان" (أبل) ١/ ١٠، "البحر المحيط" ١/ ٥٧، فيه (البهجة) والبيت نسبه بعضهم للكميت كما فعل الواحدي، أما أبو علي في "الحجة" فقال: للكميت أو غيره، وهو في "شعر الكميت" جمع داود سلوم ص ٣٩٦.
(٥) في (ب): (للماء).
(٦) في (ب): (التمثيل) ومثله فى "الحجة" ١/ ٣١٨.
(٧) وهي قراءة حمزة والكسائي: (اعلم) ألف وصل وسكون الميم (فعل أمر)، وقراءة ابن كثير ونافع وعاصم وأبي عمرو وابن عامر: (أعلم) بقطع الألف وضم الميم، (فعل مضارع). انظر "السبعة" لابن مجاهد ص ١٨٩، "الكشف" ١/ ٣١٢.
(٨) الكلام في "الحجة"١/ ٣١٨، وانظر: "الكشف" لمكي ١/ ٣١٢.
(٢) في (ب) (ألا ترى الكميت في ذلك ذكر حمار).
(٣) في (أ)، (ج) (في ذكر حمار أباد الورود).
(٤) يؤامر: يشاور الهجمة: القطعة من الإبل، والأبل: على وزن (فَعِل) بفتح الفاء وكسر العين من صيغ المبالغة، وهو من حذق مصلحة الإبل، ورد البيت في "الحجة" ١/ ٣١٧ "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦١، "اللسان" (أبل) ١/ ١٠، "البحر المحيط" ١/ ٥٧، فيه (البهجة) والبيت نسبه بعضهم للكميت كما فعل الواحدي، أما أبو علي في "الحجة" فقال: للكميت أو غيره، وهو في "شعر الكميت" جمع داود سلوم ص ٣٩٦.
(٥) في (ب): (للماء).
(٦) في (ب): (التمثيل) ومثله فى "الحجة" ١/ ٣١٨.
(٧) وهي قراءة حمزة والكسائي: (اعلم) ألف وصل وسكون الميم (فعل أمر)، وقراءة ابن كثير ونافع وعاصم وأبي عمرو وابن عامر: (أعلم) بقطع الألف وضم الميم، (فعل مضارع). انظر "السبعة" لابن مجاهد ص ١٨٩، "الكشف" ١/ ٣١٢.
(٨) الكلام في "الحجة"١/ ٣١٨، وانظر: "الكشف" لمكي ١/ ٣١٢.
139
ومن قرأ ﴿يَخْدَعُونَ﴾ قال: إن فَعَلَ [أولى بفعل] (١) الواحد من (فاعَلَ) من حيث كان أخص به، وكان أليق من (فاعَل) الذي هو لأكثر الأمر (٢) أن يكون لفاعلين (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾ (٤). معناه أنهم راموا الخداع فلم يخدعوا الله ولا المؤمنين، وما خدعوا إلا أنفسهم؛ لأن وبال خداعهم عاد عليهم، وهذا كقولك: قاتل فلان فلانا فما قتل إلا نفسه، أي: رام قتل صاحبه فلم يتمكن وعاد وبال فعله إليه، كذلك المنافقون في الحقيقة إنما يخدعون أنفسهم (٥)، لأن الله سبحانه يطلع نبيه -عليه الصلاة والسلام- على أسرارهم ونفاقهم (٦)، فيفتضحون في الدنيا، ويستوجبون العقاب (٧) في العقبى (٨).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾ (٤). معناه أنهم راموا الخداع فلم يخدعوا الله ولا المؤمنين، وما خدعوا إلا أنفسهم؛ لأن وبال خداعهم عاد عليهم، وهذا كقولك: قاتل فلان فلانا فما قتل إلا نفسه، أي: رام قتل صاحبه فلم يتمكن وعاد وبال فعله إليه، كذلك المنافقون في الحقيقة إنما يخدعون أنفسهم (٥)، لأن الله سبحانه يطلع نبيه -عليه الصلاة والسلام- على أسرارهم ونفاقهم (٦)، فيفتضحون في الدنيا، ويستوجبون العقاب (٧) في العقبى (٨).
(١) في جميع النسخ جاءت الجملة: (أن فعل أو لن يفعل الواحد..) فصححتها على عبارة "الحجة"، لأن المؤلف نقل الكلام منه. انظر: "الحجة" ١/ ٣١٧.
(٢) في (أ)، (ج): الأكثر إلا من أن يكون..)، وعبارة "الحجة" (الذي في أكثر الأمر أن يكون لفاعلين) وهي أوضح ١/ ٣١٧. وانظر: "الكشف" لمكي ١/ ٢٢٤.
(٣) رجح ابن جرير قراءة ﴿وما يخدعون﴾ بدون ألف، وقال: هي أولى بالصحة من قراءة من قرأ ﴿وما يخادعون﴾، ١/ ١٢٠، وكذا مكي حيث قال: وقراءة من قرأ بغير ألف أقوى في نفسي. ثم ذكر حججه على ذلك، وقال: والقراءة الأخري حسنة..) وقال: وحمل القراءتين على معنى واحد أحسن وهو أن (خادع) و (خدع) بمعنى واحد في اللغة. "الكشف" ١/ ٢٢٥، ٢٢٧.
(٤) على قراءة نافع وأبن كثير وأبي عمرو.
(٥) "تفسير الطبري" ١/ ١١٩، وانظر "تفسير القرطبي" ١/ ١٧١، "زاد المسير" ١/ ٣٠، "تفسير ابن كثير" ١/ ٥١.
(٦) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٥.
(٧) في (ب): (العذاب).
(٨) انظر: "زاد المسير" ١/ ٣٠، "تفسير البغوي" ١/ ٦٦.
(٢) في (أ)، (ج): الأكثر إلا من أن يكون..)، وعبارة "الحجة" (الذي في أكثر الأمر أن يكون لفاعلين) وهي أوضح ١/ ٣١٧. وانظر: "الكشف" لمكي ١/ ٢٢٤.
(٣) رجح ابن جرير قراءة ﴿وما يخدعون﴾ بدون ألف، وقال: هي أولى بالصحة من قراءة من قرأ ﴿وما يخادعون﴾، ١/ ١٢٠، وكذا مكي حيث قال: وقراءة من قرأ بغير ألف أقوى في نفسي. ثم ذكر حججه على ذلك، وقال: والقراءة الأخري حسنة..) وقال: وحمل القراءتين على معنى واحد أحسن وهو أن (خادع) و (خدع) بمعنى واحد في اللغة. "الكشف" ١/ ٢٢٥، ٢٢٧.
(٤) على قراءة نافع وأبن كثير وأبي عمرو.
(٥) "تفسير الطبري" ١/ ١١٩، وانظر "تفسير القرطبي" ١/ ١٧١، "زاد المسير" ١/ ٣٠، "تفسير ابن كثير" ١/ ٥١.
(٦) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٥.
(٧) في (ب): (العذاب).
(٨) انظر: "زاد المسير" ١/ ٣٠، "تفسير البغوي" ١/ ٦٦.
140
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾. النفس: تستعمل (١) في اللغة على معان: النفس: عين الشيء وذاته (٢). والنفس: بمعنى الروح، يقولون: خرجت نفسه، إذا فارقه الروح (٣). والنفس: بمعنى الدم، يقال: هذا ليس له نفس سائلة، وذلك أنه لما كان قوام البدن بالدم سمي الدم باسم الروح الذي هو النفس (٤)، ومنه يقال: نفست المرأة (٥): إذا حاضت (٦).
وقال ابن الأنباري: سميت النفس نفسا لتولد النفس منها، كما سموا الروح روحا؛ لأن الروح موجود به (٧). وسنذكر (٨) معاني النفس بأبلغ من هذا عند قوله: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾ (٩) [الزمر: ٤٢]. إن شاء الله.
وفي قوله: ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾ (١٠) تحقيق أن المخادعة وقعت بهم لا بغيرهم، كما تقول: رأيت نفس الشيء، أخبرت أن الرؤية وقعت عليه لا على مثاله (١١).
وقال ابن الأنباري: سميت النفس نفسا لتولد النفس منها، كما سموا الروح روحا؛ لأن الروح موجود به (٧). وسنذكر (٨) معاني النفس بأبلغ من هذا عند قوله: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾ (٩) [الزمر: ٤٢]. إن شاء الله.
وفي قوله: ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾ (١٠) تحقيق أن المخادعة وقعت بهم لا بغيرهم، كما تقول: رأيت نفس الشيء، أخبرت أن الرؤية وقعت عليه لا على مثاله (١١).
(١) في (ج): (مستعمل).
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (نفس) ٤/ ٣٦٣٠، "الصحاح" (نفس) ٣/ ٩٨٤.
(٣) انطر المراجع السابقة.
(٤) في (ب) (اليقين).
(٥) في أ (للمرأة) وما في (ب، ج) موافق لما في "تهذيب اللغة".
(٦) انظر: "تهذيب اللغة" (نفس) ٤/ ٣٦٣١، "الصحاح" (نفس) ٣/ ٩٨٤، وللنفس معان أخرى منها: الجسد، والعين وغير ذلك. انظر: "الصحاح" (نفس) ٣/ ٩٨٤، "مقاييس اللغة" (نفس) ٥/ ٤٦٠.
(٧) "الزاهر" لابن الأنباري ٢/ ٣٨٦، وانظر "تهذيب اللغة" (نفس) ٤/ ٣٦٢٩.
(٨) في (ب): (وسنذكره).
(٩) لفظ الجلالة، ليس في (ج).
(١٠) على قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو.
(١١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١١٩ - ١٢٠، "البحر المحيط" ١/ ٥٨، "الدر المصون" ١/ ١٢٧، ١٢٨.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (نفس) ٤/ ٣٦٣٠، "الصحاح" (نفس) ٣/ ٩٨٤.
(٣) انطر المراجع السابقة.
(٤) في (ب) (اليقين).
(٥) في أ (للمرأة) وما في (ب، ج) موافق لما في "تهذيب اللغة".
(٦) انظر: "تهذيب اللغة" (نفس) ٤/ ٣٦٣١، "الصحاح" (نفس) ٣/ ٩٨٤، وللنفس معان أخرى منها: الجسد، والعين وغير ذلك. انظر: "الصحاح" (نفس) ٣/ ٩٨٤، "مقاييس اللغة" (نفس) ٥/ ٤٦٠.
(٧) "الزاهر" لابن الأنباري ٢/ ٣٨٦، وانظر "تهذيب اللغة" (نفس) ٤/ ٣٦٢٩.
(٨) في (ب): (وسنذكره).
(٩) لفظ الجلالة، ليس في (ج).
(١٠) على قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو.
(١١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١١٩ - ١٢٠، "البحر المحيط" ١/ ٥٨، "الدر المصون" ١/ ١٢٧، ١٢٨.
141
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ أي ما يعلمون أنهم يخدعون أنفسهم، وأن وبال خداعهم يعود إليهم، وفي هذا دليل على أنهم كانوا جهالاً بالله سبحانه وبدينه. و (الشِّعْر): العلم، وهو في الأصل (شِعْرَة) (١) كالفطنة والدِّرية (٢)، وقالوا: ليت شعري، فحذفوا (التاء) مع الإضافة للكثرة، وقد قالوا: ذهب بعذرتها، [وهو أبو عذرها (٣)] (٤) وكأن شعرت من الشعار، وهو ما يلي الجسد، وكأن شعرت به، علمت علم حسّ (٥).
قال الفرزدق (٦):
قال الفرزدق (٦):
(١) وقوله: (وهو في الأصل شعرة... إلخ) من كلام أبي علي الفارسي أورده ابن سيده في "المخصص" قال (قال أبو علي:.. فأما شعرت فمصدره: شعرة، بكسر الأول كالفطنة والدرية. وقالوا: ليت شعري... إلخ) "المخصص" ٣/ ٣٢، وانظر: "الصحاح" (شعر) ٢/ ٦٩٩، "مقاييس اللغة" ٣/ ١٩٤، "اللسان" ٤/ ٢٢٧٣، "القاموس" ص ٤١٦.
(٢) في (ب): (الدربة) بالباء الموحدة ن وكذا ورد عند ابن فارس في "المقاييس" ٣/ ١٩٤. وعند سيبويه ٤/ ٤٤، وابن سيده في "المخصص" ٣/ ٣٢، (الدرية) كما هنا.
(٣) قال سيبويه: (هذا باب ما تجيء فيه الفعلة تريد بها ضربا من الفعل)، ثم قال: (.. وقد تجيء الفعلة لا يراد بها هذا المعنى وذلك نحو: الشدة، والشعرة، والدرية.. وقالوا: ليت شعري في هذا الموضع، استخفافا، لأنه كثر في كلامهم، كما قالوا: ذهب بعذرتها، وقالوا: هو أبو عذرها لأن هذا أكثر...)، "الكتاب" ٤/ ٤٤، وانظر "الصحاح" (شعره) ٢/ ٦٩٩، "اللسان" ٤/ ٤٠٩.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (حسن).
(٦) هو الشاعر المشهور همام بن غالب بن صعصعة بن تميم البصري، مات سنة عشر ومائة. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٣١٠، "طبقات فحول الشعراء" ٢/ ٢٩٨، "الخزانة" ١/ ٢١٧.
(٢) في (ب): (الدربة) بالباء الموحدة ن وكذا ورد عند ابن فارس في "المقاييس" ٣/ ١٩٤. وعند سيبويه ٤/ ٤٤، وابن سيده في "المخصص" ٣/ ٣٢، (الدرية) كما هنا.
(٣) قال سيبويه: (هذا باب ما تجيء فيه الفعلة تريد بها ضربا من الفعل)، ثم قال: (.. وقد تجيء الفعلة لا يراد بها هذا المعنى وذلك نحو: الشدة، والشعرة، والدرية.. وقالوا: ليت شعري في هذا الموضع، استخفافا، لأنه كثر في كلامهم، كما قالوا: ذهب بعذرتها، وقالوا: هو أبو عذرها لأن هذا أكثر...)، "الكتاب" ٤/ ٤٤، وانظر "الصحاح" (شعره) ٢/ ٦٩٩، "اللسان" ٤/ ٤٠٩.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (حسن).
(٦) هو الشاعر المشهور همام بن غالب بن صعصعة بن تميم البصري، مات سنة عشر ومائة. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٣١٠، "طبقات فحول الشعراء" ٢/ ٢٩٨، "الخزانة" ١/ ٢١٧.
142
| لَبِسْنَ (١) الفِرِنْدَ الخُسْرُوَانِي فَوْقَهُ | مَشَاعِرَ مِنْ خَزِّ العِرَاقِ المُفَوَّفُ (٢) |
وقوله في وصف الكافرين ﴿لَا يَشْعُرُونَ﴾ أبلغ في الذم من وصفهم بأنهم لا يعلمون؛ لأن البهيمة قد تشعر من حيث تحس (٥)، فكأنهم وصفوا بنهاية الذهاب عن الفهم، وعلى هذا قال: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: ١٥٤] ولم يقل: (ولكن لا تعلمون) لأن المؤمنين إذا أخبرهم الله تعالى بأنهم أحياء علموا أنهم أحياء،
(١) في (ب): (ليبس).
(٢) البيت في "ديوان الفرزدق" وفيه (دونه) بدل (فوقه) ٢/ ٢٤، "المخصص" ٣/ ٣٢، "شرح الأبيات المشكلة الإعراب" للفارسي ص ٢٩٩، "جمهرة أشعار العرب" ص ٣١٤، وفيه (الفريد) بدل (الفراند)، و (خزي) بدل (من خز)، و (الفراند): يطلق على وشى السيف، وعلى السيف نفسه، وعلى الورد الأحمر، وقال في "اللسان" (فرند): دخيل معرب اسم ثوب، "اللسان" (فرند) ٦/ ٣٤٠٥، و (الفريد): قلائد اللؤلؤ، و (الخسرواني): الذي يشتري بالمال الكثير، ولا تحسب فيه خسارة، و (المشاعر). الثياب التي يلي البدن، و (المفوف): المُوَشَّى.
(٣) فبينهما عموم وخصوص مطلق.
(٤) في "المخصص": (... ولهذا لم يجز في وصف الله تعالى كما لم يجز في وصفه (دوى)، وكان قوله تعالى في وصف الكافرين...). ، ٣/ ٣٢.
(٥) في (ب): (لا تحس). وفي "المخصص": (.. من حيث كانت تحس..)، ٣/ ٣٢.
(٢) البيت في "ديوان الفرزدق" وفيه (دونه) بدل (فوقه) ٢/ ٢٤، "المخصص" ٣/ ٣٢، "شرح الأبيات المشكلة الإعراب" للفارسي ص ٢٩٩، "جمهرة أشعار العرب" ص ٣١٤، وفيه (الفريد) بدل (الفراند)، و (خزي) بدل (من خز)، و (الفراند): يطلق على وشى السيف، وعلى السيف نفسه، وعلى الورد الأحمر، وقال في "اللسان" (فرند): دخيل معرب اسم ثوب، "اللسان" (فرند) ٦/ ٣٤٠٥، و (الفريد): قلائد اللؤلؤ، و (الخسرواني): الذي يشتري بالمال الكثير، ولا تحسب فيه خسارة، و (المشاعر). الثياب التي يلي البدن، و (المفوف): المُوَشَّى.
(٣) فبينهما عموم وخصوص مطلق.
(٤) في "المخصص": (... ولهذا لم يجز في وصف الله تعالى كما لم يجز في وصفه (دوى)، وكان قوله تعالى في وصف الكافرين...). ، ٣/ ٣٢.
(٥) في (ب): (لا تحس). وفي "المخصص": (.. من حيث كانت تحس..)، ٣/ ٣٢.
143
فلا يجوز أن ينفي الله العلم عنهم بحياتهم، إذ (١) كانوا [قد علموا ذلك بإخباره إياهم. ولكن يجوز أن يقال: [(ولكن لا)] (٢) تشعرون (٣)، لأنه ليس كل ما علموه يشعرونه، كما أنه ليس كل ما علموه يحسونه بحواسهم، فلما كانوا لا يعلمون بحواسهم حياته (٤)، وإن كانوا قد علموه بإخبار الله إياهم وجب أن يقال: ﴿لَا يَشْعُرُونَ﴾ (٥).
١٠ - قوله تعالى ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾:
قال أبو بكر بن الأنباري (٦): أصل المرض في اللغة: الفساد، ومرض فلان، فسد جسمه، وتغيرت حالته، وكذلك مرضت الأرض معناه (٧) تغيرت وفسدت (٨).
١٠ - قوله تعالى ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾:
قال أبو بكر بن الأنباري (٦): أصل المرض في اللغة: الفساد، ومرض فلان، فسد جسمه، وتغيرت حالته، وكذلك مرضت الأرض معناه (٧) تغيرت وفسدت (٨).
(١) في (ب): (إذا).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) في (أ)، (ب) يشعرون (بالياء) وما في (ج) موافق لـ"المخصص" ٣/ ٣٢. وهو الوارد في الآية، وهو ما أثبته.
(٤) في "المخصص" (حياتهم) ٣/ ٣٢، والمراد الشهداء.
(٥) في (المخصص) (لا تشعرون). انتهى ما نقله الواحدي من كلام أبي علي. انظر "المخصص" ٣/ ٣٢.
(٦) انظر: "الزاهر" ١/ ٥٨٥، وانظر: "تفسير القرطبي" ١/ ١٧١، "تفسير النسفي" ١/ ١٨، "البحر اليحيط" ١/ ٥٣. قال ابن فارس: (الميم والراء والضاد) أصل صحيح يدل على ما يخرج به الإنسان عن حد الصحة في أي شيء كان،..)، "مقاييس اللغة" (مرض) ٥/ ٣١١، "تهذيب اللغة" (مرض) ٤/ ٣٣٧٨.
(٧) (معناه) مكرر في (ب).
(٨) في "التهذيب" (أرض مريضة، إذا ضاقت بأهلها، وأرض مريضة: إذا كثر بها الهرج والفتن والقتل "تهذيب اللغة" مرض) ١٢/ ٣٥.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) في (أ)، (ب) يشعرون (بالياء) وما في (ج) موافق لـ"المخصص" ٣/ ٣٢. وهو الوارد في الآية، وهو ما أثبته.
(٤) في "المخصص" (حياتهم) ٣/ ٣٢، والمراد الشهداء.
(٥) في (المخصص) (لا تشعرون). انتهى ما نقله الواحدي من كلام أبي علي. انظر "المخصص" ٣/ ٣٢.
(٦) انظر: "الزاهر" ١/ ٥٨٥، وانظر: "تفسير القرطبي" ١/ ١٧١، "تفسير النسفي" ١/ ١٨، "البحر اليحيط" ١/ ٥٣. قال ابن فارس: (الميم والراء والضاد) أصل صحيح يدل على ما يخرج به الإنسان عن حد الصحة في أي شيء كان،..)، "مقاييس اللغة" (مرض) ٥/ ٣١١، "تهذيب اللغة" (مرض) ٤/ ٣٣٧٨.
(٧) (معناه) مكرر في (ب).
(٨) في "التهذيب" (أرض مريضة، إذا ضاقت بأهلها، وأرض مريضة: إذا كثر بها الهرج والفتن والقتل "تهذيب اللغة" مرض) ١٢/ ٣٥.
144
قالت ليلى الأخيلية (١):
أرادت: أرضا فاسدة. وقال آخر:
وقال غيره: أصل المرض الضعف، يقال (٥): مرَّض الرجل في الأمر إذا ضعف فيه، ولم يبالغ، و [عين] (٦) مريضة النظر أي (٧): فاترة ضعيفة، وريح مريضة إذا ضعف هبوبها، وعلى هذا تفسير (٨) قول المحدث:
رَاحَتْ لأربعك الرياح مريضة (٩)
| إذا هبط الحَجَّاج أرضًا مريضةً | تتبَّع أقصى (٢) دائها فشفاها (٣) |
| ألم تر أن الأرض أضحت مريضة | لفقد الحسين والبلاد اقشعرت (٤) |
رَاحَتْ لأربعك الرياح مريضة (٩)
(١) هي ليلى بنت الأخيل من عقيل بن كعب، أشعر النساء، لا يقدم عليها غير الخنساء، رثت عثمان -رضي الله عنه- ودخلت على عبد الملك بن مروان وقد أسنت. انظر ترجمتها في: "الشعر والشعراء" ص ٢٩١، "الأعلام" ٥/ ٢٤٩.
(٢) في (ب): (دهاء).
(٣) ورد البيت في "الزاهر" ١/ ٥٦٠، ٥٨٦، "أساس البلاغة" (مرض) ٢/ ٣٧٩، "جواهر البلاغة" للهاشمي ص ٣١٥.
(٤) البيت من قصيدة لسليمان بن قَنَّة يرثي الحسين بن علي -رضي الله عنه- وردت في "الاستيعاب" ١/ ٤٤٤، "سير أعلام النبلاء" ٣/ ٣١٩، "والبداية والنهاية" ٨/ ٢١١، والقصيدة في حماسة أبي تمام بشرح المرزوقي، دون البيت المستشهد به هنا ٢/ ٩٦١.
(٥) في (ب): (فقال يقال).
(٦) في (أ)، (ج): (غير) وفي (ب) (عن) والصواب (عين) قال الثعلبي: (المرض في العين: فتورالنظر) "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٠ أ، وانظر "الصحاح" (مرض) ٣/ ١١٠٦ "البحر المحيط" ١/ ٥٣.
(٧) (أي) ساقطة من (ب).
(٨) في (ب): (يفسر).
(٩) لم أعثر عليه ولم أعرف قائله فيما اطلعت عليه والله أعلم.
(٢) في (ب): (دهاء).
(٣) ورد البيت في "الزاهر" ١/ ٥٦٠، ٥٨٦، "أساس البلاغة" (مرض) ٢/ ٣٧٩، "جواهر البلاغة" للهاشمي ص ٣١٥.
(٤) البيت من قصيدة لسليمان بن قَنَّة يرثي الحسين بن علي -رضي الله عنه- وردت في "الاستيعاب" ١/ ٤٤٤، "سير أعلام النبلاء" ٣/ ٣١٩، "والبداية والنهاية" ٨/ ٢١١، والقصيدة في حماسة أبي تمام بشرح المرزوقي، دون البيت المستشهد به هنا ٢/ ٩٦١.
(٥) في (ب): (فقال يقال).
(٦) في (أ)، (ج): (غير) وفي (ب) (عن) والصواب (عين) قال الثعلبي: (المرض في العين: فتورالنظر) "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٠ أ، وانظر "الصحاح" (مرض) ٣/ ١١٠٦ "البحر المحيط" ١/ ٥٣.
(٧) (أي) ساقطة من (ب).
(٨) في (ب): (يفسر).
(٩) لم أعثر عليه ولم أعرف قائله فيما اطلعت عليه والله أعلم.
145
أي: لينة ضعيفة حتى لا تعفوها.
ثعلب عن ابن الأعرابي (١): أصل المرض: النقصان. بدن مريض: ناقص القوة. و (٢) قلب مريض: ناقص الدين، ومَرَّض (٣) في حاجتي إذا نقصت حركته فيها.
وقال الأزهري: أخبرني المنذري، عن بعض أصحابه قال: المرض إظلام الطبيعة واضطرابها بعد صفائها، قال: والمرض: الظلمة، وأنشد (٤):
هذا (٦) هو الكلام في أصل المرض ومعناه في اللغة، ثم الشك والجهل (٧) والحيرة في القلب كلها تعود إلى هذه الأصول.
ثعلب عن ابن الأعرابي (١): أصل المرض: النقصان. بدن مريض: ناقص القوة. و (٢) قلب مريض: ناقص الدين، ومَرَّض (٣) في حاجتي إذا نقصت حركته فيها.
وقال الأزهري: أخبرني المنذري، عن بعض أصحابه قال: المرض إظلام الطبيعة واضطرابها بعد صفائها، قال: والمرض: الظلمة، وأنشد (٤):
| ولَيْلَةٍ مَرِضَتْ مِنْ كُلِّ ناحيةٍ | فما يُضيءُ لها شَمْسٌ ولا قَمَرُ (٥) |
(١) في "التهذيب" ثعلب عن ابن الأعرابي.. ثم ذكره، "تهذيب اللغة" (مرض) ٤/ ٣٣٧٨.
(٢) (الواو) ساقطة من (ب).
(٣) في "التهذيب": (مرض فلان في حاجتى) ٤/ ٣٣٧٨.
(٤) في "التهذيب": (وأنشد أبو العباس)، ٤/ ٣٣٧٨، وذكره ابن الأنباري في "الزاهر" قال: أنشدنا أبو العباس ١/ ٥٨٥.
(٥) البيت لأبي حية النميري ولفظه في "التهذيب" (فلا يضيء) ٤/ ٣٧٧٨، وذكره ابن الأنباري في "الزاهر" ١/ ٥٨٥ والكرماني في "لباب التفسير" ١/ ١٢٦ (رسالة دكتوراه)، وورد في "اللسان" (مرض) ٧/ ٤١٨٠، "البحر المحيط" ١/ ٣٥، "الدر المصون" ١/ ١٢٩.
(٦) (هذا) ساقط من (ب).
(٧) في (ب): (والجهل هذا والحيرة) وفي ج (والحيرة والجهل).
(٢) (الواو) ساقطة من (ب).
(٣) في "التهذيب": (مرض فلان في حاجتى) ٤/ ٣٣٧٨.
(٤) في "التهذيب": (وأنشد أبو العباس)، ٤/ ٣٣٧٨، وذكره ابن الأنباري في "الزاهر" قال: أنشدنا أبو العباس ١/ ٥٨٥.
(٥) البيت لأبي حية النميري ولفظه في "التهذيب" (فلا يضيء) ٤/ ٣٧٧٨، وذكره ابن الأنباري في "الزاهر" ١/ ٥٨٥ والكرماني في "لباب التفسير" ١/ ١٢٦ (رسالة دكتوراه)، وورد في "اللسان" (مرض) ٧/ ٤١٨٠، "البحر المحيط" ١/ ٣٥، "الدر المصون" ١/ ١٢٩.
(٦) (هذا) ساقط من (ب).
(٧) في (ب): (والجهل هذا والحيرة) وفي ج (والحيرة والجهل).
146
قال ابن عباس في قلوبهم مرض: أي شك ونفاق (١)، وهو قول ابن مسعود والحسن وقتادة (٢) وجميع أهل التأويل.
وقال ابن جرير (٣): معناه في اعتقاداتهم مرض، أي: شك وشبه، فاستغنى بذكر القلوب عن ذكر الاعتقادات؛ لأن محلها القلوب كقولهم: (يا خيل الله اركبي) (٤).
وليس الأمر على ما قال؛ لأن الشك في القلب على الحقيقة، فأي فائدة لتقدير الاعتقاد ههنا؛ ولأن الشك ينافي الاعتقاد، وهم ليسوا
وقال ابن جرير (٣): معناه في اعتقاداتهم مرض، أي: شك وشبه، فاستغنى بذكر القلوب عن ذكر الاعتقادات؛ لأن محلها القلوب كقولهم: (يا خيل الله اركبي) (٤).
وليس الأمر على ما قال؛ لأن الشك في القلب على الحقيقة، فأي فائدة لتقدير الاعتقاد ههنا؛ ولأن الشك ينافي الاعتقاد، وهم ليسوا
(١) أخرج ابن جرير بسنده عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (في قلوبهم مرض) أي شك وأخرج بسنده عن الضحاك عن ابن عباس قال: المرض: النفاق، "تفسير الطبري" ١/ ٢٨٠، وأخرجهما ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٤٣، وانظر "تفسير ابن كثير" ١/ ٥٢، "الدر" ١/ ٦٧ - ٦٨.
(٢) انظر أقوالهم والآثار عنهم في: "تفسير الطبري" ١/ ١٢٢، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٤٣ - ٤٤، "تفسير ابن كثير" ١/ ٥٢، "الدر" ١/ ٦٧ - ٦٨.
(٣) "تفسير الطبري" ١/ ١٢٢، نقل الواحدي كلامه بتصرف.
(٤) قوله: (كقولهم: يا خيل الله اركبي) ذكره ابن الأنباري في "الزاهر"، قال ومعناه. فرسان خيل الله اركبوا وابشروا بالجنة. "الزاهر" ٢/ ١٠٠، ومنه الحديث (يا خيل الله اركبي) ذكره ابن الأثير في "النهاية" ٢/ ٩٤، وذكره السيوطي في "الدرر المنتثرة"، وعزاه للعسكري في "الأمثال"، "الدرر المنتثرة" ص ١٤٤ (٤٦٣)، وذكره العجلوني في "كشف الخفاء" وعزاه لأبي الشيخ في "الناسخ والمنسوخ"، وللعسكري ولابن عائذ في "المغازي" وغيرهم. انظر "كشف الخفاء" ٢/ ٣٧٩، ٣٨٠، وقد رجعت إلى "جمهرة الأمثال" للعسكري ولم أجده، وترجم أبو داود في "سننه" (باب في النداء عند النفير: يا خيل الله اركبي) كتاب (الجهاد) وساق حديث سمرة بن جندب: أما بعد: فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمى خيلنا خيل الله (٢٥٦٠)، "سنن أبي داوود" ٣/ ٥٥ معه "معالم السنن".
(٢) انظر أقوالهم والآثار عنهم في: "تفسير الطبري" ١/ ١٢٢، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٤٣ - ٤٤، "تفسير ابن كثير" ١/ ٥٢، "الدر" ١/ ٦٧ - ٦٨.
(٣) "تفسير الطبري" ١/ ١٢٢، نقل الواحدي كلامه بتصرف.
(٤) قوله: (كقولهم: يا خيل الله اركبي) ذكره ابن الأنباري في "الزاهر"، قال ومعناه. فرسان خيل الله اركبوا وابشروا بالجنة. "الزاهر" ٢/ ١٠٠، ومنه الحديث (يا خيل الله اركبي) ذكره ابن الأثير في "النهاية" ٢/ ٩٤، وذكره السيوطي في "الدرر المنتثرة"، وعزاه للعسكري في "الأمثال"، "الدرر المنتثرة" ص ١٤٤ (٤٦٣)، وذكره العجلوني في "كشف الخفاء" وعزاه لأبي الشيخ في "الناسخ والمنسوخ"، وللعسكري ولابن عائذ في "المغازي" وغيرهم. انظر "كشف الخفاء" ٢/ ٣٧٩، ٣٨٠، وقد رجعت إلى "جمهرة الأمثال" للعسكري ولم أجده، وترجم أبو داود في "سننه" (باب في النداء عند النفير: يا خيل الله اركبي) كتاب (الجهاد) وساق حديث سمرة بن جندب: أما بعد: فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمى خيلنا خيل الله (٢٥٦٠)، "سنن أبي داوود" ٣/ ٥٥ معه "معالم السنن".
147
معتقدين (١) إذا كانوا شاكّين (٢).
وقوله تعالى: ﴿فَزَادَهُمُ اَللَّهُ مَرَضًا﴾. يقال: زاد يزيد زيادة وزيدا (٣)، أنشد أبو زيد:
كذلك زَيْدُ المَرْءِ بعدَ انتِقَاصِه (٤)
وقال ذو الإصبع (٥):
كأنه (٧) قال: معشر زيادة على مائة (٨). وهو (٩) فعل يتعدى إلى
وقوله تعالى: ﴿فَزَادَهُمُ اَللَّهُ مَرَضًا﴾. يقال: زاد يزيد زيادة وزيدا (٣)، أنشد أبو زيد:
كذلك زَيْدُ المَرْءِ بعدَ انتِقَاصِه (٤)
وقال ذو الإصبع (٥):
| وأنتمُ معشرٌ زَيْدٌ على مائة | فأجمِعُوا أمركم طُرًّا فكيدوني (٦) |
(١) في (ب): (بمعتقدين).
(٢) وفيما قاله الواحدي وجاهة وقوة.
(٣) "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٢٢.
(٤) أنشده أبو زيد مع ثلاثة أبيات قبله ونسبها لحسان السعدي ورواية أبي زيد له مع عجزه:
"النوادر" ص ٣٥٨ وأنشد الأبيات المرتضى في "أماليه" ونسبها لبعض شعراء طيى والشطر الأخير عنده: (يعود إلى مثل الذي كان قد بدا) ١/ ٤١٦. وهو في "الحجة" وفيه (ثم) بدل (بعد) وفي الحاشية في ط (بعد) مكان (ثم) ١/ ٣٢٢، ويظهر أن نسخة (ط) هي التي اعتمد المؤلف عليها.
(٥) هو حرثان بن محرث ذو الإصبع العدواني شاعر جاهلي معمر عاش ثلاثمائة سنة انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٤٧٣، "الخزانة" ٥/ ٢٨٤.
(٦) البيت ضمن قصيدة لذى الإصبع العدواني في "المفضليات" ص ١٦١، وفيه بدل (طرا)، (كلا) ووردت في ص ١٦٣، وفيه (شتى)، وهي في "الأمالي" لأبي علي القالي١/ ٢٥٦، وفي "شرح المفصل" لابن يعيش ١/ ٣٠.
(٧) في (ب): (كان).
(٨) في (ب): (على مائة فأجمعوا).
(٩) أي: (زاد).
(٢) وفيما قاله الواحدي وجاهة وقوة.
(٣) "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٢٢.
(٤) أنشده أبو زيد مع ثلاثة أبيات قبله ونسبها لحسان السعدي ورواية أبي زيد له مع عجزه:
| كذلك زيد المرء ثم انتقاصه | وتكراره في إثره بعد ما مضى |
(٥) هو حرثان بن محرث ذو الإصبع العدواني شاعر جاهلي معمر عاش ثلاثمائة سنة انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٤٧٣، "الخزانة" ٥/ ٢٨٤.
(٦) البيت ضمن قصيدة لذى الإصبع العدواني في "المفضليات" ص ١٦١، وفيه بدل (طرا)، (كلا) ووردت في ص ١٦٣، وفيه (شتى)، وهي في "الأمالي" لأبي علي القالي١/ ٢٥٦، وفي "شرح المفصل" لابن يعيش ١/ ٣٠.
(٧) في (ب): (كان).
(٨) في (ب): (على مائة فأجمعوا).
(٩) أي: (زاد).
148
مفعولين كما قال: ﴿وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ (١) [الكهف: ١٣] وقال: ﴿زِدْنَاهُمْ عَذَابًا﴾ (٢) [النحل: ٨٨].
وكان حمزة يميل (زاد) في جميع القرآن (٣) كأنه أراد أن يدل بالإمالة على أن العين (٤) (ياء) [ليحافظ] (٥) على الحرف الذي هو أصل، كما أنهم قالوا في جمع أبيض وأعين: بيض وعين، فأبدلوا (٦) من الضمة كسرة، لأن جمع (أَفْعَل) (٧) (فُعْل) لتصح (٨) (الياء) ولا تنقلب إلى (الواو) (٩) فكما حوفظ على تصحيح (١٠) (الياء) في هذه الحروف كذلك حوفظ على (الياء)
وكان حمزة يميل (زاد) في جميع القرآن (٣) كأنه أراد أن يدل بالإمالة على أن العين (٤) (ياء) [ليحافظ] (٥) على الحرف الذي هو أصل، كما أنهم قالوا في جمع أبيض وأعين: بيض وعين، فأبدلوا (٦) من الضمة كسرة، لأن جمع (أَفْعَل) (٧) (فُعْل) لتصح (٨) (الياء) ولا تنقلب إلى (الواو) (٩) فكما حوفظ على تصحيح (١٠) (الياء) في هذه الحروف كذلك حوفظ على (الياء)
(١) في (ب): (تعدى) تصحيف والآية من سورة الكهف: ١٣.
(٢) الكلام نقله عن "الحجة" لأبي علي١/ ٣٢٢.
(٣) قال ابن مجاهد: (قرأ حمزة [وحده] ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ﴾ بكسر الزاي [المراد الإمالة] وكذلك (شاء) و (جاء) و (خاب) و (طاب) و (ضاق) و (خاف) و (حاق)... ثم قال. وكان ابن عامر يكسر من ذلك كله ثلاثة أحرف: (فزادهم) و (شاء) و (جاء)، "السبعة" لابن مجاهد ص ١٤١، ١٤٢، وذكر نحوه مكي، وقال: ووافقه ابن ذكوان في (جاء) و (شاء) حيث وقعا وعلى إمالة (زاد) في أول سورة البقرة خاصة. "الكشف" ١/ ١٧٤، وانظر: "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٢٠.
(٤) في (ب): (المعين).
(٥) في جميع النسخ (لتحافظ) بالتاء، وكتبتها بالياء حسب ما ورد في "الحجة" والكلام منقول منه وهو الصحيح، انظر "الحجة"١/ ٣٢٦، ٣٢٧.
(٦) في (أ)، جـ، (فأبدوا) وأثبت ما في (ب).
(٧) في (ب): (أفضل).
(٨) في (ب): (النصح).
(٩) جمع (أبيض) على القياس (بوض) فأبدلوا ضمة (الباء) كسرة حتى لا تقلب الياء واوا.
(١٠) في (ب): (الصحيح).
(٢) الكلام نقله عن "الحجة" لأبي علي١/ ٣٢٢.
(٣) قال ابن مجاهد: (قرأ حمزة [وحده] ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ﴾ بكسر الزاي [المراد الإمالة] وكذلك (شاء) و (جاء) و (خاب) و (طاب) و (ضاق) و (خاف) و (حاق)... ثم قال. وكان ابن عامر يكسر من ذلك كله ثلاثة أحرف: (فزادهم) و (شاء) و (جاء)، "السبعة" لابن مجاهد ص ١٤١، ١٤٢، وذكر نحوه مكي، وقال: ووافقه ابن ذكوان في (جاء) و (شاء) حيث وقعا وعلى إمالة (زاد) في أول سورة البقرة خاصة. "الكشف" ١/ ١٧٤، وانظر: "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٢٠.
(٤) في (ب): (المعين).
(٥) في جميع النسخ (لتحافظ) بالتاء، وكتبتها بالياء حسب ما ورد في "الحجة" والكلام منقول منه وهو الصحيح، انظر "الحجة"١/ ٣٢٦، ٣٢٧.
(٦) في (أ)، جـ، (فأبدوا) وأثبت ما في (ب).
(٧) في (ب): (أفضل).
(٨) في (ب): (النصح).
(٩) جمع (أبيض) على القياس (بوض) فأبدلوا ضمة (الباء) كسرة حتى لا تقلب الياء واوا.
(١٠) في (ب): (الصحيح).
149
في (زاد) بإمالة الألف نحوها (١) يدلك على ذلك: أن الذين أمالوا نحو: (زاد) (٢) و (زاغ) و (خاب) و (طاب) (٣) لم يميلوا نحو (عاذ، وعاد) ولا (بابا) ولا (مالا) ولا ما أشبه ذلك مما العين منه (واو) حيث لم تكن في الكلمة (٤) (ياء) ولا (كسرة) فتنحى الألف بالإمالة نحوهما.
ومما يقوي الإمالة في (زاد) ونحوه: أنه اجتمع فيه أمران كل واحد يوجب الإمالة:
أحدهما: ما ذكرنا (٥) والثاني: لحَاقُ الكسرة أول فَعَلْتَ (٦)، وكل واحدة من هاتين الحالتين توجب الإمالة بانفرادها (٧).
ومعنى قوله. ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ أى: شكًّا على شكٍّ وفسادَا على فساد (٨). وهذا يدل على أن كفرهم كان مخلوقًا لله تعالى (٩)؛ لأنه لو لم
ومما يقوي الإمالة في (زاد) ونحوه: أنه اجتمع فيه أمران كل واحد يوجب الإمالة:
أحدهما: ما ذكرنا (٥) والثاني: لحَاقُ الكسرة أول فَعَلْتَ (٦)، وكل واحدة من هاتين الحالتين توجب الإمالة بانفرادها (٧).
ومعنى قوله. ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ أى: شكًّا على شكٍّ وفسادَا على فساد (٨). وهذا يدل على أن كفرهم كان مخلوقًا لله تعالى (٩)؛ لأنه لو لم
(١) نحو (الياء).
(٢) أي ما كان أصل العين فيه ياء.
(٣) في "الحجة": (زاد وباع وناب وعاب) ١/ ٣٢٧.
(٤) (في الكلمة) ساقط من (ب).
(٥) وهو أن تمال الألف ليعلم أنها من الياء،. "الحجة" ١/ ٣٢٨.
(٦) كذا ورد في "الحجة" ١/ ٣٢٨ والمراد أن الحرف الأول من فعل زاد يكون مكسورا إذ أسند هذا الفعل إلى تاء المتكلم أو المخاطب أو المخاطبة فتقول: زدتُ، زِدتَ، زِدتِ انظر "الكشف" ١/ ١٧٤.
(٧) الكلام بتصرف يسير من "الحجة" ١/ ٣٢٧، ٣٢٨.
(٨) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٢٢ - ١٢٣، و"تفسير البغوي" ١/ ٦٦، "تفسير ابن كثير" ١/ ٥٢.
(٩) المعنى صحيح فإن الله خالق كل شيء من الطاعات والكفر لكن السلف لم يستعملوا هذا اللفظ تأدبا مع الله تعالى انظر التعليق السابق عند تفسير قوله تعالى: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلىَ قُلوُبِهِم﴾ [البقرة: ٧].
(٢) أي ما كان أصل العين فيه ياء.
(٣) في "الحجة": (زاد وباع وناب وعاب) ١/ ٣٢٧.
(٤) (في الكلمة) ساقط من (ب).
(٥) وهو أن تمال الألف ليعلم أنها من الياء،. "الحجة" ١/ ٣٢٨.
(٦) كذا ورد في "الحجة" ١/ ٣٢٨ والمراد أن الحرف الأول من فعل زاد يكون مكسورا إذ أسند هذا الفعل إلى تاء المتكلم أو المخاطب أو المخاطبة فتقول: زدتُ، زِدتَ، زِدتِ انظر "الكشف" ١/ ١٧٤.
(٧) الكلام بتصرف يسير من "الحجة" ١/ ٣٢٧، ٣٢٨.
(٨) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٢٢ - ١٢٣، و"تفسير البغوي" ١/ ٦٦، "تفسير ابن كثير" ١/ ٥٢.
(٩) المعنى صحيح فإن الله خالق كل شيء من الطاعات والكفر لكن السلف لم يستعملوا هذا اللفظ تأدبا مع الله تعالى انظر التعليق السابق عند تفسير قوله تعالى: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلىَ قُلوُبِهِم﴾ [البقرة: ٧].
150
يخلق مرض (١) قلوبهم ما زادهم المرض ثانياً، وهو كقوله: ﴿وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ﴾ [هود: ٥٢].
قال أبو إسحاق (٢): المرض (٣) في القلب يصلح لكل ما خرج به الإنسان عن الصحة في الدين (٤).
وقوله تعالى ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ (٥) أي بما أنزل من القرآن، فشكّوا فيه كما شكّوا في الذي قبله كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ﴾ الآية [التوبة: ١٢٤].
وقوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ﴾. أصل العذاب في كلام العرب: من العذب، وهو المنع؛ يقال: عَذَبتَه عَذْبًا أي منعتَه مَنْعَا، فعَذَبَ عُذوبًا أي امتنع (٦)، ومنه يقال للفرس إذا قام في المِعْلف ولم يتناول العلف وامتنع عنه: عَذُوبٌ وعَاذِبٌ، ومنه الماء العَذْب؛ لأنه يمنع العطش (٧). فسمي العذاب عذابًا؛ لأنه يَعْذُبُ المعاقب عن معاودة ما عوقب عليه، ويعذب
قال أبو إسحاق (٢): المرض (٣) في القلب يصلح لكل ما خرج به الإنسان عن الصحة في الدين (٤).
وقوله تعالى ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ (٥) أي بما أنزل من القرآن، فشكّوا فيه كما شكّوا في الذي قبله كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ﴾ الآية [التوبة: ١٢٤].
وقوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ﴾. أصل العذاب في كلام العرب: من العذب، وهو المنع؛ يقال: عَذَبتَه عَذْبًا أي منعتَه مَنْعَا، فعَذَبَ عُذوبًا أي امتنع (٦)، ومنه يقال للفرس إذا قام في المِعْلف ولم يتناول العلف وامتنع عنه: عَذُوبٌ وعَاذِبٌ، ومنه الماء العَذْب؛ لأنه يمنع العطش (٧). فسمي العذاب عذابًا؛ لأنه يَعْذُبُ المعاقب عن معاودة ما عوقب عليه، ويعذب
(١) في (ب): (سمرص).
(٢) هو الزجاج.
(٣) (المرض) ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (على).
(٥) كلام الزجاج: (وقوله: ﴿فَزَادهمُ الله مَرَضًا﴾ فيه جوابان قال بعضهم زادهم الله بكفرهم كما قال عز وجل: ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ﴾ [النساء: ١٥٥] وقال بعض أهل اللغة: فزادهم الله بما أنزل عليهم من القرآن...)، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥١.
(٦) انظر. "تهذيب اللغة" (عذب) ٣/ ٢٣٦٥، "تفسير الدر المصون" ١/ ١٧٨ "تفسير البيضاوي" ١/ ١٠.
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (عذب) ٣/ ٢٣٦٤، "الصحاح" (عذب) ١/ ١٧٨، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨ ب، "الكشاف" ١/ ١٦٤.
(٢) هو الزجاج.
(٣) (المرض) ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (على).
(٥) كلام الزجاج: (وقوله: ﴿فَزَادهمُ الله مَرَضًا﴾ فيه جوابان قال بعضهم زادهم الله بكفرهم كما قال عز وجل: ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ﴾ [النساء: ١٥٥] وقال بعض أهل اللغة: فزادهم الله بما أنزل عليهم من القرآن...)، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥١.
(٦) انظر. "تهذيب اللغة" (عذب) ٣/ ٢٣٦٥، "تفسير الدر المصون" ١/ ١٧٨ "تفسير البيضاوي" ١/ ١٠.
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (عذب) ٣/ ٢٣٦٤، "الصحاح" (عذب) ١/ ١٧٨، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨ ب، "الكشاف" ١/ ١٦٤.
151
غيره (١) من أرتكاب مثله (٢).
وقوله تعالى: ﴿أَلِيمٌ﴾ الأليم بمعنى المؤلم (٣) كالسميع: بمعنى المسمع (٤)، وقال ذو الرمة (٥):
وقال عمرو (٩):
وقوله تعالى: ﴿أَلِيمٌ﴾ الأليم بمعنى المؤلم (٣) كالسميع: بمعنى المسمع (٤)، وقال ذو الرمة (٥):
| وترفع (٦) من صدور شَمَرْدَلاتٍ | يصُكُّ وجوهَها وَهَجٌ (٧) أليمُ (٨) |
(١) في (ب): (في).
(٢) انظر: "مقاييس اللغة" (عذب) ٤/ ٢٦٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨ ب، "الكشاف" ١/ ١٦٥، "تفسير البيضاوي" ١/ ١٠، "تفسير القرطبي" ١/ ١٧٢.
(٣) انظر. "تفسير الطبري" ١/ ١٢٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥١، "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٥.
(٤) في (أ)، (ج) (السمع) وأثبت ما في (ب).
(٥) هو غيلان بن عقبة من بني صعب بن مالك بن عدي بن عبد مناة، و (الرُّمَّة) بضم الراء وتشديد الميم: قطعة من الحبل الخلق، قيل إن مية لقبته بذلك، شاعر إسلامي عاصر جرير والفرزدق. انظر ترجمته في: "الشعر والشعراء" ص ٣٥٠، "وفيات الأعيان" ٤/ ١١، "الخزانة" ١/ ١٠٦.
(٦) كذا في (أ)، (ج) وفي (ب) محتملة ونحوه في "تفسير الطبري" وما عداه من المصادر فيها: (نرفع).
(٧) في (ب) (هجم).
(٨) قوله: الشمردلات الإبل الحسان الجميلة الخلق، يصك: يضرب، وهج أليم: شدة الحرارة، البيت في "ديوانه" ٢/ ٦٧٧، "مجاز القرآن" ١/ ٣٢ و"تفسير الطبري" ١/ ١٢٣، وفيه (يصد) بدل (يصك)، "تفسير القرطبي" ١/ ١٩٨، و"الدر المصون" ١/ ١٣٠.
(٩) هو عمرو بن معد يكرب، وفد على النبي - ﷺ - سنة تسع أو عشر، فأسلم، فارس مشهور، له وقائع في الجاهلية والإسلام، انظر ترجمته في: "الشعر والشعراء" ص ٢٣٥، "الإصابة" ٣/ ١٨، "الخزانة" ٢/ ٤٤٤.
(٢) انظر: "مقاييس اللغة" (عذب) ٤/ ٢٦٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨ ب، "الكشاف" ١/ ١٦٥، "تفسير البيضاوي" ١/ ١٠، "تفسير القرطبي" ١/ ١٧٢.
(٣) انظر. "تفسير الطبري" ١/ ١٢٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥١، "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٥.
(٤) في (أ)، (ج) (السمع) وأثبت ما في (ب).
(٥) هو غيلان بن عقبة من بني صعب بن مالك بن عدي بن عبد مناة، و (الرُّمَّة) بضم الراء وتشديد الميم: قطعة من الحبل الخلق، قيل إن مية لقبته بذلك، شاعر إسلامي عاصر جرير والفرزدق. انظر ترجمته في: "الشعر والشعراء" ص ٣٥٠، "وفيات الأعيان" ٤/ ١١، "الخزانة" ١/ ١٠٦.
(٦) كذا في (أ)، (ج) وفي (ب) محتملة ونحوه في "تفسير الطبري" وما عداه من المصادر فيها: (نرفع).
(٧) في (ب) (هجم).
(٨) قوله: الشمردلات الإبل الحسان الجميلة الخلق، يصك: يضرب، وهج أليم: شدة الحرارة، البيت في "ديوانه" ٢/ ٦٧٧، "مجاز القرآن" ١/ ٣٢ و"تفسير الطبري" ١/ ١٢٣، وفيه (يصد) بدل (يصك)، "تفسير القرطبي" ١/ ١٩٨، و"الدر المصون" ١/ ١٣٠.
(٩) هو عمرو بن معد يكرب، وفد على النبي - ﷺ - سنة تسع أو عشر، فأسلم، فارس مشهور، له وقائع في الجاهلية والإسلام، انظر ترجمته في: "الشعر والشعراء" ص ٢٣٥، "الإصابة" ٣/ ١٨، "الخزانة" ٢/ ٤٤٤.
152
أَمِنْ ريحانة الدَّاعي السَّميع (١)
أي: المسمع. ومعنى العذاب الأليم (٢): الذي يخلص وجعه إلى قلوبهم.
"قوله تعالى: ﴿بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾. (ما) في تأويل المصدر (٣) كأنه قيل: بكونهم مكذبين وبتكذيبهم. وسنذكر القول في ذلك عند قوله: ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾ [البقرة: ٢٨]، إن شاء الله.
وحقيقة الكذب: الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو به، وقد يستعار لفظ الكذب فيما ليس بكذب في الحقيقة (٤)، كقول الأخطل (٥):
أي: المسمع. ومعنى العذاب الأليم (٢): الذي يخلص وجعه إلى قلوبهم.
"قوله تعالى: ﴿بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾. (ما) في تأويل المصدر (٣) كأنه قيل: بكونهم مكذبين وبتكذيبهم. وسنذكر القول في ذلك عند قوله: ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾ [البقرة: ٢٨]، إن شاء الله.
وحقيقة الكذب: الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو به، وقد يستعار لفظ الكذب فيما ليس بكذب في الحقيقة (٤)، كقول الأخطل (٥):
(١) تمامه:
يؤرقني وأصحابي هجوع
وريحانة: أخت عمرو، وكان الصمة أبو دريد قد غزا بني زبيد وسباها، وغزاهم عمرو مرارًا ولم يقدر عليها، وقيل: ريحانة امرأة أراد أن يتزوجها فهو يشبب بها. البيت في "الشعر والشعراء" ص ٢٣٥، و"تفسير الطبري" ١/ ١٢٣، "معاني القرآن" للزجاج١/ ٥١، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٥٠ أ، و"تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٥، "الأصمعيات" ص ١٧٢، "البحر المحيط" ١/ ٥٩.
(٢) في (ب): (هو العذاب الذي...).
(٣) هذا على قول من يجعل لـ (كان) مصدرًا ومن لا يجيز ذلك يجعل ما بمعنى الذي وسيأتي للمسألة مزيد إيضاح عند قوله ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾ [البقرة: ٢٨]، وقد ذكر المذهبين الطبري في "تفسيره" ١/ ١٢٣، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٦٠ والسمين الحلبي في "الدر المصون" ١/ ١٣٠.
(٤) قال أبو حيان: والكذب له محامل في لسان العرب، أحدها: الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه. والثاني: الإخبار بالذي يشبه الكذب ولا يقصد به إلا الحق. والثالث: الخطأ. الرابع: البطول. الخامس: الإغراء بلزوم المخاطب الشيء المذكور. "البحر المحيط" ١/ ٦٠، وانظر: "الكشاف" ١/ ١٧٨، "الدر المصون" ١/ ١٣٢.
(٥) هو غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة التغلبي، الشاعر المشهور كان نصرانيًّا =
يؤرقني وأصحابي هجوع
وريحانة: أخت عمرو، وكان الصمة أبو دريد قد غزا بني زبيد وسباها، وغزاهم عمرو مرارًا ولم يقدر عليها، وقيل: ريحانة امرأة أراد أن يتزوجها فهو يشبب بها. البيت في "الشعر والشعراء" ص ٢٣٥، و"تفسير الطبري" ١/ ١٢٣، "معاني القرآن" للزجاج١/ ٥١، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٥٠ أ، و"تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٥، "الأصمعيات" ص ١٧٢، "البحر المحيط" ١/ ٥٩.
(٢) في (ب): (هو العذاب الذي...).
(٣) هذا على قول من يجعل لـ (كان) مصدرًا ومن لا يجيز ذلك يجعل ما بمعنى الذي وسيأتي للمسألة مزيد إيضاح عند قوله ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾ [البقرة: ٢٨]، وقد ذكر المذهبين الطبري في "تفسيره" ١/ ١٢٣، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٦٠ والسمين الحلبي في "الدر المصون" ١/ ١٣٠.
(٤) قال أبو حيان: والكذب له محامل في لسان العرب، أحدها: الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه. والثاني: الإخبار بالذي يشبه الكذب ولا يقصد به إلا الحق. والثالث: الخطأ. الرابع: البطول. الخامس: الإغراء بلزوم المخاطب الشيء المذكور. "البحر المحيط" ١/ ٦٠، وانظر: "الكشاف" ١/ ١٧٨، "الدر المصون" ١/ ١٣٢.
(٥) هو غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة التغلبي، الشاعر المشهور كان نصرانيًّا =
153
كَذَبتكَ عينُك أَمْ رَأَيتَ بواسطٍ (١)
كأنها لما أوهمته خلاف الحقيقة كانت بمنزلة ما كذبته (٢).
وقرأ أهل الكوفة (٣) ﴿يَكْذِبُونَ﴾ بالتخفيف من الكذب، وهو أشبه بما قبله وبما بعده؛ لأن قبله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ [البقرة: ٨] وهذا كذب منهم، وبعده قوله: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ﴾ [البقرة: ١٤] وهذا يدل على كذبهم في دعوى الإيمان.
وأيضا فإن قوله تعالى ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ لا يخلو إما أن يراد به المنافقون، أو المشركون، أو الفريقان جميعاً. فإن أراد المنافقين فقد (٤) قال فيهم: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١)﴾ [المنافقون: ١].
وإن كانوا المشركين فقد قال: ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٩٠) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ﴾ [المؤمنون: ٩٠ - ٩١]. وإن كانوا الفريقين فقد أخبر عنهم جميعا بالكذب الذي يلزم (٥) أن يكون فعله (يكذبون) بالتخفيف.
كأنها لما أوهمته خلاف الحقيقة كانت بمنزلة ما كذبته (٢).
وقرأ أهل الكوفة (٣) ﴿يَكْذِبُونَ﴾ بالتخفيف من الكذب، وهو أشبه بما قبله وبما بعده؛ لأن قبله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ [البقرة: ٨] وهذا كذب منهم، وبعده قوله: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ﴾ [البقرة: ١٤] وهذا يدل على كذبهم في دعوى الإيمان.
وأيضا فإن قوله تعالى ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ لا يخلو إما أن يراد به المنافقون، أو المشركون، أو الفريقان جميعاً. فإن أراد المنافقين فقد (٤) قال فيهم: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١)﴾ [المنافقون: ١].
وإن كانوا المشركين فقد قال: ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٩٠) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ﴾ [المؤمنون: ٩٠ - ٩١]. وإن كانوا الفريقين فقد أخبر عنهم جميعا بالكذب الذي يلزم (٥) أن يكون فعله (يكذبون) بالتخفيف.
= ومات على ذلك، مدح بني أمية وكان مقدما عندهم. انظر ترجمته في: "الشعر والشعراء" ص ٣١٩، "الخزانة" ١/ ٤٥٩.
(١) البيت مطلع قصيدة للأخطل يهجو بها جريرا وقوله (كذبتك عينك): أي خيل إليك، وواسط: مكان بين البصرة والكوفة. البيت من شواهد سيبويه ٣/ ١٧٤. وورد في "المقتضب" ٣/ ٢٩٥، "تهذيب اللغة" (الكذب) ٤/ ٣١١٤، "مغنى اللبيب" ١/ ٤٥.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (كذب) ٤/ ٣١١٤.
(٣) عاصم وحمزة والكسائي انظر "السبعة" لابن مجاهد ص ١٤٣، "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٢٩، "الكشف" لمكي١/ ٢٢٧، و"تفسير الطبري" ١/ ١٢١ - ١٢٣.
(٤) في (أ)، (ج): (وقد) وأثبت ما في (ب) ومثله في "الحجة" ١/ ٣٣٨.
(٥) في (ب): (يلتزم).
(١) البيت مطلع قصيدة للأخطل يهجو بها جريرا وقوله (كذبتك عينك): أي خيل إليك، وواسط: مكان بين البصرة والكوفة. البيت من شواهد سيبويه ٣/ ١٧٤. وورد في "المقتضب" ٣/ ٢٩٥، "تهذيب اللغة" (الكذب) ٤/ ٣١١٤، "مغنى اللبيب" ١/ ٤٥.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (كذب) ٤/ ٣١١٤.
(٣) عاصم وحمزة والكسائي انظر "السبعة" لابن مجاهد ص ١٤٣، "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٢٩، "الكشف" لمكي١/ ٢٢٧، و"تفسير الطبري" ١/ ١٢١ - ١٢٣.
(٤) في (أ)، (ج): (وقد) وأثبت ما في (ب) ومثله في "الحجة" ١/ ٣٣٨.
(٥) في (ب): (يلتزم).
154
ومن شدد (١) فلكثرة ما في القرآن مما يدل على التثقيل (٢) كقوله: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ﴾ [الأنعام: ٣٤] وقوله: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ﴾ [يونس: ٣٩]، ﴿وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي﴾ [يونس: ٤١] ونحوها من الآيات (٣).
١١ - قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ﴾ الآية. موضع (إذا) من الإعراب نصب لأنه اسم للوقت كأنك قلت: (وحين قيل لهم) أو (ويوم قيل لهم) إلا أنها تشبه حرف الجزاء (٤) وسيأتي الكلام في (إذ) و (إذا) بعد هذا إن شاء الله.
وكان الكسائي يُشِمّ ﴿قِيلَ﴾ (٥) وأخواتها (٦) (الضم)، ليدل بذلك على أنه كان في الأصل (فُعِل) (٧)، كما أنهم قالوا: أنت تغزُين، فألزموا الزاي إشمام الضمة، و (زين) من (تغزين) بمنزلة: (قيل). ومن قال (قُيل) بإشمام
١١ - قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ﴾ الآية. موضع (إذا) من الإعراب نصب لأنه اسم للوقت كأنك قلت: (وحين قيل لهم) أو (ويوم قيل لهم) إلا أنها تشبه حرف الجزاء (٤) وسيأتي الكلام في (إذ) و (إذا) بعد هذا إن شاء الله.
وكان الكسائي يُشِمّ ﴿قِيلَ﴾ (٥) وأخواتها (٦) (الضم)، ليدل بذلك على أنه كان في الأصل (فُعِل) (٧)، كما أنهم قالوا: أنت تغزُين، فألزموا الزاي إشمام الضمة، و (زين) من (تغزين) بمنزلة: (قيل). ومن قال (قُيل) بإشمام
(١) وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر "السبعة" لابن مجاهد ص ٤٣.
(٢) في (أ)، (ج): (الثقيل) وأثبت ما في (ب) ومثله في "الحجة" ١/ ٣٣٨.
(٣) أخذه عن "الحجة" لأبي علي، بتصرف ١/ ٣٣٧. وانظر "الكشف" لمكي ١/ ٢٢٨، وقد رجح مكي قراءة (التشديد) ورجح الطبري قراءة (التخفيف) ١/ ١٢٣.
(٤) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٣٧، "البيان" ١/ ٥٥، ٥٦، "الدر المصون" ١/ ١٣٢.
(٥) وروي عن هشام مثل الكسائي، وعن نافع وابن عامر الإشمام في بعض أخوات (قيل) دونها. انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص ١٤٣، "الحجة" ١/ ٣٤٠، "الكشف" لمكي ١/ ٢٢٩.
(٦) في (أ)، (ج): وأخواته. وأثبت ما في (ب).
والمراد بأخواتها: سيء وسيق وحيل وجيء وغيض والسادس قيل فهي ستة أفعال معتلة العين. انظر: "الكشف" لمكي ١/ ٢٢٩ والإشمام سبق تعريفه.
(٧) فعل: مبني للمجهول.
(٢) في (أ)، (ج): (الثقيل) وأثبت ما في (ب) ومثله في "الحجة" ١/ ٣٣٨.
(٣) أخذه عن "الحجة" لأبي علي، بتصرف ١/ ٣٣٧. وانظر "الكشف" لمكي ١/ ٢٢٨، وقد رجح مكي قراءة (التشديد) ورجح الطبري قراءة (التخفيف) ١/ ١٢٣.
(٤) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٣٧، "البيان" ١/ ٥٥، ٥٦، "الدر المصون" ١/ ١٣٢.
(٥) وروي عن هشام مثل الكسائي، وعن نافع وابن عامر الإشمام في بعض أخوات (قيل) دونها. انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص ١٤٣، "الحجة" ١/ ٣٤٠، "الكشف" لمكي ١/ ٢٢٩.
(٦) في (أ)، (ج): وأخواته. وأثبت ما في (ب).
والمراد بأخواتها: سيء وسيق وحيل وجيء وغيض والسادس قيل فهي ستة أفعال معتلة العين. انظر: "الكشف" لمكي ١/ ٢٢٩ والإشمام سبق تعريفه.
(٧) فعل: مبني للمجهول.
155
الضم قال: (بُيع) أو (اختُير) و (انقُيد) (١) بالإشمام؛ لأنها بمنزلة واحدة.
وأما من (٢) حرك الفاء بالكسر ولم يشم الضمة، قال (٣): هذا كان في الأصل (قُوِلَ) فنقلت كسرة الواو إلى القاف، فسكنت الواو وانكسر ما قبلها، فصارت (ياء) فلزم كسر القاف وصار الأصل هذا (٤).
قال المفسرون: ومعنى الآية: وإذا قيل لهؤلاء المنافقين: لا تفسدوا في الأرض بالكفر وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد - ﷺ - (٥). ويقال: أفسد الشيء يفسده إفساداً، ومفعول الإفساد محذوف (٦) على معنى: (لا تفسدوا أنفسكم بالكفر، أو (٧) الناس بالتعويق عن الإيمان)، على ما ذكره المفسرون.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾. (٨) (نحن) تدل على جماعة.
وأما من (٢) حرك الفاء بالكسر ولم يشم الضمة، قال (٣): هذا كان في الأصل (قُوِلَ) فنقلت كسرة الواو إلى القاف، فسكنت الواو وانكسر ما قبلها، فصارت (ياء) فلزم كسر القاف وصار الأصل هذا (٤).
قال المفسرون: ومعنى الآية: وإذا قيل لهؤلاء المنافقين: لا تفسدوا في الأرض بالكفر وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد - ﷺ - (٥). ويقال: أفسد الشيء يفسده إفساداً، ومفعول الإفساد محذوف (٦) على معنى: (لا تفسدوا أنفسكم بالكفر، أو (٧) الناس بالتعويق عن الإيمان)، على ما ذكره المفسرون.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾. (٨) (نحن) تدل على جماعة.
(١) في (أ)، (ج) رسمت أن قيد وفي (ب) إن قيل والصحيح ما أثبت كما في "الحجة" قال: (... ألا ترى من قال: قيل وبيع، قال: اختير وانقيد فأشم ما بعد الخاء والنون لما كان بمنزلة: قيل وبيع...) ١/ ٣٤٦، وانظر: "الكشف" ١/ ٢٣٠.
(٢) وهم ابن كثير وعاصم وأبو عمرو وحمزة هؤلاء كسروا أوائل (قيل) وأخواتها ونافع وابن عامر وافقاهم في بعضها ومنها (قيل)، انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص ١٤٣، ١٤٤، "الحجة" ١/ ٣٤٠ - ٣٤١، "الكشف" ١/ ٢٢٩.
(٣) في (ب): (كان).
(٤) انظر: "الحجة" ١/ ٣٤٩ - ٣٥٠ "الكشف" ١/ ٢٣٠.
(٥) انظر. "تفسير الطبري" ١/ ١٢٥، "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٠ ب، "تفسير ابن كثير" ١/ ٥٣، و"تفسير البغوي" ١/ ٦٦، "تفسير الخازن" ١/ ٥٨.
(٦) في (ب): (محذوف).
(٧) في (ب): (بالواو).
(٨) في (ج): (قالوا إنما نحن مصلحون).
(٢) وهم ابن كثير وعاصم وأبو عمرو وحمزة هؤلاء كسروا أوائل (قيل) وأخواتها ونافع وابن عامر وافقاهم في بعضها ومنها (قيل)، انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص ١٤٣، ١٤٤، "الحجة" ١/ ٣٤٠ - ٣٤١، "الكشف" ١/ ٢٢٩.
(٣) في (ب): (كان).
(٤) انظر: "الحجة" ١/ ٣٤٩ - ٣٥٠ "الكشف" ١/ ٢٣٠.
(٥) انظر. "تفسير الطبري" ١/ ١٢٥، "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٠ ب، "تفسير ابن كثير" ١/ ٥٣، و"تفسير البغوي" ١/ ٦٦، "تفسير الخازن" ١/ ٥٨.
(٦) في (ب): (محذوف).
(٧) في (ب): (بالواو).
(٨) في (ج): (قالوا إنما نحن مصلحون).
156
وجماعة المضمرين تدل عليهم (الميم أو (١) الواو)، نحو (٢): فعلوا وأنتم، [فـ (الواو)] (٣) من جنس الضمة. وحركت نحن (بالضم)؛ لأن الضم من الواو (٤). وهو جمع (أنا) (٥) من غير لفظها (٦).
وقال بعضهم. ضم آخرها تشبيهاً بالغاية، نحو: قبلُ وبعدُ (٧)، ووجه الشبه بينهما (٨) ذكرنا في قوله: ﴿هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ [البقرة: ٢٥]. وقال قوم: كان أصلها (نَحُنْ) (٩) ثم فعل بها ما فعل بـ (قط) لتشبه أخواتها (١٠)، وأصل (قط): (قطط)، والقياس عند الإدغام يوجب نقل ضمة العين إلى اللام، دلالة على حركة العين في الأصل.
وقال بعضهم. ضم آخرها تشبيهاً بالغاية، نحو: قبلُ وبعدُ (٧)، ووجه الشبه بينهما (٨) ذكرنا في قوله: ﴿هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ [البقرة: ٢٥]. وقال قوم: كان أصلها (نَحُنْ) (٩) ثم فعل بها ما فعل بـ (قط) لتشبه أخواتها (١٠)، وأصل (قط): (قطط)، والقياس عند الإدغام يوجب نقل ضمة العين إلى اللام، دلالة على حركة العين في الأصل.
(١) في "معاني القرآن" للزجاج (الميم والواو) ١/ ٥٤.
(٢) في (ب): (ونحن).
(٣) في (أ)، (ب)، (ج): (قالوا ومن) والتصحيح من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٥.
(٤) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٥٤. وانظر: "مشكل إعراب القرآن" لمكي ١/ ٢٤١.
(٥) في (ب): (أناس).
(٦) "الأضداد" لابن الأنباري ص ١٨٤، "تهذيب اللغة" (أنا) ١/ ٢١٣.
(٧) ذكره النحاس ونسبه لمحمد بن يزيد، "إعراب القرآن" للنحاس١/ ١٣٨ - ١٣٩، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٢٤.
(٨) (بينهما) ساقط من (ب) وفي ج (بينهم).
(٩) في (أ): (نَحْنُ) وفي ب، ج غير مشكولة والصحيح (نَحُنْ) كما في "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٣٨ - ١٣٩، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٢٥، وفي (نحن) نقلت الضمة إلى (النون) وسكنت (الحاء).
(١٠) أخوات (قط): (قبل) و (بعد) و (حسب) لأنها غاية مثلهن: انظر "تهذيب اللغة" (قط) ٣/ ٢٩٩١، "الكتاب" ٣/ ٢٧٦.
(٢) في (ب): (ونحن).
(٣) في (أ)، (ب)، (ج): (قالوا ومن) والتصحيح من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٥.
(٤) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٥٤. وانظر: "مشكل إعراب القرآن" لمكي ١/ ٢٤١.
(٥) في (ب): (أناس).
(٦) "الأضداد" لابن الأنباري ص ١٨٤، "تهذيب اللغة" (أنا) ١/ ٢١٣.
(٧) ذكره النحاس ونسبه لمحمد بن يزيد، "إعراب القرآن" للنحاس١/ ١٣٨ - ١٣٩، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٢٤.
(٨) (بينهما) ساقط من (ب) وفي ج (بينهم).
(٩) في (أ): (نَحْنُ) وفي ب، ج غير مشكولة والصحيح (نَحُنْ) كما في "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٣٨ - ١٣٩، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٢٥، وفي (نحن) نقلت الضمة إلى (النون) وسكنت (الحاء).
(١٠) أخوات (قط): (قبل) و (بعد) و (حسب) لأنها غاية مثلهن: انظر "تهذيب اللغة" (قط) ٣/ ٢٩٩١، "الكتاب" ٣/ ٢٧٦.
157
ومعنى الآية: يظهرون أنهم مصلحون، كما أنهم يقولون: آمنا، وهم كاذبون. ويحتمل أنهم قالوا: إنما نحن مصلحون، أي: الذي نحن عليه هو صلاح عند أنفسنا (١).
والتأويل: إنما نحن مصلحون أنفسنا أو الناس، على ما ذكرنا في
قوله: ﴿لَا تُفْسِدُوا﴾ لأن الإصلاح واقع، ولا بد له من مفعول، وقولهم: فلان مصلح، يراد أنه مصلح لأعماله وأموره.
١٢ - وقوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ﴾. رد الله عليهم قولهم: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ و (ألا) كلمة يستفتح (٢) بها الخطاب (٣).
قال الكسائي: وهي تنبيه، ويكون بعدها أمر أو نهي أو إخبار، نحو قولك: ألا قم، ألا لا تقم، ألا إن زيدا قد قام (٤). وقال النحاة: أصلها (لا) دخلت عليها ألف (٥) الاستفهام (٦) والألف إذا دخلت على الجحد (٧)
والتأويل: إنما نحن مصلحون أنفسنا أو الناس، على ما ذكرنا في
قوله: ﴿لَا تُفْسِدُوا﴾ لأن الإصلاح واقع، ولا بد له من مفعول، وقولهم: فلان مصلح، يراد أنه مصلح لأعماله وأموره.
١٢ - وقوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ﴾. رد الله عليهم قولهم: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ و (ألا) كلمة يستفتح (٢) بها الخطاب (٣).
قال الكسائي: وهي تنبيه، ويكون بعدها أمر أو نهي أو إخبار، نحو قولك: ألا قم، ألا لا تقم، ألا إن زيدا قد قام (٤). وقال النحاة: أصلها (لا) دخلت عليها ألف (٥) الاستفهام (٦) والألف إذا دخلت على الجحد (٧)
(١) ذكر القولين الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٥٢، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ١٢٦ - ١٢٧، "زاد المسير" ١/ ٣٢، "تفسير البغوي" ١/ ٦٧.
(٢) في (أ) (تستفتح).
(٣) انظر "معاني الحروف" للرماني ص ١١٣، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٥٧، "البحر المحيط" ١/ ٦٢، "الدر المصون" ١/ ١٣٩.
(٤) ذكره الأزهري عن سلمة عن الفراء عن الكسائي "تهذيب اللغة" (ألا) ١٥/ ٤٢٢.
(٥) في ج (همزة).
(٦) انظر: "الكتاب" ٢/ ٣٠٧، "الجمل في النحو" للزجاجي ص ٢٤٠، "الكشاف" ١/ ١٨٠، واختار أبو حيان. أنه حرف بسيط غير مركب ورد على الزمخشري في ذلك، "البحر" ١/ ٦١، وأخذ يقول أبي حيان السمين الحلبي في "الدر المصون" ١/ ١٣٩.
(٧) أي النفي.
(٢) في (أ) (تستفتح).
(٣) انظر "معاني الحروف" للرماني ص ١١٣، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٥٧، "البحر المحيط" ١/ ٦٢، "الدر المصون" ١/ ١٣٩.
(٤) ذكره الأزهري عن سلمة عن الفراء عن الكسائي "تهذيب اللغة" (ألا) ١٥/ ٤٢٢.
(٥) في ج (همزة).
(٦) انظر: "الكتاب" ٢/ ٣٠٧، "الجمل في النحو" للزجاجي ص ٢٤٠، "الكشاف" ١/ ١٨٠، واختار أبو حيان. أنه حرف بسيط غير مركب ورد على الزمخشري في ذلك، "البحر" ١/ ٦١، وأخذ يقول أبي حيان السمين الحلبي في "الدر المصون" ١/ ١٣٩.
(٧) أي النفي.
158
أخرجته إلى معنى التقرير (١) والتحقيق (٢) نحو: ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ﴾ [القيامة: ٤٠]، ثم كثر (ألا) في الكلام فصار تنبيها ليتحقق السامع ما بعده، فمعنى الأصل فيه موجود وهو التحقيق كما بينا. وقد يكون للعرض والتحضيض (٣)، كقولهم: ألا تنزل عندنا.
وقال الزجاج: (ألا) كلمة يبتدأ بها، ينبه بها المخاطب توكيدا، يدل على صحة ما بعدها.
ذكر هذا في آخر سورة: (حم السجدة) (٤).
وقوله تعالى: ﴿هُمُ﴾ إن شئت جعلته تأكيدا (٥)، وإن شئت جعلته ابتداء، و (المفسدون) خبره، وجعلتهما خبر (إن) (٦). ودخلت الألف واللام في (المفسدين) للجنس، كأنه جعلهم جنس المفسدين تعظيماً لفسادهم، كأنه لا يعتد بفساد غيرهم مع فسادهم، وكل فساد يصغر في جنب فسادهم،
وقال الزجاج: (ألا) كلمة يبتدأ بها، ينبه بها المخاطب توكيدا، يدل على صحة ما بعدها.
ذكر هذا في آخر سورة: (حم السجدة) (٤).
وقوله تعالى: ﴿هُمُ﴾ إن شئت جعلته تأكيدا (٥)، وإن شئت جعلته ابتداء، و (المفسدون) خبره، وجعلتهما خبر (إن) (٦). ودخلت الألف واللام في (المفسدين) للجنس، كأنه جعلهم جنس المفسدين تعظيماً لفسادهم، كأنه لا يعتد بفساد غيرهم مع فسادهم، وكل فساد يصغر في جنب فسادهم،
(١) في (ج): (التقدير).
(٢) انظر: "الكشاف" ١/ ١٨٠.
(٣) العرض: هو الطلب بلين ورفق، والتحضيض: هو الطلب بحث وإزعاج، والمثال المذكور للعرض. و (ألا) تأتي على أوجه أخرى، انظر "حروف المعاني" للرماني ص١١٣، "الأزهية" ص١٦٣، "تهذيب اللغة" (ألا) ١/ ١٧٨، "مغني اللبيب" ١/ ٦٨.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٣٩٢ (ط: عالم الكتب).
(٥) في (ج) (توكيد). وهو توكيد للضمير في أنهم فيكون في محل نصب. انظر "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٣٩، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٨، "الدر المصون" ١/ ١٣٩.
(٦) ويجوز وجه ثالث. وهو أن يكون (هم) فصلا ويسميه الكوفيون (عمادا) فلا موضع له من الإعراب انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٣، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٧ - ١٦٨، "الدر المصون" ١/ ١٣٩.
(٢) انظر: "الكشاف" ١/ ١٨٠.
(٣) العرض: هو الطلب بلين ورفق، والتحضيض: هو الطلب بحث وإزعاج، والمثال المذكور للعرض. و (ألا) تأتي على أوجه أخرى، انظر "حروف المعاني" للرماني ص١١٣، "الأزهية" ص١٦٣، "تهذيب اللغة" (ألا) ١/ ١٧٨، "مغني اللبيب" ١/ ٦٨.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٣٩٢ (ط: عالم الكتب).
(٥) في (ج) (توكيد). وهو توكيد للضمير في أنهم فيكون في محل نصب. انظر "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٣٩، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٨، "الدر المصون" ١/ ١٣٩.
(٦) ويجوز وجه ثالث. وهو أن يكون (هم) فصلا ويسميه الكوفيون (عمادا) فلا موضع له من الإعراب انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٣، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٧ - ١٦٨، "الدر المصون" ١/ ١٣٩.
159
حتى كان المفسد في الحقيقة هم دون غيرهم، وإن كان غيرهم قد يفسد (١).
وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾. أصل ﴿لكن﴾، (لا، ك، إن)، (لا) للنفي و (الكاف) للخطاب و (إن) للإثبات. فحذفت الهمزة استخفافا (٢). ومعناها: استدراك (٣) بإيجاب بعد نفي (٤)، أو نفي بعد إيجاب (٥)، فإذا قيل: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ (٦) الْمُفْسِدُونَ﴾ سبق إلى الوهم أنهم يفعلون (٧) ذلك من حيث يشعرون. فقال: ﴿وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ (٨).
وكذلك (٩) إذا قال: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤٠] أوهم ذلك استبهام صفاته، فقال: ﴿وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ﴾، [والمعنى:
وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾. أصل ﴿لكن﴾، (لا، ك، إن)، (لا) للنفي و (الكاف) للخطاب و (إن) للإثبات. فحذفت الهمزة استخفافا (٢). ومعناها: استدراك (٣) بإيجاب بعد نفي (٤)، أو نفي بعد إيجاب (٥)، فإذا قيل: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ (٦) الْمُفْسِدُونَ﴾ سبق إلى الوهم أنهم يفعلون (٧) ذلك من حيث يشعرون. فقال: ﴿وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ (٨).
وكذلك (٩) إذا قال: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤٠] أوهم ذلك استبهام صفاته، فقال: ﴿وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ﴾، [والمعنى:
(١) ولهذا جاء في هذِه الجملة عدة مؤكدات منها: الاستفتاح، والتنبيه والتأكيد بإنّ وبضمير الفصل، وتعريف الخبر. انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٨، "الكشاف" ١/ ١٨١ "الدر المصون" ١/ ١٣٩.
(٢) في (ب): (استحقاقا). والقول الذي حكاه الواحدي هو رأي الكوفيين أما البصريون فيرون أنها بسيطة غير مركبة. انظر "الإنصاف" ص ١٧١ - ١٧٨، "مغني اللبيب" ١/ ٢٩١.
(٣) في (ب): (استدرك).
(٤) في (ب): (بعد بعد).
(٥) قال النحويون: (لكن) لا يتدارك بها بعد إياب إلا إذا وقع بعدها جملة، كما سيأتي في كلام المبرد الذي نقله المؤلف. انظر "الكتاب" ١/ ٤٣٥، ٤/ ٢٣٢، "المقتضب" ١/ ١٢، "معاني الحروف" للرماني ص ١٣٣، "حروف المعاني" للزجاج ص ١٥، ٣٣.
(٦) (هم) ساقطة من (ب).
(٧) في (ب): (يضلون).
(٨) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٢٧، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٨، "الدر المصون" ١/ ١٤٠.
(٩) في (ب): (لذلك).
(٢) في (ب): (استحقاقا). والقول الذي حكاه الواحدي هو رأي الكوفيين أما البصريون فيرون أنها بسيطة غير مركبة. انظر "الإنصاف" ص ١٧١ - ١٧٨، "مغني اللبيب" ١/ ٢٩١.
(٣) في (ب): (استدرك).
(٤) في (ب): (بعد بعد).
(٥) قال النحويون: (لكن) لا يتدارك بها بعد إياب إلا إذا وقع بعدها جملة، كما سيأتي في كلام المبرد الذي نقله المؤلف. انظر "الكتاب" ١/ ٤٣٥، ٤/ ٢٣٢، "المقتضب" ١/ ١٢، "معاني الحروف" للرماني ص ١٣٣، "حروف المعاني" للزجاج ص ١٥، ٣٣.
(٦) (هم) ساقطة من (ب).
(٧) في (ب): (يضلون).
(٨) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٢٧، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٨، "الدر المصون" ١/ ١٤٠.
(٩) في (ب): (لذلك).
160
ولكن كان (١) رسول الله] (٢)، فهذا استدراك (٣) لا يجاب بعد نفي.
وقال المبرد: (لكن) من حروف العطف، وهي للاستدراك (٤) بعد النفي، ولا يجوز أن يدخل بعد واجب (٥)، إلا لترك قصة إلى قصة تامة [نحو قولك: جاءني زيد لكن عبد الله لم يأت، وما جاءني زيد لكن عمرو (٦).
وفي الآية أتت بعد الإيجاب لترك قصة إلى قصة (٧) تامة] (٨)، وهو قوله: ﴿إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ﴾. فأما التشديد والتخفيف في ﴿لكن﴾ استعماله (٩) بالواو وبغير الواو، فقد ذكرناها عند قوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: ١٠٢].
ومعنى قوله: ﴿وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أي: لا يعلمون أنهم مفسدون، بل يحسبون أنهم مصلحون.
وقيل: ولكن لا يعلمون ما عقوبة فعلهم وما يحل بهم، وذلك أن مفعول العلم محذوف فيحتمل القولين (١٠).
وقال المبرد: (لكن) من حروف العطف، وهي للاستدراك (٤) بعد النفي، ولا يجوز أن يدخل بعد واجب (٥)، إلا لترك قصة إلى قصة تامة [نحو قولك: جاءني زيد لكن عبد الله لم يأت، وما جاءني زيد لكن عمرو (٦).
وفي الآية أتت بعد الإيجاب لترك قصة إلى قصة (٧) تامة] (٨)، وهو قوله: ﴿إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ﴾. فأما التشديد والتخفيف في ﴿لكن﴾ استعماله (٩) بالواو وبغير الواو، فقد ذكرناها عند قوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: ١٠٢].
ومعنى قوله: ﴿وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أي: لا يعلمون أنهم مفسدون، بل يحسبون أنهم مصلحون.
وقيل: ولكن لا يعلمون ما عقوبة فعلهم وما يحل بهم، وذلك أن مفعول العلم محذوف فيحتمل القولين (١٠).
(١) قال في "تهذيب اللغة": (.. فإنك أضمرت كان بعد: (ولكن) فنصب بها..) "تهذيب اللغة" (لكن) ٤/ ٣٢٩٤.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (اشتراك).
(٤) في (ب): (استدراك).
(٥) أي موجب والمراد غير منفي.
(٦) "المقتضب" ١/ ١٢.
(٧) أي جملة تامة إلى جملة تامة.
(٨) ما بين المعقوقين ساقط من (ب).
(٩) في (ب): (استعمال).
(١٠) وهناك قول ثالث: أنهم يعلمون الفساد سرا ويظهرون الصلاح، وهم لا يشعرون أن أمرهم يظهر عند النبي - ﷺ -. انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٨، "تفسير البغوي" ١/ ٦٦، "زاد المسير" ١/ ٣٣، "تفسير القرطبي" ١/ ١٧٧ - ١٧٨.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (اشتراك).
(٤) في (ب): (استدراك).
(٥) أي موجب والمراد غير منفي.
(٦) "المقتضب" ١/ ١٢.
(٧) أي جملة تامة إلى جملة تامة.
(٨) ما بين المعقوقين ساقط من (ب).
(٩) في (ب): (استعمال).
(١٠) وهناك قول ثالث: أنهم يعلمون الفساد سرا ويظهرون الصلاح، وهم لا يشعرون أن أمرهم يظهر عند النبي - ﷺ -. انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٨، "تفسير البغوي" ١/ ٦٦، "زاد المسير" ١/ ٣٣، "تفسير القرطبي" ١/ ١٧٧ - ١٧٨.
161
١٣ - قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ﴾. المراد بالناس في هذه الآية أصحاب محمد - ﷺ - والذين آمنوا به، في قول الجميع (١).
و (الألف واللام) فيه للمعرفة (٢)؛ لأن أولئك كانوا معروفين عند المخاطبين بهذا (٣).
وقوله تعالى: ﴿أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ﴾. (الألف) في أنؤمن استفهام [معناه: الجحد والإنكار (٤)، لا نفعل كما فعلوا، وسيأتي وقوع الاستفهام، (٥) موقع الجحد مشروحاً بعد هذا. والسفهاء: الجهال (٦) الذين قلت عقولهم، جمع (السفيه) ومصدره: (السَّفَه والسَّفَاه والسَّفَاهَةُ) (٧).
و (الألف واللام) فيه للمعرفة (٢)؛ لأن أولئك كانوا معروفين عند المخاطبين بهذا (٣).
وقوله تعالى: ﴿أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ﴾. (الألف) في أنؤمن استفهام [معناه: الجحد والإنكار (٤)، لا نفعل كما فعلوا، وسيأتي وقوع الاستفهام، (٥) موقع الجحد مشروحاً بعد هذا. والسفهاء: الجهال (٦) الذين قلت عقولهم، جمع (السفيه) ومصدره: (السَّفَه والسَّفَاه والسَّفَاهَةُ) (٧).
(١) ذكر أبو الليث من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. أن المراد بالآية اليهود، والناس: عبد الله بن سلام وأصحابه. "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٦. والمشهور: أن الآية خطاب للمنافقين، والمراد بالناس، أصحاب محمد كما ذكر المؤلف. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٢٧ - ١٢٨، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٤٦، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٨ - ١٦٩، "تفسير ابن كثير" ١/ ٥٤.
(٢) أي العهد الخارجي العلمي، أو (الألف واللام) للجنس، والمراد الكاملون في الإنسانية، انظر "الفتوحات الإلهية" ١/ ١٨، ١٩.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٢٧ - ١٢٨.
(٤) انظر: "الوسيط" للمؤلف ١/ ٤٢، "الكشاف" ١/ ١٨٢، "تفسير البيضاوي" ١/ ٩، "الدر المصون" ١/ ١٣٤.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٦) في (أ)، (ج): (الححال الحهال) معناها غير واضح فلعل أحد النساخ كتب الجهال وطمسها فنقلت وما في (ب) يوافق عبارة المؤلف في "الوسيط": (السفهاء: الجهال الذين قلت عقولهم)، ١/ ٤٢.
(٧) انظر. "اللسان" (سفه) ٤/ ٢٠٣٢.
(٢) أي العهد الخارجي العلمي، أو (الألف واللام) للجنس، والمراد الكاملون في الإنسانية، انظر "الفتوحات الإلهية" ١/ ١٨، ١٩.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٢٧ - ١٢٨.
(٤) انظر: "الوسيط" للمؤلف ١/ ٤٢، "الكشاف" ١/ ١٨٢، "تفسير البيضاوي" ١/ ٩، "الدر المصون" ١/ ١٣٤.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٦) في (أ)، (ج): (الححال الحهال) معناها غير واضح فلعل أحد النساخ كتب الجهال وطمسها فنقلت وما في (ب) يوافق عبارة المؤلف في "الوسيط": (السفهاء: الجهال الذين قلت عقولهم)، ١/ ٤٢.
(٧) انظر. "اللسان" (سفه) ٤/ ٢٠٣٢.
162
قال أهل اللغة (١): معنى السفه: الخفة، والسفيه: الخفيف العقل، ومن هذا قيل: تسفهت (٢) الرياح الشيء، إذا حركته واستخفته. وقال:
ويقال: ناقة سفيهة الزمام، إذا كانت خفيفة السير، ومنه قول ذي الرمة:
........ سفيهٍ جديلُها (٥)
ولهذا المعنى سمى الله تعالى الصبيان والنساء: السفهاء في قوله ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾ [النساء: ٥] لجهلهم وخفة عقلهم (٦).
| مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ | أَعَالِيهَا (٣) مَرُّ الرِّيَاحِ النَّوَاسِمِ (٤) |
........ سفيهٍ جديلُها (٥)
ولهذا المعنى سمى الله تعالى الصبيان والنساء: السفهاء في قوله ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾ [النساء: ٥] لجهلهم وخفة عقلهم (٦).
(١) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (سفه) ٢/ ١٧٠٩.
(٢) في (ب): (سفهت).
(٣) في (ب): (من).
(٤) البيت لذي الرمة يصف نسوة، جعل النساء في اهتزازهن في المشي بمنزلة الرماح، تستخفها الرياح فتزعزعها، والنواسم: الرياح الضعيفة في أول هبوبها. البيت في "الديوان" ٢/ ٧٥٤، وفيه (رويدا) بدل (مشين)، "الكتاب" ١/ ٥٢، ٦٥، "المقتضب" ٤/ ١٩٧، "تهذيب اللغة" (سفه) ٢/ ١٧١٠، "معجم مقاييس اللغة" (سفه) ٣/ ٧٩، "اللسان" (سفه) ٤/ ٢٠٣٤، (الخصائص) لابن جني ٢/ ٤١٧، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٩، "تفسير القرطبي" ١/ ١٧٨.
(٥) جزء من بيت وتمامه:
أبيض: يعني السيف، نصبته على خصر مقلات: ناقة لا يعيش لها ولد، فهو أصلب لها، والجديل: الزمام، والمراد أن الناقة نشيطة، انظر: "ديوان ذي الرمة" ٢/ ٩٢٢، "تهذيب اللغة" (سفه) ٢/ ١٧١٠، وفيها (سفيهة) بدل (سفيه)، "معجم مقاييس اللغة" (سفه) ٣/ ٧٩، "اللسان" ٤/ ٢٠٣٤.
وبهذا انتهى ما نقله من "تهذيب اللغة" (سفه) ٢/ ١١٧١.
(٦) انظر: "تهذيب اللغة" (سفه) ٢/ ١١٧١.
(٢) في (ب): (سفهت).
(٣) في (ب): (من).
(٤) البيت لذي الرمة يصف نسوة، جعل النساء في اهتزازهن في المشي بمنزلة الرماح، تستخفها الرياح فتزعزعها، والنواسم: الرياح الضعيفة في أول هبوبها. البيت في "الديوان" ٢/ ٧٥٤، وفيه (رويدا) بدل (مشين)، "الكتاب" ١/ ٥٢، ٦٥، "المقتضب" ٤/ ١٩٧، "تهذيب اللغة" (سفه) ٢/ ١٧١٠، "معجم مقاييس اللغة" (سفه) ٣/ ٧٩، "اللسان" (سفه) ٤/ ٢٠٣٤، (الخصائص) لابن جني ٢/ ٤١٧، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٩، "تفسير القرطبي" ١/ ١٧٨.
(٥) جزء من بيت وتمامه:
| وأبيض موشيَّ القميص نصبته | على خصر مِقْلاتِ سَفِيهٍ جَدِيلُهَا |
وبهذا انتهى ما نقله من "تهذيب اللغة" (سفه) ٢/ ١١٧١.
(٦) انظر: "تهذيب اللغة" (سفه) ٢/ ١١٧١.
163
وعنوا بالسفهاء أصحاب محمد (١) - ﷺ - و (الألف واللام) فيها (٢) مثلهما في (الناس) (٣). فإن قيل: كيف يصح النفاق مع المجاهرة (٤) بقولهم: أنؤمن كما آمن السفهاء؟ قيل: إنهم كانوا يظهرون هذا القول فيما بينهم، لا عند المؤمنين؛ لأن الله تعالى قد قال: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا﴾ [البقرة: ١٤]. أو (٥) أنهم لم يفصحوا بهذا القول، وإنما أتوا بما يفهم عنهم به هذا المعنى، ولا يقوم به حجة توجب الحكم من جهة المشاهدة، كقوله تعالى: ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ [محمد: ٣٠]، وهو خلاف الإفصاح (٦).
١٤ - قوله تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾. قال المفسرون: يعني: أبا بكر -رضي الله عنه- وأصحابه (٧). و (لقوا) في الأصل (لقيوا) فاستثقلت الضمة على
١٤ - قوله تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾. قال المفسرون: يعني: أبا بكر -رضي الله عنه- وأصحابه (٧). و (لقوا) في الأصل (لقيوا) فاستثقلت الضمة على
(١) ذكرها ابن جرير عن ابن عباس، وابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول الله - ﷺ -، وعن الربيع بن أنس، وزيد بن أسلم. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٢٨، "تفسير ابن كثير" ١/ ٥٤.
(٢) (فيها) غير واضحة في (ب).
(٣) يريد ما سبق في قوله: ﴿كَمَا آمَنَ النَّاسُ﴾ حيث قال: الألف واللام للمعرفة لأن أولئك كانوا معروفين عند المخاطبين بهذا.
(٤) في (أ)، (ج): (المجاهدة) وما في (ب) موافق لما في "الوسيط" ١/ ٤٣ وهو ما أثبته.
(٥) في (ب): (وأنهم).
(٦) انظر. "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٧٨.
(٧) لعل المؤلف هنا يثير إلى الأثر الطويل الذي أخرجه في (أسباب النزول) بسنده عن محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، والذي ورد فيه قصة لقاء عبد الله بن أبي ومعه طائفة من أصحابه بأبي بكر ومعه نفر من الصحابة.. الأثر. "أسباب النزول" للواحدي ص ٢٥. وأخرجه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥١ أ، وأورده =
(٢) (فيها) غير واضحة في (ب).
(٣) يريد ما سبق في قوله: ﴿كَمَا آمَنَ النَّاسُ﴾ حيث قال: الألف واللام للمعرفة لأن أولئك كانوا معروفين عند المخاطبين بهذا.
(٤) في (أ)، (ج): (المجاهدة) وما في (ب) موافق لما في "الوسيط" ١/ ٤٣ وهو ما أثبته.
(٥) في (ب): (وأنهم).
(٦) انظر. "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٧٨.
(٧) لعل المؤلف هنا يثير إلى الأثر الطويل الذي أخرجه في (أسباب النزول) بسنده عن محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، والذي ورد فيه قصة لقاء عبد الله بن أبي ومعه طائفة من أصحابه بأبي بكر ومعه نفر من الصحابة.. الأثر. "أسباب النزول" للواحدي ص ٢٥. وأخرجه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥١ أ، وأورده =
164
(الياء)، فحذفت ونقلت ضمتها إلى القاف (١). الحراني عن ابن السكيت:
لَقِيتُه لقَاءً ولِقْيَاناً ولُقِيًّا (٢) ولُقًى (٣).
الليث: وكل شيء استقبل شيئا أو صادفه فقد لقيه من الأشياء كلها (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾. يقال: خَلاَ المكان يَخْلُو (٥) خَلَاءً وهو خَلاَء (٦) وخَالٍ (٧)، وخَلَوْتُ بفلان، أَخْلُو به خَلْوَةً وَخَلاَءً (٨)،
لَقِيتُه لقَاءً ولِقْيَاناً ولُقِيًّا (٢) ولُقًى (٣).
الليث: وكل شيء استقبل شيئا أو صادفه فقد لقيه من الأشياء كلها (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾. يقال: خَلاَ المكان يَخْلُو (٥) خَلَاءً وهو خَلاَء (٦) وخَالٍ (٧)، وخَلَوْتُ بفلان، أَخْلُو به خَلْوَةً وَخَلاَءً (٨)،
= السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ٦٩، وذكره في "لباب النقول" وقال: هذا الإسناد واهٍ جداً فإن السدي الصغير كذاب وكذا الكلبي وأبو صالح ضعيف ص ١٧. وفي "تفسير الطبري"، عن ابن عباس المراد: أصحاب محمد، ١/ ١٢٩ - ١٣٠، وانظر "تفسير ابن كثير" ١/ ٥٤.
(١) في "الكشف" للثعلبي (فاشتقلت الضمة على (الياء) فنقلت إلى القاف، وسكنت، و (الواو) ساكنة فحذفت لاجتماعها) ١/ ٥١ أ، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٩، "تفسير القرطبي" ١/ ١٧٩.
(٢) (ولقيا) ساقط من (ب).
(٣) "تهذيب اللغة" (لقى) ٤/ ٣٢٩٠، وانظر كلام ابن السكيت في "إصلاح المنطق" ص ٣١١. قال أبو حيان: (سمع لـ (لقى) أربعة عشر مصدرًا)، "البحر" ١/ ٦٢، "الدر المصون" ١/ ١٤٤.
(٤) "تهذيب اللغة" (لقى) ٤/ ٣٢٩٠.
(٥) في (أ)، (ج): (مخلو) وأثبت ما في (ب).
(٦) في (ب): (يخلو خلاوة وخلاء).
(٧) في "التهذيب" قال الليث: خلا المكان والشيء يَخْلُو خُلْوَّا وخَلاَءً وأَخْلَى إذا لم يكن فيه أحد ولا شيء فيه، وهو خال. "التهذيب" (خلا) ١/ ١٠٧٣، وانظر "اللسان" (خلا) ٢/ ١٢٥٤، "القاموس" (خلا) ص ١٢٨٠.
(٨) ذكره الأزهري عن اللحياني. "التهذيب" (خلا) ١/ ١٠٧٣.
(١) في "الكشف" للثعلبي (فاشتقلت الضمة على (الياء) فنقلت إلى القاف، وسكنت، و (الواو) ساكنة فحذفت لاجتماعها) ١/ ٥١ أ، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٩، "تفسير القرطبي" ١/ ١٧٩.
(٢) (ولقيا) ساقط من (ب).
(٣) "تهذيب اللغة" (لقى) ٤/ ٣٢٩٠، وانظر كلام ابن السكيت في "إصلاح المنطق" ص ٣١١. قال أبو حيان: (سمع لـ (لقى) أربعة عشر مصدرًا)، "البحر" ١/ ٦٢، "الدر المصون" ١/ ١٤٤.
(٤) "تهذيب اللغة" (لقى) ٤/ ٣٢٩٠.
(٥) في (أ)، (ج): (مخلو) وأثبت ما في (ب).
(٦) في (ب): (يخلو خلاوة وخلاء).
(٧) في "التهذيب" قال الليث: خلا المكان والشيء يَخْلُو خُلْوَّا وخَلاَءً وأَخْلَى إذا لم يكن فيه أحد ولا شيء فيه، وهو خال. "التهذيب" (خلا) ١/ ١٠٧٣، وانظر "اللسان" (خلا) ٢/ ١٢٥٤، "القاموس" (خلا) ص ١٢٨٠.
(٨) ذكره الأزهري عن اللحياني. "التهذيب" (خلا) ١/ ١٠٧٣.
165
ويقال: خَلَا به وخَلَا معه وخَلَا إليه بمعنى واحد (١). وقال النضر (٢): (إلى) هاهنا بمعنى: (مع) (٣) كقوله: ﴿الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] و ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ (٤) [آل عمران: ٥٢، الصف: ١٤]، ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: ٢] (٥).
وقال النحويون: معنى الآية: إذا انصرفوا من لقاء المؤمنين إلى شياطينهم، فدخلت (إلى) لدلالة (٦) الكلام على معنى الابتداء (٧) والانتهاء؛ لأن أول لقائهم للمؤمنين ثم للشياطين، فكأنه (٨) قال: وإذا خلوا من المؤمنين وانصرفوا (٩) إلى شياطينهم. وهذا أحسن من إخراج
وقال النحويون: معنى الآية: إذا انصرفوا من لقاء المؤمنين إلى شياطينهم، فدخلت (إلى) لدلالة (٦) الكلام على معنى الابتداء (٧) والانتهاء؛ لأن أول لقائهم للمؤمنين ثم للشياطين، فكأنه (٨) قال: وإذا خلوا من المؤمنين وانصرفوا (٩) إلى شياطينهم. وهذا أحسن من إخراج
(١) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥١ أ، "تهذيب اللغة" (خلا) ١/ ١٠٧٣، "اللسان" (خلا) ٢/ ١٢٥٤، "القاموس" ص ١٢٨٠.
(٢) هو النضر بن شميل بن خَرَشة بن يزيد التميمي، من أهل مرو، كان صاحب غريب وشعر، ورواية للحديث، من أصحاب الخليل بن أحمد، توفي سنة ثلاث ومائتين. انظر ترجمته في: "إنباه الرواة" ٣/ ٣٤٨، "نزهة الألباء" ص ٧٣، "وفيات الأعيان" ٥/ ٣٩٧، "إشارة إلى التعيين" ص ٣٦٤.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥١ أ، وذكره الجوهري ولم ينسبه للنضر. "الصحاح" (خلا) ٦/ ٢٣٣٠، "اللسان" (خلا) ٢/ ١٢٥٤، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٣١.
(٤) وردت في سورة آل عمران: ٥٢ قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ الآية. وفي سورة الصف: ١٤ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ الآية.
(٥) انظر: "تأويل مشكل القرآن" ص ٥٧١.
(٦) في (أ)، (ج) (الدلالة) وأثبت ما في (ب).
(٧) في (ب): (الابتدار الانتهاء).
(٨) في (ب): (فكانوا).
(٩) في (ب): (فانصرفوا).
(٢) هو النضر بن شميل بن خَرَشة بن يزيد التميمي، من أهل مرو، كان صاحب غريب وشعر، ورواية للحديث، من أصحاب الخليل بن أحمد، توفي سنة ثلاث ومائتين. انظر ترجمته في: "إنباه الرواة" ٣/ ٣٤٨، "نزهة الألباء" ص ٧٣، "وفيات الأعيان" ٥/ ٣٩٧، "إشارة إلى التعيين" ص ٣٦٤.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥١ أ، وذكره الجوهري ولم ينسبه للنضر. "الصحاح" (خلا) ٦/ ٢٣٣٠، "اللسان" (خلا) ٢/ ١٢٥٤، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٣١.
(٤) وردت في سورة آل عمران: ٥٢ قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ الآية. وفي سورة الصف: ١٤ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ الآية.
(٥) انظر: "تأويل مشكل القرآن" ص ٥٧١.
(٦) في (أ)، (ج) (الدلالة) وأثبت ما في (ب).
(٧) في (ب): (الابتدار الانتهاء).
(٨) في (ب): (فكانوا).
(٩) في (ب): (فانصرفوا).
166
(إلى) عن حدها (١).
والشيطان كل متمرد عات من الجن والإنس (٢)، قال الله تعالى. ﴿شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾ [الأنعام: ١١٢]. واختلفوا في اشتقاقه: فقال الليث: الشيطان فَيْعَال من شَطَن أي: بعد، يقال: نَوى شَطُون (٣) وشَطَنَت (٤) الدار، أي: بعدت، ويقال: شَيْطَن (٥) الرجل وتَشَيْطَن (٦) إذا صار (٧) كالشيطان وفعل فعله.
وقال رؤبة:
والشيطان كل متمرد عات من الجن والإنس (٢)، قال الله تعالى. ﴿شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾ [الأنعام: ١١٢]. واختلفوا في اشتقاقه: فقال الليث: الشيطان فَيْعَال من شَطَن أي: بعد، يقال: نَوى شَطُون (٣) وشَطَنَت (٤) الدار، أي: بعدت، ويقال: شَيْطَن (٥) الرجل وتَشَيْطَن (٦) إذا صار (٧) كالشيطان وفعل فعله.
وقال رؤبة:
(١) (خلا) تتعدى بـ (إلى) وبـ (الباء) فإذا عديت بـ (إلى) كان معناها الانفراد في حاجة خاصة، وإذا عديت بـ (الباء) كان لها معنيان: أحدهما: ما سبق، والآخر: بمعنى السخرية به، فتعديتها بـ (إلى) أفصح، لأنه يخلو من الالتباس. وبعضهم يجعل (إلى) في الآية بمعنى (مع)، وبعضهم يجعلها بمعنى (الباء)، وهذان ضعيفان عند بعض العلماء؛ لأن الحروف لا يجوز تحويلها عن معانيها إلا بحجة، وبعضهم قال: ضُمِّن (خلا) معنى (ذهبوا) و (انصرفوا) وهذا قول الكوفيين، وقد رجحه الواحدي والطبري وكثير من المفسرين؛ لأنه يُبقي (إلى) على معناها. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٣١، و"تفسير أبن عطية" ١/ ١٧٤، "الدر المصون" ١/ ١٤٥، "مغني اللبيب" ١/ ٧٥.
(٢) انظر: "مجاز القرآن" ١/ ٣٢، "تفسير الطبري" ١/ ٤٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٥ ب.
(٣) النوى: الدار، ويطلق على التحول من مكان إلى آخر. "اللسان" (نوى) ١٥/ ٣٤٧. والكلام لأبي عبيد أدخله المؤلف في كلام الليث، قال في "التهذيب" (أبو عبيد: نوى شطون: أي بعيدة شَاطَّة، وقال الليث: غزوة شطون: أي بعيدة، وشَطَنَت الدار شُطُونا، إذا بعدت...). "التهذيب" (شطن) ٢/ ١٨٧٧.
(٤) في (ب): (وشطين الداري) ولفظ الداري بخط مخالف كبير.
(٥) في (ب): (شيطان).
(٦) في (ب): (شيطن).
(٧) في (ب): (صاب).
(٢) انظر: "مجاز القرآن" ١/ ٣٢، "تفسير الطبري" ١/ ٤٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٥ ب.
(٣) النوى: الدار، ويطلق على التحول من مكان إلى آخر. "اللسان" (نوى) ١٥/ ٣٤٧. والكلام لأبي عبيد أدخله المؤلف في كلام الليث، قال في "التهذيب" (أبو عبيد: نوى شطون: أي بعيدة شَاطَّة، وقال الليث: غزوة شطون: أي بعيدة، وشَطَنَت الدار شُطُونا، إذا بعدت...). "التهذيب" (شطن) ٢/ ١٨٧٧.
(٤) في (ب): (وشطين الداري) ولفظ الداري بخط مخالف كبير.
(٥) في (ب): (شيطان).
(٦) في (ب): (شيطن).
(٧) في (ب): (صاب).
167
شَافٍ لِبَغْي الكَلْبِ المُشَيْطِنِ (١)
فمعنى الشيطان: البعيد من الجنة. وقال قوم: الشيطان فعلان من شاط يشيط إذا هلك واحترق، بوزن: هَيْمَان وعَيْمَان (٢)، من هام وعام (٣) وقال الأعشى:
وقد يشيط على أرماحنا البطل (٤)
قال أبو علي: هو (فَيْعَال) من شَطَن (٥) مثل: البَيْطَار والغَيْدَاق (٦). وليس بفَعْلَان من قوله: وقد يَشِيُط البيت.
فمعنى الشيطان: البعيد من الجنة. وقال قوم: الشيطان فعلان من شاط يشيط إذا هلك واحترق، بوزن: هَيْمَان وعَيْمَان (٢)، من هام وعام (٣) وقال الأعشى:
وقد يشيط على أرماحنا البطل (٤)
قال أبو علي: هو (فَيْعَال) من شَطَن (٥) مثل: البَيْطَار والغَيْدَاق (٦). وليس بفَعْلَان من قوله: وقد يَشِيُط البيت.
(١) ورد الرجز في "ديوان رؤبة" ص١٦٥، "تهذيب اللغة" (شطن) ٢/ ١٨٧٧، "اللسان" (شطن) ٤/ ٢٢٦٤، "البحر المحيط" ١/ ٦٢. وبهذا انتهى كلام الليث. "تهذيب اللغة" (شطن) ٢/ ١٨٧٧، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٤٩، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٣، "الحجة" لأبي علي٢/ ٢٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ٧٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٥١ ب، وقال أبو حيان: وهو قول البصريين. "البحر المحيط" ١/ ٦٢، "الدر المصون" ١/ ١٠.
(٢) في (ب) (عثمان) وفي "التهذيب" (غيمان) ٢/ ١٨٧٧.
(٣) الكلام بنصه في "التهذيب" (شطن) ٢/ ١٨٧٨، ونسب أبو حيان القول للكوفيين. "البحر" ١/ ٦٢، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٤٩، "الحجة" ٢/ ٢٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ٧٦.
(٤) صدره:
قد نخضب العير من مكنون فائله
العير: حمار الوحش، الفائل: عرق يجرى من الجوف إلى الفخذ، ومكنون الفائل: الدم، يشيط: يهلك. انظر (ديوان الأعشى) ص ١٤٩، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٢٢، "شرح المفصل" ٥/ ٦٤، "البحر المحيط" ١/ ٦٢، "تفسير القرطبي" ١/ ٧٩.
(٥) في (ب): (شيطن).
(٦) (الغيداق) الكريم، وولد الضب، والطويل من الخيل. "القاموس" ص ٩١٤. و (البيطار): الخياط. "القاموس" ص ٣٥٢.
(٢) في (ب) (عثمان) وفي "التهذيب" (غيمان) ٢/ ١٨٧٧.
(٣) الكلام بنصه في "التهذيب" (شطن) ٢/ ١٨٧٨، ونسب أبو حيان القول للكوفيين. "البحر" ١/ ٦٢، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٤٩، "الحجة" ٢/ ٢٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ٧٦.
(٤) صدره:
قد نخضب العير من مكنون فائله
العير: حمار الوحش، الفائل: عرق يجرى من الجوف إلى الفخذ، ومكنون الفائل: الدم، يشيط: يهلك. انظر (ديوان الأعشى) ص ١٤٩، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٢٢، "شرح المفصل" ٥/ ٦٤، "البحر المحيط" ١/ ٦٢، "تفسير القرطبي" ١/ ٧٩.
(٥) في (ب): (شيطن).
(٦) (الغيداق) الكريم، وولد الضب، والطويل من الخيل. "القاموس" ص ٩١٤. و (البيطار): الخياط. "القاموس" ص ٣٥٢.
168
لأن سيبويه قد حكى: (شيطن) (١) وهو (فَيْعَل) لا (فَعْلَن)، لأنا لا
نعلم أن (٢) هذا الوزن جاء في كلامهم (٣). ومثل (فَيْعَل) بَيْطَر وَهَيْنَم (٤)،
والحجة القاطعة قول أمية:
فكما أن (شاطناً) فاعل، والنون لام، كذلك (شَيْطان) فَيْعَال، ولا بكون (فَعْلَان) من يَشِيط (٦).
نعلم أن (٢) هذا الوزن جاء في كلامهم (٣). ومثل (فَيْعَل) بَيْطَر وَهَيْنَم (٤)،
والحجة القاطعة قول أمية:
| أيُّمَا شاطنٍ عصاهُ عكاهُ | ثُمَّ يُلْقَى في السِّجْنِ والأكْبَالِ (٥) |
(١) في (ب) (شيطان).
(٢) في (ب) (لأن).
(٣) نص كلام أبي علي في "الحجة": (ألا ترى أن سيبويه حكى: شَيْطَنتُه فَتَشَيْطَن، فلو كان من يَشِيطُ لكان شَيْطَنَتُه (فَعْلَنْتُه)، وفي أنا لا نعلم هذا الوزن جاء في كلامهم ما يدلك أنه. (فَيْعَلْتُه)، مثل: بَيْطَرتُه ومثل: هَيْنَم. وفي قول أمية أيضا دلالة عليه، وهو قوله:...) ٢/ ٢٢. وانظر كلام سيبويه في "الكتاب" ٣/ ٢١٧، ٢١٨.
(٤) الهينمة: (الصوت الخفي) "القاموس" ص١١٧٢.
(٥) البيت لأمية بن أبي الصلت يذكر سليمان -عليه السلام- يقول: أيما شيطان عصى سليمان، عكاه: شده بالأكبال، وهي القيود ثم يلقى في السجن. انظر "تفسير الطبري" ١/ ٤٩، "الحجة" ٢/ ٢٢، "التهذيب" (شطن) ٢/ ١٨٧٨، (إعراب ثلاثين سورة) لابن خالويه ص ٧، "تفسير ابن عطية" ١/ ٧٦، "زاد المسير" ١/ ٣٤، و"تفسير القرطبي" ١/ ٧٩، "البحر المحيط" ١/ ٦٢، "اللسان" (شطن) ٤/ ٢٢٦٥، "الدر المصون" ١/ ١٠.
(٦) انتهى ما نقله عن أبي علي من "الحجة" ١/ ٢٢، وقد نصر جمهور العلماء هذا الرأي وأن شيطان (فَيْعَال) من شَطن، منهم ابن جرير في "تفسيره" ١/ ٤٩، والأزهري في "تهذيب اللغة" (شطن) ٢/ ١٨٧٨، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٧٦٠.
قال السمين الحلبي: قال جمهورهم: هو مشتق من شَطَن يَشْطُن، أي بعد. "الدر المصون" ١/ ١٠.
(٢) في (ب) (لأن).
(٣) نص كلام أبي علي في "الحجة": (ألا ترى أن سيبويه حكى: شَيْطَنتُه فَتَشَيْطَن، فلو كان من يَشِيطُ لكان شَيْطَنَتُه (فَعْلَنْتُه)، وفي أنا لا نعلم هذا الوزن جاء في كلامهم ما يدلك أنه. (فَيْعَلْتُه)، مثل: بَيْطَرتُه ومثل: هَيْنَم. وفي قول أمية أيضا دلالة عليه، وهو قوله:...) ٢/ ٢٢. وانظر كلام سيبويه في "الكتاب" ٣/ ٢١٧، ٢١٨.
(٤) الهينمة: (الصوت الخفي) "القاموس" ص١١٧٢.
(٥) البيت لأمية بن أبي الصلت يذكر سليمان -عليه السلام- يقول: أيما شيطان عصى سليمان، عكاه: شده بالأكبال، وهي القيود ثم يلقى في السجن. انظر "تفسير الطبري" ١/ ٤٩، "الحجة" ٢/ ٢٢، "التهذيب" (شطن) ٢/ ١٨٧٨، (إعراب ثلاثين سورة) لابن خالويه ص ٧، "تفسير ابن عطية" ١/ ٧٦، "زاد المسير" ١/ ٣٤، و"تفسير القرطبي" ١/ ٧٩، "البحر المحيط" ١/ ٦٢، "اللسان" (شطن) ٤/ ٢٢٦٥، "الدر المصون" ١/ ١٠.
(٦) انتهى ما نقله عن أبي علي من "الحجة" ١/ ٢٢، وقد نصر جمهور العلماء هذا الرأي وأن شيطان (فَيْعَال) من شَطن، منهم ابن جرير في "تفسيره" ١/ ٤٩، والأزهري في "تهذيب اللغة" (شطن) ٢/ ١٨٧٨، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٧٦٠.
قال السمين الحلبي: قال جمهورهم: هو مشتق من شَطَن يَشْطُن، أي بعد. "الدر المصون" ١/ ١٠.
169
قال أبو إسحاق: ومعنى الشيطان: الغالي في الكفر المتبعد فيه من الجن والإنس (١).
قال ابن عباس: أراد بشياطينهم كبراءهم وقادتهم (٢).
وقوله تعالى ﴿إِنَّا مَعَكُمْ﴾. (مع) كلمة تضم الشيء إلى الشيء، ونصبها كنصب الظروف؛ لأن تأويل قولك: (أنا معك): أنا مستقر معك، كما تقول: أنا خلفك (٣).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾. (الهُزْءُ): السخرية، يقول: هَزِئَ به يَهْزَأُ (٤) وتَهَزَّأ به واسْتَهْزَأَ به (٥)، وهو أن يظهر غير ما يضمر استصغارا وعبثا (٦).
١٥ - قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾. قال ابن عباس: (هو (٧) أنهم
قال ابن عباس: أراد بشياطينهم كبراءهم وقادتهم (٢).
وقوله تعالى ﴿إِنَّا مَعَكُمْ﴾. (مع) كلمة تضم الشيء إلى الشيء، ونصبها كنصب الظروف؛ لأن تأويل قولك: (أنا معك): أنا مستقر معك، كما تقول: أنا خلفك (٣).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾. (الهُزْءُ): السخرية، يقول: هَزِئَ به يَهْزَأُ (٤) وتَهَزَّأ به واسْتَهْزَأَ به (٥)، وهو أن يظهر غير ما يضمر استصغارا وعبثا (٦).
١٥ - قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾. قال ابن عباس: (هو (٧) أنهم
(١) "معاني القرآن" ١/ ٨٣.
(٢) أخرج ابن جرير بسنده عن السدي خبرا ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس. وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول الله - ﷺ -: أما شياطينهم: فهم رؤوسهم في الكفر. وأخرج نحوه عن قتادة ومجاهد وغيرهم.
انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٣٠، وأخرج هذِه الآثار ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٤٧ - ٤٨، وانظر "الدر" ١/ ٦٩ - ٧٠.
(٣) في (ب): (جعلك). انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٤، "تهذيب اللغة" (مع) ٤/ ٣٤١٧، "مغني اللبيب"١/ ٣٣٣.
(٤) في (ب): (هزاته يهزئ).
(٥) ذكره الأزهري عن الليث. "التهذيب" (هزأ) ٤/ ٣٧٥٥، "الصحاح" (هزأ) ١/ ٨٤.
(٦) انظر: "الكشاف" ١/ ١٨٦، و"تفسير الرازي" ٢/ ٦٩، "لباب التفاسير" للكرماني ١/ ١٣٤ (رسالة دكتوراه).
(٧) (هو أنهم) ساقط من (ب).
(٢) أخرج ابن جرير بسنده عن السدي خبرا ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس. وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول الله - ﷺ -: أما شياطينهم: فهم رؤوسهم في الكفر. وأخرج نحوه عن قتادة ومجاهد وغيرهم.
انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٣٠، وأخرج هذِه الآثار ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٤٧ - ٤٨، وانظر "الدر" ١/ ٦٩ - ٧٠.
(٣) في (ب): (جعلك). انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٤، "تهذيب اللغة" (مع) ٤/ ٣٤١٧، "مغني اللبيب"١/ ٣٣٣.
(٤) في (ب): (هزاته يهزئ).
(٥) ذكره الأزهري عن الليث. "التهذيب" (هزأ) ٤/ ٣٧٥٥، "الصحاح" (هزأ) ١/ ٨٤.
(٦) انظر: "الكشاف" ١/ ١٨٦، و"تفسير الرازي" ٢/ ٦٩، "لباب التفاسير" للكرماني ١/ ١٣٤ (رسالة دكتوراه).
(٧) (هو أنهم) ساقط من (ب).
170
كلما أحدثوا خطيئة جدد الله لهم نعمة) (١). فشبه هذا من الله بالاستهزاء والمكر؛ لأنه غيب عنهم غير ما أظهر لهم، كالمستهزئ منا يظهر أمرا يضمر غيره. (٢).
وقال ابن الأنباري: الاستهزاء من الله جل وعز مخالف الاستهزاء من المخلوقين؛ لأن استهزاءه أن يستدرجهم من حيث لا يعلمون (٣).
وقال جماعة أهل المعاني: معنى الله يستهزئ بهم: يجازيهم (٤) جزاء استهزائهم، فسمى الجزاء باسم المجازى عليه، كقوله: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠] وقوله: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٩٤] ومنه قول عمرو:
فنجهل فوق جهل الجاهلينا (٥)
وهذا هو الاختيار (٦)؛
وقال ابن الأنباري: الاستهزاء من الله جل وعز مخالف الاستهزاء من المخلوقين؛ لأن استهزاءه أن يستدرجهم من حيث لا يعلمون (٣).
وقال جماعة أهل المعاني: معنى الله يستهزئ بهم: يجازيهم (٤) جزاء استهزائهم، فسمى الجزاء باسم المجازى عليه، كقوله: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠] وقوله: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٩٤] ومنه قول عمرو:
فنجهل فوق جهل الجاهلينا (٥)
وهذا هو الاختيار (٦)؛
(١) لم أجده بهذا النص منسوبا إلى ابن عباس، وذكره القرطبي في "تفسيره" ولم ينسبه ١/ ١٨١.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٣٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٥، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٥٢ أ، و"تفسير ابن عطية" ١/ ١٧٧، "زاد المسير" ١/ ٣٦، و"تفسير الرازي" ٢/ ٧٠، وقد ضعف الرازي هذا وقال: لأن الله أظهر الأدلة الواضحة بما يعاملون به في الدار الآخرة.
(٣) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٣٦.
(٤) (يجازيهم) ساقط من (أ)، (ج).
(٥) البيت لعمرو بن كلثوم وصدره:
ألا لا يجهلن أحد علينا
وقد سبق تخريجه عند تفسير قوله تعالى: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ﴾.
(٦) هذا القول ذكره الطبري ورده كما سيأتي، وذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٥٦، وأبو الليث في "تفسيره" ١/ ٩٧، و"تفسير ابن عطية" ١/ ١٧٧، و"تفسير =
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٣٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٥، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٥٢ أ، و"تفسير ابن عطية" ١/ ١٧٧، "زاد المسير" ١/ ٣٦، و"تفسير الرازي" ٢/ ٧٠، وقد ضعف الرازي هذا وقال: لأن الله أظهر الأدلة الواضحة بما يعاملون به في الدار الآخرة.
(٣) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٣٦.
(٤) (يجازيهم) ساقط من (أ)، (ج).
(٥) البيت لعمرو بن كلثوم وصدره:
ألا لا يجهلن أحد علينا
وقد سبق تخريجه عند تفسير قوله تعالى: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ﴾.
(٦) هذا القول ذكره الطبري ورده كما سيأتي، وذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٥٦، وأبو الليث في "تفسيره" ١/ ٩٧، و"تفسير ابن عطية" ١/ ١٧٧، و"تفسير =
171
لأنه (١) حمل الكلام على المزاوجة، ولأنه أظهر وأشكل بما جاء من نظائره في القرآن، وكل ذلك على المجاز الذي يحسن في الاستعمال للمبالغة في البيان والتصرف في الكلام.
وقوله تعالى: ﴿وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾. أصل (المد) في اللغة: الزيادة، والمد: الجذب (٢): لأنه سبب الزيادة في الطول.
وقوله تعالى: ﴿وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾. أصل (المد) في اللغة: الزيادة، والمد: الجذب (٢): لأنه سبب الزيادة في الطول.
= ابن الجوزي" ١/ ٣٦، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٤٧ ب، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٨٥، وغيرهم من المفسرين. وصرح الواحدي باختياره له، وفي هذا القول تفسير للسخرية بالمجاز، وتأويل لها، ورده ابن جرير، ورجح أن المراد: أن الله يستهزئ بهم حقيقة، ولا يلزم لها اللوازم الباطلة، حيث قال: (وإذا كان معنى الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة ما وصفنا قبل، دون أن يكون ذلك معناه في حال فيها المستهزئ بصاحبه له ظالم، أو عليه فيها غير عادل،... ثم قال: وأما الذين زعموا أن قول الله تعالى ذكره: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ إنما هو على وجه الجواب، وأنه لم يكن من الله استهزاء ولا مكر ولا خديعة، فنافون عن الله عز وجل ما قد أثبته الله عز وجل لنفسه، وأوجبه لها...) "تفسير الطبري" ١/ ١٣٣. وإلى هذا المعنى أشار ابن تيمية -رحمه الله- حيت قال: (وكذلك ما ادعوه أنه مجاز في القرآن، كلفظ (المكر) و (الاستهزاء) و (السخرية) المضاف إلى الله، وزعموا أنه مسمى باسم ما يقابله على طريق المجاز، وليس كذلك، بل مسميات هذِه الأسماء إذا فعلت بمن لا يستحق العقوبة كانت ظلما له، وأما إذا فعلت بالمجني عليه عقوبة له بمثل فعله كانت عدلًا... إلى أن قال: ولهذا كان الاستهزاء بهم فعلا يستحق هذا الاسم، كما روي عن ابن عباس: أنه يُفْتح لهم باب إلى الجنة وهم في النار فيسرعون إليه فيغلق... ثم ذكر قولًا عن الحسن البصري بمعناه... وقيل: إنه يظهر لهم في الدنيا خلاف ما أبطن في الآخرة، وقيل: هو تجهيلهم وتخطيئهم فيما فعلوه، وهذا كله حق، وهو استهزاء بهم حقيقة)، "مجموع الفتاوى" ٧/ ١١١، ١١٢. وما يقال في هذا يقال عند قوله ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ﴾ وما قيل هناك يقال هنا.
(١) في (ب): (لأن).
(٢) انظر. "اللسان" (مدد) ٧/ ٤١٥٦، "القاموس" ص ٣١٨.
(١) في (ب): (لأن).
(٢) انظر. "اللسان" (مدد) ٧/ ٤١٥٦، "القاموس" ص ٣١٨.
172
قال الفراء: والشيء إذا مَدَّ الشَّيءَ كان زيادة فيه. تقول: دجلة تَمُدُّ بئارنا (١) وأنهارنا، أي: يزيد فيها (٢).
(والمادة) كل شيء يكون مددا (٣) لغيره (٤). و (المُدَّةُ) (٥) الأوقات المتزايدة إلى غاية، ومنه مد الله في عمرك (٦).
الأصمعي: امتد النهر ومد إذا امتلأ بالزيادة، ومده نهر آخر (٧).
ابن المظفر (٨): وادي كذا يمد في نهر كذا. أي: يزيد فيه (٩) وأنشد (١٠):
سَيْلٌ أَتِيٌّ مَدَّهُ أَتيُّ (١١)
(والمادة) كل شيء يكون مددا (٣) لغيره (٤). و (المُدَّةُ) (٥) الأوقات المتزايدة إلى غاية، ومنه مد الله في عمرك (٦).
الأصمعي: امتد النهر ومد إذا امتلأ بالزيادة، ومده نهر آخر (٧).
ابن المظفر (٨): وادي كذا يمد في نهر كذا. أي: يزيد فيه (٩) وأنشد (١٠):
سَيْلٌ أَتِيٌّ مَدَّهُ أَتيُّ (١١)
(١) في (أ)، (ج) (بيارنا) وما في (ب) موافق لـ "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٢٩.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٢٩، وانظر "التهذيب" (مد) ٤/ ٣٣٦١. وقد نقل المؤلف كلام الفراء بتصرف.
(٣) في "التهذيب": (مدادا).
(٤) ذكره الأزهري عن الليث. "التهذيب" (مد) ٤/ ٣٣٦١.
(٥) في (أ)، (ج): (المد)، وأثبت ما في (ب).
(٦) انظر "تهذيب اللغة" (مد) ٤/ ٣٣٦١، "الصحاح" (مدد) ٢/ ٥٣٧.
(٧) "تهذيب اللغة" (مد) ٤/ ٣٣٦١.
(٨) هو الليث بن المظفر، ويقال له. الليث بن نصر، صاحب الخليل، ينقل الواحدي كلامه كثيرًا من طريق "تهذيب اللغة". انظر مقدمة "تهذيب اللغة" ١/ ٤٧، "إنباه الرواة" ٣/ ٤٢.
(٩) في (أ)، (ج): (يزيده)، وما في (ب) موافق لما في "تهذيب اللغة" وهو ما أثبته.
(١٠) الكلام في "التهذيب" ويظهر أنه من كلام الأصمعي حيث عطفه عليه، ولم يرد ذكر الليث في هذا الموضع. "التهذيب" (مد) ٤/ ٣٣٦١، وأنظر: "اللسان" (مدد) ٣/ ٣٩٧.
(١١) البيت منسوب للعجاج، وهو في "التهذيب" (مد) ٤/ ٣٣٦١، "الصحاح" (مدد) ٢/ ٥٣٧، "اللسان" (مدد) ٧/ ٤١٥٧، وقد نسبه للعجاج وأنشد بعده: =
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٢٩، وانظر "التهذيب" (مد) ٤/ ٣٣٦١. وقد نقل المؤلف كلام الفراء بتصرف.
(٣) في "التهذيب": (مدادا).
(٤) ذكره الأزهري عن الليث. "التهذيب" (مد) ٤/ ٣٣٦١.
(٥) في (أ)، (ج): (المد)، وأثبت ما في (ب).
(٦) انظر "تهذيب اللغة" (مد) ٤/ ٣٣٦١، "الصحاح" (مدد) ٢/ ٥٣٧.
(٧) "تهذيب اللغة" (مد) ٤/ ٣٣٦١.
(٨) هو الليث بن المظفر، ويقال له. الليث بن نصر، صاحب الخليل، ينقل الواحدي كلامه كثيرًا من طريق "تهذيب اللغة". انظر مقدمة "تهذيب اللغة" ١/ ٤٧، "إنباه الرواة" ٣/ ٤٢.
(٩) في (أ)، (ج): (يزيده)، وما في (ب) موافق لما في "تهذيب اللغة" وهو ما أثبته.
(١٠) الكلام في "التهذيب" ويظهر أنه من كلام الأصمعي حيث عطفه عليه، ولم يرد ذكر الليث في هذا الموضع. "التهذيب" (مد) ٤/ ٣٣٦١، وأنظر: "اللسان" (مدد) ٣/ ٣٩٧.
(١١) البيت منسوب للعجاج، وهو في "التهذيب" (مد) ٤/ ٣٣٦١، "الصحاح" (مدد) ٢/ ٥٣٧، "اللسان" (مدد) ٧/ ٤١٥٧، وقد نسبه للعجاج وأنشد بعده: =
173
والمدّ: أن (١) يمُدّ الرجلُ الرجلَ (٢) في غيّه (٣).
قال أهل التفسير في قوله ﴿يَمُدُّهُمْ﴾: أي يمهلهم (٤) ويطول في أعمارهم ومدتهم (٥).
و (الطغيان): مصدر كالرجحان والكفران والعدوان (٦). قال الليث: [والطُّغْوَان لغة فيه] (٧) والفعل: طَغَوْت وطَغَيْتُ، ومعناه مجاوزة القدر، وكل شيء جاوز القدر فقد طغى، كما طغى الماء على قوم نوح. قال الله تعالى: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ﴾ [الحاقة: ١٢] وطغت الصيحة على ثمود (٨)،
قال أهل التفسير في قوله ﴿يَمُدُّهُمْ﴾: أي يمهلهم (٤) ويطول في أعمارهم ومدتهم (٥).
و (الطغيان): مصدر كالرجحان والكفران والعدوان (٦). قال الليث: [والطُّغْوَان لغة فيه] (٧) والفعل: طَغَوْت وطَغَيْتُ، ومعناه مجاوزة القدر، وكل شيء جاوز القدر فقد طغى، كما طغى الماء على قوم نوح. قال الله تعالى: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ﴾ [الحاقة: ١٢] وطغت الصيحة على ثمود (٨)،
= غِبَّ سَمَاءٍ فَهْوَ رَقَرَاقِيُّ
وفي "ديوان العجاج":
القَري: المسيل، الرقراقِي: المُتَرَقْرِق الذي يتكفأ. (الديوان) ص ٣١٨.
(١) في (ب): (والمداد يمد).
(٢) في (ب): (للرجل).
(٣) ذكره في "التهذيب" عن ابن أبي حاتم عن الأصمعي (مد) ٤/ ٣٣٦١.
(٤) في (ب): (يهملهم) تصحيف.
(٥) اختلف العلماء في ﴿يَمُدُّهُمْ﴾ هل هي من المد بمعنى الإمهال والتطويل فىِ العمر. أو من المدد بمعنى: الزيادة. وقد رجح هذا الطبري حيث قال: وأولى الأقوال بالصواب أن يكون بمعنى: يزيدهم على وجه الإملاء والترك لهم في عتوهم وتمردهم. "تفسير الطبري" ١/ ١٣٥، وانظر: "تفسير أبن عطية" ١/ ١٧٧ - ١٧٨، "الكشاف" ١/ ١٨٨، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٨٢.
(٦) "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٦٦.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٨) انتهى كلام الليث وقد نقله المؤلف بتصرف، "تهذيب اللغة" ٣/ ٢١٩٦، "العين" ٤/ ٤٣٥.
وفي "ديوان العجاج":
| مَاءٌ قَريٍّ مَدَهُ قَرِيُّ | غِبَّ سَمَاءٍ فَهْوَ رَقَرَاقِيُّ |
(١) في (ب): (والمداد يمد).
(٢) في (ب): (للرجل).
(٣) ذكره في "التهذيب" عن ابن أبي حاتم عن الأصمعي (مد) ٤/ ٣٣٦١.
(٤) في (ب): (يهملهم) تصحيف.
(٥) اختلف العلماء في ﴿يَمُدُّهُمْ﴾ هل هي من المد بمعنى الإمهال والتطويل فىِ العمر. أو من المدد بمعنى: الزيادة. وقد رجح هذا الطبري حيث قال: وأولى الأقوال بالصواب أن يكون بمعنى: يزيدهم على وجه الإملاء والترك لهم في عتوهم وتمردهم. "تفسير الطبري" ١/ ١٣٥، وانظر: "تفسير أبن عطية" ١/ ١٧٧ - ١٧٨، "الكشاف" ١/ ١٨٨، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٨٢.
(٦) "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٦٦.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٨) انتهى كلام الليث وقد نقله المؤلف بتصرف، "تهذيب اللغة" ٣/ ٢١٩٦، "العين" ٤/ ٤٣٥.
174
فقيل فيهم: ﴿فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ (١). وقيل لفرعون: ﴿إِنَّهُ طَغَى﴾ [النازعات: ١٧] (٢) أي أسرف حيث ادعى الربوبية (٣).
فأما الطغوى والطاغية والطاغوت فهي مذكورة في مواضعها مشروحة. وكان الكسائي يميل ﴿طُغْيَانِهِمْ﴾ في رواية أبي عمر (٤) ونصير (٥) (٦). وذلك لأن (٧) الألف قد اكتنفها شيئان كل واحد منهما يجلب الإمالة [وهما، الياء التي قبلها، والكسرة التي بعدها.
فإن قلت: إن أول الكلمة حرف [مستعل] (٨) مضموم، وكل واحد من هذين يمنع الإمالة] (٩). قيل: إن المستعلي تراخى عن الألف بحرفين فلم يمنع الإمالة.
فأما الطغوى والطاغية والطاغوت فهي مذكورة في مواضعها مشروحة. وكان الكسائي يميل ﴿طُغْيَانِهِمْ﴾ في رواية أبي عمر (٤) ونصير (٥) (٦). وذلك لأن (٧) الألف قد اكتنفها شيئان كل واحد منهما يجلب الإمالة [وهما، الياء التي قبلها، والكسرة التي بعدها.
فإن قلت: إن أول الكلمة حرف [مستعل] (٨) مضموم، وكل واحد من هذين يمنع الإمالة] (٩). قيل: إن المستعلي تراخى عن الألف بحرفين فلم يمنع الإمالة.
(١) كتبت في جميع النسخ (أهلكوا) وسياق الآية: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾.
(٢) (طغى) ساقط من (ب).
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٢ ب.
(٤) هو حفص بن عمر عبد العزيز المقرئ النحوي البغدادي الضرير، قرأ عن الكسائي ويحيى اليزيدي، توفي سنة ست وأربعين ومائتين. انظر ترجمته في "معرفة القراء الكبار" ١/ ١٩١، "غاية النهاية" ١/ ٢٥٥.
(٥) ونصير ساقط من (ب). ونصير هو: نصير بن أبي نصر الرازي ثم البغدادي النحوي، أبو المنذر، صاحب الكسائي، مات في حدود الأربعين ومائتين. انظر ترجمته في: "معرفة القراء الكبار" ١/ ٢١٣، "غاية النهاية" ١/ ٢٥٥.
(٦) انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص ١٤٤، "الحجة" لأبي علي١/ ٣٦٥، "الكشف" لمكي ١/ ١٧١.
(٧) في (ب): (أن).
(٨) في (ب): (مستعمل) وصححت الكلمة من "الحجة" ١/ ٣٦٨.
(٩) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج). الكلام في "الحجة" مع الاختصار ١/ ٣٦٧، ٣٦٨، وانظر: "الكشف" ١/ ١٧١.
(٢) (طغى) ساقط من (ب).
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٢ ب.
(٤) هو حفص بن عمر عبد العزيز المقرئ النحوي البغدادي الضرير، قرأ عن الكسائي ويحيى اليزيدي، توفي سنة ست وأربعين ومائتين. انظر ترجمته في "معرفة القراء الكبار" ١/ ١٩١، "غاية النهاية" ١/ ٢٥٥.
(٥) ونصير ساقط من (ب). ونصير هو: نصير بن أبي نصر الرازي ثم البغدادي النحوي، أبو المنذر، صاحب الكسائي، مات في حدود الأربعين ومائتين. انظر ترجمته في: "معرفة القراء الكبار" ١/ ٢١٣، "غاية النهاية" ١/ ٢٥٥.
(٦) انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص ١٤٤، "الحجة" لأبي علي١/ ٣٦٥، "الكشف" لمكي ١/ ١٧١.
(٧) في (ب): (أن).
(٨) في (ب): (مستعمل) وصححت الكلمة من "الحجة" ١/ ٣٦٨.
(٩) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج). الكلام في "الحجة" مع الاختصار ١/ ٣٦٧، ٣٦٨، وانظر: "الكشف" ١/ ١٧١.
175
وقوله تعالى: ﴿يَعْمَهُونَ﴾. قال أهل اللغة: (الْعَمِه والعَامِه) الذي يتردد متحيراً لا يهتدي لطريقه ومذهبه، ومعنى (١) ﴿يَعْمَهُونَ﴾: يتحيرون، وقد عَمِه يَعْمَه عَمَهاً فهو عَمِه إذا حار عن الحق (٢).
قال أهل المعاني: قوله: ﴿وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ كالتفسير لقوله: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ لأن معناه يطول أعمارهم ومدتهم ليتحيروا في طغيانهم وكفرهم، مكراً (٣) بهم، وهم يحسبون أن ذلك مسارعة لهم في الخيرات، ولا يشعرون أنه عقوبة لهم في الحقيقة (٤).
١٦ - قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى﴾ الآية. حقيقة الاشتراء: الاستبدال، وكل اشتراء استبدال، وليس كل استبدال اشتراء، ووضع الاشتراء موضع الاستبدال هاهنا، لأنه أدل على الرغبة (٥)، وذلك أن المشتري للشيء (٦) محتاج إليه راغب فيه، فهو أبلغ من لفظ الأصل مع ما فيه من حسن التصرف في الكلام، والرب تجعل من آثر شيئاً على شيء مشترياً له وبائعاً للآخر، وإن لم يكن ثم شراء ولا بيع ظاهر (٧).
قال أهل المعاني: قوله: ﴿وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ كالتفسير لقوله: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ لأن معناه يطول أعمارهم ومدتهم ليتحيروا في طغيانهم وكفرهم، مكراً (٣) بهم، وهم يحسبون أن ذلك مسارعة لهم في الخيرات، ولا يشعرون أنه عقوبة لهم في الحقيقة (٤).
١٦ - قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى﴾ الآية. حقيقة الاشتراء: الاستبدال، وكل اشتراء استبدال، وليس كل استبدال اشتراء، ووضع الاشتراء موضع الاستبدال هاهنا، لأنه أدل على الرغبة (٥)، وذلك أن المشتري للشيء (٦) محتاج إليه راغب فيه، فهو أبلغ من لفظ الأصل مع ما فيه من حسن التصرف في الكلام، والرب تجعل من آثر شيئاً على شيء مشترياً له وبائعاً للآخر، وإن لم يكن ثم شراء ولا بيع ظاهر (٧).
(١) في (ب): (معي).
(٢) "تهذيب اللغة" (عمه) ٣/ ٢٥٧٥، وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨ ب.
(٣) في (ب): (ومكرا).
(٤) هذا على أن (يمدهم) من المد بمعنى الإمهال والتطويل، وقد سبق بيان ذلك عند قوله ﴿وَيَمُدُّهُمْ﴾، وأنظر "تفسير الطبري" ١/ ١٣٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٦، "الكشاف" ١/ ١٨٨.
(٥) في (أ): (الرعية).
(٦) في (ب): (التي).
(٧) انظر. "تفسير الطبري" ١/ ١٣٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٧، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٧٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٠، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٨٣، =
(٢) "تهذيب اللغة" (عمه) ٣/ ٢٥٧٥، وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨ ب.
(٣) في (ب): (ومكرا).
(٤) هذا على أن (يمدهم) من المد بمعنى الإمهال والتطويل، وقد سبق بيان ذلك عند قوله ﴿وَيَمُدُّهُمْ﴾، وأنظر "تفسير الطبري" ١/ ١٣٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٦، "الكشاف" ١/ ١٨٨.
(٥) في (أ): (الرعية).
(٦) في (ب): (التي).
(٧) انظر. "تفسير الطبري" ١/ ١٣٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٧، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٧٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٠، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٨٣، =
176
قال ابن عباس في هذه الآية: أخذوا الضلالة وتركوا الهدى (١).
قال أهل المعاني: هؤلاء المنافقون لم يكونوا على الهدى قط، لكنهم (٢) لما تركوا الواجب عليهم من الهدى، واستبدلوا به الضلالة قيل في صفتهم: اشتروا الضلالة بالهدى (٣).
وأصل ﴿اشْتَرَوُا﴾ اشتريوا، فلما تحركت (الياء) وانفتح ما قبلها صارت (ألفا)، فاجتمع ساكنان، فحذفت (الألف) (٤) فصار (اشتروا) ساكنة
قال أهل المعاني: هؤلاء المنافقون لم يكونوا على الهدى قط، لكنهم (٢) لما تركوا الواجب عليهم من الهدى، واستبدلوا به الضلالة قيل في صفتهم: اشتروا الضلالة بالهدى (٣).
وأصل ﴿اشْتَرَوُا﴾ اشتريوا، فلما تحركت (الياء) وانفتح ما قبلها صارت (ألفا)، فاجتمع ساكنان، فحذفت (الألف) (٤) فصار (اشتروا) ساكنة
= و"تفسير البيضاوي" ١/ ١١، "تفسير الخازن" ١/ ٦٣، (ضمن مجموعة من التفاسير)، "الدر المصون" ١/ ١٣٥.
(١) أخرج ابن جرير بسنده عن السدي عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي - ﷺ -: أخذوا الضلالة وتركوا الهدى. "تفسير الطبري" ١/ ١٣٧، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" عن السدي ١/ ٥٠، وانظر. "تفسير ابن كثير" ١/ ٥٦.
(٢) في (ب): (ولكنهم).
(٣) للعلماء في معنى الآية أقوال ذكرها ابن جرير في "تفسيره" وهي: منهم من قال إن معنى اشتروا استحبوا كما قال: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [فصلت: ١٧]، فالمعنى اختاروا الضلالة على الهدى. ومنهم من قال: إنهم كانوا مؤمنين وكفروا، ولو كان الأمر على ذلك لكان هؤلاء تركوا الإيمان واستبدلوا به الكفر، وهو المفهوم من معاني الشراء والبيع، ولكن دلائل الآيات في نعوتهم دالة على أنهم لم يكونوا مؤمنين قط، إنما أظهروا الإيمان كذباً. ومنهم من قال: المراد أخذوا الضلالة وتركوا الهدى، فكل كافر مستبدل بالإيمان كفرا، وهذا ما اختاره ابن جرير وهو أختيار أكثر المفسرين. انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٣٧ - ١٣٩، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٧، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٠، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٨٢ - ١٨٣، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٥٦.
(٤) لأن حذفها أولى لأن الواو دخلت لمعنى والألف لم تدخل لمعنى "البيان" لابن الأنباري ١/ ٥٨.
(١) أخرج ابن جرير بسنده عن السدي عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي - ﷺ -: أخذوا الضلالة وتركوا الهدى. "تفسير الطبري" ١/ ١٣٧، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" عن السدي ١/ ٥٠، وانظر. "تفسير ابن كثير" ١/ ٥٦.
(٢) في (ب): (ولكنهم).
(٣) للعلماء في معنى الآية أقوال ذكرها ابن جرير في "تفسيره" وهي: منهم من قال إن معنى اشتروا استحبوا كما قال: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [فصلت: ١٧]، فالمعنى اختاروا الضلالة على الهدى. ومنهم من قال: إنهم كانوا مؤمنين وكفروا، ولو كان الأمر على ذلك لكان هؤلاء تركوا الإيمان واستبدلوا به الكفر، وهو المفهوم من معاني الشراء والبيع، ولكن دلائل الآيات في نعوتهم دالة على أنهم لم يكونوا مؤمنين قط، إنما أظهروا الإيمان كذباً. ومنهم من قال: المراد أخذوا الضلالة وتركوا الهدى، فكل كافر مستبدل بالإيمان كفرا، وهذا ما اختاره ابن جرير وهو أختيار أكثر المفسرين. انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٣٧ - ١٣٩، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٧، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٠، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٨٢ - ١٨٣، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٥٦.
(٤) لأن حذفها أولى لأن الواو دخلت لمعنى والألف لم تدخل لمعنى "البيان" لابن الأنباري ١/ ٥٨.
177
(الواو) (١). وسقطت همزة الوصل من الضلالة للدرج، فالتقت الواو الساكنة مع الساكن المبدل من لام المعرفة، فحركت الأولى بالضم (٢). واختلفوا في العلة الموجبة لضم الواو (٣) في ﴿اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ﴾ فقال أكثر النحويين: إن واوات الجمع كلها (٤) تحرك بالضم نحو: ﴿لَتُبلَوُنَّ﴾ [آل عمران: ١٨٦] و ﴿لَتَرَوُنَّ﴾ [التكاثر: ٦].
وقالوا: مُصْطَفَوُ الله؛ لأن الضم أدل على الجمع وأشكل به، وهذه الواو للجمع فحرك بما هو أدل على الجمع (٥). ألا ترى أن (٦) الواو في (أو) أو (لو) لما لم تكن للجمع لم تحرك بالضم، بل حركت بالكسر، فقرئ (٧) ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا﴾ [الجن: ١٦] (٨).
وقالوا: مُصْطَفَوُ الله؛ لأن الضم أدل على الجمع وأشكل به، وهذه الواو للجمع فحرك بما هو أدل على الجمع (٥). ألا ترى أن (٦) الواو في (أو) أو (لو) لما لم تكن للجمع لم تحرك بالضم، بل حركت بالكسر، فقرئ (٧) ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا﴾ [الجن: ١٦] (٨).
(١) قيل في إعلالها: استثقلت الضمة على الياء فحذفت تخفيفا، فاجتمع ساكنان: الياء والواو. فحذفت الياء لالتقاء الساكنين. وما ذكره المؤلف أولى.
انظر: "البيان" لابن الأنباري ١/ ٥٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٧٩، "الدر المصون" ١/ ١٥٢.
(٢) ذكره أبو علي في "الحجة" ١/ ٣٦٩.
(٣) اتفقوا على أن (الواو) في (اشتروا) تحرك لالتقاء الساكنين، ثم اختلفوا لماذا اختبر الضم على الكسر؟ انظر: "الحجة" ١/ ٣٦٩.
(٤) في (ب): (كأنها).
(٥) "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٦٩، وانظر: "الكتاب" ٤/ ١٥٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٥، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٠٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٩ أ، "البيان" لابن الأنباري ١/ ٥٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٧٩.
(٦) (أن) ساقطة من (ب).
(٧) في (ب): (فقرا)
(٨) قراءة الجمهور بالكسر، وقرئ في الشاذ بضم الواو، روى عن الأعمش وابن وثاب. انظر: "البحر المحيط" ٨/ ٣٥٢.
انظر: "البيان" لابن الأنباري ١/ ٥٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٧٩، "الدر المصون" ١/ ١٥٢.
(٢) ذكره أبو علي في "الحجة" ١/ ٣٦٩.
(٣) اتفقوا على أن (الواو) في (اشتروا) تحرك لالتقاء الساكنين، ثم اختلفوا لماذا اختبر الضم على الكسر؟ انظر: "الحجة" ١/ ٣٦٩.
(٤) في (ب): (كأنها).
(٥) "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٦٩، وانظر: "الكتاب" ٤/ ١٥٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٥، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٠٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٩ أ، "البيان" لابن الأنباري ١/ ٥٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٧٩.
(٦) (أن) ساقطة من (ب).
(٧) في (ب): (فقرا)
(٨) قراءة الجمهور بالكسر، وقرئ في الشاذ بضم الواو، روى عن الأعمش وابن وثاب. انظر: "البحر المحيط" ٨/ ٣٥٢.
178
وقد أجازوا الكسر (١) في ﴿اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ﴾ تشبيهاً بمثل: ﴿لَوِ اسْتَطَعْنَا﴾ [التوبة: ٤٢] و ﴿أَلَّوِ اسْتَقَامُوا﴾. وأجازوا (٢) الضم (٣) في ﴿لَوِ اسْتَطَعْنَا﴾ تشبيها بواو الجمع (٤).
وقال ناس: إن (٥) (الواو) ضمت ههنا لأنه فاعل في المعنى (٦) فجعلت حركة التقاء الساكنين فيه كحركة الإعراب. وهذا لا يستقيم، لأنهم كسرو (الياء) في قولهم: (أخْشَيِ الله يا امرأة) والياء فاعلة في المعنى (٧).
وقوم كسروا الواو في مسألتنا (٨) وفي قوله: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧] (٩) فلو كان كما ذكروا (١٠)، لم يجز الاختلاف (١١)
وقال ناس: إن (٥) (الواو) ضمت ههنا لأنه فاعل في المعنى (٦) فجعلت حركة التقاء الساكنين فيه كحركة الإعراب. وهذا لا يستقيم، لأنهم كسرو (الياء) في قولهم: (أخْشَيِ الله يا امرأة) والياء فاعلة في المعنى (٧).
وقوم كسروا الواو في مسألتنا (٨) وفي قوله: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧] (٩) فلو كان كما ذكروا (١٠)، لم يجز الاختلاف (١١)
(١) قراءة الجمهور بالضم، وبالكسر قراءة شاذة، قرأ بها يحيى بن يعمر، وابن أبي إسحاق.
انظر: "الحجة" ١/ ٣٧٠، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٠٤، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٧٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٨٢، "الدر المصون" ١/ ١٥١.
(٢) في (أ)، (ج): (وجازوا) وأثبت ما في (ب).
(٣) وهي قراءة شاذة حيث قرأ بالضم الأعمش وزيد بن علي، انظر "البحر" ٥/ ٤٦.
(٤) انتهى من "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٦٩.
(٥) (إن) ساقطة من (ب).
(٦) في (ب): (بالمعنى).
(٧) (المعنى) ساقط من (ب). أي: وسع كونها فاعلا في المعنى لم تحرك بالضم، انظر "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٧١، "الكتاب" ٤/ ١٥٥، "الدر المصون" ١/ ١٥١.
(٨) المراد قوله: (اشتروا) وقد سبق بيان أن قراءة الكسر شاذة.
(٩) قال أبو حيان: قرأ يحيى بن يعمر: (ولا تَنْسَوِ الفضل) بكسر الواو على أصل التقاء الساكنين تشبيها للواو التي هي (ضمير) بواو (لو) في قوله تعالى: ﴿لَوِ اسْتَطَعْنَا﴾، كما شبهوا واو (لو) بـ (واو) الضمير فضموها. "البحر" ٢/ ٢٣٨.
(١٠) ما ذكروه: هو أن (الواو) ضمت لأنها فاعل في المعنى.
(١١) أي لم يجز الاختلاف في حركة الواو هل هي بالضم أو بالكسر.
انظر: "الحجة" ١/ ٣٧٠، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٠٤، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٧٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٨٢، "الدر المصون" ١/ ١٥١.
(٢) في (أ)، (ج): (وجازوا) وأثبت ما في (ب).
(٣) وهي قراءة شاذة حيث قرأ بالضم الأعمش وزيد بن علي، انظر "البحر" ٥/ ٤٦.
(٤) انتهى من "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٦٩.
(٥) (إن) ساقطة من (ب).
(٦) في (ب): (بالمعنى).
(٧) (المعنى) ساقط من (ب). أي: وسع كونها فاعلا في المعنى لم تحرك بالضم، انظر "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٧١، "الكتاب" ٤/ ١٥٥، "الدر المصون" ١/ ١٥١.
(٨) المراد قوله: (اشتروا) وقد سبق بيان أن قراءة الكسر شاذة.
(٩) قال أبو حيان: قرأ يحيى بن يعمر: (ولا تَنْسَوِ الفضل) بكسر الواو على أصل التقاء الساكنين تشبيها للواو التي هي (ضمير) بواو (لو) في قوله تعالى: ﴿لَوِ اسْتَطَعْنَا﴾، كما شبهوا واو (لو) بـ (واو) الضمير فضموها. "البحر" ٢/ ٢٣٨.
(١٠) ما ذكروه: هو أن (الواو) ضمت لأنها فاعل في المعنى.
(١١) أي لم يجز الاختلاف في حركة الواو هل هي بالضم أو بالكسر.
179
فيه كما لم يجز (١) في حركة الإعراب (٢).
وقال الفراء: إنهم إنما حركوا (الواو) هاهنا بالحركة التي كانت تجب للام الفعل من الضمة (٣).
قال أبو علي (٤): الذي ذهب إليه الفراء هو أن الحركة في (الواو) ليست لالتقاء الساكنين كما يذهب إليه سيبويه وأصحابه (٥). ولا يستقيم ما ذهب إليه؛ لأنا رأينا الحركات إنما تلقى على الحروف التي تكون قبل الحرف الذي ينقل منه، ولا ينقل إلى ما بعد الحروف المنقولة منها الحركة، كما تقول في: (بِعت)، و (قُلت)، و (خِفت)، و (مِست) (٦)، و (ظِلْت)، و (أَحَسْت) (٧)، و (أَصَمّ) (٨)، و (أَعَدّ)، و (أَخِلَة). وكذلك نقل
وقال الفراء: إنهم إنما حركوا (الواو) هاهنا بالحركة التي كانت تجب للام الفعل من الضمة (٣).
قال أبو علي (٤): الذي ذهب إليه الفراء هو أن الحركة في (الواو) ليست لالتقاء الساكنين كما يذهب إليه سيبويه وأصحابه (٥). ولا يستقيم ما ذهب إليه؛ لأنا رأينا الحركات إنما تلقى على الحروف التي تكون قبل الحرف الذي ينقل منه، ولا ينقل إلى ما بعد الحروف المنقولة منها الحركة، كما تقول في: (بِعت)، و (قُلت)، و (خِفت)، و (مِست) (٦)، و (ظِلْت)، و (أَحَسْت) (٧)، و (أَصَمّ) (٨)، و (أَعَدّ)، و (أَخِلَة). وكذلك نقل
(١) (يجز) ساقط من (ج).
(٢) ذكره أبو علي في "الحجة" ١/ ٣٧٢.
(٣) ذكره أبو علي قال: حكاه أحمد بن يحيى عن الفراء. "الحجة" ١/ ٣٧٢.
(٤) "الحجة" ١/ ٣٧٢، وما قبله كله من كلام أبي علي وقد اعتمد الواحدي في هذا المبحث على "الحجة".
(٥) انظر: "الكتاب" ٤/ ١٥٥.
(٦) الميس: التبختر، ماس يَميِس مَيْسا ومَيَسَانا: تبختر واختال. انظر. "اللسان" (مَيَس) ٦/ ٢٢٤، "القاموس" (مَيَس) ص ٥٧٦.
(٧) أصلها: أحسست، حذفت السين الثانية، وهي بمعنى: علمت. انظر. "تهذيب اللغة" (حس) ١/ ٨١٧، "اللسان" (حسس) ٢/ ٨٧١. في هذِه الكلمات نقلت حركة العين إلى الفاء، ولم تنقل إلى ما بعدها. انظر: "الحجة" ١/ ٣٧٢، ٣٧٣. ولكن نلحظ فيما سبق عند الكلام على (نحن) أنه ورد في أحد الأقوال: إن حركة الضمة نقلت من الحاء إلى النون.
(٨) في (أ): (أضم) وكذا في (ج) بدون شكل، وما في (ب) موافق لما في "الحجة".
(٢) ذكره أبو علي في "الحجة" ١/ ٣٧٢.
(٣) ذكره أبو علي قال: حكاه أحمد بن يحيى عن الفراء. "الحجة" ١/ ٣٧٢.
(٤) "الحجة" ١/ ٣٧٢، وما قبله كله من كلام أبي علي وقد اعتمد الواحدي في هذا المبحث على "الحجة".
(٥) انظر: "الكتاب" ٤/ ١٥٥.
(٦) الميس: التبختر، ماس يَميِس مَيْسا ومَيَسَانا: تبختر واختال. انظر. "اللسان" (مَيَس) ٦/ ٢٢٤، "القاموس" (مَيَس) ص ٥٧٦.
(٧) أصلها: أحسست، حذفت السين الثانية، وهي بمعنى: علمت. انظر. "تهذيب اللغة" (حس) ١/ ٨١٧، "اللسان" (حسس) ٢/ ٨٧١. في هذِه الكلمات نقلت حركة العين إلى الفاء، ولم تنقل إلى ما بعدها. انظر: "الحجة" ١/ ٣٧٢، ٣٧٣. ولكن نلحظ فيما سبق عند الكلام على (نحن) أنه ورد في أحد الأقوال: إن حركة الضمة نقلت من الحاء إلى النون.
(٨) في (أ): (أضم) وكذا في (ج) بدون شكل، وما في (ب) موافق لما في "الحجة".
180
حركات الهمز في التخفيف نحو: (جَيَل) (١) و (المرَة) (٢). وكذلك قولهم: (قَاضُون)، و (غَازُون)، و (مُشْتَرُون)، ونحو ذلك، فإذا كان الأمر على ما وصفنا، ولم نجد في هذه الأصول شيئا على ما (٣) ادعاه، ثبت (٤) فساد ما ذهب إليه لدفع (٥) الأصول ذلك، وقوله (٦) يوجب أن ضمة الياء في (اشتريوا) نقل إلى الواو (٧) بعد الياء، وإنما ينقل حيث ينقل إلى ما قبل المنقول منه لا إلى ما بعده كما بينا (٨). وأيضا فإنه لو كان كما ذكر، لوجب أن يتحرك الحرف الذي نقلت إليه (٩)، التقى مع الساكن أو لم يلتق (١٠)، ألا ترى أن سائر ما نقلت إليه الحركة مما ذكرنا، يتحرك (١١) بالحركة
(١) في (ج): (جل). و (جيل) أصلها جَيْأَل، ولكن خففت بحذف الهمزة في اللفظ، مبقاة في النية، ونقلوا حركة الهمزة إلى الياء. والجيأل: الضبع، والضخم من كل شيء. انظر. "اللسان" (جأل) ١/ ٢٥٩، "القاموس" (جأل) ص ٩٧٤.
(٢) (المَرَة) أصلها (المرأة) خففت الكلمة بحذف الهمزة، ونقلت حركتها إلى الراء، بعضهم قال: تخفيف قياسي مطرد، وبعضهم قال: غير مطرد. "اللسان" (مرأ) ٧/ ٤١٦٦.
(٣) (ما) ساقطة من (ب).
(٤) في (أ)، (ج) (وثبت) زيادة واو.
(٥) في (ب) (لرفع).
(٦) في (أ)، (ج) (وقوله تعالى)، وفي (أ) كتبت بخط كبير.
(٧) في (ب) (الياء).
(٨) قوله (ذلك وقوله يوجب.... إلى قوله: لا إلى ما بعده كما بينا) ليس في "الحجة". انظر: "الحجة" ١/ ٣٧٣.
(٩) عبارة أبي علي: (فلو كانت حركة نقل كما قال، لوجب أن يتحرك الحرف الذي نقلت إليه بها، التقى مع ساكن، أو لم يلتق...) "الحجة" ١/ ٣٧٤.
(١٠) في (ب): (يليق).
(١١) في (ب): (لتحرك).
(٢) (المَرَة) أصلها (المرأة) خففت الكلمة بحذف الهمزة، ونقلت حركتها إلى الراء، بعضهم قال: تخفيف قياسي مطرد، وبعضهم قال: غير مطرد. "اللسان" (مرأ) ٧/ ٤١٦٦.
(٣) (ما) ساقطة من (ب).
(٤) في (أ)، (ج) (وثبت) زيادة واو.
(٥) في (ب) (لرفع).
(٦) في (أ)، (ج) (وقوله تعالى)، وفي (أ) كتبت بخط كبير.
(٧) في (ب) (الياء).
(٨) قوله (ذلك وقوله يوجب.... إلى قوله: لا إلى ما بعده كما بينا) ليس في "الحجة". انظر: "الحجة" ١/ ٣٧٣.
(٩) عبارة أبي علي: (فلو كانت حركة نقل كما قال، لوجب أن يتحرك الحرف الذي نقلت إليه بها، التقى مع ساكن، أو لم يلتق...) "الحجة" ١/ ٣٧٤.
(١٠) في (ب): (يليق).
(١١) في (ب): (لتحرك).
181
المنقولة إليه، فلما لم تتحرك الواو في ﴿اشْتَرَوُا﴾ إلا عند التقاء ساكن، ثبت أن حركتها حركة الحروف الساكنة الملتقية (١) مع سواكن أخر (٢).
قال أبو أسحاق: من أبدل واو (٣) ﴿اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ﴾ همزة، غالط؛ لأن الواو المضمومة إنما تبدل همزة إذا لزمت ضمتها، نحو: ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ (٤) [المرسلات: ١١] وكذلك: (أَدْؤُرٌ) (٥) فيمن همزها، والضمة هاهنا إنما هي لالتقاء الساكنين فلا يلزم (٦).
وقوله تعالى: ﴿فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ﴾. (الربح) الزيادة على أصل المال (٧). و (التجارة) تقليب الأموال وتصريفها لطلب النماء (٨). يقال: تَجَرَ الرجل يَتْجُر تِجَارَة فهو تَاجِر (٩).
قال أبو أسحاق: من أبدل واو (٣) ﴿اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ﴾ همزة، غالط؛ لأن الواو المضمومة إنما تبدل همزة إذا لزمت ضمتها، نحو: ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ (٤) [المرسلات: ١١] وكذلك: (أَدْؤُرٌ) (٥) فيمن همزها، والضمة هاهنا إنما هي لالتقاء الساكنين فلا يلزم (٦).
وقوله تعالى: ﴿فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ﴾. (الربح) الزيادة على أصل المال (٧). و (التجارة) تقليب الأموال وتصريفها لطلب النماء (٨). يقال: تَجَرَ الرجل يَتْجُر تِجَارَة فهو تَاجِر (٩).
(١) في (ب): (المتلقية).
(٢) في (أ): (آخر) وفي (ب)، (ج)، بدون همز، وما أثبت موافق لما في "الحجة". بهذا انتهى رد أبي علي على الفراء، وقد اختصر الواحدي بعض كلامه. انظر "الحجة" ١/ ٣٧٢ - ٣٧٤.
(٣) نص كلام الزجاج: (فأما من يبدل من الضمة همزة فيقول: (اشترؤ الضلالة) فغالط...)، "معاني القرآن" ١/ ٥٧.
(٤) قال الزجاج: الأصل وقتت ١/ ٥٧.
(٥) قال الزجاج: وكذلك (أَدْؤر) إنما أصلها (أَدْوُر) ١/ ٥٧.
(٦) انتهى كلام الزجاج. انظر "معاني القرآن" ١/ ٥٧، وقوله: (فلا يلزم) ليس من كلام الزجاج، والمعنى: أن ضمة (اشتروا) إنما هي لالتقاء الساكنين فليست ضمة لازمة، فلا تقلب الواو المضمومة همزة، لعدم لزوم الضمة فيها.
(٧) انظر: "لباب التفسير" ١/ ١٤٢، "البحر" ١/ ٦٣، "الدر المصون" ١/ ١٥٤، "تفسير أبي السعود" ١/ ٤٩.
(٨) انظر: "مفردات الراغب" ص ٧٣، وانظر المصادر السابقة.
(٩) انظر: "مجمل اللغة" (تجر) ١/ ٤٩، "مقاييس اللغة" ١/ ٣٤١، "مفردات الراغب" ص ٧٣، وقالوا: ليس في كلام العرب تاء بعدها جيم إلا هذا اللفظ.
(٢) في (أ): (آخر) وفي (ب)، (ج)، بدون همز، وما أثبت موافق لما في "الحجة". بهذا انتهى رد أبي علي على الفراء، وقد اختصر الواحدي بعض كلامه. انظر "الحجة" ١/ ٣٧٢ - ٣٧٤.
(٣) نص كلام الزجاج: (فأما من يبدل من الضمة همزة فيقول: (اشترؤ الضلالة) فغالط...)، "معاني القرآن" ١/ ٥٧.
(٤) قال الزجاج: الأصل وقتت ١/ ٥٧.
(٥) قال الزجاج: وكذلك (أَدْؤر) إنما أصلها (أَدْوُر) ١/ ٥٧.
(٦) انتهى كلام الزجاج. انظر "معاني القرآن" ١/ ٥٧، وقوله: (فلا يلزم) ليس من كلام الزجاج، والمعنى: أن ضمة (اشتروا) إنما هي لالتقاء الساكنين فليست ضمة لازمة، فلا تقلب الواو المضمومة همزة، لعدم لزوم الضمة فيها.
(٧) انظر: "لباب التفسير" ١/ ١٤٢، "البحر" ١/ ٦٣، "الدر المصون" ١/ ١٥٤، "تفسير أبي السعود" ١/ ٤٩.
(٨) انظر: "مفردات الراغب" ص ٧٣، وانظر المصادر السابقة.
(٩) انظر: "مجمل اللغة" (تجر) ١/ ٤٩، "مقاييس اللغة" ١/ ٣٤١، "مفردات الراغب" ص ٧٣، وقالوا: ليس في كلام العرب تاء بعدها جيم إلا هذا اللفظ.
182
قال الشاعر:
ومعنى قوله ﴿فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ﴾ أي ما ربحوا في تجارتهم، وأضاف الربح إلى التجارة، لأن الربح يكون فيها، وهذا كلام العرب يقولون: ربح بيعك وخسر بيعك (٢)، ونام ليلك، وخاب سعيك، قال الله تعالى ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ [سبأ: ٣٣] أي مكرهم فيهما. وقال: ﴿فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ﴾ [محمد: ٢١] وإنما العزيمة للرجال في الأمر (٣).
وقال جرير:
فأضاف العمى والإبصار إلى الليل والنهار، ومراده بهما الموصوف
| قَدْ تَجَرَتْ في سُوقِنَا عَقْرَبٌ | لا مَرْحَبًا بالعَقْرَبِ التَّاجِرَه (١) |
وقال جرير:
| وأعْوَر مِنْ نَبْهَان أمَّا نَهاره | فَأعْمَى وأمَّا لَيْلُهُ فَبَصِيرُ (٤) |
(١) البيت للفضل بن عباس بن أبي لهب، وكان (عقرب بن أبي عقرب) رجل من تجار المدينة، مشهور بالمطل حتى قيل: (هو أمطل من عقرب) فعامله الفضل، فمطله فقال قصيدة يهجوه بها مطلعها هذا البيت المذكور، وردت القصيدة في "الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة" ١/ ٩٨، "جمهرة الأمثال" للعسكري ١/ ٢٨١، "المستقصى في أمثال العرب" ١/ ٣٣، "مجمع الأمثال" ١/ ٢٦٠، "اللسان" (عقرب) ٥/ ٣٠٣٩.
(٢) (خسر بيعك) ساقط من (ب).
(٣) انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٣٩، "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٤، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٠٧، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٨، "تأويل مشكل القرآن" ص ١٣٨، "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٤٢، "زاد المسير" ١/ ٣٨.
(٤) من قصيدة له هجا فيها النبهاني، وكان قد هجا جريرا، ورد البيت في "الطبرى" ١/ ١٤٠، "ديوان جرير" ص ٢٠٣.
(٢) (خسر بيعك) ساقط من (ب).
(٣) انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٣٩، "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٤، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٠٧، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٨، "تأويل مشكل القرآن" ص ١٣٨، "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٤٢، "زاد المسير" ١/ ٣٨.
(٤) من قصيدة له هجا فيها النبهاني، وكان قد هجا جريرا، ورد البيت في "الطبرى" ١/ ١٤٠، "ديوان جرير" ص ٢٠٣.
183
من نبهان (١).
قال الفراء: وهذا إنما يجوز إذا عرف الكلام ولم يشكل، فإذا أشكل لم يجز، كما لو قال: خسر عبدك، وأراد أن يجعل العبد تجارة يربح فيه، أو يوضع (٢)، لأنه قد يكون العبد تاجرا فيربح، فلا يعرف معناه إذا ربح (٣) من معناه إذا كان مَتْجُورًا (٤) فيه (٥).
١٧ - قوله تعالى: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ الآية. قال أبو عبيد عن الفراء: يقال (٦): مَثَل ومِثْل وشَبَه وشِبْه بمعنى واحد (٧).
وقال الليث: المثل: الشيء الذي يضرب (٨) مثلا لشيء، فيجعل مثله (٩). وقال المبرد (١٠): (المثل): مأخوذ من المثال، والمثل من الكلام: قول سائر نشبه (١١) به حال الثاني بالأول، والأصل فيه التشبيه، فمعنى قولهم: (مثل بين يديه) إذا انتصب، معناه: أشبه الصورة المنتصبة بين يديه،
قال الفراء: وهذا إنما يجوز إذا عرف الكلام ولم يشكل، فإذا أشكل لم يجز، كما لو قال: خسر عبدك، وأراد أن يجعل العبد تجارة يربح فيه، أو يوضع (٢)، لأنه قد يكون العبد تاجرا فيربح، فلا يعرف معناه إذا ربح (٣) من معناه إذا كان مَتْجُورًا (٤) فيه (٥).
١٧ - قوله تعالى: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ الآية. قال أبو عبيد عن الفراء: يقال (٦): مَثَل ومِثْل وشَبَه وشِبْه بمعنى واحد (٧).
وقال الليث: المثل: الشيء الذي يضرب (٨) مثلا لشيء، فيجعل مثله (٩). وقال المبرد (١٠): (المثل): مأخوذ من المثال، والمثل من الكلام: قول سائر نشبه (١١) به حال الثاني بالأول، والأصل فيه التشبيه، فمعنى قولهم: (مثل بين يديه) إذا انتصب، معناه: أشبه الصورة المنتصبة بين يديه،
(١) ذكره " الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٠.
(٢) أي: يخسر فيه.
(٣) في "معاني القرآن" للفراء: (إذا ربح هو) ١/ ١٥.
(٤) في (ب): (متجوزا).
(٥) نقل كلام الفراء بمعناه انظر "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٥.
(٦) في (ب): (ويقال).
(٧) "تهذيب اللغة" (مثل) ٤/ ٣٣٤١.
(٨) في (ب): (لا يضرب) و (ج) (ضرب).
(٩) "تهذيب اللغة" (مثل) ٤/ ٣٣٤١.
(١٠) أورد الميداني كلام المبرد في "مجمع الأمثال" ١/ ٧.
(١١) في "مجمع الأمثال" (يشبه به).
(٢) أي: يخسر فيه.
(٣) في "معاني القرآن" للفراء: (إذا ربح هو) ١/ ١٥.
(٤) في (ب): (متجوزا).
(٥) نقل كلام الفراء بمعناه انظر "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٥.
(٦) في (ب): (ويقال).
(٧) "تهذيب اللغة" (مثل) ٤/ ٣٣٤١.
(٨) في (ب): (لا يضرب) و (ج) (ضرب).
(٩) "تهذيب اللغة" (مثل) ٤/ ٣٣٤١.
(١٠) أورد الميداني كلام المبرد في "مجمع الأمثال" ١/ ٧.
(١١) في "مجمع الأمثال" (يشبه به).
184
والأماثل: الأفاضل. و (هذا أمثل من ذاك) (١)، أي: أشبه بما له (٢) الفضل.
والِمثَال: القصاص لتسوية (٣) الحالتين، وتشبيه حال المقتص منه بحال الأول، والامتثال: الاقتصاص من هذا.
و (الأمثال) (٤): أصل كبير في بيان الأشياء، لأن الشيء يعرف بشبهه ونظيره. [و (الأمثال): يخرج ما يخفى تصوره إلى ما يظهر تصوره، و (المثل): بيان ظاهر على أن الثاني مثل الأول] (٥).
و (الأمثال): متداولة سائرة في البلاد، وفيها حكم عجيبة وفوائد كثيرة، وقد ذكر الله تعالى الأمثال في غير موضع من كتابه، لما (٦) فيها من حسن البيان وقرب الاستدلال.
والمقصود بالمثل: البيان عن حال الممثل (٧). وحقيقته: ما جعل من القول كالعلم للتشبيه بحال الأول، مثال ذلك قول كعب بن زهير (٨):
والِمثَال: القصاص لتسوية (٣) الحالتين، وتشبيه حال المقتص منه بحال الأول، والامتثال: الاقتصاص من هذا.
و (الأمثال) (٤): أصل كبير في بيان الأشياء، لأن الشيء يعرف بشبهه ونظيره. [و (الأمثال): يخرج ما يخفى تصوره إلى ما يظهر تصوره، و (المثل): بيان ظاهر على أن الثاني مثل الأول] (٥).
و (الأمثال): متداولة سائرة في البلاد، وفيها حكم عجيبة وفوائد كثيرة، وقد ذكر الله تعالى الأمثال في غير موضع من كتابه، لما (٦) فيها من حسن البيان وقرب الاستدلال.
والمقصود بالمثل: البيان عن حال الممثل (٧). وحقيقته: ما جعل من القول كالعلم للتشبيه بحال الأول، مثال ذلك قول كعب بن زهير (٨):
(١) في (ب): (ذلك). وفي "مجمع الأمثال": (فلان أمثل من فلان) ١/ ٧.
(٢) في "مجمع الأمثال" (أشبه بما له [من] الفضل) ١/ ٧، ويظهر أن (من) مضافة من المحقق لاستقامة المعنى.
(٣) في (أ) (لتشويه). وقوله: (المثال القصاص لتسوية الحالتين) ليس في "مجمع الأمثال" ١/ ٧.
(٤) في (ب): (الامتثال).
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) في (ب): (التي فيها).
(٧) في (ب): (الممتثل).
(٨) هو كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني، شاعر مشهور، وصحابي معروف، قدم على رسول الله صلى الله عيه وسلم وأسلم وأنشده قصيدته المشهورة (بانت سعاد). انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٨٩٠، "الإصابة" ٣/ ٢٩٥.
(٢) في "مجمع الأمثال" (أشبه بما له [من] الفضل) ١/ ٧، ويظهر أن (من) مضافة من المحقق لاستقامة المعنى.
(٣) في (أ) (لتشويه). وقوله: (المثال القصاص لتسوية الحالتين) ليس في "مجمع الأمثال" ١/ ٧.
(٤) في (ب): (الامتثال).
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) في (ب): (التي فيها).
(٧) في (ب): (الممتثل).
(٨) هو كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني، شاعر مشهور، وصحابي معروف، قدم على رسول الله صلى الله عيه وسلم وأسلم وأنشده قصيدته المشهورة (بانت سعاد). انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٨٩٠، "الإصابة" ٣/ ٢٩٥.
185
| كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَنا (١) مَثَلاً | وَمَا مَوَاعِيدُهُ إلاَّ الأَبَاطِيلُ (٢) |
وذُكِر لفظ (المثل) لأن المراد تشبيه الحالة بالحالة، وذكرنا أن لفظ المثل (٥) قد صار كالعلم للتشبيه بحال الأول، ولو قيل ﴿كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ لم يُعرف ما الغرض من التشبيه، فإذا ذكر لفظ المثل عُلم أن المراد تشبيه الحال بالحال (٦).
و ﴿اسْتَوْقَدَ﴾ بمعنى: أوقد (٧) في قول أكثر أهل اللغة (٨).
وقال بعضهم: استوقد، معناه: استدعى بالنار الضياء (٩)، والأول
(١) في (ب): (لها) وهي رواية للبيت.
(٢) بيت من قصيدة كعب (بانت سعاد) المشهورة التي قالها أمام الرسول ﷺ فأعطاه بردته، و (عرقوب): اسم رجل مشهور بخلف الوعد فيضرب به المثل، فيقال: (مواعيد عرقوب)، أورد القصيدة ابن هشام في "السيرة" ٤/ ١٥٢، وأورد بعضها ابن قتيبة في "الشعر والشعراء" ص ٨٠، وورد البيت المستشهد به في "الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة" ١/ ١٧٧، "مجمع الأمثال" للميداني ١/ ٧.
(٣) في (ج): (مثالا).
(٤) انتهى كلام المبرد، وقد ذكره الميداني في مقدمة "مجمع الأمثال" واختصر بعضه، ١/ ٧.
(٥) في (ب): (الملك).
(٦) انظر: "الطبري" ١/ ١٤٠، "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٥، "الكشاف" ١/ ١٩٧.
(٧) (أوقد) ساقط من (ب).
(٨) فعلى هذا (السين) و (التاء) زائدتان: انظر "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٠٨، "تأويل مشكل القرآن" ص ٣٦٢، "تفسير الطبري" ١/ ١٤٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٣، "زاد المسير" ١/ ٣٩، "القرطبي" ١/ ١٨٣، "البحر" ١/ ٧٥.
(٩) وقيل: المراد طلب من غيره أن يوقد له. انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٤، "زاد =
(٢) بيت من قصيدة كعب (بانت سعاد) المشهورة التي قالها أمام الرسول ﷺ فأعطاه بردته، و (عرقوب): اسم رجل مشهور بخلف الوعد فيضرب به المثل، فيقال: (مواعيد عرقوب)، أورد القصيدة ابن هشام في "السيرة" ٤/ ١٥٢، وأورد بعضها ابن قتيبة في "الشعر والشعراء" ص ٨٠، وورد البيت المستشهد به في "الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة" ١/ ١٧٧، "مجمع الأمثال" للميداني ١/ ٧.
(٣) في (ج): (مثالا).
(٤) انتهى كلام المبرد، وقد ذكره الميداني في مقدمة "مجمع الأمثال" واختصر بعضه، ١/ ٧.
(٥) في (ب): (الملك).
(٦) انظر: "الطبري" ١/ ١٤٠، "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٥، "الكشاف" ١/ ١٩٧.
(٧) (أوقد) ساقط من (ب).
(٨) فعلى هذا (السين) و (التاء) زائدتان: انظر "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٠٨، "تأويل مشكل القرآن" ص ٣٦٢، "تفسير الطبري" ١/ ١٤٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٣، "زاد المسير" ١/ ٣٩، "القرطبي" ١/ ١٨٣، "البحر" ١/ ٧٥.
(٩) وقيل: المراد طلب من غيره أن يوقد له. انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٤، "زاد =
186
الصحيح (١). و (النار) من النور (٢)، وجمعها نيران (٣)، والنار تستعار لكل شدة، فيقال: أوقد نار الفتنة، وألقى بينهم نارا: إذا ألقى عداوة. و (أضاء) يكون واقعا ومطاوعا (٤)، يقال: أَضَاءَ الشيء بنفسه، وأضاءه غيره (٥).
وقال أبو عبيد: أَضَاءَت النار، وأَضَاءَها غيرها (٦). والنار تضيء في نفسها، وتضيء غيرها من الأشياء، قال الشاعر:
وقال أبو عبيد: أَضَاءَت النار، وأَضَاءَها غيرها (٦). والنار تضيء في نفسها، وتضيء غيرها من الأشياء، قال الشاعر:
| أَضاءتْ لهم أَحَسابُهُم وَوُجُوههم | دُجَى الليْلِ حتَّى نَظَّم الجَزْعَ ثَاقِبُهْ (٧) |
= المسير" ١/ ٣٩. وقيل: طلب الوقود وسعى في تحصيله، وهو سطوع النار وأرتفاع لهبها. انظر: "تفسير البيضاوي" ١/ ١١، "تفسير أبي السعود" ١/ ٥٠، وانظر. "البحر" ١/ ٧٨.
(١) وهو اختيار الأخفش وابن جرير وغيرهم كما سبق.
(٢) وبعضهم جعلها مشتقة من نار ينور إذا نفر، لأن فيها حركة واضطرابا، والنور مشتق منها. ذكره الزمخشري في "الكشاف" ١/ ١٩٧، انظر: "معجم مقاييس اللغة" (نور) ٥/ ٣٦٨.
(٣) انظر "تهذيب اللغة" (نار) ٤/ ٣٤٧٩، وفي "القرطبي" جمعها (نور وأنوار ونيران)، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٤.
(٤) الفعل الواقع هو المتعدي إلى مفعول به أو أكثر.
والمطاوعة: هي قبول فاعل فعل أثر فاعل فعل آخر يلتقيان في الاشتقاق، مثل: أدبته فتأدب، فالتأدب أثر التأديب. انظر (معجم المصطلحات النحوية والصرفية) ص ١٤١، ٢٤٥.
(٥) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٣٥ أ، ب، "الصحاح" (ضوأ) ١/ ٦٠، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ١٨٤، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٥، "زاد المسير" ١/ ٣٩، "الكشاف" ١/ ١٩٨.
(٦) "تهذيب اللغة" (ضاء) ٣/ ٢٠٧٧.
(٧) في (أ)، (ج) (ناقبه) بالنون وما في (ب) موافق لجميع المصادر. والبيت نسبه بعضهم لأبي الطمحان القيني، وبعضهم للقيط بن زرارة، يقول: إن أحسابهم =
(١) وهو اختيار الأخفش وابن جرير وغيرهم كما سبق.
(٢) وبعضهم جعلها مشتقة من نار ينور إذا نفر، لأن فيها حركة واضطرابا، والنور مشتق منها. ذكره الزمخشري في "الكشاف" ١/ ١٩٧، انظر: "معجم مقاييس اللغة" (نور) ٥/ ٣٦٨.
(٣) انظر "تهذيب اللغة" (نار) ٤/ ٣٤٧٩، وفي "القرطبي" جمعها (نور وأنوار ونيران)، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٤.
(٤) الفعل الواقع هو المتعدي إلى مفعول به أو أكثر.
والمطاوعة: هي قبول فاعل فعل أثر فاعل فعل آخر يلتقيان في الاشتقاق، مثل: أدبته فتأدب، فالتأدب أثر التأديب. انظر (معجم المصطلحات النحوية والصرفية) ص ١٤١، ٢٤٥.
(٥) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٣٥ أ، ب، "الصحاح" (ضوأ) ١/ ٦٠، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ١٨٤، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٥، "زاد المسير" ١/ ٣٩، "الكشاف" ١/ ١٩٨.
(٦) "تهذيب اللغة" (ضاء) ٣/ ٢٠٧٧.
(٧) في (أ)، (ج) (ناقبه) بالنون وما في (ب) موافق لجميع المصادر. والبيت نسبه بعضهم لأبي الطمحان القيني، وبعضهم للقيط بن زرارة، يقول: إن أحسابهم =
187
ويقال: ضَاءَت النار، وأضاءت، لغتان (١)، وأضاء السبيل إذا وضح، وكل ما وضح فقد أضاء، وأضاءت الشمس وأضاء القمر (٢). والذي في الآية واقع (٣).
وقوله تعالى: ﴿مَا حَوْلَهُ﴾. محل (ما) منصوب بوقوع الإضاءة عليه، و (حوله) نصب على الظرف (٤). والعرب تقول: رأيت الناس حَوْلَه، وحَوْلَيْه، وحَوَالَهُ، وحَوَالَيْهِ. فَحَوَالَهُ وُحْدَان حَوَالَيْه، وَحَوْلَيْه تَثْنِيةُ حَوْلَه وينشد: مَاءٌ رَوَاهٌ ونَصيٌّ حَوْلَيَه (٥) ومما ينشد على لسان البهائم أن الضب
وقوله تعالى: ﴿مَا حَوْلَهُ﴾. محل (ما) منصوب بوقوع الإضاءة عليه، و (حوله) نصب على الظرف (٤). والعرب تقول: رأيت الناس حَوْلَه، وحَوْلَيْه، وحَوَالَهُ، وحَوَالَيْهِ. فَحَوَالَهُ وُحْدَان حَوَالَيْه، وَحَوْلَيْه تَثْنِيةُ حَوْلَه وينشد: مَاءٌ رَوَاهٌ ونَصيٌّ حَوْلَيَه (٥) ومما ينشد على لسان البهائم أن الضب
= طاهرة زكية، فدجى الليل تنكشف من نور أحسابهم، حتى إن ثاقب الضوء يسهل نظم الجزع لناظمه، ورد البيت في "الكامل" ٣/ ١٢٩، "الحماسة بشرح المرزوقي" ٤/ ١٥٩٨، "أمالي المرتضى" ١/ ٢٥٧، "الشعر والشعراء" ص ٤٧٥، "الصناعتين" ص ٣٦٠، "خزانة الأدب" ٨/ ٩٥، "اللسان" (خضض) ٢/ ١١٨٦، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٥.
(١) انظر "الصحاح" (ضوأ) ١/ ٦٠، "تهذيب اللغة" (ضاء) ٣/ ٢٠٧٧، "اللسان" (ضوأ) ٥/ ٢٦١٨.
(٢) انظر: "القرطبي" في: "تفسيره" ١/ ١٨٥، "زاد المسير" ١/ ٣٩.
(٣) أي متعد، وقيل: لازم، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٤، "الكشاف" ١/ ١٩٨، "زاد المسير" ١/ ٣٩، "البحر المحيط" ١/ ٧٨، "الدر المصون" ١/ ١٦٠.
(٤) هذا على أن (أضاء) متعد، فإن كان لازما، فالفاعل ضمير النار، و (ما) زائدة، وأجاز الزمخشري: أن تكون موصولة فاعله، وحوله منصوب على الظرفية. انظر (إعراب القرآن) للنحاس ١/ ١٤٣، "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢١، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٤، "الكشاف" ١/ ١٩٨، "البحر المحيط" ١/ ١٧٨، "الدر المصون" ١/ ١٦٠.
(٥) الرِجز للزَّفَيَان السعدي، يروى البيت (حَوْلَيَه) و (حَولِيه) و (حَوْلَيْهْ) ورد البيت عند أبي زيد ص٣٣١، وفي "التهذيب" (حال) ١/ ٧١٠، "الخصائص" ١/ ٣٣٢، وليس في "كلام العرب" لابن خالويه ص ٤١، "اللسان" (روى) ٢/ ١٠٥٥. قال محقق "نوادر أبي زيد": المثبت هنا رواية أبي زيد والبصريين على أنه من الرجز وهي =
(١) انظر "الصحاح" (ضوأ) ١/ ٦٠، "تهذيب اللغة" (ضاء) ٣/ ٢٠٧٧، "اللسان" (ضوأ) ٥/ ٢٦١٨.
(٢) انظر: "القرطبي" في: "تفسيره" ١/ ١٨٥، "زاد المسير" ١/ ٣٩.
(٣) أي متعد، وقيل: لازم، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٤، "الكشاف" ١/ ١٩٨، "زاد المسير" ١/ ٣٩، "البحر المحيط" ١/ ٧٨، "الدر المصون" ١/ ١٦٠.
(٤) هذا على أن (أضاء) متعد، فإن كان لازما، فالفاعل ضمير النار، و (ما) زائدة، وأجاز الزمخشري: أن تكون موصولة فاعله، وحوله منصوب على الظرفية. انظر (إعراب القرآن) للنحاس ١/ ١٤٣، "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢١، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٤، "الكشاف" ١/ ١٩٨، "البحر المحيط" ١/ ١٧٨، "الدر المصون" ١/ ١٦٠.
(٥) الرِجز للزَّفَيَان السعدي، يروى البيت (حَوْلَيَه) و (حَولِيه) و (حَوْلَيْهْ) ورد البيت عند أبي زيد ص٣٣١، وفي "التهذيب" (حال) ١/ ٧١٠، "الخصائص" ١/ ٣٣٢، وليس في "كلام العرب" لابن خالويه ص ٤١، "اللسان" (روى) ٢/ ١٠٥٥. قال محقق "نوادر أبي زيد": المثبت هنا رواية أبي زيد والبصريين على أنه من الرجز وهي =
188
قال لِلْحِسْل (١):
و (النور) ضد الظلمة، ويقال: نار الشيء وأنار واستنار بمعنى واحد، وأنار الشيء (٤) أي أوضحه (٥) ومنه الحديث: (فرض عمر بن الخطاب (٦) -رضي الله عنه- فريضة فأنارها زيد بن ثابت) (٧).
فأما التفسير: فقال ابن عباس وقتادة والضحاك ومقاتل والسدي: يقول: مثل هؤلاء المنافقين كمثل رجل أوقد ناراً في ليلة (٨) مظلمة في مفازة فاستضاء بها واستدفأ، ورأى ما حوله فاتقى ما يحذر ويخاف وأمن، فبينما
| أهَدَمُوا بَيْتَكَ لا أبَالَكا | وأنا أمْشِي (٢) الدَّأَلَى حَوَالَكَا (٣) |
فأما التفسير: فقال ابن عباس وقتادة والضحاك ومقاتل والسدي: يقول: مثل هؤلاء المنافقين كمثل رجل أوقد ناراً في ليلة (٨) مظلمة في مفازة فاستضاء بها واستدفأ، ورأى ما حوله فاتقى ما يحذر ويخاف وأمن، فبينما
= (حَوْلَيَهْ) وأما رواية الكوفيين للأبيات فعلى أنها من السريع (حَوْلَيْهْ...)، ص ٣٣١.
(١) في (ب): (للحسك) والحِسْل: ولد الضب. "تهذيب اللغة" (حسل) ٤/ ٣٠٣.
(٢) في (ب): (استي).
(٣) الرجز من "شواهد سيبويه" ١/ ٣٥١، وهو في "الكامل" ٢/ ١٩٨، "المخصص" ١٣/ ٢٢٦، "أمالي الزجاجي" ص١٣٠، "همع الهوامع" ١/ ١٣٥، "اللسان" (حول) ٢/ ١٠٥٥ الدألي. مشية فيها تثاقل، وهو من تكاذيب الأعراب يزعمون أنه من قول الضب لولده أيام كانت الأشياء تتكلم.
(٤) في (ب): (للشيء).
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (نار) ٤/ ٣٤٨٢.
(٦) (بن الخطاب) سقط من (ب).
(٧) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ولفظه: (فرض عمر بن الخطاب للجد ثم أنارها زيد بن ثابت)، أي: نورها وأوضحها "تهذيب اللغة" (نار) ٤/ ٣٤٧٩، ونحوه عند ابن الجوزي في "غريب الحديث" ٢/ ٤٤٠، وعند ابن الأثير في "النهاية" ٥/ ١٢٥. وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" بسنده عن الزهري نحوه ولفظه: (إنما هذِه فرائض عمر، ولكن زيدا أثارها بعده وفشت عنه)، "المصنف" ١٠/ ٢٦٦، ٢٦٧ رقم (١٩٠٦٠) و (١٩٠٦١)، ونحوه في "كنز العمال" عن عبد الرزاق ١١/ ٦٢.
(٨) في (ب): (ليل).
(١) في (ب): (للحسك) والحِسْل: ولد الضب. "تهذيب اللغة" (حسل) ٤/ ٣٠٣.
(٢) في (ب): (استي).
(٣) الرجز من "شواهد سيبويه" ١/ ٣٥١، وهو في "الكامل" ٢/ ١٩٨، "المخصص" ١٣/ ٢٢٦، "أمالي الزجاجي" ص١٣٠، "همع الهوامع" ١/ ١٣٥، "اللسان" (حول) ٢/ ١٠٥٥ الدألي. مشية فيها تثاقل، وهو من تكاذيب الأعراب يزعمون أنه من قول الضب لولده أيام كانت الأشياء تتكلم.
(٤) في (ب): (للشيء).
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (نار) ٤/ ٣٤٨٢.
(٦) (بن الخطاب) سقط من (ب).
(٧) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ولفظه: (فرض عمر بن الخطاب للجد ثم أنارها زيد بن ثابت)، أي: نورها وأوضحها "تهذيب اللغة" (نار) ٤/ ٣٤٧٩، ونحوه عند ابن الجوزي في "غريب الحديث" ٢/ ٤٤٠، وعند ابن الأثير في "النهاية" ٥/ ١٢٥. وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" بسنده عن الزهري نحوه ولفظه: (إنما هذِه فرائض عمر، ولكن زيدا أثارها بعده وفشت عنه)، "المصنف" ١٠/ ٢٦٦، ٢٦٧ رقم (١٩٠٦٠) و (١٩٠٦١)، ونحوه في "كنز العمال" عن عبد الرزاق ١١/ ٦٢.
(٨) في (ب): (ليل).
189
هو كذلك إذ طفئت ناره فبقي مظلما خائفا متحيرا، كذلك المنافقون لما أظهروا كلمة الإيمان استناروا بنورها، واعتزوا بعزها، وأمنوا، فناكحوا المسلمين ووارثوهم (١) وقاسموهم الغنائم وأمنوا على أموالهم وأولادهم، فلما ماتوا عادوا إلى الظلمة والخوف، وبقوا في العذاب والنقمة (٢).
وهذا القول اختيار الزجاج، لأنه قال: هذا المثل ضربه الله للمنافقين في تجملهم بظاهر الإسلام، فمثل ما تجملوا به من الإسلام كمثل النار التي يستضيء (٣) بها المستوقد (٤).
وعلى ما قاله أبو إسحاق: التمثيل وقع بين تجملهم (٥) بالإسلام، وبين النار التي (٦) يستضاء بها.
وقال غيره: معنى الآية: مثل استضاءتهم (٧) بكلمة الإيمان كمثل استضاءة الموقد بالنار. فالتمثيل وقع بين الاستضاءتين، وحذف الاستضاءة، لأنه مضاف فأقيم المضاف إليه مقامه (٨).
وهذا قول الفراء، لأنه قال: شبههم وهم جماعة بالذي استوقد نارًا
وهذا القول اختيار الزجاج، لأنه قال: هذا المثل ضربه الله للمنافقين في تجملهم بظاهر الإسلام، فمثل ما تجملوا به من الإسلام كمثل النار التي يستضيء (٣) بها المستوقد (٤).
وعلى ما قاله أبو إسحاق: التمثيل وقع بين تجملهم (٥) بالإسلام، وبين النار التي (٦) يستضاء بها.
وقال غيره: معنى الآية: مثل استضاءتهم (٧) بكلمة الإيمان كمثل استضاءة الموقد بالنار. فالتمثيل وقع بين الاستضاءتين، وحذف الاستضاءة، لأنه مضاف فأقيم المضاف إليه مقامه (٨).
وهذا قول الفراء، لأنه قال: شبههم وهم جماعة بالذي استوقد نارًا
(١) في (ب): (واورثوهم).
(٢) ذكره "الطبري" ١/ ١٤٣ - ١٤٤، من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس، وعن قتادة والضحاك ورجحه. وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٥٠ عن ابن عباس. وذكره ابن كثير عن قتادة. انظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ٥٨، "الدر المصون" ١/ ٣٢.
(٣) في (أ)، (ج): (تستضيء)، وأثبت ما في (ب) لمناسبته للسياق.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٨.
(٥) في (ب): (تحكمهم).
(٦) في (ب): (الذي).
(٧) في (ب) (استضابهم).
(٨) ذكره "الطبري" ١/ ١٤١.
(٢) ذكره "الطبري" ١/ ١٤٣ - ١٤٤، من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس، وعن قتادة والضحاك ورجحه. وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٥٠ عن ابن عباس. وذكره ابن كثير عن قتادة. انظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ٥٨، "الدر المصون" ١/ ٣٢.
(٣) في (أ)، (ج): (تستضيء)، وأثبت ما في (ب) لمناسبته للسياق.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٨.
(٥) في (ب): (تحكمهم).
(٦) في (ب): (الذي).
(٧) في (ب) (استضابهم).
(٨) ذكره "الطبري" ١/ ١٤١.
190
وهو واحد؛ لأنه تشبيه (١) للفعل بالفعل، لا للذوات (٢) بالذوات، ومحل هذا قوله: ﴿تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ [الأحزاب: ١٩] يعني كدوران عين الذي يغشى عليه، وكقوله: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لقمان: ٢٨]، يعني إلا كخلق وكبعث نفس واحدة.
قال: ولو أراد تشبيه الذوات لقال: (كالذين)، كما قال: ﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ﴾ [المنافقون ٤٠] وقال: ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٧] وعلى هذا ﴿الَّذِي﴾ في قوله: ﴿الَّذِي اسْتَوْقَدَ﴾ واحد (٣).
وقوله تعالى بعد هذا: ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾. قال الزجاج: معناه والله أعلم إطلاع الله المؤمنين على كفرهم، فقد ذهب منهم نور الإسلام بما أظهر الله عز وجل من كفرهم، ويجوز أن يكون ذهب الله بنورهم في الآخرة، لأن الله عز وجل قد جعل للمؤمنين في الآخرة نورا، وسلب الكافرين ذلك النور، وهو قوله: ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ (٤) [الحديد: ١٣].
ومثل هذا قال الفراء، فقال: إنما قال: ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾ لأن المعنى ذهب إلى المنافقين (٥).
قال: ولو أراد تشبيه الذوات لقال: (كالذين)، كما قال: ﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ﴾ [المنافقون ٤٠] وقال: ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٧] وعلى هذا ﴿الَّذِي﴾ في قوله: ﴿الَّذِي اسْتَوْقَدَ﴾ واحد (٣).
وقوله تعالى بعد هذا: ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾. قال الزجاج: معناه والله أعلم إطلاع الله المؤمنين على كفرهم، فقد ذهب منهم نور الإسلام بما أظهر الله عز وجل من كفرهم، ويجوز أن يكون ذهب الله بنورهم في الآخرة، لأن الله عز وجل قد جعل للمؤمنين في الآخرة نورا، وسلب الكافرين ذلك النور، وهو قوله: ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ (٤) [الحديد: ١٣].
ومثل هذا قال الفراء، فقال: إنما قال: ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾ لأن المعنى ذهب إلى المنافقين (٥).
(١) في (ب) (وهو لا تشبيه).
(٢) في (ب) (للذات).
(٣) انظر كلام الفراء في: "معاني القرآن" ١/ ١٥، نقله الواحدي بمعناه، وانظر "الطبري" في تفسيره ١/ ١٤١.
(٤) كلام الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٥٩.
(٥) قال الفراء بعد هذا: (... فجمع لذلك، ولو وحد لكان صوابًا...) "معاني القرآن" ١/ ١٥. ومعنى كلام الفراء: أن المعنى انصرف إلى المنافقين، وليس للذي استوقد نارًا، ولو كان المعنى له لقال: بنوره. وقول الفراء (لو وحد لكان صوابًا) =
(٢) في (ب) (للذات).
(٣) انظر كلام الفراء في: "معاني القرآن" ١/ ١٥، نقله الواحدي بمعناه، وانظر "الطبري" في تفسيره ١/ ١٤١.
(٤) كلام الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٥٩.
(٥) قال الفراء بعد هذا: (... فجمع لذلك، ولو وحد لكان صوابًا...) "معاني القرآن" ١/ ١٥. ومعنى كلام الفراء: أن المعنى انصرف إلى المنافقين، وليس للذي استوقد نارًا، ولو كان المعنى له لقال: بنوره. وقول الفراء (لو وحد لكان صوابًا) =
191
فعلى قول هذين (١) النور كان للمنافقين فأذهبه الله، والكناية راجعة إليهم (٢).
وكان يجب في حق النظم أن يكون اللفظ (٣): (فلما أضاءت ما حوله أطفأ الله ناره) ليشاكل جواب (لما) معنى هذه القصة (٤). ولكن لما كان إطفاء النار مثلا لإذهاب نورهم، أقيم ذهاب النور مقام الإطفاء، وجعل جواب (لما) (٥) اختصارا وإيجازا، وهذا طريق حسن في الآية.
وفيها طريق آخر: وهو أن ﴿الَّذِي﴾ في قوله: ﴿الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾
وكان يجب في حق النظم أن يكون اللفظ (٣): (فلما أضاءت ما حوله أطفأ الله ناره) ليشاكل جواب (لما) معنى هذه القصة (٤). ولكن لما كان إطفاء النار مثلا لإذهاب نورهم، أقيم ذهاب النور مقام الإطفاء، وجعل جواب (لما) (٥) اختصارا وإيجازا، وهذا طريق حسن في الآية.
وفيها طريق آخر: وهو أن ﴿الَّذِي﴾ في قوله: ﴿الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾
= أسلوب لا يتناسب مع كلام الله، لأن ما قال الله هو الصواب لا غيره.
(١) أي: قول الزجاج والفراء.
(٢) وإلى هذا ذهب "الطبري" وغيره. والمعنى عند "الطبري": فلما أضاءت ما حوله: ذلك أن المنافق لم يزل مستضيئا بضوء القول الذي قاله منافقا في حياته، ثم في يوم القيامة أنطفأ ذلك النور، وقال: الهاء والميم في (بنورهم) عائد على (الهاء والميم) في قوله: (مثلهم). "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٥، وبعضهم قال: (الهاء والميم) تعود على (الذي). انظر "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٣.
(٣) (أن يكون اللفظ) ساقط من (ب).
(٤) هذا التعبير لا يناسب مقام كتاب الله، وإن كان للعبارة وجه من الاحتمال، لكن الأولى استعمال الألفاظ والأساليب التي تليق بكلام الله الذي هو في قمة الفصاحة والبلاغة، والله سبحانه قال ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾ وهذا أبلغ مما ذكر الواحدي في قوله: (أطفأ الله ناره) فالنار إذا انطفأت يمكن إيقادها، ولكن إذا ذهب نورها وسلب فلا فائدة فيها. وكذا قوله: (وهذا طريق حسن في الآية) وهل هناك أحسن مما تكلم الله به؟!.
(٥) للعلماء في جواب (لما) قولان: أحدهما: أنه محذوف تقديره (خمدت وانطفأت) وهذا رأي "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٥، والزمخشري في "الكشاف" ١/ ١٩٨، وقد انتصرا لهذا الوجه ورجحاه. ورد أبو حيان قول الزمخشري، وقال: لا ينبغي آن يفسر كلام الله بغير ما يحتمله ولا أن يزاد فيه، بل يكون الشرح طبق المشروح =
(١) أي: قول الزجاج والفراء.
(٢) وإلى هذا ذهب "الطبري" وغيره. والمعنى عند "الطبري": فلما أضاءت ما حوله: ذلك أن المنافق لم يزل مستضيئا بضوء القول الذي قاله منافقا في حياته، ثم في يوم القيامة أنطفأ ذلك النور، وقال: الهاء والميم في (بنورهم) عائد على (الهاء والميم) في قوله: (مثلهم). "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٥، وبعضهم قال: (الهاء والميم) تعود على (الذي). انظر "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٣.
(٣) (أن يكون اللفظ) ساقط من (ب).
(٤) هذا التعبير لا يناسب مقام كتاب الله، وإن كان للعبارة وجه من الاحتمال، لكن الأولى استعمال الألفاظ والأساليب التي تليق بكلام الله الذي هو في قمة الفصاحة والبلاغة، والله سبحانه قال ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾ وهذا أبلغ مما ذكر الواحدي في قوله: (أطفأ الله ناره) فالنار إذا انطفأت يمكن إيقادها، ولكن إذا ذهب نورها وسلب فلا فائدة فيها. وكذا قوله: (وهذا طريق حسن في الآية) وهل هناك أحسن مما تكلم الله به؟!.
(٥) للعلماء في جواب (لما) قولان: أحدهما: أنه محذوف تقديره (خمدت وانطفأت) وهذا رأي "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٥، والزمخشري في "الكشاف" ١/ ١٩٨، وقد انتصرا لهذا الوجه ورجحاه. ورد أبو حيان قول الزمخشري، وقال: لا ينبغي آن يفسر كلام الله بغير ما يحتمله ولا أن يزاد فيه، بل يكون الشرح طبق المشروح =
192
المراد به الجماعة. وهو مذهب ابن قتيبة (١) وابن الأنباري. أما ابن قتيبة فقال: ﴿الَّذِي﴾ قد يأتي مؤديا عن الجمع (٢)، واحتج بقول الشاعر:
ويقال في الواحد: (اللذ) وفي التثنية: (اللذا) وهو لغة لبعض العرب قد وردت في الأشعار (٤).
| وإنَّ الذي حَانَتْ بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُم | هُمُ القَوْمُ كُل القَوْمِ يا أُمَّ خَالِد (٣) |
= من غير زيادة عليه ولا نقص منه...)، انظر "البحر المحيط" ١/ ٧٩، وانظر "القرطبي" في "تفسييره" ١/ ١٢٩، و"الدر المصون" ١/ ١٦٢.
(١) هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، وقيل: المروزي، النحوي اللغوي، سكن بغداد، له المصنفات المشهورة (٢٢٣ - ٢٧٦ هـ) انظر "طبقات النحويين واللغويين" ص١٨٣، "إنباه الرواة" ٢/ ١٤٣، "تاريخ بغداد" ١٠/ ١٧٠، "وفيات الأعيان" ٣/ ٤٢.
(٢) انظر "تأويل مشكل القرآن" ص ٣٦١، وانظر "الكشاف" ١/ ١٩٦، "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢٠.
(٣) البيت للأشهب بن رميلة، وهو من "شواهد سيبويه"، استشهد به على حذف النون من (الذين) عند طول الصلة. "الكتاب" ١/ ١٨٧، وكذا في "المقتضب" ٤/ ١٤٦، وفي "تأويل مشكل القرآن" ص ٣٦١، "تفسير الطبري" ١/ ١٤١، "المنصف" ١/ ٦٧، "زاد المسير" ١/ ٤٠، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٢٩، (الخزانة) ٦/ ٢٥، (شرح المفصل) ٣/ ١٥٤ - ١٥٥، (همع الهوامع) ١/ ٦٨، ٤/ ٣٨٠، "الدر المصون" ١/ ١٥٧، "مغني اللبيب" ١/ ١٩٤، "البحر المحيط" ١/ ٧٦، "معجم البلدان" ٤/ ٢٧٢، قال ياقوت: فَلْج: واد بين البصرة وحمى ضرية، وقيل: طريق تأخذ من طريق البصرة إلى اليمامة. وقعت فيه الوقعة التي يصفها الشاعر، هم القوم كل القوم: أي الكاملون في قوميتهم. فاعلمي ذلك وابكي عليهم يا أم خالد.
(٤) في (الذي) لغات منها: إثبات الياء، وحذفها مع بقاء الكسرة، وحذف الياء مع إسكان الذال، وتشديد الياء مكسورة، ومضمومة. انظر "البحر المحيط" ١/ ٧٤، =
(١) هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، وقيل: المروزي، النحوي اللغوي، سكن بغداد، له المصنفات المشهورة (٢٢٣ - ٢٧٦ هـ) انظر "طبقات النحويين واللغويين" ص١٨٣، "إنباه الرواة" ٢/ ١٤٣، "تاريخ بغداد" ١٠/ ١٧٠، "وفيات الأعيان" ٣/ ٤٢.
(٢) انظر "تأويل مشكل القرآن" ص ٣٦١، وانظر "الكشاف" ١/ ١٩٦، "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢٠.
(٣) البيت للأشهب بن رميلة، وهو من "شواهد سيبويه"، استشهد به على حذف النون من (الذين) عند طول الصلة. "الكتاب" ١/ ١٨٧، وكذا في "المقتضب" ٤/ ١٤٦، وفي "تأويل مشكل القرآن" ص ٣٦١، "تفسير الطبري" ١/ ١٤١، "المنصف" ١/ ٦٧، "زاد المسير" ١/ ٤٠، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٢٩، (الخزانة) ٦/ ٢٥، (شرح المفصل) ٣/ ١٥٤ - ١٥٥، (همع الهوامع) ١/ ٦٨، ٤/ ٣٨٠، "الدر المصون" ١/ ١٥٧، "مغني اللبيب" ١/ ١٩٤، "البحر المحيط" ١/ ٧٦، "معجم البلدان" ٤/ ٢٧٢، قال ياقوت: فَلْج: واد بين البصرة وحمى ضرية، وقيل: طريق تأخذ من طريق البصرة إلى اليمامة. وقعت فيه الوقعة التي يصفها الشاعر، هم القوم كل القوم: أي الكاملون في قوميتهم. فاعلمي ذلك وابكي عليهم يا أم خالد.
(٤) في (الذي) لغات منها: إثبات الياء، وحذفها مع بقاء الكسرة، وحذف الياء مع إسكان الذال، وتشديد الياء مكسورة، ومضمومة. انظر "البحر المحيط" ١/ ٧٤، =
193
وقال ابن الأنباري: (الذي) في هذه الآية، واحد في معنى الجمع (١)، وليس على ما ذكره ابن قتيبة، لأن (الذي) في البيت الذي احتج به جمع واحد (اللذ)، والذي في الآية واحد في اللفظ لا (٢) واحد له، ولكن المراد منه الجمع (٣). وجاز أن يوضع (الذي) موضع (الذين) لأنه مبهم يحتمل الوجوه في مثل (٤) قول الناس: (أوصي بمالي للذي (٥) غزا وحج) معناه: للغازين والحاجين. [ومثله: (من) و (ما) (٦). ووحد الفعل في (استوقد) لأن (الذي) وإن أريد به الجمع فهو موضوع للواحد (٧). فهذا
= "الدر المصون" ١/ ١٥٩، وقال: (قال بعضهم: وقولهم: هذِه لغات ليس جيدًا؛ لأن هذِه لم ترد إلا ضرورة، فلا ينبغي أن تسمى لغات) ١/ ١٥٩، وانظر (شرح المفصل) ٣/ ١٥٤.
(١) ذكر نحوه الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ٢٠٩، وانظر "زاد المسير" ١/ ٣٩، "الدر المصون" ١/ ١٥٦.
(٢) في (ج) (في اللفظ واحد له) وفي (أ)، صححت في الهامش بإضافة (لا).
(٣) وقد رد على ابن قتيبة "الطبري" حيث قال: (وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة: أن (الذي) في قوله: ﴿كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ بمعنى (الذين) كما قال جل ثناؤه: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ [الزمر: ٣٣]. وكما قال الشاعر: فإن الذي... البيت (ثم قال: (وقد أغفل قائل ذلك فرق ما بين (الذي) في الآيتين والبيت.... وغير جائز لأحد نقل الكلمة التي هي الأغلب في استعمال العرب على معنى، إلى غيره إلا بحجة يجب التسليم لها). "تفسير الطبري" ١/ ١٤١، وانظر "البحر" ١/ ٧٧، "الدر المصون" ١/ ١٥٧.
(٤) (مثل) ساقط من (ب).
(٥) في (ب) الذي.
(٦) انظر "البحر" ١/ ٧٤.
(٧) فأعاد الضمير في استوقد إلى لفظ الذي انظر "الدر المصون" ١/ ١٥٧.
(١) ذكر نحوه الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ٢٠٩، وانظر "زاد المسير" ١/ ٣٩، "الدر المصون" ١/ ١٥٦.
(٢) في (ج) (في اللفظ واحد له) وفي (أ)، صححت في الهامش بإضافة (لا).
(٣) وقد رد على ابن قتيبة "الطبري" حيث قال: (وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة: أن (الذي) في قوله: ﴿كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ بمعنى (الذين) كما قال جل ثناؤه: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ [الزمر: ٣٣]. وكما قال الشاعر: فإن الذي... البيت (ثم قال: (وقد أغفل قائل ذلك فرق ما بين (الذي) في الآيتين والبيت.... وغير جائز لأحد نقل الكلمة التي هي الأغلب في استعمال العرب على معنى، إلى غيره إلا بحجة يجب التسليم لها). "تفسير الطبري" ١/ ١٤١، وانظر "البحر" ١/ ٧٧، "الدر المصون" ١/ ١٥٧.
(٤) (مثل) ساقط من (ب).
(٥) في (ب) الذي.
(٦) انظر "البحر" ١/ ٧٤.
(٧) فأعاد الضمير في استوقد إلى لفظ الذي انظر "الدر المصون" ١/ ١٥٧.
194
الاختلاف بينهما (١) في لفظ (الذي) واتفقا أن المراد به الجمع] (٢).
وعلى هذا القول، الكناية في قوله: ﴿بِنُورِهِم﴾ راجعة إلى المستوقدين (٣)، وهو جواب (فلما) في الظاهر والمعنى جميعا (٤).
وإنما قال: بنورهم والمذكور في أول الآية النار، لأن النار شيئان، النور والحرارة، والنور هاهنا كان أجدى (٥) المنفعتين (٦).
وذكر صاحب النظم في الآية طريقة ثالثة، وهو أنه قال: العلة في توحيد ﴿الَّذِي﴾ (٧) وجمع الكناية في قوله: ﴿بِنُورِهِم﴾ أن المستوقد كان واحداً من جماعة تولى الاستيقاد لهم، وكانت الكناية في الاستيقاد عنه خصوصا دون أصحابه لتوليه ذلك دونهم، فلما ذهب الضوء، رجع ذهابه عليهم جميعا، فرجع الخبر إلى جماعتهم لما عموا به.
١٨ - قوله تعالى: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾. (الصم): جمع الأصم، وهو الذي به صمم، وهو انسداد الأذن، ويقال: رمح أصم: إذا لم يكن
وعلى هذا القول، الكناية في قوله: ﴿بِنُورِهِم﴾ راجعة إلى المستوقدين (٣)، وهو جواب (فلما) في الظاهر والمعنى جميعا (٤).
وإنما قال: بنورهم والمذكور في أول الآية النار، لأن النار شيئان، النور والحرارة، والنور هاهنا كان أجدى (٥) المنفعتين (٦).
وذكر صاحب النظم في الآية طريقة ثالثة، وهو أنه قال: العلة في توحيد ﴿الَّذِي﴾ (٧) وجمع الكناية في قوله: ﴿بِنُورِهِم﴾ أن المستوقد كان واحداً من جماعة تولى الاستيقاد لهم، وكانت الكناية في الاستيقاد عنه خصوصا دون أصحابه لتوليه ذلك دونهم، فلما ذهب الضوء، رجع ذهابه عليهم جميعا، فرجع الخبر إلى جماعتهم لما عموا به.
١٨ - قوله تعالى: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾. (الصم): جمع الأصم، وهو الذي به صمم، وهو انسداد الأذن، ويقال: رمح أصم: إذا لم يكن
(١) بين أبي قتيبة وابن الأنباري.
(٢) ما بين المعقوفين فيه سقط وتقديم وتأخير في (ب).
(٣) وقيل يعود على معنى الذي انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٢، "الدر المصون" ١/ ١٦٣.
(٤) وهذا بخلاف قول الفراء والزجاج فإنه جواب فلما حسب الظاهر فقط لأن المعنى على قوليهما راجع إلى المنافقين لا إلى المستوقدين ولهذا ادعى البعض أن جواب لما محذوف وهو طفئت أو خمدت كما مر قريبا وهو قول "الطبري" والزمخشري انظر "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٣، "الكشاف" ١/ ١٩٨.
(٥) في (ج) أحدى.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٣ ب، وانظر "تفسير البيضاوي" ١/ ١١، وأبي السعود في "تفسيره" ١/ ٥٠، والقاسمي في "تفسيره" ٢/ ٦٢.
(٧) الذي ساقطة من (ب).
(٢) ما بين المعقوفين فيه سقط وتقديم وتأخير في (ب).
(٣) وقيل يعود على معنى الذي انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٢، "الدر المصون" ١/ ١٦٣.
(٤) وهذا بخلاف قول الفراء والزجاج فإنه جواب فلما حسب الظاهر فقط لأن المعنى على قوليهما راجع إلى المنافقين لا إلى المستوقدين ولهذا ادعى البعض أن جواب لما محذوف وهو طفئت أو خمدت كما مر قريبا وهو قول "الطبري" والزمخشري انظر "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٣، "الكشاف" ١/ ١٩٨.
(٥) في (ج) أحدى.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٣ ب، وانظر "تفسير البيضاوي" ١/ ١١، وأبي السعود في "تفسيره" ١/ ٥٠، والقاسمي في "تفسيره" ٢/ ٦٢.
(٧) الذي ساقطة من (ب).
195
أجوف، وصخرة صماء: إذا كانت صلبة، والصمام ما يسد (١) به رأس القارورة، هذا أصله في اللغة (٢). ولما كان الانسداد يؤدي إلى الشدة والصلابة قيل للصخرة الشديدة: صماء. وارتفع (صم) على الاستئناف، كأنه لما تم الكلام الأول استأنف فقال: صم، أي: هم صم (٣).
وقال أبو إسحاق (٤): كأنه قال: هؤلاء الذين قصتهم ما مضى (صم) (٥). ويجوز الاستئناف قبل تمام القصة، كقوله تعالى: ﴿جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابً﴾ [النبأ: ٣٦]، ثم قال: ﴿رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (٦) وقال أيضا ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ﴾ (٧) [التوبة: ١١٢] ثم قال:
وقال أبو إسحاق (٤): كأنه قال: هؤلاء الذين قصتهم ما مضى (صم) (٥). ويجوز الاستئناف قبل تمام القصة، كقوله تعالى: ﴿جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابً﴾ [النبأ: ٣٦]، ثم قال: ﴿رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (٦) وقال أيضا ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ﴾ (٧) [التوبة: ١١٢] ثم قال:
(١) في (أ)، (ج) (يشد) بالشين، وما في (ب) موافق لما في كتب اللغة وهو ما أثبته،
(٢) انظر "تهذيب اللغة" (صم) ٢/ ٢٠٥٨، "الصحاح" (صمم) ٥/ ١٩٦٧، "مقاييس اللغة" (صمم) ٣/ ٢٧٨، "مفردات الراغب" ص ٢٨٦، (تفسير "القرطبي") ١/ ١٨٥.
(٣) قال ابن جرير: (... يأتيه الرفع من وجهين، والنصب من وجهين. فأما أحد وجهي الرفع: فعلى الاستئناف لما فيه من الذم... والوجه الآخر: على نية التكرار من (أولئك)... فأما على تأويل ما روينا عن ابن عباس من غير وجه رواية علي بن أبي طلحة عنه، فإنه لا يجوز فيه الرفع إلا من وجه واحد، وهو الاستئناف... والقراءه التي هي القراءة، الرفع دون النصب...) "تفسير الطبري" ١/ ١٤٦.
(٤) الزجاج.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٩، نقل كلام الزجاج بمعناه.
(٦) قال الفراء: (ولو تم الكلام ولم تكن آية، لجاز أيضا الاستئناف، قال تعالى: ﴿جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (٣٦) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ﴾ (الرحمن) يرفع ويخفض في الإعراب وليس الذي قبله بآخر آية). "معاني القرآن" ١/ ١٦. وما ذكره الواحدي يتم على قراءة الرفع في (رب) وبها قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو. انظر "السبعة" ص ٦٦٩، "القطع والاستئناف" للنحاس ص ٧٥٩، "الغاية" ص ٢٨٦.
(٧) (وأموالهم) ساقط من (أ)، (ج).
(٢) انظر "تهذيب اللغة" (صم) ٢/ ٢٠٥٨، "الصحاح" (صمم) ٥/ ١٩٦٧، "مقاييس اللغة" (صمم) ٣/ ٢٧٨، "مفردات الراغب" ص ٢٨٦، (تفسير "القرطبي") ١/ ١٨٥.
(٣) قال ابن جرير: (... يأتيه الرفع من وجهين، والنصب من وجهين. فأما أحد وجهي الرفع: فعلى الاستئناف لما فيه من الذم... والوجه الآخر: على نية التكرار من (أولئك)... فأما على تأويل ما روينا عن ابن عباس من غير وجه رواية علي بن أبي طلحة عنه، فإنه لا يجوز فيه الرفع إلا من وجه واحد، وهو الاستئناف... والقراءه التي هي القراءة، الرفع دون النصب...) "تفسير الطبري" ١/ ١٤٦.
(٤) الزجاج.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٩، نقل كلام الزجاج بمعناه.
(٦) قال الفراء: (ولو تم الكلام ولم تكن آية، لجاز أيضا الاستئناف، قال تعالى: ﴿جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (٣٦) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ﴾ (الرحمن) يرفع ويخفض في الإعراب وليس الذي قبله بآخر آية). "معاني القرآن" ١/ ١٦. وما ذكره الواحدي يتم على قراءة الرفع في (رب) وبها قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو. انظر "السبعة" ص ٦٦٩، "القطع والاستئناف" للنحاس ص ٧٥٩، "الغاية" ص ٢٨٦.
(٧) (وأموالهم) ساقط من (أ)، (ج).
196
﴿التَّائِبُونَ﴾ [التوبة: ١١٣] (١). وقال النابغة:
ثم قال: (رماد) (٣) فاستأنف، ولم يبدل (٤).
قال أهل المعاني: وإنما وصفهم الله تعالى بالصم (٥) لتركهم قبول ما يسمعون، والعرب تقول لمن يسمع ولا يعمل على ما يسمعه: أصم. قال الشاعر:
أَصَمُّ عَمَّا سَاءَهُ سَمِيعُ (٦)
و (بكم) عن الخير، فلا (٧) يقولونه، و (عمي)، لأنهم في تركهم ما
| تَوَهَّمْتُ آياتٍ لها فَعَرَفْتُها | لستَّةِ أعوامٍ وَذَا العَامُ سَابِع (٢) |
قال أهل المعاني: وإنما وصفهم الله تعالى بالصم (٥) لتركهم قبول ما يسمعون، والعرب تقول لمن يسمع ولا يعمل على ما يسمعه: أصم. قال الشاعر:
أَصَمُّ عَمَّا سَاءَهُ سَمِيعُ (٦)
و (بكم) عن الخير، فلا (٧) يقولونه، و (عمي)، لأنهم في تركهم ما
(١) ذكره الفراء حيث قال: فأما ما جاء في رؤوس الآيات مستأنفا فكثير، من ذلك - ثم ذكره "معاني القرآن" ١/ ١٦.
(٢) البيت للنابغة الذبياني يمدح النعمان، ومعنى توهمت: أي لم يعرفها إلا توهما لخفاء معالمها، آيات: علامات للدار وما بقى من آثارها، لستة أعوام: أي بعد ستة أعوام ثم قال بعده:
ومعنى لأيا أبينه: أي أتبينه بصعوبة لخفائه. البيت من "شواهد سيبويه" ٢/ ٨٦، "المقتضب" ٤/ ٣٢٢، وهو في "ديوان النابغة" ص ٥٣، "مجاز القرآن" ص ٣٣.
(٣) أي: في البيت الذي بعد سبق ذكره.
(٤) ذكره أبو عبيدة. انظر: "مجاز القرآن" ص ٣٣.
(٥) في (ب): (بالصم).
(٦) ورد هذا الرجز في "تهذيب اللغة" (صمم) ٢/ ٢٠٥٨، "اللسان" (صمم) ٤/ ٢٥٠٠، "شرح الحماسة" للمرزوقي ٣/ ١٤٥٠، "الكشاف" ١/ ٢٠٤، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٦. جميعها بدون نسبة، ومعناه: هو أصم عما لا يليق به، معرض عما ساءه مع أنه يملك السمع.
(٧) في (أ)، (ج) (ولا) وما في (ب) أولى لصحة المعنى.
(٢) البيت للنابغة الذبياني يمدح النعمان، ومعنى توهمت: أي لم يعرفها إلا توهما لخفاء معالمها، آيات: علامات للدار وما بقى من آثارها، لستة أعوام: أي بعد ستة أعوام ثم قال بعده:
| رَمَادٌ كَكُحل العَيْنِ لأيًا أُبِينُهُ | ونؤى كجذْمِ الحَوْضِ أَثْلَمُ خَاشِعُ |
(٣) أي: في البيت الذي بعد سبق ذكره.
(٤) ذكره أبو عبيدة. انظر: "مجاز القرآن" ص ٣٣.
(٥) في (ب): (بالصم).
(٦) ورد هذا الرجز في "تهذيب اللغة" (صمم) ٢/ ٢٠٥٨، "اللسان" (صمم) ٤/ ٢٥٠٠، "شرح الحماسة" للمرزوقي ٣/ ١٤٥٠، "الكشاف" ١/ ٢٠٤، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٦. جميعها بدون نسبة، ومعناه: هو أصم عما لا يليق به، معرض عما ساءه مع أنه يملك السمع.
(٧) في (أ)، (ج) (ولا) وما في (ب) أولى لصحة المعنى.
197
يبصرون من الهداية بمنزلة العمى (١).
وقوله تعالى: ﴿لَا يَرْجِعُونَ﴾ أي إلى الإسلام، أو عن الجهل والعمى (٢). قال محمد بن جرير: هذه الآية معناها التقديم والتأخير، والتقدير (وما كانوا مهتدين صم بكم...) الآية، ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي﴾ [البقرة: ١٧]، ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ١٩]، مثل آخر عطف على الأول.
قال: لأن قوله ﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ﴾ [البقرة: ١٧] في الآخرة، إذا قلنا: إنه وصف المنافقين (٣)، والخبر بأنهم صم بكم في الدنيا، فلهذا قلنا: إن هذا على التقَديم والتأخير (٤). وقال غيره: يجوز أن يعترض ذكر حالهم في الدنيا بعد وصف حالهم في الآخرة.
١٩ - قوله تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ﴾. ﴿أَوْ﴾ دخلت هاهنا للإباحة (٥)، لا للشك (٦)، ومعناه أن التمثيل مباح لكم، إن مثلتموهم بالذي استوقد نارا، فهو مثلهم، [أو بأصحاب الصيب فهو مثلهم] (٧)، أو بهما جميعا فهما مثلاهم (٨)، كما تقول: جالس الحسن أو ابن سيرين، إن (٩) جالست
وقوله تعالى: ﴿لَا يَرْجِعُونَ﴾ أي إلى الإسلام، أو عن الجهل والعمى (٢). قال محمد بن جرير: هذه الآية معناها التقديم والتأخير، والتقدير (وما كانوا مهتدين صم بكم...) الآية، ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي﴾ [البقرة: ١٧]، ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ١٩]، مثل آخر عطف على الأول.
قال: لأن قوله ﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ﴾ [البقرة: ١٧] في الآخرة، إذا قلنا: إنه وصف المنافقين (٣)، والخبر بأنهم صم بكم في الدنيا، فلهذا قلنا: إن هذا على التقَديم والتأخير (٤). وقال غيره: يجوز أن يعترض ذكر حالهم في الدنيا بعد وصف حالهم في الآخرة.
١٩ - قوله تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ﴾. ﴿أَوْ﴾ دخلت هاهنا للإباحة (٥)، لا للشك (٦)، ومعناه أن التمثيل مباح لكم، إن مثلتموهم بالذي استوقد نارا، فهو مثلهم، [أو بأصحاب الصيب فهو مثلهم] (٧)، أو بهما جميعا فهما مثلاهم (٨)، كما تقول: جالس الحسن أو ابن سيرين، إن (٩) جالست
(١) انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٤٦، (تفسير أبي الليث) ١/ ٩٩، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٦٩، (تفسير أبي الليث) ١/ ٥٤ أ، "البحر" ١/ ٨١، ٨٢.
(٢) انظر "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٦، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٤ أ.
(٣) في (ج) (للمنافقين).
(٤) ذكر كلام ابن جرير بمعناه انظر (تفسيره) ١/ ١٤٦.
(٥) وقيل: للتخيير، انظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٩، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ١٨٩، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٦، "الدر المصون" ١/ ١٦٧، "الكشاف" ١/ ٢١٣.
(٦) ذكر السمين الحلبي أحد الأقوال فيها: أنها للشك. "الدر المصون" ١/ ١٦٧.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٨) في (ج) (مثالهم).
(٩) في (ب) (إذا).
(٢) انظر "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٦، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٤ أ.
(٣) في (ج) (للمنافقين).
(٤) ذكر كلام ابن جرير بمعناه انظر (تفسيره) ١/ ١٤٦.
(٥) وقيل: للتخيير، انظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٩، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ١٨٩، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٦، "الدر المصون" ١/ ١٦٧، "الكشاف" ١/ ٢١٣.
(٦) ذكر السمين الحلبي أحد الأقوال فيها: أنها للشك. "الدر المصون" ١/ ١٦٧.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٨) في (ج) (مثالهم).
(٩) في (ب) (إذا).
198
أحدهما فأنت مطيع، [وإن جمعتهما فأنت مطيع] (١).
ومثله قوله: ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ [البقرة: ٧٤]، هذا قول جميع أصحاب المعاني (٢).
وقال ابن الأنباري: ﴿أو﴾ دخلت للتمييز والتفصيل (٣)، المعنى بعضهم يشبهون الذي استوقد نارا، وبعضهم يشبهون أصحاب الصيب. ومثله قوله: ﴿وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ [البقرة: ١٣٥] [معناه: قال بعضهم: كونوا هودا، وهم اليهود، وقال بعضهم: كونوا نصارى] (٤)، وهم النصارى، فدخلت (أو) لمعنى التفصيل، ومثله قوله: ﴿فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ﴾ [الأعراف: ٤] معناه (٥): فجاء (٦) بعض أهلها بأسنا بياتًا، وجاء بعض أهلها في وقت القيلولة (٧).
وقيل: إن (أو) هاهنا بمعنى الواو (٨)، كقول جرير:
ومثله قوله: ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ [البقرة: ٧٤]، هذا قول جميع أصحاب المعاني (٢).
وقال ابن الأنباري: ﴿أو﴾ دخلت للتمييز والتفصيل (٣)، المعنى بعضهم يشبهون الذي استوقد نارا، وبعضهم يشبهون أصحاب الصيب. ومثله قوله: ﴿وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ [البقرة: ١٣٥] [معناه: قال بعضهم: كونوا هودا، وهم اليهود، وقال بعضهم: كونوا نصارى] (٤)، وهم النصارى، فدخلت (أو) لمعنى التفصيل، ومثله قوله: ﴿فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ﴾ [الأعراف: ٤] معناه (٥): فجاء (٦) بعض أهلها بأسنا بياتًا، وجاء بعض أهلها في وقت القيلولة (٧).
وقيل: إن (أو) هاهنا بمعنى الواو (٨)، كقول جرير:
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) بل قول بعضهم، وما ذكره الواحدي هو كلام الزجاج. انظر "معاني القران" ١/ ٦٢، ١٢٩، وانظر "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٦٠، ونسب الثعلبي لأهل (المعاني) أنها بمعنى (الواو) ١/ ٥٤ أ.
(٣) في (ب) (فالتفضيل).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) قوله: (﴿أَوْ هُمْ قَائِلُونَ﴾: معناه...) ساقط من (ب).
(٦) في (ب): (وجاء).
(٧) ذكره المرتضى في "أماليه" ٢/ ٥٤، ٥٥، ولم ينسب لأبن الأنباري، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٤٢، وذكره السمين الحلبي، وقال: وهو الأظهر، "الدر المصون" ١/ ١٦٧.
(٨) في (ب) (بمعنى الواحد). وهو قول "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٩، وذكره أبو الليث في "تفسيره" ١/ ٩٩، والفراء في "تفسيره" ١/ ١٧، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٤ أ، =
(٢) بل قول بعضهم، وما ذكره الواحدي هو كلام الزجاج. انظر "معاني القران" ١/ ٦٢، ١٢٩، وانظر "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٦٠، ونسب الثعلبي لأهل (المعاني) أنها بمعنى (الواو) ١/ ٥٤ أ.
(٣) في (ب) (فالتفضيل).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) قوله: (﴿أَوْ هُمْ قَائِلُونَ﴾: معناه...) ساقط من (ب).
(٦) في (ب): (وجاء).
(٧) ذكره المرتضى في "أماليه" ٢/ ٥٤، ٥٥، ولم ينسب لأبن الأنباري، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٤٢، وذكره السمين الحلبي، وقال: وهو الأظهر، "الدر المصون" ١/ ١٦٧.
(٨) في (ب) (بمعنى الواحد). وهو قول "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٩، وذكره أبو الليث في "تفسيره" ١/ ٩٩، والفراء في "تفسيره" ١/ ١٧، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٤ أ، =
199
| نَال الخِلاَفَة أوْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا | كَمَا أتى رَبَه مُوسَى عَلَى قَدَرِ (١) |
| وقَد زَعَمَتْ سَلْمَى بِأَنِّي فَاجِرٌ | لِنَفْسِي تُقَاهَا أوْ عَلَيْهَا فُجُورُهَا (٣) |
= "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٦، والسمين في "الدر المصون" ١/ ١٦٧. وقد رد ابن عطية على "الطبري" قوله (إنها بمعنى: الواو) وقال: (وهذِه عجمة). انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٩. قلت: كيف تكون عجمة وقد قال به جمهور من المفسرين، وهو أحد (المعاني) التي تأتي (أو) عليها. انظر "تأويل مشكل القرآن" ص ٥٤٣، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٧٩، "زاد المسير" ١/ ٤٢، "مغنى اللبيب" ١/ ٦١. والقول إن (أو) تأتي بمعنى (الواو) هو مذهب الكوفيين، أما البصريون فيمنعون ذلك. انظر "الإنصاف" ص ٣٨٣. وخلاصة الأقوال في (أو) في الآية هي:
١ - أنها للشك بمعنى أن الناظر يشك في تشبيههم.
٢ - أو للتخيير.
٣ - أنها للتفصيل.
٤ - بمعنى الواو.
٥ - بمعنى بل.
(١) البيت لجرير من قصيدة يمدح بها عمر بن عبد العزيز، انظر (الديوان) ص ٢١١، وفيه: (إذا كانت له قدرا) فلا شاهد فيه هنا، وورد البيت في "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٩، (الأضداد) لابن الأنباري ص ٢٧٩، "أمالي المرتضى" ٢/ ٥٧، "تفسير السجاوندي" ١/ ٣٢ (مخطوط)، "همع الهوامع" ١/ ١٦٧، "مغني اللبيب" ١/ ٦٢، "الدر المصون" ١/ ١٦٧.
(٢) هو توبة بن الحُمَيِّر من بني عقيل بن كعب، وكان شاعرا لصا، أحد العشاق، صاحب ليلى. انظر: "الشعر والشعراء" ص ٢٨٩.
(٣) رواية البيت المشهورة (وقد زعمت ليلى...) فهو يذكر محبوبته ليلى الأخيلية. انظر "أمالي المرتضى" ٢/ ٥٧، و"الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٩، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٧٩، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٤ أ، "أمالي القالي" ١/ ٨٨، ١٣١، "همع الهوامع" ٥/ ٢٤٨، "مغني اللبيب" ١/ ٦١.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٠، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٦٠، =
١ - أنها للشك بمعنى أن الناظر يشك في تشبيههم.
٢ - أو للتخيير.
٣ - أنها للتفصيل.
٤ - بمعنى الواو.
٥ - بمعنى بل.
(١) البيت لجرير من قصيدة يمدح بها عمر بن عبد العزيز، انظر (الديوان) ص ٢١١، وفيه: (إذا كانت له قدرا) فلا شاهد فيه هنا، وورد البيت في "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٩، (الأضداد) لابن الأنباري ص ٢٧٩، "أمالي المرتضى" ٢/ ٥٧، "تفسير السجاوندي" ١/ ٣٢ (مخطوط)، "همع الهوامع" ١/ ١٦٧، "مغني اللبيب" ١/ ٦٢، "الدر المصون" ١/ ١٦٧.
(٢) هو توبة بن الحُمَيِّر من بني عقيل بن كعب، وكان شاعرا لصا، أحد العشاق، صاحب ليلى. انظر: "الشعر والشعراء" ص ٢٨٩.
(٣) رواية البيت المشهورة (وقد زعمت ليلى...) فهو يذكر محبوبته ليلى الأخيلية. انظر "أمالي المرتضى" ٢/ ٥٧، و"الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٩، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٧٩، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٤ أ، "أمالي القالي" ١/ ٨٨، ١٣١، "همع الهوامع" ٥/ ٢٤٨، "مغني اللبيب" ١/ ٦١.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٠، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٦٠، =
200
لدلالة باقي الكلام عليه (١) وهو قوله تعالى: ﴿يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ﴾.
و (الصيب) من المطر: الشديد، من قولهم: صاب يصوب، إذا نزل من علو إلى أسفل (٢).
قال:
تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّمَاء يَصُوبُ (٣)
وأصله (صَيْوِب) (٤) فسبقت الياء الواو [بالسكون، فصيرتا (ياء مشددة) كما قالوا: سيِّد وميِّت وهيِّن، وهو أصل مطرد في الياء والواو] (٥) إذا (٦)
و (الصيب) من المطر: الشديد، من قولهم: صاب يصوب، إذا نزل من علو إلى أسفل (٢).
قال:
تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّمَاء يَصُوبُ (٣)
وأصله (صَيْوِب) (٤) فسبقت الياء الواو [بالسكون، فصيرتا (ياء مشددة) كما قالوا: سيِّد وميِّت وهيِّن، وهو أصل مطرد في الياء والواو] (٥) إذا (٦)
= وقال الفراء: (أو كمثل صيب) "معاني القرآن" ١/ ١٧، ونحوه ذكر "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٩.
(١) لأن الواو في (يجعلون) تدل على المضاف المقدر وهو (أصحاب) فهو وإن حذف فمعناه باق فيجوز أن يعود عليه الضمير.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٠، و"الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٨، (غريب القرآن) لابن قتيبة ١/ ٢٥، "غريب القرآن" لليزيدي ص ٦٥.
(٣) عجز بيت وشطره الأول:
فَلَسْتَ لإنْسِيٍّ ولكِنْ لمَلأكٍ
نسبه بعضهم لعلقمة بن الفحل، يمدح الحارث بن جبلة، وقيل: لرجل من عبد القيس جاهلي، يمدح بعض الملوك، قاله أبو عبيدة، وقيل: لأبي وجزة السعدي يمدح عبد الله بن الزبير. ورد البيت في "الكتاب" ٤/ ٣٨٠، و"الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٨، "المفضليات" ص ٣٩٤، "مجاز القرآن" ص ٣٣، "المنصف" ٢/ ١٠٢، "الجمل" للزجاجي ص ٤٧، "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٩، "الاشتقاق" لابن دريد ص ٢٦، "اللسان" (صوب) ١/ ٢٥١٩، و (ألك) ١/ ١١١، "الدر المصون" ١/ ١٦٨.
(٤) في (ب): (صيبوب).
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) في (ب): (وإذا).
(١) لأن الواو في (يجعلون) تدل على المضاف المقدر وهو (أصحاب) فهو وإن حذف فمعناه باق فيجوز أن يعود عليه الضمير.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٠، و"الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٨، (غريب القرآن) لابن قتيبة ١/ ٢٥، "غريب القرآن" لليزيدي ص ٦٥.
(٣) عجز بيت وشطره الأول:
فَلَسْتَ لإنْسِيٍّ ولكِنْ لمَلأكٍ
نسبه بعضهم لعلقمة بن الفحل، يمدح الحارث بن جبلة، وقيل: لرجل من عبد القيس جاهلي، يمدح بعض الملوك، قاله أبو عبيدة، وقيل: لأبي وجزة السعدي يمدح عبد الله بن الزبير. ورد البيت في "الكتاب" ٤/ ٣٨٠، و"الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٨، "المفضليات" ص ٣٩٤، "مجاز القرآن" ص ٣٣، "المنصف" ٢/ ١٠٢، "الجمل" للزجاجي ص ٤٧، "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٩، "الاشتقاق" لابن دريد ص ٢٦، "اللسان" (صوب) ١/ ٢٥١٩، و (ألك) ١/ ١١١، "الدر المصون" ١/ ١٦٨.
(٤) في (ب): (صيبوب).
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) في (ب): (وإذا).
201
اجتمعتا وإحداهما (١) ساكنة، تقدمت الواو وتأخرت (٢)، فالمتأخرة كما ذكرنا، والمتقدمة كقولهم: (لويت يده (٣) ليّا). هذا مذهب البصريين (٤). وعند الكوفيين: أن أصله (صييب) (٥) على وزن (فَعِيل)، فاستثقلت (٦) الكسرة على الياء فسكنت، وأدغمت إحداهما في الأخرى، وحركت إلى الكسرة.
وقوله تعالى: ﴿مِنَ السَّمَاءِ﴾. قال [الزجاج] (٧): السماء في اللغة: يقال لكل ما ارتفع وعلا قد سما يسمو، وكل سقف فهو سماء، ومن هذا قيل للسحاب: سماء، لأنها عالية (٨).
وقوله تعالى: ﴿مِنَ السَّمَاءِ﴾. قال [الزجاج] (٧): السماء في اللغة: يقال لكل ما ارتفع وعلا قد سما يسمو، وكل سقف فهو سماء، ومن هذا قيل للسحاب: سماء، لأنها عالية (٨).
(١) في (ب): (وأحديهما).
(٢) هكذا في جميع النسخ ولعل الصواب (أو تأخرت) والله أعلم.
(٣) في (أ)، (ب): (مده ليا). أصل (ليّا) (لويا) فقلبت الواو ياء وإدغمت في الياء، انظر "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٥٨٥.
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٤ ب، و"الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٨، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٤٣ - ١٤٤، "الإملاء" ١/ ٢٢، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ١٨٩، "الإنصاف" ص ٦٣٩.
(٥) في (أ)، (ب): (صيب) وما في (ج) موافق لما عند الثعلبي، وهو ما أثبته. وقيل: أصله عندهم (صوِيب) وردَّ بأنه لو كان كذلك لصحت (الواو) كما تصح في (طويل). انظر "إعراب القرآن" للنحاس١/ ١٤٣ - ١٤٤، "الإملاء" ١/ ٢٢، "الإنصاف" ص ٦٣٩، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ١٨٩، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٦.
(٦) في (ب): (فاستقلت).
(٧) في جميع النسخ (الرجال) والصحيح (الزجاج) كما في "تهذيب اللغة" (سما) ٢/ ١٧٤٧.
(٨) انظر كلام الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٧٥، "التهذيب" (سما) ٢/ ١٧٤٨، والنص من "التهذيب".
(٢) هكذا في جميع النسخ ولعل الصواب (أو تأخرت) والله أعلم.
(٣) في (أ)، (ب): (مده ليا). أصل (ليّا) (لويا) فقلبت الواو ياء وإدغمت في الياء، انظر "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٥٨٥.
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٤ ب، و"الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٨، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٤٣ - ١٤٤، "الإملاء" ١/ ٢٢، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ١٨٩، "الإنصاف" ص ٦٣٩.
(٥) في (أ)، (ب): (صيب) وما في (ج) موافق لما عند الثعلبي، وهو ما أثبته. وقيل: أصله عندهم (صوِيب) وردَّ بأنه لو كان كذلك لصحت (الواو) كما تصح في (طويل). انظر "إعراب القرآن" للنحاس١/ ١٤٣ - ١٤٤، "الإملاء" ١/ ٢٢، "الإنصاف" ص ٦٣٩، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ١٨٩، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٦.
(٦) في (ب): (فاستقلت).
(٧) في جميع النسخ (الرجال) والصحيح (الزجاج) كما في "تهذيب اللغة" (سما) ٢/ ١٧٤٧.
(٨) انظر كلام الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٧٥، "التهذيب" (سما) ٢/ ١٧٤٨، والنص من "التهذيب".
202
الأزهري: و (السماء) عند العرب مؤنثة، لأنها جمع (سماءة) (١)، و (السماءة) أصلها سَمَاوَة فاعلم. وإذا ذكرت العرب السماء عنوا بها السقف (٢).
وأما (الرعد)، فقال ابن عباس: الرعد ملك يسوق السحاب، كما يسوق الحادي الإبل بحدائه (٣).
وكذلك قال مجاهد وطاووس (٤) وعكرمة وأصحاب ابن عباس: إن الرعد ملك يسوق السحاب، والرعد الذي هو الصوت سمي باسمه (٥).
وأما (الرعد)، فقال ابن عباس: الرعد ملك يسوق السحاب، كما يسوق الحادي الإبل بحدائه (٣).
وكذلك قال مجاهد وطاووس (٤) وعكرمة وأصحاب ابن عباس: إن الرعد ملك يسوق السحاب، والرعد الذي هو الصوت سمي باسمه (٥).
(١) في "التهذيب" (وسبق الجمع الوحدان فيها) ٢/ ١٧٤٧.
(٢) "تهذيب اللغة" (سما) ٢/ ١٧٤٨.
(٣) في (ج): (بحاديه). ذكره "الطبري" بسنده عن الضحاك، وعن السدي عن أبي مالك، وعن مجاهد، وعن شهر بن حوشب، وكلهم عن ابن عباس. انظر "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٥٠ - ١٥١، وقد أخرج أبن أبي حاتم عن ابن عباس مرفوعا في سؤال اليهود للرسول ﷺ وفيه: (ملك من ملائكة الله موكل بالسحاب) قال المحقق. إسناده حسن. انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٢٢١ (رسالة دكتوراه)، وأخرجه أحمد في "مسنده"، قال أحمد شاكر: (إسناده صحيح). انظر: "مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر" ٤/ ١٦١ ح (٣٤٨٣)، وذكر الحديث الشوكاني في "فتح القدير" وقال: في إسناده مقال. "فتح القدير" ١/ ٧٧.
(٤) هو أبو عبد الرحمن طاووس بن كيسان الخولاني الهمداني اليماني، من أبناء الفرس، أحد أعلام التابعين، ومن كبار أصحاب ابن عباس، توفي سنة خمس ومائة، وقيل: ست. انظر ترجمته في: (وفيات الأعيان) ٢/ ٥٠٩، "سير أعلام النبلاء" ٥/ ٣٨، "تهذيب التهذيب" ٢/ ٢٣٥، "غاية النهاية" ١/ ٣٤١.
(٥) انظر الروايات عنهم في "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٥٠ - ١٥١، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٥ أ، "زاد المسير" ١/ ٤٣، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ١٨٩، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٦٩، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢١٧، (فتح القدير) ١/ ٧٧.
(٢) "تهذيب اللغة" (سما) ٢/ ١٧٤٨.
(٣) في (ج): (بحاديه). ذكره "الطبري" بسنده عن الضحاك، وعن السدي عن أبي مالك، وعن مجاهد، وعن شهر بن حوشب، وكلهم عن ابن عباس. انظر "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٥٠ - ١٥١، وقد أخرج أبن أبي حاتم عن ابن عباس مرفوعا في سؤال اليهود للرسول ﷺ وفيه: (ملك من ملائكة الله موكل بالسحاب) قال المحقق. إسناده حسن. انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٢٢١ (رسالة دكتوراه)، وأخرجه أحمد في "مسنده"، قال أحمد شاكر: (إسناده صحيح). انظر: "مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر" ٤/ ١٦١ ح (٣٤٨٣)، وذكر الحديث الشوكاني في "فتح القدير" وقال: في إسناده مقال. "فتح القدير" ١/ ٧٧.
(٤) هو أبو عبد الرحمن طاووس بن كيسان الخولاني الهمداني اليماني، من أبناء الفرس، أحد أعلام التابعين، ومن كبار أصحاب ابن عباس، توفي سنة خمس ومائة، وقيل: ست. انظر ترجمته في: (وفيات الأعيان) ٢/ ٥٠٩، "سير أعلام النبلاء" ٥/ ٣٨، "تهذيب التهذيب" ٢/ ٢٣٥، "غاية النهاية" ١/ ٣٤١.
(٥) انظر الروايات عنهم في "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٥٠ - ١٥١، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٥ أ، "زاد المسير" ١/ ٤٣، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ١٨٩، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٦٩، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢١٧، (فتح القدير) ١/ ٧٧.
203
وكتب ابن عباس إلى أبي (١) الجَلْد يسأله عن الرعد، فقال: هو ريح يختنق تحت السماء وفوق السحاب (٢).
وسئل علي -رضي الله عنه- عن الرعد، فقال: ملك، وعن البرق، فقال: مخاريق بأيدى الملائكة من حديد (٣).
وسئل وهب بن منبه (٤) عن الرعد، فقال: الله أعلم (٥).
ويقال: برقت السماء ورعدت، ومنه يقال: برق الرجل ورعد، إذا تهدد وأوعد (٦). وأبرق وأرعد - أيضا في قول أبي عبيدة، وأنكره الأصمعي.
وسئل علي -رضي الله عنه- عن الرعد، فقال: ملك، وعن البرق، فقال: مخاريق بأيدى الملائكة من حديد (٣).
وسئل وهب بن منبه (٤) عن الرعد، فقال: الله أعلم (٥).
ويقال: برقت السماء ورعدت، ومنه يقال: برق الرجل ورعد، إذا تهدد وأوعد (٦). وأبرق وأرعد - أيضا في قول أبي عبيدة، وأنكره الأصمعي.
(١) في (ب): (أبي الخلد) هو أبو الجَلْد بفتح الجيم وسكون اللام، جيلان بن أبي فروة الأسدي البصري، وجِيلان بكسر الجيم، وثقه أحمد. انظر "الجرح والتعديل" ٢/ ٥٤٧، "طبقات ابن سعد" ٧/ ٢٢٢.
(٢) أخرجه "الطبري" من طرق في "تفسيره" ١/ ١٥٢، وأبن أبي حاتم، وقال المحقق إسناده حسن "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٢٢٢.
(٣) أخرجه "الطبري" بروايتين، إحداهما عن الرعد، والأخرى عن البرق، "الطبري" ١/ ١٥١ - ١٥٢، وأخرج ابن أبي حاتم عنه في (البرق) في "تفسيره" ١/ ٥٥، ونحوه في الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٥ أ، وانظر "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٧ - ١٨٨.
(٤) أبو عبد الله، وهب بن منبه اليماني، صاحب القصص والأخبار، كانت له معرفة بأخبار الأوائل والأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه وثقه أكثرهم، وضعفه عمرو بن علي الفلاس. توفي سنة عشر ومائة. وقيل: ست عشرة، وبينهما أقوال. انظر "طبقات ابن سعد" ٥/ ٥٤٣، "حلية الأولياء" ٤/ ٢٣، "وفيات الأعيان" ٦/ ٣٥، "تهذيب التهذيب" ٤/ ٣٣٢.
(٥) مما أحسن هذا الجواب!، والله لم يكلف الأمة بعلمه، لاسيما أن مثل هذا لا يثبت إلا بنص صحيح صريح، أو بدلالة حسية جازمة، والعلم به لا يتعلق به حكم من الأحكام، والله أخبر أن الرعد يسبح بحمده، وهو دلالة على عظمة الخالق سبحانه.
(٦) ذكره الأزهري عن الأصمعي. "التهذيب" (برق) ١/ ٣١٥، وانظر "مقاييس اللغة" (برق) ١/ ٢٢٣.
(٢) أخرجه "الطبري" من طرق في "تفسيره" ١/ ١٥٢، وأبن أبي حاتم، وقال المحقق إسناده حسن "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٢٢٢.
(٣) أخرجه "الطبري" بروايتين، إحداهما عن الرعد، والأخرى عن البرق، "الطبري" ١/ ١٥١ - ١٥٢، وأخرج ابن أبي حاتم عنه في (البرق) في "تفسيره" ١/ ٥٥، ونحوه في الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٥ أ، وانظر "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٧ - ١٨٨.
(٤) أبو عبد الله، وهب بن منبه اليماني، صاحب القصص والأخبار، كانت له معرفة بأخبار الأوائل والأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه وثقه أكثرهم، وضعفه عمرو بن علي الفلاس. توفي سنة عشر ومائة. وقيل: ست عشرة، وبينهما أقوال. انظر "طبقات ابن سعد" ٥/ ٥٤٣، "حلية الأولياء" ٤/ ٢٣، "وفيات الأعيان" ٦/ ٣٥، "تهذيب التهذيب" ٤/ ٣٣٢.
(٥) مما أحسن هذا الجواب!، والله لم يكلف الأمة بعلمه، لاسيما أن مثل هذا لا يثبت إلا بنص صحيح صريح، أو بدلالة حسية جازمة، والعلم به لا يتعلق به حكم من الأحكام، والله أخبر أن الرعد يسبح بحمده، وهو دلالة على عظمة الخالق سبحانه.
(٦) ذكره الأزهري عن الأصمعي. "التهذيب" (برق) ١/ ٣١٥، وانظر "مقاييس اللغة" (برق) ١/ ٢٢٣.
204
وكلهم يقول: أبرقنا وأرعدنا بمكان كذا، أي رأينا البرق والرعد (١). والبارق السحاب ذو البرق، وكذلك البارقة (٢).
وأما (الصواعق)، فهي جمع صاعقة، والصاعقة والصعقة: الصيحة يغشى منها على من يسمعها أو يموت (٣). قال الله عز وجل: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ﴾ [الرعد: ١٣] يعني أصوات الرعد، ويقال لها: الصواقع (٤) أيضا ومنه قول الأخطل:
ويقال: أصعقته الصيحة، أي: قتلته. وأنشد الفراء:
أُحادَ وَمثنى أصْعَقَتْهَا صَوَاهِلُه (٦)
وأما (الصواعق)، فهي جمع صاعقة، والصاعقة والصعقة: الصيحة يغشى منها على من يسمعها أو يموت (٣). قال الله عز وجل: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ﴾ [الرعد: ١٣] يعني أصوات الرعد، ويقال لها: الصواقع (٤) أيضا ومنه قول الأخطل:
| كَأنَّمَا كانُوا غُرَاباً وَاقِعا | فَطارَ لمَّا أبْصَرَ الصَّوَاقِعا (٥) |
أُحادَ وَمثنى أصْعَقَتْهَا صَوَاهِلُه (٦)
(١) "التهذيب" (برق) ١/ ٣١٥، "معجم مقاييس اللغة" ١/ ٢٢٣.
(٢) "تهذيب اللغة" (برق) ٩/ ١٣٢، "معجم مقاييس اللغة" ١/ ٢٢٢.
(٣) وقيل: الصاعقة قطعة من نار تسقط بأثر الرعد، لا تأتي على شيء إلا أحرقته. انظر "اللسان" (صعق) ٤/ ٢٤٥٠.
(٤) بتقديم القاف على العين.
(٥) أنشده الأزهري في "تهذيب اللغة" (صعق) ٢/ ١٠١٨، وورد في "اللسان" (صقع) ٤/ ٢٤٧١، وفي شعر الأخطل ورد شطره الأول ص ٣١٠. نقله من "تهذيب اللغة" (صعق) ٢/ ١٠١٨.
(٦) البيت لابن مقبل، يصف فرساً بشدة الصهيل، وأن صهيله يقتل الذباب، وهي
النعرات: ذباب يسقط على الدواب، واللبان: الصدر. وشطر البيت الأول:
تَرى النُّعَرَاتِ الزُّرْقَ تَحْتَ لَبَانِه
انظر: "أمالي المرتضى" ٢/ ١٩١، "المشوف المعلم في ترتيب الإصلاح" ٢/ ٧٧٨، "تهذيب اللغة" (صعق) ٢/ ٢٠١٨، "الصحاح" (صعق) ٤/ ١٥٠٧، "اللسان" (صعق) ٤/ ٢٤٥٠، "همع الهوامع" ١/ ٨٣، "القرطبي" ١/ ١٩٠، "ديوان ابن مقبل" ص ٢٥٢.
(٢) "تهذيب اللغة" (برق) ٩/ ١٣٢، "معجم مقاييس اللغة" ١/ ٢٢٢.
(٣) وقيل: الصاعقة قطعة من نار تسقط بأثر الرعد، لا تأتي على شيء إلا أحرقته. انظر "اللسان" (صعق) ٤/ ٢٤٥٠.
(٤) بتقديم القاف على العين.
(٥) أنشده الأزهري في "تهذيب اللغة" (صعق) ٢/ ١٠١٨، وورد في "اللسان" (صقع) ٤/ ٢٤٧١، وفي شعر الأخطل ورد شطره الأول ص ٣١٠. نقله من "تهذيب اللغة" (صعق) ٢/ ١٠١٨.
(٦) البيت لابن مقبل، يصف فرساً بشدة الصهيل، وأن صهيله يقتل الذباب، وهي
النعرات: ذباب يسقط على الدواب، واللبان: الصدر. وشطر البيت الأول:
تَرى النُّعَرَاتِ الزُّرْقَ تَحْتَ لَبَانِه
انظر: "أمالي المرتضى" ٢/ ١٩١، "المشوف المعلم في ترتيب الإصلاح" ٢/ ٧٧٨، "تهذيب اللغة" (صعق) ٢/ ٢٠١٨، "الصحاح" (صعق) ٤/ ١٥٠٧، "اللسان" (صعق) ٤/ ٢٤٥٠، "همع الهوامع" ١/ ٨٣، "القرطبي" ١/ ١٩٠، "ديوان ابن مقبل" ص ٢٥٢.
205
أي قتلها صوته.
ويقال للرعد والبرق إذا [قتلا] (١) إنسانا: أصابته صاعقة، وقال لبيد يرثي أخاه أَرْبَد (٢):
أراد بالصواعق صوت الرعد، يدل على هذا قوله (٤) عز وجل: ﴿يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ﴾ ولا يسدّون الآذان إلا من شدة صوت الرعد (٥).
وقال آخرون: الصاعقة: كل عذاب مهلك (٦).
وقيل: الصاعقة: الصوت الشديد من الرعد، يسقط معها قطعة نار (٧).
فأما معنى الآية، فقال المفسرون: إن الله تعالى ضرب للمنافقين مثلًا آخر، وشبههم بأصحاب مطر. وأراد بالمطر: القرآن (٨)،
ويقال للرعد والبرق إذا [قتلا] (١) إنسانا: أصابته صاعقة، وقال لبيد يرثي أخاه أَرْبَد (٢):
| فَجَّعَنِي الرَّعْدُ والصَوَاعِقُ بالْـ | ـفَارِس يَوْمَ الكَرِيَهةِ النَّجُدِ (٣) |
وقال آخرون: الصاعقة: كل عذاب مهلك (٦).
وقيل: الصاعقة: الصوت الشديد من الرعد، يسقط معها قطعة نار (٧).
فأما معنى الآية، فقال المفسرون: إن الله تعالى ضرب للمنافقين مثلًا آخر، وشبههم بأصحاب مطر. وأراد بالمطر: القرآن (٨)،
(١) في جميع النسخ (قتل) وأثبت ما في "تهذيب اللغة" ٢/ ٢٠١٨.
(٢) (أرْبَد) أخوه لأمه، وهو ابن عمه، وكانت قد أصابته صاعقة، لما دعا عليه الرسول صلى الله عيه وسلم انظر "الشعر والشعراء" ص ١٦٩، "سيرة ابن هشام" ٢/ ٢٣٦، "الخزانة" ٢/ ٢٥٠، ٣/ ٨١.
(٣) البيت للبيد يرثي أخاه وقد أصابته صاعقة، انظر "التهذيب" (صعق) ٢/ ٢٠١٨، "اللسان" (صعق) ٤/ ٢٤٥٠، "شرح ديوان لبيد" ص ١٥٨.
(٤) في (ب): (قول الله).
(٥) "تهذيب اللغة" (صعق) ٢/ ٢٠١٨.
(٦) "اللسان" (صعق) ٤/ ٢٤٥٠.
(٧) "الصحاح" (صعق) ٤/ ١٥٠٦، "اللسان" ٤/ ٢٤٥٠، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩١ - ١٩٢.
(٨) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٠، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ١٩٢، وبعضهم قال: الإسلام، انظر "الكشاف" ١/ ٢٠٩، وأما ابن جرير فقال: (فالصيب مثل لظاهر ما أظهر المنافقون بألسنتهم من الإقرار والتصديق، والظلمات التي هي فيه =
(٢) (أرْبَد) أخوه لأمه، وهو ابن عمه، وكانت قد أصابته صاعقة، لما دعا عليه الرسول صلى الله عيه وسلم انظر "الشعر والشعراء" ص ١٦٩، "سيرة ابن هشام" ٢/ ٢٣٦، "الخزانة" ٢/ ٢٥٠، ٣/ ٨١.
(٣) البيت للبيد يرثي أخاه وقد أصابته صاعقة، انظر "التهذيب" (صعق) ٢/ ٢٠١٨، "اللسان" (صعق) ٤/ ٢٤٥٠، "شرح ديوان لبيد" ص ١٥٨.
(٤) في (ب): (قول الله).
(٥) "تهذيب اللغة" (صعق) ٢/ ٢٠١٨.
(٦) "اللسان" (صعق) ٤/ ٢٤٥٠.
(٧) "الصحاح" (صعق) ٤/ ١٥٠٦، "اللسان" ٤/ ٢٤٥٠، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩١ - ١٩٢.
(٨) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٠، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ١٩٢، وبعضهم قال: الإسلام، انظر "الكشاف" ١/ ٢٠٩، وأما ابن جرير فقال: (فالصيب مثل لظاهر ما أظهر المنافقون بألسنتهم من الإقرار والتصديق، والظلمات التي هي فيه =
206
وشبهه (١) بالمطر لما فيه من حياة القلوب، وعنى بالظلمات: ما في القرآن من ذكر الكفر والشرك وبيان الفتن والأهوال، فشبهها بما في المطر من الظلمات، وشبه ما خوفوا به من الوعيد وذكر النار بما في المطر من الرعد، وشبه حجج القرآن وما فيه من البيان والنور والشفاء والهدى بما في المطر من البرق. وشبه جعل المنافقين أصابعهم في آذانهم لكيلا يسمعوا (٢) القرآن مخافة ميل القلب إلى القرآن فيؤدي ذلك إلى الإيمان بمحمد ﷺ وذلك عندهم كفر، والكفر موت (٣)، أو لكيلا يسمعوا ما ينزل من القرآن بما فيه افتضاحهم بجعل (٤) الذي في هذا المطر أصابعه في أذنه. وتلخيص معناه: أن أصحاب الصيب إذا اشتد (٥) عليهم وقع الصاعقة وصوت الرعد خافوا على أنفسهم الهلاك، فسدّوا آذانهم بأصابعهم، كذلك هؤلاء المنافقين يسدّون آذانهم للمعنيين اللذين ذكرنا.
= لظلمات ما هم مستبطنون من الشك والتكذيب ومرض القلب. وأما الرعد والصواعق، فلما هم عليه من الوجل من وعيد الله إياهم على لسان رسوله ﷺ في آي كتابه...) "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٥٦.
(١) في (ب): (وشبه).
(٢) في (أ)، (ج): (يسمعون).
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٦ أ.
(٤) قوله: (بجعل الذي في هذا المطر... إلخ) متعلق بقوله: (وشبه جعل المنافقين... إلخ) وقد ضعف هذا المعنى ابن جرير ورجح أن المراد بجعل أصابعهم في آذانهم مثلا لاتقائهم رسول الله ﷺ والمؤمنين، بالإقرار بما جاء به محمد ﷺ مخافة على أنفسهم من الهلاك ونزول النقمات فيتقون بما يبدون بألسنتهم من ظاهر الإقرار، كما يتقي الخائف أصوات الرعد بتصيير أصابعه في أذنيه. "الطبري" ١/ ١٥٧.
(٥) في (ب): (استدعاهم).
(١) في (ب): (وشبه).
(٢) في (أ)، (ج): (يسمعون).
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٦ أ.
(٤) قوله: (بجعل الذي في هذا المطر... إلخ) متعلق بقوله: (وشبه جعل المنافقين... إلخ) وقد ضعف هذا المعنى ابن جرير ورجح أن المراد بجعل أصابعهم في آذانهم مثلا لاتقائهم رسول الله ﷺ والمؤمنين، بالإقرار بما جاء به محمد ﷺ مخافة على أنفسهم من الهلاك ونزول النقمات فيتقون بما يبدون بألسنتهم من ظاهر الإقرار، كما يتقي الخائف أصوات الرعد بتصيير أصابعه في أذنيه. "الطبري" ١/ ١٥٧.
(٥) في (ب): (استدعاهم).
207
وأمال الكسائي: ﴿فِي آذَانِهِمْ﴾ (١). قال أبو علي: (وهي حسنة لمكان كسرة (٢) الإعراب (٣) في النون (٤)، كما جازت في مررت ببابه (٥). ونصب ﴿حَذَرَ الْمَوْتِ﴾ لأنه مفعول له (٦).
قال الزجاج: وليس نصبه لسقوط اللام، وإنما نصبه أنه في تأويل المصدر، كأنه (٧) قال: يحذرون حذرا (٨)، لأن جعل الأصابع في الآذان يدل على الحذر، كما قال:
وَأَغْفِر عَوْرَاءَ الكَرِيِم ادِّخَارَهُ (٩)
قال الزجاج: وليس نصبه لسقوط اللام، وإنما نصبه أنه في تأويل المصدر، كأنه (٧) قال: يحذرون حذرا (٨)، لأن جعل الأصابع في الآذان يدل على الحذر، كما قال:
وَأَغْفِر عَوْرَاءَ الكَرِيِم ادِّخَارَهُ (٩)
(١) رواية أبي عمر الدوري ونصير بن يوسف النحوي عن الكسائي، وقال أبو الحارث الليث بن خالد وغيره: كان الكسائي لا يميل هذا وأشباهه، وبقية (السبعة) على الفتح. انظر "السبعة" لابن مجاهد ص ١٤٤، "الحجة" ١/ ٣٦٥، "الكشف" ١/ ١٧١.
(٢) في (الحجة) (كثرة) ولعله خطأ مطبعي.
(٣) في (ب): (الأعراف).
(٤) فهو يميل الألف نحو الياء لمكان الكسرة بعدها التي على النون. انظر "الكشف" ١/ ١٧١.
(٥) في (ب): (سانه)، "الحجة" ١/ ٣٦٨.
(٦) (له) ساقطة من (ج).
انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٣، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٤٤، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٦١.
(٧) في (أ)، (ج) (لأنه) وما في (ب) أصح في السياق، وموافق لما في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٣.
(٨) الزجاج يرى أنه منصوب على أنه مفعول لأجله، حيث قال: (وإنما نصبت (حذر الموت) لأنه مفعول له، والمعنى يفعلون ذلك لحذر الموت...)، ثم قال: (... كأنه قال يحذرون حذرا...). وهذا التقدير لا يتناسب مع الكلام الأول، لأنه في الأخير مفعول مطلق. انظر "معاني القرآن" ١/ ٦٣.
(٩) صدر بيت لحاتم الطائي وعجزه: =
(٢) في (الحجة) (كثرة) ولعله خطأ مطبعي.
(٣) في (ب): (الأعراف).
(٤) فهو يميل الألف نحو الياء لمكان الكسرة بعدها التي على النون. انظر "الكشف" ١/ ١٧١.
(٥) في (ب): (سانه)، "الحجة" ١/ ٣٦٨.
(٦) (له) ساقطة من (ج).
انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٣، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٤٤، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٦١.
(٧) في (أ)، (ج) (لأنه) وما في (ب) أصح في السياق، وموافق لما في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٣.
(٨) الزجاج يرى أنه منصوب على أنه مفعول لأجله، حيث قال: (وإنما نصبت (حذر الموت) لأنه مفعول له، والمعنى يفعلون ذلك لحذر الموت...)، ثم قال: (... كأنه قال يحذرون حذرا...). وهذا التقدير لا يتناسب مع الكلام الأول، لأنه في الأخير مفعول مطلق. انظر "معاني القرآن" ١/ ٦٣.
(٩) صدر بيت لحاتم الطائي وعجزه: =
208
المعنى لادخاره. قوله: أغفر عوراء الكريم، معناه: أدخر الكريم (١).
وقال الفراء: نصبه على التفسير كقوله: ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ [الأنبياء: ٩٠] وكقوله: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ [الأعراف: ٥٥].
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ﴾. يقال: أُحِيط بفلان، إذا دنا هلاكه، وهو (٢) محاط به، قال الله تعالى: ﴿وَأُحِيطَ بثَمَرِهِ﴾ [الكهف: ٤٢]، أي: أصابه ما أهلكه وأفسده (٣).
والإحاطة تستعمل بمعنى العلم (٤) كقوله: ﴿أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: ١٢] أي: لم يشذ عن علمه شيء. ويستعمل بمعنى القدرة، كأن قدرته أحاطت بهم (٥)، فلا محيص (٦) لهم عنه.
وجاء في التفسير أن معناه: والله مهلكهم وجامعهم في النار (٧). دليله
وقال الفراء: نصبه على التفسير كقوله: ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ [الأنبياء: ٩٠] وكقوله: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ [الأعراف: ٥٥].
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ﴾. يقال: أُحِيط بفلان، إذا دنا هلاكه، وهو (٢) محاط به، قال الله تعالى: ﴿وَأُحِيطَ بثَمَرِهِ﴾ [الكهف: ٤٢]، أي: أصابه ما أهلكه وأفسده (٣).
والإحاطة تستعمل بمعنى العلم (٤) كقوله: ﴿أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: ١٢] أي: لم يشذ عن علمه شيء. ويستعمل بمعنى القدرة، كأن قدرته أحاطت بهم (٥)، فلا محيص (٦) لهم عنه.
وجاء في التفسير أن معناه: والله مهلكهم وجامعهم في النار (٧). دليله
= وأُعْرِضُ عَنْ شَتْمِ اللَّئِيم تَكَرُّمَا
ومعنى قوله عوراء: الكلمة القبيحة أو الفعلة، ادخاره: إبقاء عليه. ورد البيت في "نوادر أبي زيد" ص ٣٥٥، وسيبويه ١/ ٣٦٨، "المقتضب" ٢/ ٣٤٧ "الكامل" ١/ ٢٩١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٣، "الجمل" للزجاجي ص ٣١٩، "شرح المفصل" ٢/ ٥٤، "الخزانة" ٣/ ١٢٢، "ديوانه" ص ٨١، وفيه (اصطناعه) بدل (ادخاره) وهي رواية عند أبي زيد، "الكشاف" ١/ ٢١٨.
(١) انتهى من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٣.
(٢) في "التهذيب" (فهو محاط به).
(٣) "تهذيب اللغة" (حاط) ١/ ٧٠٧.
(٤) انظر "الصحاح" (حوط) ٣/ ١١٢١، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٠.
(٥) انظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٥ أ، و"الطبري" في تفسيره ١/ ١٥٨.
(٦) في (ب) (له).
(٧) ذكره "الطبري" عن مجاهد انظر "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٥٨، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٥ أ، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ١٩٣، في تفسيره والبغوي ١/ ٧٠، (أضواء البيان) ١/ ١١٤.
ومعنى قوله عوراء: الكلمة القبيحة أو الفعلة، ادخاره: إبقاء عليه. ورد البيت في "نوادر أبي زيد" ص ٣٥٥، وسيبويه ١/ ٣٦٨، "المقتضب" ٢/ ٣٤٧ "الكامل" ١/ ٢٩١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٣، "الجمل" للزجاجي ص ٣١٩، "شرح المفصل" ٢/ ٥٤، "الخزانة" ٣/ ١٢٢، "ديوانه" ص ٨١، وفيه (اصطناعه) بدل (ادخاره) وهي رواية عند أبي زيد، "الكشاف" ١/ ٢١٨.
(١) انتهى من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٣.
(٢) في "التهذيب" (فهو محاط به).
(٣) "تهذيب اللغة" (حاط) ١/ ٧٠٧.
(٤) انظر "الصحاح" (حوط) ٣/ ١١٢١، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٠.
(٥) انظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٥ أ، و"الطبري" في تفسيره ١/ ١٥٨.
(٦) في (ب) (له).
(٧) ذكره "الطبري" عن مجاهد انظر "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٥٨، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٥ أ، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ١٩٣، في تفسيره والبغوي ١/ ٧٠، (أضواء البيان) ١/ ١١٤.
209
قوله: ﴿إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ﴾ [يوسف: ٦٦] أي تهلكوا (١) جميعاً.
وأمال أبو عمرو والكسائي (الكافرين) (٢) في جميع القرآن: لأن الكسرة لزمت الراء بعد الفاء المكسورة، والراء بما فيها من التكرير يجرى مجرى الحرفين المكسورين، وكلما كثرت الكسرات حسنت الإمالة، ولا يميلان نحو (٣): ﴿أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ [البقرة: ٤١] وذلك لأن كسرة الراء غير لازمة (٤) لزومها في (الكافرين) (٥).
٢٠ - قوله تعالى: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ﴾ [البقرة: ٢٠]. (كاد) موضوع عند العرب لمقاربة (٦) الفعل (٧)، فإذا نفيت (٨) في اللفظ كان في المعنى إثباتا، وإذا أثبت كان نفيًا (٩)، بيانه أنك تقول: كاد يضربني، فهذا إثبات في اللفظ نفي للضرب (١٠)، لأن معناه قرب من الضرب ولم يضرب، وإذا قلت: ما
وأمال أبو عمرو والكسائي (الكافرين) (٢) في جميع القرآن: لأن الكسرة لزمت الراء بعد الفاء المكسورة، والراء بما فيها من التكرير يجرى مجرى الحرفين المكسورين، وكلما كثرت الكسرات حسنت الإمالة، ولا يميلان نحو (٣): ﴿أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ [البقرة: ٤١] وذلك لأن كسرة الراء غير لازمة (٤) لزومها في (الكافرين) (٥).
٢٠ - قوله تعالى: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ﴾ [البقرة: ٢٠]. (كاد) موضوع عند العرب لمقاربة (٦) الفعل (٧)، فإذا نفيت (٨) في اللفظ كان في المعنى إثباتا، وإذا أثبت كان نفيًا (٩)، بيانه أنك تقول: كاد يضربني، فهذا إثبات في اللفظ نفي للضرب (١٠)، لأن معناه قرب من الضرب ولم يضرب، وإذا قلت: ما
(١) في (أ)، (ج) (يهلكوا)، وفي (ب) (تهلكوا) وكذا في الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٥ أ.
(٢) وذلك إذا كان جمعا في موضع نصب أو خفض، أما إذا كان مفردا أو جمعا في موضع رفع لم يمل، وبهذا قرأ أبو عمرو، والكسائي في رواية أبي عمر الدوري ونصير بن يوسف. انظر "السبعة" ص١٤٧، "الحجة" ١/ ٣٧٩، "الكشف" ١/ ١٧٣. وبهذا قرأ قتيبة ورويس، وورش بين بين، والبقية على الفتح للكاف. انظر "الغاية" ص ٩١، "وتحبير التيسير" للجزري ص ٧٠، ٧١.
(٣) وهو المفرد المجرور. انظر "الحجة" ١/ ٣٨٩، "الكشف" ١/ ١٩٧.
(٤) لأنها كسرة إعراب فتتغير.
(٥) "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٨٩، وانظر "الحجة" لابن خالويه ص ٧٣، "الكشف" ١/ ١٩٧.
(٦) في (ب): (لمفارقه).
(٧) انظر "تهذيب اللغة" (كاد) ٤/ ٣٠٧٦، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٢٩، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٦١، "حروف المعاني" للزجاجي ص ٦٧.
(٨) في (ب): (بقيت).
(٩) في (ب): (بقى).
(١٠) في (ب): (في الضرب).
(٢) وذلك إذا كان جمعا في موضع نصب أو خفض، أما إذا كان مفردا أو جمعا في موضع رفع لم يمل، وبهذا قرأ أبو عمرو، والكسائي في رواية أبي عمر الدوري ونصير بن يوسف. انظر "السبعة" ص١٤٧، "الحجة" ١/ ٣٧٩، "الكشف" ١/ ١٧٣. وبهذا قرأ قتيبة ورويس، وورش بين بين، والبقية على الفتح للكاف. انظر "الغاية" ص ٩١، "وتحبير التيسير" للجزري ص ٧٠، ٧١.
(٣) وهو المفرد المجرور. انظر "الحجة" ١/ ٣٨٩، "الكشف" ١/ ١٩٧.
(٤) لأنها كسرة إعراب فتتغير.
(٥) "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٨٩، وانظر "الحجة" لابن خالويه ص ٧٣، "الكشف" ١/ ١٩٧.
(٦) في (ب): (لمفارقه).
(٧) انظر "تهذيب اللغة" (كاد) ٤/ ٣٠٧٦، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٢٩، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٦١، "حروف المعاني" للزجاجي ص ٦٧.
(٨) في (ب): (بقيت).
(٩) في (ب): (بقى).
(١٠) في (ب): (في الضرب).
210
كاد يفعل كذا، فهذا نفي في اللفظ، إثبات في المعنى، لأنه قرب من ترك الفعل، وقد فعله بعد بطء (١).
قال ابن الأنباري: (قال اللغويون: كدت أفعل، معناه عند العرب: قاربت الفعل ولم أفعل، وما كدت أفعل، معناه: فعلت بعد إبطاء (٢) هذا معنى (كاد)، وقد تستعمل (٣) بغير هذا المعنى (٤)، وسنذكر ذلك عند قوله: ﴿إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾ [النور: ٤٠].
وذكر أبو بكر بإسناده أن ذا الرمة الشاعر قدم الكوفة فأنشد [بالكُناسة] (٥) وهو على راحلته قصيدته (الحائية)، فلما انتهى إلى قوله:
قال ابن الأنباري: (قال اللغويون: كدت أفعل، معناه عند العرب: قاربت الفعل ولم أفعل، وما كدت أفعل، معناه: فعلت بعد إبطاء (٢) هذا معنى (كاد)، وقد تستعمل (٣) بغير هذا المعنى (٤)، وسنذكر ذلك عند قوله: ﴿إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾ [النور: ٤٠].
وذكر أبو بكر بإسناده أن ذا الرمة الشاعر قدم الكوفة فأنشد [بالكُناسة] (٥) وهو على راحلته قصيدته (الحائية)، فلما انتهى إلى قوله:
| إِذَا غَيَّرَ النَّأيُ المُحِبِّينَ لَمْ يَكَدْ | رَسيِسُ الهَوى مِنْ حُبِّ مَيَّةَ يَبْرَح (٦) |
(١) انظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٢٩، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٦١، "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢٢، وذكر السمين الحلبي: أنها إذا كانت منفية انتفى خبرها بطريق الأولى. انظر "الدر المصون" ١/ ١٧٦.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (كاد) ١٠/ ٣٢٩.
(٣) في (أ)، (ب) (يستعمل) وأثبت ما في (ج).
(٤) (المعنى) ساقط من (ب). قال ابن الأنباري: (وقد يكون ما كدت أفعل بمعنى: ما فعلت ولا قاربت إذا أكد الكلام بـ (أكاد)، انظر "التهذيب" ٤/ ٣٠٧٧، وهو بقية كلامه الذي نقل الواحدي بعضه. وفي "الخزانة": (قال صاحب اللباب: وإذا دخل النفي على (كاد) فهو كسائر الأفعال على الصحيح، وقيل. يكون للإثبات، وقيل: يكون في الماضي دون المستقبل...)، "الخزانة" ٩/ ٣٠٩.
(٥) في (أ)، (ج): (ما الكناسة) وهي ساقطة من (ب) والصحيح (بالكناسة) كما في "أمالي المرتضى" "الخزانة" كما سيأتي. و (الكناسة) بضم أوله محلة معروفة بالكوفة، كان بنو أسد وبنو تميم يطرحون فيها كناستهم. انظر "معجم ما استعجم" ٤/ ١١٣٦، "معجم البلدان" ٤/ ٤٨١.
(٦) قوله (النأي): البعد، (رسيس الهوى): مسه، ورد البيت في (ديوان ذي الرمة) =
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (كاد) ١٠/ ٣٢٩.
(٣) في (أ)، (ب) (يستعمل) وأثبت ما في (ج).
(٤) (المعنى) ساقط من (ب). قال ابن الأنباري: (وقد يكون ما كدت أفعل بمعنى: ما فعلت ولا قاربت إذا أكد الكلام بـ (أكاد)، انظر "التهذيب" ٤/ ٣٠٧٧، وهو بقية كلامه الذي نقل الواحدي بعضه. وفي "الخزانة": (قال صاحب اللباب: وإذا دخل النفي على (كاد) فهو كسائر الأفعال على الصحيح، وقيل. يكون للإثبات، وقيل: يكون في الماضي دون المستقبل...)، "الخزانة" ٩/ ٣٠٩.
(٥) في (أ)، (ج): (ما الكناسة) وهي ساقطة من (ب) والصحيح (بالكناسة) كما في "أمالي المرتضى" "الخزانة" كما سيأتي. و (الكناسة) بضم أوله محلة معروفة بالكوفة، كان بنو أسد وبنو تميم يطرحون فيها كناستهم. انظر "معجم ما استعجم" ٤/ ١١٣٦، "معجم البلدان" ٤/ ٤٨١.
(٦) قوله (النأي): البعد، (رسيس الهوى): مسه، ورد البيت في (ديوان ذي الرمة) =
211
قال له عبد الله بن شبرمة (١): فقد برح يا ذا الرمة! ففكر ساعة ثم قال:
........ لَمْ أَجِدْ رسيِسَ... الهَوى مِنْ حُبِّ مَيَّهَ يَبْرَحُ (٢)
ومعنى الآية: يكاد ما في القرآن من الحجج تخطف (٣) قلوبهم من شدة إزعاجها (٤) إلى النظر في أمر دينهم (٥).
وقال ابن عباس في رواية مقاتل والضحاك: معناه: يكاد الإيمان يدخل في قلوبهم (٦).
........ لَمْ أَجِدْ رسيِسَ... الهَوى مِنْ حُبِّ مَيَّهَ يَبْرَحُ (٢)
ومعنى الآية: يكاد ما في القرآن من الحجج تخطف (٣) قلوبهم من شدة إزعاجها (٤) إلى النظر في أمر دينهم (٥).
وقال ابن عباس في رواية مقاتل والضحاك: معناه: يكاد الإيمان يدخل في قلوبهم (٦).
= وفيه (لم أجد) وفي (أمالي المرتضى) ١/ ٣٣٢، "زاد المسير" ١/ ٤٥، "الدر المصون" ١/ ١٧٦، "الخزانة" ٩/ ٣٠٩، "شرح المفصل" لابن يعيش ٧/ ١٢٤.
(١) هو عبد الله بن شبرمة بن حسان الضبي الكوفي، أبو شبرمة، كان شاعراً فقيهاً ثقة (٧٢ - ١٤٤هـ). انظر (طبقات ابن خياط) ص ٢٨٣، (الجرح والتعديل) ٥/ ٨٢، (تهذيب التهذيب) ٢/ ٣٥١.
(٢) وردت القصة مسندة في "أمالي المرتضى" ١/ ٣٣٢، "الخزانة" ١/ ٣١١، ويستشهد العلماء بهذا البيت على أن النفي إذ دخل على (كاد) تكون في الماضي للإثبات، وفي المستقبل كالأفعال، وبعضهم قال: كالأفعال في الماضي والمستقبل، وقيل: تكون للإثبات في الماضي والمستقبل. انظر: "الخزانة" ٩/ ٣٩، "شرح المفصل" ٧/ ١٢٥.
(٣) في (ج): (بخطف).
(٤) في (ب) (ازعاجها لهم).
(٥) ذكر هذا المعنى في "الوسيط" وقال: من تمام التمثيل ١/ ٥٢، وفي "الوجيز" ١/ ٦. قال ابن عطية: تكاد حجج القرآن وبراهينه وآياته الساطعة تبهرهم، ومن جعل (البرق) في المثل: الزجر والوعيد، قال: يكاد ذلك يصيبهم. "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٤، ونحوه في "تفسير القرطبي" ١/ ١٩٢.
(٦) لم أجد هذِه الرواية عن ابن عباس، وفي "الطبري" عن الضحاك عن ابن عباس. قال: يلتمع أبصارهم ولما يفعل ١/ ١٥٨، "وتفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٥٧، =
(١) هو عبد الله بن شبرمة بن حسان الضبي الكوفي، أبو شبرمة، كان شاعراً فقيهاً ثقة (٧٢ - ١٤٤هـ). انظر (طبقات ابن خياط) ص ٢٨٣، (الجرح والتعديل) ٥/ ٨٢، (تهذيب التهذيب) ٢/ ٣٥١.
(٢) وردت القصة مسندة في "أمالي المرتضى" ١/ ٣٣٢، "الخزانة" ١/ ٣١١، ويستشهد العلماء بهذا البيت على أن النفي إذ دخل على (كاد) تكون في الماضي للإثبات، وفي المستقبل كالأفعال، وبعضهم قال: كالأفعال في الماضي والمستقبل، وقيل: تكون للإثبات في الماضي والمستقبل. انظر: "الخزانة" ٩/ ٣٩، "شرح المفصل" ٧/ ١٢٥.
(٣) في (ج): (بخطف).
(٤) في (ب) (ازعاجها لهم).
(٥) ذكر هذا المعنى في "الوسيط" وقال: من تمام التمثيل ١/ ٥٢، وفي "الوجيز" ١/ ٦. قال ابن عطية: تكاد حجج القرآن وبراهينه وآياته الساطعة تبهرهم، ومن جعل (البرق) في المثل: الزجر والوعيد، قال: يكاد ذلك يصيبهم. "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٤، ونحوه في "تفسير القرطبي" ١/ ١٩٢.
(٦) لم أجد هذِه الرواية عن ابن عباس، وفي "الطبري" عن الضحاك عن ابن عباس. قال: يلتمع أبصارهم ولما يفعل ١/ ١٥٨، "وتفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٥٧، =
212
وقوله تعالى: ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ﴾. ﴿أَضَاءَ﴾ هاهنا إن كان متعديا فالمفعول محذوف، وكأنه قيل: كلما أضاء لهم الطريق، ويجوز أن يكون لازما بمعنى (ضاء) (١).
قال ابن عباس: يقول: إذا قرئ عليهم شيء من القرآن مما يحبون صدقوا، وإذا سمعوا شيئاً من شرائع النبي ﷺ مما يكرهون وقفوا عنه، وذلك قوله تعالى: ﴿وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا﴾ (٢).
وقال قتادة: هو المنافق إذا كثر ماله وأصاب رخاء وعافية قال للمسلمين: أنا معكم وعلى دينكم، وإذا أصابته النوائب قام متحيرا؛ لأنه لا يحتسب أجرها (٣). كأصحاب الصيب إذا أضاء لهم البرق فأبصروا الطريق مشوا، فإذا عادت الظلمة وقفوا متحيرين. ومثله قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ [الحج: ١١]. وقيل: شبه الغنيمة بالبرق، يقول (٤): الطمع في الغنيمة يزعج قلوبهم، ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ﴾: أي كثرت الغنائم
قال ابن عباس: يقول: إذا قرئ عليهم شيء من القرآن مما يحبون صدقوا، وإذا سمعوا شيئاً من شرائع النبي ﷺ مما يكرهون وقفوا عنه، وذلك قوله تعالى: ﴿وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا﴾ (٢).
وقال قتادة: هو المنافق إذا كثر ماله وأصاب رخاء وعافية قال للمسلمين: أنا معكم وعلى دينكم، وإذا أصابته النوائب قام متحيرا؛ لأنه لا يحتسب أجرها (٣). كأصحاب الصيب إذا أضاء لهم البرق فأبصروا الطريق مشوا، فإذا عادت الظلمة وقفوا متحيرين. ومثله قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ [الحج: ١١]. وقيل: شبه الغنيمة بالبرق، يقول (٤): الطمع في الغنيمة يزعج قلوبهم، ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ﴾: أي كثرت الغنائم
= "الدر" ١/ ٧٣، وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٥٧.
(١) انظر "معاني القرآن" للفراء١/ ١٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٤، "وتفسير القرطبي" ١/ ١٩٣.
(٢) ذكره ابن الجوزي عن ابن عباس والسدي، "زاد المسير" ١/ ٤٦، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٩١، وذكر ابن عطية عن ابن عباس نحوه ١/ ١٩٥، وكذا "القرطبي" ١/ ١٩٣.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٦ أ، وأخرجه "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٥٥، وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى عبد بن حميد وابن جرير ١/ ٧٢، وقد ورد نحوه عن ابن عباس. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٥٤، و"تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٥٩، "الدر" ١/ ٧٢.
(٤) في (ب): (لقول).
(١) انظر "معاني القرآن" للفراء١/ ١٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٤، "وتفسير القرطبي" ١/ ١٩٣.
(٢) ذكره ابن الجوزي عن ابن عباس والسدي، "زاد المسير" ١/ ٤٦، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٩١، وذكر ابن عطية عن ابن عباس نحوه ١/ ١٩٥، وكذا "القرطبي" ١/ ١٩٣.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٦ أ، وأخرجه "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٥٥، وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى عبد بن حميد وابن جرير ١/ ٧٢، وقد ورد نحوه عن ابن عباس. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٥٤، و"تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٥٩، "الدر" ١/ ٧٢.
(٤) في (ب): (لقول).
213
وأصابوا الخير، ﴿مَشَوْا فِيهِ﴾: أي رضوا به، ﴿وَإِذَا (١) أَظْلَمَ عَلَيْهِم﴾: قلت (٢) الغنيمة وكانت بدلها الهزيمة، (قاموا): اعتلوا وقعدوا عن نصرة الرسول (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ﴾. خص هاتين الجارحتين لما تقدم ذكرهما في قوله: ﴿آذَانِهِمْ﴾ و ﴿يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ فيقول: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ﴾ عقوبة لهم على نفاقهم، فليحذروا عاجل عقوبة الله وآجله، فإن الله على كل شيء قدير من ذلك (٤).
وقيل: ولو شاء الله لذهب بأسماعهم الظاهرة، وأبصارهم الظاهرة كما ذهب بأسماعهم وأبصارهم الباطنة، حتى صاروا صُمًّا عُمْيًا (٥).
وكان حمزة يسكت على الياء في ﴿شَيْءٍ﴾ (٦) قبل الهمزة سكتة خفيفة، ثم يهمز (٧). وذلك (٨) أنه أراد بتلك الوقيفة [في صورة لا يجوز فيها
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ﴾. خص هاتين الجارحتين لما تقدم ذكرهما في قوله: ﴿آذَانِهِمْ﴾ و ﴿يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ فيقول: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ﴾ عقوبة لهم على نفاقهم، فليحذروا عاجل عقوبة الله وآجله، فإن الله على كل شيء قدير من ذلك (٤).
وقيل: ولو شاء الله لذهب بأسماعهم الظاهرة، وأبصارهم الظاهرة كما ذهب بأسماعهم وأبصارهم الباطنة، حتى صاروا صُمًّا عُمْيًا (٥).
وكان حمزة يسكت على الياء في ﴿شَيْءٍ﴾ (٦) قبل الهمزة سكتة خفيفة، ثم يهمز (٧). وذلك (٨) أنه أراد بتلك الوقيفة [في صورة لا يجوز فيها
(١) في (ب): (فإذا).
(٢) في (ب): (فله).
(٣) ذكر نحوه "الطبري"، إلا أنه قال: (جعل البرق لإيمانهم مثلا، وإنما أراد بذلك أنهم كلما أضاء لهم الإيمان، وإضاءته لهم: أن يروا ما يعجبهم في عاجل الدنيا....)، "تفسير الطبري" ١/ ١٥٨، وانظر: "تفسير الخازن" ١/ ٧١، ٧٢، "البحر" ١/ ٩١.
(٤) ذكره "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٥٩، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٥.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٦ ب، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠١، و"تفسير البغوي" ١/ ٧١.
(٦) من قوله: ﴿عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، وكذلك يفعل بكل حرف سكن قبل الهمزة.
(٧) انظر: "السبعة" ص ١٤٨، "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٩١، "الحجة" لابن خالويه ص٧٢، "الكشف" ١/ ٢٣٤، "التيسير" ص ٦٢.
(٨) في (ب): (من ذلك).
(٢) في (ب): (فله).
(٣) ذكر نحوه "الطبري"، إلا أنه قال: (جعل البرق لإيمانهم مثلا، وإنما أراد بذلك أنهم كلما أضاء لهم الإيمان، وإضاءته لهم: أن يروا ما يعجبهم في عاجل الدنيا....)، "تفسير الطبري" ١/ ١٥٨، وانظر: "تفسير الخازن" ١/ ٧١، ٧٢، "البحر" ١/ ٩١.
(٤) ذكره "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٥٩، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٥.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٦ ب، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠١، و"تفسير البغوي" ١/ ٧١.
(٦) من قوله: ﴿عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، وكذلك يفعل بكل حرف سكن قبل الهمزة.
(٧) انظر: "السبعة" ص ١٤٨، "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٩١، "الحجة" لابن خالويه ص٧٢، "الكشف" ١/ ٢٣٤، "التيسير" ص ٦٢.
(٨) في (ب): (من ذلك).
214
معها إلا التحقيق لأن] (١) الهمزة قد صارت بالوقيفة مضارعة للمبتدأ بها والمبتدأ بها لا يجوز تخفيفها (٢).
٢١ - قوله تعالى: ﴿يَأَيُّهَا اَلنَّاسُ أعبُدُواْ رَبَّكُمُ﴾ الآية. (يا) حرف ينادي به (٣)، ولا تكاد تجد في كلام العرب حرفاً تألف مع اسم فكانا جملة كاملة سوى حرف النداء.
و (أي) (٤) اسم مبهم مبني على الضم، لأنه منادى مفرد، و ﴿النَّاسُ﴾ صفة لأي لازمة، تقول: يا أيها الرجل أقبل، ولا يجوز (٥): يا الرجل، لأن (يا) تنبيه بمنزلة التعريف في الرجل، فلا يجمع بين (يا) وبين الألف واللام (٦). و (ها) لازمة لأي (٧)، وهي عوض من الإضافة في (أي) لأن
٢١ - قوله تعالى: ﴿يَأَيُّهَا اَلنَّاسُ أعبُدُواْ رَبَّكُمُ﴾ الآية. (يا) حرف ينادي به (٣)، ولا تكاد تجد في كلام العرب حرفاً تألف مع اسم فكانا جملة كاملة سوى حرف النداء.
و (أي) (٤) اسم مبهم مبني على الضم، لأنه منادى مفرد، و ﴿النَّاسُ﴾ صفة لأي لازمة، تقول: يا أيها الرجل أقبل، ولا يجوز (٥): يا الرجل، لأن (يا) تنبيه بمنزلة التعريف في الرجل، فلا يجمع بين (يا) وبين الألف واللام (٦). و (ها) لازمة لأي (٧)، وهي عوض من الإضافة في (أي) لأن
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج)، وفي (أ) أراد بتلك الوقيفة تحقيق الهمزة، قد صارت... ، والعبارة غير واضحة، ونص كلام أبي علي في (الحجة) (أنه أراد بهذِه الوقيفة التي وقفها تحقيق الهمزة وتبيينها، فجعل الهمزة بهذِه الوقيفة التي وقفها قبلها على صورة لا يجوز فيها معها إلا التحقيق، لأن الهمزة قد صارت بالوقيفة مضارعة للمبتدأ بها....)، "الحجة" ١/ ٣٩١.
(٢) في (ب): (تحقيقها). الكلام لأبي علي كما في "الحجة" ١/ ٣٩١، ويريد حمزة بهذا أن يحقق الهمزة وينطق بها صحيحة، وبقية السبعة على عدم الوقف، لأنه لا يوقف على بعض الاسم دون الإتيان على آخره، ولذلك فالإعراب في آخر الاسم. انظر "الحجة" لابن خالويه ص ٧٢.
(٣) قال أبو حيان: زعم بعضهم: أنها اسم فعل معناها (أنادي). "البحر" ١/ ٩٢، وانظر "الدر المصون" ١/ ١٨٤.
(٤) نقله من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٤.
(٥) في (أ)، (ج): (لا يجوز) بسقوط الواو.
(٦) انظر: "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢٣.
(٧) في "المعاني" (للتنبيه) ١/ ٦٤.
(٢) في (ب): (تحقيقها). الكلام لأبي علي كما في "الحجة" ١/ ٣٩١، ويريد حمزة بهذا أن يحقق الهمزة وينطق بها صحيحة، وبقية السبعة على عدم الوقف، لأنه لا يوقف على بعض الاسم دون الإتيان على آخره، ولذلك فالإعراب في آخر الاسم. انظر "الحجة" لابن خالويه ص ٧٢.
(٣) قال أبو حيان: زعم بعضهم: أنها اسم فعل معناها (أنادي). "البحر" ١/ ٩٢، وانظر "الدر المصون" ١/ ١٨٤.
(٤) نقله من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٤.
(٥) في (أ)، (ج): (لا يجوز) بسقوط الواو.
(٦) انظر: "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢٣.
(٧) في "المعاني" (للتنبيه) ١/ ٦٤.
215
الأصل في (أي) أن تكون (١) مضافة في الاستفهام والخبر. والمازني يجيز (٢) في (يا أيها الرجل) النصب في (الرجل) ولا يوافقه على هذا غيره (٣).
قال أبو إسحاق: وقوله قياس؛ لأن موضوع المنادى المفرد نصب، فحمل (٤) صفته على موضعه، وهذا في غير (٥) (يا أيها الرجل) جائز عند جميع النحويين، نحو قولك: (يا زيد الظريفُ والظريفَ) (٦) والنحويون غيره (٧) لا يقولون في هذا إلا الرفع، والعرب لغتها في هذا الرفع، لأن المنادي في الحقيقة (الرجل) و (أي) وصلة له (٨). وذلك أنهم لما أرادوا نداء
قال أبو إسحاق: وقوله قياس؛ لأن موضوع المنادى المفرد نصب، فحمل (٤) صفته على موضعه، وهذا في غير (٥) (يا أيها الرجل) جائز عند جميع النحويين، نحو قولك: (يا زيد الظريفُ والظريفَ) (٦) والنحويون غيره (٧) لا يقولون في هذا إلا الرفع، والعرب لغتها في هذا الرفع، لأن المنادي في الحقيقة (الرجل) و (أي) وصلة له (٨). وذلك أنهم لما أرادوا نداء
(١) في (أ)، (ج): (يكون) وما في (ب) أصح للسياق.
(٢) في (أ)، (ج): (تخير) واخترت ما في (ب) لأنه أصح وموافق لما في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٤.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٤، وحذف الواحدي بعض كلام الزجاج ونص عبارة الزجاج: (وزعم سيبويه عن الخليل أن المنادي المفرد مبني، وصفته مرفوعة رفعاً صحيحاً لأن النداء يطرد في كل اسم مفرد، فلما كانت البنية مطردة في المفرد خاصة، شبه المرفوع فرفعت صفته، والمازني يجيز في (يا أيها الرجل) النصب في (الرجل) ولم يقل بهذا القول أحد من البصريين غيره). وانظر "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٦٢ "الإملاء" ١/ ٢٣، قال العبكري -بعد أن ذكر قول المازني-: وهو ضعيف. وقد رد الزجاج نفسه هذا القول في موضوع آخر فقال: (فهذا مطروح مرذول). انظر "معاني القرآن" ١/ ٢١١.
(٤) في "المعاني" (فحملت) وفي الهامش: (في الأصل) (فحمل) أي: (المازني) "معاني القرآن" ١/ ٦٤.
(٥) في (ب): (غيره).
(٦) (الظريف) ساقط من (ب).
(٧) في (ب): (في غيره). والمعنى: النحويون غير المازني.
(٨) انتهى كلام الزجاج. "معاني القرآن" ١/ ٦٤، ٦٥، نقله بتصرف.
(٢) في (أ)، (ج): (تخير) واخترت ما في (ب) لأنه أصح وموافق لما في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٤.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٤، وحذف الواحدي بعض كلام الزجاج ونص عبارة الزجاج: (وزعم سيبويه عن الخليل أن المنادي المفرد مبني، وصفته مرفوعة رفعاً صحيحاً لأن النداء يطرد في كل اسم مفرد، فلما كانت البنية مطردة في المفرد خاصة، شبه المرفوع فرفعت صفته، والمازني يجيز في (يا أيها الرجل) النصب في (الرجل) ولم يقل بهذا القول أحد من البصريين غيره). وانظر "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٦٢ "الإملاء" ١/ ٢٣، قال العبكري -بعد أن ذكر قول المازني-: وهو ضعيف. وقد رد الزجاج نفسه هذا القول في موضوع آخر فقال: (فهذا مطروح مرذول). انظر "معاني القرآن" ١/ ٢١١.
(٤) في "المعاني" (فحملت) وفي الهامش: (في الأصل) (فحمل) أي: (المازني) "معاني القرآن" ١/ ٦٤.
(٥) في (ب): (غيره).
(٦) (الظريف) ساقط من (ب).
(٧) في (ب): (في غيره). والمعنى: النحويون غير المازني.
(٨) انتهى كلام الزجاج. "معاني القرآن" ١/ ٦٤، ٦٥، نقله بتصرف.
216
ما فيه لام التعريف، ولم يمكنهم أن يباشروه بـ (يا) لما فيها من التعريف والإشارة توصلوا إلى ذلك بإدخال (أي) بينهما فقالوا: يا أيها الرجل، والمقصود بالنداء هو الرجل، و (أي) وصلة له (١). ولأن (أيا) وإن كان اسما منادى مفردا فهو ناقص، والنصب بالحمل على الموضوع إنما يجوز بعد تمام الاسم (٢). و ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ عموم في كل مكلف من مؤمن وكافر (٣). ويروى عن الحسن وعلقمة (٤). أن ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ خطاب أهل مكة، و ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ خطاب أهل المدينة (٥).
(١) (له) ساقطة من (ب).
(٢) وعليه فلا يجوز النصب (للناس) حملا على الموضع كما سبق، انظر "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٤٧، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٦٢، "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢٣، "البحر المحيط" ١/ ٩٤، "الدر المصون" ١/ ١٨٥.
(٣) انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٦٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٥ ب، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠١.
(٤) الإمام الحافظ، أبو شبل، علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي الكوفي، لازم ابن مسعود حتى رأس في العلم، وحدث عن عدد من الصحابة، اختلف في سنة وفاته. فقيل سنة إحدى وستين وقيل: خمس وستين، وقيل: غير ذلك. انظر "تاريخ بغداد" ١٣/ ٢٩٦، "حلية الأولياء" ٢/ ٦٨، "سير أعلام النبلاء" ٤/ ٥٣.
(٥) أخرجه الواحدي بسنده في كتابه "أسباب نزول القرآن" عن علقمة، ص ٢٦، وذكره في (الوسيط) ١/ ٥٣، وذكره السيوطي في "الدر" وغزاه لأبي عبيد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن الضريس وابن المنذر، وأبي الشيخ أبن حيان في "التفسير". وورد في "الدر" نحوه عن ابن مسعود، والضحاك، وميمون بن مهران، وعروة وعكرمة. "الدر" ١/ ٧٣، وذكره الثعلبي في "تفسيره" عن ابن عباس ١/ ٥٦، وابن عطية عن مجاهد، وقال: وقد يجيء في المدني ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ وأما ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فصحيح. "تفسير ابن عطية" ١/ ١٧٩، ونحوه قال "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٩٤، وانظر "البرهان" ١/ ١٨٩ - ١٩٠.
(٢) وعليه فلا يجوز النصب (للناس) حملا على الموضع كما سبق، انظر "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٤٧، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٦٢، "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢٣، "البحر المحيط" ١/ ٩٤، "الدر المصون" ١/ ١٨٥.
(٣) انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٦٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٥ ب، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠١.
(٤) الإمام الحافظ، أبو شبل، علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي الكوفي، لازم ابن مسعود حتى رأس في العلم، وحدث عن عدد من الصحابة، اختلف في سنة وفاته. فقيل سنة إحدى وستين وقيل: خمس وستين، وقيل: غير ذلك. انظر "تاريخ بغداد" ١٣/ ٢٩٦، "حلية الأولياء" ٢/ ٦٨، "سير أعلام النبلاء" ٤/ ٥٣.
(٥) أخرجه الواحدي بسنده في كتابه "أسباب نزول القرآن" عن علقمة، ص ٢٦، وذكره في (الوسيط) ١/ ٥٣، وذكره السيوطي في "الدر" وغزاه لأبي عبيد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن الضريس وابن المنذر، وأبي الشيخ أبن حيان في "التفسير". وورد في "الدر" نحوه عن ابن مسعود، والضحاك، وميمون بن مهران، وعروة وعكرمة. "الدر" ١/ ٧٣، وذكره الثعلبي في "تفسيره" عن ابن عباس ١/ ٥٦، وابن عطية عن مجاهد، وقال: وقد يجيء في المدني ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ وأما ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فصحيح. "تفسير ابن عطية" ١/ ١٧٩، ونحوه قال "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٩٤، وانظر "البرهان" ١/ ١٨٩ - ١٩٠.
217
وقوله تعالى: ﴿اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ أي اخضعوا له بالطاعة، ولا يجوز ذلك إلا لمالك الأعيان (١).
وقوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾. (الخلق): ابتداع شيء لم يسبق إليه (٢). وكل شيء خلقه الله فهو مبتدئه على غير مثال سبق إليه (٣). والعرب تقول: خلقت الأديم إذا قدرته (٤). لتقطع منه مزادة أو قِرْبةً أو خُفًّا (٥). قال زهير:
وقيل للمقدر: خالق على الاستعارة لا على استحقاق اسم الخلق، وذلك أن المقدر إنما يقدر ليفعل، فسمى الفعل باسم التقدير، كما يسمى الشيء باسم الشيء إذا كان معه أو من سببه، فالخلق الحقيقي هو خلق الله الذي أبتدع ما خلق وأنشأ ما أراد على غير مثال، وخلق غيره [قياس وتشبيه وافتراء ومحاكاة وتقدير على قدر قدرة غيره، فخلق الله ذاتي وخلق
وقوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾. (الخلق): ابتداع شيء لم يسبق إليه (٢). وكل شيء خلقه الله فهو مبتدئه على غير مثال سبق إليه (٣). والعرب تقول: خلقت الأديم إذا قدرته (٤). لتقطع منه مزادة أو قِرْبةً أو خُفًّا (٥). قال زهير:
| وَلَأنْتَ تَفْرِي (٦) ما خَلَقْتَ وَبَعْـ | ـضُ القَوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لا يَفْري (٧) |
(١) انظر: "الطبري" ١/ ١٦٠، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٧، "تفسير القرطبي" ١/ ١٩٤.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (خلق) ١/ ١٠٩٣.
(٣) انظر: كتاب "الزينة" ٢/ ٥٢، "معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن" ١/ ١٠١، ١٠٢، (رسالة ماجستير).
(٤) في (ب): (قدته).
(٥) "تهذيب اللغة" (خلق)، ١/ ١٠٩٣.
(٦) في (ب): (تقوى).
(٧) في (ب): (لا يقوى). ورد البيت في "الكتاب" ٤/ ١٨٥، "الزاهر" ١/ ١٨٤، "الجمهرة" ٢/ ٢٤٠، "تفسير أسماء الله" للزجاج ص ٣٦، "اشتقاق أسماء الله" ص ١٦٦، "إعراب ثلاثين سورة" ص ٤٥، "غريب الحديث" لأبي عبيد ٢/ ٢٩٢، "تأويل مشكل القرآن" ص ٥٠٧، "تهذيب اللغة" (خلق) ١/ ١٠٩٣، "معجم مقاييس اللغة" (خلق) ٢/ ٢١٤، (فرى) ٤/ ٤٩٧، "البحر" ١/ ٩٣، "القرطبي" ١/ ١٩٥، "ديوان زهير" ص ٩٤. ومعناه: أنت مضاء العزيمة، وغيرك ليس بماضي العزم.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (خلق) ١/ ١٠٩٣.
(٣) انظر: كتاب "الزينة" ٢/ ٥٢، "معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن" ١/ ١٠١، ١٠٢، (رسالة ماجستير).
(٤) في (ب): (قدته).
(٥) "تهذيب اللغة" (خلق)، ١/ ١٠٩٣.
(٦) في (ب): (تقوى).
(٧) في (ب): (لا يقوى). ورد البيت في "الكتاب" ٤/ ١٨٥، "الزاهر" ١/ ١٨٤، "الجمهرة" ٢/ ٢٤٠، "تفسير أسماء الله" للزجاج ص ٣٦، "اشتقاق أسماء الله" ص ١٦٦، "إعراب ثلاثين سورة" ص ٤٥، "غريب الحديث" لأبي عبيد ٢/ ٢٩٢، "تأويل مشكل القرآن" ص ٥٠٧، "تهذيب اللغة" (خلق) ١/ ١٠٩٣، "معجم مقاييس اللغة" (خلق) ٢/ ٢١٤، (فرى) ٤/ ٤٩٧، "البحر" ١/ ٩٣، "القرطبي" ١/ ١٩٥، "ديوان زهير" ص ٩٤. ومعناه: أنت مضاء العزيمة، وغيرك ليس بماضي العزم.
218
غيره] (١) على سبيل الاستعارة والتقدير (٢).
ومعنى الآية: أن الله تعالى احتج على العرب بأنه خالقهم وخالق من قبلهم، لأنهم كانوا مُقِرّين بأنه خالقهم، والدليل على ذلك قوله: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [الزخرف: ٨٧]، فقيل لهم: إذ (٣) كنتم معترفين بأنه خالقكم فاعبدوه ولا تعبدوا الأصنام، فإن عبادة الخالق أولى من عبادة المخلوقين من الأصنام (٤).
وقوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. قال ابن الأنباري: (لعل) يكون (٥): ترجياً، ويكون بمعنى: (كي)، ويكون: ظناً كقولك: لعلي أحج العام، معناه: أظنني سأحج (٦).
وقال يونس (٧): (لعل) يأتي في كلام العرب بمعنى: (كي)، من
ومعنى الآية: أن الله تعالى احتج على العرب بأنه خالقهم وخالق من قبلهم، لأنهم كانوا مُقِرّين بأنه خالقهم، والدليل على ذلك قوله: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [الزخرف: ٨٧]، فقيل لهم: إذ (٣) كنتم معترفين بأنه خالقكم فاعبدوه ولا تعبدوا الأصنام، فإن عبادة الخالق أولى من عبادة المخلوقين من الأصنام (٤).
وقوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. قال ابن الأنباري: (لعل) يكون (٥): ترجياً، ويكون بمعنى: (كي)، ويكون: ظناً كقولك: لعلي أحج العام، معناه: أظنني سأحج (٦).
وقال يونس (٧): (لعل) يأتي في كلام العرب بمعنى: (كي)، من
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٢) انظر: كتاب "الزينة" ٢/ ٥٣، ٥٢، "معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن" ١/ ١٠١، ١٠٢، "تفسير أسماء الله" للزجاج ص ٣٥، "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص ١٦٦، "معجم مقاييس اللغة" (خلق) ٢/ ٢١٤، "الجمهرة" (خ ق ل) ١/ ٦١٩، "تهذيب اللغة"، خلق١/ ١٠٩٣، "مفردات الراغب" ص ١٥٧.
(٣) كذا وردت في جميع النسخ، ولعلها (إذا).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٦٠، "القرطبي" ١/ ١٩٥.
(٥) في (ب): (تكون) في المواضع الثلاثة.
(٦) ذكره الأزهري حيث قال: (وأثبت عن ابن الأنباري...) ثم ذكر لها خمسة وجوه، ذكر الواحدي منها ثلاثة، والرابع: بمعنى: (عسى)، والخاص: بمعنى: (الاستفهام)، "تهذيب اللغة" (عل) ٣/ ٢٥٥٣.
(٧) ذكره الأزهري بسنده قال: (أخبرني المنذري عن الحسين بن فهم أن محمد بن سلام أخبره عن يونس..)، "تهذيب اللغة" (عل) ٣/ ٢٥٥٣. ويونس: هو يونس بن حبيب أو عبد الرحمن الضبي بالولاء، كان النحو يغلب عليه، أخذ عن أبي عمرو بن =
(٢) انظر: كتاب "الزينة" ٢/ ٥٣، ٥٢، "معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن" ١/ ١٠١، ١٠٢، "تفسير أسماء الله" للزجاج ص ٣٥، "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص ١٦٦، "معجم مقاييس اللغة" (خلق) ٢/ ٢١٤، "الجمهرة" (خ ق ل) ١/ ٦١٩، "تهذيب اللغة"، خلق١/ ١٠٩٣، "مفردات الراغب" ص ١٥٧.
(٣) كذا وردت في جميع النسخ، ولعلها (إذا).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٦٠، "القرطبي" ١/ ١٩٥.
(٥) في (ب): (تكون) في المواضع الثلاثة.
(٦) ذكره الأزهري حيث قال: (وأثبت عن ابن الأنباري...) ثم ذكر لها خمسة وجوه، ذكر الواحدي منها ثلاثة، والرابع: بمعنى: (عسى)، والخاص: بمعنى: (الاستفهام)، "تهذيب اللغة" (عل) ٣/ ٢٥٥٣.
(٧) ذكره الأزهري بسنده قال: (أخبرني المنذري عن الحسين بن فهم أن محمد بن سلام أخبره عن يونس..)، "تهذيب اللغة" (عل) ٣/ ٢٥٥٣. ويونس: هو يونس بن حبيب أو عبد الرحمن الضبي بالولاء، كان النحو يغلب عليه، أخذ عن أبي عمرو بن =
219
ذلك (١) قوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (٢) و ﴿لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ (٣) ويقول (٤): (أعرني دابتك لعلي أركبها) بمعنى (كي).
قال (٥): وتقول (٦): انطلق بنا لعلنا نتحدث، أي: كي نتحدث (٧). ومثل هذا قال قطرب في (لعل) (٨).
وقال سيبويه: (لعل) كلمة ترجية وتطميع للمخاطبين (٩). أي كونوا على رجاء وطمع أن تتقوا بعبادتكم عقوبة الله أن تحل بكم (١٠)، كما قال
قال (٥): وتقول (٦): انطلق بنا لعلنا نتحدث، أي: كي نتحدث (٧). ومثل هذا قال قطرب في (لعل) (٨).
وقال سيبويه: (لعل) كلمة ترجية وتطميع للمخاطبين (٩). أي كونوا على رجاء وطمع أن تتقوا بعبادتكم عقوبة الله أن تحل بكم (١٠)، كما قال
= العلاء وحماد بن سلمة، توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة، انظر ترجمته في: "طبقات النحويين واللغويين" للزبيدي ص ٥١، "إنباه الرواة" ٤/ ٦٨، "وفيات الأعيان" ٧/ ٢٤٤، "معجم الأدباء" ٢/ ٦٤.
(١) في (ب): (من قولك).
(٢) الآية: ٢١، ١٧٩، ٦٣، ١٨٣ من سورة البقرة، و١٧١ من سورة الأعراف. وفي "تهذيب اللغة" (لعلهم يتقون).
(٣) (لعلهم يذكرون) جزء من آية في الأعراف: ٢٦، ١٣٠، وفي الأنفال: ٥٧. وفي (ب): (لعلكم تذكرون) وكذا في "تهذيب اللغة"، وهي جزء من آية في الأنعام: ١٥٢، والأعراف: ٥٧ والنحل: ٩٠، والنور: ١، ٢٧، والذاريات ٤٩.
(٤) كذا وردت في (أ)، (ج)، وفي (ب) بدون نقط، وفي "تهذيب اللغة" (كقولك) والأولى (تقول).
(٥) (قال) ساقط من (ب).
(٦) في (أ)، (ج): (ويقول) وأثبت ما في (ب).
(٧) آخر ما نقله الواحدي من كلام يونس، وانظر بقية كلامه في "تهذيب اللغة" (عل) ٣/ ٢٥٥٣، وانظر معاني (لعل) في "الأزهية في علم الحروف" للهوري ص ٢١٧، "مغني اللبيب" ١/ ٢٨٧.
(٨) قال أبو حيان لا تكون بمعنى (كي) خلافا لقطرب وابن كيسان. "البحر" ١/ ٩٣،
(٩) في "الكتاب": فإذا قلت: (لعل) فأنت ترجوه أو تخافه في حال ذهابه ٢/ ١٤٨، وقال: (لعل وعسى طمع واشفاق) ٤/ ٢٣٣. وانظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٦ ب.
(١٠) فتكون لعل على بابها للترجي، كما هو رأي سيبويه، وبعض المفسرين يقول: إذا =
(١) في (ب): (من قولك).
(٢) الآية: ٢١، ١٧٩، ٦٣، ١٨٣ من سورة البقرة، و١٧١ من سورة الأعراف. وفي "تهذيب اللغة" (لعلهم يتقون).
(٣) (لعلهم يذكرون) جزء من آية في الأعراف: ٢٦، ١٣٠، وفي الأنفال: ٥٧. وفي (ب): (لعلكم تذكرون) وكذا في "تهذيب اللغة"، وهي جزء من آية في الأنعام: ١٥٢، والأعراف: ٥٧ والنحل: ٩٠، والنور: ١، ٢٧، والذاريات ٤٩.
(٤) كذا وردت في (أ)، (ج)، وفي (ب) بدون نقط، وفي "تهذيب اللغة" (كقولك) والأولى (تقول).
(٥) (قال) ساقط من (ب).
(٦) في (أ)، (ج): (ويقول) وأثبت ما في (ب).
(٧) آخر ما نقله الواحدي من كلام يونس، وانظر بقية كلامه في "تهذيب اللغة" (عل) ٣/ ٢٥٥٣، وانظر معاني (لعل) في "الأزهية في علم الحروف" للهوري ص ٢١٧، "مغني اللبيب" ١/ ٢٨٧.
(٨) قال أبو حيان لا تكون بمعنى (كي) خلافا لقطرب وابن كيسان. "البحر" ١/ ٩٣،
(٩) في "الكتاب": فإذا قلت: (لعل) فأنت ترجوه أو تخافه في حال ذهابه ٢/ ١٤٨، وقال: (لعل وعسى طمع واشفاق) ٤/ ٢٣٣. وانظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٦ ب.
(١٠) فتكون لعل على بابها للترجي، كما هو رأي سيبويه، وبعض المفسرين يقول: إذا =
220
في قصة فرعون ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه: ٤٤]، كأنه قال: اذهبا أنتما على رجائكما وطمعكما (١)، والله عز وجل من وراء ذلك وعالم بما يؤول إليه أمره.
٢٢ - قوله تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا﴾: (الأرض): التي عليها الناس، وجمعها: (أَرَضُون) (٢) و (أَرَضَات) (٣)، وحكي: (أُرُوض) (٤). فإن قيل: الجمع بالواو والنون [إنما هو لأسماء الأعلام، فما بالهم جمعوا الأرض بالواو والنون؟] (٥). قيل: إن الأرض اسم مؤنث،
٢٢ - قوله تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا﴾: (الأرض): التي عليها الناس، وجمعها: (أَرَضُون) (٢) و (أَرَضَات) (٣)، وحكي: (أُرُوض) (٤). فإن قيل: الجمع بالواو والنون [إنما هو لأسماء الأعلام، فما بالهم جمعوا الأرض بالواو والنون؟] (٥). قيل: إن الأرض اسم مؤنث،
= جاءت من الله فهي واجبة. انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٦ب، "وتفسير ابن عطية" ١/ ١٧٩، قال السيين الحلبي: إذا وردت في كلام الله فللناس فيها ثلاثة أقوال. أحدها: أنها على بابها من الترجي والطمع، قاله سيبويه، الثاني: للتعليل، قاله قطرب و"الطبري" وغيرهما، والثالث. أنها للتعرض للشيء، وإليه مال المهدوي وأبو البقاء. "الدر المصون" ١/ ١٨٩، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ١٦١، (الإملاء) ١/ ٢٣.
(١) ذكره "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٩٥، وذكر ابن هشام في "مغني اللبيب": أن بعضهم جعل من معاني "لعل" التعليل كالأخفش والكسائي، وحملوا عليه قوله: ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ ومن لم يثبت لها معنى "التعليل" يحمله على الرجاء ويصرفه للمخاطبين، أي: اذهبا على رجائكما، ١/ ٢٨٨.
(٢) كذا ورد عند سيبويه، انظر "الكتاب" ٣/ ٥٩٩، "المذكر والمؤنث" لابن الأنبارى ص ١٨٨، "تهذيب اللغة" (أرض) ١/ ١٤٨، وقال ابن سيده في "المخصص": عن أبي حنيفة: (أرض) و (أَرْضُون) بالتخفيف و (أَرَضُون) بالتثقيل، (المخصص) ١٠/ ٦٧.
(٣) ذكره سيبويه وغيره، انظر "الكتاب" ٣/ ٥٩٩، قال ابن الأنباري (يجوز في القياس: أرضات ولم يسمع) "المذكر والمؤنث" ص ١٨٨.
(٤) جمع تكسير، انظر "المخصص" ١٠/ ٦٧، "تهذيب اللغة" (أرض) ١/ ١٤٨.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). وقد نقل الواحدي هذا السؤال والإجابة عنه من كتاب "سر صناعة الإعراب" لأبي الفتح ابن جني ٢/ ٦١٣.
(١) ذكره "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٩٥، وذكر ابن هشام في "مغني اللبيب": أن بعضهم جعل من معاني "لعل" التعليل كالأخفش والكسائي، وحملوا عليه قوله: ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ ومن لم يثبت لها معنى "التعليل" يحمله على الرجاء ويصرفه للمخاطبين، أي: اذهبا على رجائكما، ١/ ٢٨٨.
(٢) كذا ورد عند سيبويه، انظر "الكتاب" ٣/ ٥٩٩، "المذكر والمؤنث" لابن الأنبارى ص ١٨٨، "تهذيب اللغة" (أرض) ١/ ١٤٨، وقال ابن سيده في "المخصص": عن أبي حنيفة: (أرض) و (أَرْضُون) بالتخفيف و (أَرَضُون) بالتثقيل، (المخصص) ١٠/ ٦٧.
(٣) ذكره سيبويه وغيره، انظر "الكتاب" ٣/ ٥٩٩، قال ابن الأنباري (يجوز في القياس: أرضات ولم يسمع) "المذكر والمؤنث" ص ١٨٨.
(٤) جمع تكسير، انظر "المخصص" ١٠/ ٦٧، "تهذيب اللغة" (أرض) ١/ ١٤٨.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). وقد نقل الواحدي هذا السؤال والإجابة عنه من كتاب "سر صناعة الإعراب" لأبي الفتح ابن جني ٢/ ٦١٣.
221
وقد كان القياس في كل اسم مؤنث أن يقع فيه الفرق بينه وبين المذكر نحو: قائم وقائمة، وطريف وطريفة، وغير ذلك. فأما ما تركت (١) فيه العلامة من المؤنث، فإنما ذلك اختصار لحقه، لاعتمادهم في الدلالة على تأنيثه على ما يليه من الكلام قبله وبعده، نحو: (هذه مِلْحٌ (٢) طيبة)، و (كانت لهم عرس مباركة)، فلما كان الأمر في المذكر والمؤنث على ما ذكرنا، وكانت (الأرض) مؤنثة، وكأنّ فيها (هاء) مرادة، وكأنّ تقديرها: (أَرْضَة) فلما حذفت (الهاء) التي كان القياس يوجبها، عوضوا منها الجمع بالواو والنون. فقالوا: (أَرَضُون) (٣). وإذا أدخل شيء مما (٤) ليس مذكراً عاقلًا في هذا النوع من الجمع، فهو حظ ناله، وفضيلة خص بها (٥)، ولهذا نظائر كالسنين وعضين، ونذكرها في مواضعها إن شاء الله.
وفتحوا (الراء) (٦) في (أَرَضِين) ليدخل الكلمة ضرب من التكسير، استيحاشا من أن يوفوه لفظ التصحيح من جميع الوجوه، ومعنى التصحيح هو أنهم إنما جمعوا بالواو والنون الأسماء التي هم بها معنيون، ولتصحيح ألفاظها لفرط اهتمامهم بها مؤثرون، كيلا يقع في واحده إشكال، ألا ترى
وفتحوا (الراء) (٦) في (أَرَضِين) ليدخل الكلمة ضرب من التكسير، استيحاشا من أن يوفوه لفظ التصحيح من جميع الوجوه، ومعنى التصحيح هو أنهم إنما جمعوا بالواو والنون الأسماء التي هم بها معنيون، ولتصحيح ألفاظها لفرط اهتمامهم بها مؤثرون، كيلا يقع في واحده إشكال، ألا ترى
(١) في (ب): (تركب).
(٢) في (أ)، (ج): (صلح) وفي "سر صناعة الإعراب" (ريح) وفي الحاشية قال: في (ل) و (ش): (ملح)، ٢/ ٦١٤. وهذا يوافق ما في (ب).
(٣) "سر صناعة الإعراب" ١/ ٦١٤، وانظر: "الكتاب" ٣/ ٥٩٩ "المخصص" ١٠/ ٦٧، ٦٨ و ١٧/ ٤ "اللسان" (أرض) ١/ ٦١.
(٤) في (ب): (ما).
(٥) انظر: "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٣.
(٦) "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦١٤، وقال بعضهم: ربما سكنت فقيل: (أرضون)، انظر "الصحاح" (أرض) ٣/ ١٠٦٣، "المخصص" ١٠/ ٦٧.
(٢) في (أ)، (ج): (صلح) وفي "سر صناعة الإعراب" (ريح) وفي الحاشية قال: في (ل) و (ش): (ملح)، ٢/ ٦١٤. وهذا يوافق ما في (ب).
(٣) "سر صناعة الإعراب" ١/ ٦١٤، وانظر: "الكتاب" ٣/ ٥٩٩ "المخصص" ١٠/ ٦٧، ٦٨ و ١٧/ ٤ "اللسان" (أرض) ١/ ٦١.
(٤) في (ب): (ما).
(٥) انظر: "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٣.
(٦) "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦١٤، وقال بعضهم: ربما سكنت فقيل: (أرضون)، انظر "الصحاح" (أرض) ٣/ ١٠٦٣، "المخصص" ١٠/ ٦٧.
222
أن (١) مثال جمع التصحيح لا يعترض الشك في واحده (٢). فإن قيل: إنما. يعوض من المحذوف إذا كان أصلا، فكيف جاز التعويض من الزائد، و (هاء التأنيث) زائدة؟ قيل: إن العرب قد [أجرت] (٣) (هاء التأنيث) مجرى (٤) لام الفعل في أماكن (٥)، منها أنهم قالوا: (عَرْقُوة) (٦)، و (تَرْقُوَة) (٧)، فصححوا الواو، فلولا أن (الهاء) في هذه الحال في تقدير الاتصال والحرف الأصلي لوجب أن تقلب (٨) (الواو)، لأنها كانت تقدر
(١) في (ب): (أن من مثال).
(٢) انظر. "الكتاب" ٣/ ٥٩٨ - ٦٠٠، "المخصص" ١٠/ ٦٨، ١٧/ ٤، "الصحاح" (أرض) ٣/ ١٠٦٣، "اللسان" (أرض) ١/ ٦١.
(٣) في (أ)، (ج): (أحرها) وفي (ب): (أخرت) والصحيح ما أثبت كما في "سر صناعة الإعراب"، ٢/ ٦١٤.
(٤) في (ب): (لا مجرى).
(٥) اختصر الواحدي كلام أبي الفتح وترك بعض الوجوه، قال أبو الفتح: (فالجواب: أن العرب قد أجرت (هاء التأنيث) مجرى لام الفعل في أماكن: منها: أنهم حقروا ما كان من المؤنث على أربعة أحرف، نحو: (عقرب) و (عناق)... وذلك قولهم: (عقيرب).... ومنها: أنهم قد عاقبوا بين هاء التأنيث وبين اللام، وذلك نحو قولهم: (بُرَّة وبراً) و (لُفَة ولُفَى)...). ومنها: أن الهاء وإن كانت أبدا في تقدير الانفصال فإن العرب قد أحلتها -أيضا- محل (اللام) وما هو الأصل أو جار مجرى الأصل وذلك نحو قولهم: (ترقوة)، و (عرقوة)... ، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦١٤ - ٦١٦، وذكر الواحدي في جوابة على السؤال الوجه الأخير فقط.
(٦) (الْعَرْقُوة) خشبة معروضة على الدلو. انظر "اللسان" (عرق) ٥/ ٢٩٠٨.
(٧) (ترقوة) ساقط من (ب). والترقوة واحدة الترقوقان، وهما العظمان المشرفان بين تغرة النحر والعاتق، تكون للناس وغيرهم، ولا يقال (ترقوة) بالضم. انظر "اللسان" (ترق) ١٠/ ٣٢.
(٨) في (أ)، (ج): (يقلب) وما في (ب) موافق لـ "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦١٦.
(٢) انظر. "الكتاب" ٣/ ٥٩٨ - ٦٠٠، "المخصص" ١٠/ ٦٨، ١٧/ ٤، "الصحاح" (أرض) ٣/ ١٠٦٣، "اللسان" (أرض) ١/ ٦١.
(٣) في (أ)، (ج): (أحرها) وفي (ب): (أخرت) والصحيح ما أثبت كما في "سر صناعة الإعراب"، ٢/ ٦١٤.
(٤) في (ب): (لا مجرى).
(٥) اختصر الواحدي كلام أبي الفتح وترك بعض الوجوه، قال أبو الفتح: (فالجواب: أن العرب قد أجرت (هاء التأنيث) مجرى لام الفعل في أماكن: منها: أنهم حقروا ما كان من المؤنث على أربعة أحرف، نحو: (عقرب) و (عناق)... وذلك قولهم: (عقيرب).... ومنها: أنهم قد عاقبوا بين هاء التأنيث وبين اللام، وذلك نحو قولهم: (بُرَّة وبراً) و (لُفَة ولُفَى)...). ومنها: أن الهاء وإن كانت أبدا في تقدير الانفصال فإن العرب قد أحلتها -أيضا- محل (اللام) وما هو الأصل أو جار مجرى الأصل وذلك نحو قولهم: (ترقوة)، و (عرقوة)... ، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦١٤ - ٦١٦، وذكر الواحدي في جوابة على السؤال الوجه الأخير فقط.
(٦) (الْعَرْقُوة) خشبة معروضة على الدلو. انظر "اللسان" (عرق) ٥/ ٢٩٠٨.
(٧) (ترقوة) ساقط من (ب). والترقوة واحدة الترقوقان، وهما العظمان المشرفان بين تغرة النحر والعاتق، تكون للناس وغيرهم، ولا يقال (ترقوة) بالضم. انظر "اللسان" (ترق) ١٠/ ٣٢.
(٨) في (أ)، (ج): (يقلب) وما في (ب) موافق لـ "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦١٦.
223
طرفا (١)، وتقلب (٢) (ياء) كما تقلب في نحو: (أَحْقٍ) جمع (حَقْو) (٣) و (أَدْلٍ) (٤) و [(أَجْرٍ) (٥)]. فـ (الهاء) هاهنا كالراء (٦) في (منصور)، والطاء في (عَضْرَفوطْ) (٧) لتصحيح (٨) الواو قبلها.
وقوله تعالى: ﴿فِرَاشًا﴾ الأرض فراش الأنام على معنى أنها فرشت لهم، أي (٩): بسطت، وهذا كقوله: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (١٩)﴾ [نوح: ١٩] والمعنى أنه لم يجعلها حزنة غليظة لا يمكن (١٠) الاستقرار
وقوله تعالى: ﴿فِرَاشًا﴾ الأرض فراش الأنام على معنى أنها فرشت لهم، أي (٩): بسطت، وهذا كقوله: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (١٩)﴾ [نوح: ١٩] والمعنى أنه لم يجعلها حزنة غليظة لا يمكن (١٠) الاستقرار
(١) في (ج): (حرفا).
(٢) (وتقلب) ساقط من (ج).
(٣) (الحَقْوُ) بفتح الحاء وكسرها: الكشح، ومعقد الأزار، والخصر والجمع (أحْقٍ) و (أَحقَاء) و (حِقِى) و (حقا). انظر: "اللسان" (حقا) ص ٩٤٨.
(٤) جمع (دلو)، انظر: "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦١٦.
(٥) في جميع النسخ (أحر) بالحاء، والتصحيح من "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦١٦، و (أَجْرٍ): جمع جرو وهو الصغير من كل شيء. انظر "اللسان" (جراً) ١/ ٦٠٩.
(٦) أى كما صحت (الواو) قبل (الهاء) في (تَرْقُوة) و (عَرْقُوة) لأنها في تقدير الاتصال، وأجروها مجرى (الراء) و (الطاء) في (منصور) و (عضرفوط) فصحت الواو قبل الراء والطاء، فكما جاز أن تشبه (هاء التأنيث) في هذا باللام الأصلية، جاز أن تجرى الهاء المقدرة في أرض مجرى اللام الأصلية، فيعوض من حذفها في (أرض) أن يجمع بالواو والنون في (أرضون). "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦١٦.
(٧) (الْعَضْرَفُوط) دويبة بيضاء ناعمة، أو ذكر العظاء. انظر "اللسان" (عضرط) ٥/ ٢٩٨٦.
(٨) في (أ)، (ج): (التصحيح) وعبارة أبي الفتح: (... وقد أجروا (الهاء) في (ترقوة)... مجرى (الراء) في (منصور) و (الطاء) في (عضرفوط) فصحت (الواو) قبلها كما صحت قبل الراء والطاء...)، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦١٦.
(٩) في (ب): (لهم أنبسطت).
(١٠) في (أ): (لم يكن) وفي (ب): (ولا يمكن).
(٢) (وتقلب) ساقط من (ج).
(٣) (الحَقْوُ) بفتح الحاء وكسرها: الكشح، ومعقد الأزار، والخصر والجمع (أحْقٍ) و (أَحقَاء) و (حِقِى) و (حقا). انظر: "اللسان" (حقا) ص ٩٤٨.
(٤) جمع (دلو)، انظر: "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦١٦.
(٥) في جميع النسخ (أحر) بالحاء، والتصحيح من "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦١٦، و (أَجْرٍ): جمع جرو وهو الصغير من كل شيء. انظر "اللسان" (جراً) ١/ ٦٠٩.
(٦) أى كما صحت (الواو) قبل (الهاء) في (تَرْقُوة) و (عَرْقُوة) لأنها في تقدير الاتصال، وأجروها مجرى (الراء) و (الطاء) في (منصور) و (عضرفوط) فصحت الواو قبل الراء والطاء، فكما جاز أن تشبه (هاء التأنيث) في هذا باللام الأصلية، جاز أن تجرى الهاء المقدرة في أرض مجرى اللام الأصلية، فيعوض من حذفها في (أرض) أن يجمع بالواو والنون في (أرضون). "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦١٦.
(٧) (الْعَضْرَفُوط) دويبة بيضاء ناعمة، أو ذكر العظاء. انظر "اللسان" (عضرط) ٥/ ٢٩٨٦.
(٨) في (أ)، (ج): (التصحيح) وعبارة أبي الفتح: (... وقد أجروا (الهاء) في (ترقوة)... مجرى (الراء) في (منصور) و (الطاء) في (عضرفوط) فصحت (الواو) قبلها كما صحت قبل الراء والطاء...)، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦١٦.
(٩) في (ب): (لهم أنبسطت).
(١٠) في (أ): (لم يكن) وفي (ب): (ولا يمكن).
224
عليها (١).
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾. الأزهري: أصل الماء (مَاهَ) بوزن (قَاه) (٢)، [فثقلت] (٣) (الهاء) مع الساكن قبلها، فقلبوا الهاء مدة فقالوا: ماء (٤).
قال الليث: والمدة في (الماء) خَلَفٌ (٥) من (هاء) محذوفة، ويدل على أن الأصل في الماء (الهاء): التصغير، والتصريف، والجمع، فالتصغير (مُوَيْه) (٦) ويقال: هذه مُوَيْهَة عذبة (٧).
وقال (٨) الأصمعي: مَاهَت البئر، وهي تَمَاه [وتَمُوه مَوْهاً إذا كثر ماؤها (٩).
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾. الأزهري: أصل الماء (مَاهَ) بوزن (قَاه) (٢)، [فثقلت] (٣) (الهاء) مع الساكن قبلها، فقلبوا الهاء مدة فقالوا: ماء (٤).
قال الليث: والمدة في (الماء) خَلَفٌ (٥) من (هاء) محذوفة، ويدل على أن الأصل في الماء (الهاء): التصغير، والتصريف، والجمع، فالتصغير (مُوَيْه) (٦) ويقال: هذه مُوَيْهَة عذبة (٧).
وقال (٨) الأصمعي: مَاهَت البئر، وهي تَمَاه [وتَمُوه مَوْهاً إذا كثر ماؤها (٩).
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٦١ - ١٦٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٨، "تفسير القرطبي" ١/ ١٩٧.
(٢) في (أ)، (ج) (فاة)، وفي "تهذيب اللغة" (تاه) ١/ ٤٢٣، وفي "اللسان" (قاه) "اللسان" (موه) ٧/ ٤٣٠٢. وهو موافق لما في (ب) وهو ما أثبته.
(٣) في (أ)، (ب)، (ج) (فنقلت) وصححت العبارة على ما في "تهذيب اللغة" (الماء) ١٥/ ٦٤٨.
(٤) "تهذيب اللغة" (الماء) ٤/ ٣٣٢٠، وانظر "الصحاح" (موه) ٤/ ٢٢٥٠، "اللسان" (موه) ٧/ ٤٣٠٢ (المنصف) ٤/ ٣٣٢٠.
(٥) في (ب) (خلف خلف هاء).
(٦) انتهى كلام الليث نقله الواحدي بمعناه. انظر "تهذيب اللغة" ١٥/ ٦٤٨، وانظر "الصحاح" ٦/ ٢٢٥٠، "اللسان" ١٣/ ٥٤٣.
(٧) من كلام الأزهري، انظر "تهذيب اللغة" ١٥/ ٦٤٨.
(٨) في (ب): (قال) سقطت الواو.
(٩) في "تهذيب اللغة": (قال الأصمعي: ماهت البئر تَمُوه وتَمَاه موها إذا كثر ماؤها)، "تهذيب اللغة" (ماه) ٤/ ٣٣٣١، وانظر "الصحاح" (موه) ٦/ ٢٢٥٠، "اللسان" (موه) ٧/ ٤٣٠٢.
(٢) في (أ)، (ج) (فاة)، وفي "تهذيب اللغة" (تاه) ١/ ٤٢٣، وفي "اللسان" (قاه) "اللسان" (موه) ٧/ ٤٣٠٢. وهو موافق لما في (ب) وهو ما أثبته.
(٣) في (أ)، (ب)، (ج) (فنقلت) وصححت العبارة على ما في "تهذيب اللغة" (الماء) ١٥/ ٦٤٨.
(٤) "تهذيب اللغة" (الماء) ٤/ ٣٣٢٠، وانظر "الصحاح" (موه) ٤/ ٢٢٥٠، "اللسان" (موه) ٧/ ٤٣٠٢ (المنصف) ٤/ ٣٣٢٠.
(٥) في (ب) (خلف خلف هاء).
(٦) انتهى كلام الليث نقله الواحدي بمعناه. انظر "تهذيب اللغة" ١٥/ ٦٤٨، وانظر "الصحاح" ٦/ ٢٢٥٠، "اللسان" ١٣/ ٥٤٣.
(٧) من كلام الأزهري، انظر "تهذيب اللغة" ١٥/ ٦٤٨.
(٨) في (ب): (قال) سقطت الواو.
(٩) في "تهذيب اللغة": (قال الأصمعي: ماهت البئر تَمُوه وتَمَاه موها إذا كثر ماؤها)، "تهذيب اللغة" (ماه) ٤/ ٣٣٣١، وانظر "الصحاح" (موه) ٦/ ٢٢٥٠، "اللسان" (موه) ٧/ ٤٣٠٢.
225
ابن بزرج (١): مَوَهَت السماء، أي: سالت (٢) ماءً كثيرًا. ومَاهَت البئر] (٣)، وأماهت في كثرة مائها، وهي تَمَاه وتَمُوه. ويقولون في حفر البئر: أَمْهَى وأَمَاه (٤).
قال الليث: وأَماهت الأرض إذا ظهر فيها النَّزُّ (٥). والنسبة إلى الماء (ماهِيٌّ) (٦)، وغيره (٧) يقول: مَائِيٌّ (٨). وجمع الماء: (مياه) و (أمواه) (٩)، قال الشاعر:
قال الليث: وأَماهت الأرض إذا ظهر فيها النَّزُّ (٥). والنسبة إلى الماء (ماهِيٌّ) (٦)، وغيره (٧) يقول: مَائِيٌّ (٨). وجمع الماء: (مياه) و (أمواه) (٩)، قال الشاعر:
| سَقَى اللهُ أَمْوَاهاً عَرَفْتُ مَكَانها | جُرَاباً ومَلْكُوماً وبَذَّرَ والْغَمْرَا (١٠) |
(١) هو عبد الرحمن بن بزرج اللغوي، كان حافظا للغريب والنوادر، نقل عنه الأزهري في "تهذيب اللغة". انظر مقدمة "تهذيب اللغة"، "إنباه الرواة" ٢/ ١٦١.
(٢) في "التهذيب" و"اللسان": (أسالت).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج).
(٤) "تهذيب اللغة" (ماه) ٤/ ٣٣٣١، "اللسان" (موه) ٧/ ٤٣٠٢.
(٥) "تهذيب اللغة" (ماه)، ٤/ ٣٣٣١وانظر "الصحاح" (موه) ٦/ ٢٢٥٠، "اللسان" (موه) ٧/ ٤٣٠٢.
(٦) نسب الواحدي الكلام لليث، وهو في "التهذيب" إما من كلام ابن الأعرابي أو من كلام الأزهري. انظر: "تهذيب اللغة" (ماه) ص ٣٣٣، "اللسان" (موه) ٧/ ٤٣٠٢.
(٧) أي: عند غير الليث.
(٨) في (ب) (ما هي). قال الجوهري: والنسبة للماء: (مَائِيٌّ) وإن شئت (مَاوِيٌّ) عند قول من يقول (عَطَاوِيٌّ)، "الصحاح" ٦/ ٢٢٥١، "اللسان" ٧/ ٤٣٠٢.
(٩) انظر. "تهذيب اللغة" (ماه) ٤/ ٣٣٣١، قال الجوهري: بجمع على (أمواه) في القلة، و (مياه) في الكثرة. "الصحاح" ٦/ ٢٢٥٠، وذكره في "اللسان" وقال: وحكى ابن جني في جمعه (أمواء) ٧/ ٤٣٠٢.
(١٠) البيت لكثير عزة ورد في (ديوانه) مع أبيات مفردة ص ٥٠٣، وأورده عبد السلام هارون في حاشية "الكتاب"، لأنه ورد في بعض نسخ "الكتاب"، ولم يرد في الأصل. انظر "الكتاب" ٣/ ٢٠٧، ٢٠٨، "المنصف" ٣/ ١٥٠، ٣/ ١٢١، "شرح =
(٢) في "التهذيب" و"اللسان": (أسالت).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج).
(٤) "تهذيب اللغة" (ماه) ٤/ ٣٣٣١، "اللسان" (موه) ٧/ ٤٣٠٢.
(٥) "تهذيب اللغة" (ماه)، ٤/ ٣٣٣١وانظر "الصحاح" (موه) ٦/ ٢٢٥٠، "اللسان" (موه) ٧/ ٤٣٠٢.
(٦) نسب الواحدي الكلام لليث، وهو في "التهذيب" إما من كلام ابن الأعرابي أو من كلام الأزهري. انظر: "تهذيب اللغة" (ماه) ص ٣٣٣، "اللسان" (موه) ٧/ ٤٣٠٢.
(٧) أي: عند غير الليث.
(٨) في (ب) (ما هي). قال الجوهري: والنسبة للماء: (مَائِيٌّ) وإن شئت (مَاوِيٌّ) عند قول من يقول (عَطَاوِيٌّ)، "الصحاح" ٦/ ٢٢٥١، "اللسان" ٧/ ٤٣٠٢.
(٩) انظر. "تهذيب اللغة" (ماه) ٤/ ٣٣٣١، قال الجوهري: بجمع على (أمواه) في القلة، و (مياه) في الكثرة. "الصحاح" ٦/ ٢٢٥٠، وذكره في "اللسان" وقال: وحكى ابن جني في جمعه (أمواء) ٧/ ٤٣٠٢.
(١٠) البيت لكثير عزة ورد في (ديوانه) مع أبيات مفردة ص ٥٠٣، وأورده عبد السلام هارون في حاشية "الكتاب"، لأنه ورد في بعض نسخ "الكتاب"، ولم يرد في الأصل. انظر "الكتاب" ٣/ ٢٠٧، ٢٠٨، "المنصف" ٣/ ١٥٠، ٣/ ١٢١، "شرح =
226
فإن قيل: كيف قال: ﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ﴾، والماء ينزل من السحاب؟ قيل: هذا من باب حذف المضاف، والتقدير: من نحو السماء (١)، كقول الشاعر:
أي: من نَاحِيَتِك، ومثله كثير. وإن جعلت السماء بمعنى (السحاب) (٤) لم يكن من باب حذف المضاف.
وقوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ﴾. الثمرات: جمع (الثمرة) وهي حمل الشجرة (٥) في الأصل، ثم صارت اسمًا لكل (٦) ما ينتفع به، مما هو زيادة على أصل المال (٧).
| أَمِنْكِ بَرْقٌ أَبِيتُ (٢) اللَّيْلَ أَرْقُبُهُ | كَأنَّه في عِرَاضِ الشَّأْمِ مِصْباحُ (٣) |
وقوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ﴾. الثمرات: جمع (الثمرة) وهي حمل الشجرة (٥) في الأصل، ثم صارت اسمًا لكل (٦) ما ينتفع به، مما هو زيادة على أصل المال (٧).
= المفصل" ١/ ٦١، "الخزانة" ٢/ ٣٥٥، "السيرة" لابن هشام ١/ ١٥٩. جراباً وما بعده: أسماء أماكن، ذكر ياقوت جرابا وقال: اسم ماء وقيل: بئر قديمة بمكة، وأورد بيت كثير. (معجم البلدان) ٢/ ١١٦، وذكر (مَلْكُوما) وقال: اسم ماء بمكة، وأورد البيت ٥/ ١٩٤، وذكر (بَذَّرَ) وقال: اسم بئر بمكة لبني عبد الدار، وأورد البيت ١/ ٣٦١، و (الغمر) بئر قديمة بمكة. "معجم البلدان" ٤/ ٢١١.
(١) ذكره في "الوسيط"، ١/ ٥٥، وانظر: "تفسير أبي السعود" ١/ ٦١.
(٢) في (ب): (أربك).
(٣) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، قوله: (أمنك برق) أي: من نحو منزلك، من الشق الذي أنت به، (عراض الشأم) نواحيها. انظر "شرح أشعار الهذليين" للسكري ١/ ١٦٧، "شرح الأبيات المشكلة الإعراب" الفارسي ص ٣٦٤.
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٦ ب، "تفسير ابن عطية" ١٩٩، "تفسير البيضاوي" ١/ ١٤، والخازن ١/ ٧٦، "تفسير أبي السعود" ١/ ٦١، "الفتوحات الإلهية" ١/ ٢٦.
(٥) ذكره الأزهري عن الليث وغيره، "تهذيب اللغة" (ثمر) ١/ ٤٩٧.
(٦) في (ج): (اسما لما ينتفع به).
(٧) ذكره الواحدي في "الوسيط"، وانظر "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٩.
(١) ذكره في "الوسيط"، ١/ ٥٥، وانظر: "تفسير أبي السعود" ١/ ٦١.
(٢) في (ب): (أربك).
(٣) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، قوله: (أمنك برق) أي: من نحو منزلك، من الشق الذي أنت به، (عراض الشأم) نواحيها. انظر "شرح أشعار الهذليين" للسكري ١/ ١٦٧، "شرح الأبيات المشكلة الإعراب" الفارسي ص ٣٦٤.
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٦ ب، "تفسير ابن عطية" ١٩٩، "تفسير البيضاوي" ١/ ١٤، والخازن ١/ ٧٦، "تفسير أبي السعود" ١/ ٦١، "الفتوحات الإلهية" ١/ ٢٦.
(٥) ذكره الأزهري عن الليث وغيره، "تهذيب اللغة" (ثمر) ١/ ٤٩٧.
(٦) في (ج): (اسما لما ينتفع به).
(٧) ذكره الواحدي في "الوسيط"، وانظر "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٩.
227
يقال: لبن مُثْمِر (١) إذا ظهر زبده (٢)، وقال النضر (٣): هو [الثَّمِير] (٤)، وذلك إذا [مُخِض] (٥) اللبن فرئي عليه أمثال الحَصَف في الجلد ثم يجتمع فيصير زبداً. وقد ثَمَّر السقاء وأَثْمَر. وإن لبنك لحسن الثَّمَر (٦). ويقال: ثمر الله مالك، وعقل مثمر، إذا كان يهدي صاحبه إلى الرشد (٧). فالثمرة تستعمل فيما ينتفع به ويستمتع مما هو فرع لأصل (٨).
قال المفسرون في معنى الثمرات في هذه الآية: أراد جميع ما ينتفع به مما يخرج من الأرض (٩).
وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا﴾. روى شمر عن الأخفش قال: (الند) الضد والشبه. أي: لا تجعلوا (١٠) لله أضدادا وأشباها، وفلان نِدُّ فلان ونَدِيدُه ونَدِيدَتُه أي: مثله وشبهه (١١).
قال المفسرون في معنى الثمرات في هذه الآية: أراد جميع ما ينتفع به مما يخرج من الأرض (٩).
وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا﴾. روى شمر عن الأخفش قال: (الند) الضد والشبه. أي: لا تجعلوا (١٠) لله أضدادا وأشباها، وفلان نِدُّ فلان ونَدِيدُه ونَدِيدَتُه أي: مثله وشبهه (١١).
(١) في (ب): (مثمراً).
(٢) ذكر الأزهري نحوه عن الأصمعي "تهذيب اللغة" (ثمر) ١/ ٤٩٧، وانظر: "اللسان" (ثمر) ١/ ٥٠٣.
(٣) في (أ)، (ج). (النصر) والمراد النضر بن شميل.
(٤) في (أ)، (ج): (التميز)، وفي (ب): (التميير) والصحيح (الثمير) كما في "تهذيب اللغة" (ثمر) ١/ ٤٩٧.
(٥) في (أ)، (ج): (محص) وفي (ب): (محض)، و (مخض) في " التهذيب".
(٦) انظر كلام النضر في "تهذيب اللغة" (ثمر) ١/ ٤٩٧. وانظر: "الصحاح" (ثمر) ٢/ ٦٠٦، "اللسان" (ثمر) ٤/ ١٠٨.
(٧) "تهذيب اللغة" (ثمر) ١/ ٤٩٧.
(٨) قال ابن فارس: (الثاء والميم والراء أصل واحد)، وهو شيء يتولد عن شيء متجمعا، ثم يحمل عليه غيره استعارة، "مقاييس اللغة" (ثمر) ١/ ٣٨٨.
(٩) انظر "الطبري" ١/ ١٦٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٩، "تفسير القرطبي" ١/ ١٩٨.
(١٠) في (ب): (جعلوا).
(١١) في (ب): (شبههه).
(٢) ذكر الأزهري نحوه عن الأصمعي "تهذيب اللغة" (ثمر) ١/ ٤٩٧، وانظر: "اللسان" (ثمر) ١/ ٥٠٣.
(٣) في (أ)، (ج). (النصر) والمراد النضر بن شميل.
(٤) في (أ)، (ج): (التميز)، وفي (ب): (التميير) والصحيح (الثمير) كما في "تهذيب اللغة" (ثمر) ١/ ٤٩٧.
(٥) في (أ)، (ج): (محص) وفي (ب): (محض)، و (مخض) في " التهذيب".
(٦) انظر كلام النضر في "تهذيب اللغة" (ثمر) ١/ ٤٩٧. وانظر: "الصحاح" (ثمر) ٢/ ٦٠٦، "اللسان" (ثمر) ٤/ ١٠٨.
(٧) "تهذيب اللغة" (ثمر) ١/ ٤٩٧.
(٨) قال ابن فارس: (الثاء والميم والراء أصل واحد)، وهو شيء يتولد عن شيء متجمعا، ثم يحمل عليه غيره استعارة، "مقاييس اللغة" (ثمر) ١/ ٣٨٨.
(٩) انظر "الطبري" ١/ ١٦٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٩، "تفسير القرطبي" ١/ ١٩٨.
(١٠) في (ب): (جعلوا).
(١١) في (ب): (شبههه).
228
وأنشد للبيد (١):
وقال أبو الهيثم: يقال للرجل إذا خالفك فأردت وجها تذهب فيه ونازعك في ضده، فأراد بخلاف الوجه الذي تريد، وهو مستقل من ذلك مثل ما [تستقل] (٦) به: فلان نِدِّي ونَدِيدِي. قال حسان:
| لِكَيْمَا (٢) يكُون السَّنْدَرِيُّ نَدِيدَتِي | فَأَشتمَ (٣) أقَوْاماً عُمُوماً (٤) عَمَاعِمَا (٥) |
| أتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِنِدٍّ | فَشَرُّكُمَا لِخَيْركُمَا الفِدَاءُ (٧) |
(١) في (ب): (وقال لبيد).
(٢) في (ب): (لكي لا يكون) وهي رواية في البيت.
(٣) في (ب): (فاستمر)، وفي "تهذيب اللغة" (واجعل) وفي حاشيته: في (د)، (ج) (أشتم) ٤/ ٣٥٤٠.
(٤) في (ب): (عمواما).
(٥) البيت من قصيدة قالها لما دعاه عامر بن الطفيل لينافر علقمة بن علاثة، و (السندري): شاعر معروف وهو ابن عيساء، ينسب لأمه، (العموم): جمع العم، و (العماعم): الجماعات. انظر "شرح ديوان لبيد" ص ٢٨٦ "تهذيب اللغة" (ند) ٤/ ٣٥٤٠، "الصحاح" (ندد) ٢/ ٥٤٣، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٤، "الأضداد" أبي حاتم ص ٧٤ "اللسان" (ندد) ٣/ ٤٢٠ "مقاييس اللغة" (ند) ٥/ ٣٥٥، "تفسير القرطبي" ١/ ١٩٩. وكلام الأخفش في "تهذيب اللغة" (ند) ٤/ ٣٥٤٠ نقله الواحدي بتصرف، وانظر "اللسان" (ندد) ٧/ ٣٤٨٢.
(٦) في جميع النسخ (يستقل) وفي "تهذيب اللغة" (تستقل) وهو الصواب، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٤٠.
(٧) البيت من قصيدة يهجو بها سفيان بن الحارث قبل فتح مكة، انظر "ديوانه" ص ٧٦، "تهذيب اللغة" (ند) ٤/ ٣٥٤٠ "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٤، "الأضداد" لأبي حاتم ص ٧٤، "مجاز القرآن" ص ٣٤، "تفسير الطبري" ١/ ١٠٦٣ "تفسير القرطبي" ١/ ١٩٨، "اللسان" (ندد) ٧/ ٣٤٨٢.
(٢) في (ب): (لكي لا يكون) وهي رواية في البيت.
(٣) في (ب): (فاستمر)، وفي "تهذيب اللغة" (واجعل) وفي حاشيته: في (د)، (ج) (أشتم) ٤/ ٣٥٤٠.
(٤) في (ب): (عمواما).
(٥) البيت من قصيدة قالها لما دعاه عامر بن الطفيل لينافر علقمة بن علاثة، و (السندري): شاعر معروف وهو ابن عيساء، ينسب لأمه، (العموم): جمع العم، و (العماعم): الجماعات. انظر "شرح ديوان لبيد" ص ٢٨٦ "تهذيب اللغة" (ند) ٤/ ٣٥٤٠، "الصحاح" (ندد) ٢/ ٥٤٣، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٤، "الأضداد" أبي حاتم ص ٧٤ "اللسان" (ندد) ٣/ ٤٢٠ "مقاييس اللغة" (ند) ٥/ ٣٥٥، "تفسير القرطبي" ١/ ١٩٩. وكلام الأخفش في "تهذيب اللغة" (ند) ٤/ ٣٥٤٠ نقله الواحدي بتصرف، وانظر "اللسان" (ندد) ٧/ ٣٤٨٢.
(٦) في جميع النسخ (يستقل) وفي "تهذيب اللغة" (تستقل) وهو الصواب، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٤٠.
(٧) البيت من قصيدة يهجو بها سفيان بن الحارث قبل فتح مكة، انظر "ديوانه" ص ٧٦، "تهذيب اللغة" (ند) ٤/ ٣٥٤٠ "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٤، "الأضداد" لأبي حاتم ص ٧٤، "مجاز القرآن" ص ٣٤، "تفسير الطبري" ١/ ١٠٦٣ "تفسير القرطبي" ١/ ١٩٨، "اللسان" (ندد) ٧/ ٣٤٨٢.
229
أي لست له بمثل في شيء من معانيه (١). فحقيقة (النِّد) المثل المناوئ، وأصله من قولهم: (ندّ) إذا نفر، ولهذا يقال للضد: ند، ثم استعمل في المثل وإن لم يكن هناك مخالفة (٢). قال جرير:
أي مثل. قال ابن عباس، والسدي فيما ذكره عن ابن مسعود: معناه لا تجعلوا لله أكفاء من الرجال [تطيعونهم] (٤) في معصية الله (٥).
وقال ابن زيد: الأنداد الآلهة (٦) التي جعلوها معه (٧).
وقال أبو إسحاق: هذا احتجاج عليهم لإقرارهم بأن الله خالقهم، فقيل
| أتَيْماً يَجْعَلُونَ إليَّ نِدّاً | وَمَا تَيْمٌ لِذِي حَسَبٍ نَدِيدُ (٣) |
وقال ابن زيد: الأنداد الآلهة (٦) التي جعلوها معه (٧).
وقال أبو إسحاق: هذا احتجاج عليهم لإقرارهم بأن الله خالقهم، فقيل
(١) انتهى ما نقله عن أبي الهيثم. انظر: "تهذيب اللغة" (ندد) ٤/ ٣٥٤٠، "اللسان" ٧/ ٣٤٨٢.
(٢) انظر: "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٤، "مجاز القرآن" ص ٣٤، "الأضداد" للصاغاني ص ٢٤٦، قال أبو حاتم: (زعم قوم أن بعض العرب يجعل (الضد) مثل (الند) ويقول: هو يضادني، ولا أعرف أنا ذلك..) (الأضداد) لأبي حاتم السجستاني ص ٧٥.
(٣) قاله يهجو تيما.
انظر: "ديوان جرير" ص ١٢٩، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٤، "الأضداد" لأبي حاتم ص ٧٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٦، "ومجالس العلماء" للزجاجي ص ١١٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٦ ب
(٤) في (أ)، (ج): (يطيعونهم)، وفي (ب): (تضيعونهم).
(٥) أخرجه "الطبري" بسنده عن ابن عباس وعن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي - ﷺ - "تفسير الطبري" ١/ ١٦٣، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٥ ب، وانظر: "الدر المنثور" ١/ ٧٦.
(٦) في (ب): (الآله).
(٧) أخرجه "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٦٣، "زاد المسير" ١/ ٤٩، والمراد عموم الأنداد والشركاء مع الله من الرجال أو الحجارة أو غير ذلك.
(٢) انظر: "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٤، "مجاز القرآن" ص ٣٤، "الأضداد" للصاغاني ص ٢٤٦، قال أبو حاتم: (زعم قوم أن بعض العرب يجعل (الضد) مثل (الند) ويقول: هو يضادني، ولا أعرف أنا ذلك..) (الأضداد) لأبي حاتم السجستاني ص ٧٥.
(٣) قاله يهجو تيما.
انظر: "ديوان جرير" ص ١٢٩، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٤، "الأضداد" لأبي حاتم ص ٧٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٦، "ومجالس العلماء" للزجاجي ص ١١٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٦ ب
(٤) في (أ)، (ج): (يطيعونهم)، وفي (ب): (تضيعونهم).
(٥) أخرجه "الطبري" بسنده عن ابن عباس وعن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي - ﷺ - "تفسير الطبري" ١/ ١٦٣، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٥ ب، وانظر: "الدر المنثور" ١/ ٧٦.
(٦) في (ب): (الآله).
(٧) أخرجه "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٦٣، "زاد المسير" ١/ ٤٩، والمراد عموم الأنداد والشركاء مع الله من الرجال أو الحجارة أو غير ذلك.
230
لهم: لا تجعلوا لله (١) أمثالًا وأنتم تعلمون [أنهم لا يخلقون والله الخالق (٢).
قال ابن (٣) الأنباري: قوله: ﴿وَأَنتُم تَعلَمُونَ﴾، (٤) لا تتنافى مع قوله: ﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ﴾ [الزمر: ٦٤] لأن هذا العلم الذي وصفهم به في هذه الآية لا يزيل عنهم الجهل؛ لأنه أراد: وأنتم تعلمون أن الأنداد التي تعبدونها لم ترفع لكم السماء ولم تمهد تحتكم (٥) الأرض، ولم ترزقكم رزقا. فعبدة الأصنام وغيرهم يتساوى علمهم في هذا المعنى، وإنما وصفهم الله جل ذكره بهذا العلم لتتأكد الحجة عليهم إذا اشتغلوا (٦) بشىء (٧) يعلمون (٨) أن الحق فى سواه (٩).
٢٣ - وقوله (١٠) تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ﴾ الآية. قال النحويون: (إن) دخلت هاهنا لغير شك، لأن الله تعالى علم أَنهم مرتابون، ولكن هذا عادة العرب في خطابهم، كقولك: (إن كنت إنساناً فافعل كذا)، وأنت تعلم أنه إنسان، و (إن كنت ابني فاعطف علي) فالله تعالى خاطبهم على عادة
قال ابن (٣) الأنباري: قوله: ﴿وَأَنتُم تَعلَمُونَ﴾، (٤) لا تتنافى مع قوله: ﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ﴾ [الزمر: ٦٤] لأن هذا العلم الذي وصفهم به في هذه الآية لا يزيل عنهم الجهل؛ لأنه أراد: وأنتم تعلمون أن الأنداد التي تعبدونها لم ترفع لكم السماء ولم تمهد تحتكم (٥) الأرض، ولم ترزقكم رزقا. فعبدة الأصنام وغيرهم يتساوى علمهم في هذا المعنى، وإنما وصفهم الله جل ذكره بهذا العلم لتتأكد الحجة عليهم إذا اشتغلوا (٦) بشىء (٧) يعلمون (٨) أن الحق فى سواه (٩).
٢٣ - وقوله (١٠) تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ﴾ الآية. قال النحويون: (إن) دخلت هاهنا لغير شك، لأن الله تعالى علم أَنهم مرتابون، ولكن هذا عادة العرب في خطابهم، كقولك: (إن كنت إنساناً فافعل كذا)، وأنت تعلم أنه إنسان، و (إن كنت ابني فاعطف علي) فالله تعالى خاطبهم على عادة
(١) (لله) لفظ الجلالة غير موجود في (ب).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٥.
(٣) (ابن) ساقط من (ج).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) في (ج): (لكم).
(٦) في (ب): (اشغلوا).
(٧) في (ج): (في شيء).
(٨) في (ب): (يعلموا).
(٩) نحو هذا المعنى ذكر "الطبري" عن ابن عباس وقتادة، ورجحه. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٦٣.
وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٩، "زاد المسير" ١/ ٤٩.
(١٠) في (ج): (قوله) بسقوط الواو.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٥.
(٣) (ابن) ساقط من (ج).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) في (ج): (لكم).
(٦) في (ب): (اشغلوا).
(٧) في (ج): (في شيء).
(٨) في (ب): (يعلموا).
(٩) نحو هذا المعنى ذكر "الطبري" عن ابن عباس وقتادة، ورجحه. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٦٣.
وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٩، "زاد المسير" ١/ ٤٩.
(١٠) في (ج): (قوله) بسقوط الواو.
231
خطابهم فيما بينهم (١).
وقيل: هو بمعنى (إذ) (٢) قال أبو زيد: وتجيء (٣) (إن) بمعنى (إذ) نحو قوله: ﴿وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٧٨]، وقوله ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٩] ونحوهما (٤).
قال الأعشى:
وقوله تعالى: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ﴾. زعم أبو عبيدة أن (السورة) (٦) مشتقة
وقيل: هو بمعنى (إذ) (٢) قال أبو زيد: وتجيء (٣) (إن) بمعنى (إذ) نحو قوله: ﴿وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٧٨]، وقوله ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٩] ونحوهما (٤).
قال الأعشى:
| وسمعتَ حَلْفتَها التي حلفتْ | إن كان سمعُك غيرَ ذي وَقْرِ (٥) |
(١) ذكر ابن الجوزي نحوه، فربما نقله عن الواحدي، وربما نقله عن ابن الأنباري وهو الأقرب، حيث إنه كثيراً ما ينقل عنه، فيكون من كلام ابن الأنباري، انظر: "زاد المسير" ١/ ٤٩.
(٢) ذكره الثعلبي مع الأدلة من الآيات وبيت الأعشى. "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٧ أ، وانظر: "تهذيب اللغة" (إن) ١/ ٢٢٤.
(٣) في (أ)، (ج) (يجيء)، وأثبت ما في (ب) لأنه أنسب للسياق وموافق لما في "تهذيب اللغة".
(٤) قول أبي زيد في "تهذيب اللغة"، (إن) ١/ ٢٢٤، وانظر: "زاد المسير" ١/ ٤٩، "الدر المصون" ١/ ١٩٧.
والقول: إنَّ (إنْ) تأتي بمعنى (إذ) قول الكوفيين، أما البصريون فمنعوا مجيئها بمعنى (إذ). انظر: "الإنصاف" ص٥٠.
(٥) البيت عند الثعلبي ١/ ٥٧ أ، "الوسيط" للواحدي ١/ ٥٧ منسوب للأعشى، ولم أجده في (ديوانه)، وهو في "الإنصاف" ص ٥٠٢. غير منسوب، وذكره عبد السلام هارون في "معجم الشواهد العربية" ص ١٨٧، ولم ينسبه.
(الحلفة): واحدة الحلف وهو القسم.
(الوقر): ثقل السمع.
والشاهد فيه عند الواحدي، وعند الكوفيين ورود (إنْ) بمعنى (إذ).
(٦) في (ج): (للسورة).
(٢) ذكره الثعلبي مع الأدلة من الآيات وبيت الأعشى. "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٧ أ، وانظر: "تهذيب اللغة" (إن) ١/ ٢٢٤.
(٣) في (أ)، (ج) (يجيء)، وأثبت ما في (ب) لأنه أنسب للسياق وموافق لما في "تهذيب اللغة".
(٤) قول أبي زيد في "تهذيب اللغة"، (إن) ١/ ٢٢٤، وانظر: "زاد المسير" ١/ ٤٩، "الدر المصون" ١/ ١٩٧.
والقول: إنَّ (إنْ) تأتي بمعنى (إذ) قول الكوفيين، أما البصريون فمنعوا مجيئها بمعنى (إذ). انظر: "الإنصاف" ص٥٠.
(٥) البيت عند الثعلبي ١/ ٥٧ أ، "الوسيط" للواحدي ١/ ٥٧ منسوب للأعشى، ولم أجده في (ديوانه)، وهو في "الإنصاف" ص ٥٠٢. غير منسوب، وذكره عبد السلام هارون في "معجم الشواهد العربية" ص ١٨٧، ولم ينسبه.
(الحلفة): واحدة الحلف وهو القسم.
(الوقر): ثقل السمع.
والشاهد فيه عند الواحدي، وعند الكوفيين ورود (إنْ) بمعنى (إذ).
(٦) في (ج): (للسورة).
232
من سورة البناء، وأن السورة عرق من عروق (١) الحائط، ويجمع سُوَراً وكذلك (الصورة) (٢) تجمع (صوراً). واحتج بقوله:
سِرْتُ إِلَيْهِ في أَعَالي السُّور (٣)
وأقرأني العروضي، قال: أقرأني الأزهري، قال (٤): أخبرني المنذري، عن أبي الهيثم أنه رد على أبي عبيدة قوله، وقال: إنما يجمع (٥) (فُعْلَة) على (فُعْل)، بسكون العين، إذا سبق الجمعَ الواحدُ، مثل: صوفة وصوف، وسورة البناء وسورٌ (٦)، والسور جمع سبق وحدانه (٧)، قال الله تعالى: ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ﴾ [الحديد: ١٣].
والسُّور عند العرب حائط المدينة، وهو أشرف الحيطان، وشبه الله
سِرْتُ إِلَيْهِ في أَعَالي السُّور (٣)
وأقرأني العروضي، قال: أقرأني الأزهري، قال (٤): أخبرني المنذري، عن أبي الهيثم أنه رد على أبي عبيدة قوله، وقال: إنما يجمع (٥) (فُعْلَة) على (فُعْل)، بسكون العين، إذا سبق الجمعَ الواحدُ، مثل: صوفة وصوف، وسورة البناء وسورٌ (٦)، والسور جمع سبق وحدانه (٧)، قال الله تعالى: ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ﴾ [الحديد: ١٣].
والسُّور عند العرب حائط المدينة، وهو أشرف الحيطان، وشبه الله
(١) في "تهذيب اللغة" (أعراق) ٢/ ١٥٩٣. وكذا "اللسان" ٤/ ٢١٤٧.
(٢) في (ج): (وكذلك قوله الصورة).
(٣) الرجز للعجاج، ورد في "المجاز" لأبي عبيدة ١/ ٥، وقبله:
فرب ذي سرادق محور
"ديوان العجاج": ص ٢٢٤. رقم القصيدة (١٩)، وفي "الكتاب" ٤/ ٥١، "غريب القرآن" لابن قتيبة ١/ ٢٦، "تفسير الطبري" ١/ ٤٦، "تهذيب اللغة" (سار) ٢/ ١٥٩٢، "اللسان" (سور) ٤/ ٢١٤٧، "الزاهر" ١/ ٥٢٦. والسرادق: ما أحاط بالشيء من بناء أو خباء أو غيره، وسرت: من سار الحائط يسوره وتسوره، أي: تسلق. وكلام أبي عبيدة بنصه في "التهذيب" "سار" ٢/ ١٥٩٣. وانظر "مجاز القرآن" ١/ ٣، ٤، ٤٣، "اللسان" (سور) ٤/ ٢١٤٧. (الزاهر) ١/ ١٧٠. "تفسير ابن عطية" ١/ ٧٠.
(٤) في "تهذيب اللغة": وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم:
"التهذيب" (سار) ٢/ ١٥٩٣. وفي "اللسان" (سور) ٤/ ٢١٤٧.
(٥) في "التهذيب": (تجمع) وكذا في "اللسان".
(٦) في "اللسان" (وسُوْرُهُ).
(٧) في (التهذيب) (فالسورة جمع سبق وُحْدَانَه في هذا الموضع جمعه) ٢/ ١٥٩٣.
(٢) في (ج): (وكذلك قوله الصورة).
(٣) الرجز للعجاج، ورد في "المجاز" لأبي عبيدة ١/ ٥، وقبله:
فرب ذي سرادق محور
"ديوان العجاج": ص ٢٢٤. رقم القصيدة (١٩)، وفي "الكتاب" ٤/ ٥١، "غريب القرآن" لابن قتيبة ١/ ٢٦، "تفسير الطبري" ١/ ٤٦، "تهذيب اللغة" (سار) ٢/ ١٥٩٢، "اللسان" (سور) ٤/ ٢١٤٧، "الزاهر" ١/ ٥٢٦. والسرادق: ما أحاط بالشيء من بناء أو خباء أو غيره، وسرت: من سار الحائط يسوره وتسوره، أي: تسلق. وكلام أبي عبيدة بنصه في "التهذيب" "سار" ٢/ ١٥٩٣. وانظر "مجاز القرآن" ١/ ٣، ٤، ٤٣، "اللسان" (سور) ٤/ ٢١٤٧. (الزاهر) ١/ ١٧٠. "تفسير ابن عطية" ١/ ٧٠.
(٤) في "تهذيب اللغة": وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم:
| أنه رد على أبي عبيدة قوله | الخ كلام أبي الهيثم. |
(٥) في "التهذيب": (تجمع) وكذا في "اللسان".
(٦) في "اللسان" (وسُوْرُهُ).
(٧) في (التهذيب) (فالسورة جمع سبق وُحْدَانَه في هذا الموضع جمعه) ٢/ ١٥٩٣.
233
تعالى الحائط الذي حجز بين أهل النار وأهل الجنة بأشرف حائط عرفناه في الدنيا، وهو اسم واحد لشيء (١) واحد، إلا أنا إذا أردنا أن نعرف (٢) العِرْقَ (٣) منه قلنا: سورة، كما تقول: التمر، وهو اسم جامع للجنس، فإذا أردنا أن نعرف الواحدة من التمر قلنا: تمرة، وكل منزلة رفيعة فهي سورة، مأخوذة من سورة البناء ومنه قول النابغة:
وجمعها (سُوْرٌ) (٥) أي: رِفَعٌ.
أما سورة القرآن، فإن الله تعالى جمعها على: (سُوَر) مثل: غُرْفَة وغُرَفُ، ورُتْبَة ورُتَب، وزُلفَة وزُلَف، فدل على أنه لم يجمعها كما قال (٦)، ولم يجعلها من سُورِ (٧) البناء، لأنها لو كانت منه لقال: (بعشرِ سُوْر) ولم
| ألم تر أنَّ الله أعطاك سورةً | ترى كل مَلْكٍ دونها يتذبذبُ (٤) |
أما سورة القرآن، فإن الله تعالى جمعها على: (سُوَر) مثل: غُرْفَة وغُرَفُ، ورُتْبَة ورُتَب، وزُلفَة وزُلَف، فدل على أنه لم يجمعها كما قال (٦)، ولم يجعلها من سُورِ (٧) البناء، لأنها لو كانت منه لقال: (بعشرِ سُوْر) ولم
(١) في (ب): (كشيء).
(٢) في (أ)، (ج): (يعرف) واخترت ما في (ب)، لأنه أصح، وموافق لما في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٩٣.
(٣) كذا في جميع النسخ، "اللسان" ٤/ ٢١٤٨. وفي "تهذيب اللغة" (الفرق) ٢/ ١٥٩٣.
(٤) البيت للنابغة الذبياني من قصيدة يمدح النعمان، ويعتذر إليه.
وقوله (السورة): المنزلة الرفيعة، (والملك بتذبذب): يتعلق ويضطرب، يريد أن منازل الملوك دون منزلته. انظر: "مجاز القرآن" ١/ ٤. "غريب القرآن" لابن قتيبة ١/ ٢٦. "تفسير الطبري" ١/ ٤٦. "المصون في الأدب" للعسكري: ص ١٥٠، ١٥١. "التهذيب" (سار) ٢/ ١٥٩٣. "اللسان" (سور) ٤/ ٢١٤٨. "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠١. "ديوان النابغة": ص ٢٨. "الزاهر" ١/ ١٧١.
(٥) في (أ): (سِوَر) وفي (ب): (سواري رفع).
(٦) قوله: (فدل على أنه لم يجمعها كما قال) ليس في "تهذيب اللغة" ولا "اللسان"، والمعنى لم يجمعها (سُوْرٌ) بالسكون كما قال أبو عبيدة.
(٧) في (ب): (سورة).
(٢) في (أ)، (ج): (يعرف) واخترت ما في (ب)، لأنه أصح، وموافق لما في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٩٣.
(٣) كذا في جميع النسخ، "اللسان" ٤/ ٢١٤٨. وفي "تهذيب اللغة" (الفرق) ٢/ ١٥٩٣.
(٤) البيت للنابغة الذبياني من قصيدة يمدح النعمان، ويعتذر إليه.
وقوله (السورة): المنزلة الرفيعة، (والملك بتذبذب): يتعلق ويضطرب، يريد أن منازل الملوك دون منزلته. انظر: "مجاز القرآن" ١/ ٤. "غريب القرآن" لابن قتيبة ١/ ٢٦. "تفسير الطبري" ١/ ٤٦. "المصون في الأدب" للعسكري: ص ١٥٠، ١٥١. "التهذيب" (سار) ٢/ ١٥٩٣. "اللسان" (سور) ٤/ ٢١٤٨. "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠١. "ديوان النابغة": ص ٢٨. "الزاهر" ١/ ١٧١.
(٥) في (أ): (سِوَر) وفي (ب): (سواري رفع).
(٦) قوله: (فدل على أنه لم يجمعها كما قال) ليس في "تهذيب اللغة" ولا "اللسان"، والمعنى لم يجمعها (سُوْرٌ) بالسكون كما قال أبو عبيدة.
(٧) في (ب): (سورة).
234
يقل: ﴿سُوَرٍ﴾ [هود: ١٣] (١) والقراء مجمعون على ﴿سُوَرٍ﴾. وكذلك أجمعوا على قراءة (سُورٍ) (٢) في قوله ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ﴾ [الحديد: ١٣]. فدل هذا على تمييز (سُورَةٍ) من سُوَرِ (٣) القرآن عن (سُوْرَة) من سُوْرِ البناء.
وكأن أبا عبيدة أراد أن [يؤيد] (٤) قوله في (الصور) أنه جمع (صورة) (٥)، وكان ينكر أن (الصور) قرن خلقه الله للنفخ فيه، ونذكر (٦) قوله ذلك والرد عليه إذا أتينا على ذكر (الصور) إن شاء الله.
قال أبو الهيثم: والسورة (٧) من سور [القرآن] (٨) عندنا: قطعة من القرآن، سبق وُحْدانُها جَمْعَها، كما أن الغرفة (٩) سابقة للغرف. وأنزل الله القرآن على نبيه ﷺ شيئاً بعد شيء، وجعله مفصلاً، وبيّن كل سورة بخاتمتها وبادئتها، وميزها من التي تليها (١٠).
وكأن أبا عبيدة أراد أن [يؤيد] (٤) قوله في (الصور) أنه جمع (صورة) (٥)، وكان ينكر أن (الصور) قرن خلقه الله للنفخ فيه، ونذكر (٦) قوله ذلك والرد عليه إذا أتينا على ذكر (الصور) إن شاء الله.
قال أبو الهيثم: والسورة (٧) من سور [القرآن] (٨) عندنا: قطعة من القرآن، سبق وُحْدانُها جَمْعَها، كما أن الغرفة (٩) سابقة للغرف. وأنزل الله القرآن على نبيه ﷺ شيئاً بعد شيء، وجعله مفصلاً، وبيّن كل سورة بخاتمتها وبادئتها، وميزها من التي تليها (١٠).
(١) في (أ)، (ج): (بسُوَر) وأثبت ما في (ب)، وفي "تهذيب اللغة" (بعشر سُوَرٍ) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٩٣.
(٢) في (ب): (بسوره).
(٣) في (ب): (سوره).
(٤) في جميع النسخ (يريد) والتصحيح من "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٩٣. "اللسان" ٤/ ٢١٤٨.
(٦) في (ب) (ويذكر).
(٧) في (ب) (السور).
(٨) (القرآن) غير موجود في جميع النسخ، والتصحيح من "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٩٣، "اللسان" ٤/ ٢١٤٨.
(٩) في (ب) (المعرفة).
(١٠) انتهى كلام أبي الهيثم، "تهذيب اللغة" (سار) ٢/ ١٥٩٤، "اللسان" (سور) ٤/ ٢١٤٨.
(٢) في (ب): (بسوره).
(٣) في (ب): (سوره).
(٤) في جميع النسخ (يريد) والتصحيح من "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٩٣. "اللسان" ٤/ ٢١٤٨.
| (٥) في "تهذيب اللغة" (فأخطأ في الصور والسور، وحرَّف (كلام العرب) عن صيغته | إلخ). انظر "تهذيب اللغة" (سار) ٢/ ١٥٩٣. "اللسان" (سور) ٤/ ٢١٨٤. |
(٧) في (ب) (السور).
(٨) (القرآن) غير موجود في جميع النسخ، والتصحيح من "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٩٣، "اللسان" ٤/ ٢١٤٨.
(٩) في (ب) (المعرفة).
(١٠) انتهى كلام أبي الهيثم، "تهذيب اللغة" (سار) ٢/ ١٥٩٤، "اللسان" (سور) ٤/ ٢١٤٨.
235
قال الأزهري: وكأن أبا الهيثم جعل السورة من سور القرآن من سؤرة الشراب، وهي بقيته، إلا أنها لما كثرت في الكلام ترك فيها الهمز (١).
قال (٢): وأخبرني المنذري، عن أبي العباس، عن ابن الأعرابي قال: (السورة) الرفعة وبها سميت السورة من القرآن، أي رفعة وخير (٣)، فأرى ابن الأعرابي وافق قوله قول أبي عبيدة (٤).
قال: (٥) والبصريون يجمعون (الصورة) و (السورة) وما أشبههما (٦) على (صُوَر وصُوْر)، و (سُوَر وسُوْر) ولا يميزون بين ما سبق جمعه وحدانه وبين ما سبق وحدانه جمعه، والذي حكاه أبو الهيثم هو قول (٧) الفراء.
قال (٢): وأخبرني المنذري، عن أبي العباس، عن ابن الأعرابي قال: (السورة) الرفعة وبها سميت السورة من القرآن، أي رفعة وخير (٣)، فأرى ابن الأعرابي وافق قوله قول أبي عبيدة (٤).
قال: (٥) والبصريون يجمعون (الصورة) و (السورة) وما أشبههما (٦) على (صُوَر وصُوْر)، و (سُوَر وسُوْر) ولا يميزون بين ما سبق جمعه وحدانه وبين ما سبق وحدانه جمعه، والذي حكاه أبو الهيثم هو قول (٧) الفراء.
(١) في "التهذيب": (.. جعل السورة من سور القرآن من أسأرت سؤرا، أي: أفضلت فضلا، إلا أنها لما كثرت في الكلام وفي كتاب الله ترك فيها الهمز أي السورة كما ترك في (الملك) وأصله (ملْأَك) وفي (النبي) وأصله الهمز، وكان أبو الهيثم طَوَّل الكلام فيهما رداً على أبي عبيدة، فاختصرت منه مجامع مقاصده، وربما غيرت بعض ألفاظه، والمعنى معناه). "تهذيب اللغة" (سار) ٢/ ١٥٩٤. "اللسان" ٤/ ٢١٤٨. وانظر: "الزاهر" ١/ ١٧١.
(٢) أي: الأزهري.
(٣) ونحوه عند "الطبري" فإنه قال: (والسورة بغير همز: المنزلة من منازل الارتفاع). انظر: "تفسيره" ١/ ٤٦. وقد ذكر هذين المعنيين للسورة ابن قتيبة في "غريب القرآن": ١/ ٢٦. وانظر: "الزاهر" ١/ ١٧١. "البرهان في علوم القرآن" ١/ ٢٦٣، ٢٦٤. "الإتقان" ١/ ١٨٦. "تفسير ابن كثير" ١/ ٦٤.
(٤) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٩٤. "اللسان" ٤/ ٢١٤٨.
(٥) أي الأزهري. انظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٩٤، وربما أوهم صنيع الواحدي أن الكلام لابن الأعرابي.
(٦) في (أ) و (ج): (وما أشبهها).
(٧) في "التهذيب": (والذي حكاه أبو الهيثم هو قول الكوفيين، وهو يقول به إن شاء الله) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٩٤. "اللسان"٤/ ٢١٤٨.
(٢) أي: الأزهري.
(٣) ونحوه عند "الطبري" فإنه قال: (والسورة بغير همز: المنزلة من منازل الارتفاع). انظر: "تفسيره" ١/ ٤٦. وقد ذكر هذين المعنيين للسورة ابن قتيبة في "غريب القرآن": ١/ ٢٦. وانظر: "الزاهر" ١/ ١٧١. "البرهان في علوم القرآن" ١/ ٢٦٣، ٢٦٤. "الإتقان" ١/ ١٨٦. "تفسير ابن كثير" ١/ ٦٤.
(٤) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٩٤. "اللسان" ٤/ ٢١٤٨.
(٥) أي الأزهري. انظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٩٤، وربما أوهم صنيع الواحدي أن الكلام لابن الأعرابي.
(٦) في (أ) و (ج): (وما أشبهها).
(٧) في "التهذيب": (والذي حكاه أبو الهيثم هو قول الكوفيين، وهو يقول به إن شاء الله) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٩٤. "اللسان"٤/ ٢١٤٨.
236
وخص هذا القدر من القرآن بتسمية (سورة)، لأنه أقل قطعة وقع به التحدي [على قول أبي الهيثم، وعلى قول أبي عبيدة، لأنه أقل ما وقع به التحدي] (١)، فهي شرف للنبي ﷺ من حيث إنها معجزة له. وقيل: سميت سورة، لأن من حفظها وعلمها حصل له شرف (٢). وقيل: لأن كل سورة بمنزلة درجة رفيعة ومنزل عال، يرتفع القارئ منها إلى منزلة أخرى إلى أن يستكمل القرآن (٣).
فإن قيل: فما (٤) الفائدة في تفصيل القرآن على السور؟ قيل: فيه فوائد كثيرة، منها: أن القارئ إذا خرج من سورة إلى سورة كان أنشط لقراءته وأحلى في نفسه.
ومنها: أن تخصيص كل سورة بقدر مخصوص كاختصاص القصائد.
ومنها: أن الإنسان قد يضعف أو يكسل عن حفظ الجميع فيحفظ سورة تامة فربما كان ذلك سبباً يدعوه إلى حفظ غيرها (٥).
قال المفسرون: ومعنى الآية: أن الله تعالى لما احتج عليهم [في إثبات توحيده احتج عليهم] (٦) -أيضا- في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه
فإن قيل: فما (٤) الفائدة في تفصيل القرآن على السور؟ قيل: فيه فوائد كثيرة، منها: أن القارئ إذا خرج من سورة إلى سورة كان أنشط لقراءته وأحلى في نفسه.
ومنها: أن تخصيص كل سورة بقدر مخصوص كاختصاص القصائد.
ومنها: أن الإنسان قد يضعف أو يكسل عن حفظ الجميع فيحفظ سورة تامة فربما كان ذلك سبباً يدعوه إلى حفظ غيرها (٥).
قال المفسرون: ومعنى الآية: أن الله تعالى لما احتج عليهم [في إثبات توحيده احتج عليهم] (٦) -أيضا- في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه
(١) مابين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) انظر: "الزاهر" ١/ ١٧١. "الدر المصون" ١/ ٢٠١.
(٣) وهذا القول كأنه يرجع إلى قول أبي عبيدة وابن الأعرابي، وفي معنى السورة أقوال أخرى. انظر: "الزاهر" ١/ ١٧١، "جمهرة اللغة" ٢/ ٧٢٢، "تفسير الطبري" ١/ ٤٦، وابن عطية ١/ ٧٠، "تفسير ابن كثير" ١/ ٦٤، "البرهان" ١/ ٢٦٣، ٢٦٤، "الكشاف" ١/ ٢٣٩.
(٤) في (ب): (ما).
(٥) وذكر بعض العلماء حكماً أخرى لتفصيل القرآن إلى سور، وكلها حكم وفوائد مستنبطة، والله أعلم بحكمة ذلك. انظر: "الكشاف" ١/ ٢٤٠ - ٢٤١، "البرهان" ١/ ٢٦٤ - ٢٦٥.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) انظر: "الزاهر" ١/ ١٧١. "الدر المصون" ١/ ٢٠١.
(٣) وهذا القول كأنه يرجع إلى قول أبي عبيدة وابن الأعرابي، وفي معنى السورة أقوال أخرى. انظر: "الزاهر" ١/ ١٧١، "جمهرة اللغة" ٢/ ٧٢٢، "تفسير الطبري" ١/ ٤٦، وابن عطية ١/ ٧٠، "تفسير ابن كثير" ١/ ٦٤، "البرهان" ١/ ٢٦٣، ٢٦٤، "الكشاف" ١/ ٢٣٩.
(٤) في (ب): (ما).
(٥) وذكر بعض العلماء حكماً أخرى لتفصيل القرآن إلى سور، وكلها حكم وفوائد مستنبطة، والله أعلم بحكمة ذلك. انظر: "الكشاف" ١/ ٢٤٠ - ٢٤١، "البرهان" ١/ ٢٦٤ - ٢٦٥.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
237
وسلم بما قطع عذرهم، فقال: وإن كنتم في شك من صدق هذا الكتاب الذي أنزلناه على محمد عليه الصلاة (١) والسلام، وقلتم: لا ندري هل هو من عند الله أم لا، ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾، أي من مثل القرآن (٢). والكناية (٣) في (مثله) تعود إلى (ما) قوله: ﴿مِمَّا نَزَّلْنَا﴾ (٤).
ودليل هذا التأويل قوله: ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ﴾ [الطور: ٣٤]. وقوله تعالى: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ﴾ (٥)، وقوله: ﴿لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ﴾ [الإسراء: ٨٨] كل ذلك يريد به مثل القرآن، ومعناه: فأتوا بسورة مثل ما أتى به محمد في الإعجاز وحسن النظم والإخبار عما كان وما يكون، على جهة الابتداء دون الاحتذاء، وتعلم الكتب ودراسة الأخبار.
و (من) يكون للتبعيض (٦) على هذا القول، لأن التحدي في هذه الآية وقع ببعض القرآن، وهو السورة. ويحتمل أن تكون للتجنيس (٧)، أي: من
ودليل هذا التأويل قوله: ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ﴾ [الطور: ٣٤]. وقوله تعالى: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ﴾ (٥)، وقوله: ﴿لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ﴾ [الإسراء: ٨٨] كل ذلك يريد به مثل القرآن، ومعناه: فأتوا بسورة مثل ما أتى به محمد في الإعجاز وحسن النظم والإخبار عما كان وما يكون، على جهة الابتداء دون الاحتذاء، وتعلم الكتب ودراسة الأخبار.
و (من) يكون للتبعيض (٦) على هذا القول، لأن التحدي في هذه الآية وقع ببعض القرآن، وهو السورة. ويحتمل أن تكون للتجنيس (٧)، أي: من
(١) (الصلاة) ساقطة من (ب).
(٢) ذكر نحوه "الطبري" عن قتادة ومجاهد، وذكر قولاً آخر، وهو: (من مثله) من مثل محمد من البشر، لأن محمداً بشراً مثلكم، ورجح القول الأول "الطبري" ١/ ١٦٥. وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٦، والثعلبي ١/ ٥٧ أ، وذكر أبو الليث أن الخطاب في قوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ﴾ لليهود، و (من مثله): من التوراة. (تفسير أبي الليث) ١/ ١٠٢، انظر: "القرطبي" ١/ ٢٠٠.
(٣) في (ب): (فالكناية).
(٤) وعلى القول الثاني: تعود على (عبدنا) ذكره ابن الأنباري في (البيان في غريب إعراب القرآن) ١/ ٦٤. وقال "القرطبي": (وقيل: يعود على التوراة والإنجيل). انظر "القرطبي" ١/ ٢٠٠.
(٥) في (أ) و (ج): ﴿مِنْ مِثْلِهِ﴾ تصحيف في الآية. والآية: ٣٨، من سورة يونس.
(٦) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٢.
(٧) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٢، "زاد المسير" ١/ ٥٠، "الدر المصون" ١/ ٢٠٠.
(٢) ذكر نحوه "الطبري" عن قتادة ومجاهد، وذكر قولاً آخر، وهو: (من مثله) من مثل محمد من البشر، لأن محمداً بشراً مثلكم، ورجح القول الأول "الطبري" ١/ ١٦٥. وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٦، والثعلبي ١/ ٥٧ أ، وذكر أبو الليث أن الخطاب في قوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ﴾ لليهود، و (من مثله): من التوراة. (تفسير أبي الليث) ١/ ١٠٢، انظر: "القرطبي" ١/ ٢٠٠.
(٣) في (ب): (فالكناية).
(٤) وعلى القول الثاني: تعود على (عبدنا) ذكره ابن الأنباري في (البيان في غريب إعراب القرآن) ١/ ٦٤. وقال "القرطبي": (وقيل: يعود على التوراة والإنجيل). انظر "القرطبي" ١/ ٢٠٠.
(٥) في (أ) و (ج): ﴿مِنْ مِثْلِهِ﴾ تصحيف في الآية. والآية: ٣٨، من سورة يونس.
(٦) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٢.
(٧) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٢، "زاد المسير" ١/ ٥٠، "الدر المصون" ١/ ٢٠٠.
238
جنس هذا الكتاب كقوله: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾. [الحج: ٣٠] وقيل: (من) هنا صلة (١)، معناه (٢): فأتوا بسورة مثل القرآن، كقوله: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ [النور: ٣٠] أي: أبصارهم، وقال النابغة:
وَمَا أُحَاشِي مِنَ الأقْوَامِ مِنْ أَحَدٍ (٣)
أي: أحداً.
قال النحويون: (مِنْ)، يكون على أربعة أوجه: أحدها: ابتداء الغاية، وهو أصلها (٤)، كقولك: سرت (٥) من الكوفة إلى البصرة.
والثاني: التبعيض، كقولك: خذ من الثياب ثوباً.
وَمَا أُحَاشِي مِنَ الأقْوَامِ مِنْ أَحَدٍ (٣)
أي: أحداً.
قال النحويون: (مِنْ)، يكون على أربعة أوجه: أحدها: ابتداء الغاية، وهو أصلها (٤)، كقولك: سرت (٥) من الكوفة إلى البصرة.
والثاني: التبعيض، كقولك: خذ من الثياب ثوباً.
(١) في (ج): (من ههنا زائدة صلة). القول إنها صلة ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٧ أ، وبعضهم يسميها (زائدة) قاله ابن الأنباري ونسبه للأخفش، انظر "البيان" ١/ ٦٤، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٢، "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢٤. وفيه وجه آخر: أن تكون لابتداء الغاية، إذا كان الضمير يعود على النبي صلى الله عليه وسلم، انظر "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢٤، "الدر المصون" ١/ ٢٠٠.
(٢) في (ب): (معناها).
(٣) البيت للنابغة من المعلقة التي يمدح بها النعمان، ويعتذر إليه، وصدره:
ولا أَرى فَاعِلاً في النَّاس يُشْبِهُهُ
يقول: لا أرى فاعلاً يفعل الخير يشبهه، والضمير للنعمان، وما أحاشي من أحد أي: لا أستثني أحداً. و (من) زائدة، وهذا وجه الاستشهاد عند الواحدي. وقد ورد في بعض المصادر (ولا أحاشي) ورد البيت في "الديوان": ص ١٢، و"جمل الزجاجي": ص ٢٣٣، "الإنصاف" ١/ ٢٤١، "مغني اللبيب" ١/ ١٢١، "شرح المفصل" ٢/ ٨٥، ٨/ ٤٨ - ٤٩، "الخزانة" ٣/ ٤٠٣، "همع الهوامع" ٣/ ٢٨٨، شاهد رقم (٩١٨).
(٤) قال ابن هشام: (هو أصلها، حتى ادعى جماعة أن سائر معانيها راجعة إليه)، "مغني اللبيب" ١/ ٣١٨.
(٥) في (ب): (سرق).
(٢) في (ب): (معناها).
(٣) البيت للنابغة من المعلقة التي يمدح بها النعمان، ويعتذر إليه، وصدره:
ولا أَرى فَاعِلاً في النَّاس يُشْبِهُهُ
يقول: لا أرى فاعلاً يفعل الخير يشبهه، والضمير للنعمان، وما أحاشي من أحد أي: لا أستثني أحداً. و (من) زائدة، وهذا وجه الاستشهاد عند الواحدي. وقد ورد في بعض المصادر (ولا أحاشي) ورد البيت في "الديوان": ص ١٢، و"جمل الزجاجي": ص ٢٣٣، "الإنصاف" ١/ ٢٤١، "مغني اللبيب" ١/ ١٢١، "شرح المفصل" ٢/ ٨٥، ٨/ ٤٨ - ٤٩، "الخزانة" ٣/ ٤٠٣، "همع الهوامع" ٣/ ٢٨٨، شاهد رقم (٩١٨).
(٤) قال ابن هشام: (هو أصلها، حتى ادعى جماعة أن سائر معانيها راجعة إليه)، "مغني اللبيب" ١/ ٣١٨.
(٥) في (ب): (سرق).
239
والثالث: التجنيس، كقوله: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ [الحج: ٣٠].
والرابع: الزيادة، كقولك: ما أتاني من أحد (١)
وهاهنا فصل يحاج إليه في كثير من المواضع، وذكرته هاهنا (٢)، وهو (أن الحروف عند النحويين لا يليق بها الزيادة ولا الحذف، وأن أعدل أحوالها (٣) أن تستعمل غير مزيدة ولا محذوفة، فأما (٤) امتناع حذفها، فمن قبل أن الغرض في هذه الحروف إنما هو الاختصار، ألا ترى أنك إذا قلت: (ما قام زيد) فقد نابت (ما) عن (أنفي)، وإذا قلت: (هل قام زيد)؟ نابت (هل) عن (أستفهم) (٥)، فوقوع الحرف مقام الفعل وفاعله غاية الاختصار، فلو ذهب (٦) بحذف الحرف تخفيفا، لأفرطت في الإيجاز، لأن اختصار المختصر إجحاف (٧) به. وأما وجه ضعف زيادتها، فلأن الغرض (٨)
والرابع: الزيادة، كقولك: ما أتاني من أحد (١)
وهاهنا فصل يحاج إليه في كثير من المواضع، وذكرته هاهنا (٢)، وهو (أن الحروف عند النحويين لا يليق بها الزيادة ولا الحذف، وأن أعدل أحوالها (٣) أن تستعمل غير مزيدة ولا محذوفة، فأما (٤) امتناع حذفها، فمن قبل أن الغرض في هذه الحروف إنما هو الاختصار، ألا ترى أنك إذا قلت: (ما قام زيد) فقد نابت (ما) عن (أنفي)، وإذا قلت: (هل قام زيد)؟ نابت (هل) عن (أستفهم) (٥)، فوقوع الحرف مقام الفعل وفاعله غاية الاختصار، فلو ذهب (٦) بحذف الحرف تخفيفا، لأفرطت في الإيجاز، لأن اختصار المختصر إجحاف (٧) به. وأما وجه ضعف زيادتها، فلأن الغرض (٨)
(١) سبق أن ذكر الواحدي لـ (من) خمسة معان نقلها عن "تهذيب اللغة"، وانظر "التهذيب" (من) ٤/ ٣٤٥٣، وقد ذكر الهروي المعاني الأربعة التي ذكرها الواحدي. انظر "الأزهية في علم الحروف": ص ٢٢٤ - ٢٢٥، وذكر بعض هذِه المعاني ابن الأنباري في (الأضداد): ص ١٥٢، أما ابن هشام في "مغني اللبيب" فذكر لـ (من) خمسة عشر وجها ١/ ٣١٨.
(٢) هذا الفصل منقول بنصه من "سر صناعة الإعراب" لابن جني. قال: (اعلم أن الحروف لا يليق بها الزيادة ولا الحذف.. إلخ) ١/ ٢٦٩.
(٣) في (ب): (أحولها).
(٤) عند أبي الفتح بن جني (فأما وجه القياس في امتناع حذفها...) ١/ ٢٦٩.
(٥) في (ج): (استفهام).
(٦) عند أبي الفتح بن جني (فلو ذهبت تحذف..) ١/ ٢٦٩. وهو الأنسب للسياق.
(٧) في (ج): (حجازيه).
(٨) عند أبي الفتح (فمن قبل أن الغرض في الحروف الاختصار...) "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٦٩.
(٢) هذا الفصل منقول بنصه من "سر صناعة الإعراب" لابن جني. قال: (اعلم أن الحروف لا يليق بها الزيادة ولا الحذف.. إلخ) ١/ ٢٦٩.
(٣) في (ب): (أحولها).
(٤) عند أبي الفتح بن جني (فأما وجه القياس في امتناع حذفها...) ١/ ٢٦٩.
(٥) في (ج): (استفهام).
(٦) عند أبي الفتح بن جني (فلو ذهبت تحذف..) ١/ ٢٦٩. وهو الأنسب للسياق.
(٧) في (ج): (حجازيه).
(٨) عند أبي الفتح (فمن قبل أن الغرض في الحروف الاختصار...) "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٦٩.
240
في الحروف الاختصار كما ذكرنا (١)، فلو ذهبت تزيدها لنقضت الغرض الذي قصدته، لأنك كنت تصير من الزيادة إلى ضد ما قصدته من الاختصار (٢)، ولولا (٣) أن في الحرف إذا زيد ضرباً من التوكيد لما جازت زيادته البتة، كما أنه لولا قوة العلم بمكانه لما جاز حذفه البتة (٤)، وإذا كان الأمر كذلك فقد علمنا من هذا أنا (٥) متى رأيناهم قد (٦) زادوا فقد أرادوا غاية التوكيد (٧)، كما أنا إذا رأيناهم قد حذفوا حرفاً فقد أرادوا غاية الاختصار، ولولا ذلك الذي أجمعوا عليه واعتزموه (٨)، لما استجازوا زيادة ما الغرض فيه الإيجاز، وحذف (٩) ما وضعه على نهاية الاختصار) (١٠).
(١) قال أبو الفتح (كما قد منا) "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٦٩.
(٢) قال أبو الفتح بعده: (فاعرف هذا، فأن أبا علي حكاه عن الشيخ أبي بكر -يريد ابن سراج - رحمهما الله-، وهو نهاية في معناه، ولولا أن الحرف إذا زيد... إلخ) "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٧٠.
(٣) في (ب): (ولو).
(٤) عند أبي الفتح: (لما جاز حذفه البتة، فإنما جاز فيه الحذف والزيادة من حيث أريتك، على ما به من ضعف القياس، وإذا كان الأمر كذلك..) "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٧٠.
(٥) عند أبي الفتح (أننا)، ١/ ٢٧٠.
(٦) في (ب): (فقد).
(٧) في (ب): (للتوكيد).
(٨) في (ب): (واعترفوه).
(٩) عند أبي الفتح (ولا حذف) وفي الحاشية (لا) سقطت من (ب، ل، ش) "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٧٠. لعل الواحدي اعتمد على إحدى هذِه النسخ.
(١٠) انتهى ما نقله من "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٦٩ - ٢٧٠.
(٢) قال أبو الفتح بعده: (فاعرف هذا، فأن أبا علي حكاه عن الشيخ أبي بكر -يريد ابن سراج - رحمهما الله-، وهو نهاية في معناه، ولولا أن الحرف إذا زيد... إلخ) "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٧٠.
(٣) في (ب): (ولو).
(٤) عند أبي الفتح: (لما جاز حذفه البتة، فإنما جاز فيه الحذف والزيادة من حيث أريتك، على ما به من ضعف القياس، وإذا كان الأمر كذلك..) "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٧٠.
(٥) عند أبي الفتح (أننا)، ١/ ٢٧٠.
(٦) في (ب): (فقد).
(٧) في (ب): (للتوكيد).
(٨) في (ب): (واعترفوه).
(٩) عند أبي الفتح (ولا حذف) وفي الحاشية (لا) سقطت من (ب، ل، ش) "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٧٠. لعل الواحدي اعتمد على إحدى هذِه النسخ.
(١٠) انتهى ما نقله من "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٦٩ - ٢٧٠.
241
فإن قيل على هذا، فهل للقرآن مثل حتى يقال: ائت بمثله؟. قيل: أما في مقدور الله فنعم، وأما في مقدور البشر فلا، ولذلك (١) صح أنه معجز والذي وقع به التحدي هو هذا النظم المخصوص والقراءة المعهودة، وهي مخلوقة (٢)، وما كان منظوماً مؤلفاً، فمن الواجب أن يكون له في قدرة الله
(١) في (ب): (وكذلك).
(٢) هذا الكلام فيه إيهام وإشكال، حيث إن قوله: (والقراءة المعهودة، وهي مخلوقة) في احتمالان:
أحدهما: أن يكون قوله: (والقراءة المعهودة مخلوقة) مستأنف -وهي كالجملة المعترضة- وعلى هذا الاحتمال: إن قصد بالقراءة. المقروء فهو باطل، لأن معناه القول بخلق القرآن، وإن قصد بالقراءة صوت القارئ فقوله: (وهي مخلوقة) صحيح، لكن إطلاق هذِه العبارة بدعة لم يستعملها السلف. وكان يمكن حمل كلام الواحدي على هذا، لولا قوله فيما بعد: (وما كان منظوما مؤلفا فمن الواجب أن يكون له في قدرة الله أمثال (فكأنه أراد الخلق، بينما الكلام صفة لله تعالى، والله يتكلم إذا شاء متى شاء.
ثانيهما: أن يكون قوله: (والقراءة المعهودة) معطوف على قوله: (النظم المخصوص) فيكون قوله: (وهي مخلوقة) راجع إلى النظم والقراءة، وهذا على رأي الأشاعرة الذين يقولون بقدم الكلام النفسي، أما القرآن المتلو فهو عندهم حادث مخلوق، ولذلك صرح الإيجي في (المواقف) بأنهم يوافقون المعتزلة في أنه مخلوق قال: (قالت المعتزلة: أصوات وحروف يخلقها الله في غيره كاللوح المحفوظ، أو جبريل أو النبي، وهو حادث..) ثم قال: (ونحن لا ننكره) وقال: (فاعلم أن ما يقوله المعتزلة وهو خلق الأصوات والحروف وكونها حادثة قائمة فنحن نقول به، ولا نزل بيننا وبينهم في ذلك...) "المواقف": ص ٢٩٣ - ٢٩٤. وجمهور المفسرين وفي مقدمتهم ابن جرير على أن المراد: من مثله في (البيان)، لأنه نزل بلسان عربي مبين، فكلام العرب له مثل في معنى العربية، وأما المعنى الذي باين به القرآن سائر كلام المخلوقين فلا مثل له من ذلك الوجه، ولا =
(٢) هذا الكلام فيه إيهام وإشكال، حيث إن قوله: (والقراءة المعهودة، وهي مخلوقة) في احتمالان:
أحدهما: أن يكون قوله: (والقراءة المعهودة مخلوقة) مستأنف -وهي كالجملة المعترضة- وعلى هذا الاحتمال: إن قصد بالقراءة. المقروء فهو باطل، لأن معناه القول بخلق القرآن، وإن قصد بالقراءة صوت القارئ فقوله: (وهي مخلوقة) صحيح، لكن إطلاق هذِه العبارة بدعة لم يستعملها السلف. وكان يمكن حمل كلام الواحدي على هذا، لولا قوله فيما بعد: (وما كان منظوما مؤلفا فمن الواجب أن يكون له في قدرة الله أمثال (فكأنه أراد الخلق، بينما الكلام صفة لله تعالى، والله يتكلم إذا شاء متى شاء.
ثانيهما: أن يكون قوله: (والقراءة المعهودة) معطوف على قوله: (النظم المخصوص) فيكون قوله: (وهي مخلوقة) راجع إلى النظم والقراءة، وهذا على رأي الأشاعرة الذين يقولون بقدم الكلام النفسي، أما القرآن المتلو فهو عندهم حادث مخلوق، ولذلك صرح الإيجي في (المواقف) بأنهم يوافقون المعتزلة في أنه مخلوق قال: (قالت المعتزلة: أصوات وحروف يخلقها الله في غيره كاللوح المحفوظ، أو جبريل أو النبي، وهو حادث..) ثم قال: (ونحن لا ننكره) وقال: (فاعلم أن ما يقوله المعتزلة وهو خلق الأصوات والحروف وكونها حادثة قائمة فنحن نقول به، ولا نزل بيننا وبينهم في ذلك...) "المواقف": ص ٢٩٣ - ٢٩٤. وجمهور المفسرين وفي مقدمتهم ابن جرير على أن المراد: من مثله في (البيان)، لأنه نزل بلسان عربي مبين، فكلام العرب له مثل في معنى العربية، وأما المعنى الذي باين به القرآن سائر كلام المخلوقين فلا مثل له من ذلك الوجه، ولا =
242
أمثال، ولو لم يكن له مثل مقدور، لم يصح التحدي به، ألا ترى أن [التحدي لأن يأتوا بمثل القديم محال. لأنه لا مثل له.
ويجوز أن] (١) يكون (٢) الكناية في مثله يعود إلى قوله: ﴿عَلَى عَبْدِنَا﴾ وهو النبي ﷺ ومعناه: فأتوا بسورة من رجل أميّ، لا يحسن الخط والكتابة ولم يدرس الكتب (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ﴾. (الشهداء): جمع شهيد والشهيد يجوز أن يكون بمعنى: مشاهد كالجليس والشريب (٤) والأكيل والشريك، ويجوز أن يكون بمعنى: شاهد كالعليم (٥) والعالم، والقدير القادر، ويجوز أن يكون بمعنى: مشهود فعيل بمعنى مفعول، والشهود: الحضور، ومنه قوله تعالى ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] أي حضر، والمشاهد للشيء: الحاضر عنده، وسمي الشاهد شاهداً: لأنه يخبر عما شاهد (٦)
ويجوز أن] (١) يكون (٢) الكناية في مثله يعود إلى قوله: ﴿عَلَى عَبْدِنَا﴾ وهو النبي ﷺ ومعناه: فأتوا بسورة من رجل أميّ، لا يحسن الخط والكتابة ولم يدرس الكتب (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ﴾. (الشهداء): جمع شهيد والشهيد يجوز أن يكون بمعنى: مشاهد كالجليس والشريب (٤) والأكيل والشريك، ويجوز أن يكون بمعنى: شاهد كالعليم (٥) والعالم، والقدير القادر، ويجوز أن يكون بمعنى: مشهود فعيل بمعنى مفعول، والشهود: الحضور، ومنه قوله تعالى ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] أي حضر، والمشاهد للشيء: الحاضر عنده، وسمي الشاهد شاهداً: لأنه يخبر عما شاهد (٦)
= نظير ولا شبيه. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٦٥، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠١ - ٢٠٢، والنسفي في "تفسيره" ١/ ٢٨، والبيضاوي في "تفسيره" ١/ ١٥، والخازن "تفسيره"١/ ٨٩ ضمن مجموعة من التفاسير.
(١) مابين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) في (ب): (تكون).
(٣) سبق ذكر هذا القول انظر الهامش: ٢/ ٢٤١. والقول الأول هو قول جمهور المفسرين. انظر "الطبري" ١/ ١٦٥. وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٦٣.
(٤) في (أ) و (ج): (السريب)، وفي "الوسيط" للواحدي (الشريب) ١/ ٥٩.
(٥) في (ب): (كالعلم).
(٦) انظر. "تفسير الطبري" ١/ ١٦٧. "تهذيب اللغة" (شهد) ٢/ ١٩٤٢. "معجم مقاييس اللغة" (شهد) ٣/ ٢٢١. "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي: ص ١٣٢. "مفردات الراغب" ص ٢٦٨. "اللسان" (شهد) ٤/ ٢٣٤٨.
(١) مابين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) في (ب): (تكون).
(٣) سبق ذكر هذا القول انظر الهامش: ٢/ ٢٤١. والقول الأول هو قول جمهور المفسرين. انظر "الطبري" ١/ ١٦٥. وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٦٣.
(٤) في (أ) و (ج): (السريب)، وفي "الوسيط" للواحدي (الشريب) ١/ ٥٩.
(٥) في (ب): (كالعلم).
(٦) انظر. "تفسير الطبري" ١/ ١٦٧. "تهذيب اللغة" (شهد) ٢/ ١٩٤٢. "معجم مقاييس اللغة" (شهد) ٣/ ٢٢١. "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي: ص ١٣٢. "مفردات الراغب" ص ٢٦٨. "اللسان" (شهد) ٤/ ٢٣٤٨.
243
وسيأتي بيان معنى: الشهيد الذي قتل في سبيل الله، والشهادة على الشيء فيما بعد (١).
فأما التفسير، فقال ابن عباس: (شهداءكم) يعني: أعوانكم وأنصاركم الذين يظاهرونكم على تكذيبكم (٢). فعل هذا القول (الشهيد) بمعنى: المشاهد (٣)، وسمى أعوانهم شهداء، لأنهم يشاهدونهم عند المعاونة (٤)، وهذا القول اختيار أبي إسحاق (٥)، لأنه قال في تفسيره: ادعوا من رجوتم معونته (٦). و (الدعاء) على هذا القول بمعنى: الاستعانة، والعرب كثيراً ما تستعمل (الدعاء) في معنى الاستعانة، وذلك أن الإنسان إذا إستعان بغيره دعاه (٧)، فلما كان في الاستعانة يحتاج إلى الدعاء، سمى الاستعانة دعاء (٨).
من ذلك قول الشاعر:
فأما التفسير، فقال ابن عباس: (شهداءكم) يعني: أعوانكم وأنصاركم الذين يظاهرونكم على تكذيبكم (٢). فعل هذا القول (الشهيد) بمعنى: المشاهد (٣)، وسمى أعوانهم شهداء، لأنهم يشاهدونهم عند المعاونة (٤)، وهذا القول اختيار أبي إسحاق (٥)، لأنه قال في تفسيره: ادعوا من رجوتم معونته (٦). و (الدعاء) على هذا القول بمعنى: الاستعانة، والعرب كثيراً ما تستعمل (الدعاء) في معنى الاستعانة، وذلك أن الإنسان إذا إستعان بغيره دعاه (٧)، فلما كان في الاستعانة يحتاج إلى الدعاء، سمى الاستعانة دعاء (٨).
من ذلك قول الشاعر:
(١) ذكر معنى الشهيد عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٠]، "البسيط" ١/ ل ٢٠٩ من "النسخة الأزهرية".
(٢) أخرجه ابن جرير بسنده عن ابن عباس في "تفسيره" ١/ ١٦٦. وابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٦٤. وذكره السيوطي في "الدر" ١/ ٧٧. وانظر "زاد المسير" ١/ ٥١. "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٢ - ٢٠٣.
(٣) في (ب): (الشاهد).
(٤) انظر "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٦٦، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٣، (غريب القرآن) لابن قتيبة: ١/ ٢٦، "زاد المسير" ١/ ٥١.
(٥) أي: الزجاج.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٦.
(٧) في (ب): (وعاه).
(٨) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٧ أ، وأبي الليث في "تفسيره" ١/ ١٠٢. "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢٠٠. "زاد المسير" ١/ ٥٠.
(٢) أخرجه ابن جرير بسنده عن ابن عباس في "تفسيره" ١/ ١٦٦. وابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٦٤. وذكره السيوطي في "الدر" ١/ ٧٧. وانظر "زاد المسير" ١/ ٥١. "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٢ - ٢٠٣.
(٣) في (ب): (الشاهد).
(٤) انظر "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٦٦، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٣، (غريب القرآن) لابن قتيبة: ١/ ٢٦، "زاد المسير" ١/ ٥١.
(٥) أي: الزجاج.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٦.
(٧) في (ب): (وعاه).
(٨) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٧ أ، وأبي الليث في "تفسيره" ١/ ١٠٢. "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢٠٠. "زاد المسير" ١/ ٥٠.
244
| دَعَوْتُ بني قَيْس إليَّ فَشَمَّرَتْ | خَنَاذِيذُ مِنْ سَعْدٍ طِوَالُ السَّواعِدِ (١) |
وقالت امرأة من طيء:
| دَعَا دَعْوَةً يَوْمَ الشَّرى يَالَ مَالِكٍ | ومَنْ لا يُجِبْ عِنْدَ الحَفِيظَة يُكْلَمِ (٢) |
وقال الفراء: يريد (آلهتهم)، يقول: استغيثوا بهم، وهو كقولك للرجل: إذا لقيت العدو خاليا فادع المسلمين، معناه استغث (٣) بالمسلمين (٤).
(١) ورد البيت في "ديوان الحماسة" بشرح المرزوقي، وعزاه لبعض بنى فقعس ٢/ ٤٩٨، وورد في "البيان والتبيين"، وقال: قال القيسي، ٢/ ١١، وفي "الحيوان" وقال: قول بعض القيسيين من قيس بن ثعلبة ١/ ١٣٤، ومعنى البيت: يقول استغثت بهؤلاء القوم، فهب رجال لنصرتي كأنهم فحول، و (الخناذيذ): الكرام من الخيل، استعارها للكرام من الرجال.
(٢) ورد البيت في "ديوان الحماسة" بشرح المرزوقي ١/ ٢١١، "معجم ما استعجم من البلدان" ٣/ ٧٨٥، "معجم البلدان" ٣/ ٣٣٠، وكلهم نسبوه لامرأة من طيئ. قيل: هي بنت بهدل بن قرفة الطائي، أحد لصوص العرب في زمن عبد الملك بن مروان. و (الشرى): مكان وقعت فيه الوقعة المذكورة، و (الحفيظة) الخصلة التي يحفظ الإنسان عندها أي يغضب. و (يكلم): يقتل أو يغلب.
(٣) في (أ) و (ج): (استغيث) وأثبت ما في (ب) لأنه أصوب، ومثله ورد في "معاني القرآن" للفراء.
(٤) في (ب): (بالمسلمين فمعناه). وبهذا انتهى كلام الفراء. انظر: "معاني القرآن" ١/ ١٩.
(٢) ورد البيت في "ديوان الحماسة" بشرح المرزوقي ١/ ٢١١، "معجم ما استعجم من البلدان" ٣/ ٧٨٥، "معجم البلدان" ٣/ ٣٣٠، وكلهم نسبوه لامرأة من طيئ. قيل: هي بنت بهدل بن قرفة الطائي، أحد لصوص العرب في زمن عبد الملك بن مروان. و (الشرى): مكان وقعت فيه الوقعة المذكورة، و (الحفيظة) الخصلة التي يحفظ الإنسان عندها أي يغضب. و (يكلم): يقتل أو يغلب.
(٣) في (أ) و (ج): (استغيث) وأثبت ما في (ب) لأنه أصوب، ومثله ورد في "معاني القرآن" للفراء.
(٤) في (ب): (بالمسلمين فمعناه). وبهذا انتهى كلام الفراء. انظر: "معاني القرآن" ١/ ١٩.
245
فالدعاء هاهنا بمعنى الاستغاثة (١) والاستعانة قريب من السواء، وعلى هذا (شهيد) بمعنى مشهود، وآلهتهم كانت مشهودة لهم، لأنهم كانوا يشهدونها ويحضرونها.
وروى عن مجاهد والقرظي (٢) في قوله: ﴿وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ﴾ أي: ناسا يشهدون لكم على صدق (٣) ما قلتم وما تأتون به من معارضة للقرآن (٤). فإن قيل: كان يمكنهم أن يعارضوه بما هو دونه في الفصاحة ثم يأتوا بقوم يشهدون لهم بالباطل أنه مثل القرآن.
قيل: إن الله سبحانه أعجز الخلق عن الإتيان بمثل القرآن، وصرفهم أيضًا عن (٥) الشهادة على ما هو باطل وفاسد بأنه مثل القرآن، ألا ترى أنه لم يوجد منهم هذا (٦)،
وروى عن مجاهد والقرظي (٢) في قوله: ﴿وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ﴾ أي: ناسا يشهدون لكم على صدق (٣) ما قلتم وما تأتون به من معارضة للقرآن (٤). فإن قيل: كان يمكنهم أن يعارضوه بما هو دونه في الفصاحة ثم يأتوا بقوم يشهدون لهم بالباطل أنه مثل القرآن.
قيل: إن الله سبحانه أعجز الخلق عن الإتيان بمثل القرآن، وصرفهم أيضًا عن (٥) الشهادة على ما هو باطل وفاسد بأنه مثل القرآن، ألا ترى أنه لم يوجد منهم هذا (٦)،
(١) وممن قال الدعاء هاهنا بمعنى الاستغاثة: ابن قتيبة في "غريب القرآن": ص ٢٦، وانظر: "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٦٧، "زاد المسير" ١/ ٤٩.
(٢) هو محمد بن كعب القرظي، تابعي، ولد في حياة النبي ﷺ كان عالما بالتفسير، سقط عليه سقف المسجد فمات سنة مائة وثمان، وقيل: سنة سبع عشرة، وقيل: سنة عشرين ومائة. انظر "تهذيب التهذيب" ٣/ ٦٨٤، "غاية النهاية في طبقات القراء" ٢/ ٢٣٣.
(٣) (صدق) ساقط من (ج).
(٤) ذكره الثعلبي في (تفسيره) ١/ ٥٧ أ، والرواية عن مجاهد أخرجها "الطبري" من عدة طرق ١/ ١٦٧، وابن أبي حاتم ١/ ٦٤، وذكرها ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٥١، وابن كثير ١/ ٦٣.
(٥) في (ب): (على).
(٦) عبارة الواحدي فيها إيهام حيث قال: (أعجز الخلق عن الإتيان بمثل القرآن...) ثم عطف عليه وقال: (وصرفهم -أيضاً- عن الشهادة على ما هو باطل)، فقوله (أعجز) إن كان بمعنى: (تحدي) فصحيح، وإن كان بمعنى (منع) فباطل، إذ حقيقة =
(٢) هو محمد بن كعب القرظي، تابعي، ولد في حياة النبي ﷺ كان عالما بالتفسير، سقط عليه سقف المسجد فمات سنة مائة وثمان، وقيل: سنة سبع عشرة، وقيل: سنة عشرين ومائة. انظر "تهذيب التهذيب" ٣/ ٦٨٤، "غاية النهاية في طبقات القراء" ٢/ ٢٣٣.
(٣) (صدق) ساقط من (ج).
(٤) ذكره الثعلبي في (تفسيره) ١/ ٥٧ أ، والرواية عن مجاهد أخرجها "الطبري" من عدة طرق ١/ ١٦٧، وابن أبي حاتم ١/ ٦٤، وذكرها ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٥١، وابن كثير ١/ ٦٣.
(٥) في (ب): (على).
(٦) عبارة الواحدي فيها إيهام حيث قال: (أعجز الخلق عن الإتيان بمثل القرآن...) ثم عطف عليه وقال: (وصرفهم -أيضاً- عن الشهادة على ما هو باطل)، فقوله (أعجز) إن كان بمعنى: (تحدي) فصحيح، وإن كان بمعنى (منع) فباطل، إذ حقيقة =
246
ولو أمكنهم ذلك (١) لفعلوا، ولا ترى للقرآن معارضة بوجه سواء كان فصيحاً أو ركيكاً، إلا شهد المخالف والموافق (٢) بركاكته. وعلى هذا القول (٣) (شهيد) بمعنى: شاهد.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. (دون) يرد في الكلام على معان كثيرة (٤)، يكون بمعنى: (قبل) كقولك: دون النهر قتال. ودون قتل الأسد أهوال، وقمت دون فلان، إذا نضحت عنه (٥)، ومنه قول
وقوله تعالى: ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. (دون) يرد في الكلام على معان كثيرة (٤)، يكون بمعنى: (قبل) كقولك: دون النهر قتال. ودون قتل الأسد أهوال، وقمت دون فلان، إذا نضحت عنه (٥)، ومنه قول
= ذلك القول بالصرفة، وهو قول النظام من المعتزلة حيث قال: إن الله صرف العرب عن معارضته وسلب عقولهم، وكان مقدورا لهم، ولكن عاقهم أمر خارجي، وهذا القول مردود عند جماهير العلماء، انظر: "البرهان" ٢/ ٩٣ - ٩٤، "البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن": ص ٥٣.
(١) (ذلك) ساقط من (ج).
(٢) (الموافق) ساقط من (ب).
(٣) أي قول المجاهد: ادعوا ناسا يشهدون لكم. وقد ضعف ابن جرير هذا القول، وقال. لا وجه له، وقال: إن القوم كانوا على عهد رسول الله ﷺ ثلاثة أصناف، أهل إيمان صحيح، وأهل كفر صحيح، وأهل نفاق، فأهل الإيمان من المحال أن يدعي الكفار أنهم لهم شهداء، فمن أي الفريقين يكون شهداؤهم؟ انظر. "تفسير الطبري" ١/ ١٦٧.
(٤) ذكر هذِه (المعاني) مفصلة الأزهري حيث قال: لـ (دون) تسعة معان، ثم أخذ في شرحها كما نقل المؤلف هنا، انظر: "التهذيب" ٢/ ١٢٤٩، وانظر: "البرهان" ٤/ ٢٧٥، "الإتقان" ٢/ ٢٣٥، "اللسان" (دون) ٣/ ١٤٦٠. قال السمين الحلبيّ:
(٥) "تهذيب اللغة" (دون) ٢/ ١٢٤٩.
(١) (ذلك) ساقط من (ج).
(٢) (الموافق) ساقط من (ب).
(٣) أي قول المجاهد: ادعوا ناسا يشهدون لكم. وقد ضعف ابن جرير هذا القول، وقال. لا وجه له، وقال: إن القوم كانوا على عهد رسول الله ﷺ ثلاثة أصناف، أهل إيمان صحيح، وأهل كفر صحيح، وأهل نفاق، فأهل الإيمان من المحال أن يدعي الكفار أنهم لهم شهداء، فمن أي الفريقين يكون شهداؤهم؟ انظر. "تفسير الطبري" ١/ ١٦٧.
(٤) ذكر هذِه (المعاني) مفصلة الأزهري حيث قال: لـ (دون) تسعة معان، ثم أخذ في شرحها كما نقل المؤلف هنا، انظر: "التهذيب" ٢/ ١٢٤٩، وانظر: "البرهان" ٤/ ٢٧٥، "الإتقان" ٢/ ٢٣٥، "اللسان" (دون) ٣/ ١٤٦٠. قال السمين الحلبيّ:
| (دون) من ظروف الأمكنة، ولا تتصرف على المشهور إلا بالجر بـ (من)، وزعم الأخفش أنها متصرفة.. وهو من الأسماء اللازمة للإضافة | وأما (دون) التي بمعنى رديء فتلك صفة كسائر الصفات.. وليست مما نحن فيه. "الدر المصون" ١/ ٢٠٢. |
247
الحارثي (١):
......... وأنَّى تَخَلَّصَتْ... إليَّ وبابُ السَّجْنِ دُونِيَ مُغْلَقُ (٢)
ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: "المقتول دون ماله شهيد" (٣).
ويكون (دون) بمعنى: (وراء)، كقولك: (هو أمير على ما دون جَيْحُون) (٤)، أي على ما وراءه (٥). ويكون بمعنى: (تحت)، يقال: هو
......... وأنَّى تَخَلَّصَتْ... إليَّ وبابُ السَّجْنِ دُونِيَ مُغْلَقُ (٢)
ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: "المقتول دون ماله شهيد" (٣).
ويكون (دون) بمعنى: (وراء)، كقولك: (هو أمير على ما دون جَيْحُون) (٤)، أي على ما وراءه (٥). ويكون بمعنى: (تحت)، يقال: هو
(١) في (ج): (الحاوي). والحارثي هو جعفر بن علبة، بضم العين، ينتهي نسبه إلى كعب ابن الحارث، شاعر غزل مقل، عاش في الدولة الأموية وأدرك العباسية. انظر: "الخزانة" ١٠/ ٣١٠.
(٢) البيت من قصيدة لجعفر بن علبة وصدره:
عَجِبْتُ لمسْرَاها وأنَّى تَخَلَّصَتْ
يقول: عجبت من سير هذا الخيال إلي مع أن باب السجن موثق بيني وبينها. أورد القصيدة أبو تمام في "ديوان الحماسة" ١/ ٥١ - ٥٢، بشرح المرزوقي، والبغدادي في "الخزانة" ١٠/ ٣٠٧.
(٣) أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو "من قتل دون ماله فهو شهيد" البخاري في كتاب المظالم، باب من قتل دون ماله، حديث رقم (٢٤٨٠). ومسلم (١٤١) كتاب الإيمان، باب: هدر دم من قصد أخذ مال غيره بغير حق. وأخرجه أحمد في "مسنده" ٢/ ٢٢١ - ٢٢٣. مع بعض الاختلاف في لفظه، وأبو داود عن سعيد بن زيد بنحو لفظ البخاري ومسلم، (٤٧٧٢) كتاب السنة، باب قتال اللصوص، والترمذي عن سعيد بن زيد وعبد الله بن عمرو (١٤١٩) (أبواب الديات)، باب ما جاء فيمن قتل دون ماله فهو شهيد، والنسائي عن عبد الله بن عمرو في كتاب تحريم الدم، باب من قتل دون ماله ٧/ ١١٤، وابن ماجه عن سعيد بن زيد وعن عبد الله بن عمرو، وأبي هريرة بلفظ آخر، في (٢٥٨٠) كتاب الحدود، باب من قتل دون ماله فهو شهيد).
(٤) (جيحون) نهر عظيم في خراسان. انظر: "معجم البلدان" ٢/ ١٩٦.
(٥) "التهذيب" ٢/ ١٢٤٩، "اللسان" ٣/ ١٤٦٠.
(٢) البيت من قصيدة لجعفر بن علبة وصدره:
عَجِبْتُ لمسْرَاها وأنَّى تَخَلَّصَتْ
يقول: عجبت من سير هذا الخيال إلي مع أن باب السجن موثق بيني وبينها. أورد القصيدة أبو تمام في "ديوان الحماسة" ١/ ٥١ - ٥٢، بشرح المرزوقي، والبغدادي في "الخزانة" ١٠/ ٣٠٧.
(٣) أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو "من قتل دون ماله فهو شهيد" البخاري في كتاب المظالم، باب من قتل دون ماله، حديث رقم (٢٤٨٠). ومسلم (١٤١) كتاب الإيمان، باب: هدر دم من قصد أخذ مال غيره بغير حق. وأخرجه أحمد في "مسنده" ٢/ ٢٢١ - ٢٢٣. مع بعض الاختلاف في لفظه، وأبو داود عن سعيد بن زيد بنحو لفظ البخاري ومسلم، (٤٧٧٢) كتاب السنة، باب قتال اللصوص، والترمذي عن سعيد بن زيد وعبد الله بن عمرو (١٤١٩) (أبواب الديات)، باب ما جاء فيمن قتل دون ماله فهو شهيد، والنسائي عن عبد الله بن عمرو في كتاب تحريم الدم، باب من قتل دون ماله ٧/ ١١٤، وابن ماجه عن سعيد بن زيد وعن عبد الله بن عمرو، وأبي هريرة بلفظ آخر، في (٢٥٨٠) كتاب الحدود، باب من قتل دون ماله فهو شهيد).
(٤) (جيحون) نهر عظيم في خراسان. انظر: "معجم البلدان" ٢/ ١٩٦.
(٥) "التهذيب" ٢/ ١٢٤٩، "اللسان" ٣/ ١٤٦٠.
248
دونه، أي تحته (١). ويكون بمعنى: (غير)، يقال: هذا دون ما ذكرت، أي غيره، قال الله تعالى ﴿وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ﴾ [الأنبياء: ٨٢] يريد غير الغوص من البناء وغيره، والذي في هذه الآية بمعنى: غير (٢).
ويكون (دون) بمعنى: (خذ) وهو بمعنى الإغراء، يقال: دونك زيدا، أي خذه (٣)، قال الشاعر:
يَا أيَّها المَائِحُ دَلْوِي دُوَنكَا (٤)
ويكون بمعنى: (الوعيد)، كقولك: دونك فتمرس بي (٥).
قال الشاعر:
ويكون (دون) بمعنى: (القريب)، يقال: اُدن دونك، أي اقترب (٧)، قال زهير بن جناب (٨):
ويكون (دون) بمعنى: (خذ) وهو بمعنى الإغراء، يقال: دونك زيدا، أي خذه (٣)، قال الشاعر:
يَا أيَّها المَائِحُ دَلْوِي دُوَنكَا (٤)
ويكون بمعنى: (الوعيد)، كقولك: دونك فتمرس بي (٥).
قال الشاعر:
| فَدُوَنُكما فَمَا قَيْسٌ بِشَحْمٍ | لمُخْتَلِس وَلاَ فقعٍ بِقَاع (٦) |
(١) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٤٩. "اللسان" ٣/ ١٤٦٠.
(٢) في "تهذيب اللغة": عن الفراء: (.... ودون ذلك الغوص يريد سوى الغوص، من البناء..)، (التهذيب) ٢/ ١٢٤٩، انظر "اللسان" ٣/ ١٤٦٠.
(٣) "تهذيب اللغة" تكون بمعنى الأمر دونك الدرهم أن خذه وفي الإغراء دونك زيداً أي الزم زيدًا في حفظه.
(٤) سبق البيت وتخريجه: الفاتحة: ٢، والشاهد فيه هنا: أنه استعمل (دون) بمعنى خذ، أي خذ دلوي، انظر: "مغني اللبيب" ٢/ ٦١٨، ٦٠٩، "الخزانة" ٦/ ٢٠٠.
(٥) في "التهذيب": (الوعيد كقولك: دونك صراعي، ودونك فتمرس بي)، ٢/ ١٢٤٩، "اللسان" دون ٣/ ١٤٦٠.
(٦) لم أعثر عليه، ولم أعرف قائله.
(٧) ذكره الأزهري عن شمر عن أبن الأعرابي، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٤٩، وانظر "اللسان" ٣/ ١٤٦٠.
(٨) في (ب): (حباب)، وفي "تهذيب اللغة" (خباب) ٢/ ١٢٤٩، ومثله في "اللسان" =
(٢) في "تهذيب اللغة": عن الفراء: (.... ودون ذلك الغوص يريد سوى الغوص، من البناء..)، (التهذيب) ٢/ ١٢٤٩، انظر "اللسان" ٣/ ١٤٦٠.
(٣) "تهذيب اللغة" تكون بمعنى الأمر دونك الدرهم أن خذه وفي الإغراء دونك زيداً أي الزم زيدًا في حفظه.
(٤) سبق البيت وتخريجه: الفاتحة: ٢، والشاهد فيه هنا: أنه استعمل (دون) بمعنى خذ، أي خذ دلوي، انظر: "مغني اللبيب" ٢/ ٦١٨، ٦٠٩، "الخزانة" ٦/ ٢٠٠.
(٥) في "التهذيب": (الوعيد كقولك: دونك صراعي، ودونك فتمرس بي)، ٢/ ١٢٤٩، "اللسان" دون ٣/ ١٤٦٠.
(٦) لم أعثر عليه، ولم أعرف قائله.
(٧) ذكره الأزهري عن شمر عن أبن الأعرابي، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٤٩، وانظر "اللسان" ٣/ ١٤٦٠.
(٨) في (ب): (حباب)، وفي "تهذيب اللغة" (خباب) ٢/ ١٢٤٩، ومثله في "اللسان" =
249
وَإِنْ عِفْتَ هذا فَادْنُ دُوَنكَ إنَّني... قَلِيلُ الغِرَارِ والشَّرِيجُ شِعَارِي (١)
(الشريج) القوس، وقول الأعشى:
يَزِيدُ يَغُضُّ الطَّرْفَ دُونِي... (٢)
قال أبو الهيثم: أي: فيما بيني وبينه من المكان، يقال: اُدن دونك، أي: اقترب مني فيما بيني وبينك (٣).
ويكون (دون) بمعنى: (الخسيس) من قولهم: رجل دون، أي خسيس، ولم يصرّف فعله (٤).
ويكون بمعنى: (أقل من ذا) (٥)، كقولك: يكفيني (٦) دون هذا.
فأما قوله في هذه الآية: ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ أي غير الله (٧)، كما يقال: ما دون الله مخلوق، يريد: وادعوا من اتخذتموه معاونين من غير الله على
(الشريج) القوس، وقول الأعشى:
يَزِيدُ يَغُضُّ الطَّرْفَ دُونِي... (٢)
قال أبو الهيثم: أي: فيما بيني وبينه من المكان، يقال: اُدن دونك، أي: اقترب مني فيما بيني وبينك (٣).
ويكون (دون) بمعنى: (الخسيس) من قولهم: رجل دون، أي خسيس، ولم يصرّف فعله (٤).
ويكون بمعنى: (أقل من ذا) (٥)، كقولك: يكفيني (٦) دون هذا.
فأما قوله في هذه الآية: ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ أي غير الله (٧)، كما يقال: ما دون الله مخلوق، يريد: وادعوا من اتخذتموه معاونين من غير الله على
= ٣/ ١٤٦٠. وهو زهير بن جناب الكلبي شاعر جاهلي قديم، من المعمرين، انظر ترجمته في: "الشعراء والشعراء" ١٧/ ٢٤٠. "طبقات الشعراء" للجمحي: ص ٣٧.
(١) ورد البيت في "تهذيب اللغة" (دون) ٢/ ١٢٤٩، "اللسان" (دون) ٣/ ١٤٦٠، وقوله: (الغرار): النوم، و (الشريج): القوس.
(٢) البيت من قصيدة للأعشى يهجو يزيد بن مسهر الشيباني، والبيت:
يزيد يغض الطرف دوني كأنما... زوى بين عينيه عليّ المحاجم
انظر. "ديوانه": ص ١٧٨، "تهذيب اللغة" (دون) ٢/ ١٢٤٩، "اللسان" (دون) ٣/ ١٤٦٠.
(٣) "تهذيب اللغة" (دون) ٢/ ١٢٤٩، "اللسان" ٣/ ١٤٦٠.
(٤) ذكر الأزهري نحوه عن الفراء وعن الأصمعي، "تهذيب اللغة" (دون) ٢/ ١٢٤٩، وانظر: "اللسان" ٣/ ١٤٦٠.
(٥) ذكره الأزهري عن سلمة عن الفراء، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٤٩، "اللسان" ٣/ ١٤٦٠.
(٦) في (ب): (يلقني).
(٧) انظر: "الطبري" ١/ ١٦٧، "القرطبي" ١/ ٢٠٠، "الدر المصون" ١/ ٢٠١.
(١) ورد البيت في "تهذيب اللغة" (دون) ٢/ ١٢٤٩، "اللسان" (دون) ٣/ ١٤٦٠، وقوله: (الغرار): النوم، و (الشريج): القوس.
(٢) البيت من قصيدة للأعشى يهجو يزيد بن مسهر الشيباني، والبيت:
يزيد يغض الطرف دوني كأنما... زوى بين عينيه عليّ المحاجم
انظر. "ديوانه": ص ١٧٨، "تهذيب اللغة" (دون) ٢/ ١٢٤٩، "اللسان" (دون) ٣/ ١٤٦٠.
(٣) "تهذيب اللغة" (دون) ٢/ ١٢٤٩، "اللسان" ٣/ ١٤٦٠.
(٤) ذكر الأزهري نحوه عن الفراء وعن الأصمعي، "تهذيب اللغة" (دون) ٢/ ١٢٤٩، وانظر: "اللسان" ٣/ ١٤٦٠.
(٥) ذكره الأزهري عن سلمة عن الفراء، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٤٩، "اللسان" ٣/ ١٤٦٠.
(٦) في (ب): (يلقني).
(٧) انظر: "الطبري" ١/ ١٦٧، "القرطبي" ١/ ٢٠٠، "الدر المصون" ١/ ٢٠١.
250
تفسير ابن عباس (١).
وعلى قول الفراء (٢) يقول: ادعوا من اتخذتم إلها من دونه.
وعلى (٣) قول القرظي ومجاهد، يقول: ادعوا من يشهد لكم دون الله، فإن الله تعالى لا يشهد (٤) لكم بالصدق، كما يشهد لمحمد، فاطلبوا غيره شهداء إن كنتم صادقين في أن هذا الكتاب يقوله محمد من نفسه، وأنه ليس من عند الله، وفي قولكم: لو أردنا لأتينا بمثله (٥).
وقال أبو علي الجرجاني (٦): نظم الآية: فأتوا بسورة من مثله من دون الله وادعوا شهداءكم، أي من مثل القرآن من غير الله، يريد أن محمدا يأتي بالقرآن من عند الله، فأتوا أنتم إن استطعتم بمثل القرآن من غير الله. قال. ومثل هذا قوله: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (٧) [هود: ١٣]، ونظمه: فأتوا بعشر سور مثله مفتريات من دون الله، وادعوا من استطعتم من الناس، معنى (ادعوا): استعينوا.
وعلى قول الفراء (٢) يقول: ادعوا من اتخذتم إلها من دونه.
وعلى (٣) قول القرظي ومجاهد، يقول: ادعوا من يشهد لكم دون الله، فإن الله تعالى لا يشهد (٤) لكم بالصدق، كما يشهد لمحمد، فاطلبوا غيره شهداء إن كنتم صادقين في أن هذا الكتاب يقوله محمد من نفسه، وأنه ليس من عند الله، وفي قولكم: لو أردنا لأتينا بمثله (٥).
وقال أبو علي الجرجاني (٦): نظم الآية: فأتوا بسورة من مثله من دون الله وادعوا شهداءكم، أي من مثل القرآن من غير الله، يريد أن محمدا يأتي بالقرآن من عند الله، فأتوا أنتم إن استطعتم بمثل القرآن من غير الله. قال. ومثل هذا قوله: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (٧) [هود: ١٣]، ونظمه: فأتوا بعشر سور مثله مفتريات من دون الله، وادعوا من استطعتم من الناس، معنى (ادعوا): استعينوا.
(١) وهو أن المراد بـ (شهدائكم) أنصاركم وأعوانكم الذين يظاهرونكم على تكذيبكم كما سبق: ٢/ ٢٤٧.
(٢) قول الفراء: (شهدائكم) آلهتكم سبق في ٢/ ٢٤٨، وانظر: "معاني القرآن" ١/ ١٩، "الدر المصون" ١/ ٢٠١.
(٣) الواو ساقطة من (أ) و (ج)، وانظر قول القرظي ومجاهد: ٢/ ٢٤٩.
(٤) في (ج): (لا شهد).
(٥) انظر: "تفسير الثعلبي"١/ ٥٧ أ، و"تفسير الطبري" ١/ ١٦٧، "الدر المصون" ١/ ٢٠١.
(٦) هو أبو علي الجرجاني صاحب "نظم القرآن"، وكتابه مفقود.
(٧) قوله: ﴿وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ﴾ ساقط من (ب).
(٢) قول الفراء: (شهدائكم) آلهتكم سبق في ٢/ ٢٤٨، وانظر: "معاني القرآن" ١/ ١٩، "الدر المصون" ١/ ٢٠١.
(٣) الواو ساقطة من (أ) و (ج)، وانظر قول القرظي ومجاهد: ٢/ ٢٤٩.
(٤) في (ج): (لا شهد).
(٥) انظر: "تفسير الثعلبي"١/ ٥٧ أ، و"تفسير الطبري" ١/ ١٦٧، "الدر المصون" ١/ ٢٠١.
(٦) هو أبو علي الجرجاني صاحب "نظم القرآن"، وكتابه مفقود.
(٧) قوله: ﴿وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ﴾ ساقط من (ب).
251
٢٤ - قوله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ الآية.
(لم) حرف يجزم الفعل المضارع، ويقع بعدها بمعنى الماضي، كما يقع الماضي بعد حرف (١) الجزاء بمعنى الاستقبال، ولهذه المشابهة بينها وبين حروف الجزاء اختير الجزم بـ (لم) (٢) وإنما جزمت حروف الشرط والجزاء، لأنها تقتضي جملتين كقولك: (إن تضرب أضرب) فلطول ما يقتضيه الشرط والجزاء (٣) اختير الجزم، لأنه حذف وتخفيف.
وأما (لن) (٤) فهي حرف قائم بنفسه، وضع لنفس الفعل المستقبل، ونصبه للفعل كنصب (أن). وليس ما بعد (لن) بصلة لها (٥)، لأن (لن يفعل) (٦) نفى سيفعل، وتُعْمِل ما بعدها فيما (٧) قبلها، كقولك: (زيدا لن أضرب) (٨).
(لم) حرف يجزم الفعل المضارع، ويقع بعدها بمعنى الماضي، كما يقع الماضي بعد حرف (١) الجزاء بمعنى الاستقبال، ولهذه المشابهة بينها وبين حروف الجزاء اختير الجزم بـ (لم) (٢) وإنما جزمت حروف الشرط والجزاء، لأنها تقتضي جملتين كقولك: (إن تضرب أضرب) فلطول ما يقتضيه الشرط والجزاء (٣) اختير الجزم، لأنه حذف وتخفيف.
وأما (لن) (٤) فهي حرف قائم بنفسه، وضع لنفس الفعل المستقبل، ونصبه للفعل كنصب (أن). وليس ما بعد (لن) بصلة لها (٥)، لأن (لن يفعل) (٦) نفى سيفعل، وتُعْمِل ما بعدها فيما (٧) قبلها، كقولك: (زيدا لن أضرب) (٨).
(١) في (ج): (حروف).
(٢) ذهب الزجاج إلى أنها جزمت الفعل بعدها، لأنها نقلته من المستقبل إلى الماضي، ولأن ما بعدها خرج من تأويل الاسم. انظر "معاني القرآن" ١/ ٦٦ - ٦٧، ونحوه قال الليث فيما نقل عنه الأزهري في "تهذيب اللغة" (لم) ٤/ ٣٢٩٤، وكذا الرماني في "معاني الحروف": ص ١٠٠. وقد رد أبو علي الفارسي قول الزجاج وأطال في بيان عدم صحته. انظر. "الإغفال". ص ٩٥ - ١٠١.
(٣) (الجزاء) ساقط (ب).
(٤) في (ب): (لم).
(٥) فلا تؤول معه بمصدر كما تؤول (أن) وما بعدها بمصدر.
(٦) (لن) ساقطة من (ب).
(٧) في (ب): (فما).
(٨) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٣٤ - ١٣٥، وانظر: "تهذيب اللغة" (لن) ٤/ ٣٣٠٣، "معاني الحروف" للرماني: ص ١٠٠، "البحر المحيط" ١/ ١٠٢، "الدر المصون" ١/ ٢٠٣.
(٢) ذهب الزجاج إلى أنها جزمت الفعل بعدها، لأنها نقلته من المستقبل إلى الماضي، ولأن ما بعدها خرج من تأويل الاسم. انظر "معاني القرآن" ١/ ٦٦ - ٦٧، ونحوه قال الليث فيما نقل عنه الأزهري في "تهذيب اللغة" (لم) ٤/ ٣٢٩٤، وكذا الرماني في "معاني الحروف": ص ١٠٠. وقد رد أبو علي الفارسي قول الزجاج وأطال في بيان عدم صحته. انظر. "الإغفال". ص ٩٥ - ١٠١.
(٣) (الجزاء) ساقط (ب).
(٤) في (ب): (لم).
(٥) فلا تؤول معه بمصدر كما تؤول (أن) وما بعدها بمصدر.
(٦) (لن) ساقطة من (ب).
(٧) في (ب): (فما).
(٨) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٣٤ - ١٣٥، وانظر: "تهذيب اللغة" (لن) ٤/ ٣٣٠٣، "معاني الحروف" للرماني: ص ١٠٠، "البحر المحيط" ١/ ١٠٢، "الدر المصون" ١/ ٢٠٣.
252
وروى سيبويه عن بعض أصحاب الخليل عنه أنه (١) قال: الأصل في (لن) (٢)، (لا أن) ولكنها حذفت تخفيفا (٣).
وزعم سيبويه أن هذا ليس بجيد، ولو كان كذلك لم يجز (زيدا لن أضرب) لأن ما بعد (أن) لا يعمل فيما قبلها، لأن ذلك يؤدي إلى تقديم الصلة على الموصول (٤).
وللخليل أن ينفصل من هذا بأن يقول: الحروف إذا ركبت خرجت عما كانت عليه، ألا ترى أن (هل) أصلها الاستفهام، ولا يجوز أن يعمل ما بعدها فيما قبلها، لو قلت (٥): (زيدا هل ضربت) لم يجز، فإذا زِيدَ (٦) على (هل) (لا)، ودخلها (٧) معنى التحضيض، جاز أن يتقدم ما بعدها عليها، كقولك: (زيدا هلا ضربت) (٨) إلا أن قول الخليل ضعيف في الجملة من
وزعم سيبويه أن هذا ليس بجيد، ولو كان كذلك لم يجز (زيدا لن أضرب) لأن ما بعد (أن) لا يعمل فيما قبلها، لأن ذلك يؤدي إلى تقديم الصلة على الموصول (٤).
وللخليل أن ينفصل من هذا بأن يقول: الحروف إذا ركبت خرجت عما كانت عليه، ألا ترى أن (هل) أصلها الاستفهام، ولا يجوز أن يعمل ما بعدها فيما قبلها، لو قلت (٥): (زيدا هل ضربت) لم يجز، فإذا زِيدَ (٦) على (هل) (لا)، ودخلها (٧) معنى التحضيض، جاز أن يتقدم ما بعدها عليها، كقولك: (زيدا هلا ضربت) (٨) إلا أن قول الخليل ضعيف في الجملة من
(١) كذا قال الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٣٤، وفي "الكتاب" (أما الخليل فزعم أنها (لا أن (..)، ٣/ ٥، وانظر: "المسائل الحلبيات": ص ٤٥، "معاني الحروف" للرماني: ص ١٠٠، "تهذيب اللغة" (لن) ٤/ ٣٣٠٣.
(٢) في (ب): (أن).
(٣) حذفت الهمزة استخفافا، ثم حذفت الألف من (لا) لالتقاء الساكنين فصارت الكلمة على حرفين، "المسائل الحلبيات": ص ٤٥.
(٤) انظر رد سيبويه على الخليل في "الكتاب" ٣/ ٥، وانظر "معاني القرآن" الزجاج ١/ ١٣٤ - ١٣٥، "المسائل الحلبيات": ص ٤٥، "معاني الحروف" للرماني: ص١٠٠، والرأي المشهور فيها كما عند سيبويه وغيره أنها حرف بسيط ثنائي غير مركب، انظر: "البحر" ١/ ١٠٢، "الدر المصون" ١/ ٢٠٤.
(٥) (قلت) ساقطة من (ب).
(٦) (فإذا زيد) ساقط من (ب).
(٧) في (ب): (ولا دخلها).
(٨) ذكر هذا الدفاع عن قول الخليل الرماني في "معاني الحروف": ص ١٠٠، ونحوه قال أبو علي في "المسائل الحلبيات": ص ٤٦.
(٢) في (ب): (أن).
(٣) حذفت الهمزة استخفافا، ثم حذفت الألف من (لا) لالتقاء الساكنين فصارت الكلمة على حرفين، "المسائل الحلبيات": ص ٤٥.
(٤) انظر رد سيبويه على الخليل في "الكتاب" ٣/ ٥، وانظر "معاني القرآن" الزجاج ١/ ١٣٤ - ١٣٥، "المسائل الحلبيات": ص ٤٥، "معاني الحروف" للرماني: ص١٠٠، والرأي المشهور فيها كما عند سيبويه وغيره أنها حرف بسيط ثنائي غير مركب، انظر: "البحر" ١/ ١٠٢، "الدر المصون" ١/ ٢٠٤.
(٥) (قلت) ساقطة من (ب).
(٦) (فإذا زيد) ساقط من (ب).
(٧) في (ب): (ولا دخلها).
(٨) ذكر هذا الدفاع عن قول الخليل الرماني في "معاني الحروف": ص ١٠٠، ونحوه قال أبو علي في "المسائل الحلبيات": ص ٤٦.
253
وجه آخر، وهو أن اللفظ متى جاء على صيغة (١) ما، وأمكن استعمال معناه لم يجز أن يعدل عن ظاهره (٢) إلى غيره من غير ضرورة تدعو إلى ذلك، فلما وجدنا (لن) (٣) معناها مفهوم بنفس لفظها، لم يجز أن يدعى أن (٤) أصلها شيء آخر من غير حجة قاطعة، ولا ضرورة (٥). ومعنى الآية: فإن لم تفعلوا فيما مضى، ولن تفعلوا فيما يستقبل أبدا (٦).
وقوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ كلام (٧) معترض بين الشرط والجواب (٨). وقد يقع الاعتراض بين الشرط والجواب كهذا، وبين المبتدأ والخبر كقولك: (زيد فافهم ما أقول رجل صدق) وبين اسم (إن) وخبرها، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ﴾ الآية [الكهف: ٣٠]. فقوله: (إنا لا نضيع) اعتراض، والخبر: (أولئك).
وقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ﴾. أي: فاحذروا أن تصلوا النار بتكذيبكم، وإنما قيل لهم هذا بعد أن ثبتت الحجة عليهم في التوحيد
وقوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ كلام (٧) معترض بين الشرط والجواب (٨). وقد يقع الاعتراض بين الشرط والجواب كهذا، وبين المبتدأ والخبر كقولك: (زيد فافهم ما أقول رجل صدق) وبين اسم (إن) وخبرها، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ﴾ الآية [الكهف: ٣٠]. فقوله: (إنا لا نضيع) اعتراض، والخبر: (أولئك).
وقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ﴾. أي: فاحذروا أن تصلوا النار بتكذيبكم، وإنما قيل لهم هذا بعد أن ثبتت الحجة عليهم في التوحيد
(١) في (ب): (صفة).
(٢) في (ب): (ظاهر).
(٣) في (ب): (إن).
(٤) (أن) ساقطة من (ج).
(٥) فتكون (لن) حرف نفي بسيط ثنائي غير مركب، ولا يعدل بها عن هذا الأصل إلا بدليل، انظر: "البحر" ١/ ١٠٢.
(٦) ذكره الثعلبي ١/ ٥٧ب، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٦٧، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٣، "زاد المسير" ١/ ٥١، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٠١.
(٧) في (ب): (الكلام).
(٨) انظر: "الكشاف" ١/ ٢٤٧، "البحر" ١/ ١٠٧، "الدر المصون" ١/ ٢٠٣.
(٢) في (ب): (ظاهر).
(٣) في (ب): (إن).
(٤) (أن) ساقطة من (ج).
(٥) فتكون (لن) حرف نفي بسيط ثنائي غير مركب، ولا يعدل بها عن هذا الأصل إلا بدليل، انظر: "البحر" ١/ ١٠٢.
(٦) ذكره الثعلبي ١/ ٥٧ب، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٦٧، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٣، "زاد المسير" ١/ ٥١، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٠١.
(٧) في (ب): (الكلام).
(٨) انظر: "الكشاف" ١/ ٢٤٧، "البحر" ١/ ١٠٧، "الدر المصون" ١/ ٢٠٣.
254
وصدق محمد ﷺ (١).
و (الفاء) في قوله: ﴿فَإِنْ لَمْ﴾ للعطف، وفي قوله: ﴿فَاَتَّقُواْ﴾ للإتباع دون العطف (٢).
وإنما (٣) اختاروا (الفاء) من قبل أن الجزاء سبيله أن يقع ثاني الشرط، وليس في جميع حروف العطف حرف يوجد هذا المعنى فيه سوى (الفاء). فدخلت (الفاء) في جواب الشرط توصلا إلى المجازاة بالجملة المركبة من المبتدأ والخبر، والكلام (٤) الذي يجوز أن يبتدأ به نحو: الأمر والنهي (٥)، فالجملة (٦) نحو قولك: (إن تحسن إليّ فالله يكافئك) لولا
و (الفاء) في قوله: ﴿فَإِنْ لَمْ﴾ للعطف، وفي قوله: ﴿فَاَتَّقُواْ﴾ للإتباع دون العطف (٢).
وإنما (٣) اختاروا (الفاء) من قبل أن الجزاء سبيله أن يقع ثاني الشرط، وليس في جميع حروف العطف حرف يوجد هذا المعنى فيه سوى (الفاء). فدخلت (الفاء) في جواب الشرط توصلا إلى المجازاة بالجملة المركبة من المبتدأ والخبر، والكلام (٤) الذي يجوز أن يبتدأ به نحو: الأمر والنهي (٥)، فالجملة (٦) نحو قولك: (إن تحسن إليّ فالله يكافئك) لولا
(١) انظر: "الطبري" ١/ ١٦٨.
(٢) ذكر أبو الفتح بن جني أن الفاء إذا وقعت في أوائل الكلم، وهي ليست من أصل الكلمة، فإنها على ثلاثة أضرب: ضرب تكون للعطف والإتباع جميعًا، وضرب تكون فيه للإتباع مجردا من العطف، وضرب تكون فيه زائدة، انظر "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٢٥١. وتكون للإتباع دون العطف إذا وقعت في جواب الشرط، كما في قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا﴾، انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٤٩، "الدر المصون" ١/ ٢٠٣.
(٣) الكلام عن الفاء إذا وقعت في جواب الشرط، نقله الواحدي عن كتاب "سر صناعة الإعراب" لأبي الفتح بن جني، قال أبو الفتح: (... وإنما اختاروا الفاء هنا من قبل أن الجزاء سبيله أن يقع ثاني الشرط... فإن قيل: وما كانت الحاجة إلى الفاء في جواب الشرط؟ فالجواب: أنه إنما دخلت الفاء في جواب الشرط توصلا إلى (المجازاة..)، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٥٢.
(٤) في "سر صناعة الإعراب": (.. أو الكلام..) وفي هامشه في (ل) و (ش): (والكلام) ١/ ٢٥٣.
(٥) قوله: (نحو: الأمر والنهي)، ليست عند أبي الفتح ١/ ٢٥٣.
(٦) في (ب): الجملة.
(٢) ذكر أبو الفتح بن جني أن الفاء إذا وقعت في أوائل الكلم، وهي ليست من أصل الكلمة، فإنها على ثلاثة أضرب: ضرب تكون للعطف والإتباع جميعًا، وضرب تكون فيه للإتباع مجردا من العطف، وضرب تكون فيه زائدة، انظر "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٢٥١. وتكون للإتباع دون العطف إذا وقعت في جواب الشرط، كما في قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا﴾، انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٤٩، "الدر المصون" ١/ ٢٠٣.
(٣) الكلام عن الفاء إذا وقعت في جواب الشرط، نقله الواحدي عن كتاب "سر صناعة الإعراب" لأبي الفتح بن جني، قال أبو الفتح: (... وإنما اختاروا الفاء هنا من قبل أن الجزاء سبيله أن يقع ثاني الشرط... فإن قيل: وما كانت الحاجة إلى الفاء في جواب الشرط؟ فالجواب: أنه إنما دخلت الفاء في جواب الشرط توصلا إلى (المجازاة..)، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٥٢.
(٤) في "سر صناعة الإعراب": (.. أو الكلام..) وفي هامشه في (ل) و (ش): (والكلام) ١/ ٢٥٣.
(٥) قوله: (نحو: الأمر والنهي)، ليست عند أبي الفتح ١/ ٢٥٣.
(٦) في (ب): الجملة.
255
(الفاء) لم يرتبط أول الكلام بآخره (١).
ومن ذلك قولك (٢): (إن يقم فاضربه) فالجملة التي هي: (اضربه) جملة أمرية، وكذلك: (إن (٣) يقعد فلا تضربه) جملة (٤) نهيية، وكل واحدة (٥) من الجملتين يجوز أن يبتدأ بهما (٦)، فلما كان الابتداء بها يصح وقوعه في الكلام، احتاجوا إلى (الفاء) ليدلوا على أن مثالي الأمر والنهي ليسا على ما يعتد (٧) في الكلام (٨) من وجودهما مبتدأين غير معقودين بما قبلهما (٩).
وقوله تعالى: ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ﴾. قال ابن السكيت: (الوقود) بالضم، المصدر يقال: وَقَدت النار، تَقِدُ (١٠) وُقُوداً (١١). ويقال: ما أجود هذا الوَقُود للحطب (١٢).
ومن ذلك قولك (٢): (إن يقم فاضربه) فالجملة التي هي: (اضربه) جملة أمرية، وكذلك: (إن (٣) يقعد فلا تضربه) جملة (٤) نهيية، وكل واحدة (٥) من الجملتين يجوز أن يبتدأ بهما (٦)، فلما كان الابتداء بها يصح وقوعه في الكلام، احتاجوا إلى (الفاء) ليدلوا على أن مثالي الأمر والنهي ليسا على ما يعتد (٧) في الكلام (٨) من وجودهما مبتدأين غير معقودين بما قبلهما (٩).
وقوله تعالى: ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ﴾. قال ابن السكيت: (الوقود) بالضم، المصدر يقال: وَقَدت النار، تَقِدُ (١٠) وُقُوداً (١١). ويقال: ما أجود هذا الوَقُود للحطب (١٢).
(١) اختصار كلام أبي الفتح، انظر "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٥٣.
(٢) (قولك) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (إن تفعل).
(٤) عند أبي الفتح (فقولك لا تضربه جملة نهيية) ١/ ٢٥٣.
(٥) في (ب): (واحد).
(٦) في (ب): (بها) ومثله عند أبي الفتح ١/ ٢٥٣.
(٧) عند أبي الفتح: (يعهد).
(٨) في (ب): (ليسا على ما بعد بما قبلهما في الكلام).
(٩) انتهى نقل الواحدي من أبي الفتح من كتاب "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٥٢ - ٢٥٣.
(١٠) في (ج): (يقد) وفي (أ) غير منقوط. وأثبت ما في (ب).
(١١) في (ب): (وقود).
(١٢) في (ب): (الحطب). "إصلاح المنطق": ص ٣٣٢، والنص من "تهذيب اللغة" (وقد) ٤/ ٣٩٢٩.
(٢) (قولك) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (إن تفعل).
(٤) عند أبي الفتح (فقولك لا تضربه جملة نهيية) ١/ ٢٥٣.
(٥) في (ب): (واحد).
(٦) في (ب): (بها) ومثله عند أبي الفتح ١/ ٢٥٣.
(٧) عند أبي الفتح: (يعهد).
(٨) في (ب): (ليسا على ما بعد بما قبلهما في الكلام).
(٩) انتهى نقل الواحدي من أبي الفتح من كتاب "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٥٢ - ٢٥٣.
(١٠) في (ج): (يقد) وفي (أ) غير منقوط. وأثبت ما في (ب).
(١١) في (ب): (وقود).
(١٢) في (ب): (الحطب). "إصلاح المنطق": ص ٣٣٢، والنص من "تهذيب اللغة" (وقد) ٤/ ٣٩٢٩.
256
وقال غيره (١): وَقَدَت النار، تَقد وَقُوداً (٢) وَوُقُوداً، وكأن الوقود اسم وضع موضع المصدر. [فالضم: المصدر] (٣)، والفتح (٤): الاسم، ويجوز أن يكون مصدراً (٥).
و (الحجارة) جمع حجر، وليس بقياس، ولكنهم قالوه كما قالوا: جمل وجِمَالة، وذكر وذِكَارة، والقياس أحجار (٦). وجاء في التفسير أن (٧) الحجارة هاهنا: حجارة الكبريت، عن ابن عباس وغيره (٨).
و (الحجارة) جمع حجر، وليس بقياس، ولكنهم قالوه كما قالوا: جمل وجِمَالة، وذكر وذِكَارة، والقياس أحجار (٦). وجاء في التفسير أن (٧) الحجارة هاهنا: حجارة الكبريت، عن ابن عباس وغيره (٨).
(١) في (التهذيب) (ويقال: وقدت..)، "التهذيب" ٤/ ٣٩٢٩.
(٢) من قوله: (ويقال: ما أجود هذا الوقود... إلى قوله: تقد وقودا) مكرر في (أ) و (ج).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) في (ب) (وانفتح).
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج: ص ٦٧، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٢٩، و"الطبري" ١/ ١٦٩، والثعلبي ١/ ٥٧ ب.
(٦) ذكر الأزهري نحوه عن الليث. "تهذيب اللغة" (حجر) ١/ ٧٤٦، "اللسان" (حجر) ٢/ ٧٨١.
(٧) (أن) ساقط من (ب).
(٨) أخرجه "الطبري" بسنده عن ابن مسعود وابن عباس وابن جريج ١/ ١٦٨ - ١٦٩، وذكره ابن أبي حاتم عن مجاهد والسدي وعمرو بن دينار، ١/ ٦٤/ ٦٥، وانظر "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٧ ب. ذكر الثعلبي في الحجارة قولا آخر، وهو أن المراد بها: الأصنام، ودليله قوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٨]، وذكره بعض المفسرين، انظر "الكشاف" ١/ ٢٥٢، "القرطبي" ١/ ٢٥٢، "الدر" ١/ ٧٨. قال الزمخشري رادًا على من قال: إنها حجارة الكبريت: (وهو تخصيص بغير دليل، وذهاب عما هو المعنى =
(٢) من قوله: (ويقال: ما أجود هذا الوقود... إلى قوله: تقد وقودا) مكرر في (أ) و (ج).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) في (ب) (وانفتح).
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج: ص ٦٧، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٢٩، و"الطبري" ١/ ١٦٩، والثعلبي ١/ ٥٧ ب.
(٦) ذكر الأزهري نحوه عن الليث. "تهذيب اللغة" (حجر) ١/ ٧٤٦، "اللسان" (حجر) ٢/ ٧٨١.
(٧) (أن) ساقط من (ب).
(٨) أخرجه "الطبري" بسنده عن ابن مسعود وابن عباس وابن جريج ١/ ١٦٨ - ١٦٩، وذكره ابن أبي حاتم عن مجاهد والسدي وعمرو بن دينار، ١/ ٦٤/ ٦٥، وانظر "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٧ ب. ذكر الثعلبي في الحجارة قولا آخر، وهو أن المراد بها: الأصنام، ودليله قوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٨]، وذكره بعض المفسرين، انظر "الكشاف" ١/ ٢٥٢، "القرطبي" ١/ ٢٥٢، "الدر" ١/ ٧٨. قال الزمخشري رادًا على من قال: إنها حجارة الكبريت: (وهو تخصيص بغير دليل، وذهاب عما هو المعنى =
257
فهي (١) أشد لاتقاد النار.
وقيل: ذكر الحجارة دليل على عظم تلك النار، لأنها لا تأكل الحجارة إلا كانت فظيعة (٢).
وقوله: ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ﴾ لا يدل (٣) على أنها غير مخلوقة بأن الناس لم (٤) يدخلوها بعد، لأنها متقدة (٥) بغير الناس، فإذا دخلها الناس صاروا وقودها، وفي قوله: ﴿أُعِدَّتْ﴾ أوضح دلالة على وجودها، لأن المعدوم لا يسمى مُعَدَّا (٦).
وإنما قال: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ وإن (٧) كان العصاة من المسلمين
وقيل: ذكر الحجارة دليل على عظم تلك النار، لأنها لا تأكل الحجارة إلا كانت فظيعة (٢).
وقوله: ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ﴾ لا يدل (٣) على أنها غير مخلوقة بأن الناس لم (٤) يدخلوها بعد، لأنها متقدة (٥) بغير الناس، فإذا دخلها الناس صاروا وقودها، وفي قوله: ﴿أُعِدَّتْ﴾ أوضح دلالة على وجودها، لأن المعدوم لا يسمى مُعَدَّا (٦).
وإنما قال: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ وإن (٧) كان العصاة من المسلمين
= الصحيح الواقع المشهود له بمعاني التنزيل...) "الكشاف" ١/ ٢٥٢، وإليه مال الشنقيطي في "أضواء البيان"١/ ١١٧. أما ابن كثير فمال للقول الأول، وقال في معرض رده على الرازي: (وهذا الذي قاله ليس بقوي، وذلك أن النار إذا أضرمت بحجارة الكبريت كان ذلك أشد لحرها وأقوى لسعيرها، ولاسيما على ما ذكره السلف من أنها حجارة من كبريت معدة لذلك..) "تفسير ابن كثير" ١/ ٦٤.
(١) في (ب) و (ج): (وهي).
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٧ ب، "الكشاف" ١/ ٢٥٢، والرازي ١/ ١٢٢.
(٣) في (ج): (لا تدل).
(٤) في (ج): (لا).
(٥) في (أ) و (ج) (متقد)، وأثبت ما في (ب)، لأنه أنسب للسياق.
(٦) ذكره الثعلبي ١/ ٥٧ ب، وهذا منهج أهل السنة وهو: أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن، وذهب بعض المبتدعة من المعتزلة والجهمية إلى أنهما لم تخلقا بعد، وأنهما ستخلقان، انظر. "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٤ - ٢٠٥. "لقرطبي" ١/ ٢٠٣. وابن كثير ١/ ٦٦. والبيضاوي ١/ ١٦. "البحر" ١/ ١٠٨.
(٧) في (ب): (فإن).
(١) في (ب) و (ج): (وهي).
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٧ ب، "الكشاف" ١/ ٢٥٢، والرازي ١/ ١٢٢.
(٣) في (ج): (لا تدل).
(٤) في (ج): (لا).
(٥) في (أ) و (ج) (متقد)، وأثبت ما في (ب)، لأنه أنسب للسياق.
(٦) ذكره الثعلبي ١/ ٥٧ ب، وهذا منهج أهل السنة وهو: أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن، وذهب بعض المبتدعة من المعتزلة والجهمية إلى أنهما لم تخلقا بعد، وأنهما ستخلقان، انظر. "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٤ - ٢٠٥. "لقرطبي" ١/ ٢٠٣. وابن كثير ١/ ٦٦. والبيضاوي ١/ ١٦. "البحر" ١/ ١٠٨.
(٧) في (ب): (فإن).
258
يدخلونها، لأن الكافرين يخلدون فيها دون المؤمنين، وكأن النار ليست للمؤمنين لقلة كونهم فيها إذا قيس بالخلود (١). وإنما لم يقل: (أعدت لكم) وإن كان المخاطبون كفارا، لأنه علم أن فيهم من يؤمن.
ولما ذكر جزاء الكافرين لتكذيبهم (٢) ذكر جزاء المؤمنين لتصديقهم فقال عز من قائل:
٢٥ - ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ الآية. و (التبشير) إيراد الخبر السارّ الذي يظهر (٣) السرور في بشرة المخبر، ثم كثر استعماله حتى صار بمنزلة الإخبار، واستعمل في نقيضه كقوله: ﴿فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (٤) إلا أنه (٥) فيما يسرّ أكثر (٦)، ونظيره قول الشاعر:
ولما ذكر جزاء الكافرين لتكذيبهم (٢) ذكر جزاء المؤمنين لتصديقهم فقال عز من قائل:
٢٥ - ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ الآية. و (التبشير) إيراد الخبر السارّ الذي يظهر (٣) السرور في بشرة المخبر، ثم كثر استعماله حتى صار بمنزلة الإخبار، واستعمل في نقيضه كقوله: ﴿فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (٤) إلا أنه (٥) فيما يسرّ أكثر (٦)، ونظيره قول الشاعر:
| بَكَرَتْ تَلُومُكَ بَعْدَ وَهْنِ في النَّدى | بَسْلٌ عَلَيْكِ مَلاَمَتِي وِعِتَابِي (٧) |
(١) انظر. "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٤ - ٢٠٥. "القرطبي" ١/ ٢٠٣. "البحر" ١/ ١٠٩.
(٢) قوله: (ذكر جزاء الكافرين لتكذيبهم) مكرر في (أ).
(٣) في (ب) (يظهر أثر السرور).
(٤) طرف من آية في آل عمران: ٢١، والتوبة: ٣٤، والانشقاق: ٢٤.
(٥) (إلا أنه) ساقط من (ب).
(٦) انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٦٩، "الزاهر" ٢/ ١٣٥، "تهذيب اللغة" (بشر) ١/ ٣٣٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٦، "زاد المسير" ١/ ٥٢، "القرطبي" ١/ ٢٠٤، "مفردات الراغب": ص ٤٧ - ٤٨.
(٧) البيت لضَمْرة بن ضَمْرة مع أبيات أخرى قالها يخاطب امرأته لما لامته على البذل، بكرت: عجلت، بعد وهن: بعد النوم، الندى: السخاء، بسل عليك: حرام عليك. ورد البيت في "النوادر" لأبي زيد: ص ١٤٣، "أمالي القالي" ٢/ ٢٧٩، "الزاهر" =
(٢) قوله: (ذكر جزاء الكافرين لتكذيبهم) مكرر في (أ).
(٣) في (ب) (يظهر أثر السرور).
(٤) طرف من آية في آل عمران: ٢١، والتوبة: ٣٤، والانشقاق: ٢٤.
(٥) (إلا أنه) ساقط من (ب).
(٦) انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٦٩، "الزاهر" ٢/ ١٣٥، "تهذيب اللغة" (بشر) ١/ ٣٣٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٦، "زاد المسير" ١/ ٥٢، "القرطبي" ١/ ٢٠٤، "مفردات الراغب": ص ٤٧ - ٤٨.
(٧) البيت لضَمْرة بن ضَمْرة مع أبيات أخرى قالها يخاطب امرأته لما لامته على البذل، بكرت: عجلت، بعد وهن: بعد النوم، الندى: السخاء، بسل عليك: حرام عليك. ورد البيت في "النوادر" لأبي زيد: ص ١٤٣، "أمالي القالي" ٢/ ٢٧٩، "الزاهر" =
259
بكر: أصله من البكور بالصباح، ثم كثر حتى قيل لكل من عجل (بكر) فكذلك صح أن يقول: بعد وهن. وقال قوم: أصله فيما يسر ويغم سواء، إذا (١) كان قد (٢) يظهر في بشرة الوجه أثر الغم كما يظهر أثر السرور (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أي: الفعلات أو الأعمال، فالموصوف بها محذوف. قال ابن عباس: عملوا الطاعات فيما بينهم وبين ربهم (٤).
وقوله تعالى: ﴿أنَّ لَهُمْ﴾ موضع (أن) نصب، معناه: بشرهم بأن لهم فلما سقطت (الباء) وصل الفعل إلى (أن) فنصب (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أي: الفعلات أو الأعمال، فالموصوف بها محذوف. قال ابن عباس: عملوا الطاعات فيما بينهم وبين ربهم (٤).
وقوله تعالى: ﴿أنَّ لَهُمْ﴾ موضع (أن) نصب، معناه: بشرهم بأن لهم فلما سقطت (الباء) وصل الفعل إلى (أن) فنصب (٥).
= ١/ ٤٥٢، "أضداد ابن الأنباري": ص ٦٣، "أضداد السجستاني": ص١٠٤، والشاهد فيه هنا: (بكر) أصله من البكور بالصباح ثم استعمل في كل من عجل، كذلك (البشارة)، توسع فيه واستعمل في نقيض الخبر السار.
(١) (إذا) كذا ورد في جميع النسخ، ولعل الأولى (إذ).
(٢) (قد) ساقطة من (ب).
(٣) انظر "الزاهر" ٢/ ١٣٥. وقال ابن فارس: وربما حمل عليه غيره من الشر، وأظن ذلك جنسا من التبكيت، فأما إذا أطلق الكلام إطلاقا فالبشارة بالخير والنذارة بغيره، "مقاييس اللغة" (بشر) ١/ ٢٥١. وانظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٦. وانظر "الكشاف" ١/ ٢٥٤، وقال أبو حيان:
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" وذكر أقوالا أخرى عن عثمان وعلي ومعاذ بن جبل وسهل ابن عبد الله ١/ ٥٧ ب، ٥٨ أ، وانظر "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٣.
(٥) ذكر الزجاج في "معاني القرآن"١/ ٦٨. وفيه (فنصبت) وذكر قولا آخر وهو أنه يجوز أن، تكون (أن) في موضع خفض، إن سقطت الباء. انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٧، "القرطبي" ١/ ٢٠٥، "البحر" ١/ ١١٢.
(١) (إذا) كذا ورد في جميع النسخ، ولعل الأولى (إذ).
(٢) (قد) ساقطة من (ب).
(٣) انظر "الزاهر" ٢/ ١٣٥. وقال ابن فارس: وربما حمل عليه غيره من الشر، وأظن ذلك جنسا من التبكيت، فأما إذا أطلق الكلام إطلاقا فالبشارة بالخير والنذارة بغيره، "مقاييس اللغة" (بشر) ١/ ٢٥١. وانظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٦. وانظر "الكشاف" ١/ ٢٥٤، وقال أبو حيان:
| (وظاهر كلام الزمخشري أنه لا يكون إلا في الخير | وهو محجوج بالنقل)، "البحر" ١/ ١٠٩. |
(٥) ذكر الزجاج في "معاني القرآن"١/ ٦٨. وفيه (فنصبت) وذكر قولا آخر وهو أنه يجوز أن، تكون (أن) في موضع خفض، إن سقطت الباء. انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٧، "القرطبي" ١/ ٢٠٥، "البحر" ١/ ١١٢.
260
وقوله تعالى: ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾. (جنات) (١) جمع جنة، وهي الحديقة ذات الشجر، سميت جنة لكثرة شجرها ونباتها (٢). يقال: جنت الرياض جنوناً، إذا اعتمّ نبتها حتى غطى الأرض (٣)، قال (٤):
وَجْنَّ الخَازِبازِ بِه جُنُونَا (٥)
جعل بعضهم (الخَازِبَازِ) نبتاً، وجنونه التفافه (٦). ويقال لكل ما ستر: قد جنّ وأجنّ، ومنه جنون الليل، والجَنَانُ والجَنِينُ والْجَنَنُ (٧).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ أي: من تحت أشجارها ومساكنها (٨)،
وَجْنَّ الخَازِبازِ بِه جُنُونَا (٥)
جعل بعضهم (الخَازِبَازِ) نبتاً، وجنونه التفافه (٦). ويقال لكل ما ستر: قد جنّ وأجنّ، ومنه جنون الليل، والجَنَانُ والجَنِينُ والْجَنَنُ (٧).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ أي: من تحت أشجارها ومساكنها (٨)،
(١) (جنات) ساقطة من (ب).
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ أ، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٧، "القرطبي" ١/ ٢٠٥.
(٣) "تهذيب اللغة" (جن) ١/ ٦٧٣، وانظر "الصحاح" (جنن) ٥/ ٢٠٩٣، "اللسان" (جنن) ٢/ ٧٠١.
(٤) (وقال) مكانها بياض في (أ) وساقط من (ج).
(٥) البيت لابن أحمر وصدره:
تَفَقَّأ فَوْقَه القَلَعُ السَّوَارِي
ويروى (تَفَقَّع) و (تكسر فوقها) وهو يصف روضة، و (القلع): السحاب، ورد البيت في "تهذيب اللغة" (خزب) ١/ ١٠٢٠، و (فقأ) ٣/ ٢٨١١، و (جن) ١/ ٦٧٣، (الآن) ١/ ٩٨، وفي "الصحاح" (جن) ٥/ ٢٠٩٣، وفي "مجمع الأمثال" للميداني ١/ ٤٣٨، وفي "اللسان" (جنن) ٢/ ٧٠٥، و (قلع) ٦/ ٣٧٢٤.
(٦) وقال بعضهم: هو (ذباب) وجنونه كثرة ترنمه في طيرانه. انظر: "تهذيب اللغة" (جن) ١/ ٦٧٣، "الصحاح" (جنن) ٥/ ٢٠٩٣.
(٧) (الجَنَان): روعُ القلب، و (الجنين): الولد في الرحم، و (الجنَنُ): القبر، انظر "تهذيب اللغة" (جن) ١/ ٦٧٣.
(٨) انظر: "الطبري" ١/ ١٧٠، والثعلبي١/ ٥٨ أ، وابن عطية ١/ ٢٠٧، "زاد المسير" ١/ ٥٢.
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ أ، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٠٧، "القرطبي" ١/ ٢٠٥.
(٣) "تهذيب اللغة" (جن) ١/ ٦٧٣، وانظر "الصحاح" (جنن) ٥/ ٢٠٩٣، "اللسان" (جنن) ٢/ ٧٠١.
(٤) (وقال) مكانها بياض في (أ) وساقط من (ج).
(٥) البيت لابن أحمر وصدره:
تَفَقَّأ فَوْقَه القَلَعُ السَّوَارِي
ويروى (تَفَقَّع) و (تكسر فوقها) وهو يصف روضة، و (القلع): السحاب، ورد البيت في "تهذيب اللغة" (خزب) ١/ ١٠٢٠، و (فقأ) ٣/ ٢٨١١، و (جن) ١/ ٦٧٣، (الآن) ١/ ٩٨، وفي "الصحاح" (جن) ٥/ ٢٠٩٣، وفي "مجمع الأمثال" للميداني ١/ ٤٣٨، وفي "اللسان" (جنن) ٢/ ٧٠٥، و (قلع) ٦/ ٣٧٢٤.
(٦) وقال بعضهم: هو (ذباب) وجنونه كثرة ترنمه في طيرانه. انظر: "تهذيب اللغة" (جن) ١/ ٦٧٣، "الصحاح" (جنن) ٥/ ٢٠٩٣.
(٧) (الجَنَان): روعُ القلب، و (الجنين): الولد في الرحم، و (الجنَنُ): القبر، انظر "تهذيب اللغة" (جن) ١/ ٦٧٣.
(٨) انظر: "الطبري" ١/ ١٧٠، والثعلبي١/ ٥٨ أ، وابن عطية ١/ ٢٠٧، "زاد المسير" ١/ ٥٢.
261
والنهر لا يجري (١)، وإنما يجري الماء فيه، ويستعمل الجري فيه توسعاً، لأنه موضع الجري (٢).
وجاء في الحديث: "أنهار الجنة تجري في غير أخدود" (٣) وعلى هذا فالجري في النهر على ظاهره.
وقوله تعالى: ﴿كُلَّمَا﴾. (كل) (٤): حرف جملة، ضم إلى (ما) الجزاء، فصار أداة للتكرار، وهي منصوبة على الظرف (٥). ﴿رُزِقوُاْ﴾ أي: أطعموا (٦). ﴿مِن ثَمَرَةٍ﴾ (من) صلة (٧) أي: ثمرة (٨).
وجاء في الحديث: "أنهار الجنة تجري في غير أخدود" (٣) وعلى هذا فالجري في النهر على ظاهره.
وقوله تعالى: ﴿كُلَّمَا﴾. (كل) (٤): حرف جملة، ضم إلى (ما) الجزاء، فصار أداة للتكرار، وهي منصوبة على الظرف (٥). ﴿رُزِقوُاْ﴾ أي: أطعموا (٦). ﴿مِن ثَمَرَةٍ﴾ (من) صلة (٧) أي: ثمرة (٨).
(١) في (أ)، (ب): (تجري).
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ أ، وابن عطية ١/ ٢٠٧ - ٢٠٨، "القرطبي" ١/ ٢٠٥.
(٣) بهذا اللفظ ذكره الثعلبي قال: جاء في الحديث: "أنهار الجنة تجري في غير أخدود" "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ أ. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" موقوفاً على مسروق ولفظه. "أنهار الجنة في غير أخدود.. "، مصنف ابن أبي شيبة، كتاب "الجنة" ٧/ ٥٣ - ٥٤، وكذا أخرجه "الطبري" موقوفاً على مسروق ولفظه: (... وماؤها يجري في غير أخدود) ١/ ١٧٠، وذكره. "القرطبي" قال: (روي أن أنهار الجنة ليست في أخاديد) "تفسير القرطبي" ١/ ٢٠٦. وقال ابن كثير ١/ ٦٧: جاء في الحديث أن أنهارها تجري في غير أخدود. وذكره السيوطي في "الدر" عن مسروق، وعزاه لابن المبارك، وابن أبي شيبة، وهناد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والبيهقي في "البعث"، "الدر" ١/ ٨٢.
(٤) (كل) ساقط من (ب).
(٥) أنظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٥١، "إملاء ما من به الرحمن": ص ٢٣، "البيان في غريب إعراب القرآن": ص ٦٢، "الدر المصون" ١/ ١٧٩.
(٦) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ أ.
(٧) في (ب): (طلة).
(٨) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ أ.
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ أ، وابن عطية ١/ ٢٠٧ - ٢٠٨، "القرطبي" ١/ ٢٠٥.
(٣) بهذا اللفظ ذكره الثعلبي قال: جاء في الحديث: "أنهار الجنة تجري في غير أخدود" "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ أ. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" موقوفاً على مسروق ولفظه. "أنهار الجنة في غير أخدود.. "، مصنف ابن أبي شيبة، كتاب "الجنة" ٧/ ٥٣ - ٥٤، وكذا أخرجه "الطبري" موقوفاً على مسروق ولفظه: (... وماؤها يجري في غير أخدود) ١/ ١٧٠، وذكره. "القرطبي" قال: (روي أن أنهار الجنة ليست في أخاديد) "تفسير القرطبي" ١/ ٢٠٦. وقال ابن كثير ١/ ٦٧: جاء في الحديث أن أنهارها تجري في غير أخدود. وذكره السيوطي في "الدر" عن مسروق، وعزاه لابن المبارك، وابن أبي شيبة، وهناد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والبيهقي في "البعث"، "الدر" ١/ ٨٢.
(٤) (كل) ساقط من (ب).
(٥) أنظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٥١، "إملاء ما من به الرحمن": ص ٢٣، "البيان في غريب إعراب القرآن": ص ٦٢، "الدر المصون" ١/ ١٧٩.
(٦) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ أ.
(٧) في (ب): (طلة).
(٨) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ أ.
262
ويجوز أن يكون للتبعيض، لأنهم إنما يرزقون بعض ثمار الجنة (١).
وقوله تعالى: ﴿قَالُواْ هَذَا اَلَّذِى رُزِقنَا مِن قَبل﴾. (٢) لتشابه ما يؤتون به، ولم يريدوا بقولهم: (هذا الذي رزقنا من قبل) نفس ما أكلوه، ولكن أرادوا: هذا من نوع ما رزقنا من قبل (٣)، كما يقول الرجل: فلان قد أعد لك الطبيخ والشواء، فيقول: هذا طعامي في منزلي كل يوم، يريد هذا الجنس (٤).
و (قبل) يبنى على الضم في مثل هذا الموضع، لأنها تضمنت معنيين، أحدهما: معناها في ذاتها، وهو السبق (٥).
والآخر: معنى ما بعدها، لأن التأويل: هذا الذي رزقنا من قبله، فهو وإن لم يضف ففيه معنى الإضافة (٦)، فلما أدت عن معنيين قويت فحملت
وقوله تعالى: ﴿قَالُواْ هَذَا اَلَّذِى رُزِقنَا مِن قَبل﴾. (٢) لتشابه ما يؤتون به، ولم يريدوا بقولهم: (هذا الذي رزقنا من قبل) نفس ما أكلوه، ولكن أرادوا: هذا من نوع ما رزقنا من قبل (٣)، كما يقول الرجل: فلان قد أعد لك الطبيخ والشواء، فيقول: هذا طعامي في منزلي كل يوم، يريد هذا الجنس (٤).
و (قبل) يبنى على الضم في مثل هذا الموضع، لأنها تضمنت معنيين، أحدهما: معناها في ذاتها، وهو السبق (٥).
والآخر: معنى ما بعدها، لأن التأويل: هذا الذي رزقنا من قبله، فهو وإن لم يضف ففيه معنى الإضافة (٦)، فلما أدت عن معنيين قويت فحملت
(١) المشهور أن (من) في هذا، وفي قوله: (من قبل) لابتداء الغاية، وقيل: للبيان. انظر: "الكشاف" ١/ ٢٦٠، "البحر" ١/ ١١٤، "الدر المصون" ١/ ٢١٥.
(٢) (قالوا) ساقط (ب).
(٣) ذكر ابن جرير في قوله: (هذا الذي رزقنا من قبل) قولين: أحدهما: هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا. ورجح هذا القول، لأن أول رزق في الجنة لم يسبقه شيء. الثاني: هذا الذي رزقنا من ثمار الجنة من قبل هذا. انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٧١ - ١٧٢، وانظر "القرطبي" ١/ ٢٠٦، "البحر" ١/ ١١٤.
(٤) ذكره "الطبري" في جواب سؤال أورده وهو قوله: فإن سألنا سائل، فقال: وكيف قال القوم: هذا الذي رزقنا من قبل، والذي رزقوه من قبل قد عدم بأكلهم إياه؟ وكيت يجوز أن يقول أهل الجنة قولا لا حقيقة له؟ ثم أجاب عنه بنحو ما ذكر الواحدي هنا، "الطبري" ١/ ١٧٢.
(٥) بنيت على الضم لأنها غاية، انظر "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٢٠، والزجاج ٤/ ١٧٦، "تهذيب اللغة" (قبل) ٣/ ٢٨٧٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ أ، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٥١، "البحر" ١/ ١١٤.
(٦) انظر المراجع السابقة.
(٢) (قالوا) ساقط (ب).
(٣) ذكر ابن جرير في قوله: (هذا الذي رزقنا من قبل) قولين: أحدهما: هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا. ورجح هذا القول، لأن أول رزق في الجنة لم يسبقه شيء. الثاني: هذا الذي رزقنا من ثمار الجنة من قبل هذا. انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٧١ - ١٧٢، وانظر "القرطبي" ١/ ٢٠٦، "البحر" ١/ ١١٤.
(٤) ذكره "الطبري" في جواب سؤال أورده وهو قوله: فإن سألنا سائل، فقال: وكيف قال القوم: هذا الذي رزقنا من قبل، والذي رزقوه من قبل قد عدم بأكلهم إياه؟ وكيت يجوز أن يقول أهل الجنة قولا لا حقيقة له؟ ثم أجاب عنه بنحو ما ذكر الواحدي هنا، "الطبري" ١/ ١٧٢.
(٥) بنيت على الضم لأنها غاية، انظر "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٢٠، والزجاج ٤/ ١٧٦، "تهذيب اللغة" (قبل) ٣/ ٢٨٧٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ أ، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٥١، "البحر" ١/ ١١٤.
(٦) انظر المراجع السابقة.
263
أثقل الحركات (١)، وكذلك قوله: ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ [الروم: ٤]، تأويله: من قبل كل شيء وبعده (٢).
وهذا مذهب الفراء (٣) والمبرد (٤)، واختيار ابن الأنباري، لأنه قال: العرب إذا وجدت الحرف مؤدياً عن معنيين ألزموه الضم، كقولهم (٥): (نحن)، ألزموه الضم (٦)، لأنه يؤدي معنى التثنية والجمع، وكذلك (قط) يؤدي عن زمانين كقوله: ما رأيته قط، معناه من أول أوقاتي (٧) إلى الساعة، وسمعت أبا الحسن (٨) الضرير النحوي -رحمه الله- يقول: إنما بني على الضم دون غيره من الحركات، لأنه لما أعرب (٩) عند الإضافة نحو: (قبلك ومن قبلك) بالنصب والخفض لم يبق عند الإفراد والبناء إلا الضم فبني عليه (١٠)، وهذا معنى قول الزجاج، لأنه يقول: ضم (قبل) لأنها غاية كان
وهذا مذهب الفراء (٣) والمبرد (٤)، واختيار ابن الأنباري، لأنه قال: العرب إذا وجدت الحرف مؤدياً عن معنيين ألزموه الضم، كقولهم (٥): (نحن)، ألزموه الضم (٦)، لأنه يؤدي معنى التثنية والجمع، وكذلك (قط) يؤدي عن زمانين كقوله: ما رأيته قط، معناه من أول أوقاتي (٧) إلى الساعة، وسمعت أبا الحسن (٨) الضرير النحوي -رحمه الله- يقول: إنما بني على الضم دون غيره من الحركات، لأنه لما أعرب (٩) عند الإضافة نحو: (قبلك ومن قبلك) بالنصب والخفض لم يبق عند الإفراد والبناء إلا الضم فبني عليه (١٠)، وهذا معنى قول الزجاج، لأنه يقول: ضم (قبل) لأنها غاية كان
(١) وهي الضمة، وقال الزجاج: وإنما بنيتا على الضم -أي قبل وبعد- لأن إعرابهما
كانتا تدخلان عليهما بحق الإعراب، "معاني القرآن" ٤/ ١٧٦.
(٢) انظر. "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٩، والزجاج ٤/ ١٧٦، "القرطبي" ١/ ٢٠٦.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٩، ٣٢٠.
(٤) انظر: "المقتضب" ٣/ ١٧٤، ١٧٥.
(٥) في (ب): (كقوله).
(٦) انظر ما سبق عن (نحن) في قوله: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ [البقرة: ١١]: ٢/ ١٥٨ - ١٥٩.
(٧) في (أ) و (ج): (أوتاتي).
(٨) أحد شيوخ الواحدي في النحو، وقد تقدمت ترجمته في الكلام عن شيوخه.
(٩) في (ب): (أعرف).
(١٠) وهو قول الزجاج في "معاني القرآن" ٤/ ١٧٦، والنحاس في "إعراب القرآن" ١/ ١٥١.
| في الإضافة النصب والخفض | فلما عدلا عن بابهما حركا بغير الحركتين اللتين |
(٢) انظر. "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٩، والزجاج ٤/ ١٧٦، "القرطبي" ١/ ٢٠٦.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٩، ٣٢٠.
(٤) انظر: "المقتضب" ٣/ ١٧٤، ١٧٥.
(٥) في (ب): (كقوله).
(٦) انظر ما سبق عن (نحن) في قوله: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ [البقرة: ١١]: ٢/ ١٥٨ - ١٥٩.
(٧) في (أ) و (ج): (أوتاتي).
(٨) أحد شيوخ الواحدي في النحو، وقد تقدمت ترجمته في الكلام عن شيوخه.
(٩) في (ب): (أعرف).
(١٠) وهو قول الزجاج في "معاني القرآن" ٤/ ١٧٦، والنحاس في "إعراب القرآن" ١/ ١٥١.
264
يدخلها بحق الإعراب الفتح والكسر، فلما عدلت عن بابها بنيت على ما لم يكن (١) يدخلها بحق الإعراب، وانما عدلت لأن أصلها الإضافة فجعلت مفردة تنبئ (٢) عن الإضافة (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾. أي بعضها يشبه بعضاً في اللون والصورة مختلفاً في الطعم، وذلك أبلغ في باب الإعجاب وأدل على الحكمة، وهذا قول ابن عباس وابن مسعود وجماعة من الصحابة (٤).
وقال الحسن وقتادة وابن جريج: متشابها في الفضل، خيار كله لا رذال (٥) فيه (٦).
كما يؤتى الرجل بأثواب ليختار منها، فإذا قلبها (٧) قال: لا أدري أيها
وقوله تعالى: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾. أي بعضها يشبه بعضاً في اللون والصورة مختلفاً في الطعم، وذلك أبلغ في باب الإعجاب وأدل على الحكمة، وهذا قول ابن عباس وابن مسعود وجماعة من الصحابة (٤).
وقال الحسن وقتادة وابن جريج: متشابها في الفضل، خيار كله لا رذال (٥) فيه (٦).
كما يؤتى الرجل بأثواب ليختار منها، فإذا قلبها (٧) قال: لا أدري أيها
(١) (يكن) سقط من (ب).
(٢) في (ب) و (ج): (تبنى).
(٣) انظر كلام الزجاج في "معاني القرآن" ٤/ ١٧٦، نقله الواحدي بمعناه.
(٤) أخرجه "الطبري" بسنده عن طريق السدي عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن أبن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي - ﷺ - وعن الثوري، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ١/ ١٧٣، وذكر ابن أبي حاتم نحوه عن أبي العالية ومجاهد والضحاك والربيع بن أنس والسدي ١/ ٦٧، وذكره الثعلبي عن ابن عباس ومجاهد والسدي ١/ ٥٨ ب، وانظر: "الدر" ١/ ٨٣، ابن كثير ١/ ٦٧، "زاد المسير" ١/ ٥٣، وأخرج ابن جرير عن مجاهد: (متشابهاً) في اللون والطعم ١/ ١٧٣.
(٥) عند "الطبري" (لا رذل) ١/ ١٧٢.
(٦) أخرجه "الطبري" بسنده عن الحسن وقتادة وابن جريج، ١/ ١٧٢ - ١٧٣. وابن أبي حاتم عن قتادة ١/ ٦٧، والثعلبي عن الحسن وقتادة ١/ ٥٨ ب، وانظر (الدر) ١/ ٨٣، "زاد المسير" ١/ ٥٣، والبغوي ١/ ٧٤.
(٧) في (ب): (قبلها).
(٢) في (ب) و (ج): (تبنى).
(٣) انظر كلام الزجاج في "معاني القرآن" ٤/ ١٧٦، نقله الواحدي بمعناه.
(٤) أخرجه "الطبري" بسنده عن طريق السدي عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن أبن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي - ﷺ - وعن الثوري، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ١/ ١٧٣، وذكر ابن أبي حاتم نحوه عن أبي العالية ومجاهد والضحاك والربيع بن أنس والسدي ١/ ٦٧، وذكره الثعلبي عن ابن عباس ومجاهد والسدي ١/ ٥٨ ب، وانظر: "الدر" ١/ ٨٣، ابن كثير ١/ ٦٧، "زاد المسير" ١/ ٥٣، وأخرج ابن جرير عن مجاهد: (متشابهاً) في اللون والطعم ١/ ١٧٣.
(٥) عند "الطبري" (لا رذل) ١/ ١٧٢.
(٦) أخرجه "الطبري" بسنده عن الحسن وقتادة وابن جريج، ١/ ١٧٢ - ١٧٣. وابن أبي حاتم عن قتادة ١/ ٦٧، والثعلبي عن الحسن وقتادة ١/ ٥٨ ب، وانظر (الدر) ١/ ٨٣، "زاد المسير" ١/ ٥٣، والبغوي ١/ ٧٤.
(٧) في (ب): (قبلها).
265
آخذ لأن كلها حسن مختار (١)، كما قال الشاعر:
أي هم متشابهون في الفضل (٤). قال ابن الأنباري: وقول ابن عباس أدل على حكمة الله عز وجل ونفاذ قدرته، لأنا إذا وجدنا رُمَّاناً يؤدي عن (٥) طعم الكمثرى والتفاح والسفرجل كان أبدع وأغرب من أن لا يؤدي إلا عن طعمه المعروف له (٦). وقال بعض أهل المعاني: في الآية تقديم وتأخير في المعنى أي: وأتوا به متشابها قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل (٧).
وقوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾. (الأزواج) جمع زوج وزوجة، وشكل كل شيء: زوجه (٨). وقوله تعالى: ﴿مُطَهَّرُةٌ﴾ أي: من
| مَنْ تَلْقَ مِنْهُمْ تقل (٢) لاقيت سيدهم | مثل النجوم التي يسري بها الساري (٣) |
وقوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾. (الأزواج) جمع زوج وزوجة، وشكل كل شيء: زوجه (٨). وقوله تعالى: ﴿مُطَهَّرُةٌ﴾ أي: من
(١) ذكره ابن الأنباري مع البيت في "الأضداد": ص ٣٨٧.
(٢) في (ب) (تقول).
(٣) ذكره المبرد في "الكامل" مع أبيات أخرى، ونسبه لعبيد بن العرندس يصف قوما نزل بهم ضيفاً، "الكامل" ١/ ٧٨، ٧٩. وأنشده ابن الأنباري في "الأضداد": ص ٣٨٧، وهو في شواهد "الكشاف"، ونسبه لعبيد بن الأبرص قال: وقيل: العرندس: ص ٥٧، والصحيح: العرندس كما قال المبرد، وليس في ديوان عبيد بن الأبرص.
(٤) "الأضداد" لابن الأنباري: ص ٣٨٧.
(٥) في (ب): (من).
(٦) (الأضداد) لابن الأنباري. ص ٣٨٦، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٨، "زاد المسير" ١/ ٥٣.
(٧) لم أجد من قال به فيما اطلعت عليه.
(٨) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٧٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٩، (الأضداد) لابن الأنباري: ص ٣٧٤، "تهذيب اللغة" (زاج) ٢/ ١٥٧٤.
(٢) في (ب) (تقول).
(٣) ذكره المبرد في "الكامل" مع أبيات أخرى، ونسبه لعبيد بن العرندس يصف قوما نزل بهم ضيفاً، "الكامل" ١/ ٧٨، ٧٩. وأنشده ابن الأنباري في "الأضداد": ص ٣٨٧، وهو في شواهد "الكشاف"، ونسبه لعبيد بن الأبرص قال: وقيل: العرندس: ص ٥٧، والصحيح: العرندس كما قال المبرد، وليس في ديوان عبيد بن الأبرص.
(٤) "الأضداد" لابن الأنباري: ص ٣٨٧.
(٥) في (ب): (من).
(٦) (الأضداد) لابن الأنباري. ص ٣٨٦، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٨، "زاد المسير" ١/ ٥٣.
(٧) لم أجد من قال به فيما اطلعت عليه.
(٨) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٧٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٩، (الأضداد) لابن الأنباري: ص ٣٧٤، "تهذيب اللغة" (زاج) ٢/ ١٥٧٤.
266
كل أذى وقذر ممّا (١) في نساء الدنيا (٢).
وقيل: عن مساوئ الأخلاق (٣)، لما فيهمنّ من حسن التبعل، ودل على هذا قوله: ﴿فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتْرَابًا (٣٧)﴾ [الواقعة: ٣٦ - ٣٧]. وقيل: من آفات الشيب والهرم (٤).
ويقال: إنه أراد زوجاتهم من الآدميات، ويقال: أراد من الحور العين (٥).
﴿وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ لأن تمام النعمة بالخلود والبقاء فيها، كما أن التنغيص (٦) بالزوال والفناء (٧).
٢٦ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي﴾ الآية. قال ابن عباس في رواية أبي صالح: لما ضرب الله سبحانه هذين المثلين للمنافقين قالوا: الله أجل وأعلى من (٨) أن يضرب الأمثال فأنزل الله هذه الآية (٩).
وقيل: عن مساوئ الأخلاق (٣)، لما فيهمنّ من حسن التبعل، ودل على هذا قوله: ﴿فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتْرَابًا (٣٧)﴾ [الواقعة: ٣٦ - ٣٧]. وقيل: من آفات الشيب والهرم (٤).
ويقال: إنه أراد زوجاتهم من الآدميات، ويقال: أراد من الحور العين (٥).
﴿وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ لأن تمام النعمة بالخلود والبقاء فيها، كما أن التنغيص (٦) بالزوال والفناء (٧).
٢٦ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي﴾ الآية. قال ابن عباس في رواية أبي صالح: لما ضرب الله سبحانه هذين المثلين للمنافقين قالوا: الله أجل وأعلى من (٨) أن يضرب الأمثال فأنزل الله هذه الآية (٩).
(١) من (ب)، وفي غيرها: (مما).
(٢) ذكر ابن جرير عن عدد من الصحابة ومن بعدهم ١/ ١٧٥ - ١٧٦. وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٩، (تفسير أبي الليث) ١/ ١٠٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ ب، وابن عطية ١/ ٢١٠.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٩، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٤، والثعلبي ١/ ٥٨ ب، "الكشاف" ١/ ٢٦٢.
(٤) والأولى أن يراد بها ما يعم كل طهارة، كما قال الزجاج: إن (مطهرة) أبلغ من (طاهرة) لأن (مطهرة) للتكثير ١/ ٦٩. وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢١٠.
(٥) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ ب.
(٦) في (ب): (التبعيض).
(٧) انظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ٦٨.
(٨) (من) ساقط من (ب).
(٩) ذكره الواحدي في "أسباب النزول": ص ٢٦، وأخرجه "الطبري" بسنده عن ابن عباس =
(٢) ذكر ابن جرير عن عدد من الصحابة ومن بعدهم ١/ ١٧٥ - ١٧٦. وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٩، (تفسير أبي الليث) ١/ ١٠٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ ب، وابن عطية ١/ ٢١٠.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٩، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٤، والثعلبي ١/ ٥٨ ب، "الكشاف" ١/ ٢٦٢.
(٤) والأولى أن يراد بها ما يعم كل طهارة، كما قال الزجاج: إن (مطهرة) أبلغ من (طاهرة) لأن (مطهرة) للتكثير ١/ ٦٩. وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢١٠.
(٥) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ ب.
(٦) في (ب): (التبعيض).
(٧) انظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ٦٨.
(٨) (من) ساقط من (ب).
(٩) ذكره الواحدي في "أسباب النزول": ص ٢٦، وأخرجه "الطبري" بسنده عن ابن عباس =
267
وقال (١) الحسن وقتادة: لما ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتابه، وضرب للمشركين به المثل ضحكت اليهود وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله، فأنزل الله هذه الآية (٢)
قال أهل المعاني: قوله ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي﴾ خرج على لفظهم (٣)، حيث قالوا: إن الله يستحي (٤) أن يضرب المثل بالذباب والعنكبوت (٥)، كقوله: ﴿فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ﴾ [هود: ١٣] لما قالوا: إنه سحر مفترى (٦).
قال أهل المعاني: قوله ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي﴾ خرج على لفظهم (٣)، حيث قالوا: إن الله يستحي (٤) أن يضرب المثل بالذباب والعنكبوت (٥)، كقوله: ﴿فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ﴾ [هود: ١٣] لما قالوا: إنه سحر مفترى (٦).
= ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي ﷺ ١/ ١٧٧، وأخرجه أبن أبي حاتم عن السدي ١/ ٦٨، وذكره ابن كثير ١/ ٦٨، وذكره السيوطي في "الدر" عن ابن مسعود وناس من الصحابة ١/ ٨٨.
(١) (الواو) ساقطة من (ب).
(٢) ذكره الواحدي في "أسباب النزول": ص ٢٦ - ٢٧، وذكره ابن قتيبة في "تفسير غريب القرآن": ص ٤٤ ولم ينسبه، وكذا الثعلبي بنحوه ١/ ٥٩ أ. وأخرج ابن جرير عن قتادة وفيه: قال المشركون: ما بال العنكبوت والذباب يذكران... إلخ، ١/ ١٧٧ - ١٧٨، ونحوه عند ابن أبي حاتم، وقال: روي نحوه عن الحسن ١/ ٦٩. قال السيوطي في "لباب النقول" بعد أن ذكر قول قتادة: (وذكر المشركين لا يلائم كون الآية مدنية، وما أوردناه عن قتادة والحسن حكاه عنهما الواحدي بلا إسناد بلفظ: (قالت اليهود) وهو أنسب، "لباب النقول": ص ١٣، وانظر: ابن كثير ١/ ٦٨، "زاد المسير" ١/ ٥٤، "الكشاف" ١/ ٢٣٦، "البحر" ١/ ١٢٠.
(٣) أي: لفظ اليهود أو المشركين الذين قالوا ذلك.
(٤) في (ب): (لا يستحيي).
(٥) ذكره الزمخشري في "الكشاف"، وجعله من باب (القابلة) "الكشاف" ١/ ٢٣٦، " البحر" ١/ ١٢١، ١٢٢.
(٦) ورد هذا فيما حكاه الله من رد قوم موسى في قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى﴾ [القصص: ٣٦].
(١) (الواو) ساقطة من (ب).
(٢) ذكره الواحدي في "أسباب النزول": ص ٢٦ - ٢٧، وذكره ابن قتيبة في "تفسير غريب القرآن": ص ٤٤ ولم ينسبه، وكذا الثعلبي بنحوه ١/ ٥٩ أ. وأخرج ابن جرير عن قتادة وفيه: قال المشركون: ما بال العنكبوت والذباب يذكران... إلخ، ١/ ١٧٧ - ١٧٨، ونحوه عند ابن أبي حاتم، وقال: روي نحوه عن الحسن ١/ ٦٩. قال السيوطي في "لباب النقول" بعد أن ذكر قول قتادة: (وذكر المشركين لا يلائم كون الآية مدنية، وما أوردناه عن قتادة والحسن حكاه عنهما الواحدي بلا إسناد بلفظ: (قالت اليهود) وهو أنسب، "لباب النقول": ص ١٣، وانظر: ابن كثير ١/ ٦٨، "زاد المسير" ١/ ٥٤، "الكشاف" ١/ ٢٣٦، "البحر" ١/ ١٢٠.
(٣) أي: لفظ اليهود أو المشركين الذين قالوا ذلك.
(٤) في (ب): (لا يستحيي).
(٥) ذكره الزمخشري في "الكشاف"، وجعله من باب (القابلة) "الكشاف" ١/ ٢٣٦، " البحر" ١/ ١٢١، ١٢٢.
(٦) ورد هذا فيما حكاه الله من رد قوم موسى في قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى﴾ [القصص: ٣٦].
268
وقال بعضهم: معنى (١) قوله: ﴿لَا يَسْتَحْيِي﴾ هو أن الذي يستحيا منه ما يكون قبيحا في نفسه، ويكون لفعله عيب في فعله فأخبر الله سبحانه أن ضرب المثل منه ببعوضة فما فوقها ليس بقبيح ولا نقص ولا عيب، حتى يستحيا منه، فوضع: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَستَحِى أَن يَضرِبَ مَثَلاً﴾ موضع ذلك، كأنه قيل: إن ما يضربه الله من المثل بالبعوض (٢) لا يستحيا منه (٣)، لأن حقيقة الاستحياء في وصفه لا يجوز، لأنه يخاف عيبا، ويستحيل في وصفه أن يحذر نقصًا (٤).
وقيل: معنى: ﴿لَا يَسْتَحْيِي﴾: لا يترك، لأن أحدنا إذا استحيا من شيء تركه (٥)، ومعناه أن الله لا يترك ضرب المثل ببعوضة فما فوقها إذا علم أن فيه عبرة لمن اعتبر، وحجة على من جحد (٦). وقيل: معناه (لا
وقيل: معنى: ﴿لَا يَسْتَحْيِي﴾: لا يترك، لأن أحدنا إذا استحيا من شيء تركه (٥)، ومعناه أن الله لا يترك ضرب المثل ببعوضة فما فوقها إذا علم أن فيه عبرة لمن اعتبر، وحجة على من جحد (٦). وقيل: معناه (لا
(١) (معنى) ساقط من (ب).
(٢) في (أ) و (ج): (بالتعرض) وما في (ب) هو الصحيح.
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ أ.
(٤) ومن أجل هذا أول معنى الآية، وجميع الوجوه التي أوردها في تفسير الآية تأويل، وهذا وافق نهج المتكلمين في باب الصفات، الذين يستعملون تلك المقدمات العقلية لنفي بعض الصفات. أما السلف فإنهم يعتصمون بالنص في الإثبات والنفي، فما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله أثبتوه وما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله نفوه. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية": ص ١٧٨، "الرسالة التدمرية". ص ٧٠، والأولى في معنى الآية ما ذكره "الطبري" قال: (.. معنى الكلام: إن الله لا يستحيي أن يصف شبها لما شبه به الذي هو ما بين البعوضة إلى ما فوق البعوضة). "الطبري" ١/ ١٧٨ - ١٧٩، وقد نقل الواحدي عن "الطبري" قولاً آخر وادعى أن اختاره والأمر بخلاف ذلك كما سيأتي.
(٥) ذكره ابن عطية ١/ ٢١٢، "القرطبي" ١/ ٢٤٢، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٥٤، والزمخشري (الكشاف) ١/ ٢٦٣.
(٦) في (ب) (حجه).
(٢) في (أ) و (ج): (بالتعرض) وما في (ب) هو الصحيح.
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ أ.
(٤) ومن أجل هذا أول معنى الآية، وجميع الوجوه التي أوردها في تفسير الآية تأويل، وهذا وافق نهج المتكلمين في باب الصفات، الذين يستعملون تلك المقدمات العقلية لنفي بعض الصفات. أما السلف فإنهم يعتصمون بالنص في الإثبات والنفي، فما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله أثبتوه وما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله نفوه. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية": ص ١٧٨، "الرسالة التدمرية". ص ٧٠، والأولى في معنى الآية ما ذكره "الطبري" قال: (.. معنى الكلام: إن الله لا يستحيي أن يصف شبها لما شبه به الذي هو ما بين البعوضة إلى ما فوق البعوضة). "الطبري" ١/ ١٧٨ - ١٧٩، وقد نقل الواحدي عن "الطبري" قولاً آخر وادعى أن اختاره والأمر بخلاف ذلك كما سيأتي.
(٥) ذكره ابن عطية ١/ ٢١٢، "القرطبي" ١/ ٢٤٢، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٥٤، والزمخشري (الكشاف) ١/ ٢٦٣.
(٦) في (ب) (حجه).
269
يخشى) والخشية والاستحياء يقوم أحدهما مقام الآخر كقوله: ﴿وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ [الأحزاب: ٣٧]، أي تستحي (١) الناس] (٢) والله أحق أن تستحيي (٣) منه، وهذا اختيار محمد بن جرير (٤).
قال أهل اللغة: أصل الاستحياء من الحياة (٥)، واستحيا الرجل لقوة الحياة فيه (٦)، لشدة علمه بمواقع العيب (٧)، فالحياء من قوة الحس ولطفه (٨)
قال أهل اللغة: أصل الاستحياء من الحياة (٥)، واستحيا الرجل لقوة الحياة فيه (٦)، لشدة علمه بمواقع العيب (٧)، فالحياء من قوة الحس ولطفه (٨)
(١) (تستحي) يتعدى بنفسه وبالجار وعداه الواحدي بنفسه، وهي عبارة "الطبري": (وتستحي الناس، والله أحق أن تستحيه..) ١/ ١٧٩، انظر "البحر" ١/ ١٢١.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (يستحيا منه).
(٤) لقد وهم الواحدي في زعمه أن هذا اختيار "الطبري"، وتبعه على هذا الوهم أبو حيان في "البحر" ١/ ١٢١. قال "الطبري": (وأما تأويل قوله: (إن الله لا يستحي) فإن بعض المنسوبين إلى المعرفة بلغة العرب كان يتأول معنى (إن الله لا يستحي): أن الله لا يخشى أن يضرب مثلاً... فيقول: الاستحياء بمعنى الخشية، والخشية بمعنى الاستحياء...). قال محمود شاكر: (... إن لفظ "الطبري" دال على أنه لم يحقق معناه ولم يرضه، ولم ينصره...) ١/ ٤٠٢، ٤٠٣ (ط. شاكر). ثم قال محمود شاكر في موضع آخر: (هذا بقية تفسير الكلمة على مذهب من قال: إن الاستحياء بمعنى الخشية، لا ما أخذ به "الطبري"، "تفسير الطبري" صريح، بيّن في آخر الآية) ١/ ٤٠٤. ونجد "الطبري" يقول في آخر الآية: (فقد تبين إذا بما وصفنا، أن معنى الكلام: إن الله لا يستحي أن يصف شبها لما شبه به الذي هو ما بين بعوضة إلى ما فوق البعوضة) ١/ ١٧٩. فلم نر "الطبري" يؤول (الاستحياء) بـ (الخشية) والله أعلم.
(٥) في (أ)، (ب): (الحيوة).
(٦) في (ب): (واستحيا الرجل لقلة الحياة، واستحيا الرجل لقوة الحياة فيه...).
(٧) في (ب): (الغيب).
(٨) في (ب): (ولفظه).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (يستحيا منه).
(٤) لقد وهم الواحدي في زعمه أن هذا اختيار "الطبري"، وتبعه على هذا الوهم أبو حيان في "البحر" ١/ ١٢١. قال "الطبري": (وأما تأويل قوله: (إن الله لا يستحي) فإن بعض المنسوبين إلى المعرفة بلغة العرب كان يتأول معنى (إن الله لا يستحي): أن الله لا يخشى أن يضرب مثلاً... فيقول: الاستحياء بمعنى الخشية، والخشية بمعنى الاستحياء...). قال محمود شاكر: (... إن لفظ "الطبري" دال على أنه لم يحقق معناه ولم يرضه، ولم ينصره...) ١/ ٤٠٢، ٤٠٣ (ط. شاكر). ثم قال محمود شاكر في موضع آخر: (هذا بقية تفسير الكلمة على مذهب من قال: إن الاستحياء بمعنى الخشية، لا ما أخذ به "الطبري"، "تفسير الطبري" صريح، بيّن في آخر الآية) ١/ ٤٠٤. ونجد "الطبري" يقول في آخر الآية: (فقد تبين إذا بما وصفنا، أن معنى الكلام: إن الله لا يستحي أن يصف شبها لما شبه به الذي هو ما بين بعوضة إلى ما فوق البعوضة) ١/ ١٧٩. فلم نر "الطبري" يؤول (الاستحياء) بـ (الخشية) والله أعلم.
(٥) في (أ)، (ب): (الحيوة).
(٦) في (ب): (واستحيا الرجل لقلة الحياة، واستحيا الرجل لقوة الحياة فيه...).
(٧) في (ب): (الغيب).
(٨) في (ب): (ولفظه).
270
وقوة الحياة (١) (٢).
وقوله تعالى: ﴿أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا﴾ الضرب في المثل مستعار، ومعناه (٣) التسيير للمثل، والجعل لها (٤) يسير في البلاد (٥)، وذكرنا معنى المثل مستقصى فيما (٦) تقدم (٧).
وقوله تعالى: ﴿مَا بَعُوضَةً﴾. النصب في بعوضة من جهتين (٨)، أحدهما: أن تكون (ما) زائدة، كأنه قال: إن الله لا يستحيي أن يضرب بعوضة مثلا، ومثلا بعوضة، و (ما) زائدة مؤكدة كقوله ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٥٩] فـ (ما) في التوكيد بمنزلة (حق) إلا أنه لا إعراب لها.
وقوله تعالى: ﴿أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا﴾ الضرب في المثل مستعار، ومعناه (٣) التسيير للمثل، والجعل لها (٤) يسير في البلاد (٥)، وذكرنا معنى المثل مستقصى فيما (٦) تقدم (٧).
وقوله تعالى: ﴿مَا بَعُوضَةً﴾. النصب في بعوضة من جهتين (٨)، أحدهما: أن تكون (ما) زائدة، كأنه قال: إن الله لا يستحيي أن يضرب بعوضة مثلا، ومثلا بعوضة، و (ما) زائدة مؤكدة كقوله ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٥٩] فـ (ما) في التوكيد بمنزلة (حق) إلا أنه لا إعراب لها.
(١) في (أ): (الحيوة).
(٢) قال ابن فارس: (الحاء والياء والحرف المعتل أصلان: أحدهما خلاف الموت، والآخر الاستحياء الذي هو ضد الوقاحة) "مقاييس اللغة" (حي) ٢/ ١٢٢، وانظر "تهذيب اللغة" (حي) ١/ ٩٥٤، "الصحاح" (حيا) ٦/ ٢٣٢٤، "اللسان" ٢/ ١٠٨٠، "مفردات الراغب": ص١٤٠، "التاج" (حي) ١٩/ ٣٥٩، "الكشاف" ١/ ٢٦٣.
(٣) في (ب): (ومعناه السير للمثل).
(٤) كذا ورد في جميع النسخ ولعل الصواب (له).
(٥) قال "الطبري": (يبين ويصف)، ١/ ١٧٩، وذكر ابن الجوزي عن ابن عباس: أن يذكر شبها. "زاد المسير" ١/ ٥٤، وقيل ومعنى يضرب: يذكر، أو يصير. انظر. "تفسير ابن عطية" ١/ ٢١٢ - ٢١٣، "القرطبي" ١/ ٢٠٨، "البحر" ١/ ١٢٢.
(٦) في (ب): (مما).
(٧) عند قوله تعالى: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ الآية [البقرة: ١٧]، انظر: ص ١٨٦ - ١٨٨.
(٨) ذكره الزجاج قال: (فأما إعراب (بعوضة) فالنصب من جهتين في قولنا وذكر بعض النحويين جهة ثالثة، فأما أجود هذِه الجهات فأن تكون (ما) زائدة مؤكدة..) "معاني القرآن" ١/ ٧٠.
(٢) قال ابن فارس: (الحاء والياء والحرف المعتل أصلان: أحدهما خلاف الموت، والآخر الاستحياء الذي هو ضد الوقاحة) "مقاييس اللغة" (حي) ٢/ ١٢٢، وانظر "تهذيب اللغة" (حي) ١/ ٩٥٤، "الصحاح" (حيا) ٦/ ٢٣٢٤، "اللسان" ٢/ ١٠٨٠، "مفردات الراغب": ص١٤٠، "التاج" (حي) ١٩/ ٣٥٩، "الكشاف" ١/ ٢٦٣.
(٣) في (ب): (ومعناه السير للمثل).
(٤) كذا ورد في جميع النسخ ولعل الصواب (له).
(٥) قال "الطبري": (يبين ويصف)، ١/ ١٧٩، وذكر ابن الجوزي عن ابن عباس: أن يذكر شبها. "زاد المسير" ١/ ٥٤، وقيل ومعنى يضرب: يذكر، أو يصير. انظر. "تفسير ابن عطية" ١/ ٢١٢ - ٢١٣، "القرطبي" ١/ ٢٠٨، "البحر" ١/ ١٢٢.
(٦) في (ب): (مما).
(٧) عند قوله تعالى: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ الآية [البقرة: ١٧]، انظر: ص ١٨٦ - ١٨٨.
(٨) ذكره الزجاج قال: (فأما إعراب (بعوضة) فالنصب من جهتين في قولنا وذكر بعض النحويين جهة ثالثة، فأما أجود هذِه الجهات فأن تكون (ما) زائدة مؤكدة..) "معاني القرآن" ١/ ٧٠.
271
والخافض والناصب يتعداها إلى ما بعدها، ومعناها التوكيد فقط (١).
فإذا جعلت (ما) زائدة نصبت بعوضة على أنها المفعول الثاني (ليضرب) (٢)، لأن (يضرب) [هاهنا معناه: يجعل. هذا هو الاختيار عند البصريين (٣).
الوجه الثاني: أن تكون (ما)] (٤) نكرة (٥) بمنزلة شيء، فيكون المعنى: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً شيئاً من الأشياء، ثم أبدل بعوضة من شيء (٦)، فقال: ﴿بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾ وهذا (٧) قول الفراء (٨).
وقال الكسائي: معناه: أن يضرب مثلاً ما بين بعوضة إلى ما فوقها،
فإذا جعلت (ما) زائدة نصبت بعوضة على أنها المفعول الثاني (ليضرب) (٢)، لأن (يضرب) [هاهنا معناه: يجعل. هذا هو الاختيار عند البصريين (٣).
الوجه الثاني: أن تكون (ما)] (٤) نكرة (٥) بمنزلة شيء، فيكون المعنى: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً شيئاً من الأشياء، ثم أبدل بعوضة من شيء (٦)، فقال: ﴿بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾ وهذا (٧) قول الفراء (٨).
وقال الكسائي: معناه: أن يضرب مثلاً ما بين بعوضة إلى ما فوقها،
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٠، وقد ذكره الفراء و"الطبري" واختارا غيره كما سيأتي، انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢١، و"الطبري" ١/ ١٧٩ - ١٨٠، وانظر الثعلبي ١/ ٥٩ أ، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٦٥، "الإملاء" ١/ ١٦، "الكشاف" ١/ ٢٦٤.
(٢) في (ب): (كيضرب).
(٣) انظر: "الطبري" ١/ ١٨٠، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢١.
وفيه وجه آخر: وهو أن (بعوضة) بدل من (المثل)، انظر الثعلبي ١/ ٥٩ أ، "الإملاء" ١/ ٢٦، "البيان" ١/ ٦٥، "الكشاف" ١/ ٢٦٤، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٥٢، قاله الزجاج ١/ ٧١.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (ذكره).
(٦) في (أ)، (ج): (شيئاً).
(٧) في (ب): (فهذا).
(٨) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٢، والقول الذي اختاره الفراء القول الآتي الذي نسبه الواحدي للكسائي، وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٠، و"الطبري" ١/ ١٨٠، والثعلبي ١/ ٥٩ أ.
(٢) في (ب): (كيضرب).
(٣) انظر: "الطبري" ١/ ١٨٠، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢١.
وفيه وجه آخر: وهو أن (بعوضة) بدل من (المثل)، انظر الثعلبي ١/ ٥٩ أ، "الإملاء" ١/ ٢٦، "البيان" ١/ ٦٥، "الكشاف" ١/ ٢٦٤، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٥٢، قاله الزجاج ١/ ٧١.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (ذكره).
(٦) في (أ)، (ج): (شيئاً).
(٧) في (ب): (فهذا).
(٨) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٢، والقول الذي اختاره الفراء القول الآتي الذي نسبه الواحدي للكسائي، وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٠، و"الطبري" ١/ ١٨٠، والثعلبي ١/ ٥٩ أ.
272
ثم حذف (بين) و (إلى) ونصب بعوضة بإسقاط الخافض. وفي (١) كلام العرب: (مطرنا ما زُبَالَة فالثعلبية) بمعنى ما بين زُبَالَة إلى الثعلبية (٢)، ويقولون: (له عشرون ما ناقة فجملا) أي ما بين ناقة وجمل، وهو (٣) أحسن الناس ما قَرْناً فقَدَماً (٤).
وأنكر المبرد هذين القولين فقال: أما قول الفراء: إنه يجعل (ما) اسما تاما، وينصب بعوضة بدلا منه (٥)، فإن القول في ذاك ما قال الخليل وسيبويه، قالا جميعاً: إن (من) و (ما) يكونان (٦) نكرتين، فيلزمهما الصفة كلزوم الصلة (٧) إذا كانا معرفتين، تقول (٨): مررت بمن صالحٍ، أي: بإنسان
وأنكر المبرد هذين القولين فقال: أما قول الفراء: إنه يجعل (ما) اسما تاما، وينصب بعوضة بدلا منه (٥)، فإن القول في ذاك ما قال الخليل وسيبويه، قالا جميعاً: إن (من) و (ما) يكونان (٦) نكرتين، فيلزمهما الصفة كلزوم الصلة (٧) إذا كانا معرفتين، تقول (٨): مررت بمن صالحٍ، أي: بإنسان
(١) (والواو) ساقطة من (ب).
(٢) (زبالة) و (الثعلبية) موضوعان معروفان من المنازل في الطريق بين الكوفة ومكة. انظر: "معجم ما استعجم" ١/ ٣٤١، ٢/ ٦٩٣، "معجم البلدان" ٢/ ٧٨، ٣/ ١٢٩.
(٣) في "معاني القرآن" للفراء (وهي) ١/ ٢٢، وكذا في "الطبري" ١/ ١٨٠.
(٤) المعنى: ما بين القرن والقدم. ورد الكلام في "معاني القرآن" للفراء ولم ينسبه للكسائي ١/ ٢٢، وذكره "الطبري" ولم يعزه، وعزاه محمود شاكر في حاشية "الطبري" للفراء ١/ ٤٠٥، وفي الآية وجه آخر ذكره بعض المفسرين: وهو أن تكون (ما) بمعنى (الذي) و (بعوضة) مرفوع، لأنه خبر مبتدأ مقدر، أي: الذي هو بعوضة، وأنكر الزجاج هذا الوجه، لأنه لم يثبت قراءة، وإن كان صحيحاً في الإعراب. انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧١.
أما "الطبري" فاختار هذا الوجه، ولكن على نصب (بعوضة) وذكر لنصبها وجهين... انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٧٩، وانظر: "البيان" ١/ ٦٦، وابن عطية ١/ ٢١٣.
(٥) الفراء لم يرجح هذا القول، وإنما رجح القول الذي نسبه الواحدي للكسائي حيث قال: (الوجه الثالث: -وهو أحبها إليَّ- فأن تجعل المعنى على: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بين البعوضة إلى ما فوقها..)، "معاني القرآن" ١/ ٢٢.
(٦) (يكونان) ساقطة من (ج).
(٧) في (ب): (الصفة).
(٨) في (أ)، (ج): (يقول).
(٢) (زبالة) و (الثعلبية) موضوعان معروفان من المنازل في الطريق بين الكوفة ومكة. انظر: "معجم ما استعجم" ١/ ٣٤١، ٢/ ٦٩٣، "معجم البلدان" ٢/ ٧٨، ٣/ ١٢٩.
(٣) في "معاني القرآن" للفراء (وهي) ١/ ٢٢، وكذا في "الطبري" ١/ ١٨٠.
(٤) المعنى: ما بين القرن والقدم. ورد الكلام في "معاني القرآن" للفراء ولم ينسبه للكسائي ١/ ٢٢، وذكره "الطبري" ولم يعزه، وعزاه محمود شاكر في حاشية "الطبري" للفراء ١/ ٤٠٥، وفي الآية وجه آخر ذكره بعض المفسرين: وهو أن تكون (ما) بمعنى (الذي) و (بعوضة) مرفوع، لأنه خبر مبتدأ مقدر، أي: الذي هو بعوضة، وأنكر الزجاج هذا الوجه، لأنه لم يثبت قراءة، وإن كان صحيحاً في الإعراب. انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧١.
أما "الطبري" فاختار هذا الوجه، ولكن على نصب (بعوضة) وذكر لنصبها وجهين... انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٧٩، وانظر: "البيان" ١/ ٦٦، وابن عطية ١/ ٢١٣.
(٥) الفراء لم يرجح هذا القول، وإنما رجح القول الذي نسبه الواحدي للكسائي حيث قال: (الوجه الثالث: -وهو أحبها إليَّ- فأن تجعل المعنى على: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بين البعوضة إلى ما فوقها..)، "معاني القرآن" ١/ ٢٢.
(٦) (يكونان) ساقطة من (ج).
(٧) في (ب): (الصفة).
(٨) في (أ)، (ج): (يقول).
273
صالح. ومررت بما حسنٍ، أي بشيء حسن. فلا يكونان نكرتين إلا بوصفهما. كما لا يكونان (١) معرفتين إلا بصلتهما (٢). والفراء جعل (ما) وحدها اسما (٣)، لأن البعوضة ليست بصفة. وقال سيبويه (٤) في قوله تعالى: ﴿هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ [ق: ٢٣] يجوز أن يكون (ما) نكرة، أي هذا شيء لدي عتيد، ويجوز أن يكون في معنى (الذي) (٥).
وأما قول الكسائي: (ما بين كذا إلى كذا) (٦) فإنما يحكى هذا الكلام عن أعرابي وحده، وإن صح فوجهه غير ما ذكر، وهو أن يكون (ما) صلة، فيكون الكلام: (مطرنا (٧) زبالة فالثعلبية) كما تقول: أتيت الكوفة فالبصرة. ولو كان معناه (ما بين)، لم يكن المطر بزبالة ولا الثعلبية، لأن ما بينهما غيرهما، وإضمار (بين) فبعيد جداً.
و (البعوض) صغار البق، الواحدة بعوضة، وذلك لأنها كبعض البق في الصغر (٨).
وأما قول الكسائي: (ما بين كذا إلى كذا) (٦) فإنما يحكى هذا الكلام عن أعرابي وحده، وإن صح فوجهه غير ما ذكر، وهو أن يكون (ما) صلة، فيكون الكلام: (مطرنا (٧) زبالة فالثعلبية) كما تقول: أتيت الكوفة فالبصرة. ولو كان معناه (ما بين)، لم يكن المطر بزبالة ولا الثعلبية، لأن ما بينهما غيرهما، وإضمار (بين) فبعيد جداً.
و (البعوض) صغار البق، الواحدة بعوضة، وذلك لأنها كبعض البق في الصغر (٨).
(١) في (أ)، (ج): (يكونان) بسقوط (لا).
(٢) انظر: "الكتاب" ٢/ ١٠٥ - ١٠٧.
(٣) الفراء اختار غير هذا القول كما سبق، وانظر: "معاني القرآن" ١/ ٢٢.
(٤) (سيبويه) ساقط من (ب).
(٥) انظر: "الكتاب" ٢/ ١٠٦.
(٦) هذا الكلام في "معاني القرآن" ولم يعزه للكسائي، عزا إليه كلاما بمعناه قال: (قال الكسائي سمعت أعرابيًّا ورأى الهلال فقال: الحمد لله ما إهلالك إلى سَرارِك، يريد ما بين إهلالك إلى سرارك... وحكا الكسائي عن بعض العرب: الشَّنَقُ ما خمسا إلى خمس وعشرين، يريد ما بين خمس إلى خمس وعشرين. والشَّنَقُ: ما لم تجب فيه الفريضة من الإبل..)، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٢، ٢٣.
(٧) في (ب) (فيكون) (الكلام مثل ما زبالة).
(٨) انظر: "الصحاح" (بعض) ٣/ ١٠٦٦، "زاد المسير" ١/ ٥٥، "القرطبي" ١/ ٢٠٩، ورجح الدميري: أن البعوض غير البق، انظر: "حياة الحيوان" ١/ ١٧٩.
(٢) انظر: "الكتاب" ٢/ ١٠٥ - ١٠٧.
(٣) الفراء اختار غير هذا القول كما سبق، وانظر: "معاني القرآن" ١/ ٢٢.
(٤) (سيبويه) ساقط من (ب).
(٥) انظر: "الكتاب" ٢/ ١٠٦.
(٦) هذا الكلام في "معاني القرآن" ولم يعزه للكسائي، عزا إليه كلاما بمعناه قال: (قال الكسائي سمعت أعرابيًّا ورأى الهلال فقال: الحمد لله ما إهلالك إلى سَرارِك، يريد ما بين إهلالك إلى سرارك... وحكا الكسائي عن بعض العرب: الشَّنَقُ ما خمسا إلى خمس وعشرين، يريد ما بين خمس إلى خمس وعشرين. والشَّنَقُ: ما لم تجب فيه الفريضة من الإبل..)، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٢، ٢٣.
(٧) في (ب) (فيكون) (الكلام مثل ما زبالة).
(٨) انظر: "الصحاح" (بعض) ٣/ ١٠٦٦، "زاد المسير" ١/ ٥٥، "القرطبي" ١/ ٢٠٩، ورجح الدميري: أن البعوض غير البق، انظر: "حياة الحيوان" ١/ ١٧٩.
274
وقوله تعالى: ﴿فَمَا فَوْقَهَا﴾ يعني ما هو أكبر منها، لأن البعوض نهاية في الصغر (١).
قال ابن عباس: يعني الذباب والعنكبوت (٢)، وهما فوق البعوض. [وقيل: أراد بما فوق البعوض] (٣) الفيل، وذلك أن الله تعالى خلق للبعوضة من الأعضاء مثل ما خلق للفيل (٤) على عظمه، وزاد للبعوض جناحين، ففي ضربه المثل به أعظم عبرة وأتم دلالة على كمال قدرته وتمام حكمته.
وقال بعضهم: فما فوقها، يعني في الصغر، يريد فما هو أصغر منها (٥)، لأنه يقال: فلان فوق فلان في الحقارة والدناءة. واختار قوم هذا (٦)، لأن الغرض المطلوب هاهنا الصغر.
فإن قيل: إذا كانت البعوضة هي النهاية في الصغر، فلا معنى في (٧) (فما فوقها) في الصغر، قيل: ليس الأمر على ما قلتم، لأن ما دون
قال ابن عباس: يعني الذباب والعنكبوت (٢)، وهما فوق البعوض. [وقيل: أراد بما فوق البعوض] (٣) الفيل، وذلك أن الله تعالى خلق للبعوضة من الأعضاء مثل ما خلق للفيل (٤) على عظمه، وزاد للبعوض جناحين، ففي ضربه المثل به أعظم عبرة وأتم دلالة على كمال قدرته وتمام حكمته.
وقال بعضهم: فما فوقها، يعني في الصغر، يريد فما هو أصغر منها (٥)، لأنه يقال: فلان فوق فلان في الحقارة والدناءة. واختار قوم هذا (٦)، لأن الغرض المطلوب هاهنا الصغر.
فإن قيل: إذا كانت البعوضة هي النهاية في الصغر، فلا معنى في (٧) (فما فوقها) في الصغر، قيل: ليس الأمر على ما قلتم، لأن ما دون
(١) ذكره الفراء ورجحه، انظر "معاني القرآن" ١/ ٢٠. "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧١، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢١٥، "تفسير الطبري" ١/ ١٨٠، أبي الليث ١/ ١٠٤، والثعلبي ١/ ٥٩ أ، "الكاشف" ١/ ٢٦٥.
(٢) ذكر الثعلبي ١/ ٥٩ أ، وأبو الليث ١/ ١٠٤، وابن قتيبة في "غريب القرآن" ولم يعزه لابن عباس: ص ٢٧.
(٣) ما بين المعقوفين مكرر في (ب).
(٤) في (ب): (الفيل).
(٥) ذكره الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٢٠، والزجاج في "المعاني" ١/ ٧١، والأخفش في "المعاني" ١/ ٢١٥، و"الطبري" ١/ ١٨٠، وضعفه، وذكره أبو الليث ١/ ١٠٤، وأبو عبيده في "المجاز" ١/ ٣٥، وابن قتيبة في "المشكل": ص ٢٧، وابن الأنباري في "الأضداد": ص ٢٥٠، والزمخشري في "الكشاف" ١/ ٢٦٥.
(٦) كأبي عبيدة في "المجاز" ١/ ٣٥، وابن قتيبة في "المشكل": ص ٢٧.
(٧) في (ب): (فلا معنى فيما).
(٢) ذكر الثعلبي ١/ ٥٩ أ، وأبو الليث ١/ ١٠٤، وابن قتيبة في "غريب القرآن" ولم يعزه لابن عباس: ص ٢٧.
(٣) ما بين المعقوفين مكرر في (ب).
(٤) في (ب): (الفيل).
(٥) ذكره الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٢٠، والزجاج في "المعاني" ١/ ٧١، والأخفش في "المعاني" ١/ ٢١٥، و"الطبري" ١/ ١٨٠، وضعفه، وذكره أبو الليث ١/ ١٠٤، وأبو عبيده في "المجاز" ١/ ٣٥، وابن قتيبة في "المشكل": ص ٢٧، وابن الأنباري في "الأضداد": ص ٢٥٠، والزمخشري في "الكشاف" ١/ ٢٦٥.
(٦) كأبي عبيدة في "المجاز" ١/ ٣٥، وابن قتيبة في "المشكل": ص ٢٧.
(٧) في (ب): (فلا معنى فيما).
275
البعوضة في الصغر متوهم معقول، وإن لم ير، كما قال: ﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (٦٥)﴾ [الصافات: ٦٥] [الصافات: ٦٥] فالمشبه به معقول وإن لم ير، وكما قال الشاعر:
وَمَسْنُونةٌ زُرْقٌ كَأنْيَابِ أغْوَالِ (١)
ولم ير ناب الغول. ويؤكد هذا التأويل قول أبي عبيدة في هذه الآية وهو أنه (٢) قال: (فما فوقها) يعني: فما دونها (٣). و (فوق) من الأضداد، لأنه لا فوق (٤) إلا ويصلح أن يكون دون، لأن من فوقك (٥) يصلح أن يكون دون غيرك فذلك فوق (٦) من وجه ودون من وجه (٧). وإذا كان (فوق) بمعنى
وَمَسْنُونةٌ زُرْقٌ كَأنْيَابِ أغْوَالِ (١)
ولم ير ناب الغول. ويؤكد هذا التأويل قول أبي عبيدة في هذه الآية وهو أنه (٢) قال: (فما فوقها) يعني: فما دونها (٣). و (فوق) من الأضداد، لأنه لا فوق (٤) إلا ويصلح أن يكون دون، لأن من فوقك (٥) يصلح أن يكون دون غيرك فذلك فوق (٦) من وجه ودون من وجه (٧). وإذا كان (فوق) بمعنى
(١) عجز بيت لامرئ القيس وصدره:
أيقْتُلُنِي والمشْرَفِيُّ مُضَاجِعِي
المشرفي: السيف، (مسنونة زرق): سهام محددة الأزجه صافية، شبهها بأنياب الأغوال، تشنيعا ومبالغة في الوصف، والأغوال: الشياطين، وقيل: الحيات. انظر "ديوان امرئ القيس": ص ١٢٥، "تهذيب اللغة" (غال) ٨/ ١٩٣، "المخصص" ٨/ ١١، "اللسان" (غول) ٦/ ٣٣١٨، "البحر المحيط" ٢/ ٣٠٤.
(٢) في (ب): (أن).
(٣) "مجاز القرآن" ١/ ٣٥.
(٤) في (ب): (لا فرق).
(٥) في (ب): (فوق الصلح).
(٦) (فوق) ساقط من (ب).
(٧) انظر: "الأضداد" لأبي حاتم: ص١٠١، ولابن الأنباري: ص ٢٥٠، وقد ذكر عن قطرب: (أن فوق تكن بمعنى: (دون) مع الوصف، كقول العرب: إنه لقليل وفوق القليل، ولا تكون بمعنى: (دون) مع الأسماء، كقول العرب: هذِه نملة وفوق النملة...) ورد أقوال المفسرين الذين قالوا: إن (فوقا) في الآية بمعنى (دون)، وغلّطه ابن الأنباري في هذا ورد عليه. والأقرب أن (فوق) في الآية تكون بمعنى: أعظم، وبمعنى: دون، وهذا هو اختيار ابن الأنباري، وانظر: "المشكل" لابن قتيبة: ص ٢٧، "البحر" ١/ ١٢٣، وابن كثير ١/ ٦٩.
أيقْتُلُنِي والمشْرَفِيُّ مُضَاجِعِي
المشرفي: السيف، (مسنونة زرق): سهام محددة الأزجه صافية، شبهها بأنياب الأغوال، تشنيعا ومبالغة في الوصف، والأغوال: الشياطين، وقيل: الحيات. انظر "ديوان امرئ القيس": ص ١٢٥، "تهذيب اللغة" (غال) ٨/ ١٩٣، "المخصص" ٨/ ١١، "اللسان" (غول) ٦/ ٣٣١٨، "البحر المحيط" ٢/ ٣٠٤.
(٢) في (ب): (أن).
(٣) "مجاز القرآن" ١/ ٣٥.
(٤) في (ب): (لا فرق).
(٥) في (ب): (فوق الصلح).
(٦) (فوق) ساقط من (ب).
(٧) انظر: "الأضداد" لأبي حاتم: ص١٠١، ولابن الأنباري: ص ٢٥٠، وقد ذكر عن قطرب: (أن فوق تكن بمعنى: (دون) مع الوصف، كقول العرب: إنه لقليل وفوق القليل، ولا تكون بمعنى: (دون) مع الأسماء، كقول العرب: هذِه نملة وفوق النملة...) ورد أقوال المفسرين الذين قالوا: إن (فوقا) في الآية بمعنى (دون)، وغلّطه ابن الأنباري في هذا ورد عليه. والأقرب أن (فوق) في الآية تكون بمعنى: أعظم، وبمعنى: دون، وهذا هو اختيار ابن الأنباري، وانظر: "المشكل" لابن قتيبة: ص ٢٧، "البحر" ١/ ١٢٣، وابن كثير ١/ ٦٩.
276
(دون) كان المعنى (فما دونها) أي: ما هو أصغر منها.
وقد استشهد على استحسان ضرب المثل بالحقير [في] (١) كلام العرب بقول الفرزدق:
وبقوله أيضاً:
وقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ﴾. مدحهم الله بعلمهم أن المثل وقع في (٦) حقه (٧) وذم الكافرين بإعراضهم عن طريق الاستدلال وإنكارهم ما هو صواب وحكمة.
وقوله تعالى: ﴿مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾. قال أبو إسحاق: (ماذا) يجوز أن يكون (ما) و (ذا) اسماً واحداً، ويكون موضعها نصباً، المعنى:
وقد استشهد على استحسان ضرب المثل بالحقير [في] (١) كلام العرب بقول الفرزدق:
| ضَرَبَتْ عَلَيْكَ العَنْكَبوُتُ بِنَسْجِهَا | وَقَضَى (٢) عَلَيْكَ بِهِ الكِتَابُ المُنْزَلُ (٣) |
| وَهَل شَيءٌ يَكُوُن أذَل بَيتَاً (٤) | مِنَ اليَرْبُوعِ يَحْتَفِرُ التُّرَابَا (٥) |
وقوله تعالى: ﴿مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾. قال أبو إسحاق: (ماذا) يجوز أن يكون (ما) و (ذا) اسماً واحداً، ويكون موضعها نصباً، المعنى:
(١) (في) إضافة من "الوسيط" للواحدي ١/ ٦٦، لاستقامة السياق.
(٢) في (ب): (ومعن).
(٣) استشهد الواحدي بالبيت في "الوسيط" ١/ ٦٦، وهو في "ديوان الفرزدق" ٢/ ١٥٥، من قصيدة طويلة ضمن نقائضه مع جرير.
(٤) (بيتا) ساقط من (ب).
(٥) استشهد الواحدي بالبيت في "الوسيط" ١/ ٦٦، وهو في "ديوان الفرزدق" ١/ ١٠٣.
(٦) (في) ساقط من (ب).
(٧) قال "الطبري": يعرفون أن المثل الذي ضربه الله، لما ضربه له مثل، ثم ذكر عن الربيع وقتادة أن هذا المثل الحق من ربهم، وأنه كلام الله ١/ ١٨١، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧١/ "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ أ.
(٢) في (ب): (ومعن).
(٣) استشهد الواحدي بالبيت في "الوسيط" ١/ ٦٦، وهو في "ديوان الفرزدق" ٢/ ١٥٥، من قصيدة طويلة ضمن نقائضه مع جرير.
(٤) (بيتا) ساقط من (ب).
(٥) استشهد الواحدي بالبيت في "الوسيط" ١/ ٦٦، وهو في "ديوان الفرزدق" ١/ ١٠٣.
(٦) (في) ساقط من (ب).
(٧) قال "الطبري": يعرفون أن المثل الذي ضربه الله، لما ضربه له مثل، ثم ذكر عن الربيع وقتادة أن هذا المثل الحق من ربهم، وأنه كلام الله ١/ ١٨١، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧١/ "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ أ.
277
أي شيء أراد الله بهذا مثلًا؟ ويجوز أن يكون (ذا) مع (ما) بمنزلة (الذي) فيكون المعنى: ما الذي أراده (١) الله بهذا مثلا؟ فيكون (ما) رفعاً بالابتداء و (ذا) في معنى الذي وهو خبر الابتداء، انتهى كلامه (٢).
وفائدة الوجهين يتبين في الجواب، فإنك إن جعلته اسمًا واحداً كان جوابه منصوبًا، وإن جعلت (ما) ابتداء و (ذا) خبره كان الجواب مرفوعا، مثاله أنَّ قائلا لو (٣) قال لك: ماذا أراد الله بهذا مثلا؟ قلت: البيانَ لحال (٤) الذي ضرب له المثل، لأنك أبدلته من (ماذا) وهو نصب. وفي الوجه الثاني قلت: البيانُ بالرفع؛ لأن (ذا) محله رفع بخبر الابتداء (٥). وجاء في القرآن بالتقديرين (٦) جميعًا في قوله: ﴿مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا﴾ [النحل: ٣٠]، و ﴿مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ [النحل: ٢٤] فعلى النصب كأنه قيل: أي شيء أنزل ربكم (٧)؟، وعلى الرفع (٨): أي شيء الذي (٩) أنزله (١٠)
وفائدة الوجهين يتبين في الجواب، فإنك إن جعلته اسمًا واحداً كان جوابه منصوبًا، وإن جعلت (ما) ابتداء و (ذا) خبره كان الجواب مرفوعا، مثاله أنَّ قائلا لو (٣) قال لك: ماذا أراد الله بهذا مثلا؟ قلت: البيانَ لحال (٤) الذي ضرب له المثل، لأنك أبدلته من (ماذا) وهو نصب. وفي الوجه الثاني قلت: البيانُ بالرفع؛ لأن (ذا) محله رفع بخبر الابتداء (٥). وجاء في القرآن بالتقديرين (٦) جميعًا في قوله: ﴿مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا﴾ [النحل: ٣٠]، و ﴿مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ [النحل: ٢٤] فعلى النصب كأنه قيل: أي شيء أنزل ربكم (٧)؟، وعلى الرفع (٨): أي شيء الذي (٩) أنزله (١٠)
(١) في (ب): (أرا د).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٢، وانظر: "مشكل إعراب القرآن" لمكي ١/ ٣٢، "البيان" ١/ ٦٦، "الإملاء" ١/ ٢٦، وقد ذكر النحويون أن (ماذا) تأتي في ستة أوجه، لكن يجوز في الآية وجهان ذكرهما المؤلف، انظر مغنى اللبيب ١/ ٣٠٠ "البحر" ١/ ١٢٤، و"الدر المصون" ١/ ٢٢٣.
(٣) (لو) ساقطة من (ب).
(٤) في (أ)، (ج): (الحال) أتنبت ما في (ب) لمناسبته للسياق.
(٥) انظر: "الكتاب" ٢/ ٤١٧، ٤١٨، "الكشاف" ١/ ٢٦٦، "البحر" ١/ ١٢٤،.
(٦) في (ب): (التقدير).
(٧) وعليه جاءت الآية الأولى: (قالوا خيرا).
(٨) وعليه جاءت الآية الثانية: (قالوا أساطير الأولين) انظر "الكتاب" ٢/ ٤١٧.
(٩) (الذي) ساقط من (ب).
(١٠) في (ج): (أنزل).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٢، وانظر: "مشكل إعراب القرآن" لمكي ١/ ٣٢، "البيان" ١/ ٦٦، "الإملاء" ١/ ٢٦، وقد ذكر النحويون أن (ماذا) تأتي في ستة أوجه، لكن يجوز في الآية وجهان ذكرهما المؤلف، انظر مغنى اللبيب ١/ ٣٠٠ "البحر" ١/ ١٢٤، و"الدر المصون" ١/ ٢٢٣.
(٣) (لو) ساقطة من (ب).
(٤) في (أ)، (ج): (الحال) أتنبت ما في (ب) لمناسبته للسياق.
(٥) انظر: "الكتاب" ٢/ ٤١٧، ٤١٨، "الكشاف" ١/ ٢٦٦، "البحر" ١/ ١٢٤،.
(٦) في (ب): (التقدير).
(٧) وعليه جاءت الآية الأولى: (قالوا خيرا).
(٨) وعليه جاءت الآية الثانية: (قالوا أساطير الأولين) انظر "الكتاب" ٢/ ٤١٧.
(٩) (الذي) ساقط من (ب).
(١٠) في (ج): (أنزل).
278
ربكم؟ واستشهد سيبويه (١) في الرفع بقول الشاعر:
وبقولهم: (عَمَّاذَا تَسْأَل) على أنهما بمنزلة اسم واحد ولو لم يكن كذلك لقالوا: (عم ذا تسأل) (٣) وذكرنا هذه المسألة بأبلغ من هذا في الشرح، عند قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾ [البقرة: ٢١٩].
وفي نصب قوله: ﴿مَثَلًا﴾ وجوه، أحدها: الحال (٤)، لأنه جاء بعد تمام الكلام كأنه قيل: ماذا أراد الله بهذا مبينا. والثاني: التمييز والتفسير للمبهم (٥)، وهو (هذا) كأنه قيل ماذا أراد الله بهذا من
| ألا تسألانِ المرءَ ماذا يُحاوِلُ | أَنَحْبٌ فَيُقْضَى أمْ ضَلالٌ وَبَاطِلُ (٢) |
وفي نصب قوله: ﴿مَثَلًا﴾ وجوه، أحدها: الحال (٤)، لأنه جاء بعد تمام الكلام كأنه قيل: ماذا أراد الله بهذا مبينا. والثاني: التمييز والتفسير للمبهم (٥)، وهو (هذا) كأنه قيل ماذا أراد الله بهذا من
(١) "الكتاب" ١/ ٤١٧.
(٢) البيت مطلع قصيدة للبيد بن ربيعة، يرثي بها النعمان بن المنذر.
النحب: النذر، يقول: ألا تسألان رجلًا مجتهداً في أمر الدنيا والسعي خلفها، كأنه أوجب على نفسه نذرا في ذلك، فهو يجري لقضاء ذلك النذر، أم هو ضلال وباطل من أمره. ورد البيت عند سيبوبه ٢/ ٤١٧، "معاني القرآن" للفراء١/ ١٣٩، (المعاني الكبير) ٣/ ١٢٠١، "جمل الزجاجي" ص ٣٤٩، "المخصص" ١٤/ ١٠٣، "مغني اللبيب" ١/ ٣٠٠، "شرح المفصل" ٣/ ١٤٩، ٤/ ٢٣، "الخزانة" ٢/ ٢٥٢، ٦/ ١٤٥، "الدر المصون" ١/ ٢٢٩ (ديوان لبيد) ص ٢٥٤، والشاهد (أنحب) حيث جاء مرفوعًا فدل على أن (ذا) في معني (الذي).
(٣) (عم ذا تسأل) بحذف ألف (ما) لأن (ما) إذا كانت استفهاما ودخل عليها حرف الجر حذفت ألفها، فلما ثبتت الألف دل على أنها مركبة مع (ذا)، انظر: "الكتاب" ٢/ ٤١٨، "شرح المفصل" ٣/ ١٥٠.
(٤) اختلف في صاحب الحال، فقيل: اسم الإشارة، وقيل لفظ الجلالة (الله)، انظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٤١٨، "المشكل" لمكي ١/ ٢٣١، وبن عطية ١/ ٢١٣، "البيان" ١/ ٦٧، "البحر" ١/ ١٢٥، "الدر المصون" ١/ ٢٣١.
(٥) في (ب) (للمتهم).
(٢) البيت مطلع قصيدة للبيد بن ربيعة، يرثي بها النعمان بن المنذر.
النحب: النذر، يقول: ألا تسألان رجلًا مجتهداً في أمر الدنيا والسعي خلفها، كأنه أوجب على نفسه نذرا في ذلك، فهو يجري لقضاء ذلك النذر، أم هو ضلال وباطل من أمره. ورد البيت عند سيبوبه ٢/ ٤١٧، "معاني القرآن" للفراء١/ ١٣٩، (المعاني الكبير) ٣/ ١٢٠١، "جمل الزجاجي" ص ٣٤٩، "المخصص" ١٤/ ١٠٣، "مغني اللبيب" ١/ ٣٠٠، "شرح المفصل" ٣/ ١٤٩، ٤/ ٢٣، "الخزانة" ٢/ ٢٥٢، ٦/ ١٤٥، "الدر المصون" ١/ ٢٢٩ (ديوان لبيد) ص ٢٥٤، والشاهد (أنحب) حيث جاء مرفوعًا فدل على أن (ذا) في معني (الذي).
(٣) (عم ذا تسأل) بحذف ألف (ما) لأن (ما) إذا كانت استفهاما ودخل عليها حرف الجر حذفت ألفها، فلما ثبتت الألف دل على أنها مركبة مع (ذا)، انظر: "الكتاب" ٢/ ٤١٨، "شرح المفصل" ٣/ ١٥٠.
(٤) اختلف في صاحب الحال، فقيل: اسم الإشارة، وقيل لفظ الجلالة (الله)، انظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٤١٨، "المشكل" لمكي ١/ ٢٣١، وبن عطية ١/ ٢١٣، "البيان" ١/ ٦٧، "البحر" ١/ ١٢٥، "الدر المصون" ١/ ٢٣١.
(٥) في (ب) (للمتهم).
279
الأمثال (١). والثالث: القطع، كأنه قيل: ماذا أراد الله بهذا المثل (٢)؟ إلا أنه لما جاء نكرة (٣) نصب على القطع عن إتباع المعرفة، وهذا مذهب الفراء وأحمد بن يحيى (٤)، ومعناه: إن الذين كفروا يقولون: أي فائدة في ضرب المثل بهذا؟ فأضلهم الله سبحانه فقال: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ (٥) أي: أراد الله بهذا المثل أن يضل به كثيرًا من الكافرين، وذلك (٦) أنهم ينكرونه ويكذبونه. ويهدي به كثيرًا من المؤمنين، لأنهم يعرفونه ويصدقون به (٧).
قال (٨) الأزهري: (والإضلال) في كلام العرب ضد الهداية والإرشاد، يقال (٩): أضللت فلانا، إذا وجهته للضلال عن الطريق فلم (١٠) ترشده، وإياه أراد لبيد بقوله:
قال (٨) الأزهري: (والإضلال) في كلام العرب ضد الهداية والإرشاد، يقال (٩): أضللت فلانا، إذا وجهته للضلال عن الطريق فلم (١٠) ترشده، وإياه أراد لبيد بقوله:
(١) انظر: "المشكل" لمكي١/ ٣٣، وابن عطية ١/ ٢١٣، "البيان" ١/ ٦٧، "الإملاء" ١/ ٢٦، "البحر" ١/ ١٢٥، "الدر المصون" ١/ ٢٣١.
(٢) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٥٤، والثعلبي ١/ ٩٥ أ، "البحر" ١/ ١٢٥،
وقال أبو حيان: إن هذا مذهب الكوفيين، والمراد بالقطع: أنه يجوز أن يعرب
بإعراب الاسم الذي قبله، فإذا لم تتبعه في الإعراب وقطعته عنه نصب على
القطع، وقال: وهذا كله عند البصريين منصوب على الحال، ولم يثبت البصريون
النصب على القطع، انظر: "الدر المصون" ١/ ٢٣١.
(٣) في (ب): (ذكره).
(٤) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٥٤، "البحر" ١/ ١٢٥.
(٥) قوله: (يهدي به كثيرا) ساقط من (أ)، (ج).
(٦) في (ب): (وكذلك).
(٧) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ ب.
(٨) في (ب): (كذلك قال الأزهري).
(٩) في (ب): (يقول).
(١٠) قوله: (فلم ترشده) ليس في "تهذيب اللغة".
(٢) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٥٤، والثعلبي ١/ ٩٥ أ، "البحر" ١/ ١٢٥،
وقال أبو حيان: إن هذا مذهب الكوفيين، والمراد بالقطع: أنه يجوز أن يعرب
بإعراب الاسم الذي قبله، فإذا لم تتبعه في الإعراب وقطعته عنه نصب على
القطع، وقال: وهذا كله عند البصريين منصوب على الحال، ولم يثبت البصريون
النصب على القطع، انظر: "الدر المصون" ١/ ٢٣١.
(٣) في (ب): (ذكره).
(٤) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٥٤، "البحر" ١/ ١٢٥.
(٥) قوله: (يهدي به كثيرا) ساقط من (أ)، (ج).
(٦) في (ب): (وكذلك).
(٧) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ ب.
(٨) في (ب): (كذلك قال الأزهري).
(٩) في (ب): (يقول).
(١٠) قوله: (فلم ترشده) ليس في "تهذيب اللغة".
280
| مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الخَيْرِ اهْتَدى | نَاعِمَ البَالِ ومَنْ شَاءَ أَضَل (١) |
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾. قال الليث: (الفسق) الترك لأمر الله، ومثله (الفسوق) (٧). قال أبو عبيدة: وأصله في اللغة الجور
(١) البيت ورد في "تهذيب اللغة" (ضل) ٣/ ٢١٣٠، "اللسان" (ضلل) ٥/ ٢٦٠١، "ديوان لبيد مع شرحه" ص ١٧٤، "الوسيط" للواحدي ١/ ٦٧.
(٢) في (ب): (تضل وتهدي).
(٣) جزء من آية في النحل: ٩٣، وسورة فاطر آية: ٨
(٤) "تهذيب اللغة" (ضل) ٣/ ٢١٣٠، وانظر: "اللسان" (ضلل) ٥/ ٢٦٠١.
(٥) في (ب): (بضلال).
(٦) يرد بهذا على المعتزلة الذين قالوا: إن الله لا يخلق الضلال، ومعناه الإضلال عندهم هنا: الحكم أو التسمية، أو أنه من إسناد الفعل إلى السبب كما قال الزمخشري في "الكشاف" ١/ ٢٦٧.
وعند أهل السنة: أن الله خالق العباد وخالق أفعالهم، انظر "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٥، وابن عطية ١/ ٢١٦ - ٢١٧، "الإنصاف" فيما تضمنه "الكشاف" من الاعتزال حاشية على "الكشاف" ١/ ٢٦٧، "القرطبي" ١/ ٢٠٩ - ٢١٠. قال ابن كثير: قال السدي في "تفسيره": عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة: (يضل به كثيرا) يعني به المنافقين (ويهدي به كثيرا) يعني به المؤمنين فيزيد هؤلاء ضلالة إلى ضلالتهم لتكذيبهم.. ويهدي به بمعنى: المثل كثيرا من أهل الإيمان والتصديق فيزيدهم هدى إلى هداهم وإيمانا إلى إيمانهم لتصديقهم..) ابن كثير ١/ ٦٩ - ٧٠.
(٧) "تهذيب اللغة" (فسق) ٣/ ٢٧٨٨.
(٢) في (ب): (تضل وتهدي).
(٣) جزء من آية في النحل: ٩٣، وسورة فاطر آية: ٨
(٤) "تهذيب اللغة" (ضل) ٣/ ٢١٣٠، وانظر: "اللسان" (ضلل) ٥/ ٢٦٠١.
(٥) في (ب): (بضلال).
(٦) يرد بهذا على المعتزلة الذين قالوا: إن الله لا يخلق الضلال، ومعناه الإضلال عندهم هنا: الحكم أو التسمية، أو أنه من إسناد الفعل إلى السبب كما قال الزمخشري في "الكشاف" ١/ ٢٦٧.
وعند أهل السنة: أن الله خالق العباد وخالق أفعالهم، انظر "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٥، وابن عطية ١/ ٢١٦ - ٢١٧، "الإنصاف" فيما تضمنه "الكشاف" من الاعتزال حاشية على "الكشاف" ١/ ٢٦٧، "القرطبي" ١/ ٢٠٩ - ٢١٠. قال ابن كثير: قال السدي في "تفسيره": عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة: (يضل به كثيرا) يعني به المنافقين (ويهدي به كثيرا) يعني به المؤمنين فيزيد هؤلاء ضلالة إلى ضلالتهم لتكذيبهم.. ويهدي به بمعنى: المثل كثيرا من أهل الإيمان والتصديق فيزيدهم هدى إلى هداهم وإيمانا إلى إيمانهم لتصديقهم..) ابن كثير ١/ ٦٩ - ٧٠.
(٧) "تهذيب اللغة" (فسق) ٣/ ٢٧٨٨.
281
والميل عن الطاعة، يقال: (فسق) إذا جار. وأنشد (١):
فواسِقًا عَنْ قَصْدِهِ (٢) جَوَائِرا (٣)
وقال الفراء (الفسق) (٤) الخروج عن الطاعة، قال: والعرب تقول: فسقت الرطبة من قشرها، لخروجها منه، وكأن الفأرة إنما سميت (فويسقة) لخروجها من جحرها على الناس (٥). وقال أبو العباس: (الفسوق) الخروج (٦). وقال أبو الهيثم: وقد يكون الفسوق شركًا، ويكون إثمًا (٧). والذي أريد به هاهنا الكفر (٨) لقوله (٩) تعالى:
٢٧ - ﴿الَّذِينَ ينَقُضُونَ﴾. (والذين) من صفة الفاسقين. و (النقض) في
فواسِقًا عَنْ قَصْدِهِ (٢) جَوَائِرا (٣)
وقال الفراء (الفسق) (٤) الخروج عن الطاعة، قال: والعرب تقول: فسقت الرطبة من قشرها، لخروجها منه، وكأن الفأرة إنما سميت (فويسقة) لخروجها من جحرها على الناس (٥). وقال أبو العباس: (الفسوق) الخروج (٦). وقال أبو الهيثم: وقد يكون الفسوق شركًا، ويكون إثمًا (٧). والذي أريد به هاهنا الكفر (٨) لقوله (٩) تعالى:
٢٧ - ﴿الَّذِينَ ينَقُضُونَ﴾. (والذين) من صفة الفاسقين. و (النقض) في
(١) "مجاز القرآن" ١/ ٤٠٦، "تهذيب اللغة" (فسق) ٣/ ٢٧٨٨، والخص من "التهذيب".
(٢) في (ب): (أمره) وهي رواية وردت في "اللسان" (فسق) ٦/ ٣٤١٤.
(٣) البيت لرؤبة كما في "مجاز القرآن" وقبله:
يهوِين في نَجد وغورًا غائرا
يصف إبلا منعدلة عن قصد نجد ورد البيت في "مجاز القرآن" ١/ ٤٠٦، وفيه (قصدها) بدل (قصده) ومثله عند "الطبري" ١٥/ ٢٦١، وبمثل رواية الواحدي ورد في "الزاهر" ١/ ٢١٨، "تهذيب اللغة" (فسق) ٣/ ٢٧٨٨، "اللسان" ٦/ ٣٤١٤، "القرطبي" ١/ ٢١٠.
(٤) (الفسق) ساقط من (ب)
(٥) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٤٧، وفيه قوله: (ففسق عن أمر ربه) أي: خرج عن طاعة ربه، والعرب تقول:.. ونحوه في "التهذيب" (فسق).
(٦) "تهذيب اللغة" (فسق) ٣/ ٢٧٧٨.
(٧) في "التهذيب" وقال أبو الهيثم: الفسوق يكون الشرك ويكون الإثم (فسق) ٣/ ٢٧٨٩، وانظر: "اللسان" (فسق) ٦/ ٣٤١٤.
(٨) انظر: "الطبري" ١/ ١٨٢، و"ابن كثير" ١/ ٧٠، "زاد المسير" ١/ ٥٦، و"القرطبي" ١/ ٢١٠.
(٩) في (ب): (كقوله).
(٢) في (ب): (أمره) وهي رواية وردت في "اللسان" (فسق) ٦/ ٣٤١٤.
(٣) البيت لرؤبة كما في "مجاز القرآن" وقبله:
يهوِين في نَجد وغورًا غائرا
يصف إبلا منعدلة عن قصد نجد ورد البيت في "مجاز القرآن" ١/ ٤٠٦، وفيه (قصدها) بدل (قصده) ومثله عند "الطبري" ١٥/ ٢٦١، وبمثل رواية الواحدي ورد في "الزاهر" ١/ ٢١٨، "تهذيب اللغة" (فسق) ٣/ ٢٧٨٨، "اللسان" ٦/ ٣٤١٤، "القرطبي" ١/ ٢١٠.
(٤) (الفسق) ساقط من (ب)
(٥) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٤٧، وفيه قوله: (ففسق عن أمر ربه) أي: خرج عن طاعة ربه، والعرب تقول:.. ونحوه في "التهذيب" (فسق).
(٦) "تهذيب اللغة" (فسق) ٣/ ٢٧٧٨.
(٧) في "التهذيب" وقال أبو الهيثم: الفسوق يكون الشرك ويكون الإثم (فسق) ٣/ ٢٧٨٩، وانظر: "اللسان" (فسق) ٦/ ٣٤١٤.
(٨) انظر: "الطبري" ١/ ١٨٢، و"ابن كثير" ١/ ٧٠، "زاد المسير" ١/ ٥٦، و"القرطبي" ١/ ٢١٠.
(٩) في (ب): (كقوله).
282
اللغة: الهدم، وإفساد ما أبرمته من حبل أو بناء (١)، و (نقيض الشيء) (٢): ما ينقضه (٣) اي: يهدمه ويرفع حكمه (٤).
والمناقضة في الشعر أن (٥) يقول الشاعر قصيدة، فينقض عليه شاعر آخر حتى يجيء بغير ما قال، والاسم النقيضة (٦) ويجمع على النقائض، ولهذا المعنى قالوا: نقائض (٧) جرير والفرزدق (٨).
وقوله تعالى: ﴿عَهْدَ اللَّهِ﴾. (العهد) في اللغة يكون لأشياء مختلفة (٩)، والذي أريد به هاهنا الوصية (١٠) والأمر من قولهم: عهد الخليفة إلى فلان كذا وكذا، أي (١١): أمره. ومنه قوله تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ﴾ [يس:
والمناقضة في الشعر أن (٥) يقول الشاعر قصيدة، فينقض عليه شاعر آخر حتى يجيء بغير ما قال، والاسم النقيضة (٦) ويجمع على النقائض، ولهذا المعنى قالوا: نقائض (٧) جرير والفرزدق (٨).
وقوله تعالى: ﴿عَهْدَ اللَّهِ﴾. (العهد) في اللغة يكون لأشياء مختلفة (٩)، والذي أريد به هاهنا الوصية (١٠) والأمر من قولهم: عهد الخليفة إلى فلان كذا وكذا، أي (١١): أمره. ومنه قوله تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ﴾ [يس:
(١) ذكر نحوه الأزهري عن الليث، "تهذيب اللغة" (نقض) ٤/ ٣٦٤٨، وانظر "اللسان" (نقض) ٨/ ٤٥٢٤.
(٢) في (أ): (نقيض).
(٣) في (أ) و (ج): (ما تنقضه) وما في (ب) أصح، وموافق لما في "الوسيط" ١/ ٦٨.
(٤) النقض: لغة: هو الكسر، وفي الاصطلاح: بيان تخلف الحكم المدعي عليه ثبوته أو نفيه عن دليل المعلل الدال عليه في بعض الصور. انظر "التعريفات" للجرجاني ص ٢٤٥. والتناقض: (اختلاف قضيتين بالإيجاب والسلب بحيث يقتضي لذاته أن يكون إحداهما صادقة والأخرى كاذبة) انظر: "تيسير القواعد المنطقية شرح الرسالة الشمسية" ١/ ١٦٩.
(٥) في (ب): (الشعر أو يقول...).
(٦) في (ب): (النقضة).
(٧) في (ب): (أنقاض).
(٨) ذكره الأزهري في "التهذيب" عن الليث (نقض) ٨/ ٣٦٤، انظر "اللسان" (نقض) ٨/ ٤٥٢٤.
(٩) ذكر الأزهري عن أبي عبيد أن العهد يكون في أشياء مختلفة ثم ذكرها، انظر: "التهذيب" (عهد) ٣/ ٣٢٦٠٧.
(١٠) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢١٧.
(١١) في (ب): (أدا).
(٢) في (أ): (نقيض).
(٣) في (أ) و (ج): (ما تنقضه) وما في (ب) أصح، وموافق لما في "الوسيط" ١/ ٦٨.
(٤) النقض: لغة: هو الكسر، وفي الاصطلاح: بيان تخلف الحكم المدعي عليه ثبوته أو نفيه عن دليل المعلل الدال عليه في بعض الصور. انظر "التعريفات" للجرجاني ص ٢٤٥. والتناقض: (اختلاف قضيتين بالإيجاب والسلب بحيث يقتضي لذاته أن يكون إحداهما صادقة والأخرى كاذبة) انظر: "تيسير القواعد المنطقية شرح الرسالة الشمسية" ١/ ١٦٩.
(٥) في (ب): (الشعر أو يقول...).
(٦) في (ب): (النقضة).
(٧) في (ب): (أنقاض).
(٨) ذكره الأزهري في "التهذيب" عن الليث (نقض) ٨/ ٣٦٤، انظر "اللسان" (نقض) ٨/ ٤٥٢٤.
(٩) ذكر الأزهري عن أبي عبيد أن العهد يكون في أشياء مختلفة ثم ذكرها، انظر: "التهذيب" (عهد) ٣/ ٣٢٦٠٧.
(١٠) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢١٧.
(١١) في (ب): (أدا).
283
٦٠] أي ألم آمركم (١). والعهد أيضًا (٢) العقد الذي يتوثق به لما بعد (٣).
وذكر أبو إسحاق للعهد (٤) المذكور في هذه الآية وجهين (٥) أحدهما: ما أخذه على النبيين ومن اتبعهم ألا يكفروا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ﴾ [آل عمران: ٨١].
وقال (٦): يجوز أن يكون عهد الله الذي أخذه من بين آدم من ظهورهم يوم الميثاق حين قال: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ [الأعراف: ١٧٢] ثم جحدوا ونقضوا ذلك العهد في حال كمال عقولهم.
والوجه الأول أصحهما، من قبل أن الله لا يحتج عليهم بما لا يعرفون، لأنه بمنزلة ما لم يكن إذا كانوا لا يشعرون به، ولا لهم دلالة عليه. والثاني مع هذه صحيح، لأنهم (٧) عرفوا ذلك العهد بخبر الصادق، فكان كما لو كانوا يشعرون به (٨).
وذكر أبو إسحاق للعهد (٤) المذكور في هذه الآية وجهين (٥) أحدهما: ما أخذه على النبيين ومن اتبعهم ألا يكفروا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ﴾ [آل عمران: ٨١].
وقال (٦): يجوز أن يكون عهد الله الذي أخذه من بين آدم من ظهورهم يوم الميثاق حين قال: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ [الأعراف: ١٧٢] ثم جحدوا ونقضوا ذلك العهد في حال كمال عقولهم.
والوجه الأول أصحهما، من قبل أن الله لا يحتج عليهم بما لا يعرفون، لأنه بمنزلة ما لم يكن إذا كانوا لا يشعرون به، ولا لهم دلالة عليه. والثاني مع هذه صحيح، لأنهم (٧) عرفوا ذلك العهد بخبر الصادق، فكان كما لو كانوا يشعرون به (٨).
(١) أنظر: "تهذيب اللغة" (عهد) ٣/ ٢٦٠٧.
(٢) في (ج): (أيضم).
(٣) انظر: "التهذيب" (عهد) ٣/ ٢٦٠٧، "مفردات الراغب" ص ٣٥٠.
(٤) في (ب): (العهد).
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٣، ٧٢، وقد ذكر ثلاثة أوجه، وجهان ذكرهما المؤلف هنا، والثالث حين قال: وقال قوم: إن عهد الله: هو الاستدلال على توحيده، وأن كل مميز يعلم أن الله خالق، فعليه الإيمان به، ثم قال: والقولان الأولان في القرآن ما يصدق تفسيرهما. وذكر "الطبري" هذِه الوجوه وغيرها.
(٦) هذا هو الوجه الثاني.
(٧) في (أ)، (ج): (لأنه) وأثبت ما في (ب) لأنه أصح في السياق.
(٨) وبهذا يستدرك الواحدي على كلامه السابق عن العهد الذي أخذه الله على بني آدم حين استخرج ذرية آدم من ظهره، فهذا العهد ثابت بالخبر الصحيح، أخرجه "الطبري" في (تفسيره)، وجمع محمود شاكر طرقه وانتهى إلى الأخذ بما قرره =
(٢) في (ج): (أيضم).
(٣) انظر: "التهذيب" (عهد) ٣/ ٢٦٠٧، "مفردات الراغب" ص ٣٥٠.
(٤) في (ب): (العهد).
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٣، ٧٢، وقد ذكر ثلاثة أوجه، وجهان ذكرهما المؤلف هنا، والثالث حين قال: وقال قوم: إن عهد الله: هو الاستدلال على توحيده، وأن كل مميز يعلم أن الله خالق، فعليه الإيمان به، ثم قال: والقولان الأولان في القرآن ما يصدق تفسيرهما. وذكر "الطبري" هذِه الوجوه وغيرها.
(٦) هذا هو الوجه الثاني.
(٧) في (أ)، (ج): (لأنه) وأثبت ما في (ب) لأنه أصح في السياق.
(٨) وبهذا يستدرك الواحدي على كلامه السابق عن العهد الذي أخذه الله على بني آدم حين استخرج ذرية آدم من ظهره، فهذا العهد ثابت بالخبر الصحيح، أخرجه "الطبري" في (تفسيره)، وجمع محمود شاكر طرقه وانتهى إلى الأخذ بما قرره =
284
وهذا (١) الوجه هو قول ابن عباس ذكره في قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾ [الرعد: ٢٥] في سورة الرعد، قال: يريد الذي (٢) عهد إليهم في صلب آدم ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ (٣).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾. (من) صلة لأجل التأكيد (٤). والميثاق: ما وقع التوثيق (٥) به، كما أن الميقات ما وقع التوقيت به، ومواقيت الحج من ذلك، لأنه وقع توقيت الإحرام ببلوغها. والكتاب أو
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾. (من) صلة لأجل التأكيد (٤). والميثاق: ما وقع التوثيق (٥) به، كما أن الميقات ما وقع التوقيت به، ومواقيت الحج من ذلك، لأنه وقع توقيت الإحرام ببلوغها. والكتاب أو
= أحمد شاكر من تصحيح الحديث انظر: "الطبري" ١٣/ ٢٢٣، ٢٢٢. قال ابن الجوزي: (ونحن وإن لم نذكر ذلك العهد، فقد ثبت بخبر الصادق فيجب الإيمان به) "زاد المسير" ١/ ٥٦. ويبقى السؤال هل الميثاق المأخوذ عليهم هو العهد المراد بهذِه الآية أم لا؟ رجح ابن جرير: أن المراد بالعهد في هذِه الآية العهد الذي أخذه الله على بني إسرائيل في التوراة من الإقرار بمحمد - ﷺ - بما جاء به وتبيين نبوته. انظر: "الطبري" ١/ ١٨٢ - ١٨٣. ورجح القرطبي وغيره. أنها عامة والعهد هو وصية الله تعالى إلى خلقه وأمره إياهم بطاعته وطاعة رسله، ونقضهم للعهد ترك ذلك. انظر: "القرطبي" ١/ ٢١٠، ابن كثير ١/ ٧٠.
(١) في (أ)، (ج): (هذِه) وأثبت ما في (ب) لأنه أصح في السياق.
(٢) في (ب): (الذين).
(٣) سورة الأعراف: ١٧٢. الأثر عن ابن عباس ذكره الواحدي في "الوسيط" قال (وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء) "الوسيط" ١/ ٦٨. ولم أجد الأثر عن ابن عباس في هذا المعنى في آية (البقرة) ولا في آية (الرعد) وقد وردت آثار عن ابن عباس من طريق عطاء في الميثاق الذي أخذه الله على بني آدم أوردها "الطبري" في تفسير قوله تعالى: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: ١٧٢] وليس في الآثار ذكر أنه هو العهد المراد بآية البقرة أو الرعد. انظر: "تفسير الطبري" ٩/ ١١٠ - ١١٨.
(٤) وقيل: لابتداء الغاية، انظر: "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢٧، "زاد المسير" ١/ ٥٦، "البحر" ١/ ١٢٧، قال أبو حيان: إن القول إنها زائدة بعيد.
(٥) في (ب): (للتوثيق).
(١) في (أ)، (ج): (هذِه) وأثبت ما في (ب) لأنه أصح في السياق.
(٢) في (ب): (الذين).
(٣) سورة الأعراف: ١٧٢. الأثر عن ابن عباس ذكره الواحدي في "الوسيط" قال (وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء) "الوسيط" ١/ ٦٨. ولم أجد الأثر عن ابن عباس في هذا المعنى في آية (البقرة) ولا في آية (الرعد) وقد وردت آثار عن ابن عباس من طريق عطاء في الميثاق الذي أخذه الله على بني آدم أوردها "الطبري" في تفسير قوله تعالى: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: ١٧٢] وليس في الآثار ذكر أنه هو العهد المراد بآية البقرة أو الرعد. انظر: "تفسير الطبري" ٩/ ١١٠ - ١١٨.
(٤) وقيل: لابتداء الغاية، انظر: "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢٧، "زاد المسير" ١/ ٥٦، "البحر" ١/ ١٢٧، قال أبو حيان: إن القول إنها زائدة بعيد.
(٥) في (ب): (للتوثيق).
285
الكلام الذي يستوثق به: ميثاق، الوقت الذي يعقد به الوعد: ميعاد (١)، وكذلك المصداق (٢) ما انعقد الصدق به (٣).
و (الياء) في الميثاق منقلبة عن الواو (٤).
وقال الفراء: يقال في جمع الميثاق: مياثق ومواثق، قال (٥):
والكناية في الميثاق يجوز أن تكون (٧) عائدة على الله، [أي: من بعد ميثاق الله ذلك العهد، بما أكد من إيجابه عليهم. ويجوز أن تعود على العهد] (٨)، أي: من بعد ميثاق العهد وتوكده (٩).
و (الياء) في الميثاق منقلبة عن الواو (٤).
وقال الفراء: يقال في جمع الميثاق: مياثق ومواثق، قال (٥):
| حِمىً لاَ يُحَلُّ الدَّهْرَ إلَّا بِإذْنِنَا | وَلَا نَسْأَلُ الأَقْواَمَ عَقْدَ المَيَاثِقِ (٦) |
(١) في (ج): (من معاد).
(٢) في (ب): (الصداق).
(٣) انظر. "الوسيط" ١/ ٦٩، و"الطبري" ١/ ١٨٤، "تهذيب اللغة" (وثق) ٤/ ٣٨٣٤، "الكشاف" ٢/ ٢٦٨، "البحر" ١/ ١٢٧، "القرطبي" ١/ ٢١١.
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ ب، "القرطبي" ١/ ٢١١.
(٥) قول الفراء أورده الأزهري في "تهذيب اللغة"، قال: وأنشد في لغة (الياء)، أي (مياثق) "التهذيب" (وثق) ٤/ ٣٨٣٤، وانظر "اللسان" (وثق) ٨/ ٤٧٦٤.
(٦) البيت لعياض بن درة الطائي، وقيل: عياض بن أم درة، يصف قومه بالمنعة والقوة يقول: لنا حمى لا يحله احد إلا بإذننا، ولا نسأل أحدا عقد ميثاق حماية. ورد البيت في "تهذيب اللغة" (وثق) ٤/ ٣٨٣٤، "إصلاح المنطق" ص ١٣٨، "الخصائص" ٣/ ١٧٥، "اللسان" (وثق) ٨/ ٤٧٦٤، "شرح المفصل" ٥/ ٢٢١، وأورد أبو زيد البيت على رواية (المواثق) وقال عن راوية المياثق: إنها شاذة: انظر "النوادر" ص ٢٧١.
(٧) في (أ)، (ج): (يكون) واخترت ما في (ب) لأنه أصح في السياق.
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج) والزيادة في (ب) يقتضيها السياق وقد وردت في "الوسيط" ١/ ٦٩.
(٩) انظر "الطبري" ١/ ١٨٤، وابن عطية ١/ ٢١٨، "زاد المسير" ١/ ٥٦، "الإملاء" ١/ ٢٧، "الكشاف" ١/ ٢٦٨.
(٢) في (ب): (الصداق).
(٣) انظر. "الوسيط" ١/ ٦٩، و"الطبري" ١/ ١٨٤، "تهذيب اللغة" (وثق) ٤/ ٣٨٣٤، "الكشاف" ٢/ ٢٦٨، "البحر" ١/ ١٢٧، "القرطبي" ١/ ٢١١.
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ ب، "القرطبي" ١/ ٢١١.
(٥) قول الفراء أورده الأزهري في "تهذيب اللغة"، قال: وأنشد في لغة (الياء)، أي (مياثق) "التهذيب" (وثق) ٤/ ٣٨٣٤، وانظر "اللسان" (وثق) ٨/ ٤٧٦٤.
(٦) البيت لعياض بن درة الطائي، وقيل: عياض بن أم درة، يصف قومه بالمنعة والقوة يقول: لنا حمى لا يحله احد إلا بإذننا، ولا نسأل أحدا عقد ميثاق حماية. ورد البيت في "تهذيب اللغة" (وثق) ٤/ ٣٨٣٤، "إصلاح المنطق" ص ١٣٨، "الخصائص" ٣/ ١٧٥، "اللسان" (وثق) ٨/ ٤٧٦٤، "شرح المفصل" ٥/ ٢٢١، وأورد أبو زيد البيت على رواية (المواثق) وقال عن راوية المياثق: إنها شاذة: انظر "النوادر" ص ٢٧١.
(٧) في (أ)، (ج): (يكون) واخترت ما في (ب) لأنه أصح في السياق.
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج) والزيادة في (ب) يقتضيها السياق وقد وردت في "الوسيط" ١/ ٦٩.
(٩) انظر "الطبري" ١/ ١٨٤، وابن عطية ١/ ٢١٨، "زاد المسير" ١/ ٥٦، "الإملاء" ١/ ٢٧، "الكشاف" ١/ ٢٦٨.
286
وقوله تعالى: ﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ [الرعد: ٢٥] يعني الأرحام (١)، وذلك أنّ قريشاً قطعوا رحم النبي - ﷺ - بالمعاداة معه (٢).
وقيل: هو الإيمان بجميع الرسل والكتب، وهو نوع من الصلة، لأنهم قالوا: ﴿نُؤمِنُ بِبَعضٍ وَنَكفُرُ بِبَعضٍ﴾ [النساء: ١٥٠] فقطعوا. وهذا الوجه هو قول ابن عباس ذكره في الآية التي في (الرعد) (٣)، وقال: المؤمن لا يفرق [بين أحد من رسله فوصلوا (٤).
قال الزجاج: وموضع ﴿أَنْ يُوصَلَ﴾ خفض على، (٥) البدل من (الهاء) المعنى: ما أمر الله أن يوصل (٦).
﴿وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ بالمعاصي، وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد ﷺ (٧).
وقوله تعالى: ﴿أُوْلئِكَ هُمُ الخاَسِرُونَ﴾. أصل الخسران في التجارة
وقيل: هو الإيمان بجميع الرسل والكتب، وهو نوع من الصلة، لأنهم قالوا: ﴿نُؤمِنُ بِبَعضٍ وَنَكفُرُ بِبَعضٍ﴾ [النساء: ١٥٠] فقطعوا. وهذا الوجه هو قول ابن عباس ذكره في الآية التي في (الرعد) (٣)، وقال: المؤمن لا يفرق [بين أحد من رسله فوصلوا (٤).
قال الزجاج: وموضع ﴿أَنْ يُوصَلَ﴾ خفض على، (٥) البدل من (الهاء) المعنى: ما أمر الله أن يوصل (٦).
﴿وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ بالمعاصي، وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد ﷺ (٧).
وقوله تعالى: ﴿أُوْلئِكَ هُمُ الخاَسِرُونَ﴾. أصل الخسران في التجارة
(١) رجح "الطبري" هذا القول ١/ ١٨٥، وانظر الثعلبي ١/ ٥٥٥ ب، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٥، "زاد المسير" ١/ ٥٧، وابن كثير ١/ ٧٠.
(٢) وهي عامة لكل قاطع لما أمر الله بوصله، انظر: "الطبري" ١/ ١٨٥.
(٣) وهي قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾.
(٤) وصلوا بينهم الإيمان بجميع الرسل. انظر: "الوسيط" ١/ ٦٩. والرواية عن ابن عباس ذكرها أبو الليث من طريق الضحاك وعطاء، في آية (البقرة) ولم أجد أحدًا - فيما اطلعت عليه- ذكرها في الرعد، الظر: "الطبري" ١٣/ ١٣٩ - ١٤٠، وقد ذكر الثعلبي١/ ٥٩ ب، والبغوي ١/ ٧٧، كلام ابن عباس بمعناه ولم ينسباه.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) انتهي كلام الزجاج، "معاني القرآن" ١/ ٧٣، وفيه (بأن يوصل).
(٧) انظر: "الطبري" ١/ ١٨٥، والثعلبي ١/ ٥٩ ب.
(٢) وهي عامة لكل قاطع لما أمر الله بوصله، انظر: "الطبري" ١/ ١٨٥.
(٣) وهي قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾.
(٤) وصلوا بينهم الإيمان بجميع الرسل. انظر: "الوسيط" ١/ ٦٩. والرواية عن ابن عباس ذكرها أبو الليث من طريق الضحاك وعطاء، في آية (البقرة) ولم أجد أحدًا - فيما اطلعت عليه- ذكرها في الرعد، الظر: "الطبري" ١٣/ ١٣٩ - ١٤٠، وقد ذكر الثعلبي١/ ٥٩ ب، والبغوي ١/ ٧٧، كلام ابن عباس بمعناه ولم ينسباه.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) انتهي كلام الزجاج، "معاني القرآن" ١/ ٧٣، وفيه (بأن يوصل).
(٧) انظر: "الطبري" ١/ ١٨٥، والثعلبي ١/ ٥٩ ب.
287
أن يبتاع الرجل شيئًا فيوضع من رأس ماله (١)، وهي الوضيعة فيه، والمصدر: الخسارة والخسر، وصفقة (٢) خاسرة غير مربحة، هذا هو الأصل (٣)، ثم قيل لكل صائر إلى مكروه: خاسر، لنقصان حظه من الخير، والقوم نقصوا (٤) بكفرهم راحة أنفسهم التي كانت لهم لو آمنوا، فاستحقوا العقوبة وفاتتهم المثوبة (٥).
٢٨ - قوله تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ﴾ الآية. قال النحويون: (كيف) في الأصل سؤال عن الحال، لأن جوابه يكون بالحال، وهي منتظمة جميع الأحوال (٦). ونظيرها في الاستفهام (كم) لأنها تنتظم جميع الأعداد و (ما) (٧) وهي تنتظم جميع الأجناس، و (أين) وهي تنتظم جميع الأماكن، و (متى) [وهي تنظم جميع الأزمان، و (من)] (٨) وهي تنتظم جميع ما يعقل (٩).
قال الزجاج: تأويل (كيف) هاهنا استفهام في معنى التعجب، وهذا
٢٨ - قوله تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ﴾ الآية. قال النحويون: (كيف) في الأصل سؤال عن الحال، لأن جوابه يكون بالحال، وهي منتظمة جميع الأحوال (٦). ونظيرها في الاستفهام (كم) لأنها تنتظم جميع الأعداد و (ما) (٧) وهي تنتظم جميع الأجناس، و (أين) وهي تنتظم جميع الأماكن، و (متى) [وهي تنظم جميع الأزمان، و (من)] (٨) وهي تنتظم جميع ما يعقل (٩).
قال الزجاج: تأويل (كيف) هاهنا استفهام في معنى التعجب، وهذا
(١) في (ب): (المال).
(٢) في (ب): (وصفقته).
(٣) انظر: "الطبري" ١/ ١٨٥، "التهذيب" (خسر) ١/ ١٠٢٨، "مفردات الراغب" ١٤٧.
(٤) في (ب): (نقضوا).
(٥) انظر: "الطبري" ١/ ١٨٥، والثعلبي ١/ ٥٩ ب، "القرطبي" ١/ ٢١٢.
(٦) انظر: "الكتاب" ٤/ ٢٣٣، "المقتضب" ٣/ ٢٨٩، ٦٣، "حروف المعاني" للزجاجي ص ٣٥، ٥٩، وقد ذكر الزجاجي أنها تقع في ثلاثة مواضع: تقع بمنزلة (كما)، واستفهاما عن حال، وبمعنى التعجب واستشهد على هذا المعنى بالآية ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ﴾، وانظر: "البرهان" ٤/ ٣٣٠، "مغني اللبيب" ١/ ٢٠٤.
(٧) (و) ساقطة من (ب).
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٩) انظر: "الكتاب" ٤/ ٢٣٣، "المقتضب" ٣/ ٦٣، ٢٨٩.
(٢) في (ب): (وصفقته).
(٣) انظر: "الطبري" ١/ ١٨٥، "التهذيب" (خسر) ١/ ١٠٢٨، "مفردات الراغب" ١٤٧.
(٤) في (ب): (نقضوا).
(٥) انظر: "الطبري" ١/ ١٨٥، والثعلبي ١/ ٥٩ ب، "القرطبي" ١/ ٢١٢.
(٦) انظر: "الكتاب" ٤/ ٢٣٣، "المقتضب" ٣/ ٢٨٩، ٦٣، "حروف المعاني" للزجاجي ص ٣٥، ٥٩، وقد ذكر الزجاجي أنها تقع في ثلاثة مواضع: تقع بمنزلة (كما)، واستفهاما عن حال، وبمعنى التعجب واستشهد على هذا المعنى بالآية ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ﴾، وانظر: "البرهان" ٤/ ٣٣٠، "مغني اللبيب" ١/ ٢٠٤.
(٧) (و) ساقطة من (ب).
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٩) انظر: "الكتاب" ٤/ ٢٣٣، "المقتضب" ٣/ ٦٣، ٢٨٩.
288
التعجب إنما هو للخلق والمؤمنين، أي اعجبوا من هؤلاء كيف [يكفرون] (١) وثبتت حجة الله عليهم (٢).
وقال الفراء: هذا على وجه التعجب والتوبيخ لا على الاستفهام المحض، أي: ويحكم كيف تكفرون؟ وهو كقوله: ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾ (٣) [التكوير: ٢٦].
وقوله تعالى: ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾. قال النحويون: (كان) تقع (٤) في الكلام على وجوه: تامة وناقصة وزائدة (٥). فالتامة: هي المكتفية باسمها دون خبرهما كقولك: كان القتال، أي وقع وحدث.
والناقصة: هي التي لا تتم دون خبرها كقولك: كان زيد أميرا.
والزائدة: هي التي تكون (٦) دخولها في الكلام كخروجها (٧). كقوله: ﴿مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا﴾ [مريم: ٢٩] (٨).
وقال الفراء: هذا على وجه التعجب والتوبيخ لا على الاستفهام المحض، أي: ويحكم كيف تكفرون؟ وهو كقوله: ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾ (٣) [التكوير: ٢٦].
وقوله تعالى: ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾. قال النحويون: (كان) تقع (٤) في الكلام على وجوه: تامة وناقصة وزائدة (٥). فالتامة: هي المكتفية باسمها دون خبرهما كقولك: كان القتال، أي وقع وحدث.
والناقصة: هي التي لا تتم دون خبرها كقولك: كان زيد أميرا.
والزائدة: هي التي تكون (٦) دخولها في الكلام كخروجها (٧). كقوله: ﴿مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا﴾ [مريم: ٢٩] (٨).
(١) في (أ)، (ج): (تكفرون) وفي (ب) غير منقوطة، والتصحيح من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٧.
(٢) في (ب): (عليكم). انتهى من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٧، انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ب، وابن عطية ١/ ٢٢٠، وبمعناه كلام الفراء الآتي بعده.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٣، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٩٠.
(٤) في (أ): (يقع) وما في (ب، ج) أنسب للسياق.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (كان) ٤/ ٣٠٨٣ - ٣٠٨٤. وذكر الهروي وجهاً رابعاً وهو: أن تكون (كان) مضمرا فيها اسمها (ضمير الشأن) وبعد كان جملة من مبتدأ وخبر مرفوعين. انظر: "الأزهية في علم الحروف" ص ١٧٩.
(٦) كذا في جميع النسخ الأولى (يكون).
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (كان) ١٠/ ٣٧٧، و"الأزهية في علم الحروف" ص١٨٣، و"مغني اللبيب" ٢/ ٥٥٩.
(٨) وقد ذكر الأزهري عن ثعلب: أن للعلماء في الآية قولين: منهم من قال: (كان) =
(٢) في (ب): (عليكم). انتهى من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٧، انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ب، وابن عطية ١/ ٢٢٠، وبمعناه كلام الفراء الآتي بعده.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٣، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٩٠.
(٤) في (أ): (يقع) وما في (ب، ج) أنسب للسياق.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (كان) ٤/ ٣٠٨٣ - ٣٠٨٤. وذكر الهروي وجهاً رابعاً وهو: أن تكون (كان) مضمرا فيها اسمها (ضمير الشأن) وبعد كان جملة من مبتدأ وخبر مرفوعين. انظر: "الأزهية في علم الحروف" ص ١٧٩.
(٦) كذا في جميع النسخ الأولى (يكون).
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (كان) ١٠/ ٣٧٧، و"الأزهية في علم الحروف" ص١٨٣، و"مغني اللبيب" ٢/ ٥٥٩.
(٨) وقد ذكر الأزهري عن ثعلب: أن للعلماء في الآية قولين: منهم من قال: (كان) =
289
و (كان) التي لها خبر تتصرف (١) تصرف الفعل، وليست بفعل على الحقيقة، إنما تدل (٢) على الزمان وتدخل على الابتداء والخبر كقولك: زيد مسرور، [فإذا قلت كان زيد مسرورا، فكأنك قلت: زيد مسرور] (٣) فيما مضى من الزمان (٤). ويقال في مصدره الكَوْن والكَيْنُونَة (٥).
قال الفراء: [تقول] (٦) في ذوات (الياء): الطَّيْرُوَرة والحَيْدوَدة (٧) والزَّيْغُوغَة فيما لا يحصى من هذا الضرب. فأما ذوات (الواو) مثل: قلت ورضت، فإنهم لا يقولون ذلك فيه، وقد أتى عنهم في أربعة أحرف منها: الكَيُنونَة من (كُنْتُ) والدَّيْمُومَة من (دُمْتُ) والْهَيْعُوعَة من (الْهُوَاع) (٨)،
قال الفراء: [تقول] (٦) في ذوات (الياء): الطَّيْرُوَرة والحَيْدوَدة (٧) والزَّيْغُوغَة فيما لا يحصى من هذا الضرب. فأما ذوات (الواو) مثل: قلت ورضت، فإنهم لا يقولون ذلك فيه، وقد أتى عنهم في أربعة أحرف منها: الكَيُنونَة من (كُنْتُ) والدَّيْمُومَة من (دُمْتُ) والْهَيْعُوعَة من (الْهُوَاع) (٨)،
= صلة أي، زائدة، وهذا ما أخذ به المؤلف هنا، ومنهم من قال (كان) هنا غير زائدة، وهو قول الفراء. انظر: "تهذيب اللغة" (كان) ٤/ ٣٠٨٤.
وجعلها المبرد زائدة مؤكدة. انظر: "المقتضب" ٤/ ٤١٧.
وقد قال ابن هشام: إن وجه الزيادة في (كان) هو أضعف الوجوه. انظر: "مغني اللبيب" ٢/ ٥٥٩.
(١) في (أ)، (ج): (ينصرف) واخترت ما في (ب)، لمناسبته للسياق.
(٢) في (أ)، (ج): (يدل) واخترت ما في (ب)، لمناسبته للسياق.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) انظر: "الإيضاح العضدي" للفارسي ١/ ٩٥، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٦٥، "الأزهية في علم الحروف" ص١٨٣، "مغني اللبيب" ٢/ ٥٥٩. (٨٣٣).
(٥) ذكره الازهري وقال: و (الْكَيْنَونَة) أحسن. "التهذيب" ٤/ ٣٠٨٤.
(٦) في (أ)، (ج) (يقول) وفي (ب) بدون نقط والعبارة كما في "التهذيب": قال الفراء: (العرب تقول ذوات الياء... إلخ)، "التهذيب": ٤/ ٣٠٨٣.
(٧) في (ب) (الحيرورة)، وفي "التهذيب" (الحيدودة) وهذا الأقرب؛ لأنه قال: الطيرورة من طرت والحيدودة من حدت. "التهذيب" ٤/ ٣٠٨٣.
(٨) الهوع بالفتح والضم: سوء الحرص وشدته، والعداوة، وهاع: قاء من غير تكلف، =
وجعلها المبرد زائدة مؤكدة. انظر: "المقتضب" ٤/ ٤١٧.
وقد قال ابن هشام: إن وجه الزيادة في (كان) هو أضعف الوجوه. انظر: "مغني اللبيب" ٢/ ٥٥٩.
(١) في (أ)، (ج): (ينصرف) واخترت ما في (ب)، لمناسبته للسياق.
(٢) في (أ)، (ج): (يدل) واخترت ما في (ب)، لمناسبته للسياق.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) انظر: "الإيضاح العضدي" للفارسي ١/ ٩٥، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٦٥، "الأزهية في علم الحروف" ص١٨٣، "مغني اللبيب" ٢/ ٥٥٩. (٨٣٣).
(٥) ذكره الازهري وقال: و (الْكَيْنَونَة) أحسن. "التهذيب" ٤/ ٣٠٨٤.
(٦) في (أ)، (ج) (يقول) وفي (ب) بدون نقط والعبارة كما في "التهذيب": قال الفراء: (العرب تقول ذوات الياء... إلخ)، "التهذيب": ٤/ ٣٠٨٣.
(٧) في (ب) (الحيرورة)، وفي "التهذيب" (الحيدودة) وهذا الأقرب؛ لأنه قال: الطيرورة من طرت والحيدودة من حدت. "التهذيب" ٤/ ٣٠٨٣.
(٨) الهوع بالفتح والضم: سوء الحرص وشدته، والعداوة، وهاع: قاء من غير تكلف، =
290
والسَّيْدُودَة من (سُدْتُ) وكان ينبغي أن يكون (كونونة) ولكنها لما قلت في مصادر (الواو) وكثرت في مصادر (الياء) [ألحقوها بالذي هو أكثر مجيئًا منها، إذ كانت الواو والياء] (١) متقاربي المخرج.
قال: وكان الخليل يقول: كَيْنُونَة (فَيْعَلُولَة)، وهي الأصل (كَيْوَنُونَة) (٢) التقت (ياء) و (واو)، والأولى منهما ساكنة فصيرتا [ياء] (٣) مشددة (٤)، مثل ما قالوا: الهَيِّن، ثم خففوها، فقالوا: (كَيْنُونَة)، كما قالوا: هَيْن لَيْن. قال الفراء: وقد ذهب مذهبا، إلا أن القول عندي هو الأول (٥).
قال: ويضمر (٦) هاهنا (قد) والتقدير (٧): (وقد كنتم أمواتا) ولولا إضمار (قد) لم يجز مثله في الكلام. وكذلك قوله: ﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ
قال: وكان الخليل يقول: كَيْنُونَة (فَيْعَلُولَة)، وهي الأصل (كَيْوَنُونَة) (٢) التقت (ياء) و (واو)، والأولى منهما ساكنة فصيرتا [ياء] (٣) مشددة (٤)، مثل ما قالوا: الهَيِّن، ثم خففوها، فقالوا: (كَيْنُونَة)، كما قالوا: هَيْن لَيْن. قال الفراء: وقد ذهب مذهبا، إلا أن القول عندي هو الأول (٥).
قال: ويضمر (٦) هاهنا (قد) والتقدير (٧): (وقد كنتم أمواتا) ولولا إضمار (قد) لم يجز مثله في الكلام. وكذلك قوله: ﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ
= والاسم (الهَوْع) و (الهُواع) و (الهَيْعُوعة)، انظر "القاموس" (الهوع) ص ٧٧٧.
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) في (ب): (في الاكونونه).
(٣) (ياء) ساقطة من جميع النسخ، والتصحيح من "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٠٨٤.
(٤) فصارت (كَينُونَة) انظر "اللسان" (كون) ٧/ ٣٩٥٩.
(٥) انتهى كلام الفراء كما في "التهذيب" بنصه، ٤/ ٣٠٨٤ (كان).
وانظر "اللسان" (كون) ٧/ ٣٩٥٩، وفيه عن ابن بري نحو كلام الخليل، وما بعد هذا من كلام الفراء لا ارتباط له بما سبق حيث الكلام السابق ورد بتهذيب اللغة ولعله أخذه عن كتاب المصادر للفراء وما بعده من كتاب "معاني القرآن" كما سيأتي.
(٦) في (ب): (ويضم).
(٧) في "معاني القرآن" (وقوله: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾ المعنى والله أعلم وقد كنتم، ولولا إضمار (قد)... إلخ) ١/ ٢٤.
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) في (ب): (في الاكونونه).
(٣) (ياء) ساقطة من جميع النسخ، والتصحيح من "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٠٨٤.
(٤) فصارت (كَينُونَة) انظر "اللسان" (كون) ٧/ ٣٩٥٩.
(٥) انتهى كلام الفراء كما في "التهذيب" بنصه، ٤/ ٣٠٨٤ (كان).
وانظر "اللسان" (كون) ٧/ ٣٩٥٩، وفيه عن ابن بري نحو كلام الخليل، وما بعد هذا من كلام الفراء لا ارتباط له بما سبق حيث الكلام السابق ورد بتهذيب اللغة ولعله أخذه عن كتاب المصادر للفراء وما بعده من كتاب "معاني القرآن" كما سيأتي.
(٦) في (ب): (ويضم).
(٧) في "معاني القرآن" (وقوله: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾ المعنى والله أعلم وقد كنتم، ولولا إضمار (قد)... إلخ) ١/ ٢٤.
291
دُبُرٍ فَكَذَبَتْ} (١) [يوسف: ٢٧] المعنى: (فقد كذبت). وقولك للرجل: أصبحت كثر مالك، لا يجوز إلا وأنت تريد: قد كثر مالك، لأنهما جميعا قد كانا، فالثاني حال للأول، والحال لا يكون في الفعل إلا بإضمار (قد) أو بإظهارها (٢).
وحكى الكسائي: أصبحت [(٣) نظرت إلى (ذات التنانير) يريد: قد نظرت، وذات التنانير) موضع (٤). وتقدير الآية: كيف تكفرون وحالكم أنكم كنتم أمواتا.
ومثل هذا قال الزجاج: فإنه قال: ومعنى (كنتم): وقد كنتم وهذه الواو، (واو الحال) (٥).
قال أبو الفتح: إنما احتيج إلى إضمار (قد) لأن (قد) تقرب الماضي من الحال حتى تلحقه بحكمه، ألا تراهم يقولون: (قد قامت الصلاة) قبل حال قيامها، وعلى هذا قول الشاعر:
وحكى الكسائي: أصبحت [(٣) نظرت إلى (ذات التنانير) يريد: قد نظرت، وذات التنانير) موضع (٤). وتقدير الآية: كيف تكفرون وحالكم أنكم كنتم أمواتا.
ومثل هذا قال الزجاج: فإنه قال: ومعنى (كنتم): وقد كنتم وهذه الواو، (واو الحال) (٥).
قال أبو الفتح: إنما احتيج إلى إضمار (قد) لأن (قد) تقرب الماضي من الحال حتى تلحقه بحكمه، ألا تراهم يقولون: (قد قامت الصلاة) قبل حال قيامها، وعلى هذا قول الشاعر:
(١) الواو في قوله ﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ﴾ ساقطة من (ب) وكذا وردت الآية في "معاني القرآن" ١/ ٢٤.
(٢) انتهى ما نقله عن الفراء، انظر: "معاني القرآن" ١/ ٢٤، وما ذكره الفراء يقرر القاعدة التي عند الجمهور وهي أن الجملة الفعلية، إذا كان فعلها ماض ووقعت حالا لابد من (قد) ظاهرة أو مقدرة، وبهذا قال "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٩٠، والزجاج في "المعاني" ١/ ٧٤، الثعلبي ١/ ٥٩ ب، أبو حيان في "البحر" ١/ ١٣٠ وغيرهم.
(٣) من هنا يبدأ سقط لوحة كاملة في نسخة (ب).
(٤) (التنانير) جمع (تنور) وهو واد ذو شجر يقع بين الكوفة وبلاد غطفان، انظر "معجم ما استعجم" ١/ ٣٢٠، "معجم البلدان" ٢/ ٤٧.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٤.
(٢) انتهى ما نقله عن الفراء، انظر: "معاني القرآن" ١/ ٢٤، وما ذكره الفراء يقرر القاعدة التي عند الجمهور وهي أن الجملة الفعلية، إذا كان فعلها ماض ووقعت حالا لابد من (قد) ظاهرة أو مقدرة، وبهذا قال "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٩٠، والزجاج في "المعاني" ١/ ٧٤، الثعلبي ١/ ٥٩ ب، أبو حيان في "البحر" ١/ ١٣٠ وغيرهم.
(٣) من هنا يبدأ سقط لوحة كاملة في نسخة (ب).
(٤) (التنانير) جمع (تنور) وهو واد ذو شجر يقع بين الكوفة وبلاد غطفان، انظر "معجم ما استعجم" ١/ ٣٢٠، "معجم البلدان" ٢/ ٤٧.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٤.
292
أُمَّ صَبِيٍّ قَدْ حَبَا (١) أَوْ دَارجِ (٢)
فكأنه قال: حابٍ (٣) أو دارج (٤). ومثل هذه الآية قوله: ﴿أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾ [النساء: ٩٠] على معنى: قد حصرت (٥).
فأما أحكام واو الحال فإنها مذكورة عند قوله: ﴿وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٤].
وقوله تعالى: ﴿أَمْوَاتًا﴾ قال ابن عباس في رواية الضحاك: أراد (٦): وكنتم تراباً ردّهم إلى أبيهم آدم (٧).
فكأنه قال: حابٍ (٣) أو دارج (٤). ومثل هذه الآية قوله: ﴿أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾ [النساء: ٩٠] على معنى: قد حصرت (٥).
فأما أحكام واو الحال فإنها مذكورة عند قوله: ﴿وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٤].
وقوله تعالى: ﴿أَمْوَاتًا﴾ قال ابن عباس في رواية الضحاك: أراد (٦): وكنتم تراباً ردّهم إلى أبيهم آدم (٧).
(١) في (ج): (جا).
(٢) الرجز لجندب بن عمرو يعرض بامرأة الشماخ في قصة أوردها البغدادي في "الخزانة" ٤/ ٢٣٨، وهي في "ديوان الشماخ" ص ٣٥٣، و (أم صبي): هي امرأة الشماخ، ورد البيت في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢١٤، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٤١، "الخزانة" ٤/ ٢٣٨، "ديوان الشماخ" ص ٣٦٣، "اللسان" (درج) ٣/ ١٣٥٣، "أوضح المسالك" ص١٩٣.
(٣) في (أ) و (ج): (حباب) وما في (ب) موافق لما في "سر صناعة الإعراب" لأبي الفتح.
(٤) قال في "اللسان": وجاز له ذلك؛ لأن (قد) تقرب الماضي من الحال حتى تلحقه بحكمه أو تكاد. "اللسان" (درج) ٣/ ١٣٥١.
(٥) انتهى ما نقله المؤلف -بتصرف- من كتاب "سر صناعة الإعراب" لأبي الفتح ابن جني ٢/ ٦٤١.
(٦) في (أ): (أرادوا)، وما في (ب، ج) هو الصحيح.
(٧) الأثر عن ابن عباس أخرجه "الطبري" من طريق الضحاك عن ابن عباس، ١/ ١٨٧، وكذا ابن أبي حاتم ١/ ٧٣، وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، (الدر) ١/ ٨٩، وذكره ابن كثير عن الضحاك عن ابن عباس ثم قال: وهكذا روى السدي بسنده عن أبي مالك عن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مُرة عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة، وعن أبي العالية، والحسن، =
(٢) الرجز لجندب بن عمرو يعرض بامرأة الشماخ في قصة أوردها البغدادي في "الخزانة" ٤/ ٢٣٨، وهي في "ديوان الشماخ" ص ٣٥٣، و (أم صبي): هي امرأة الشماخ، ورد البيت في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢١٤، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٤١، "الخزانة" ٤/ ٢٣٨، "ديوان الشماخ" ص ٣٦٣، "اللسان" (درج) ٣/ ١٣٥٣، "أوضح المسالك" ص١٩٣.
(٣) في (أ) و (ج): (حباب) وما في (ب) موافق لما في "سر صناعة الإعراب" لأبي الفتح.
(٤) قال في "اللسان": وجاز له ذلك؛ لأن (قد) تقرب الماضي من الحال حتى تلحقه بحكمه أو تكاد. "اللسان" (درج) ٣/ ١٣٥١.
(٥) انتهى ما نقله المؤلف -بتصرف- من كتاب "سر صناعة الإعراب" لأبي الفتح ابن جني ٢/ ٦٤١.
(٦) في (أ): (أرادوا)، وما في (ب، ج) هو الصحيح.
(٧) الأثر عن ابن عباس أخرجه "الطبري" من طريق الضحاك عن ابن عباس، ١/ ١٨٧، وكذا ابن أبي حاتم ١/ ٧٣، وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، (الدر) ١/ ٨٩، وذكره ابن كثير عن الضحاك عن ابن عباس ثم قال: وهكذا روى السدي بسنده عن أبي مالك عن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مُرة عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة، وعن أبي العالية، والحسن، =
293
وقال في رواية عطاء والكلبي: وكنتم نطفا، وكل ما فارق الجسد من نطفة أو شعر فهو ميت (١) ﴿فَأَحْيَاكُمْ﴾ في الأرحام بأن خلقكم بشرا، وجعل فيكم الحياة ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ في الدنيا ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ للبعث ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ تردون فيفعل بكم ما يشاء مما سبق علمه وحكمه (٢).
٢٩ - قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ الآية قال المفسرون لما استعظم المشركون أمر الإعادة عرفهم خلق السموات والأرض، ليدل بذلك على أن إعادة الحياة فيهم وقد خلقهم أولاً ليس بأكثر من خلقه السموات والأرض وما فيهما (٣).
٢٩ - قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ الآية قال المفسرون لما استعظم المشركون أمر الإعادة عرفهم خلق السموات والأرض، ليدل بذلك على أن إعادة الحياة فيهم وقد خلقهم أولاً ليس بأكثر من خلقه السموات والأرض وما فيهما (٣).
= ومجاهد، وقتادة، وأبي صالح والضحاك وعطاء. ابن كثير ١/ ٧١ - ٧٢، انظر "الوسيط" ١/ ٧٠.
(١) وبهذا النص ذكره الفراء في "معاني القرآن" ولم ينسبه لأحد، ١/ ٢٥، والذي ورد عن ابن عباس من طريق عطاء: كنتم أمواتا فأحياكم في أصلاب آبائكم لم تكونوا شيئًا حتى خلقكم، ثم يميتكم موتة الحق، ثم يحييكم حين يبعثكم، أخرجه ابن أبي حاتم ١/ ٧٣، وأخرج نحوه ابن جرير ١/ ١٨٩، وذكره السيوطي في "الدر" ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. "الدر" ١/ ٨٩، وذكره ابن كثير ١/ ٧١، وانظر: "تحقيق المروي عن ابن عباس" في سورة الفاتحة والبقرة وآل عمران ١/ ١٨٩ (رسالة ماجستير إعداد محمد العبد القادر). قال "الطبري" -بعد أن ذكر نحو هذا التفسير-: (وهذا قول ووجه من التأويل، لو كان به قائل من أهل القدوة الذين يرتضى للقرآن تأويلهم، ثم قال: وأولى ما ذكرنا من الأقوال: القول الذي ذكرنا عن ابن عباس وابن مسعود: من أن معنى قوله: ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾ أموات الذكر خمولًا في أصلاب أبائكم نطفا، لا تعرفون ولا تذكرون: فأحياكم بإنشائكم بشرا سويا حتى ذكرتم وعرفتم وحييتم...) ١/ ١٨٩.
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ ب.
(٣) ذكره أبو الليث عن الكلبي ١/ ٣٠٩، والآية فيها دلائل نعمه عليهم مما يوجب عليهم شكره، ودلائل توحيده، انظر: "الطبري" ١/ ١٩٠، وابن كثير ١/ ٧٢.
(١) وبهذا النص ذكره الفراء في "معاني القرآن" ولم ينسبه لأحد، ١/ ٢٥، والذي ورد عن ابن عباس من طريق عطاء: كنتم أمواتا فأحياكم في أصلاب آبائكم لم تكونوا شيئًا حتى خلقكم، ثم يميتكم موتة الحق، ثم يحييكم حين يبعثكم، أخرجه ابن أبي حاتم ١/ ٧٣، وأخرج نحوه ابن جرير ١/ ١٨٩، وذكره السيوطي في "الدر" ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. "الدر" ١/ ٨٩، وذكره ابن كثير ١/ ٧١، وانظر: "تحقيق المروي عن ابن عباس" في سورة الفاتحة والبقرة وآل عمران ١/ ١٨٩ (رسالة ماجستير إعداد محمد العبد القادر). قال "الطبري" -بعد أن ذكر نحو هذا التفسير-: (وهذا قول ووجه من التأويل، لو كان به قائل من أهل القدوة الذين يرتضى للقرآن تأويلهم، ثم قال: وأولى ما ذكرنا من الأقوال: القول الذي ذكرنا عن ابن عباس وابن مسعود: من أن معنى قوله: ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾ أموات الذكر خمولًا في أصلاب أبائكم نطفا، لا تعرفون ولا تذكرون: فأحياكم بإنشائكم بشرا سويا حتى ذكرتم وعرفتم وحييتم...) ١/ ١٨٩.
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ ب.
(٣) ذكره أبو الليث عن الكلبي ١/ ٣٠٩، والآية فيها دلائل نعمه عليهم مما يوجب عليهم شكره، ودلائل توحيده، انظر: "الطبري" ١/ ١٩٠، وابن كثير ١/ ٧٢.
294
وقوله تعالى: ﴿لَكُمْ﴾ أي: لأجلكم، فما في الأرض مخلوق لهم بعضها للانتفاع، وبعضها للاعتبار (١)، فإن السباع والعقارب والحيات، وكل ما يؤذي ويضر فيها منفعة للمكلفين وجهة ما فيها من العبرة والإرهاب؛ لأنه إذا رئي (٢) طرف من المتوعد به كان أبلغ في الزجر عن المعصية وأدعى إلى التمسك بالطاعة، كما أنه إذا قدم طرف من الموعود به كانت النفس إليه (٣) أشوق، وعليه (٤) أحرص، والأصل في ذلك أن الخبر لا يقوم مقام المشاهدة فيما يصل إلى القلب ويبلغ إلى النفس (٥).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾. أخبرني أبو سعيد بن أبي عمرو النيسابوري (٦) رحمه الله ثنا محمد بن يعقوب المعقلي (٧) أبنا (٨) محمد ابن (٩) الجهم عن الفراء قال: (الاستواء) في كلام العرب على جهتين،
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾. أخبرني أبو سعيد بن أبي عمرو النيسابوري (٦) رحمه الله ثنا محمد بن يعقوب المعقلي (٧) أبنا (٨) محمد ابن (٩) الجهم عن الفراء قال: (الاستواء) في كلام العرب على جهتين،
(١) في (أ): (الاعتبار)، وما في (ب)، (ج) أصح.
(٢) في (أ)، (ج): (أرى)، وأثبت ما في (ب) لأنه أنسب للسياق.
(٣) في (ج): (عليه).
(٤) في (ج): (إليه).
(٥) وفي خلق هذِه الأشياء التي ذكر حكم كثيرة، منها ما علم للبشر، ومنها ما لم يعلم، وما ذكره بعض هذِه الحكم. انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٢٣، "الكشاف" ١/ ١٧٠، "زاد المسير" ١/ ٥٨، "القرطبي" ١/ ٢١٦.
(٦) هو أبو سعيد، محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي، بن أبي عمرو النيسابوري، سمع من الأصم وأكثر عنه، كان ثقةً مأمونًا، مات في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٣٥٠، "شذرات الذهب" ٣/ ٢٢٠.
(٧) هو الإمام المحدث محمد بن يعقوب المعقلي المعروف بالأصم، تقدمت ترجمته في المقدمة.
(٨) في (ج): (ثنا).
(٩) هو محمد بن الجهم السمري، أبو عبد الله، الكاتب، تلميذ الفراء وراوية كتبه، =
(٢) في (أ)، (ج): (أرى)، وأثبت ما في (ب) لأنه أنسب للسياق.
(٣) في (ج): (عليه).
(٤) في (ج): (إليه).
(٥) وفي خلق هذِه الأشياء التي ذكر حكم كثيرة، منها ما علم للبشر، ومنها ما لم يعلم، وما ذكره بعض هذِه الحكم. انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٢٣، "الكشاف" ١/ ١٧٠، "زاد المسير" ١/ ٥٨، "القرطبي" ١/ ٢١٦.
(٦) هو أبو سعيد، محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي، بن أبي عمرو النيسابوري، سمع من الأصم وأكثر عنه، كان ثقةً مأمونًا، مات في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٣٥٠، "شذرات الذهب" ٣/ ٢٢٠.
(٧) هو الإمام المحدث محمد بن يعقوب المعقلي المعروف بالأصم، تقدمت ترجمته في المقدمة.
(٨) في (ج): (ثنا).
(٩) هو محمد بن الجهم السمري، أبو عبد الله، الكاتب، تلميذ الفراء وراوية كتبه، =
295
إحداهما: أن يستوي الرجل وينتهي شبابه وقوته، (١) ويستوي من اعوجاج، وهذان وجهان، ووجه ثالث أن يقول: كان فلان مقبلا على فلان ثم استوى عليّ وإليّ [يشاتمني] (٢) على معنى أقبل عليّ وإليّ، فهذا معنى قوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ (٣).
وأقرأني العروضي، عن الأزهري، قال: أخبرني المنذري، قال: سئل أحمد بن يحيى عن (الاستواء) في صفة الله، فقال: الاستواء الإقبال على الشيء (٤).
وأقرأني سعيد بن محمد الحيري (٥) رحمه الله عن أبي الحسن بن مقسم وأبي علي الفارسي عن الزجاج قال: قال قوم في قوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾: عمد وقصد إلى السماء، كما تقول: فرغ الأمير من بلد كذا، ثم استوى إلى بلد كذا، معناه: قصد بالاستواء إليه. قال: وقول ابن عباس: ﴿اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ أي صعد، معناه صعد أمره إلى السماء (٦)، انتهى
وأقرأني العروضي، عن الأزهري، قال: أخبرني المنذري، قال: سئل أحمد بن يحيى عن (الاستواء) في صفة الله، فقال: الاستواء الإقبال على الشيء (٤).
وأقرأني سعيد بن محمد الحيري (٥) رحمه الله عن أبي الحسن بن مقسم وأبي علي الفارسي عن الزجاج قال: قال قوم في قوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾: عمد وقصد إلى السماء، كما تقول: فرغ الأمير من بلد كذا، ثم استوى إلى بلد كذا، معناه: قصد بالاستواء إليه. قال: وقول ابن عباس: ﴿اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ أي صعد، معناه صعد أمره إلى السماء (٦)، انتهى
= كان من أئمة العربية العارفين بها، قال الدارقطني: ثقة، مات سنة سبع وسبعين ومائتين. انظر تاريخ بغداد ٢/ ١٦١، "معجم الأدباء" ١٨/ ١٠٩، "سير أعلام النبلاء" ٣١/ ١٦٣.
(١) في "معاني القرآن" للفراء (أو) وهو أصح ١/ ٢٥، وانظر "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٩٤.
(٢) في (أ)، (ج): (يكلمين) غير واضحة المعنى، والتصحيح من "معاني القرآن"، ومن "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٩٤.
(٣) انتهى ما نقله عن الفراء، وفي "معاني القرآن" قال: (وقال ابن عباس ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ صعد.. وكل كلام في كلام العرب جائزٌ، انظر: "معاني القرآن" ١/ ٢٥، "تهذيب اللغة" (لفيف السين) ٢/ ١٧٩٤.
(٤) "تهذيب اللغة" (لفيف السين) ٢/ ١٧٩٤.
(٥) أحد شيوخ الواحدي مضت ترجمته.
(٦) هذا تأويل وصرف لكلام ابن عباس.
(١) في "معاني القرآن" للفراء (أو) وهو أصح ١/ ٢٥، وانظر "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٩٤.
(٢) في (أ)، (ج): (يكلمين) غير واضحة المعنى، والتصحيح من "معاني القرآن"، ومن "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٩٤.
(٣) انتهى ما نقله عن الفراء، وفي "معاني القرآن" قال: (وقال ابن عباس ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ صعد.. وكل كلام في كلام العرب جائزٌ، انظر: "معاني القرآن" ١/ ٢٥، "تهذيب اللغة" (لفيف السين) ٢/ ١٧٩٤.
(٤) "تهذيب اللغة" (لفيف السين) ٢/ ١٧٩٤.
(٥) أحد شيوخ الواحدي مضت ترجمته.
(٦) هذا تأويل وصرف لكلام ابن عباس.
296
كلامه (١)] (٢).
وحكى أهل اللغة أن العرب تقول: كان الأمير يدبر أهل الشام ثم استوى إلى أهل الحجاز، أي: تحول فعله وتدبيره إليهم (٣).
والأصل في (الاستواء) الاستقامة (٤)، وإنما قيل للقصد إلى الشيء
وحكى أهل اللغة أن العرب تقول: كان الأمير يدبر أهل الشام ثم استوى إلى أهل الحجاز، أي: تحول فعله وتدبيره إليهم (٣).
والأصل في (الاستواء) الاستقامة (٤)، وإنما قيل للقصد إلى الشيء
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٥، ٧٥، "تهذيب اللغة" (لفيف السين) ٢/ ١٧٩٤، ونص عبارة الواحدي أقرب إلى عبارة "التهذيب".
(٢) نهاية السقط من نسخة (ب).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢١٨، "تفسير الطبري" ١/ ١٩١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٤.
وكل هذِه "المعاني" التي ذكرها من باب التأويل، والمنهج السوي أن نثبت لله ما أثبته لنفسه، فهو سبحانه مستو على عرشه عال على خلقه، ولا يلزم لهذا أي لازم باطل مما يلزم لاستواء المخلوقين.
قال الأشعري في "الإبانة عن أصول الديانة": (وإن قال قائل ما تقولون في الاستواء؟ قيل له: نقول إن الله عز وجل مستو على عرشه كما قال: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)﴾ [طه: ٥]، وقد قال الله عز وجل: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: ١٠]، وقال: ﴿بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ﴾ [النساء: ١٥٨]..) ثم قال: (.. وقد قال قائلون من المعتزلة والجهمية والحروية: إن قول الله عز وجل: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾
[طه: ٥]، إنه استولى وملك وقهر، وإن الله عز وجل في كل مكان وجحدوا أن يكون الله عز وجل على عرشه كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة، ولو كان هذا كما ذكروه كان لا فرق بين العرش والأرض، فالله سبحانه قادر عليها وعلى الحشوش، وعلى كل ما في العالم..) "الإبانة عن أصول الديانة" ص ٨١، انظر "شرح العقيدة الطحاوية" ص ٣٤٣، "الرسالة التدمرية" ص ٨١، "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" ٥/ ٩٥، ١٤٤، ١٣٦.
(٤) الاستواء في (كلام العرب) يأتي على وجوه كما مر قريبا في كلام الفراء ومن تلك الوجوه ما ذكره عن ابن عباس: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾: صعد، ثم قال: (وكل في (كلام العرب) جائز) انظر "معاني القرآن" للفراء١/ ٢٥، "تفسير الطبري" ١/ ١٩١، "تهذيب اللغة" (لفيف السين) ٢/ ١٧٩٤.
(٢) نهاية السقط من نسخة (ب).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢١٨، "تفسير الطبري" ١/ ١٩١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٤.
وكل هذِه "المعاني" التي ذكرها من باب التأويل، والمنهج السوي أن نثبت لله ما أثبته لنفسه، فهو سبحانه مستو على عرشه عال على خلقه، ولا يلزم لهذا أي لازم باطل مما يلزم لاستواء المخلوقين.
قال الأشعري في "الإبانة عن أصول الديانة": (وإن قال قائل ما تقولون في الاستواء؟ قيل له: نقول إن الله عز وجل مستو على عرشه كما قال: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)﴾ [طه: ٥]، وقد قال الله عز وجل: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: ١٠]، وقال: ﴿بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ﴾ [النساء: ١٥٨]..) ثم قال: (.. وقد قال قائلون من المعتزلة والجهمية والحروية: إن قول الله عز وجل: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾
[طه: ٥]، إنه استولى وملك وقهر، وإن الله عز وجل في كل مكان وجحدوا أن يكون الله عز وجل على عرشه كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة، ولو كان هذا كما ذكروه كان لا فرق بين العرش والأرض، فالله سبحانه قادر عليها وعلى الحشوش، وعلى كل ما في العالم..) "الإبانة عن أصول الديانة" ص ٨١، انظر "شرح العقيدة الطحاوية" ص ٣٤٣، "الرسالة التدمرية" ص ٨١، "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" ٥/ ٩٥، ١٤٤، ١٣٦.
(٤) الاستواء في (كلام العرب) يأتي على وجوه كما مر قريبا في كلام الفراء ومن تلك الوجوه ما ذكره عن ابن عباس: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾: صعد، ثم قال: (وكل في (كلام العرب) جائز) انظر "معاني القرآن" للفراء١/ ٢٥، "تفسير الطبري" ١/ ١٩١، "تهذيب اللغة" (لفيف السين) ٢/ ١٧٩٤.
297
استواء لأن الاستواء يسمى قصدًا، يقال: أمر قاصد وعلى قصد، إذا كان على استواء واستقامة، فلما سمي الاستواء قصدًا، سمي القصد استواء، وإن لم يكن المراد بالقصد الاستقامة، ظنًّا منهم أن كليهما سواء لما اجتمعا في التسمية في موضع، هذا تعليل ذكره بعض أصحاب المعاني (١) لتسميتهم القصد: استواءً وإن كانت اللغة لا تعلل.
وأما استوى بمعنى: استولى، فقد يكون، وكأنه يقول: (استوت له الأمور فاستولى) (٢)، ثم وضع (استوى) موضع (استولى) (٣).
وقال الأخفش: استوى (٤) أي: علا، تقول (٥): استويت فوق الدابة وعلى ظهر البيت أي علوته (٦).
وأما استوى بمعنى: استولى، فقد يكون، وكأنه يقول: (استوت له الأمور فاستولى) (٢)، ثم وضع (استوى) موضع (استولى) (٣).
وقال الأخفش: استوى (٤) أي: علا، تقول (٥): استويت فوق الدابة وعلى ظهر البيت أي علوته (٦).
(١) في (ب): (أهل المعاني).
(٢) في (ب): (واستولى).
(٣) قال أبو الحسن الأشعري في (الإبانة): (... فلو كان الله مستويا على العرش بمعنى الاستيلاء، وهو عز وجل مستول على الأشياء كلها، لكان مستويا على العرش وعلى الأرض وعلى السماء.... لأنه قادر على الأشياء مستول عليها.. لم يجز أن يكون الاستواء على العرش: الاستيلاء الذي هو عام في الأشياء كلها، ووجب أن يكون معناه استواء يختص العرش دون الأشياء كلها...) "الإبانة عن أصول الديانة" ص ٤٩. وذكر ابن تيمية اثني عشر وجها في الرد على من فسر ﴿اسْتَوَى﴾ معنى (استولى) ومن تلك الوجوه: أنه لم يرد عن أحد من الصحابة ولا التابعين لهم، بل تفسير حدث من المبتدعة بعدهم. ثم هو ضعيف لغة. انظر: "مجموع الفتاوى" ٥/ ١٤٤ - ١٤٩.
(٤) في (ب): (يقول: أي علا).
(٥) في (ب): (يقول) وفي "تهذيب اللغة" (وتقول) ٢/ ١٧٩٤.
(٦) انظر كلام الأخفش في "تهذيب اللغة" (لفيف السين) ٢/ ١٧٩٤.
(٢) في (ب): (واستولى).
(٣) قال أبو الحسن الأشعري في (الإبانة): (... فلو كان الله مستويا على العرش بمعنى الاستيلاء، وهو عز وجل مستول على الأشياء كلها، لكان مستويا على العرش وعلى الأرض وعلى السماء.... لأنه قادر على الأشياء مستول عليها.. لم يجز أن يكون الاستواء على العرش: الاستيلاء الذي هو عام في الأشياء كلها، ووجب أن يكون معناه استواء يختص العرش دون الأشياء كلها...) "الإبانة عن أصول الديانة" ص ٤٩. وذكر ابن تيمية اثني عشر وجها في الرد على من فسر ﴿اسْتَوَى﴾ معنى (استولى) ومن تلك الوجوه: أنه لم يرد عن أحد من الصحابة ولا التابعين لهم، بل تفسير حدث من المبتدعة بعدهم. ثم هو ضعيف لغة. انظر: "مجموع الفتاوى" ٥/ ١٤٤ - ١٤٩.
(٤) في (ب): (يقول: أي علا).
(٥) في (ب): (يقول) وفي "تهذيب اللغة" (وتقول) ٢/ ١٧٩٤.
(٦) انظر كلام الأخفش في "تهذيب اللغة" (لفيف السين) ٢/ ١٧٩٤.
298
وهذا القول اختيار محمد بن جرير قال: ومعناه (١) ارتفع ارتفاع ملك وسطان، لا ارتفاع انتقال وزوال (٢)، وإنما هو ارتفاع تدبيره وحكمه وسلطانه، وهذا قريب من قول ابن عباس وتوجيه الزجاج لقوله (٣).
وقوله تعالى ﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾. حقيقة (التسوية) الجعل على الاستواء، يقال سويت الشيئين فاستويا، والفرق بينه وبين التقويم أن التسوية قد تكون بالحكم أن الشيئين يستويان، والتقويم لا يكون بالحكم، وإنما يكون
وقوله تعالى ﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾. حقيقة (التسوية) الجعل على الاستواء، يقال سويت الشيئين فاستويا، والفرق بينه وبين التقويم أن التسوية قد تكون بالحكم أن الشيئين يستويان، والتقويم لا يكون بالحكم، وإنما يكون
(١) (الواو) ساقطة من (ب).
(٢) رجح ابن جرير: أن الاستواء بمعنى العلو، فقال -بعد أن ذكر الأقوال في الاستواء-: (وأولى المعاني) بقول الله جل ثناؤه: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ﴾ علا عليهن وارتفع، فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سموات. والعجب ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾، الذي هو بمعنى العلو والارتفاع، هربا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه -إذا تأوله بمعناه المفهوم كذلك- أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها، إلى أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر، ثم لم ينج مما هرب منه!، فيقال له: زعمت أن تأويل قوله: (استوى) أقبل، أفكان مدبرا عن السماء فأقبل إليها؟ فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل، ولكنه إقبال تدبير، قيل له فكذلك، فقل: علا عليها علو ملك وسلطان، لا علو انتقال وزوال، ثم لن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله، ولولا أنا كرهنا إطالة الكتاب بما ليس من جنسه، لأنبأنا عن فساد قول كل قائل قال في ذلك قولا، لقول أهل الحق فيه مخالفا....) "الطبري" ١/ ١٩٢. ونرى في سياق كلام الطبري أنه رجح في معنى (الاستواء) ما قال به السلف ثم أخذ يحاور المؤوّلين، ومن باب إلزام الحجة لهم قال: (قل: علا عليها علو ملك وسلطان...) ولا شك أن هذِه العبارة ليس من نهج السلف في الإثبات والله أعلم.
(٣) قول ابن عباس: إنه بمعنى صعد، كما ذكر الفراء ١/ ٢٥، وإنما أوله الزجاج بمعنى: يصعد أمره. انظر. "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٥.
(٢) رجح ابن جرير: أن الاستواء بمعنى العلو، فقال -بعد أن ذكر الأقوال في الاستواء-: (وأولى المعاني) بقول الله جل ثناؤه: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ﴾ علا عليهن وارتفع، فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سموات. والعجب ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾، الذي هو بمعنى العلو والارتفاع، هربا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه -إذا تأوله بمعناه المفهوم كذلك- أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها، إلى أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر، ثم لم ينج مما هرب منه!، فيقال له: زعمت أن تأويل قوله: (استوى) أقبل، أفكان مدبرا عن السماء فأقبل إليها؟ فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل، ولكنه إقبال تدبير، قيل له فكذلك، فقل: علا عليها علو ملك وسلطان، لا علو انتقال وزوال، ثم لن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله، ولولا أنا كرهنا إطالة الكتاب بما ليس من جنسه، لأنبأنا عن فساد قول كل قائل قال في ذلك قولا، لقول أهل الحق فيه مخالفا....) "الطبري" ١/ ١٩٢. ونرى في سياق كلام الطبري أنه رجح في معنى (الاستواء) ما قال به السلف ثم أخذ يحاور المؤوّلين، ومن باب إلزام الحجة لهم قال: (قل: علا عليها علو ملك وسلطان...) ولا شك أن هذِه العبارة ليس من نهج السلف في الإثبات والله أعلم.
(٣) قول ابن عباس: إنه بمعنى صعد، كما ذكر الفراء ١/ ٢٥، وإنما أوله الزجاج بمعنى: يصعد أمره. انظر. "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٥.
299
بالفعل (١).
وجمع الكناية (٢) في ﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾ لأنه أراد بلفظ (السماء) جميع السموات كقولهم: كثر الدرهم والدينار في أيدي الناس، يراد الجمع (٣)، وكثيراً ما يذكر الواحد والمراد به الجمع، كقوله تعالى: ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي﴾ [الشعراء: ٧٧] وقوله: ﴿إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٦]. وكما أنشده (٤) قطرب:
ويجوز أن يراد بالسماء جمع سماة أو سماوة، على ما ذكرنا قبل (٦). وجائز أن تعود الكناية على أجزاء السماء ونواحيها (٧). وقوله تعالى: ﴿سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾. (السبع) عدد المؤنث، والسبعة
وجمع الكناية (٢) في ﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾ لأنه أراد بلفظ (السماء) جميع السموات كقولهم: كثر الدرهم والدينار في أيدي الناس، يراد الجمع (٣)، وكثيراً ما يذكر الواحد والمراد به الجمع، كقوله تعالى: ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي﴾ [الشعراء: ٧٧] وقوله: ﴿إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٦]. وكما أنشده (٤) قطرب:
| أَلاَ إِنَّ جِيرَانِي العَشِيَّة رَائِحٌ | دَعَتْهُمْ دَوَاعٍ مِنْ هَوى وَمنَادِحُ (٥) |
(١) قال ابن جرير: ﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾ يعني هيأهن وخلقهن ودبرهن وقومهن، والتسوية في (كلام العرب): التقويم والإصلاح والتوطئة ففسر (التسوية) بالاستقامة، انظر "الطبري" ١/ ١٩٢، وانظر: "الكشاف" ١/ ٢٧١.
(٢) الكناية: الضمير.
(٣) ذكره الزجاج عن الأخفش، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٥، وانظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢١٧، "معانىِ القرآن" للفراء ١/ ٢٥، وذكر هذا الرأي "الطبري"، وأختار غيره كما يأتي ١/ ١٩٣.
(٤) في (ب): (أنشد).
(٥) البيت لحيان بن جُلْبَة المحاربي، جاهلي ذكره أبو زيد في "نوادره" مع بيت بعده ص ٤٤٤، وكذا البكري في "معجم ما استعجم" ١/ ١٣٧، والسيوطي في "همع الهوامع" ٦/ ١١٩.
(٦) ذكره عند قوله تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾ البقرة: ١٩، ص ٥٤٧، وقد ذكر هذا الرأي "الطبري" واختاره ١/ ١٩٢، والزجاج ١/ ٧٥.
(٧) فجمع باعتبار تعدد أجزائها ونواحيها، انظر "الطبري" ١/ ١٩٣.
(٢) الكناية: الضمير.
(٣) ذكره الزجاج عن الأخفش، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٥، وانظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢١٧، "معانىِ القرآن" للفراء ١/ ٢٥، وذكر هذا الرأي "الطبري"، وأختار غيره كما يأتي ١/ ١٩٣.
(٤) في (ب): (أنشد).
(٥) البيت لحيان بن جُلْبَة المحاربي، جاهلي ذكره أبو زيد في "نوادره" مع بيت بعده ص ٤٤٤، وكذا البكري في "معجم ما استعجم" ١/ ١٣٧، والسيوطي في "همع الهوامع" ٦/ ١١٩.
(٦) ذكره عند قوله تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾ البقرة: ١٩، ص ٥٤٧، وقد ذكر هذا الرأي "الطبري" واختاره ١/ ١٩٢، والزجاج ١/ ٧٥.
(٧) فجمع باعتبار تعدد أجزائها ونواحيها، انظر "الطبري" ١/ ١٩٣.
300
للمذكر، وجاء التذكير والتأنيث في هذا على خلاف الأصل، لأنهم لما (١) وضعوا العدد في أول أمره قبل أن يعلق على معنى تحته وأكثر من العدد، قالوا: أربعة خمسة، ثم أرادوا بعد ذلك (٢) تعليقه على المعدود، وكان المذكر هو الأول جعلوا الأول للأول، والثاني للثاني (٣).
ولهذا علل كثيرة يذكر (٤) في غير هذا الكتاب (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾. أي من كفرهم ونفاقهم وكتمهم وصفك يا محمد.
وقيل: إنه لما ذكر ما يدل على القدرة والاستيلاء (٦) وصل (٧) ذلك بوصفه بالعلم، إذ به يصح الفعل المحكم المتقن. وقيل: هو (٨) بكل شي عليم من الخلق والتسوية (٩).
والآية لا تدل على أنه خلق السماء بعد الأرض، إنما تدل على أنه
ولهذا علل كثيرة يذكر (٤) في غير هذا الكتاب (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾. أي من كفرهم ونفاقهم وكتمهم وصفك يا محمد.
وقيل: إنه لما ذكر ما يدل على القدرة والاستيلاء (٦) وصل (٧) ذلك بوصفه بالعلم، إذ به يصح الفعل المحكم المتقن. وقيل: هو (٨) بكل شي عليم من الخلق والتسوية (٩).
والآية لا تدل على أنه خلق السماء بعد الأرض، إنما تدل على أنه
(١) (لما) ساقط من (ب).
(٢) في (ب): (تعليقه بعد ذلك).
(٣) الأول في العدد (ثلاثة) وفي المعدود المذكر، والثاني في العدد (ثلاثة) وفي المعدود المؤنث.
(٤) (يذكر) ساقط من (ب)، والأولى للسياق تذكر.
(٥) اختلف النحويون في علة ذلك على أقوال كثيرة، انظر بعض هذِه العلل في "جمل الزجاجي" ص ١٢٥، "وشرح جمل الزجاجي" لابن عصفور ٢/ ٣٠.
(٦) هذا من التأويل، بل (الاستواء العلو).
(٧) في (ب): (وصف).
(٨) في (ب): (وهو).
(٩) والأولى عموم ذلك، فالذي خلقكم وخلق لكم ما في الأرض، وسوى السموات السبع فأحكمهن واستوى على عرشه، لا يخفى عليه منكم شيء، انظر. "الطبري" ١/ ١٩٥، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٧، "الكشاف" ١/ ٢٧١، "القرطبي" ١/ ٢٢٣.
(٢) في (ب): (تعليقه بعد ذلك).
(٣) الأول في العدد (ثلاثة) وفي المعدود المذكر، والثاني في العدد (ثلاثة) وفي المعدود المؤنث.
(٤) (يذكر) ساقط من (ب)، والأولى للسياق تذكر.
(٥) اختلف النحويون في علة ذلك على أقوال كثيرة، انظر بعض هذِه العلل في "جمل الزجاجي" ص ١٢٥، "وشرح جمل الزجاجي" لابن عصفور ٢/ ٣٠.
(٦) هذا من التأويل، بل (الاستواء العلو).
(٧) في (ب): (وصف).
(٨) في (ب): (وهو).
(٩) والأولى عموم ذلك، فالذي خلقكم وخلق لكم ما في الأرض، وسوى السموات السبع فأحكمهن واستوى على عرشه، لا يخفى عليه منكم شيء، انظر. "الطبري" ١/ ١٩٥، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٧، "الكشاف" ١/ ٢٧١، "القرطبي" ١/ ٢٢٣.
301
جعلها سبعًا بعد ما خلق الأرض، وقد كانت السماء قبل ذلك مخلوقة، كما قال أهل التفسير: إنها كانت قبل دخانًا (١).
وكان أبو عمرو والكسائي يخففان (وهو)، (فهو) ويسكنان (الهاء) مع الواو والفاء واللام (٢).
وذلك أنهما يجعلان هذه الحروف كأنها من نفس الكلمة، لما (٣) لم يكن لها إذا (٤) أفردت معنى، فأشبهت في حال دخولها الكلمة ما كان من نفسها (٥).
وإذ كان كذلك خففت (الهاء) كما خففت (العينات) (٦) في (سَبُع)
وكان أبو عمرو والكسائي يخففان (وهو)، (فهو) ويسكنان (الهاء) مع الواو والفاء واللام (٢).
وذلك أنهما يجعلان هذه الحروف كأنها من نفس الكلمة، لما (٣) لم يكن لها إذا (٤) أفردت معنى، فأشبهت في حال دخولها الكلمة ما كان من نفسها (٥).
وإذ كان كذلك خففت (الهاء) كما خففت (العينات) (٦) في (سَبُع)
(١) في هذِه المسألة نزاع بين المفسرين، وقول الجمهور على أن الله خلق الأرض أولا، ثم خلق السماء، لكن دحو الأرض كان بعد خلق السماء. وجمع "القرطبي" بين الأقوال بأن الدخان الذي خلقت منه السماء خلق أولا، ثم الأرض ثم سويت السماء من ذلك الدخان ثم دحيت الأرض بعد ذلك، وعلى هذا يدل كلام الواحدي، انظر. "تفسير الطبري" ١/ ١٩٣ - ١٩٥، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٧، "زاد المسير" ١/ ٥٨، "الكشاف" ١/ ٢٧١، "القرطبي" ١/ ٢١٩ - ٢٢١، و"ابن كثير" ١/ ٧٢ - ٧٣.
(٢) الهاء إذا سبقت بالواو أو الفاء أو اللام أو ثم (وهو، فهو، ولهو، وثم، هو) فابن كثير وعاصم وابن عامر وحمزة يقرؤون بتحريك الهاء في ذلك كله، والكسائي بتخفيف ذلك وإسكان الهاء، وأبو عمرو يسكنها في القرآن ماعدا قوله تعالى: ﴿ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [القصص: ٦١]، فيضم الهاء، وعن نافع روايتان التثقيل والتخفيف، انظر "السبعة" لابن مجاهد ص ١٥١، "الحجة" لأبي علي ١/ ٤٠٦، "الكشف" ١/ ٢٣٤، "التيسير" ص ٧٢، "النشر" ٢/ ٢٠٩.
(٣) في (ب): (مما لم).
(٤) في (ب): (إذ).
(٥) في (ب): (تقسيمها).
(٦) في (ب): (العينان).
(٢) الهاء إذا سبقت بالواو أو الفاء أو اللام أو ثم (وهو، فهو، ولهو، وثم، هو) فابن كثير وعاصم وابن عامر وحمزة يقرؤون بتحريك الهاء في ذلك كله، والكسائي بتخفيف ذلك وإسكان الهاء، وأبو عمرو يسكنها في القرآن ماعدا قوله تعالى: ﴿ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [القصص: ٦١]، فيضم الهاء، وعن نافع روايتان التثقيل والتخفيف، انظر "السبعة" لابن مجاهد ص ١٥١، "الحجة" لأبي علي ١/ ٤٠٦، "الكشف" ١/ ٢٣٤، "التيسير" ص ٧٢، "النشر" ٢/ ٢٠٩.
(٣) في (ب): (مما لم).
(٤) في (ب): (إذ).
(٥) في (ب): (تقسيمها).
(٦) في (ب): (العينان).
302
و (عَضُد) (١) ونحوهما، ولا يخففان (٢) ﴿ثُمَّ هُوَ﴾ [القصص: ٦١] لأنه لا يستقيم أن يجعل (ثم) بمنزلة (الفاء) وما كان على حرف. والحرف الواحد قل يجعل كأنه من نفس الكلمة (٣)، وذلك قولهم: (لعمري وَرَعَمْلِي) فقلبوه مع اللام، واللام زائدة (٤).
ومثل تخفيفهم (٥) (لَهْو) قولهم: (أَرَاك مُنْتَفْخاً) (٦) لما كان (تَفِخًا) (٧)، مثل [كَتِف] (٨) خفف، وكذلك قراءة من قرأ (٩) ﴿وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ﴾ [النور: ٥٢]، لما كان (تَقِه) (١٠)، مثل (كتف) خفف.
ومثل ذلك ما أنشده الخليل:
ومثل تخفيفهم (٥) (لَهْو) قولهم: (أَرَاك مُنْتَفْخاً) (٦) لما كان (تَفِخًا) (٧)، مثل [كَتِف] (٨) خفف، وكذلك قراءة من قرأ (٩) ﴿وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ﴾ [النور: ٥٢]، لما كان (تَقِه) (١٠)، مثل (كتف) خفف.
ومثل ذلك ما أنشده الخليل:
| أَلاَ رُبَّ مَوْلُودٍ وَلَيْسَ لَهُ أَبٌ | وَذِي وَلَدٍ لَمْ يَلْدهُ أَبَوَانِ (١١) |
(١) فيقال: (سَبْع) و (عَضْد) بتسكين العين. انظر: "الحجة" ١/ ٤٠٧، "الكشف" لمكي ١/ ٢٣٤.
(٢) قوله: (ولا يخففان) يعود على الكسائي وأبي عمرو، والصحيح (ولا يخفف أبو عمرو، أما الكسائي فإنه يخفف (ثم هو) انظر: "الحجة" ١/ ٤٠٧ - ٤٠٩، فلعل العبارة تصحيف، أو وهم من المؤلف.
(٣) إذا اتصل بالكلمة بخلاف (ثم)، انظر: "الحجة" ١/ ٤٠٨.
(٤) فجعلوا اللام كأنها من بنية الكلمة، وأبدلوها مكان (الراء).
(٥) في (ب): (تحقيقهم).
(٦) في (ب): (مستحقا).
(٧) الأصل في (تفخا) كسر الفاء، وخففت في (مُنْتَفْخاً) بالإسكان.
(٨) في جميع النسخ (كيف) والتصحيح من "الحجة" ١/ ٤٠٨، و (كتف) يخفف في لغة بإسكان الوسط فيقال. (كَتْف).
(٩) وهي قراءة حفص عن عاصم (ويَتَّقْه)، انظر "السبعة" ص ٤٠٨، "الكشف" ٢/ ١٤٠.
(١٠) أي أنه شبه (تقه) (كتف) حيث خفف الثاني بالإسكان.
(١١) البيت لعمرو الجنبي، ونسبه سيبويه لرجل من أزد السراة، والمولود الذي ليس له =
(٢) قوله: (ولا يخففان) يعود على الكسائي وأبي عمرو، والصحيح (ولا يخفف أبو عمرو، أما الكسائي فإنه يخفف (ثم هو) انظر: "الحجة" ١/ ٤٠٧ - ٤٠٩، فلعل العبارة تصحيف، أو وهم من المؤلف.
(٣) إذا اتصل بالكلمة بخلاف (ثم)، انظر: "الحجة" ١/ ٤٠٨.
(٤) فجعلوا اللام كأنها من بنية الكلمة، وأبدلوها مكان (الراء).
(٥) في (ب): (تحقيقهم).
(٦) في (ب): (مستحقا).
(٧) الأصل في (تفخا) كسر الفاء، وخففت في (مُنْتَفْخاً) بالإسكان.
(٨) في جميع النسخ (كيف) والتصحيح من "الحجة" ١/ ٤٠٨، و (كتف) يخفف في لغة بإسكان الوسط فيقال. (كَتْف).
(٩) وهي قراءة حفص عن عاصم (ويَتَّقْه)، انظر "السبعة" ص ٤٠٨، "الكشف" ٢/ ١٤٠.
(١٠) أي أنه شبه (تقه) (كتف) حيث خفف الثاني بالإسكان.
(١١) البيت لعمرو الجنبي، ونسبه سيبويه لرجل من أزد السراة، والمولود الذي ليس له =
303
لما كان (يلد)، مثل (كتف) (١) خفف، ثم حرك الدال لالتقاء الساكنين، لأنه (٢) كان يجب أن يسكن علامة للجزم، فهذه الأشياء متصلة، وقوله: (فهو وهو ولهو) في حكمها، وليس كذلك (ثم هو) (٣) ألا ترى أن (ثم) منفصل من (هو) (٤) لإمكان الوقف عليها وإفرادها مما بعدها، وليست الكلم التي على حرف واحد كذلك. ولمن (٥) خفف (ثم هو) أن يقول (٦): إن (ثم) مثل الفاء والواو واللام في أنهن لسن (٧) من الكلمة، كما أن (ثم) ليس منها، وقد جعلوا المنفصل بمنزلة المتصل في أشياء، ألا ترى أنهم أدغموا (٨) نحو (يدْ دّاود) و (وجَعَلْ (٩) لَّك) كما أدغموا (رَدَّ) (١٠) و (عَدَّ)،
= أب هو عيسى عليه السلام، والذي لم يلده أبوان هو آدم. والشاهد في البيت (يَلْدَه) أراد لم يلده بسكون الدال، فلما التقى ساكنان اللام والدال حرك الدال بحركة أقرب متحرك منها وهو الياء ففتحها. ورد البيت في "الكتاب" ٢/ ٢٦٦، "الكامل" ٣/ ١٧٧، "الحجة" ١/ ٦٦، ٤٠٩، "التكملة" ص ٧، "المخصص" ١٤/ ٢٢١، ١٧/ ٦٣، "الخصائص" ٢/ ٣٣٣، "شرح المفصل" ٤/ ٤٨، ٩/ ١٢٣، ١٢٦، "مغنى اللبيب" ١/ ١٣٥، "الهمع" ١/ ١٨٦، "الخزانة" ٢/ ٣٨١.
(١) في (أ)، (ج). (كيف) وأثبت ما في (ب) لأنه الصواب وموافق لما في "الحجة".
(٢) في (ب): (لا كان).
(٣) في (ب): (هوى).
(٤) في (أ)، (ج): (من ها ولا مكان) وأثبت ما في (ب) لأنه هو الصحيح وموافق لما في "الحجة" ١/ ٤٠٩.
(٥) في (ج): (ولم). ومن خفف هو الكسائي: انظر: "الحجة" ١/ ٤٠٩.
(٦) في (ج): (تقول).
(٧) في (ب): (ليس).
(٨) في (ب): (أقدموا).
(٩) فأدغموا الدال من (يد) في دال (داود) وهما في كلمتين منفصلتين وكذا (جعل لك).
(١٠) وهما في كلمة واحدة.
(١) في (أ)، (ج). (كيف) وأثبت ما في (ب) لأنه الصواب وموافق لما في "الحجة".
(٢) في (ب): (لا كان).
(٣) في (ب): (هوى).
(٤) في (أ)، (ج): (من ها ولا مكان) وأثبت ما في (ب) لأنه هو الصحيح وموافق لما في "الحجة" ١/ ٤٠٩.
(٥) في (ج): (ولم). ومن خفف هو الكسائي: انظر: "الحجة" ١/ ٤٠٩.
(٦) في (ج): (تقول).
(٧) في (ب): (ليس).
(٨) في (ب): (أقدموا).
(٩) فأدغموا الدال من (يد) في دال (داود) وهما في كلمتين منفصلتين وكذا (جعل لك).
(١٠) وهما في كلمة واحدة.
304
ومثل هذا قول امرئ القيس:
فَالْيَومَ أَشْرَبْ غَيْرَ (١) مُسْتَحْقِبِ (٢)
فـ (رَبْ غَيْ) (٣) مثل: (سبع)، وقد أسكن. وأنشد أبو زيد على هذ:
قَالَتْ سُلَيْمَى اشْتَرْ لَنَا دَقِيقًا (٤)
فَالْيَومَ أَشْرَبْ غَيْرَ (١) مُسْتَحْقِبِ (٢)
فـ (رَبْ غَيْ) (٣) مثل: (سبع)، وقد أسكن. وأنشد أبو زيد على هذ:
قَالَتْ سُلَيْمَى اشْتَرْ لَنَا دَقِيقًا (٤)
(١) (غير) ساقطة من (ج)
(٢) البيت لامرئ القيس وتمامه:
إِثْمًا مِنَ الله وَلَاَ واغِل
قاله بعد أن أدرك ثأره في أبيه، وكان قد نذر لا يشرب الخمر، فلما أدرك ثأره رأى أنه تحلل من نذره، والمستحقب: المتكسب، وأصل الاستحقاب حمل الشيء في الحقيبة، والواغل: الداخل على القوم يشربون ولم يدع. والبيت من "شواهد سيبويه" ٤/ ٢٠٤، "الحجة" ١/ ١١٧/، ٤١٠، ٢/ ٨٠، "نوادر أبي زيد" ص١٨٧، "الخصائص" ١/ ٧٤، ٢/ ٣١٧، ٣٤٠، ٣/ ٩٦، "شرح المفصل" ١/ ٤٨، "الهمع" ١/ ١٨٧، "الخزانة" ١/ ١٥٢، ٣/ ٤٦٣، ٤/ ١٠٦، ٤٨٤، ٨/ ٣٣٩، وفي "ديوان امرئ القيس" ص ١٢٢، برواية (أسقى) بدل أشرب، وعليه فلا شاهد فيه، وبهذا أخذ المبرد، ولكنه في "الديوان" ص ١٣٤، برواية (أَشربْ) والشاهد فيه عند النحويين، تسكين الحرف في أشرب، وحذف الضمة.
(٣) في (ب): (على)، وفي "الحجة" فـ (رب غ) أي أنه جعل آخر كلمة (أشرب) مع أول كلية (غير) مثل كلمة واحد كـ (سبع) فأسكن.
(٤) الرجز لرجل من كندة يقال له: (العُذَاِفِر الكندي) وبعده:
وهَات بُرَّ البَخْسِ أَوْ دَقِيقَا
وفي جميع المصادر (سويقا) بدل (دقيقًا)، أورده أبو زيد في "النوادر" ص ١٧٠، وفي "الحجة" لأبي على١/ ٦٧، ٤١٠، "التكملة" ص ٨، "الخصائص" ٢/ ٣٤٠، ٣/ ٩٦، "المنصف" ٢/ ٢٣٧، "اللسان" (بخس) ٦/ ٢٥. وبهذا البيت ينتهي ما نقله الواحدي في هذا الموضع من (الحجة) أبي علي الفارس بتصرف ١/ ٤٠٧، ٤١٠، وانظر: "الحجة في القراءات" لابن خالويه ص ٧٣، "الكشف" لمكي ١/ ٢٣٤، ٢٣٥.
(٢) البيت لامرئ القيس وتمامه:
إِثْمًا مِنَ الله وَلَاَ واغِل
قاله بعد أن أدرك ثأره في أبيه، وكان قد نذر لا يشرب الخمر، فلما أدرك ثأره رأى أنه تحلل من نذره، والمستحقب: المتكسب، وأصل الاستحقاب حمل الشيء في الحقيبة، والواغل: الداخل على القوم يشربون ولم يدع. والبيت من "شواهد سيبويه" ٤/ ٢٠٤، "الحجة" ١/ ١١٧/، ٤١٠، ٢/ ٨٠، "نوادر أبي زيد" ص١٨٧، "الخصائص" ١/ ٧٤، ٢/ ٣١٧، ٣٤٠، ٣/ ٩٦، "شرح المفصل" ١/ ٤٨، "الهمع" ١/ ١٨٧، "الخزانة" ١/ ١٥٢، ٣/ ٤٦٣، ٤/ ١٠٦، ٤٨٤، ٨/ ٣٣٩، وفي "ديوان امرئ القيس" ص ١٢٢، برواية (أسقى) بدل أشرب، وعليه فلا شاهد فيه، وبهذا أخذ المبرد، ولكنه في "الديوان" ص ١٣٤، برواية (أَشربْ) والشاهد فيه عند النحويين، تسكين الحرف في أشرب، وحذف الضمة.
(٣) في (ب): (على)، وفي "الحجة" فـ (رب غ) أي أنه جعل آخر كلمة (أشرب) مع أول كلية (غير) مثل كلمة واحد كـ (سبع) فأسكن.
(٤) الرجز لرجل من كندة يقال له: (العُذَاِفِر الكندي) وبعده:
وهَات بُرَّ البَخْسِ أَوْ دَقِيقَا
وفي جميع المصادر (سويقا) بدل (دقيقًا)، أورده أبو زيد في "النوادر" ص ١٧٠، وفي "الحجة" لأبي على١/ ٦٧، ٤١٠، "التكملة" ص ٨، "الخصائص" ٢/ ٣٤٠، ٣/ ٩٦، "المنصف" ٢/ ٢٣٧، "اللسان" (بخس) ٦/ ٢٥. وبهذا البيت ينتهي ما نقله الواحدي في هذا الموضع من (الحجة) أبي علي الفارس بتصرف ١/ ٤٠٧، ٤١٠، وانظر: "الحجة في القراءات" لابن خالويه ص ٧٣، "الكشف" لمكي ١/ ٢٣٤، ٢٣٥.
305
٣٠ - قوله تعالى ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ﴾. قال النحاة: (إذ) و (إذا) [حرفا توقيت، (إذ) للماضي و (إذا)] (١) لما يستقبل (٢).
قال المبرد: إذا جاء (إذ) مع المستقبل كان معناه المضي نحو قوله: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ﴾ [الأنفال: ٣٠]، ﴿وَإِذْ تَقُولُ﴾ [الأحزاب: ٣٧] يريد: وإذ مكر، وإذ قلت. وإذا جاء (إذا) (٣) مع الماضي كان معناه الاستقبال (٤) كقوله: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ﴾ [النازعات: ٣٤] و ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ﴾ [النصر: ١] أي يجيء (٥).
فإن قيل: إذا كانت (إذ) لما مضى (٦)، فكيف جاز (٧) ﴿وَإِذ قَالَ اللهُ
قال المبرد: إذا جاء (إذ) مع المستقبل كان معناه المضي نحو قوله: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ﴾ [الأنفال: ٣٠]، ﴿وَإِذْ تَقُولُ﴾ [الأحزاب: ٣٧] يريد: وإذ مكر، وإذ قلت. وإذا جاء (إذا) (٣) مع الماضي كان معناه الاستقبال (٤) كقوله: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ﴾ [النازعات: ٣٤] و ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ﴾ [النصر: ١] أي يجيء (٥).
فإن قيل: إذا كانت (إذ) لما مضى (٦)، فكيف جاز (٧) ﴿وَإِذ قَالَ اللهُ
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) قال الثعلبي (إذ وإذا حرفا توقيت، إلا أن (إذ) للماضي و (إذا) للمستقبل وقد يوضع أحدهما موضع الآخر) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ، وذكر نحوه ابن الأنباري في (الأضداد) ص ١١٨، وكذا الأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ١٣٧، وقال سيبويه: (إذا لما يستقبل من الدهر... وهي ظرف... وتكون إذ مثلها، "الكتاب" ٤/ ٢٣٢، وانظر: "مغني اللبيب" ١/ ٨٠، ٨٧.
(٣) في (ب): (إذ).
(٤) في (ب) كان معناه الاستقبال في (المعنى وفي اللفظ)، وهذِه الزيادة غير موجودة في (أ)، (ج). ولا في "تفسير الثعلبي" الذي نقل الواحدي عنه.
(٥) في (أ)، (ج). (تجئ) وفي (ب) بدون إعجام، والتصحيح من "تفسير الثعلبي"، انظر كلام المبرد في "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢٢٣، ولم أجده بهذا النص فيما اطلعت عليه من كتب المبرد، انظر: "المقتضب" ٢/ ٥٢ - ٥٧، ٧٦، ٧٧، ١٧٦، ١٧٨، "تهذيب اللغة" ١/ ١٣٧، "الأضداد" لابن الأنباري ص ١١٨.
(٦) سبق قريبًا أن (إذ)، قد تأتي للمستقبل إذا شهر المعنى، ذكر هذا ابن الأنباري واستشهد بقوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: ١١٠] انظر "الأضداد" ص ١١٨.
(٧) في (ب): (جاد).
(٢) قال الثعلبي (إذ وإذا حرفا توقيت، إلا أن (إذ) للماضي و (إذا) للمستقبل وقد يوضع أحدهما موضع الآخر) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ، وذكر نحوه ابن الأنباري في (الأضداد) ص ١١٨، وكذا الأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ١٣٧، وقال سيبويه: (إذا لما يستقبل من الدهر... وهي ظرف... وتكون إذ مثلها، "الكتاب" ٤/ ٢٣٢، وانظر: "مغني اللبيب" ١/ ٨٠، ٨٧.
(٣) في (ب): (إذ).
(٤) في (ب) كان معناه الاستقبال في (المعنى وفي اللفظ)، وهذِه الزيادة غير موجودة في (أ)، (ج). ولا في "تفسير الثعلبي" الذي نقل الواحدي عنه.
(٥) في (أ)، (ج). (تجئ) وفي (ب) بدون إعجام، والتصحيح من "تفسير الثعلبي"، انظر كلام المبرد في "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢٢٣، ولم أجده بهذا النص فيما اطلعت عليه من كتب المبرد، انظر: "المقتضب" ٢/ ٥٢ - ٥٧، ٧٦، ٧٧، ١٧٦، ١٧٨، "تهذيب اللغة" ١/ ١٣٧، "الأضداد" لابن الأنباري ص ١١٨.
(٦) سبق قريبًا أن (إذ)، قد تأتي للمستقبل إذا شهر المعنى، ذكر هذا ابن الأنباري واستشهد بقوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: ١١٠] انظر "الأضداد" ص ١١٨.
(٧) في (ب): (جاد).
306
يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} [المائدة: ١١٦]، ﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ﴾ [غافر: ٤٧]؟.
والجواب أن هذا خرج على تقدير الاستقبال في المعنى، وفي اللفظ على صورة المضي (١)، لأن ما تحقق كونه فهو بمنزلة ما قد كان، كقوله: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٤٤]، ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [الأعراف: ٥٠] وأشباهه (٢).
وقال أبو عبيدة: (إذ) هاهنا (٣) زائدة، معناه: وقال ربك للملائكة (٤). وأنكر الزجاج وغيره هذا القول (٥)، وقالوا (٦): إن الحرف إذا أفاد
والجواب أن هذا خرج على تقدير الاستقبال في المعنى، وفي اللفظ على صورة المضي (١)، لأن ما تحقق كونه فهو بمنزلة ما قد كان، كقوله: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٤٤]، ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [الأعراف: ٥٠] وأشباهه (٢).
وقال أبو عبيدة: (إذ) هاهنا (٣) زائدة، معناه: وقال ربك للملائكة (٤). وأنكر الزجاج وغيره هذا القول (٥)، وقالوا (٦): إن الحرف إذا أفاد
(١) من قوله: (على صورة المضي..). وما بعده إلى نهاية تفسير لفظ (الملائكة) ورد مكررا في جميع النسخ الثلاث التي اعتمدت عليها، وقد علق الناسخ في نسخة (أ) على أول الكلام المكرر كلمة (مكرر) بينما الناسخ في (ج) أدخل كلمة (مكرر) وسط الكلام، وكأنه ظن أنها جزء من السياق. وبعد التمحيص للكلام المكرر وجدت في أوله بعض الفروقات اليسيرة أما في تفسير لفظ: (الملائكة) ففيه اختلاف كبير، وهو ملخص مما قبله بإتقان، ويظهر لي أن المؤلف أضرب عن كلامه السابق وأعاده مرة أخرى، ونقله النساخ على وضعه، وقد أثبت الكلام على حسب ما ورد في المخطوطات بدون تصرف في الأصل وعلقت على الفروق في مواضعها.
(٢) انظر: "الأضداد" لابن الأنباري ص ١١٩، "تهذيب اللغة" ١/ ١٣٧.
(٣) في المكرر (في هذا الموضع).
(٤) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٣٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ ب، و"الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٩٥، وبنحو قول أبي عبيدة قال ابن قتيبة، انظر: "غريب القرآن" ص ٤٥.
(٥) قال الزجاج في رده على أبي عبيدة (هذا إقدام من أبي عبيدة، لأن القرآن لا ينبغي أن يتكلم فيه إلا بغاية تجري إلى الحق و (إذ) معناها الوقت، وهي اسم، فكيف يكون لغوا...)، "معاني القرآن" ١/ ٧٥، وممن أنكر على أبي عبيدة النحاس في "إعراب القرآن"، ١/ ١٥٦، و"الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٩٥.
(٦) في المكرر (وهو أن الحرف إذا كان مفيدًا معنى...)، وفي (ب) (مقيد).
(٢) انظر: "الأضداد" لابن الأنباري ص ١١٩، "تهذيب اللغة" ١/ ١٣٧.
(٣) في المكرر (في هذا الموضع).
(٤) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٣٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ ب، و"الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٩٥، وبنحو قول أبي عبيدة قال ابن قتيبة، انظر: "غريب القرآن" ص ٤٥.
(٥) قال الزجاج في رده على أبي عبيدة (هذا إقدام من أبي عبيدة، لأن القرآن لا ينبغي أن يتكلم فيه إلا بغاية تجري إلى الحق و (إذ) معناها الوقت، وهي اسم، فكيف يكون لغوا...)، "معاني القرآن" ١/ ٧٥، وممن أنكر على أبي عبيدة النحاس في "إعراب القرآن"، ١/ ١٥٦، و"الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٩٥.
(٦) في المكرر (وهو أن الحرف إذا كان مفيدًا معنى...)، وفي (ب) (مقيد).
307
معنى صحيحا لم يجز إلغاؤه، قالوا: وفي الآية محذوف معناه: واذكر يا محمد إذ قال ربك (١).
وقال أبو إسحاق (٢): إن الله جل ذكره ذكر خلق الناس في هذه الآية فكأنه قال: ابتدأ خلقكم إذ قال ربك للملائكة (٣).
وأكثر المفسرين (٤) على أن كل ما ورد في القرآن من هذا النحو فالذكر فيه مضمر (٥).
وأما (٦) (الملائكة) فقال سيبويه (٧): واحدها ملك، وأصله مَلْأَك، مهموز، حذف همزه لكثرة الاستعمال، وأنشد:
وتابعه على هذا القول أكثر أهل العلم (٩).
وقال أبو إسحاق (٢): إن الله جل ذكره ذكر خلق الناس في هذه الآية فكأنه قال: ابتدأ خلقكم إذ قال ربك للملائكة (٣).
وأكثر المفسرين (٤) على أن كل ما ورد في القرآن من هذا النحو فالذكر فيه مضمر (٥).
وأما (٦) (الملائكة) فقال سيبويه (٧): واحدها ملك، وأصله مَلْأَك، مهموز، حذف همزه لكثرة الاستعمال، وأنشد:
| فَلَسْتَ لإنْسِيٍّ ولكن لمَلْأَكٍ | تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السِّماء يَصُوبُ (٨) |
(١) "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ ب، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ١٩٦.
(٢) في المكرر (الزجاج).
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٦.
(٤) في (ب): (المفسرون) وفي المكرر (وعند غيره من المفسرين...).
(٥) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٧، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٤٠، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢٢٤.
(٦) (الواو) ساقطة من (ب).
(٧) انظر كلام سيبويه في (الكتاب) ٤/ ٣٧٩.
(٨) البيت لعلقمة الفحل، وقيل: لرجل من عبد القيس جاهلي، وقيل لأبي وجزة السعدي، وقد سبق تخريجه عند تفسير قوله تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ١٩] ص ٥٧٢.
(٩) أصلها (ملْأك)، يحذفون الهمزة منه، وينقلون حركتها إلى اللام وكانت مسكنة في حال همز الاسم. فإذا جمع الاسم ردوا الهمزة على الأصل فقالوا: (ملائكة)، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٩٧، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ أ، "مجاز القرآن" ١/ ٣٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٠، "تهذيب اللغة" (ملك) ٤/ ٣٤٤٩، =
(٢) في المكرر (الزجاج).
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٦.
(٤) في (ب): (المفسرون) وفي المكرر (وعند غيره من المفسرين...).
(٥) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٧، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٤٠، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢٢٤.
(٦) (الواو) ساقطة من (ب).
(٧) انظر كلام سيبويه في (الكتاب) ٤/ ٣٧٩.
(٨) البيت لعلقمة الفحل، وقيل: لرجل من عبد القيس جاهلي، وقيل لأبي وجزة السعدي، وقد سبق تخريجه عند تفسير قوله تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ١٩] ص ٥٧٢.
(٩) أصلها (ملْأك)، يحذفون الهمزة منه، وينقلون حركتها إلى اللام وكانت مسكنة في حال همز الاسم. فإذا جمع الاسم ردوا الهمزة على الأصل فقالوا: (ملائكة)، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٩٧، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ أ، "مجاز القرآن" ١/ ٣٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٠، "تهذيب اللغة" (ملك) ٤/ ٣٤٤٩، =
308
إلا أن المحدثين من البصريين ذكروا أن هذا من باب القلب (١) فقالوا: نقل همزة (الأَلُوك)، وهو (فاء) إلى عينه، وقدموا العين، فقالوا: (لؤُوك) (٢) وبنوا (الْمَلْأَك) منه، وإنما قالوا ذلك لأنهم لم يجدوا لـ (مَلْأَك) (٣) أصلاً يردّونه إليه. وكان ادعاء القلب في الكلمة أولى عندهم من إهمال أصل (الْمَلْأَك) إذ علموا أن (المَفْعَل) (٤) وما يجري مجراه مما زيد في أوله ميم لابد له (٥) من أصل ثلاثي يرد إليه، ولم يمكن رد (الْمَلأَك) إلى (لَأَكَ) لأنه مهمل لم ينطق به (٦) فردوه إلى (أَلَك) لما (٧) وجدوا في الكلام: (الْمألَك) (٨)، و (الْمَأْلُك) و (الْمَاْلُكة) في معنى
= و (ألك) ١/ ١٨٤، "الكشاف" ١/ ٣٧١. وذكر أبو البركات ابن الأنباري الأقوال في أصل (ملك) وهي:
١ - الملائكة جمع (ملك) على أصله في الهمز بعد القلب وهو (مَلْأَك) وأصل (مَلْأَك): (مَأْلكَ) لأنه من أَلكَ إذا أرسل، ووزنه على الأصل (مَفْعَل) فنقلت العين إلى موضع الفاء فصار (مَلْأكًا).
٢ - أنه مشتق من (لَأَك) إذأ أرسل، فاللام (فاء) والهمز (عين) ولا قلب فيه.
٣ - أنه مشتق من (مَلَكْت)، الميم أصلية ووزنه (فَعَلٌ) انظر "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٧٠.
(١) أي قلب المكان.
(٢) في (ب): (لؤك).
(٣) في (ب): (الملاك).
(٤) في (ج): (الفعل).
(٥) (له) ساقط من (ب).
(٦) قال مكي: قال أبو عبيد: هو مشتق -أي: ملك- من (لأك) إذا أرسل، فالهمزة عين ولا قلب فيه، انظر (مشكل إعراب القرآن) ١/ ٣٦، وقد أورد صاحب "اللسان" مادة (لأك) وتكلم عنها، ولم يذكر أنها مهملة، انظر "اللسان" (لأك) ٧/ ٣٩٧٥.
(٧) (لما) ساقطة من (أ)، (ج)، والسياق يقتضيها.
(٨) في (ب): (المألكه).
١ - الملائكة جمع (ملك) على أصله في الهمز بعد القلب وهو (مَلْأَك) وأصل (مَلْأَك): (مَأْلكَ) لأنه من أَلكَ إذا أرسل، ووزنه على الأصل (مَفْعَل) فنقلت العين إلى موضع الفاء فصار (مَلْأكًا).
٢ - أنه مشتق من (لَأَك) إذأ أرسل، فاللام (فاء) والهمز (عين) ولا قلب فيه.
٣ - أنه مشتق من (مَلَكْت)، الميم أصلية ووزنه (فَعَلٌ) انظر "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٧٠.
(١) أي قلب المكان.
(٢) في (ب): (لؤك).
(٣) في (ب): (الملاك).
(٤) في (ج): (الفعل).
(٥) (له) ساقط من (ب).
(٦) قال مكي: قال أبو عبيد: هو مشتق -أي: ملك- من (لأك) إذا أرسل، فالهمزة عين ولا قلب فيه، انظر (مشكل إعراب القرآن) ١/ ٣٦، وقد أورد صاحب "اللسان" مادة (لأك) وتكلم عنها، ولم يذكر أنها مهملة، انظر "اللسان" (لأك) ٧/ ٣٩٧٥.
(٧) (لما) ساقطة من (أ)، (ج)، والسياق يقتضيها.
(٨) في (ب): (المألكه).
309
الرسالة (١).
ومعنى (أَلكَ) في اللغة: علك، يقال الخيل تَأْلُك اللجم، بمعنى: تعلُك، والرسالة سميت (أَلُوكا) لأن الإنسان يَأْلُكُها، ويدير الكلام في فيه، كما يَأْلُك الفرس اللجام (٢).
فعلى هذا (ملك) وزنه (مَفَل) (٣)، وكان في الأصل (٤) (مَعْفَل)، لأنه مَلْأَك، هو مقلوب من (٥) (مأْلَك)، وأوردوا أن يكون مفعلًا من (الألوك)، إلا أنهم قلبوا كما ذكرنا (٦). هذا قول عامة أهل اللغة والنحو في هذا الحرف (٧).
وذهب بعض (٨) المتأخرين من أصحاب أبي علي الفارسي وهو أبو القاسم الزجاجي إلى خلاف ما ذهب إليه هؤلاء فقال: قول من يقول: إن تركيب ملك من (م، ل، ك) أولى من قول من يقول: إنه (مَفْعَل) (٩) من
ومعنى (أَلكَ) في اللغة: علك، يقال الخيل تَأْلُك اللجم، بمعنى: تعلُك، والرسالة سميت (أَلُوكا) لأن الإنسان يَأْلُكُها، ويدير الكلام في فيه، كما يَأْلُك الفرس اللجام (٢).
فعلى هذا (ملك) وزنه (مَفَل) (٣)، وكان في الأصل (٤) (مَعْفَل)، لأنه مَلْأَك، هو مقلوب من (٥) (مأْلَك)، وأوردوا أن يكون مفعلًا من (الألوك)، إلا أنهم قلبوا كما ذكرنا (٦). هذا قول عامة أهل اللغة والنحو في هذا الحرف (٧).
وذهب بعض (٨) المتأخرين من أصحاب أبي علي الفارسي وهو أبو القاسم الزجاجي إلى خلاف ما ذهب إليه هؤلاء فقال: قول من يقول: إن تركيب ملك من (م، ل، ك) أولى من قول من يقول: إنه (مَفْعَل) (٩) من
(١) انظر "غريب القرآن"، لابن قتيبة ١/ ٣٧، "الزينة" لأبي حاتم الرازي ٢/ ١٦٠، ١٦١، "الزاهر" ٢/ ٢٦٧، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٦، "مفردات الراغب" ص ٢١، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٧٠، "اللسان" (ألك) ١/ ١١٠.
(٢) ذكره الأزهري عن الليث، انظر: "تهذيب اللغة" (ألك) ١/ ١٨٤، وانظر "اللسان" (ألك) ١/ ١١٠.
(٣) بل الصواب وزنه (مَعَل) لأن المحذوف فاء الكلمة وهي الهمزة، انظر "البيان" ١/ ٧٠.
(٤) (في الأصل) ساقط من (ب).
(٥) في (ج): (عن).
(٦) انظر: "المحكم" (ل أك) ٧/ ٦٩، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٦، "البيان في غريب إعراب القرآن"، ١/ ٧٠.
(٧) في (ب): (الحروف).
(٨) في (ب): (ذهب المتأخرون).
(٩) انظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٦، "البيان" ١/ ٧٠، وقد رد ابن سيده القول =
(٢) ذكره الأزهري عن الليث، انظر: "تهذيب اللغة" (ألك) ١/ ١٨٤، وانظر "اللسان" (ألك) ١/ ١١٠.
(٣) بل الصواب وزنه (مَعَل) لأن المحذوف فاء الكلمة وهي الهمزة، انظر "البيان" ١/ ٧٠.
(٤) (في الأصل) ساقط من (ب).
(٥) في (ج): (عن).
(٦) انظر: "المحكم" (ل أك) ٧/ ٦٩، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٦، "البيان في غريب إعراب القرآن"، ١/ ٧٠.
(٧) في (ب): (الحروف).
(٨) في (ب): (ذهب المتأخرون).
(٩) انظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٦، "البيان" ١/ ٧٠، وقد رد ابن سيده القول =
310
(الْأَلُوك) مقلوبًا، لأن (المَفْعَل) لا يكون حامل الرسالة، وهم يقولون: إنما قيل: (ملك) لحمله الرسالة، والذي يصلح من الأبنية له (فَاعِل) أو (فَعُول) (١) أو (فَعِيل) أو (مُفْعَل) فأما (مَفْعَل) فإنه يصلح أن يكون موضعًا أو مصدرًا.
وما يتركب من (م، ل، ك) هو في كلامهم الاستيلاء على الشيء وإجادته وإنعامه كملك الشيء وملك العجين، وإملاكه هو إنعام عجنه، ولا يصل إلى ذلك إلا بالاستيلاء عليه، وإملاك الرجل أن يجعله مالكًا لعقد النكاح، وكل شيء مكنت غيرك منه وجعلته له فقد أملكته (٢) إياه وملكته، وجميع ما يتركب من هذه الحروف راجع إلى ما ذكرنا، وهذا قد مر ذكره في قوله تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٤].
فـ (الْمَلكَ) (٣) اسم الجنس يقع على الواحد والجمع (٤)، ويدل على
وما يتركب من (م، ل، ك) هو في كلامهم الاستيلاء على الشيء وإجادته وإنعامه كملك الشيء وملك العجين، وإملاكه هو إنعام عجنه، ولا يصل إلى ذلك إلا بالاستيلاء عليه، وإملاك الرجل أن يجعله مالكًا لعقد النكاح، وكل شيء مكنت غيرك منه وجعلته له فقد أملكته (٢) إياه وملكته، وجميع ما يتركب من هذه الحروف راجع إلى ما ذكرنا، وهذا قد مر ذكره في قوله تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٤].
فـ (الْمَلكَ) (٣) اسم الجنس يقع على الواحد والجمع (٤)، ويدل على
= بأن الميم أصلية في (ملك)، انظر "المحكم" ٧/ ٤٧، ٦٩، وانظر "اللسان" (لَأَك) ٧/ ٣٩٧٥. والرد على هذا القول يرد في الكلام المكرر فيقول: (وقال بعض المتأخرين أصله (مَلك) كما هو الآن، وهو بمعنى المملوك... فخالف بهذا القول جميع أهل اللغة، واحتج على ما ذهب إليه بما يطول ذكره) فلعل الواحدي أضرب عن كلامه الأول واعتمد الأخير. وهذا ولأبي القاسم الزجاجي قول يخالف هذا، قال في كتاب "اشتقاق أسماء الله": (وأما (الملك) واحد الملائكة، فليس من هذا، لأن ذاك أصله الهمز؛ لأن أصله (مَلْأَك) مَفْعَل من الأَلُوك وهي الرسالة... فكان سبيله أن يقال: مَأْلَك، ثم قلب فقيل: (مَلْأَك) ثم استعمل بطرح الهمزة....)، "اشتقاق أسماء الله" ص ٤٥ وقول الزجاجي هذا يوافق الجمهور ويخالف ما نقل الواحدي عنه.
(١) في (ب): (مَفْعُول).
(٢) في (ب): (أمكنته).
(٣) في (ب): (والملك).
(٤) من جعل (مَلَك) هو الأصل فهو مفرد جمعه (فعائلة) وهو جمع شاذ كما قال العكبري في (الإملاء) ١/ ٢٨، وقال أبو البركات ابن الأنباري: (مجيء هذا =
(١) في (ب): (مَفْعُول).
(٢) في (ب): (أمكنته).
(٣) في (ب): (والملك).
(٤) من جعل (مَلَك) هو الأصل فهو مفرد جمعه (فعائلة) وهو جمع شاذ كما قال العكبري في (الإملاء) ١/ ٢٨، وقال أبو البركات ابن الأنباري: (مجيء هذا =
311
ذلك قوله تعالى: ﴿وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ [الحاقة: ١٧] وهو (فَعَل) في معنى مَفْعول، كالنشر والنقض والخبط.
والله تعالى ذكره وإن كان قد ملك كل الخلق، فإنه أجرى هذه اللفظة على الجنس، لأنه (١) وصفهم فقال: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: ١٦] وبهذه الصفة يجب أن يكون (٢) كُلٌّ مملوكاً (٣)، فلما وجد فيهم (٤) المعنى الذي يجب أن يكون عليه المملوك من الطاعة سماهم (الملك)، ومثل هذا الاختصاص كثير نحو: (ناقة الله) و (بيت الله).
قال (٥): وذكر ابن دريد في الجمهرة فقال: (ويجمع (الْملَكُ) أمْلاَكًا وَملاَئِك) (٦)، وهذا قد أزال (٧) الخلاف لأن (أَفْعَالاً)، لا يجوز أن يكون جمع ما في أوله ميم زائدة.
وحكى أبو القاسم الآمدي (٨) عن علي بن سليمان الأخفش (٩) أنه
والله تعالى ذكره وإن كان قد ملك كل الخلق، فإنه أجرى هذه اللفظة على الجنس، لأنه (١) وصفهم فقال: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: ١٦] وبهذه الصفة يجب أن يكون (٢) كُلٌّ مملوكاً (٣)، فلما وجد فيهم (٤) المعنى الذي يجب أن يكون عليه المملوك من الطاعة سماهم (الملك)، ومثل هذا الاختصاص كثير نحو: (ناقة الله) و (بيت الله).
قال (٥): وذكر ابن دريد في الجمهرة فقال: (ويجمع (الْملَكُ) أمْلاَكًا وَملاَئِك) (٦)، وهذا قد أزال (٧) الخلاف لأن (أَفْعَالاً)، لا يجوز أن يكون جمع ما في أوله ميم زائدة.
وحكى أبو القاسم الآمدي (٨) عن علي بن سليمان الأخفش (٩) أنه
= الوزن في الجمع يدل على فساد قول من جعل (ملكاً) على وزن (فَعَل) لأن فَعَلاً لا يجوز أن يجمع فعائلة...)، "البيان" ١/ ٧١.
(١) في (ب): (لأنهم).
(٢) (يكون) ساقطة من (ج).
(٣) في الأصل (مملوك) والتصحيح من المحقق.
(٤) في (ب): (منهم).
(٥) أي الزجاجي.
(٦) "جمهرة اللغة" ٢/ ٩٨١.
(٧) في (ب): (ارال).
(٨) هو الحسن بن بشر الآمدي البصري المنشأ، إمام في الأدب، قدم بغداد وأخذ عن الحسن بن علي بن سليمان الأخفش، والزجاج، وابن دريد، وفاتهم سنة سبعين وثلاثمائة، انظر ترجمته في: "إنباه الرواة" ١/ ٢٨٥، "معجم الأدباء" ٢/ ٤٦٩، "بغية الوعاة" ١/ ٥٠٠.
(٩) هو علي بن سليمان بن الفضل، أبو الحسن، المعروف (د) (الأخفش الصغير) =
(١) في (ب): (لأنهم).
(٢) (يكون) ساقطة من (ج).
(٣) في الأصل (مملوك) والتصحيح من المحقق.
(٤) في (ب): (منهم).
(٥) أي الزجاجي.
(٦) "جمهرة اللغة" ٢/ ٩٨١.
(٧) في (ب): (ارال).
(٨) هو الحسن بن بشر الآمدي البصري المنشأ، إمام في الأدب، قدم بغداد وأخذ عن الحسن بن علي بن سليمان الأخفش، والزجاج، وابن دريد، وفاتهم سنة سبعين وثلاثمائة، انظر ترجمته في: "إنباه الرواة" ١/ ٢٨٥، "معجم الأدباء" ٢/ ٤٦٩، "بغية الوعاة" ١/ ٥٠٠.
(٩) هو علي بن سليمان بن الفضل، أبو الحسن، المعروف (د) (الأخفش الصغير) =
312
قال: جمع الملك: أَمْلَاك (١).
وحكي عن العرب (مالك الموت) في (ملك الموت) فلولا أنهم عرفوا أن الأصل فيه (م ل ك) ما عبروا عن (ملَك) بمالك.
قال رويشد بن حنظلة (٢):
وحكي عن العرب (مالك الموت) في (ملك الموت) فلولا أنهم عرفوا أن الأصل فيه (م ل ك) ما عبروا عن (ملَك) بمالك.
قال رويشد بن حنظلة (٢):
| غَدَا مالِكٌ يَبْغِي نِسَائِي كَأَنَّمَا | نِسَائِي لسَهْمَيْ مَالِكٍ غَرَضَانِ |
| فَيَارَبِّ فَاتْرُكْ لِي جُهَيْمةَ (٣) أَعْصُراً | فَمَالِكُ مَوْتٍ بِالْفِرَاقِ دَهَانِي (٤) |
= سمع من ثعلب والمبرد، كان ثقة، توفي سنة خمس عشرة وثلاثمائة، انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" ١١/ ٤٣٣، "إنباه الرواة" ٢/ ٢٧٦، "معجم الأدباء" ٤/ ١٢٦.
(١) انظر كلام الأخفش في "الزينة" ٢/ ١٦٢.
(٢) خطأ الأكثرون هذا الشاعر، قال ابن سيده: (ورأيت في بعض الأشعار: مالك الموت في ملك الموت...) ثم ذكر البيت، ثم قال: (وهذا عندي خطأ، وقد يجوز أن يكون من جفاء الأعراب وجهلهم، لأن ملك الموت مخفف عن (مَلْأك)...) "المحكم" ٧/ ٤٧. وقال في موضع آخر: (فإنه ظن ملك الموت من (م ل ك) فصاغ (مالكا) من ذلك، وهو غلط منه، وقد غلط بذلك في غير موضع من شعره... وذلك أنه رآهم يقولون: (ملك) بغير همز، وهم يريدون: (مَلْأَك) فتوهم أن الميم أصل، وأن مثال ملك (فَعَل): كَفَلَك، وسَمَك، وإنما مثال (ملك): (مَفَل) والعين محذوفة ألزمت التخفيف إلا الشاذ.. ومثل غلط رويشد كثير في شعر الأعراب الجفاة) "المحكم" ٧/ ٦٩. وعقد ابن جني في "الخصائص" بابا في أغلاط العرب، وذكر أبيات رويشد، ثم قال: (وحقيقة لفظه غلط وفساد..)، "الخصائص" ٣/ ٢٧٣، ٢٧٤، انظر: "اللسان" (لأك) ٧/ ٣٩٧٥. وروشيد بن حنظلة لم أجد له ترجمة.
(٣) في (ب): (جهينة) وهي رواية في البيت.
(٤) ورد البيتان في "المحكم" ٧/ ٤٧، ٧/ ٦٩، "الخصائص" ٢/ ٧٢، ٣/ ٢٧٣، "اللسان" (لأك) ٧/ ٣٩٧٥.
(١) انظر كلام الأخفش في "الزينة" ٢/ ١٦٢.
(٢) خطأ الأكثرون هذا الشاعر، قال ابن سيده: (ورأيت في بعض الأشعار: مالك الموت في ملك الموت...) ثم ذكر البيت، ثم قال: (وهذا عندي خطأ، وقد يجوز أن يكون من جفاء الأعراب وجهلهم، لأن ملك الموت مخفف عن (مَلْأك)...) "المحكم" ٧/ ٤٧. وقال في موضع آخر: (فإنه ظن ملك الموت من (م ل ك) فصاغ (مالكا) من ذلك، وهو غلط منه، وقد غلط بذلك في غير موضع من شعره... وذلك أنه رآهم يقولون: (ملك) بغير همز، وهم يريدون: (مَلْأَك) فتوهم أن الميم أصل، وأن مثال ملك (فَعَل): كَفَلَك، وسَمَك، وإنما مثال (ملك): (مَفَل) والعين محذوفة ألزمت التخفيف إلا الشاذ.. ومثل غلط رويشد كثير في شعر الأعراب الجفاة) "المحكم" ٧/ ٦٩. وعقد ابن جني في "الخصائص" بابا في أغلاط العرب، وذكر أبيات رويشد، ثم قال: (وحقيقة لفظه غلط وفساد..)، "الخصائص" ٣/ ٢٧٣، ٢٧٤، انظر: "اللسان" (لأك) ٧/ ٣٩٧٥. وروشيد بن حنظلة لم أجد له ترجمة.
(٣) في (ب): (جهينة) وهي رواية في البيت.
(٤) ورد البيتان في "المحكم" ٧/ ٤٧، ٧/ ٦٩، "الخصائص" ٢/ ٧٢، ٣/ ٢٧٣، "اللسان" (لأك) ٧/ ٣٩٧٥.
313
وهذا الشاعر ماتت نساؤه (١) وأطال التزوج فلم تلبث (٢) عنده واحدة، فهذا كما ترى سمى المَلَك: (مَالِكاً)، وأما البيت الذي أُنشد في (الْمَلْأَك) (٣) فليس فيه حجة قاطعة فإنه شاعر (٤) واحد، ولم يسمع (الْمَلْأَك) إلا في ذلك البيت الواحد، ولعله همز ما ليس أصله الهمز كما قالوا: (رمح يَزْأَنِيَّ) (٥) فزادوا الهمز، وقالوا: (حَلَّأْتُ (٦) السَّويق) وليس أصله الهمز، ومثله كثير.
وأما الجمع فالملائك (فعائل) كالجمائل في جمع الجمل (٧).
ويجوز أن يكون الملائك (مفاعلا)، وإن كان الواحد (فَعَلاً)، لأن باب الجمع ليس بمطرد ولا مقيس، ألا ترى أنهم قالوا في جمع القبح (٨):
وأما الجمع فالملائك (فعائل) كالجمائل في جمع الجمل (٧).
ويجوز أن يكون الملائك (مفاعلا)، وإن كان الواحد (فَعَلاً)، لأن باب الجمع ليس بمطرد ولا مقيس، ألا ترى أنهم قالوا في جمع القبح (٨):
(١) في (أ)، (ج): (نساه) وأثبت ما في (ب) لأنه الأولى.
(٢) في (ج): (يلبث).
(٣) في (ب): (الملك) والبيت هو ما احتج به سيبويه وغيره من أهل اللغة والنحو وهو قول علقمة الفحل أو غيره: فَلَسْتَ لِإنْسِيٍّ وَلَكِنْ لِمَلْأَكٍ. وقد سبق آنفاً.
(٤) في (أ)، (ج): (لا شاعر) واخترت ما في (ب) لأنه أصح في السياق.
(٥) (يَزْأَنِيّ) نسبة إلى ذي يزن من ملوك حمير نسبت الرماح له لأنه أول من عملت له، والأصل (يَزَنِيُّ) و (أزَنِي) وبعضهم زاد الهمزة فقال: (يَزْأَنِي) انظر "اللسان" (يزن) ٨/ ٤٩٥٦.
(٦) الأصل (حَلَّيْت السويق) أي جعلته حلوا وهمزه شاذ، انظر "سر صناعة الإعراب" ١/ ٩٠، ٤٢٠، "اللسان" (حلا) ٢/ ٩٨٣.
(٧) قوله (في جمع الجمل) ساقط من (ب). وقوله: (فعائل) هذا عند من يرى أن (الميم) في (ملك) أصلية، أما على قول الجمهور فجمعه (معافله) أو (مفاعلة)، انظر "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٦، ٣٧.
(٨) في (ب): (الفتح: مفاتح).
(٢) في (ج): (يلبث).
(٣) في (ب): (الملك) والبيت هو ما احتج به سيبويه وغيره من أهل اللغة والنحو وهو قول علقمة الفحل أو غيره: فَلَسْتَ لِإنْسِيٍّ وَلَكِنْ لِمَلْأَكٍ. وقد سبق آنفاً.
(٤) في (أ)، (ج): (لا شاعر) واخترت ما في (ب) لأنه أصح في السياق.
(٥) (يَزْأَنِيّ) نسبة إلى ذي يزن من ملوك حمير نسبت الرماح له لأنه أول من عملت له، والأصل (يَزَنِيُّ) و (أزَنِي) وبعضهم زاد الهمزة فقال: (يَزْأَنِي) انظر "اللسان" (يزن) ٨/ ٤٩٥٦.
(٦) الأصل (حَلَّيْت السويق) أي جعلته حلوا وهمزه شاذ، انظر "سر صناعة الإعراب" ١/ ٩٠، ٤٢٠، "اللسان" (حلا) ٢/ ٩٨٣.
(٧) قوله (في جمع الجمل) ساقط من (ب). وقوله: (فعائل) هذا عند من يرى أن (الميم) في (ملك) أصلية، أما على قول الجمهور فجمعه (معافله) أو (مفاعلة)، انظر "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٦، ٣٧.
(٨) في (ب): (الفتح: مفاتح).
314
مقابح، وفي جمع الحسن: محاسن، وفي جمع الشبه: مشابه، وفي جمع العزف وهو اللهو معازف، وقالوا: أطعمني مطايب الجزور، لجمع (١) طيب، وهذا باب واسع (٢).
والأمر فيه عند المحققين أن كل لفظة من هذه الألفاظ التي وردت في الجمع مخالفة للقياس هي موضوعة للجمع من غير أن كُسِّر (٣) عليها الواحد، فالمحاسن لفظة نابت (٤) عن جمع الحسن، وكذلك (٥) أشباهها، هذا كلامه وهو طويل وقد (٦) اختصرته (٧).
وحكي عن النضر بن شميل، أنه قال في الملك: إن العرب لا تشتق فعله ولا تصرفه وهو مما فات (٨) علمه، فهذا الذي ذكرنا طرف من الكلام في أصل هذا الحرف (٩) على مقدار ما يليق بهذا الكتاب (على (١٠) صورة
والأمر فيه عند المحققين أن كل لفظة من هذه الألفاظ التي وردت في الجمع مخالفة للقياس هي موضوعة للجمع من غير أن كُسِّر (٣) عليها الواحد، فالمحاسن لفظة نابت (٤) عن جمع الحسن، وكذلك (٥) أشباهها، هذا كلامه وهو طويل وقد (٦) اختصرته (٧).
وحكي عن النضر بن شميل، أنه قال في الملك: إن العرب لا تشتق فعله ولا تصرفه وهو مما فات (٨) علمه، فهذا الذي ذكرنا طرف من الكلام في أصل هذا الحرف (٩) على مقدار ما يليق بهذا الكتاب (على (١٠) صورة
(١) في (أ)، (ج): (لجميع) واخترت ما في (ب) لأنه أصح في السياق.
(٢) في (ب): (وهذا جمع واجب يتبع).
(٣) أي: جمع تكسير.
(٤) في (ب): (ثابت).
(٥) في (ب): (وذلك).
(٦) في (ب): (وهو).
(٧) يريد كلام أبي القاسم الزجاجي وسيأتي في المكرر إشارة له بقوله: (وقال بعض المتأخرين أصله (ملك) كما هو الآن... فخالف بهذا القول جميع أهل اللغة، واحتج على ما ذهب إليه بما يطول ذكره) ولعل الواحدي ترك ذكر كلام الزجاجي مفصلا واكتفى عن ذلك بالإشارة إليه.
(٨) في (أ)، (ج): (مات) وما في (ب) موافق لما عند الثعلبي فقد نقل عنه الواحدي كلام النضر والتعليق عليه. "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ.
(٩) في (ب): (هذِه الحروف).
(١٠) قوله: (على صورة الماضي).. من هنا إلى قوله: (واحتج على ما ذهب إليه بما =
(٢) في (ب): (وهذا جمع واجب يتبع).
(٣) أي: جمع تكسير.
(٤) في (ب): (ثابت).
(٥) في (ب): (وذلك).
(٦) في (ب): (وهو).
(٧) يريد كلام أبي القاسم الزجاجي وسيأتي في المكرر إشارة له بقوله: (وقال بعض المتأخرين أصله (ملك) كما هو الآن... فخالف بهذا القول جميع أهل اللغة، واحتج على ما ذهب إليه بما يطول ذكره) ولعل الواحدي ترك ذكر كلام الزجاجي مفصلا واكتفى عن ذلك بالإشارة إليه.
(٨) في (أ)، (ج): (مات) وما في (ب) موافق لما عند الثعلبي فقد نقل عنه الواحدي كلام النضر والتعليق عليه. "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ.
(٩) في (ب): (هذِه الحروف).
(١٠) قوله: (على صورة الماضي).. من هنا إلى قوله: (واحتج على ما ذهب إليه بما =
315
المضي، لأن ما تحقق كونه، فهو بمنزلة ما قد كان، كقوله تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ﴾ (١) وأشباهه.
وقال أبو عبيدة (إذ) في هذا الموضع (٢) زائدة. معناه: وقال ربك للملائكة. وأنكر الزجاج وغيره هذا القول، وهو (٣) أن الحرف إذا كان مفيداً (٤) معنى صحيحاً لم يجز إلغاؤه، قالوا: وفي الآية محذوف معناه: واذكر يا محمد إذ قال لربك.
وقال الزجاج (٥): إن الله جل ذكره ذكر خلق الناس (٦) في هذه الآية فكأنه قال: ابتدأ خلقكم إذ قال ربك للملائكة. وعند غيره من المفسرين (٧): أن كل ما ورد في القرآن من هذا النحو فالذكر فيه مضمر.
و (الملائكة) (٨): الرسل واحدها مَلَك وأصله (مَأْلَك) وجمعها
وقال أبو عبيدة (إذ) في هذا الموضع (٢) زائدة. معناه: وقال ربك للملائكة. وأنكر الزجاج وغيره هذا القول، وهو (٣) أن الحرف إذا كان مفيداً (٤) معنى صحيحاً لم يجز إلغاؤه، قالوا: وفي الآية محذوف معناه: واذكر يا محمد إذ قال لربك.
وقال الزجاج (٥): إن الله جل ذكره ذكر خلق الناس (٦) في هذه الآية فكأنه قال: ابتدأ خلقكم إذ قال ربك للملائكة. وعند غيره من المفسرين (٧): أن كل ما ورد في القرآن من هذا النحو فالذكر فيه مضمر.
و (الملائكة) (٨): الرسل واحدها مَلَك وأصله (مَأْلَك) وجمعها
= يطول ذكره) مكرر مع ما سبق، ولعل الواحدي لم يرض عن كلامه الأول فأعرض عنه ثم أعاد الكتاب فيه، غير أن النساخ أثبتوا كل ما كتبه، انظر التنبيه السابق ص ٣١٢.
(١) سورة الأعراف: ٤٤. وفي كلامه المكرر السابق أورد آيتين قال: (كقوله: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾، ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ﴾...)
(٢) هناك في المكرر قال: (هاهنا).
(٣) كذا ورد في جميع النسخ وفي الموضع السابق: (وقالوا: إن الحرف...).
(٤) في (ب): (مقيدًا).
(٥) في كلامه المكرر السابق (أبو إسحاق).
(٦) في (ب): (السموات).
(٧) في الكلام المكرر: (وأكثر المفسرين). وتخريج الأقوال والتعليق عليها ذكر في الكلام السابق فلا أطيل بإعادته.
(٨) تفسير لفظ (الملائكة) هنا مختلف عما سبق وأكثر اختصار منه.
(١) سورة الأعراف: ٤٤. وفي كلامه المكرر السابق أورد آيتين قال: (كقوله: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾، ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ﴾...)
(٢) هناك في المكرر قال: (هاهنا).
(٣) كذا ورد في جميع النسخ وفي الموضع السابق: (وقالوا: إن الحرف...).
(٤) في (ب): (مقيدًا).
(٥) في كلامه المكرر السابق (أبو إسحاق).
(٦) في (ب): (السموات).
(٧) في الكلام المكرر: (وأكثر المفسرين). وتخريج الأقوال والتعليق عليها ذكر في الكلام السابق فلا أطيل بإعادته.
(٨) تفسير لفظ (الملائكة) هنا مختلف عما سبق وأكثر اختصار منه.
316
(مآلِك) (١) ووزنه من الفعل (مَفْعَل) والهمزة فاء الفعل، واللام عينه ثم أخرت الهمزة بالقلب (٢)، تأخيرهم للعين من (القوس) في جمعها حيث قالوا: (قُسِيّ) (٣) وقالوا: (شَمْأَل وشَأْمَل) (٤) كذلك هاهنا قلبت الهمزة.
ثم خفف (٥) بالحذف فقيل: ملك وأصله من المأْلُكة والمَأْلَكَة (٦) والألوك وهي: الرسالة، ويقال: ألِكْني (٧) إليه، أي: كن رسولي، وبلغ إليه رسالتي. قال لبيد:
ثم خفف (٥) بالحذف فقيل: ملك وأصله من المأْلُكة والمَأْلَكَة (٦) والألوك وهي: الرسالة، ويقال: ألِكْني (٧) إليه، أي: كن رسولي، وبلغ إليه رسالتي. قال لبيد:
| وغُلَامٍ أَرْسَلَتْهُ أُمُّهُ | بِأَلُوكٍ فَبَذَلْنَا مَا سَأَلْ (٨) |
(١) (مآلك) جمع (مألك) على أصله قبل التغيير. قال الطبري: ولست أحفظ جمعهم كذلك سماعا، ولكنهم يجمعون: (ملائك وملائكة) "تفسير الطبري" ١/ ١٩٨، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٦.
(٢) ويسمى قلبًا مكانيًا، انظر "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٦.
(٣) قال في "اللسان": (قُسي) و (قِسي) كلاهما على القلب عن (قُووس) وإن كان (قُووس) لم يستعمل استغنوا بقسيِّ عنه، فلم يأت إلا مقلوبا...) "اللسان" (قوس) ٦/ ٣٧٧٣.
(٤) في (أ) (شئمال وشأمل)، والصحيح ما أثبت كما في (ب) و (ج)، ومثله عند "الطبري"، وهو على القلب المكاني. انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٩٨.
(٥) في (ج): (خففت).
(٦) (والمألكة) ساقطة من (ب).
(٧) في (ب): (اللي).
(٨) ورد البيت في (ديوان لبيد) مع شرحه: ص ١٧٨، "تفسير الطبري" ١/ ١٩٨، "المعاني الكبير" ١/ ٤١٠، ٣/ ١٢٣٨، "الزاهر" ٢/ ٢٦٧، "المحكم" (أَلك) ٧/ ٦٨، "الخصائص" ٣/ ٢٧٥، "المنصف" ٢/ ١٠٤، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٢٤، "الدر المصون" ١/ ٢٥٠، "إملاء ما مَنَّ به الرحمن" ١/ ٢٧، "اللسان" (ألك) ١/ ١١٠. يقول (أرسلت هذا الغلام أمُّه برسالة فأعطيناه ما طلب).
(٢) ويسمى قلبًا مكانيًا، انظر "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٦.
(٣) قال في "اللسان": (قُسي) و (قِسي) كلاهما على القلب عن (قُووس) وإن كان (قُووس) لم يستعمل استغنوا بقسيِّ عنه، فلم يأت إلا مقلوبا...) "اللسان" (قوس) ٦/ ٣٧٧٣.
(٤) في (أ) (شئمال وشأمل)، والصحيح ما أثبت كما في (ب) و (ج)، ومثله عند "الطبري"، وهو على القلب المكاني. انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٩٨.
(٥) في (ج): (خففت).
(٦) (والمألكة) ساقطة من (ب).
(٧) في (ب): (اللي).
(٨) ورد البيت في (ديوان لبيد) مع شرحه: ص ١٧٨، "تفسير الطبري" ١/ ١٩٨، "المعاني الكبير" ١/ ٤١٠، ٣/ ١٢٣٨، "الزاهر" ٢/ ٢٦٧، "المحكم" (أَلك) ٧/ ٦٨، "الخصائص" ٣/ ٢٧٥، "المنصف" ٢/ ١٠٤، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٢٤، "الدر المصون" ١/ ٢٥٠، "إملاء ما مَنَّ به الرحمن" ١/ ٢٧، "اللسان" (ألك) ١/ ١١٠. يقول (أرسلت هذا الغلام أمُّه برسالة فأعطيناه ما طلب).
317
وسميت الرسالة أَلوُكا، لأنه يؤلك في الفم، مشتقّاً (١) من قول العرب: الفرس يألك (٢) اللجام ويعضه بمعنى يمضغ الحديدة (٣). ذكره الليث، قال:
والمعروف: يَلُوك (٤). وقال عبد بني الحسحاس (٥):
وقال آخر، فردّ الملك إلى الأصل (٨):
والمعروف: يَلُوك (٤). وقال عبد بني الحسحاس (٥):
| أَلِكني إليْهَا عَمْرَكَ اللهُ يَا فَتَى | بآيةِ (٦) مَا جَاءَتْ إليْنَا تَهَادِيَا (٧) |
| فَلَسْتَ لإنسيٍّ ولكن لمَلأَكٍ (٩) | تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوبُ (١٠) |
(١) كذا في جميع النسخ، ولعل الأولى (مشتق).
(٢) في (ب): (تألك، وتعضه، وتمضع) بالتأنيث في المواضع الثلاثة.
(٣) في (ب)، (ج): (الحديد).
(٤) "تهذيب اللغة" (ألك) ١/ ١٨٤.
(٥) هو سحيم عبد بني الحسحاس، أدرك الجاهلية والإسلام، ولا يعرف له صحبة، كان أسود شديد السواد وبنو الحسحاس: من بني أسد بن خزيمة. انظر ترجمته في: "الشعر والشعراء" ص ٢٥٨، "الخزانة" ٢/ ١٠٢.
(٦) في (أ)، (ج): (كآية) وما في (ب) تفسير موافق لجميع المصادر التي ورد فيها البيت.
(٧) ورد البيت في (ديوان سحيم): ص ١٩، و"الطبري" ١/ ١٩٨، "الخصائص" ٣/ ٢٧٤، "معجم مقاييس اللغة" ١/ ١٣٣، "مجمل اللغة" (ألك) ١/ ١٠٢، أساس البلاغة (ألك): ص ٨، "الخزانة" ٢/ ١٠٤. قوله: ألكني إليها: بلغها عني رسالة، والآية: العلامة، والتهادي: التمايل في المشي.
(٨) قوله: (فرد الملك إلى الأصل) ورد في (ب) بعد البيت وهذا أولى، والمعنى رد الملك إلى أصله وهو (ملأك).
(٩) في (أ) و (ج): (لها لا ك) وهو تصحيف يخالف رواية البيت المشهورة.
(١٠) سبق تخريج البيت.
(٢) في (ب): (تألك، وتعضه، وتمضع) بالتأنيث في المواضع الثلاثة.
(٣) في (ب)، (ج): (الحديد).
(٤) "تهذيب اللغة" (ألك) ١/ ١٨٤.
(٥) هو سحيم عبد بني الحسحاس، أدرك الجاهلية والإسلام، ولا يعرف له صحبة، كان أسود شديد السواد وبنو الحسحاس: من بني أسد بن خزيمة. انظر ترجمته في: "الشعر والشعراء" ص ٢٥٨، "الخزانة" ٢/ ١٠٢.
(٦) في (أ)، (ج): (كآية) وما في (ب) تفسير موافق لجميع المصادر التي ورد فيها البيت.
(٧) ورد البيت في (ديوان سحيم): ص ١٩، و"الطبري" ١/ ١٩٨، "الخصائص" ٣/ ٢٧٤، "معجم مقاييس اللغة" ١/ ١٣٣، "مجمل اللغة" (ألك) ١/ ١٠٢، أساس البلاغة (ألك): ص ٨، "الخزانة" ٢/ ١٠٤. قوله: ألكني إليها: بلغها عني رسالة، والآية: العلامة، والتهادي: التمايل في المشي.
(٨) قوله: (فرد الملك إلى الأصل) ورد في (ب) بعد البيت وهذا أولى، والمعنى رد الملك إلى أصله وهو (ملأك).
(٩) في (أ) و (ج): (لها لا ك) وهو تصحيف يخالف رواية البيت المشهورة.
(١٠) سبق تخريج البيت.
318
وأصله مألك (١) فقلب الهمزة كما قالوا: شاك في شائك، ولاث في لائث (٢).
ويقال في الجمع الملائكة والملائك، قال كثير:
هذا قول الجمهور من أهل اللغة (٥).
وقال النضر بن شميل في الملك: إن العرب لا تشتق فعله ولا تصرفه، وهو مما فات (٦) علمه.
وقال بعض المتأخرين (٧): أصله ملك كما (٨) هو الآن وهو بمعنى
ويقال في الجمع الملائكة والملائك، قال كثير:
| كَمَا قَدْ عَمَمْتَ المؤْمِنِينَ بِنَائِلٍ | أَبَا (٣) خَالِدٍ صَلَّتْ عَلَيْكَ المَلاَئِكُ (٤) |
وقال النضر بن شميل في الملك: إن العرب لا تشتق فعله ولا تصرفه، وهو مما فات (٦) علمه.
وقال بعض المتأخرين (٧): أصله ملك كما (٨) هو الآن وهو بمعنى
(١) (مألك) قلبت الهمزة قلبًا مكانيًا، فوضعت مكان العين، ونقلت العين إلى الفاء وهي (اللام) فصار (ملأك) ثم خفف بحذف الهمزة، انظر (البيان في غريب إعراب القرآن) ١/ ٧٠.
(٢) انظر: "الكتاب" ٣/ ٤٦٦، ٤/ ٣٧٨، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٠٧.
(٣) في (ب): (اخالد).
(٤) ورد البيت في "المنصف" ٢/ ١٠٣، "البحر" ١/ ١٢٧، "الدر المصون" ١/ ٢٥١، غير منسوب فيها كلها.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (ملك) ٤/ ٣٤٤٩، (ألك) ١/ ١٨٤، "تفسير الطبري" ١/ ١٩٧، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٠، "مجاز القرآن" ١/ ٣٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ، "الكشاف" ١/ ٣٧١.
(٦) في (ج): (من مات عليه) وكلام النضر ورد في "تفسير الثعلبي" قال: وهو مما فات عليه ١/ ٦٠ أ. وقد سبق كلام النضر. وانظر التعليق عليه.
(٧) هو أبو القاسم الزجاجي ذكره فيما سبق قال: (وذهب بعض المتأخرين من أصحاب أبىِ علي الفارسي، وهو أبو القاسم الزجاجي...). والتعليق عليه هناك، حيث إن للزجاجي قولاً آخر يوافق الجمهور.
(٨) (كما) ساقطة من (أ) و (ج) والسياق يقتضيها.
(٢) انظر: "الكتاب" ٣/ ٤٦٦، ٤/ ٣٧٨، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٠٧.
(٣) في (ب): (اخالد).
(٤) ورد البيت في "المنصف" ٢/ ١٠٣، "البحر" ١/ ١٢٧، "الدر المصون" ١/ ٢٥١، غير منسوب فيها كلها.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (ملك) ٤/ ٣٤٤٩، (ألك) ١/ ١٨٤، "تفسير الطبري" ١/ ١٩٧، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٠، "مجاز القرآن" ١/ ٣٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ، "الكشاف" ١/ ٣٧١.
(٦) في (ج): (من مات عليه) وكلام النضر ورد في "تفسير الثعلبي" قال: وهو مما فات عليه ١/ ٦٠ أ. وقد سبق كلام النضر. وانظر التعليق عليه.
(٧) هو أبو القاسم الزجاجي ذكره فيما سبق قال: (وذهب بعض المتأخرين من أصحاب أبىِ علي الفارسي، وهو أبو القاسم الزجاجي...). والتعليق عليه هناك، حيث إن للزجاجي قولاً آخر يوافق الجمهور.
(٨) (كما) ساقطة من (أ) و (ج) والسياق يقتضيها.
319
المملوك يذهب (١) فيه إلى أنه لله بمنزلة العبد لغيره، فهو (فَعَل) بمعنى مفعول كالنقض (٢) والخبط، فخالف بهذا القول جميع أهل اللغة واحتج على ما ذهب إليه بما يطول ذكره (٣).
و (الخليفة) الذي يخلف الذاهب أي يجيء بعده، ويقال للسلطان: خليفة لأنه يخلف من قبله، يقال: خلف فلان مكان فلان، يخلف [إذا كان في مكانه (٤).
اللحياني: خلف فلان فلانا في أهله وفي مكانه يخلفه، (٥) خلافة حسنة، وكذلك (٦) قيل: أوصى له بالخلافة، ويقال: خلفني ربي في أهلي وولد في أحسن الخلافة (٧).
وأصل الخليفة خليف بغير هاء، لأنه (فَعِيل) بمعنى: (فاعل)، كالعليم والسميع، فدخلت (الهاء) للمبالغة بهذا الوصف، كما قالوا: راوية (٨) وعلاَّمة (٩). وقال ابن السكيت: أما الخليفة فإنه وقع للرجال خاصة، وإن كان (١٠) فيه (الهاء)، ألا ترى أنهم قد جمعوه (خلفاء) كما
و (الخليفة) الذي يخلف الذاهب أي يجيء بعده، ويقال للسلطان: خليفة لأنه يخلف من قبله، يقال: خلف فلان مكان فلان، يخلف [إذا كان في مكانه (٤).
اللحياني: خلف فلان فلانا في أهله وفي مكانه يخلفه، (٥) خلافة حسنة، وكذلك (٦) قيل: أوصى له بالخلافة، ويقال: خلفني ربي في أهلي وولد في أحسن الخلافة (٧).
وأصل الخليفة خليف بغير هاء، لأنه (فَعِيل) بمعنى: (فاعل)، كالعليم والسميع، فدخلت (الهاء) للمبالغة بهذا الوصف، كما قالوا: راوية (٨) وعلاَّمة (٩). وقال ابن السكيت: أما الخليفة فإنه وقع للرجال خاصة، وإن كان (١٠) فيه (الهاء)، ألا ترى أنهم قد جمعوه (خلفاء) كما
(١) (يذهب) ساقطة من (ب).
(٢) في (ب): (بالنقض).
(٣) وقد سبق ذكر احتجاجه مفصلاً في الكلام السابق.
(٤) أنظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٩٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) في "تهذيب اللغة" (ولذلك) ١/ ١٠٨٩.
(٧) "تهذيب اللغة" (خلف) ١/ ١٠٨٩.
(٨) وفي (ج): (رواية).
(٩) انظر: "الزاهر" لابن الأنباري ٢/ ٢٤١، "الصحاح" (خلف) ٤/ ١٣٥٦، "اللسان" (خلف) ٢/ ١٢٣٥.
(١٠) (كان) ساقط من (ب).
(٢) في (ب): (بالنقض).
(٣) وقد سبق ذكر احتجاجه مفصلاً في الكلام السابق.
(٤) أنظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٩٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) في "تهذيب اللغة" (ولذلك) ١/ ١٠٨٩.
(٧) "تهذيب اللغة" (خلف) ١/ ١٠٨٩.
(٨) وفي (ج): (رواية).
(٩) انظر: "الزاهر" لابن الأنباري ٢/ ٢٤١، "الصحاح" (خلف) ٤/ ١٣٥٦، "اللسان" (خلف) ٢/ ١٢٣٥.
(١٠) (كان) ساقط من (ب).
320
يجمع فعيل. هذا فيمن ذَكَّر واستعمل المعنى، ومن أنث لتأنيث اللفظ قال في الجمع: (خلائف) (١). وقد ورد التنزيل بها، قال الله تعالى: ﴿خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ﴾ [الأعراف: ٦٩]، وقال: ﴿خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ﴾ (٢) ويجوز تأنيث الخليفة على اللفظ كما قال:
قال ابن عباس وابن مسعود وابن زيد (٤): أراد بالخليفة آدم عليه السلام جعله خليفة لنفسه، يحكم بالحق في أرضه (٥). وروي عن ابن عباس أنه قال:
| أَبُوك خَلِيفَةٌ وَلَدَتْه أُخْرى | وَأَنْتَ خَلِيفَةٌ ذَاكَ الكَمَالُ (٣) |
(١) انظر كلام ابن السكيت في "تهذيب اللغة" (خلف) ١/ ١٠٩٠، وانظر: "المذكر والمؤنث" لابن الأنباري: ص ٥٦٥، "الزاهر" ٢/ ٢٤٢
(٢) سورة يونس: ١٤، وفي فاطر: ٣٩.
(٣) البيت استشهد به الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٢٠٨، ولم ينسبه، وورد في "الزاهر" ٢/ ٢٤٢، "والمذكر والمؤنث" لابن الأنباري: ص ٥٦٥، ونسبه لـ (نُصيب) قال المحقق: ليس في شعره، وورد في "تهذيب اللغة" (خلف) ١/ ١٠٩٠، "الصحاح" ٤/ ١٣٥٦، "اللسان" ٢/ ١٢٣٥، كلهم قالوا: أنشد الفراء.
والشاهد فيه: قوله: (أخرى) فأنث لتأنيث اسم الخليفة، والوجه أن تقول: ولده آخر. قاله الفراء.
(٤) هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي، بالولاء، مدني روى عن أبيه زيد بن أسلم، ضعيف. مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. انظر ترجمته في: "الجرح والتعديل" ٥/ ٢٣٣، "تهذيب التهذيب" ٢/ ٥٠٧، "طبقات المفسرين" للداودي ١/ ٢٧١.
(٥) ورد ضمن آثار رويت عن ابن عباس وابن مسعود وابن زيد ذكرها الطبري في "تفسيره" بسنده، وقد علق الأستاذ محمود شاكر على هذِه الآثار بكلام طويل، محصلته أن الطبري استدل بهذِه الآثار لبيان معنى لفظ (خليفة) وتحقيق معناه، ولم يبال بما في الإسناد من وهن لا يرتضيه، وقد رجح الطبري: أن المراد بالخلافة خلافة قرن منهم قرنًا غيرهم، وأن الذي يفسد ويسفك الدماء غير آدم.
وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٥١ - ٤٥٣، وذكر نحوه ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٧٥ وساق الآثار على هذا.
(٢) سورة يونس: ١٤، وفي فاطر: ٣٩.
(٣) البيت استشهد به الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٢٠٨، ولم ينسبه، وورد في "الزاهر" ٢/ ٢٤٢، "والمذكر والمؤنث" لابن الأنباري: ص ٥٦٥، ونسبه لـ (نُصيب) قال المحقق: ليس في شعره، وورد في "تهذيب اللغة" (خلف) ١/ ١٠٩٠، "الصحاح" ٤/ ١٣٥٦، "اللسان" ٢/ ١٢٣٥، كلهم قالوا: أنشد الفراء.
والشاهد فيه: قوله: (أخرى) فأنث لتأنيث اسم الخليفة، والوجه أن تقول: ولده آخر. قاله الفراء.
(٤) هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي، بالولاء، مدني روى عن أبيه زيد بن أسلم، ضعيف. مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. انظر ترجمته في: "الجرح والتعديل" ٥/ ٢٣٣، "تهذيب التهذيب" ٢/ ٥٠٧، "طبقات المفسرين" للداودي ١/ ٢٧١.
(٥) ورد ضمن آثار رويت عن ابن عباس وابن مسعود وابن زيد ذكرها الطبري في "تفسيره" بسنده، وقد علق الأستاذ محمود شاكر على هذِه الآثار بكلام طويل، محصلته أن الطبري استدل بهذِه الآثار لبيان معنى لفظ (خليفة) وتحقيق معناه، ولم يبال بما في الإسناد من وهن لا يرتضيه، وقد رجح الطبري: أن المراد بالخلافة خلافة قرن منهم قرنًا غيرهم، وأن الذي يفسد ويسفك الدماء غير آدم.
وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٥١ - ٤٥٣، وذكر نحوه ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٧٥ وساق الآثار على هذا.
321
جعله خليفة عن الملائكة الذين كانوا سكان الأرض بعد الجن (١).
قال المفسرون: وذلك أن الله تعالى خلق السماء والأرض، وخلق الملائكة والجن، فأسكن الملائكة السماء وأسكن الجن (٢) الأرض، فغبروا دهراً طويلاً في الأرض، ثم ظهر فيهم الحسد والبغي، فاقتتلوا وأفسدوا، فبعث إليهم جندا من الملائكة يقال لهم: الجن ورأسهم إبليس، وهم خزان الجنان، اشتق لهم اسم من الجنة، فهبطوا إلى الأرض، وطردوا الجن عن وجوهها إلى شعوب الجبال، وجزائر البحور، وسكنوا الأرض، وكانوا أخف الملائكة عبادة، لأن أهل السماء الدنيا أخف عبادة من الذين فوقهم، وكذلك أهل كل سماء، وهؤلاء الملائكة لما صاروا سكان الأرض خفف الله عليهم العبادة، وخلقت الملائكة كلها من نور غير هذا الحي (٣) الذين يقال لهم: الجن (٤)، فأحبوا (٥) البقاء في الأرض.
قال المفسرون: وذلك أن الله تعالى خلق السماء والأرض، وخلق الملائكة والجن، فأسكن الملائكة السماء وأسكن الجن (٢) الأرض، فغبروا دهراً طويلاً في الأرض، ثم ظهر فيهم الحسد والبغي، فاقتتلوا وأفسدوا، فبعث إليهم جندا من الملائكة يقال لهم: الجن ورأسهم إبليس، وهم خزان الجنان، اشتق لهم اسم من الجنة، فهبطوا إلى الأرض، وطردوا الجن عن وجوهها إلى شعوب الجبال، وجزائر البحور، وسكنوا الأرض، وكانوا أخف الملائكة عبادة، لأن أهل السماء الدنيا أخف عبادة من الذين فوقهم، وكذلك أهل كل سماء، وهؤلاء الملائكة لما صاروا سكان الأرض خفف الله عليهم العبادة، وخلقت الملائكة كلها من نور غير هذا الحي (٣) الذين يقال لهم: الجن (٤)، فأحبوا (٥) البقاء في الأرض.
(١) أخرج "الطبري" نحوه من طريق الضحاك عن ابن عباس، وقال شاكر: في إسناده ضعف. "تفسير الطبري" ١/ ٤٥٠، وذكره ابن كثير من طريق ابن جرير "تفسير ابن كثير" ١/ ٧٥، وأخرج الحاكم في مستدركه نحوه عن مجاهد عن ابن عباس، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. "المستدرك" ٢/ ٢٦١.
(٢) (الجن) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (الجن).
(٤) في "تفسير الطبري": (الحن) بالمهملة. قال شاكر في هامش "الطبري": في المطبوعة في موضعين (الجن) بالجيم وهو خطأ، يدل عليه سياق الأثر، فقد ميز ما بين إبليس، وبين الجن الذين ذكروا في القرآن.. والجن (بالجيم) أول من سكن الأرض، وإبليس جاء لقتالهم في جند من الملائكة..) "تفسير الطبري" ١/ ٤٥٥ (ط. شاكر).
(٥) في (ب): (واحبوا).
(٢) (الجن) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (الجن).
(٤) في "تفسير الطبري": (الحن) بالمهملة. قال شاكر في هامش "الطبري": في المطبوعة في موضعين (الجن) بالجيم وهو خطأ، يدل عليه سياق الأثر، فقد ميز ما بين إبليس، وبين الجن الذين ذكروا في القرآن.. والجن (بالجيم) أول من سكن الأرض، وإبليس جاء لقتالهم في جند من الملائكة..) "تفسير الطبري" ١/ ٤٥٥ (ط. شاكر).
(٥) في (ب): (واحبوا).
322
كان الله تعالى قد أعطى إبليس ملك الأرض وملك السماء الدنيا وخزانة الجنان، وكان يعبد الله عز وجل تارة في الأرض وتارة في السماء وتارة في الجنة، فأعجب بنفسه، وتداخله الكبر، فاطلع الله على ما انطوى عليه في الكبر، فقال له ولجنده: إني جاعل في الأرض خليفة (١).
وإخبار (٢) الله تعالى الملائكة بهذا يكون على جهة البشارة لهم بمكان آدم كما جرت به سنته بالبشارة بالأنبياء قبل خلقهم وقبل إرسالهم (٣). ولا يكون ذلك (٤) على جهة المشاورة معهم (٥)، لامتناع
وإخبار (٢) الله تعالى الملائكة بهذا يكون على جهة البشارة لهم بمكان آدم كما جرت به سنته بالبشارة بالأنبياء قبل خلقهم وقبل إرسالهم (٣). ولا يكون ذلك (٤) على جهة المشاورة معهم (٥)، لامتناع
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" قال: (وقال المفسرون... ثم ذكره)، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ، ب، ولعل الواحدي نقل عنه. وإن مما أخذ على الثعلبي في "تفسيره" أنه حاطبُ ليل جمع فيه الضعاف والإسرائيليات، ولقد تأثر الواحدي به ونقل عنه في، بعض المواضع. وحول ما أورده الواحدي هنا ورد أثر عن ابن عباس، أخرجه الطبري، قال شاكر في تعليقه عليه. (.. لم يروه لاعتماد صحته، بل رواه لبيان أن قول الله سبحانه: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ إنما هو خطاب فيه لفظ العموم للملائكة..) "تفسير الطبري" ١/ ٢٠١. وأورد الأثر ابن كثير وقال: (هذا سياق غريب، وفيه أشياء فيها نظر، يطول مناقشتها، وهذا الإسناد إلى ابن عباس يُرْوى به تفسير مشهور)، "تفسير ابن كثير" ١/ ٧٦. ومثل هذِه القضايا يجب الاعتماد فيها على النص من الكتاب، أو من السنة الصحيحة، وهي من المواطن التي كثر النقل فيها عن الإسرائيليات، وليت كتب التفسير صينت عن مثل هذِه القصص والروايات.
(٢) في (ب): (واختار).
(٣) أنظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ٧٤.
(٤) في (أ)، (ج): (على ذلك جهة) وأثبت ما في (ب)، لأنه أصح لاستقامة السياق.
(٥) أورد ابن أبي حاتم في "تفسيره" أثرًا منكرا عن السدي، وفيه: (فاستشار الملائكة في خلق آدم) قال المحقق: هذا خبر منكر، انظر "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٧٦. وأورده ابن كثير في تفسير، وقال: وهذِه العبارة إن لم ترجع إلى معنى الإخبار =
(٢) في (ب): (واختار).
(٣) أنظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ٧٤.
(٤) في (أ)، (ج): (على ذلك جهة) وأثبت ما في (ب)، لأنه أصح لاستقامة السياق.
(٥) أورد ابن أبي حاتم في "تفسيره" أثرًا منكرا عن السدي، وفيه: (فاستشار الملائكة في خلق آدم) قال المحقق: هذا خبر منكر، انظر "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٧٦. وأورده ابن كثير في تفسير، وقال: وهذِه العبارة إن لم ترجع إلى معنى الإخبار =
323
المشاورة في وصفه، لوجوب كونه عالماً لا يخفى عليه شيء.
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾. قال الفراء (١): أراد: فقالوا فحذف فاء النسق كقول الشاعر:
لمَّا رَأَيْتُ نَبَطاً أَنْصَارَا
شَمَّرْتُ عَنْ رُكْبَتِي الإزَارَا
كُنْتُ لَهْمْ مِنْ النَّصَارى جَارَا (٢)
أي: فكنت لهم. واختلفوا (٣) في قول الملائكة: (أتجعل فيها) على أي وجه حصل منهم هذا: فروي أن الذين قالوا هذا عشرة آلاف من الملائكة، فأرسل الله (٤) عليهم نارا فأحرقتهم (٥).
وقال بعض أهل المعاني: فيه إضمار واختصار، معناه: أتجعل فيها من يفسد فيها [ويسفك الدماء؟ أم تجعل فيها من لا يفسد فيها] (٦) ولا يسفك الدماء؟ كقوله تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ [الزمر: ٩]، يعني
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾. قال الفراء (١): أراد: فقالوا فحذف فاء النسق كقول الشاعر:
لمَّا رَأَيْتُ نَبَطاً أَنْصَارَا
شَمَّرْتُ عَنْ رُكْبَتِي الإزَارَا
كُنْتُ لَهْمْ مِنْ النَّصَارى جَارَا (٢)
أي: فكنت لهم. واختلفوا (٣) في قول الملائكة: (أتجعل فيها) على أي وجه حصل منهم هذا: فروي أن الذين قالوا هذا عشرة آلاف من الملائكة، فأرسل الله (٤) عليهم نارا فأحرقتهم (٥).
وقال بعض أهل المعاني: فيه إضمار واختصار، معناه: أتجعل فيها من يفسد فيها [ويسفك الدماء؟ أم تجعل فيها من لا يفسد فيها] (٦) ولا يسفك الدماء؟ كقوله تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ [الزمر: ٩]، يعني
= ففيها تساهل، وعبارة الحسن وقتادة في رواية ابن جرير أحسن. "تفسير ابن كثير" ١/ ٧٥. عبارة الحسن وقتادة: إني فاعل، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٠٥.
(١) أنظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٤، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ ب.
(٢) أنشد الفراء الرجز ونسبه لبعض الأعراب "معاني القرآن" ١/ ٤٤، وأورده "الطبري" في "تفسيره" ١/ ٣١٨، والثعلبي ١/ ٦٠ ب، وهو في "الزاهر" ١/ ٢٢٥، "تفسير الماوردي" ١/ ١٣٢، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٩، "الدر المصون" ١/ ٤٠٧.
(٣) في (ب): (فاختلوا).
(٤) لفظ الجلالة غير موجود في (ب).
(٥) هذا الكلام ورد في رواية منكرة غريبة أخرجها ابن أبي حاتم في "تفسيره" عن يحيى بن أبي كثير عن أبيه. قال المحقق: (منكر غريب)، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٧٨. وذكرها ابن كثير عن ابن أبي حاتم، وقال: (إسرائيلي منكر)، "تفسير ابن كثير" ١/ ٧٦.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(١) أنظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٤، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ ب.
(٢) أنشد الفراء الرجز ونسبه لبعض الأعراب "معاني القرآن" ١/ ٤٤، وأورده "الطبري" في "تفسيره" ١/ ٣١٨، والثعلبي ١/ ٦٠ ب، وهو في "الزاهر" ١/ ٢٢٥، "تفسير الماوردي" ١/ ١٣٢، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٩، "الدر المصون" ١/ ٤٠٧.
(٣) في (ب): (فاختلوا).
(٤) لفظ الجلالة غير موجود في (ب).
(٥) هذا الكلام ورد في رواية منكرة غريبة أخرجها ابن أبي حاتم في "تفسيره" عن يحيى بن أبي كثير عن أبيه. قال المحقق: (منكر غريب)، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٧٨. وذكرها ابن كثير عن ابن أبي حاتم، وقال: (إسرائيلي منكر)، "تفسير ابن كثير" ١/ ٧٦.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
324
كمن هو غير قانت (١)، وكقول أبي ذؤيب:
أراد: أرشد (٣) أم غي، وعلى هذا فالملائكة أرادوا بالاستفهام أن يخبروا بما لا يعلمون، ولم يذهبوا إلى الإنكار والاعتراض (٤)، فقال الله: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (٥)، لم يطلعهم على صفة أولاد آدم. ولم يبين لهم أنه يريد أن يخلق من يفسد أو لا يفسد (٦).
وقيل: لما قال الله: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ أشكل على الملائكة أن الخليفة ممن يكون، قالوا: يا ربنا أتجعل في الأرض خليفة كما كان بنو الجان مفسدين؟ أم تجعل خليفة من الملائكة؟ فإنا نسبح بحمدك، فلم يطلعهم الله على ذلك، فقال: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ أي (٧): أن فيهم المطيع والعاصي جميعاً (٨).
| عَصَيْتُ إليْها القَلْبَ إِنِّي لِأَمْرِهَا | مُطِيعٌ فَمَا أَدْرِي أَرُشْدٌ طِلاَبُهَا (٢) |
وقيل: لما قال الله: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ أشكل على الملائكة أن الخليفة ممن يكون، قالوا: يا ربنا أتجعل في الأرض خليفة كما كان بنو الجان مفسدين؟ أم تجعل خليفة من الملائكة؟ فإنا نسبح بحمدك، فلم يطلعهم الله على ذلك، فقال: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ أي (٧): أن فيهم المطيع والعاصي جميعاً (٨).
(١) هذا المعنى ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ ب.
(٢) سبق ذكر البيت وتخريجه وشرحه في: ٢/ ٥٥.
(٣) في (ب): (رشد).
(٤) في (أ): (ولاعتراض).
(٥) ذكر نحوه الطبري ورجحه. انظر: "تفسير الطبرى" ١/ ٢٠٩ وهو قريب من قول الزجاج الآتي ذكره، انظر: "معاني القرآن" ١/ ٧٦، وانظر. "زاد المسير" ١/ ٦٠، "تفسير القرطبي" ١/ ١٣٥.
(٦) رجح الطبري أن الله أطلع الملائكة على ما يكون من ولد آدم، لأن ذلك يفهم من السياق، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢١٠.
(٧) في (ب): (إذ فيهم).
(٨) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٠٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ ب، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٦، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٣٥.
(٢) سبق ذكر البيت وتخريجه وشرحه في: ٢/ ٥٥.
(٣) في (ب): (رشد).
(٤) في (أ): (ولاعتراض).
(٥) ذكر نحوه الطبري ورجحه. انظر: "تفسير الطبرى" ١/ ٢٠٩ وهو قريب من قول الزجاج الآتي ذكره، انظر: "معاني القرآن" ١/ ٧٦، وانظر. "زاد المسير" ١/ ٦٠، "تفسير القرطبي" ١/ ١٣٥.
(٦) رجح الطبري أن الله أطلع الملائكة على ما يكون من ولد آدم، لأن ذلك يفهم من السياق، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢١٠.
(٧) في (ب): (إذ فيهم).
(٨) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٠٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ ب، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٦، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٣٥.
325
وقال الزجاج حكاية عن غيره: المعنى في هذا هو (١): أن الله أعلم الملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة، أن الخليفة (٢) فرقة من بني آدم [تسفك] (٣) الدماء، وأن الله أذن للملائكة أن يسألوه عن ذلك، وكان (٤) إعلامه إياهم هذا زيادة في التثبيت (٥) في نفوسهم أنه يعلم الغيب، وكأنهم قالوا: أتخلق (٦) فيها قوماً يسفكون الدماء ويعصونك، وإنما ينبغي إذا عرفوا أنك خلقتهم أن يسبحوا بحمدك كما نسبح، ويقدسوا كما نقدس، ولم يقولوا هذا إلا وقد أذن لهم، لأن الله تعالى وصفهم بأنهم يفعلون ما يؤمرون (٧).
فإن قيل: فأين إخبار الله بذلك للملائكة فإنا لا نراه في القرآن؟ قيل: هو محذوف مكتفى بدلالة الكلام عليه، كأنه قال: (إني جاعل في الأرض خليفة) يكون من ولده إفساد (٨) في الأرض، وسفك للدماء (٩)، فحذف هذا اكتفاء (١٠) بما دل عليه من جواب الملائكة، كما
فإن قيل: فأين إخبار الله بذلك للملائكة فإنا لا نراه في القرآن؟ قيل: هو محذوف مكتفى بدلالة الكلام عليه، كأنه قال: (إني جاعل في الأرض خليفة) يكون من ولده إفساد (٨) في الأرض، وسفك للدماء (٩)، فحذف هذا اكتفاء (١٠) بما دل عليه من جواب الملائكة، كما
(١) (هو) ساقط من (ب). ولفظ الزجاج: (وقال قوم: المعنى فيه غير هذا وهو أن الله.. إلخ) والزجاج ذكر قبل هذا القول الذي يرتضيه، وسيورده الواحدي فيما بعد، كما سيأتي، انظر: "معاني القرآن" ١/ ٧٦.
(٢) كذا في جميع النسخ وفي "معاني القرآن" (بالقاف) في الموضعين.
(٣) في (أ) و (ج): (يسفك)، و (ب) غير معجم، وفي "معاني القرآن" (تسفك) ١/ ٧٦.
(٤) (الواو) ساقطة من (ج).
(٥) في (أ) و (ج): (التثبت)، وما في (ب) موافق لما في "معاني القرآن" ١/ ٧٦.
(٦) في النسخ: (الخلق)، تحريف، والصواب ما أثبتنا من "معاني القرآن".
(٧) انتهى كلام الزجاج، انظر: "المعاني": ص ٧٧.
(٨) (إفساد) مكرر في (أ) و (ج).
(٩) في (ب): (الدماء).
(١٠) في (أ) و (ج): (اكتفى) وأثبت ما في (ب)، لأنه هو الأصوب.
(٢) كذا في جميع النسخ وفي "معاني القرآن" (بالقاف) في الموضعين.
(٣) في (أ) و (ج): (يسفك)، و (ب) غير معجم، وفي "معاني القرآن" (تسفك) ١/ ٧٦.
(٤) (الواو) ساقطة من (ج).
(٥) في (أ) و (ج): (التثبت)، وما في (ب) موافق لما في "معاني القرآن" ١/ ٧٦.
(٦) في النسخ: (الخلق)، تحريف، والصواب ما أثبتنا من "معاني القرآن".
(٧) انتهى كلام الزجاج، انظر: "المعاني": ص ٧٧.
(٨) (إفساد) مكرر في (أ) و (ج).
(٩) في (ب): (الدماء).
(١٠) في (أ) و (ج): (اكتفى) وأثبت ما في (ب)، لأنه هو الأصوب.
326
قال الشنفرى (١):
أراد: ولكن دعوني للتي يقال لها إذا أريد صيدها: خامري أم عامر، فحذف (٣).
قال الزجاج: ويجوز أن يكون هذا القول من الملائكة على وجه استعلام وجه الحكمة، لا على الإنكار. معناه: كيف تجعل في الأرض من يفسد ويسفك الدماء ونحن نسبحك الآن إذ أجليناهم (٤) وصرنا سكانها، فأخبِرْنا (٥) وجه الحكمة فيه (٦).
| فَلَا تَدْفِنُونِي إنَّ دَفْنِي مُحَرَّمٌ | عَلَيْكُمْ ولكن خَامِري أُمَّ عَامِرِ (٢) |
قال الزجاج: ويجوز أن يكون هذا القول من الملائكة على وجه استعلام وجه الحكمة، لا على الإنكار. معناه: كيف تجعل في الأرض من يفسد ويسفك الدماء ونحن نسبحك الآن إذ أجليناهم (٤) وصرنا سكانها، فأخبِرْنا (٥) وجه الحكمة فيه (٦).
(١) الشنفرى: شاعر جاهلي من الأزد، والشنفرى اسمه، وقيل: لقبه ومعناه: العظيم الشفة، انظر: "الخزانة" ٣/ ٣٤٣، "الأعلام" ٥/ ٨٥.
(٢) البيت قاله الشنفرى الأزدي في قصة طويلة انظر تفاصيلها في "الخزانة" ٣/ ٣٤٤ - ٣٤٨، ويروى البيت (لا تقتلوني)، (إن قبري)، (ولكن أبشري) وفي "ذيل الأمالي" (لا تقتلوني)، (إن قتلي). وأم عامر: كنية الضبع و (خامري) أي استتري، يريد دنو الضبع مستخفية ملازمة لمكانها حتى تخالط القتيل فتصيب منه. والمعنى:
يقول لا تدفنوني بعد قتلي واتركوني للتي يقال لها (أم عامر).
ورد البيت في "تفسير الطبري" ١/ ٢١٠، "الحماسة بشرح المرزوقي" ٢/ ٤٨٧، "الشعر والشعراء" ص ٣١، "ذيل الأمالي" للقالي ٣/ ٣٦، "الخزانة" ٣/ ٣٢٧.
(٣) السؤال الذي ذكره الواحدي والإجابة عنه، ورد عند الطبري في "تفسيره" ١/ ٢١٠.
(٤) في (ب): (اخليناهم).
(٥) في (ب): (فأضرها).
(٦) نقل الواحدي كلام الزجاج بمعناه، ومنه قوله: (روي أن خلقًا يقال لهم: (الجان) كانوا في الأرض فأفسدوا وسفكوا الدماء. فبعث الله ملائكته فأجلتهم من الأرض، وقيل: إن هؤلاء الملائكة صاروا سكان الأرض بعد الجان.. إلخ) وهذا يوضح قول الواحدي: (ونحن نسبحك الآن إذ أجليناهم وصرنا سكانها). "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٦.
(٢) البيت قاله الشنفرى الأزدي في قصة طويلة انظر تفاصيلها في "الخزانة" ٣/ ٣٤٤ - ٣٤٨، ويروى البيت (لا تقتلوني)، (إن قبري)، (ولكن أبشري) وفي "ذيل الأمالي" (لا تقتلوني)، (إن قتلي). وأم عامر: كنية الضبع و (خامري) أي استتري، يريد دنو الضبع مستخفية ملازمة لمكانها حتى تخالط القتيل فتصيب منه. والمعنى:
يقول لا تدفنوني بعد قتلي واتركوني للتي يقال لها (أم عامر).
ورد البيت في "تفسير الطبري" ١/ ٢١٠، "الحماسة بشرح المرزوقي" ٢/ ٤٨٧، "الشعر والشعراء" ص ٣١، "ذيل الأمالي" للقالي ٣/ ٣٦، "الخزانة" ٣/ ٣٢٧.
(٣) السؤال الذي ذكره الواحدي والإجابة عنه، ورد عند الطبري في "تفسيره" ١/ ٢١٠.
(٤) في (ب): (اخليناهم).
(٥) في (ب): (فأضرها).
(٦) نقل الواحدي كلام الزجاج بمعناه، ومنه قوله: (روي أن خلقًا يقال لهم: (الجان) كانوا في الأرض فأفسدوا وسفكوا الدماء. فبعث الله ملائكته فأجلتهم من الأرض، وقيل: إن هؤلاء الملائكة صاروا سكان الأرض بعد الجان.. إلخ) وهذا يوضح قول الواحدي: (ونحن نسبحك الآن إذ أجليناهم وصرنا سكانها). "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٦.
327
وقال ابن عباس وأكثر المفسرين: إن الله تعالى لما اطلع على كبر إبليس قال للملائكة الذين كانوا معه: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ فقالت (١) الملائكة: أتجعل فيها من يفسد فيهما كما فعل (٢) بنو الجان، قاسوا بالشاهد على الغائب (٣)، فقال الله تعالى: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ من كبر إبليس واغتراره بفعله، ثم لما ظهر من أمر إبليس ما ظهر وعجزت هؤلاء الملائكة عن (٤) الإخبار عن أسماء الأشياء اعترفوا بالعجز، وقالوا: ﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا﴾ (٥) ومع وضوح هذه الأقوال فإن ظاهر الخطاب يدل على أنه شق على الملائكة خلق الخليفة لأنهم لما سكنوا (٦) الأرض خفت عنهم العبادة كما ذكرنا، فخافوا أن يردوا إلى السماء فتثقل عليهم العبادة فلهذا شق عليهم خلق الخليقة (٧).
(١) في (ب): (فقال).
(٢) في (ب): (فعلوا).
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ ب.
(٤) في (ب): (من).
(٥) ورد نحوه في رواية طويلة عن ابن عباس ساقها "الطبري" في "تفسيره"، وعلق عليها بأن الرواية أفادت أن القائل ذلك خاص من الملائكة وليس كلهم. وقد أخذ محمود شاكر من تعليق الطبري: أن الطبري لم يروه لاعتماد سنده وإنما لبيان أن الخطاب لبعض الملائكة، وأن قولهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا﴾ لم يكن عن علم بالغيب عرفوه، بل كان ظنا ظنوه).
انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٥٥ - ٤٥٨، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٨، "الدر المصون" ١/ ٤٥.
(٦) في (ب): (اسكنوا).
(٧) اعتمد الواحدي في هذا على ما ذكره شيخه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ ب. وورد نحوه عند أبي الليث في "تفسيره" ١/ ١٠٨. وهذا لا يتناسب مع منزلة الملائكة =
(٢) في (ب): (فعلوا).
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ ب.
(٤) في (ب): (من).
(٥) ورد نحوه في رواية طويلة عن ابن عباس ساقها "الطبري" في "تفسيره"، وعلق عليها بأن الرواية أفادت أن القائل ذلك خاص من الملائكة وليس كلهم. وقد أخذ محمود شاكر من تعليق الطبري: أن الطبري لم يروه لاعتماد سنده وإنما لبيان أن الخطاب لبعض الملائكة، وأن قولهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا﴾ لم يكن عن علم بالغيب عرفوه، بل كان ظنا ظنوه).
انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٥٥ - ٤٥٨، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٨، "الدر المصون" ١/ ٤٥.
(٦) في (ب): (اسكنوا).
(٧) اعتمد الواحدي في هذا على ما ذكره شيخه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ ب. وورد نحوه عند أبي الليث في "تفسيره" ١/ ١٠٨. وهذا لا يتناسب مع منزلة الملائكة =
328
وقوله تعالى: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾. معنى التسبيح: تنزيه الله من كل سوء، وقد يكون بمعنى الصلاة، ويقال: سبح لله (١) أي صلى لله (٢).
قال الحسن: معناه: يقول سبحان الله وبحمده (٣).
قال الأزهري (٤): أجمع المفسرون وأهل المعاني: أن معنى (٥) تسبيح الله، تنزيه الله وتبرئته عن السوء.
قال: وأصل التسبيح (٦) في اللغة، التبعيد من قولك: سبحت في الأرض، إذا تباعدت فيها، ومن هذا قوله تعالى: ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [يس: ٤٠]، فكل من أثنى على الله وبعّده من السوء، فقد سبح له (٧) ونزهه.
وقال بعض أهل المعاني: معنى قوله: ﴿نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ نتكلم بالحمد لك، والنطق بالحمد لله تسبيح له، كما قال: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ [الشورى: ٥] وقال: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ [النصر: ٣] أي:
قال الحسن: معناه: يقول سبحان الله وبحمده (٣).
قال الأزهري (٤): أجمع المفسرون وأهل المعاني: أن معنى (٥) تسبيح الله، تنزيه الله وتبرئته عن السوء.
قال: وأصل التسبيح (٦) في اللغة، التبعيد من قولك: سبحت في الأرض، إذا تباعدت فيها، ومن هذا قوله تعالى: ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [يس: ٤٠]، فكل من أثنى على الله وبعّده من السوء، فقد سبح له (٧) ونزهه.
وقال بعض أهل المعاني: معنى قوله: ﴿نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ نتكلم بالحمد لك، والنطق بالحمد لله تسبيح له، كما قال: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ [الشورى: ٥] وقال: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ [النصر: ٣] أي:
= وما ذكره الله عنهم بقوله: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: ٦]. والأرجح في معنى الآية: أن الملائكة قالت ذلك على وجه الاسترشاد عما لم يعلموا، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٢١.
(١) في (ب): (الله).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٢١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٧، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢٣٦، "زاد المسير" ١/ ٦١.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ ب.
(٤) "تهذيب اللغة" (سبح) ٢/ ١٦٠٩. نقل كلامه بتصرف.
(٥) في (ب): (على أن المعنى). وقوله: (أجمع المفسرون وأهل المعاني) ليس في "تهذيب اللغة".
(٦) (التسبيح) ساقط من (ج).
(٧) في (ب): (فقد سبح الله).
(١) في (ب): (الله).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٢١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٧، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢٣٦، "زاد المسير" ١/ ٦١.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ ب.
(٤) "تهذيب اللغة" (سبح) ٢/ ١٦٠٩. نقل كلامه بتصرف.
(٥) في (ب): (على أن المعنى). وقوله: (أجمع المفسرون وأهل المعاني) ليس في "تهذيب اللغة".
(٦) (التسبيح) ساقط من (ج).
(٧) في (ب): (فقد سبح الله).
329
احمده، ويكون حمد الحامد لله تسبيحا له، لأن معنى الحمد لله: الثناء عليه والشكر له، وهذا تنزيه له واعتراف بأنه أهل لأن ينزه (١)، ويعظم، ويثنى عليه (٢). ومعنى قول القائل (سبحان الله): براءة الله من السوء (٣) وتنزيهه، وكثر لفظ (سبحان الله) في كلامهم، سيما عند التعجب، حتى صار كلمة للتعجب، قال الأعشى:
| أَقُولُ لمّا (٤) جَاءَنِي فَخْرُهُ | سُبْحَانَ مِنْ (٥) عَلْقَمَةَ الفَاخِرِ (٦) |
(١) في (ج): (ينزهه).
(٢) نحوه في "تفسير الطبري" ١/ ٢١١، "زاد المسير" ١/ ٦١، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٣٧.
(٣) انظر: "الكتاب" ١/ ٣٢٤، "تهذيب اللغة" (سبح) ٢/ ١٦٠٩.
(٤) في (ج): (لمن).
(٥) (من) ساقطة من (ب).
(٦) البيت للأعشى ضمن قصيدة يهجو بها علقمة بن علاثة العامري، ويمدح عامر بن الطفيل، لما تنازعا في الجاهلية على الرياسة في بني كلاب. وقد مات عامر مشركًا، وأسلم علقمة، ولهذا ورد أن النبي ﷺ نهى عن رواية القصيدة. يقول: أقول لما جاءني فخر علقمة على عامر: (سبحان من علقمة الفاخر)، أي أتعجب، سبحان الله منه، كذا خرجه بعضهم، وبهذا المعنى استشهد الواحدي به، وخرجه ابن فارس: بمعنى: ما أبعده، وبعضهم قال معنى (سبحان) في البيت: البراءة والتنزيه، وللراغب في "مفرداته" أقوال أخرى: ص ٢٢١. ورد البيت في "الكتاب" ١/ ٣٢٤، "مجاز القرآن" ١/ ٣٦، "المقتضب" في "تفسيره" ٣/ ٢١٨، "مقاييس اللغة" (سبح) ٣/ ١٢٥، "الزاهر" ١/ ١٤٤، و"الطبري" ١/ ٢١١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٨، "مفردات الراغب": ص ٢٢١، "الخصائص" ٢/ ١٩٧، ٤٣٥، "شرح المفصل" لابن يعيش ١/ ٣٧، ١٢٠، "الديوان": ص ٩٣.
(٢) نحوه في "تفسير الطبري" ١/ ٢١١، "زاد المسير" ١/ ٦١، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٣٧.
(٣) انظر: "الكتاب" ١/ ٣٢٤، "تهذيب اللغة" (سبح) ٢/ ١٦٠٩.
(٤) في (ج): (لمن).
(٥) (من) ساقطة من (ب).
(٦) البيت للأعشى ضمن قصيدة يهجو بها علقمة بن علاثة العامري، ويمدح عامر بن الطفيل، لما تنازعا في الجاهلية على الرياسة في بني كلاب. وقد مات عامر مشركًا، وأسلم علقمة، ولهذا ورد أن النبي ﷺ نهى عن رواية القصيدة. يقول: أقول لما جاءني فخر علقمة على عامر: (سبحان من علقمة الفاخر)، أي أتعجب، سبحان الله منه، كذا خرجه بعضهم، وبهذا المعنى استشهد الواحدي به، وخرجه ابن فارس: بمعنى: ما أبعده، وبعضهم قال معنى (سبحان) في البيت: البراءة والتنزيه، وللراغب في "مفرداته" أقوال أخرى: ص ٢٢١. ورد البيت في "الكتاب" ١/ ٣٢٤، "مجاز القرآن" ١/ ٣٦، "المقتضب" في "تفسيره" ٣/ ٢١٨، "مقاييس اللغة" (سبح) ٣/ ١٢٥، "الزاهر" ١/ ١٤٤، و"الطبري" ١/ ٢١١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٨، "مفردات الراغب": ص ٢٢١، "الخصائص" ٢/ ١٩٧، ٤٣٥، "شرح المفصل" لابن يعيش ١/ ٣٧، ١٢٠، "الديوان": ص ٩٣.
330
أي تعجب منه. ونحو هذا قال الزجاج في معنى: ﴿نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ قال: نبرئك من السوء (١).
ويأتي بقية القول في معنى (سبحان) (٢) عند قوله: ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا﴾ [البقرة: ٣٢].
وقوله تعالى: ﴿وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ (٣). أي: نطهرك وننزهك عما لا يليق بك من النقص. و (اللام)، فيه صلة (٤).
و (التقديس): التطهير، والقدس: الطهارة، والبيت المقدس: المطهر (٥). قال الزجاج: ومن هذا قيل للسطل: قدس، لأنه يتقدس منه، أي يتطهر (٦).
قال غيره (٧): والقُداس هو (٨) الجمان (٩) من فضة، لأنه أبيض نقي. قال الشاعر في وصف الدموع:
ويأتي بقية القول في معنى (سبحان) (٢) عند قوله: ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا﴾ [البقرة: ٣٢].
وقوله تعالى: ﴿وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ (٣). أي: نطهرك وننزهك عما لا يليق بك من النقص. و (اللام)، فيه صلة (٤).
و (التقديس): التطهير، والقدس: الطهارة، والبيت المقدس: المطهر (٥). قال الزجاج: ومن هذا قيل للسطل: قدس، لأنه يتقدس منه، أي يتطهر (٦).
قال غيره (٧): والقُداس هو (٨) الجمان (٩) من فضة، لأنه أبيض نقي. قال الشاعر في وصف الدموع:
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج: ص ٧٧.
(٢) في (ج) (سبحانا).
(٣) (الواو) ساقطة من (ب).
(٤) ذكره الثعلبي ١/ ٦١ أ، وأجاز العكبري في (اللام) أن تكون بمعنى: لأجلك، أو زائدة أو تكون معدية للفعل مثل الباء، "الإملاء" ١/ ٢٨.
(٥) انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٨، "تهذيب اللغة" (قدس) ٣/ ٢٩٠٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦١ أ.
(٦) "شرح أسماء الله الحسنى" للزجاج: ص ٣٠، وانظر "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٩٠٠، "اللسان" (قدس) ٦/ ٣٥٤٩.
(٧) هو الليث كما في "تهذيب اللغة" (قدس) ٣/ ٢٩٠٠.
(٨) (هو) ساقط من (ب).
(٩) في (ب): (الجمال). والجمان: حب يتخذ من الفضة أمثال اللؤلؤ، وقيل: خرز يُبَيَّض بماء الفضة. "اللسان" (جمن) ٢/ ٦٨٩.
(٢) في (ج) (سبحانا).
(٣) (الواو) ساقطة من (ب).
(٤) ذكره الثعلبي ١/ ٦١ أ، وأجاز العكبري في (اللام) أن تكون بمعنى: لأجلك، أو زائدة أو تكون معدية للفعل مثل الباء، "الإملاء" ١/ ٢٨.
(٥) انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٨، "تهذيب اللغة" (قدس) ٣/ ٢٩٠٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦١ أ.
(٦) "شرح أسماء الله الحسنى" للزجاج: ص ٣٠، وانظر "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٩٠٠، "اللسان" (قدس) ٦/ ٣٥٤٩.
(٧) هو الليث كما في "تهذيب اللغة" (قدس) ٣/ ٢٩٠٠.
(٨) (هو) ساقط من (ب).
(٩) في (ب): (الجمال). والجمان: حب يتخذ من الفضة أمثال اللؤلؤ، وقيل: خرز يُبَيَّض بماء الفضة. "اللسان" (جمن) ٢/ ٦٨٩.
331
كَنَظْمِ قُدَاسٍ سَلْكُهُ مُتَقَطِّعُ (١)
قال أبو علي الفارسي: معنى نقدس لك: ننزهك عن السوء، فلا (٢) ننسبه إليك، و (اللام) فيه على حدها في قوله: ﴿رَدِفَ لَكُمْ﴾ [النمل: ٧٢] لأن المعنى تنزيهه، وليس المعنى أن ينزه شيء من أجله. فأما قولهم: (بيت المقدس) وقول الراجز:
الحَمْدُ للهِ العَلِيِّ القَادِسِ (٣)
يدل على أن الفعل قد استعمل من التقديس، بحذف الزيادة، فإذا كان كذلك، لم يخل (المَقْدِس) من أن يكون مصدرا أو مكانا، فإن كان مصدرا كان كقوله: ﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ﴾ (٤) ونحوه من المصادر، والتي (٥) جاءت على هذا المثال.
وإن كان مكاناً، فالمعنى: بيت المكان الذي جعل فيه الطهارة أو بيت مكان الطهارة، وتطهيره على إخلائه من الأصنام وإبعاده منها، كما جاء
قال أبو علي الفارسي: معنى نقدس لك: ننزهك عن السوء، فلا (٢) ننسبه إليك، و (اللام) فيه على حدها في قوله: ﴿رَدِفَ لَكُمْ﴾ [النمل: ٧٢] لأن المعنى تنزيهه، وليس المعنى أن ينزه شيء من أجله. فأما قولهم: (بيت المقدس) وقول الراجز:
الحَمْدُ للهِ العَلِيِّ القَادِسِ (٣)
يدل على أن الفعل قد استعمل من التقديس، بحذف الزيادة، فإذا كان كذلك، لم يخل (المَقْدِس) من أن يكون مصدرا أو مكانا، فإن كان مصدرا كان كقوله: ﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ﴾ (٤) ونحوه من المصادر، والتي (٥) جاءت على هذا المثال.
وإن كان مكاناً، فالمعنى: بيت المكان الذي جعل فيه الطهارة أو بيت مكان الطهارة، وتطهيره على إخلائه من الأصنام وإبعاده منها، كما جاء
(١) صدره كما في "اللسان":
تَحَدَّرَ دَمْعُ العَيْنِ مِنْهَا فَخِلْتُه
يصف تحدر دمعة العين بنظم القُدَاس إذا انقطع سلكه، والبيت غير منسوب، ذكره الأزهري في "التهذيب" (قدس) ٣/ ٢٩٠٠، والجوهري في "الصحاح" (قدس) ٣/ ٩٦١، وابن فارس في "مجمل اللغة" (قدس) ١/ ٧٤٥، "مقاييس اللغة" (قدس) ٥/ ٦٤، وورد في "اللسان" (قدس) ٦/ ٣٥٥٠.
(٢) في (ب): (ولا).
(٣) ورد في "الحجة" لأبي علي بدون نسبة "الحجة" ٢/ ١٥٢. ولم أجده في غيرها.
(٤) سورة الأنعام: ٦٠، ويونس: ٤. وفي (الحجة): (كقوله: ﴿إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ﴾)، (الحجة) ٢/ ١٥٢. وهي جزء من آية في سورة آل عمران: ٥٥، والعنكبوت: ٨، ولقمان: ١٥.
(٥) (والتي) كذا وردت في جميع النسخ والأولى حذف الواو كما في "الحجة" ٢/ ١٥٢.
تَحَدَّرَ دَمْعُ العَيْنِ مِنْهَا فَخِلْتُه
يصف تحدر دمعة العين بنظم القُدَاس إذا انقطع سلكه، والبيت غير منسوب، ذكره الأزهري في "التهذيب" (قدس) ٣/ ٢٩٠٠، والجوهري في "الصحاح" (قدس) ٣/ ٩٦١، وابن فارس في "مجمل اللغة" (قدس) ١/ ٧٤٥، "مقاييس اللغة" (قدس) ٥/ ٦٤، وورد في "اللسان" (قدس) ٦/ ٣٥٥٠.
(٢) في (ب): (ولا).
(٣) ورد في "الحجة" لأبي علي بدون نسبة "الحجة" ٢/ ١٥٢. ولم أجده في غيرها.
(٤) سورة الأنعام: ٦٠، ويونس: ٤. وفي (الحجة): (كقوله: ﴿إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ﴾)، (الحجة) ٢/ ١٥٢. وهي جزء من آية في سورة آل عمران: ٥٥، والعنكبوت: ٨، ولقمان: ١٥.
(٥) (والتي) كذا وردت في جميع النسخ والأولى حذف الواو كما في "الحجة" ٢/ ١٥٢.
332
﴿أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ﴾ (١) [البقرة: ١٢٥]. انتهى كلامه (٢).
فعلى قول أبي علي (اللام) في (لك) صلة (٣).
وقال أبو إسحاق: معنى: (نقدس لك) أي نطهر أنفسنا لك.
قال: ومن هذا: البيت المقدس، أي: البيت المطهر، وبيت المقدس أي بيت المكان الذي يتطهر فيه من الذنوب (٤).
فعلى هذا (اللام) لام أجل (٥)، أي نطهر لأجلك قلوبنا من الشرك، وأبداننا من المعصية.
وقوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.
قال ابن عباس: يعني من إضمار إبليس العزم على المعصية، وما اطلع عليه من كبره (٦).
وقال ابن مسعود: ﴿مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ مما يؤول إليه أمر إبليس (٧).
فعلى قول أبي علي (اللام) في (لك) صلة (٣).
وقال أبو إسحاق: معنى: (نقدس لك) أي نطهر أنفسنا لك.
قال: ومن هذا: البيت المقدس، أي: البيت المطهر، وبيت المقدس أي بيت المكان الذي يتطهر فيه من الذنوب (٤).
فعلى هذا (اللام) لام أجل (٥)، أي نطهر لأجلك قلوبنا من الشرك، وأبداننا من المعصية.
وقوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.
قال ابن عباس: يعني من إضمار إبليس العزم على المعصية، وما اطلع عليه من كبره (٦).
وقال ابن مسعود: ﴿مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ مما يؤول إليه أمر إبليس (٧).
(١) في الآيه تصحيف في (ب): (طهر) بدون (ألف)، وفي (ج): (طهري)
(٢) أي كلام أبي علي، نقله بتصرف، انظر: "الحجة" ٢/ ١٥١، ١٥٢.
(٣) وهو قول الثعلبي كما مر قريبًا وذكر العكبري فيها أقوالًا أخرى، انظر: "الإملاء" ص ٧٠٦، تعليق رقم ٥.
(٤) انظر كلام الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٧٨، ليس فيه قوله: (البيت المقدس) أي (البيت المطهر).
(٥) وبه أخذ العكبري، انظر: ص ٧٠٦، تعليق ٥، وانظر "الإملاء" "تفسير الطبري" ١/ ٢١١، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٣١.
(٦) أخرجه "الطبري" بسنده من طريق الضحاك، "تفسير الطبري" ١/ ٢١٢، وانظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٣٢، "الدر" ١/ ٩٥، "زاد المسير" ١/ ٦١.
(٧) أخرجه "الطبري" من طريق السدي عن مرة عن ابن مسعود، وعن أبي صالح عن ابن عباس ١/ ٢١٢، وأخرج ابن أبي حاتم نحوه ١/ ٧٩، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٣٢.
(٢) أي كلام أبي علي، نقله بتصرف، انظر: "الحجة" ٢/ ١٥١، ١٥٢.
(٣) وهو قول الثعلبي كما مر قريبًا وذكر العكبري فيها أقوالًا أخرى، انظر: "الإملاء" ص ٧٠٦، تعليق رقم ٥.
(٤) انظر كلام الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٧٨، ليس فيه قوله: (البيت المقدس) أي (البيت المطهر).
(٥) وبه أخذ العكبري، انظر: ص ٧٠٦، تعليق ٥، وانظر "الإملاء" "تفسير الطبري" ١/ ٢١١، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٣١.
(٦) أخرجه "الطبري" بسنده من طريق الضحاك، "تفسير الطبري" ١/ ٢١٢، وانظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٣٢، "الدر" ١/ ٩٥، "زاد المسير" ١/ ٦١.
(٧) أخرجه "الطبري" من طريق السدي عن مرة عن ابن مسعود، وعن أبي صالح عن ابن عباس ١/ ٢١٢، وأخرج ابن أبي حاتم نحوه ١/ ٧٩، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٣٢.
333
وقال قتادة (١): ﴿أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ أنه يكون في أولاد آدم من هو من أهل الطاعة.
وقال الزجاج: معناه أبتلي من تظنون أنه مطيع فيؤديه الابتلاء إلى المعصية، ومن تظنون أنه عاص فيؤديه إلى الطاعة (٢).
وقيل: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ من تفضيل آدم عليكم، وما أتعبدكم به من السجود له، وأفضله به عليكم من تعليمي الأسماء، وذلك أنهم قالوا فيما بينهم: ليخلق ربنا ما يشاء، فلن يخلق خلقاً أفضل ولا أكرم عليه منا (٣).
وفتح أبو عمرو وابن كثير (الياء) في قوله: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ﴾ [البقرة: ٣٠]، ﴿إِنِّي أَرَى﴾ (٤) عند الهمزة المفتوحة. وزاد أبو عمرو عند الهمزة المكسورة، مثل: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾ (٥).
وزاد نافع عند المضمومة، مثل: ﴿عَذَابِي أُصِيبُ﴾ [الأعراف: ١٥٦]، ﴿فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ﴾ [المائدة: ١١٥]، ﴿إِنِّي أُرِيدُ﴾ (٦).
وقال الزجاج: معناه أبتلي من تظنون أنه مطيع فيؤديه الابتلاء إلى المعصية، ومن تظنون أنه عاص فيؤديه إلى الطاعة (٢).
وقيل: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ من تفضيل آدم عليكم، وما أتعبدكم به من السجود له، وأفضله به عليكم من تعليمي الأسماء، وذلك أنهم قالوا فيما بينهم: ليخلق ربنا ما يشاء، فلن يخلق خلقاً أفضل ولا أكرم عليه منا (٣).
وفتح أبو عمرو وابن كثير (الياء) في قوله: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ﴾ [البقرة: ٣٠]، ﴿إِنِّي أَرَى﴾ (٤) عند الهمزة المفتوحة. وزاد أبو عمرو عند الهمزة المكسورة، مثل: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾ (٥).
وزاد نافع عند المضمومة، مثل: ﴿عَذَابِي أُصِيبُ﴾ [الأعراف: ١٥٦]، ﴿فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ﴾ [المائدة: ١١٥]، ﴿إِنِّي أُرِيدُ﴾ (٦).
(١) أخرجه الطبري بسنده عن سعيد عن قتادة. "تفسير الطبري" ١/ ٢١٣، وأخرجه ابن أبي حاتم ١/ ٧٩ - ٨٠، قال المحقق: ضعيف، ولكن أخرجه "الطبري" من طريق آخر ١/ ٢٨٤، وذكره ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٧٤، وانظر ابن عطية ١/ ٢٣٣، "الدر" ١/ ٩٦، "زاد المسير" ١/ ٦٢.
(٢) ذكر كلام الزجاج بمعناه. انظر: "معاني القرآن" ١/ ٧٧، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٦٢.
(٣) لم أجد هذا القول فيما اطلعت عليه من كتب التفسير، والله أعلم.
(٤) سورة الأنفال: ٤٨، وسورة يوسف: ٤٣، وسورة الصافات: ١٠٢.
(٥) سورة يونس: ٧٢، سورة هود: ٢٩، وسورة سبأ: ٤٧.
(٦) (إني) ساقط من (ب). سورة المائدة: ٢٩، والقصص: ٢٧. =
(٢) ذكر كلام الزجاج بمعناه. انظر: "معاني القرآن" ١/ ٧٧، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٦٢.
(٣) لم أجد هذا القول فيما اطلعت عليه من كتب التفسير، والله أعلم.
(٤) سورة الأنفال: ٤٨، وسورة يوسف: ٤٣، وسورة الصافات: ١٠٢.
(٥) سورة يونس: ٧٢، سورة هود: ٢٩، وسورة سبأ: ٤٧.
(٦) (إني) ساقط من (ب). سورة المائدة: ٢٩، والقصص: ٢٧. =
334
وحجتهم في ذلك (١) أن هذه (الياء) أصلها الحركة، لأنها بإزاء الكاف للمخاطب، فكما فتحت الكاف، كذلك تفتح (الياء).
فإن قيل: إن الحركة في حروف اللين مكروهة؟
قيل: الفتحة من بينها (٢) لا تكره، وإن كرهت الضمة والكسرة، ألا ترى أن (القاضي) ونحوه يحرك بالفتح (٣)، كما يحرك (٤) سائر الحروف التي لا لين لها (٥)، ألا ترى أن (غواشي) (٦) تجري في النصب مجرى
فإن قيل: إن الحركة في حروف اللين مكروهة؟
قيل: الفتحة من بينها (٢) لا تكره، وإن كرهت الضمة والكسرة، ألا ترى أن (القاضي) ونحوه يحرك بالفتح (٣)، كما يحرك (٤) سائر الحروف التي لا لين لها (٥)، ألا ترى أن (غواشي) (٦) تجري في النصب مجرى
= اختلف القراء في حكم (ياء المتكلم)، فقرأ بعضهم بفتحها، وبعضهم بتسكينها، ولهم أصول في ذلك، ولكنها لا تطرد في كل موضع، لهذا نجد من ذكر أصولهم في (ياء المتكلم) يقول: ونذكر ما شذ عن هذا في موضعه. فعند أبي عمرو: كل ياء مكسور ما قبلها، إذا كان بعدها همزة مفتوحة أو مكسورة يفتحها. أما ابن كثير فيوافقه في بعضها، ويخالفه في بعضها فيسكنها. أما نافع فإنه يفتح هذِه الياء إذا كان بعدها همزة مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة، وقد اختلف في بعض هذِه الحروف عنه. أما بقية (السبعة): وهم حمزة، والكسائي، وعاصم، وابن عامر، فأصلهم فيها الإسكان، وروي عنهم مواضع بالفتح. والياء في قوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ﴾ قرأ بفتحها في الوصل أبو عمرو وابن كثير ونافع من (السبعة).
انظر: "السبعة" لابن مجاهد: ص ١٥٢، "الحجة" لأبي علي ١/ ٤١١، "الكشف" لمكي ١/ ٣٢٤، "تحبير التيسير": ص ٧٩، "البدور الزاهرة": ص ٢٨.
(١) أي حجة من قرأ بالفتح، والكلام منقول من "الحجة" بتصرف ١/ ٤١٤.
(٢) (بينها) ساقطة من (ج).
(٣) أي أن الاسم الذي آخره (ياء) مكسور ما قبلها لا يدخله جر ولا رفع لثقل ذلك، يدخله الفتح، ولذلك بني على الفتح، انظر "المقتضب" ٤/ ٢٤٨.
(٤) في (ج): (تحرك).
(٥) في (ج): (فيها) وهذا موافق لما في "الحجة" ١/ ٤١٤.
(٦) كذا في جميع النسخ وفي "الحجة": (.. أن الياء في (غواش)..) ١/ ٤١٤، قال تعالى: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [الأعراف: ٤١].
انظر: "السبعة" لابن مجاهد: ص ١٥٢، "الحجة" لأبي علي ١/ ٤١١، "الكشف" لمكي ١/ ٣٢٤، "تحبير التيسير": ص ٧٩، "البدور الزاهرة": ص ٢٨.
(١) أي حجة من قرأ بالفتح، والكلام منقول من "الحجة" بتصرف ١/ ٤١٤.
(٢) (بينها) ساقطة من (ج).
(٣) أي أن الاسم الذي آخره (ياء) مكسور ما قبلها لا يدخله جر ولا رفع لثقل ذلك، يدخله الفتح، ولذلك بني على الفتح، انظر "المقتضب" ٤/ ٢٤٨.
(٤) في (ج): (تحرك).
(٥) في (ج): (فيها) وهذا موافق لما في "الحجة" ١/ ٤١٤.
(٦) كذا في جميع النسخ وفي "الحجة": (.. أن الياء في (غواش)..) ١/ ٤١٤، قال تعالى: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [الأعراف: ٤١].
335
مساجد ونحوه (١) من الصحيح.
وقد اتفقوا أيضًا على تحركها بالفتح، إذا سكن ما قبلها، نحو بشراي (٢) وغلامي وقاضيّ، ورأيت غلاميّ (٣)،
فاجتماعهم على تحريكها بالفتح (٤) في هذا النحو يدل على أن ذلك أصلها إذا تحرك ما قبلها (٥).
وأما (٦) من أسكن هذه (الياءات) فحجته أن الفتحة مع (الياء) قد كرهت في (٧) الكلام، كما كرهت الحركتان (٨) الأخريان فيها، ألا ترى أنهم قد أسكنوها في الكلام في حال السعة إذا لزم تحريكها بالفتحة، كما أسكنوها إذا لزم تحريكها بالحركتين الأخريين (٩)، وذلك قولهم: (قالي قلا) (١٠)،
وقد اتفقوا أيضًا على تحركها بالفتح، إذا سكن ما قبلها، نحو بشراي (٢) وغلامي وقاضيّ، ورأيت غلاميّ (٣)،
فاجتماعهم على تحريكها بالفتح (٤) في هذا النحو يدل على أن ذلك أصلها إذا تحرك ما قبلها (٥).
وأما (٦) من أسكن هذه (الياءات) فحجته أن الفتحة مع (الياء) قد كرهت في (٧) الكلام، كما كرهت الحركتان (٨) الأخريان فيها، ألا ترى أنهم قد أسكنوها في الكلام في حال السعة إذا لزم تحريكها بالفتحة، كما أسكنوها إذا لزم تحريكها بالحركتين الأخريين (٩)، وذلك قولهم: (قالي قلا) (١٠)،
(١) في (ج): (ونحوها). والمراد أن (الياء) تثبت في (غواش) في حالة النصب، انظر: "الحجة" ١/ ٤١٤.
(٢) (ب): (براى).
(٣) الياء في (قاضي) ورأيت غلامي (مشددة) والأولى منهما ساكنة فتفتح (الياء) الثانية انظر: "الكتاب" ٣/ ٤١٤، ٤/ ١٨٧.
(٤) في (ب): (نحو في هذا النحو).
(٥) انتهى من بيان حجة من قرأ بفتح الياء في قوله: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ﴾ والكلام من "الحجة" بتصرف ١/ ٤١٤. وانظر: "الحجة" لابن خالويه: ص ٧٤، "الكشف" لمكي ١/ ٣٢٤، "البيان" لابن الأنباري ١/ ٧٢٠.
(٦) في (ب): (وإنما من).
(٧) في (ب): (بالكلام).
(٨) في (ب): (الحركات). والحركات: هما الضمة والكسرة.
(٩) في (أ) و (ج): (الأخرين) وأثبت ما في (ب) لأنه أصح وموافق لما في "الحجة" ١/ ٤١٥.
(١٠) (قالي قلا) اسم مدينة بأرمينة، سميت باسم امرأة ملكتهم وبنت تلك المدينة وإليها ينسب بعض العلماء كالقالي، انظر: "معجم البلدان" ٤/ ٢٩٩.
(٢) (ب): (براى).
(٣) الياء في (قاضي) ورأيت غلامي (مشددة) والأولى منهما ساكنة فتفتح (الياء) الثانية انظر: "الكتاب" ٣/ ٤١٤، ٤/ ١٨٧.
(٤) في (ب): (نحو في هذا النحو).
(٥) انتهى من بيان حجة من قرأ بفتح الياء في قوله: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ﴾ والكلام من "الحجة" بتصرف ١/ ٤١٤. وانظر: "الحجة" لابن خالويه: ص ٧٤، "الكشف" لمكي ١/ ٣٢٤، "البيان" لابن الأنباري ١/ ٧٢٠.
(٦) في (ب): (وإنما من).
(٧) في (ب): (بالكلام).
(٨) في (ب): (الحركات). والحركات: هما الضمة والكسرة.
(٩) في (أ) و (ج): (الأخرين) وأثبت ما في (ب) لأنه أصح وموافق لما في "الحجة" ١/ ٤١٥.
(١٠) (قالي قلا) اسم مدينة بأرمينة، سميت باسم امرأة ملكتهم وبنت تلك المدينة وإليها ينسب بعض العلماء كالقالي، انظر: "معجم البلدان" ٤/ ٢٩٩.
336
و (بادي بدا) (١)، و (معد يكرب) (٢) و (حيري (٣) دهر) (٤).
و (الياء) في هذه المواضع في موضع الفتحة التي في آخر أول الاسمين، نحو: (حضر موت) و (بعلبك) وقد أسكنت كما أسكنت في الجر (٥) والرفع (٦).
ومما يؤكد الإسكان فيها أنها مشابهة (٧) للألف، والألف تسكن (٨) في الأحوال الثلاث (٩)، كذلك (الياء) تسكن. والدليل على شبه (الياء) الألف قربها منها في المخرج، وإبدالهم إياها منها في نحو (طائيٍّ) و (حاريٍّ) في
و (الياء) في هذه المواضع في موضع الفتحة التي في آخر أول الاسمين، نحو: (حضر موت) و (بعلبك) وقد أسكنت كما أسكنت في الجر (٥) والرفع (٦).
ومما يؤكد الإسكان فيها أنها مشابهة (٧) للألف، والألف تسكن (٨) في الأحوال الثلاث (٩)، كذلك (الياء) تسكن. والدليل على شبه (الياء) الألف قربها منها في المخرج، وإبدالهم إياها منها في نحو (طائيٍّ) و (حاريٍّ) في
(١) قال الجوهري: أفعل ذاك بادئ بدء، وبادي بديٍّ، أي أولا، وأصله الهمزة، وإنما ترك لكثرة الاستعمال... ، وهما اسمان جعلا اسما واحدا مثل: معد يكرب، وقالي قلا. "الصحاح" (بدا) ٦/ ٢٢٧٩، وانظر: "اللسان" (بدا) ١/ ٢٣٤.
(٢) في (أ)، (ج): (معدي).
(٣) في (ب): (حرى).
(٤) ومنه قول العرب (لا أفعل ذلك حيري دهر). أي: أبداً. انظر "الكتاب" ٣/ ٣٠٧.
(٥) في (ب): (الخبر).
(٦) يقول: إن الأسماء المركبة مثل (قالي قلا) مما آخر الاسم الأول (ياء) فالياء تسكن، لأنها في وسط الاسم، ولأنها لو كانت معربة بالجر أو الرفع سكنت، كما تقول: (مررت بالقاضي). وكان ينبغي في هذِه الياء أن تفتح، كما فتح آخر الاسم الأول من المركب نحو (حضرموت) والذي جعل الاسمان فيه كاسم واحد، لأن الحركة تستثقل عليه، والفتح أخف الحركات، ولما ثقلت الفتحة على الياء لم يبق بعد الفتح إلا السكون. انظر: "الكتاب" ٣/ ٣٠٤، ٣٠٥، "المقتضب" ٤/ ٢١، "البيان" ١/ ٧٢.
(٧) في (ب): (متشابهه).
(٨) في (أ): (سكن) وفي (ب): (يسكن) وما في (ج) أصح في السياق وموافق لما في "الحجة" ١/ ٤١٦.
(٩) في (ب): (السبت).
(٢) في (أ)، (ج): (معدي).
(٣) في (ب): (حرى).
(٤) ومنه قول العرب (لا أفعل ذلك حيري دهر). أي: أبداً. انظر "الكتاب" ٣/ ٣٠٧.
(٥) في (ب): (الخبر).
(٦) يقول: إن الأسماء المركبة مثل (قالي قلا) مما آخر الاسم الأول (ياء) فالياء تسكن، لأنها في وسط الاسم، ولأنها لو كانت معربة بالجر أو الرفع سكنت، كما تقول: (مررت بالقاضي). وكان ينبغي في هذِه الياء أن تفتح، كما فتح آخر الاسم الأول من المركب نحو (حضرموت) والذي جعل الاسمان فيه كاسم واحد، لأن الحركة تستثقل عليه، والفتح أخف الحركات، ولما ثقلت الفتحة على الياء لم يبق بعد الفتح إلا السكون. انظر: "الكتاب" ٣/ ٣٠٤، ٣٠٥، "المقتضب" ٤/ ٢١، "البيان" ١/ ٧٢.
(٧) في (ب): (متشابهه).
(٨) في (أ): (سكن) وفي (ب): (يسكن) وما في (ج) أصح في السياق وموافق لما في "الحجة" ١/ ٤١٦.
(٩) في (ب): (السبت).
337
النسب (١) إلى (طيئ) (٢) و (الحيرة) وقوله:
لَنَضْرِبَنْ بِسَيْفِنَا قَفَيْكَا (٣)
كثر إسكان (الياء) في (٤) موضع النصب في الشعر لهذه المشابهة (٥)، حتى ذهب بعضهم إلى استجازته في الكلام (٦).
فأما حجة أبي عمرو حيث لم يفتح عند المضمومة، وفتح عند المفتوحة والمكسورة (٧)، هي: أن الهمزة قد فتحت لها (٨) ما لم يكن يفتح
لَنَضْرِبَنْ بِسَيْفِنَا قَفَيْكَا (٣)
كثر إسكان (الياء) في (٤) موضع النصب في الشعر لهذه المشابهة (٥)، حتى ذهب بعضهم إلى استجازته في الكلام (٦).
فأما حجة أبي عمرو حيث لم يفتح عند المضمومة، وفتح عند المفتوحة والمكسورة (٧)، هي: أن الهمزة قد فتحت لها (٨) ما لم يكن يفتح
(١) في (ب): (النسبة).
(٢) قال سيبويه: ولا أراهم قالوا: طائي إلا فرارا من (طيئي) وكان القياس (طيئي) ولكنهم جعلوا الألف مكان الياء. "الكتاب" ٣/ ٣٧١.
(٣) البيت لأعرابي، ونسبه أبو زيد لراجز من حمير، يخاطب به عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- وقبله:
لَنَضْرِبَنْ بِسَيْفِنَا قَفَيْكَا
والشاهد (قفيكا) حيث أبدل الألف ياء مع الإضافة للضمير، والأصل قفاكا، وبعضهم يجعله من ضرورة الشعر. وردت الأبيات في "النوادر": ص ٣٤٧، "الحجة" ١/ ٤١٦، "المسائل العسكرية" لأبي علي ص ١٥٨، "أمالي الزجاجي": ص ٢٣٦، "المحكم" ٦/ ٣٥٤، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٨٥، "الخزانة" ٤/ ٤٢٨.
(٤) (في) ساقطة من (ب).
(٥) أي مشابهة الياء للألف.
(٦) انتهى ما نقله المؤلف عن "الحجة" لأبي علي ١/ ٤١٥ - ٤١٧. في حجة من أسكن الياء في قوله: ﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ﴾ وانظر "الحجة" لابن خالويه: ص ٧٤.
(٧) مر بنا أن أبا عمرو يفتح (الياء) إذا وقع بعدها همزة مفتوحة أو مكسورة، ويسكنها إذا وقع بعدها همزة مضمومة.
(٨) في (ب): (قد فتحت لما لم تكن تفتح)، وفي "الحجة" (فتح لها ما لم يكن يفتح..) ١/ ٤١٧. وهو الصواب.
(٢) قال سيبويه: ولا أراهم قالوا: طائي إلا فرارا من (طيئي) وكان القياس (طيئي) ولكنهم جعلوا الألف مكان الياء. "الكتاب" ٣/ ٣٧١.
(٣) البيت لأعرابي، ونسبه أبو زيد لراجز من حمير، يخاطب به عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- وقبله:
| يَابنَ الزُّبَيْرِطَالَمَا عَصَيْكَا | وَطَالَمَا عَنَّيْتَنَا إِلَيْكَا |
والشاهد (قفيكا) حيث أبدل الألف ياء مع الإضافة للضمير، والأصل قفاكا، وبعضهم يجعله من ضرورة الشعر. وردت الأبيات في "النوادر": ص ٣٤٧، "الحجة" ١/ ٤١٦، "المسائل العسكرية" لأبي علي ص ١٥٨، "أمالي الزجاجي": ص ٢٣٦، "المحكم" ٦/ ٣٥٤، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٨٥، "الخزانة" ٤/ ٤٢٨.
(٤) (في) ساقطة من (ب).
(٥) أي مشابهة الياء للألف.
(٦) انتهى ما نقله المؤلف عن "الحجة" لأبي علي ١/ ٤١٥ - ٤١٧. في حجة من أسكن الياء في قوله: ﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ﴾ وانظر "الحجة" لابن خالويه: ص ٧٤.
(٧) مر بنا أن أبا عمرو يفتح (الياء) إذا وقع بعدها همزة مفتوحة أو مكسورة، ويسكنها إذا وقع بعدها همزة مضمومة.
(٨) في (ب): (قد فتحت لما لم تكن تفتح)، وفي "الحجة" (فتح لها ما لم يكن يفتح..) ١/ ٤١٧. وهو الصواب.
338
لو لم تجاور الهمزة، ألا ترى أنهم فتحوا نحو: (يقرأ ويبرأ) ولولا الهمزة لم يفتح شيء من ذلك. فإذا فتحت لها ما لم (١) يفتح إذا لم تجاور (٢) الهمزة، فأن يفتح لها ما قد يفتح مع غيرها أحرى.
والمفتوحة والمكسورة (٣) سيّان (٤) في إتباع (الياء) لها في التحريك بالفتح، ألا ترى أنهم قد غيروا للهمزة (٥) المكسورة الحرف (٦) الذي قبلها، فقالوا: (الضِّئين) (٧) في جمع [الضَّائِن] (٨)، و (صأى صِئِيَّا (٩) ولم يفعلوا ذلك في (رؤوف) وكذلك لم تفتح (الياء) قبل الهمزة المضمومة (١٠) كما
والمفتوحة والمكسورة (٣) سيّان (٤) في إتباع (الياء) لها في التحريك بالفتح، ألا ترى أنهم قد غيروا للهمزة (٥) المكسورة الحرف (٦) الذي قبلها، فقالوا: (الضِّئين) (٧) في جمع [الضَّائِن] (٨)، و (صأى صِئِيَّا (٩) ولم يفعلوا ذلك في (رؤوف) وكذلك لم تفتح (الياء) قبل الهمزة المضمومة (١٠) كما
(١) في (ب): (ما لا يفتتح) ومثله في "الحجة" ١/ ٤١٧.
(٢) في (ب): (يجاوز)، وفي "الحجة": (يجاور) ١/ ٤١٧.
(٣) في (ب): (من المكسورة).
(٤) في (أ): (شيان) وفي (ب): (سان) وأثبت ما في (ج)، لأنه أصوب وموافق للحجة ١/ ٤١٧.
(٥) في (ب): (الهمزة).
(٦) في (ب): (للحرف).
(٧) في (أ)، (ب) (الصيئن) وأثبت ما في (ج)، لأنه هو الصواب وموافق لما في (الحجة) ١/ ٤١٧.
(٨) في جميع النسخ (الضان) وفي (الحجة) (الضائن)، قال في "الصحاح": (الضائن) خلاف الماعز والجمع (الضأن) وقد يجمع على (ضئين) "الصحاح" (ضائن) ٦/ ٢١٥٣.
(٩) في (أ). (صآ. صئيا) وفي (ب): (صاصا) وفي (ج): (صاصيا) وفي (الحجة): (صأي، صئيا)، "الحجة" ١/ ٤١٧. و (الصِّئي) مثلثة: صوت الفرخ، والفيل والخنزير والفأر كلها تَصْأَى صِئِيّاً، انظر: "تهذيب اللغة" (صآ) ٢/ ١٩٥٥، "القاموس" (صأي): ص ١٣٠١.
(١٠) كما في قوله تعالى: ﴿عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ﴾ [الأعراف: ١٥٦].
(٢) في (ب): (يجاوز)، وفي "الحجة": (يجاور) ١/ ٤١٧.
(٣) في (ب): (من المكسورة).
(٤) في (أ): (شيان) وفي (ب): (سان) وأثبت ما في (ج)، لأنه أصوب وموافق للحجة ١/ ٤١٧.
(٥) في (ب): (الهمزة).
(٦) في (ب): (للحرف).
(٧) في (أ)، (ب) (الصيئن) وأثبت ما في (ج)، لأنه هو الصواب وموافق لما في (الحجة) ١/ ٤١٧.
(٨) في جميع النسخ (الضان) وفي (الحجة) (الضائن)، قال في "الصحاح": (الضائن) خلاف الماعز والجمع (الضأن) وقد يجمع على (ضئين) "الصحاح" (ضائن) ٦/ ٢١٥٣.
(٩) في (أ). (صآ. صئيا) وفي (ب): (صاصا) وفي (ج): (صاصيا) وفي (الحجة): (صأي، صئيا)، "الحجة" ١/ ٤١٧. و (الصِّئي) مثلثة: صوت الفرخ، والفيل والخنزير والفأر كلها تَصْأَى صِئِيّاً، انظر: "تهذيب اللغة" (صآ) ٢/ ١٩٥٥، "القاموس" (صأي): ص ١٣٠١.
(١٠) كما في قوله تعالى: ﴿عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ﴾ [الأعراف: ١٥٦].
339
فتحت قبل المفتوحة والمكسورة (١).
فإن قيل: إن ما ذكرته من التغيير للهمزة المفتوحة والمكسورة إنما جاز في المتصل نحو (يقرأ) و (يبرأ) و (الضَّئين) و (الضَّئِي) (٢)، وما فعله أبو عمرو من فتح (الياء) مع المفتوحة والمكسورة منفصل.
قيل: شبه (٣) المنفصل بالمتصل. وقد ذكرنا أشياء من هذا في الحجة لمن خفف: (وهو ولهو) (٤).
ومن قال: إنه فتح (الياء) مع الهمزة، لتتبين (٥) (الياء) معها، لأنها خفية، كما بينوا (النون) مع حرف الحلق، وأخفوها مع غيرها، فإن هذه العلة لا تستقيم (٦)، لأنه (٧) يلزمه تحريك (الياء) مع الهمزة المضمومة لأن [النون تُبَيَّن مع الهمزة المضمومة كما تُبَيَّن مع المفتوحة والمكسورة، وأيضا
فإن قيل: إن ما ذكرته من التغيير للهمزة المفتوحة والمكسورة إنما جاز في المتصل نحو (يقرأ) و (يبرأ) و (الضَّئين) و (الضَّئِي) (٢)، وما فعله أبو عمرو من فتح (الياء) مع المفتوحة والمكسورة منفصل.
قيل: شبه (٣) المنفصل بالمتصل. وقد ذكرنا أشياء من هذا في الحجة لمن خفف: (وهو ولهو) (٤).
ومن قال: إنه فتح (الياء) مع الهمزة، لتتبين (٥) (الياء) معها، لأنها خفية، كما بينوا (النون) مع حرف الحلق، وأخفوها مع غيرها، فإن هذه العلة لا تستقيم (٦)، لأنه (٧) يلزمه تحريك (الياء) مع الهمزة المضمومة لأن [النون تُبَيَّن مع الهمزة المضمومة كما تُبَيَّن مع المفتوحة والمكسورة، وأيضا
(١) (الواو) ساقطة من (ب).
(٢) (الضئي) كذا وردت في (أ، ج) وكذا في "الحجة" ١/ ٤١٨، وفي (ب): (الضبي) ولم أعرف المراد به، والمعروف (ضأي): دق جسمه. انظر "تهذيب اللغة" (ضأي) ٣/ ٢٠٨٣، "اللسان" (ضأي) ٤/ ٢٥٤٢، "القاموس": ص١٣٠٤. ولعل المراد (الصئي) كما سبق أن مثل بها مع (الضئين).
(٣) في (أ)، (ج): (نشبه) وفي "الحجة": (يشبه) ١/ ٤١٨، وأثبت ما في (ب)، لأنه أولى بالسياق.
(٤) في (أ)، (ج): (وهو وهو) وأثبت ما فىِ (ب). وعبارة أبي علي في (الحجة): (قد ذكرنا منها أشياء في هذا "الكتاب" ١/ ٤١٨، وقد سبق هذا في: ٢/ ٣٠٦ - ٣٠٩.
(٥) في (أ)، (ج): (ليتبين) وما في (ب) أولى، وموافق لما في "الحجة" ١/ ٤١٨.
(٦) في (أ) (يستقيم). وعبارة أبي علي في (الحجة): (فإنا لا نرى أن أبا عمرو اعتبر هذا الذى سلكه هذا القائل، ولو كان كذلك لحرك (الياء)... إلخ) ١/ ٤١٨.
(٧) في (ب): (لا يلزمه).
(٢) (الضئي) كذا وردت في (أ، ج) وكذا في "الحجة" ١/ ٤١٨، وفي (ب): (الضبي) ولم أعرف المراد به، والمعروف (ضأي): دق جسمه. انظر "تهذيب اللغة" (ضأي) ٣/ ٢٠٨٣، "اللسان" (ضأي) ٤/ ٢٥٤٢، "القاموس": ص١٣٠٤. ولعل المراد (الصئي) كما سبق أن مثل بها مع (الضئين).
(٣) في (أ)، (ج): (نشبه) وفي "الحجة": (يشبه) ١/ ٤١٨، وأثبت ما في (ب)، لأنه أولى بالسياق.
(٤) في (أ)، (ج): (وهو وهو) وأثبت ما فىِ (ب). وعبارة أبي علي في (الحجة): (قد ذكرنا منها أشياء في هذا "الكتاب" ١/ ٤١٨، وقد سبق هذا في: ٢/ ٣٠٦ - ٣٠٩.
(٥) في (أ)، (ج): (ليتبين) وما في (ب) أولى، وموافق لما في "الحجة" ١/ ٤١٨.
(٦) في (أ) (يستقيم). وعبارة أبي علي في (الحجة): (فإنا لا نرى أن أبا عمرو اعتبر هذا الذى سلكه هذا القائل، ولو كان كذلك لحرك (الياء)... إلخ) ١/ ٤١٨.
(٧) في (ب): (لا يلزمه).
340
فإن] (١) النون تُبيَّن (٢) مع سائر حروف الحلق [، ولسنا نعلم أبا عمرو يفتح (الياء) مع سائر حروف الحلق.] (٣)
فإن قلت: فإن الهمزة قد تفتح (٤) لها ما قبلها وإن كانت مضمومة، نحو: (يقرأ) في موضع الرفع، فهلا فتح (الياء) في ﴿عَذَابِي أُصِيبُ﴾ [الأعراف: ١٥٦].
قلنا: الضمة إذا كانت للإعراب (٥) لم يكن في حكم الضمة عندهم، ألا ترى أنهم قد (٦) قالوا: نَمِرٌ وكَتِفٌ، ونحو ذلك في الرفع، ورفضوا الضمة مع الكسرة في كلامهم (٧) فلم يجئ فيه (فُعِل) (٨).
٣١ - وقوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ الآية. قال ابن عباس والحسن وقتادة: لما قال الله عز وجل للملائكة: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ قالوا فيما بينهم: ليخلق ربنا ما شاء، فلن يخلق خلقًا أفضل ولا أكرم عليه منا، وإن كان خيرًا منا فنحن أعلم منه، لأنا خلقنا قبله ورأينا ما لم يره،
فإن قلت: فإن الهمزة قد تفتح (٤) لها ما قبلها وإن كانت مضمومة، نحو: (يقرأ) في موضع الرفع، فهلا فتح (الياء) في ﴿عَذَابِي أُصِيبُ﴾ [الأعراف: ١٥٦].
قلنا: الضمة إذا كانت للإعراب (٥) لم يكن في حكم الضمة عندهم، ألا ترى أنهم قد (٦) قالوا: نَمِرٌ وكَتِفٌ، ونحو ذلك في الرفع، ورفضوا الضمة مع الكسرة في كلامهم (٧) فلم يجئ فيه (فُعِل) (٨).
٣١ - وقوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ الآية. قال ابن عباس والحسن وقتادة: لما قال الله عز وجل للملائكة: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ قالوا فيما بينهم: ليخلق ربنا ما شاء، فلن يخلق خلقًا أفضل ولا أكرم عليه منا، وإن كان خيرًا منا فنحن أعلم منه، لأنا خلقنا قبله ورأينا ما لم يره،
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) في (أ)، (ج): (يتبين) وما في (ب) موافق للحجة.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). وبهذا ينتهي الجزء الأول من "الحجة"، وقوله: (فإن قلت..) أول الجزء الثاني.
(٤) في (ب): (يفتح).
(٥) في (أ)، (ج): (الإعراب) وما في (ب) هو الصحيح وموافق للحجة ٢/ ٥.
(٦) (ق) ساقطة من (ب).
(٧) إذا لم تكن الضمة للإعراب، أما الضمة في (نمر وكتف) فهي للإعراب، فلم يمنعوا مجيء الكسرة قبلها.
(٨) هذا آخر ما نقله الواحدي عن كتاب "الحجة" لابن علي الفارسي في حجة أبي عمرو في فتح (ياء المتكلم) إذا لقيت همزة مفتوحة أو مكسورة، وتسكينها إذا لقيت همزة مضمومة. انظر: "الحجة" ١/ ٤١٧، ٢/ ٥.
(٢) في (أ)، (ج): (يتبين) وما في (ب) موافق للحجة.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). وبهذا ينتهي الجزء الأول من "الحجة"، وقوله: (فإن قلت..) أول الجزء الثاني.
(٤) في (ب): (يفتح).
(٥) في (أ)، (ج): (الإعراب) وما في (ب) هو الصحيح وموافق للحجة ٢/ ٥.
(٦) (ق) ساقطة من (ب).
(٧) إذا لم تكن الضمة للإعراب، أما الضمة في (نمر وكتف) فهي للإعراب، فلم يمنعوا مجيء الكسرة قبلها.
(٨) هذا آخر ما نقله الواحدي عن كتاب "الحجة" لابن علي الفارسي في حجة أبي عمرو في فتح (ياء المتكلم) إذا لقيت همزة مفتوحة أو مكسورة، وتسكينها إذا لقيت همزة مضمومة. انظر: "الحجة" ١/ ٤١٧، ٢/ ٥.
341
فلما أعجبوا بعلمهم، فضل الله عز وجل آدم عليهم بالعلم فعلمه الأسماء كلها (١).
ووجه تعليمه آدم: أن خلق في قلبه علماً بالأسماء على سبيل الابتداء، وألهمه (٢) العلم بها (٣).
وأما (آدم) فقال ابن عباس: إنما سمي آدم، لأنه خلق من أديم الأرض (٤).
ومثل هذا قال أهل اللغة فيما حكا الزجاج عنهم، قال: يقول أهل اللغة في آدم: إن اشتقاقه من أديم الأرض، لأنه خلق من تراب، وأديم
ووجه تعليمه آدم: أن خلق في قلبه علماً بالأسماء على سبيل الابتداء، وألهمه (٢) العلم بها (٣).
وأما (آدم) فقال ابن عباس: إنما سمي آدم، لأنه خلق من أديم الأرض (٤).
ومثل هذا قال أهل اللغة فيما حكا الزجاج عنهم، قال: يقول أهل اللغة في آدم: إن اشتقاقه من أديم الأرض، لأنه خلق من تراب، وأديم
(١) ذكره الثعلبي، وقال: وهذا معنى قول ابن عباس والحسن وقتادة، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦١ ب. وأخرج الطبري في "تفسيره" نحوه عن قتادة والحسن ١/ ٢٥٦. وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" عن قتادة والحسن نحوه ١/ ٧٧. وانظر ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٧٦، "الدر" ١/ ١٠١.
(٢) في (ب): (بالقاء).
(٣) (التعبير بـ (خلق) يوحي بما يذهب إليه الأشاعرة من القول بأزلية الصفات، ونفي ما يتعلق منها بمشيئة الله، ونفي أن الله متصف بالصفات الفعلية فيتكلم إذا شاء متى شاء، ويعلم عباده متى شاء. والله سبحانه أخبر أنه علم آدم الأسماء، فما المخول لتأويل ذلك بالخلق أو بالإلهام، قال ابن عطية. تعليم آدم عند قوم إلهام علمه ضرورة. وقال قوم: تعليم بقول، إما بواسطة ملك، أو بتكليم قبل هبوطه...) "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٣٣. قال أبو حيان -بعد أن ذكر الأقوال في هذا-: (أظهرها أن الباري تعالى هو المعلم لا بواسطة ولا إلهام) "البحر" ١/ ١٤٥. وهذا هو الموافق لنص الآية.
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" قال شاكر: إسناده صحيح ١/ ٤٨٠ (ط. شاكر)، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" بسند صحيح، كذا قال المحقق ١/ ٢٩٧، وذكره السيوطي في "الدر"، وعزاه إلى الفريابي، وابن سعد، وابن جرير وابن حاتم، والحاكم، والبيهقي في "الأسماء والصفات". انظر: "الدر" ١/ ١٠٠.
(٢) في (ب): (بالقاء).
(٣) (التعبير بـ (خلق) يوحي بما يذهب إليه الأشاعرة من القول بأزلية الصفات، ونفي ما يتعلق منها بمشيئة الله، ونفي أن الله متصف بالصفات الفعلية فيتكلم إذا شاء متى شاء، ويعلم عباده متى شاء. والله سبحانه أخبر أنه علم آدم الأسماء، فما المخول لتأويل ذلك بالخلق أو بالإلهام، قال ابن عطية. تعليم آدم عند قوم إلهام علمه ضرورة. وقال قوم: تعليم بقول، إما بواسطة ملك، أو بتكليم قبل هبوطه...) "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٣٣. قال أبو حيان -بعد أن ذكر الأقوال في هذا-: (أظهرها أن الباري تعالى هو المعلم لا بواسطة ولا إلهام) "البحر" ١/ ١٤٥. وهذا هو الموافق لنص الآية.
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" قال شاكر: إسناده صحيح ١/ ٤٨٠ (ط. شاكر)، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" بسند صحيح، كذا قال المحقق ١/ ٢٩٧، وذكره السيوطي في "الدر"، وعزاه إلى الفريابي، وابن سعد، وابن جرير وابن حاتم، والحاكم، والبيهقي في "الأسماء والصفات". انظر: "الدر" ١/ ١٠٠.
342
الأرض: وجهها (١) [قال الليث: أديم كل شيء ظاهر جلده، وأدمة الأرض وجهها] (٢) والأُدمة لون مشبه بلون التراب (٣).
أبو عبيد عن الفراء قال: الأُدمة في الناس شُرْبة من سواد، وفي الإبل والظباء بياض، يقال: ظبية (٤) أدماء، ولم أسمع (٥) أحدا يقول للذكر من الظباء: آدم، ولو قيل، كان قياسا (٦). وقال ذو الرمة:
وقال الأعشى في الناقة:
أبو عبيد عن الفراء قال: الأُدمة في الناس شُرْبة من سواد، وفي الإبل والظباء بياض، يقال: ظبية (٤) أدماء، ولم أسمع (٥) أحدا يقول للذكر من الظباء: آدم، ولو قيل، كان قياسا (٦). وقال ذو الرمة:
| مِنَ المؤْلِفَاتِ الرَّمْلَ أَدْمَاءُ حُرَّةٌ | شُعَاعُ الضُّحَى في مَتْنِهَا يَتَوَضَّحُ (٧) |
| فَقُلْتُ لَهُ هذه هَاتِهَا | بِأَدْمَاءَ في حَبْلِ مُقْتَادِهَا (٨) |
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٠، وانظر "تهذيب اللغة" (أدم) ١/ ١٣٤.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) ونحوه قال الزجاج، انظر "تهذيب اللغة" (أدم) ١/ ١٣٤، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٠.
(٤) في (ب): (صبية).
(٥) في (ب): (يسمع).
(٦) الكلام في "تهذيب اللغة" منسوب لليث، وكلام أبي عبيد عن الفراء قال: الأدمة: الوسيلة إلى الشيء، يقال: فلان أدمتي إليك أي: وسيلتي. "التهذيب" (أدم) ١/ ١٣٤.
(٧) المُؤْلِفَات: التي اتخذت الرمال إلفا، يتوضح: يبرق، والبيت في وصف الظباء. ورد في "الكامل" ٢/ ٣٠٣. "تهذيب اللغة" (أدم) ١/ ١٣٤، "مقاييس اللغة" (ألف) ١/ ١٣١، "اللسان" (أدم) ١/ ٤٦، "ديوان ذي الرمة" ٢/ ١١٩٧.
(٨) قاله يخاطب خمارًا، يقول: هات الخمر بناقة برمتها، والأدماء: الناقة صادقة البياض سوداء الأشفار. ورد البيت في "التهذيب" (رم) ٢/ ١٤٧٤، "مقاييس اللغة" (رم) ٢/ ٣٧٩، "اللسان" (رمم) ٣/ ١٧٣٦، "ديوان الأعشى": ص ٥٨، وفيه (فقلنا) بدل (فقلت).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) ونحوه قال الزجاج، انظر "تهذيب اللغة" (أدم) ١/ ١٣٤، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٠.
(٤) في (ب): (صبية).
(٥) في (ب): (يسمع).
(٦) الكلام في "تهذيب اللغة" منسوب لليث، وكلام أبي عبيد عن الفراء قال: الأدمة: الوسيلة إلى الشيء، يقال: فلان أدمتي إليك أي: وسيلتي. "التهذيب" (أدم) ١/ ١٣٤.
(٧) المُؤْلِفَات: التي اتخذت الرمال إلفا، يتوضح: يبرق، والبيت في وصف الظباء. ورد في "الكامل" ٢/ ٣٠٣. "تهذيب اللغة" (أدم) ١/ ١٣٤، "مقاييس اللغة" (ألف) ١/ ١٣١، "اللسان" (أدم) ١/ ٤٦، "ديوان ذي الرمة" ٢/ ١١٩٧.
(٨) قاله يخاطب خمارًا، يقول: هات الخمر بناقة برمتها، والأدماء: الناقة صادقة البياض سوداء الأشفار. ورد البيت في "التهذيب" (رم) ٢/ ١٤٧٤، "مقاييس اللغة" (رم) ٢/ ٣٧٩، "اللسان" (رمم) ٣/ ١٧٣٦، "ديوان الأعشى": ص ٥٨، وفيه (فقلنا) بدل (فقلت).
343
وقال النضر بن شميل: سمي آدم، لأنه كان أبيض اللون (١).
واختلف في هذه الأسماء التي علمها الله آدم، فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك: علمه اسم كل شيء حتى القصعة والمغرفة (٢).
وظاهر اللفظ يدل على هذا، وعلى أنه علمه جميع اللغات، لأنه قال: الأسماء كلها، فيما وقع عليه الاسم بأي لغة كان داخل تحت هذا الإطلاق (٣)، على أنه قد قال جماعة من أهل التأويل: إن الله تعالى علم آدم
واختلف في هذه الأسماء التي علمها الله آدم، فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك: علمه اسم كل شيء حتى القصعة والمغرفة (٢).
وظاهر اللفظ يدل على هذا، وعلى أنه علمه جميع اللغات، لأنه قال: الأسماء كلها، فيما وقع عليه الاسم بأي لغة كان داخل تحت هذا الإطلاق (٣)، على أنه قد قال جماعة من أهل التأويل: إن الله تعالى علم آدم
(١) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٣ أ، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٤٠، "زاد المسير" ١/ ٦٢، والراجح: أن آدم مشتق من (أديم الأرض) كما هو قول ابن عباس، وقول أئمة اللغة كما سبق. انظر: "الطبري" ١/ ٢١٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٠، "تهذيب اللغة" ١/ ١٣٤، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢٤٠.
(٢) انظر أقوالهم في "تفسير الطبري" ١/ ٢١٥ - ٢١٧، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٨٠، والثعلبي ١/ ٦٢ أ، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٣٤، "تفسير ابن كثير" ١/ ٧٨.
(٣) وهذا ما رجحه ابن كثير حيث قال: (والصحيح أنه علمه أسماء الأشياء كلها ذواتها وصفاتها وأفعالها كما قال ابن عباس: حتى الفسوة والفسية، يعني أسماء الذوات والأفعال المكبر والمصغر..) واستدل ابن كثير على هذا بالحديث الذي أخرجه البخاري وفيه: "فيأتون آدم فيقولون له: أنت أبو الناس، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء.. " "تفسير ابن كثير" ١/ ٧٨. أما ابن جرير "الطبري" فرجح أن المراد: أسماء ذريته وأسماء الملائكة دون أساء سائر أجناس الخلق، واستدل على هذا بقوله تعالى: ﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ﴾ وبأن العرب لا تكاد تكني بالهاء والميم إلا عن أسماء بني آدم والملائكة، أما إذا كنت عن أسماء البهائم وسائر الخلق سوى من ذكر فإنها تكنى عنها بالهاء والألف، أو بالهاء والنون فتقول: (عرضهن) أو (عرضها)، انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢١٦. وقد رد ابن كثير هذا الاحتجاج وقال: ليس بلازم، فإنه لا ينفي أن يدخل معهم غيرهم ويعبر عن الجميع بصيغة من يعقل للتغليب. ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٧٨، وانظر "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٨ - ١٠٩، "البيان" ١/ ٧٢، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢٤١ - ٢٤٢.
(٢) انظر أقوالهم في "تفسير الطبري" ١/ ٢١٥ - ٢١٧، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٨٠، والثعلبي ١/ ٦٢ أ، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٣٤، "تفسير ابن كثير" ١/ ٧٨.
(٣) وهذا ما رجحه ابن كثير حيث قال: (والصحيح أنه علمه أسماء الأشياء كلها ذواتها وصفاتها وأفعالها كما قال ابن عباس: حتى الفسوة والفسية، يعني أسماء الذوات والأفعال المكبر والمصغر..) واستدل ابن كثير على هذا بالحديث الذي أخرجه البخاري وفيه: "فيأتون آدم فيقولون له: أنت أبو الناس، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء.. " "تفسير ابن كثير" ١/ ٧٨. أما ابن جرير "الطبري" فرجح أن المراد: أسماء ذريته وأسماء الملائكة دون أساء سائر أجناس الخلق، واستدل على هذا بقوله تعالى: ﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ﴾ وبأن العرب لا تكاد تكني بالهاء والميم إلا عن أسماء بني آدم والملائكة، أما إذا كنت عن أسماء البهائم وسائر الخلق سوى من ذكر فإنها تكنى عنها بالهاء والألف، أو بالهاء والنون فتقول: (عرضهن) أو (عرضها)، انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢١٦. وقد رد ابن كثير هذا الاحتجاج وقال: ليس بلازم، فإنه لا ينفي أن يدخل معهم غيرهم ويعبر عن الجميع بصيغة من يعقل للتغليب. ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٧٨، وانظر "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٨ - ١٠٩، "البيان" ١/ ٧٢، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢٤١ - ٢٤٢.
344
جميع اللغات، ثم إن أولاده تكلم كل واحد منهم بلغة [أخرى، فلما تفرقوا في البلاد اختص كل فرقة منهم بلغة] (١)، فاللغات كلها إنما سمعت من آدم وأخذت عنه (٢).
وقال الزجاجي في قوله: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾: الأسماء (٣) على كثرتها عشرة أقسام (٤)، فمنها: أسماء الأشخاص التي نسميها الأعيان نحو: الشجر والجبل والأرض والمدر.
ومنها: أسماء المعاني، وهي (٥) أسماء الحوادث، ويسميها (٦)
وقال الزجاجي في قوله: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾: الأسماء (٣) على كثرتها عشرة أقسام (٤)، فمنها: أسماء الأشخاص التي نسميها الأعيان نحو: الشجر والجبل والأرض والمدر.
ومنها: أسماء المعاني، وهي (٥) أسماء الحوادث، ويسميها (٦)
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). حول هذا المعنى انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٣٤ - ٢٣٥، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٨٠، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣، "البحر" ١/ ١٤٥.
(٢) هذا على قول من يرى أن أصل اللغة وحي لا اصطلاح، وقد أطال ابن جني في كتاب "الخصائص" بحث هذِه المسألة، ورجح أنها (وحي)، "الخصائص" ١/ ٤٠ - ٤٧.
(٣) (الأسماء) ساقط من (ب).
(٤) لم أجد هذا الكلام بهذا النص فيما اطلعت عليه من كتب الزجاجي، وهذا التقسيم اجتهادي، وللزجاجي تقسيم للأسماء غير هذا، قال في كتاب (اشتقاق أسماء الله)، (.... فالأسماء تنقسم أولا قسمين معرفة ونكرة... هذا أول انقسام الأسماء، ثم تتنوع بعد ذلك فتصير ستين نوعا...) ثم دخل في تفصيل هذِه التقسيمات، وقال في موضع آخر (... وقد ذكرنا أنواع الأسماء الستين في شرح كتاب الجمل مفسرة...) قال المحقق: لم يرد كتاب شرح الجمل ضمن كتب الزجاجي المعروفة، ولعل المراد به (الجمل الكبرى)، انظر: "شرح أسماء الله": ص ٢٦٧ - ٢٧٤. وذكر الثعلبي في "تفسيره" أن أقسام الاسم ثمانية ثم ذكرها، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٣ أ.
(٥) في (ب): (وهو).
(٦) في (أ) و (ج): (وتسميتها).
(٢) هذا على قول من يرى أن أصل اللغة وحي لا اصطلاح، وقد أطال ابن جني في كتاب "الخصائص" بحث هذِه المسألة، ورجح أنها (وحي)، "الخصائص" ١/ ٤٠ - ٤٧.
(٣) (الأسماء) ساقط من (ب).
(٤) لم أجد هذا الكلام بهذا النص فيما اطلعت عليه من كتب الزجاجي، وهذا التقسيم اجتهادي، وللزجاجي تقسيم للأسماء غير هذا، قال في كتاب (اشتقاق أسماء الله)، (.... فالأسماء تنقسم أولا قسمين معرفة ونكرة... هذا أول انقسام الأسماء، ثم تتنوع بعد ذلك فتصير ستين نوعا...) ثم دخل في تفصيل هذِه التقسيمات، وقال في موضع آخر (... وقد ذكرنا أنواع الأسماء الستين في شرح كتاب الجمل مفسرة...) قال المحقق: لم يرد كتاب شرح الجمل ضمن كتب الزجاجي المعروفة، ولعل المراد به (الجمل الكبرى)، انظر: "شرح أسماء الله": ص ٢٦٧ - ٢٧٤. وذكر الثعلبي في "تفسيره" أن أقسام الاسم ثمانية ثم ذكرها، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٣ أ.
(٥) في (ب): (وهو).
(٦) في (أ) و (ج): (وتسميتها).
345
النحويون المصادر، لأن الأفعال تصدر عنها، وذلك نحو: الضرب والقتل.
ومنها: أسماء الألقاب، نحو: زيد وعمرو فيمن يعقل، وفيما لا يعقل نحو: يحموم وسكاب وداحس (١)، أسماء أفراس الأعراب، أجريت عليها لقبا لا لمعنى، وهذا القسم (٢) غير الأول الذي هو من أسماء الأشخاص لأن أسماء الأشخاص لا يخلو من أن تكون جارية على مسمياتها لمعنى، لولا ذلك ما أجريت عليها، وزيد لم يسم زيدا لمعنى فيه (٣)، لأنه كان يجوز أن يسمى (٤) بكرا وخالدا.
ومنها: أسماء الأزمنة، كاليوم والليلة، والساعة وغد، وأمس.
ومنها: أسماء الأمكنة، وهي الجهات الست، نحو: قدام وخلف وفوق وتحت ويمنة ويسرة.
ومنها: أسماء الفاعلين نحو: الضارب والقاتل والآكل والشارب.
ومنها: أسماء المفعولين نحو: المضروب والمقتول.
ومنها: أسماء الحلي والشيات نحو: الأحمر والأصفر والأعرج والأحدب وما يجري مجراها.
ومنها: أسماء المكاني (٥) والمضمرات نحو: أنا ونحن (٦)، وأنت،
ومنها: أسماء الألقاب، نحو: زيد وعمرو فيمن يعقل، وفيما لا يعقل نحو: يحموم وسكاب وداحس (١)، أسماء أفراس الأعراب، أجريت عليها لقبا لا لمعنى، وهذا القسم (٢) غير الأول الذي هو من أسماء الأشخاص لأن أسماء الأشخاص لا يخلو من أن تكون جارية على مسمياتها لمعنى، لولا ذلك ما أجريت عليها، وزيد لم يسم زيدا لمعنى فيه (٣)، لأنه كان يجوز أن يسمى (٤) بكرا وخالدا.
ومنها: أسماء الأزمنة، كاليوم والليلة، والساعة وغد، وأمس.
ومنها: أسماء الأمكنة، وهي الجهات الست، نحو: قدام وخلف وفوق وتحت ويمنة ويسرة.
ومنها: أسماء الفاعلين نحو: الضارب والقاتل والآكل والشارب.
ومنها: أسماء المفعولين نحو: المضروب والمقتول.
ومنها: أسماء الحلي والشيات نحو: الأحمر والأصفر والأعرج والأحدب وما يجري مجراها.
ومنها: أسماء المكاني (٥) والمضمرات نحو: أنا ونحن (٦)، وأنت،
(١) في (ب): (وداحسن).
(٢) في (ب): (الأسمر).
(٣) (فيه) ساقط من (ب).
(٤) (أن يسمى) ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (العاني).
(٦) (نحن) ساقطة من (ب).
(٢) في (ب): (الأسمر).
(٣) (فيه) ساقط من (ب).
(٤) (أن يسمى) ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (العاني).
(٦) (نحن) ساقطة من (ب).
346
وهو وهي وهم (١) وهن، وهذا وذاك وأولئك وهؤلاء.
والقسم العاشر خاص للعرب وهو أسماء الأفعال نحو قولهم: (صه) هو اسم موضوع لقولك (٢): (اسكت)، و (هيهات) لقولك: (٣) (ما أبعد)، و (مهلا) موضوع لقولك: (أمهل) وهذا الجنس قليل.
وكل هذه الأسماء، [قصد واضع اللغة فيها إلى أن يجريها على مسمياتها لمعان يتضمنها، إلا (٤) أسماء] (٥) الألقاب نحو: زيد وعمرو، فإن قولنا: (زيد) وإن كان مأخوذا من الزيادة فليس بحاو على مسماه لهذا المعنى، وليس فيه إلا تعريف شخص من شخص.
ولما صدقت العناية ببعض الأسماء دون بعض، أدرك معاني بعضها وموضوعه وحقيقته ومجازه وأصله وفرعه، وما لم يصدق (٦) العناية به أو قل التصرف فيه صار كالجامد الذي لا يعرف له أصل، ولا يخلو من أن يكون له معنى صحيح، لذلك المعنى ما سمي (٧) به، وإن لم يدركه الناس.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ﴾. يقال (٨): عرضت المتاع
والقسم العاشر خاص للعرب وهو أسماء الأفعال نحو قولهم: (صه) هو اسم موضوع لقولك (٢): (اسكت)، و (هيهات) لقولك: (٣) (ما أبعد)، و (مهلا) موضوع لقولك: (أمهل) وهذا الجنس قليل.
وكل هذه الأسماء، [قصد واضع اللغة فيها إلى أن يجريها على مسمياتها لمعان يتضمنها، إلا (٤) أسماء] (٥) الألقاب نحو: زيد وعمرو، فإن قولنا: (زيد) وإن كان مأخوذا من الزيادة فليس بحاو على مسماه لهذا المعنى، وليس فيه إلا تعريف شخص من شخص.
ولما صدقت العناية ببعض الأسماء دون بعض، أدرك معاني بعضها وموضوعه وحقيقته ومجازه وأصله وفرعه، وما لم يصدق (٦) العناية به أو قل التصرف فيه صار كالجامد الذي لا يعرف له أصل، ولا يخلو من أن يكون له معنى صحيح، لذلك المعنى ما سمي (٧) به، وإن لم يدركه الناس.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ﴾. يقال (٨): عرضت المتاع
(١) (هم) ساقطة من (ب).
(٢) في (ب): (كقولك سلت).
(٣) في (ب): (موضوع كقولك).
(٤) في (أ): (الأسماء).
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) في (ب): (تصدق).
(٧) العبارة فيها غموض، ولعل فيها سقط أو زيادة، ولو حذفنا (ما) لاستقام المعنى.
(٨) في (ب): (فقال).
(٢) في (ب): (كقولك سلت).
(٣) في (ب): (موضوع كقولك).
(٤) في (أ): (الأسماء).
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) في (ب): (تصدق).
(٧) العبارة فيها غموض، ولعل فيها سقط أو زيادة، ولو حذفنا (ما) لاستقام المعنى.
(٨) في (ب): (فقال).
347
على البيع عرضا، وكذلك عرض الجند والكتاب. ومعنى العرض في اللغة: الإظهار، ومنه عرض الجارية وعرض الجند (١).
الليث: ويقال: أعرض الشيء أي: بدا وظهر، وأنشد:
إِذَا أَعْرَضَت (٢) دَاوِيَّةٌ (٣) مُدْلَهِمَّةٌ (٤)
أي بدت (٥).
وقال الفراء في قوله تعالى: ﴿وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (١٠٠)﴾ [الكهف: ١٠٠]، أي أبرزناها حتى رأوها. قالوا (٦): ولو جعلت الفعل لها زدت ألفا، فقلت: أعرضت، أي (٧): استبانت وظهرت (٨). فجاء من هذا
الليث: ويقال: أعرض الشيء أي: بدا وظهر، وأنشد:
إِذَا أَعْرَضَت (٢) دَاوِيَّةٌ (٣) مُدْلَهِمَّةٌ (٤)
أي بدت (٥).
وقال الفراء في قوله تعالى: ﴿وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (١٠٠)﴾ [الكهف: ١٠٠]، أي أبرزناها حتى رأوها. قالوا (٦): ولو جعلت الفعل لها زدت ألفا، فقلت: أعرضت، أي (٧): استبانت وظهرت (٨). فجاء من هذا
(١) انظر: "تهذيب اللغة" (عرض) ١/ ٢٣٩٦، ٢٣٩٨، ٢٤٠٢، "الصحاح" (عرض) ٣/ ١٠٨٢.
(٢) في (ب)، (ج) (عرضت).
(٣) في (ب): (دويه).
(٤) تمامه.
وغَرَّدَ حَادِيَها فَرَيْنَ بِهَا فِلْقَا
نسبه في "الصحاح" إلى (سويد بن كرُاع العكلي)، قال: و (كرع) اسم أمه، واسم أبيه عمير و (الداوية): الفلاة الواسعة، والفلق: بالكسر الداهية والأمر العجب، ورد في "تهذيب اللغة" (عرض) ١/ ٢٣٩٨، "الصحاح" (فلق) ٤/ ١٥٤٤، "اللسان" (غرد) ٦/ ٣٢٣٢، و (عرض) ٥/ ٢٨٨٦.
(٥) الكلام في "تهذيب اللغة" منسوب لشمر وليس لليث. "التهذيب" (عرض) ١/ ٢٣٩٨، وفي "اللسان" (عرض) ٥/ ٢٨٨٦، غير منسوب.
(٦) كذا في جميع النسخ (قالوا) والصحيح (قال) كما في "تهذيب اللغة" ١/ ٢٣٩٨.
(٧) في (ب): (على أي).
(٨) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٦٠، و"تهذيب للغة" (عرض) ١/ ٢٣٩٨، والعبارة نقلها الواحدي عن (التهذيب)، انظر "الصحاح" (عرض) ٣/ ١٠٨٤.
(٢) في (ب)، (ج) (عرضت).
(٣) في (ب): (دويه).
(٤) تمامه.
وغَرَّدَ حَادِيَها فَرَيْنَ بِهَا فِلْقَا
نسبه في "الصحاح" إلى (سويد بن كرُاع العكلي)، قال: و (كرع) اسم أمه، واسم أبيه عمير و (الداوية): الفلاة الواسعة، والفلق: بالكسر الداهية والأمر العجب، ورد في "تهذيب اللغة" (عرض) ١/ ٢٣٩٨، "الصحاح" (فلق) ٤/ ١٥٤٤، "اللسان" (غرد) ٦/ ٣٢٣٢، و (عرض) ٥/ ٢٨٨٦.
(٥) الكلام في "تهذيب اللغة" منسوب لشمر وليس لليث. "التهذيب" (عرض) ١/ ٢٣٩٨، وفي "اللسان" (عرض) ٥/ ٢٨٨٦، غير منسوب.
(٦) كذا في جميع النسخ (قالوا) والصحيح (قال) كما في "تهذيب اللغة" ١/ ٢٣٩٨.
(٧) في (ب): (على أي).
(٨) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٦٠، و"تهذيب للغة" (عرض) ١/ ٢٣٩٨، والعبارة نقلها الواحدي عن (التهذيب)، انظر "الصحاح" (عرض) ٣/ ١٠٨٤.
348
أنه يقال: عرضت الشيء فأعرض، أي أظهرته فظهر، وأعرض بوجهه أي أزاله عن جهة الظهور، وعرض بالشيء، حرفه من جهة الظهور (١).
فإن قيل: فلم قال: ﴿عَرَضَهُمْ﴾ فجمع الكناية وهي عائدة على (٢) الأسماء؟
فالجواب ما قال مقاتل: وهو أن الله تعالى خلق كل شيء، الحيوان والجماد ثم علم آدم أسماءها، ثم عرض تلك الشخوص الموجودات على الملائكة (٣). وكنى عن الشخوص والمسميات [بقوله: ﴿هُمْ﴾ لأن فيها ما يعقل من الجن والإنس والملائكة، فالعرض يعود إلى المسميات] (٤) لا إلى الأسماء (٥).
وقال ابن زيد: علمه أسماء ذريته (٦)، وعلى هذا العرض يعود إلى الذرية.
فإن قيل: فلم قال: ﴿عَرَضَهُمْ﴾ فجمع الكناية وهي عائدة على (٢) الأسماء؟
فالجواب ما قال مقاتل: وهو أن الله تعالى خلق كل شيء، الحيوان والجماد ثم علم آدم أسماءها، ثم عرض تلك الشخوص الموجودات على الملائكة (٣). وكنى عن الشخوص والمسميات [بقوله: ﴿هُمْ﴾ لأن فيها ما يعقل من الجن والإنس والملائكة، فالعرض يعود إلى المسميات] (٤) لا إلى الأسماء (٥).
وقال ابن زيد: علمه أسماء ذريته (٦)، وعلى هذا العرض يعود إلى الذرية.
(١) انظر: "الصحاح" (عرض) ٣/ ١٠٨٢ - ١٠٨٤، "معجم مقاييس اللغة" (عرض) ٤/ ٢٧٢.
(٢) في (ب): (إلى)
(٣) ذكر قول مقاتل الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٢ أ.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) ذكر نحوه الزجاج في "المعاني" ١/ ٧٨، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٢١٦ - ٢١٧، وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٧٨. وقد قيل: إن الضمير (هم) يعود على الأسماء لا على المسميات. انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٣٥ - ٢٣٦، "القرطبي" ١/ ٢٤١.
(٦) ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٢١٦، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٢ أ، وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٧٨، والسيوطي في "الدر" ١/ ١٠١، والشوكاني في "فتح القدير" ١/ ١٠٣.
(٢) في (ب): (إلى)
(٣) ذكر قول مقاتل الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٢ أ.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) ذكر نحوه الزجاج في "المعاني" ١/ ٧٨، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٢١٦ - ٢١٧، وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٧٨. وقد قيل: إن الضمير (هم) يعود على الأسماء لا على المسميات. انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٣٥ - ٢٣٦، "القرطبي" ١/ ٢٤١.
(٦) ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٢١٦، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٢ أ، وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٧٨، والسيوطي في "الدر" ١/ ١٠١، والشوكاني في "فتح القدير" ١/ ١٠٣.
349
وقوله تعالى: ﴿فَقَالَ أَنْبِئُونِي﴾. أمر تعجيز (١)، كقوله: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾ [البقرة: ٢٣] أراد الله تعالى أن يبين عجزهم (٢)، وذلك أن الملائكة أخبروا عن شيء لم يخلق لهم العلم به، وقالوا شيئاً بظن (٣) منهم وحسبان، فخلق سبحانه لآدم (٤) العلم بالأسماء (٥) دونهم تفضيلاً له، ثم استخبرهم عن ذلك، أراد كيف تدعون علم ما لم يكن بعد، وأنتم لا تعلمون ما ترون وتعاينون (٦).
وقوله تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. أي: إن صدقتم أن الخليفة الذي أجعله في الأرض يفسد فيها ويسفك الدماء قاله ابن عباس، [وناس من الصحابة] (٧).
وقوله تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. أي: إن صدقتم أن الخليفة الذي أجعله في الأرض يفسد فيها ويسفك الدماء قاله ابن عباس، [وناس من الصحابة] (٧).
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٢ أ، والخازن ١/ ١٠٢، وأكثر المفسرين على أنه للتقرير والتوقيف، كما قال الطبري: إنه مثل عتاب الله لنبيه نوح. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢١٩، "ابن عطية" ١/ ٢٣٦، "القرطبي" ١/ ٢٤٣.
(٢) قال الطبري: (وقد زعم بعض نحويي أهل البصرة أن قوله: ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ لم يكن ذلك لأن الملائكة ادعوا شيئا، إنما أخبر الله عن جهلهم بعلم الغيب... كما يقول الرجل للرجل:
(٣) في (أ): (يظن)، وفي (ب): (نظن) وأثبت ما في (ج)، لأنه أصح.
(٤) في (ج): (العد لادم).
(٥) انظر التعليق السابق على ما ذكر الواحدي في معنى تعليم الله آدم، وأنه بمعنى خلق به العلم بذلك: ص ٣٤٨.
(٦) انظرت "تفسير الطبري" ١/ ٢١٨، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٧٩.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). والرواية عن ابن عباس، وعن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة أخرجها الطبري بسنده، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢١٨، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٢ أ، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٧٩، "الدر" ١/ ١٠١.
(٢) قال الطبري: (وقد زعم بعض نحويي أهل البصرة أن قوله: ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ لم يكن ذلك لأن الملائكة ادعوا شيئا، إنما أخبر الله عن جهلهم بعلم الغيب... كما يقول الرجل للرجل:
| (أنبئني بهذا إذ كنت تعلم) وهو يعلم أنه لا يعلم | ) ثم أخذ يرد عليه. "تفسير الطبري" ١/ ٢١٩. |
(٤) في (ج): (العد لادم).
(٥) انظر التعليق السابق على ما ذكر الواحدي في معنى تعليم الله آدم، وأنه بمعنى خلق به العلم بذلك: ص ٣٤٨.
(٦) انظرت "تفسير الطبري" ١/ ٢١٨، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٧٩.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). والرواية عن ابن عباس، وعن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة أخرجها الطبري بسنده، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢١٨، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٢ أ، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٧٩، "الدر" ١/ ١٠١.
350
وقال الحسن: إن كنتم صادقين أني لا أخلق خلقاً إلا كنتم أعلم وأفضل منه، وكذلك قال قتادة (١).
٣٢ - فقالت الملائكة إقراراً بالعجز واعتذاراً: ﴿سُبْحَانَكَ﴾ (٢). قال ابن عباس: تنزيهاً لك وتعظيماً عن أن يعلم الغيب أحد (٣) سواك (٤). وقيل: تنزيهاً لك عن الاعتراض عليك في حكمك وتدبيرك (٥). وهو منصوب على المصدر عند الخليل والفراء، إذا قلت: (سبحان الله) (٦) فكأنك قلت: سبّحتُ الله تسبيحاً، فجعل السبحان موضع التسبيح، كما تقول: كفرت عن يميني تكفيراً، ثم يجعل الكفران في موضع التكفير فتقول: كفَّرت عن يميني كُفراناً (٧). وقد ينوب الاسم عن المصدر وتقول (٨): كلمته كلاماً، وسلم سلاماً، قال الله تعالى: ﴿وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: ٤٩].
وقال سيبويه: يقال: سبحت الله تسبيحاً وسبحاناً بمعنى واحد،
٣٢ - فقالت الملائكة إقراراً بالعجز واعتذاراً: ﴿سُبْحَانَكَ﴾ (٢). قال ابن عباس: تنزيهاً لك وتعظيماً عن أن يعلم الغيب أحد (٣) سواك (٤). وقيل: تنزيهاً لك عن الاعتراض عليك في حكمك وتدبيرك (٥). وهو منصوب على المصدر عند الخليل والفراء، إذا قلت: (سبحان الله) (٦) فكأنك قلت: سبّحتُ الله تسبيحاً، فجعل السبحان موضع التسبيح، كما تقول: كفرت عن يميني تكفيراً، ثم يجعل الكفران في موضع التكفير فتقول: كفَّرت عن يميني كُفراناً (٧). وقد ينوب الاسم عن المصدر وتقول (٨): كلمته كلاماً، وسلم سلاماً، قال الله تعالى: ﴿وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: ٤٩].
وقال سيبويه: يقال: سبحت الله تسبيحاً وسبحاناً بمعنى واحد،
(١) ذكر قوليهما الطبري في "تفسيره" ١/ ٢١٨، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٢ أ، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٧٩، "الدر" ١/ ١٠١.
(٢) في (ج): (قالوا سبحانك).
(٣) في (ب): (أحدا).
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" من طريق الضحاك عن ابن عباس ١/ ٢٢١، وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه لابن جرير ١/ ١٠١.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٢ أ.
(٦) عبارة الفراء: (سبحانك) منصوب على المصدر، كأنك قلت: سبحت لله تسبيحا..) "الزاهر" ١/ ١٤٥.
(٧) كلام الفراء في "الزاهر" ١/ ١٤٥، وقول الخليل في "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٢ أ، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٠، "البيان" ١/ ٧٢، "الإملاء" ١/ ٢٩.
(٨) في (ج): (ويقوله).
(٢) في (ج): (قالوا سبحانك).
(٣) في (ب): (أحدا).
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" من طريق الضحاك عن ابن عباس ١/ ٢٢١، وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه لابن جرير ١/ ١٠١.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٢ أ.
(٦) عبارة الفراء: (سبحانك) منصوب على المصدر، كأنك قلت: سبحت لله تسبيحا..) "الزاهر" ١/ ١٤٥.
(٧) كلام الفراء في "الزاهر" ١/ ١٤٥، وقول الخليل في "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٢ أ، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٠، "البيان" ١/ ٧٢، "الإملاء" ١/ ٢٩.
(٨) في (ج): (ويقوله).
351
فالمصدر: تسبيح، وسبحان اسم يقوم مقام المصدر. قال: وقال أبو الخطاب الكبير (١): سبحان الله، كقولك: براءةَ الله من السوء، ومنه قول الأعشى:
سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الفَاخِرِ (٢)
أي براءةً منه (٣).
وقال النضر: رأيت في المنام كأن إنساناً فسر لي سبحان الله، قال: أما ترى الفرس يسبح، يريد السرعة، سبحان الله: السرعة إليه (٤). وقد ذكرنا معنى التسبيح عند قوله: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ (٥).
وقوله تعالى: ﴿لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا﴾. قال المفسرون وأهل المعاني: هذا اعتراف (عن) (٦) الملائكة بالعجز عن علم ما لم يعلموه فكأنهم قالوا: لا علم لنا إلا ما علمتنا (٧)، وليس هذا مما علمتنا [في
سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الفَاخِرِ (٢)
أي براءةً منه (٣).
وقال النضر: رأيت في المنام كأن إنساناً فسر لي سبحان الله، قال: أما ترى الفرس يسبح، يريد السرعة، سبحان الله: السرعة إليه (٤). وقد ذكرنا معنى التسبيح عند قوله: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ (٥).
وقوله تعالى: ﴿لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا﴾. قال المفسرون وأهل المعاني: هذا اعتراف (عن) (٦) الملائكة بالعجز عن علم ما لم يعلموه فكأنهم قالوا: لا علم لنا إلا ما علمتنا (٧)، وليس هذا مما علمتنا [في
(١) هو عبد الحميد بن عبد المجيد، أبو الخطاب، الأخفش الكبير النحوي، شيخ سيبويه في النحو، انظر ترجمته في: "طبقات النحويين واللغويين" للزبيدي: ص ٤٠، "إنباه الرواة" ٢/ ١٥٧، "بغية الوعاة" ٢/ ٧٤.
(٢) البيت سبق تخريجه في تفسير قوله تعالى: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ [البقرة: ٣٠]: ٢/ ٣٣٦.
(٣) انظر كلام سيبويه في "الكتاب" ١/ ٣٢٢ - ١/ ٣٢٤، "تهذيب اللغة" (سبح) ٢/ ١٦٠٩، والنص من "التهذيب".
(٤) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (سبح) ٢/ ٢٦١٠.
(٥) سورة البقرة: ٣٠، انظر: ٢/ ٣٣٥ - ٣٣٧.
(٦) (عن) في جميع النسخ ولو كانت (من) كان أولى.
(٧) انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٠، "البحر المحيط" ١/ ١٤٧، "ابن كثير" ١/ ٧٩، " البيضاوي" ١/ ٢١.
(٢) البيت سبق تخريجه في تفسير قوله تعالى: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ [البقرة: ٣٠]: ٢/ ٣٣٦.
(٣) انظر كلام سيبويه في "الكتاب" ١/ ٣٢٢ - ١/ ٣٢٤، "تهذيب اللغة" (سبح) ٢/ ١٦٠٩، والنص من "التهذيب".
(٤) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (سبح) ٢/ ٢٦١٠.
(٥) سورة البقرة: ٣٠، انظر: ٢/ ٣٣٥ - ٣٣٧.
(٦) (عن) في جميع النسخ ولو كانت (من) كان أولى.
(٧) انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٠، "البحر المحيط" ١/ ١٤٧، "ابن كثير" ١/ ٧٩، " البيضاوي" ١/ ٢١.
352
الكلام مختصرًا] (١).
ولو قالوا: (لا علم لنا بهذا) كان جواباً، ولكن لا يكون متضمناً تعظيم الله والاعتراف بأن جميع علمهم من عنده.
وقيل: إنه تلطّف في طلب علم ما لم يعلموه، وتوبة عن قولهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا﴾ من غير علم لهم بذلك، نبههم الله تعالى بعجزهم عن أسماء الموجودات على أن من جهلها فهو أجهل بأحكام الغائبات، وفي هذا التنبيه إشارة إلى نهيهم عن الحكم لأنفسهم بالطاعة، فإنه لا علم لهم بالعواقب، فإن أمر العواقب (٢) مستور، ففيه تنبيه عن (٣) خطئهم في الأمرين جميعا.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ﴾. أي العالم غير المعلم (٤). (الحكيم) (٥) في خلقك الخليقة، ومعنى: (الحكيم) هو المحكم للأشياء (٦) صرف من (مُفْعل) إلى (فَعِيل) كالسميع في قوله:
أَمِنْ رَيْحانَةَ الدَّاعي (٧) السَّمِيعُ (٨)
ولو قالوا: (لا علم لنا بهذا) كان جواباً، ولكن لا يكون متضمناً تعظيم الله والاعتراف بأن جميع علمهم من عنده.
وقيل: إنه تلطّف في طلب علم ما لم يعلموه، وتوبة عن قولهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا﴾ من غير علم لهم بذلك، نبههم الله تعالى بعجزهم عن أسماء الموجودات على أن من جهلها فهو أجهل بأحكام الغائبات، وفي هذا التنبيه إشارة إلى نهيهم عن الحكم لأنفسهم بالطاعة، فإنه لا علم لهم بالعواقب، فإن أمر العواقب (٢) مستور، ففيه تنبيه عن (٣) خطئهم في الأمرين جميعا.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ﴾. أي العالم غير المعلم (٤). (الحكيم) (٥) في خلقك الخليقة، ومعنى: (الحكيم) هو المحكم للأشياء (٦) صرف من (مُفْعل) إلى (فَعِيل) كالسميع في قوله:
أَمِنْ رَيْحانَةَ الدَّاعي (٧) السَّمِيعُ (٨)
(١) قوله: (في الكلام مختصرًا) كذا وردت في النسخ الثلاث، وفيها تصحيف، والعبارة في "الوسيط" (فجاء الكلام مختصرًا) وفي الحاشية: في (ب): (فجاء في الكلام)، "الوسيط" ١/ ٧٩.
(٢) قوله (فإن أمر العواقب) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (على) وهو أولى.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٢١.
(٥) (الحكيم) مكرر في (ب).
(٦) في (ب): (الأشياء).
(٧) في (أ)، (ب) (الراعي) وهذا خلاف المشهور في البيت.
(٨) البيت لعمرو بن معد يكرب، وقد سبق تخريجه عند تفسير قوله تعالى: ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٠]: ٢/ ١٥٤.
(٢) قوله (فإن أمر العواقب) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (على) وهو أولى.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٢١.
(٥) (الحكيم) مكرر في (ب).
(٦) في (ب): (الأشياء).
(٧) في (أ)، (ب) (الراعي) وهذا خلاف المشهور في البيت.
(٨) البيت لعمرو بن معد يكرب، وقد سبق تخريجه عند تفسير قوله تعالى: ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٠]: ٢/ ١٥٤.
353
و (الأليم) بمعنى: المؤلم (١).
قال ابن المظفر (٢): والحُكم: العِلم (٣)، قال الله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾ [مريم: ١٢]. أي: العلم، والحكم: القضاء بالعدل أيضا.
قال النابغة:
فالوصف لله تعالى بأنه (حكيم) يجوز أن يكون بمعنى: محكم كما ذكرنا، ويجوز أن يكون بمعنى: حاكم، كالقدير والقادر، والعليم والعالم، ويكون معناه العالم أو الذي يحكم بالعدل ويقضي به (٥).
قال ابن المظفر (٢): والحُكم: العِلم (٣)، قال الله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾ [مريم: ١٢]. أي: العلم، والحكم: القضاء بالعدل أيضا.
قال النابغة:
| وَاحْكُمْ كَحُكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ إذْ نَظَرَتْ | إِلَى حَمَامٍ سِرَاعٍ وَارِدِ الثَّمَدِ (٤) |
(١) يريد أن (حكيم) بمعنى: محكم مثل (أليم) بمعنى مؤلم كذا قال الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٢ أ. وانظر: "شرح أسماء الله" للزجاج: ص ٥٢، "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي: ص ٦٠.
(٢) هو الليث. انظر كلامه في "تهذيب اللغة" (حكم) ١/ ٨٨٥
(٣) في "تهذيب اللغة": (العلم والفقه).
(٤) البيت للنابغة الذبياني من قصيدة يمدح فيها النعمان، ويعتذر إليه مما بلغه عنه فيما وشي إليه به. وقد ألحقت بالمعلقات السبع لما فيها من الجودة. يقال: احكم، أي: كن حكيمًا في أمرك مصيبًا في الرأي وهذا هو المعنى المشهور في البيت ذكره الأزهري في "التهذيب" عن ابن السكيت، واستشهد الليث به على أن معنى (احكم) من القضاء بالعدل. كحكم فتاة الحي إذ أصابت ووضعت الأمر موضعه حينما نظرت إلى الحمام فاحصتها ولم تخطئ في عددها. ويروى (سراع) و (شراع) بالشين، وهي الواردة للماء. والثمد: الماء القليل، ورد البيت في "التهذيب" (حكم) ١/ ٨٨٥، "الصحاح" (حكم) ٥/ ١٩٠٢، "اللسان" (حكم) ٢/ ٩٥١، "ديوان النابغة" ص ١٤.
(٥) (به) ساقط من (ب). بهذا المعنى أخذ الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٢١، وانظر =
(٢) هو الليث. انظر كلامه في "تهذيب اللغة" (حكم) ١/ ٨٨٥
(٣) في "تهذيب اللغة": (العلم والفقه).
(٤) البيت للنابغة الذبياني من قصيدة يمدح فيها النعمان، ويعتذر إليه مما بلغه عنه فيما وشي إليه به. وقد ألحقت بالمعلقات السبع لما فيها من الجودة. يقال: احكم، أي: كن حكيمًا في أمرك مصيبًا في الرأي وهذا هو المعنى المشهور في البيت ذكره الأزهري في "التهذيب" عن ابن السكيت، واستشهد الليث به على أن معنى (احكم) من القضاء بالعدل. كحكم فتاة الحي إذ أصابت ووضعت الأمر موضعه حينما نظرت إلى الحمام فاحصتها ولم تخطئ في عددها. ويروى (سراع) و (شراع) بالشين، وهي الواردة للماء. والثمد: الماء القليل، ورد البيت في "التهذيب" (حكم) ١/ ٨٨٥، "الصحاح" (حكم) ٥/ ١٩٠٢، "اللسان" (حكم) ٢/ ٩٥١، "ديوان النابغة" ص ١٤.
(٥) (به) ساقط من (ب). بهذا المعنى أخذ الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٢١، وانظر =
354
قال الأصمعي: أصل الحكومة: رَدُّ الرجل عن الظلم، ومنه سُمِّيت حَكَمَةُ اللجام، لأنها تَرَدُّ الدابة، قال (١) ومنه قول لبيد:
والجِنْثِيُّ: السيف، أي: رد السيف عن عورات (٥) الدرع، وهي: فُرَجها، كل حِرْبَاء: وهو المسمار الذي يُسَمَّر به حلقها. هذه رواية الأصمعي (٦).
قال الأزهري: والعرب تقول: حَكَمْتُ وأَحْكَمْتُ وحَكَّمْتُ بمعنى: رَدَدْتُ ومَنَعْتُ، ومن هذا قيل للحاكم: حاكم، لأنه يمنع الظالم من الظلم (٧).
| أَحْكَمَ الجِنْثِيَّ مِنْ عَوْرَاتِهَا (٢) | كُلُّ حِرْبَاءٍ إِذَا أُكْرِهَ (٣) صَلّ (٤) |
قال الأزهري: والعرب تقول: حَكَمْتُ وأَحْكَمْتُ وحَكَّمْتُ بمعنى: رَدَدْتُ ومَنَعْتُ، ومن هذا قيل للحاكم: حاكم، لأنه يمنع الظالم من الظلم (٧).
= "تهذيب اللغة" (حكم) ١/ ٨٨٥، "اشتقاق أسماء الله" ص٦٠.
(١) (قال) ساقط من (ب).
(٢) في (ب): (عوارتها).
(٣) في (ب): (احكم ضل).
(٤) للبيت روايتان: نصب (الجنثي) ورفع (كل) -وهي رواية الأصمعي التي ذكرها الأزهري- فيكون المراد بالجنثي السيف، وأَحْكَمَ بمعنى: منع ورد، فلم يصل السيف، ومنعه الحرباء، والعورات: الفتوق واحدها عورة، والحِرْبَاء: المسمار في حلق (الدرع)، إذا أكره ليدخل في الحلق سمعت له صليلا. والرواية الثانية: رفع (الجنثي) ونصب (كل) فيكون المراد بالجنثي: الحداد أو الزراد، ويكون أحكم من الإحكام للصنعة، كذا خرَّجه ابن قتيبة في "المعاني الكبير" ٢/ ١٠٣٠، وانظر "التهذيب" (حكم) ١/ ٨٨٥، "اللسان" (صلل) ٤/ ٢٤٨٦، و (حكم) ٢/ ٩٥١، "شرح ديوان لبيد": ص ١٩٢.
(٥) في (ب): (عوارت).
(٦) انظر كلام الأصمعي في "التهذيب" (حكم) ١/ ٨٨٥.
(٧) "تهذيب اللغة" (حكم) ١/ ٨٨٥.
(١) (قال) ساقط من (ب).
(٢) في (ب): (عوارتها).
(٣) في (ب): (احكم ضل).
(٤) للبيت روايتان: نصب (الجنثي) ورفع (كل) -وهي رواية الأصمعي التي ذكرها الأزهري- فيكون المراد بالجنثي السيف، وأَحْكَمَ بمعنى: منع ورد، فلم يصل السيف، ومنعه الحرباء، والعورات: الفتوق واحدها عورة، والحِرْبَاء: المسمار في حلق (الدرع)، إذا أكره ليدخل في الحلق سمعت له صليلا. والرواية الثانية: رفع (الجنثي) ونصب (كل) فيكون المراد بالجنثي: الحداد أو الزراد، ويكون أحكم من الإحكام للصنعة، كذا خرَّجه ابن قتيبة في "المعاني الكبير" ٢/ ١٠٣٠، وانظر "التهذيب" (حكم) ١/ ٨٨٥، "اللسان" (صلل) ٤/ ٢٤٨٦، و (حكم) ٢/ ٩٥١، "شرح ديوان لبيد": ص ١٩٢.
(٥) في (ب): (عوارت).
(٦) انظر كلام الأصمعي في "التهذيب" (حكم) ١/ ٨٨٥.
(٧) "تهذيب اللغة" (حكم) ١/ ٨٨٥.
355
وقال جرير:
أَبَنِي حَنِيفَةَ أَحْكِمُوا سُفَهَاءَكُمْ (١)
يقول: امنعوهم من التعرض (٢). وروي عن النخعي أنه قال: حَكِّم اليَتِيم كما تُحَكَم ولدك (٣). قال أبو عبيد: يقول: امنعه من الفساد، قال: وكل من منعته من شيء فقد حَكّمْتَه وأَحْكَمْتَه (٤)، وأنشد بيت جرير (٥). والحِكْمَة: هي العلم الذي يمنع [صاحبه] (٦) من الجهل، والحاكم الذي يمنع من الجور، وكل عمل مُحَكَم (٧) فقد منع من الفساد (٨).
أَبَنِي حَنِيفَةَ أَحْكِمُوا سُفَهَاءَكُمْ (١)
يقول: امنعوهم من التعرض (٢). وروي عن النخعي أنه قال: حَكِّم اليَتِيم كما تُحَكَم ولدك (٣). قال أبو عبيد: يقول: امنعه من الفساد، قال: وكل من منعته من شيء فقد حَكّمْتَه وأَحْكَمْتَه (٤)، وأنشد بيت جرير (٥). والحِكْمَة: هي العلم الذي يمنع [صاحبه] (٦) من الجهل، والحاكم الذي يمنع من الجور، وكل عمل مُحَكَم (٧) فقد منع من الفساد (٨).
(١) تمامه:
إني أخاف عليكم أن أغضبا
ورد البيت في "تهذيب اللغة" (حكم) ١/ ٨٨٥. وفيه (بني حنيفة) "الكامل" ٣/ ٢٦، وفيه (نهنهوا) بدل (أحكموا)، أي أزجروا، "غريب الحديث" لأبي عبيد ٢/ ٤٢١، "الزاهر" ١/ ٥٠٣، "مجمل اللغة" (حكم) ١/ ٢٤٦، "اشتقاق أسماء الله": ص ٦١، "الصحاح" (حكم) ٥/ ١٩٠٢، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٢ ب، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٤٦، "الدر المصون" ١/ ٢٦٨، "الخزانة" ٩/ ٢٣٦.
(٢) "التهذيب" (حكم) ١/ ٨٨٥.
(٣) ذكره أبو عبيد قال: حدثنيه ابن مهدي عن سفيان عن منصور عن إبراهيم. "غريب الحديث" ٢/ ٤٢١، "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٥.
(٤) المراجع السابقة.
(٥) أي: أبني حنيفة.. البيت.
(٦) (صاحبه) ساقط من (ب).
(٧) في (ب): (متحكم).
(٨) انظر: "تهذيب اللغة" (حكم) ١/ ٨٨٥. "الصحاح" (حكم) ٥/ ١٩٠١. "المجمل" (حكم) ١/ ٢٤٦. "اللسان" (حكم) ٢/ ٩٥١.
إني أخاف عليكم أن أغضبا
ورد البيت في "تهذيب اللغة" (حكم) ١/ ٨٨٥. وفيه (بني حنيفة) "الكامل" ٣/ ٢٦، وفيه (نهنهوا) بدل (أحكموا)، أي أزجروا، "غريب الحديث" لأبي عبيد ٢/ ٤٢١، "الزاهر" ١/ ٥٠٣، "مجمل اللغة" (حكم) ١/ ٢٤٦، "اشتقاق أسماء الله": ص ٦١، "الصحاح" (حكم) ٥/ ١٩٠٢، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٢ ب، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٤٦، "الدر المصون" ١/ ٢٦٨، "الخزانة" ٩/ ٢٣٦.
(٢) "التهذيب" (حكم) ١/ ٨٨٥.
(٣) ذكره أبو عبيد قال: حدثنيه ابن مهدي عن سفيان عن منصور عن إبراهيم. "غريب الحديث" ٢/ ٤٢١، "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٥.
(٤) المراجع السابقة.
(٥) أي: أبني حنيفة.. البيت.
(٦) (صاحبه) ساقط من (ب).
(٧) في (ب): (متحكم).
(٨) انظر: "تهذيب اللغة" (حكم) ١/ ٨٨٥. "الصحاح" (حكم) ٥/ ١٩٠١. "المجمل" (حكم) ١/ ٢٤٦. "اللسان" (حكم) ٢/ ٩٥١.
356
٣٣ - قوله تعالى: ﴿قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾. قال المفسرون: لما ظهر عجز الملائكة، قال الله عز وجل: ﴿يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾ فسمى كل شيء باسمه، وألحق كل شيء بجنسه ﴿فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾ أي: أخبرهم بتسمياتهم قال: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ﴾ (١).
وفي الآية اختصار، معناه: فلما أنبأهم بأسمائهم، تحقق عندهم أن الله يعلم من العواقب ما لا يعلمون، فلما علموا ذلك (٢)، قال الله: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ﴾ و (لم) حرف نفي وصل بألف الاستفهام، فصار بمعنى الإيجاب والتقرير (٣)، كقول جرير:
أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ المَطَايَا (٤)
وفيه أيضًا معنى التوبيخ (٥) لهم على ما سلف من خطاهم (٦).
وفي الآية اختصار، معناه: فلما أنبأهم بأسمائهم، تحقق عندهم أن الله يعلم من العواقب ما لا يعلمون، فلما علموا ذلك (٢)، قال الله: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ﴾ و (لم) حرف نفي وصل بألف الاستفهام، فصار بمعنى الإيجاب والتقرير (٣)، كقول جرير:
أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ المَطَايَا (٤)
وفيه أيضًا معنى التوبيخ (٥) لهم على ما سلف من خطاهم (٦).
(١) انظر الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٢١، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٨٠، والخازن "في تفسيره" ١/ ١٠٣، وأبي السعود "في تفسيره" ١/ ٨٦.
(٢) وما ذكره مفهوم من السياق.
(٣) انظر: "الوسيط" للمؤلف ١/ ٨٠، "معاني القرآن" للأخفش١/ ٢١٩، "البحر" ١/ ١٥٠، "الدر المصون" ١/ ٢٧٠، "شرح المفصل" ٨/ ١٢٣، "مغني اللبيب" ١/ ١٧.
(٤) البيت من قصيدة لجرير يمدح عبد الملك بن مروان وعجزه:
وَأَنْدى العَالمِينَ بُطُونَ رَاح
أندى: أكثرهم جوداً، الراح: جمع راحة وهي الكف، ورد البيت في "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢١٩، وفي (الخصائص) ٢/ ٦٤٣، ٣/ ٢٦٩، "المصون في الأدب": ص ٢١، "شرح المفصل" ٨/ ١٢٣، "مغني اللبيب" ١/ ١٧، و"شرح ديوان جرير" ص ٧٤.
(٥) (التوبيخ) ساقط من (ب).
(٦) كذا في جميع النسخ ولعل الصواب (من خطئهم) أو (من أخطائهم). انظر معنى الآية في "تفسير الطبري" ١/ ٢٢١.
(٢) وما ذكره مفهوم من السياق.
(٣) انظر: "الوسيط" للمؤلف ١/ ٨٠، "معاني القرآن" للأخفش١/ ٢١٩، "البحر" ١/ ١٥٠، "الدر المصون" ١/ ٢٧٠، "شرح المفصل" ٨/ ١٢٣، "مغني اللبيب" ١/ ١٧.
(٤) البيت من قصيدة لجرير يمدح عبد الملك بن مروان وعجزه:
وَأَنْدى العَالمِينَ بُطُونَ رَاح
أندى: أكثرهم جوداً، الراح: جمع راحة وهي الكف، ورد البيت في "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢١٩، وفي (الخصائص) ٢/ ٦٤٣، ٣/ ٢٦٩، "المصون في الأدب": ص ٢١، "شرح المفصل" ٨/ ١٢٣، "مغني اللبيب" ١/ ١٧، و"شرح ديوان جرير" ص ٧٤.
(٥) (التوبيخ) ساقط من (ب).
(٦) كذا في جميع النسخ ولعل الصواب (من خطئهم) أو (من أخطائهم). انظر معنى الآية في "تفسير الطبري" ١/ ٢٢١.
357
وقوله تعالى: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. (الغيب) مصدر مضاف إلى المفعول (١) على الاتساع، وحذف حرف الجر، لأنك تقول: غبت في الأرض، وغبت ببلد كذا، فتعديه بحرف الجر، فحذف الحرف وأضيف المصدر إلى المفعول به في المعنى، نحو: ﴿مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ﴾ [فصلت: ٤٩] و ﴿بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ﴾ [ص: ٢٤] وكقولك: (أعجبني منك دخول الدار).
وفيه أيضا مضاف مقدر، والمعنى: إني أعلم ذوي غيب السموات والأرض ما غاب فيها [عنكم، ومثله على هذا التقدير قوله: ﴿وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (٢) أي: له ما غاب فيها] (٣) ملكاً وخلقاً.
ويجوز أن يكون له علم ما غاب (٤) فيها، فيكون المضاف محذوفاً.
وقوله تعالى: ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾. أي: أعلم سرّكم وعلانيتكم، لا يخفى علي شيء من أموركم (٥).
وقال ابن عباس: ما تبدون من قولكم: (أتجعل فيها من يفسد فيها)، (وما كنتم تكتمون) من إضمار إبليس الكفر (٦).
وعلى هذا التأويل قال: (تكتمون) بلفظ الجمع، وإن كان المراد به
وفيه أيضا مضاف مقدر، والمعنى: إني أعلم ذوي غيب السموات والأرض ما غاب فيها [عنكم، ومثله على هذا التقدير قوله: ﴿وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (٢) أي: له ما غاب فيها] (٣) ملكاً وخلقاً.
ويجوز أن يكون له علم ما غاب (٤) فيها، فيكون المضاف محذوفاً.
وقوله تعالى: ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾. أي: أعلم سرّكم وعلانيتكم، لا يخفى علي شيء من أموركم (٥).
وقال ابن عباس: ما تبدون من قولكم: (أتجعل فيها من يفسد فيها)، (وما كنتم تكتمون) من إضمار إبليس الكفر (٦).
وعلى هذا التأويل قال: (تكتمون) بلفظ الجمع، وإن كان المراد به
(١) في (ب): (المفعول به).
(٢) سورة هود: ١٣٢، وسورة النحل: ٧٧.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢١٤.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٢، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٨٠
(٦) أخرجه ابن جرير بسنده من طريق السدي، عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة في "تفسيره" ١/ ٢٢٢، وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨٠، "الدر" ١/ ١٠١.
(٢) سورة هود: ١٣٢، وسورة النحل: ٧٧.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢١٤.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٢، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٨٠
(٦) أخرجه ابن جرير بسنده من طريق السدي، عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة في "تفسيره" ١/ ٢٢٢، وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨٠، "الدر" ١/ ١٠١.
358
إبليس، لأن الخطاب للجماعة، وهو من جملتهم (١).
وقال الحسن وقتادة في قوله: ﴿مَا تُبْدُونَ﴾ كقول ابن عباس، (وما تكتمون) يعني قولهم: لن يخلق (٢) خلقاً أفضل ولا أعلم منا (٣).
وقد يبقى في هذه الآية سؤال لم يجد (٤) أحداً ممن تكلم في تفسير القرآن ولا في معانيه تعرض [له] (٥)، وهو من مهم ما يسأل عنه (٦). وذلك أن يقال: من أين علمت الملائكة لما خبرها (٧) آدم عليه السلام بتلك الأسماء صحة قوله، ومطابقة الأسماء المسميات؟ وهي لم تكن (٨) عالمة بذلك من قبل، إذ لو كانت عالمة لأخبرت بالأسماء، ولم تعترف بفقد العلم. والكلام يقضي أنهم لما أنبأهم آدم بالأسماء، علموا صحتها ومطابقتها للمسميات (٩)، ولولا ذلك لم يكن لقوله (١٠): {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ
وقال الحسن وقتادة في قوله: ﴿مَا تُبْدُونَ﴾ كقول ابن عباس، (وما تكتمون) يعني قولهم: لن يخلق (٢) خلقاً أفضل ولا أعلم منا (٣).
وقد يبقى في هذه الآية سؤال لم يجد (٤) أحداً ممن تكلم في تفسير القرآن ولا في معانيه تعرض [له] (٥)، وهو من مهم ما يسأل عنه (٦). وذلك أن يقال: من أين علمت الملائكة لما خبرها (٧) آدم عليه السلام بتلك الأسماء صحة قوله، ومطابقة الأسماء المسميات؟ وهي لم تكن (٨) عالمة بذلك من قبل، إذ لو كانت عالمة لأخبرت بالأسماء، ولم تعترف بفقد العلم. والكلام يقضي أنهم لما أنبأهم آدم بالأسماء، علموا صحتها ومطابقتها للمسميات (٩)، ولولا ذلك لم يكن لقوله (١٠): {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ
(١) انظر الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٢٢، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٤١.
(٢) في (ب): (لن يخلق الله..).
(٣) ذكره الثعلبي ١/ ٦٢ ب، وأخرجه الطبري عنهما ١/ ٢٢٢، وابن أبي حاتم ١/ ٨٢، وذكره السيوطي في "الدر" ١/ ١٠٢، و"ابن كثير" ١/ ٨٠.
(٤) كذا في جميع النسخ، والمعنى: لم يتعرض أحد لهذا السؤال.
(٥) (له) ساقطة من (ب).
(٦) بل إن في هذا السؤال شيئاً من التكلف، ولا فائدة كبيرة من معرفة جوابه، ولا ينبني عليه حكم، وقد ذكر الرازي هذا السؤال والإجابة عنه بنحو ما ذكر الواحدي هنا فلعله نقل عنه ٢/ ١٧٧.
(٧) في (ب): (حرها).
(٨) في (أ): (يكن) وما في (ب) و (ج) أصح في السياق.
(٩) يمكن أن يعلموا صحتها بمجرد إخبار آدم عليه السلام بالأسماء، وإقرار الله له على ذلك، وعلى هذا فلا داعي لتحمل الإجابة عن هذا السؤال.
(١٠) في (ب): (كقوله).
(٢) في (ب): (لن يخلق الله..).
(٣) ذكره الثعلبي ١/ ٦٢ ب، وأخرجه الطبري عنهما ١/ ٢٢٢، وابن أبي حاتم ١/ ٨٢، وذكره السيوطي في "الدر" ١/ ١٠٢، و"ابن كثير" ١/ ٨٠.
(٤) كذا في جميع النسخ، والمعنى: لم يتعرض أحد لهذا السؤال.
(٥) (له) ساقطة من (ب).
(٦) بل إن في هذا السؤال شيئاً من التكلف، ولا فائدة كبيرة من معرفة جوابه، ولا ينبني عليه حكم، وقد ذكر الرازي هذا السؤال والإجابة عنه بنحو ما ذكر الواحدي هنا فلعله نقل عنه ٢/ ١٧٧.
(٧) في (ب): (حرها).
(٨) في (أ): (يكن) وما في (ب) و (ج) أصح في السياق.
(٩) يمكن أن يعلموا صحتها بمجرد إخبار آدم عليه السلام بالأسماء، وإقرار الله له على ذلك، وعلى هذا فلا داعي لتحمل الإجابة عن هذا السؤال.
(١٠) في (ب): (كقوله).
359
غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} معنى.
والجواب: أنه (١) غير ممتنع أن تكون الملائكة في الأول غير عارفين بتلك الأسماء فلما أنبأهم آدم عليه السلام بها، خلق الله تعالى (٢) لهم في الحال العلم الضروري بصحتها ومطابقتها للمسميات، إما من طريق، أو ابتداء بلا طريق، فعلموا بذلك تمييزه (٣) واختصاصه (٤).
ووجه آخر: وهو أنه لا يمتنع أن تكون للملائكة لغات مختلفة، فكل قبيل منهم يعرف أسماء الأجناس في لغته دون لغة غيرها، فلما أراد الله تعالى التنبيه على فضيلة آدم، علمه (٥) تلك الأسماء، فلما أخبرهم بها علم كل فريق (٦) مطابقة ما أخبر به من الأسماء للغته وعلم مطابقة ذلك لباقي اللغات بخبر كل فريق وإذا أخبر كل قبيل صاحبه علم بذلك من لغة غيره ما علمه من لغته (٧)، وهذا الجواب يقتضي أن يكون معنى قوله: ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ﴾ أي: ليخبرني كل قبيل منكم بجميع الأسماء.
والجواب: أنه (١) غير ممتنع أن تكون الملائكة في الأول غير عارفين بتلك الأسماء فلما أنبأهم آدم عليه السلام بها، خلق الله تعالى (٢) لهم في الحال العلم الضروري بصحتها ومطابقتها للمسميات، إما من طريق، أو ابتداء بلا طريق، فعلموا بذلك تمييزه (٣) واختصاصه (٤).
ووجه آخر: وهو أنه لا يمتنع أن تكون للملائكة لغات مختلفة، فكل قبيل منهم يعرف أسماء الأجناس في لغته دون لغة غيرها، فلما أراد الله تعالى التنبيه على فضيلة آدم، علمه (٥) تلك الأسماء، فلما أخبرهم بها علم كل فريق (٦) مطابقة ما أخبر به من الأسماء للغته وعلم مطابقة ذلك لباقي اللغات بخبر كل فريق وإذا أخبر كل قبيل صاحبه علم بذلك من لغة غيره ما علمه من لغته (٧)، وهذا الجواب يقتضي أن يكون معنى قوله: ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ﴾ أي: ليخبرني كل قبيل منكم بجميع الأسماء.
(١) في (ب): (له).
(٢) انظر التعليق السابق على ما ذكر الواحدي عن معنى تعليم الله آدم، وأنه بمعنى: خلق له العلم بذلك: ٢/ ٣٤٨.
(٣) في (ب): (تميزه) وهو الأصوب.
(٤) قال الرازي: (.. ولا يمتنع أن يقال: إنه تعالى عرفهم قبل أن يسمعوا من آدم عليه السلام تلك الأسماء، ما استدلوا به على صدق آدم).
(٥) في (ب): (علمهم).
(٦) في (أ): (فريق منهم).
(٧) هذا من التكلف الذي لا دليل عليه.
(٢) انظر التعليق السابق على ما ذكر الواحدي عن معنى تعليم الله آدم، وأنه بمعنى: خلق له العلم بذلك: ٢/ ٣٤٨.
(٣) في (ب): (تميزه) وهو الأصوب.
(٤) قال الرازي: (.. ولا يمتنع أن يقال: إنه تعالى عرفهم قبل أن يسمعوا من آدم عليه السلام تلك الأسماء، ما استدلوا به على صدق آدم).
(٥) في (ب): (علمهم).
(٦) في (أ): (فريق منهم).
(٧) هذا من التكلف الذي لا دليل عليه.
360
٣٤ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ الآية. (إذ) في موضع نصب نسقاً على (إذ) (١) التي قبلها (٢).
وقوله: ﴿قُلْنَا﴾ [هو من خطاب الأكابر والعظماء، يقول الواحد منهم: فعلنا وقلنا، لعلمه بأن أتباعه يفعلون] (٣) كفعله، ويجرون على مثل أمره، فأخبر الله تعالى عن نفسه على الجمع، لأنه ملك الملوك، وكل من في السموات والأرض له خلقاً (٤) وملكاً (٥). وعلى هذا خوطب في الجواب في قوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ [المؤمنون: ٩٩] معناه: يا رب ارجعني، فلما أخبر جل اسمه (٦) عن نفسه [بالجمع خوطب بمثل ذلك (٧).
وقوله: ﴿لِلْمَلَائِكَةِ﴾ اختلفوا في] (٨) الملائكة الذين أمروا بالسجود لآدم من هم؟ فقال بعضهم: هم الذين كانوا مع إبليس في الأرض (٩).
وقوله: ﴿قُلْنَا﴾ [هو من خطاب الأكابر والعظماء، يقول الواحد منهم: فعلنا وقلنا، لعلمه بأن أتباعه يفعلون] (٣) كفعله، ويجرون على مثل أمره، فأخبر الله تعالى عن نفسه على الجمع، لأنه ملك الملوك، وكل من في السموات والأرض له خلقاً (٤) وملكاً (٥). وعلى هذا خوطب في الجواب في قوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ [المؤمنون: ٩٩] معناه: يا رب ارجعني، فلما أخبر جل اسمه (٦) عن نفسه [بالجمع خوطب بمثل ذلك (٧).
وقوله: ﴿لِلْمَلَائِكَةِ﴾ اختلفوا في] (٨) الملائكة الذين أمروا بالسجود لآدم من هم؟ فقال بعضهم: هم الذين كانوا مع إبليس في الأرض (٩).
(١) في (ج): (إذا) وهو خطأ.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٠، و"تفسير الطبري" ١/ ٢٢٤، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٣، وقال مكي: منصوب بفعل مقدر (اذكر) مثل (إذ) قلبها. انظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٥.
وقيل: زائدة، قاله أبو عبيدة في "المجاز" ١/ ٣٧، وضعفه أبو حيان. انظر: "البحر" ١/ ١٥٢، "الدر المصون" ١/ ٢٧١.
(٣) ما بين المعقوفين مكرر في (أ).
(٤) في (أ): (خلفاء) وما في (ب)، (ج) أصح.
(٥) انظر: "مجاز القرآن" ١/ ٣٨، والقرطبي ١/ ٢٤٨، (البحر) ١/ ١٥٢.
(٦) (جل اسمه) ساقط من (ب).
(٧) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٢١.
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٩) ورد هذا ضمن الخبر الطويل عن ابن عباس، الذي أخرجه الطبري، وهو ضعيف =
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٠، و"تفسير الطبري" ١/ ٢٢٤، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٣، وقال مكي: منصوب بفعل مقدر (اذكر) مثل (إذ) قلبها. انظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٥.
وقيل: زائدة، قاله أبو عبيدة في "المجاز" ١/ ٣٧، وضعفه أبو حيان. انظر: "البحر" ١/ ١٥٢، "الدر المصون" ١/ ٢٧١.
(٣) ما بين المعقوفين مكرر في (أ).
(٤) في (أ): (خلفاء) وما في (ب)، (ج) أصح.
(٥) انظر: "مجاز القرآن" ١/ ٣٨، والقرطبي ١/ ٢٤٨، (البحر) ١/ ١٥٢.
(٦) (جل اسمه) ساقط من (ب).
(٧) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٢١.
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٩) ورد هذا ضمن الخبر الطويل عن ابن عباس، الذي أخرجه الطبري، وهو ضعيف =
361
وقال بعضهم: هم جميع الملائكة حتى جبريل وميكائيل، لأنه قال: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ [الحجر: ٣٠]، وفي هذا (١) تأكيد للعموم، وتحقيق له (٢).
وقوله: ﴿اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ أصل السجود في اللغة الخضوع والتذلل، وكل من ذل وخضع لما أمر به فقد سجد، ومنه قوله تعالى: ﴿يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ﴾ [النحل: ٤٨] أي: خُضَّعاً مسخرة (٣) لما سخرت له، وسجود كل موات في القرآن، طاعته لما سخر له (٤).
وقال أبو عبيدة: عين ساجدة إذا كانت فاترة، والسُّجَّد من النساء الفاترات الأعين، ونخلة ساجدة إذا مالت لكثرة حملها (٥). ومنه قول الشاعر:
وقوله: ﴿اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ أصل السجود في اللغة الخضوع والتذلل، وكل من ذل وخضع لما أمر به فقد سجد، ومنه قوله تعالى: ﴿يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ﴾ [النحل: ٤٨] أي: خُضَّعاً مسخرة (٣) لما سخرت له، وسجود كل موات في القرآن، طاعته لما سخر له (٤).
وقال أبو عبيدة: عين ساجدة إذا كانت فاترة، والسُّجَّد من النساء الفاترات الأعين، ونخلة ساجدة إذا مالت لكثرة حملها (٥). ومنه قول الشاعر:
= الإسناد، كما ذكر ذلك شاكر في تعليقه، انظر: "الطبري" ١/ ٢٢٤. وذكره ابن أبي حاتم بسنده عن أبي العالية، قال محقق "الكتاب": إسناده ضعيف، والخبر لم أقف عليه، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٨٣، وانظر القرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٤٨، والرازي في "تفسيره" ٢/ ١٣٨، وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨٠.
(١) (هذا) ساقط من (ب).
(٢) وهذا هو الأرجح، انظر: في "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٤، وفي "تفسيرالرازي" ٢/ ٢٣٨، وقد ذكر وجوها كثيرة في ترجيح هذا القول وانظر: "تفسيرالقرطبي" ١/ ٢٤٨، ورجحه ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨٠.
(٣) في "تهذيب اللغة": (مسخرة) ٢/ ١٦٥٠.
(٤) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (سجد) ٢/ ١٦٣٠، وانظر "اللسان" (سجد) ٤/ ١٩٤٠
(٥) قال الأزهري: (روى ابن هاني لأبي عبيدة.. ثم ذكره دون قوله: (والسجد من النساء الفاترات الأعين) "تهذيب اللغة" (سجد) ٢/ ١٦٣٠.
(١) (هذا) ساقط من (ب).
(٢) وهذا هو الأرجح، انظر: في "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٤، وفي "تفسيرالرازي" ٢/ ٢٣٨، وقد ذكر وجوها كثيرة في ترجيح هذا القول وانظر: "تفسيرالقرطبي" ١/ ٢٤٨، ورجحه ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨٠.
(٣) في "تهذيب اللغة": (مسخرة) ٢/ ١٦٥٠.
(٤) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (سجد) ٢/ ١٦٣٠، وانظر "اللسان" (سجد) ٤/ ١٩٤٠
(٥) قال الأزهري: (روى ابن هاني لأبي عبيدة.. ثم ذكره دون قوله: (والسجد من النساء الفاترات الأعين) "تهذيب اللغة" (سجد) ٢/ ١٦٣٠.
362
تَرى الأُكْمَ (١) فِيِه سُجَّداً لِلْحَوَافِرِ (٢)
أي ذليلة خاضعة.
قال الأعشى:
أي يخضع له ويتذلل. وأنشد ابن الأنباري لابن مقبل:
أي ذليلة خاضعة.
قال الأعشى:
| مَنْ يَرَ هَوْذَةَ يَسْجُدْ غَيرَ مُتَّئِبٍ (٣) | إِذَا تَعَمَّمَ (٤) فَوْقَ الرَّأْسِ أَوْ وَضَعَا (٥) |
| ثُمَّ نَوَّمَنْ وَنِمْنَا سَاعَةً | خُشَّعَ الطَّرْفِ سُجُوداً لِلْخُطَم (٦) |
(١) في (ب): (الالم).
(٢) البيت لزيد الخيل وصدره:
بِجَمْعٍ تَضِلُّ البُلْقُ في حَجَرَاتِه
ويروى: بجيش، البلق: جمع أبلق، وهو الفرس المحجل، الحجرات: الناحية، الأكم: جمع أكمة، وهي تل أشد ارتفاعا مما حوله ودون الجبل. يصف كثرة هذا الجيش وأن الأكم قد خشعت من وقع الحوافر. ورد البيت في الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٦٥، "المعاني الكبير" ٢/ ٨٩٠، و"الأضداد" لابن الأنباري: ص ٢٩٥، و"الزاهر" ١/ ١٤١، "معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن" ٢/ ٥٤٢، و"تأويل مشكل القرآن": ص ٤١٧، و"الصحاح" (سجد) ٢/ ٤٨٣، و"اللسان" ٤/ ١٩٤٠، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٤٨، والبيضاوي في "تفسيره" ١/ ٢١، "البحر المحيط" ١/ ٥١، "الدر المصون" ١/ ٢٧٤.
(٣) في (ب): (منيب).
(٤) في (أ)، (ج): (تعم) وما في (ب) هو الصحيح، ومثله ورد في "المخصص" ١٣/ ١٠٧.
(٥) البيت من قصيدة طويلة للأعشى يمدح (هوذة بن علي الحنفي) ويروى البيت (من يلق) بدل (من ير) و (تعصب فوق التاج) بدل (تعمم فوق الرأس). وقوله: (غير متئب): أي لا يستحي أن يسجد لطلعته المهيبة وفد تعمم فوق الرأس، أو وضع الإكليل. ورد البيت في ديوان الأعشى: ص ١٠٨، "المخصص" ١٣/ ١٠٧.
(٦) قوله: (نوَّمن) أي الإبل نومت. الخطم: جمع خطام، وهو الحبل الذي يقاد به =
(٢) البيت لزيد الخيل وصدره:
بِجَمْعٍ تَضِلُّ البُلْقُ في حَجَرَاتِه
ويروى: بجيش، البلق: جمع أبلق، وهو الفرس المحجل، الحجرات: الناحية، الأكم: جمع أكمة، وهي تل أشد ارتفاعا مما حوله ودون الجبل. يصف كثرة هذا الجيش وأن الأكم قد خشعت من وقع الحوافر. ورد البيت في الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٦٥، "المعاني الكبير" ٢/ ٨٩٠، و"الأضداد" لابن الأنباري: ص ٢٩٥، و"الزاهر" ١/ ١٤١، "معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن" ٢/ ٥٤٢، و"تأويل مشكل القرآن": ص ٤١٧، و"الصحاح" (سجد) ٢/ ٤٨٣، و"اللسان" ٤/ ١٩٤٠، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٤٨، والبيضاوي في "تفسيره" ١/ ٢١، "البحر المحيط" ١/ ٥١، "الدر المصون" ١/ ٢٧٤.
(٣) في (ب): (منيب).
(٤) في (أ)، (ج): (تعم) وما في (ب) هو الصحيح، ومثله ورد في "المخصص" ١٣/ ١٠٧.
(٥) البيت من قصيدة طويلة للأعشى يمدح (هوذة بن علي الحنفي) ويروى البيت (من يلق) بدل (من ير) و (تعصب فوق التاج) بدل (تعمم فوق الرأس). وقوله: (غير متئب): أي لا يستحي أن يسجد لطلعته المهيبة وفد تعمم فوق الرأس، أو وضع الإكليل. ورد البيت في ديوان الأعشى: ص ١٠٨، "المخصص" ١٣/ ١٠٧.
(٦) قوله: (نوَّمن) أي الإبل نومت. الخطم: جمع خطام، وهو الحبل الذي يقاد به =
363
يعني الإبل، فسجودها خضوعها. ويقال -أيضا-: (أسجد) بهذا (١) المعنى: أي طأطأ رأسه وانحنى (٢).
هذا أصل السجود في اللغة، ثم قيل لكل من وضع جبهته على الأرض: سجد، لأنه غاية الخضوع (٣).
وإذا ابتدأت بقوله: ﴿اسْجُدُوا﴾ ضممت الألف (٤)، والألف (٥) لا حظ لها من الإعراب، وإنما أدخلت ليتوصل بها إلى النطق بالساكن، فكان حظها الكسر، لأن (٦) بعدها ساكنا، ولكنها ضمت لاستثقال الضمة بعد الكسرة، وليس في كلامهم مثل (فِعُل)، ولا مثل (إفْعُل) (٧).
واختلفوا في كيفية سجود الملائكة لآدم فقال جماعة: كان سجود الملائكة لآدم على جهة التكريم، فكان ذلك تكريماً لآدم وطاعةً لله
هذا أصل السجود في اللغة، ثم قيل لكل من وضع جبهته على الأرض: سجد، لأنه غاية الخضوع (٣).
وإذا ابتدأت بقوله: ﴿اسْجُدُوا﴾ ضممت الألف (٤)، والألف (٥) لا حظ لها من الإعراب، وإنما أدخلت ليتوصل بها إلى النطق بالساكن، فكان حظها الكسر، لأن (٦) بعدها ساكنا، ولكنها ضمت لاستثقال الضمة بعد الكسرة، وليس في كلامهم مثل (فِعُل)، ولا مثل (إفْعُل) (٧).
واختلفوا في كيفية سجود الملائكة لآدم فقال جماعة: كان سجود الملائكة لآدم على جهة التكريم، فكان ذلك تكريماً لآدم وطاعةً لله
= البعير. ورد البيت في (ذيل ديوان ابن مقبل) مع القصائد المنسوبة له، وليست في "الديوان": ص٤٠٣. وورد في "أساس البلاغة" (نوّم): ٢/ ٤٨٣.
(١) في (ب): (بها).
(٢) في "تهذيب اللغة": أبو عبيد عن أبي عمرو: أسجد الرجل إذا طأطأ رأسه وانحنى. "تهذيب اللغة" (سجد) ٢/ ١٦٣٠، وانظر: "مقاييس اللغة" (سجد) ٣/ ١٣٣.
(٣) "تهذيب اللغة" (سجد) ٢/ ١٦٣٠، "الصحاح" (سجد) ٢/ ٤٨٣، "اللسان" (سجد) ٤/ ١٩٤٠.
(٤) إذا ابتدأت بهمزة الوصل أخذت حركة الحرف الثالث، انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨١.
(٥) (والألف) ساقط من (ج).
(٦) في (ج): (لان ما بعدها).
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨١، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٣.
(١) في (ب): (بها).
(٢) في "تهذيب اللغة": أبو عبيد عن أبي عمرو: أسجد الرجل إذا طأطأ رأسه وانحنى. "تهذيب اللغة" (سجد) ٢/ ١٦٣٠، وانظر: "مقاييس اللغة" (سجد) ٣/ ١٣٣.
(٣) "تهذيب اللغة" (سجد) ٢/ ١٦٣٠، "الصحاح" (سجد) ٢/ ٤٨٣، "اللسان" (سجد) ٤/ ١٩٤٠.
(٤) إذا ابتدأت بهمزة الوصل أخذت حركة الحرف الثالث، انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨١.
(٥) (والألف) ساقط من (ج).
(٦) في (ج): (لان ما بعدها).
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨١، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٣.
364
سبحانه، ولم يكن عبادة لآدم (١).
وحكى (٢) ابن الأنباري عن الفراء وجماعة من الأئمة أن سجود الملائكة لآدم كان تحية ولم يكن عبادة، وكان ذلك سجود تعظيم وتسليم وتحية، لا سجود صلاة وعبادة، وكان ذلك تحية الناس وتعظيم بعضهم بعضا (٣)، ولم يكن وضع الوجه على الأرض، إنما كان الانحناء والتكفير (٤)، فلما جاء الإسلام أبطل ذلك بالسلام (٥).
وقيل: كان سجود على الحقيقة (٦)، جعل آدم قبلة لهم، والسجود لله
وحكى (٢) ابن الأنباري عن الفراء وجماعة من الأئمة أن سجود الملائكة لآدم كان تحية ولم يكن عبادة، وكان ذلك سجود تعظيم وتسليم وتحية، لا سجود صلاة وعبادة، وكان ذلك تحية الناس وتعظيم بعضهم بعضا (٣)، ولم يكن وضع الوجه على الأرض، إنما كان الانحناء والتكفير (٤)، فلما جاء الإسلام أبطل ذلك بالسلام (٥).
وقيل: كان سجود على الحقيقة (٦)، جعل آدم قبلة لهم، والسجود لله
(١) هذا قول جمهور المفسرين، قالوا: إنه سجود حقيقي ولكنه ليس سجود عبادة، فالتكريم لآدم، والعبادة والطاعة لله. ذكره الطبري في "تفسيره"، وروى في ذلك أثرا عن قتادة، ولم يذكر غير هذا القول. انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٩، وذكره ابن كثير في "تفسيره" ورجحه، ضعف ما عداه ١/ ٨١، وكذا الرازي في "تفسيره" ١/ ٢١٢، وانظر "زاد المسير" ١/ ٦٤، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٤٨.
(٢) (الواو) ساقطة من (ج).
(٣) قوله (وكان ذلك تحية الناس...) هل كان قبل آدم ناس؟ أم هو تجاوز في العبارة؟
(٤) التكفير: هو أن يضع الرجل يده أو يديه على صدره وطأطأ برأسه، وهو كالتحية عند أهل "الكتاب"، انظر: "اللسان" (كفر) ٧/ ٣٨٩٧.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره"، ولم يعزه ١/ ٦٣ أ. وذكره الرازي في "تفسيره" وضعفه، وقال: (السجود لاشك أنه في عرف الشرع عبارة عن وضع الجبهة على الأرض، فوجب أن يكون في أصل اللغة كذلك، لأن الأصل عدم التغيير، فإن قيل: السجود عبادة، والعبادة لغير الله لا تجوز، قلنا: لا نسلم أنه عبادة وبيانه أن الفعل قد يصير بالمواضعة مفيدا كالقول...). "تفسير الرازي" ٢/ ٢١٣، وضعفه ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨٣، وانظر القرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٥٠، و"زاد المسير" ١/ ٦٤.
(٦) في (ب): (بالحقيقة).
(٢) (الواو) ساقطة من (ج).
(٣) قوله (وكان ذلك تحية الناس...) هل كان قبل آدم ناس؟ أم هو تجاوز في العبارة؟
(٤) التكفير: هو أن يضع الرجل يده أو يديه على صدره وطأطأ برأسه، وهو كالتحية عند أهل "الكتاب"، انظر: "اللسان" (كفر) ٧/ ٣٨٩٧.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره"، ولم يعزه ١/ ٦٣ أ. وذكره الرازي في "تفسيره" وضعفه، وقال: (السجود لاشك أنه في عرف الشرع عبارة عن وضع الجبهة على الأرض، فوجب أن يكون في أصل اللغة كذلك، لأن الأصل عدم التغيير، فإن قيل: السجود عبادة، والعبادة لغير الله لا تجوز، قلنا: لا نسلم أنه عبادة وبيانه أن الفعل قد يصير بالمواضعة مفيدا كالقول...). "تفسير الرازي" ٢/ ٢١٣، وضعفه ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨٣، وانظر القرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٥٠، و"زاد المسير" ١/ ٦٤.
(٦) في (ب): (بالحقيقة).
365
عز وجل (١)، إلا أن هذا ضعيف، لأنه لو كان، لقيل: اسجدوا إلى آدم.
وقال أبي بن كعب: معناه: أقروا لآدم أنه خير وأكرم عليّ منكم، واخضعوا له وكونوا تحت أمره (٢)، وهذا المعنى موافق لأصل اللغة.
وقوله: ﴿لِآدَمَ﴾ حقه الكسر، إلا أنه لا يجري (٣) ما كان من هذا الباب نحو: الأحمر (٤) والأصفر في معرفة ولا نكرة، لاجتماع علتين فيه في حال نكرته، وهو وزن الفعل، وكونه صفة، فإن سميت به لم تصرفه في حال المعرفة أيضا للتعريف، ووزن الفعل، فإن نكرته لم تنصرف (٥) -أيضا - عند سيبويه (٦)، [وانصرف عند الأخفش (٧).
وحجة سيبويه] (٨) أنه قبل أن يسمى به اسم وإن كان صفة، فقد كان في حال (٩) التنكير قبل التسمية به [غير منصرف، فإذا سميت به فحكم الصفة لم يرتفع عنه، ويصير التسمية به] (١٠) كالعارية، فإذا نكِّر عاد إلى
وقال أبي بن كعب: معناه: أقروا لآدم أنه خير وأكرم عليّ منكم، واخضعوا له وكونوا تحت أمره (٢)، وهذا المعنى موافق لأصل اللغة.
وقوله: ﴿لِآدَمَ﴾ حقه الكسر، إلا أنه لا يجري (٣) ما كان من هذا الباب نحو: الأحمر (٤) والأصفر في معرفة ولا نكرة، لاجتماع علتين فيه في حال نكرته، وهو وزن الفعل، وكونه صفة، فإن سميت به لم تصرفه في حال المعرفة أيضا للتعريف، ووزن الفعل، فإن نكرته لم تنصرف (٥) -أيضا - عند سيبويه (٦)، [وانصرف عند الأخفش (٧).
وحجة سيبويه] (٨) أنه قبل أن يسمى به اسم وإن كان صفة، فقد كان في حال (٩) التنكير قبل التسمية به [غير منصرف، فإذا سميت به فحكم الصفة لم يرتفع عنه، ويصير التسمية به] (١٠) كالعارية، فإذا نكِّر عاد إلى
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٣ أ. والرازي وضعفه في "تفسيره" ٢/ ٢١٢، ٢١٣. وابن كثير وضعفه كذلك ١/ ٨٣. و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٥٠.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٩ أ.
(٣) أي: يمنع من الصرف.
(٤) أى وزن (أفعل).
(٥) (تنصرف) كذا في (أ، ج)، وفي (ب): (بدون إعجام)، والأولى (ينصرف).
(٦) انظر "الكتاب" ٣/ ١٩٣، ١٩٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨١، وانظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٨.
(٧) انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨١، و"الكتاب" ٣/ ١٩٨ (الهامش)، "المقتضب" ٣/ ٣١٢، ٣٧٧، وقد نصر المبرد رأي الأخفش ورجحه.
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٩) في (ب): (كل).
(١٠) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٩ أ.
(٣) أي: يمنع من الصرف.
(٤) أى وزن (أفعل).
(٥) (تنصرف) كذا في (أ، ج)، وفي (ب): (بدون إعجام)، والأولى (ينصرف).
(٦) انظر "الكتاب" ٣/ ١٩٣، ١٩٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨١، وانظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٨.
(٧) انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨١، و"الكتاب" ٣/ ١٩٨ (الهامش)، "المقتضب" ٣/ ٣١٢، ٣٧٧، وقد نصر المبرد رأي الأخفش ورجحه.
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٩) في (ب): (كل).
(١٠) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
366
موضع قد (١) كان فيه لا ينصرف (٢).
والدليل على صحة ذلك، إجماع النحويين على قولهم: مررت بنسوة أربع، فيصرفون (أربعا)، لأنه اسم استعمل وصفا، ولو راعوا فيه حكم الصفة لم ينصرف في هذه الحال، لأنه على وزن الفعل وهو صفة، فلما نفوا حكم الاسم فيه وإن استعملوه صفة، كذلك أحمر وبابه وإن استعمل اسما (٣)، فحكم الصفة باق فيه، لأنه صفة لا اسم.
وأما الأخفش فإنه يقول: إذا سمي به زال حكم الصفة فلا ينصرف في المعرفة للتعريف ووزن الفعل، فإذا نكرته بقيت علة واحدة، وهو وزن الفعل فينصرف (٤). وهذا فاسد، لأن حكم الصفة مراعى، وإن سمي به كما أن حكم الاسم مراعى في (أربع) وإن وصف به (٥).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ﴾. قال أكثر أهل اللغة والتفسير: سمي إبليس بهذا الاسم، لأنه أبلس من رحمة الله تعالى أي أيس، والمبلس المكتئب الحزين الآيس (٦)، وفي القرآن ﴿فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: ٤٤].
قال يونس وأبو عبيدة: يقال للذي يسكت عند انقطاع حجته، ولا يكون عنده جواب: قد أبلس (٧).
والدليل على صحة ذلك، إجماع النحويين على قولهم: مررت بنسوة أربع، فيصرفون (أربعا)، لأنه اسم استعمل وصفا، ولو راعوا فيه حكم الصفة لم ينصرف في هذه الحال، لأنه على وزن الفعل وهو صفة، فلما نفوا حكم الاسم فيه وإن استعملوه صفة، كذلك أحمر وبابه وإن استعمل اسما (٣)، فحكم الصفة باق فيه، لأنه صفة لا اسم.
وأما الأخفش فإنه يقول: إذا سمي به زال حكم الصفة فلا ينصرف في المعرفة للتعريف ووزن الفعل، فإذا نكرته بقيت علة واحدة، وهو وزن الفعل فينصرف (٤). وهذا فاسد، لأن حكم الصفة مراعى، وإن سمي به كما أن حكم الاسم مراعى في (أربع) وإن وصف به (٥).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ﴾. قال أكثر أهل اللغة والتفسير: سمي إبليس بهذا الاسم، لأنه أبلس من رحمة الله تعالى أي أيس، والمبلس المكتئب الحزين الآيس (٦)، وفي القرآن ﴿فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: ٤٤].
قال يونس وأبو عبيدة: يقال للذي يسكت عند انقطاع حجته، ولا يكون عنده جواب: قد أبلس (٧).
(١) (قد) ساقطة من (ب).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨١
(٣) انظر: "المقتضب" ٣/ ٣١٢، "الكتاب" ٣/ ١٩٤.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨١، "المقتضب" ٣/ ٣١٢.
(٥) انظر رد المبرد على ذلك في المسائل التي رد بها المبرد على سيبويه كما نقله عضيمة في هامش "المقتضب" ٣/ ٣١٢.
(٦) "تهذيب اللغة" (بلس) ١/ ٣٨٤، و"تفسير الطبري" ١/ ٢٢٤.
(٧) "تهذيب اللغة" (بلس) ١/ ٣٨٤.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨١
(٣) انظر: "المقتضب" ٣/ ٣١٢، "الكتاب" ٣/ ١٩٤.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨١، "المقتضب" ٣/ ٣١٢.
(٥) انظر رد المبرد على ذلك في المسائل التي رد بها المبرد على سيبويه كما نقله عضيمة في هامش "المقتضب" ٣/ ٣١٢.
(٦) "تهذيب اللغة" (بلس) ١/ ٣٨٤، و"تفسير الطبري" ١/ ٢٢٤.
(٧) "تهذيب اللغة" (بلس) ١/ ٣٨٤.
367
قال العجاج (١):
يَا صَاحِ هَلْ تَعْرِفُ رسْماً مُكْرَسَا
قَالَ نَعَمْ أَعْرِفُهُ وأبلسا (٢)
أي: لم يحر إليَّ جواباً لكآبته.
فقيل: إن إبليس سمي بهذا الاسم، لأنه لما أويس من رحمة الله أبلس يأسا (٣). ومثل هذا الوزن من العربية (الإجْفِيل) اسم للظليم (٤)، يقال: أجفل الظليم فهو مجفل وإجفيل (٥)، وكذلك الإغريض (٦) والإضريج (٧)، في أشباه لهذا (٨).
يَا صَاحِ هَلْ تَعْرِفُ رسْماً مُكْرَسَا
قَالَ نَعَمْ أَعْرِفُهُ وأبلسا (٢)
أي: لم يحر إليَّ جواباً لكآبته.
فقيل: إن إبليس سمي بهذا الاسم، لأنه لما أويس من رحمة الله أبلس يأسا (٣). ومثل هذا الوزن من العربية (الإجْفِيل) اسم للظليم (٤)، يقال: أجفل الظليم فهو مجفل وإجفيل (٥)، وكذلك الإغريض (٦) والإضريج (٧)، في أشباه لهذا (٨).
(١) هو الراجز المشهور عبد الله بن رؤبة، لقي أبا هريرة وسمع منه أحاديث. انظر "الشعر والشعراء" ص ٣٩٢، "طبقات فحول الشعراء" للجمحي ٢/ ٧٥٣.
(٢) المكرس: الذي صار فيه الكرس. وهو أبوال الإبل وأبعارها يتلبد بعضها على بعض في الدار، أبلسا: أي سكت لكآبته. ورد الرجز في "ديوان العجاج". ص ١٣٢، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٣٥، و"مجاز القرآن" ١/ ١٩٢، و"الزينة" ٢/ ١٩٢، والطبري في "تفسيره" ١/ ٢٢٤، و"الكامل" ٢/ ١٩١، و"تهذيب اللغة" (بلس) ١/ ٣٨٤، و"الصحاح" ٣/ ٩٠٩، و"مقاييس اللغة" ٥/ ١٦٩، و"اللسان" ١/ ٣٤٣، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٤.
(٣) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ٣٨٤، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٤، "غريب القرآن" لابن قتيبة: ١/ ٣٧، و"زاد المسير" ١/ ٦٥.
(٤) الظليم: الذكر من النعام، "القاموس" (ظلم): ص ١٤٦٤.
(٥) "تهديب اللغة" (جفل) ١/ ٦٢٢.
(٦) الإغريض: الطلع، ويقال لكل أبيض طري، انظر: "الصحاح" (غرض) ٣/ ١٠٩٤.
(٧) (الإضريج) بالجيم: صبغ أحمر، ونوع من الأكسية، ومن الخيل الجواد. انظر: "تهذيب اللغة" (ضرج) ٣/ ٢١٠٦، "الصحاح" ١/ ٣٢٦، "اللسان" ٥/ ٢٥٧٠.
(٨) انظر: "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٣٠، "الدر المصون" ١/ ٢٧٦.
(٢) المكرس: الذي صار فيه الكرس. وهو أبوال الإبل وأبعارها يتلبد بعضها على بعض في الدار، أبلسا: أي سكت لكآبته. ورد الرجز في "ديوان العجاج". ص ١٣٢، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٣٥، و"مجاز القرآن" ١/ ١٩٢، و"الزينة" ٢/ ١٩٢، والطبري في "تفسيره" ١/ ٢٢٤، و"الكامل" ٢/ ١٩١، و"تهذيب اللغة" (بلس) ١/ ٣٨٤، و"الصحاح" ٣/ ٩٠٩، و"مقاييس اللغة" ٥/ ١٦٩، و"اللسان" ١/ ٣٤٣، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٤.
(٣) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ٣٨٤، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٤، "غريب القرآن" لابن قتيبة: ١/ ٣٧، و"زاد المسير" ١/ ٦٥.
(٤) الظليم: الذكر من النعام، "القاموس" (ظلم): ص ١٤٦٤.
(٥) "تهديب اللغة" (جفل) ١/ ٦٢٢.
(٦) الإغريض: الطلع، ويقال لكل أبيض طري، انظر: "الصحاح" (غرض) ٣/ ١٠٩٤.
(٧) (الإضريج) بالجيم: صبغ أحمر، ونوع من الأكسية، ومن الخيل الجواد. انظر: "تهذيب اللغة" (ضرج) ٣/ ٢١٠٦، "الصحاح" ١/ ٣٢٦، "اللسان" ٥/ ٢٥٧٠.
(٨) انظر: "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٣٠، "الدر المصون" ١/ ٢٧٦.
368
وروى أبو روق (١) عن الضحاك عن ابن عباس قال: إنما سمي إبليس، لأن الله أبلسه من الخير، أي: أيأسه (٢).
وهذا متعد كما ترى، ورواه الليث -أيضا- متعديا فقال: لأنه أُبلِس من رحمة الله أي: أُويس (٣)، فحصل من هذا أنه عربي مشتق، وأن الإبلاس واقع ومطاوع (٤).
قال أبو بكر بن الأنباري: لا يجوز أن يكون مشتقا من (أبلس)، لأنه لو كان كذلك لجرى، [ألا ترى أن (إسحاق) إذا كان عربيا مأخوذا من أسحقه الله إسحاقا يجري، فيقال: قام إسحاق، ورأيت إسحاقاً (٥). فلو كان إبليس من (أَبلس) أو (أُبلس) لجرى] (٦) كما يجرى إكليل وبابه، وترك تنوينه
وهذا متعد كما ترى، ورواه الليث -أيضا- متعديا فقال: لأنه أُبلِس من رحمة الله أي: أُويس (٣)، فحصل من هذا أنه عربي مشتق، وأن الإبلاس واقع ومطاوع (٤).
قال أبو بكر بن الأنباري: لا يجوز أن يكون مشتقا من (أبلس)، لأنه لو كان كذلك لجرى، [ألا ترى أن (إسحاق) إذا كان عربيا مأخوذا من أسحقه الله إسحاقا يجري، فيقال: قام إسحاق، ورأيت إسحاقاً (٥). فلو كان إبليس من (أَبلس) أو (أُبلس) لجرى] (٦) كما يجرى إكليل وبابه، وترك تنوينه
(١) هو عطية بن الحارث الهمداني أبو روق، ورى عن الشعبي والضحاك، قال أبو حاتم: ليس به بأس، وقال ابن معين: صالح، انظر "الجرح والتعديل" ٦/ ٣٨٢، "تهذيب التهذيب" ٣/ ١١٤، "طبقات المفسرين" للداودي ١/ ٣٨٦.
(٢) أخرجه الطبري بسنده، وفيه ضعف، انظر "تفسير الطبري" ١/ ٥٠٩. (مع تحقيق محمود شاكر)، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"، قال المحقق: ضعيف الإسناد ١/ ٢٩٤، وذكره السيوطي في "الدر" ١/ ١٠٢. وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري.
(٣) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (بلس) ١/ ٣٨٤، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٣ ب، وانظر "العين" ٧/ ٢٦٢، ولم أجده منسوبًا لليث.
(٤) (الواو) ساقطة من (ب).
اختلف الذين قالوا: إنه مشتق هل هو مشتق من (أبلس) إذا انقطع ولم تكن له حجة، أو من الإبلاس وهو اليأس، ذكر هذا الرازي في كتاب "الزينة" ١/ ١٩٢، ١٩٣.
(٥) انظر: "المقتضب" ٣/ ٣٢٦.
(٦) مابين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) أخرجه الطبري بسنده، وفيه ضعف، انظر "تفسير الطبري" ١/ ٥٠٩. (مع تحقيق محمود شاكر)، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"، قال المحقق: ضعيف الإسناد ١/ ٢٩٤، وذكره السيوطي في "الدر" ١/ ١٠٢. وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري.
(٣) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (بلس) ١/ ٣٨٤، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٣ ب، وانظر "العين" ٧/ ٢٦٢، ولم أجده منسوبًا لليث.
(٤) (الواو) ساقطة من (ب).
اختلف الذين قالوا: إنه مشتق هل هو مشتق من (أبلس) إذا انقطع ولم تكن له حجة، أو من الإبلاس وهو اليأس، ذكر هذا الرازي في كتاب "الزينة" ١/ ١٩٢، ١٩٣.
(٥) انظر: "المقتضب" ٣/ ٣٢٦.
(٦) مابين المعقوفين ساقط من (ب).
369
في القرآن يدل على أنه أعجمي معرفة، والأعجمي لا يعرف له اشتقاق (١).
وقال محمد بن جرير: إنما منع صرفه وإن (٢) كان عربيًّا استثقالًا، لأنه لما قل نظيره في كلام العرب شبهوه بالأسماء الأعجمية كإسحاق لم يصرف، وهو من أسحقه الله، و (أيوب) من: (آب يؤوب) (٣)، نظيره قيوم، من قام يقوم.
وهذا الذي قال (٤) ابن جرير: يبطل بباب (إفْعِيل) فإنه مصروف كله إلا إبليس (٥).
وأما (٦) أيوب وإسحاق، فمن لم يصرفهما لم (٧) يجعلهما مشتقين (٨).
وقال محمد بن جرير: إنما منع صرفه وإن (٢) كان عربيًّا استثقالًا، لأنه لما قل نظيره في كلام العرب شبهوه بالأسماء الأعجمية كإسحاق لم يصرف، وهو من أسحقه الله، و (أيوب) من: (آب يؤوب) (٣)، نظيره قيوم، من قام يقوم.
وهذا الذي قال (٤) ابن جرير: يبطل بباب (إفْعِيل) فإنه مصروف كله إلا إبليس (٥).
وأما (٦) أيوب وإسحاق، فمن لم يصرفهما لم (٧) يجعلهما مشتقين (٨).
(١) هذا الكلام بمعناه في "الأضداد" لابن الأنباري: ص ٣٣٦، وبنحوه قال أبو عبيدة في "المجاز" ١/ ٣٨، والزجاج في "المعاني" ١/ ٨٢، والثعلبي ١/ ٦٣ ب، وذكر هذا القول مكي في "المشكل" ١/ ٣٧، وابن عطية ١/ ٢٤٦، وابن الأنباري أبو البركات في "البيان" ورجحه ١/ ٧٤، على أن مكيا وغيره ذكروا عن أبي عبيدة أنه قال: إنه مشتق، وهذا خلاف قوله في "المجاز".
وقد أجاب الذين قالوا: إنه مشتق بأنه منع من الصرف لأنه أشبه الأسماء الأعجمية لعدم نظيره في الأسماء العربية كما سيأتي في كلام ابن جرير، انظر: "البحر" ١/ ١٥١، و"الدر المصون" ١/ ٢٧٦.
(٢) في (ب): (فان).
(٣) انتهى كلام ابن جرير بمعناه ١/ ٢٢٨، وانظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٦.
(٤) في (ب): (قاله) وهو أصوب.
(٥) في (ج): (ابلس). انظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٧، "البيان" ١/ ٧٤، "البحر المحيط" ١/ ١٥١، "الدر المصون" ١/ ٢٧٦.
(٦) في (ب): (فأما).
(٧) في (ب): (يصرفها لم يجعلها).
(٨) انظر: "المقتضب" ٣/ ٣٢٦، "أصول النحو" لابن السراج ٢/ ٩٤.
وقد أجاب الذين قالوا: إنه مشتق بأنه منع من الصرف لأنه أشبه الأسماء الأعجمية لعدم نظيره في الأسماء العربية كما سيأتي في كلام ابن جرير، انظر: "البحر" ١/ ١٥١، و"الدر المصون" ١/ ٢٧٦.
(٢) في (ب): (فان).
(٣) انتهى كلام ابن جرير بمعناه ١/ ٢٢٨، وانظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٦.
(٤) في (ب): (قاله) وهو أصوب.
(٥) في (ج): (ابلس). انظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٧، "البيان" ١/ ٧٤، "البحر المحيط" ١/ ١٥١، "الدر المصون" ١/ ٢٧٦.
(٦) في (ب): (فأما).
(٧) في (ب): (يصرفها لم يجعلها).
(٨) انظر: "المقتضب" ٣/ ٣٢٦، "أصول النحو" لابن السراج ٢/ ٩٤.
370
والاختيار في هذا الحرف أنه غير مشتق، لإجماع النحويين على أنه منع الصرف للعجمة والمعرفة، فلو جعلناه مشتقّاً بطلت العجمة ووجب صرفه (١)
واختلفوا في أن إبليس هل هو مستثنى من الملائكة أو (٢) لا؟ فروى مجاهد وطاوس عن ابن عباس قال: كان إبليس قبل أن يركب المعصية ملكاً من الملائكة، اسمه (عزازيل)، وكان من سكان الأرض وعمارها، وكان سكان الأرض من الملائكة يسمون: (الجن)، ولم يكن من الملائكة أشد اجتهادا ولا أكثر علمًا منه. فلما تكبر على الله عز وجل وأبى السجود لآدم وعصاه، لعنه وجعله شيطاناً مريداً، وسماه: إبليس (٣). وعلى هذا القول أيضا ابن مسعود، وابن المسيب، وابن جريج، وقتادة، وابن جرير (٤)، وقالوا: إنه استثني من جنس المستثنى منه، وكان إبليس من جملة الملائكة
واختلفوا في أن إبليس هل هو مستثنى من الملائكة أو (٢) لا؟ فروى مجاهد وطاوس عن ابن عباس قال: كان إبليس قبل أن يركب المعصية ملكاً من الملائكة، اسمه (عزازيل)، وكان من سكان الأرض وعمارها، وكان سكان الأرض من الملائكة يسمون: (الجن)، ولم يكن من الملائكة أشد اجتهادا ولا أكثر علمًا منه. فلما تكبر على الله عز وجل وأبى السجود لآدم وعصاه، لعنه وجعله شيطاناً مريداً، وسماه: إبليس (٣). وعلى هذا القول أيضا ابن مسعود، وابن المسيب، وابن جريج، وقتادة، وابن جرير (٤)، وقالوا: إنه استثني من جنس المستثنى منه، وكان إبليس من جملة الملائكة
(١) بهذا أخذ أبو عبيدة في "المجاز" ١/ ٣٨، والزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٨٢، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٣ ب، وابن الأنباري في "البيان" ١/ ٧٤، والعكبري في "الإملاء" ١/ ٣٠، والسمين في "الدر المصون" ١/ ٢٧٦. وعلى قول ابن جرير ومن معه لا يلزم صرفه، ولو كان مشتقًّا، لأنه لا سمي له فاستثقل. انظر "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة: ص ٢٣، و"تفسير الطبري" ١/ ٢٢٨، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٦، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٥١.
(٢) في (ب): (أم لا).
(٣) أخرجه الطبري بسنده عن عطاء، عن طاوس، عن ابن عباس، وعن عطاء عن طاوس أو مجاهد أبي الحجاج، عن ابن عباس. "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٤، وكذلك أخرجه ابن الأنباري بسنده عن طاوس أو عن مجاهد أبي الحجاج، عن ابن عباس. "الأضداد": ص ٣٣٤. وانظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٨٤، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٨.
(٤) انظر أقوالهم في "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٤.
(٢) في (ب): (أم لا).
(٣) أخرجه الطبري بسنده عن عطاء، عن طاوس، عن ابن عباس، وعن عطاء عن طاوس أو مجاهد أبي الحجاج، عن ابن عباس. "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٤، وكذلك أخرجه ابن الأنباري بسنده عن طاوس أو عن مجاهد أبي الحجاج، عن ابن عباس. "الأضداد": ص ٣٣٤. وانظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٨٤، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٨.
(٤) انظر أقوالهم في "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٤.
371
الذين أمروا بالسجود. وهؤلاء أولوا قوله: ﴿كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾ [الكهف: ٥٠] أي: كان من قبيل من الملائكة، يقال لهم: الجن (١)، سموا جناً لاستتارهم عن الناس. قال الأعشى يذكر سليمان ابن داود عليه السلام:
وَسَخَّرَ مِنْ جِنِّ الملائِكِ تِسْعَةً... قِيَاماً لَدَيْهِ يَعْمَلُونَ بِلَا أَجْرِ (٢)
فجعل الملائكة جنّاً (٣).
وَسَخَّرَ مِنْ جِنِّ الملائِكِ تِسْعَةً... قِيَاماً لَدَيْهِ يَعْمَلُونَ بِلَا أَجْرِ (٢)
فجعل الملائكة جنّاً (٣).
(١) ذكره الطبري في "تفسيره" عن قتادة ١/ ٢٢٥. قال ابن كثير في "تفسيره" بعد أن نقل الآثار في هذا عند قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ الآية [الكهف: ٥٠].
قال: وقد روي في هذا آثار كثيرة عن السلف، وغالبها من الإسرائيليات التي تنقل، لينظر فيها، والله أعلم بحال كثير منها، ومنها ما قد يقطع بكذبه لمخالفته للحق الذي بأيدينا، وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة... إلخ) انظر "ابن كثير" ٣/ ١٠٠.
(٢) ورد البيت في "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٥، "الزاهر" ٢/ ٣٣٤، و"الأضداد" لابن الأنباري: ص ٣٣٥، و"الغريب" لابن قتيبة: ص٢١، و"الزينة" ٢/ ١٧٦، و"معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن" ١/ ١٩٥، و"اللسان" (جنن) ١/ ٧٥١، وفي "تفسير القرطبي" ١/ ٢٥١، و"خزانة الأدب" ٦/ ١٧٦.
(٣) وهذا ما رجحه ابن جرير الطبري في "تفسيره"، وابن عطية في "تفسيره" والبغوي في "تفسيره"، وغيرهم، وهو أن إبليس كان من الملائكة أو من طائفة منهم يقال لهم: الجن.
قال الطبري في "تفسيره" بعد أن ذكر الأقوال في هذِه المسألة: (وهذِه علل تنبئ عن ضعف معرفة أهلها، ذلك أنه غير مستنكر أن يكون الله جل ثناؤه خلق أصناف ملائكته من أصناف من خلقه شتى. فخلق بعضا من نور، وبعضا من نار وبعضا مما شاء من غير ذلك. وليس في ترك الله جل ثناؤه الخبر عما خلق منه ملائكته، وإخباره عما خلق منه إبليس ما يوجب أن يكون إبليس خارجا عن معناهم... وقال: وأما خبر الله عنه أنه (من الجن) لغير مدفوع أن يسمى ما اجتن من الأشياء عن الأبصار كلها جنّاً كما قد ذكرنا في شعر الأعشى -فيكون إبليس والملائكة =
قال: وقد روي في هذا آثار كثيرة عن السلف، وغالبها من الإسرائيليات التي تنقل، لينظر فيها، والله أعلم بحال كثير منها، ومنها ما قد يقطع بكذبه لمخالفته للحق الذي بأيدينا، وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة... إلخ) انظر "ابن كثير" ٣/ ١٠٠.
(٢) ورد البيت في "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٥، "الزاهر" ٢/ ٣٣٤، و"الأضداد" لابن الأنباري: ص ٣٣٥، و"الغريب" لابن قتيبة: ص٢١، و"الزينة" ٢/ ١٧٦، و"معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن" ١/ ١٩٥، و"اللسان" (جنن) ١/ ٧٥١، وفي "تفسير القرطبي" ١/ ٢٥١، و"خزانة الأدب" ٦/ ١٧٦.
(٣) وهذا ما رجحه ابن جرير الطبري في "تفسيره"، وابن عطية في "تفسيره" والبغوي في "تفسيره"، وغيرهم، وهو أن إبليس كان من الملائكة أو من طائفة منهم يقال لهم: الجن.
قال الطبري في "تفسيره" بعد أن ذكر الأقوال في هذِه المسألة: (وهذِه علل تنبئ عن ضعف معرفة أهلها، ذلك أنه غير مستنكر أن يكون الله جل ثناؤه خلق أصناف ملائكته من أصناف من خلقه شتى. فخلق بعضا من نور، وبعضا من نار وبعضا مما شاء من غير ذلك. وليس في ترك الله جل ثناؤه الخبر عما خلق منه ملائكته، وإخباره عما خلق منه إبليس ما يوجب أن يكون إبليس خارجا عن معناهم... وقال: وأما خبر الله عنه أنه (من الجن) لغير مدفوع أن يسمى ما اجتن من الأشياء عن الأبصار كلها جنّاً كما قد ذكرنا في شعر الأعشى -فيكون إبليس والملائكة =
372
وقد روى عكرمة عن ابن عباس قال: إنما قيل لإبليس: الجني، لأنه كان من خزنة الجنة (١).
وقال الزجاج وابن الأنباري: معنى قوله: ﴿كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾ أي كان (٢) ضالّاً كما أن الجن الذين كانوا سكان الأرض قبل الملائكة كانوا ضُلَّالاً، فلما فعل إبليس مثل فعلهم أدخل في جملتهم كما (٣) قال الله سبحانه: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ (٤) [التوبة: ٦٧]. فعلى قول هؤلاء هو مستثنى من الملائكة، وهو استثناء الجنس من الجنس.
وقال عبد الرحمن بن زيد، وشهر بن حوشب (٥): ما كان إبليس من الملائكة قط (٦).
وقال الزجاج وابن الأنباري: معنى قوله: ﴿كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾ أي كان (٢) ضالّاً كما أن الجن الذين كانوا سكان الأرض قبل الملائكة كانوا ضُلَّالاً، فلما فعل إبليس مثل فعلهم أدخل في جملتهم كما (٣) قال الله سبحانه: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ (٤) [التوبة: ٦٧]. فعلى قول هؤلاء هو مستثنى من الملائكة، وهو استثناء الجنس من الجنس.
وقال عبد الرحمن بن زيد، وشهر بن حوشب (٥): ما كان إبليس من الملائكة قط (٦).
= منهم، لاجتنانهم عن أبصار بني آدم، في "تفسيرالطبري" ١/ ٢٢٧، وانظر: "الأضداد" لابن الأنباري: ص ٣٣٤، وفي "تفسيرابن عطية" ١/ ٢٤٦، وفي "تفسيرالبغوي" ١/ ٨٢، و"البحر" ١/ ١٥٣، وفي "تفسير القرطبي" ١/ ٢٥١، فعلى هذا القول: الاستثناء متصل.
(١) أخرجه الطبري في "تفسيره" عن ابن جريج عن ابن عباس، وعن أبي صالح عنه، وعن الضحاك عنه. الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٢٥.
(٢) في (ب): (أي صار).
(٣) (كما) ساقطة من (ب).
(٤) قول ابن الأنباري في "الأضداد" ص٣٣٧، وقد ذكر هذا توجيهًا لمعنى الآية على قول من قال: إن إبليس من الملائكة وكذا الزجاج في "المعاني" ١/ ٨٢ ويلحظ هنا أن الزجاج يرجح القول الآخر حيث قال لما ذكر القول الثاني: وهذا القول هو الذي نختاره، لأن إبليس كان من الجن كما قال الله عز وجل.
(٥) هو شهر بن حوشب الأشعري الشامي، مولى أسماء بنت يزيد بن السكن روى عن أبي هريرة وعائشة وأم سلمة وأم حبيبة وغيرهم، اختلف في سنة وفاته، فقيل: مائة، وقيل غير ذلك، انظر: "تهذيب التهذيب" ٢/ ١٨٢، "غاية النهاية" ١/ ٣٢٩.
(٦) أقوالهم في الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٢٧، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٦، =
(١) أخرجه الطبري في "تفسيره" عن ابن جريج عن ابن عباس، وعن أبي صالح عنه، وعن الضحاك عنه. الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٢٥.
(٢) في (ب): (أي صار).
(٣) (كما) ساقطة من (ب).
(٤) قول ابن الأنباري في "الأضداد" ص٣٣٧، وقد ذكر هذا توجيهًا لمعنى الآية على قول من قال: إن إبليس من الملائكة وكذا الزجاج في "المعاني" ١/ ٨٢ ويلحظ هنا أن الزجاج يرجح القول الآخر حيث قال لما ذكر القول الثاني: وهذا القول هو الذي نختاره، لأن إبليس كان من الجن كما قال الله عز وجل.
(٥) هو شهر بن حوشب الأشعري الشامي، مولى أسماء بنت يزيد بن السكن روى عن أبي هريرة وعائشة وأم سلمة وأم حبيبة وغيرهم، اختلف في سنة وفاته، فقيل: مائة، وقيل غير ذلك، انظر: "تهذيب التهذيب" ٢/ ١٨٢، "غاية النهاية" ١/ ٣٢٩.
(٦) أقوالهم في الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٢٧، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٦، =
373
وروى عوف عن الحسن قال: ما كان إبليس من (١) الملائكة قط، طرفة عين (٢). وهؤلاء قالوا: إنه استثني من الملائكة، وليس منهم، لأنه أمر بالسجود كما أمروا، فخالف وأطاعوا، فاستثني من فعلهم (٣)، ويجوز أن يكون استثناء منقطعا (٤) كقول (٥) العرب: ارتحل العسكر إلا الأثقال، وسار الناس إلَّا الخيام (٦).
وقال سعيد بن المسيب. إن إبليس سبي من الجن حين اقتتلوا (٧) الملائكة، وكان صغيرا فنشأ بين الملائكة (٨). وهذا اختيار الحسين بن
وقال سعيد بن المسيب. إن إبليس سبي من الجن حين اقتتلوا (٧) الملائكة، وكان صغيرا فنشأ بين الملائكة (٨). وهذا اختيار الحسين بن
= والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٥١، وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨١، "البحر" ١/ ١٥٣.
(١) (من الملائكة) ساقط من (ج).
(٢) ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٢٧، وابن الأنباري في "الأضداد": ص ٣٣٧، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٤٦، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٥١، وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨١، "البحر" ١/ ١٥٣.
(٣) "الأضداد" لابن الأنباري: ص ٣٣٧، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٢، وقد مال إلى نحو هذا ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨١.
(٤) انظر "المشكل" لمكي ١/ ٣٧، "البيان" ١/ ٧٤، "البحر" ١/ ١٥٣.
(٥) في (أ)، (ج): (لقول)، وقوله (منقطعا) ساقط من (ب).
(٦) قال أبن الأنباري: (... ونصب على الاستثناء وهو من غير جنسهم. كما تقول العرب: سار الناس إلا الأثقال، وارتحل أهل العسكر إلا الأبنية والخيام)، "الأضداد" لابن الأنباري: ص ٣٣٧.
(٧) هكذا في جميع النسخ وهذا على لغة (أكلوني البراغيث).
(٨) أخرج نحوه ابن جرير عن شهر بن حوشب وسعد بن مسعود ١/ ٢٢٧، وذكره ابن عطية والقرطبي، وقالا: حكاه الطبري عن ابن مسعود، وظاهر كلامهما أنه عبد الله ابن مسعود، ولم يرووه عنه، وإنما عن سعد بن مسعود ولعل القرطبي نقل ذلك عن ابن عطية. انظر. "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٦، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٥١، وذكره ابن كثير عن سعد بن مسعود، "تفسير ابن كثير" ١/ ٨١، ولم أجده عن، سعيد فيما اطلعت عليه.
(١) (من الملائكة) ساقط من (ج).
(٢) ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٢٧، وابن الأنباري في "الأضداد": ص ٣٣٧، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٤٦، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٥١، وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨١، "البحر" ١/ ١٥٣.
(٣) "الأضداد" لابن الأنباري: ص ٣٣٧، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٢، وقد مال إلى نحو هذا ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨١.
(٤) انظر "المشكل" لمكي ١/ ٣٧، "البيان" ١/ ٧٤، "البحر" ١/ ١٥٣.
(٥) في (أ)، (ج): (لقول)، وقوله (منقطعا) ساقط من (ب).
(٦) قال أبن الأنباري: (... ونصب على الاستثناء وهو من غير جنسهم. كما تقول العرب: سار الناس إلا الأثقال، وارتحل أهل العسكر إلا الأبنية والخيام)، "الأضداد" لابن الأنباري: ص ٣٣٧.
(٧) هكذا في جميع النسخ وهذا على لغة (أكلوني البراغيث).
(٨) أخرج نحوه ابن جرير عن شهر بن حوشب وسعد بن مسعود ١/ ٢٢٧، وذكره ابن عطية والقرطبي، وقالا: حكاه الطبري عن ابن مسعود، وظاهر كلامهما أنه عبد الله ابن مسعود، ولم يرووه عنه، وإنما عن سعد بن مسعود ولعل القرطبي نقل ذلك عن ابن عطية. انظر. "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٦، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٥١، وذكره ابن كثير عن سعد بن مسعود، "تفسير ابن كثير" ١/ ٨١، ولم أجده عن، سعيد فيما اطلعت عليه.
374
الفضل. وإليه ذهبت المعتزلة (١).
وقوله (٢) تعالى: ﴿أَبَى وَاسْتَكْبَرَ﴾. هما بمعنى واحد، وكرر للتأكيد (٣)، وحقيقة الاستكبار: الأنفة مما لا ينبغي أن يؤنف منه (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾. أي وصار (٥)،. كقوله: ﴿وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾ [هود: ٤٣].
وقال الأكثرون معناه: وكان في سابق علم الله من الكافرين (٦).
وقوله (٢) تعالى: ﴿أَبَى وَاسْتَكْبَرَ﴾. هما بمعنى واحد، وكرر للتأكيد (٣)، وحقيقة الاستكبار: الأنفة مما لا ينبغي أن يؤنف منه (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾. أي وصار (٥)،. كقوله: ﴿وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾ [هود: ٤٣].
وقال الأكثرون معناه: وكان في سابق علم الله من الكافرين (٦).
(١) أي: إلى أن إبليس ليس من الملائكة. انظر: "تفسير الرازي" ١/ ٢١٣. قال الزمخشري: إنه كان جنيا واحد بين أظهر الألوف من الملائكة مغمورا بهم، فغلبوا عليه في قوله: "فسجدوا". "الكشاف" ١/ ٢٧٣.
(٢) في (ب): (وكان).
(٣) (أبى) امتنع عن السجود، و (استكبر) تكبر وتعاظم في نفسه فهو من أفعال القلوب، والإباء: الامتناع من السجود، والامتناع نابع من الكبر. انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٨، "البحر" ١/ ١٥٣، وأبي السعود في "تفسيره" ١/ ٨٥.
(٤) ذكر الأزهري عن ابن الأنباري: الاستكبار: الامتناع عن قبول الحق معاندة وتكبرا. "التهذيب" (كبر) ٤/ ٣٠٩٠، "مفردات الراغب": ص ٤٢١.
(٥) في (ب): (وصار من الكافرين). هذا هو القول الأول أن (كان) بمعنى: صار، انظر. "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٠، و"تفسيرالثعلبي" ١/ ٦٤ أ، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٨، و"زاد المسير" ١/ ٦٥، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٥٢، و"البحر" ١/ ١٥٤، وفي "تفسير ابن كثير" ١/ ٨١، قال ابن عطية بعد أن ذكر هذا القول: قال ابن فورك: وهذا خطأ ترده الأصول، ونقل هذا القرطبي وابن كثير.
(٦) قول جمهور المفسرين على أن (كان) على بابها، انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٠، و"الثعلبي" ١/ ٦٤ أ، و"ابن عطية" ١/ ٢٤٨، و"القرطبي" ١/ ٢٥٢، و"زاد المسير" ١/ ٦٥، و"ابن كثير" ١/ ٨١، "البحر" ١/ ٣٢١. قال ابن جرير: (ومعنى قوله: ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾: أنه كان حين أبى السجود من الكافرين حينئذ). "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٨.
(٢) في (ب): (وكان).
(٣) (أبى) امتنع عن السجود، و (استكبر) تكبر وتعاظم في نفسه فهو من أفعال القلوب، والإباء: الامتناع من السجود، والامتناع نابع من الكبر. انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٨، "البحر" ١/ ١٥٣، وأبي السعود في "تفسيره" ١/ ٨٥.
(٤) ذكر الأزهري عن ابن الأنباري: الاستكبار: الامتناع عن قبول الحق معاندة وتكبرا. "التهذيب" (كبر) ٤/ ٣٠٩٠، "مفردات الراغب": ص ٤٢١.
(٥) في (ب): (وصار من الكافرين). هذا هو القول الأول أن (كان) بمعنى: صار، انظر. "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٠، و"تفسيرالثعلبي" ١/ ٦٤ أ، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٨، و"زاد المسير" ١/ ٦٥، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٥٢، و"البحر" ١/ ١٥٤، وفي "تفسير ابن كثير" ١/ ٨١، قال ابن عطية بعد أن ذكر هذا القول: قال ابن فورك: وهذا خطأ ترده الأصول، ونقل هذا القرطبي وابن كثير.
(٦) قول جمهور المفسرين على أن (كان) على بابها، انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٠، و"الثعلبي" ١/ ٦٤ أ، و"ابن عطية" ١/ ٢٤٨، و"القرطبي" ١/ ٢٥٢، و"زاد المسير" ١/ ٦٥، و"ابن كثير" ١/ ٨١، "البحر" ١/ ٣٢١. قال ابن جرير: (ومعنى قوله: ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾: أنه كان حين أبى السجود من الكافرين حينئذ). "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٨.
375
وقيل: كان من الجن الذين كانوا قبله (١) على مذهب من جعله منهم (٢).
فإن قيل: كيف جمع، ولم يكن في ذلك الوقت كافر غير إبليس (٣)؟ فيقال: إن الله سبحانه علم أنه يكون (٤) بعد إبليس كافرون، كقول إبراهيم (٥) ﴿وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ [الأنبياء: ٥٦] معناه: أنه علم (٦) أنه سيكون بعده من يشهد على قومه بمثل شهادته (٧). وقيل: كان من القوم الذين إذا فعل واحد منهم مثل فعله كان مثله (٨). وعلى ما قاله سعيد بن المسيب (٩)، لا يتوجه هذا السؤال.
٣٥ - قوله تعالى: ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ﴾ الآية. (اسكن
فإن قيل: كيف جمع، ولم يكن في ذلك الوقت كافر غير إبليس (٣)؟ فيقال: إن الله سبحانه علم أنه يكون (٤) بعد إبليس كافرون، كقول إبراهيم (٥) ﴿وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ [الأنبياء: ٥٦] معناه: أنه علم (٦) أنه سيكون بعده من يشهد على قومه بمثل شهادته (٧). وقيل: كان من القوم الذين إذا فعل واحد منهم مثل فعله كان مثله (٨). وعلى ما قاله سعيد بن المسيب (٩)، لا يتوجه هذا السؤال.
٣٥ - قوله تعالى: ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ﴾ الآية. (اسكن
(١) (قبله) ساقطة من (ب).
(٢) انظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٤ أ، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٤٨، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٥٢، "البحر" ١/ ١٥٤.
(٣) يرد هذا السؤال على قول من قال: إن إبليس أول كافر. ولم يسبقه كفر، أما عند من قال: إنه سبقه كفار وهم الجن سكان الأرض. فلا يرد أصلا، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٨، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٥٥، و"تفسير الرازي" ٢/ ٢٣٧، و"البحر" ١/ ١٥٤.
(٤) في (ب): (سيكون).
(٥) في (ب): (إبراهيم عليه السلام).
(٦) في (ب): (عالم).
(٧) انظر: "تفسير الرازي" ٢/ ٢٣٨.
(٨) ذكره الرازي في "تفسيره" ٢/ ٢٣٨.
(٩) قول سعيد الذي سبق: هو: أن إبليس سبي من الجن فنشأ بين الملائكة. فعلى هذا القول يتوجه أنه ليس أول كافر كما سبق.
(٢) انظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٤ أ، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٤٨، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٥٢، "البحر" ١/ ١٥٤.
(٣) يرد هذا السؤال على قول من قال: إن إبليس أول كافر. ولم يسبقه كفر، أما عند من قال: إنه سبقه كفار وهم الجن سكان الأرض. فلا يرد أصلا، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٨، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٥٥، و"تفسير الرازي" ٢/ ٢٣٧، و"البحر" ١/ ١٥٤.
(٤) في (ب): (سيكون).
(٥) في (ب): (إبراهيم عليه السلام).
(٦) في (ب): (عالم).
(٧) انظر: "تفسير الرازي" ٢/ ٢٣٨.
(٨) ذكره الرازي في "تفسيره" ٢/ ٢٣٨.
(٩) قول سعيد الذي سبق: هو: أن إبليس سبي من الجن فنشأ بين الملائكة. فعلى هذا القول يتوجه أنه ليس أول كافر كما سبق.
376
الجنة) (١) أي: اتخذها مأوى ومنزلا (٢)، وليس معناه: استقر في مكانك ولا تتحرك، وهذا اللفظ مشترك، يقال: أسكنه، أي: أزال حركته، وأسكنه مكان كذا (٣)، أي جعله مأوى ومنزلا له، والأول الأصل، قالوا (٤): ومنه السكين (٥)، لأنه الآلة التي تسكن حركة الحيوان (٦).
وقوله: (أنت) تأكيد للضمير الذي في الفعل (٧)، وإنما أكد به ليحسن العطف عليه، فإن العرب لا تكاد تعطف إلا على ظاهر، يقولون: اخرج أنت وزيد، ولا يكادون يقولون: اخرج وزيد، إلا في الضرورة (٨)، ومثله قوله: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ﴾ [المائدة: ٢٤].
وقوله: ﴿وَزَوْجُكَ﴾ لفظه مذكر، ومعناه مؤنث، وذلك أن الإضافة تلزم هذا الاسم في أكثر الكلام، وكانت مبينة (٩) له فكان (١٠) طرح الهاء أخف مع الاستغناء بدلالة الإضافة.
وقوله: (أنت) تأكيد للضمير الذي في الفعل (٧)، وإنما أكد به ليحسن العطف عليه، فإن العرب لا تكاد تعطف إلا على ظاهر، يقولون: اخرج أنت وزيد، ولا يكادون يقولون: اخرج وزيد، إلا في الضرورة (٨)، ومثله قوله: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ﴾ [المائدة: ٢٤].
وقوله: ﴿وَزَوْجُكَ﴾ لفظه مذكر، ومعناه مؤنث، وذلك أن الإضافة تلزم هذا الاسم في أكثر الكلام، وكانت مبينة (٩) له فكان (١٠) طرح الهاء أخف مع الاستغناء بدلالة الإضافة.
(١) في (ب): (معنى اسكن الجنة).
(٢) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٩، و"القرطبى" ١/ ٢٥٥، "البحر" ١/ ١٥٥.
(٣) في (أ): (وكذا) وفي (ج)، كتبت ثم شطبت والصحيح حذفها.
(٤) (قالوا) ساقط من (ج).
(٥) في (ب): (التسكين).
(٦) انظر: "التهذيب" (سكن) ٢/ ١٧٢٣، "مقاييس اللغة" (سكن) ٣/ ٨٨، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٥٥، "البحر" ١/ ١٥٥.
(٧) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٣، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٥٦، "البحر" ١/ ١٥٦.
(٨) مذهب البصريين أنه لا يجوز العطف إلا في الضرورة، وأجاز الكوفيون ذلك. انظر "الإنصاف" ص ٣٨٠، "البحر" ١/ ١٥٦.
(٩) في (ج): (مبنية).
(١٠) في (ب): (وكان).
(٢) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٩، و"القرطبى" ١/ ٢٥٥، "البحر" ١/ ١٥٥.
(٣) في (أ): (وكذا) وفي (ج)، كتبت ثم شطبت والصحيح حذفها.
(٤) (قالوا) ساقط من (ج).
(٥) في (ب): (التسكين).
(٦) انظر: "التهذيب" (سكن) ٢/ ١٧٢٣، "مقاييس اللغة" (سكن) ٣/ ٨٨، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٥٥، "البحر" ١/ ١٥٥.
(٧) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٣، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٥٦، "البحر" ١/ ١٥٦.
(٨) مذهب البصريين أنه لا يجوز العطف إلا في الضرورة، وأجاز الكوفيون ذلك. انظر "الإنصاف" ص ٣٨٠، "البحر" ١/ ١٥٦.
(٩) في (ج): (مبنية).
(١٠) في (ب): (وكان).
377
وكان الأصمعي يؤثر ترك (١) الهاء في الزوجة، ويرى أن أكثر كلام العرب عليه. والكسائي على خلاف ذلك (٢)، والاختيار ما قاله الأصمعي، لأن القرآن كله عليه (٣).
والمراد بقوله: ﴿الْجَنَّةَ﴾ جنة الخلد من قبل أن التعريف فيها بالألف واللام يجعلها كالعلم على جنة الخلد، فلا يجوز العدول عنها بغير دلالة، ألا ترى أنك لو قلت: نسأل الله الجنة، لم يكن ذلك إلا جنة الخلد (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا﴾ (٥). (الرّغَد) و (الرَّغْد): سعة المعيشة،
والمراد بقوله: ﴿الْجَنَّةَ﴾ جنة الخلد من قبل أن التعريف فيها بالألف واللام يجعلها كالعلم على جنة الخلد، فلا يجوز العدول عنها بغير دلالة، ألا ترى أنك لو قلت: نسأل الله الجنة، لم يكن ذلك إلا جنة الخلد (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا﴾ (٥). (الرّغَد) و (الرَّغْد): سعة المعيشة،
(١) (ترك) ساقطة من (ب).
(٢) في (أ)، (ج): (ذكر) وما في (ب) هو الصحيح. وانظر اختلافهم في "اللسان" (زوج) ٣/ ١٨٨٥، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٥٧.
(٣) قال الفراء (الزوج) يقع على المرأة والرجل. هذا قول أهل الحجاز. قال عز وجل ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ [الأحزاب: ٣٧]. وأهل نجد يقولون: (زوجة) وهو أكثر من (زوج) والأول أفصح عند العلماء). (المذكر والمؤنث): ص ٩٥، وانظر (المذكر والمؤنث) لابن الأنباري: ص ٥٠٣، "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٩. ومما جاء على (زوجة) قول عمار في شأن عائشة (إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة). وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٩، وقال القرطبي: (وقد جاء في صحيح مسلم لفظ (زوجة) في حديث أنس وفيه يا فلان هذِه زوجتي فلانة). "تفسير القرطبي" ١/ ٢٥٦.
(٤) وإلى هذا ذهب جمهور المفسرين، وفيه الرد على من قال: إنها جنة في الدنيا وهو قول المعتزلة والقدرية.
انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٤ ب، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٥٨، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٨٤. قال ابن الجوزي وقيل: جنة عدن، "زاد المسير" ١/ ٦٦.
(٥) في (ج): (فكلا) تصحيف.
(٢) في (أ)، (ج): (ذكر) وما في (ب) هو الصحيح. وانظر اختلافهم في "اللسان" (زوج) ٣/ ١٨٨٥، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٥٧.
(٣) قال الفراء (الزوج) يقع على المرأة والرجل. هذا قول أهل الحجاز. قال عز وجل ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ [الأحزاب: ٣٧]. وأهل نجد يقولون: (زوجة) وهو أكثر من (زوج) والأول أفصح عند العلماء). (المذكر والمؤنث): ص ٩٥، وانظر (المذكر والمؤنث) لابن الأنباري: ص ٥٠٣، "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٩. ومما جاء على (زوجة) قول عمار في شأن عائشة (إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة). وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٩، وقال القرطبي: (وقد جاء في صحيح مسلم لفظ (زوجة) في حديث أنس وفيه يا فلان هذِه زوجتي فلانة). "تفسير القرطبي" ١/ ٢٥٦.
(٤) وإلى هذا ذهب جمهور المفسرين، وفيه الرد على من قال: إنها جنة في الدنيا وهو قول المعتزلة والقدرية.
انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٤ ب، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٥٨، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٨٤. قال ابن الجوزي وقيل: جنة عدن، "زاد المسير" ١/ ٦٦.
(٥) في (ج): (فكلا) تصحيف.
378
يقال: عيش رَغَدٌ ورَغْدٌ. ورَغِدَ عيشهم أي: اتسع (١)، قال (٢) امرؤ القيس:
وقال ابن دريد: عيش رَاغِد ورَغَد ورَغِيد، والرَّغِيدَة: الزبدة، ويقال: أَرْغَد القوم إذا وقعوا في عيش رغد (٤).
الليث: (الرغد): أن يأكل ما شاء إذا شاء حيث شاء (٥).
وقوله تعالى: ﴿حَيْثُ شِئْتُمَا﴾. (حيث) بني على الضم تشبيها بالغاية، نحو: (قبل) و (بعد) وذلك أنه منع الإضافة إلى الاسم المفرد كما منعت الغاية الإضافية، فبني لأجل الشبه على الضم بالغاية (٦)، ونذكر الكلام في هذا بأبلغ من هذا الشرح عند قوله: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾.
| بَيْنَما المَرْءُ تَرَاهُ نَاعِماً | يَأْمَنُ الأحْدَاثَ فِي عَيْشٍ رَغَدْ (٣) |
الليث: (الرغد): أن يأكل ما شاء إذا شاء حيث شاء (٥).
وقوله تعالى: ﴿حَيْثُ شِئْتُمَا﴾. (حيث) بني على الضم تشبيها بالغاية، نحو: (قبل) و (بعد) وذلك أنه منع الإضافة إلى الاسم المفرد كما منعت الغاية الإضافية، فبني لأجل الشبه على الضم بالغاية (٦)، ونذكر الكلام في هذا بأبلغ من هذا الشرح عند قوله: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾.
(١) انظر: "الصحاح" (رغد) ٢/ ٤٧٥، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٤٣٣، "مقاييس اللغة" ٢/ ٤١٧، "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٠، ، "اللسان" ٣/ ١٦٨٠.
(٢) في (ب): (وقال).
(٣) ورد البيت منسوبًا لامرئ القيس في الطبري ١/ ٢٣٠، وفي "الوسيط" للمؤلف ١/ ٨٣، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٥١، و"البحر" ١/ ١٥٥، و"الدر المصون" ١/ ٢٨١، قال محمود شاكر في حاشية الطبري: لم أجده فيما جمع من شعر امرئ القيس، وقد بحثت في (الديوان) فلم أجده.
(٤) "الجمهرة" ٢/ ٦٣٣.
(٥) لم أجده عن الليث، انظر: "العين" (رغد) ٤/ ٣٩٢، و"تهذيب اللغة" (رغد) ٢/ ١٤٣٣، و"الصحاح" (رغد) ٢/ ٤٧٥، و"اللسان" (رغد) ٣/ ١٦٨٠.
(٦) وقد ذكر سيبويه فيها وجها آخر وهو الفتح وقال الكسائي: الضم لغة قيس وكنانة، والفتح لغة بني تميم، وقال: وبنو أسد يخفضونها في موضع الخفض وينصبونها في موضع النصب، ويقال: حوث. انظر: "الكتاب" ٣/ ٢٨٦، و"إعراب القرآن" للنحاس١/ ١٦٣، و"تهذيب اللغة" (حيث) ١/ ٩٤٩، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٥١، وقد ذكر الواحدي هذِه الوجوه عند تفسير قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: ١٩٩]. كما وعد هنا.
(٢) في (ب): (وقال).
(٣) ورد البيت منسوبًا لامرئ القيس في الطبري ١/ ٢٣٠، وفي "الوسيط" للمؤلف ١/ ٨٣، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٥١، و"البحر" ١/ ١٥٥، و"الدر المصون" ١/ ٢٨١، قال محمود شاكر في حاشية الطبري: لم أجده فيما جمع من شعر امرئ القيس، وقد بحثت في (الديوان) فلم أجده.
(٤) "الجمهرة" ٢/ ٦٣٣.
(٥) لم أجده عن الليث، انظر: "العين" (رغد) ٤/ ٣٩٢، و"تهذيب اللغة" (رغد) ٢/ ١٤٣٣، و"الصحاح" (رغد) ٢/ ٤٧٥، و"اللسان" (رغد) ٣/ ١٦٨٠.
(٦) وقد ذكر سيبويه فيها وجها آخر وهو الفتح وقال الكسائي: الضم لغة قيس وكنانة، والفتح لغة بني تميم، وقال: وبنو أسد يخفضونها في موضع الخفض وينصبونها في موضع النصب، ويقال: حوث. انظر: "الكتاب" ٣/ ٢٨٦، و"إعراب القرآن" للنحاس١/ ١٦٣، و"تهذيب اللغة" (حيث) ١/ ٩٤٩، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٥١، وقد ذكر الواحدي هذِه الوجوه عند تفسير قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: ١٩٩]. كما وعد هنا.
379
وقوله: ﴿وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾. قيل معناه: لا تقرباها بالأكل، لأن آدم عصى بالأكل منها، لا بأن قربها (١).
وقيل: إن النهي عن الأكل داخل في قوله: ﴿وَلَا تَقْرَبَا﴾ فهو نهي بأبلغ لفظ يكون (٢).
وقيل: قربَ فلانٌ أهلَه قربانًا، أي [غشيها] (٣) وما قرِبْتُ هذا الأمر ولا قَرَبتُه قُرْبَاناً وقُرْباً (٤).
و (الشجرة) في اللغة: ما لها ساق يبقى في الشتاء، و (النجم) ما ليس على ساق، ومنه قوله: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾ (٥) [الرحمن: ٦]. وسميت شجرة لتشابك أغصانها (٦)، وتداخل بعضها في بعض، والشجرة تعم النخلة والتينة والكرمة وغيرها (٧)، واليقطين قد سمي شجراً في قوله: ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦].
وقيل: إن النهي عن الأكل داخل في قوله: ﴿وَلَا تَقْرَبَا﴾ فهو نهي بأبلغ لفظ يكون (٢).
وقيل: قربَ فلانٌ أهلَه قربانًا، أي [غشيها] (٣) وما قرِبْتُ هذا الأمر ولا قَرَبتُه قُرْبَاناً وقُرْباً (٤).
و (الشجرة) في اللغة: ما لها ساق يبقى في الشتاء، و (النجم) ما ليس على ساق، ومنه قوله: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾ (٥) [الرحمن: ٦]. وسميت شجرة لتشابك أغصانها (٦)، وتداخل بعضها في بعض، والشجرة تعم النخلة والتينة والكرمة وغيرها (٧)، واليقطين قد سمي شجراً في قوله: ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦].
(١) وبهذا قال الزجاج في "المعاني" ١/ ٨٣، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٥٢، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٦٦، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٦٥.
(٢) ذكره ابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٥٢، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٦٥، وبه أخذ أبو حيان في "البحر" ١/ ١٥٨.
(٣) في (أ)، (ج): (عيشها)، وفي (ب): (ان عشيها)، والتصحيح من "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٩١٤.
(٤) ذكره الأزهري في الليث. "التهذيب" (قرب) ٣/ ٢٩١٤. "اللسان" (قرب) ٦/ ٣٥٦٦.
(٥) قيل إن المراد بالنجم في الآية نجم السماء، والأرجح أنه مالا ساق له من الشجر، انظر: "تفسير الطبري" ٢٧/ ١١٦، و"القرطبي" ١٧/ ١٥٤.
(٦) في (أ)، (ج): (أعضائها)، وما في (ب) هو الصحيح.
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٣١، "التهذيب" (شجر) ٢/ ١٨٣٠، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٥٢، "مفردات الراغب" ص ٢٥٦، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٦٦، و"تفسير الرازي" ١/ ٦.
(٢) ذكره ابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٥٢، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٦٥، وبه أخذ أبو حيان في "البحر" ١/ ١٥٨.
(٣) في (أ)، (ج): (عيشها)، وفي (ب): (ان عشيها)، والتصحيح من "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٩١٤.
(٤) ذكره الأزهري في الليث. "التهذيب" (قرب) ٣/ ٢٩١٤. "اللسان" (قرب) ٦/ ٣٥٦٦.
(٥) قيل إن المراد بالنجم في الآية نجم السماء، والأرجح أنه مالا ساق له من الشجر، انظر: "تفسير الطبري" ٢٧/ ١١٦، و"القرطبي" ١٧/ ١٥٤.
(٦) في (أ)، (ج): (أعضائها)، وما في (ب) هو الصحيح.
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٣١، "التهذيب" (شجر) ٢/ ١٨٣٠، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٥٢، "مفردات الراغب" ص ٢٥٦، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٦٦، و"تفسير الرازي" ١/ ٦.
380
قال الحسين بن الفضل: إن آدم نهي عن أكل الشجرة فعصى بذوقها، وهو دون الأكل، فدل على أن الذي نهي عن شرب المسكر يعصي بشرب اليسير منه قدر ما يقع عليه اسم الذوق.
واختلفوا في الشجرة التي نهي آدم عنها، فقال ابن عباس، وعطية، ووهب، وقتادة: إنها السنبلة، قال وهب: وكانت الحبة منها ككلية البقر، ألين من الزبد، وأحلى من العسل (١).
وقال ابن مسعود والسدي: هي الكرم (٢). وقال ابن جريج (٣): إنها التين (٤).
وقال محمد بن (٥) جرير والحسين بن الفضل: إن الله سبحانه أخبر أنه نهى آدم عن أكل شجرة ما، ولم ينصب لنا دلالة عليها بعينها، فنحن نعلم
واختلفوا في الشجرة التي نهي آدم عنها، فقال ابن عباس، وعطية، ووهب، وقتادة: إنها السنبلة، قال وهب: وكانت الحبة منها ككلية البقر، ألين من الزبد، وأحلى من العسل (١).
وقال ابن مسعود والسدي: هي الكرم (٢). وقال ابن جريج (٣): إنها التين (٤).
وقال محمد بن (٥) جرير والحسين بن الفضل: إن الله سبحانه أخبر أنه نهى آدم عن أكل شجرة ما، ولم ينصب لنا دلالة عليها بعينها، فنحن نعلم
(١) أقوالهم في الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٣١ - ٢٣٢، و"ابن أبي حاتم" ١/ ٨٦، و"الثعلبي" ١/ ٦٤ ب.
(٢) وروى هذا عن ابن عباس وسعيد بن جرير والشعبي وغيرهم.
انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٢، و"تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٨٦، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٤ ب.
(٣) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، أحد العلماء المشهورين، ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل. توفي سنة تسع وأربعين ومائة، انظر: "تاريخ بغداد" ١٠/ ٤٠٠، "وفيات الأعيان" ٣/ ١٦٣.
(٤) "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٢، و"تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٨٦.
وفي اسم الشجرة أقوال كثيرة غير هذه. انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٨٦ - ٨٧، والثعلبي ١/ ٦٠ ب، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٥٢، "زاد المسير" ١/ ٦٦، "التعريف والإعلام" للسهيلي: ص ١٩، "غرر التبيان في مبهمات القرآن": ص ٣٩، رسالة ماجستير، "مفحمات الأقران في مبهمات القرآن" للسيوطي ص ١٢.
(٥) (محمد) ساقط من (ب).
(٢) وروى هذا عن ابن عباس وسعيد بن جرير والشعبي وغيرهم.
انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٢، و"تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٨٦، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٤ ب.
(٣) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، أحد العلماء المشهورين، ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل. توفي سنة تسع وأربعين ومائة، انظر: "تاريخ بغداد" ١٠/ ٤٠٠، "وفيات الأعيان" ٣/ ١٦٣.
(٤) "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٢، و"تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٨٦.
وفي اسم الشجرة أقوال كثيرة غير هذه. انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٨٦ - ٨٧، والثعلبي ١/ ٦٠ ب، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٥٢، "زاد المسير" ١/ ٦٦، "التعريف والإعلام" للسهيلي: ص ١٩، "غرر التبيان في مبهمات القرآن": ص ٣٩، رسالة ماجستير، "مفحمات الأقران في مبهمات القرآن" للسيوطي ص ١٢.
(٥) (محمد) ساقط من (ب).
381
أنه كان منهياً عن أكل شجرة ما، وليس علينا من الجهل بتفصيله شيء (١). واختلفوا في كيفية أكل آدم من الشجرة. فقال بعضهم: [انهى] (٢) نهي عن جنس من الشجرة، ونص له على واحد بعينه، فتأول أن التحريم في واحدة بعينها فأكل من جنسها (٣). وقال بعضهم: إنه نسي الوجوب وحمل النهي فيه على التنزيه، وإن كان فيه ما يدل على أنه للتحريم، وهو اقترانه بذكر الوعيد في قوله: ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ (٤). وكان سعيد بن المسيب يحلف بالله ما يستثني ما أكل آدم من الشجرة وهو يعقل، ولكن حواء سقته الخمر حتى إذا سكر قادته إليها، فأكل (٥). ورُدّ هذا على سعيد بأن قيل: لو كان الأمر على ما وصف لم يكن عاصياً، والله تعالى، أخبر عنه بالعصيان (٦)،
(١) ومما قاله الطبري (.. وذلك علم إذا علم لم ينفع العالم به علمه، وإن جهله جاهل لم يضره جهله به)، "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٢. وبهذا قال أكثر المفسرين، إن الإطالة في هذا من التكلف الذي لا فائدة فيه، ولكفينا ما ذكر الله في كتابه: أنه نهى آدم عن أكل الشجرة، وأن آدم عصى ربه وأكل منها، ثم تاب عليه. انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٥٢، و"تفسير الرازي" ٣/ ٥. و"تفسير ابن كثير" ١/ ٨٤.
(٢) كذا في جميع النسخ ولعلها (إنه).
(٣) انظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٤ ب، "أحكام القرآن" لابن العربي ١/ ١٨، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٦٠، "زاد المسير" ١/ ٦٨.
(٤) انظر "أحكام القرآن" لابن العربي ١/ ١٨، و"زاد المسير" ١/ ٦٨، ورجع الرازي أن النهي للتنزيه، وقال: إن كل مذهب كان أفضى إلى عصمة الأنبياء -عليهم السلام- كان أولى، وأجاب عن أدلة الذين قالوا: إنه للتحريم. انظر "تفسير الرازي" ٣/ ٥.
(٥) ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٣٧، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٥ أ، وابن العربي في "أحكام القرآن" ١/ ١٨، والقرطبي ١/ ٢٦٠.
(٦) وقد رده ابن العربي ردَّا قويًّا حيث قال: (أما القول بأن آدم أكلها سكران ففاسد نقلا وعقلا: أما النقل: فلأن هذا لم يصح بحال، وقد نقل عن ابن عباس أن =
(٢) كذا في جميع النسخ ولعلها (إنه).
(٣) انظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٤ ب، "أحكام القرآن" لابن العربي ١/ ١٨، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٦٠، "زاد المسير" ١/ ٦٨.
(٤) انظر "أحكام القرآن" لابن العربي ١/ ١٨، و"زاد المسير" ١/ ٦٨، ورجع الرازي أن النهي للتنزيه، وقال: إن كل مذهب كان أفضى إلى عصمة الأنبياء -عليهم السلام- كان أولى، وأجاب عن أدلة الذين قالوا: إنه للتحريم. انظر "تفسير الرازي" ٣/ ٥.
(٥) ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٣٧، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٥ أ، وابن العربي في "أحكام القرآن" ١/ ١٨، والقرطبي ١/ ٢٦٠.
(٦) وقد رده ابن العربي ردَّا قويًّا حيث قال: (أما القول بأن آدم أكلها سكران ففاسد نقلا وعقلا: أما النقل: فلأن هذا لم يصح بحال، وقد نقل عن ابن عباس أن =
382
وفي الجملة كان ذلك الأكل معصية من آدم، ولكنه كان قبل النبوة.
وقوله تعالى: ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. قال الفراء: إن شئت جعلت (فتكونا) جواباً نصباً، لأنه جواب النهي بالفاء. وإن شئت عطفته على أول الكلام، فكان جزماً مثل قول امرئ القيس (١):
وقوله تعالى: ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. قال الفراء: إن شئت جعلت (فتكونا) جواباً نصباً، لأنه جواب النهي بالفاء. وإن شئت عطفته على أول الكلام، فكان جزماً مثل قول امرئ القيس (١):
| فَقُلْتُ لَهُ صَوِّب ولا تُجْهِدَنَّه | فَيُذْرِكَ (٢) مِنْ أُخْرى القَطَاةِ فَتزْلَقِ (٣) |
= الشجرة التي نهي عنها الكرم، فكيف ينهى عنها ويوقعه الشيطان فيها، وقد وصف الله خمر الجنة بأنها لا غول فيها، فكيف توصف بغير صفتها التي أخبر الله تعالى عنها. وأما العقل: فلأن الأنبياء بعد النبوة منزهون عما يؤدي إلى الإخلال بالفرائض واقتحام الجرائم "أحكام القرآن" ١/ ١٩. وأقول: لا داعي لكل هذه التوجيهات لفعل آدم -عليه السلام- بل الأولى أن نجيب بما قال الله عنه: ﴿فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (١٢٢)﴾ [طه: ١٢١ - ١٢٢].
(١) كذا منسوبًا إلى امرئ القيس في أكثر المصادر، ونسبه سيبويه إلى (عمرو ابن عمار الطائي) قال عبد السلام هارون معلقا على نسبته إلى امرئ القيس: ليس في "ديوانه". قلت: هو في "ديوانه" ص ١٠٦.
(٢) في (أ)، (ج): (فيدرك) بالدال، وفي (ب): (فتدرك)، وكلاهما تصحيف.
(٣) يروى (فيدنك) كذا عند سيبويه. يقول مخاطبًا للغلام الذي سبق ذكره في الأبيات قبله: صوب الفرس ولا تجهده، لا تحمله على العدو فيصرعك، يقال: أذراه عن فرسه: إذا صرعه وألقاه، والقطاة من الفرس: موضع الردف. انظر: "ديوان امرئ القيس" ص ١٧٤، "الكتاب" ٣/ ١٠١، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٦، و"تفسير الطبري" ١/ ٢٣٤، "اللسان" (ذرا) ٣/ ١٤٩١، "الخزانة" ٨/ ٥٢٦، "الدر المصون" ١/ ٢٨٦، "البحر" ١/ ١٥٩. والشاهد عند سيبويه: جزم (فيدنك) حملا على النهي، ولو أمكنه النصب بالفاء على جواب النهي لجاز.
(١) كذا منسوبًا إلى امرئ القيس في أكثر المصادر، ونسبه سيبويه إلى (عمرو ابن عمار الطائي) قال عبد السلام هارون معلقا على نسبته إلى امرئ القيس: ليس في "ديوانه". قلت: هو في "ديوانه" ص ١٠٦.
(٢) في (أ)، (ج): (فيدرك) بالدال، وفي (ب): (فتدرك)، وكلاهما تصحيف.
(٣) يروى (فيدنك) كذا عند سيبويه. يقول مخاطبًا للغلام الذي سبق ذكره في الأبيات قبله: صوب الفرس ولا تجهده، لا تحمله على العدو فيصرعك، يقال: أذراه عن فرسه: إذا صرعه وألقاه، والقطاة من الفرس: موضع الردف. انظر: "ديوان امرئ القيس" ص ١٧٤، "الكتاب" ٣/ ١٠١، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٦، و"تفسير الطبري" ١/ ٢٣٤، "اللسان" (ذرا) ٣/ ١٤٩١، "الخزانة" ٨/ ٥٢٦، "الدر المصون" ١/ ٢٨٦، "البحر" ١/ ١٥٩. والشاهد عند سيبويه: جزم (فيدنك) حملا على النهي، ولو أمكنه النصب بالفاء على جواب النهي لجاز.
383
فجزم (١)، ومعناه: كأنه تكرير النهي.
ومعنى الفاء والنصب جزاء (٢)، أي لا تفعل هذا فيفعل بك، فلما عطف حرف على غير ما يشاكله، وكان في أوله حادث لا يصلح في الثاني نصب (٣).
وقال الزجاج: إنما نصب بإضمار (أن) (٤). ومثله (٥) مما نصب بالفاء قوله: ﴿وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ﴾ [طه: ٨١] ﴿لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ﴾ [طه: ٦١]، (٦). وما كان من نهي (٧) ففيه الوجهان، ولا يجوز الرفع إلا أن تريد الاستئناف ولا تجعله جواباً، كقولك: لا تركبْ إلى فلان
ومعنى الفاء والنصب جزاء (٢)، أي لا تفعل هذا فيفعل بك، فلما عطف حرف على غير ما يشاكله، وكان في أوله حادث لا يصلح في الثاني نصب (٣).
وقال الزجاج: إنما نصب بإضمار (أن) (٤). ومثله (٥) مما نصب بالفاء قوله: ﴿وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ﴾ [طه: ٨١] ﴿لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ﴾ [طه: ٦١]، (٦). وما كان من نهي (٧) ففيه الوجهان، ولا يجوز الرفع إلا أن تريد الاستئناف ولا تجعله جواباً، كقولك: لا تركبْ إلى فلان
(١) (جزم) ساقط من (ج).
(٢) في "المعاني" للفراء: (ومعنى الجواب والنصب لا تفعل هذا فيفعل بك مجازاة، فلما عطف حرف.. إلخ) ١/ ٢٧.
(٣) انتهى ما نقله عن الفراء، ويعود للنقل منه بعد كلام الزجاج. "معاني القرآن" ١/ ٢٦، ٢٧، وما ذكره هو مذهب الكوفيين في الفعل المضارع الواقع بعد الفاء في جواب: الأمر والنهي والنفي والاستفهام والتمني والعرض. ينصب بالخلاف، أي أن الجواب مخالف لما قبله. انظر: "الإنصاف" ٢/ ٥٥٧، "الدر المصون" ١/ ٢٨٦، ونصر هذا القول الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٣٤.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٣. وقال: نصبه عند سيبويه والخليل بإضمار (أن). وما ذكر هو مذهب البصريين كما في "الإنصاف" ٢/ ٥٥٧، ٥٥٨، وبهذا قال الأخفش في "المعاني" ١/ ٢٢٢، وانظر: "الدر المصون" ١/ ٢٨٦، وقد رد هذا القول الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٣٤.
(٥) هذا عود على كلام الفراء.
(٦) والآيتان وردتا ضمن كلام الفراء.
(٧) في "معاني القرآن" للفراء: (وما كان من نفي ففيه ما في هذا (يريد ما في النهي) ولا يجوز الرفع في أحد الوجهين (النفي والنهي) إلا أن تريد الاستئناف.. إلخ) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٧.
(٢) في "المعاني" للفراء: (ومعنى الجواب والنصب لا تفعل هذا فيفعل بك مجازاة، فلما عطف حرف.. إلخ) ١/ ٢٧.
(٣) انتهى ما نقله عن الفراء، ويعود للنقل منه بعد كلام الزجاج. "معاني القرآن" ١/ ٢٦، ٢٧، وما ذكره هو مذهب الكوفيين في الفعل المضارع الواقع بعد الفاء في جواب: الأمر والنهي والنفي والاستفهام والتمني والعرض. ينصب بالخلاف، أي أن الجواب مخالف لما قبله. انظر: "الإنصاف" ٢/ ٥٥٧، "الدر المصون" ١/ ٢٨٦، ونصر هذا القول الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٣٤.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٣. وقال: نصبه عند سيبويه والخليل بإضمار (أن). وما ذكر هو مذهب البصريين كما في "الإنصاف" ٢/ ٥٥٧، ٥٥٨، وبهذا قال الأخفش في "المعاني" ١/ ٢٢٢، وانظر: "الدر المصون" ١/ ٢٨٦، وقد رد هذا القول الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٣٤.
(٥) هذا عود على كلام الفراء.
(٦) والآيتان وردتا ضمن كلام الفراء.
(٧) في "معاني القرآن" للفراء: (وما كان من نفي ففيه ما في هذا (يريد ما في النهي) ولا يجوز الرفع في أحد الوجهين (النفي والنهي) إلا أن تريد الاستئناف.. إلخ) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٧.
384
فيركبُ إليك، يريد (١) لا تركب إليه فإنه سيركب إليك.
قال الأعشى (٢):
أراد ألم تسأل الربع، فإنه يخبرك عن أهله (٤).
وقوله تعالى: ﴿مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. يقال: ظَلَمَه يَظْلِمُه ظُلمًا، فالظلم مصدر حقيقي، والظلم الاسم يقوم مقام المصدر. ومن أمثال (٥) العرب: (من أشبه أباه فما ظلم). قال الأصمعي: أي ما وضع الشبه غير موضعه (٦).
قال الأعشى (٢):
| ألمْ تَسْأَلِ الرَّبْعَ القَدِيَم فَيَنْطِقُ | وهَلْ تُخْبِرَنْكَ اليَومَ بَيْدَاءُ سَمْلَقُ (٣) |
وقوله تعالى: ﴿مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. يقال: ظَلَمَه يَظْلِمُه ظُلمًا، فالظلم مصدر حقيقي، والظلم الاسم يقوم مقام المصدر. ومن أمثال (٥) العرب: (من أشبه أباه فما ظلم). قال الأصمعي: أي ما وضع الشبه غير موضعه (٦).
(١) في جميع النسخ (يريد) وبالتاء جاء في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٧.
(٢) البيت لجميل بن معمر العذري، كما في "الخزانة" ٨/ ٥٢٦. وفي "ديوانه": ص ١٤٥. وكذا نسبه أكثرهم، ولم أجد من نسبه للأعشى، ولعله اشتبه عند الواحدي بقول الأعشى:
(٣) يروى البيت (القواء) مكان (القديم)، معنى الربع: الدار بعينها حيثما كانت. والقواء: القفر، وكذا البيداء، والسملق: الأرض المستوية، أو الجرداء لا شجر فيها، يقول: وقد تخيل القواء ناطقا، ألا تسأله، ثم نفى ذلك عنه وحقق أنه لا يجيب سائله لعدم القاطنين به. ورد البيت في "الكتاب" ٣/ ٣٧، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٧، "الجمل" للزجاجي: ص ١٩٤، "شرح المفصل" ٧/ ٣٦، "همع الهوامع" ٤/ ١٢٢، ٥/ ٢٣٥، وشرح "شذرات الذهب": ص ٣٦٧، "الخزانة" ٨/ ٥٢٤، "مغني اللبيب" ١/ ١٦٨، "ديوان جميل ": ص ٧٠.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٧.
(٥) ذكره الأزهري عن الليث. "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٢٤٨، وانظر: "لسان العرب" (ظلم) ٥/ ٢٧٥٧.
(٦) ويجوز أن يكون المعنى: فما ظلم الأب: أي لم يظلم حين وضع زرعه حيث أدى إليه الشبه، انظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري ٢/ ٢٤٤، "الوسيط" في الأمثال =
(٢) البيت لجميل بن معمر العذري، كما في "الخزانة" ٨/ ٥٢٦. وفي "ديوانه": ص ١٤٥. وكذا نسبه أكثرهم، ولم أجد من نسبه للأعشى، ولعله اشتبه عند الواحدي بقول الأعشى:
| وإن أمرا أسرى أليك ودونه | من الأرض موماة وبيداء سملق |
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٧.
(٥) ذكره الأزهري عن الليث. "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٢٤٨، وانظر: "لسان العرب" (ظلم) ٥/ ٢٧٥٧.
(٦) ويجوز أن يكون المعنى: فما ظلم الأب: أي لم يظلم حين وضع زرعه حيث أدى إليه الشبه، انظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري ٢/ ٢٤٤، "الوسيط" في الأمثال =
385
وقال أحمد بن يحيى وأبو الهيثم: يقال: ظلمت السّقاء، وظلمت اللبن إذا شربته أو سقيته قبل إدراكه وإخراج زبدته (١). وقال ابن السكيت: ظلمت وطبي (٢) للقوم بهذا المعنى (٣). قال أبو عبيد: ويقال لذلك اللبن المظلوم والظليم (٤)، وأنشد شمر:
وقال الفراء: ظلم الوادي إذا بلغ الماء منه موضعاً لم يكن ناله فيما خلا، وأنشد:
قال: ويقال: هو أظلم من حية، لأنها تأتي الجحر لم تحفره
| وقَائِلةٍ ظَلَمْتُ لَكُمْ سِقَائِي | وهَلْ يَخْفَى عَلَى العَكِدِ الظَّليِمُ (٥) |
| يَكَاد يَطْلُعُ ظُلْماً ثُمَّ يَمْنَعُه | عَنِ الشَّوَاهِقِ فَالوَادِي بِهِ شَرِقُ (٦) |
= للمؤلف ص ١٥٥، "المستقصي" ٢/ ٣٥٢، "مجمع الأمثال" ٢/ ٣٠٠، "تهذيب اللغة" (ظلم) ٣/ ٢٢٤٨، "اللسان" (ظلم) ٥/ ٢٧٥٧.
(١) في "تهذيب اللغة": أخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى وعن أبي الهيثم أنهما قالا: ثم ذكره ٣/ ٢٢٤٩، "اللسان" (ظلم) ٥/ ٢٧٥٨.
(٢) الوطب: سقاء اللبن. انظر (القاموس) (وطب): ص ١٤٢.
(٣) انظر "إصلاح المنطق": ص ٣٥٢، "تهذيب اللغة" (ظلم) ٣/ ٢٢٤٩، "اللسان" (ظلم) ٥/ ٢٧٥٨.
(٤) في "التهذيب": المظلوم والظليمة، ٣/ ٢٢٤٩، وكذا "اللسان" (ظلم) ٥/ ٢٧٥٧.
(٥) البيت غير منسوب في "تهذيب اللغة" (ظلم) ٣/ ٢٢٤٩، وكذا في "الصحاح" ٥/ ١٩٧٨، "مقاييس اللغة" ٣/ ٤٦٩، "اللسان" ٥/ ٢٧٥٧، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٦٤، والعكد: أصل (اللسان).
(٦) البيت في "معاني القرآن" للفراء١/ ٣٩٧، "تهذيب اللغة" (ظلم) ٣/ ٢٢٤٩، "اللسان" ٥/ ٢٧٥٨، غير منسوب.
(١) في "تهذيب اللغة": أخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى وعن أبي الهيثم أنهما قالا: ثم ذكره ٣/ ٢٢٤٩، "اللسان" (ظلم) ٥/ ٢٧٥٨.
(٢) الوطب: سقاء اللبن. انظر (القاموس) (وطب): ص ١٤٢.
(٣) انظر "إصلاح المنطق": ص ٣٥٢، "تهذيب اللغة" (ظلم) ٣/ ٢٢٤٩، "اللسان" (ظلم) ٥/ ٢٧٥٨.
(٤) في "التهذيب": المظلوم والظليمة، ٣/ ٢٢٤٩، وكذا "اللسان" (ظلم) ٥/ ٢٧٥٧.
(٥) البيت غير منسوب في "تهذيب اللغة" (ظلم) ٣/ ٢٢٤٩، وكذا في "الصحاح" ٥/ ١٩٧٨، "مقاييس اللغة" ٣/ ٤٦٩، "اللسان" ٥/ ٢٧٥٧، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٢٦٤، والعكد: أصل (اللسان).
(٦) البيت في "معاني القرآن" للفراء١/ ٣٩٧، "تهذيب اللغة" (ظلم) ٣/ ٢٢٤٩، "اللسان" ٥/ ٢٧٥٨، غير منسوب.
386
فتسكنه (١). وقال ابن السكيت في قول النابغة:
والنُّؤْيُ كَالحَوْضِ بِالمظْلُومَةِ الجَلَدِ (٢)
يعني بالمظلومة أرضاً في برية حوّضوا فيها حوضاً سقوا فيه إبلهم، وليست بموضوع تحويض. قال: وأصل الظلم، وضع الشيء غير (٣) موضعه، قال: ومنه قول ابن مقبل:
هُرْتُ الشَّقَاشِقِ ظَلَّامُونَ للجُزُرِ (٤)
والنُّؤْيُ كَالحَوْضِ بِالمظْلُومَةِ الجَلَدِ (٢)
يعني بالمظلومة أرضاً في برية حوّضوا فيها حوضاً سقوا فيه إبلهم، وليست بموضوع تحويض. قال: وأصل الظلم، وضع الشيء غير (٣) موضعه، قال: ومنه قول ابن مقبل:
هُرْتُ الشَّقَاشِقِ ظَلَّامُونَ للجُزُرِ (٤)
(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٩٧، "تهذيب اللغة" (ظلم) ٣/ ٢٢٤٩، وانظر "الصحاح" (ظلم) ٥/ ١٩٧٨، "اللسان" (ظلم) ٥/ ٢٧٥٨.
(٢) عجز بيت للنابغة الذبياني من قصيدة يمدح بها النعمان بن المنذر وصدره:
إلاَّ أَوَاريُ لَأْيًا ما أُبَيِّنُهَا
الأواري: محابس الخيل، وتروى (الأواري) بالرفع على البدل، وبالنصب على الاستثناء، لأياً: بطئا، والمعنى أبينها بعد لأي لتغير معالمها، والنُّؤْي: حاجز حول الخباء يمنع عنه الماء، والمظلومة: أرض حفر فيها الحوض لغير إقامة، فظلمت لذلك، والجلد: الصلبة. ورد البيت في "الكتاب" ٢/ ٣٢١، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٨٨، ٤٨٠، "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٤، "المقتضب" ٤/ ٤١٤، "التهذيب" "ظلم" ٣/ ٢٢٤٩، "الجمل" للزجاجي ص ٢٣٦، "الإنصاف" ص ٢٣٤، "الأزهية في علم الحروف" ٨٠، "الهمع" ٣/ ٢٥٠، ٢٥٥، "شرح المفصل" ٢/ ٨٠، "الخزانة" ٤/ ١٢١، "الدر المصون" ١/ ٢٨٦، "ديوان النابغة": ص ٩.
(٣) في "تهذيب اللغة" (في غير) ٣/ ٢٢٤٩.
(٤) وصدره:
عَادَ الأذِلَّةُ في دَارٍ وَكَان بِهَا
قوله: هرت الشقاشق: أي: ماهرون في الخطابة والكلام، تقول العرب للخطيب الجهير الصوت الماهر بالكلام: هو أهرت الشِّقْشِقَة. والشِّقْشِقَة: لحمة كالرئة يخرجها البعير الفحل من فيه عند هياجه. =
(٢) عجز بيت للنابغة الذبياني من قصيدة يمدح بها النعمان بن المنذر وصدره:
إلاَّ أَوَاريُ لَأْيًا ما أُبَيِّنُهَا
الأواري: محابس الخيل، وتروى (الأواري) بالرفع على البدل، وبالنصب على الاستثناء، لأياً: بطئا، والمعنى أبينها بعد لأي لتغير معالمها، والنُّؤْي: حاجز حول الخباء يمنع عنه الماء، والمظلومة: أرض حفر فيها الحوض لغير إقامة، فظلمت لذلك، والجلد: الصلبة. ورد البيت في "الكتاب" ٢/ ٣٢١، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٨٨، ٤٨٠، "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٤، "المقتضب" ٤/ ٤١٤، "التهذيب" "ظلم" ٣/ ٢٢٤٩، "الجمل" للزجاجي ص ٢٣٦، "الإنصاف" ص ٢٣٤، "الأزهية في علم الحروف" ٨٠، "الهمع" ٣/ ٢٥٠، ٢٥٥، "شرح المفصل" ٢/ ٨٠، "الخزانة" ٤/ ١٢١، "الدر المصون" ١/ ٢٨٦، "ديوان النابغة": ص ٩.
(٣) في "تهذيب اللغة" (في غير) ٣/ ٢٢٤٩.
(٤) وصدره:
عَادَ الأذِلَّةُ في دَارٍ وَكَان بِهَا
قوله: هرت الشقاشق: أي: ماهرون في الخطابة والكلام، تقول العرب للخطيب الجهير الصوت الماهر بالكلام: هو أهرت الشِّقْشِقَة. والشِّقْشِقَة: لحمة كالرئة يخرجها البعير الفحل من فيه عند هياجه. =
387
وظلم الجزور أنهم نحروها من غير مرض، فوضعوا النحر في غير موضعه (١). وقول زهير:
... وَيُظْلَمُ أَحْيَاناً فَيَنْظَلِمُ (٢)
أي يطلب منه في غير موضع الطلب (٣).
ومعنى قوله: ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ أي من العاصين الذين وضعوا الأمر غير موضعه (٤).
والعاصي ظالم لوضعه أمر الله في غير موضعه، ووضعه المعصية حيث يجب أن يطيع.
وقال بعضهم: معنى (٥) قوله: ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ أي (٦): الباخسين
... وَيُظْلَمُ أَحْيَاناً فَيَنْظَلِمُ (٢)
أي يطلب منه في غير موضع الطلب (٣).
ومعنى قوله: ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ أي من العاصين الذين وضعوا الأمر غير موضعه (٤).
والعاصي ظالم لوضعه أمر الله في غير موضعه، ووضعه المعصية حيث يجب أن يطيع.
وقال بعضهم: معنى (٥) قوله: ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ أي (٦): الباخسين
= ورد البيت في "ديوان ابن مقبل": ص ٨١، "التهذيب" (ظلم) ٣/ ٢٢٤٩، "اللسان" (هرت) ٨/ ٤٦٤٧، "شقق" ٤/ ٢٣٠٠، (ظلم) ١/ ٢٧٥٨. "الصحاح" (ظلم) ٣/ ١٩٧٨، "جمهرة اللغة" ١/ ١٣٨، "مقاييس اللغة" (ظلم) ٣/ ٤٦٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٦٤، "أمالي القالي" ٢/ ١٠١.
(١) انتهى كلام ابن السكيت ملخصًا من "تهذيب اللغة" (ظلم) ٣/ ٢٢٤٩. ولم أجده في "إصلاح المنطق".
(٢) جزء من بيت، وصدره:
هُوَ الجَوَادُ الذِي يُعْطِيكَ نَائلَهُ... عَفْواَ وَيُظلَمُ..............
ويروى (هذا الجواد)، (فيطلم) و (فيظلم) والبيت قاله زهير في مدح هرم بن سنان ورد في "الكتاب" ٤/ ٤٦٨، "تهذيب اللغة" (ظلم) ١/ ٢٢٥٠، "الصحاح" (ظلم) ٥/ ١٩٧٧، "مقاييس اللغة" (ظلم) ٣/ ٤٦٩، "اللسان" (ظلم) ٥/ ٢٧٥٩، "شرح المفصل" ١٠/ ٤٧، "شرح ديوان زهير" ص ١٥٢.
(٣) في "تهذيب اللغة" ١/ ٢٢٥٠ (ظلم): (وقال الأصمعي في قول زهير..).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٤.
(٥) (معنى قوله) ساقط من (ب).
(٦) في (ب): (أي من).
(١) انتهى كلام ابن السكيت ملخصًا من "تهذيب اللغة" (ظلم) ٣/ ٢٢٤٩. ولم أجده في "إصلاح المنطق".
(٢) جزء من بيت، وصدره:
هُوَ الجَوَادُ الذِي يُعْطِيكَ نَائلَهُ... عَفْواَ وَيُظلَمُ..............
ويروى (هذا الجواد)، (فيطلم) و (فيظلم) والبيت قاله زهير في مدح هرم بن سنان ورد في "الكتاب" ٤/ ٤٦٨، "تهذيب اللغة" (ظلم) ١/ ٢٢٥٠، "الصحاح" (ظلم) ٥/ ١٩٧٧، "مقاييس اللغة" (ظلم) ٣/ ٤٦٩، "اللسان" (ظلم) ٥/ ٢٧٥٩، "شرح المفصل" ١٠/ ٤٧، "شرح ديوان زهير" ص ١٥٢.
(٣) في "تهذيب اللغة" ١/ ٢٢٥٠ (ظلم): (وقال الأصمعي في قول زهير..).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٤.
(٥) (معنى قوله) ساقط من (ب).
(٦) في (ب): (أي من).
388
حقوقكما (١)، والظلم قد يكون بمعنى بخس الحق (٢)، قال الله تعالى: ﴿آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ [الكهف: ٣٣] أي: لم تنقص. ومنه يقال: ظلمه حقه، أي: نقصه (٣).
وقال الفراء في قوله تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (٤) أي: ما نقصونا شيئاً بما فعلوا ولكن نقصوا حظ أنفسهم (٥).
٣٦ - وقوله تعالى: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا﴾ الآية. قال أبو علي الفارسي (٦): ﴿فَأَزَلَّهُمَا﴾ يحتمل تأويلين:
أحدهما: كسبهما الزلة (٧) وحملهما عليها.
والآخر: أن يكون (أزل) من (زلّ) الذي يراد به عثر (٨).
فالدلالة (٩) على الوجه الأول ما جاء في التنزيل من تزيينه لهما (١٠) تناوُلَ ما حظر عليهما جنسه، بقوله: ﴿مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ﴾
وقال الفراء في قوله تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (٤) أي: ما نقصونا شيئاً بما فعلوا ولكن نقصوا حظ أنفسهم (٥).
٣٦ - وقوله تعالى: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا﴾ الآية. قال أبو علي الفارسي (٦): ﴿فَأَزَلَّهُمَا﴾ يحتمل تأويلين:
أحدهما: كسبهما الزلة (٧) وحملهما عليها.
والآخر: أن يكون (أزل) من (زلّ) الذي يراد به عثر (٨).
فالدلالة (٩) على الوجه الأول ما جاء في التنزيل من تزيينه لهما (١٠) تناوُلَ ما حظر عليهما جنسه، بقوله: ﴿مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ﴾
(١) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١١١، و"الثعلبي" ١/ ٦٤ ب، و"البيضاوي" ١/ ٢٢، و"النسفي" ١/ ٣٨.
(٢) (الحق) ساقط من (ب).
(٣) انظر: "التهذيب" (ظلم) ٣/ ٢٢٤٨، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٩٧، "اللسان" (ظلم) ٥/ ٢٧٥٧.
(٤) سورة البقرة: ٥٧، سورة الأعراف: ١٦٠.
(٥) "معاني القرآن" ١/ ٣٩٧، "تهذيب اللغة" (ظلم) ٣/ ٢٢٤٨.
(٦) "الحجة" ٢/ ١٧.
(٧) أي كان سببًا لهما لكسب الخطيئة التي عاقبهما الله عليها، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٤.
(٨) انظر: "تهذيب اللغة" (زل) ٢/ ١٥٥٠، و"معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٣،
(٩) في (ب): (بالدلالة).
(١٠) في (ب): (إنما).
(٢) (الحق) ساقط من (ب).
(٣) انظر: "التهذيب" (ظلم) ٣/ ٢٢٤٨، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٩٧، "اللسان" (ظلم) ٥/ ٢٧٥٧.
(٤) سورة البقرة: ٥٧، سورة الأعراف: ١٦٠.
(٥) "معاني القرآن" ١/ ٣٩٧، "تهذيب اللغة" (ظلم) ٣/ ٢٢٤٨.
(٦) "الحجة" ٢/ ١٧.
(٧) أي كان سببًا لهما لكسب الخطيئة التي عاقبهما الله عليها، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٤.
(٨) انظر: "تهذيب اللغة" (زل) ٢/ ١٥٥٠، و"معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٣،
(٩) في (ب): (بالدلالة).
(١٠) في (ب): (إنما).
389
[الأعراف: ٢٠] الآية. وقد نسب كسب الإنسان الزلة إلى الشيطان (١)، كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ﴾ [آل عمران: ١٥٥]، و (استزلّ) و (أزلَّ) واحد، كقولهم: استجاب وأجاب، واستخلف لأهله وأخلف، فكما (٢) أن استزلهم من الزلة، والمعنى فيه كسبهم الزلة، وكذلك قوله: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ﴾ (٣).
وقوله تعالى: ﴿عَنْهَا﴾ على هذا التأويل يكون بمعنى (عليها) والكناية تعود إلى (الزلة) (٤) وإن لم يجر لها ذكر، لأن المصدر والاسم يدل عليهما الفعل، فقوله: (أزلهما) يدل على: (الزلة) فكان معناه حملهما (٥) على الزلة، ويجوز أن يقع (٦) (عن) موقع (على) و (على) موقع (عن) (٧).
وقوله تعالى: ﴿عَنْهَا﴾ على هذا التأويل يكون بمعنى (عليها) والكناية تعود إلى (الزلة) (٤) وإن لم يجر لها ذكر، لأن المصدر والاسم يدل عليهما الفعل، فقوله: (أزلهما) يدل على: (الزلة) فكان معناه حملهما (٥) على الزلة، ويجوز أن يقع (٦) (عن) موقع (على) و (على) موقع (عن) (٧).
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٤، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٣٧، "العمدة في الغريب" لمكي ص ٧٣، فإبليس سبب ارتكابهما الخطيئة التي عاقبهما الله عليها بإخراجهما من الجنة، والله هو خالق الإنسان وخالق فعله.
(٢) في (ب): (وكما).
(٣) انتهى ما نقله المؤلف من "الحجة" عن الوجه الأول، ويعود مرة أخرى ينقل منه الوجه الثاني، "الحجة" ٢/ ١٨.
(٤) ذكر جمهور المفسرين أن الكناية تعود على واحد من أمور: (١) الشجرة، (٢) الجنة، (٣) الطاعة، (٤) الحالة التي هما عليها، (٥) السماء، وهو بعيد، وأقربها: إما للشجرة فتكون (عن) للسبب، أو للجنة وهذا متعين على قراءة حمزة (أزالهما)، انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٦ ب، و"ابن عطية" ١/ ٢٥٤، "الكشاف" ١/ ٢٧٣، "زاد المسير" ١/ ٦٧، "البحر" ١/ ١٦٢، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٨٥، "الدر المصون" ١/ ٢٨٨.
(٥) في (ب): (حملها).
(٦) في (ب): (تقع).
(٧) انظر: "الأزهية في علم الحروف" ص ٢٧٦، ٢٧٩، "حروف المعاني" ص ٧٩.
(٢) في (ب): (وكما).
(٣) انتهى ما نقله المؤلف من "الحجة" عن الوجه الأول، ويعود مرة أخرى ينقل منه الوجه الثاني، "الحجة" ٢/ ١٨.
(٤) ذكر جمهور المفسرين أن الكناية تعود على واحد من أمور: (١) الشجرة، (٢) الجنة، (٣) الطاعة، (٤) الحالة التي هما عليها، (٥) السماء، وهو بعيد، وأقربها: إما للشجرة فتكون (عن) للسبب، أو للجنة وهذا متعين على قراءة حمزة (أزالهما)، انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٦ ب، و"ابن عطية" ١/ ٢٥٤، "الكشاف" ١/ ٢٧٣، "زاد المسير" ١/ ٦٧، "البحر" ١/ ١٦٢، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٨٥، "الدر المصون" ١/ ٢٨٨.
(٥) في (ب): (حملها).
(٦) في (ب): (تقع).
(٧) انظر: "الأزهية في علم الحروف" ص ٢٧٦، ٢٧٩، "حروف المعاني" ص ٧٩.
390
قال ذو الإصبع:
(عني) معنى (عليّ). [وقال آخر، فجعل (علي) بمعنى: (عني)] (٣):
والوجه الآخر (٥): أن يكون (أزلهما) من زل عن المكان إذا عثر ولم يثبت عليه، يقال: زلت قدمه زَلَلاً وزَليِلًا، إذا لم تثبت (٦) قال لبيد:
| لَاهِ ابن عَمِّكَ (١) مَا أَفْضَلْتَ فِي حَسَبٍ | عَنِّي وَلَا أَنْتَ دَيَّانِي فَتَخْزُونِي (٢) |
| إِذَا رَضِيَتْ عَليّ بَنُو قُشَيْرٍ | لَعَمْرُ اللهِ أَعْجَبَنِي رِضَاهَا (٤) |
(١) في (أ)، (ج): (عمتك).
(٢) لاه: أراد الله فحذف لام الجر ولام التعريف، يقول: لم بفضل علي في الحسب، ولا انت دياني: مالك أمري، فتخزوني: تقهرني. ورد البيت في "المفضليات" ص١٦٠، ١٦٢، "الخصائص" ٢/ ٢٨٨. "الأزهية" ص ٢٧٩ "حروف المعاني" ص ٧٩ "مجالس العلماء" للزجاجي ص ٧١، و"شرح جمل الزجاجي" لابن عصفور ١/ ٤٨٣، "أمالي المرتضى" ١/ ٢٥٢، "الإنصاف" ص ٣٣٥، "مغني اللبيب" ١/ ١٤٧، "الخزانة" ٧/ ١٧٣، "اللسان" (دين) ٣/ ١٤٦٩، (عنن) ٥/ ٣١٤٣، (لوه) ٧/ ٤١٠٧.
(٣) ما بين المعقوقين ساقط من (ب). والمثبت في (أ)، (ج)، وغير مستقيم والأولى أن يؤخر قوله: (فجعل (عليّ) بمعنى (عني) بعد البيت.
(٤) البيت لقُحَيف العُقَيْلِي، ورد في "النوادر" ص ٤٨١، "الكامل" ٢/ ١٩٠، ٣/ ٩٨، "الخصائص" ٢/ ٣١١، ٣٨٩، "المخصص" ١٤/ ٦٥، ١٧/ ١٦٤، "الأزهية" ص ٢٧٧، "الهمع" ٤/ ١٧٦، "اللسان" (رضى) ٣/ ١٦٦٣، "الخزانة"١٠/ ١٣٢.
(٥) (الحجة) ٢/ ١٨.
(٦) قوله: ويقال: زلت قدمه..) وبيت لبيد ليس في "الحجة"، انظر: "تهذيب اللغة" (زل) ٢/ ١٥٥٠.
(٢) لاه: أراد الله فحذف لام الجر ولام التعريف، يقول: لم بفضل علي في الحسب، ولا انت دياني: مالك أمري، فتخزوني: تقهرني. ورد البيت في "المفضليات" ص١٦٠، ١٦٢، "الخصائص" ٢/ ٢٨٨. "الأزهية" ص ٢٧٩ "حروف المعاني" ص ٧٩ "مجالس العلماء" للزجاجي ص ٧١، و"شرح جمل الزجاجي" لابن عصفور ١/ ٤٨٣، "أمالي المرتضى" ١/ ٢٥٢، "الإنصاف" ص ٣٣٥، "مغني اللبيب" ١/ ١٤٧، "الخزانة" ٧/ ١٧٣، "اللسان" (دين) ٣/ ١٤٦٩، (عنن) ٥/ ٣١٤٣، (لوه) ٧/ ٤١٠٧.
(٣) ما بين المعقوقين ساقط من (ب). والمثبت في (أ)، (ج)، وغير مستقيم والأولى أن يؤخر قوله: (فجعل (عليّ) بمعنى (عني) بعد البيت.
(٤) البيت لقُحَيف العُقَيْلِي، ورد في "النوادر" ص ٤٨١، "الكامل" ٢/ ١٩٠، ٣/ ٩٨، "الخصائص" ٢/ ٣١١، ٣٨٩، "المخصص" ١٤/ ٦٥، ١٧/ ١٦٤، "الأزهية" ص ٢٧٧، "الهمع" ٤/ ١٧٦، "اللسان" (رضى) ٣/ ١٦٦٣، "الخزانة"١٠/ ١٣٢.
(٥) (الحجة) ٢/ ١٨.
(٦) قوله: ويقال: زلت قدمه..) وبيت لبيد ليس في "الحجة"، انظر: "تهذيب اللغة" (زل) ٢/ ١٥٥٠.
391
| لَوْ يَقُومُ الفِيلُ أَوْ فَيَّالُهُ | زَلَّ عَنْ مِثْلِ مَقَاسِي وَزَحَل (١) |
وقرأ حمزة: (فأزالهما) (٣). وحجته أن قوله: ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ [البقرة: ٣٥] أمر لهما بالثبات، وتأويله: (اثبتا) فثبتا، فأزالهما الشيطان، فقابل الثبات بالزوال الذي هو خلافه. وفي الآية على هذا التقدير إضمار، كقوله: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ [الشعراء: ٦٣] أي: فضرب فانفلق، ومثله: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦]، أي: فحلق ففدية. ونُسب الفعل إلى الشيطان، لأن زوالهما عنها إنما كان بتزيينه وتسويله فلما كان ذلك منه بسبب، أسند الفعل إليه، كقوله: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ [الأنفال: ١٧] لما كان الرمي بتقوية الله وإرادته وخلقه نسبه إلى نفسه. ومما يقوي هذه القراءة قوله: ﴿فَأَخْرَجَهُمَا﴾ وأخرجهما في المعنى قريب من (فأزالهما) (٤).
(١) وقوله: (أو فياله): هو صاحب الفيل الذي يسوسه، زحل: زل، يقول: لو يقوم الفيل أو صاحبه زل عن مكاني، قيل: هذا البيت مما عيب على لبيد، لظنه القوة الهائلة في صاحب الفيل، انظر: "ديوان لبيد" مع شرحه ص ١٩٤.
(٢) "الحجة" لأبي علي٢/ ١٨.
(٣) "السبعة" لابن مجاهد ص ١٥٤، "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٤، "النشر" ٢/ ٢١١، "البدور الزاهرة" ص ٣٠.
(٤) في (ب): (فأزلهما). "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٥، وانظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٩٤، "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي١/ ٢٣٦، "الحجة" لابن خالويه ص ٧٤.
(٢) "الحجة" لأبي علي٢/ ١٨.
(٣) "السبعة" لابن مجاهد ص ١٥٤، "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٤، "النشر" ٢/ ٢١١، "البدور الزاهرة" ص ٣٠.
(٤) في (ب): (فأزلهما). "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٥، وانظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٩٤، "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي١/ ٢٣٦، "الحجة" لابن خالويه ص ٧٤.
392
فإن قيل: على هذه القراءة يكون قوله: ﴿فَأَخْرَجَهُمَا﴾ تكريرا (١)؟ قيل: إنه (٢) لا يكون تكريراً لا فائدة فيه، ألا ترى أنه يجوز أن يزيلهما عن مواضعهما ولا يخرجهما مما كانا فيه من الرغد والرفاهية، وإذا كان كذلك لم يكن تكريرا غير مفيد، على أن التكرير في مثل هذا الموضع لتفخيم القصة ليس بمكروه بل هو مستحب، كقول القائل: أزلت نعمته وأخرجته من ملكه، غلظت عقوبته (٣).
وقوله تعالى: ﴿مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾. أي: من الطاعة إلى المعصية. وقيل: من الرتبة والمنزلة (٤). وقيل: من الرفاهية ولين العيش (٥).
واختلفوا في كيفية وسوسة إبليس ووصوله (٦) إلى آدم: فقال الأكثرون ومنهم ابن عباس ووهب: إن الحية أدخلت إبليس الجنة (٧) حتى قال لآدم ﴿هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾ [طه: ١٢٠]، فأبى أن يقبل منه، فقاسمهما بالله إنه لهما لمن الناصحين، فاغترّا (٨) وما كانا يظنان أنّ أحداً
وقوله تعالى: ﴿مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾. أي: من الطاعة إلى المعصية. وقيل: من الرتبة والمنزلة (٤). وقيل: من الرفاهية ولين العيش (٥).
واختلفوا في كيفية وسوسة إبليس ووصوله (٦) إلى آدم: فقال الأكثرون ومنهم ابن عباس ووهب: إن الحية أدخلت إبليس الجنة (٧) حتى قال لآدم ﴿هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾ [طه: ١٢٠]، فأبى أن يقبل منه، فقاسمهما بالله إنه لهما لمن الناصحين، فاغترّا (٨) وما كانا يظنان أنّ أحداً
(١) أورد هذا السؤال والإجابة عنه أبو علي في "الحجة"، ونقله الواحدي هنا بنصه، وممن قال إن فيها تكريرا الطبري في "تفسيره"، حيث احتج بذلك على ترجيح قراءة عامة القراء، "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٥.
(٢) في (ب): (لأنه).
(٣) "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٦.
(٤) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٥٦، والقرطبي ١/ ٢٦٦.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٩، و"أبي الليث" ١/ ١١١، و"ابن عطية" ١/ ٢٥٦، "البغوي" ١/ ٨٣، "ابن كثير" ١/ ٨٥، ويمكن حمل الآية على القولين الأخيرين.
(٦) الواو ساقطة من (ب)
(٧) في (ب): (إلى الجنة).
(٨) في (ب)، (ج): (فاغتروا).
(٢) في (ب): (لأنه).
(٣) "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٦.
(٤) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٥٦، والقرطبي ١/ ٢٦٦.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٩، و"أبي الليث" ١/ ١١١، و"ابن عطية" ١/ ٢٥٦، "البغوي" ١/ ٨٣، "ابن كثير" ١/ ٨٥، ويمكن حمل الآية على القولين الأخيرين.
(٦) الواو ساقطة من (ب)
(٧) في (ب): (إلى الجنة).
(٨) في (ب)، (ج): (فاغتروا).
393
يحلف بالله كاذبًا، فبادرت حواء إلى أكل الشجرة ثم ناولت آدم حتى أكلها (١).
وقال الحسن: إنما رآهما على باب الجنة لأنهما كانا يخرجان من الجنة (٢).
وقال الحسن: إنما رآهما على باب الجنة لأنهما كانا يخرجان من الجنة (٢).
(١) هذا لفظ رواية ابن عباس، وبمعناه رواية وهب وقد أخرجهما الطبري ١/ ٢٤٠، ذكر رواية ابن عباس: الليث في "تفسيره" ١/ ١١١، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٥ أ، و"البغوي" ١/ ٨٣، و"ابن عطية" ١/ ٢٥٦، و"القرطبي" ١/ ٢٦٦.
(٢) ذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ٦٣، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٦٧. وهناك قول ثالث: أنه دخل الجنة في صورة حية، وهذا يرجع لأصول القول الأول، وقول رابع ذكره ابن جرير الطبري عن ابن إسحاق وهو: أنه وصل إليهما بطرق الوسوسة، وأنه يخلص إلى ابن آدم في حال نومه ويقظته، ولدعوه إلى المعصية، ويوقع في نفسه الشهوة، وأيد قوله بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال، "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم". كذا ذكر الطبري عن ابن إسحاق، ثم رد قوله ورجح أن الشيطان كلم آدم مشافهة لا وسوسة كما قال: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف: ٢١]، ثم قال: (فالقول في ذلك أنه وصل إلى خطابهما على ما أخبر الله جل ثناؤه، وممكن أن يكون وصل على ذلك بنحو الذي قاله المتأولون بل ذلك إن شاء الله كذلك، لتتابع أقوال أهل التأويل على تصحيح ذلك)، "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٠، قال ابن عطية ١/ ٢٥٦: القول: أنه أغواهما مشافهة قول جمهور العلماء، ومثله قال القرطبي ١/ ٢٦٦.
وإذا نظرنا إلى حال الروايات في كيفية دخول إبليس الجنة وقصة الحية مع إبليس وجدناها أخبارًا إسرائيلية كما قال ذلك ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨٥، وقال "الرازي" بعد ذكره للقول الأول: واعلم أن هذا وأمثاله مما يجب أن لا يلتفت إليه. الرازي ٣/ ١٥، قلت: الله سبحانه وتعالى أخبرنا أن إبليس أزل آدم وكان سببًا في إخراجه من الجنة كما قال ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾. وكيف حصل ذلك، هل بالمشافهة وما طريق المشافهة، أو بالوسوسة؟ كل هذا من علم الغيب الذي لا يثبت إلا بالخبر عن الله سبحانه، أو رسوله، ولا خبر في ذلك يعتمد عليه، ولا ينبني على العلم به كبير فائدة فلا داعي للانشغال بمثله.
(٢) ذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ٦٣، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٦٧. وهناك قول ثالث: أنه دخل الجنة في صورة حية، وهذا يرجع لأصول القول الأول، وقول رابع ذكره ابن جرير الطبري عن ابن إسحاق وهو: أنه وصل إليهما بطرق الوسوسة، وأنه يخلص إلى ابن آدم في حال نومه ويقظته، ولدعوه إلى المعصية، ويوقع في نفسه الشهوة، وأيد قوله بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال، "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم". كذا ذكر الطبري عن ابن إسحاق، ثم رد قوله ورجح أن الشيطان كلم آدم مشافهة لا وسوسة كما قال: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف: ٢١]، ثم قال: (فالقول في ذلك أنه وصل إلى خطابهما على ما أخبر الله جل ثناؤه، وممكن أن يكون وصل على ذلك بنحو الذي قاله المتأولون بل ذلك إن شاء الله كذلك، لتتابع أقوال أهل التأويل على تصحيح ذلك)، "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٠، قال ابن عطية ١/ ٢٥٦: القول: أنه أغواهما مشافهة قول جمهور العلماء، ومثله قال القرطبي ١/ ٢٦٦.
وإذا نظرنا إلى حال الروايات في كيفية دخول إبليس الجنة وقصة الحية مع إبليس وجدناها أخبارًا إسرائيلية كما قال ذلك ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨٥، وقال "الرازي" بعد ذكره للقول الأول: واعلم أن هذا وأمثاله مما يجب أن لا يلتفت إليه. الرازي ٣/ ١٥، قلت: الله سبحانه وتعالى أخبرنا أن إبليس أزل آدم وكان سببًا في إخراجه من الجنة كما قال ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾. وكيف حصل ذلك، هل بالمشافهة وما طريق المشافهة، أو بالوسوسة؟ كل هذا من علم الغيب الذي لا يثبت إلا بالخبر عن الله سبحانه، أو رسوله، ولا خبر في ذلك يعتمد عليه، ولا ينبني على العلم به كبير فائدة فلا داعي للانشغال بمثله.
394
وقوله تعالى: ﴿وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾. (الهبوط) النزول من علو إلى سفل، وهو ضد الصعود (١)، وهو خطاب لآدم، وحواء، والحية، وإبليس (٢) على قول من يقول: إن إبليس أدخلته الحية الجنة (٣).
وقال أبو إسحاق: كان إبليس أهبط أولاً، لأنه قال: ﴿فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾ [الحجر: ٣٤]، وأهبط آدم وحواء بعد ذلك، فجمع الخبر للنبي -عليه [الصلاة] (٤) والسلام لأنهم اجتمعوا في الهبوط وإن اختلف بهم الوقت (٥).
وقال ابن الأنباري: مذهب الفراء أن ﴿اهْبِطُوا﴾ خطاب لآدم وحواء وذريتهما لأن الأب يدل على الذرية إذ كانوا منه (٦).
وقيل: إنه خطاب لآم وحواء. والعرب تخاطب الاثنين بالجمع، لأن التثنية أول الجمع، ومثله من التنزيل قوله: ﴿وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ﴾ [الأنبياء: ٧٨]، يريد حكم داود وسليمان، وقوله: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾
وقال أبو إسحاق: كان إبليس أهبط أولاً، لأنه قال: ﴿فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾ [الحجر: ٣٤]، وأهبط آدم وحواء بعد ذلك، فجمع الخبر للنبي -عليه [الصلاة] (٤) والسلام لأنهم اجتمعوا في الهبوط وإن اختلف بهم الوقت (٥).
وقال ابن الأنباري: مذهب الفراء أن ﴿اهْبِطُوا﴾ خطاب لآدم وحواء وذريتهما لأن الأب يدل على الذرية إذ كانوا منه (٦).
وقيل: إنه خطاب لآم وحواء. والعرب تخاطب الاثنين بالجمع، لأن التثنية أول الجمع، ومثله من التنزيل قوله: ﴿وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ﴾ [الأنبياء: ٧٨]، يريد حكم داود وسليمان، وقوله: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾
(١) انظر: "تهذيب اللغة" (هبط) ٤/ ٢٧٠٦، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٥٧، و"القرطبي" ١/ ٢٧٢، "زاد المسير" ١/ ٦٨.
(٢) أخرجه ابن جرير عن ابن عباس وأبي صالح، والسدي، ومجاهد، انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٠، "تفسير وابن أبي حاتم" من طريق السدي عن ابن عباس ١/ ٨٨ - ٨٩، وذكره أبو الليث في "تفسيره" ١/ ١١٢، و"الثعلبي" ١/ ٦١ أ، و"ابن عطية" عن السدي ١/ ٢٥٧، وانظر: "التعريف والإعلام" للسهيلي ص ١٩، "غرر التبيان" ص ٢٠١، و"زاد المسير" ١/ ٦٨.
(٣) وهي روايات إسرائيلية كما قال ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨٥، انظر ما سبق.
(٤) (الصلاة): ساقط من جميع النسخ.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ص ٤٨.
(٦) "معاني القرآن" للفراء: (قوله: ﴿وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ فإنه خاطب آدم وامرأته، ويقال أيضًا: آدم وإبليس، وقال (اهبطوا) يعنيه ويعني ذريته فكأنه خاطبهم) ١/ ٣١.
(٢) أخرجه ابن جرير عن ابن عباس وأبي صالح، والسدي، ومجاهد، انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٠، "تفسير وابن أبي حاتم" من طريق السدي عن ابن عباس ١/ ٨٨ - ٨٩، وذكره أبو الليث في "تفسيره" ١/ ١١٢، و"الثعلبي" ١/ ٦١ أ، و"ابن عطية" عن السدي ١/ ٢٥٧، وانظر: "التعريف والإعلام" للسهيلي ص ١٩، "غرر التبيان" ص ٢٠١، و"زاد المسير" ١/ ٦٨.
(٣) وهي روايات إسرائيلية كما قال ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨٥، انظر ما سبق.
(٤) (الصلاة): ساقط من جميع النسخ.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ص ٤٨.
(٦) "معاني القرآن" للفراء: (قوله: ﴿وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ فإنه خاطب آدم وامرأته، ويقال أيضًا: آدم وإبليس، وقال (اهبطوا) يعنيه ويعني ذريته فكأنه خاطبهم) ١/ ٣١.
395
[النساء: ١١]، أراد أخوين (١).
وقوله تعالى: ﴿بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾. بعض الشيء طائفة منه (٢).
وأنكر الأصمعي وأبو حاتم إدخال (الألف واللام) في بعض وكل وقالا: إنهما معرفتان بغير الألف واللام، [والعرب لا تدخل فيهما الألف واللام] (٣)، قال الله تعالى: ﴿وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾ [النمل: ٨٧] (٤).
والنحويون مجمعون على جواز إدخال الألف واللام عليهما (٥).
وسنذكر ما قيل في (بعض) عند قوله ﴿يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ [غافر: ٢٨] إن شاء الله.
و (العدو) اسم جامع للواحد والجميع وللذكر والأنثى، إذا جعلته في مذهب الاسم والمصدر فإن جعلته نعتاً محضاً ثنيت وجمعت وأنثت (٦).
وقوله تعالى: ﴿بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾. بعض الشيء طائفة منه (٢).
وأنكر الأصمعي وأبو حاتم إدخال (الألف واللام) في بعض وكل وقالا: إنهما معرفتان بغير الألف واللام، [والعرب لا تدخل فيهما الألف واللام] (٣)، قال الله تعالى: ﴿وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾ [النمل: ٨٧] (٤).
والنحويون مجمعون على جواز إدخال الألف واللام عليهما (٥).
وسنذكر ما قيل في (بعض) عند قوله ﴿يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ [غافر: ٢٨] إن شاء الله.
و (العدو) اسم جامع للواحد والجميع وللذكر والأنثى، إذا جعلته في مذهب الاسم والمصدر فإن جعلته نعتاً محضاً ثنيت وجمعت وأنثت (٦).
(١) ذكر قول ابن الأنباري ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٦٨.
(٢) انظر "تهذيب اللغة" (بعض) ١/ ٣٥٩، "اللسان" (بعض) ١/ ٣١٢.
(٣) مابين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) انظر كلام الأصمعي وأبي حاتم في "تهذيب اللغة" وقال أبو حاتم: ولا تقول العرب (الكل ولا البعض) وقد استعمله الناس حتى سيبوبه والأخفش في كتبهما لقلة علمهما بهذا النحو فاجتنب ذلك فإنه ليس من كلام العرب "التهذيب" (بعض) ١/ ٤٩١، و"اللسان" (بعض) ٧/ ١١٩.
(٥) ورد في "اللسان" بعد كلام أبي حاتم منسوباً للأزهري، ولم أجده في "تهذيب اللغة"، ولعله سقط من المطبوع، وفي "اللسان" عن ابن سيده: (استعمل الزجاجي بعضا بالألف واللام)، "اللسان" (بعض) ١/ ٣١٢.
(٦) في "التهذيب": (وقال أبو عمر:.. و (العداوة) اسم عام من (العدو) يقال: عدو بيِّن العداوة وهو عدو، وهما عدو، وهن عدو، وهذا إذا جعلته في مذهب الاسم والمصدر. فإذا جعلته نعتا محضا قلت: هو عدوك، وهي عدوتك، وهم أعداؤك، وهن عدواتك، "تهذيب اللغة" (عدا) ٣/ ٢٣٤٧.
(٢) انظر "تهذيب اللغة" (بعض) ١/ ٣٥٩، "اللسان" (بعض) ١/ ٣١٢.
(٣) مابين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) انظر كلام الأصمعي وأبي حاتم في "تهذيب اللغة" وقال أبو حاتم: ولا تقول العرب (الكل ولا البعض) وقد استعمله الناس حتى سيبوبه والأخفش في كتبهما لقلة علمهما بهذا النحو فاجتنب ذلك فإنه ليس من كلام العرب "التهذيب" (بعض) ١/ ٤٩١، و"اللسان" (بعض) ٧/ ١١٩.
(٥) ورد في "اللسان" بعد كلام أبي حاتم منسوباً للأزهري، ولم أجده في "تهذيب اللغة"، ولعله سقط من المطبوع، وفي "اللسان" عن ابن سيده: (استعمل الزجاجي بعضا بالألف واللام)، "اللسان" (بعض) ١/ ٣١٢.
(٦) في "التهذيب": (وقال أبو عمر:.. و (العداوة) اسم عام من (العدو) يقال: عدو بيِّن العداوة وهو عدو، وهما عدو، وهن عدو، وهذا إذا جعلته في مذهب الاسم والمصدر. فإذا جعلته نعتا محضا قلت: هو عدوك، وهي عدوتك، وهم أعداؤك، وهن عدواتك، "تهذيب اللغة" (عدا) ٣/ ٢٣٤٧.
396
ومنه قول عمر لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: (أي عدوات أنفسهن) (١).
قال المفسرون: وأراد بهذه العداوة التي بين آدم وحواء والحية، وبين ذرية آدم من المؤمنين وبين إبليس، فإبليس عدو المؤمنين من ولد آدم، وعداوته لهم كفر، والمؤمنون (٢) أعداء إبليس، وعداوتهم له إيمان (٣).
وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ أنه (٤) سئل عن قتل الحيات، فقال: "خلقتهن (٥) والإنسان كل واحد منهما عدو لصاحبه، إن رآها أفزعته، وإن لدغته أوجعته فاقتلها حيث وجدتها" (٦).
قال المفسرون: وأراد بهذه العداوة التي بين آدم وحواء والحية، وبين ذرية آدم من المؤمنين وبين إبليس، فإبليس عدو المؤمنين من ولد آدم، وعداوته لهم كفر، والمؤمنون (٢) أعداء إبليس، وعداوتهم له إيمان (٣).
وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ أنه (٤) سئل عن قتل الحيات، فقال: "خلقتهن (٥) والإنسان كل واحد منهما عدو لصاحبه، إن رآها أفزعته، وإن لدغته أوجعته فاقتلها حيث وجدتها" (٦).
(١) قطعة من حديث طويل في قصة دخول عمر على رسول الله ﷺ وعنده نساء من قريش، وفيه: (أي عدوات أنفسهن، أتهبنني ولا تهبن رسول الله - ﷺ -؟ أخرجه البخاري عن سعد بن أبي وقاص (٣٢٩٤) كتاب (بدء الخلق) باب (صفة إبليس وجنوده)، وفي (٣٦٨٣) كتاب (فضائل الصحابة) باب (مناقب عمر)، وفي (٦٠٨٥) كتاب (الأدب) باب (التبسم والضحك)، ومسلم (٢٣٨٩) كتاب (الفضائل) باب: (فضائل عمر) "شرح النووي"، وأحمد في "المسند" ١/ ١٨٢.
(٢) في (أ)، (ج): (المؤمنين) وأثبت ما في (ب) لأنه هو الصواب.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٤، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٥.
(٤) (أنه) ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (خلقت هي والإنسان)، وهذا يوافق ما في الطبري، ومجمع الزوائد كما سيأتي. وهو الصواب.
(٦) أخرجه الطبري بسنده في "تفسيره" ١/ ٥٣٨، وهو في "مجمع الزوائد" ولفظه: (خلقت هي والإنسان سواء فإن رأته أفزعته..) الحديث بمثل رواية الطبري قال الهيثمي: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه (جابر) غير مسمى، والظاهر أنه الجعفي، وثقة الثوري وشعبة، وضعفه الأئمة أحمد وغيره، ٤/ ٤٥ و (جابر) من رجال الطبري كذلك، وذكر الحديث السيوطي في "الدر" وعزاه إلى الطبري في "تفسيره" ١/ ١٠٨.
(٢) في (أ)، (ج): (المؤمنين) وأثبت ما في (ب) لأنه هو الصواب.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٤، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٣٥.
(٤) (أنه) ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (خلقت هي والإنسان)، وهذا يوافق ما في الطبري، ومجمع الزوائد كما سيأتي. وهو الصواب.
(٦) أخرجه الطبري بسنده في "تفسيره" ١/ ٥٣٨، وهو في "مجمع الزوائد" ولفظه: (خلقت هي والإنسان سواء فإن رأته أفزعته..) الحديث بمثل رواية الطبري قال الهيثمي: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه (جابر) غير مسمى، والظاهر أنه الجعفي، وثقة الثوري وشعبة، وضعفه الأئمة أحمد وغيره، ٤/ ٤٥ و (جابر) من رجال الطبري كذلك، وذكر الحديث السيوطي في "الدر" وعزاه إلى الطبري في "تفسيره" ١/ ١٠٨.
397
وروى ابن عجلان عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ أنه قال: "ما سالمناهن (١) منذ حاربناهن، فمن ترك شيئا منهن خيفةً فليس منا" (٢) وأراد النبي ﷺ بالمحاربة قصة آدم وإدخالها إبليس الجنة (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾. موضع قرار أحياءً وأمواتاً (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾. موضع قرار أحياءً وأمواتاً (٤).
(١) (هن) ساقطة من (ب).
(٢) أخرجه الطبري بسنده، قال شاكر: (إسناده جيد والحديث مروي بأسانيد أخر صحاح)، "تفسير الطبري" ١/ ٥٣٧، وأخرجه أبو داود (٥٢٤٨) كتاب (الأدب) باب (في قتل الحيات) عن أبي هريرة، وأخرج نحوه عن ابن مسعود (٥٢٤٩) وابن عباس "سنن أبي داود" معه "معالم السنن" (٥٢٥٠)، وأخرجه أحمد في "مسنده" ٢/ ٢٤٧، ٤٣٢، ٥٢٠، وأخرجه نحوه عن ابن عباس ١/ ٣٢٠، وقد حكم شاكر على أسانيد أبي داود وأحمد بأنها صحيحة كما في تحقيقه على الطبري.
(٣) قال الطبري: (وأحسب أن الحرب التي بيننا، كان أصله ما ذكره علماؤنا الذين قدمنا الرواية عنهم، في إدخالها إبليس الجنة) ١/ ٢٤٠ - ٢٤١، قال العظيم آبادي شارح سنن أبي داود: (منذ حاربناهن) أي منذ وقع بيننا وبينهن الحرب، فإن المحاربة والمعاداة بين الحية والإنسان جبلية، لأن كلا منهما مجبول على طلب قتل الآخر، وقيل: أراد العداوة التي بينها وبين آدم عليه السلام ما يقال: إن إبليس قصد دخول الجنة فمنعت الخزنة فأدخلته الحية في فيها...) عون المعبود ١٤/ ١٠٩. وفي هامش سنن أبي داود قال يحيى بن أيوب: سئل أحمد بن صالح عن تفسير قوله: (ما سالمنا هن منذ حاربناهن) متى كانت العداوة؟ قال: حين أخرج آدم من الجنة، قال الله: ﴿اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ [طه: ١٢٣]، قال هم قالوا: آدم وحواء، وإبليس والحية، قال: والذي صح: أنهم الثلاثة فقط، بإسقاط الحية، سنن أبي داود "معه معالم السنن" ٥/ ٤١٠.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٤١، و"ابن عطية" ١/ ٢٥٨.
(٢) أخرجه الطبري بسنده، قال شاكر: (إسناده جيد والحديث مروي بأسانيد أخر صحاح)، "تفسير الطبري" ١/ ٥٣٧، وأخرجه أبو داود (٥٢٤٨) كتاب (الأدب) باب (في قتل الحيات) عن أبي هريرة، وأخرج نحوه عن ابن مسعود (٥٢٤٩) وابن عباس "سنن أبي داود" معه "معالم السنن" (٥٢٥٠)، وأخرجه أحمد في "مسنده" ٢/ ٢٤٧، ٤٣٢، ٥٢٠، وأخرجه نحوه عن ابن عباس ١/ ٣٢٠، وقد حكم شاكر على أسانيد أبي داود وأحمد بأنها صحيحة كما في تحقيقه على الطبري.
(٣) قال الطبري: (وأحسب أن الحرب التي بيننا، كان أصله ما ذكره علماؤنا الذين قدمنا الرواية عنهم، في إدخالها إبليس الجنة) ١/ ٢٤٠ - ٢٤١، قال العظيم آبادي شارح سنن أبي داود: (منذ حاربناهن) أي منذ وقع بيننا وبينهن الحرب، فإن المحاربة والمعاداة بين الحية والإنسان جبلية، لأن كلا منهما مجبول على طلب قتل الآخر، وقيل: أراد العداوة التي بينها وبين آدم عليه السلام ما يقال: إن إبليس قصد دخول الجنة فمنعت الخزنة فأدخلته الحية في فيها...) عون المعبود ١٤/ ١٠٩. وفي هامش سنن أبي داود قال يحيى بن أيوب: سئل أحمد بن صالح عن تفسير قوله: (ما سالمنا هن منذ حاربناهن) متى كانت العداوة؟ قال: حين أخرج آدم من الجنة، قال الله: ﴿اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ [طه: ١٢٣]، قال هم قالوا: آدم وحواء، وإبليس والحية، قال: والذي صح: أنهم الثلاثة فقط، بإسقاط الحية، سنن أبي داود "معه معالم السنن" ٥/ ٤١٠.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٤١، و"ابن عطية" ١/ ٢٥٨.
398
(ومتاع) المتاع: ما تمتعت به، أي شيء كان، فكل ما حصل التمتع به فهو متاع من زينة أو لذة أو عمر أو مال (١).
ومعنى التمتع: التلذذ (٢)، والمتعة أيضا من (٣) المتاع، وجمعها مُتعَ (٤).
قال الأعشى:
أي يبغيهم صيداً يتمتعون به، ويأتي الكلام في متعة المطلقة (٦) ومتعة الحج (٧) مستقصى إن شاء الله.
ومعنى التمتع: التلذذ (٢)، والمتعة أيضا من (٣) المتاع، وجمعها مُتعَ (٤).
قال الأعشى:
| حَتَّى إِذَا ذَرَّ قَرْنُ الشَّمْسِ صَبَّحهَا | زَوَالُ نَبْهَانَ يَبْغِي أَهْلَهُ مُتَعَا (٥) |
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٢، و"ابن عطية" ١/ ٢٥٨.
(٢) قال ابن فارس (الميم والتاء والعين) أصل صحيح يدل على منفعة وامتداد مدة في خير.... وذهب من أهل التحقيق بعضهم إلى أن الأصل في الباب (التلذذ)... وذهب منهم آخر إلى أن الأصل الامتداد والارتفاع... (معجم مقاييس اللغة) (متع) ٢/ ٢٩٣، ٢٩٤.
(٣) في (ب): (مثل).
(٤) قال الليث: ومنهم من يقول: متعة، وجمعها (متع)، "تهذيب اللغة" (متع) ٤/ ٣٣٣٧.
(٥) البيت للأعشى يصف صائدا، ويروى (ذؤال) و (من آل) و (ذوآل) بدل (زوال) وفي جميع النسخ (زوال) ولعلها تصحيف، ويروى (صحبه) بدل (أهله) وهوله: ذر قرن الشمس: أول ما يشرق منها، وذؤال: ذأل: أسرع ومشى في خفة، والذؤال: الصائد، متعا: جمع متعة: يعني يطلب لهم زادا وطعاما، ورد البيت في "تهذيب اللغة" (متع) ٤/ ٣٣٣٧، "اللسان" (متع) ٧/ ٤١٢٩، (ديوان الأعشى) ص١٠٨.
(٦) عند قوله تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ الآية [البقرة: ٢٣٦].
(٧) عند قوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ﴾ الآية [البقرة: ١٩٦].
(٢) قال ابن فارس (الميم والتاء والعين) أصل صحيح يدل على منفعة وامتداد مدة في خير.... وذهب من أهل التحقيق بعضهم إلى أن الأصل في الباب (التلذذ)... وذهب منهم آخر إلى أن الأصل الامتداد والارتفاع... (معجم مقاييس اللغة) (متع) ٢/ ٢٩٣، ٢٩٤.
(٣) في (ب): (مثل).
(٤) قال الليث: ومنهم من يقول: متعة، وجمعها (متع)، "تهذيب اللغة" (متع) ٤/ ٣٣٣٧.
(٥) البيت للأعشى يصف صائدا، ويروى (ذؤال) و (من آل) و (ذوآل) بدل (زوال) وفي جميع النسخ (زوال) ولعلها تصحيف، ويروى (صحبه) بدل (أهله) وهوله: ذر قرن الشمس: أول ما يشرق منها، وذؤال: ذأل: أسرع ومشى في خفة، والذؤال: الصائد، متعا: جمع متعة: يعني يطلب لهم زادا وطعاما، ورد البيت في "تهذيب اللغة" (متع) ٤/ ٣٣٣٧، "اللسان" (متع) ٧/ ٤١٢٩، (ديوان الأعشى) ص١٠٨.
(٦) عند قوله تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ الآية [البقرة: ٢٣٦].
(٧) عند قوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ﴾ الآية [البقرة: ١٩٦].
399
قال المفسرون: قلنا (١) في الأرض متاع من حيث الاستقرار عليها، والاغتذاء بما تنبتها (٢) من الثمار والأقوات (٣).
وقوله تعالى: ﴿إِلَى حِينٍ﴾. (الحين) وقت من الزمان، يصلح للأوقات كلها طالت أو قصرت (٤)، ويجمع على (الأحيان) ثم يجمع (الأحيان) أحايين (٥).
قال الليث: وَحيَّنْتَ الشيء، جعلته له حِينًا (٦). والمراد بالحين هاهنا فيما ذكره أهل التفسير: (حين الموت) (٧). وقيل: إلى قيام الساعة (٨).
وإنما قال (٩): (إلى حين) إشارة إلى أن الدنيا دار زوال (١٠).
وقوله تعالى: ﴿إِلَى حِينٍ﴾. (الحين) وقت من الزمان، يصلح للأوقات كلها طالت أو قصرت (٤)، ويجمع على (الأحيان) ثم يجمع (الأحيان) أحايين (٥).
قال الليث: وَحيَّنْتَ الشيء، جعلته له حِينًا (٦). والمراد بالحين هاهنا فيما ذكره أهل التفسير: (حين الموت) (٧). وقيل: إلى قيام الساعة (٨).
وإنما قال (٩): (إلى حين) إشارة إلى أن الدنيا دار زوال (١٠).
(١) كذا في جميع النسخ، وفي "الوسيط" (فلنا) بالفاء ١/ ٨٦، وهذا أولى.
(٢) في (ج): (ينبتها).
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٢.
(٤) ذكره الأزهري عن الزجاج، "تهذيب اللغة" (حين) ١/ ٧١٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٤، "اللسان" (حين) ٢/ ١٠٧٣.
(٥) ذكره الازهري عن الليث، "تهذيب اللغة" ١/ ٧١٤، انظر: "اللسان" (حين) ٢/ ١٠٧٤.
(٦) المراجع السابقة.
(٧) ذكره ابن جرير في "تفسيره" عن ابن عباس والسدي ١/ ٢٤٢، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٥ أ، وأبو الليث في "تفسيره" ١/ ١١٢، والزجاج في "المعاني" ١/ ٨٤، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٥٩.
(٨) ذكره ابن جرير في "تفسيره" عن مجاهد ١/ ٢٤٢، والزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٨٤، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٥٩.
(٩) في (ب): (قيل).
(١٠) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٥٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٧٥.
(٢) في (ج): (ينبتها).
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٢.
(٤) ذكره الأزهري عن الزجاج، "تهذيب اللغة" (حين) ١/ ٧١٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٤، "اللسان" (حين) ٢/ ١٠٧٣.
(٥) ذكره الازهري عن الليث، "تهذيب اللغة" ١/ ٧١٤، انظر: "اللسان" (حين) ٢/ ١٠٧٤.
(٦) المراجع السابقة.
(٧) ذكره ابن جرير في "تفسيره" عن ابن عباس والسدي ١/ ٢٤٢، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٥ أ، وأبو الليث في "تفسيره" ١/ ١١٢، والزجاج في "المعاني" ١/ ٨٤، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٥٩.
(٨) ذكره ابن جرير في "تفسيره" عن مجاهد ١/ ٢٤٢، والزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٨٤، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٥٩.
(٩) في (ب): (قيل).
(١٠) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٥٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٧٥.
400
٣٧ - قوله تعالى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾ الآية. (التلقي) في اللغة معناه: الاستقبال، [منه الحديث: (أنه نهى عن تلقي الركبان (١) قالوا: معناه: الاستقبال (٢)].
والليث يقول: خرجنا نتلقى الحاج، أي نستقبلهم (٣). وفي حديث آخر "لا تتلقوا الركبان والأجلاب" (٤). وهذا معنى التلقي في اللغة (٥)، وأصله
والليث يقول: خرجنا نتلقى الحاج، أي نستقبلهم (٣). وفي حديث آخر "لا تتلقوا الركبان والأجلاب" (٤). وهذا معنى التلقي في اللغة (٥)، وأصله
(١) حديث النهي عن تلقي الركبان، أخرجه البخاري عن أبي هريرة رقم (٢١٥٠) كتاب (البيوع) باب (النهي للبائع أن لا يحفل الإبل والبقر والغنم..). وأخرج البخاري عن ابن عباس رقم (٢١٥٨) باب (هل يبيع حاضر لباد)، وعن أبي هريرة رقم (٢١٦٢) باب (النهي عن تلقي الركبان، وعن ابن عباس (٢٢٧٤) كتاب (الإجارة) باب (أجر السمسرة)، وأخرجه مسلم عن ابن عباس (١٥٢١) كتاب (البيوع) باب: (تحريم بيع الحاضر للباد). وأخرجه أحمد في "مسنده" ١/ ٣٦٨، ٢/ ٤٢. وأخرجه النسائي في كتاب (البيوع) ٧/ ٢٥٦، ٢٥٧.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج) وأثبته من (ب).
(٣) في (أ): (يستقبلهم)، وما في (ب)، (ج) أصح. والكلام لم أجده منسوبًا لليث، انظر: "تهذيب اللغة" (لقى) ٤/ ٣٢٩١، و (العين) (لقو) ٥/ ٢١٢ و (لقى) ٥/ ٢١٥، "اللسان" (لقا) ٧/ ٤٠٦٧.
(٤) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" بسنده، "تهذيب اللغة" (لقى) ٤/ ٣٢٩١، وسبق تخريج حديث النهي عن تلقي الركبان. وأخرج مسلم عن أبي هريرة: (أنه نهى أن يتلقى الجلب) رقم (١٥١٩) كتاب (البيوع) باب: (تحريم تلقي الجلب). وأخرجه النسائي في كتاب (البيوع) ٧/ ٢٥٧، واخرجه أبو داود رقم (٣٤٣٧) (البيوع) باب (التلقي). وأخرجه الدارمي (البيوع) ٣/ ١٦٧١ (٢٦٠٨). وأخرجه أحمد في "المسند" بلفظ (الأجلاب) ٢/ ٢٨٤، ٤١٠. وأخرجه ابن ماجه في (البيوع) رقم (٢١٧٨) باب: النهي عن تلقي الجلب.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (لقى) ٤/ ٣٢٩١، "الصحاح" (لقي) ٦/ ٢٤٨٤، "اللسان" (لقا) ٧/ ٤٠٦٦.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج) وأثبته من (ب).
(٣) في (أ): (يستقبلهم)، وما في (ب)، (ج) أصح. والكلام لم أجده منسوبًا لليث، انظر: "تهذيب اللغة" (لقى) ٤/ ٣٢٩١، و (العين) (لقو) ٥/ ٢١٢ و (لقى) ٥/ ٢١٥، "اللسان" (لقا) ٧/ ٤٠٦٧.
(٤) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" بسنده، "تهذيب اللغة" (لقى) ٤/ ٣٢٩١، وسبق تخريج حديث النهي عن تلقي الركبان. وأخرج مسلم عن أبي هريرة: (أنه نهى أن يتلقى الجلب) رقم (١٥١٩) كتاب (البيوع) باب: (تحريم تلقي الجلب). وأخرجه النسائي في كتاب (البيوع) ٧/ ٢٥٧، واخرجه أبو داود رقم (٣٤٣٧) (البيوع) باب (التلقي). وأخرجه الدارمي (البيوع) ٣/ ١٦٧١ (٢٦٠٨). وأخرجه أحمد في "المسند" بلفظ (الأجلاب) ٢/ ٢٨٤، ٤١٠. وأخرجه ابن ماجه في (البيوع) رقم (٢١٧٨) باب: النهي عن تلقي الجلب.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (لقى) ٤/ ٣٢٩١، "الصحاح" (لقي) ٦/ ٢٤٨٤، "اللسان" (لقا) ٧/ ٤٠٦٦.
401
أنه (تَفَعُّل) (١) من اللقاء، فالتلقي معناه: التعرض للقاء الشيء، ولما كان الاستقبال للشيء تعرض للقائه قيل له: (تلقٍّ) (٢).
ويقال لَقَّيْتُه الشيء فَتَلَقَّى، أي عرضته لأن يراه فتعرض له، فَلَقَّيْتُه من (لقى) مثل: رَأيْتُه من (يري)، ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ [فصلت: ٣٥] ثم صار التلقي بمعنى الأخذ، لأن الإنسان إنما يستقبل ما يحرص عليه، فكل كلام استقبلته فأنت مريد أخذه، وإلا أعرضت عنه (٣). وجميع أهل اللغة والمعاني فسروا (التلقي) هاهنا بالأخذ والقبول (٤)، ومنه الحديث: (أن رسول الله ﷺ كان يتلقى الوحي من جبريل) (٥) أي يتقبله ويأخذه (٦).
ويقال لَقَّيْتُه الشيء فَتَلَقَّى، أي عرضته لأن يراه فتعرض له، فَلَقَّيْتُه من (لقى) مثل: رَأيْتُه من (يري)، ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ [فصلت: ٣٥] ثم صار التلقي بمعنى الأخذ، لأن الإنسان إنما يستقبل ما يحرص عليه، فكل كلام استقبلته فأنت مريد أخذه، وإلا أعرضت عنه (٣). وجميع أهل اللغة والمعاني فسروا (التلقي) هاهنا بالأخذ والقبول (٤)، ومنه الحديث: (أن رسول الله ﷺ كان يتلقى الوحي من جبريل) (٥) أي يتقبله ويأخذه (٦).
(١) في (أ)، (ج): (يفعل).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣.
(٣) (عنه) ساقطة من (ب).
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" (لقي) ٤/ ٣٢٩١، والطبري فىِ "تفسيره" ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣، (تفسير أبي الليث) ١/ ١١٢، "غريب القرآن" لابن قتيبة ١/ ٣٨، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٦٠. ومنهم من فسر تلقي آدم للكلمات: بأنه تعلمها ودعا بها، انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٥، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٢٩١.
(٥) بهذا النص ذكره ابن قتيبة في "غريب القرآن" ١/ ٣٨. وبهذا المعنى أخرج أحمد في "مسنده" بسنده عن ابن عباس: أن أبيا قال لعمر يا أمير المؤمنين إني تلقيت القرآن ممن تلقاه، وقال عفان: ممن يتلقاه من جبريل عليه السلام وهو رطب، "المسند" ٥/ ١١٧، وعفان أحد رواة الحديث والأحاديث بمعناه في البخاري رقم (٥٠٤٤) كتاب (فضائل القرآن) باب (الترتيل في القراءة)، ونحوه في مسلم رقم (٤٤٨) كتاب الصلاة، باب: الاستماع للقراءة.
(٦) "غريب القرآن" لابن قتيبة ١/ ٣٨.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣.
(٣) (عنه) ساقطة من (ب).
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" (لقي) ٤/ ٣٢٩١، والطبري فىِ "تفسيره" ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣، (تفسير أبي الليث) ١/ ١١٢، "غريب القرآن" لابن قتيبة ١/ ٣٨، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٦٠. ومنهم من فسر تلقي آدم للكلمات: بأنه تعلمها ودعا بها، انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٥، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٢٩١.
(٥) بهذا النص ذكره ابن قتيبة في "غريب القرآن" ١/ ٣٨. وبهذا المعنى أخرج أحمد في "مسنده" بسنده عن ابن عباس: أن أبيا قال لعمر يا أمير المؤمنين إني تلقيت القرآن ممن تلقاه، وقال عفان: ممن يتلقاه من جبريل عليه السلام وهو رطب، "المسند" ٥/ ١١٧، وعفان أحد رواة الحديث والأحاديث بمعناه في البخاري رقم (٥٠٤٤) كتاب (فضائل القرآن) باب (الترتيل في القراءة)، ونحوه في مسلم رقم (٤٤٨) كتاب الصلاة، باب: الاستماع للقراءة.
(٦) "غريب القرآن" لابن قتيبة ١/ ٣٨.
402
الأصمعي: تلقت الرحم ماء الفحل، إذا قبلته وارْتَجَّت عليه (١).
فمعنى قوله تعالى ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾ أي: أخذها عنه وتلقنها (٢). والرجل يُلَقَّى الكلام فيتلقاه، أي يُلَقَّنه فَيَتَلقَّنه (٣).
وبعض الناس يقولون: تلقى هاهنا: تلقن فجعل النون (ياء) كما قالوا تَظَنَّى من الظن (٤)، وذلك غلط لأن النون إنما يجوز إبدالها بالياء إذا اجتمع نونان، وكذلك هذا الباب إذا اجتمع حرفان من جنس واحد جاز إبدال الثاني بالياء. كقول العجاج:
تَقَضِّي البَازِي إِذَا (٥) البَازِي كَسَره (٦)
بمعنى تقضض، فأما إذا لم يجتمع (٧) حرفان، فلا يجوز الإبدال، لا يجوز أن تقول: تقبى بمعنى تقبل، وهذا ظاهر (٨). وتفسير التلقي (٩) بالتلقن
فمعنى قوله تعالى ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾ أي: أخذها عنه وتلقنها (٢). والرجل يُلَقَّى الكلام فيتلقاه، أي يُلَقَّنه فَيَتَلقَّنه (٣).
وبعض الناس يقولون: تلقى هاهنا: تلقن فجعل النون (ياء) كما قالوا تَظَنَّى من الظن (٤)، وذلك غلط لأن النون إنما يجوز إبدالها بالياء إذا اجتمع نونان، وكذلك هذا الباب إذا اجتمع حرفان من جنس واحد جاز إبدال الثاني بالياء. كقول العجاج:
تَقَضِّي البَازِي إِذَا (٥) البَازِي كَسَره (٦)
بمعنى تقضض، فأما إذا لم يجتمع (٧) حرفان، فلا يجوز الإبدال، لا يجوز أن تقول: تقبى بمعنى تقبل، وهذا ظاهر (٨). وتفسير التلقي (٩) بالتلقن
(١) "تهذيب اللغة" (لقي) ٤/ ٣٢٩١، "اللسان" (لقا) ٧/ ٤٠٦٦.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣، "غريب القرآن" لابن قتيبة ١/ ٣٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٠، "تهذيب اللغة" (لقى) ٤/ ٣٢٩١.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" (لقي) ٤/ ٣٢٩١، "اللسان" (لقا) ٧/ ٤٠٦٦.
(٤) في "تفسير القرطبي": (تظني من تطنن) ١/ ٢٧٦، وكذا في "البحر" ١/ ١٦٥.
(٥) (إذا البازى) ساقط من (ب).
(٦) من أرجوزة يمدح فيها عمر بن عبيد الله بن معمر، يقول: انقض انقاض البَازِي ضم جناحيه، فهو في سرعته سرعة انقاض البَازي إذا كسر، أي ضم جناحيه، وهذا أسرع ما يكون في انقضاضه، ورد البيت في "الخصائص" ٢/ ٩٠، "همع الهوامع" ٥/ ٣٤٠، "اللسان" (قضض) ٦/ ٣٦٦١، "المشوف المعلم" ٢/ ٦٤٦، "ديوان العجاج" ص ٢٨.
(٧) في (أ)، (ج): (تجتمع) والصحيح بالياء.
(٨) انظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٢٧٦، "البحر" ١/ ١٦٥، "الدر المصون" ١/ ٢٩٥.
(٩) في (ب): (الثاني).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣، "غريب القرآن" لابن قتيبة ١/ ٣٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٠، "تهذيب اللغة" (لقى) ٤/ ٣٢٩١.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" (لقي) ٤/ ٣٢٩١، "اللسان" (لقا) ٧/ ٤٠٦٦.
(٤) في "تفسير القرطبي": (تظني من تطنن) ١/ ٢٧٦، وكذا في "البحر" ١/ ١٦٥.
(٥) (إذا البازى) ساقط من (ب).
(٦) من أرجوزة يمدح فيها عمر بن عبيد الله بن معمر، يقول: انقض انقاض البَازِي ضم جناحيه، فهو في سرعته سرعة انقاض البَازي إذا كسر، أي ضم جناحيه، وهذا أسرع ما يكون في انقضاضه، ورد البيت في "الخصائص" ٢/ ٩٠، "همع الهوامع" ٥/ ٣٤٠، "اللسان" (قضض) ٦/ ٣٦٦١، "المشوف المعلم" ٢/ ٦٤٦، "ديوان العجاج" ص ٢٨.
(٧) في (أ)، (ج): (تجتمع) والصحيح بالياء.
(٨) انظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٢٧٦، "البحر" ١/ ١٦٥، "الدر المصون" ١/ ٢٩٥.
(٩) في (ب): (الثاني).
403
جائز صحيح (١) كما بينا، فأما أن يكون التلقي من لفظ التلقن فلا.
و (الكلمات): جمع الكلمة، والكلمة تقع على الكثير والقليل، وتقع على الحرف الواحد من الهجاء.
قال ابن الأعرابي: يقال: لفلان كلمة شاعرة، أي: قصيدة، وقالوا (٢): قال امرؤ القيس في كلمته أي: قصيدته، وقال قس (٣) في قصدته، يعنون خطبته (٤).
وتجمع (الكلمة)، (كَلِمًا) (٥)، قال رؤبة (٦):
لَا يَسْمَعُ (٧) الرَّكْبُ بها رَجْعَ الكِلَم (٨)
وتميم تقول: (كِلْمَة)، وفي الجمع (كِلَم).
وأما استعمال الكلمة في القليل فإن سيبويه [قد أوقعها على الاسم المفرد، والفعل المفرد، والحرف المفرد، فأما الكلام فإن سيبويه] (٩)
و (الكلمات): جمع الكلمة، والكلمة تقع على الكثير والقليل، وتقع على الحرف الواحد من الهجاء.
قال ابن الأعرابي: يقال: لفلان كلمة شاعرة، أي: قصيدة، وقالوا (٢): قال امرؤ القيس في كلمته أي: قصيدته، وقال قس (٣) في قصدته، يعنون خطبته (٤).
وتجمع (الكلمة)، (كَلِمًا) (٥)، قال رؤبة (٦):
لَا يَسْمَعُ (٧) الرَّكْبُ بها رَجْعَ الكِلَم (٨)
وتميم تقول: (كِلْمَة)، وفي الجمع (كِلَم).
وأما استعمال الكلمة في القليل فإن سيبويه [قد أوقعها على الاسم المفرد، والفعل المفرد، والحرف المفرد، فأما الكلام فإن سيبويه] (٩)
(١) (صحيح) ساقط من (ب).
(٢) (قالوا) ساقط من (ب).
(٣) هو قس بن ساعدة بن جدامة بن زفر الإيادي، الخطيب البليغ، سمع النبى - ﷺ - حكمته، ومات قبل البعثة، انظر ترجمته في "الإصابة" ٣/ ٢٧٩، "الخزانة" ٢/ ٨٩
(٤) عن "الحجة" لأبي علي بتصرف ٢/ ٣١، وانظر: "تهذيب اللغة" (كلم) ٤/ ٣١٨٠
(٥) في (ب): (كما). قال الجوهري (الكلم لا يكون أقل من ثلاث من كلمات، لأنه جمع كلمة، "الصحاح" (كلم) ٥/ ٢٠٤٣.
(٦) مكان البيت بعد قوله: (تميم تقول: (كِلْمَة) وفي الجمع (كِلَمُ) لأنه شاهد على هذه اللغة. انظر: "تهذيب اللغة" (كلم) ٤/ ٣١٨٠، "اللسان" (كلم) ٧/ ٣٩٢٢
(٧) في (أ)، (ج): (تسمع)، وفي (ب) غير منقوط وضبطته مثل "التهذيب" وغيره.
(٨) ورد البيت في ملحق ديوان رؤبة مع الأبيات المنسوبة له وليست في "ديوانه" ص ١٨٢، وفي "تهذيب اللغة" (هنم) ٤/ ٣٨٠٧، و (كلم) ٤/ ٣١٨٠، وفي "اللسان" (كلم) ٧/ ٣٩٢٢.
(٩) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) (قالوا) ساقط من (ب).
(٣) هو قس بن ساعدة بن جدامة بن زفر الإيادي، الخطيب البليغ، سمع النبى - ﷺ - حكمته، ومات قبل البعثة، انظر ترجمته في "الإصابة" ٣/ ٢٧٩، "الخزانة" ٢/ ٨٩
(٤) عن "الحجة" لأبي علي بتصرف ٢/ ٣١، وانظر: "تهذيب اللغة" (كلم) ٤/ ٣١٨٠
(٥) في (ب): (كما). قال الجوهري (الكلم لا يكون أقل من ثلاث من كلمات، لأنه جمع كلمة، "الصحاح" (كلم) ٥/ ٢٠٤٣.
(٦) مكان البيت بعد قوله: (تميم تقول: (كِلْمَة) وفي الجمع (كِلَمُ) لأنه شاهد على هذه اللغة. انظر: "تهذيب اللغة" (كلم) ٤/ ٣١٨٠، "اللسان" (كلم) ٧/ ٣٩٢٢
(٧) في (أ)، (ج): (تسمع)، وفي (ب) غير منقوط وضبطته مثل "التهذيب" وغيره.
(٨) ورد البيت في ملحق ديوان رؤبة مع الأبيات المنسوبة له وليست في "ديوانه" ص ١٨٢، وفي "تهذيب اللغة" (هنم) ٤/ ٣٨٠٧، و (كلم) ٤/ ٣١٨٠، وفي "اللسان" (كلم) ٧/ ٣٩٢٢.
(٩) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
404
استعمله فيما كان مؤلفًا من هذه الكَلِم (١)، فالحرف الواحد لا يكون كلامًا، ولهذا لا يقطع (٢) الحرف الواحد الصلاة.
واختلف القراء في هذه الآية، فقرأ ابن كثير (آدم) بالنصب، (كلمات) بالرفع (٣)، وحجته في ذلك: أن الأفعال المتعدية إلى المفعول به على ثلاثة أضرب، منها: ما يجوز أن يكون الفاعل له مفعولا به، ويجوز أن يكون المفعول به فاعلا له (٤) نحو اكْرَمَ بِشْرٌ بكرا، وشتم زيد عمرًا، وضرب عبد الله زيدًا.
ومنها: ما لا يكون [فيه] (٥) المفعول فاعلًا له، نحو: دققت الثوب، وأكلت الخبز.
ومنها: ما يكون إسناده إلى الفاعل في المعنى كإسناده إلى المفعول به، [وذلك] (٦) نحو: أَصَبْت (٧) وَنِلْت وتَلَقَّيْتُ، تقول: نالني خير (٨) ونلت خيراً، وأصابني خير وأصبت خيراً. قال الله تعالى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي
واختلف القراء في هذه الآية، فقرأ ابن كثير (آدم) بالنصب، (كلمات) بالرفع (٣)، وحجته في ذلك: أن الأفعال المتعدية إلى المفعول به على ثلاثة أضرب، منها: ما يجوز أن يكون الفاعل له مفعولا به، ويجوز أن يكون المفعول به فاعلا له (٤) نحو اكْرَمَ بِشْرٌ بكرا، وشتم زيد عمرًا، وضرب عبد الله زيدًا.
ومنها: ما لا يكون [فيه] (٥) المفعول فاعلًا له، نحو: دققت الثوب، وأكلت الخبز.
ومنها: ما يكون إسناده إلى الفاعل في المعنى كإسناده إلى المفعول به، [وذلك] (٦) نحو: أَصَبْت (٧) وَنِلْت وتَلَقَّيْتُ، تقول: نالني خير (٨) ونلت خيراً، وأصابني خير وأصبت خيراً. قال الله تعالى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي
(١) "الحجة" لأبي علي ٢/ ٣٢، وانظر "الصحاح" (كلم) ٥/ ٢٠٢٣.
(٢) (لا) ساقطة من (ب).
(٣) قرأ ابن كثير وحده بنصب (آدم) ورفع (كلمات) وبقية العشرة برفع (آدم) ونصب (كلمات)، انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص ١٥٤، "التبصرة" ص ٢٥٠، "النشر" ٢/ ٢١١، "الإقناع" لابن الباذش ٢/ ٥٩٧، "البدور الزاهرة" ص٣٠.
(٤) في "الحجة": (منها ما يجوز فيه أن يكون الفاعل له مفعولًا به، ومنها ما يجوز أن يكون المفعول به فاعلًا له)، ٢/ ٤٠، وما عند الواحدي هو صحيح.
(٥) (فيه) ساقطة من (ب)، (ج)، وثابت في (أ)، "الحجة" ١/ ٤٠.
(٦) (وذلك) ساقط من (ب)
(٧) في (ب): (أصب).
(٨) في (ب): (خيرًا) في كل المواضع الأربعة بالنصب.
(٢) (لا) ساقطة من (ب).
(٣) قرأ ابن كثير وحده بنصب (آدم) ورفع (كلمات) وبقية العشرة برفع (آدم) ونصب (كلمات)، انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص ١٥٤، "التبصرة" ص ٢٥٠، "النشر" ٢/ ٢١١، "الإقناع" لابن الباذش ٢/ ٥٩٧، "البدور الزاهرة" ص٣٠.
(٤) في "الحجة": (منها ما يجوز فيه أن يكون الفاعل له مفعولًا به، ومنها ما يجوز أن يكون المفعول به فاعلًا له)، ٢/ ٤٠، وما عند الواحدي هو صحيح.
(٥) (فيه) ساقطة من (ب)، (ج)، وثابت في (أ)، "الحجة" ١/ ٤٠.
(٦) (وذلك) ساقط من (ب)
(٧) في (ب): (أصب).
(٨) في (ب): (خيرًا) في كل المواضع الأربعة بالنصب.
405
الظَّالِمِينَ} [البقرة: ١٢٤] وفي قراءة عبد الله (١) ﴿الظَّالِمُونَ﴾ (٢).
وتقول: لقيت زيدا، وتلقاني وتلقيته، قال:
قال الله تعالى: ﴿وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ﴾ (٤) [آل عمران: ٤٠] وقال: ﴿وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾، [مريم: ٨] وإذا كانت معاني هذه الأفعال على ما ذكرنا (٥)، فنصب ابن كثير (آدم) ورفعه (الكلمات) في المعنى (٦) كقول من رفع (آدم) ونصب الكلمات (٧)، وحجة من رفع (آدم) ونصب
وتقول: لقيت زيدا، وتلقاني وتلقيته، قال:
| إِذَا أَنْتَ لَمْ تُعْرِضْ عَنِ الفُحْشِ واْلخَنَا | أَصَبْتَ حَلِيمًا أَوْ أَصَابَكَ جَاهِلُ (٣) |
(١) ذكر قراءة ابن مسعود الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٣٢. والفراء في "المعاني" ١/ ٢٨. وانظر. "الكشاف" ١/ ٣٠٩. "البحر" ١/ ٣٧٧.
(٢) الاستشهاد بهذه القراءة ورد في "الحجة" في غير هذا الموضوع فنقله الواحدي بين هذه الأمثلة. انظر: "الحجة" ٢/ ٤١، ٤٢.
(٣) البيت ينسب لزهير، وينسب لابنه كعب كذا قال ابن قتيبة في "الشعر والشعراء" ص ٧٧. وورد البيت في "الحجة" ٢/ ٤١. "المخصص" ١٥/ ١٦١. وفي "ديوان زهير بن أبي سلمى" وراوية: (إذا أنت لم تقصر عن الجهل.) من قصيدة في سنان ابن أبي حارثة المُري، "ديوان زهير" مع شرحه ص ٣٠٠، وورد في "ديوان كعب بن زهير مع قصائد لكعب لم تذكر في ديوانه" ص ٢٥٧.
(٤) في (أ): (قد) سقطت الواو من الآية، وكذا من الآية التي تليها.
(٥) من أن بعض الأفعال المتعدية إسنادها إلى الفاعل في المعنى كإسنادها إلى المفعول به.
(٦) أي أن قراءة ابن كثير في المعنى كقراءة الجمهور.
(٧) بنصه من "الحجة" لأبي علي ٢/ ٤٠، ٤١، وانظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٩٤، "الحجة" لابن خالويه ص ٧٥. أما مكي فقال في توجيه قراءة ابن كثير: (علَّه من نصب (آدم) ورفع (الكلمات) أنه جعل (الكلمات) استنقذت (آدم) بتوفيق الله له لقوله إياها الدعاء بها فتاب الله عليه.. فهي الفاعلة وهو المُسْتَنْقَذ بها..)، "الكشف" ١/ ٢٣٧.
(٢) الاستشهاد بهذه القراءة ورد في "الحجة" في غير هذا الموضوع فنقله الواحدي بين هذه الأمثلة. انظر: "الحجة" ٢/ ٤١، ٤٢.
(٣) البيت ينسب لزهير، وينسب لابنه كعب كذا قال ابن قتيبة في "الشعر والشعراء" ص ٧٧. وورد البيت في "الحجة" ٢/ ٤١. "المخصص" ١٥/ ١٦١. وفي "ديوان زهير بن أبي سلمى" وراوية: (إذا أنت لم تقصر عن الجهل.) من قصيدة في سنان ابن أبي حارثة المُري، "ديوان زهير" مع شرحه ص ٣٠٠، وورد في "ديوان كعب بن زهير مع قصائد لكعب لم تذكر في ديوانه" ص ٢٥٧.
(٤) في (أ): (قد) سقطت الواو من الآية، وكذا من الآية التي تليها.
(٥) من أن بعض الأفعال المتعدية إسنادها إلى الفاعل في المعنى كإسنادها إلى المفعول به.
(٦) أي أن قراءة ابن كثير في المعنى كقراءة الجمهور.
(٧) بنصه من "الحجة" لأبي علي ٢/ ٤٠، ٤١، وانظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٩٤، "الحجة" لابن خالويه ص ٧٥. أما مكي فقال في توجيه قراءة ابن كثير: (علَّه من نصب (آدم) ورفع (الكلمات) أنه جعل (الكلمات) استنقذت (آدم) بتوفيق الله له لقوله إياها الدعاء بها فتاب الله عليه.. فهي الفاعلة وهو المُسْتَنْقَذ بها..)، "الكشف" ١/ ٢٣٧.
406
(الكلمات) (١) قوله (٢): ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ﴾ [النور: ١٥]، فأسند الفعل إلى المخاطبين، والمفعول به كلام يُتَلَقَّى (٣)، كما أن الذي تَلَقَّى آدم كلام يتلقى، فكما أسند الفعل إلى المخاطبين، فجعل التلقي لهم، كذلك يلزم أن يسند الفعل إلى آدم، فيجعل التلقي له (٤) دون الكلمات (٥).
ومعنى التلقي للكلمات هو أن الله تعالى ألهم (٦) آدم حتى اعترف
بذنبه، وقال: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا﴾ الآية [الأعراف: ٢٣]، فهذه الآية هي المعنية بالكلمات في قول الحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد (٧)، وأخذ آدم
ومعنى التلقي للكلمات هو أن الله تعالى ألهم (٦) آدم حتى اعترف
بذنبه، وقال: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا﴾ الآية [الأعراف: ٢٣]، فهذه الآية هي المعنية بالكلمات في قول الحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد (٧)، وأخذ آدم
(١) وهي قراءة العشرة عدا ابن كثير كما سبق.
(٢) في "الحجة": (ومن حجة من رفع أن عليه الأكثر، ومما يشهد للرفع قوله..) ٢/ ٤١.
(٣) في (ج): (تلقى).
(٤) (له) ساقط من (ج).
(٥) (الحجة) لأبي علي ٢/ ٤١، ٤٢، وقال مكي: وعلة من قرأ برفع (آدم) ونصب (الكلمات) أنه جعل (آدم) هو الذي تلقى الكلمات، لأنه هو قبلها ودعا بها، وعمل بها، فتاب الله عليه، فهو الفاعل لقبول الكلمات...) "الكشف" ١/ ٢٣٧، وانظر "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٩٥، "الحجة" لابن خالويه ص ٧٥.
(٦) وكذا قال أبو الليث في "تفسيره" ١/ ١١٢، وقال ابن قتيبة: كأن الله أوحى إليه أن يستغفره ويستقبله بكلام من عنده، "غريب القرآن" ص ٣٨، وقال ابن جرير: (... كأنه استقبله، فتلقاه بالقبول حين أوحى إليه وأخبره..)، "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣، فهو وحي، انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٠ - ٢٦١، و"زاد المسير" ١/ ٦٩.
(٧) أخرجه ابن جرير في "تفسيره" عن مجاهد وقتادة وابن زيد والحسن وأبي العالية ١/ ٢٤٣ - ٢٤٤، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" عن مجاهد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة ومحمد بن كعب وخالد بن معدان وعطاء الخرساني، والربيع ١/ ٩٠ - ٩١، وأخرجه الثعلبي في "تفسيره" بسنده عن ابن عباس قال: وكذلك قال مجاهد والحسن ١/ ٦٦ أ، وانظر: "زاد المسير" ١/ ٦٩، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٨٦ - ٨٧. ورجح ابن جرير هذا القول، قال: (والذي يدل عليه كتاب الله أن =
(٢) في "الحجة": (ومن حجة من رفع أن عليه الأكثر، ومما يشهد للرفع قوله..) ٢/ ٤١.
(٣) في (ج): (تلقى).
(٤) (له) ساقط من (ج).
(٥) (الحجة) لأبي علي ٢/ ٤١، ٤٢، وقال مكي: وعلة من قرأ برفع (آدم) ونصب (الكلمات) أنه جعل (آدم) هو الذي تلقى الكلمات، لأنه هو قبلها ودعا بها، وعمل بها، فتاب الله عليه، فهو الفاعل لقبول الكلمات...) "الكشف" ١/ ٢٣٧، وانظر "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٩٥، "الحجة" لابن خالويه ص ٧٥.
(٦) وكذا قال أبو الليث في "تفسيره" ١/ ١١٢، وقال ابن قتيبة: كأن الله أوحى إليه أن يستغفره ويستقبله بكلام من عنده، "غريب القرآن" ص ٣٨، وقال ابن جرير: (... كأنه استقبله، فتلقاه بالقبول حين أوحى إليه وأخبره..)، "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣، فهو وحي، انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٠ - ٢٦١، و"زاد المسير" ١/ ٦٩.
(٧) أخرجه ابن جرير في "تفسيره" عن مجاهد وقتادة وابن زيد والحسن وأبي العالية ١/ ٢٤٣ - ٢٤٤، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" عن مجاهد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة ومحمد بن كعب وخالد بن معدان وعطاء الخرساني، والربيع ١/ ٩٠ - ٩١، وأخرجه الثعلبي في "تفسيره" بسنده عن ابن عباس قال: وكذلك قال مجاهد والحسن ١/ ٦٦ أ، وانظر: "زاد المسير" ١/ ٦٩، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٨٦ - ٨٧. ورجح ابن جرير هذا القول، قال: (والذي يدل عليه كتاب الله أن =
407
من الله إلهامه إياه، حتى أخذ بإلهامه.
وقال ابن عباس: الكلمات هي: أن آدم قال: يا رب ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى، قال: ألم تنفخ فيّ من روحك؟ قال: بلى، قال: ألم تسبق رحمتك لي غضبك؟ قال: بلى، قال ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى، قال: فلم أخرجتني منها؟ قال: بشؤم معصيتك، قال يا رب أرأيت إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: نعم قال: فهو الكلمات (١).
قال أبو إسحاق: وفي الآية تعريف للمذنب، كف السبيل إلى التنصل من الذنوب، وأنه لا ينفع إلا الاعتراف (٢).
وقال ابن عباس: الكلمات هي: أن آدم قال: يا رب ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى، قال: ألم تنفخ فيّ من روحك؟ قال: بلى، قال: ألم تسبق رحمتك لي غضبك؟ قال: بلى، قال ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى، قال: فلم أخرجتني منها؟ قال: بشؤم معصيتك، قال يا رب أرأيت إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: نعم قال: فهو الكلمات (١).
قال أبو إسحاق: وفي الآية تعريف للمذنب، كف السبيل إلى التنصل من الذنوب، وأنه لا ينفع إلا الاعتراف (٢).
= الكلمات التي تلقاهن آدم من ربه هن الكلمات التي أخبر الله عنه أنه قالها متنصلا بقيلها إلى ربه، معترفا بذنبه، وهو قوله ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الأعراف: ٢٣]، وليس ما قاله من خالف قولنا هذا -من الأقوال التي حكيناها- بمدفوع قوله، ولكنه قول لا شاهد عليه من حجة يجب التسليم لها، فيجوز لنا إضافته إلى آدم..) "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٤.
(١) أخرجه ابن جرير عن ابن عباس بنحوه من عدة طرق، وأخرج نحوه عن أبي العالية والسدي في "تفسيره" ١/ ٢٤٣، وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" عن ابن عباس نحوه، قال المحقق: في سنده ضعف وانقطاع ١/ ٣١١، وأخرج الحاكم في "مستدركه" عن ابن عباس نحوه، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، "المستدرك" ٢/ ٥٤٥، وذكر الثعلبي ١/ ٦٥ ب، وذكره ابن كثير في "تفسيره"، وفي الهامش قال المحقق: (سنده حسن من أجل الحسن بن عطية.. وهذا الأثر كغيره من الآثار المتلقاة عن أهل الكتاب التي لا يجوز الاعتماد عليها في تفسير كتاب الله) ١/ ١٤٩. ذكر الواحدي أشهر الأقوال في المراد بالكلمات، وفيها أقوال أخرى، انظر: "تفسير ابن جرير" ١/ ٢٤٣ - ٢٤٤، و"تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٩٠ - ٩١، و"الثعلبي" ١/ ٦٥ ب، و"ابن عطية" ١/ ٢٦١، "زاد المسير" ١/ ٦٩، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٨٧، و"الرازي" ٣/ ١٩.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٥
(١) أخرجه ابن جرير عن ابن عباس بنحوه من عدة طرق، وأخرج نحوه عن أبي العالية والسدي في "تفسيره" ١/ ٢٤٣، وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" عن ابن عباس نحوه، قال المحقق: في سنده ضعف وانقطاع ١/ ٣١١، وأخرج الحاكم في "مستدركه" عن ابن عباس نحوه، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، "المستدرك" ٢/ ٥٤٥، وذكر الثعلبي ١/ ٦٥ ب، وذكره ابن كثير في "تفسيره"، وفي الهامش قال المحقق: (سنده حسن من أجل الحسن بن عطية.. وهذا الأثر كغيره من الآثار المتلقاة عن أهل الكتاب التي لا يجوز الاعتماد عليها في تفسير كتاب الله) ١/ ١٤٩. ذكر الواحدي أشهر الأقوال في المراد بالكلمات، وفيها أقوال أخرى، انظر: "تفسير ابن جرير" ١/ ٢٤٣ - ٢٤٤، و"تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٩٠ - ٩١، و"الثعلبي" ١/ ٦٥ ب، و"ابن عطية" ١/ ٢٦١، "زاد المسير" ١/ ٦٩، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٨٧، و"الرازي" ٣/ ١٩.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٥
408
وسئل بعض السلف عما يقوله المذنب، فقال: يقول ما قال أبوه: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا﴾ [الأعراف: ٢٣] وما قاله (١) موسى: ﴿ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾ [القصص: ١٦] وما قاله (٢) يونس: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ (٣) [الأنبياء: ٨٧]، وما قالته الملكة: ﴿إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ﴾ [النمل: ٤٤] (٤).
وقوله تعالى: ﴿فَتَابَ عَلَيْهِ﴾. معنى التوبة في اللغة: الرجوع. وفي الشريعة: رجوع العبد من المعصية إلى الطاعة (٥)، فالعبد يتوب إلى الله والله يتوب عليه، أي يرجع عليه (٦) بالمغفرة، [والعبد تواب إلى الله أي راجع إليه بالندم، والله تواب يعود عليه بالكرم] (٧) والعبد تواب إلى الله بالسؤال، والله تواب عليه بالنوال (٨).
فمعنى قوله: ﴿فَتَابَ عَلَيْهِ﴾ أي عاد عليه بالمغفرة (٩)، ولا يحتاج إلى
وقوله تعالى: ﴿فَتَابَ عَلَيْهِ﴾. معنى التوبة في اللغة: الرجوع. وفي الشريعة: رجوع العبد من المعصية إلى الطاعة (٥)، فالعبد يتوب إلى الله والله يتوب عليه، أي يرجع عليه (٦) بالمغفرة، [والعبد تواب إلى الله أي راجع إليه بالندم، والله تواب يعود عليه بالكرم] (٧) والعبد تواب إلى الله بالسؤال، والله تواب عليه بالنوال (٨).
فمعنى قوله: ﴿فَتَابَ عَلَيْهِ﴾ أي عاد عليه بالمغفرة (٩)، ولا يحتاج إلى
(١) في (ب): (وما قال).
(٢) في (ج): (وما قال).
(٣) قوله (لا إله إلا أنت) ساقط من (ب).
(٤) الأثر أورده أبو حيان في البحر ١/ ١٦٥.
(٥) التوبة في الشرع: ترك الذنب، والندم على ما فات، والعزيمة على عدم العودة إليه، وتدارك ما أمكنه من عمل الصالحات، فهذه أركان التوبة وشرائطها، (مفردات الراغب) ص ٧٦، وانظر: "شرح أسماء الله" للزجاج ص ٦١، "تهذيب اللغة" (تاب) ١/ ٤١٦ - ٤١٧، "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٦، و"ابن عطية" ١/ ٢٦١ - ٢٦٢، و"القرطبي" ١/ ٢٧٧ - ٢٧٨، "زاد المسير" ١/ ٧٠، "البحر" ١/ ١٦٦.
(٦) في (ب): (إليه).
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٨) ذكر الأزهري نحوه عن الليث، "تهذيب اللغة" (تاب) ١/ ٤١٦ - ٤١٧.
(٩) (تاب عليه) أي وفقه للتوبة وقبلها منه، وعاد عليه بالمغفرة، انظر: "تفسير الطبري" =
(٢) في (ج): (وما قال).
(٣) قوله (لا إله إلا أنت) ساقط من (ب).
(٤) الأثر أورده أبو حيان في البحر ١/ ١٦٥.
(٥) التوبة في الشرع: ترك الذنب، والندم على ما فات، والعزيمة على عدم العودة إليه، وتدارك ما أمكنه من عمل الصالحات، فهذه أركان التوبة وشرائطها، (مفردات الراغب) ص ٧٦، وانظر: "شرح أسماء الله" للزجاج ص ٦١، "تهذيب اللغة" (تاب) ١/ ٤١٦ - ٤١٧، "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٦، و"ابن عطية" ١/ ٢٦١ - ٢٦٢، و"القرطبي" ١/ ٢٧٧ - ٢٧٨، "زاد المسير" ١/ ٧٠، "البحر" ١/ ١٦٦.
(٦) في (ب): (إليه).
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٨) ذكر الأزهري نحوه عن الليث، "تهذيب اللغة" (تاب) ١/ ٤١٦ - ٤١٧.
(٩) (تاب عليه) أي وفقه للتوبة وقبلها منه، وعاد عليه بالمغفرة، انظر: "تفسير الطبري" =
409
ذكر المغفرة، لأن هذا اللفظ وضع لرجوع العبد إلى الله بالطاعة والندم ورجوع الله عليه بالعفو والمغفرة، وكما لا يحتاج (١) إذا قلت: تاب الله عليه، أن تقول بالندم أو بالطاعة، فكذلك لا تحتاج في قولك: (تاب الله عليه) إلى شيء آخر (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ (٣). أي يتوب على عبده بفضله إذا تاب إليه من ذنبه.
٣٨ - وقوله تعالى: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا﴾ الآية. إعادة الأمر بالهبوط يحتمل وجهين، أحدهما: أنه أراد بالأول هبوطاً من الجنة إلى السماء. وبالثاني هبوطًا من السماء إلى الأرض (٤)، والثاني: أنه كرر للتأكيد (٥).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ (٣). أي يتوب على عبده بفضله إذا تاب إليه من ذنبه.
٣٨ - وقوله تعالى: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا﴾ الآية. إعادة الأمر بالهبوط يحتمل وجهين، أحدهما: أنه أراد بالأول هبوطاً من الجنة إلى السماء. وبالثاني هبوطًا من السماء إلى الأرض (٤)، والثاني: أنه كرر للتأكيد (٥).
= ١/ ٢٤٦، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٢، "زاد المسير" ١/ ٧٠، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٨٧.
(١) في (ب): (يحتاج) في الموضعين.
(٢) انظر: "تفسير البيضاوي" ١/ ٢٢، و"النسفي" و"الرازي" ٣/ ٢٢.
(٣) (إنه) ساقط من (ب).
(٤) ذكره ابن عطية عن النقاش في "تفسيره" ١/ ٢٦٢ - ٢٦٣، و"القرطبي" ١/ ٢٧٩، "البحر" ١/ ١٦٧، وضعف أبو حيان هذا الوجه: لأن الله قال في الهبوط الأول: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾ ولم يحصل الاستقرار على هذا القول إلا بالهبوط الثاني فكان يمبغي أن يذكر الاستقرار فيه، وقال في الهبوط الثاني: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا﴾، وظاهر الضمير أنه يعود إلى الجنة.
(٥) المراجع السابقة، وذكر الماوردي وجهًا ثالثًا: وهو أنه كرر الهبوط، لأنه علق بكل واحد منهما حكما غير الحكم الآخر، فعلق بالأول العداوة، وعلق بالثاني إتيانه الهدى، "تفسير الماوردي" ١/ ٢٦٢.
(١) في (ب): (يحتاج) في الموضعين.
(٢) انظر: "تفسير البيضاوي" ١/ ٢٢، و"النسفي" و"الرازي" ٣/ ٢٢.
(٣) (إنه) ساقط من (ب).
(٤) ذكره ابن عطية عن النقاش في "تفسيره" ١/ ٢٦٢ - ٢٦٣، و"القرطبي" ١/ ٢٧٩، "البحر" ١/ ١٦٧، وضعف أبو حيان هذا الوجه: لأن الله قال في الهبوط الأول: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾ ولم يحصل الاستقرار على هذا القول إلا بالهبوط الثاني فكان يمبغي أن يذكر الاستقرار فيه، وقال في الهبوط الثاني: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا﴾، وظاهر الضمير أنه يعود إلى الجنة.
(٥) المراجع السابقة، وذكر الماوردي وجهًا ثالثًا: وهو أنه كرر الهبوط، لأنه علق بكل واحد منهما حكما غير الحكم الآخر، فعلق بالأول العداوة، وعلق بالثاني إتيانه الهدى، "تفسير الماوردي" ١/ ٢٦٢.
410
وقوله تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ﴾.
قال أبو إسحاق (١): (إما) في [هذا] (٢) الموضع بمعنى حرف الشرط والجزاء، إلا أن الجزاء إذا جاء معها (٣) (النون الثقيلة) لزمتها (ما) (٤) وإنما يلزمها لأجل التأكيد، وكذلك دخل (النون) في الشرط لأجل التأكيد. وجواب الجزاء في (الفاء) مع الشرط الثاني وجوابه، وهما جملة جواب للشرط في (إما) (٥). فعلى هذا أصل (إما) (إن) التي للشرط، ألحق بها
قال أبو إسحاق (١): (إما) في [هذا] (٢) الموضع بمعنى حرف الشرط والجزاء، إلا أن الجزاء إذا جاء معها (٣) (النون الثقيلة) لزمتها (ما) (٤) وإنما يلزمها لأجل التأكيد، وكذلك دخل (النون) في الشرط لأجل التأكيد. وجواب الجزاء في (الفاء) مع الشرط الثاني وجوابه، وهما جملة جواب للشرط في (إما) (٥). فعلى هذا أصل (إما) (إن) التي للشرط، ألحق بها
(١) "معاني القرآن" ١/ ٨٦.
(٢) (هذا) ساقط من (ب). ولفظ الزجاج في "المعاني": (إعراب (إما) في هذا الموضع إعراب حروف الشرط والجزاء...) ١/ ٨٦.
(٣) في "معاني القرآن" (معه) ١/ ٨٦، وهو الأولى.
(٤) (ما) ساقطة من (ب). والزجاج بهذا يرى أن فعل الشرط الواقع بعد (إن) الشرطية المؤكدة بـ (ما) يجب تأكيده بالنون، وهذا ما يوضح معنى قوله: (إلا أن الجزاء إذا جاء معها النون الثقيلة لزمتها (ما)، أي أن (إن) الشرطية إذا اتصل فعل الشرط معها بـ (نون التوكيد) وجب زيادة (ما) معها، وبهذا قال المبرد، قال السمين: ليس في كلامهما ما يدل على لزوم (النون) غاية ما فيه أنهما شرطا في صحة تأكيده بالنون زيادة (ما) "الدر المصون" ١/ ٣٠٠، ٣٠١، وقال سيبويه والفارسي وطائفة: لا يلزم تأكيده، وسيأتي رد الفارسي على الزجاج، انظر: "المقتضب" ٣/ ١٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٢ - ٢٦٣، "البحر" ١/ ١٦٧.
(٥) في "معاني القرآن": (وجواب الشرط في (الفاء) مع الشرط الثاني وجوابه وهو ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ﴾ وجواب ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ﴾ قوله: ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٦ وما أخذ به الزجاج في جواب الشرط: هو قول سيبويه كما ذكر ابن عطية وقال: وحكي عن الكسائي أن قوله: ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ جواب الشرطين جميعا..) قال ابن عطية: (حكي هذا وفيه نظر..) "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٤، وقيل جواب الشرط الأول محذوف تقديره: فإما يأتينكم مني هدى فاتبعوه وقوله: ﴿فَمَنْ تَبِعَ﴾ جملة مستقلة، قال السمين: وهو بعيد، انظر: "الدر المصون" ١/ ٣٠١.
(٢) (هذا) ساقط من (ب). ولفظ الزجاج في "المعاني": (إعراب (إما) في هذا الموضع إعراب حروف الشرط والجزاء...) ١/ ٨٦.
(٣) في "معاني القرآن" (معه) ١/ ٨٦، وهو الأولى.
(٤) (ما) ساقطة من (ب). والزجاج بهذا يرى أن فعل الشرط الواقع بعد (إن) الشرطية المؤكدة بـ (ما) يجب تأكيده بالنون، وهذا ما يوضح معنى قوله: (إلا أن الجزاء إذا جاء معها النون الثقيلة لزمتها (ما)، أي أن (إن) الشرطية إذا اتصل فعل الشرط معها بـ (نون التوكيد) وجب زيادة (ما) معها، وبهذا قال المبرد، قال السمين: ليس في كلامهما ما يدل على لزوم (النون) غاية ما فيه أنهما شرطا في صحة تأكيده بالنون زيادة (ما) "الدر المصون" ١/ ٣٠٠، ٣٠١، وقال سيبويه والفارسي وطائفة: لا يلزم تأكيده، وسيأتي رد الفارسي على الزجاج، انظر: "المقتضب" ٣/ ١٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٢ - ٢٦٣، "البحر" ١/ ١٦٧.
(٥) في "معاني القرآن": (وجواب الشرط في (الفاء) مع الشرط الثاني وجوابه وهو ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ﴾ وجواب ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ﴾ قوله: ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٦ وما أخذ به الزجاج في جواب الشرط: هو قول سيبويه كما ذكر ابن عطية وقال: وحكي عن الكسائي أن قوله: ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ جواب الشرطين جميعا..) قال ابن عطية: (حكي هذا وفيه نظر..) "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٤، وقيل جواب الشرط الأول محذوف تقديره: فإما يأتينكم مني هدى فاتبعوه وقوله: ﴿فَمَنْ تَبِعَ﴾ جملة مستقلة، قال السمين: وهو بعيد، انظر: "الدر المصون" ١/ ٣٠١.
411
(ما) (١) التأكيد (٢).
قال أبو بكر بن السراج: الشرط وجوابه نظير المبتدأ والخبر، إذ كان الشرط لا يتم إلا بجوابه، ولك أن تجعل خبر المبتدأ جملة، هي أيضا مبتدأ وخبر، نحو قولك: (زيد أبوه منطلق) كذلك في الشرط (٣) لك أن تجيبه بجملة (٤) هي جزاء وجواب، نحو قولك: (إن تأتني فمن يكرمني أكرمه) كذلك قوله: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى﴾ لآية (٥).
وهذا الذي ذكره ابن السراج بيان ما أجمله أبو إسحاق.
قال أبو علي (٦): قول أبي إسحاق: (الجزاء إذا جاء في الفعل معه النون الثقيلة أو (٧) الخفيفة لزمه (ما) (٨) يوهم (٩) أن (ما) لزم لدخول (النون)، وأن سبب لحاق (ما) لحاق (النون).
والأمر بعكس ذلك وخلافه، لأن السبب الذي دخلت (النون) الشرط
قال أبو بكر بن السراج: الشرط وجوابه نظير المبتدأ والخبر، إذ كان الشرط لا يتم إلا بجوابه، ولك أن تجعل خبر المبتدأ جملة، هي أيضا مبتدأ وخبر، نحو قولك: (زيد أبوه منطلق) كذلك في الشرط (٣) لك أن تجيبه بجملة (٤) هي جزاء وجواب، نحو قولك: (إن تأتني فمن يكرمني أكرمه) كذلك قوله: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى﴾ لآية (٥).
وهذا الذي ذكره ابن السراج بيان ما أجمله أبو إسحاق.
قال أبو علي (٦): قول أبي إسحاق: (الجزاء إذا جاء في الفعل معه النون الثقيلة أو (٧) الخفيفة لزمه (ما) (٨) يوهم (٩) أن (ما) لزم لدخول (النون)، وأن سبب لحاق (ما) لحاق (النون).
والأمر بعكس ذلك وخلافه، لأن السبب الذي دخلت (النون) الشرط
(١) (ما) ساقطة من (أ)، (ج)، وأثبتها كما في (ب) لاقتضاء السياق لها.
(٢) قوله: (التأكيد) كذا في جميع النسخ ولعل الصواب (للتأكيد)، انظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٩،"البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٧٦.
(٣) (لك) ساقطة من (ب).
(٤) (بجملة) ساقط من (ب).
(٥) كلمة (الآية) ساقطة من (ب) لم أقف على كلام ابن السراج بهذا النص، ولكن انظر معناه في كتابه "الأصول في النحو" ٢/ ١٥٨.
(٦) ورد كلام أبي علي في كتاب "الإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني" متعقبا فيه الزجاج وقد نقل عنه الواحدي طويلا، انظر: "الإغفال" ص ١٠٣ - ١١٣.
(٧) في (ب): (والخفيفة) بالواو ومثله في "الإغفال" ص ١٠٤.
(٨) في (ب): (أن).
(٩) في "الإغفال": (نوهم) ص ١٠٤.
(٢) قوله: (التأكيد) كذا في جميع النسخ ولعل الصواب (للتأكيد)، انظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٩،"البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٧٦.
(٣) (لك) ساقطة من (ب).
(٤) (بجملة) ساقط من (ب).
(٥) كلمة (الآية) ساقطة من (ب) لم أقف على كلام ابن السراج بهذا النص، ولكن انظر معناه في كتابه "الأصول في النحو" ٢/ ١٥٨.
(٦) ورد كلام أبي علي في كتاب "الإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني" متعقبا فيه الزجاج وقد نقل عنه الواحدي طويلا، انظر: "الإغفال" ص ١٠٣ - ١١٣.
(٧) في (ب): (والخفيفة) بالواو ومثله في "الإغفال" ص ١٠٤.
(٨) في (ب): (أن).
(٩) في "الإغفال": (نوهم) ص ١٠٤.
412
في قوله: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ﴾ و ﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا﴾ [مريم: ٢٦]، ﴿وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ﴾ [الإسراء: ٢٨] ونحو ذلك عند النحويين إنما هو لحاق (ما) أول الفعل بعد (إن) فلذلك صار موضعا للنونين (١)، بعد أن لم يكن لهما موضعا.
وإنما كان كذلك عند سيبويه (٢) وأصحابه لمشابهة فعل الشرط، بلحاق (ما) به بعد (إن)، الفعل المقسم عليه.
وجهة المشابهة: أن (ما) (٣) حرف تأكيد كما أن (اللام) (٤) تكون
تأكيداً، والفعل وقع بعد (ما) كما (٥) وقع في القسم بعد (اللام). فلما
شابهت (اللام) في ذلك، لزم الفعل مع (ما) (٦) في الشرط (النون)، كما
لزمته (٧) في (ليفعلن)، فسبب (٨) لحاق (النون) دخول (ما) على ما يذهب
إليه النحويون (٩). قال أبو إسحاق: وفتح ما قبل النون ﴿يَأْتِيَنَّكُمْ﴾
وإنما كان كذلك عند سيبويه (٢) وأصحابه لمشابهة فعل الشرط، بلحاق (ما) به بعد (إن)، الفعل المقسم عليه.
وجهة المشابهة: أن (ما) (٣) حرف تأكيد كما أن (اللام) (٤) تكون
تأكيداً، والفعل وقع بعد (ما) كما (٥) وقع في القسم بعد (اللام). فلما
شابهت (اللام) في ذلك، لزم الفعل مع (ما) (٦) في الشرط (النون)، كما
لزمته (٧) في (ليفعلن)، فسبب (٨) لحاق (النون) دخول (ما) على ما يذهب
إليه النحويون (٩). قال أبو إسحاق: وفتح ما قبل النون ﴿يَأْتِيَنَّكُمْ﴾
(١) أي: نون التوكيد الثقيلة، ونون التوكيد الخفيفة.
(٢) انظر: "الكتاب" ٣/ ٥١٤، ٥١٥.
(٣) (ما) ساقطة من (ب).
(٤) أي لام القسم في مثل (لتفعلن). قال سيبوبه: (... ومن مواضعها أي نون التوكيد حروف الجزاء إذا وقعت بينها وبين الفعل (ما) للتوكيد، وذلك لأنهم شبهوا (ما) بـ (اللام) التي في (لتفعلن) لما وقع التوكيد قبل الفعل ألزموا (النون) آخره كما ألزموا هذه (اللام)..) "الكتاب" ٣/ ٥١٤، ٥١٥.
(٥) في (ب): (كان).
(٦) في (ب): (لزم الفعل معها في الشرط).
(٧) في (ب): (لزمه).
(٨) في (ج): (بسبب).
(٩) "الإغفال" ص ١٠٤، وانظر: "الكتاب" ٣/ ٥١٥.
(٢) انظر: "الكتاب" ٣/ ٥١٤، ٥١٥.
(٣) (ما) ساقطة من (ب).
(٤) أي لام القسم في مثل (لتفعلن). قال سيبوبه: (... ومن مواضعها أي نون التوكيد حروف الجزاء إذا وقعت بينها وبين الفعل (ما) للتوكيد، وذلك لأنهم شبهوا (ما) بـ (اللام) التي في (لتفعلن) لما وقع التوكيد قبل الفعل ألزموا (النون) آخره كما ألزموا هذه (اللام)..) "الكتاب" ٣/ ٥١٤، ٥١٥.
(٥) في (ب): (كان).
(٦) في (ب): (لزم الفعل معها في الشرط).
(٧) في (ب): (لزمه).
(٨) في (ج): (بسبب).
(٩) "الإغفال" ص ١٠٤، وانظر: "الكتاب" ٣/ ٥١٥.
413
لسكونه (١)، وسكون النون الأولى.
قال أبو علي: لا يخلو (٢) حركة (الياء) بالفتح من أن يكون لالتقاء الساكنين، كما ذكر أبو إسحاق، أو يكون حركة بنى الفعل عليها، لانضمام الحرف إليه.
فلو كانت الحركة بالفتح لالتقاء الساكنين في ﴿يَأْتِيَنَّكُمْ﴾ ونحوه لما حرك به في (هل تضربن) (٣) و (هل تذهبن) (٤) ونحوه من الصحيح.
ألا ترى أن الساكنين لا يلتقيان في هذا كما يلتقيان في المعتل، والتحرك بالفتح مع (٥) ذلك لازم له، ولو كانت الحركة لالتقاء الساكنين ما لزمت هنا.
وفي تحرك هذا الضرب بالفتح أعني: (الصحيح) (٦) ما يدل على أن المتحرك بالفتح في: ﴿يَأْتِيَنَّكُمْ﴾ ونحوه للبناء، دون التقاء الساكنين، فثبت
قال أبو علي: لا يخلو (٢) حركة (الياء) بالفتح من أن يكون لالتقاء الساكنين، كما ذكر أبو إسحاق، أو يكون حركة بنى الفعل عليها، لانضمام الحرف إليه.
فلو كانت الحركة بالفتح لالتقاء الساكنين في ﴿يَأْتِيَنَّكُمْ﴾ ونحوه لما حرك به في (هل تضربن) (٣) و (هل تذهبن) (٤) ونحوه من الصحيح.
ألا ترى أن الساكنين لا يلتقيان في هذا كما يلتقيان في المعتل، والتحرك بالفتح مع (٥) ذلك لازم له، ولو كانت الحركة لالتقاء الساكنين ما لزمت هنا.
وفي تحرك هذا الضرب بالفتح أعني: (الصحيح) (٦) ما يدل على أن المتحرك بالفتح في: ﴿يَأْتِيَنَّكُمْ﴾ ونحوه للبناء، دون التقاء الساكنين، فثبت
(١) في "معاني القرآن": السكون الياء وسكون النون الأولى) "معاني القرآن" ١/ ٨٦ يذكر الزجاج هنا أن الفعل المؤكد بنون التوكيد في قوله: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ﴾ يفتح ما قبل النون لتفادي التقاء ساكنين (الياء) التي هي آخر الفعل، والنون الأولى من نون التوكيد المشددة. وهذا التعليل غير كاف عند بعض النحويين، بل يرون أن الفعل المضارع الذي لم يتصل بضمير رفع ساكن إذا أكد بالنون اعتبر معها مركبا وبني على الفتح، وبهذا اعترض أبو علي على الزجاج كما في كلامه الآتي الذي نقله الواحدي عن "الإغفال" ص ١١٤.
(٢) في (ب): (لا تخلوا) (أن تكون) (أو تكون) بالتاء في المواضع الثلاثة ومثله في "الإغفال" ص ١١٤، وهذا أولى.
(٣) في (ج): (هل تضربين).
(٤) في (ج): (هل تكرهين).
(٥) في (ب): (من ذلك).
(٦) في "الإغفال": (أعني: الذي لا ساكنين فيه... إلخ) ص ١١٥.
(٢) في (ب): (لا تخلوا) (أن تكون) (أو تكون) بالتاء في المواضع الثلاثة ومثله في "الإغفال" ص ١١٤، وهذا أولى.
(٣) في (ج): (هل تضربين).
(٤) في (ج): (هل تكرهين).
(٥) في (ب): (من ذلك).
(٦) في "الإغفال": (أعني: الذي لا ساكنين فيه... إلخ) ص ١١٥.
414
بهذا فساد قوله.
ويدل أيضًا على فساد قولِه قولُهم: (قُولَنَّ) و (بيعنَّ) ولا تخلو (١) اللام في: (قولن) من أن تكون (٢) محركة لالتقاء الساكنين [أو لبناء الفعل مع الحرف بالفتح، فالذي يفسد القول بأنها محركة لالتقاء (٣) الساكنين] (٤) ردك العين في: (قولن) و (بيعنَّ)، ألا ترى أن (اللام لو كانت حركتها (٥) للساكنين لم يلزم رد العين، كما أن حركتها لما كانت في: (قل الحق) و (بع الثوب) لالتقاء الساكنين لم يلزم رد العين فيه، فردنا للعين (٦) في: (قولن) ونحوه وحذفنا لها في: (قل الحق) دليل بَيِّن أن الحركة في (قولن) لبناء الفعل مع الحرف على الفتح، إذ لو كانت لالتقاء الساكنين ما رُدَّت العين كما لم ترد في (قل الحق) (٧)، وإنما لم ترد في (قل الحق) (٨) لأن النية بحركتها السكون، وما تحرك لها من الساكن الثاني غير لازم (٩).
ويدل أيضًا على فساد قولِه قولُهم: (قُولَنَّ) و (بيعنَّ) ولا تخلو (١) اللام في: (قولن) من أن تكون (٢) محركة لالتقاء الساكنين [أو لبناء الفعل مع الحرف بالفتح، فالذي يفسد القول بأنها محركة لالتقاء (٣) الساكنين] (٤) ردك العين في: (قولن) و (بيعنَّ)، ألا ترى أن (اللام لو كانت حركتها (٥) للساكنين لم يلزم رد العين، كما أن حركتها لما كانت في: (قل الحق) و (بع الثوب) لالتقاء الساكنين لم يلزم رد العين فيه، فردنا للعين (٦) في: (قولن) ونحوه وحذفنا لها في: (قل الحق) دليل بَيِّن أن الحركة في (قولن) لبناء الفعل مع الحرف على الفتح، إذ لو كانت لالتقاء الساكنين ما رُدَّت العين كما لم ترد في (قل الحق) (٧)، وإنما لم ترد في (قل الحق) (٨) لأن النية بحركتها السكون، وما تحرك لها من الساكن الثاني غير لازم (٩).
(١) في (ج): (يخلو).
(٢) من (ب): وفي غيرها: (يكون).
(٣) في "الإغفال": (محركة للساكنين) ص ١١٦.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج) وأثبته من (ب) وهو ثابت في "الإغفال" ص ١١٥ وصحة السياق تقتضيه.
(٥) في (ج): (لو كانت لالتقاء الساكنين).
(٦) في (ب): (العين).
(٧) في "الإغفال":.. (كما لم ترد في (قل الحق) لما كانت الحركة فيه لالتقاء الساكنين، وإنما لم ترد (العين) المحذوفة للساكنين من (قل) ونحوه، وإن تحركت اللام، لأن النية بحركتها... إلخ) "الإغفال" ص ١١٦.
(٨) قوله: (قل الحق) ساقط من (ب).
(٩) انتهى ما نقله عن "الإغفال"، بتصرف يسير في بعض الكلمات، وانظر بقية كلام أبي علي في "الإغفال" ص ١١٦ - ١١٩.
(٢) من (ب): وفي غيرها: (يكون).
(٣) في "الإغفال": (محركة للساكنين) ص ١١٦.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج) وأثبته من (ب) وهو ثابت في "الإغفال" ص ١١٥ وصحة السياق تقتضيه.
(٥) في (ج): (لو كانت لالتقاء الساكنين).
(٦) في (ب): (العين).
(٧) في "الإغفال":.. (كما لم ترد في (قل الحق) لما كانت الحركة فيه لالتقاء الساكنين، وإنما لم ترد (العين) المحذوفة للساكنين من (قل) ونحوه، وإن تحركت اللام، لأن النية بحركتها... إلخ) "الإغفال" ص ١١٦.
(٨) قوله: (قل الحق) ساقط من (ب).
(٩) انتهى ما نقله عن "الإغفال"، بتصرف يسير في بعض الكلمات، وانظر بقية كلام أبي علي في "الإغفال" ص ١١٦ - ١١٩.
415
ومعنى قوله: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى﴾ أي: فإن يأتكم مني شريعة ورسول وبيان ودعوة (١).
﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ﴾ أي: قبل أمري واتبع ما آمر به، فلا خوف عليه في الآخرة ولا حزن (٢).
والخطاب لآدم وحواء وذريتهما (٣)، أعلمهم أنه يبتليهم بالطاعة ويجازيهم بالجنة عليها، وبالنار على تركها، وأن هذا الابتلاء وقع عند الهبوط إلى الأرض (٤).
وقوله تعالى: ﴿هُدَايَ﴾ فتحت (الياء) فيه (٥)، لأنها أتت بعد ساكن، وأصلها الحركة التي هي الفتح، والأصل أن تقول: (غلامي) فتفتح (٦) (الياء)، لأنها حرف في موضع اسم مضمر (٧) منع الإعراب فألزم الحركة،
﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ﴾ أي: قبل أمري واتبع ما آمر به، فلا خوف عليه في الآخرة ولا حزن (٢).
والخطاب لآدم وحواء وذريتهما (٣)، أعلمهم أنه يبتليهم بالطاعة ويجازيهم بالجنة عليها، وبالنار على تركها، وأن هذا الابتلاء وقع عند الهبوط إلى الأرض (٤).
وقوله تعالى: ﴿هُدَايَ﴾ فتحت (الياء) فيه (٥)، لأنها أتت بعد ساكن، وأصلها الحركة التي هي الفتح، والأصل أن تقول: (غلامي) فتفتح (٦) (الياء)، لأنها حرف في موضع اسم مضمر (٧) منع الإعراب فألزم الحركة،
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٦، "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٣ - ٢٦٤، "تفسير ابن كثير" ١/ ٨٧ - ٨٨.
(٢) قوله: (ولا هم يحزنون) قال الطبري: (ولا هم يحزنون يومئذ على ما خلفوا بعد وفاتهم في الدنيا) الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٤٧، وبهذا قال أكثر المفسرين، انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٣، و"تفسير ابن كثير" في ١/ ٨٨، وذكر ابن عطية في معنى الآية وجها آخر: أي لا خوف عليهم يوم القيامة، ولا هم يحزنون فيه ١/ ٢٦٥٨، والأولى عموم الآية. والله أعلم.
(٣) ذكره ابن جرير، وذكر وجها آخر: وهو أن الخطاب لمن أهبط من السماء وهم آدم وحواء وإبليس ورجح هذا الوجه، انظر: "الطبري" ١/ ٢٤٦، ورجحه ابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٦٢، وبه قال ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨٧.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٥
(٥) من "معاني القرآن" للزجاج بتصرف ١/ ٨٦، ٨٧.
(٦) في (ج): (بفتح) ومثله في "معاني القرآن" ١/ ٨٧.
(٧) أي أن (الياء) ضمير جاء على حرف واحد فيأخذ حكم الحرف في أنه يفتح إذا جاء بعد ساكن، "معاني القرآن" ١/ ٨٧.
(٢) قوله: (ولا هم يحزنون) قال الطبري: (ولا هم يحزنون يومئذ على ما خلفوا بعد وفاتهم في الدنيا) الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٤٧، وبهذا قال أكثر المفسرين، انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٣، و"تفسير ابن كثير" في ١/ ٨٨، وذكر ابن عطية في معنى الآية وجها آخر: أي لا خوف عليهم يوم القيامة، ولا هم يحزنون فيه ١/ ٢٦٥٨، والأولى عموم الآية. والله أعلم.
(٣) ذكره ابن جرير، وذكر وجها آخر: وهو أن الخطاب لمن أهبط من السماء وهم آدم وحواء وإبليس ورجح هذا الوجه، انظر: "الطبري" ١/ ٢٤٦، ورجحه ابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٦٢، وبه قال ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨٧.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٥
(٥) من "معاني القرآن" للزجاج بتصرف ١/ ٨٦، ٨٧.
(٦) في (ج): (بفتح) ومثله في "معاني القرآن" ١/ ٨٧.
(٧) أي أن (الياء) ضمير جاء على حرف واحد فيأخذ حكم الحرف في أنه يفتح إذا جاء بعد ساكن، "معاني القرآن" ١/ ٨٧.
416
كما ذكرنا في قوله: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٣٠] فيمن (١) فتح (الياء).
وحذف الحركة (٢) جائز لأن (الياء) من حروف المد واللين، وفي ﴿هُدَايَ﴾ سكن ما قبلها، ولم (٣) يكن بد من تحريكها، فجعل حظها ما كان لها في الأصل من الحركة وهو الفتح (٤).
وروى ابن الأنباري أن النبي ﷺ قرأ ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ﴾ قال (٥): وهي لغة طيئ (٦)، يقولون: هذه عصيَّ ورحَيَّ (٧).
وقرأ ابن أبي إسحاق (٨): ﴿هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا﴾ (٩) [طه: ١٨] وقال أبو ذؤيب:
وحذف الحركة (٢) جائز لأن (الياء) من حروف المد واللين، وفي ﴿هُدَايَ﴾ سكن ما قبلها، ولم (٣) يكن بد من تحريكها، فجعل حظها ما كان لها في الأصل من الحركة وهو الفتح (٤).
وروى ابن الأنباري أن النبي ﷺ قرأ ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ﴾ قال (٥): وهي لغة طيئ (٦)، يقولون: هذه عصيَّ ورحَيَّ (٧).
وقرأ ابن أبي إسحاق (٨): ﴿هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا﴾ (٩) [طه: ١٨] وقال أبو ذؤيب:
(١) في (ج): (فمن).
(٢) في (ب): (الياء).
(٣) في (ب): (فلم).
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٧.
(٥) في (ب): (وقال).
(٦) لغة هذيل، انظر: "المحتسب" ١/ ٧٦، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٤، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٠.
(٧) ذكر هذه القراءة ابن جني في "المحتسب" قال: (قراءة النبي ﷺ وأبي الطفيل، وعبد الله بن أبي إسحاق، وعاصم الجحدري، وعيسى ابن عمر الثقفي (هُدَيَّ)..) "المحتسب" ١/ ٧٦ ونحوه في "البحر المحيط" ١/ ١٦٩، وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٧، "البيان" ١/ ٧٦، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٤، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٠.
(٨) هو عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي النحوي البصري، أخذ القراءة عن يحيى بن يعمر ويعمر ونصر بن عاصم، وتوفي سنة تسع وعشرين ومائة، انظر: "غاية النهاية" ١/ ٤١٠.
(٩) (هي) ساقطة من (ب).
(٢) في (ب): (الياء).
(٣) في (ب): (فلم).
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٧.
(٥) في (ب): (وقال).
(٦) لغة هذيل، انظر: "المحتسب" ١/ ٧٦، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٤، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٠.
(٧) ذكر هذه القراءة ابن جني في "المحتسب" قال: (قراءة النبي ﷺ وأبي الطفيل، وعبد الله بن أبي إسحاق، وعاصم الجحدري، وعيسى ابن عمر الثقفي (هُدَيَّ)..) "المحتسب" ١/ ٧٦ ونحوه في "البحر المحيط" ١/ ١٦٩، وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٧، "البيان" ١/ ٧٦، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٤، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٠.
(٨) هو عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي النحوي البصري، أخذ القراءة عن يحيى بن يعمر ويعمر ونصر بن عاصم، وتوفي سنة تسع وعشرين ومائة، انظر: "غاية النهاية" ١/ ٤١٠.
(٩) (هي) ساقطة من (ب).
417
| تَرَكُوا هَوَيَّ وَأَعْنَقُوا لِهَواهُمُ | فَتُخُرِّمُوا وَلِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ (١) |
| يُطَوَّفُ بِي عِكَبٌّ (٣) فِي مَعَدٍّ | وَيَطْعَنُ بِالصُّمُلَّةِ فِي قَفَيَّا |
| فَإِنْ لَمْ تَثْأَرُوا لِي مِنْ عِكَبٍّ | فَلَا أَرْوَيْتُم أبَدًا صَدَيَّا (٤) |
(١) البيت من قصيدة قالها أبو ذؤيب يرثي بنيه، حيث ذهبوا للجهاد، وكان هواه أن يقيموا معه، وأن يموت قبلهم، قوله: فَتُخُرِّمُوا: أخذوا واحدًا واحدًا، تخرمتهم المنية، ولكل جنب مصرع: أي كل إنسان يموت، انظر: "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٧، "المحتسب" ١/ ٧٦، "المفضليات" ص ٤٢١، "شرح المفصل" ٣/ ٣٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٤، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٠، "البحر" ١/ ١٦٩. والراوية للبيت في المصادر كلها (سبقوا) بدل (تركوا).
(٢) البيتان للمُنَخَّل اليَشْكري، وقال في "الصحاح": (المتَنخِّل اليَشْكُري)، وفي الهامش: اسم اليَشُكري (المنخل) وأما (المنتخل) فهو الهذلي، "الصحاح" ١/ ١٨٨، وكان من قصة المُنخل (أنه كان بينه وبين المتجردة امرأة النعمان بن المنذر علاقة ولما علم النعمان دفعه إلى سجانه واسمه (عِكب) فقيده وعذبه.
(٣) في (ب): (كعب) في الموضعين.
(٤) يروي البيت: (تثأران) و (فلا رَوَّيْتُما) وقوله: (صَدَيَّا): الصدى في زعم الجاهلية طائر يصيح إذا لم يتأر بالمقتول، وقيل هو اسم ماد والصملة هي العصا. وشاهد (صديا) و (قفيا) حيث استعملهما على لغة هذيل، الأبيات في "المحتسب" ١/ ٧٦، "الخصائص" ١/ ١٧٧، "شرح المفصل" ٣/ ١٨٨، "ترتيب الإصلاح" ١/ ١٨٥، والبيت الأول في "الصحاح" (عكب) ١/ ١٨٨، "اللسان" (عكب) ٥/ ٣٠٥٤.
(٥) هو أبو دواد الإيادي، وكان قد جاور هلال بن كعب من تميم، فلعب غلام له مع غلمان الحي في غدير فغطسوه في الماء ومات، فعزم أبو دواد على مفارقتهم وذم جوارهم، وحاولوا إرضاءه فقال البيت وبيتًا قبله.
(٢) البيتان للمُنَخَّل اليَشْكري، وقال في "الصحاح": (المتَنخِّل اليَشْكُري)، وفي الهامش: اسم اليَشُكري (المنخل) وأما (المنتخل) فهو الهذلي، "الصحاح" ١/ ١٨٨، وكان من قصة المُنخل (أنه كان بينه وبين المتجردة امرأة النعمان بن المنذر علاقة ولما علم النعمان دفعه إلى سجانه واسمه (عِكب) فقيده وعذبه.
(٣) في (ب): (كعب) في الموضعين.
(٤) يروي البيت: (تثأران) و (فلا رَوَّيْتُما) وقوله: (صَدَيَّا): الصدى في زعم الجاهلية طائر يصيح إذا لم يتأر بالمقتول، وقيل هو اسم ماد والصملة هي العصا. وشاهد (صديا) و (قفيا) حيث استعملهما على لغة هذيل، الأبيات في "المحتسب" ١/ ٧٦، "الخصائص" ١/ ١٧٧، "شرح المفصل" ٣/ ١٨٨، "ترتيب الإصلاح" ١/ ١٨٥، والبيت الأول في "الصحاح" (عكب) ١/ ١٨٨، "اللسان" (عكب) ٥/ ٣٠٥٤.
(٥) هو أبو دواد الإيادي، وكان قد جاور هلال بن كعب من تميم، فلعب غلام له مع غلمان الحي في غدير فغطسوه في الماء ومات، فعزم أبو دواد على مفارقتهم وذم جوارهم، وحاولوا إرضاءه فقال البيت وبيتًا قبله.
418
| فَأَبْلُونِي بَلِيَّتكُم (١) لَعَلِّي | أُصالِحُكُم وأَسْتَدْرِجْ نَوَيَّا (٢) |
٣٩ - وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ الآية. الآيات جمع آية، ومعنى الآية في اللغة: العلامة (٨)، ومنه قوله: {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا
(١) في (ج): (بليكم).
(٢) قوله: فأبلوني: يقال: أبلاه إذا صنع به جميلا، والبلية: الاسم، وقيل: البلية: الناقة تربط على قبر صاحبها بدون طعام ولا شراب حتى تموت، ونَوَيَّا: يريد (نَوَاي) وهي النية، والمراد الوجه الذي يقصد، انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٨، "تأويل مشكل القرآن" ص ٥٦، "الخصائص" ١/ ١٧٦، ٢/ ٣٤١، ٤٢٤، "مغني اللبيب" ٢/ ٤٢٣، ٤٧٧، "اللسان" (علل) ٥٠/ ٣٠٨٢.
(٣) (ياء) ساقطة من (ج).
(٤) في (ج): (راحاي).
(٥) في (ب): (إذا).
(٦) في (أ)، (ج): (لا تكسر).
(٧) لم أجده للفراء، وذكر ابن جني عن أبي علي نحوه في تخريج لغة هذيل، انظر "المحتسب" ١/ ٧٦، وذكر النحاس هذه العلة عن الخليل وسيبويه، "إعراب القرآن" ١/ ١٦٦، وانظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٣٦، والزجاج في "تفسيره" ١/ ٧٨.
(٨) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٧، "معجم مقاييس اللغة" (أبي) ١/ ١٦٨، "الزاهر" ١/ ١٧٢، "مفردات الراغب" ص ٣٣، "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥، و"فوائد في مشكل القرآن" ص ٦٨، "البرهان في علوم القرآن" ١/ ٢٦٦.
(٢) قوله: فأبلوني: يقال: أبلاه إذا صنع به جميلا، والبلية: الاسم، وقيل: البلية: الناقة تربط على قبر صاحبها بدون طعام ولا شراب حتى تموت، ونَوَيَّا: يريد (نَوَاي) وهي النية، والمراد الوجه الذي يقصد، انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٨، "تأويل مشكل القرآن" ص ٥٦، "الخصائص" ١/ ١٧٦، ٢/ ٣٤١، ٤٢٤، "مغني اللبيب" ٢/ ٤٢٣، ٤٧٧، "اللسان" (علل) ٥٠/ ٣٠٨٢.
(٣) (ياء) ساقطة من (ج).
(٤) في (ج): (راحاي).
(٥) في (ب): (إذا).
(٦) في (أ)، (ج): (لا تكسر).
(٧) لم أجده للفراء، وذكر ابن جني عن أبي علي نحوه في تخريج لغة هذيل، انظر "المحتسب" ١/ ٧٦، وذكر النحاس هذه العلة عن الخليل وسيبويه، "إعراب القرآن" ١/ ١٦٦، وانظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٣٦، والزجاج في "تفسيره" ١/ ٧٨.
(٨) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٧، "معجم مقاييس اللغة" (أبي) ١/ ١٦٨، "الزاهر" ١/ ١٧٢، "مفردات الراغب" ص ٣٣، "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥، و"فوائد في مشكل القرآن" ص ٦٨، "البرهان في علوم القرآن" ١/ ٢٦٦.
419
وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ} [المائدة: ١١٤] أي علامة منك لإجابتك دعاءنا، فكل آية من الكتاب علامة ودلالة على المضمون فيها. وقال أبو عبيدة: معنى الآية: أنها علامة لانقطاع الكلام الذي قبلها، وانقطاعه من الذي بعدها (١). ثعلب عن ابن الأعرابي: الآية العلامة (٢).
الليث: الآية العلامة، والآية من آيات القرآن، والجميع: الآي (٣)، ولم يزد على هذا. فالآية بمعنى العلامة في اللغة صحيحة (٤).
قال الأحوص (٥):
الليث: الآية العلامة، والآية من آيات القرآن، والجميع: الآي (٣)، ولم يزد على هذا. فالآية بمعنى العلامة في اللغة صحيحة (٤).
قال الأحوص (٥):
| أَمِنْ رَسْمِ آيَاتٍ عَفَوْنَ وَمَنْزِلٍ | قَدِيمٍ تُعَفِّيهِ (٦) الأَعاَصِيرُ مُحْوِلِ (٧) |
(١) في "المجاز" لأبي عبيدة. (إنما سميت آية لأنها كلام متصل إلى انقطاعه، انقطاع معناه قصة ثم قصة (١/ ٥) وانظر: "الزاهر" ١/ ١٧٢.
(٢) لم أجده عن ابن الأعرابي، ويظهر أن الواحدي نقل الكلام وما بعده من "تهذيب اللغة"، ولم أجد بحث (آية) في المطبوع من "تهذيب اللغة"، انظر: "الغربيين" للهروي ١/ ١١٦، ١١٧، "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥.
(٣) في "الصحاح" جمع الآية: آي وآياي، آيات، "الصحاح" (أيا) ٦/ ٢٢٧٥، انظر: "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥، وقيل: آياي جمع الجمع.
(٤) انظر: "الصحاح" (أيا) ٦/ ٢٢٧٥، "مقاييس اللغة" (أي) ١/ ١٦٨، "مفردات الراغب" ص ٣٣، "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥.
(٥) هو الأحوص بن محمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت، لشعره رونق وحلاوة أكثر في الغزل، وكان يشبب بنساء أشراف المدينة، فنفاه سليمان بن عبد الملك إلى (دهلك)، انظر: "الشعر والشعراء" ص ٣٤٥، "الخزانة" ٢/ ١٦.
(٦) في (ج): (يعفيه).
(٧) ورد البيت في "الزاهر" ١/ ١٧٢، ولم أجده في شعر الأحوص جمع (عادل سليمان جمال)، والمُحْوِل: المنزل الذي رحل عنه أهله وتغير حاله، انظر: "اللسان" (حول) ٢/ ١٠٦٠.
(٢) لم أجده عن ابن الأعرابي، ويظهر أن الواحدي نقل الكلام وما بعده من "تهذيب اللغة"، ولم أجد بحث (آية) في المطبوع من "تهذيب اللغة"، انظر: "الغربيين" للهروي ١/ ١١٦، ١١٧، "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥.
(٣) في "الصحاح" جمع الآية: آي وآياي، آيات، "الصحاح" (أيا) ٦/ ٢٢٧٥، انظر: "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥، وقيل: آياي جمع الجمع.
(٤) انظر: "الصحاح" (أيا) ٦/ ٢٢٧٥، "مقاييس اللغة" (أي) ١/ ١٦٨، "مفردات الراغب" ص ٣٣، "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥.
(٥) هو الأحوص بن محمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت، لشعره رونق وحلاوة أكثر في الغزل، وكان يشبب بنساء أشراف المدينة، فنفاه سليمان بن عبد الملك إلى (دهلك)، انظر: "الشعر والشعراء" ص ٣٤٥، "الخزانة" ٢/ ١٦.
(٦) في (ج): (يعفيه).
(٧) ورد البيت في "الزاهر" ١/ ١٧٢، ولم أجده في شعر الأحوص جمع (عادل سليمان جمال)، والمُحْوِل: المنزل الذي رحل عنه أهله وتغير حاله، انظر: "اللسان" (حول) ٢/ ١٠٦٠.
420
قال ابن السكيت (١) وحكاه لنا أبو عمرو (٢) يقال (٣): خرج القوم بآيتهم، أي بجماعتهم، لم يدعوا وراءهم شيئا (٤)، وقال بُرْج بن مُسْهِر (٥):
معناه: خرجنا بجماعتنا. فعلى هذا القول معنى الآية من كتاب الله جماعة حروف دالة على معنى مخصوص (٧).
وبعض أصحابنا (٨) يجوّز على هذا القول أن يسمَّى أقل من الآية آية،
| خَرَجْنَا مِنَ النَّقْبَيْنِ لَا حَيَّ مْثِلُنَا | بآِيَتِناَ نُزْجِي اللِّقَاحَ المطَافِلاَ (٦) |
وبعض أصحابنا (٨) يجوّز على هذا القول أن يسمَّى أقل من الآية آية،
(١) "إصلاح المنطق" ص ٣٠٤، وانظر: "الزاهر" ١/ ١٧٣، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٣٤، "زاد المسير" ١/ ٧١.
(٢) هو أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني، جاور بني شيبان في الكوفة ونسب اليهم، شهر بالغريب، أخذ عنه ابن السكيت، انظر ترجمته في: مقدمة "تهذيب اللغة" ١/ ٣٣، "طبقات النحويين واللغويين" ص ١٩٤.
(٣) في (ب): (فقال).
(٤) ذكر البغدادي في "الخزانة": أن علي بن حمزة البصري رد قول ابن السكيت واستشهاده بكلام أبي عمرو الشيباني، ورجح أن الآية: العلامة، انظر: "الخزانة" ٦/ ٥١٥.
(٥) في (ج): (مرج بن شهر). وهو البرج بن مُسْهِر بن جلاس الطائي شاعر معمر. قال ابن دريد. وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، انظر: "الاشتقاق" لابن دريد ص ٣٨٢، "الأعلام" ٢/ ٤٧.
(٦) قوله: نزجي: نسوق، واللقاح: النوق ذوات اللبن، والمطافل: النوق معها أولادها. ورد البيت في "إصلاح المنطق" ص ٣٠٤، "الزاهر" ١/ ١٧٢، "مقاييس اللغة" (أي) ١/ ١٦٩، "تفسير القرطبي" ١/ ٥٧، "زاد المسير" ١/ ٧١، (الخزانة) ٦/ ٥١٥، "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥، "الدر المصون" ١/ ٣٠٨.
(٧) سبق ذكر رد علي بن حمزة البصري على هذا القول، وانظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٣٤، "الزاهر" ١/ ١٧٢، "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥.
(٨) أي من علماء الشافعية.
(٢) هو أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني، جاور بني شيبان في الكوفة ونسب اليهم، شهر بالغريب، أخذ عنه ابن السكيت، انظر ترجمته في: مقدمة "تهذيب اللغة" ١/ ٣٣، "طبقات النحويين واللغويين" ص ١٩٤.
(٣) في (ب): (فقال).
(٤) ذكر البغدادي في "الخزانة": أن علي بن حمزة البصري رد قول ابن السكيت واستشهاده بكلام أبي عمرو الشيباني، ورجح أن الآية: العلامة، انظر: "الخزانة" ٦/ ٥١٥.
(٥) في (ج): (مرج بن شهر). وهو البرج بن مُسْهِر بن جلاس الطائي شاعر معمر. قال ابن دريد. وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، انظر: "الاشتقاق" لابن دريد ص ٣٨٢، "الأعلام" ٢/ ٤٧.
(٦) قوله: نزجي: نسوق، واللقاح: النوق ذوات اللبن، والمطافل: النوق معها أولادها. ورد البيت في "إصلاح المنطق" ص ٣٠٤، "الزاهر" ١/ ١٧٢، "مقاييس اللغة" (أي) ١/ ١٦٩، "تفسير القرطبي" ١/ ٥٧، "زاد المسير" ١/ ٧١، (الخزانة) ٦/ ٥١٥، "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥، "الدر المصون" ١/ ٣٠٨.
(٧) سبق ذكر رد علي بن حمزة البصري على هذا القول، وانظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٣٤، "الزاهر" ١/ ١٧٢، "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥.
(٨) أي من علماء الشافعية.
421
لولا أن التوقيف ورد بما هي الآن معدودة آيات (١).
قال ابن الأنباري: وفي الآية قول ثالث: وهو أن تكون (٢) سميت آية، لأنها عجب، وذلك أن قارئها إذا قرأها يستدل على مباينتها (٣) كلام المخلوقين، ويعلم أن العالم يعجزون عن التكلم بمثلها، فتكون الآية العجب من قولهم: (فلان آية من الآيات) أي عجب من العجائب (٤) فهذا هو القول في معنى الآية.
فأما وزنها من (٥) الفعل، فقال الفراء (٦): إنما تركت العرب همز (ياء) آية، كما يهمزون كل (ياء) بعد الألف ساكنة نحو: قائل وغائب (٧) وبابه،
قال ابن الأنباري: وفي الآية قول ثالث: وهو أن تكون (٢) سميت آية، لأنها عجب، وذلك أن قارئها إذا قرأها يستدل على مباينتها (٣) كلام المخلوقين، ويعلم أن العالم يعجزون عن التكلم بمثلها، فتكون الآية العجب من قولهم: (فلان آية من الآيات) أي عجب من العجائب (٤) فهذا هو القول في معنى الآية.
فأما وزنها من (٥) الفعل، فقال الفراء (٦): إنما تركت العرب همز (ياء) آية، كما يهمزون كل (ياء) بعد الألف ساكنة نحو: قائل وغائب (٧) وبابه،
(١) أنظر: "البرهان في علوم القرآن" ١/ ٢٦٧، "الإتقان" ١/ ٢٣٠. قال الزمخشري: (هذا علم توقيفي لا مجال للقياس فيه كمعرفة السور) "الكشاف" ١/ ١٠٥.
(٢) في (أ)، (ج): (يكون) واخترت ما في (ب) لأنه هو الصواب موافق لكلام ابن الأنباري في "الزاهر" ١/ ١٧٣.
(٣) في (أ): (مبانيتها) وما في (ب)، (ج) هو الصواب وموافق لما في "الزاهر".
(٤) "الزاهر" ١/ ١٧٣، وانظر: "زاد المسير" ١/ ٧٢. وخلاصة القول في معنى الآية: أنها تطلق في اللغة على:
١ - المعجزة،
٢ - العلامة،
٣ - العبرة،
٤ - الأمر العجيب،
٥ - الجماعة،
٦ - البرهان والدليل.
(٥) (من) ساقطة من (ج).
(٦) كلام الفراء ورده على الكسائي ذكره ابن منظور في "لسان العرب" عن كتاب (المصادر) للفراء، ولعله نقله عن "تهذيب اللغة"، ولم أجد مبحث (آية) في المطبوع من "تهذيب اللغة"، انظر: "اللسان" (ايا) ١/ ١٨٥. (والآية) وزنها من الفعل - عند الفراء: (فَعْلَة) وعند الخليل (فَعَلَة) أصلها (أَيَيَة)، وعند الكسائي (فَاعِلَة)، أنظر: "الزاهر" ١/ ٣٤٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ٧١ - ٧٢، "المفردات في غريب القرآن" ص ٣٣، "فوائد في تأويل المشكل" ص ٦٨، "البرهان" ١/ ٢٦٦، "الدر المصون" ١/ ٣٠٨، "الخزانة" ٦/ ٥١٧، وقد ذكر في أصلها ستة وجوه.
(٧) (قائل وغائب) مكانها بياض في (ج).
(٢) في (أ)، (ج): (يكون) واخترت ما في (ب) لأنه هو الصواب موافق لكلام ابن الأنباري في "الزاهر" ١/ ١٧٣.
(٣) في (أ): (مبانيتها) وما في (ب)، (ج) هو الصواب وموافق لما في "الزاهر".
(٤) "الزاهر" ١/ ١٧٣، وانظر: "زاد المسير" ١/ ٧٢. وخلاصة القول في معنى الآية: أنها تطلق في اللغة على:
١ - المعجزة،
٢ - العلامة،
٣ - العبرة،
٤ - الأمر العجيب،
٥ - الجماعة،
٦ - البرهان والدليل.
(٥) (من) ساقطة من (ج).
(٦) كلام الفراء ورده على الكسائي ذكره ابن منظور في "لسان العرب" عن كتاب (المصادر) للفراء، ولعله نقله عن "تهذيب اللغة"، ولم أجد مبحث (آية) في المطبوع من "تهذيب اللغة"، انظر: "اللسان" (ايا) ١/ ١٨٥. (والآية) وزنها من الفعل - عند الفراء: (فَعْلَة) وعند الخليل (فَعَلَة) أصلها (أَيَيَة)، وعند الكسائي (فَاعِلَة)، أنظر: "الزاهر" ١/ ٣٤٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ٧١ - ٧٢، "المفردات في غريب القرآن" ص ٣٣، "فوائد في تأويل المشكل" ص ٦٨، "البرهان" ١/ ٢٦٦، "الدر المصون" ١/ ٣٠٨، "الخزانة" ٦/ ٥١٧، وقد ذكر في أصلها ستة وجوه.
(٧) (قائل وغائب) مكانها بياض في (ج).
422
لأنها كانت فيما يرى (١) (أَيَّة) على وزن (فَعْلَة) فثقل عليهم التشديد فأبدلوه ألفا، لانفتاح ما قبل التشديد كما قالوا: أَيْمَا [في (أَمَّا)، وكما فعلوا بدينار وقيراط لما استثقلوا التشديد أبدلوا من الحرف الأول (ياء) لانكسار ما قبله. (٢)
وقال] (٣) الكسائي: آية [وزنها (فَاعِلَة)، أصلها آيِيَة، فنقصت (٤)].
الكسائي يقول: استثقلت الكسرة على الياء الأولى فسكنت، ثم حذفت لاجتماع الساكنين (٥)، هذا معنى قوله: (فنقصت).
قال الفراء: ولو كانت (آية) فَاعِلَة ما صغروها (٦) أيَيَّة، لأن (فاعلة) تصغّر (فُوَيْعِلَة).
فقال الكسائي: قد صغروا: عاتكة وفاطمة عُتَيكة وفُطَيْمة، فالآية مثلها.
فقال الفراء: العرب لا تصغر (فاعلة) (فُعَيلة) إلا أن يكون اسماً في مذهب (فلانة) فيقولون هذه فُطَيْمة قد جاءت، إذا كان (٧) اسمها (٨)، فلو
وقال] (٣) الكسائي: آية [وزنها (فَاعِلَة)، أصلها آيِيَة، فنقصت (٤)].
الكسائي يقول: استثقلت الكسرة على الياء الأولى فسكنت، ثم حذفت لاجتماع الساكنين (٥)، هذا معنى قوله: (فنقصت).
قال الفراء: ولو كانت (آية) فَاعِلَة ما صغروها (٦) أيَيَّة، لأن (فاعلة) تصغّر (فُوَيْعِلَة).
فقال الكسائي: قد صغروا: عاتكة وفاطمة عُتَيكة وفُطَيْمة، فالآية مثلها.
فقال الفراء: العرب لا تصغر (فاعلة) (فُعَيلة) إلا أن يكون اسماً في مذهب (فلانة) فيقولون هذه فُطَيْمة قد جاءت، إذا كان (٧) اسمها (٨)، فلو
(١) في (ج): (ترى).
(٢) (دينار) و (قيراط) أصلهما (دَنَّار) و (قَرَّاط) فاستثقلوا التشديد فأبدلوا من الحرف الأول (ياء) لانكسار ما قبله فصار: دينار وقيراط. انظر "الزاهر" ١/ ١٧٣، "الصحاح" (أيا) ٦/ ٢٢٧٥.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) انظر (الزاهر) ١/ ٣٤٢.
(٦) في (أ): (ما صنعوها) وما في (ب)، (ج) هو الصحيح، وفي "اللسان" (ما صغرها).
(٧) في (ب): (كانت).
(٨) في "اللسان" (اسما) ١/ ١٨٥.
(٢) (دينار) و (قيراط) أصلهما (دَنَّار) و (قَرَّاط) فاستثقلوا التشديد فأبدلوا من الحرف الأول (ياء) لانكسار ما قبله فصار: دينار وقيراط. انظر "الزاهر" ١/ ١٧٣، "الصحاح" (أيا) ٦/ ٢٢٧٥.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) انظر (الزاهر) ١/ ٣٤٢.
(٦) في (أ): (ما صنعوها) وما في (ب)، (ج) هو الصحيح، وفي "اللسان" (ما صغرها).
(٧) في (ب): (كانت).
(٨) في "اللسان" (اسما) ١/ ١٨٥.
423
قلت: (هذه فَاطِمة ابنها) ثم صغرتها لم يجز الا فويطمة (١)، ومثل: (هذا صُلَيْح قد جاء)، لرجل اسمه صالح، ولو قال قائل: كيف بُنَيُّك (٢)؟ قلت: صويلح ولم يجز صليح لأنه ليس باسم له.
وكذلك رجل اسمه أسود يقول: هذا سويد [قد جاء، لأنه فلان، فإن كان نعتًا قلت: (أُسَيْد) و (أُسَيْوِيد) ولا يجوز هذا رجل سُوَيد] (٣). والفرق بين الحالين أن في الاسم العلم روعي التخفيف [فصغر تصغير الترخيم] (٤). وفي النعت صُغِّر على الأصل، فعلى قول الفراء آيات (٥) وزنها (فَعْلات)، وعلى قول الكسائى وزنها (فَاعِلات) (٦).
ومعنى آيات الله في هذه الآية: دلائله، ويدخل فيها كتبه التي أنزلها على أنبيائه (٧).
فإن قيل: لم دخلت الفاء في سورة الحج: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ (٨) [الحج: ٥٧]، وسقطت هاهنا؟
قيل: إنما دخل فيه "الفاء" من خبر الذي وأخواته مشبه (٩) بالجزاء،
وكذلك رجل اسمه أسود يقول: هذا سويد [قد جاء، لأنه فلان، فإن كان نعتًا قلت: (أُسَيْد) و (أُسَيْوِيد) ولا يجوز هذا رجل سُوَيد] (٣). والفرق بين الحالين أن في الاسم العلم روعي التخفيف [فصغر تصغير الترخيم] (٤). وفي النعت صُغِّر على الأصل، فعلى قول الفراء آيات (٥) وزنها (فَعْلات)، وعلى قول الكسائى وزنها (فَاعِلات) (٦).
ومعنى آيات الله في هذه الآية: دلائله، ويدخل فيها كتبه التي أنزلها على أنبيائه (٧).
فإن قيل: لم دخلت الفاء في سورة الحج: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ (٨) [الحج: ٥٧]، وسقطت هاهنا؟
قيل: إنما دخل فيه "الفاء" من خبر الذي وأخواته مشبه (٩) بالجزاء،
(١) في "اللسان" (فإذا قلت هذه فُطَيْمة ابنها، يعني فاطمته من الرضاع لم يجز)، "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥.
(٢) في "اللسان" (بنتك).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج)، وأثبته من (ب)، لأن صحة السياق تقتضيه.
(٤) في (ج): (الرخيم). وما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) (آيات) ساقطة من (ب).
(٦) في (ب): (علامات).
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٣ - ٢٥٤، "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٤، "البحر المحيط" ١/ ١٧٠.
(٨) في (ب): (أولئك)، تصحيف.
(٩) في (ج): (شبه).
(٢) في "اللسان" (بنتك).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج)، وأثبته من (ب)، لأن صحة السياق تقتضيه.
(٤) في (ج): (الرخيم). وما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) (آيات) ساقطة من (ب).
(٦) في (ب): (علامات).
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٣ - ٢٥٤، "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٤، "البحر المحيط" ١/ ١٧٠.
(٨) في (ب): (أولئك)، تصحيف.
(٩) في (ج): (شبه).
424
وما لم يكن (١) فيه (الفاء) فعلى أصل الخبر مثال ذلك من الكلام أن تقول: (مالي فهو لك) [على أن يكون (ما) بمعنى (الذي) ولو أردت واحد الأموال لم يجز دخول الفاء، كما لا تقول: غلامي فهو لك، (٢)، وهذه المسألة (٣) يأتي بيانها في مواضع من هذا الكتاب إن شاء الله.
٤٠ - قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾. الكلام في (الابن) وأصله يذكر عند قوله: ﴿يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ﴾ (٤). و (إسرائيل) هو يعقوب (٥) عليه السلام ولا يتصرف لاجتماع العجمة والمعرفة (٦)، وكل اسم اجتمعتا فيه وزاد على ثلاثة أحرف لم ينصرف عند أحد من النحويين (٧).
وذكر في التفسير وجوه في اشتقاق هذا الاسم (٨)، والأصح عند أهل
٤٠ - قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾. الكلام في (الابن) وأصله يذكر عند قوله: ﴿يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ﴾ (٤). و (إسرائيل) هو يعقوب (٥) عليه السلام ولا يتصرف لاجتماع العجمة والمعرفة (٦)، وكل اسم اجتمعتا فيه وزاد على ثلاثة أحرف لم ينصرف عند أحد من النحويين (٧).
وذكر في التفسير وجوه في اشتقاق هذا الاسم (٨)، والأصح عند أهل
(١) في (ب): (تكن)
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) انظر شرح هذه المسألة في "سر صناعة الأعراب" ١/ ٢٥٨.
(٤) سورة البقرة: ٤٩، وقد تكلم عن (ابن) هناك وتوسع في البحث.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٤، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٧، "زاد المسير" ١/ ٧٢.
(٦) أي: العلمية.
(٧) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٨، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٧، "المشكل" لمكي ١/ ٤١، "الإملاء" ١/ ٣٣، "الدر المصون" ١/ ٣١٠.
(٨) من هذه الوجوه: أنه مركب من (إسرا) وهو العبد، و (إيل) اسم من أسماء الله تعالى، فكأنه عبد الله، وقيل معنا: "إسرا" صفوة، و"إيل" الله تعالى، ومعناه صفوة الله، وفيه وجوه أخرى ذكرها أبو حيان في "البحر" ١/ ١٧١، وقال بعدها: (وهذه أقاويل ضعاف)، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٨ - ٢٤٩، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٦ ب، "التعريف والأعلام" للسهيلي ص٢٠ و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٨١ - ٢٨٢.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) انظر شرح هذه المسألة في "سر صناعة الأعراب" ١/ ٢٥٨.
(٤) سورة البقرة: ٤٩، وقد تكلم عن (ابن) هناك وتوسع في البحث.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٤، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٧، "زاد المسير" ١/ ٧٢.
(٦) أي: العلمية.
(٧) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٨، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٧، "المشكل" لمكي ١/ ٤١، "الإملاء" ١/ ٣٣، "الدر المصون" ١/ ٣١٠.
(٨) من هذه الوجوه: أنه مركب من (إسرا) وهو العبد، و (إيل) اسم من أسماء الله تعالى، فكأنه عبد الله، وقيل معنا: "إسرا" صفوة، و"إيل" الله تعالى، ومعناه صفوة الله، وفيه وجوه أخرى ذكرها أبو حيان في "البحر" ١/ ١٧١، وقال بعدها: (وهذه أقاويل ضعاف)، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٨ - ٢٤٩، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٦ ب، "التعريف والأعلام" للسهيلي ص٢٠ و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٨١ - ٢٨٢.
425
اللغة: أنه أعجمي لا اشتقاق له.
وقوله تعالى: ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾. أراد نعمي (١)، فأوقع الواحد موقع الجماعة (٢)، كقوله: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ﴾ (٣). وذلك أن الله تعالى فلق لهم البحر، وأنجاهم من فرعون، وظلل عليهم الغمام إلى سائر ما أنعم الله به عليهم (٤)، وهو في قوله عز وجل: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ﴾ الآية [المائدة: ٢٠].
وأراد بقوله: ﴿عَلَيْكُمْ﴾ أي على آبائكم وأسلافكم، وجعلها عليهم لأن النعمة على آبائهم نعمة عليهم، ومثله في الكلام كثير، يفاخر الرجل الرجل فيقول هزمناكم يوم ذي قار، بمعنى (٥): هزم آباؤنا آباءكم (٦).
قال الفرزدق:
وَبَيْتَانِ:
وقوله تعالى: ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾. أراد نعمي (١)، فأوقع الواحد موقع الجماعة (٢)، كقوله: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ﴾ (٣). وذلك أن الله تعالى فلق لهم البحر، وأنجاهم من فرعون، وظلل عليهم الغمام إلى سائر ما أنعم الله به عليهم (٤)، وهو في قوله عز وجل: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ﴾ الآية [المائدة: ٢٠].
وأراد بقوله: ﴿عَلَيْكُمْ﴾ أي على آبائكم وأسلافكم، وجعلها عليهم لأن النعمة على آبائهم نعمة عليهم، ومثله في الكلام كثير، يفاخر الرجل الرجل فيقول هزمناكم يوم ذي قار، بمعنى (٥): هزم آباؤنا آباءكم (٦).
قال الفرزدق:
وَبَيْتَانِ:
| بَيْتُ اللهِ نَحْنُ وُلاَتُهُ | وَبَيْتٌ بأعْلَى إِيلِيَاءَ مُشَرَّفُ (٧) |
(١) في (ج): (أراد بالنعمة: نعمي)
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٧ أ، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٧، و"تفسير البغوي" ١/ ٦٦، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٢، "زاد المسير" ١/ ٧٢.
(٣) سورة إبراهيم: ٣٤، والنحل: ١٨.
(٤) انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٩، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٧ أ، قال ابن عطية - بعد أن ذكر الأقوال في المراد بالنعمة: (وهذه الأقوال على جهة المثال، والعموم في اللفظة هو الحسن) ١/ ٢٦٧.
(٥) في (أ)، (ج): (معناه)
(٦) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٠، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٢، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٧ أ، و"تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٧، "زاد المسير" ١/ ٧٣.
(٧) البيت في "ديوان الفرزدق" ٢/ ٣٢، "معجم البلدان" ١/ ٢٩٣، وإيلياء: بيت المقدس.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٧ أ، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٧، و"تفسير البغوي" ١/ ٦٦، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٢، "زاد المسير" ١/ ٧٢.
(٣) سورة إبراهيم: ٣٤، والنحل: ١٨.
(٤) انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٩، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٧ أ، قال ابن عطية - بعد أن ذكر الأقوال في المراد بالنعمة: (وهذه الأقوال على جهة المثال، والعموم في اللفظة هو الحسن) ١/ ٢٦٧.
(٥) في (أ)، (ج): (معناه)
(٦) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٠، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٢، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٧ أ، و"تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٧، "زاد المسير" ١/ ٧٣.
(٧) البيت في "ديوان الفرزدق" ٢/ ٣٢، "معجم البلدان" ١/ ٢٩٣، وإيلياء: بيت المقدس.
426
يريد أن آباءه في القديم كانوا يلونهما، لا أنه كان يليه.
وقال آخر:
أراد آباؤكم فعلوا ذلك، لأن المخاطبين بهذا البيت كانوا بعد ذي قار بدهر طويل.
فإن قيل: هذه النعم التي أنعم الله بها على اليهود هم (٣) أبداً يذكرونها ويفخرون بها، فلم ذُكِّروا ما لم ينسوه؟ قيل: المراد بقوله: (اذكروا) اشكروا، وذكر النعمة شكرها، واذا لم يشكروها (٤) حق شكرها، فكأنهم نسوها وإن أكثروا ذكرها (٥).
وقال ابن الأنباري: أراد اذكروا ما أنعمت عليكم (٦) فيما استودعتكم
وقال آخر:
| إِذا افْتَخَرَتْ يَوْمًا تَمِيمٌ بِقَوْسِهَا (١) | فَخَارًا عَلَى مَا أَطَّدَتْ مِنْ مَنَاقِبِ |
| فَأَنْتُم بِذِي قَارٍ أَمَالَتْ سُيُوفُكُم | عُرُوشَ الذِينَ اسْتَرْهَنُوا قَوْسَ حَاجِبِ (٢) |
فإن قيل: هذه النعم التي أنعم الله بها على اليهود هم (٣) أبداً يذكرونها ويفخرون بها، فلم ذُكِّروا ما لم ينسوه؟ قيل: المراد بقوله: (اذكروا) اشكروا، وذكر النعمة شكرها، واذا لم يشكروها (٤) حق شكرها، فكأنهم نسوها وإن أكثروا ذكرها (٥).
وقال ابن الأنباري: أراد اذكروا ما أنعمت عليكم (٦) فيما استودعتكم
(١) في (ج): (نفوسها)
(٢) البيتان لأبي تمام، وقوله: "ذي قار" يوم من أيام العرب، كان لهم على الفرس، وحاجب: هو ابن زرارة بن عدس، كان أرهن سيفه لكسرى، انظر: "ديوان أبي تمام مع شرحه" ١/ ١٠٩، "معجم البلدن" ٤/ ٢٩٤.
(٣) (هم) ساقطة من (ب).
(٤) في (ب): (يشكرها).
(٥) انظر: "الكشاف" ١/ ٢٧٥، "زاد المسير" ١/ ٧٣، "تفسير البيضاوي" ١/ ٢٣، "تفسير الخازن" ١/ ١١٢، "تفسير النسفي" ١/ ٤٠، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٢.
(٦) في (ب): (أنعمت به عليكم).
(٢) البيتان لأبي تمام، وقوله: "ذي قار" يوم من أيام العرب، كان لهم على الفرس، وحاجب: هو ابن زرارة بن عدس، كان أرهن سيفه لكسرى، انظر: "ديوان أبي تمام مع شرحه" ١/ ١٠٩، "معجم البلدن" ٤/ ٢٩٤.
(٣) (هم) ساقطة من (ب).
(٤) في (ب): (يشكرها).
(٥) انظر: "الكشاف" ١/ ٢٧٥، "زاد المسير" ١/ ٧٣، "تفسير البيضاوي" ١/ ٢٣، "تفسير الخازن" ١/ ١١٢، "تفسير النسفي" ١/ ٤٠، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٢.
(٦) في (ب): (أنعمت به عليكم).
427
من علم التوراة وبينت لكم من صفة محمد، وألزمتكم من تصديقه واتباعه (١)، فلما بعث - ﷺ - ولم يتبعوه كانوا كالناسين لهذه النعمة (٢).
والأجود في ﴿نِعْمَتِيَ الَّتِي﴾ فتح الياء (٣)، وكل (ياء) كانت من المتكلم ففيها (٤) لغتان: الإرسال (٥) والفتح، فإذا لقيها ألف (٦) ولام اختارت العرب اللغة التي حركت فيها الياء، وكرهوا الأخرى، لأن اللام ساكنة (٧) فلو لم يفتحوا لأشبه (٨) أن تكون النعمة مجرورة على غير الإضافة (٩)، فأخذوا بأوثق الوجهين وأبينهما (١٠)، لأنه أدل على الأصل وأشكل بما يلزم في
والأجود في ﴿نِعْمَتِيَ الَّتِي﴾ فتح الياء (٣)، وكل (ياء) كانت من المتكلم ففيها (٤) لغتان: الإرسال (٥) والفتح، فإذا لقيها ألف (٦) ولام اختارت العرب اللغة التي حركت فيها الياء، وكرهوا الأخرى، لأن اللام ساكنة (٧) فلو لم يفتحوا لأشبه (٨) أن تكون النعمة مجرورة على غير الإضافة (٩)، فأخذوا بأوثق الوجهين وأبينهما (١٠)، لأنه أدل على الأصل وأشكل بما يلزم في
(١) ذكره ابن الجوزي وعزاه لابن عباس، "زاد المسير" ١/ ٧٣، وانظر "تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٢.
(٢) في (ب): (النعم).
(٣) أجمع القراء العشرة على فتح (الياء) في قوله تعالى: ﴿نِعْمَتِيَ الَّتِي﴾ في مواضعها الثلاثة في البقرة، وقرأ بتسكينها الحسن وابن محيصن، انظر: "الإقناع" ١/ ٥٤٢، "النشر" ٢/ ١٦٢، "البدور الزاهرة" ص ٣٠، "القراءات الشاذة" للقاضي ص ٢٣، وقد سبق ذكر أصول القراء في ياءات الإضافة عند قوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ﴾ [البقرة: ٣٠] ص ٣٤١.
(٤) في (ب): (فيه).
(٥) قوله: (الإرسال) أي: تسكينها ثم حذفها لالتقاء الساكنين، وفي "معاني القرآن" للفراء: (وأما نصب الياء من (نعمتي) فإن كل ياء كانت من المتكلم ففيها لغتان: الإرسال والسكون والفتح، ١/ ٢٩.
(٦) (ألف) ساقط من (ب).
(٧) في "معاني القرآن" للفراء: (لأن اللام ساكنة فتسقط الياء عندها لسكونها فاستقبحوا أن يقولوا: (نعمتي التي) فتكون كأنها مخفوضة على غير إضافة) ١/ ٢٩.
(٨) في (ب): (الا شبه).
(٩) المراد: أن الياء من (نعمتي) لو سكنت لحذفت لالتقاء الساكنين فتبقى النعمة مجرورة من دون إضافة للياء فيقال (نعمت).
(١٠) في (ب): (وأبينها).
(٢) في (ب): (النعم).
(٣) أجمع القراء العشرة على فتح (الياء) في قوله تعالى: ﴿نِعْمَتِيَ الَّتِي﴾ في مواضعها الثلاثة في البقرة، وقرأ بتسكينها الحسن وابن محيصن، انظر: "الإقناع" ١/ ٥٤٢، "النشر" ٢/ ١٦٢، "البدور الزاهرة" ص ٣٠، "القراءات الشاذة" للقاضي ص ٢٣، وقد سبق ذكر أصول القراء في ياءات الإضافة عند قوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ﴾ [البقرة: ٣٠] ص ٣٤١.
(٤) في (ب): (فيه).
(٥) قوله: (الإرسال) أي: تسكينها ثم حذفها لالتقاء الساكنين، وفي "معاني القرآن" للفراء: (وأما نصب الياء من (نعمتي) فإن كل ياء كانت من المتكلم ففيها لغتان: الإرسال والسكون والفتح، ١/ ٢٩.
(٦) (ألف) ساقط من (ب).
(٧) في "معاني القرآن" للفراء: (لأن اللام ساكنة فتسقط الياء عندها لسكونها فاستقبحوا أن يقولوا: (نعمتي التي) فتكون كأنها مخفوضة على غير إضافة) ١/ ٢٩.
(٨) في (ب): (الا شبه).
(٩) المراد: أن الياء من (نعمتي) لو سكنت لحذفت لالتقاء الساكنين فتبقى النعمة مجرورة من دون إضافة للياء فيقال (نعمت).
(١٠) في (ب): (وأبينها).
428
الاستئناف من فتح ألف الوصل (١).
وقد يجوز إسكانها مع الألف واللام أيضا كقوله: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ [الزمر: ٥٣] قرئ بإرسال (الياء) وبنصبها (٢)، وإنما اختير الإرسال هاهنا لأن الاختيار ألا تثبت (٣) (ياء) الإضافة في النداء نحو قولك: (يا غلام أقبل) وإذا لم تثبت لم يكن سبيل إلى التحريك.
فأما قوله: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ﴾ [الزمر: ١٧، ١٨] الاختيار هاهنا الإرسال (٤)، لأن (الياء) لا تثبت في الفواصل، وقوله: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾ آخر الآية (٥).
قال الزجاج: اختير فتح الياء مع اللام لالتقاء الساكنين، ويجوز أن تحذف (٦) الياء في اللفظ لالتقاء الساكنين، والاختيار الفتح، فأما قوله: ﴿أَخِي (٣٠) اشْدُدْ﴾ [طه: ٣٠، ٣١] فلم يكثر القراء فتح هذه الياء (٧)، وأكثرهم
وقد يجوز إسكانها مع الألف واللام أيضا كقوله: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ [الزمر: ٥٣] قرئ بإرسال (الياء) وبنصبها (٢)، وإنما اختير الإرسال هاهنا لأن الاختيار ألا تثبت (٣) (ياء) الإضافة في النداء نحو قولك: (يا غلام أقبل) وإذا لم تثبت لم يكن سبيل إلى التحريك.
فأما قوله: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ﴾ [الزمر: ١٧، ١٨] الاختيار هاهنا الإرسال (٤)، لأن (الياء) لا تثبت في الفواصل، وقوله: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾ آخر الآية (٥).
قال الزجاج: اختير فتح الياء مع اللام لالتقاء الساكنين، ويجوز أن تحذف (٦) الياء في اللفظ لالتقاء الساكنين، والاختيار الفتح، فأما قوله: ﴿أَخِي (٣٠) اشْدُدْ﴾ [طه: ٣٠، ٣١] فلم يكثر القراء فتح هذه الياء (٧)، وأكثرهم
(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٩، وانظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٣٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٩، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٧، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٧.
(٢) في (ب): (ونصها). قرأ بسكون الياء حمزة والكسائي وأبو عمرو، ويعقوب وخلف، والبقية بالفتح، انظر: "التيسير" ص ٦٦، "الإقناع" ١/ ٥٤١، "النشر" ٢/ ١٧٠.
(٣) (أ)، (ج): (يثبت) في المواضع الثلاثة واثبت ما في (ب)، لأنه أنسب للسياق.
(٤) قال الداني: (تفرد أبو شعيب بفتح الياء وإثباتها في الوقف ساكنة وحذفها الباقون في الحالين) يريد بقية السبعة ورواتهم، "التيسير" ص ٦٧، وانظر "النشر" ٢/ ١٨٩.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٩.
(٦) في (أ)، (ج): (يحذف) وأثبتها بالتاء كما في (ب) و"معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨١.
(٧) قوله تعالى: (أخي اشدد) قرأ بفتح الياء أبو عمرو وابن كثير والبقية على إسكانها، انظر: "التيسير" ص ٦٧، "النشر" ٢/ ١٧١، ٣٢٣.
(٢) في (ب): (ونصها). قرأ بسكون الياء حمزة والكسائي وأبو عمرو، ويعقوب وخلف، والبقية بالفتح، انظر: "التيسير" ص ٦٦، "الإقناع" ١/ ٥٤١، "النشر" ٢/ ١٧٠.
(٣) (أ)، (ج): (يثبت) في المواضع الثلاثة واثبت ما في (ب)، لأنه أنسب للسياق.
(٤) قال الداني: (تفرد أبو شعيب بفتح الياء وإثباتها في الوقف ساكنة وحذفها الباقون في الحالين) يريد بقية السبعة ورواتهم، "التيسير" ص ٦٧، وانظر "النشر" ٢/ ١٨٩.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٩.
(٦) في (أ)، (ج): (يحذف) وأثبتها بالتاء كما في (ب) و"معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨١.
(٧) قوله تعالى: (أخي اشدد) قرأ بفتح الياء أبو عمرو وابن كثير والبقية على إسكانها، انظر: "التيسير" ص ٦٧، "النشر" ٢/ ١٧١، ٣٢٣.
429
يفتحها مع الألف واللام، ولعمري إن لام المعرفة أكثر استعمالا، ولكني أقول: فتح الياء هاهنا كفتحه (١) مع اللام، لأن اجتماع الساكنين مع اللام وغيرها واحد.
وقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾. أبو عبيد عن الكسائي وأبي عبيدة: وفيت بالعهد وأوفيت به سواء (٢).
وقال شمر: يقال: وَفَى وأَوفْى، فمن قال: (وَفَى) فإنه يقول تَمَّ، كقولك: وَفَى لنا فلان، أي: تَمَّ لنا قوله ولم يغدر، وَوَفَى هذا الطعامُ قفيزا (٣) أى: تم.
قال: ومن قال: (أَوْفَى) فمعناه: أوفاني حقه، أي: أتمه ولم ينقص منه شيئا، وكذلك أَوْفَى الكيل أي أتمه ولم ينقص منه شيئا (٤). وقال أبو الهيثم فيما رد على شمر: الذي قال شمر (٥) في (وَفَى) و (أَوْفَى): باطل، إنما يقال: أَوْفَيْت بالعهد ووفيت بالعهد، وكل شيء في كتاب الله من هذا
وقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾. أبو عبيد عن الكسائي وأبي عبيدة: وفيت بالعهد وأوفيت به سواء (٢).
وقال شمر: يقال: وَفَى وأَوفْى، فمن قال: (وَفَى) فإنه يقول تَمَّ، كقولك: وَفَى لنا فلان، أي: تَمَّ لنا قوله ولم يغدر، وَوَفَى هذا الطعامُ قفيزا (٣) أى: تم.
قال: ومن قال: (أَوْفَى) فمعناه: أوفاني حقه، أي: أتمه ولم ينقص منه شيئا، وكذلك أَوْفَى الكيل أي أتمه ولم ينقص منه شيئا (٤). وقال أبو الهيثم فيما رد على شمر: الذي قال شمر (٥) في (وَفَى) و (أَوْفَى): باطل، إنما يقال: أَوْفَيْت بالعهد ووفيت بالعهد، وكل شيء في كتاب الله من هذا
(١) في (ج): (الفتحة مع اللام) وفي (ب): (لفتحة اللام)، وقد نقل الواحدي كلام الزجاج بتصرف، يقول الزجاج: (ولعمري إن اللام المعرفة أكثر في الاستعمال، ولكني أقول: الاختيار (أخِيَ اشدد) بفتح الياء لالتقاء الساكنين، كما فتحوا مع اللام، لأن اجتماع ساكنين مع اللام وغيرها معنى واحد..) "معاني القرآن" ١/ ٨٩.
(٢) "تهذيب اللغة" (وفا) ٤/ ٣٩٢٣ - ٣٩٢٤، وانظر: "اللسان" (وفي) ٨/ ٥٨٨٥.
(٣) في (أ)، (ج): (قفيز)، (ب): (فقيرا)
(٤) "تهذيب اللغة" (وفا) ٤/ ٣٩٢٤، وانظر: "اللسان" (وفى) ٨/ ٥٨٨٥. وقوله: (وكذلك أوفى الكيل..) غير موجود في "التهذيب" ضمن كلام شمر ومثبت في "اللسان" مع كلامه.
(٥) قوله: (الذي قال شمر) ساقط من (ب).
(٢) "تهذيب اللغة" (وفا) ٤/ ٣٩٢٣ - ٣٩٢٤، وانظر: "اللسان" (وفي) ٨/ ٥٨٨٥.
(٣) في (أ)، (ج): (قفيز)، (ب): (فقيرا)
(٤) "تهذيب اللغة" (وفا) ٤/ ٣٩٢٤، وانظر: "اللسان" (وفى) ٨/ ٥٨٨٥. وقوله: (وكذلك أوفى الكيل..) غير موجود في "التهذيب" ضمن كلام شمر ومثبت في "اللسان" مع كلامه.
(٥) قوله: (الذي قال شمر) ساقط من (ب).
430
فهو بالألف قال الله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ (١) [البقرة: ٤٠] (٢) وقال: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١] (٣).
وقال الشاعر (٤) في الجمع بين اللغتين:
قال ابن عباس: هذا العهد هو أن الله عز وجل (٦) عهد إليهم في التوراة أنه باعث نبيا يقال له: محمد، فمن تبعه كان له أجران اثنان، أجر باتباعه موسى وإيمانه بالتوراة، وأجر باتباعه محمدًا وإيمانه بالقرآن، ومن كفر به تكاملت أوزاره، وكانت النار جزاءه (٧)، فقال الله جل وعز (٨): أوفوا بعهدي في محمد، أوف بعهدكم وأدخلكم الجنة (٩).
وقال الشاعر (٤) في الجمع بين اللغتين:
| أَمَّا ابنُ طَوْقٍ فَقَدْ أَوْفَى بِذِمَّتِه | كَمَا وَفَى بِقِلاَصِ النَّجْمِ حَادِيهَا (٥) |
(١) (الواو) ساقطة من (أ، ج).
(٢) في "التهذيب" مكان الآية قوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ﴾ [الإسراء: ٣٤] وفي "اللسان" آية البقرة.
(٣) كلام أبي الهيثم في "تهذيب اللغة" (وفا) ١٥/ ٨٨٦، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩١، و"اللسان" (وفى) ٨/ ٤٨٨٤.
(٤) هو طفيل الغنوي.
(٥) في "الكامل" (بيض) بدل (طوق) وعند الزجاج (عوف) وهو رجل شهر بالوفاء، وقلاص النجوم: هي كما تزعم العرب، أن الدبران جاء خاطبا للثريا وساق مهرها كواكبا صغارا تسمى القلاص، انظر (الكامل) ٢/ ١٨٧، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩١، "الخصائص" ١/ ٣٧٠، ٣/ ٣١٦، "شرح المفصل" ١/ ٤٢، "اللسان" (وفى) ٨/ ٤٨٨٤، "زاد المسير" ١/ ٧٣، "تفسير القرطبي" ٦/ ٣٢، "الدر المصون" ١/ ٣١٢.
(٦) في (ب): (جل وعلى).
(٧) في (ب): (جزاؤه).
(٨) في (ب)، (ج): (عز وجل).
(٩) ذكره الرازي في "تفسيره" عن ابن عباس ٣/ ٣٥، وابن كثير في "تفسيره" ولم يعزه =
(٢) في "التهذيب" مكان الآية قوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ﴾ [الإسراء: ٣٤] وفي "اللسان" آية البقرة.
(٣) كلام أبي الهيثم في "تهذيب اللغة" (وفا) ١٥/ ٨٨٦، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩١، و"اللسان" (وفى) ٨/ ٤٨٨٤.
(٤) هو طفيل الغنوي.
(٥) في "الكامل" (بيض) بدل (طوق) وعند الزجاج (عوف) وهو رجل شهر بالوفاء، وقلاص النجوم: هي كما تزعم العرب، أن الدبران جاء خاطبا للثريا وساق مهرها كواكبا صغارا تسمى القلاص، انظر (الكامل) ٢/ ١٨٧، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩١، "الخصائص" ١/ ٣٧٠، ٣/ ٣١٦، "شرح المفصل" ١/ ٤٢، "اللسان" (وفى) ٨/ ٤٨٨٤، "زاد المسير" ١/ ٧٣، "تفسير القرطبي" ٦/ ٣٢، "الدر المصون" ١/ ٣١٢.
(٦) في (ب): (جل وعلى).
(٧) في (ب): (جزاؤه).
(٨) في (ب)، (ج): (عز وجل).
(٩) ذكره الرازي في "تفسيره" عن ابن عباس ٣/ ٣٥، وابن كثير في "تفسيره" ولم يعزه =
431
وقوله تعالى: ﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾. موضع (إياي) نصب بإضمار فعل (١) تفسيره (٢) المذكور بعده (٣) كأنه قيل: (إياي فارهبوا (٤) فارهبون) ولكنه يستغني عنه بما يفسره فلا يظهر، وإن صح أنه مقدر، ولا يجوز أن يعمل فيه المذكور، لأنه مشغول بضمير (٥).
وحذفت (الياء) من ﴿فَارْهَبُونِ﴾ لأنها فاصلة أي رأس آية، ليكون النظم على لفظ متسق، وسمى أهل اللغة أواخر الآي الفواصل، وأواخِر الأبيات (٦) القوافي (٧). ومعناه: فخافوني في نقض العهد (٨).
وحذفت (الياء) من ﴿فَارْهَبُونِ﴾ لأنها فاصلة أي رأس آية، ليكون النظم على لفظ متسق، وسمى أهل اللغة أواخر الآي الفواصل، وأواخِر الأبيات (٦) القوافي (٧). ومعناه: فخافوني في نقض العهد (٨).
= ١/ ٨٨، وذكر نحوه الثعلبي في "تفسيره" عن الكلبي ١/ ٦٧ ب، وأخرجه ابن جرير بسنده عن ابن عباس ونحوه، وليس فيه قوله: فمن تبعه كان له أجران.. ، الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٥٠، وكذا ابن أبي حاتم في "تفسيره" بنحو رواية الطبري ١/ ٩٦، انظر: " الدر" ١/ ١٢٤.
(١) قال مكي: هذا هو الاختيار لأنه أمر، ويجوز: أنا فارهبون على الابتداء والخبر، "المشكل" ١/ ٤٢، وانظر "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٧.
(٢) في (ب): (يفسره) وهو أولى.
(٣) في (ج): (بعهده).
(٤) في (ب): (فارهبون).
(٥) في (ب): (بضميره) وهو أصح. الضمير هو (الياء) التي حذفت لأنها رأس آية، انظر. "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٣، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٤٦، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٧، "المشكل" لمكي ١/ ٤٢، "الإملاء" ١/ ٩٠.
(٦) في (ب): (الايات).
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٠، وانظر "اللسان" (فصل) ٦/ ٣٤٢٤، وبعضهم فرق بين رأس الآية والفاصلة، فكل رأس آية فاصلة ولا عكس. انظر "المكتفي في الوقف والابتداء" ص١٤٠، "البرهان" ١/ ٥٣، "الإتقان" ٢/ ٢٨٤، "الفاصلة في القرآن" لمحمد الحسناوي ص ٢٦.
(٨) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٧ ب، وانظر: "الطبري" ١/ ٢٥١، "زاد المسير" ١/ ٧٣.
(١) قال مكي: هذا هو الاختيار لأنه أمر، ويجوز: أنا فارهبون على الابتداء والخبر، "المشكل" ١/ ٤٢، وانظر "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٧.
(٢) في (ب): (يفسره) وهو أولى.
(٣) في (ج): (بعهده).
(٤) في (ب): (فارهبون).
(٥) في (ب): (بضميره) وهو أصح. الضمير هو (الياء) التي حذفت لأنها رأس آية، انظر. "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٣، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٤٦، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٧، "المشكل" لمكي ١/ ٤٢، "الإملاء" ١/ ٩٠.
(٦) في (ب): (الايات).
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٠، وانظر "اللسان" (فصل) ٦/ ٣٤٢٤، وبعضهم فرق بين رأس الآية والفاصلة، فكل رأس آية فاصلة ولا عكس. انظر "المكتفي في الوقف والابتداء" ص١٤٠، "البرهان" ١/ ٥٣، "الإتقان" ٢/ ٢٨٤، "الفاصلة في القرآن" لمحمد الحسناوي ص ٢٦.
(٨) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٧ ب، وانظر: "الطبري" ١/ ٢٥١، "زاد المسير" ١/ ٧٣.
432
٤١ - قوله تعالى: ﴿وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ﴾. أي موافقًا للتوراة في التوحيد والنبوة (١)، وهو حال من الهاء المحذوفة من (أنزلت) كأنه قيل أنزلته مصدقا (٢).
و (٣) قوله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾. قال الليث: الأول والأولى: بمنزلة (أَفْعَل) و (فُعْلَى)، وجمع الأول: أولون، وجمع أولى: أوليات. (٤).
قال الأزهري: وقد جمع (أَوَّل) على أُول، مثل أَكْبَر وكُبر، وكذلك الأُولَى، ومنهم من شدد الواو مجموعا من (أَوَّل) (٥).
واختلفوا في وزنه وتأليفه (٦).
فذكر الليث فيه وجهين: أحدهما: أن تأليفه من: (همزة) و (واو) و (لام)، وعلى هذا ينبغي أن يكون (أَفْعَل) منه (أَأْوَل) بهمزتين (٧)، لأنك لو
و (٣) قوله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾. قال الليث: الأول والأولى: بمنزلة (أَفْعَل) و (فُعْلَى)، وجمع الأول: أولون، وجمع أولى: أوليات. (٤).
قال الأزهري: وقد جمع (أَوَّل) على أُول، مثل أَكْبَر وكُبر، وكذلك الأُولَى، ومنهم من شدد الواو مجموعا من (أَوَّل) (٥).
واختلفوا في وزنه وتأليفه (٦).
فذكر الليث فيه وجهين: أحدهما: أن تأليفه من: (همزة) و (واو) و (لام)، وعلى هذا ينبغي أن يكون (أَفْعَل) منه (أَأْوَل) بهمزتين (٧)، لأنك لو
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥١، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ أ.
(٢) ذكره الطبري وعبر عن الحال بقوله: قطع من الهاء المتروكة في (أنزلته) من ذكر (ما) ١/ ٢٥٢، وذكره مكي وقال: وإن شئت جعلته حالا من (ما) في (بما) "المشكل" ١/ ٤٢، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٩، "الإملاء" ١/ ٣٣، "البحر المحيط" ١/ ١٧٧.
(٣) (الواو) ساقطة من (ب).
(٤) "تهذيب اللغة" (أول) ١/ ٢٣٠، "اللسان" (وأل) ٨/ ٤٧٤٧، وقوله: (وجمع أول: أولون) سقط من "التهذيب"، وهو في "اللسان" ضمن كلام الليث.
(٥) "تهذيب اللغة" (أول) ١/ ٢٣٠، "اللسان" (وأل) ٨/ ٤٧٤٧، وفيه: (ومنهم من شدد الواو من (أوَّل) مجموعًا.
(٦) (تأليفه) ساقط من (ب).
(٧) في ج: (همزتين).
(٢) ذكره الطبري وعبر عن الحال بقوله: قطع من الهاء المتروكة في (أنزلته) من ذكر (ما) ١/ ٢٥٢، وذكره مكي وقال: وإن شئت جعلته حالا من (ما) في (بما) "المشكل" ١/ ٤٢، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٩، "الإملاء" ١/ ٣٣، "البحر المحيط" ١/ ١٧٧.
(٣) (الواو) ساقطة من (ب).
(٤) "تهذيب اللغة" (أول) ١/ ٢٣٠، "اللسان" (وأل) ٨/ ٤٧٤٧، وقوله: (وجمع أول: أولون) سقط من "التهذيب"، وهو في "اللسان" ضمن كلام الليث.
(٥) "تهذيب اللغة" (أول) ١/ ٢٣٠، "اللسان" (وأل) ٨/ ٤٧٤٧، وفيه: (ومنهم من شدد الواو من (أوَّل) مجموعًا.
(٦) (تأليفه) ساقط من (ب).
(٧) في ج: (همزتين).
433
بنيت (١) (أَفْعَل) من (آب يؤوب) قلت: (أَأْوَب)، ثم قلبت إحدى (٢) الهمزتين واوا، ثم أدغمت في الواو الأخرى (٣)، وهذا الوجه اختيار الأزهري، قال: إنه (أَفْعَل) من: (آل يَؤول) و (أُولَى) فُعْلى منه، قال وأراه قول سيبويه (٤)، وكأنه من قولهم: (آل يؤول) إذا نجا وسبق، ومثله: (وَأَل يئل) (٥) بمعناه، فمعنى (الأول) السابق الذي هو الابتداء.
الوجه الثاني (٦): أن أصل تأسيسه: واوان ولام، وأدغم إحدى الواوين في الأخرى وشدد، والهمزة فيه ألف (أفعل) (٧).
وقال ابن دريد: (أَوَّل) فَوْعَل، قال: وكان في الأصل: (وَوْوَل) (٨)
الوجه الثاني (٦): أن أصل تأسيسه: واوان ولام، وأدغم إحدى الواوين في الأخرى وشدد، والهمزة فيه ألف (أفعل) (٧).
وقال ابن دريد: (أَوَّل) فَوْعَل، قال: وكان في الأصل: (وَوْوَل) (٨)
(١) في (ب): (ثنيت).
(٢) في (ج): (أحد).
(٣) قال مكي: (أَوَّل) اسم لم ينطق منه بفعل عند سيبويه ووزنه (أَفْعَل) فاؤه واو، وعينه واو، ولذلك لم يستعمل منه فعل لاجتماع الواوات. وقال الكوفيون: هو أفعل من (وَأَل) إذا لجأ فأصله (أَوْأل)، ثم خففت الهمزة بأن أبدل منها واو وأدغمت الأولى فيها... وقيل: إن (أول) أَفْعَل من (آل يَؤُل) فأصله: أأْول، ثم قلب فردت الفاء في موضع (العين)، فصار (أَوْأَل) فصنع به من التخفيف والبدل والإدغام ما صنع بالقول الأول، فوزنه بعد القلب (أعفل)، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٤٢، ٤٣، وانظر: "البيان" ١/ ٧٨.
(٤) قال سيبويه: (وأما (أَوَّل) فهو أَفْعَل، يدل على ذلك قولهم: هو أول منه ومررت بأوَّلَ منك، والأولى) "الكتاب" ٣/ ١٩٥.
(٥) في (ب): (آل) بسقوط الواو.
(٦) عند الليث.
(٧) كلام الليث والأزهري في "تهذيب اللغة" (أول) ١/ ٢٣١، "اللسان" (وأل) ٨/ ٤٧٤٧، وعبارة المؤلف أقرب إلى "اللسان"، وهذا راجع إلى تقارب نسخة ابن منظور التي اعتمد عليها مع نسخة الواحدي، والله أعلم.
(٨) في (ب): (وَوَّل) وكذا في الجمهرة، وما في (أ، ج) ورد على الأصل بفك الإدغام.
(٢) في (ج): (أحد).
(٣) قال مكي: (أَوَّل) اسم لم ينطق منه بفعل عند سيبويه ووزنه (أَفْعَل) فاؤه واو، وعينه واو، ولذلك لم يستعمل منه فعل لاجتماع الواوات. وقال الكوفيون: هو أفعل من (وَأَل) إذا لجأ فأصله (أَوْأل)، ثم خففت الهمزة بأن أبدل منها واو وأدغمت الأولى فيها... وقيل: إن (أول) أَفْعَل من (آل يَؤُل) فأصله: أأْول، ثم قلب فردت الفاء في موضع (العين)، فصار (أَوْأَل) فصنع به من التخفيف والبدل والإدغام ما صنع بالقول الأول، فوزنه بعد القلب (أعفل)، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٤٢، ٤٣، وانظر: "البيان" ١/ ٧٨.
(٤) قال سيبويه: (وأما (أَوَّل) فهو أَفْعَل، يدل على ذلك قولهم: هو أول منه ومررت بأوَّلَ منك، والأولى) "الكتاب" ٣/ ١٩٥.
(٥) في (ب): (آل) بسقوط الواو.
(٦) عند الليث.
(٧) كلام الليث والأزهري في "تهذيب اللغة" (أول) ١/ ٢٣١، "اللسان" (وأل) ٨/ ٤٧٤٧، وعبارة المؤلف أقرب إلى "اللسان"، وهذا راجع إلى تقارب نسخة ابن منظور التي اعتمد عليها مع نسخة الواحدي، والله أعلم.
(٨) في (ب): (وَوَّل) وكذا في الجمهرة، وما في (أ، ج) ورد على الأصل بفك الإدغام.
434
فقلبت الواو الأولى همز وأدغمت إحدى الواوين في الأخرى، فقيل: أول (١).
وقال المبرد في كتاب "المقتضب": أول يكون على ضربين: يكون اسماً، ويكون نعتاً [موصولاً به (من كذا). فأما كونه نعتاً] (٢)، فكقولك: هذا رجل أوَّلُ منك مجيئاً، كما تقول أحسن منك وجهاً، وجاءني زيد أَوَّلَ من مجيئك، كما تقول: أسبق من مجيئك، وجئتك أَوَّلَ من أمس.
وأما كونه اسماً فقولك: ما تركت أَوَّلاً ولا آخرًا كما تقول: ما تركت له قديماً ولا حديثاً، وعلى أي الوجهين سميت به رجلاً انصرف في النكره، لأنه في باب الأسماء بمنزلة (أَفْكَل)، وفي باب النعوت بمنزلة (أَحْمَر) (٣).
قال الفراء: ووحد الكافر، وقبله جمع، وذلك من كلام العرب فصيح جائز، إذا جاء في الاسم المشتق من الفعل كالفاعل والمفعول به، يريدون (٤) به: ولا تكونوا أول من يكفر به، فيحذف (٥) (من) ويقوم الاسم المشتق من الفعل مقامها (٦)، فيؤدي عن مثل ما أدت (من) عنه من التأنيث والجمع، وهو
وقال المبرد في كتاب "المقتضب": أول يكون على ضربين: يكون اسماً، ويكون نعتاً [موصولاً به (من كذا). فأما كونه نعتاً] (٢)، فكقولك: هذا رجل أوَّلُ منك مجيئاً، كما تقول أحسن منك وجهاً، وجاءني زيد أَوَّلَ من مجيئك، كما تقول: أسبق من مجيئك، وجئتك أَوَّلَ من أمس.
وأما كونه اسماً فقولك: ما تركت أَوَّلاً ولا آخرًا كما تقول: ما تركت له قديماً ولا حديثاً، وعلى أي الوجهين سميت به رجلاً انصرف في النكره، لأنه في باب الأسماء بمنزلة (أَفْكَل)، وفي باب النعوت بمنزلة (أَحْمَر) (٣).
قال الفراء: ووحد الكافر، وقبله جمع، وذلك من كلام العرب فصيح جائز، إذا جاء في الاسم المشتق من الفعل كالفاعل والمفعول به، يريدون (٤) به: ولا تكونوا أول من يكفر به، فيحذف (٥) (من) ويقوم الاسم المشتق من الفعل مقامها (٦)، فيؤدي عن مثل ما أدت (من) عنه من التأنيث والجمع، وهو
(١) "الجمهرة" ٢/ ١١٧٧، والنص من "تهذيب اللغة" (أول) ١/ ٢٣٢.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) "المقتضب" ٣/ ٣٤٠، "التهذيب" (أول) ١/ ٢٣٢، "اللسان" (وأل) ٨/ ٤٧٤٨. قال محمد عضيمة في حاشية "المقتضب": (والخلاصة أن أول لها استعمالات ثلاثة:
- تكون أفعل تفضيل ذكرت معها (من) أو حذفت، على أن تقدرها في الكلام فتمنع من الصرف.
- وتكون اسمًا منصرفًا وذلك عند حذف (من) وعدم تقديرها.
- وتكون ظرفًا منصوبًا أو مبنيا على الضم كالغايات. "المقتضب" ٣/ ٣٤.
(٤) في "المعاني": (يراد به) ١/ ٣٢.
(٥) في "المعاني": (فتحذف).
(٦) في "المعاني": (ويقوم الفعل مقامها).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) "المقتضب" ٣/ ٣٤٠، "التهذيب" (أول) ١/ ٢٣٢، "اللسان" (وأل) ٨/ ٤٧٤٨. قال محمد عضيمة في حاشية "المقتضب": (والخلاصة أن أول لها استعمالات ثلاثة:
- تكون أفعل تفضيل ذكرت معها (من) أو حذفت، على أن تقدرها في الكلام فتمنع من الصرف.
- وتكون اسمًا منصرفًا وذلك عند حذف (من) وعدم تقديرها.
- وتكون ظرفًا منصوبًا أو مبنيا على الضم كالغايات. "المقتضب" ٣/ ٣٤.
(٤) في "المعاني": (يراد به) ١/ ٣٢.
(٥) في "المعاني": (فتحذف).
(٦) في "المعاني": (ويقوم الفعل مقامها).
435
في لفظ توحيد، ولا يجوز في مثله من الكلام: (أنتم أَفْضَلُ رجل)، ولا (أنتما خير رجل)؛ لأن الرجل يثني ويجمع ويفرد، فيعرف واحده من جمعه، واسم الفاعل قد يكون لـ (من) فيؤدي عنه (١)، وهو موحد، ألا ترى أنك تقول: الجيش [مقبل، والجند منهزم، فتوحد الفعل لتوحيده، فإذا صرت إلى الأسماء قلت: الجيش] (٢) رجال، والجند رجال.
وقد قال الشاعر:
فجمعه وتوحيده جائز حسن (٦).
وقال البصريون في هذا: معناه: ولا تكونوا أول فريق كافر، أو أول حزب، أو أول قبيل كافر، ثم حذف المنعوت، وأقيم نعته مقامه، (٧) وهذا قول المبرد.
وقد قال الشاعر:
| وإِذَا هُمُ (٣) طَعِمُوا فَأَلْأمُ طَاعِمٍ | وَإِذَا هُمُ (٤) جَاعُوا فَشَرُّ جِيَاعِ (٥) |
وقال البصريون في هذا: معناه: ولا تكونوا أول فريق كافر، أو أول حزب، أو أول قبيل كافر، ثم حذف المنعوت، وأقيم نعته مقامه، (٧) وهذا قول المبرد.
(١) عبارة الفراء في "المعاني": (و (القائم) قد يكون لشيء، ولـ (من) فيؤدي عنهما وهو موحد) ١/ ٣٣.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (وهو اطعموا).
(٤) في (ب): (هموا).
(٥) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٣، وورد البيت مع بيتين قبله في (نوادر أبي زيد)، وقال: قال رجل جاهلي، ص ٤٣٤، وذكره الطبري ١/ ٢٥٢، وابن عطية ١/ ٢٧٠، "الدر المصون" ١/ ٣١٨.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٣، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٢، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ٦٧٠.
(٧) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٩، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٨، "المشكل" لمكي ١/ ٤٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٩، "البحر المحيط" ١/ ١٧٧، =
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (وهو اطعموا).
(٤) في (ب): (هموا).
(٥) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٣، وورد البيت مع بيتين قبله في (نوادر أبي زيد)، وقال: قال رجل جاهلي، ص ٤٣٤، وذكره الطبري ١/ ٢٥٢، وابن عطية ١/ ٢٧٠، "الدر المصون" ١/ ٣١٨.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٣، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٢، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ٦٧٠.
(٧) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٩، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٨، "المشكل" لمكي ١/ ٤٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٩، "البحر المحيط" ١/ ١٧٧، =
436
وقوله (به) (١) الأظهر أن الكناية عائدة (٢) إلى (ما) في قوله: (بما أنزلت) وهو القرآن (٣).
ويجوز أن يعود إلى (ما) في قوله: ﴿لِمَا مَعَكُمْ﴾ والمراد به التوراة، وذلك أنهم إذا (٤) كتموا أمر النبي ﷺ من كتابهم، فقد كفروا بكتابهم، كما أن من كتم آية من القرآن فقد كفر به (٥).
وإذا قلنا: الكناية تعود إلى القرآن، كان المعنى: ولا تكونوا أول كافر بالقرآن من أهل الكتاب لأن قريشاً كفرت قبلهم بمكة (٦)
وحكي عن أبي العالية أنه قال: الكناية تعود إلى محمد - صلى الله
ويجوز أن يعود إلى (ما) في قوله: ﴿لِمَا مَعَكُمْ﴾ والمراد به التوراة، وذلك أنهم إذا (٤) كتموا أمر النبي ﷺ من كتابهم، فقد كفروا بكتابهم، كما أن من كتم آية من القرآن فقد كفر به (٥).
وإذا قلنا: الكناية تعود إلى القرآن، كان المعنى: ولا تكونوا أول كافر بالقرآن من أهل الكتاب لأن قريشاً كفرت قبلهم بمكة (٦)
وحكي عن أبي العالية أنه قال: الكناية تعود إلى محمد - صلى الله
= وقال ابن عطية: (وسيبويه يرى أنها نكرة مختصرة من معرفة كأنه قال: (ولا تكونوا أول كافرين به) ١/ ١٩٩، ونحوه قال أبو حيان في "البحر" ١/ ١٧٧.
(١) في (ب): (والأظهر).
(٢) في (ج): (عائد).
(٣) ذكره الطبري في "تفسيره" ورجحه ١/ ٢٥١، والزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٩٢، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٧٤، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٣، وأبو حيان في "البحر" ١/ ١٧٨، ورجحه وضعف الأقوال الأخرى.
(٤) (إذا) ساقط من (ب).
(٥) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٩٢، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٩، "زاد المسير" ١/ ٧٤، و"القرطبي" ١/ ٢٨٣، و"البحر" ١/ ١٧٨، وضعفه ابن جرير، وقال: لا معنى لقول من زعم أن العائد من الذكر في (به) على (ما) التي في قوله: (لما معكم) لأن ذلك، وإن كان محتملاً ظاهر الكلام، فإنه بعيد، مما يدل عليه ظاهر التلاوة والتنزيل... إلخ. "تفسير الطبري" ١/ ٢٥١.
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٢، و"تفسير أبي الليث" ١/ ١١١٤، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٩، و"تفسير البغوي" ١/ ٨٧، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٣، "البحر المحيط" ١/ ١٧٧، "تفسير ابن كثير" ١/ ٨٩.
(١) في (ب): (والأظهر).
(٢) في (ج): (عائد).
(٣) ذكره الطبري في "تفسيره" ورجحه ١/ ٢٥١، والزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٩٢، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٧٤، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٣، وأبو حيان في "البحر" ١/ ١٧٨، ورجحه وضعف الأقوال الأخرى.
(٤) (إذا) ساقط من (ب).
(٥) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٩٢، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٩، "زاد المسير" ١/ ٧٤، و"القرطبي" ١/ ٢٨٣، و"البحر" ١/ ١٧٨، وضعفه ابن جرير، وقال: لا معنى لقول من زعم أن العائد من الذكر في (به) على (ما) التي في قوله: (لما معكم) لأن ذلك، وإن كان محتملاً ظاهر الكلام، فإنه بعيد، مما يدل عليه ظاهر التلاوة والتنزيل... إلخ. "تفسير الطبري" ١/ ٢٥١.
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٢، و"تفسير أبي الليث" ١/ ١١١٤، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٦٩، و"تفسير البغوي" ١/ ٨٧، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٣، "البحر المحيط" ١/ ١٧٧، "تفسير ابن كثير" ١/ ٨٩.
437
عليه وسلم (١).
وإنما قيل لهم: ﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ لأن الخطاب لعلماء اليهود، فإذا كفروا كفر معهم الأتباع (٢).
فإن قيل: ما في (٣) (أن تكونوا أول كافر به) من العظم، على ثان كافر؟ قيل: إنهم إذا كانوا أئمة في الضلالة كانت ضلالتهم أعظم (٤).
قال الزجاج: اللغة القُدمى فتح الكاف من (كافر) والإمالة في الكاف -أيضا- جيد (٥)، لأن (فاعلاً) إذا سلم من حروف الإطباق، والحروف المستعلية كانت الإمالة فيه سائغة إلا في لغة أهل الحجاز، والإمالة لغة تميم (٦)، وحروف الإطباق (الطاء والظاء والصاد الضاد) فلا تجوز الإمالة (٧) في ظالم وطالب وضابط وصابر، وحروف الاستعلاء (الخاء،
وإنما قيل لهم: ﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ لأن الخطاب لعلماء اليهود، فإذا كفروا كفر معهم الأتباع (٢).
فإن قيل: ما في (٣) (أن تكونوا أول كافر به) من العظم، على ثان كافر؟ قيل: إنهم إذا كانوا أئمة في الضلالة كانت ضلالتهم أعظم (٤).
قال الزجاج: اللغة القُدمى فتح الكاف من (كافر) والإمالة في الكاف -أيضا- جيد (٥)، لأن (فاعلاً) إذا سلم من حروف الإطباق، والحروف المستعلية كانت الإمالة فيه سائغة إلا في لغة أهل الحجاز، والإمالة لغة تميم (٦)، وحروف الإطباق (الطاء والظاء والصاد الضاد) فلا تجوز الإمالة (٧) في ظالم وطالب وضابط وصابر، وحروف الاستعلاء (الخاء،
(١) ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٥٢، "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٤، وتفسير ابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٧١، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٨٣، وكذا أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ١٧٨.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٢، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٤، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ أ، و"تفسير البغوي" ١/ ٨٧.
(٣) في (ج): (ما في قوله: وأن تكونوا) ولعله أولى.
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ أ، و"تفسير البغوي" ١/ ٨٧، "زاد المسير" ١/ ٤٧، و"تفسير الرازي" ١/ ٤٢، "البحر المحيط" ١/ ١٧٨.
(٥) قال ابن الجزري في "النشر": (انفرد صاحب المبهج عن أبي عثمان الضرير عن الدوري بإمالة (أول كافر به) فخالف سائر الرواة..) "النشر" ٢/ ٦٦. وقال عبد الفتاح القاضي: (لا إمالة لأحد في ﴿أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ "البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة" ص ٣١.
(٦) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٨.
(٧) في (ب): (الا في).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٢، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٤، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ أ، و"تفسير البغوي" ١/ ٨٧.
(٣) في (ج): (ما في قوله: وأن تكونوا) ولعله أولى.
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ أ، و"تفسير البغوي" ١/ ٨٧، "زاد المسير" ١/ ٤٧، و"تفسير الرازي" ١/ ٤٢، "البحر المحيط" ١/ ١٧٨.
(٥) قال ابن الجزري في "النشر": (انفرد صاحب المبهج عن أبي عثمان الضرير عن الدوري بإمالة (أول كافر به) فخالف سائر الرواة..) "النشر" ٢/ ٦٦. وقال عبد الفتاح القاضي: (لا إمالة لأحد في ﴿أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ "البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة" ص ٣١.
(٦) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٦٨.
(٧) في (ب): (الا في).
438
والغين، والقاف) (١) لأنها من أعلى الحنك واللهاة، فلا تجوز الإمالة في: غافل وخادم وقاهر (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾. أي: ببيان صفة محمد - ﷺ - ونعته عرضاً يسيراً من الدنيا، وذلك أن رؤساء (٣) اليهود كانت لهم مآكل يصيبونها من سفلتهم وعوامهم، فخافوا إن هم بينوا صفة محمد - ﷺ -، وتابعوه أن تفوتهم تلك المآكل والرئاسة، فاختاروا الدنيا على الآخرة (٤).
قال أبو علي: المعنى (٥) (ذا ثمن) فهو من باب حذف المضاف، لأنه إنما يشتري ما هو ذو ثمن لا الثمن (٦). ويجوز أن يكون معنى الاشتراء
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾. أي: ببيان صفة محمد - ﷺ - ونعته عرضاً يسيراً من الدنيا، وذلك أن رؤساء (٣) اليهود كانت لهم مآكل يصيبونها من سفلتهم وعوامهم، فخافوا إن هم بينوا صفة محمد - ﷺ -، وتابعوه أن تفوتهم تلك المآكل والرئاسة، فاختاروا الدنيا على الآخرة (٤).
قال أبو علي: المعنى (٥) (ذا ثمن) فهو من باب حذف المضاف، لأنه إنما يشتري ما هو ذو ثمن لا الثمن (٦). ويجوز أن يكون معنى الاشتراء
(١) ذكر سيبويه حروف الاستعلاء سبعة حروف هي المذكورة هنا، وأربعة منها فيها مع استعلائها إطباق، و (الخاء)، و (الغين)، و (القاف) لا إطباق فيها مع أستعلائها، "الكتاب" ٤/ ١٢٨، "سر صناعة الأعراب" ١/ ٦١، ٦٢.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٣، نقل الواحدي كلامه بتصرف.
(٣) في (ج): (راسا).
(٤) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ أ، ونحوه ذكر الطبري ١/ ٢٥٣، وأبو الليث ١/ ١١٤. قال ابن كثير ١/ ٨٩: (يقول: لا تعتاضوا عن الإيمان بآياتي وتصديق رسولي بالدنيا وشهواتها فإنها قليلة فانية..)، وقد ذكر ابن عطية أقوالا في الثمن الذي نهوا أن يشتروه بالآيات، ١/ ١٧١ - ١٧٢، وكذا أبو حيان في "البحر" ١/ ١٧٨.
(٥) (المعنى) ساقط من (ب).
(٦) قال الفراء: (وكل ما كان في القرآن من هذا قد نصب فيه الثمن وأدخلت الباء في المبيوع أو المشترى، فإن ذلك أكثر ما يأتي في الشيئين ولا يكونان ثمنا معلوما مثل الدنانير والدراهم.. فإن جئت إلى (الدراهم والدنانير وضعت الباء في الثمن..) "معاني القرآن" ١/ ٣٠، ومعنى كلامه: أنه إذا لم يكن دنانير ولا دراهم في البيع صح أن يكون كل واحد من المبذول ثمنا ومثمنا، انظر: "البحر" ١/ ١٧٨، "الدر المصون" ١/ ٣١٩.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٣، نقل الواحدي كلامه بتصرف.
(٣) في (ج): (راسا).
(٤) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ أ، ونحوه ذكر الطبري ١/ ٢٥٣، وأبو الليث ١/ ١١٤. قال ابن كثير ١/ ٨٩: (يقول: لا تعتاضوا عن الإيمان بآياتي وتصديق رسولي بالدنيا وشهواتها فإنها قليلة فانية..)، وقد ذكر ابن عطية أقوالا في الثمن الذي نهوا أن يشتروه بالآيات، ١/ ١٧١ - ١٧٢، وكذا أبو حيان في "البحر" ١/ ١٧٨.
(٥) (المعنى) ساقط من (ب).
(٦) قال الفراء: (وكل ما كان في القرآن من هذا قد نصب فيه الثمن وأدخلت الباء في المبيوع أو المشترى، فإن ذلك أكثر ما يأتي في الشيئين ولا يكونان ثمنا معلوما مثل الدنانير والدراهم.. فإن جئت إلى (الدراهم والدنانير وضعت الباء في الثمن..) "معاني القرآن" ١/ ٣٠، ومعنى كلامه: أنه إذا لم يكن دنانير ولا دراهم في البيع صح أن يكون كل واحد من المبذول ثمنا ومثمنا، انظر: "البحر" ١/ ١٧٨، "الدر المصون" ١/ ٣١٩.
439
الاستبدال، فيكون المعنى: ولا تستبدلوا بآياتي ثمنا قليلا فيستغنى عن تقدير المضاف (١).
و (القليل) نقيض (٢) الكثير، قَلَّ الشيء يَقِلُّ قِلَّة (٣).
﴿وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾ فاخشون في أمر محمد، لا ما يفوتكم من الرئاسة (٤).
٤٢ - قوله تعالى: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾ الآية. يقال: لَبَسْتُ الأمر أَلْبِسُه لَبْساً، إذا خلطته وشبهته (٥).
وقال ابن دريد: لَبَسْتُ الأمر ولَبَّستُه، إذا عميتُه، ومنه ﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾ [الأنعام: ٩]، ويقال: في أمره لُبْسَة أي ليس بواضح (٦).
قال ابن السكيت يقال (في أمره لَبْسٌ، أي: اختلاط) (٧).
و (اللباس) ما واريت به جسدك. هذا هو الأصل في اللباس (٨)، ثم
و (القليل) نقيض (٢) الكثير، قَلَّ الشيء يَقِلُّ قِلَّة (٣).
﴿وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾ فاخشون في أمر محمد، لا ما يفوتكم من الرئاسة (٤).
٤٢ - قوله تعالى: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾ الآية. يقال: لَبَسْتُ الأمر أَلْبِسُه لَبْساً، إذا خلطته وشبهته (٥).
وقال ابن دريد: لَبَسْتُ الأمر ولَبَّستُه، إذا عميتُه، ومنه ﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾ [الأنعام: ٩]، ويقال: في أمره لُبْسَة أي ليس بواضح (٦).
قال ابن السكيت يقال (في أمره لَبْسٌ، أي: اختلاط) (٧).
و (اللباس) ما واريت به جسدك. هذا هو الأصل في اللباس (٨)، ثم
(١) انظر: "البحر" ١/ ١٧٨، "الدر المصون" ١/ ٣١٩.
(٢) في "اللسان": (القلة خلاف الكثرة) "اللسان" (قل) ٦/ ٣٧٢٦.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" (قلل) ٣/ ٣٠٣٦، "اللسان" (قل) ٦/ ٣٧٢٦.
(٤) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٨ أ، ونحوه عند أبي الليث في "تفسيره" ١/ ١١٤، وقال ابن جرير: (فاتقون) في بيعكم آياتي بالخسيس من الثمن وشرائكم بها القليل من العرض، وكفركم بما أنزلت على رسولي وجحودكم نبوة نبيّ أن أحل بكم ما أحللت بأسلافكم..) ١/ ٢٥٤، وانظر: "تفسيرابن كثير" ١/ ٨٩.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (لبس) ٤/ ٣٢٢٨، "اللسان" (لبس) ٧/ ٣٩٨٦.
(٦) (الجمهرة) ١/ ٢٨٩.
(٧) "إصلاح المنطق" ص ١١، وانظر: "تهذيب اللغة" (لبس) ٤/ ٣٢٢٨، والنص من "التهذيب".
(٨) انظر: "تهذيب اللغة" (لبس) ٤/ ٣٢٢٨، "مجمل اللغة" (لبس) ٣/ ٨٠١، "اللسان" (لبس) ٧/ ٣٩٨٦.
(٢) في "اللسان": (القلة خلاف الكثرة) "اللسان" (قل) ٦/ ٣٧٢٦.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" (قلل) ٣/ ٣٠٣٦، "اللسان" (قل) ٦/ ٣٧٢٦.
(٤) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٨ أ، ونحوه عند أبي الليث في "تفسيره" ١/ ١١٤، وقال ابن جرير: (فاتقون) في بيعكم آياتي بالخسيس من الثمن وشرائكم بها القليل من العرض، وكفركم بما أنزلت على رسولي وجحودكم نبوة نبيّ أن أحل بكم ما أحللت بأسلافكم..) ١/ ٢٥٤، وانظر: "تفسيرابن كثير" ١/ ٨٩.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (لبس) ٤/ ٣٢٢٨، "اللسان" (لبس) ٧/ ٣٩٨٦.
(٦) (الجمهرة) ١/ ٢٨٩.
(٧) "إصلاح المنطق" ص ١١، وانظر: "تهذيب اللغة" (لبس) ٤/ ٣٢٢٨، والنص من "التهذيب".
(٨) انظر: "تهذيب اللغة" (لبس) ٤/ ٣٢٢٨، "مجمل اللغة" (لبس) ٣/ ٨٠١، "اللسان" (لبس) ٧/ ٣٩٨٦.
440
يقال: لَبِسْتُ فلاناً، أي استمتعت به (١). قال:
وفي فلان مَلْبَس، إذا كان فيه مستمتع (٣).
قال امرؤ القيس:
و (الباطل) الذاهب الزائل، يقال: بطل الشيء يبطل بُطُولًا وبُطْلَانًا، و (البُطْل) - أيضًا مثل الباطل، وأبطل الشيء جعله باطلا، وأبطل فلان جاء بالكذب وادعى باطلا (٥).
ومعنى الآية: لا تخلطوا الحق الذي أنزلت عليكم من صفة محمد - ﷺ - بالباطل الذي تكتبونه بأيديكم، من تغيير صفته وتبديل نعته (٦).
| وَحُقَّة مِسْكٍ مِنْ نَسَاءٍ لَبِسْتُها | شَبَابِي وَكَأسٍ بَاكَرَتْنِي شَمُولُهَا (٢) |
قال امرؤ القيس:
| أَلَا إن بَعْدَ الفَقِرْ لِلْمَرْءِ قِنْوَةً | وَبَعْدَ المشِيبِ طُولَ عُمْرٍ وَمَلْبَسَا (٤) |
ومعنى الآية: لا تخلطوا الحق الذي أنزلت عليكم من صفة محمد - ﷺ - بالباطل الذي تكتبونه بأيديكم، من تغيير صفته وتبديل نعته (٦).
(١) في "التهذيب": لَبِسْت امرأة: أي: تمتعت بها زمانا، ولَبِسْت قوما، أي: تمليت بهم دهرا. (لبس) ٤/ ٣٢٢٨.
(٢) البيت لعبد الله بن عجلان النهدي في "الحماسة بشرح المرزوقي" ٣/ ١٢٥٩، "الكامل" ٢/ ٢٩٢.
(٣) في (ب): (مستمع). انظر: "المجمل" "لبس" ٣/ ٨٠٨، "مقاييس اللغة" (لبس) ٥/ ٢٣٠، "اللسان" (لبس) ٧/ ٣٩٨٦.
(٤) يقول بعد الشدة رخاء، وبعد الشيب عمر ومستمتع، وهذا مثل ضربه لنفسه، و (الْقِنْيِة: ما اقتنيت من شىِء فاتخذته أصل مال. والْمَلْبَس: المستمتع والمنتفع، وفي "الديوان" وأكثر المصادر (بعد العدم) بدل (الفقر)، انظر: "ديوان امرئ القيس" ص ٨٧، "تهذيب اللغة" (لبس) ٤/ ٣٢٢٩، "مجمل اللغة" ٣/ ٨٠١، "مقاييس اللغة" ٥/ ٢٣٠، "اللسان" ٧/ ٣٩٨٧، و"القرطبي" ١/ ٢٩٠.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (بطل) ١/ ٣٥٠، "اللسان" ١/ ٣٠٢، و"القرطبي" ١/ ٣٤١.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ ب، انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٩٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٩، و"ابن عطية" ١/ ٢٧٢، و"القرطبي" ١/ ٢٩١.
(٢) البيت لعبد الله بن عجلان النهدي في "الحماسة بشرح المرزوقي" ٣/ ١٢٥٩، "الكامل" ٢/ ٢٩٢.
(٣) في (ب): (مستمع). انظر: "المجمل" "لبس" ٣/ ٨٠٨، "مقاييس اللغة" (لبس) ٥/ ٢٣٠، "اللسان" (لبس) ٧/ ٣٩٨٦.
(٤) يقول بعد الشدة رخاء، وبعد الشيب عمر ومستمتع، وهذا مثل ضربه لنفسه، و (الْقِنْيِة: ما اقتنيت من شىِء فاتخذته أصل مال. والْمَلْبَس: المستمتع والمنتفع، وفي "الديوان" وأكثر المصادر (بعد العدم) بدل (الفقر)، انظر: "ديوان امرئ القيس" ص ٨٧، "تهذيب اللغة" (لبس) ٤/ ٣٢٢٩، "مجمل اللغة" ٣/ ٨٠١، "مقاييس اللغة" ٥/ ٢٣٠، "اللسان" ٧/ ٣٩٨٧، و"القرطبي" ١/ ٢٩٠.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (بطل) ١/ ٣٥٠، "اللسان" ١/ ٣٠٢، و"القرطبي" ١/ ٣٤١.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ ب، انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٩٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٩، و"ابن عطية" ١/ ٢٧٢، و"القرطبي" ١/ ٢٩١.
441
قال مقاتل: إن اليهود أقروا ببعض صفة محمد ﷺ وكتموا بعضا لِيُصَدَّقوا في ذلك، فقال الله عز وجل: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ﴾ الذي تُقرّون به وتبينونه ﴿بِالْبَاطِلِ﴾، يعني بما (١) تكتمونه، فالحق بيانهم والباطل كتمانهم (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ﴾.
قال الفراء (٣): إن شئت جعلت ﴿وَتَكْتُمُوا﴾ في موضع جزم بالعطف (٤)، وإن شئت جعلتها في موضع نصب (٥) على (الصرف)، ومثله (٦): ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا﴾ [البقرة: ١٨٨]، وقوله تعالى: ﴿لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا﴾ [الأنفال: ٢٧]، ومعنى (الصرف) أن تأتي (٧) بالواو معطوفاً (٨) على كلام في أوله حادث لا تستقيم (٩) إعادتها في
وقوله تعالى: ﴿وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ﴾.
قال الفراء (٣): إن شئت جعلت ﴿وَتَكْتُمُوا﴾ في موضع جزم بالعطف (٤)، وإن شئت جعلتها في موضع نصب (٥) على (الصرف)، ومثله (٦): ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا﴾ [البقرة: ١٨٨]، وقوله تعالى: ﴿لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا﴾ [الأنفال: ٢٧]، ومعنى (الصرف) أن تأتي (٧) بالواو معطوفاً (٨) على كلام في أوله حادث لا تستقيم (٩) إعادتها في
(١) (بما) ساقط من (أ)، (ج)، وأثبها من (ب) لأن السياق يقتضيها، وهي ثابتة في (تفسير الثعلبي) ١/ ٦٨ أ.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ أ، وذكره أبو الليث ولم يعزه لمقاتل ١/ ٣٣٨. وفي الآية أقوال أخرى منها: قيل: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾ اليهودية والنصرانية بالإسلام، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٥، و"ابن أبي حاتم" ١/ ٩٨، و"ابن عطية" ١/ ٢٧٣.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٣.
(٤) قوله: (بالعطف)، أي على (تلبسوا).
(٥) قوله: في موضع نصب على (الصرف) وباضمار أن على رأى البصريين كما سيأتي.
(٦) في (ج): (ومثله قوله)
(٧) في (أ)، (ج): (يأتي). وما في (ب) أصح في السياق وموافق لما في "معاني القرآن" ١/ ٣٤.
(٨) في "المعاني": (معطوفة).
(٩) في (ب)، (ج): (لا يستقيم).
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ أ، وذكره أبو الليث ولم يعزه لمقاتل ١/ ٣٣٨. وفي الآية أقوال أخرى منها: قيل: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾ اليهودية والنصرانية بالإسلام، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٥، و"ابن أبي حاتم" ١/ ٩٨، و"ابن عطية" ١/ ٢٧٣.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٣.
(٤) قوله: (بالعطف)، أي على (تلبسوا).
(٥) قوله: في موضع نصب على (الصرف) وباضمار أن على رأى البصريين كما سيأتي.
(٦) في (ج): (ومثله قوله)
(٧) في (أ)، (ج): (يأتي). وما في (ب) أصح في السياق وموافق لما في "معاني القرآن" ١/ ٣٤.
(٨) في "المعاني": (معطوفة).
(٩) في (ب)، (ج): (لا يستقيم).
442
المعطوف (١)، كقوله:
لَاتَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأتِيَ مِثْلَه (٢)
ألا ترى أنه لا يجوز إعادة (لا) في و (تأتي)، ولذلك سمي صرفا إذ (٣) كان معطوفا (٤) ولم يستقم أن يعاد فيه الحادث الذي فيما (٥) قبله. ومثله من الأسماء التي نصبتها العرب وهي معطوفة على مرفوع، قولهم: لو تُرِكْتَ والأسدَ لأكلك (٦)، ولو خُلِّيتَ ورَأْيَك لضللت، لما لم يحسن في
لَاتَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأتِيَ مِثْلَه (٢)
ألا ترى أنه لا يجوز إعادة (لا) في و (تأتي)، ولذلك سمي صرفا إذ (٣) كان معطوفا (٤) ولم يستقم أن يعاد فيه الحادث الذي فيما (٥) قبله. ومثله من الأسماء التي نصبتها العرب وهي معطوفة على مرفوع، قولهم: لو تُرِكْتَ والأسدَ لأكلك (٦)، ولو خُلِّيتَ ورَأْيَك لضللت، لما لم يحسن في
(١) ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٥٥، وقد عرف أبو البركات ابن الأنباري الصرف عند الكوفيين: بأنه ما كان الثاني مخالفا لأول، ولا يحسن معه تكرار العامل الذي ورد مع الأول، "الإنصاف" ١/ ٥٥٦.
(٢) صدر بيت وعجزه:
عَارٌ عَلَيْكَ إِذا فَعَلْتَ عَظِيمُ
وقد اختلف في نسبته، فنسبه سيبويه للأخطل، ونسبه بعضهم لأبي الأسود الدؤلي، ونسبه بعضهم إلى المتوكل الكناني، وبعضهم إلى حسان، وبعضهم إلى الطرماح بن حكيم، وإلى سابق البربري، والبيت ورد في أغلب كتب النحو. ورد في "الكتاب" ١/ ٤٢، و"المقتضب" ٢/ ٢٥، و"معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٤، والطبري ١/ ٢٥٥، و"الإيضاح العضدي" ١/ ٣١٤، و"الجمل" للزجاجي ص ١٨٧، و"الأزهية" ص ٢٣٤، و"الرصف" ص ٤٨٦، و"شرح المفصل" ٧/ ٢٤، و"الخزانة" ٨/ ٥٦٤، و"شرح شذور الذهب" ص ٣٦٠، و"مغني اللبيب" ٢/ ٣١٦، و"أدب الدنيا والدين" ص ٣٩، و"شرح ابن عقيل" ص ٢٣٣، و"أوضح المسالك" ٤/ ١٨١، وغيرها كثير.
(٣) في (ب): (إذا).
(٤) في (ج): (مطوفا).
(٥) كذا في جميع النسخ وفي "معاني القرآن" للفراء (الحادث الذي قبله) ١/ ٣٤.
(٦) في (ج): (لا كان).
(٢) صدر بيت وعجزه:
عَارٌ عَلَيْكَ إِذا فَعَلْتَ عَظِيمُ
وقد اختلف في نسبته، فنسبه سيبويه للأخطل، ونسبه بعضهم لأبي الأسود الدؤلي، ونسبه بعضهم إلى المتوكل الكناني، وبعضهم إلى حسان، وبعضهم إلى الطرماح بن حكيم، وإلى سابق البربري، والبيت ورد في أغلب كتب النحو. ورد في "الكتاب" ١/ ٤٢، و"المقتضب" ٢/ ٢٥، و"معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٤، والطبري ١/ ٢٥٥، و"الإيضاح العضدي" ١/ ٣١٤، و"الجمل" للزجاجي ص ١٨٧، و"الأزهية" ص ٢٣٤، و"الرصف" ص ٤٨٦، و"شرح المفصل" ٧/ ٢٤، و"الخزانة" ٨/ ٥٦٤، و"شرح شذور الذهب" ص ٣٦٠، و"مغني اللبيب" ٢/ ٣١٦، و"أدب الدنيا والدين" ص ٣٩، و"شرح ابن عقيل" ص ٢٣٣، و"أوضح المسالك" ٤/ ١٨١، وغيرها كثير.
(٣) في (ب): (إذا).
(٤) في (ج): (مطوفا).
(٥) كذا في جميع النسخ وفي "معاني القرآن" للفراء (الحادث الذي قبله) ١/ ٣٤.
(٦) في (ج): (لا كان).
443
الثاني أن تقول (١): لو تركت وترك (٢) رأيك، تهيبوا أن يعطفوا حرفا لا يستقيم فيه ما حدث في الذي قبله، على الذي قبله، فنصبوا (٣).
ومذهب البصريين أن جميع ما انتصب في هذا الباب فبإضمار (أن) كأنه قيل: لا يكن منكم لبس للحق وأن تكتموه (٤).
وقوله: ﴿وَأَنتُم تَعْلَمُونَ﴾. أكثر المفسرين على أن المعنى: وأنتم تعلمون أنه الحق، أنه نبي مرسل قد أنزل عليكم ذكره في كتابكم، فليس بمشتبه عليكم شيء من أمره ونسبه، وعلى هذا إنما كفروا لأنهم جحدوا نبوته فلم ينفعهم علمهم (٥).
والأمة اجتمعت (٦) على أن جاحد النبوة كافر، فإذا علموا بقلوبهم، ولم يكن لنا سبيل إلى أن نعلم أنهم علموا (٧)، وظهر منهم جحود، أجمعنا على أنهم كفار.
ومذهب البصريين أن جميع ما انتصب في هذا الباب فبإضمار (أن) كأنه قيل: لا يكن منكم لبس للحق وأن تكتموه (٤).
وقوله: ﴿وَأَنتُم تَعْلَمُونَ﴾. أكثر المفسرين على أن المعنى: وأنتم تعلمون أنه الحق، أنه نبي مرسل قد أنزل عليكم ذكره في كتابكم، فليس بمشتبه عليكم شيء من أمره ونسبه، وعلى هذا إنما كفروا لأنهم جحدوا نبوته فلم ينفعهم علمهم (٥).
والأمة اجتمعت (٦) على أن جاحد النبوة كافر، فإذا علموا بقلوبهم، ولم يكن لنا سبيل إلى أن نعلم أنهم علموا (٧)، وظهر منهم جحود، أجمعنا على أنهم كفار.
(١) في (أ)، (ج): (يقول وما في (ب) أولى وموافق لما في "المعاني" ١/ ٣٤.
(٢) في (ج): (ويترك).
(٣) انتهى من "معاني القرآن" للفراء١/ ٣٣، ٣٤، بتصرف، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٥.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٤، وانظر تفاصيل الخلاف في هذه المسألة في "الإنصاف" ص ٤٤٢، وقد ذكر قولاً ثالثاً لأبي عمر الجرمي، وهو أن (الواو) هي الناصبة بنفسها؛ لأنها خرجت عن باب العطف، وانظر: "البحر المحيط" ١/ ١٧٩.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٦، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٩٠، و"القرطبي" ١/ ٢٩١، "البحر" ١/ ١٨٠.
(٦) في (ب): (اجتمعت).
(٧) حتى ولو علمنا أنهم علموا فكفرهم كفر عناد، انظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٢٩١.
(٢) في (ج): (ويترك).
(٣) انتهى من "معاني القرآن" للفراء١/ ٣٣، ٣٤، بتصرف، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٥.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٤، وانظر تفاصيل الخلاف في هذه المسألة في "الإنصاف" ص ٤٤٢، وقد ذكر قولاً ثالثاً لأبي عمر الجرمي، وهو أن (الواو) هي الناصبة بنفسها؛ لأنها خرجت عن باب العطف، وانظر: "البحر المحيط" ١/ ١٧٩.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٦، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٩٠، و"القرطبي" ١/ ٢٩١، "البحر" ١/ ١٨٠.
(٦) في (ب): (اجتمعت).
(٧) حتى ولو علمنا أنهم علموا فكفرهم كفر عناد، انظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٢٩١.
444
وقال الزجاج في قوله: ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أي: تأتون لبسكم الحق وكتمانه على علم منكم وبصيرة أنكم تلبسون الحق (١).
٤٣ - قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾. الزكاة (٢): تطهير للمال وإصلاح له، وتثمير ونماء، كل ذلك قد قيل (٣).
والأظهر أن أصلها من الزيادة، يقال: زكا الزرع يزكو زكاء، ممدود وكل شيء يزداد فهو يزكو زكاء (٤).
قال النابغة (٥):
أراد بالزكاء الزيادة، وهو حرف ممدود، فإذا قصر فقيل: (زكا) فمعناه الزوج (٨).
والعرب تقول للفرد: خسا، وللزوجين (٩) اثنين: زكا، قيل لهما:
٤٣ - قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾. الزكاة (٢): تطهير للمال وإصلاح له، وتثمير ونماء، كل ذلك قد قيل (٣).
والأظهر أن أصلها من الزيادة، يقال: زكا الزرع يزكو زكاء، ممدود وكل شيء يزداد فهو يزكو زكاء (٤).
قال النابغة (٥):
| وَمَا أَخَّرْتَ مِنْ دُنْيَاكَ نَقْصٌ | وَإِن قَدَّمْتَ عَادَ (٦) لَكَ الزَّكاءُ (٧) |
والعرب تقول للفرد: خسا، وللزوجين (٩) اثنين: زكا، قيل لهما:
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٤، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١٥٥، "الكشاف" ١/ ٢٧٧، وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٩٠، وقال: ويجوز أن يكون المعنى: (وأنتم تعلمون ما في ذلك من الضرر العظيم على الناس، من إضلالهم عن الهدى المفضي بهم إلى النار).
(٢) (الزكاة) ساقط من (ب)، (ج).
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" (زكا) ٢/ ١٥٤٢، و"تفسير الطبري" ١/ ٢٥٧، "اللسان" (زكا) ٣/ ١٨٤٩.
(٤) "تهذيب اللغة" (زكا) ٢/ ١٥٤٢، وانظر: "الزاهر" ٢/ ١٨٧.
(٥) هو نابغة بني شيبان، انظر: "الزاهر" ٢/ ١٨٧.
(٦) في (ج): (كان اعاد).
(٧) ورد البيت في "الزاهر" ٢/ ١٨٧، "شمس العلوم" ٢/ ٢٢٣.
(٨) "الزاهر" ٢/ ١٨٧، وانظر: "تهذيب اللغة" (زكا) ٢/ ١٥٤٣.
(٩) في (ب): (للزوج).
(٢) (الزكاة) ساقط من (ب)، (ج).
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" (زكا) ٢/ ١٥٤٢، و"تفسير الطبري" ١/ ٢٥٧، "اللسان" (زكا) ٣/ ١٨٤٩.
(٤) "تهذيب اللغة" (زكا) ٢/ ١٥٤٢، وانظر: "الزاهر" ٢/ ١٨٧.
(٥) هو نابغة بني شيبان، انظر: "الزاهر" ٢/ ١٨٧.
(٦) في (ج): (كان اعاد).
(٧) ورد البيت في "الزاهر" ٢/ ١٨٧، "شمس العلوم" ٢/ ٢٢٣.
(٨) "الزاهر" ٢/ ١٨٧، وانظر: "تهذيب اللغة" (زكا) ٢/ ١٥٤٣.
(٩) في (ب): (للزوج).
445
زكا، لأن الاثنين أكثر (١) من الواحد (٢)، قال الشاعر:
و (الزكاة): الصلاح (٤)، وأصله أيضا من زيادة الخير، يقال: رجل زَكِيٌّ أي زائد الخير (٥) من قوم أزكياء، وَزكَّى القاضي الشهود إذا بين زيادتهم في الخير، وسمي ما يخرجه من المال للمساكين بإيجاب الشرع زكاة، لأنها تزيد في المال الذي تخرج منه وتوفره وتقيه الآفات (٦).
وقوله تعالى: ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾. أصل الركوع في اللغة الانحناء، وكل شيء ينكب لوجهه وتمس ركبته الأرض أو لا تمسها بعد أن يخفض (٧) رأسه فهو راكع، ويقال للشيخ إذا انحنى (٨) من الكبر: قد ركع (٩).
قال لبيد:
| إِذا نَحْنُ في تِعْدَادِ خَصْلِكَ لَمْ نَقُلْ | خَسَا وَزَكا أَعْيَيْن مِنَّا المُعَدِّدَا (٣) |
وقوله تعالى: ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾. أصل الركوع في اللغة الانحناء، وكل شيء ينكب لوجهه وتمس ركبته الأرض أو لا تمسها بعد أن يخفض (٧) رأسه فهو راكع، ويقال للشيخ إذا انحنى (٨) من الكبر: قد ركع (٩).
قال لبيد:
(١) في "تهذيب اللغة" (زكا) ٢/ ١٥٤٢.
(٢) "تهذيب اللغة" (زكا) ٢/ ١٥٤٢، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٧، "اللسان" (زكا) ٣/ ١٨٤٩.
(٣) في (ب): (المعواد). ورد البيت في "الزاهر" ٢/ ١٨٧، وفي شعر الكميت جمع دواد سلوم ١/ ١٦٢، وفيه: (إذا نحن في تكرار وصفك...).
(٤) "تهذيب اللغة" (زكا) ٢/ ١٥٤٢.
(٥) في (أ): (الخبر) وما في (ب)، (ج) هو الصواب.
(٦) (الآفات) ساقط من (ب). انظر (الزاهر) ٢/ ١٨٧، وانظر الطبري ١/ ٢٥٧.
(٧) في (ج): (ينخفض).
(٨) في (ب): (حنا).
(٩) انظر: "تهذيب اللغة" (ركع) ١/ ١٤٦٢، "الزاهر" ١/ ١٤٠، "مقاييس اللغة" (ركع) ٢/ ٤٣٤، "اللسان" (ركع) ٣/ ١٧١٩.
(٢) "تهذيب اللغة" (زكا) ٢/ ١٥٤٢، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٧، "اللسان" (زكا) ٣/ ١٨٤٩.
(٣) في (ب): (المعواد). ورد البيت في "الزاهر" ٢/ ١٨٧، وفي شعر الكميت جمع دواد سلوم ١/ ١٦٢، وفيه: (إذا نحن في تكرار وصفك...).
(٤) "تهذيب اللغة" (زكا) ٢/ ١٥٤٢.
(٥) في (أ): (الخبر) وما في (ب)، (ج) هو الصواب.
(٦) (الآفات) ساقط من (ب). انظر (الزاهر) ٢/ ١٨٧، وانظر الطبري ١/ ٢٥٧.
(٧) في (ج): (ينخفض).
(٨) في (ب): (حنا).
(٩) انظر: "تهذيب اللغة" (ركع) ١/ ١٤٦٢، "الزاهر" ١/ ١٤٠، "مقاييس اللغة" (ركع) ٢/ ٤٣٤، "اللسان" (ركع) ٣/ ١٧١٩.
446
أَدِبُّ كَأَني كُلَّماَ قُمْتُ رَاكِعُ (١)
فالراكع: المنحني في قول لبيد.
وقال (٢) آخر:
أي تنكب لوجوهها.
قال المفسرون: معناه (٥)، وصلوا مع المصلين محمد وأصحابه، فعبر بالركوع عن جميع الصلاة، ، إذ كان ركناً من أركانها، كما عبر باليد عن الجسد (٦) في قوله ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ﴾ [الحج: ١٠].
فالراكع: المنحني في قول لبيد.
وقال (٢) آخر:
| وَلَكِنِّي أَنُصُّ العِيَس تَدمَى | أَظلتها (٣) وَترْكَعُ بِالْحُزُون (٤) |
قال المفسرون: معناه (٥)، وصلوا مع المصلين محمد وأصحابه، فعبر بالركوع عن جميع الصلاة، ، إذ كان ركناً من أركانها، كما عبر باليد عن الجسد (٦) في قوله ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ﴾ [الحج: ١٠].
(١) عجز بيت صدره:
أُخَبِّرُ أَخْبَارَ القُرُونِ التِي مَضَتْ
ورد في "الزاهر" ١/ ١٤٠، "تهذيب اللغة" (ركع) ١/ ١٤٦٢، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ ب، "المجمل" (ركع) ٢/ ٣٩٧، "مقاييس اللغة" ٢/ ٤٣٥، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٥، و"القرطبي" ١/ ٢٩٣، "ديوان لبيد" مع شرحه ص ١٧١.
(٢) في (ج): (وقا).
(٣) في (ج): (اضلعها).
(٤) البيت للطرماح، ويروى:
وَلَكِنيِّ أَسِيرُ العَنْسَ يَدْمَى... أَظَلاَّها................
العيس: الإبل، الأَظَل: باطن مَنْسم الناقة والبعير، ويدمى أظلاها من شدة السير، الحزون: جمع حزن، ما غلظ من الأرض في ارتفاع وخشونة، فهي تعثر وتقع في الحزون: فقال: تركع على التشبيه، انظر: "العين" ١/ ٢٢٧، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٩٦، "ديوان الطرماح" ص ٥٣٢.
(٥) (معناه) سقط من (ب).
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٨، انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٥، و"ابن عطية" ١/ ٢٧٤، و"البغوي" ١/ ٨٨، "زاد المسير" ١/ ٧٥، و"القرطبي" ١/ ٢٩٣.
أُخَبِّرُ أَخْبَارَ القُرُونِ التِي مَضَتْ
ورد في "الزاهر" ١/ ١٤٠، "تهذيب اللغة" (ركع) ١/ ١٤٦٢، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ ب، "المجمل" (ركع) ٢/ ٣٩٧، "مقاييس اللغة" ٢/ ٤٣٥، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٥، و"القرطبي" ١/ ٢٩٣، "ديوان لبيد" مع شرحه ص ١٧١.
(٢) في (ج): (وقا).
(٣) في (ج): (اضلعها).
(٤) البيت للطرماح، ويروى:
وَلَكِنيِّ أَسِيرُ العَنْسَ يَدْمَى... أَظَلاَّها................
العيس: الإبل، الأَظَل: باطن مَنْسم الناقة والبعير، ويدمى أظلاها من شدة السير، الحزون: جمع حزن، ما غلظ من الأرض في ارتفاع وخشونة، فهي تعثر وتقع في الحزون: فقال: تركع على التشبيه، انظر: "العين" ١/ ٢٢٧، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٩٦، "ديوان الطرماح" ص ٥٣٢.
(٥) (معناه) سقط من (ب).
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٨، انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٥، و"ابن عطية" ١/ ٢٧٤، و"البغوي" ١/ ٨٨، "زاد المسير" ١/ ٧٥، و"القرطبي" ١/ ٢٩٣.
447
وقيل: إنما عبر بالركوع عن الصلاة، لأنه أول ما يشاهد مما يدل على أن الإنسان في صلاة، وإنما قال: (واركعوا) بعد قوله: (وأقيموا الصلاة) وكان الركوع داخلا في الصلاة، لأنه أراد الحث على إقامة الصلاة جماعة (١).
وقيل: لأنه لم يكن في دين اليهود ولا في صلاتهم ركوع، فذكر ما اختص بشريعة الإسلام، والآية خطاب لليهود (٢).
٤٤ - قوله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ﴾ الآية. نزلت في علماء اليهود، لأنهم كانوا يقولون لأقربائهم من المسلمين: اثبتوا على ما أنتم عليه، ولا يؤمنون (٣). و (الألف) للاستفهام (٤)، ومعناه: التوبيخ والتهديد (٥)، كأنه قيل لهم: أنتم على هذه الطريقة (٦).
وقيل: لأنه لم يكن في دين اليهود ولا في صلاتهم ركوع، فذكر ما اختص بشريعة الإسلام، والآية خطاب لليهود (٢).
٤٤ - قوله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ﴾ الآية. نزلت في علماء اليهود، لأنهم كانوا يقولون لأقربائهم من المسلمين: اثبتوا على ما أنتم عليه، ولا يؤمنون (٣). و (الألف) للاستفهام (٤)، ومعناه: التوبيخ والتهديد (٥)، كأنه قيل لهم: أنتم على هذه الطريقة (٦).
(١) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٥، و"الكشاف" ١/ ٢٧٧، و"تفسير البغوي" ١/ ٨٨
(٢) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٤ - ٢٧٥، "الكشاف" ١/ ٢٧٧، و"تفسير البغوي" ١/ ٨٨، "زاد المسير" ١/ ٧٥، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٩٣. وفسر الطبري الركوع: بالخضوع لله بالطاعة فهو أمر لبني إسرائيل بالخضوع لله بالطاعة ١/ ٢٥٧، وذكر نحوه الزمخشري ١/ ٢٧٧.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٨ ب، وذكره الواحدي في "أسباب النزول" من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ص ٢٧، وذكره السيوطي في "لباب النقول" ص ١٩، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٧٤. وأخرج الطبري بمعناه عن ابن عباس "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٨، وفي الآية النهي عن أمرهم الناس بطا عة الله وهم يعصونه، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٧ - ٢٥٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٥.
(٤) في (ج): (الاستفهام).
(٥) في (ب): (التقرير).
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٤، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٥، "الكشاف" ١/ ٢٧٧، و"القرطبي" ١/ ٣١١.
(٢) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٤ - ٢٧٥، "الكشاف" ١/ ٢٧٧، و"تفسير البغوي" ١/ ٨٨، "زاد المسير" ١/ ٧٥، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٩٣. وفسر الطبري الركوع: بالخضوع لله بالطاعة فهو أمر لبني إسرائيل بالخضوع لله بالطاعة ١/ ٢٥٧، وذكر نحوه الزمخشري ١/ ٢٧٧.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٨ ب، وذكره الواحدي في "أسباب النزول" من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ص ٢٧، وذكره السيوطي في "لباب النقول" ص ١٩، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٧٤. وأخرج الطبري بمعناه عن ابن عباس "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٨، وفي الآية النهي عن أمرهم الناس بطا عة الله وهم يعصونه، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٧ - ٢٥٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٥.
(٤) في (ج): (الاستفهام).
(٥) في (ب): (التقرير).
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٤، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٥، "الكشاف" ١/ ٢٧٧، و"القرطبي" ١/ ٣١١.
448
والمراد بالبر: الإيمان بمحمد ﷺ (١).
و (النسيان) هاهنا بمعنى الترك (٢) من قوله: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧] ويأتي بسط الكلام في النسيان ووجوهه عند قوله: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ [البقرة: ٦٧] (٣) إن شاء الله.
وقال أبو إسحاق: معنى الآية أنهم كانوا يأمرون أتباعهم بالتمسك بكتابهم، ويتركون هم التمسك به، لأن جحدهم النبي - صلى الله عليه وسلم- هو تركهم التمسك (٤). فالبر على هذا القول: التمسك بالتوراة.
وقال بعضهم: إن اليهود كانوا يأمرون الناس بالإيمان بمحمد ﷺ قبل ظهوره، فلما ظهر كفروا به (٥)، فذلك قوله: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ﴾ الآية.
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾. أي: تقرؤون التوراة، وفيها صفة محمد -صلى الله عليه وسلم- ونعته (٦).
﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ أنه حق فتتبعونه (٧).
و (النسيان) هاهنا بمعنى الترك (٢) من قوله: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧] ويأتي بسط الكلام في النسيان ووجوهه عند قوله: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ [البقرة: ٦٧] (٣) إن شاء الله.
وقال أبو إسحاق: معنى الآية أنهم كانوا يأمرون أتباعهم بالتمسك بكتابهم، ويتركون هم التمسك به، لأن جحدهم النبي - صلى الله عليه وسلم- هو تركهم التمسك (٤). فالبر على هذا القول: التمسك بالتوراة.
وقال بعضهم: إن اليهود كانوا يأمرون الناس بالإيمان بمحمد ﷺ قبل ظهوره، فلما ظهر كفروا به (٥)، فذلك قوله: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ﴾ الآية.
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾. أي: تقرؤون التوراة، وفيها صفة محمد -صلى الله عليه وسلم- ونعته (٦).
﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ أنه حق فتتبعونه (٧).
(١) ذكره ابن جرير عن ابن عباس "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٨، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٧٥، وقيل: البر: أمرهم أتباعهم بالتمسك بالتوراة، وقيل: أمرهم ببذل الصدقة وهم لا يفعلون. انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٥، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٥، "زاد المسير" ١/ ٧٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ٩١.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٩، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٥، "زاد المسير" ١/ ٧٥.
(٣) انظر: "البسيط" ١/ ل ٢٣٧ (من نسخة إستانبول).
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٥، وفيه (التمسك به..).
(٥) ذكره الرازي، وقال هو اختيار أبي مسلم "تفسير الرازي" ٣/ ٤٦.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ ب، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٩، و"تفسير البغوي" ١/ ٨٨.
(٧) في (ج): (فتبيعونه).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٩، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٥، "زاد المسير" ١/ ٧٥.
(٣) انظر: "البسيط" ١/ ل ٢٣٧ (من نسخة إستانبول).
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٥، وفيه (التمسك به..).
(٥) ذكره الرازي، وقال هو اختيار أبي مسلم "تفسير الرازي" ٣/ ٤٦.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ ب، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٩، و"تفسير البغوي" ١/ ٨٨.
(٧) في (ج): (فتبيعونه).
449
وأصل التلاوة من قولهم: تلاه يتلوه، إذا تبعه، والتلاوة اتباع الحروف (١).
ويقال: عقَل الرجل يعقِل عقلاً، إذا كان عاقلًا (٢)، وعقل الإنسان هو تمييزه الذي به فارق جميع الحيوان، سمي عقلاً لأنه يعقله أي يمنعه عن التورط (٣) في الهلكة، كما يعقل العقال البعير عن ركوب رأسه. ومن هذا سميت الدية عقلاً لأنها إذا وصلت إلى ولي المقتول عقلته عن قتل (٤) الجاني، أي منعته (٥).
وقال الأصمعي: عقَل الظبي يعقِل عُقُولًا، إذا امتنع، ومنه سمى الوَعِل عاقلاً، والحصن مَعْقِلًا. وعَقَلَ الدواءُ بطنَه إذا أمسكه بعد استطلاقه (٦).
فأصل هذا الحرف من المنع، ثم لما كان الإنسان يعرف الشيء بعقله، سمي العلم عقلاً في (٧) بعض المواضع، فيقال عقلت كذا، أي علمته (٨).
ويقال: عقَل الرجل يعقِل عقلاً، إذا كان عاقلًا (٢)، وعقل الإنسان هو تمييزه الذي به فارق جميع الحيوان، سمي عقلاً لأنه يعقله أي يمنعه عن التورط (٣) في الهلكة، كما يعقل العقال البعير عن ركوب رأسه. ومن هذا سميت الدية عقلاً لأنها إذا وصلت إلى ولي المقتول عقلته عن قتل (٤) الجاني، أي منعته (٥).
وقال الأصمعي: عقَل الظبي يعقِل عُقُولًا، إذا امتنع، ومنه سمى الوَعِل عاقلاً، والحصن مَعْقِلًا. وعَقَلَ الدواءُ بطنَه إذا أمسكه بعد استطلاقه (٦).
فأصل هذا الحرف من المنع، ثم لما كان الإنسان يعرف الشيء بعقله، سمي العلم عقلاً في (٧) بعض المواضع، فيقال عقلت كذا، أي علمته (٨).
(١) انظر: "تهذيب اللغة" (تلا) ١/ ٤٤٥ - ٤٤٦، "مفردات الراغب" ص ٧٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٣١٥.
(٢) ذكره الأزهري عن أبي عبيد عن الأصمعي، "تهذيب اللغة" (عقل) ٣/ ٢٥٢٥.
(٣) في (ب): (التوريط).
(٤) في (ب): (عقل).
(٥) "تهذيب اللغة" (عقل) ١/ ٢٥٢٤، وانظر: "اللسان" (عقل) ٥/ ٣٠٤٧.
(٦) "تهذيب اللغة" (عقل) ١/ ٢٥٢٥، وانظر: "مقاييس اللغة" (عقل) ٤/ ٧٢، "اللسان" (عقل) ٥/ ٣٠٤٦.
(٧) في (ب): (وفي).
(٨) انظر: "مقاييس اللغة" ٤/ ٦٩.
(٢) ذكره الأزهري عن أبي عبيد عن الأصمعي، "تهذيب اللغة" (عقل) ٣/ ٢٥٢٥.
(٣) في (ب): (التوريط).
(٤) في (ب): (عقل).
(٥) "تهذيب اللغة" (عقل) ١/ ٢٥٢٤، وانظر: "اللسان" (عقل) ٥/ ٣٠٤٧.
(٦) "تهذيب اللغة" (عقل) ١/ ٢٥٢٥، وانظر: "مقاييس اللغة" (عقل) ٤/ ٧٢، "اللسان" (عقل) ٥/ ٣٠٤٦.
(٧) في (ب): (وفي).
(٨) انظر: "مقاييس اللغة" ٤/ ٦٩.
450
٤٤ - قوله تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾ الآية. قال أبو عبيد (١): أصل الصبر الحبس، وكل من حبس شيئا فقد صبره، ومنه الحديث في رجل أمسك رجلا وقتله آخر، فقال: (اقتلوا القاتل، واصبروا الصابر) (٢) أي: احبسوا الذي حبسه حتى يموت، ومنه قيل للرجل يُقدَّم فتضرب (٣) عنقه: قُتل صبراً، يعني أنه أُمسِكَ على الموت، وكذلك لو حبسَ رجل (٤) نفسه على شيء يريده قال: صبرتُ نفسي. قال عنترة:
ومن هذا (يمين الصبر) وهو أن يحبس على اليمين حتى حلف بها (٦).
| فَصَبَرْتُ عَارِفَةً لِذَلِكَ حُرَّةً | تَرْسُو إذَا نَفْسُ الجَبَانِ تَطَلَّعُ (٥) |
(١) في (ب): (أبو عبيدة). والصحيح: أبو عبيد، انظر: "غريب الحديث" ١/ ١٥٥.
(٢) الحديث ذكره أبو عبيد في "غريب الحديث" بدون سند، وفي الهامش قال المحقق: زاد في (ر). قال سمعت عبد الله بن المبارك يحدثه عن إسماعيل بن أميه يرفعه. "غريب الحديث" ١/ ١٥٥، وذكره الثعلبي ١/ ٦٩ أ، والأزهري في "تهذيب اللغة" عن أبي عبيد ٢/ ١٩٧٢، وهو في "الفائق" ٢/ ٢٧٦، "النهاية في غريب الحديث" ٣/ ٨، "غريب الحديث" لابن الجوزي ١/ ٥٧٨، وذكره في "كنز العمال" عن أبي عبيدة عن إسماعيل بن أمية مرسلا، ١٥/ ١٠.
(٣) في (ج): (فيضرب) وكذا في "الغريب" لأبي عبيد.
(٤) في (ب): (رجلا).
(٥) يقول: صبرت عارفة: أي حبست نفسًا عارفة لذلك، أي نفسه، والعارفة الصابرة، ترسو: أي تثبت وتستقر، تطلع: تطلع نفس الجبان إلى حلقه من الفزع والخوف، البيت في "غريب الحديث" لأبي عبيد ١/ ١٥٥، "تهذيب اللغة" (صبر) ٢/ ١٩٧٢، "مقاييس اللغة" (صبر) ٣/ ٣٢٩، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ أ، "اللسان" (صبر) ٤/ ٢٣٩١، و (عرف) ٥/ ٢٨٩٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣١٧، "فتح القدير" ١/ ١٢٤، "ديوان عنترة" ص ٢٦٤.
(٦) انتهى كلام أبي عبيد، "غريب الحديث" ١/ ١٥٥، "تهذيب اللغة" (صبر) ٢/ ١٩٧٢.
(٢) الحديث ذكره أبو عبيد في "غريب الحديث" بدون سند، وفي الهامش قال المحقق: زاد في (ر). قال سمعت عبد الله بن المبارك يحدثه عن إسماعيل بن أميه يرفعه. "غريب الحديث" ١/ ١٥٥، وذكره الثعلبي ١/ ٦٩ أ، والأزهري في "تهذيب اللغة" عن أبي عبيد ٢/ ١٩٧٢، وهو في "الفائق" ٢/ ٢٧٦، "النهاية في غريب الحديث" ٣/ ٨، "غريب الحديث" لابن الجوزي ١/ ٥٧٨، وذكره في "كنز العمال" عن أبي عبيدة عن إسماعيل بن أمية مرسلا، ١٥/ ١٠.
(٣) في (ج): (فيضرب) وكذا في "الغريب" لأبي عبيد.
(٤) في (ب): (رجلا).
(٥) يقول: صبرت عارفة: أي حبست نفسًا عارفة لذلك، أي نفسه، والعارفة الصابرة، ترسو: أي تثبت وتستقر، تطلع: تطلع نفس الجبان إلى حلقه من الفزع والخوف، البيت في "غريب الحديث" لأبي عبيد ١/ ١٥٥، "تهذيب اللغة" (صبر) ٢/ ١٩٧٢، "مقاييس اللغة" (صبر) ٣/ ٣٢٩، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ أ، "اللسان" (صبر) ٤/ ٢٣٩١، و (عرف) ٥/ ٢٨٩٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣١٧، "فتح القدير" ١/ ١٢٤، "ديوان عنترة" ص ٢٦٤.
(٦) انتهى كلام أبي عبيد، "غريب الحديث" ١/ ١٥٥، "تهذيب اللغة" (صبر) ٢/ ١٩٧٢.
451
ومعنى الآية: استعينوا بالصبر على أداء الفرائض واجتناب المحارم واحتمال الأذى وجهاد العدو وعلى المصائب والصلاة (١)، لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر.
وقال مجاهد: الصبر في هذه الآية الصوم، ويقال لشهر رمضان شهر الصبر، وللصائم صابر (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ﴾. قال الحسن والضحاك: ثقيلة (٣).
والأصل في ذلك أن ما يكبر (٤) يثقل على الإنسان حمله. فقيل لكل ما يصعب على النفس -وإن لم يكن من جهة الحمل-: يكبر عليها، كقوله: ﴿كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾ [الشورى: ١٣].
وقوله: (وإنها) ولم يقل: (وإنهما) بعد ذكر الصبر والصلاة، لأنه كنى
عن الأغلب والأفضل والأهم (٥)، وهو الصلاة، كقوله: {وَالَّذِينَ
وقال مجاهد: الصبر في هذه الآية الصوم، ويقال لشهر رمضان شهر الصبر، وللصائم صابر (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ﴾. قال الحسن والضحاك: ثقيلة (٣).
والأصل في ذلك أن ما يكبر (٤) يثقل على الإنسان حمله. فقيل لكل ما يصعب على النفس -وإن لم يكن من جهة الحمل-: يكبر عليها، كقوله: ﴿كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾ [الشورى: ١٣].
وقوله: (وإنها) ولم يقل: (وإنهما) بعد ذكر الصبر والصلاة، لأنه كنى
عن الأغلب والأفضل والأهم (٥)، وهو الصلاة، كقوله: {وَالَّذِينَ
(١) قال الثعلبي: واستعينوا على ما يستقبلكم من أنواع البلايا، وقيل: على طلب الآخرة بالصبر على أداء الفرائض، وبالصلاة على تحميص الذنوب "تفسير الثعلبى" ١/ ٦٨ ب، وعند الطبري الاستعانة تكون بالصبر والصلاة، ١/ ٢٥٩، وانظر: "معانى القرآن" للزجاج ١/ ٩٥، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٦، و"البغوي" ١/ ٨٩، "زاد المسير" ١/ ٧٥، و"ابن كثير" ١/ ٩٢ - ٩٣.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٩، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٣٨، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ أ، و" تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٧، و"تفسير البغوي" ١/ ٨٩، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٩٢.
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٦١، عن الضحاك في "تفسيره" ١/ ٢٦١، وذكره ابن الجوزى عن الحسن والضحاك، "زاد المسير" ١/ ٧٦، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٨، "تفسير القرطبي" ١/ ٣١٨.
(٤) في (أ)، (ج): (ماما يكبر) وأثبت ما في (ب)، لأنه هو الصواب.
(٥) في (ج): (الأعم).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٩، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٣٨، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ أ، و" تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٧، و"تفسير البغوي" ١/ ٨٩، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٩٢.
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٦١، عن الضحاك في "تفسيره" ١/ ٢٦١، وذكره ابن الجوزى عن الحسن والضحاك، "زاد المسير" ١/ ٧٦، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٨، "تفسير القرطبي" ١/ ٣١٨.
(٤) في (أ)، (ج): (ماما يكبر) وأثبت ما في (ب)، لأنه هو الصواب.
(٥) في (ج): (الأعم).
452
يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا} [التوبة: ٣٤] (١)، وقال: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ [الجمعة: ١١]، هذا قول المُؤَرِّج (٢).
وقال الأخفش (٣): الكناية راجعة إلى كل واحد منهما، أراد وإن كل خصلة منها لكبيرة، كقوله: ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً﴾ [المؤمنون: ٥٠]، أراد كل واحد منهما قال الشاعر (٤):
والْمُسْيُ والصُّبْحُ (٥) لاَ فَلَاحَ مَعَهْ (٦)
وقيل: رد الهاء إلى الصلاة، لأن الصبر داخل في الصلاة، كقوله: ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾ [التوبة: ٦٢]، لأن رضى الرسول داخل في رضى الله تعالى (٧). وقال حسان:
وقال الأخفش (٣): الكناية راجعة إلى كل واحد منهما، أراد وإن كل خصلة منها لكبيرة، كقوله: ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً﴾ [المؤمنون: ٥٠]، أراد كل واحد منهما قال الشاعر (٤):
والْمُسْيُ والصُّبْحُ (٥) لاَ فَلَاحَ مَعَهْ (٦)
وقيل: رد الهاء إلى الصلاة، لأن الصبر داخل في الصلاة، كقوله: ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾ [التوبة: ٦٢]، لأن رضى الرسول داخل في رضى الله تعالى (٧). وقال حسان:
| إِنَ شَرْخَ الشَّبَابِ والشَّعْرِ الأَسْـ | ـوَدِ ما لم يُعَاصَ كَانَ جُنُونَا (٨) |
(١) في الآية رد الكناية إلى الفضة، لأنها أعم وأغلب. "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ أ.
(٢) كلام المؤرج أورده الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٩/ أ. المؤرج هو أبو فَيْد مؤرِّج بن عمرو بن الحارث بن ثور السدوسي النحوي البصري، أخذ عن الخليل، توفي سنة خمس وتسعين ومائة، انظر ترجمته في: "طبقات النحويين واللغويين" للزبيدي ص ٧٥، "تاريخ بغداد" ١٣/ ٢٥٨، "وفيات الأعيان" ٥/ ٣٠٤، "إنباه الرواة" ٣/ ٣٢٧.
(٣) "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٥٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ أ.
(٤) هو الأضبط بن قريع السعدي.
(٥) في (ج): (الصباح).
(٦) سبق البيت وتخريجه في تفسير قوله تعالى: ﴿هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ [البقرة: ٥] ص ٨٤، والشاهد قوله: (معه) والمراد: "معهما".
(٧) فلم يقل (يرضوهما) الثعلبي ١/ ٦٩ أ.
(٨) قوله: شرخ الشباب: أوله، ما لم يعاص: أي ما لم يُعْصْ.
ورد البيت في "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ ب، "تهذيب اللغة" (شرح) ٢/ ١٨٥١، "تأويل المشكل" ص ٢٨٨، "مجاز القرآن" ١/ ٢٥٨، "اللسان" (شرخ) ٤/ ٢٢٢٩،=
(٢) كلام المؤرج أورده الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٩/ أ. المؤرج هو أبو فَيْد مؤرِّج بن عمرو بن الحارث بن ثور السدوسي النحوي البصري، أخذ عن الخليل، توفي سنة خمس وتسعين ومائة، انظر ترجمته في: "طبقات النحويين واللغويين" للزبيدي ص ٧٥، "تاريخ بغداد" ١٣/ ٢٥٨، "وفيات الأعيان" ٥/ ٣٠٤، "إنباه الرواة" ٣/ ٣٢٧.
(٣) "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٥٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ أ.
(٤) هو الأضبط بن قريع السعدي.
(٥) في (ج): (الصباح).
(٦) سبق البيت وتخريجه في تفسير قوله تعالى: ﴿هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ [البقرة: ٥] ص ٨٤، والشاهد قوله: (معه) والمراد: "معهما".
(٧) فلم يقل (يرضوهما) الثعلبي ١/ ٦٩ أ.
(٨) قوله: شرخ الشباب: أوله، ما لم يعاص: أي ما لم يُعْصْ.
ورد البيت في "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ ب، "تهذيب اللغة" (شرح) ٢/ ١٨٥١، "تأويل المشكل" ص ٢٨٨، "مجاز القرآن" ١/ ٢٥٨، "اللسان" (شرخ) ٤/ ٢٢٢٩،=
453
ولم يقل: يعاصيا، لأن الشَّعر الأسود داخل في الشباب (١).
وقال الحسين بن الفضل: رد الكناية إلى الاستعانة، لأن (استعينوا) يدل على المصدر (٢).
والأصل في هذا وأمثاله أن العرب تذكر شيئين، ثم تخبر عن أيهما شاءت، فتكتفي بالخبر عن أحدهما عن الثاني، لأن فيه دلالة على الثاني (٣) كقوله تعالى: ﴿فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ﴾ [البقرة: ٢٥٩]، وقوله: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا﴾ [النساء: ١١٢] وقول الشاعر:
وقال الحسين بن الفضل: رد الكناية إلى الاستعانة، لأن (استعينوا) يدل على المصدر (٢).
والأصل في هذا وأمثاله أن العرب تذكر شيئين، ثم تخبر عن أيهما شاءت، فتكتفي بالخبر عن أحدهما عن الثاني، لأن فيه دلالة على الثاني (٣) كقوله تعالى: ﴿فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ﴾ [البقرة: ٢٥٩]، وقوله: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا﴾ [النساء: ١١٢] وقول الشاعر:
| نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأَنْتَ بِمَا | عِنْدَكَ رَاضٍ والرَّأيُ مُخْتَلِفُ (٤) |
= "مقاييس اللغة" ٣/ ٢٦٩، "تفسير القرطبي" ١/ ٣١٩، "فتح القدير" ١/ ١٢٤، "البحر" ١/ ١٨٥، "الدر المصون" ١/ ٣٣١، "ديوان حسان" ص٢٥٢.
(١) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ أ، ب، "تأويل مشكل القرآن" ص ٢٨٨، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٧٩، و"القرطبي" ١/ ٣١٩، "البحر" ١/ ١٨٥، "الدر المصون" ١/ ٣٣٠.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ ب، "تفسير البغوي" ١/ ٨٩، وانظر: "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٧٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣١٩.
(٣) انظر: "مجاز القرآن" ١/ ٣٩، "تأويل مشكل القرآن" ص ٢٨٨، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٧٩.
(٤) اختلف في نسبة هذا البيت، فنسب لقيس بن الخَطِيم، وهو في ملحقات "ديوانه" ص١٧٣، ونسبه في "الخزانة" ٤/ ٢٧٥، لعمرو بن امرئ القيس، وكذا في "جمهرة أشعار العرب" ص ٢٣٧، ونسبه في "الإنصاف" ص ٨٥ إلى درهم بن زيد الأنصاري، وورد البيت في "الكتاب" ١/ ٧٥، "مجاز القرآن" ١/ ٣٩، "شرح أبيات سيبويه" لابن السيرافي ١/ ٢٧٩، "المقتضب" ٣/ ١١٢، "تهذيب اللغة" =
(١) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ أ، ب، "تأويل مشكل القرآن" ص ٢٨٨، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٧٩، و"القرطبي" ١/ ٣١٩، "البحر" ١/ ١٨٥، "الدر المصون" ١/ ٣٣٠.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ ب، "تفسير البغوي" ١/ ٨٩، وانظر: "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٧٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣١٩.
(٣) انظر: "مجاز القرآن" ١/ ٣٩، "تأويل مشكل القرآن" ص ٢٨٨، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٧٩.
(٤) اختلف في نسبة هذا البيت، فنسب لقيس بن الخَطِيم، وهو في ملحقات "ديوانه" ص١٧٣، ونسبه في "الخزانة" ٤/ ٢٧٥، لعمرو بن امرئ القيس، وكذا في "جمهرة أشعار العرب" ص ٢٣٧، ونسبه في "الإنصاف" ص ٨٥ إلى درهم بن زيد الأنصاري، وورد البيت في "الكتاب" ١/ ٧٥، "مجاز القرآن" ١/ ٣٩، "شرح أبيات سيبويه" لابن السيرافي ١/ ٢٧٩، "المقتضب" ٣/ ١١٢، "تهذيب اللغة" =
454
٤٥ - وقوله تعالى: ﴿إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾. أصل الخشوع في اللغة: السكون (١)، قال الله تعالى ﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ﴾ [طه: ١٠٨]، أي سكنت، ويقال: جدار خاشع، إذا تداعى واستوى مع الأرض (٢).
قال النابغة:
وَنُؤْيٌ كَجِذْمِ الحَوْضِ أَثْلَمُ خَاشِعُ (٣)
ومنه الحديث (كانت الكعبة خُشعة على الماء) (٤) أي: ساكنة، وهذا
قال النابغة:
وَنُؤْيٌ كَجِذْمِ الحَوْضِ أَثْلَمُ خَاشِعُ (٣)
ومنه الحديث (كانت الكعبة خُشعة على الماء) (٤) أي: ساكنة، وهذا
= ٣/ ٣٠٠٣، "اللسان" (فجر) ٦/ ٣٣٥١، و (قعد) ٦/ ٣٦٨٦، "مغنى اللبيب" ٢/ ٦٢٢، "الهمع" ٥/ ١٤٠، (معاهد التنصيص) ١/ ١٨٩، "تفسير القرطبي" ٨/ ١٢٧، "شرح ابن عقيل" ١/ ٢٤٤.
(١) انظر "تهذيب اللغة" (خشع) ١/ ١٠٣٤، قال ابن فارس "الخاء والشين والعين" أصل واحد يدل على التطامن... وهو قريب من الخضوع) ٢/ ١٢٨. ونحوه قال الطبري: (أصل الخشوع: التواضع والتذلل والاستكانة) "تفسير الطبري" ١/ ٢٦١.
(٢) "تهذيب اللغة" (خشع) ١/ ١٠٣٤.
(٣) من قصيدة للنابغة الذيباني يمدح النعمان وصدره:
رَماَدٌ كَكُحِل العين لَأْياً أُبِينُه
يقول من الآيات التي عرف بها الدار (رماد ككحل العين، لَاْياً أبينه (أي بصعوبة بطء أتبينه، و (النُّؤْيُّ): حاجز حول البيت لئلا يدخله الماء، و (الْجِذْم): أصل الشيء (أثلم): تثلم: تهدم، و (الخاشع): المطمئن اللاصق بالأرض، ورد البيت في "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ ب، "التهذيب" (خشع) ١/ ١٠٣٤، "اللسان" (خشع) ٢/ ١١٦٦، والقرطبي ١/ ٣٢٠، "ديوان النابغة" ص ٥٣.
(٤) أخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" بسنده عن عطاء عن ابن عباس، في رواية طويلة عن خلق الأرض وفيها (.. فبعث الله ريحًا هفافة فصفقت الماء فأبرز خشفة في موضع هذا البيت..) قال المحقق: (حشفة) في جميع الأصول "الأعلام"، ورواها ابن ظهيرة عن عمر بن شبة (خشعة) "أخبار مكة" ١/ ٣٢.
أخرجه الخطابي من طريق الأزرقي بنحوه، "غريب الحديث" ٢/ ٤٩٦، وذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٣٤، وابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" ٢/ ٣٥.
(١) انظر "تهذيب اللغة" (خشع) ١/ ١٠٣٤، قال ابن فارس "الخاء والشين والعين" أصل واحد يدل على التطامن... وهو قريب من الخضوع) ٢/ ١٢٨. ونحوه قال الطبري: (أصل الخشوع: التواضع والتذلل والاستكانة) "تفسير الطبري" ١/ ٢٦١.
(٢) "تهذيب اللغة" (خشع) ١/ ١٠٣٤.
(٣) من قصيدة للنابغة الذيباني يمدح النعمان وصدره:
رَماَدٌ كَكُحِل العين لَأْياً أُبِينُه
يقول من الآيات التي عرف بها الدار (رماد ككحل العين، لَاْياً أبينه (أي بصعوبة بطء أتبينه، و (النُّؤْيُّ): حاجز حول البيت لئلا يدخله الماء، و (الْجِذْم): أصل الشيء (أثلم): تثلم: تهدم، و (الخاشع): المطمئن اللاصق بالأرض، ورد البيت في "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ ب، "التهذيب" (خشع) ١/ ١٠٣٤، "اللسان" (خشع) ٢/ ١١٦٦، والقرطبي ١/ ٣٢٠، "ديوان النابغة" ص ٥٣.
(٤) أخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" بسنده عن عطاء عن ابن عباس، في رواية طويلة عن خلق الأرض وفيها (.. فبعث الله ريحًا هفافة فصفقت الماء فأبرز خشفة في موضع هذا البيت..) قال المحقق: (حشفة) في جميع الأصول "الأعلام"، ورواها ابن ظهيرة عن عمر بن شبة (خشعة) "أخبار مكة" ١/ ٣٢.
أخرجه الخطابي من طريق الأزرقي بنحوه، "غريب الحديث" ٢/ ٤٩٦، وذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٣٤، وابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" ٢/ ٣٥.
455
أصله في اللغة. ثم استعمل في أشياء تعود (١) إلى هذا الأصل، فقيل: خشعت الأرض، إذا لم تمطر، فلم تهتز (٢) بالنبات، قال الله تعالى: ﴿تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ﴾ (٣) [فصلت: ٣٩]. وخشع السنام، إذا ذهب شحمه وتطأطأ شرفه. وخشعت الأبصار، إذا سكنت ونظرت في الأرض من غير التفات. وقيل: للمطيع (٤) المخبت: خاشع، لسكونه إلى الطاعة (٥).
قال المفسرون وأصحاب المعاني: إن (٦) جميع العبادات داخلة تحت قوله: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ﴾ لأنه أراد الصبر عليها (٧)، ولكن خصت الصلاة بالذكر تخصيصا وتفضيلا (٨)، كقوله: ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ [الرحمن: ٦٨]، وقوله ﴿وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ [البقرة: ٩٨].
قال المفسرون وأصحاب المعاني: إن (٦) جميع العبادات داخلة تحت قوله: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ﴾ لأنه أراد الصبر عليها (٧)، ولكن خصت الصلاة بالذكر تخصيصا وتفضيلا (٨)، كقوله: ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ [الرحمن: ٦٨]، وقوله ﴿وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ [البقرة: ٩٨].
(١) في (ج): (يعود).
(٢) في (ب): (فتهتز).
(٣) وقد ورد سياق الآية في (أ)، (ج) (وترى) وهو تصحيف في الآية، وفي "تهذيب اللغة" وردت آية الحج: ﴿وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾ [الحج: ٥] انظر: "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٣٤، والواحدي نقل كلام عنه.
(٤) في (ج): (للماصع).
(٥) "تهذيب اللغة" (خشع) ١/ ١٠٣٤، وانظر: "مقاييس اللغة" (خشع) ٢/ ١٨٢، "اللسان" (خشع) ٢/ ١١٦٦.
(٦) (إن) ساقطة من (ب).
(٧) أكثر المفسرين على أن المراد الاستعانة بالصلاة مع الصبر، لا الاستعانة بالصبر عليها، وقد تقدم الكلام على ذلك، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٠، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٨، "الكشاف" ١/ ٢٧٧، و"القرطبي" ١/ ٣١٧.
(٨) خصت الصلاة بالاستعانة بها من بين سائر العبادات لفضلها ولما يتلى فيها، انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٥، و"القرطبي" ١/ ٣١٧.
(٢) في (ب): (فتهتز).
(٣) وقد ورد سياق الآية في (أ)، (ج) (وترى) وهو تصحيف في الآية، وفي "تهذيب اللغة" وردت آية الحج: ﴿وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾ [الحج: ٥] انظر: "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٣٤، والواحدي نقل كلام عنه.
(٤) في (ج): (للماصع).
(٥) "تهذيب اللغة" (خشع) ١/ ١٠٣٤، وانظر: "مقاييس اللغة" (خشع) ٢/ ١٨٢، "اللسان" (خشع) ٢/ ١١٦٦.
(٦) (إن) ساقطة من (ب).
(٧) أكثر المفسرين على أن المراد الاستعانة بالصلاة مع الصبر، لا الاستعانة بالصبر عليها، وقد تقدم الكلام على ذلك، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٠، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٨، "الكشاف" ١/ ٢٧٧، و"القرطبي" ١/ ٣١٧.
(٨) خصت الصلاة بالاستعانة بها من بين سائر العبادات لفضلها ولما يتلى فيها، انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٥، و"القرطبي" ١/ ٣١٧.
456
وعلى قول من يقول: الصبر هو الصوم (١)، فإنما خص الصوم والصلاة، لأن القوم إنما كان يمنعهم عن الإسلام الشره وخوف ذهاب مأكلتهم (٢) وحب الرئاسة وخوف زوالها، فأمروا بالصوم الذي يذهب الشره (٣)، وبالصلاة التي تورث الخشوع وتنفي الكبر والشرف (٤). وأريد بالصلاة الصلاة التي معها الإيمان بحمد ﷺ لأنها كانت تكبر (٥) على (٦) الكفار (٧). وعند أكثر أهل العلم أن الآية خطاب لأهل الكتاب (٨)، وهو مع ذلك أدب لجميع العباد (٩). وقال بعضهم: يرجع هذا القول إلى خطاب المسلمين فأمروا أن يستعينوا على ما يطلبونه من رضا الله وثوابه ونيل (١٠) جنته بالصبر على أداء فرائضه، والقول الأول أظهر (١١).
(١) هو قول مجاهد كما سبق.
(٢) في (ب): (مآكلهم) ولعله أولى.
(٣) في (ج): (الشر).
(٤) (الشرف) كذا جاءت في جميع النسخ ولعل المراد حب الرئاسة والشرف المذموم. انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٥، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٨، "زاد المسير" ١/ ٧٥، و"تفسير الرازي" ٣/ ٤٩.
(٥) في (أ): (تكفر) وما في (ب، ج) هو المثبت وهو الصواب.
(٦) في (ب): (عن).
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٥.
(٨) انظر: "الطبري" ١/ ٢٦١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٥، "زاد المسير" ١/ ٧٥، "تفسير الرازي" ٣/ ٤٨، "تفسير الخازن" ١/ ١١٨، و"ابن كثير" ١/ ٩٣.
(٩) قال ابن كثير: (الظاهر أن الآية وإن كانت خطابا في سياق إنذار بني إسرائيل فإنهم لم يقصدوا بها على سبيل التخصيص، وإنما هي عامة لهم ولغيرهم) ١/ ٩٣.
(١٠) في (ج): (قبل).
(١١) انظر: "تفسير الرازي" ٣/ ٤٨، و"تفسير الخازن" ١/ ١١٨، "البحر" ١/ ١٨٥.
(٢) في (ب): (مآكلهم) ولعله أولى.
(٣) في (ج): (الشر).
(٤) (الشرف) كذا جاءت في جميع النسخ ولعل المراد حب الرئاسة والشرف المذموم. انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٥، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٨، "زاد المسير" ١/ ٧٥، و"تفسير الرازي" ٣/ ٤٩.
(٥) في (أ): (تكفر) وما في (ب، ج) هو المثبت وهو الصواب.
(٦) في (ب): (عن).
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٥.
(٨) انظر: "الطبري" ١/ ٢٦١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٥، "زاد المسير" ١/ ٧٥، "تفسير الرازي" ٣/ ٤٨، "تفسير الخازن" ١/ ١١٨، و"ابن كثير" ١/ ٩٣.
(٩) قال ابن كثير: (الظاهر أن الآية وإن كانت خطابا في سياق إنذار بني إسرائيل فإنهم لم يقصدوا بها على سبيل التخصيص، وإنما هي عامة لهم ولغيرهم) ١/ ٩٣.
(١٠) في (ج): (قبل).
(١١) انظر: "تفسير الرازي" ٣/ ٤٨، و"تفسير الخازن" ١/ ١١٨، "البحر" ١/ ١٨٥.
457
٤٦ - وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ الآية. أبو عبيد (١) عن أبي عبيدة قال: (الظن) يقين وشك (٢)، وأنشد:
البيت لابن مقبل، وفسر الظن فيه بالوجهين، فقال: أبو عبيدة يقول: اليقين فيهم كعسى، وعسى شك (٤). وقال شمر عن أبي عمرو الشيباني: معناه ما يظن بهم من الخير فهو واجب، وعسى من الله واجب (٥).
والعرب تقول لليقين: ظن، وللشك: ظن (٦)، لأن في الظن طرفا (٧)
| ظَنِّي بِهِمْ كَعَسَى وَهُمْ بِتَنوُفَةٍ | يَتَنَازَعُونَ جَوَانِبَ الأَمْيَالِ (٣) |
والعرب تقول لليقين: ظن، وللشك: ظن (٦)، لأن في الظن طرفا (٧)
(١) في (ب): (أبو عبيدة).
(٢) "مجاز القرآن" ١/ ٣٩، "التهذيب" (ظن) ٣/ ٢٢٥٣، "الأضداد" لابن الأنباري ص١٤، والأصمعي ص ٣٤، والسجستاني ص ٧٧، وابن السكيت ص ١٨٨، والصغاني ص ٢٣٨ (ضمن ثلاثة كتب في الأضداد).
(٣) يروى البيت (ظن) و (ظنوا) بدل (ظني) وفي "الجمهرة": (عهدي بهم) في موضع: (ظني بهم) وفي عدد من المصادر "جوائز الأمثال" وفي "الجمهرة" (جوائب) ويروى (سوائر). ولم أجد رواية (جوانب الأميال) والتنوفة: الفلاة، يتنازعون، يتجاذبون، جوائز الأمثال: (الأمثال السائرة) في البلاد، وبمعناه: (جوائب الأمثال) من جاب يجوب. ورد البيت في "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٣، "الأضداد" للأصمعي ص ٣٥، والسجستاني ص ٩٥، وابن السكيت ص ١٨٨، "تهذيب اللغة" (ظن) ٣/ ٢٢٥٣، "اللسان" ٢/ ٧٢٤ (جوز)، و٥/ ٢٧٦٢ (ظن)، و٥/ ٢٩٥٠ (عسا)، "الجمهرة" ١/ ١٥٤، ٢/ ٩٣٥، "الخزانة" ٩/ ٣٣٣.
(٤) "تهذيب اللغة" (ظن) ٣/ ٢٢٥٣.
(٥) "تهذيب اللغة" (ظن) ٣/ ٢٢٥٣، وانظر: "الأضداد" لابن السكيت ص ١٨٨، "الخزانة" ٩/ ٣١٣.
(٦) قوله: (وللشك ظن) ساقط من (ب).
(٧) في (ج): (طرف).
(٢) "مجاز القرآن" ١/ ٣٩، "التهذيب" (ظن) ٣/ ٢٢٥٣، "الأضداد" لابن الأنباري ص١٤، والأصمعي ص ٣٤، والسجستاني ص ٧٧، وابن السكيت ص ١٨٨، والصغاني ص ٢٣٨ (ضمن ثلاثة كتب في الأضداد).
(٣) يروى البيت (ظن) و (ظنوا) بدل (ظني) وفي "الجمهرة": (عهدي بهم) في موضع: (ظني بهم) وفي عدد من المصادر "جوائز الأمثال" وفي "الجمهرة" (جوائب) ويروى (سوائر). ولم أجد رواية (جوانب الأميال) والتنوفة: الفلاة، يتنازعون، يتجاذبون، جوائز الأمثال: (الأمثال السائرة) في البلاد، وبمعناه: (جوائب الأمثال) من جاب يجوب. ورد البيت في "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٣، "الأضداد" للأصمعي ص ٣٥، والسجستاني ص ٩٥، وابن السكيت ص ١٨٨، "تهذيب اللغة" (ظن) ٣/ ٢٢٥٣، "اللسان" ٢/ ٧٢٤ (جوز)، و٥/ ٢٧٦٢ (ظن)، و٥/ ٢٩٥٠ (عسا)، "الجمهرة" ١/ ١٥٤، ٢/ ٩٣٥، "الخزانة" ٩/ ٣٣٣.
(٤) "تهذيب اللغة" (ظن) ٣/ ٢٢٥٣.
(٥) "تهذيب اللغة" (ظن) ٣/ ٢٢٥٣، وانظر: "الأضداد" لابن السكيت ص ١٨٨، "الخزانة" ٩/ ٣١٣.
(٦) قوله: (وللشك ظن) ساقط من (ب).
(٧) في (ج): (طرف).
458
من اليقين (١). قال الله تعالى: ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (٢٠)﴾ [الحاقة: ٢٠]، وقال: ﴿وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا﴾ [الكهف: ٥٣]، وقال (٢): ﴿إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا﴾ [البقرة: ٢٣٠] كل هذا بمعنى اليقين (٣).
وقال دريد بن (٤) الصمة:
أي: أيقنوا.
وحكى الزجاج عن بعض أهل اللغة: أن الظن يقع في معنى العلم [الذي لم تشاهده، وإن كان قد قام في نفسك حقيقة (٦).
وقال دريد بن (٤) الصمة:
| فَقُلْتُ لَهُمْ ظُنُّوا بَأَلْفَيْ مُدَجَّجٍ | سَرَاتُهُمُ فِي الفَارِسِيِّ المُسَرَّدِ (٥) |
وحكى الزجاج عن بعض أهل اللغة: أن الظن يقع في معنى العلم [الذي لم تشاهده، وإن كان قد قام في نفسك حقيقة (٦).
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٢.
(٢) في (أ)، (ج): (وان ظنا) بسقوط (قال).
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٢، "تهذيب اللغة" (ظن) ٣/ ٢٢٥٣، "الأضداد" لابن الأنباري ص ١٤.
(٤) (بن) ساقط من (ج). ودريد: مصغر: أدرد واسمه معاوية بن الحارث من هوازن، كان شجاعا شاعرًا فحلًا، قتل في حنين مشركًا. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٥٠٤، "الخزانة" ١١/ ١١٨.
(٥) ظنوا: أيقنوا، و (المدجج): التام السلاح، سَرَاتُهم: خيارهم وأشرافهم، الفارسي المسرد: الدروع. ورد البيت في "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٢. "المجاز" ١/ ٤٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٦، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ ب، "الأصمعيات" ص ١٩٩، "الأضداد" لابن الأنباري ص ١٤، "الجمل" للزجاجي ص ١٩٩، "جمهرة أشعار العرب" ص٢١١، "اللسان" (ظن) ٥/ ٢٧٦٢، "شرح المفصل" ٧/ ٨١، "الخزانة" ١١/ ٢٧٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٢١، "فتح القدير" ١/ ١٢٥، "ديوان دريد" ص ٤٧.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٦. وقال: وهذا مذهب، إِلا أن أهل اللغة لم يذكروا هذا. قال أبو إسحاق: وهذا سمعته من إسماعيل بن إسحاق القاضي -رحمه الله- رواه عن زيد بن أسلم.
(٢) في (أ)، (ج): (وان ظنا) بسقوط (قال).
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٢، "تهذيب اللغة" (ظن) ٣/ ٢٢٥٣، "الأضداد" لابن الأنباري ص ١٤.
(٤) (بن) ساقط من (ج). ودريد: مصغر: أدرد واسمه معاوية بن الحارث من هوازن، كان شجاعا شاعرًا فحلًا، قتل في حنين مشركًا. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ٥٠٤، "الخزانة" ١١/ ١١٨.
(٥) ظنوا: أيقنوا، و (المدجج): التام السلاح، سَرَاتُهم: خيارهم وأشرافهم، الفارسي المسرد: الدروع. ورد البيت في "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٢. "المجاز" ١/ ٤٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٦، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ ب، "الأصمعيات" ص ١٩٩، "الأضداد" لابن الأنباري ص ١٤، "الجمل" للزجاجي ص ١٩٩، "جمهرة أشعار العرب" ص٢١١، "اللسان" (ظن) ٥/ ٢٧٦٢، "شرح المفصل" ٧/ ٨١، "الخزانة" ١١/ ٢٧٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٢١، "فتح القدير" ١/ ١٢٥، "ديوان دريد" ص ٤٧.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٦. وقال: وهذا مذهب، إِلا أن أهل اللغة لم يذكروا هذا. قال أبو إسحاق: وهذا سمعته من إسماعيل بن إسحاق القاضي -رحمه الله- رواه عن زيد بن أسلم.
459
وقال أبو عباس: إذا كانت براهين العلم] (١) أكثر من اعتراضات الشك، كان الظن يقينًا وعلمًا. وإذا كانت اعتراضات الشك أكثر من اعتراضات اليقين كان الظن كذباً. وإذا كانت اعتراضات اليقين واعتراضات الشك سواء كان ذلك ظنا، أي: كان الظن شكا (٢).
وقال الليث: الظن يكون (٣) اسما ومصدرا، تقول: ظننت ظنا، هذا مصدر، وتقول (٤): ظني به حسن، وما هذه الظنون، لما صيرته اسمًا جمعته، كقول النابغة (٥):
وحدُّ الظن: الشك الذي يرجح (٧) فيه أحد النقيضين على الآخر، الظن: اليقين، لأنه يقوي أحد النقيضين بعد الشك حتى يصير إلى اليقين (٨)، وقد أفصح عن ذلك أوس بن حجر في قوله:
وقال الليث: الظن يكون (٣) اسما ومصدرا، تقول: ظننت ظنا، هذا مصدر، وتقول (٤): ظني به حسن، وما هذه الظنون، لما صيرته اسمًا جمعته، كقول النابغة (٥):
| أَتَيتُك عَارِيًا خَلَقًا ثِيَابِي | عَلَى خَوْفٍ تُظَنُّ بِيَ الظُّنُونُ (٦) |
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج)، والعبارة في (أ): (أن الظن يقع في معنى العلم أكثر من..) وفي (ج): (يقع في معنى العلم اعتراضات العلم.... (وعدم استقامة السياق يدل على المحذوف، وما في "معاني القرآن" للزجاج يدل على ما ذكر، ١/ ٩٦.
(٢) ذكره ابن الأنباري في (الأضداد) مع اختلاف العبارة ص ١٦.
(٣) في (ج): (يكو).
(٤) في (أ)، (ج): (يقول) مع سقوط الواو.
(٥) هو الذبياني.
(٦) ورد البيت في "الشعر والشعراء" ص ٨٤، وفي "تهذيب اللغة" (عرا) ٣/ ٢٣٧٣، وفيه (على عجل) بدل (خوف)، وورد الشطر الأول في "اللسان" (عرا) ٥/ ٢٩٨، وهو في "ديوان النابغة" ص ٧٣، وفيه (فجئتك).
(٧) في (ب): (ترحح).
(٨) انظر: "الوجوه والنظائر" لابن الجوزي ص ٤٢٤.
(٢) ذكره ابن الأنباري في (الأضداد) مع اختلاف العبارة ص ١٦.
(٣) في (ج): (يكو).
(٤) في (أ)، (ج): (يقول) مع سقوط الواو.
(٥) هو الذبياني.
(٦) ورد البيت في "الشعر والشعراء" ص ٨٤، وفي "تهذيب اللغة" (عرا) ٣/ ٢٣٧٣، وفيه (على عجل) بدل (خوف)، وورد الشطر الأول في "اللسان" (عرا) ٥/ ٢٩٨، وهو في "ديوان النابغة" ص ٧٣، وفيه (فجئتك).
(٧) في (ب): (ترحح).
(٨) انظر: "الوجوه والنظائر" لابن الجوزي ص ٤٢٤.
460
| الأَلمَعِيُّ الذِي يَظُنُ لَكَ الظَّـ | ـنَّ كَمَنْ قَدْ رَأى وَقَدْ سَمِعَا (١) |
وسئل أبو عمرو بن العلاء عن الظن، فقال: النظر في المطلوب بضرب من الأمارة، بمعنى أن الأمارة لما كانت مترددة بين يقين وشك، فتقرب (٧)
(١) البيت من قصيدة لأوس بن حجر يرثي بها فضالة بن كلدة، ويروي البيت (كأن) بدل (كمن)، وقوله: (الألمعي): المتوقد ذكاء. ورد البيت في (الخصائص) ٢/ ١١٢، "المصون في الأدب" ص ١٢٣، (عيون الأخبار) ١/ ٩١، "معاهد التنصيص" ١/ ١٢٨، "ديوان أوس" ص ٥٣.
(٢) في (ج): (وحقيقة)
(٣) انظر: "الأضداد" لابن الأنباري ص ١٤، "الأضداد" لقطرب ص ٧١، "الأضداد" للأصمعي ص ٣٤، وللسجستاني ص ٧٦، ولابن السكيت ص ١٨٨، (والثلاثة الأخيرة ضمن ثلاثة كتب في الأضداد) "تهذيب اللغة" (ظن) ٣/ ٢٢٥٣، "اللسان" (ظن) ٥/ ٢٧٦٢.
(٤) في (ج): (يوو).
(٥) في (أ)، (ج): (فإن)، وأثبت ما في (ب) لأنه أولى في السياق
(٦) انظر: "غريب الحديث" للخطابي ٣/ ٢٦، "اللسان" (ظن) ٥/ ٢٧٦٢.
(٧) في (أ): (فنفرت)، وفي (ج): (فيقرب) وأثبت ما في (ب).
(٢) في (ج): (وحقيقة)
(٣) انظر: "الأضداد" لابن الأنباري ص ١٤، "الأضداد" لقطرب ص ٧١، "الأضداد" للأصمعي ص ٣٤، وللسجستاني ص ٧٦، ولابن السكيت ص ١٨٨، (والثلاثة الأخيرة ضمن ثلاثة كتب في الأضداد) "تهذيب اللغة" (ظن) ٣/ ٢٢٥٣، "اللسان" (ظن) ٥/ ٢٧٦٢.
(٤) في (ج): (يوو).
(٥) في (أ)، (ج): (فإن)، وأثبت ما في (ب) لأنه أولى في السياق
(٦) انظر: "غريب الحديث" للخطابي ٣/ ٢٦، "اللسان" (ظن) ٥/ ٢٧٦٢.
(٧) في (أ): (فنفرت)، وفي (ج): (فيقرب) وأثبت ما في (ب).
461
تارة (١) من طرف الشك وتارة من طرف اليقين صار (٢) أهل اللغة يفسرونه بهما (٣).
وقال الأخفش في قوله: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾: إنما استعمل الظن بمعنى العلم في هذا الموضع لأمرين: أحدهما: أنه تنبيه أن علم أكثر الناس بالله في الدنيا، بالإضافة إلى علمه به في الآخرة كالظن في جنب العلم.
والثاني. أن العلم الحقيقي في الدنيا بأمور الآخرة لا يكاد يحصل إلا للنبيين والصديقين.
(والملاقاة) و (اللقاء) يحتمل معاني العيان والاجتماع والمحاذاة، والمصير (٤).
كقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا﴾ [يونس: ٧]، أي المصير إلينا، وقال: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ﴾ [الجمعة: ٨]، أي مجتمع معكم وصائر إليكم.
قال ابن عباس: يريد الذين يستيقنون أنهم مبعوثون، وأنهم محاسبون، وأنهم راجعون إلى الله سبحانه (٥).
و (اللقاء) و (الملاقاة) حيث ذكر في القرآن يحمله المفسرون على
وقال الأخفش في قوله: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾: إنما استعمل الظن بمعنى العلم في هذا الموضع لأمرين: أحدهما: أنه تنبيه أن علم أكثر الناس بالله في الدنيا، بالإضافة إلى علمه به في الآخرة كالظن في جنب العلم.
والثاني. أن العلم الحقيقي في الدنيا بأمور الآخرة لا يكاد يحصل إلا للنبيين والصديقين.
(والملاقاة) و (اللقاء) يحتمل معاني العيان والاجتماع والمحاذاة، والمصير (٤).
كقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا﴾ [يونس: ٧]، أي المصير إلينا، وقال: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ﴾ [الجمعة: ٨]، أي مجتمع معكم وصائر إليكم.
قال ابن عباس: يريد الذين يستيقنون أنهم مبعوثون، وأنهم محاسبون، وأنهم راجعون إلى الله سبحانه (٥).
و (اللقاء) و (الملاقاة) حيث ذكر في القرآن يحمله المفسرون على
(١) (تارة) ساقط من (ب).
(٢) قوله: (اليقين صار) ساقط من (ب).
(٣) انظر: "مفردات الراغب" ص ٣١٧.
(٤) انظر: "مقاييس اللغة" (لقى) ٥/ ٢٦١، "الفائق" ٣/ ٣٢٥، "مفردات الراغب" ص ٤٥٣، "اللسان" (لقا) ٧/ ٤٠٦٤.
(٥) أورده الواحدي في "الوسيط" عن ابن عباس، ولم أجده عند غيره فيما اطلعت عليه والله أعلم، وبمعناه عن السدي وابن جريج، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٣، و"تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ١٠٣.
(٢) قوله: (اليقين صار) ساقط من (ب).
(٣) انظر: "مفردات الراغب" ص ٣١٧.
(٤) انظر: "مقاييس اللغة" (لقى) ٥/ ٢٦١، "الفائق" ٣/ ٣٢٥، "مفردات الراغب" ص ٤٥٣، "اللسان" (لقا) ٧/ ٤٠٦٤.
(٥) أورده الواحدي في "الوسيط" عن ابن عباس، ولم أجده عند غيره فيما اطلعت عليه والله أعلم، وبمعناه عن السدي وابن جريج، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٣، و"تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ١٠٣.
462
البعث والمصير إلى الله كقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا﴾ [يونس: ٧]، وقوله: ﴿بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ﴾ [السجدة: ١٠]، ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا﴾ [الفرقان: ٢١].
ولا يمكن حمل الملاقاة في هذه الآية على المعاينة والرؤية (١)، لأن أحداً لا يستيقن (٢) أنه يرى ربه ويعاينه، بل كل واحد منا يرجو ذلك من فضل الله أن يرزقه. وقد فسر الظن هاهنا بمعنى اليقين (٣) فيحمل اللقاء على ما فسره ابن عباس (٤)، ورحمة الله (٥).
وقال أبو علي: معنى قوله: ﴿مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ ملاقو ثواب ربهم (٦)،
ولا يمكن حمل الملاقاة في هذه الآية على المعاينة والرؤية (١)، لأن أحداً لا يستيقن (٢) أنه يرى ربه ويعاينه، بل كل واحد منا يرجو ذلك من فضل الله أن يرزقه. وقد فسر الظن هاهنا بمعنى اليقين (٣) فيحمل اللقاء على ما فسره ابن عباس (٤)، ورحمة الله (٥).
وقال أبو علي: معنى قوله: ﴿مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ ملاقو ثواب ربهم (٦)،
(١) قال بعض المفسرين: إن المراد بالملاقاة في الآية: الرؤية. انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ ب، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٩، و"تفسير البغوي" ١/ ٩٥، "لباب التفسير" للكرماني ١/ ٢٢٧، "البحر" ١/ ١٨٦.
(٢) في (ج): (الاستيقان).
(٣) وعلى هذا أكثر المفسرين، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٣، و"تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ١٠٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٦، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩/ ب، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٩، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٩٣.
(٤) أي: أن المراد به البعث والرجعة إلى الله والجزاء على ما عملوا. انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٦، و"ابن عطية" ١/ ٢٧٩، و"البغوي" ١/ ٦٩، و"ابن كثير" ١/ ٩٣، "البحر" ١/ ١٨٦.
(٥) لفظ الجلالة غير موجود في (ب).
(٦) ذكر هذا التقدير بعض المفسرين كابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٧٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٢١، وأبو حيان في "البحر" ١/ ١٨٦، وإن كانت الآية محتملة له، فالأولى عدم صرفها عن ظاهرها كما قال أبو حيان، وقد قالت المعتزلة بنفي رؤية الله تعالى في الآخرة. وقالوا: لفظ اللقاء لا يفيد الرؤية وأولوا الآية على أن المراد: ملاقو ثواب ربهم، كما قال الزمخشري في "الكشاف" ١/ ٢٧٨، فإن قصد بتأويل الآية على هذا نفي الرؤية فهو مردود، انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٩، "تفسير الرازي" ٣/ ٥١، "البحر" ١/ ١٨٦.
(٢) في (ج): (الاستيقان).
(٣) وعلى هذا أكثر المفسرين، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٣، و"تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ١٠٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٦، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩/ ب، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٩، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٩٣.
(٤) أي: أن المراد به البعث والرجعة إلى الله والجزاء على ما عملوا. انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٦، و"ابن عطية" ١/ ٢٧٩، و"البغوي" ١/ ٦٩، و"ابن كثير" ١/ ٩٣، "البحر" ١/ ١٨٦.
(٥) لفظ الجلالة غير موجود في (ب).
(٦) ذكر هذا التقدير بعض المفسرين كابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٧٩، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٢١، وأبو حيان في "البحر" ١/ ١٨٦، وإن كانت الآية محتملة له، فالأولى عدم صرفها عن ظاهرها كما قال أبو حيان، وقد قالت المعتزلة بنفي رؤية الله تعالى في الآخرة. وقالوا: لفظ اللقاء لا يفيد الرؤية وأولوا الآية على أن المراد: ملاقو ثواب ربهم، كما قال الزمخشري في "الكشاف" ١/ ٢٧٨، فإن قصد بتأويل الآية على هذا نفي الرؤية فهو مردود، انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٩، "تفسير الرازي" ٣/ ٥١، "البحر" ١/ ١٨٦.
463
خلاف من وصف (١) بقوله: ﴿لَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا﴾ [البقرة: ٢٦٤]، وقوله: ﴿إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾ [النور: ٣٩]، ومثله: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ﴾ [البقرة: ٢٢٣]، أي: ملاَقو جزائه إن ثوابا، وإن عقابا.
وأراد (ملاقون ربهم) لأنه فيما يستقبل فتثبت (٢) النون (٣)، لأنك تقول: هو ضارب زيدا، إذا كان فيما يستقبل؛ وإذا كان قد مضى حذفت التنوين (٤) لا غير، ويجوز حذفه أيضا وإن كان لما يستقبل، كقوله: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ (٥) و ﴿إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ﴾ [الدخان: ١٥] و ﴿إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ﴾ [العنكبوت: ٣٣] نصبت (٦) (وأهلك) على تقدير النون (٧).
وأراد (ملاقون ربهم) لأنه فيما يستقبل فتثبت (٢) النون (٣)، لأنك تقول: هو ضارب زيدا، إذا كان فيما يستقبل؛ وإذا كان قد مضى حذفت التنوين (٤) لا غير، ويجوز حذفه أيضا وإن كان لما يستقبل، كقوله: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ (٥) و ﴿إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ﴾ [الدخان: ١٥] و ﴿إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ﴾ [العنكبوت: ٣٣] نصبت (٦) (وأهلك) على تقدير النون (٧).
(١) في (ب): (من وصفه). والمعنى: يقول: إن المذكورين في قوله: ﴿مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ لهم ثواب يلقونه، أما الذين ذكرهم الله بقوله: ﴿لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا﴾ فليس لهم ثواب يلقونه.
(٢) في (ب): (فيثبت).
(٣) اسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي يضاف لما بعده وتحذف النون، وإذا كان بمعنى الاستقبال أو الحال فعند البصريين لا يضاف، ولهذا قالوا هنا: إن النون حذفت تخفيفا، ثم تتمكن به الإضافة، وهي إضافة غير محضة. أما عند الكوفيين فيجوز إضافته ولو كان بمعنى الاستقبال، انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٥٤، و"تفسير الطبري" ٣/ ٢٦٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٧، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٠.
(٤) في (ب): (النون).
(٥) آل عمران: ١٨٥، والأنبياء: ٣٥، والعنكبوت: ٥٧.
(٦) في (ب): (نصب).
(٧) أي على تقدير أن النون لم تحذف للإضافة، وأهلك منصوب بالعطف على الكاف في (منجوك)، وقيل: أهلك منصوب بفعل مقدر، أي وننجي أهلك، وهذا عند من جعل الكاف في موضع جرّ، انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٥٥، "البحر" ١/ ١٥١.
(٢) في (ب): (فيثبت).
(٣) اسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي يضاف لما بعده وتحذف النون، وإذا كان بمعنى الاستقبال أو الحال فعند البصريين لا يضاف، ولهذا قالوا هنا: إن النون حذفت تخفيفا، ثم تتمكن به الإضافة، وهي إضافة غير محضة. أما عند الكوفيين فيجوز إضافته ولو كان بمعنى الاستقبال، انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٥٤، و"تفسير الطبري" ٣/ ٢٦٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٧، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٠.
(٤) في (ب): (النون).
(٥) آل عمران: ١٨٥، والأنبياء: ٣٥، والعنكبوت: ٥٧.
(٦) في (ب): (نصب).
(٧) أي على تقدير أن النون لم تحذف للإضافة، وأهلك منصوب بالعطف على الكاف في (منجوك)، وقيل: أهلك منصوب بفعل مقدر، أي وننجي أهلك، وهذا عند من جعل الكاف في موضع جرّ، انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٥٥، "البحر" ١/ ١٥١.
464
وإنما كان كذلك (١) لأن الفعل الماضي لم يشابه (٢) الاسم، ولذلك (٣) بني، فالاسم الذي (٤) بمعناه وجب أيضًا أن لا يزال عن أصله، وأصل الأسماء أن تعمل إلا جرّاً، فبقى اسم الفاعل إذا أريد به الماضي على أصله، وإذا أريد به الحال والاستقبال حمل على المضارع لما (٥) بينهما من الشبه، وجاز الجر به إذا أريد به الاستقبال وإن استقرت مشابهته للفعل، لأنه لم يخرج عن حكم الاسمية، لأجل (٦) كونه اسما جاز أن يجر ما بعده، ولأجل ما بينه وبين المضارع من الشبه جاز أن ينصب (٧).
وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾. أي يصدقون بالبعث ولا يكذبون.
ومعنى (إليه): إلى أمره وإحيائه ومسألته (٨)، لأنهم لم يخرجوا عن قبضته قط، وملكته ومثله قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ﴾ [الفرقان: ٤٥] أراد إلى أمر ربك (٩)، والمعنى في الجملة إنهم يقرون بالنشأة الثانية،
وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾. أي يصدقون بالبعث ولا يكذبون.
ومعنى (إليه): إلى أمره وإحيائه ومسألته (٨)، لأنهم لم يخرجوا عن قبضته قط، وملكته ومثله قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ﴾ [الفرقان: ٤٥] أراد إلى أمر ربك (٩)، والمعنى في الجملة إنهم يقرون بالنشأة الثانية،
(١) قوله: وإنما كان كذلك.. الخ هذا تعليل لإضافة اسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي، وعدم، إضافته إذا كان بمعنى الحال والاستقبال.
(٢) في (ب): (يشابهه).
(٣) في (ب): (كذلك).
(٤) أي اسم الفاعل الذي بمعنى الماضي.
(٥) في (أ)، (ج): (إلى) وأثبت ما في (ب)، لأنه الصواب.
(٦) في (ب): ولاجله.
(٧) هذا التعليل على مذهب الكوفيين، أما البصريون فيقولون: تحذف النون أو التنوين منه استثقالاً، وهو مراد، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٣، و"ابن عطية" ١/ ٢٨٠.
(٨) وقيل: الضمير يرجع إلى الله تعالى. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٤، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٠، "البيان" ١/ ٨٠، و"القرطبي" ١/ ٣٢١، "البحر" ١/ ١٨٧.
(٩) قال ابن جرير: (ألم تر يا محمد كيف مد ربك الظل) ١٩/ ١٨، وقال البغوي: (ألم تر إلى مد ربك الظل) ٦/ ٨٦.
(٢) في (ب): (يشابهه).
(٣) في (ب): (كذلك).
(٤) أي اسم الفاعل الذي بمعنى الماضي.
(٥) في (أ)، (ج): (إلى) وأثبت ما في (ب)، لأنه الصواب.
(٦) في (ب): ولاجله.
(٧) هذا التعليل على مذهب الكوفيين، أما البصريون فيقولون: تحذف النون أو التنوين منه استثقالاً، وهو مراد، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٣، و"ابن عطية" ١/ ٢٨٠.
(٨) وقيل: الضمير يرجع إلى الله تعالى. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٤، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٠، "البيان" ١/ ٨٠، و"القرطبي" ١/ ٣٢١، "البحر" ١/ ١٨٧.
(٩) قال ابن جرير: (ألم تر يا محمد كيف مد ربك الظل) ١٩/ ١٨، وقال البغوي: (ألم تر إلى مد ربك الظل) ٦/ ٨٦.
465
فجعل رجوعهم بعد الموت إلى المحشر رجوعا إليه (١).
وقال بعض أهل العلم: معنى الرجوع هاهنا العود (٢) إلى الحال الأولى، فمعنى: ﴿وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ أنهم يرجعون إلى أن لا يكون لهم مالك سواه، يملك نفعهم وضرهم كما كانوا في بدء (٣) الخلق، لأنهم في أيام حياتهم قد يملك غيرهم الحكم عليهم (٤).
٤٧ - قوله تعالى: ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾. (التفضيل) نقيض التسوية، يقال: فضله إذا أعطاه الزيادة، وفضله إذا حكم له بالزيادة في الفضل. و (التفضل) لبس المفضل من الثوب، وهو ما يتخفف به الإنسان في بيته، ورجل فُضُل متفضل (٥)، ومنه:
...... إِلَّا لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ (٦)
وقال بعض أهل العلم: معنى الرجوع هاهنا العود (٢) إلى الحال الأولى، فمعنى: ﴿وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ أنهم يرجعون إلى أن لا يكون لهم مالك سواه، يملك نفعهم وضرهم كما كانوا في بدء (٣) الخلق، لأنهم في أيام حياتهم قد يملك غيرهم الحكم عليهم (٤).
٤٧ - قوله تعالى: ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾. (التفضيل) نقيض التسوية، يقال: فضله إذا أعطاه الزيادة، وفضله إذا حكم له بالزيادة في الفضل. و (التفضل) لبس المفضل من الثوب، وهو ما يتخفف به الإنسان في بيته، ورجل فُضُل متفضل (٥)، ومنه:
...... إِلَّا لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ (٦)
(١) أخرج ابن جرير عن أبي العالية: قال: (يستيقنون أنهم يرجعون إليه يوم القيامة) قال ابن جرير: (وقال آخرون: أنهم إليه يرجعون بموتهم) ١/ ٢٦٤، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٠، و"القرطبي" ١/ ٣٢١.
(٢) في (ب): (إلى العود).
(٣) في (ب): (بدو) وقد وردت هكذا في "لباب التفسير" للكرماني ١/ ٢٢٨.
(٤) انظر: "تفسير الرازي" ٣/ ٥١، "لباب التفسير" للكرماني ١/ ٢٢٨، "البحر" ١/ ١٨٧.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (فضل) ٣/ ٢٨٠١، "الصحاح" (فضل) / ١٧٩١، "اللسان" (فضل) ٦/ ٣٤٢٩ - ٣٤٣٠، "مفردات الراغب" ٣١٨.
(٦) جزء من بيت لامرئ القيس يقول:
(نضت): نزعت، (المتفضل): اللابس ثوبًا واحدًا.
البيت في "تهذيب اللغة" (نضا) ٤/ ٣٥٨٩، "اللسان" (نضا) ٧/ ٤٤٥٧، "أوضح المسالك" ص ١٠٥،"شرح شذور الذهب" ص ٢٨٦، "الهمع" ٣/ ١٢٣، ٤/ ٩٤، "الخزانة" ١٠/ ١٣٠، "ديوان امرئ القيس" ص ١١٤.
(٢) في (ب): (إلى العود).
(٣) في (ب): (بدو) وقد وردت هكذا في "لباب التفسير" للكرماني ١/ ٢٢٨.
(٤) انظر: "تفسير الرازي" ٣/ ٥١، "لباب التفسير" للكرماني ١/ ٢٢٨، "البحر" ١/ ١٨٧.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (فضل) ٣/ ٢٨٠١، "الصحاح" (فضل) / ١٧٩١، "اللسان" (فضل) ٦/ ٣٤٢٩ - ٣٤٣٠، "مفردات الراغب" ٣١٨.
(٦) جزء من بيت لامرئ القيس يقول:
| فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَتْ لَنَوْمٍ ثِيَابَهَا | لَدى السِّتْرِ إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ |
البيت في "تهذيب اللغة" (نضا) ٤/ ٣٥٨٩، "اللسان" (نضا) ٧/ ٤٤٥٧، "أوضح المسالك" ص ١٠٥،"شرح شذور الذهب" ص ٢٨٦، "الهمع" ٣/ ١٢٣، ٤/ ٩٤، "الخزانة" ١٠/ ١٣٠، "ديوان امرئ القيس" ص ١١٤.
وذلك أن ذلك الثوب فضل على سائر الثياب التي تصان وتدخر. وهذا التفضيل (١) هو ما ذكر في قوله ﴿إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ﴾ الآية [المائدة: ٢٠]. وأراد بـ (العالمين) عالمي زمانهم (٢)، والخطاب للموجودين منهم في ذلك الوقت والمراد به سلفهم، ولكن في تفضيل الآباء شرفا للأبناء، ولذلك قال لهم: ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ (٣).
٤٨ - قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي﴾ الآية. لا تجزي معناه: لا تقضي ولا يغني (٤)، ومنه قوله ﷺ لأبي بردة بن نِيَار (٥): (ولا تجزي عن أحد بعدك) (٦)، معناه:
٤٨ - قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي﴾ الآية. لا تجزي معناه: لا تقضي ولا يغني (٤)، ومنه قوله ﷺ لأبي بردة بن نِيَار (٥): (ولا تجزي عن أحد بعدك) (٦)، معناه:
(١) انظر: "تفسير الرازي" ٣/ ٥٢، و"ابن كثير" ١/ ٩٤.
(٢) ذكره ابن جرير عن قتادة وأبي العالية ومجاهد وابن زيد، وقال ابن جرير: أخرج مخرج العموم ويراد به الخصوص ١/ ٢٦٤ - ٢٦٥، وكذا قال ابن قتيبة في "غريب القرآن" ص ٣٨، وانظر. "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ ب، وابن عطية ١/ ٢٨١، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٢١، "زاد المسير" ١/ ٧٦، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٩٤.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٧، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨١.
(٤) كذا في (أ)، (ج) وفي (ب) بدون إعجمام، وفي "الوسيط": (لا يقضي ولا يغني) وفي الحاشية قال: في (أ)، (ب): (لا تقضي ولا تعني) ١/ ٩٩، وفي "تفسير الطبري": (لا تقضي ولا تغني)، ١/ ٢٦٦، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ ب، "تهذيب اللغة" (جزى) ١/ ٦٠١.
(٥) هو أبو بُردة بن نِيَار بن عمرو الأنصاري، من حلفاء الأوس، صحابي جليل شهد العقبة وبدرا والمشاهد النبوية الأخرى، توفي سنة اثنتين وأربعين، انظر "طبقات ابن سعد" ٣/ ٤٥١، "الإصابة" ٤/ ١٨، ٣/ ٥٩٦، "سير أعلام النبلاء" ٢/ ٣٥.
(٦) قطعة من حديث في قصة أبي بردة بن نِيَار، حينما ذبح قبل صلاة العيد، فأذن له النبي ﷺ أن يضحي بالجذعة المعزى. أخرجه البخاري في عدة =
(٢) ذكره ابن جرير عن قتادة وأبي العالية ومجاهد وابن زيد، وقال ابن جرير: أخرج مخرج العموم ويراد به الخصوص ١/ ٢٦٤ - ٢٦٥، وكذا قال ابن قتيبة في "غريب القرآن" ص ٣٨، وانظر. "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ ب، وابن عطية ١/ ٢٨١، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٢١، "زاد المسير" ١/ ٧٦، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٩٤.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٧، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨١.
(٤) كذا في (أ)، (ج) وفي (ب) بدون إعجمام، وفي "الوسيط": (لا يقضي ولا يغني) وفي الحاشية قال: في (أ)، (ب): (لا تقضي ولا تعني) ١/ ٩٩، وفي "تفسير الطبري": (لا تقضي ولا تغني)، ١/ ٢٦٦، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ ب، "تهذيب اللغة" (جزى) ١/ ٦٠١.
(٥) هو أبو بُردة بن نِيَار بن عمرو الأنصاري، من حلفاء الأوس، صحابي جليل شهد العقبة وبدرا والمشاهد النبوية الأخرى، توفي سنة اثنتين وأربعين، انظر "طبقات ابن سعد" ٣/ ٤٥١، "الإصابة" ٤/ ١٨، ٣/ ٥٩٦، "سير أعلام النبلاء" ٢/ ٣٥.
(٦) قطعة من حديث في قصة أبي بردة بن نِيَار، حينما ذبح قبل صلاة العيد، فأذن له النبي ﷺ أن يضحي بالجذعة المعزى. أخرجه البخاري في عدة =
467
ولا تقضي (١)، ومنه أيضا ما روي (أن رجلا كان يداين للناس، وكان له كاتب ومتجاز، وكان يقول له: إذا رأيت الرجل معسرا فأنظره، فغفر الله له (٢)، فالمتجازي: المتقاضي (٣).
ومنه الجزية، لأن معناها في كلام العرب: الخراج المجعول على الذمي، سمي جزية لأنها قضاء منه (٤).
قال أهل (٥) العربية: وأصل هذا الحرف من الجزاء الذي هو
ومنه الجزية، لأن معناها في كلام العرب: الخراج المجعول على الذمي، سمي جزية لأنها قضاء منه (٤).
قال أهل (٥) العربية: وأصل هذا الحرف من الجزاء الذي هو
= مواضع، فأورده (٩٥٥) كتاب (العيدين) باب (الأكل يوم النحر). و (٩٦٥) باب (الخطبة بعد العيد)، و (٩٦٨) باب: (التبكير إلى العيد)، و (٩٨٣) باب (كلام الإمام والناس في خطبة العيد). و (٥٥٤٥) كتاب (الأضاحي) باب (سنة الأضحية)، و (٥٥٥٦) باب (قول النبي ﷺ لأبي بردة ضح بالجذع من المعز)، و (٥٥٦٠) باب (الذبح بعد الصلاة). و (٥٥٦٣) باب (من ذبح قبل صلاة وأعاد). أخرجه مسلم من عدة طرق (١٩٦١) كتاب الأضاحي، وأخرجه أبو داود (٢٨٠٠) كتاب: (الأضاحي) باب (ما يجوز من السن في الضحايا)، وأحمد في "مسنده" ٤/ ٢٨٢، ٢٩٨، ٣٠٣ كلهم عن البراء.
(١) ذكره أبو عبيد عن الأصمعي. "غريب الحديث" ١/ ٤٣، وانظر: "تهذيب اللغة" (جزى) ١/ ٦٠١.
(٢) الحديث بهذا النص ذكره أبو عبيد في الغريب قال: (ومنه حديث يروى عن عبيد ابن عمير: (أن رجلا كان يداين الناس..) الحديث. "غريب الحديث" ١/ ٤٣. ولم أجده بهذا اللفظ، وقد أخرج البخاري عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرًا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه" (٢٠٧٨) كتاب البيوع باب (من أنظر معسرًا)، وأخرج مسلم (١٥٦٢) كتاب (البيع)، باب (فضل إنظار المعسر). ذكره الألباني في "صحيح الجامع الصغير" "وزيادته" (٤٤٥٤).
(٣) "غريب الحديث" لأبي عبيد ١/ ٤٣، "الصحاح" (جزى) ٦/ ٢٣٠٢.
(٤) "تهذيب اللغة" (جزى) ١/ ٦٠٢.
(٥) في (ب): (وقال) و (أهل) ساقط.
(١) ذكره أبو عبيد عن الأصمعي. "غريب الحديث" ١/ ٤٣، وانظر: "تهذيب اللغة" (جزى) ١/ ٦٠١.
(٢) الحديث بهذا النص ذكره أبو عبيد في الغريب قال: (ومنه حديث يروى عن عبيد ابن عمير: (أن رجلا كان يداين الناس..) الحديث. "غريب الحديث" ١/ ٤٣. ولم أجده بهذا اللفظ، وقد أخرج البخاري عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرًا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه" (٢٠٧٨) كتاب البيوع باب (من أنظر معسرًا)، وأخرج مسلم (١٥٦٢) كتاب (البيع)، باب (فضل إنظار المعسر). ذكره الألباني في "صحيح الجامع الصغير" "وزيادته" (٤٤٥٤).
(٣) "غريب الحديث" لأبي عبيد ١/ ٤٣، "الصحاح" (جزى) ٦/ ٢٣٠٢.
(٤) "تهذيب اللغة" (جزى) ١/ ٦٠٢.
(٥) في (ب): (وقال) و (أهل) ساقط.
468
المكافأة، ومقابلة الشيء بالشيء، فيجزي بمعنى: يكفى، لأنه يقابل فيه الشىء بمقداره (١).
ومعنى (لا تجزي نفس عن نفس) أي لا يقابل مكروهها بشيء يدرؤه عنها (٢).
وموضع (لا تجزي) نصب، لأنه صفة ليوم (٣). والعائد على اليوم محذوف من الآية، واختلف النحويون فيه، فقال الفراء (٤): التأويل: (لا تجزي فيه نفس عن نفس) ثم حذفت الصفة (٥)، ومثله قوله: {وَأَنذِرْهُم يَوْمَ
ومعنى (لا تجزي نفس عن نفس) أي لا يقابل مكروهها بشيء يدرؤه عنها (٢).
وموضع (لا تجزي) نصب، لأنه صفة ليوم (٣). والعائد على اليوم محذوف من الآية، واختلف النحويون فيه، فقال الفراء (٤): التأويل: (لا تجزي فيه نفس عن نفس) ثم حذفت الصفة (٥)، ومثله قوله: {وَأَنذِرْهُم يَوْمَ
(١) قال الأزهري: (وبعض الفقهاء يقول: أجزى عنك بمعنى جزى، أي: قضى. وأهل اللغة يقولون: أجزأ بالهمز، وهو عندهم بمعنى: كفى "تهذيب اللغة" (جزى) ١/ ٦٠١، وانظر: "الصحاح" (جزى) ٦/ ٢٣٠٢، "اللسان" (جزى) ٢/ ٦٢١، قال الطبري في "تفسيره": (وأصل (الجزاء) في (كلام العرب): القضاء والتعويض.. ، وقال قوم من أهل العلم بلغة العرب: (يقال: أجزيت عنه كذا): إذا أعنته عليه، وجزيت عنك فلانا: إذا كافأته. وقال آخرون منهم: بل (جزيت عنك): قضيت عنك، و (أجزيت): كفيت، وقال آخرون منهم: (بل هما بمعنى واحد..) وزعم آخرون أن (جزى) بلا همز: قضى. و (أجزأ) بالهمز: كافأ. "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٦، وانظر. "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٣٨ - ٣٩.
(٢) قال ابن جرير في "تفسيره": (واتقوا يومًا لا تقضي نفس عن نفس شيئًا ولا تغني عنها عنى) الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٦٦، و"تفسير أبي الليث" ١/ ١١٦، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ب، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٢، و"تفسير البغوي" ١/ ٩٠، و"تفسير الرازي" ٣/ ٥٤، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٩٥.
(٣) انظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٤٤، "البيان" ١/ ٨٠، "الإملاء" ١/ ٣٥، وقال النحاس: قوله: (لا تجزى) في موضع نصب عند البصريين على نعت لليوم، وعند الكوفيين صلة. "إعراب القرآن" ١/ ١٧١.
(٤) انظر "معاني القرآن" الفراء ١/ ٣١.
(٥) مراده بالصفة حرف الجر، كما هو في اصطلاح الكوفيين، وهو هنا (في) المتصل =
(٢) قال ابن جرير في "تفسيره": (واتقوا يومًا لا تقضي نفس عن نفس شيئًا ولا تغني عنها عنى) الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٦٦، و"تفسير أبي الليث" ١/ ١١٦، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٩ب، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٢، و"تفسير البغوي" ١/ ٩٠، و"تفسير الرازي" ٣/ ٥٤، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٩٥.
(٣) انظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٤٤، "البيان" ١/ ٨٠، "الإملاء" ١/ ٣٥، وقال النحاس: قوله: (لا تجزى) في موضع نصب عند البصريين على نعت لليوم، وعند الكوفيين صلة. "إعراب القرآن" ١/ ١٧١.
(٤) انظر "معاني القرآن" الفراء ١/ ٣١.
(٥) مراده بالصفة حرف الجر، كما هو في اصطلاح الكوفيين، وهو هنا (في) المتصل =
469
الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ} [غافر: ١٨] والمعنى: ما للظالمين فيه من حميم (١)، وكذلك قوله: ﴿يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا﴾ [الدخان: ٤١] أي: فيه، وهذا أيضا مذهب سيبويه (٢).
وكان الكسائي لا يجيز إضمار الصفة، ويقول: إن المحذوف هاهنا (٣) (الهاء) وتقديره كأنك قلت: (واتقوا يوما لا تجزيه نفس عن نفس) فجعل اليوم مفعولا على السعة، ثم ألقيت الهاء، كما تقول: رأيت رجلاً أحبّ، تريد (أحبه) (٤) وينشد على هذا (٥):
في ساعة يُحَبُّهَا الطَعَامُ (٦)
وكان الكسائي لا يجيز إضمار الصفة، ويقول: إن المحذوف هاهنا (٣) (الهاء) وتقديره كأنك قلت: (واتقوا يوما لا تجزيه نفس عن نفس) فجعل اليوم مفعولا على السعة، ثم ألقيت الهاء، كما تقول: رأيت رجلاً أحبّ، تريد (أحبه) (٤) وينشد على هذا (٥):
| قَدْ صبَّحَتْ صَبحَهَا السَّلاَمُ | بِكَبِدٍ خَاَلطَهَا السَّنَامُ |
= بالضمير العائد على اليوم. انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣١، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٤٤، ٤٥.
(١) انظر: "الحجة" ٢/ ٤٥.
(٢) وهو مذهب البصريين وجماعة من الكوفيين، انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٩، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧١، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٥٨، "المشكل" لمكي ١/ ٤٤، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٢، "البحر" ١/ ١٨٩، ١٩٠، قال أبو حيان. والوجهان يعني تقديره: لا تجزى فيه ولا تجزيه، جائزان عند سيبويه والأخفش والزجاج، انظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٣٢١ - ٣٢٢.
(٣) في (ج): (هنا).
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٢، والزجاج ١/ ٩٨، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧١، "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٥، و"البيان" ١/ ٨٠، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٢١، "البحر" ١/ ١٩٠.
(٥) في (ب): (على هذا قال).
(٦) الرجز لم ينسب، والرواية في جميع المصادر (سنام)، ومعنى: (صبحت): أتت بالصبوح، واستعمله في الطعام الذي أتته به مجازا، ويدعوا لها بالخير: (صبحها السلام)، لأنها أتته به على حاجة شديدة للطعام. ورد الزجر في "معاني القرآن" =
(١) انظر: "الحجة" ٢/ ٤٥.
(٢) وهو مذهب البصريين وجماعة من الكوفيين، انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٩، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧١، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٥٨، "المشكل" لمكي ١/ ٤٤، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٢، "البحر" ١/ ١٨٩، ١٩٠، قال أبو حيان. والوجهان يعني تقديره: لا تجزى فيه ولا تجزيه، جائزان عند سيبويه والأخفش والزجاج، انظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٣٢١ - ٣٢٢.
(٣) في (ج): (هنا).
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٢، والزجاج ١/ ٩٨، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧١، "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٥، و"البيان" ١/ ٨٠، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٢١، "البحر" ١/ ١٩٠.
(٥) في (ب): (على هذا قال).
(٦) الرجز لم ينسب، والرواية في جميع المصادر (سنام)، ومعنى: (صبحت): أتت بالصبوح، واستعمله في الطعام الذي أتته به مجازا، ويدعوا لها بالخير: (صبحها السلام)، لأنها أتته به على حاجة شديدة للطعام. ورد الزجر في "معاني القرآن" =
470
يعني يُحَبُّ فيها، فجعل الظرف مفعولا على السعة، وهذا أيضا مذهب الأخفش (١).
قال الكسائي: ولو أجزت إضمار الصفة هاهنا لأجزت: أنت الذي كلمت، وأنا أريد: كلمت فيه، وهذا رجل قصدت، وأنا أريد: إليه، وهذا رجل أرغب، وأنا أريد: فيه، ولم يجز إضمار حرف الصفة في هذه المواضع كذلك في الآية (٢).
قال الفراء والزجاج وجماعة النحويين: لا يلزم ما ذكره الكسائي، لأن الصفة مع الظروف جائزة الحذف، ألا ترى أنك تقول: أتيتك يوم الخميس [وفي يوم الخميس] (٣) فيكون المعنى واحد، وإذا قلت: كلمتك، كان غير معنى كلمت فيك، فلما اختلف المعنى مع الأسماء التي لا تكون ظروفا لم يجز إضمار الصفة معها. و (اليوم) من أسماء الزمان، وأسماء الزمان يكون فيها ما لا يكون في غيرها (٤).
قال أبو علي (٥): الظروف نوع من أنواع المفعولات المنتصبة عن
قال الكسائي: ولو أجزت إضمار الصفة هاهنا لأجزت: أنت الذي كلمت، وأنا أريد: كلمت فيه، وهذا رجل قصدت، وأنا أريد: إليه، وهذا رجل أرغب، وأنا أريد: فيه، ولم يجز إضمار حرف الصفة في هذه المواضع كذلك في الآية (٢).
قال الفراء والزجاج وجماعة النحويين: لا يلزم ما ذكره الكسائي، لأن الصفة مع الظروف جائزة الحذف، ألا ترى أنك تقول: أتيتك يوم الخميس [وفي يوم الخميس] (٣) فيكون المعنى واحد، وإذا قلت: كلمتك، كان غير معنى كلمت فيك، فلما اختلف المعنى مع الأسماء التي لا تكون ظروفا لم يجز إضمار الصفة معها. و (اليوم) من أسماء الزمان، وأسماء الزمان يكون فيها ما لا يكون في غيرها (٤).
قال أبو علي (٥): الظروف نوع من أنواع المفعولات المنتصبة عن
= للفراء ١/ ٣٢، و"تفسير الطبري" ١/ ٢٦٥، "الكامل" ١/ ٣٤، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٤٥، "المخصص" ١٢/ ٢٤٣، ١٤/ ٧٥.
(١) مذهب الأخفش جواز الوجهين كما سبق، انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٥٨ - ٢٦٠.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٦٠، و"معاني الفراء" ١/ ٣٢، و"إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧١، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٢١، و"البحر" ١/ ١٩٠.
(٣) (وفي يوم الخميس) ساقط من (أ)، (ج) والواو من قوله: (وفي) ساقطة من (ب)
وثوبتها يقتضيه السياق، الجملة بهذا النص في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٢.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٢، و"معاني الأخفش" ١/ ٢٦٠، و"معاني الزجاج" ١/ ٩٩.
(٥) نقل الواحدي عن "الإغفال" ص ١٧٤ (رسالة ماجستير).
(١) مذهب الأخفش جواز الوجهين كما سبق، انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٥٨ - ٢٦٠.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٦٠، و"معاني الفراء" ١/ ٣٢، و"إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧١، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٢١، و"البحر" ١/ ١٩٠.
(٣) (وفي يوم الخميس) ساقط من (أ)، (ج) والواو من قوله: (وفي) ساقطة من (ب)
وثوبتها يقتضيه السياق، الجملة بهذا النص في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٢.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٢، و"معاني الأخفش" ١/ ٢٦٠، و"معاني الزجاج" ١/ ٩٩.
(٥) نقل الواحدي عن "الإغفال" ص ١٧٤ (رسالة ماجستير).
471
تمام الكلام، وهو زمان أو مكان (١).
فأما أسماء الزمان: فالفعل يتعدى إلى مختصه ومبهمه ومعرفته ونكرته وكل نوع منه، كما يتعدى إلى المصدر، وكل ضرب منه. وإنما كان كذلك لاجتماعهما (٢) في دلالة الفعل عليهما.
ألا ترى أن في لفظ (٣) الفعل دلالة على الزمان كما أن في لفظه دلالة على الحدث.
وأما أسماء المكان فإن الفعل يتعدى إلى المبهم منها بغير حرف الجر دون (٤) المختص (٥).
ومعنى المبهم منها ما كان شائعاً ولم يكن له حدود معلومة نحو: خلف وقدام وسائر الجهات الست، وعند. ألا ترى أنه لا حدود لهذه المسميات تقف عندها، كما للمسجد والسوق (٦) والبيت وبغداد والبصرة، تقول: (قمت خلفك) فتعدي إليه الفعل، و (قمت في المسجد)، ولا تقول: (قمت المسجد)، وإنما كان كذلك لأن الفعل لا يدل على ظروف المكان
فأما أسماء الزمان: فالفعل يتعدى إلى مختصه ومبهمه ومعرفته ونكرته وكل نوع منه، كما يتعدى إلى المصدر، وكل ضرب منه. وإنما كان كذلك لاجتماعهما (٢) في دلالة الفعل عليهما.
ألا ترى أن في لفظ (٣) الفعل دلالة على الزمان كما أن في لفظه دلالة على الحدث.
وأما أسماء المكان فإن الفعل يتعدى إلى المبهم منها بغير حرف الجر دون (٤) المختص (٥).
ومعنى المبهم منها ما كان شائعاً ولم يكن له حدود معلومة نحو: خلف وقدام وسائر الجهات الست، وعند. ألا ترى أنه لا حدود لهذه المسميات تقف عندها، كما للمسجد والسوق (٦) والبيت وبغداد والبصرة، تقول: (قمت خلفك) فتعدي إليه الفعل، و (قمت في المسجد)، ولا تقول: (قمت المسجد)، وإنما كان كذلك لأن الفعل لا يدل على ظروف المكان
(١) في "الإغفال": (أو مشبه بهما) ص ١٧٤.
(٢) في (أ)، (ج): (لاجتماعها) وأثبت ما في (ب) لأنه أصوب وموافق لما في "الإغفال" ص ١٧٤.
(٣) في (ب) تكرار ونصها: (ألا ترى أن لفظ الفعل دلالة الفعل عليهما ألا ترى أن في لفظ الفعل دلالة على الزمان..).
(٤) (دون) ساقط من (ب).
(٥) ذكر كلام أبي علي بمعناه. "الإغفال" ص ١٧٥، وانظر: "الكتاب" ١/ ٤١٢ - ٤١٧.
(٦) نص كلام أبي علي: (.. ألا ترى أنه لا حدود لهذه المسميات تقف عندها فتحصرها بها، كما تحصر بها المختصة منها نحو: المسجد والسوق..) "الإغفال" ص ١٧٤، وكلامه أوضح من عبارة الواحدي.
(٢) في (أ)، (ج): (لاجتماعها) وأثبت ما في (ب) لأنه أصوب وموافق لما في "الإغفال" ص ١٧٤.
(٣) في (ب) تكرار ونصها: (ألا ترى أن لفظ الفعل دلالة الفعل عليهما ألا ترى أن في لفظ الفعل دلالة على الزمان..).
(٤) (دون) ساقط من (ب).
(٥) ذكر كلام أبي علي بمعناه. "الإغفال" ص ١٧٥، وانظر: "الكتاب" ١/ ٤١٢ - ٤١٧.
(٦) نص كلام أبي علي: (.. ألا ترى أنه لا حدود لهذه المسميات تقف عندها فتحصرها بها، كما تحصر بها المختصة منها نحو: المسجد والسوق..) "الإغفال" ص ١٧٤، وكلامه أوضح من عبارة الواحدي.
472
بلفظه وإنما يدل عليها بالمعنى كما يدل على المفعول، والمفعول إذا تعدى الفعل إليه بحرف جر لا يجوز حذف حرف الجر منه إلا أن يسمع ذلك من العرب (١).
ألا ترى أنك تقول: مررت بزيد، ولا يجوز أن تقول: مررت زيداً (٢)، فكذلك كان القياس في جميع ظروف المكان أن يتعدى الفعل إليها (٣) بحرف الجر، إلا أن المبهمة جاز حذف الجر منها، لأنها قد أشبهت ظروف الزمان، وذلك أنه ليس لها خلق (٤) كما أن الزمان لا خلقة له، فباين ظروف المكان بعضها بعضا (٥).
فالخلف والقدام وهذه المبهمة يجوز أن تنقلب كلها فيصير الخلف قداما، والقدام خلفا، كما يجوز أن ينقلب ظرف (٦) الزمان فيصير اليوم أمس.
فلما شبهت المبهمة من ظروف المكان بظروف الزمان عَدَّوْا إليها الفعل من غير توسط حرف الجر. وأما المختصة كالدار والبيت والمسجد
ألا ترى أنك تقول: مررت بزيد، ولا يجوز أن تقول: مررت زيداً (٢)، فكذلك كان القياس في جميع ظروف المكان أن يتعدى الفعل إليها (٣) بحرف الجر، إلا أن المبهمة جاز حذف الجر منها، لأنها قد أشبهت ظروف الزمان، وذلك أنه ليس لها خلق (٤) كما أن الزمان لا خلقة له، فباين ظروف المكان بعضها بعضا (٥).
فالخلف والقدام وهذه المبهمة يجوز أن تنقلب كلها فيصير الخلف قداما، والقدام خلفا، كما يجوز أن ينقلب ظرف (٦) الزمان فيصير اليوم أمس.
فلما شبهت المبهمة من ظروف المكان بظروف الزمان عَدَّوْا إليها الفعل من غير توسط حرف الجر. وأما المختصة كالدار والبيت والمسجد
(١) "الإغفال" ص ١٧٤ - ١٧٥، نقل كلامه بالمعنى.
(٢) في (ب): (مزيدا).
(٣) (اليها) ساقط من (ب).
(٤) أي ليس لها مدلول محسوس وحيز وهيئة، إنما مدلولها معنوي، كالقدام والخلف، وهذه العبارة لم ترد في "الإغفال".
(٥) في (أ)، (ج): (بعضها بعضها) وأثبت ما في (ب)، لأنه أصوب، المراد أن ظروف المكان تختلف، فظروف المكان غير المختصة لها حكم ظروف الزمان، بخلاف ظروف المكان المختصة غير المبهمة فلا يتعدى الفعل إليها إلا بحرف الجر.
(٦) في (ب): (تنقلب ظروف).
(٢) في (ب): (مزيدا).
(٣) (اليها) ساقط من (ب).
(٤) أي ليس لها مدلول محسوس وحيز وهيئة، إنما مدلولها معنوي، كالقدام والخلف، وهذه العبارة لم ترد في "الإغفال".
(٥) في (أ)، (ج): (بعضها بعضها) وأثبت ما في (ب)، لأنه أصوب، المراد أن ظروف المكان تختلف، فظروف المكان غير المختصة لها حكم ظروف الزمان، بخلاف ظروف المكان المختصة غير المبهمة فلا يتعدى الفعل إليها إلا بحرف الجر.
(٦) في (ب): (تنقلب ظروف).
473
فلها خلق (١) كزيد وعمرو، ألا ترى أنه لا يسمى كل بقعة مسجدا ولا دارا، فلما جرت هذه الظروف مجرى زيد وعمرو، وجب أن لا يعدى الفعل إليها إلا (٢) بحرف جر، فأما قولهم: (ذهبت الشام) يريدون إلى الشام، فهو شاذ عند سيبويه، وقولهم: (دخلت البيت) فهو - أيضا شاذ عنده (٣). وهو عند أصحابه مفعول به، لأنه ظرف صير مفعولا، فهو عندهم بمنزلة: هدمت البيت (٤). قال أبو علي (٥): والجائز عندي من هذه الأقاويل التي قيلت في الآية قول من قال: إن (اليوم) جعل (٦) مفعول (تجزي) على السعة، كقول الشاعر:
وَيَوْمٍ شَهِدْنَاهُ (٧) سُلَيْماً وَعَامِرًا (٨)
وَيَوْمٍ شَهِدْنَاهُ (٧) سُلَيْماً وَعَامِرًا (٨)
(١) في (ج): (حلف).
(٢) في (ب): (اليها لا).
(٣) انظر: "الكتاب" ١/ ٤١٤.
(٤) انظر: "الإغفال" ص ١٧٥ - ١٧٦، نقل الكلام بمعناه.
(٥) "الإغفال" ص ١٧٦.
(٦) (جعل) ساقط من (ب).
(٧) في (ج): (شهدنا).
(٨) البيت لم يرد ضمن كلام أبي علي في هذا الموضع، وإنما ورد في كلام أبي إسحاق الزجاج، الذي نقله أبو علي، واستدرك عليه، انظر: "الإغفال" ص ١٧٢، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٨، والبيت من (شواهد سيبويه) ١/ ١٧٨، وورد في "المقتضب" ٣/ ١٠٥، "الكامل" ١/ ٣٣، "مغني اللبيب" ٢/ ٥٠٣، "شرح المفصل" ٢/ ٤٦، "همع الهوامع" ٣/ ١٦٦، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٣٢١، وقد نسبه سيبويه لرجل من بني عامر، وعجزه:
قَلِيلٍ سِوى الطَّعْنِ النِّهَال نَوَافِلُه
(٢) في (ب): (اليها لا).
(٣) انظر: "الكتاب" ١/ ٤١٤.
(٤) انظر: "الإغفال" ص ١٧٥ - ١٧٦، نقل الكلام بمعناه.
(٥) "الإغفال" ص ١٧٦.
(٦) (جعل) ساقط من (ب).
(٧) في (ج): (شهدنا).
(٨) البيت لم يرد ضمن كلام أبي علي في هذا الموضع، وإنما ورد في كلام أبي إسحاق الزجاج، الذي نقله أبو علي، واستدرك عليه، انظر: "الإغفال" ص ١٧٢، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٨، والبيت من (شواهد سيبويه) ١/ ١٧٨، وورد في "المقتضب" ٣/ ١٠٥، "الكامل" ١/ ٣٣، "مغني اللبيب" ٢/ ٥٠٣، "شرح المفصل" ٢/ ٤٦، "همع الهوامع" ٣/ ١٦٦، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٣٢١، وقد نسبه سيبويه لرجل من بني عامر، وعجزه:
قَلِيلٍ سِوى الطَّعْنِ النِّهَال نَوَافِلُه
474
ثم حذفت (الهاء) من الصفة كما تحذف من الصلة، وحذف (الهاء) من الصفة كحذفها (١) من الصلة، وذلك أن الصفة تخصص الموصوف كما أن الصلة تخصص الموصول، ومرتبتها أن تكون بعد الموصوف، كما أن مرتبة الصلة (٢) كذلك، وتتضمن الصفة ذكرا من موصوفها كما تتضمنه الصلة من موصولها، فشدة مشابهتهما على (٣) ما تراه.
وقد كثر مجيء الصلة محذوفاً منها العائد، كقولك: (الذي رأيت زيد) والصفة كالصلة على ما ذكرنا من المشابهة، وإذا [قال] (٤) كذلك حسن الحذف منها حسنه من الصلة.
فإن قال قائل: إذا جاز حذف الضمير المتصل من الصفة في نحو قولك: (هذا رجل ضربت)، و (الناس رجلان: رجل أكرمت ورجل أهنت) فلم لا يجوز حذف الجار والمجرور من حيث جاز حذف الهاء؟ قيل: إنما
وقد كثر مجيء الصلة محذوفاً منها العائد، كقولك: (الذي رأيت زيد) والصفة كالصلة على ما ذكرنا من المشابهة، وإذا [قال] (٤) كذلك حسن الحذف منها حسنه من الصلة.
فإن قال قائل: إذا جاز حذف الضمير المتصل من الصفة في نحو قولك: (هذا رجل ضربت)، و (الناس رجلان: رجل أكرمت ورجل أهنت) فلم لا يجوز حذف الجار والمجرور من حيث جاز حذف الهاء؟ قيل: إنما
= ويروي البيت (يوما) و (يوم) مجرور برب المحذوفة، وسُلَيْم وعامر: قبيلتان من قيس عيلان، وقليل: مجرورة صفة ليوم، والنِّهال: المرتوية بالدم، والنوافل: الغنائم. والشاهد فيه نصب ضمير العائد على (يوم) بالفعل على التشبيه بالمفعول به اتساعًا ومجازًا.
(١) في (أ)، (ب): (لحذفها) وأثبت ما في (ب)، لأنه هو الصواب، وأقرب إلى عبارة أبي علي في "الإغفال" ونص كلامه: (والجائز عندي من هذه الأقاويل التي قيلت في الآية قول من قال: إن اليوم جعل مفعولًا على السعة ثم حذفت الهاء من الصفة، كما تحذف من الصلة، لأن حذفها منها في الكثرة والقياس كحذفها منها. أما القياس فلأن الصفة تخصص الموصوف..) ص ١٧٦.
(٢) في (ج): (كما أن الصلة تكون كذلك).
(٣) في (ج): (مشابهتها كما تراه).
(٤) كذا وردت في جميع النسخ، وهو تصحيف والنص في "الإغفال" (فإذا كان كذلك) ص ١٧٧، وهذا هو الصواب.
(١) في (أ)، (ب): (لحذفها) وأثبت ما في (ب)، لأنه هو الصواب، وأقرب إلى عبارة أبي علي في "الإغفال" ونص كلامه: (والجائز عندي من هذه الأقاويل التي قيلت في الآية قول من قال: إن اليوم جعل مفعولًا على السعة ثم حذفت الهاء من الصفة، كما تحذف من الصلة، لأن حذفها منها في الكثرة والقياس كحذفها منها. أما القياس فلأن الصفة تخصص الموصوف..) ص ١٧٦.
(٢) في (ج): (كما أن الصلة تكون كذلك).
(٣) في (ج): (مشابهتها كما تراه).
(٤) كذا وردت في جميع النسخ، وهو تصحيف والنص في "الإغفال" (فإذا كان كذلك) ص ١٧٧، وهذا هو الصواب.
475
جاز حذف الضمير المتصل من الصفة (١) لمشابهتها الصلة، وقد كثر حذف ذلك في الصلة وحسن، فلما كثر ذلك في الصلة وشابهتها الصفة شبهت بها أيضًا في حذف الضمير منها. ولا اختلاف بين الجميع (٢) في أن الضمير إذا خرج عن الفعل إلى الحرف فلم يتصل به لم يحذف من الصلة، فمن قال: (الذي ضربت زيد) لم يقل: (الذي رغبت زيد)، ولا (الذي مررت زيد) (٣)، إذا أراد (فيه) و (به) وإذا لم يجز ذلك في الأصل الذي هو الصلة المشبه به الصفة، كان في الصفة أبعد من الجواز (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ﴾. قبول الشيء: تلقيه، والأخذ به، وخلاف الإعراض عنه (٥).
اللحياني: يقال (٦): قبلت الشيء أَقْبلَه قَبُولاً وقُبُولاً، وعلى فلان قَبُول، أي تقبله العين (٧)، ومثل ذلك قال ابن الأعرابي (٨).
وقوله: ﴿شَفَاعَةٌ﴾ قال المبرد وثعلب: الشفاعة: كلام الشفيع الملك (٩) في حاجة يسألها لغيره (١٠). وهو من الشفع الذي هو خلاف
وقوله تعالى: ﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ﴾. قبول الشيء: تلقيه، والأخذ به، وخلاف الإعراض عنه (٥).
اللحياني: يقال (٦): قبلت الشيء أَقْبلَه قَبُولاً وقُبُولاً، وعلى فلان قَبُول، أي تقبله العين (٧)، ومثل ذلك قال ابن الأعرابي (٨).
وقوله: ﴿شَفَاعَةٌ﴾ قال المبرد وثعلب: الشفاعة: كلام الشفيع الملك (٩) في حاجة يسألها لغيره (١٠). وهو من الشفع الذي هو خلاف
(١) في (ب): (الصلة).
(٢) في (ب): (الجمع). وفي "الإغفال": (.. بين الجميع من البصريين..) ص ١٧٨.
(٣) في (ج): (زيدا).
(٤) أنتهى ما نقله عن أبي علي الفارسي من كتاب "الإغفال" ص ١٧٤ - ١٧٨. (رسالة ماجستير) وقد نقل الواحدي كلام أبي علي بتصرف.
(٥) بنصه في "الحجة" لأبي علي ٢/ ٤٦.
(٦) في (ب): (يقول).
(٧) في (ج): (ليس).
(٨) "تهذيب اللغة" (قبل) ٣/ ٢٨٧٥.
(٩) كذا في جميع النسخ، وفي "تهذيب اللغة"، و"اللسان": (للملك).
(١٠) "تهذيب اللغة" (شفع) ٢/ ١٨٩٧، وانظر: "اللسان" (شفع) ٤/ ٢٢٨٩.
(٢) في (ب): (الجمع). وفي "الإغفال": (.. بين الجميع من البصريين..) ص ١٧٨.
(٣) في (ج): (زيدا).
(٤) أنتهى ما نقله عن أبي علي الفارسي من كتاب "الإغفال" ص ١٧٤ - ١٧٨. (رسالة ماجستير) وقد نقل الواحدي كلام أبي علي بتصرف.
(٥) بنصه في "الحجة" لأبي علي ٢/ ٤٦.
(٦) في (ب): (يقول).
(٧) في (ج): (ليس).
(٨) "تهذيب اللغة" (قبل) ٣/ ٢٨٧٥.
(٩) كذا في جميع النسخ، وفي "تهذيب اللغة"، و"اللسان": (للملك).
(١٠) "تهذيب اللغة" (شفع) ٢/ ١٨٩٧، وانظر: "اللسان" (شفع) ٤/ ٢٢٨٩.
476
الوتر، وكأنه سؤال من الشفيع يشفع سؤال المشفوع له (١).
قال أحمد بن يحيى: الشفعة (٢) من هذا، ومعناها في اللغة كالزيادة، وهو أن يُشَفِّعَك فيما تطلب (٣) حتى تضمه إلى ما عندك فتزيده (٤) وتشفعه بها، أي أنه كان وترا فضم إليه ما زاده وشفعه به (٥). ومن هذا يقال: شاة (٦) شافع، إذا كان معها ولدها (٧).
قال أصحاب المعاني: ليس معنى: ﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ﴾ أن هناك (٨) شفاعة لا تقبل، وإنما المعنى لا يكون (٩) شفاعة فيكون لها قبول، كما أن قوله: ﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ [البقرة: ٢٧٣]، معناه: لا يكون منهم سؤال فيكون إلحاف (١٠)، ويقول امرؤ القيس:
قال أحمد بن يحيى: الشفعة (٢) من هذا، ومعناها في اللغة كالزيادة، وهو أن يُشَفِّعَك فيما تطلب (٣) حتى تضمه إلى ما عندك فتزيده (٤) وتشفعه بها، أي أنه كان وترا فضم إليه ما زاده وشفعه به (٥). ومن هذا يقال: شاة (٦) شافع، إذا كان معها ولدها (٧).
قال أصحاب المعاني: ليس معنى: ﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ﴾ أن هناك (٨) شفاعة لا تقبل، وإنما المعنى لا يكون (٩) شفاعة فيكون لها قبول، كما أن قوله: ﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ [البقرة: ٢٧٣]، معناه: لا يكون منهم سؤال فيكون إلحاف (١٠)، ويقول امرؤ القيس:
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٧، "تهذيب اللغة" (شفع) ٢/ ١٨٩٨، "اللسان" (شفع) ٤/ ٢٢٨٩.
(٢) في (ج): (الشفاعة).
(٣) في (ج): (يطلب).
(٤) في (ج): (فتزيده بها).
(٥) "تهذيب اللغة" (شفع) ٢/ ١٨٩٨، وفيه: (قال المنذري وسمعت أبا العباس وسئل عن اشتقاق الشفعة في اللغة فقال: الشفعة: الزيادة..)، وانظر: "اللسان" (شفع) ٤/ ٢٢٩٠.
(٦) قوله: (يقال شاة) ساقط من (ب).
(٧) ذكره أبو عبيدة في "غريب الحديث" ١/ ٢٥٧، وذكره عنه الأزهري، "تهذيب اللغة" (شفع) ٢/ ١٨٩٨.
(٨) في (ب): (وأن هناك).
(٩) في (ب): (تكون) ومثله في "الحجة" لأبي علي ٢/ ٤٧.
(١٠) نقله عن أبي علي من "الحجة" ٢/ ٤٦، ٤٧، - ولم أجده عن أحد من أهل (المعاني) فيما اطلعت عليه وظاهر كلام أبي علي نفي أصل الشفاعة، حيث قال =
(٢) في (ج): (الشفاعة).
(٣) في (ج): (يطلب).
(٤) في (ج): (فتزيده بها).
(٥) "تهذيب اللغة" (شفع) ٢/ ١٨٩٨، وفيه: (قال المنذري وسمعت أبا العباس وسئل عن اشتقاق الشفعة في اللغة فقال: الشفعة: الزيادة..)، وانظر: "اللسان" (شفع) ٤/ ٢٢٩٠.
(٦) قوله: (يقال شاة) ساقط من (ب).
(٧) ذكره أبو عبيدة في "غريب الحديث" ١/ ٢٥٧، وذكره عنه الأزهري، "تهذيب اللغة" (شفع) ٢/ ١٨٩٨.
(٨) في (ب): (وأن هناك).
(٩) في (ب): (تكون) ومثله في "الحجة" لأبي علي ٢/ ٤٧.
(١٠) نقله عن أبي علي من "الحجة" ٢/ ٤٦، ٤٧، - ولم أجده عن أحد من أهل (المعاني) فيما اطلعت عليه وظاهر كلام أبي علي نفي أصل الشفاعة، حيث قال =
477
| عَلَى لاَحِبٍ لاَ يُهْتَدى لِمَنَارِه | إِذَا سَافَهُ العَوْدُ الدِّيَافِيُّ جَرْجَرَا (١) |
وَلاَ تَرى الضَّبَّ بهَا يَنْجَحِرْ (٢)
أي ليس هناك (ضب) فيكون منه (٣) انجحار.
= بعده فأما قوله: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا﴾ [النجم: ٢٦]، فالمعنى لا تغني شفاعتهم أن لو شفعوا، ليس أن هناك شفاعة مثبتة..) "الحجة" ٢/ ٤٨. ونفى أصل الشفاعة هو مذهب المعتزلة، كما قرره الزمخشري في "الكشاف" في تفسير هذه الآية، ورد عليه أحمد بن محمد بن المنير في كتاب "الإنصاف" في "حاشية الكشاف" ١/ ٢٧٨.
ومعنى الآية عند الجمهور: أنه وإن كان ظاهرها العموم فهي مخصوصة بمن مات على كفره غير تائب. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٨، و"تفسير البغوي" ١/ ٩٠٠، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٩٥. ولم ينبه الواحدي على كلام أبي علي الموهم لنفي الشفاعة، مع أن الواحدي ذكر المعنى الصحيح في الآية في موضع آخر كما سيأتي.
(١) يروي البيت في جميع المصادر (بمناره) وفي "ديوان امرئ القيس" (النباطي) بدل (الديافي) قوله (على لاَحِبٍ): اللاحب الطريق البين الذي لحبتته الحوافر، ثم يستعمل لكل طريق بين وخفي، و (لا يهتدي لمناره): ليس فيه علم ولا منار يهتدى به، (سافه العَوْد) أي شمه المسن النجائب، (جرجرا): صوت ورغاء الإبل. ورد البيت في "تهذيب اللغة" (لحف) ٢/ ١٥٩٨، (ساف) ٢/ ١١٣٢، (داف) "الحجة" ٢/ ٤٧، "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٣٦، "الخصائص" ٣/ ١٦٥، ٣٢١، "مقاييس اللغة" ٢/ ٣١٨، "اللسان" (ديف) ٣/ ١٤٦٦، (سوف) ٤/ ٢١٥٣، "الخزانة" ١٠/ ٢٥٨، "ديوان امرئ القيس" ص ٦٤.
(٢) عجز بيت نسبه بعضهم لعمرو بن أحمر وصدره:
لاَ يُفْزِعُ الأَرْنَبَ أَهْوَالُهَا
يقول ليس ثم هول تفزع منه الأرنب، وليس هناك ضب فيكون منه انجحار. ورد البيت في "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٣٦، "الخصائص" ٣/ ١٤٦، ٣٢١، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٤٧.
(٣) في (ب): (هناك).
ومعنى الآية عند الجمهور: أنه وإن كان ظاهرها العموم فهي مخصوصة بمن مات على كفره غير تائب. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٨، و"تفسير البغوي" ١/ ٩٠٠، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٩٥. ولم ينبه الواحدي على كلام أبي علي الموهم لنفي الشفاعة، مع أن الواحدي ذكر المعنى الصحيح في الآية في موضع آخر كما سيأتي.
(١) يروي البيت في جميع المصادر (بمناره) وفي "ديوان امرئ القيس" (النباطي) بدل (الديافي) قوله (على لاَحِبٍ): اللاحب الطريق البين الذي لحبتته الحوافر، ثم يستعمل لكل طريق بين وخفي، و (لا يهتدي لمناره): ليس فيه علم ولا منار يهتدى به، (سافه العَوْد) أي شمه المسن النجائب، (جرجرا): صوت ورغاء الإبل. ورد البيت في "تهذيب اللغة" (لحف) ٢/ ١٥٩٨، (ساف) ٢/ ١١٣٢، (داف) "الحجة" ٢/ ٤٧، "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٣٦، "الخصائص" ٣/ ١٦٥، ٣٢١، "مقاييس اللغة" ٢/ ٣١٨، "اللسان" (ديف) ٣/ ١٤٦٦، (سوف) ٤/ ٢١٥٣، "الخزانة" ١٠/ ٢٥٨، "ديوان امرئ القيس" ص ٦٤.
(٢) عجز بيت نسبه بعضهم لعمرو بن أحمر وصدره:
لاَ يُفْزِعُ الأَرْنَبَ أَهْوَالُهَا
يقول ليس ثم هول تفزع منه الأرنب، وليس هناك ضب فيكون منه انجحار. ورد البيت في "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٣٦، "الخصائص" ٣/ ١٤٦، ٣٢١، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٤٧.
(٣) في (ب): (هناك).
478
وقرئ قوله: ﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ﴾ بالياء والتاء (١)، فمن قرأ بالتاء قال: الاسم الذي أسند إليه هذا الفعل مؤنث، فيلزم أن يلحق المسند (٢) أيضا علامة التأنيث، ليؤذن لحاق العلامة (٣) بتأنيث الاسم. ومما يقوي هذا أن كثيرا من العرب إذا أسند الفعل إلى المثنى أو المجموع ألحقوه علامة التثنية والجمع (٤)، كقوله:
أُلْفِيَتَا عَيْنَاكَ عِنْدَ القَفَا (٥)
وقول آخر:
... يَعْصِرْنَ السَّلِيَط أَقَارِبُهْ (٦)
أُلْفِيَتَا عَيْنَاكَ عِنْدَ القَفَا (٥)
وقول آخر:
... يَعْصِرْنَ السَّلِيَط أَقَارِبُهْ (٦)
(١) قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتاء، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي ونافع بالياء، وروى الوجهان عن عاصم. انظر "السبعة" ص ١٥٥، "الحجة" ٢/ ٤٣، "التيسير" ص ٧٣.
(٢) في (ج): (بالمسند).
(٣) في (ب): (علامة لحاق).
(٤) هذا على اللغة المعروفة بلغة (أكلوني البراغيث) وهي لغة قليلة مشهورة. انظر: "الأشموني مع حاشية الصبان" ٢/ ٤٧ - ٤٨.
(٥) شطر البيت من قصيدة لعمرو بن ملقط، أوردها أبو زيد، وعجزه:
أوْلَى فَأوْلَى لَكَ ذَا وَاقِيَةْ
وأورد صاحب "الخزانة" وشرحها. قوله: (اولى لك): كلمة وعيد وتهديد، و (الواقية): مصدرها بمعنى الوقاية، يصفه بالهروب، ويقول أنت ذو وقاية من عينك عند فرارك تحترس بهما، ولكثرة تلفتك حينئذٍ، صارت عيناك كأنهما في قفاك. انظر: "النوادر" ص ٢٦٨، "الحجة" ٢/ ٥١، "مجمل اللغة" ١/ ٤٨٣، "الخزانة" ٩/ ٣١. والشاهد لحاق ألف التثنية في قوله: (الفيتا).
(٦) قطعة من بيت من قصيدة للفرزدق يهجو عمرو بن عفراء الضبي، وتمامه:
يقول: هو قروي من (دياف) قرية بالشام يعتمل لإقامة عيشه، وليس كما عليه =
(٢) في (ج): (بالمسند).
(٣) في (ب): (علامة لحاق).
(٤) هذا على اللغة المعروفة بلغة (أكلوني البراغيث) وهي لغة قليلة مشهورة. انظر: "الأشموني مع حاشية الصبان" ٢/ ٤٧ - ٤٨.
(٥) شطر البيت من قصيدة لعمرو بن ملقط، أوردها أبو زيد، وعجزه:
أوْلَى فَأوْلَى لَكَ ذَا وَاقِيَةْ
وأورد صاحب "الخزانة" وشرحها. قوله: (اولى لك): كلمة وعيد وتهديد، و (الواقية): مصدرها بمعنى الوقاية، يصفه بالهروب، ويقول أنت ذو وقاية من عينك عند فرارك تحترس بهما، ولكثرة تلفتك حينئذٍ، صارت عيناك كأنهما في قفاك. انظر: "النوادر" ص ٢٦٨، "الحجة" ٢/ ٥١، "مجمل اللغة" ١/ ٤٨٣، "الخزانة" ٩/ ٣١. والشاهد لحاق ألف التثنية في قوله: (الفيتا).
(٦) قطعة من بيت من قصيدة للفرزدق يهجو عمرو بن عفراء الضبي، وتمامه:
| ولكن دِيَافِيٌّ أَبُوهُ وَأُمُّهُ | بِخَوْرَانَ يَعْصِرْنَ السَّلِيَط أقَارِبُهْ |
479
فكما ألحقوا هاتين العلامتين لتؤذنا بالتثنية والجمع، كذلك ألحقت علامة التأنيث الفعل لتؤذن بما في الاسم منه، وكان لحاق هذه العلامة أولى من لحاق علامتي التثنية والجمع، للزوم علامة التأنيث (١) الاسم، وانتقاء لزوم هاتين العلامتين الاسم، لأنه إذا وحد (٢) زالت علامة التثنية والجمع. ولا يتوهم سقوط الهاء من الشفاعة (٣)، وبحسب لزوم المعنى تلزم (٤) علامته (٥).
ومن قرأ بالياء، فلأن التأنيث في الاسم ليس بحقيقي، وإذا كان كذلك حمل على المعنى فذكّر، ألا ترى أن الشفاعة (٦) والتشفع بمنزلة (٧)، كما أن الموعظة والوعظ، والصيحة والصوت كذلك، وقد قال: {فَمَن
ومن قرأ بالياء، فلأن التأنيث في الاسم ليس بحقيقي، وإذا كان كذلك حمل على المعنى فذكّر، ألا ترى أن الشفاعة (٦) والتشفع بمنزلة (٧)، كما أن الموعظة والوعظ، والصيحة والصوت كذلك، وقد قال: {فَمَن
= العرب من الانتجاع والحرب، و"السليط": الزيت. ورد البيت في "الكتاب" ٢/ ٤٠، "وشرح أبياته للسيرافي" ١/ ٤٩١، "الخصائص" ٢/ ١٩٤، "الحجة" ١/ ١٣٢، ٢/ ٥٢، "الخزانة" ٥/ ١٦٣، ٢٣٤، ٢٣٥، ٢٣٧، ٢٣٩، ٧/ ٣٤٦، ٤٤٦، ١١/ ٣٧٣، "شرح المفصل" ٣/ ٨٩، ٧/ ٧، "الهمع" ٢/ ٢٥٧، "اللسان" (سلط) ٤/ ٢٠٦٥، (ديف) ٣/ ١٤٦٦، "ديوان الفرزدق" ١/ ٤٦. والشاهد: لحاق نون الجمع في قوله (يعصرن).
(١) في (ج): (الفعل الاسم).
(٢) في (ب): (وجدو).
(٣) فإذا لزمت علامة التأنيث في الاسم يحسن إلحاقه الفعل. "الحجة" ٢/ ٥٢.
(٤) (أ)، (ج): (يلزم)، وما في (ب) موافق للحجة.
(٥) من "الحجة" لأبي علي بنصه ٢/ ٥١، ٥٢، وانظر: "الحجة" لابن خالويه ص ٧٦، "الحجة" لابن زنجلة ص ٩٥، "الكشف" لمكي ١/ ٢٣٨.
(٦) في (ب): (الشفيع).
(٧) أي: أن تأنيث الشفاعة ليس حقيقيًّا، فلفظ (الشفاعة) وهو مؤنث مثل لفظ (التشفع) وهو مذكر. انظر: "الحجة" لابن زنجلة ص ٩٥.
(١) في (ج): (الفعل الاسم).
(٢) في (ب): (وجدو).
(٣) فإذا لزمت علامة التأنيث في الاسم يحسن إلحاقه الفعل. "الحجة" ٢/ ٥٢.
(٤) (أ)، (ج): (يلزم)، وما في (ب) موافق للحجة.
(٥) من "الحجة" لأبي علي بنصه ٢/ ٥١، ٥٢، وانظر: "الحجة" لابن خالويه ص ٧٦، "الحجة" لابن زنجلة ص ٩٥، "الكشف" لمكي ١/ ٢٣٨.
(٦) في (ب): (الشفيع).
(٧) أي: أن تأنيث الشفاعة ليس حقيقيًّا، فلفظ (الشفاعة) وهو مؤنث مثل لفظ (التشفع) وهو مذكر. انظر: "الحجة" لابن زنجلة ص ٩٥.
480
جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ} [البقرة: ٢٧٥]، ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ [هود: ٦٧] فكما لم يُلحق (١) العلامة هاهنا كذلك يحسن أن لا تُلحق (٢) في هذه الآية.
ومما يقوي التذكير أنه فصل بين الفعل والاسم، والتذكير يحسن مع الفصل كما حكي من قولهم: (حضر القاضي اليوم (٣) امرأة)، فإذا جاء التذكير في (٤) الحقيقي مع الفصل فغيره أجدر بذلك (٥).
قال أبو علي (٦): فأما ما قاله أحمد بن يحيى من أن التذكير أجود، لقول ابن مسعود (ذَكِّروُا القرآن) (٧) لا يجوز حمله على تذكير التأنيث، لأنه
ومما يقوي التذكير أنه فصل بين الفعل والاسم، والتذكير يحسن مع الفصل كما حكي من قولهم: (حضر القاضي اليوم (٣) امرأة)، فإذا جاء التذكير في (٤) الحقيقي مع الفصل فغيره أجدر بذلك (٥).
قال أبو علي (٦): فأما ما قاله أحمد بن يحيى من أن التذكير أجود، لقول ابن مسعود (ذَكِّروُا القرآن) (٧) لا يجوز حمله على تذكير التأنيث، لأنه
(١) في "الحجة": (لم تلحق) ٢/ ٥٢. وهو الأولى.
(٢) في (أ)، (ب): (يلحق) وأثبت ما في (ج)، لأنه أصوب وموافق لما في "الحجة".
(٣) (اليوم) ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (يحسن في الحقيقي).
(٥) كذا بنصه من "الحجة" ٢/ ٥٢، ٥٣، وذكر هذه الحجج ابن خالويه ص ٧٦ وابن زنجلة ص ٩٥، ومكي في "الكشف" ١/ ٢٣٨، وذكر مكي أربع علل وهي داخلة فيما ذكر أبو علي، والرابعة ما روي عن ابن مسعود: ذكروا القرآن. وهذه العلة ذكرها أبو علي، ثم ردها كما سيأتي.
(٦) (الحجة) لأبي علي ٢/ ٥٣.
(٧) ذكره مكي في "الكشف" قال: ذكر أبو عبيد عن ابن مسعود أنه قال (ذَكِّروا القرآن، وإذا اختلفتم... إلخ فاجعلوها ياء)، وذكر أن هذه اللفظة: وإذا اختلفتم.. إلخ رواية عن ابن عباس. "الكشف" ١/ ٢٣٨، وذكر ابن خالويه: وإذا اختلفتم.. إلخ عن ابن مسعود. "الحجة" ص ٧٦.
وذكره في (الفائق) بلفظ في الحديث (القرآن ذكر فذكروه) ولم يعزه. "الفائق" ٢/ ١٣، وفي "النهاية في غريب الحديث" قال: وفيه: (القرآن ذكر فذكروه) أي أنه جليل خطير فأجلوه. "النهاية في غريب الحديث" ٢/ ١٦٣.
(٢) في (أ)، (ب): (يلحق) وأثبت ما في (ج)، لأنه أصوب وموافق لما في "الحجة".
(٣) (اليوم) ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (يحسن في الحقيقي).
(٥) كذا بنصه من "الحجة" ٢/ ٥٢، ٥٣، وذكر هذه الحجج ابن خالويه ص ٧٦ وابن زنجلة ص ٩٥، ومكي في "الكشف" ١/ ٢٣٨، وذكر مكي أربع علل وهي داخلة فيما ذكر أبو علي، والرابعة ما روي عن ابن مسعود: ذكروا القرآن. وهذه العلة ذكرها أبو علي، ثم ردها كما سيأتي.
(٦) (الحجة) لأبي علي ٢/ ٥٣.
(٧) ذكره مكي في "الكشف" قال: ذكر أبو عبيد عن ابن مسعود أنه قال (ذَكِّروا القرآن، وإذا اختلفتم... إلخ فاجعلوها ياء)، وذكر أن هذه اللفظة: وإذا اختلفتم.. إلخ رواية عن ابن عباس. "الكشف" ١/ ٢٣٨، وذكر ابن خالويه: وإذا اختلفتم.. إلخ عن ابن مسعود. "الحجة" ص ٧٦.
وذكره في (الفائق) بلفظ في الحديث (القرآن ذكر فذكروه) ولم يعزه. "الفائق" ٢/ ١٣، وفي "النهاية في غريب الحديث" قال: وفيه: (القرآن ذكر فذكروه) أي أنه جليل خطير فأجلوه. "النهاية في غريب الحديث" ٢/ ١٦٣.
481
لا يخلو إما أن أراد تذكير (١) التأنيث الحقيقي أو غير الحقيقي (٢).
ولا يجوز أن يريد تذكير الذي هو غير الحقيقي، لأن ذلك قد جاء في القرآن ما لا يحصى كثرة، كقوله: ﴿وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ﴾ (٣) [الأنعام: ٣٢] و ﴿النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ﴾ [الحج: ٧٢]، ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩)﴾ [القيامة: ٢٩]، و ﴿قَالَتْ رُسُلُهُمْ﴾ [إبراهيم: ١٠]، و ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٧]، و ﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ﴾ [ق: ١٠] فإذا (٤) كان هذا النحو على الكثرة التي تراها، فلا يجوز أن يريد هذا. وإذا لم يجز أن يريد هذا كان إرادة تذكير التأنيث الحقيقي أبعد، كقوله: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ﴾ [آل عمران: ٣٥]، وقوله: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ [التحريم: ١٢]، ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ﴾ [القصص: ١١].
فإن قلت: إنما يريد: [إذا] (٥) احتمل الشيء التذكير والتأنيث، فاستعملوا التذكير وغلبوه.
قيل هذا أيضا لا يستقيم، ألا ترى أن فيما تلونا ﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ﴾ و ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ فأنث مع جواز التذكير فيه، يدل على ذلك في الأخرى: ﴿أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾ [القمر: ٢٠]، وقوله: ﴿مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ﴾
ولا يجوز أن يريد تذكير الذي هو غير الحقيقي، لأن ذلك قد جاء في القرآن ما لا يحصى كثرة، كقوله: ﴿وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ﴾ (٣) [الأنعام: ٣٢] و ﴿النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ﴾ [الحج: ٧٢]، ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩)﴾ [القيامة: ٢٩]، و ﴿قَالَتْ رُسُلُهُمْ﴾ [إبراهيم: ١٠]، و ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٧]، و ﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ﴾ [ق: ١٠] فإذا (٤) كان هذا النحو على الكثرة التي تراها، فلا يجوز أن يريد هذا. وإذا لم يجز أن يريد هذا كان إرادة تذكير التأنيث الحقيقي أبعد، كقوله: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ﴾ [آل عمران: ٣٥]، وقوله: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ [التحريم: ١٢]، ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ﴾ [القصص: ١١].
فإن قلت: إنما يريد: [إذا] (٥) احتمل الشيء التذكير والتأنيث، فاستعملوا التذكير وغلبوه.
قيل هذا أيضا لا يستقيم، ألا ترى أن فيما تلونا ﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ﴾ و ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ فأنث مع جواز التذكير فيه، يدل على ذلك في الأخرى: ﴿أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾ [القمر: ٢٠]، وقوله: ﴿مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ﴾
(١) في (ب): (أراد بتذكير).
(٢) نص كلام أبي علي في "الحجة": (لا يخلو من أن يريد به التذكير الذي هو خلاف التأنيث، أو يريد معنى غير ذلك. فإن أراد به خلاف التأنيث فليس يخلو من أن يريد: ذكروا فيه التأنيث الذي هو غير حقيقي أو التأنيث الذي هو حقيقي.. ٢/ ٥٣.
(٣) في (ج): (والدار) وهي آية الأعراف: ١٦٩.
(٤) في (ب): (وإذا).
(٥) (إذا) ساقطة من كل النسخ وأثبتها كما في "الحجة" لاقتضاء السياق لها والنص في "الحجة": (فإن قلت: إنما يريد: إذا احتمل) ٢/ ٥٤.
(٢) نص كلام أبي علي في "الحجة": (لا يخلو من أن يريد به التذكير الذي هو خلاف التأنيث، أو يريد معنى غير ذلك. فإن أراد به خلاف التأنيث فليس يخلو من أن يريد: ذكروا فيه التأنيث الذي هو غير حقيقي أو التأنيث الذي هو حقيقي.. ٢/ ٥٣.
(٣) في (ج): (والدار) وهي آية الأعراف: ١٦٩.
(٤) في (ب): (وإذا).
(٥) (إذا) ساقطة من كل النسخ وأثبتها كما في "الحجة" لاقتضاء السياق لها والنص في "الحجة": (فإن قلت: إنما يريد: إذا احتمل) ٢/ ٥٤.
482
[يس: ٨٠] ولم يقل الخضر (١) أو الخضراء، فهذه المواضع يعلم منها أن ما ذكر ليس بمراد ولا مذهب، فإذا لم يصح أن يريد به تذكير التأنيث كان معنى غيره. فمما (٢) يجوز أن يصرف إليه، أنه يريد به الموعظة والدعاء إليه كما قال: ﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ﴾ [ق: ٤٥] إلا أنه (٣) حذف الجار (٤).
أو (٥) أراد: ذكروا الناس القرآن، أي: ابعثوهم على حفظه كيلا ينسوه (٦). ويمكن أن يكون المعنى قوله: (ذكروا القرآن) لا تجحدوه ولا تنكروه (٧)، كما أنكره من قال: ﴿إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ (٨) لإطلاقهم عليه لفظ التأنيث فهؤلاء لم يُذَكِّروه لكنهم أنثوه بإطلاقهم التأنيث، وما كان مؤنث (٩) اللفظ عليه، وهذا كقوله: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [النساء: ١١٧]، فإناث جمع أنثى، وإنما يعني به ما اتخذوه آلهة، كقوله: {أَفَرَأَيْتُمْ
أو (٥) أراد: ذكروا الناس القرآن، أي: ابعثوهم على حفظه كيلا ينسوه (٦). ويمكن أن يكون المعنى قوله: (ذكروا القرآن) لا تجحدوه ولا تنكروه (٧)، كما أنكره من قال: ﴿إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ (٨) لإطلاقهم عليه لفظ التأنيث فهؤلاء لم يُذَكِّروه لكنهم أنثوه بإطلاقهم التأنيث، وما كان مؤنث (٩) اللفظ عليه، وهذا كقوله: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [النساء: ١١٧]، فإناث جمع أنثى، وإنما يعني به ما اتخذوه آلهة، كقوله: {أَفَرَأَيْتُمْ
(١) في (أ)، (ج): (والخضراء) وأثبت ما في (ب) لأنه أولى، وفي "الحجة": (الخضر ولا الخضراء) ٢/ ٤٥.
(٢) في (ب): (فما لا يجوز).
(٣) في (ب): (أن).
(٤) وهذا قريب من المعنى الذي ذكره ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" قال: وفيه القرآن ذَكَر فذكروه (أي: أنه جليل خطير فأجلّوه) ٢/ ١٦٣.
(٥) في (ب): (وأراد).
(٦) وهذا المعنى (ذكروا الناس القرآن، أي: ابعثوهم على حفظه) غير موجود في "الحجة"، ولعله سقط من المطبوع لأن الكلام يدل عليه، ٢/ ٥٥.
(٧) في (ب): (لا يجحدوه ولا ينكروه).
(٨) الأنعام: ٢٥، والأنفال: ٣١، والنحل: ٢٤، والمؤمنون: ٨٣، والفرقان: ٥، والنمل: ٦٨، الأحقاف: ١٧، والقلم: ١٥، والمطففين: ١٣.
(٩) في (أ)، (ج): (يؤنث) وأثبت ما في (ب)، لأنه أولى، والنص فى "الحجة": (.. لكنهم أنثوه بإطلاقهم التأنيث على ما كان مؤنث اللفظ كقوله..) ٢/ ٥٥.
(٢) في (ب): (فما لا يجوز).
(٣) في (ب): (أن).
(٤) وهذا قريب من المعنى الذي ذكره ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" قال: وفيه القرآن ذَكَر فذكروه (أي: أنه جليل خطير فأجلّوه) ٢/ ١٦٣.
(٥) في (ب): (وأراد).
(٦) وهذا المعنى (ذكروا الناس القرآن، أي: ابعثوهم على حفظه) غير موجود في "الحجة"، ولعله سقط من المطبوع لأن الكلام يدل عليه، ٢/ ٥٥.
(٧) في (ب): (لا يجحدوه ولا ينكروه).
(٨) الأنعام: ٢٥، والأنفال: ٣١، والنحل: ٢٤، والمؤمنون: ٨٣، والفرقان: ٥، والنمل: ٦٨، الأحقاف: ١٧، والقلم: ١٥، والمطففين: ١٣.
(٩) في (أ)، (ج): (يؤنث) وأثبت ما في (ب)، لأنه أولى، والنص فى "الحجة": (.. لكنهم أنثوه بإطلاقهم التأنيث على ما كان مؤنث اللفظ كقوله..) ٢/ ٥٥.
483
اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: ١٩، ٢٠]
وقال (١) العجاج:
وكُلُّ أُنثَى حمَلَتْ أَحجَارَا (٢)
فسماها أنثى لتأنيثهم لفظها. وكذلك قول الفرزدق:
أراد بالأنثيين الأذنين (٤). قلت: أطال أبو علي الكلام في تأويل قول
وقال (١) العجاج:
وكُلُّ أُنثَى حمَلَتْ أَحجَارَا (٢)
فسماها أنثى لتأنيثهم لفظها. وكذلك قول الفرزدق:
| وَكُنَّا إذَا الجَبَّار صَعَّر خَدَّه | ضَرَبْنَاهُ دونَ الأنْثَيَيْنِ علَى الكَرْدِ (٣) |
(١) في (ب) (قال) بسقوط الواو.
(٢) الرجز في (الحجة) وقبله: أَوْرَدَ حُذًّا تَسْبِقُ الأَبْصَاراَ.
وليسا متتاليين في (الديوان)، بل بينهما أبيات وفيها يصف المنجنيق والْحُذْ: السهام البُترْ، وكل انثى: يعنى المنجنيق، يقول: يُرْمي بالمنجنيق فيخرج الحجر من بطن الجلد، كما يبقر بطن الحامل عن الولد. ورد في "الحجة" ٢/ ٥٥، "المخصص" ١٣/ ١٨٩، "اللسان" (حجر) ٢/ ٧٨٥، "ديوان العجاج" ص ٤١٦.
(٣) رواية البيت في "ديوان الفرزدق" وبعض المصادر:
وكُنَّا إذا القيسي نب عتوده... ضربناه فوق...............
"ديوان الفرزدق" ١/ ١٧٨، وله بيت آخر:
"الديوان" ١/ ٤٢٠، ويظهر انه حصل خلط بين البيتين فكثرت الرواية فيهما. قال ابن قتيبه في "المعاني الكبير": ويروي لذي الرمة. وقوله: نب عَتُودُه: تكبر، والعَتُودُ: الجدي الذى بلغ السفاد، صعر خده: أماله كبرا. الأنثيان: شحمتا الأذن، والكَرْد: أصل العنق. انظر: "المعانى الكبير" ٢/ ٩٩٤، "الحجة" ٢/ ٥٦، "جمهرة اللغة" ٣/ ١٣٢٢، "إعراب ثلاثين سورة" ص ٢٧٧،"المخصص" ١/ ٨٢، ٥/ ١٩٠، ١٦/ ٢٠٣، "المجمل" (أنث) ١/ ١٠٤، "اللسان" ٧/ ٤٣١٧، (نبب) ١/ ١٤٦ (أنث)، ٧/ ٣٨٤٩ (كرد)، ٧/ ٣٩٦١ (كون).
(٤) انتهى ما نقله عن أبي علي من "الحجة" ٢/ ٥٣ - ٥٦.
(٢) الرجز في (الحجة) وقبله: أَوْرَدَ حُذًّا تَسْبِقُ الأَبْصَاراَ.
وليسا متتاليين في (الديوان)، بل بينهما أبيات وفيها يصف المنجنيق والْحُذْ: السهام البُترْ، وكل انثى: يعنى المنجنيق، يقول: يُرْمي بالمنجنيق فيخرج الحجر من بطن الجلد، كما يبقر بطن الحامل عن الولد. ورد في "الحجة" ٢/ ٥٥، "المخصص" ١٣/ ١٨٩، "اللسان" (حجر) ٢/ ٧٨٥، "ديوان العجاج" ص ٤١٦.
(٣) رواية البيت في "ديوان الفرزدق" وبعض المصادر:
وكُنَّا إذا القيسي نب عتوده... ضربناه فوق...............
"ديوان الفرزدق" ١/ ١٧٨، وله بيت آخر:
| وَكُنَّا إِذَا القيسى صَعَّر خَدَهُ | ضَرَبْنَاهُ حَتَّى تَسْتَقِيمَ الأَخادِعُ |
(٤) انتهى ما نقله عن أبي علي من "الحجة" ٢/ ٥٣ - ٥٦.
484
ابن مسعود، وهو ما ذهب إليه أحمد بن يحيى (١)، وأراد ابن مسعود أنه إذا احتمل اللفظ التأنيث والتذكير، ولا يحتاج في التذكير إلى تغيير الخط ومخالفة المصحف فَذَكِّر، كقوله: ﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ﴾ لست تحتاج إلى مخالفة الخط في التذكير، ويدل على أنه أراد هذا، وأن أصحاب عبد الله من قراء (٢) الكوفة كحمزة والكسائي ذهبوا إلى هذا، فقرؤوا ما كان من هذا القبيل بالتذكير، كقوله: (يوم يشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم) (٣) (٤) [النور: ٢٤]، و ﴿يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ﴾ (٥) (٦) [آل عمران: ١٥٤] وأشباههما بالتذكير هذا الذي ذكرنا كله في التأنيث غير الحقيقي.
وأما الحقيقي: فهو ما يكون منه النسل، ويقبح في مؤنثه لفظ التذكير (٧)، لو قلت: قام جاريتك ونحر ناقتك، كان قبيحا، وهو جائز على
وأما الحقيقي: فهو ما يكون منه النسل، ويقبح في مؤنثه لفظ التذكير (٧)، لو قلت: قام جاريتك ونحر ناقتك، كان قبيحا، وهو جائز على
(١) أي: أن المراد بكلام ابن مسعود، التذكير الذي هو خلاف التأنيث، وبهذا أخذ ابن خالويه في "الحجة" ص ٧٦، ومكي في "الكشف" ١/ ٢٣٨، ومما يرجع هذا ما ورد في الرواية عن ابن مسعود: (فإذا اختلفتم في التاء والياء فاجعلوه بالياء).
(٢) في (ب): (قر).
(٣) قرأ حمزة والكسائي (بالياء)، وبقية السبعة (بالتاء). انظر: "السبعة" ٤٥٤، و"الكشف" على ٢/ ١٣٥، "والتسير" ص ١٦١.
(٤) في (ج): (تشهد)، وفي (أ)، (ب): (يشهد) على قراءة حمزة والكسائي.
(٥) قرأ حمزة والكسائي (بالتاء) وبقية السبعة (بالياء). انظر: "السبعة" ص ٢١٧، و"الكشف" ١/ ٦٣٠ و"التسير" ص ٩١.
(٦) في (ج): (تغشى) بالتاء على قراءة حمزة والكسائي.
(٧) نقل الواحدي عن الزجاج من "معاني القرآن"، والنص في "المعاني": (وأما ما يعقل ويكون منه النسل والولادة نحو امرأة ورجل، وناقة وجمل فيصح في مؤنثه لفظ التذكير، ولو قلت قام جارتك، ونحر ناقتك كان قبيحًا..) إلخ. والبقية بنصه. "المعاني" ١/ ٩٩. وقد تصرف الواحدي في عبارة الزجاج. وقوله: (ويقبح في مؤنثه لفظ التذكير) أي: فإنه يقبح في مؤنثه...
(٢) في (ب): (قر).
(٣) قرأ حمزة والكسائي (بالياء)، وبقية السبعة (بالتاء). انظر: "السبعة" ٤٥٤، و"الكشف" على ٢/ ١٣٥، "والتسير" ص ١٦١.
(٤) في (ج): (تشهد)، وفي (أ)، (ب): (يشهد) على قراءة حمزة والكسائي.
(٥) قرأ حمزة والكسائي (بالتاء) وبقية السبعة (بالياء). انظر: "السبعة" ص ٢١٧، و"الكشف" ١/ ٦٣٠ و"التسير" ص ٩١.
(٦) في (ج): (تغشى) بالتاء على قراءة حمزة والكسائي.
(٧) نقل الواحدي عن الزجاج من "معاني القرآن"، والنص في "المعاني": (وأما ما يعقل ويكون منه النسل والولادة نحو امرأة ورجل، وناقة وجمل فيصح في مؤنثه لفظ التذكير، ولو قلت قام جارتك، ونحر ناقتك كان قبيحًا..) إلخ. والبقية بنصه. "المعاني" ١/ ٩٩. وقد تصرف الواحدي في عبارة الزجاج. وقوله: (ويقبح في مؤنثه لفظ التذكير) أي: فإنه يقبح في مؤنثه...
485
قبحه، لأن الناقة والجارية تدلان على معنى التأنيث، فاجتزئ بلفظهما عن تأنيث الفعل (١). فأما الأسماء التي تقع للمذكرين (٢) لو سميت بها مؤنثا فلا، بد فيها من علم التأنيث، لأن الكلام للفائدة والقصد (٣) به الإبانة (٤)، فلو سميت امرأة بقاسم لم يجز أن تقول: جاءني قاسم، فلا يعلم أمذكرا عنيت أم مؤنثا، وليس إلى حذف هذه التاء -إذا كانت فارقة (٥) بين معنيين- سبيل، كما أنه إذا جرى ذكر رجلين لم يجز أن تقول: قد قام، إلا أن تقول: قاما (٦)، فعلامة التأنيث فيما فيه اللبس كعلامة التثنية (٧) هاهنا (٨).
وقوله تعالى: ﴿وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ﴾. عَدْلُ (٩) الشيء وعِدْله: مثله (١٠)، قال الله تعالى: ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ [المائدة: ٩٥]، أي: ما
وقوله تعالى: ﴿وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ﴾. عَدْلُ (٩) الشيء وعِدْله: مثله (١٠)، قال الله تعالى: ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ [المائدة: ٩٥]، أي: ما
(١) المشهور عند النحويين أن المؤنث الحقيقي الذي لم يفصل عن فعله بفاصل يجب تأنيث الفعل له. انظر: (شرح ابن عقيل) ٢/ ٨٨.
(٢) في "المعاني" للزجاج: (للمذكرين وأصحاب المؤنث فلا بد فيها من علم التأنيث..) ١/ ١٠٠، وعبارة الواحدي أوضح.
(٣) في (ب): (القصيدة).
(٤) في (ج): (الاباله).
(٥) في (ج): (ذار قعين).
(٦) في (ب): (قد قاما).
(٧) في (ج): (التثنية والجمع ههنا).
(٨) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٠.
(٩) (عدل) ساقط من (ب).
(١٠) (العَدْل)، و (العِدْل) بمعنى المثل ومعناهما سواء، وقال الفراء: (العِدْل): المثل، (والعَدْل): ما عادل الشيء من غير جنسه.
انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٢٠، و"تفسير الطبري" ١/ ٢٦٩، "تهذيب اللغة" (عدل) ٣/ ٢٣٥٨، "ومعاني الزجاج" ٢/ ٢٢٩.
(٢) في "المعاني" للزجاج: (للمذكرين وأصحاب المؤنث فلا بد فيها من علم التأنيث..) ١/ ١٠٠، وعبارة الواحدي أوضح.
(٣) في (ب): (القصيدة).
(٤) في (ج): (الاباله).
(٥) في (ج): (ذار قعين).
(٦) في (ب): (قد قاما).
(٧) في (ج): (التثنية والجمع ههنا).
(٨) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٠.
(٩) (عدل) ساقط من (ب).
(١٠) (العَدْل)، و (العِدْل) بمعنى المثل ومعناهما سواء، وقال الفراء: (العِدْل): المثل، (والعَدْل): ما عادل الشيء من غير جنسه.
انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٢٠، و"تفسير الطبري" ١/ ٢٦٩، "تهذيب اللغة" (عدل) ٣/ ٢٣٥٨، "ومعاني الزجاج" ٢/ ٢٢٩.
486
يماثله (١) من الصيام (٢)، قال كعب بن مالك (٣):
أي: لا نرى له مثلا.
وذكر (٦) في التفسير أن العدل هاهنا: (الفداء) (٧)، قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا﴾ [الأنعام: ٧٠]، قال يونس: العدل الفداء (٨) [وسمي الفداء] (٩) عدلا، أنه يعادل المفدي ويماثله، وأصل هذا الباب المساواة والمماثلة.
| صَبَرْنَا (٤) لاَنَرى لله عَدْلاً | عَلَى مَانَابنَا مُتَوَكِّلِينَا (٥) |
وذكر (٦) في التفسير أن العدل هاهنا: (الفداء) (٧)، قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا﴾ [الأنعام: ٧٠]، قال يونس: العدل الفداء (٨) [وسمي الفداء] (٩) عدلا، أنه يعادل المفدي ويماثله، وأصل هذا الباب المساواة والمماثلة.
(١) في (ج): (ماماثله).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٢٢٩.
(٣) هو كعب بن مالك بن أبي كعب، الأنصاري الخزرجي، شاعر الرسول ﷺ وصاحبه، وأحد الثلاثة الذين خلفوا، فتاب الله عليه، ومات سنة خمسين، وقيل: سنة أربعين، وقيل: غير ذلك، انظر: "الاستيعاب" ٣/ ٢٨٦، حاشية على "الإصابة"، "سير أعلام النبلاء" ٢/ ٥٢٣، "الجرح والتعديل" ٧/ ١٦٠، "تهذيب التهذيب" ٣/ ٤٧١.
(٤) في (ج): (الا ترى).
(٥) أورد الواحدي البيت فى "الوسيط" ١/ ١٠٠، وهو من قصيدة لكعب يرد بها على ضرار بن الخطاب بن مرداس، يوم الخندق؛ أورد ابن هشام القصيدتين في "السيرة" ٣/ ٢٧٧.
(٦) (وذكر) ساقط من (ب).
(٧) ذكره الطبري ١/ ٢٦٨ - ٢٦٩، وابن أبي حاتم ١/ ١٠٥، وابن قتيبة في "الغريب" ص ٣٩، والثعلبي ١/ ٧٠ أ، والبغوي ١/ ٩٠، وابن كثير ١/ ٩٥. وذكر ابن أبي حاتم عن علي وعمير بن هانئ: المراد: التطوع والفريضة، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ١٠٥، و"ابن كثير" ١/ ٩٥.
(٨) ذكره الأزهري، قال: أخبرني ابن فهم عن محمد بن سلام عن يونس. "تهذيب اللغة" (عدل) ٣/ ٢٣٥٨.
(٩) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٢٢٩.
(٣) هو كعب بن مالك بن أبي كعب، الأنصاري الخزرجي، شاعر الرسول ﷺ وصاحبه، وأحد الثلاثة الذين خلفوا، فتاب الله عليه، ومات سنة خمسين، وقيل: سنة أربعين، وقيل: غير ذلك، انظر: "الاستيعاب" ٣/ ٢٨٦، حاشية على "الإصابة"، "سير أعلام النبلاء" ٢/ ٥٢٣، "الجرح والتعديل" ٧/ ١٦٠، "تهذيب التهذيب" ٣/ ٤٧١.
(٤) في (ج): (الا ترى).
(٥) أورد الواحدي البيت فى "الوسيط" ١/ ١٠٠، وهو من قصيدة لكعب يرد بها على ضرار بن الخطاب بن مرداس، يوم الخندق؛ أورد ابن هشام القصيدتين في "السيرة" ٣/ ٢٧٧.
(٦) (وذكر) ساقط من (ب).
(٧) ذكره الطبري ١/ ٢٦٨ - ٢٦٩، وابن أبي حاتم ١/ ١٠٥، وابن قتيبة في "الغريب" ص ٣٩، والثعلبي ١/ ٧٠ أ، والبغوي ١/ ٩٠، وابن كثير ١/ ٩٥. وذكر ابن أبي حاتم عن علي وعمير بن هانئ: المراد: التطوع والفريضة، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ١٠٥، و"ابن كثير" ١/ ٩٥.
(٨) ذكره الأزهري، قال: أخبرني ابن فهم عن محمد بن سلام عن يونس. "تهذيب اللغة" (عدل) ٣/ ٢٣٥٨.
(٩) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
487
يقال: فلان يعدل فلانا، أي يساويه، ويقال: ما يعدلك عندنا شيء، [أي ما يقع عندنا شيء] (١) موقعك، ولا يساويك.
والعِدْل: اسم حِمْل معدول [يحصل] (٢) أي: مسوى به (٣). ونذكر ما قيل في العَدْل، والْعِدْل عند قوله: ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ [المائدة: ٩٥] إن شاء الله.
وقوله تعالى: ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾. قال المفسرون: أي ولا هم يمنعون من عذاب الله (٤).
ومعنى (النصر) في اللغة: المعونة (٥)، وبينهما فرق، وهو أن المعونة قد تكون على صناعة النصرة لا تكون إلا مع منازعة. وانتصر بمعنى: انتقم، معناه بلغ حال النصرة (٦).
قال المفسرون: نزلت (٧) الآية في اليهود، وذلك أنهم كانوا يقولون:
والعِدْل: اسم حِمْل معدول [يحصل] (٢) أي: مسوى به (٣). ونذكر ما قيل في العَدْل، والْعِدْل عند قوله: ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ [المائدة: ٩٥] إن شاء الله.
وقوله تعالى: ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾. قال المفسرون: أي ولا هم يمنعون من عذاب الله (٤).
ومعنى (النصر) في اللغة: المعونة (٥)، وبينهما فرق، وهو أن المعونة قد تكون على صناعة النصرة لا تكون إلا مع منازعة. وانتصر بمعنى: انتقم، معناه بلغ حال النصرة (٦).
قال المفسرون: نزلت (٧) الآية في اليهود، وذلك أنهم كانوا يقولون:
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) كذا في جميع النسخ (يحصل) والصواب (يحمل) كما في "التهذيب" (عدل) ٣/ ٢٣٥٨.
(٣) "تهذيب اللغة" (عدل) ٣/ ٢٣٥٨، وانظر: "الطبري" ١/ ٢٦٩، "اللسان" (عدل) ٥/ ٢٨٣٩.
(٤) ذكره الثعلبي ١/ ٧٠ أ، والبغوي ١/ ٩٠، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٧٧، وقال الطبري: لا ينصرهم ناصر ولا يشفع لهم شافع، ولا يقبل منهم عدل ولا فدية، ١/ ٢٦٩، ونحوه ذكر ابن كثير ١/ ٩٥.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (نصر) ٤/ ٣٥٨٤، "الجمهرة" ٢/ ٧٤٤، "اللسان" (نصر) ٧/ ٤٤٣٩.
(٦) انظر: "اللسان" (نصر) ٧/ ٤٤٣٩.
(٧) في (ب): (هذه الآية).
(٢) كذا في جميع النسخ (يحصل) والصواب (يحمل) كما في "التهذيب" (عدل) ٣/ ٢٣٥٨.
(٣) "تهذيب اللغة" (عدل) ٣/ ٢٣٥٨، وانظر: "الطبري" ١/ ٢٦٩، "اللسان" (عدل) ٥/ ٢٨٣٩.
(٤) ذكره الثعلبي ١/ ٧٠ أ، والبغوي ١/ ٩٠، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٧٧، وقال الطبري: لا ينصرهم ناصر ولا يشفع لهم شافع، ولا يقبل منهم عدل ولا فدية، ١/ ٢٦٩، ونحوه ذكر ابن كثير ١/ ٩٥.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (نصر) ٤/ ٣٥٨٤، "الجمهرة" ٢/ ٧٤٤، "اللسان" (نصر) ٧/ ٤٤٣٩.
(٦) انظر: "اللسان" (نصر) ٧/ ٤٤٣٩.
(٧) في (ب): (هذه الآية).
488
يشفع لنا آباؤنا الأنبياء، فآيسهم الله عن ذلك (١). والآية وإن عمت في نفي (٢) الشفاعة فمعناها الخصوص فيمن (٣) مات على الكفر، بدلالة الأخبار الصحيحة في الشفاعة (٤)، وقوله تعالى: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء: ٢٨] وقوله: ﴿لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ﴾ [النجم: ٢٦] (٥).
٤٩ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ الآية. (نجيناكم): أصله على النجوة، وهي ما ارتفع واتسع من الأرض، ثم يسمى (٦) كل فائز ناجيا، كأنه خرج من الضيق والشدة إلى الرخاء والراحة، ومنه قوله: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ﴾ [يونس: ٩٢]، أي نلقيك على نجوة (٧).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ (٨). اختلف أهل العربية في (الآل)،
٤٩ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ الآية. (نجيناكم): أصله على النجوة، وهي ما ارتفع واتسع من الأرض، ثم يسمى (٦) كل فائز ناجيا، كأنه خرج من الضيق والشدة إلى الرخاء والراحة، ومنه قوله: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ﴾ [يونس: ٩٢]، أي نلقيك على نجوة (٧).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ (٨). اختلف أهل العربية في (الآل)،
(١) ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٦٩، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٠ أ، والزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٩٨.
(٢) (نفى) ساقط من (ب).
(٣) في (أ)، (ج): (فمن) وأثبت ما في (ب)، لأنه الصواب.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٨، و"تفسير أبي الليث" ١/ ١١٦، و"تفسير أبن عطية" ١/ ٢٨٣، و"تفسير البغوي" ١/ ٩٠، "زاد المسير" ١/ ٧٦، وهذا قول أهل السنة والجماعة في الشفاعة، بخلاف قول المعتزلة الذين ينفون الشفاعة، وقد نقل الواحدي قولهم فيما سبق وعزاه لأهل "المعاني".
(٥) وفي (ج): ﴿لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا﴾ وهذه آية: ٢٣ من يس.
(٦) في (ب): (سمى).
(٧) "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٠ أ، انظر: "تهذيب اللغة" (نجا) ٤/ ٣٥١٠، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٢٥.
(٨) في (ب): (وقوله: لال (اختلف..).
(٢) (نفى) ساقط من (ب).
(٣) في (أ)، (ج): (فمن) وأثبت ما في (ب)، لأنه الصواب.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٨، و"تفسير أبي الليث" ١/ ١١٦، و"تفسير أبن عطية" ١/ ٢٨٣، و"تفسير البغوي" ١/ ٩٠، "زاد المسير" ١/ ٧٦، وهذا قول أهل السنة والجماعة في الشفاعة، بخلاف قول المعتزلة الذين ينفون الشفاعة، وقد نقل الواحدي قولهم فيما سبق وعزاه لأهل "المعاني".
(٥) وفي (ج): ﴿لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا﴾ وهذه آية: ٢٣ من يس.
(٦) في (ب): (سمى).
(٧) "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٠ أ، انظر: "تهذيب اللغة" (نجا) ٤/ ٣٥١٠، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٢٥.
(٨) في (ب): (وقوله: لال (اختلف..).
489
واشتقاقه من اللغة، وأصله. فقال جماعة: أصله (١) من (٢) الأَوْل بمعنى الرجوع، فال الرجل كأنه شيعته الذين يؤولون إليه ويؤول إليهم، ومن هذا سمى السراب (آلا)، لأنه يتردد كأنه يرجع بعضه إلى بعض كالماء، وآل الرجل: شخصه، لأنه يتردد معه لا يفارقه، والآلة: الحالة (٣) في قول الخنساء (٤):
لأنها تنقلب فتعود تارة إلى إنسان وتذهب تارة، هذا معنى الآل في اللغة. ثم شبه بآل الرجل أشياء تسمى بهذا الاسم وإن لم فيه معنى الأول، كعمد الخيمة (٦) تسمى آلا، تشبيها بآل الإنسان. وآل البعير: ألواحه (٧)،
| سأَحْمِلُ نَفْسِي عَلَى آلَةٍ | فَإِمَّا عَلَيْهَا وَإِمَّا لَهَا (٥) |
(١) في (أ)، (ج): (وأصله) بزيادة واو، وأثبت ما في (ب)، لأنه أصح في السياق.
(٢) (من) مكررة في (ج).
(٣) انظر: "التهذيب" (آل) ١/ ١٨٥، "مقاييس اللغة" (أَوَل) ١/ ١٥٩ - ١٦١، "نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر" ص ١٢٢، "اللسان" ١/ ١٧٥.
(٤) في (ج): (الخنسى الخنسا). والخنساء هي: تُماضر: بضم التاء وكسر الضاد، بنت عمرو بن الشريد بن سليم، قدمت على الرسول ﷺ مع قومها من بني سليم، وأسلمت معهم. شاعرة مشهور، استحسن النبي - ﷺ - شعرها، وانظر ترجمتها في "الشعر والشعراء" ص٢١٣، "الإصابة" ٤/ ٢٨٧.
(٥) من قصيدة من غرر مراثيها في أخيها معاوية، وقيل: في رثاء صخر، وقولها: على آلة: على حالة وعلى خطة، فإما ظفرت وإما هلكت، انظر: "شرح ديوان الخنساء" ص ٨٤، "مقاييس اللغة" (أول) ١/ ١٦٢.
(٦) انظر: "مقاييس اللغة" (أول) ١/ ١٦١، "اللسان" (أول) ١/ ١٧٤ - ١٧٥.
(٧) في (أ)، (ج): (الوجه) وأثبت ما في (ب) لأنه موافق لما في كتب اللغة. قال ابن فارس: آل البعير ألواحه وما أشرف من أقطار جسمه "مقاييس اللغة" (أول) ١/ ١٦١، وانظر: "اللسان" (أول) ١/ ١٧٣.
(٢) (من) مكررة في (ج).
(٣) انظر: "التهذيب" (آل) ١/ ١٨٥، "مقاييس اللغة" (أَوَل) ١/ ١٥٩ - ١٦١، "نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر" ص ١٢٢، "اللسان" ١/ ١٧٥.
(٤) في (ج): (الخنسى الخنسا). والخنساء هي: تُماضر: بضم التاء وكسر الضاد، بنت عمرو بن الشريد بن سليم، قدمت على الرسول ﷺ مع قومها من بني سليم، وأسلمت معهم. شاعرة مشهور، استحسن النبي - ﷺ - شعرها، وانظر ترجمتها في "الشعر والشعراء" ص٢١٣، "الإصابة" ٤/ ٢٨٧.
(٥) من قصيدة من غرر مراثيها في أخيها معاوية، وقيل: في رثاء صخر، وقولها: على آلة: على حالة وعلى خطة، فإما ظفرت وإما هلكت، انظر: "شرح ديوان الخنساء" ص ٨٤، "مقاييس اللغة" (أول) ١/ ١٦٢.
(٦) انظر: "مقاييس اللغة" (أول) ١/ ١٦١، "اللسان" (أول) ١/ ١٧٤ - ١٧٥.
(٧) في (أ)، (ج): (الوجه) وأثبت ما في (ب) لأنه موافق لما في كتب اللغة. قال ابن فارس: آل البعير ألواحه وما أشرف من أقطار جسمه "مقاييس اللغة" (أول) ١/ ١٦١، وانظر: "اللسان" (أول) ١/ ١٧٣.
490
وقال (١) الشاعر:
ومرامر رجل وضع الهجاء، فسمى حروف الهجاء آل مرامر. ويقال للحواميم آل حم، ومنه قول الكميت:
فعلى قول هؤلاء (٧) تصغير الآل (أُويَلْ)، حكاه الفراء عن الكسائي (٨)، وكان أصله همزتان، فعوضت من أحدهما مدة.
| تَعَلَّمْتُ با جاد (٢) وآلَ مُرَامِرٍ | وَسَوَّدْتُ أَثْوابِي وَلَسْتُ بِكَاتِبِ (٣) |
| وَجَدْنَا لَكُمْ فِي آلِ (٤) حم آيةً | فَأَوَّلَهَا (٥) مِنَّا تَقِيٌّ وَمُعْرِبُ (٦) |
(١) (الواو) ساقطة من (ب).
(٢) كذا في جميع النسخ، ومثله في "معاني القرآن" للفراء١/ ٣٦٩، وفي "اللسان" (باجادا) ٧/ ٤١٧٨.
(٣) مرامر بن مرة رجل من طيئ، قيل: إنه أول من وضع الهجاء، وآل: حروف الهجاء، لأنه شهر بها أو لأنه سمى أولاد الثمانية بأسماء جملها. ذكر البيت الفراء في "معاني القرآن"، وقال: أنشدني الحارثي ١/ ٣٦٩، وهو في "اللسان" (مرر) ٧/ ٤١٧٨.
(٤) كذا في جميع النسخ، وفي بعض المصادر، (حميم).
(٥) في (ب): (بأولها) والرواية المشهورة للبيت (تأولها).
(٦) البيت في ذكر بني هاشم، وكان الكميت متشيعا، يقول: وجدنا في سور (آل حميم) وهي التي أولها (حم) والآية: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: ٢٣]، يقول: من تأول هذه الآية لم يسعه إلا التشيع لآل البيت، على تقية، أو على غير تقية، والمعرب: المعلن لما في نفسه، انظر: "الكتاب" ٣/ ٢٥٧، "المقتضب" ١/ ٢٣٨، ٣/ ٣٥٦، "الحجة" لابن خالوية ص٣١٢، "تهذيب اللغة" (عرب) ٣/ ٢٣٧٩، (طسن) ٣/ ٢١٩٢، "المخصص" ١٧/ ٣٧، "اللسان": (عرب) ٥/ ٢٨٦٥، (حمم) ٢/ ١٠٠٦، ولم أجده في شعر الكميت.
(٧) أي: على قول الذين قالوا: أصله (من آل يؤول أولاً) من الرجوع.
(٨) "تهذيب اللغة" (آل) ١٥/ ٤٣٨، "المشكل" لمكي ١/ ٤٦، و"الدر المصون" ١/ ٣٤١.
(٢) كذا في جميع النسخ، ومثله في "معاني القرآن" للفراء١/ ٣٦٩، وفي "اللسان" (باجادا) ٧/ ٤١٧٨.
(٣) مرامر بن مرة رجل من طيئ، قيل: إنه أول من وضع الهجاء، وآل: حروف الهجاء، لأنه شهر بها أو لأنه سمى أولاد الثمانية بأسماء جملها. ذكر البيت الفراء في "معاني القرآن"، وقال: أنشدني الحارثي ١/ ٣٦٩، وهو في "اللسان" (مرر) ٧/ ٤١٧٨.
(٤) كذا في جميع النسخ، وفي بعض المصادر، (حميم).
(٥) في (ب): (بأولها) والرواية المشهورة للبيت (تأولها).
(٦) البيت في ذكر بني هاشم، وكان الكميت متشيعا، يقول: وجدنا في سور (آل حميم) وهي التي أولها (حم) والآية: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: ٢٣]، يقول: من تأول هذه الآية لم يسعه إلا التشيع لآل البيت، على تقية، أو على غير تقية، والمعرب: المعلن لما في نفسه، انظر: "الكتاب" ٣/ ٢٥٧، "المقتضب" ١/ ٢٣٨، ٣/ ٣٥٦، "الحجة" لابن خالوية ص٣١٢، "تهذيب اللغة" (عرب) ٣/ ٢٣٧٩، (طسن) ٣/ ٢١٩٢، "المخصص" ١٧/ ٣٧، "اللسان": (عرب) ٥/ ٢٨٦٥، (حمم) ٢/ ١٠٠٦، ولم أجده في شعر الكميت.
(٧) أي: على قول الذين قالوا: أصله (من آل يؤول أولاً) من الرجوع.
(٨) "تهذيب اللغة" (آل) ١٥/ ٤٣٨، "المشكل" لمكي ١/ ٤٦، و"الدر المصون" ١/ ٣٤١.
491
وقال أبو الفتح الموصلي (آل) (١) أصله: أهل، ثم أبدلت الهاء همزة، كما قيل: هَنَرْتُ الثوب (٢) وأنَرْتُه، وإياك وهِيَّاك. فصار: (أَأْل) فلما توالت الهمزتان، أبدلت الثانية ألفا، كما قالوا: آدم وآخر، وفي الفعل: آمن ونحوه.
فالألف في (آل) (٣) بدل من بدل (٤) من الأصل (٥)، فجرت في ذلك مجرى التاء في القسم، فلذلك لا يستعمل (آل) في كل موضع يستعمل فيه (أهل) فلا يقال: انصرف إلى آلك، كما يقال: انصرف إلى أهلك، وكذلك لا يقال: آلك والليل، كما يقال أهلك والليل، وغير ذلك مما يطول ذكره. بل خصوا بالآل الأشرف والأخص دون الشائع الأعم، حتى لا يقال إلا في نحو قولهم القراء آل الله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد (٦)، ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ [غافر: ٢٨]، وكذلك ما أنشده أبو العباس للفرزدق:
فالألف في (آل) (٣) بدل من بدل (٤) من الأصل (٥)، فجرت في ذلك مجرى التاء في القسم، فلذلك لا يستعمل (آل) في كل موضع يستعمل فيه (أهل) فلا يقال: انصرف إلى آلك، كما يقال: انصرف إلى أهلك، وكذلك لا يقال: آلك والليل، كما يقال أهلك والليل، وغير ذلك مما يطول ذكره. بل خصوا بالآل الأشرف والأخص دون الشائع الأعم، حتى لا يقال إلا في نحو قولهم القراء آل الله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد (٦)، ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ [غافر: ٢٨]، وكذلك ما أنشده أبو العباس للفرزدق:
(١) في (ب): (ان). أخذ كلام أبي الفتح من "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٠١.
(٢) في (ب): (هيرت الثوب وايرته). قوله. (هنرت الثوب وأنزته وإياك وهياك) وردت في "سر صناعة الأعراب" ٢/ ٥٥١ عند كلامه عن إبدال الهاء من الهمزة ومعنى (هنرت الثوب): جعلت له علما، ثم قلبوا الهاء همزة فقالوا: أنرت الثوب. انظر: "تهذيب اللغة" (آل) ١٥/ ٤٣٨، "البيان" ١/ ٣٧.
(٣) في (ج): (الال).
(٤) (بدل من) ساقط من (ب).
(٥) الألف في (آل) بدل من الهمزة، والهمزة بدل من الهاء والهاء أصل. انظر "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٠١. وذهب أبو جعفر النحاس إلى أن (الألف) في (آل) بدل من الهاء مباشرة، انظر: "إعراب القرآن" ١/ ١٧٢ - ١٧٣٢.
(٦) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٦٥، و"تفسير الطبري" ١/ ٣٧.
(٢) في (ب): (هيرت الثوب وايرته). قوله. (هنرت الثوب وأنزته وإياك وهياك) وردت في "سر صناعة الأعراب" ٢/ ٥٥١ عند كلامه عن إبدال الهاء من الهمزة ومعنى (هنرت الثوب): جعلت له علما، ثم قلبوا الهاء همزة فقالوا: أنرت الثوب. انظر: "تهذيب اللغة" (آل) ١٥/ ٤٣٨، "البيان" ١/ ٣٧.
(٣) في (ج): (الال).
(٤) (بدل من) ساقط من (ب).
(٥) الألف في (آل) بدل من الهمزة، والهمزة بدل من الهاء والهاء أصل. انظر "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٠١. وذهب أبو جعفر النحاس إلى أن (الألف) في (آل) بدل من الهاء مباشرة، انظر: "إعراب القرآن" ١/ ١٧٢ - ١٧٣٢.
(٦) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٦٥، و"تفسير الطبري" ١/ ٣٧.
492
| نَجَوْتَ وَلَمْ يَمْنُنْ عَلَيْكَ (١) طَلاَقَةً | سِوى رَبِذِ (٢) التَّقْرِيبِ مِنْ آلِ أَعْوَجَا (٣) |
(١) في (ب): (ومن يمن على).
(٢) في (ب) (زبد).
(٣) في "الديوان": (خرجت) بدل (نجوت) ومعنى (الرَّبِذ): المشي الخفيف، (التقريب): ضرب من السير يقارب فيه الخطو، (أعوج): فرس مشهور. ورد البيت في "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٠٢، "ديوان الفرزدق" ١/ ١١٧.
(٤) في (ب): (فرش).
(٥) (الإسكاف) نوع من الصناع، واسم لموضعين بنواحي النهروان من عمل بغداد. انظر: "القاموس" (سكف) ص ٨٢٠، "معجم البلدان" ١/ ١٨١.
(٦) قال أبو الفتح (.. فجرت في ذلك مجرى التاء في القسم، لأنها بدل من الواو فيه، والواو بدل من الباء..) "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٠٢.
(٧) لفظ الجلالة غير موجود في (ب).
(٨) في (ب): (فقياس).
(٩) ذكر أبو الفتح قلب الهاء همزة في "سر صناعة الأعراب" ٢/ ٥٥١، ونقل الواحدي عنه بعض الجمل في هذا الموضع.
(١٠) هذا آخر ما نقله المؤلف عن أبي الفتح بتصرف، "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٠٠ - ١٠٢ والخلاصة أن في (آل) ثلاثة أقوال:
١ - أصله (أهل) أبدلت الهاء همزة، ثم أبدلت الهمزة ألفًا. =
(٢) في (ب) (زبد).
(٣) في "الديوان": (خرجت) بدل (نجوت) ومعنى (الرَّبِذ): المشي الخفيف، (التقريب): ضرب من السير يقارب فيه الخطو، (أعوج): فرس مشهور. ورد البيت في "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٠٢، "ديوان الفرزدق" ١/ ١١٧.
(٤) في (ب): (فرش).
(٥) (الإسكاف) نوع من الصناع، واسم لموضعين بنواحي النهروان من عمل بغداد. انظر: "القاموس" (سكف) ص ٨٢٠، "معجم البلدان" ١/ ١٨١.
(٦) قال أبو الفتح (.. فجرت في ذلك مجرى التاء في القسم، لأنها بدل من الواو فيه، والواو بدل من الباء..) "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٠٢.
(٧) لفظ الجلالة غير موجود في (ب).
(٨) في (ب): (فقياس).
(٩) ذكر أبو الفتح قلب الهاء همزة في "سر صناعة الأعراب" ٢/ ٥٥١، ونقل الواحدي عنه بعض الجمل في هذا الموضع.
(١٠) هذا آخر ما نقله المؤلف عن أبي الفتح بتصرف، "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٠٠ - ١٠٢ والخلاصة أن في (آل) ثلاثة أقوال:
١ - أصله (أهل) أبدلت الهاء همزة، ثم أبدلت الهمزة ألفًا. =
493
وهذا الذي ذكره أبو الفتح مذهب البصريين، ويقولون في التصغير: (أُهَيْل) (١) بالهاء.
فمعنى (آل فرعون) أتباعه وأهل دينه (٢).
(وفرعون) اسم لملوك العمالقة، كما يقال لملك الروم: (قيصر)، ولملك الفرس: (كسرى) ولملك الترك (خاقان) (٣).
وقال بعض أهل اللغة: فرعون بلغة القبط، وهو التمساح (٤)، ويقال: تفرعن الرجل إذا تشبه بفرعون في سوء أفعاله (٥).
وقوله تعالى: ﴿يَسُومُونَكُمْ﴾. (السوم) أن تُجشّم (٦) إنساناً مشقةً وسوءاً أو ظلماً (٧).
وقال شمر: ساموهم سوء العذاب، أي: أرادوهم به.
فمعنى (آل فرعون) أتباعه وأهل دينه (٢).
(وفرعون) اسم لملوك العمالقة، كما يقال لملك الروم: (قيصر)، ولملك الفرس: (كسرى) ولملك الترك (خاقان) (٣).
وقال بعض أهل اللغة: فرعون بلغة القبط، وهو التمساح (٤)، ويقال: تفرعن الرجل إذا تشبه بفرعون في سوء أفعاله (٥).
وقوله تعالى: ﴿يَسُومُونَكُمْ﴾. (السوم) أن تُجشّم (٦) إنساناً مشقةً وسوءاً أو ظلماً (٧).
وقال شمر: ساموهم سوء العذاب، أي: أرادوهم به.
= ٢ - أصله: (أهل) ثم قلبت الهاء ألفا من دون قلبها همزة وهو قول النحاس كما سبق.
٣ - وقيل: أصله: (أأول) من (آل يؤل). انظر "البيان" ١/ ٨١، "الإملاء" ١/ ٣٥، "الدر المصون" ١/ ٣٤١.
(١) وقيل: يصغر على (أُوَيْل) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٧٠، "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٠٥، "تهذيب اللغة" ١٥/ ٤٣٨، "البيان" ١/ ٨١.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٧٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٠.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٧٠، "الكشاف" ١/ ٢٧٩، "القرطبي" ١/ ٣٢٧.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٧٧، (الرباعي من حرف العين)، قال السهيلي عن المسعودي ولا يعرف له تفسير بالعربية. "التعريف والأعلام" ص ٢١، وانظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٣٢٧.
(٥) انظر: "الصحاح" (فرعن) ٦/ ٢١٧٧، "الكشاف" ١/ ٢٧٩.
(٦) في (ج): (شجبتم).
(٧) ذكره الأزهري عن الليث، وفيه (.. أو سوءا..) "تهذيب اللغة" (سام) ٢/ ١٦٠٠، "اللسان" (سوم) ٤/ ٢١٥٨.
٣ - وقيل: أصله: (أأول) من (آل يؤل). انظر "البيان" ١/ ٨١، "الإملاء" ١/ ٣٥، "الدر المصون" ١/ ٣٤١.
(١) وقيل: يصغر على (أُوَيْل) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٧٠، "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٠٥، "تهذيب اللغة" ١٥/ ٤٣٨، "البيان" ١/ ٨١.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٧٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٠.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٧٠، "الكشاف" ١/ ٢٧٩، "القرطبي" ١/ ٣٢٧.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٧٧، (الرباعي من حرف العين)، قال السهيلي عن المسعودي ولا يعرف له تفسير بالعربية. "التعريف والأعلام" ص ٢١، وانظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٣٢٧.
(٥) انظر: "الصحاح" (فرعن) ٦/ ٢١٧٧، "الكشاف" ١/ ٢٧٩.
(٦) في (ج): (شجبتم).
(٧) ذكره الأزهري عن الليث، وفيه (.. أو سوءا..) "تهذيب اللغة" (سام) ٢/ ١٦٠٠، "اللسان" (سوم) ٤/ ٢١٥٨.
494
وقيل: عرضوا عليهم من السوم الذي هو عرض السلعة على البيع (١).
وقال أبو عبيدة: يسومونكم: يولونكم، يقال: سُمْته الذل، أي: أوليته إياه (٢).
و ﴿سُوءَ العَذَابِ﴾: ما ساءهم، والسوء اسم جامع للآفات والدواء (٣).
والزجاج وغيره: سوء العذاب: شديد العذاب (٤)، وقد فسره بقوله: ﴿يُذَبِّحُونَ أَبْنَائَكُمْ﴾. وأصل الذبح في اللغة: الشق (٥)، ومنه:
فَأْرَةَ مِسْكٍ ذُبِحتْ فِي سُكِّ (٦)
وقال الهذلي (٧):
وقال أبو عبيدة: يسومونكم: يولونكم، يقال: سُمْته الذل، أي: أوليته إياه (٢).
و ﴿سُوءَ العَذَابِ﴾: ما ساءهم، والسوء اسم جامع للآفات والدواء (٣).
والزجاج وغيره: سوء العذاب: شديد العذاب (٤)، وقد فسره بقوله: ﴿يُذَبِّحُونَ أَبْنَائَكُمْ﴾. وأصل الذبح في اللغة: الشق (٥)، ومنه:
فَأْرَةَ مِسْكٍ ذُبِحتْ فِي سُكِّ (٦)
وقال الهذلي (٧):
(١) "تهذيب اللغة" (سام) ٢/ ١٦٠٠، "اللسان" (سوم) ٤/ ٢١٥٧.
(٢) "مجاز القرآن" ١/ ٤٠، "تفسير الغريب" لابن قتيبة ص ٤٨.
(٣) ذكره الأزهري عن الليث. "التهذيب" (ساء) ٢/ ١٥٨٣، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٧١.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٠، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٠ أ، و"تفسير أبي الليث" ١/ ١١٧، و"العمدة في غريب القرآن" لمكي ص ٧٥. قال الطبري: وقد قال بعضهم: أشد العذاب، ولو كان ذلك معناه لقيل أسوأ العذاب. "الطبري" ١/ ٢٧١.
(٥) "تهذيب اللغة" (ذبح) ٢/ ١٢٦٧، "اللسان" (ذبح) ٣/ ١٤٨٨.
(٦) بيت من الرجز لمنظور بن مرثد الأسدي، وقبله:
كَأَنَّ بَيْنَ فَكِّهَا وَالْفَكِّ
يصف طيب رائحة فم امرأة.
و (الفك): عظم الحنك. (فأرة المسك): الأناء الذي يكون به المسك شبه بالفأرة، (ذبحت): شقت. (في سك): نوع من الطيب. ورد في "التهذيب" (ذبح) ٢/ ١٢٦٨، "المخصص" ١١/ ٢٠٠، ١٣/ ٣٩، "اللسان" (ذبح) ٣/ ١٤٨٦، "شرح المفصل" ٤/ ١٣٨، ٨/ ٩١، "الخزانة" ٧/ ٤٦٨.
(٧) هو أبو ذؤيب.
(٢) "مجاز القرآن" ١/ ٤٠، "تفسير الغريب" لابن قتيبة ص ٤٨.
(٣) ذكره الأزهري عن الليث. "التهذيب" (ساء) ٢/ ١٥٨٣، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٧١.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٠، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٠ أ، و"تفسير أبي الليث" ١/ ١١٧، و"العمدة في غريب القرآن" لمكي ص ٧٥. قال الطبري: وقد قال بعضهم: أشد العذاب، ولو كان ذلك معناه لقيل أسوأ العذاب. "الطبري" ١/ ٢٧١.
(٥) "تهذيب اللغة" (ذبح) ٢/ ١٢٦٧، "اللسان" (ذبح) ٣/ ١٤٨٨.
(٦) بيت من الرجز لمنظور بن مرثد الأسدي، وقبله:
كَأَنَّ بَيْنَ فَكِّهَا وَالْفَكِّ
يصف طيب رائحة فم امرأة.
و (الفك): عظم الحنك. (فأرة المسك): الأناء الذي يكون به المسك شبه بالفأرة، (ذبحت): شقت. (في سك): نوع من الطيب. ورد في "التهذيب" (ذبح) ٢/ ١٢٦٨، "المخصص" ١١/ ٢٠٠، ١٣/ ٣٩، "اللسان" (ذبح) ٣/ ١٤٨٦، "شرح المفصل" ٤/ ١٣٨، ٨/ ٩١، "الخزانة" ٧/ ٤٦٨.
(٧) هو أبو ذؤيب.
495
| نَامَ الخَلِيُّ وَبِتُّ اللَيْلَ مُشُتَجِراً (١) | كَأَنَّ عَيْنَيَّ فِيهَا الصَّابُ مَذْبُوحُ (٢) |
والذُبَاح والذُّبَّاح بالتخفيف والتشديد تشقق (٣) في الرجل (٤).
ومن هذا سمى الكوكب: (سعدٌ الذَّابح)، لأنه يطلع في وقت يحدث فيه الشقاق في الرجل لأجل البرد (٥)، ولهذا تقول العرب: إذا طلع الذابح انجحر النابح. وسمي فري الأوداج ذبحاً، لأنه نوع شقّ، والتفعيل على التكثير (٦).
و (الأبناء) جمع ابن. قال الزجاج: وأصله: بَنَا (٧) أو بِنْوٌ، فهو يصلح
(١) في جميع النسخ: (مستجراً) بالسين، و (فيه) والتصحيح من مصادر التخريج.
(٢) (الخلي): الذي ليس به هم. و (المشتجر): الذي قد شجر نفسه ووضع يده تحت خده ورأسه لا ينام من الهم، و (الشجر): ملتقى اللحيين، و (الصاب): شجر يخرج منه سائل مثل اللبن، إذا أصاب (العين) أحرقها، (مذبوح): مشقوق. انظر: "شرح أشعار الهذليين" ١/ ١٢٠، "تهذيب اللغة" (ذبح) ٢/ ١٢٦٨، "اللسان" (ذبح) ٣/ ١٤٨٨، "شرح المفصل" ١٠/ ١٢٤، "الخزانة" ٣/ ١٤٣.
(٣) في (أ): (تشق) و (ج): (شق)، وأثبت ما في (ب)، لأنه أصوب، وموافق لما في "تهذيب اللغة".
(٤) انظر: "التهذيب" (ذبح) ٢/ ١٢٦٨، "اللسان" (ذبح) ٣/ ١٤٨٧.
(٥) في "التهذيب": (سمي ذابحًا لأن بحذائه كوكبًا صغيرًا كأنه قد ذبحه) ٢/ ١٢٦٩، "الصحاح" (ذبح) ٢/ ٤٤.
(٦) انظر "اللسان" (ذبح) ٣/ ١٤٨٥.
(٧) في "معاني القرآن" للزجاج: (والأصل كأنه إنما جمع بني وبنو..) ١/ ١٠١. وفي "القاموس": أصله: (بَنَى أو بَنَوٌ) "القاموس" (بنى) ص ١٢٦٤.
(٢) (الخلي): الذي ليس به هم. و (المشتجر): الذي قد شجر نفسه ووضع يده تحت خده ورأسه لا ينام من الهم، و (الشجر): ملتقى اللحيين، و (الصاب): شجر يخرج منه سائل مثل اللبن، إذا أصاب (العين) أحرقها، (مذبوح): مشقوق. انظر: "شرح أشعار الهذليين" ١/ ١٢٠، "تهذيب اللغة" (ذبح) ٢/ ١٢٦٨، "اللسان" (ذبح) ٣/ ١٤٨٨، "شرح المفصل" ١٠/ ١٢٤، "الخزانة" ٣/ ١٤٣.
(٣) في (أ): (تشق) و (ج): (شق)، وأثبت ما في (ب)، لأنه أصوب، وموافق لما في "تهذيب اللغة".
(٤) انظر: "التهذيب" (ذبح) ٢/ ١٢٦٨، "اللسان" (ذبح) ٣/ ١٤٨٧.
(٥) في "التهذيب": (سمي ذابحًا لأن بحذائه كوكبًا صغيرًا كأنه قد ذبحه) ٢/ ١٢٦٩، "الصحاح" (ذبح) ٢/ ٤٤.
(٦) انظر "اللسان" (ذبح) ٣/ ١٤٨٥.
(٧) في "معاني القرآن" للزجاج: (والأصل كأنه إنما جمع بني وبنو..) ١/ ١٠١. وفي "القاموس": أصله: (بَنَى أو بَنَوٌ) "القاموس" (بنى) ص ١٢٦٤.
496
أن يكون (فِعْل)، وبَنَا أصله يكون بَنَوَ (١)، وإنما صارت ألفا، لأنها سكنت لتحرك ما قبلها ثم جرتها الفتحة التي قبلها فصيرتها ألفا، ومثله: قفا ورحا.
قال: فالذين قالوا: (بنون) كأنهم جمعوا (بَنا) والذين قالوا: (أبناء) كأنه جمع (بِنْوُ)، مثل: حِنْو وأحناء وقِنْو وأقناء (٢).
قال أبو علي (٣) لا يجوز في (ابن) أن يكون وزنه (فِعْلا) لأنه لا دلالة
قال: فالذين قالوا: (بنون) كأنهم جمعوا (بَنا) والذين قالوا: (أبناء) كأنه جمع (بِنْوُ)، مثل: حِنْو وأحناء وقِنْو وأقناء (٢).
قال أبو علي (٣) لا يجوز في (ابن) أن يكون وزنه (فِعْلا) لأنه لا دلالة
(١) كذا ورد في (أ)، (ج)، وفي (ب): (وقال الزجاج: وأصله. بنا أو بنو فهو يصلح أن يكون فعل)، ويصلح أن يكون أصله بنو...). ونص كلام الزجاج في (المعاني): (و (أبناءكم) جمع ابن، والأصل كأنه إنما جمع بني وبنو، ويقال: ابن بين البنوة، فهي تصلح أن تكون (فَعَل) و (فِعْل) كأن أصله بِناية، والذين قالوا: (بنون) كأنهم جمعوا (بنا) وبنون، فأبناء جمع (فَعَل) و (فِعْل)..) ١/ ١٠١. وقال الأزهري في "تهذيب اللغة": (وقال الزجاج (ابن) كان في الأصل: (بِنوٌ) أو (بَنَوٌ).. ويحتمل أن يكون أصله: (بَنَيَا)..) "تهذيب اللغة" (بنى) ١/ ٣٩٦، وانظر: "الإغفال" ص ١٨٧، "المخصص" ١٣/ ١٩٢.
وفي "الأشموني مع الصبان": أما ابن فأصله: بَنَوٌ، كقلم حذفت لامه تخفيفًا وسكن أوله وأتي بالهمز توصلًا وتعويضًا، ودليل فتح فائه قولهم في جمعه: بَنُون، وفي النسب: بَنَوِي بفتحها فيهما.. ودليل كون لامه (واوا) لا (ياء) ثلاثة أمور:
أحدها: أن الغالب على ما حذف لامه الواو لا الياء.
ثانيها: أنهم قالوا في مؤنثه: بنت فأبدلوها (التاء) من اللام، وإبدال التاء من الواو أكثر من إبدالها من الياء.
ثالثها: قولهم: البنوة. ونقل ابن الشجري في "أماليه" أن بعضهم ذهب إلى أن المحذوف (ياء) واشتقه من بنى بامرأته يبني، لأن الابن مسبب عن بناء الأب بالأم. وهذا يدل على أن (الابن) لامه (ياء).. وأجاز الزجاج الوجهين. انظر: "الأشموني مع حاشية الصبان" ٤/ ٢٧٥.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠١، نقل كلامه بتصرف، انظر التعليق السابق.
(٣) "الإغفال" ص ١٨٩، نقل الواحدي عنه طويلا، وكلام أبي علي نقله ابن سيده في "المخصص" ١٣/ ١٩٢.
وفي "الأشموني مع الصبان": أما ابن فأصله: بَنَوٌ، كقلم حذفت لامه تخفيفًا وسكن أوله وأتي بالهمز توصلًا وتعويضًا، ودليل فتح فائه قولهم في جمعه: بَنُون، وفي النسب: بَنَوِي بفتحها فيهما.. ودليل كون لامه (واوا) لا (ياء) ثلاثة أمور:
أحدها: أن الغالب على ما حذف لامه الواو لا الياء.
ثانيها: أنهم قالوا في مؤنثه: بنت فأبدلوها (التاء) من اللام، وإبدال التاء من الواو أكثر من إبدالها من الياء.
ثالثها: قولهم: البنوة. ونقل ابن الشجري في "أماليه" أن بعضهم ذهب إلى أن المحذوف (ياء) واشتقه من بنى بامرأته يبني، لأن الابن مسبب عن بناء الأب بالأم. وهذا يدل على أن (الابن) لامه (ياء).. وأجاز الزجاج الوجهين. انظر: "الأشموني مع حاشية الصبان" ٤/ ٢٧٥.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠١، نقل كلامه بتصرف، انظر التعليق السابق.
(٣) "الإغفال" ص ١٨٩، نقل الواحدي عنه طويلا، وكلام أبي علي نقله ابن سيده في "المخصص" ١٣/ ١٩٢.
497
على أن الفاء منه مكسورة، بل الدليل قد قام على أن الفاء مفتوحة، وذلك قولهم: (بَنُون) فلو كان أصله: (بِنْوٌ) لأن (أَفْعال) لا تختص بجمع (فِعْل) (١) بل تكون (٢) -أيضا- جمعا لـ (فُعْل) و (فَعَل) و (فِعَل) و (فَعُل) (٣)، و (فَعِل) نحو: بُرْد (٤) وأَبْراد، وقَتَبٍ (٥)، وأَقْتَاب، وعِنَب وأَعْنَاب وعَضُد وأَعْضَاد، ونَمِر وأَنْمَار، فيلزمه أن يجيز في أصله هذه الأبنية، لأنها تجمع على (أَفْعَال) كما يجمع (فِعْل)، فليس (أَفْعَال) بدليل على أن (ابن) أصله فِعْل).
فأما العين فالدليل على أنها مفتوحة أيضا قولهم في جمعه (أبناء) (٦)، و (أَفْعَال) بابه أن يكون لـ (فَعَل) (٧) نحو: جَبَل.
وليس يجب أن يعدل بالشيء عن أصله وبابه حتى يقوم دليل يسوغ ذلك، ولم نعلم شيئا دل على أن العين ساكنة من (ابن) وعلمنا أنه ينبغي أن تكون متحركة لقولهم: (أَفْعَال) (٨).
فأما العين فالدليل على أنها مفتوحة أيضا قولهم في جمعه (أبناء) (٦)، و (أَفْعَال) بابه أن يكون لـ (فَعَل) (٧) نحو: جَبَل.
وليس يجب أن يعدل بالشيء عن أصله وبابه حتى يقوم دليل يسوغ ذلك، ولم نعلم شيئا دل على أن العين ساكنة من (ابن) وعلمنا أنه ينبغي أن تكون متحركة لقولهم: (أَفْعَال) (٨).
(١) في (ب)، (ج): (تفتح)، وفي (الحاشية) في (ج): (يفتح) ص ١٨٩.
(٢) (فعل) ساقط من (ج).
(٣) (فعل) ساقط من (أ)، (ج) وأثبتهما كما في (ب)، والأمثلة بعدها تدل على ثبوتها، ولم ترد هذه الأوزان في كلام أبي علي وإنما ذكر بعضها قال: (.. لزمه أن يجيز في بنائه: (فعلا) و (فعلا) وغير ذلك..) "الإغفال" ص ١٨٩.
(٤) البرد، بالضم: ثوب مخطط، جمعه أَبْراد، وأَبْردُ. "القاموس المحيط" (برد) ص ٢٦٧.
(٥) القَتَبَ، والقِتْبُ: إكاف البعير. "اللسان" (قتب) ٣/ ٢٨٨١.
(٦) على وزن (أَفْعَال).
(٧) في (ب): (الفعل).
(٨) اختصر بعض كلام أبي علي، انظر: "الإغفال" ص ١٩١.
(٢) (فعل) ساقط من (ج).
(٣) (فعل) ساقط من (أ)، (ج) وأثبتهما كما في (ب)، والأمثلة بعدها تدل على ثبوتها، ولم ترد هذه الأوزان في كلام أبي علي وإنما ذكر بعضها قال: (.. لزمه أن يجيز في بنائه: (فعلا) و (فعلا) وغير ذلك..) "الإغفال" ص ١٨٩.
(٤) البرد، بالضم: ثوب مخطط، جمعه أَبْراد، وأَبْردُ. "القاموس المحيط" (برد) ص ٢٦٧.
(٥) القَتَبَ، والقِتْبُ: إكاف البعير. "اللسان" (قتب) ٣/ ٢٨٨١.
(٦) على وزن (أَفْعَال).
(٧) في (ب): (الفعل).
(٨) اختصر بعض كلام أبي علي، انظر: "الإغفال" ص ١٩١.
498
ولا دلالة في قولهم: (بنت) على أن (ابنا) وزنه (فِعْل) لأن (بنتا) من (ابن) ليست كصعبة من صعب، فيحكم بأن (الفاء) من ابن مكسورة كما كان (١) في بنت مكسورة، لأن هذا البناء أعني: بناء (بنت) صيغ للتأنيث على غير بناء التذكير، فهو كحمراء من أحمر، غُيِّر بناء التأنيث عما كان يجب أن يكون عليه في أصل التذكير، وأبدل من الواو تاء، وألحق الاسم بِنِكْس (٢) وجذْع وما أشبه ذلك.
فأما بنات في جمع بنت فهو مما يدل على ما قلنا من أصل الفاء من (ابن) الفتح، وَرُدَّ في الجمع إلى أصل بناء المذكر، كما رد (أخت) إلى أصل بناء المذكر، فقيل: أخوات، لأن أصل المذكر من كل واحد منهما (فَعَل)، فكما ردوا الحرف الأصلي في جمع (الأخت) وهو الواو فقالوا: (أخوات)، كذلك ردت الحركة التي كانت في أصل بناء المذكر في (ابن)، وقالوا: بنات (٣).
قال أبو علي: والمحذوف من (ابن) (الواو) دون (الياء) (٤)، الدليل على ذلك: أن المحذوف إذا أريد أن يعلم ما هو؟ نظر في التثنية أو
فأما بنات في جمع بنت فهو مما يدل على ما قلنا من أصل الفاء من (ابن) الفتح، وَرُدَّ في الجمع إلى أصل بناء المذكر، كما رد (أخت) إلى أصل بناء المذكر، فقيل: أخوات، لأن أصل المذكر من كل واحد منهما (فَعَل)، فكما ردوا الحرف الأصلي في جمع (الأخت) وهو الواو فقالوا: (أخوات)، كذلك ردت الحركة التي كانت في أصل بناء المذكر في (ابن)، وقالوا: بنات (٣).
قال أبو علي: والمحذوف من (ابن) (الواو) دون (الياء) (٤)، الدليل على ذلك: أن المحذوف إذا أريد أن يعلم ما هو؟ نظر في التثنية أو
(١) في (ب): (أن).
(٢) النِّكْس: السهم الضعيف، الذي يَنْكَّس، أو ينكسر فُوقُه فيجعل أعلاه أسفله، والنِّكسْ الرجل الضعيف، وأصله المنِّكسْ من السهام. "اللسان" (نكس) ٨/ ٤٥٤١.
(٣) "الإغفال" ص١٩٣ - ١٩٥. (بتصرف واختصار)، وانظر: "المخصص" ١٣/ ١٩٣.
(٤) في "الإغفال": (فأما قوله -أي الزجاج- في اللام المحذوفة من (ابن) إنه يحتمل عنده أن يكون واوًا أو ياءً، وأنهما عنده متساويان في الحذف، فليس الأمر -عندي- كما قال، والمحذوف (الواو) دون (الياء)..) "الإغفال" ص ١٩٥، وانظر "المخصص" ١٣/ ١٩٥.
(٢) النِّكْس: السهم الضعيف، الذي يَنْكَّس، أو ينكسر فُوقُه فيجعل أعلاه أسفله، والنِّكسْ الرجل الضعيف، وأصله المنِّكسْ من السهام. "اللسان" (نكس) ٨/ ٤٥٤١.
(٣) "الإغفال" ص١٩٣ - ١٩٥. (بتصرف واختصار)، وانظر: "المخصص" ١٣/ ١٩٣.
(٤) في "الإغفال": (فأما قوله -أي الزجاج- في اللام المحذوفة من (ابن) إنه يحتمل عنده أن يكون واوًا أو ياءً، وأنهما عنده متساويان في الحذف، فليس الأمر -عندي- كما قال، والمحذوف (الواو) دون (الياء)..) "الإغفال" ص ١٩٥، وانظر "المخصص" ١٣/ ١٩٥.
499
الجمع (١)، أو فعل مأخوذ من ذلك اللفظ، أو جمعه المكسر، فإن وُجد في أحد ذلك واو أو ياء، حكم أن المحذوف هو ما يظهر في أحد هذه الأشياء. كما حكمت بـ (إخوة) أن المحذوف من (أخ) واو (٢)، وبـ (غدوت) أن المحذوف من (غد) واو، وبـ (دَمَيَان) أن المحذوف من (دم) ياء، وبـ (يدين) أن المحذوف من (يد) ياء.
وليس في (الابن) (٣) شيء يستدل به على أن المحذوف (ياء) أو (واو)، فوجب أن يحمل على نظيره، ونظيره (أخت)، لأنه صفة ألحقت في التأنيث بـ (قُفْل) (٤)، كما ألحقت (بنت) بـ (عِدْل).
والمحذوف من (أخت) الواو لقولهم: (إخوة) (٥) كذلك ينبغي أن يكون المحذوف من (بنت) الواو.
وأيضًا فإن التاء في (بنت) ليست علامة للتأنيث (٦)، وإنما هي بدل من اللام، لأنها لو كانت علامة للتأنيث لانفتح ما قبلها، كما ينفتح ما قبلها في غير هذا الموضع، نحو: طلحة وحمزة وتمرة، فلما لم تنفتح (٧) علمنا أنه بدل، وإبدال التاء من الواو كثير، كالتاء في أخت، وكذلك في كلتا (٨)،
وليس في (الابن) (٣) شيء يستدل به على أن المحذوف (ياء) أو (واو)، فوجب أن يحمل على نظيره، ونظيره (أخت)، لأنه صفة ألحقت في التأنيث بـ (قُفْل) (٤)، كما ألحقت (بنت) بـ (عِدْل).
والمحذوف من (أخت) الواو لقولهم: (إخوة) (٥) كذلك ينبغي أن يكون المحذوف من (بنت) الواو.
وأيضًا فإن التاء في (بنت) ليست علامة للتأنيث (٦)، وإنما هي بدل من اللام، لأنها لو كانت علامة للتأنيث لانفتح ما قبلها، كما ينفتح ما قبلها في غير هذا الموضع، نحو: طلحة وحمزة وتمرة، فلما لم تنفتح (٧) علمنا أنه بدل، وإبدال التاء من الواو كثير، كالتاء في أخت، وكذلك في كلتا (٨)،
(١) في (ب): (والجمع).
(٢) (واو) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): (بن).
(٤) في "الإغفال" (فُعْل) ص ١٩٦، وفي "المخصص" (قُفل) ١٣/ ١٩٥.
(٥) استدل بجمع التكسير على أن المحذوف من (أخت) واو.
(٦) في "الإغفال": (وهذه التاء لا تخلو من أن تكون بدلا من لام الفعل، أو علامة للتأنيث، فلو كانت علامة للتأنيث لا نفتح ما قبلها..) ص ١٩٧.
(٧) في (ب): (يفتح).
(٨) الأصل فيهما (كِلْوَا) انظر: "صناعة الإعراب" ١/ ١٤٩.
(٢) (واو) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): (بن).
(٤) في "الإغفال" (فُعْل) ص ١٩٦، وفي "المخصص" (قُفل) ١٣/ ١٩٥.
(٥) استدل بجمع التكسير على أن المحذوف من (أخت) واو.
(٦) في "الإغفال": (وهذه التاء لا تخلو من أن تكون بدلا من لام الفعل، أو علامة للتأنيث، فلو كانت علامة للتأنيث لا نفتح ما قبلها..) ص ١٩٧.
(٧) في (ب): (يفتح).
(٨) الأصل فيهما (كِلْوَا) انظر: "صناعة الإعراب" ١/ ١٤٩.
500
وكذلك مثّله سيبويه (١) بِشَرْوى.
ونذكر الكلام في (كلتا) إذا انتهينا إليه إن شاء الله.
فإن قيل: لو كان الأمر على ما قلتم، لقيل في جمع الأخت والبنت: أختات وبنتات، فلما حذفوا التاء في الجمع دل أنها للتأنيث، وكذلك حذفهم إياها عند النسبة إليها يدل على أنها للتأنيث، كما قالوا: طلحات وطلحي.
قلنا: هذا البناء الذي وقع [إلحاق] (٢) التاء (٣) فيه، وإنما وقع في بناء المؤنث دون بناء المذكر، فصار البناء في الموضعين لذلك، لا لأنه للتأنيث، وغُيِّر البناء في هذين الموضعين وَرُدَّ إلى التذكير من حيث حذفت علامة (٤) التأنيث في هذين الموضعين، لأن الصيغة قامت مقام العلامة، فكما غُيِّرت (٥) ما فيه علامة بحذفها، كذلك غُيِّرت هذه الصيغة بردها إلى المذكر، وإذ (٦) كانت الصيغة قد قامت مقام العلامة، فمن حيث وجب أن يقال: طَلْحَات وطَلْحِيّ، وجب أن يقال: أَخوَات وأَخَوَيّ.
ونذكر الكلام في (كلتا) إذا انتهينا إليه إن شاء الله.
فإن قيل: لو كان الأمر على ما قلتم، لقيل في جمع الأخت والبنت: أختات وبنتات، فلما حذفوا التاء في الجمع دل أنها للتأنيث، وكذلك حذفهم إياها عند النسبة إليها يدل على أنها للتأنيث، كما قالوا: طلحات وطلحي.
قلنا: هذا البناء الذي وقع [إلحاق] (٢) التاء (٣) فيه، وإنما وقع في بناء المؤنث دون بناء المذكر، فصار البناء في الموضعين لذلك، لا لأنه للتأنيث، وغُيِّر البناء في هذين الموضعين وَرُدَّ إلى التذكير من حيث حذفت علامة (٤) التأنيث في هذين الموضعين، لأن الصيغة قامت مقام العلامة، فكما غُيِّرت (٥) ما فيه علامة بحذفها، كذلك غُيِّرت هذه الصيغة بردها إلى المذكر، وإذ (٦) كانت الصيغة قد قامت مقام العلامة، فمن حيث وجب أن يقال: طَلْحَات وطَلْحِيّ، وجب أن يقال: أَخوَات وأَخَوَيّ.
(١) انظر: "الكتاب" ٣/ ٣٦٤، وانظر: "الإغفال" ص ١٩٨، "المخصص" ١٣/ ١٩٥، ١٩٦.
(٢) في (أ): (الحاق) بدون إعجام، وفي ب، ج (الحاو) وفي "الإغفال" (والجواب أن هذه التاء للإلحاق كما قلنا، والدليل ما قدمنا، وإنما حذف في الإضافة وهذا الضرب من الجمع لأن هذا البناء الذي وقع الإلحاق فيه، وإنما وقع في بناء المؤنث دون المذكر..) ص ١٩٩، "المخصص" ١٣/ ١٩٦.
(٣) في (ج): (التاء).
(٤) في "الإغفال": (علامات) ص ١٩٩، "المخصص" ١٣/ ١٩٦.
(٥) في "الإغفال": (غير) ص ١٩٩، ومثله في "المخصص" ١٣/ ١٩٦
(٦) في (ب): (إذا).
(٢) في (أ): (الحاق) بدون إعجام، وفي ب، ج (الحاو) وفي "الإغفال" (والجواب أن هذه التاء للإلحاق كما قلنا، والدليل ما قدمنا، وإنما حذف في الإضافة وهذا الضرب من الجمع لأن هذا البناء الذي وقع الإلحاق فيه، وإنما وقع في بناء المؤنث دون المذكر..) ص ١٩٩، "المخصص" ١٣/ ١٩٦.
(٣) في (ج): (التاء).
(٤) في "الإغفال": (علامات) ص ١٩٩، "المخصص" ١٣/ ١٩٦.
(٥) في "الإغفال": (غير) ص ١٩٩، ومثله في "المخصص" ١٣/ ١٩٦
(٦) في (ب): (إذا).
501
وتعقب أبو الفتح هذه المسألة (١) وزاد بياناً فقال: قد أبدلت التاء من الواو (لاماً) في: أخت وبنت، وأصلهما أخوة وبِنْوَة، فنقلوا، ووزنهما (٢): (فَعَل) إلى (فُعْل) و (فِعل) وألحقوهما بالتاء (٣) المبدلة من لامهما (٤) بوزن (قُفْل) و (حِلْس)، فقالوا: أخت وبنت، وليست التاء فيهما بعلامة التأنيث كما يظن من لا خبرة له بهذا الشأن، لسكون ما قبلها، هكذا مذهب سيبويه، وهو الصحيح، وقد نص عليه في باب مالا ينصرف، فقال: لو سميت بهما رجلا لصرفتهما معرفة، ولو كانت للتأنيث لما أنصرف الاسم (٥).
وعلامة التأنيث في الأخت والبنت صيغتهما (٦) وهو بناؤهما على
وعلامة التأنيث في الأخت والبنت صيغتهما (٦) وهو بناؤهما على
(١) تكلم أبو الفتح ابن جني عن هذه المسألة في كتاب "سر صناعة الأعراب" أثناء كلامه عن إبدال التاء من الواو، وقد تصرف الواحدي في كلامه واستل منه ما يناسب هذا المبحث. انظر: "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٤٩.
(٢) في (ب): (ووزنها). هكذا ورد في جميع النسخ، وفيه غموض، والنص في "سر صناعة الأعراب" (.. فنقلوا أخوة وبنوة، ووزنهما (فَعَلٌ) إلى (فُعْل) و (فِعْل)..) "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٤٩.
(٣) في (ب): (المبدلة).
(٤) في (ب): (لامها) وهو الثابت في صلب "سر صناعة الأعراب"، وفي الحاشية (ب) (لامهما) "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٤٩.
(٥) انظر: "الكتاب" ٣/ ٢٢١، ٣٦١ - ٣٦٤، "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٤٩.
(٦) هذا جواب سؤال أثاره أبو الفتح قال: (فإن قيل: فما علامة التأنيث في أخت وبنت؟) فأجاب عنه بما نقله الواحدي هنا. انظر: "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٥٠.
(٢) في (ب): (ووزنها). هكذا ورد في جميع النسخ، وفيه غموض، والنص في "سر صناعة الأعراب" (.. فنقلوا أخوة وبنوة، ووزنهما (فَعَلٌ) إلى (فُعْل) و (فِعْل)..) "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٤٩.
(٣) في (ب): (المبدلة).
(٤) في (ب): (لامها) وهو الثابت في صلب "سر صناعة الأعراب"، وفي الحاشية (ب) (لامهما) "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٤٩.
(٥) انظر: "الكتاب" ٣/ ٢٢١، ٣٦١ - ٣٦٤، "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٤٩.
(٦) هذا جواب سؤال أثاره أبو الفتح قال: (فإن قيل: فما علامة التأنيث في أخت وبنت؟) فأجاب عنه بما نقله الواحدي هنا. انظر: "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٥٠.
502
(فُعْل) و (فِعْل) وأصلهما (فَعَل) وإبدال الواو فيهما لاما، وهذا عمل اختص به المؤنث، لأنه لم يوجد إلا في هذين وفي كلتا (١)، ويدل أيضا على إقامتهم (البنت) (٢) مقام ما فيه (٣) العلامة الصريحة، وتعاقبهما على الكلمة الواحدة، وذلك نحو: ابنة وبنت، فالصيغة في (بنت) قامت مقام (الهاء) في ابنة، فكما أن (الهاء) علم تأنيث لا محالة، وكذلك صيغة (بنت) علم تأنيث لا محالة، وليس (ابن) من (بنت)، كصعب من صعبة (٤)، إنما نظير صعبة من صعب ابنة من ابن. ويدل على أن (ابن) (٥) و (أخ) (فَعَل) مفتوحة، جمعهم إياهما على أَفْعَال نحو أبناء وآخاء، حكى سيبويه (٦) (آخاء) عن يونس.
قال أبو إسحاق: والأخفش يختار أن يكون المحذوف من ابن (الواو). قال (٧): والبُنُوَّة (٨) ليس بشاهد قاطع للواو، لأنهم يقولون: الفُتُوَّة،
قال أبو إسحاق: والأخفش يختار أن يكون المحذوف من ابن (الواو). قال (٧): والبُنُوَّة (٨) ليس بشاهد قاطع للواو، لأنهم يقولون: الفُتُوَّة،
(١) قوله: (لأنه لم يوجد في هذين وفي كلتا) ليس من كلام أبي الفتح في "سر صناعة الأعراب" ١/ ١٥٠.
(٢) في "سر صناعة الإعراب" (إقامتهم إياه مقام..) ١/ ١٥٠.
(٣) في (ب): (ما في).
(٤) في "سر صناعة الإعراب": (وليس بنت من ابن كصعبة من صعب..) "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٥٠.
(٥) كذا في جميع النسخ، وفي "سر صناعة الإعراب" (أن أخا وابنا) وفي الحاشية:
(في ش: أن أخ وابن) ١/ ١٥٠.
(٦) "الكتاب" ٣/ ٣٦٣، "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٥٠.
(٧) أي أبو إسحاق.
(٨) في (أ)، (ج): (البنُو) وأثبت ما في (ب) لأنه موافق لما في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٢.
(٢) في "سر صناعة الإعراب" (إقامتهم إياه مقام..) ١/ ١٥٠.
(٣) في (ب): (ما في).
(٤) في "سر صناعة الإعراب": (وليس بنت من ابن كصعبة من صعب..) "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٥٠.
(٥) كذا في جميع النسخ، وفي "سر صناعة الإعراب" (أن أخا وابنا) وفي الحاشية:
(في ش: أن أخ وابن) ١/ ١٥٠.
(٦) "الكتاب" ٣/ ٣٦٣، "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٥٠.
(٧) أي أبو إسحاق.
(٨) في (أ)، (ج): (البنُو) وأثبت ما في (ب) لأنه موافق لما في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٢.
503
والتثنية (١): فتيان، فابن يجوز أن يكون المحذوف منه (الواو) (٢) و (الياء)، وهما عندنا متساويان.
وأبو علي ينكر أن يكون المحذوف الياء دون الواو (٣)، وقد دل فيما ذكرنا من كلامه أن المحذوف هو الواو. فأما إدخال ألف الوصل في (ابن)، فإنما أدخلت كما أدخلت في الاسم، وقد فرغنا منه في أول الكتاب (٤).
قوله تعالى: ﴿وَيَسْتَحْيُونَ نِسَائَكُمْ﴾. (يستحيون) يستفعلون من الحياة، ومعناه: يَسْتَبْقُونهن (٥)، ولا يقتلونهن (٦)، ومنه قوله - ﷺ -: "اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم" (٧).
واسم النساء يقع على الكبار والصغار، وذلك أنهم كانوا يستبقون البنات (٨) لا يقتلونهن.
وأبو علي ينكر أن يكون المحذوف الياء دون الواو (٣)، وقد دل فيما ذكرنا من كلامه أن المحذوف هو الواو. فأما إدخال ألف الوصل في (ابن)، فإنما أدخلت كما أدخلت في الاسم، وقد فرغنا منه في أول الكتاب (٤).
قوله تعالى: ﴿وَيَسْتَحْيُونَ نِسَائَكُمْ﴾. (يستحيون) يستفعلون من الحياة، ومعناه: يَسْتَبْقُونهن (٥)، ولا يقتلونهن (٦)، ومنه قوله - ﷺ -: "اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم" (٧).
واسم النساء يقع على الكبار والصغار، وذلك أنهم كانوا يستبقون البنات (٨) لا يقتلونهن.
(١) (والواو) ساقطة من (ب).
(٢) في "معاني للزجاج": (الواو) أو (الياء) ١/ ١٠٢.
(٣) قال أبو علي: (ما أعلم الأخفش نص على هذه المسألة، أن الاختيار عنده أن يكون (الواو)، وأنه يجيز أن المحذوف الياء..) "الإغفال" ص ٢٠٢ - ٢٠٣.
(٤) انظر ما سبق في أول تفسير الفاتحة.
(٥) في (ب): (يستبقوهن).
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٧٢، و"الثعلبي" ١/ ٧٠ ب، "زاد المسير" ١/ ٧٨، وذكر الطبري عن أبي العالية وضعفه: (يستحيون) يسترقون. "الطبري" ١/ ٣٧٢.
(٧) أخرجه أبو داود عن سمرة بن جندب، وفيه (استبقوا) بدل (استحيوا) انظر: "سنن أبي داود" ٢٦٧٠ كتاب (الجهاد)، باب (في قتل النساء)، والترمذي (١٥٨٣) أبواب (السير) باب (ما جاء في النزول عن الحكم) وفيه: الشرخ: الغلمان الذين لم ينبتوا. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. عارضه الأحوزي
وأخرجه أحمد في "مسنده" ٥/ ١٢، ٢٠. ورمز السيوطي له بالصحة في "الجامع الصغير". انظر: "فيض القدير شرح الجامع" ٢/ ٧٦.
(٨) في (ب): (جميع البنات).
(٢) في "معاني للزجاج": (الواو) أو (الياء) ١/ ١٠٢.
(٣) قال أبو علي: (ما أعلم الأخفش نص على هذه المسألة، أن الاختيار عنده أن يكون (الواو)، وأنه يجيز أن المحذوف الياء..) "الإغفال" ص ٢٠٢ - ٢٠٣.
(٤) انظر ما سبق في أول تفسير الفاتحة.
(٥) في (ب): (يستبقوهن).
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٧٢، و"الثعلبي" ١/ ٧٠ ب، "زاد المسير" ١/ ٧٨، وذكر الطبري عن أبي العالية وضعفه: (يستحيون) يسترقون. "الطبري" ١/ ٣٧٢.
(٧) أخرجه أبو داود عن سمرة بن جندب، وفيه (استبقوا) بدل (استحيوا) انظر: "سنن أبي داود" ٢٦٧٠ كتاب (الجهاد)، باب (في قتل النساء)، والترمذي (١٥٨٣) أبواب (السير) باب (ما جاء في النزول عن الحكم) وفيه: الشرخ: الغلمان الذين لم ينبتوا. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. عارضه الأحوزي
وأخرجه أحمد في "مسنده" ٥/ ١٢، ٢٠. ورمز السيوطي له بالصحة في "الجامع الصغير". انظر: "فيض القدير شرح الجامع" ٢/ ٧٦.
(٨) في (ب): (جميع البنات).
504
وقيل: سمى البنات نساء على تقدير أنهن يكن نساء، وقيل: جمع الكبار والصغار بلفظ النساء، لأنهم كانوا يستبقون جميع (١) الإناث، فجرى اللفظ على التغليب كما يطلق الرجال على الذكور وإن كان فيهم صغار (٢). فإن قيل: فما في استحياء النساء من سوء العذاب؟
قيل: إن استحياء النساء على ما كانوا يعملون بهن أشد في المحنة من قتلهن، لأنهن يستعبدن وينكحن على الاسترقاق، والاستبقاء للإذلال استبقاء محنة (٣).
قوله تعالى: ﴿وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾. البلاء: اسم ممدود من البلو، وهو الاختبار والتجربة (٤). يقال: بَلاَه يَبْلُوه بَلْواً إذا جَرَّبَه، وَبَلاَه يَبْلُوهُ بَلْواً إذا ابتلاه الله ببلاء (٥).
قال أبو الهيثم: البلاء يكون حسنا ويكون سيئا، وأصله: المحنة، والله عز وجل يبلو عباده بالصنيع الحسن، ليمتحن شكرهم عليه، ويبلوهم بالبلوى الذي يكرهون، ليمتحن صبرهم، فقيل للحسن: بلاء، وللسيئ: بلاء (٦) لأن أصلهما: المحنة، ومنه قوله: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ﴾
قيل: إن استحياء النساء على ما كانوا يعملون بهن أشد في المحنة من قتلهن، لأنهن يستعبدن وينكحن على الاسترقاق، والاستبقاء للإذلال استبقاء محنة (٣).
قوله تعالى: ﴿وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾. البلاء: اسم ممدود من البلو، وهو الاختبار والتجربة (٤). يقال: بَلاَه يَبْلُوه بَلْواً إذا جَرَّبَه، وَبَلاَه يَبْلُوهُ بَلْواً إذا ابتلاه الله ببلاء (٥).
قال أبو الهيثم: البلاء يكون حسنا ويكون سيئا، وأصله: المحنة، والله عز وجل يبلو عباده بالصنيع الحسن، ليمتحن شكرهم عليه، ويبلوهم بالبلوى الذي يكرهون، ليمتحن صبرهم، فقيل للحسن: بلاء، وللسيئ: بلاء (٦) لأن أصلهما: المحنة، ومنه قوله: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ﴾
(١) (جميع) ساقط من (ب).
(٢) واختار هذا الوجه ابن جرير في "تفسيره" ١/ ٢٧٤، انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٦، " القرطبي" ١/ ٣٣٠، "البحر" ١/ ١٦٤.
(٣) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٦، "زاد المسير" ١/ ٧٨، "الرازي" ١/ ٦٨، "البحر" ١/ ١٩.
(٤) انظر: "التهذيب" (بلا) ١/ ٣٧٩، "اللسان" (بلا) ١/ ٣٥٥.
(٥) ذكره الأزهري عن الأصمعي. "التهذيب" (بلا) ١/ ٣٧٩.
(٦) ذكره الهروي عن أبي الهيثم، ولفظه: (يبلو عبده) بلفظ المفرد "الغريبين" ١/ ٢٠٩، ٢١٠، وذكره القرطبي في "تفسيره" عن الهروي ١/ ٣٣٠.
(٢) واختار هذا الوجه ابن جرير في "تفسيره" ١/ ٢٧٤، انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٦، " القرطبي" ١/ ٣٣٠، "البحر" ١/ ١٦٤.
(٣) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٦، "زاد المسير" ١/ ٧٨، "الرازي" ١/ ٦٨، "البحر" ١/ ١٩.
(٤) انظر: "التهذيب" (بلا) ١/ ٣٧٩، "اللسان" (بلا) ١/ ٣٥٥.
(٥) ذكره الأزهري عن الأصمعي. "التهذيب" (بلا) ١/ ٣٧٩.
(٦) ذكره الهروي عن أبي الهيثم، ولفظه: (يبلو عبده) بلفظ المفرد "الغريبين" ١/ ٢٠٩، ٢١٠، وذكره القرطبي في "تفسيره" عن الهروي ١/ ٣٣٠.
505
[الأعراف: ١٦٨]، وقال: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ (١) [الأنبياء: ٣٥]، وقال في الخير: بلاه الله، وأبلاه (٢).
قال زهير: (٣)
أي: صنع بهما خير الصنيع الذي يبلو به عباده (٥).
قال الليث: ويقال من الشر أيضا يُبْلِيه إِبْلاَء (٦).
والذي في هذه الآية يحتمل الوجيهن، فإن حملته على الشدة، كان معناه: في أستحياء البنات للخدمة وذبح البنين بلاء ومحنة (٧). وهو قول ابن
قال زهير: (٣)
| جَزى اللهُ بِالْإِحْسَانِ مَا فَعَلاَ بِكُم | وَأَبلاَهُمَا خَيْرَ البَلاَءِ الذي يَبْلُو (٤) |
قال الليث: ويقال من الشر أيضا يُبْلِيه إِبْلاَء (٦).
والذي في هذه الآية يحتمل الوجيهن، فإن حملته على الشدة، كان معناه: في أستحياء البنات للخدمة وذبح البنين بلاء ومحنة (٧). وهو قول ابن
(١) (الواو) ساقطة من (ب)
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٧٥، "الصحاح" (بلا) ٦/ ٢٢٨٥.
(٣) في (ج): (زهير بن جناب).
(٤) من قصيدة لزهير يمدح سناد بن أبي حارثة ويروى بالديوان (رأى الله) ورد البيت في: "معانى القرآن" للزجاج ١/ ١٠٢، "التهذيب" (بلا) ١/ ٣٧٩، "الصحاح" (بلا) ٦/ ٢٢٨٥، "اللسان" (بلا) ١/ ٣٥٥، "الخصائص" ١/ ١٣٧، و"القرطبي" ١/ ٣٣٠، و"الرازي" ٣/ ٧٠، و"ابن كثير" ١/ ٩٦، "الدر المصون" ١/ ٣٤٨، "فتح القدير" ١/ ١٣١، "شرح ديوان زهير" ص ١٠٩.
(٥) "تهذيب اللغة" (بلا) ١/ ٣٧٩.
(٦) في "تهذيب اللغة" عن الليث: (الله يبلى العبد بلاءً حسنًا، ويبليه بلاءً سيئًا، (بلا) ١/ ٣٧٩، قال الطبري: الأكثر في الشر أن يقال: (بلوته أبلوه بلاء) وفي الخير: (أَبْلَيْته أُبْلِيه إِبْلاَءً وبَلاَءً).
(٧) ذكره أبو الليث في "تفسيره" ١/ ١١٧، وابن الأنباري في "الزاهر" ١/ ٣٤٨، و"الثعلبي" ١/ ٧٠ ب، و"الكشاف" ١/ ٢٧٩، و"البغوي" ١/ ٩١، "زاد المسير" ١/ ٧٨، و"الرازي" ٣/ ٧٠، و"القرطبي" ١/ ٣٣٠، ونسبة للجمهور، و"ابن كثير" ١/ ٩٧، و"البيضاوي" ١/ ٢٥، و"النسفي" ١/ ٤٣، و"الخازن" ١/ ١٢١.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٧٥، "الصحاح" (بلا) ٦/ ٢٢٨٥.
(٣) في (ج): (زهير بن جناب).
(٤) من قصيدة لزهير يمدح سناد بن أبي حارثة ويروى بالديوان (رأى الله) ورد البيت في: "معانى القرآن" للزجاج ١/ ١٠٢، "التهذيب" (بلا) ١/ ٣٧٩، "الصحاح" (بلا) ٦/ ٢٢٨٥، "اللسان" (بلا) ١/ ٣٥٥، "الخصائص" ١/ ١٣٧، و"القرطبي" ١/ ٣٣٠، و"الرازي" ٣/ ٧٠، و"ابن كثير" ١/ ٩٦، "الدر المصون" ١/ ٣٤٨، "فتح القدير" ١/ ١٣١، "شرح ديوان زهير" ص ١٠٩.
(٥) "تهذيب اللغة" (بلا) ١/ ٣٧٩.
(٦) في "تهذيب اللغة" عن الليث: (الله يبلى العبد بلاءً حسنًا، ويبليه بلاءً سيئًا، (بلا) ١/ ٣٧٩، قال الطبري: الأكثر في الشر أن يقال: (بلوته أبلوه بلاء) وفي الخير: (أَبْلَيْته أُبْلِيه إِبْلاَءً وبَلاَءً).
(٧) ذكره أبو الليث في "تفسيره" ١/ ١١٧، وابن الأنباري في "الزاهر" ١/ ٣٤٨، و"الثعلبي" ١/ ٧٠ ب، و"الكشاف" ١/ ٢٧٩، و"البغوي" ١/ ٩١، "زاد المسير" ١/ ٧٨، و"الرازي" ٣/ ٧٠، و"القرطبي" ١/ ٣٣٠، ونسبة للجمهور، و"ابن كثير" ١/ ٩٧، و"البيضاوي" ١/ ٢٥، و"النسفي" ١/ ٤٣، و"الخازن" ١/ ١٢١.
506
عباس من رواية عطاء والكلبي (١).
وإن حملته على النعمة، كان المعنى: وفي (٢) تنجيتكم من هذه المحن نعمة عظيمة، وهو قول مجاهد والسدي (٣)، ومثل هذا في احتمال الوجهين، قوله في قصة إبراهيم: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾ [الصافات: ١٠٦].
٥٠ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ﴾ وذلك (٤) أن الله تعالى فرق
وإن حملته على النعمة، كان المعنى: وفي (٢) تنجيتكم من هذه المحن نعمة عظيمة، وهو قول مجاهد والسدي (٣)، ومثل هذا في احتمال الوجهين، قوله في قصة إبراهيم: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾ [الصافات: ١٠٦].
٥٠ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ﴾ وذلك (٤) أن الله تعالى فرق
(١) أخرج الطبري في "تفسيره" بسنده عن عكرمة عن ابن عباس نحوه ١/ ٢٧٢، ولم أجده من طريق عطاء والكلبي.
(٢) (الواو) ساقطة من (ب).
(٣) ذكره ابن جرير بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وعن السدي، وعن مجاهد، وعن ابن جريح. "تفسير الطبري" ٢/ ٢٧٤، و"ابن أبي حاتم" ١/ ١٠٦، والزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٠٢، وابن قتيبة في "الغريب" ص ٤٠، ورجح هذا القول الرازي في "تفسيره" ٣/ ٧٠. انظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٣٣٠، و"ابن كثير" ١/ ٩٦.
(٤) في هوامش نسخة (أ) زيادة من الكاتب صدرها بقوله (ش من ك) أي شرح من الكاتب، وهي في جميع المواضيع منقولة بنصها من "الكشاف" للزمخشري، وأثبت ما ذكره في هذا الموضع للاطلاع والفائدة:
(ش من ك. فرقنا: فصلنا بين بعضه وبعض، حتى صار فيه مسالك لكم، وقرئ (فرَّقنا) بمعنى: فصلنا. يقال: فرق بين الشيئين، وفرق بين الأشياء، لأن المسالك كانت اثني عشر، على عدد الأسباط.
وأما (بكم) ففيه أوجه: أن يراد كانوا يسلكونه ويتفرق الماء عند سلوكهم فكأنما فرق بهم كما يفرق بين الشيئين بما يوسط بينهما. وأن يراد فرقناه بسببكم، وبسبب إنجائكم. وأن يكون في موضع الحال، بمعنى: فرقناه ملتبسا بكم كقوله:
تدوس بِنَا الجَمَاجِمَ والتَّرِيبَا
أي: تدرسها ونحن راكبوها.
انتهى تعليق الكاتب، والكلام بنصه في "الكشاف" ١/ ٢٨٠.
(٢) (الواو) ساقطة من (ب).
(٣) ذكره ابن جرير بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وعن السدي، وعن مجاهد، وعن ابن جريح. "تفسير الطبري" ٢/ ٢٧٤، و"ابن أبي حاتم" ١/ ١٠٦، والزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٠٢، وابن قتيبة في "الغريب" ص ٤٠، ورجح هذا القول الرازي في "تفسيره" ٣/ ٧٠. انظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٣٣٠، و"ابن كثير" ١/ ٩٦.
(٤) في هوامش نسخة (أ) زيادة من الكاتب صدرها بقوله (ش من ك) أي شرح من الكاتب، وهي في جميع المواضيع منقولة بنصها من "الكشاف" للزمخشري، وأثبت ما ذكره في هذا الموضع للاطلاع والفائدة:
(ش من ك. فرقنا: فصلنا بين بعضه وبعض، حتى صار فيه مسالك لكم، وقرئ (فرَّقنا) بمعنى: فصلنا. يقال: فرق بين الشيئين، وفرق بين الأشياء، لأن المسالك كانت اثني عشر، على عدد الأسباط.
وأما (بكم) ففيه أوجه: أن يراد كانوا يسلكونه ويتفرق الماء عند سلوكهم فكأنما فرق بهم كما يفرق بين الشيئين بما يوسط بينهما. وأن يراد فرقناه بسببكم، وبسبب إنجائكم. وأن يكون في موضع الحال، بمعنى: فرقناه ملتبسا بكم كقوله:
تدوس بِنَا الجَمَاجِمَ والتَّرِيبَا
أي: تدرسها ونحن راكبوها.
انتهى تعليق الكاتب، والكلام بنصه في "الكشاف" ١/ ٢٨٠.
507
البحر اثني عشر طريقا، حتى خاض بنو إسرائيل، وكان (١) ذلك فرقا بهم، لأنهم كانوا حشو البحر، والماء منفصل بعضه عن بعض، وهم يمرون فيما بينه (٢).
وأما (البحر) فقال الليث: سمي بحراً لاستبحاره، وهو سعته وانبساطه، ويقال: استبحر فلان في العلم، إذا اتسع فيه، وتبحر الراعي في رعي كثير، وتبحر فلان في المال (٣).
وقال غيره: سمي البحر بحراً، لأنه شق في الأرض، والبحر: الشق (٤)، ومنه البحِيرَة (٥).
وأما (البحر) فقال الليث: سمي بحراً لاستبحاره، وهو سعته وانبساطه، ويقال: استبحر فلان في العلم، إذا اتسع فيه، وتبحر الراعي في رعي كثير، وتبحر فلان في المال (٣).
وقال غيره: سمي البحر بحراً، لأنه شق في الأرض، والبحر: الشق (٤)، ومنه البحِيرَة (٥).
= قوله: وقرئ (فرَّقنا): بها قرأ الزهري، انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٨، والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٣٣٠، "البحر" ١/ ١٩٧.
- وقوله: (تدوس بِنَا الجَمَاجِمَ والتَّرِيبَا): البيت للمتنبي، وصدره:
فَمَرَّتْ غَيْرَ نَافِرَةٍ عَلَيْهِم
و (التريبا): لغة في التراب. انظر: "ديوان المتنبي شرح العكبري" ١/ ١٣٨، "الكشاف" ١/ ٥٠٦، "البحر" ١/ ١٢٧، "الدر المصون" ١/ ٣٤٩.
(١) (كان) ساقط من (ج).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٧٥، و"أبي الليث" ١/ ١١٧، و"معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٣، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٢٨.
(٣) "تهذيب اللغة" (بحر) ١/ ٢٨٢.
(٤) ذكره الأزهري، "تهذيب اللغة" (بحر) ١/ ٢٨٢.
(٥) قال الأزهري: قال أبو إسحاق النحوي: وأثبت ما روينا عن أهل اللغة في البَحِيرَة: أنها الناقة، كانت إذا نتجت خمسة أبطن فكان آخرها ذكرا، بحروا أذنها، أي: شقوها، وأعفوا ظهرها من الركوب والحمل، والذبح، ولا تُحَلَّأ عن ماء ترده، ولا تمنع من مرعى، وإذا لقيها المُعْيي المنقطع به لم يركبها. "تهذيب اللغة" (بحر) ١/ ٢٨٢، وانظر: "اللسان" (بحر) ١/ ٢١٥.
- وقوله: (تدوس بِنَا الجَمَاجِمَ والتَّرِيبَا): البيت للمتنبي، وصدره:
فَمَرَّتْ غَيْرَ نَافِرَةٍ عَلَيْهِم
و (التريبا): لغة في التراب. انظر: "ديوان المتنبي شرح العكبري" ١/ ١٣٨، "الكشاف" ١/ ٥٠٦، "البحر" ١/ ١٢٧، "الدر المصون" ١/ ٣٤٩.
(١) (كان) ساقط من (ج).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٧٥، و"أبي الليث" ١/ ١١٧، و"معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٣، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٢٨.
(٣) "تهذيب اللغة" (بحر) ١/ ٢٨٢.
(٤) ذكره الأزهري، "تهذيب اللغة" (بحر) ١/ ٢٨٢.
(٥) قال الأزهري: قال أبو إسحاق النحوي: وأثبت ما روينا عن أهل اللغة في البَحِيرَة: أنها الناقة، كانت إذا نتجت خمسة أبطن فكان آخرها ذكرا، بحروا أذنها، أي: شقوها، وأعفوا ظهرها من الركوب والحمل، والذبح، ولا تُحَلَّأ عن ماء ترده، ولا تمنع من مرعى، وإذا لقيها المُعْيي المنقطع به لم يركبها. "تهذيب اللغة" (بحر) ١/ ٢٨٢، وانظر: "اللسان" (بحر) ١/ ٢١٥.
508
أبو عبيد، عن الأموي (١): أن البحر: هو الملح (٢)، ويقال: أبحر الماء، أي صار ملحا (٣).
قال نُصَيْب (٤):
وقوله تعالى: ﴿وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ﴾. ولم يذكر غرق فرعون نفسه، لأنه قد ذكره في مواضع كقوله: ﴿فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا﴾ [الإسراء: ١٠٣]. ويجوز أن يريد بآل فرعون نفسه (٦)، وبيان هذا (٧) يذكر عند قوله: {مِمَّا
قال نُصَيْب (٤):
| وَقَدْ عَادَ مَاءُ الأَرْضِ بَحْراً فَرَدَّنِي | إِلَى مَرَضِى أَنْ أَبْحَرَ المَشْربُ العَذْبُ (٥) |
(١) هو عبد الله بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص، القرشي، الأموي، كان متمكنا في علم النحو واللغة، وكان ثقة، حكى عنه أبو عبيد كثيرا، مات بعد سنة ثلاث ومائتين. انظر: "تاريخ بغداد" ٩/ ٤٧٠، "الأنساب" ١/ ٣٥٠، "إنباه الرواة" ٢/ ١٢٠.
(٢) في (ب): (إن الماء البحر) وفي "تهذيب اللغة": (والماء البحر هو الملح) ١/ ٢٨٢.
(٣) "تهذيب اللغة" (بحر) ١/ ٢٨٢، وانظر: "الغريبين" ١/ ١٣٤.
(٤) هو نُصَيب بن رباح مولى عبد العزيز بن مروان، شاعر من فحول الشعراء الإسلاميين، انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص٢٦٠، "معجم الأدباء" ١٩/ ٢٢٨.
(٥) ورد البيت في "تهذيب اللغة" (بحر) ١/ ٢٨٢، "الصحاح" (بحر) ٢/ ٥٨٥، "مقاييس اللغة" (بحر) ١/ ٢١٥، "الغريبين" ١/ ١٣٤، "مفردات الراغب" ص ٣٧، "اللسان" (بحر) ١/ ٢١٥، "فتح القدير" ١/ ١٣٢، وفي أكثر المصادر: (فزادني) بدل: (فردني).
(٦) في (ب): (عن نفسه). أو يدخل معهم، ووجوده معهم مستقر ومعلوم. انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٧، "زاد المسير" ١/ ٧٨، "البحر" ١/ ١٩٨.
(٧) أي أنه يطلق (آل فرعون) ويراد به نفسه كما في (آل موسى).
(٢) في (ب): (إن الماء البحر) وفي "تهذيب اللغة": (والماء البحر هو الملح) ١/ ٢٨٢.
(٣) "تهذيب اللغة" (بحر) ١/ ٢٨٢، وانظر: "الغريبين" ١/ ١٣٤.
(٤) هو نُصَيب بن رباح مولى عبد العزيز بن مروان، شاعر من فحول الشعراء الإسلاميين، انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص٢٦٠، "معجم الأدباء" ١٩/ ٢٢٨.
(٥) ورد البيت في "تهذيب اللغة" (بحر) ١/ ٢٨٢، "الصحاح" (بحر) ٢/ ٥٨٥، "مقاييس اللغة" (بحر) ١/ ٢١٥، "الغريبين" ١/ ١٣٤، "مفردات الراغب" ص ٣٧، "اللسان" (بحر) ١/ ٢١٥، "فتح القدير" ١/ ١٣٢، وفي أكثر المصادر: (فزادني) بدل: (فردني).
(٦) في (ب): (عن نفسه). أو يدخل معهم، ووجوده معهم مستقر ومعلوم. انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٧، "زاد المسير" ١/ ٧٨، "البحر" ١/ ١٩٨.
(٧) أي أنه يطلق (آل فرعون) ويراد به نفسه كما في (آل موسى).
509
تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} [البقرة: ٢٤٨]، إن شاء الله.
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾. وذلك أنهم لما خرجوا من (١) البحر رأوا انطباق البحر على فرعون وقومه.
وقال محمد بن جرير: (وأنتم تنظرون) إلى فرق الله البحر وإنجائكم من عدوكم (٢).
٥١ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ الآية. يقال: وَعَدْتُه وَعْدَا وعِدَةً (٣) وَموْعِداً وَموْعِدةً (٤)، قال الله: ﴿إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ﴾ [التوبة: ١١٤]، وقال: ﴿وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾ [الكهف: ٥٩]. ويقال: وعدني الخير والشر (٥)، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا﴾ [طه: ٨٦] ﴿النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الحج: ٧٢].
فأما الإيعاد فهو في التهديد. قال الشاعر:
أَوْعَدَنِي بِالسِّجْنِ والْأَداَهِمِ (٦)
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾. وذلك أنهم لما خرجوا من (١) البحر رأوا انطباق البحر على فرعون وقومه.
وقال محمد بن جرير: (وأنتم تنظرون) إلى فرق الله البحر وإنجائكم من عدوكم (٢).
٥١ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ الآية. يقال: وَعَدْتُه وَعْدَا وعِدَةً (٣) وَموْعِداً وَموْعِدةً (٤)، قال الله: ﴿إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ﴾ [التوبة: ١١٤]، وقال: ﴿وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾ [الكهف: ٥٩]. ويقال: وعدني الخير والشر (٥)، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا﴾ [طه: ٨٦] ﴿النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الحج: ٧٢].
فأما الإيعاد فهو في التهديد. قال الشاعر:
أَوْعَدَنِي بِالسِّجْنِ والْأَداَهِمِ (٦)
(١) في (ب): (عن).
(٢) وهذا على تفسير (النظر) هنا بالمشاهدة، وقد قال بعضهم: إنه بمعنى العلم، كالفراء ورد عليه ابن جرير هذا. انظر: "الطبري" ١/ ٢٧٨، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٦، "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٣.
(٣) في (أ): (وعدء) وأثبت ما في (ب)، (ج) لأنه الصواب.
(٤) الكلام عن لفظ (وعد) واشتقاقه واستعمالاته نقله عن "الحجة" لأبي علي ٢/ ٥٦، وانظر: "تهذيب اللغة" (وعد) ٤/ ٣٩١٥، "اللسان" ٨/ ٤٨٧١.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (وعد) ٤/ ٣٩١٥.
(٦) في (ب): (الاداهمى). البيت لعُدَيْل بن الفَرْخ، وبعده:
رِجْلِي وَرِجْلِي شثنة المْنَاَسِمِ
الأداهم: جمع أدهم، وهو القيد، شثنة: غليظة، المناسم: طرف خف البعير استعارة للإنسان. ورد البيت في "الحجة" لأبي علي ٢/ ٥٧، وفي كتب اللغة مادة =
(٢) وهذا على تفسير (النظر) هنا بالمشاهدة، وقد قال بعضهم: إنه بمعنى العلم، كالفراء ورد عليه ابن جرير هذا. انظر: "الطبري" ١/ ٢٧٨، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٦، "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٣.
(٣) في (أ): (وعدء) وأثبت ما في (ب)، (ج) لأنه الصواب.
(٤) الكلام عن لفظ (وعد) واشتقاقه واستعمالاته نقله عن "الحجة" لأبي علي ٢/ ٥٦، وانظر: "تهذيب اللغة" (وعد) ٤/ ٣٩١٥، "اللسان" ٨/ ٤٨٧١.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (وعد) ٤/ ٣٩١٥.
(٦) في (ب): (الاداهمى). البيت لعُدَيْل بن الفَرْخ، وبعده:
رِجْلِي وَرِجْلِي شثنة المْنَاَسِمِ
الأداهم: جمع أدهم، وهو القيد، شثنة: غليظة، المناسم: طرف خف البعير استعارة للإنسان. ورد البيت في "الحجة" لأبي علي ٢/ ٥٧، وفي كتب اللغة مادة =
510
والوعيد كالإيعاد، قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ﴾ [إبراهيم: ١٤] وأكثر ما يستعمل الإيعاد بالباء (١)، فيقال: أوعدته بالشر، ويجوز أن تقول (٢) أوعدته، من غير ذكر الشر، ولا يكون إلا في الشر (٣).
والميعاد من: الوعد (٤) [لأنه لم يرد في الخير (٥)، ولذلك قلنا: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آل عمران: ٩]، (٦) ويجوز أن يخلف الوعيد فيكون ذلك منه كرما (٧).
و (الوعد) (٨) يتعدى إلى مفعولين، ويجوز أن يقتصر على أحدهما كأعطيت، وليس كظننت، قال الله تعالى: ﴿وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ﴾ [طه: ٨٠]، فـ (جانب) مفعول ثان، ولا يكون ظرفا لاختصاصه (٩)، والتقدير:
والميعاد من: الوعد (٤) [لأنه لم يرد في الخير (٥)، ولذلك قلنا: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آل عمران: ٩]، (٦) ويجوز أن يخلف الوعيد فيكون ذلك منه كرما (٧).
و (الوعد) (٨) يتعدى إلى مفعولين، ويجوز أن يقتصر على أحدهما كأعطيت، وليس كظننت، قال الله تعالى: ﴿وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ﴾ [طه: ٨٠]، فـ (جانب) مفعول ثان، ولا يكون ظرفا لاختصاصه (٩)، والتقدير:
= (وعد) في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩١٥، "الصحاح" ٢/ ٥٥١، "المحكم" ٢/ ١٣٧، "مقاييس اللغة" ٣/ ١٣٤، "اللسان"، ٨/ ٤٨٧١، وفي "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٩٧، "الحروف" لابن السكيت ص ٩٧، "الهمع" ٥/ ٢١٧، "شرح المفصل" ٣/ ٧٠، "شرح ابن عقيل" ٣/ ٢٥١، "الخزانة" ٥/ ١٨٨، "شرح شذور الذهب" ص ٥٢٤.
(١) في (ب)، (ج): (بالياء).
(٢) في (أ)، (ج) (يقول) ما في (ب) أنسب للسياق.
(٣) ذكره أبو علي عن أحمد بن يحيى، "الحجة" ٢/ ٥٧، وانظر "تهذيب اللغة" (وعد) ٤/ ٣٩١٥.
(٤) في (ب): (الوعيد).
(٥) في (أ): (الخبر) وما في (ب)، (ج) هو الصواب.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٧) اختصر كلام أبي علي، انظر: "الحجة" ٢/ ٥٧، ٥٨، وسياق أبي علي أوضح.
(٨) في (ب): (الوعيد) وفي "الحجة": (وعدت) فعل يتعدى إلى مفعولين...) ٢/ ٥٩.
(٩) ولا يسمى ظرفًا في اصطلاح النحويين، وانما يسمى اسم مكان فقط، لأن =
(١) في (ب)، (ج): (بالياء).
(٢) في (أ)، (ج) (يقول) ما في (ب) أنسب للسياق.
(٣) ذكره أبو علي عن أحمد بن يحيى، "الحجة" ٢/ ٥٧، وانظر "تهذيب اللغة" (وعد) ٤/ ٣٩١٥.
(٤) في (ب): (الوعيد).
(٥) في (أ): (الخبر) وما في (ب)، (ج) هو الصواب.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٧) اختصر كلام أبي علي، انظر: "الحجة" ٢/ ٥٧، ٥٨، وسياق أبي علي أوضح.
(٨) في (ب): (الوعيد) وفي "الحجة": (وعدت) فعل يتعدى إلى مفعولين...) ٢/ ٥٩.
(٩) ولا يسمى ظرفًا في اصطلاح النحويين، وانما يسمى اسم مكان فقط، لأن =
511
وعدناكم إتيانه أو مكثًا (١) فيه.
[وقوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ [المائدة: ٩] (٢) وقوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النور: ٥٥] (٣) فإن الفعل لم يعد منه (٤) إلى مفعول ثان، وقوله: ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ و ﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ﴾ تفسير للوعد وتبيين له كقوله: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء: ١١] فقوله: ﴿لِلذَّكَرِ﴾ تبيين للوصية، وليس بمفعول ثان، وقوله (٥): ﴿أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا﴾ [طه: ٨٦] وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ﴾ [إبراهيم: ٢٢] فإن هذا ونحوه يحتمل أمرين: يجوز أن يكون انتصاب الوعد بالمصدر. ويجوز أن يكون انتصابه بأنه المفعول الثاني. وسمي الموعود به وعدا (٦)، كما سمي المخلوق خلقاً.
[وقوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ [المائدة: ٩] (٢) وقوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النور: ٥٥] (٣) فإن الفعل لم يعد منه (٤) إلى مفعول ثان، وقوله: ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ و ﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ﴾ تفسير للوعد وتبيين له كقوله: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء: ١١] فقوله: ﴿لِلذَّكَرِ﴾ تبيين للوصية، وليس بمفعول ثان، وقوله (٥): ﴿أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا﴾ [طه: ٨٦] وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ﴾ [إبراهيم: ٢٢] فإن هذا ونحوه يحتمل أمرين: يجوز أن يكون انتصاب الوعد بالمصدر. ويجوز أن يكون انتصابه بأنه المفعول الثاني. وسمي الموعود به وعدا (٦)، كما سمي المخلوق خلقاً.
= الظرف الاصطلاحي: هو الذي يتضمن معنى: لفظا أو تقريرا، فالوعد وقع على الجانب ولم يقع فيه، بمعنى الموعد به هو الجانب نفسه لا شيء آخر يكون فيه، وهذا يسمى مفعولا به ولا يسمى ظرفا على الراجح. انظر: "الأشموني مع حاشية الصبان" ٢/ ١٢٦. والظرف المختص من المكان ماله صورة وحدود محصورة نحو الدار والمسجد، والظرف غير المختص من المكان وهو المبهم، ما ليس كذلك نحو الجهات الست. انظر: "حاشية الصبان على الأشموني" ٢/ ١٢٩، "وحاشية الخضري على شرح ابن عقيل" ١/ ١٩٨.
(١) في (ج): (سكنا).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) (منكم) سقط من (أ)، (ج).
(٤) كذا في جميع النسخ، وفي "الحجة" (فيه) ٢/ ٦٠.
(٥) في "الحجة": وأما قوله: ﴿أَلَمْ يَعِدْكُمْ﴾..) ٢/ ٦٠.
(٦) في "الحجة": (الوعد) ٢/ ٦٠.
(١) في (ج): (سكنا).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) (منكم) سقط من (أ)، (ج).
(٤) كذا في جميع النسخ، وفي "الحجة" (فيه) ٢/ ٦٠.
(٥) في "الحجة": وأما قوله: ﴿أَلَمْ يَعِدْكُمْ﴾..) ٢/ ٦٠.
(٦) في "الحجة": (الوعد) ٢/ ٦٠.
512
وقوله (١): ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ﴾ [الأنفال: ٧] فـ ﴿إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ﴾ في موضح نصب بأنه المفعول الثاني و ﴿أَنَّهَا لَكُمْ﴾ بدل منه، والتقدير: وإذ يعدكم الله ثبات إحدى الطائفتين أو ملكها (٢).
فأما قوله: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ (٣) فتعلق (الأربعين) بالوعد على أنه المفعول الثاني لا بالظرف، لأن الوعد لم يكن في جميع الأربعين كلها، ولا في بعضها، وإنما الوعد تقضي الأربعين، والتقدير: وعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة أو تتمة أربعين ليلة، فحذفت المضاف، كما تقول: اليوم خمسة عشر من (٤) الشهر، أي تمامه (٥).
ويكون في الكلام محذوف به يتم (٦) المعنى، كأنه قال: وعدناه انقضاء أربعين ليلة للتكلم (٧) معه، أو لإيتائه التوراة أو ما أشبه هذا.
فأما قوله: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ (٣) فتعلق (الأربعين) بالوعد على أنه المفعول الثاني لا بالظرف، لأن الوعد لم يكن في جميع الأربعين كلها، ولا في بعضها، وإنما الوعد تقضي الأربعين، والتقدير: وعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة أو تتمة أربعين ليلة، فحذفت المضاف، كما تقول: اليوم خمسة عشر من (٤) الشهر، أي تمامه (٥).
ويكون في الكلام محذوف به يتم (٦) المعنى، كأنه قال: وعدناه انقضاء أربعين ليلة للتكلم (٧) معه، أو لإيتائه التوراة أو ما أشبه هذا.
(١) في "الحجة": (وأما قوله:..) ٢/ ٦١.
(٢) "الحجة" ٢/ ٦١.
(٣) في (ب): (وعدنا).
(٤) في (ج): (ض).
(٥) "الحجة" ٢/ ٦٤، ٦٥، وانظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٦٤، "المشكل" لمكي ١/ ٤٧، "الإملاء" ١/ ٣٦، "البحر" ١/ ١٩٩، وقد ذكر الطبري هذا القول، ثم رده، ورجح: أن الأربعين كلها داخلة في الميعاد، قال: (وقد زعم بعض نحويي البصرة: أن معناه: وإذ واعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة، أي رأس الأربعين....). ثم قال: (وذلك خلاف ما جاءت الرواية عن أهل التأويل، وخلاف ظاهر التلاوة..) الطبري ١/ ٢٨٠. ونحوه قال ابن عطية: (وكل المفسرين على أن الأربعين كلها ميعاد) "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٢، وانظر: "القرطبي" ١/ ٣٣٧.
(٦) في (ب): (تم).
(٧) في (ب): (للمتكلم).
(٢) "الحجة" ٢/ ٦١.
(٣) في (ب): (وعدنا).
(٤) في (ج): (ض).
(٥) "الحجة" ٢/ ٦٤، ٦٥، وانظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٦٤، "المشكل" لمكي ١/ ٤٧، "الإملاء" ١/ ٣٦، "البحر" ١/ ١٩٩، وقد ذكر الطبري هذا القول، ثم رده، ورجح: أن الأربعين كلها داخلة في الميعاد، قال: (وقد زعم بعض نحويي البصرة: أن معناه: وإذ واعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة، أي رأس الأربعين....). ثم قال: (وذلك خلاف ما جاءت الرواية عن أهل التأويل، وخلاف ظاهر التلاوة..) الطبري ١/ ٢٨٠. ونحوه قال ابن عطية: (وكل المفسرين على أن الأربعين كلها ميعاد) "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٢، وانظر: "القرطبي" ١/ ٣٣٧.
(٦) في (ب): (تم).
(٧) في (ب): (للمتكلم).
513
واختلف القراء في قوله تعالى: ﴿وَاعَدْنَا﴾ فقرأ أكثرهم (١) بالألف من المواعدة، لأن ما كان من موسى من قبول الوعد والتحري لإنجازه والوفاء به يقوم مقام الوعد، وإذا كان كذلك حسن القراءة بـ (واعدنا) لثبات التواعد من الفاعلين، كما قال: ﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ (٢) [البقرة: ٢٣٥] و-أيضا- فإن المفاعلة قد تقع من الواحد كسافر، وعافاه الله (٣)، وقد مر (٤).
وقرأ أبو عمرو (٥) (وعدنا) لكثرة ما جاء في القرآن من هذا القبيل بغير ألف، كقوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا﴾ (٦)، ﴿أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ﴾ [طه: ٨٦]، ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ﴾ [الأنفال: ٧]، ﴿إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ﴾ [إبراهيم: ٢٢]، ﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ﴾ [الفتح: ٢٠]، فرد المختلف في إلى المتفق عليه (٧).
وقرأ أبو عمرو (٥) (وعدنا) لكثرة ما جاء في القرآن من هذا القبيل بغير ألف، كقوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا﴾ (٦)، ﴿أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ﴾ [طه: ٨٦]، ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ﴾ [الأنفال: ٧]، ﴿إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ﴾ [إبراهيم: ٢٢]، ﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ﴾ [الفتح: ٢٠]، فرد المختلف في إلى المتفق عليه (٧).
(١) قرأ أبو عمرو بغير ألف ووافقه من العشرة أبو جعفر ويعقوب، والباقون بالألف انظر: "السبعة" ص ١٥٥، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٥٦، "التيسير" ص٧٣، "التبصرة" ص٢٥، "الغاية" ص ١٠١، "النشر" ٢/ ٢١٢، "تحبير التيسير" ص٨٧.
(٢) (لكن) ساقط من (أ) و (ج) تصحيف في الآية.
(٣) قال أبو علي: (.. فإذا كان الوعد من الله سبحانه، ولم يكن من موسى، كان من هذا الباب) "الحجة" ٢/ ٦٧.
(٤) مر في تفسير قوله تعالى: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: ٩]، وانظر: "الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٦، "حجة القراءات" لابن زنجلة: ص٩٦، "الحجة" لابن خالويه: ص٧٧، "الكشف" لمكي ١/ ٢٤٠.
(٥) في (ب): (أبو عمر).
(٦) المائدة: ٩، والنور: ٥٥، والفتح: ٢٩.
(٧) "الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٧. وقال ابن زنجلة: وحجة أن المواعدة إنما تكون بين الآدميين. "حجة القراءات": ص٩٦، انظر: "الحجة" لابن خالويه: ص٧٧، =
(٢) (لكن) ساقط من (أ) و (ج) تصحيف في الآية.
(٣) قال أبو علي: (.. فإذا كان الوعد من الله سبحانه، ولم يكن من موسى، كان من هذا الباب) "الحجة" ٢/ ٦٧.
(٤) مر في تفسير قوله تعالى: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: ٩]، وانظر: "الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٦، "حجة القراءات" لابن زنجلة: ص٩٦، "الحجة" لابن خالويه: ص٧٧، "الكشف" لمكي ١/ ٢٤٠.
(٥) في (ب): (أبو عمر).
(٦) المائدة: ٩، والنور: ٥٥، والفتح: ٢٩.
(٧) "الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٧. وقال ابن زنجلة: وحجة أن المواعدة إنما تكون بين الآدميين. "حجة القراءات": ص٩٦، انظر: "الحجة" لابن خالويه: ص٧٧، =
514
وأما (أربعين) فقال أبو الفتح الموصلي (١): إن العقود من (عشرين) إلى (تسعين) كأن (عشرين) جمع (عِشْر)، و (ثلاثين) جمع (ثلاث)، و (أربعين) جمع (أربع). وليس الأمر كذلك؛ لأن (العِشْر) غير معروف إلا في أظماء الإبل (٢)، ولو كان (ثلاثون) جمع (ثلاثة) (٣) لوجب أن يستعمل في (تسعة) وفي (اثني عشر) وفي كل عدد الواحد من تثليثها (ثلاث) (٤).
وكذلك القول في (أربعين) و (خمسين) إلى (التسعين) فقد ثبت بهذا أن (أربعين) ليس جمع (أربع) وكذلك سائر العقود، ولكنه جار مجرى (فلسطين) و (قِنَّسْرين) (٥) في أنه اسم واحد لهذا العدد المخصوص (٦)،
وكذلك القول في (أربعين) و (خمسين) إلى (التسعين) فقد ثبت بهذا أن (أربعين) ليس جمع (أربع) وكذلك سائر العقود، ولكنه جار مجرى (فلسطين) و (قِنَّسْرين) (٥) في أنه اسم واحد لهذا العدد المخصوص (٦)،
= "الكشف" لمكي ١/ ٢٣٩، قال الطبري: (.. والصواب عندنا في ذلك من القول: أنهما قراءتان قد جاءت بهما الأمة وقرأت بهما القَرَأة، وليس في القراءة بأحدهما إبطال معنى الأخرى..) ثم رد على من قال: إنما تكون المواعدة بين البشر. "تفسير الطبري" ١/ ٢٧٩.
(١) "سر صناعة الأعراب" ٢/ ٦٢٦.
(٢) (العِشْر) بكسر العين خاص بورود الإبل اليوم العاشر أو التاسع. انظر: "القاموس" (عشر): ص ٤٤٠.
(٣) في "سر صناعة الأعراب": (ثلاث) ٢/ ٦٢٦
(٤) في "سر صناعة الأعراب": (.. لوجب أن يستعمل في (تسعة) وفي (اثني عشر) وفي (خمسة عشر) وكذلك إلى (سبعة) ولجاز أن يتجاوز به إلى ما فوق الثلاثين من الأعداد التي الواحد من تثليثها فوق العشرة..) ٢/ ٦٢٦.
(٥) (قِنَّسْرين) بكسر أوله وفتح ثانيه وتشديده، مدينة بالشام. انظر: "معجم البلدان" ٤/ ٤٠٣.
(٦) نص عبارة أبي الفتح: (فقد ثبت بهذا أن (ثلاثين) ليس جمع (ثلاث) وأن (أربعين) ليس جمع (أربع)، ولكنه جرى مجرى (فلسطين) في أن اعتقد له واحد مقدر وإن لم يجر به استعمال فكأن (ثلاثين) جمع (ثلاث) و (ثلاث) جماعة فكأنه قد كان ينبغي أن تكون فيه (الهاء)..) "سر صناعة الأعراب" ٢/ ٦٢٦.
(١) "سر صناعة الأعراب" ٢/ ٦٢٦.
(٢) (العِشْر) بكسر العين خاص بورود الإبل اليوم العاشر أو التاسع. انظر: "القاموس" (عشر): ص ٤٤٠.
(٣) في "سر صناعة الأعراب": (ثلاث) ٢/ ٦٢٦
(٤) في "سر صناعة الأعراب": (.. لوجب أن يستعمل في (تسعة) وفي (اثني عشر) وفي (خمسة عشر) وكذلك إلى (سبعة) ولجاز أن يتجاوز به إلى ما فوق الثلاثين من الأعداد التي الواحد من تثليثها فوق العشرة..) ٢/ ٦٢٦.
(٥) (قِنَّسْرين) بكسر أوله وفتح ثانيه وتشديده، مدينة بالشام. انظر: "معجم البلدان" ٤/ ٤٠٣.
(٦) نص عبارة أبي الفتح: (فقد ثبت بهذا أن (ثلاثين) ليس جمع (ثلاث) وأن (أربعين) ليس جمع (أربع)، ولكنه جرى مجرى (فلسطين) في أن اعتقد له واحد مقدر وإن لم يجر به استعمال فكأن (ثلاثين) جمع (ثلاث) و (ثلاث) جماعة فكأنه قد كان ينبغي أن تكون فيه (الهاء)..) "سر صناعة الأعراب" ٢/ ٦٢٦.
515
ولكنه أشبه في الظاهر أنه جمع (أربع) ولو اعتقد له واحد مفرد وإن لم يجز به استعمال كان (أربعا)، (أربع) جماعة فكأنه قد كان ينبغي أن يكون فيه (الهاء) فعوض من ذلك (١) الجمع بالواو والنون، وعاد الأمر فيه إلى قصة (أرض) و (٢) (أرضون) (٣)، وقد ذكرنا الكلام فيه (٤).
وقال غيره: إنما جمعوا (٥) بالواو والنون، لأنه يقع على ما يعقل وعلى ما لا يعقل، وإذا اجتمعا فالذي يعقل أولى بالغلبة، فجمعوه جمع ما يعقل.
وقوله تعالى: ﴿لَيْلَةً﴾ (٦) ولم يقل: (يوما) لأن عدد الشهور (٧) يحسب من لياليها، وشهور العرب وضعت على سير القمر، والهلال يهل بالليل (٨).
وقال غيره: إنما جمعوا (٥) بالواو والنون، لأنه يقع على ما يعقل وعلى ما لا يعقل، وإذا اجتمعا فالذي يعقل أولى بالغلبة، فجمعوه جمع ما يعقل.
وقوله تعالى: ﴿لَيْلَةً﴾ (٦) ولم يقل: (يوما) لأن عدد الشهور (٧) يحسب من لياليها، وشهور العرب وضعت على سير القمر، والهلال يهل بالليل (٨).
(١) في (ب): (هذا).
(٢) (الواو) ساقطة من (ب).
(٣) انتهى ما نقله عن أبي الفتح ابن جني الموصلي بتصرف. انظر: "سر صناعة الأعراب" ٢/ ٦٢٦، ٦٢٧. ورأي أبي الفتح أن (أربعين) يجري مجرى جمع المذكر السالم فيعرب بالحروف، وهذا قول بعض النحويين، ومنهم في قال: يعرب بالحركات. انظر: "المقتضب" ٣/ ٣٣٢، "الخزانة" ٨/ ٦٧، "الدر المصون" ١/ ٣٥٣.
(٤) (فيه) ساقط من (ج). والكلام في: (أرض) و (أرضون) ذكره في تفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا﴾ [البقرة: ٢٢].
(٥) في (ب): (واجمعوا).
(٦) (ليلة) ساقط من (ج).
(٧) في (ج): (الشهر).
(٨) "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٠ ب. وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩١، "تفسير البغوي" ١/ ٩٤، "زاد المسير" ١/ ٨٠، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٣٧.
(٢) (الواو) ساقطة من (ب).
(٣) انتهى ما نقله عن أبي الفتح ابن جني الموصلي بتصرف. انظر: "سر صناعة الأعراب" ٢/ ٦٢٦، ٦٢٧. ورأي أبي الفتح أن (أربعين) يجري مجرى جمع المذكر السالم فيعرب بالحروف، وهذا قول بعض النحويين، ومنهم في قال: يعرب بالحركات. انظر: "المقتضب" ٣/ ٣٣٢، "الخزانة" ٨/ ٦٧، "الدر المصون" ١/ ٣٥٣.
(٤) (فيه) ساقط من (ج). والكلام في: (أرض) و (أرضون) ذكره في تفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا﴾ [البقرة: ٢٢].
(٥) في (ب): (واجمعوا).
(٦) (ليلة) ساقط من (ج).
(٧) في (ج): (الشهر).
(٨) "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٠ ب. وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩١، "تفسير البغوي" ١/ ٩٤، "زاد المسير" ١/ ٨٠، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٣٧.
516
وقوله (١) تعالى: ﴿ثُمَّ أتَّخَذتُمُ العِجلَ﴾. يقال: اتّخذ يتّخذ، وتَخِذَ يتخذ (٢)، قال الله تعالى: ﴿لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ [الكهف: ٧٧] (٣). قال الشاعر (٤):
و (تخذ) (٧) من (اتخذ) مثل تقي من اتقى وقد مرّ (٨).
| وقد تخِذَتْ رجلي إلى جنب غَرزها | نسيفاً كأُفحوص (٥) القطاة المطرِّقِ (٦) |
(١) في (ج): (له تعالى).
(٢) (يتخذ) بسكون التاء، وفتح الخاء، كذا في "تهذيب اللغة" (أخذ) ٧/ ٥٣٠، "مجالس العلماء" للزجاجي: ص ٣٣٣، "اللسان" (أخذ) ٣/ ٣٧٤، وانظر "الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٨.
(٣) الكهف: ٧٧، والاستشهاد بالآية ورد في "الحجة" على قراءة أبي عمرو وابن كثير (لتخذت) كما هنا. انظر "الحجة" ٢/ ٦٨، "السبعة" لابن مجاهد ص ٣٩٦، "تهذيب اللغة" (أخذ) ١/ ١٢٩.
(٤) هو الممزق العبدي، واسمه شأس بن نهار.
(٥) في (ج): (كما نحوص).
(٦) قوله: غرزها: الغرز للناقة مثل الحزام للفرس، و (النسيف): أثر ركض الرجل بجبني البعير، و (الأفحوص): المبيض، و (المطرِّق): وصف للقطاة، إذا حان خروج بيضها. ورد البيت في "الحجة" ٢/ ٦٨، "الأصمعيات" ص١٦٥، "تهذيب اللغة" (نسف) ٤/ ٣٥٦٢، "الخصائص" ٢/ ٢٨٧، "مجالس العلماء" للزجاجي ص ٣٣٣، "المخصص" ١/ ٢١، ٨/ ١٢٥، ١٢/ ٢٧٢، ١٦/ ٩٧، ١٣٤، ١٧/ ٢٢، "التكملة": ص١١٧، "اللسان" (حدب) ٢/ ٧٩٦، و (فحص) ٦/ ٣٣٥٦، و (طرق) ٥/ ٢٦٦٦، و (نسف) ٧/ ٤٤١١.
(٧) قال أبو علي: (اتخذ): افتعل، فعلت منه: تخذت..) ولم أعلم (تخذت) تعدى إلا إلى مفعول واحد. "الحجة" ٢/ ٦٨. قال ابن عطية: (اتخذ وزنه: افتعل من الأخذ، وقال أبو علي: هو من تخذ لا من أخذ ١/ ٢١٦، وانظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٣٣٨ - ٣٣٩، "الدر المصون" ١/ ٣٥٤.
(٨) مر في تفسير قوله تعالى: ﴿هُدًى للِمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢].
(٢) (يتخذ) بسكون التاء، وفتح الخاء، كذا في "تهذيب اللغة" (أخذ) ٧/ ٥٣٠، "مجالس العلماء" للزجاجي: ص ٣٣٣، "اللسان" (أخذ) ٣/ ٣٧٤، وانظر "الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٨.
(٣) الكهف: ٧٧، والاستشهاد بالآية ورد في "الحجة" على قراءة أبي عمرو وابن كثير (لتخذت) كما هنا. انظر "الحجة" ٢/ ٦٨، "السبعة" لابن مجاهد ص ٣٩٦، "تهذيب اللغة" (أخذ) ١/ ١٢٩.
(٤) هو الممزق العبدي، واسمه شأس بن نهار.
(٥) في (ج): (كما نحوص).
(٦) قوله: غرزها: الغرز للناقة مثل الحزام للفرس، و (النسيف): أثر ركض الرجل بجبني البعير، و (الأفحوص): المبيض، و (المطرِّق): وصف للقطاة، إذا حان خروج بيضها. ورد البيت في "الحجة" ٢/ ٦٨، "الأصمعيات" ص١٦٥، "تهذيب اللغة" (نسف) ٤/ ٣٥٦٢، "الخصائص" ٢/ ٢٨٧، "مجالس العلماء" للزجاجي ص ٣٣٣، "المخصص" ١/ ٢١، ٨/ ١٢٥، ١٢/ ٢٧٢، ١٦/ ٩٧، ١٣٤، ١٧/ ٢٢، "التكملة": ص١١٧، "اللسان" (حدب) ٢/ ٧٩٦، و (فحص) ٦/ ٣٣٥٦، و (طرق) ٥/ ٢٦٦٦، و (نسف) ٧/ ٤٤١١.
(٧) قال أبو علي: (اتخذ): افتعل، فعلت منه: تخذت..) ولم أعلم (تخذت) تعدى إلا إلى مفعول واحد. "الحجة" ٢/ ٦٨. قال ابن عطية: (اتخذ وزنه: افتعل من الأخذ، وقال أبو علي: هو من تخذ لا من أخذ ١/ ٢١٦، وانظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٣٣٨ - ٣٣٩، "الدر المصون" ١/ ٣٥٤.
(٨) مر في تفسير قوله تعالى: ﴿هُدًى للِمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢].
517
وأما (اتخذ) فإنه على ضربين (١): أحدهما: أن يتعدى إلى مفعول واحد.
والثاني: أن يتعدى إلى مفعولين.
فأما تعديه إلى واحد فكقوله: ﴿يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: ٢٧] و ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ﴾ [الزخرف: ١٦] وقوله: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً﴾ [الفرقان: ٣] (٢)، ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا﴾ [الأنبياء: ١٧].
وأما تعديه إلى مفعولين، فإن الثاني منهما هو الأول في المعنى، كقوله: ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ (٣) وقال: ﴿لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [الممتحنة: ١]، ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا﴾ [المؤمنون: ١١٠]. ونظير (اتخذت) في تعديه إلى مفعول واحد مرة، وإلى مفعولين: (الجعل) (٤) قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام: ١] أي: خلقهما (٥)، فإذا تعدى إلى مفعولين كان الثاني الأول في المعنى، قال: ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾
والثاني: أن يتعدى إلى مفعولين.
فأما تعديه إلى واحد فكقوله: ﴿يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: ٢٧] و ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ﴾ [الزخرف: ١٦] وقوله: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً﴾ [الفرقان: ٣] (٢)، ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا﴾ [الأنبياء: ١٧].
وأما تعديه إلى مفعولين، فإن الثاني منهما هو الأول في المعنى، كقوله: ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ (٣) وقال: ﴿لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [الممتحنة: ١]، ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا﴾ [المؤمنون: ١١٠]. ونظير (اتخذت) في تعديه إلى مفعول واحد مرة، وإلى مفعولين: (الجعل) (٤) قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام: ١] أي: خلقهما (٥)، فإذا تعدى إلى مفعولين كان الثاني الأول في المعنى، قال: ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾
(١) نقله من "الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٨. وانظر: "البحر" ١/ ٢٠٠، "الدر المصون" ١/ ٣٥٤.
(٢) وفي "الحجة" ذكر قوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً﴾ [مريم: ٨١] [يس: ٧٤].
(٣) المجادلة: ١٦، المنافقون: ٢.
(٤) في (ب): (أنجعل) وفي "الحجة": (جعلت) ٢/ ٦٩.
(٥) في (ب): (خلقها). والمؤلف يشير بقوله (خلقها) إلى أن (جعل) التي تتعدى إلى مفعول واحد هي التي بمعنى: خلق، أو أوجب، أو وجب، وهي تتعدى إلى مفعول واحد بنفسها. وإلى الثاني بحرف الجر. وأما التي تتعدى إلى مفعولين فهي التي بمعنى: (اعتقد) و (صير). انظر: "الأشموني مع حاشية الصبان" ٢/ ٢٣.
(٢) وفي "الحجة" ذكر قوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً﴾ [مريم: ٨١] [يس: ٧٤].
(٣) المجادلة: ١٦، المنافقون: ٢.
(٤) في (ب): (أنجعل) وفي "الحجة": (جعلت) ٢/ ٦٩.
(٥) في (ب): (خلقها). والمؤلف يشير بقوله (خلقها) إلى أن (جعل) التي تتعدى إلى مفعول واحد هي التي بمعنى: خلق، أو أوجب، أو وجب، وهي تتعدى إلى مفعول واحد بنفسها. وإلى الثاني بحرف الجر. وأما التي تتعدى إلى مفعولين فهي التي بمعنى: (اعتقد) و (صير). انظر: "الأشموني مع حاشية الصبان" ٢/ ٢٣.
518
[يونس: ٨٧]، ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً﴾ [القصص: ٤١].
فأما قوله: ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ﴾ [البقرة: ٥١] وقوله: ﴿بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ﴾ [البقرة: ٥٤]، ﴿اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ﴾ [الأعراف: ١٤٨]، ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ﴾ [الأعراف: ١٥٢]، فالتقدير في هذا كله: (اتخذوه إلها) فحذف المفعول الثاني (١). الدليل على ذلك أنه لو كان على ظاهره، لكان من صاغ عجلا، أو نجره، أو عمله بضرب من الأعمال، استحق الغضب من الله (٢)، لقوله: ﴿سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ﴾ [الأعراف: ١٥٢].
و (الاتخاذ) أصله: (اأتخاذ) (٣)، فلما التقى الهمزة التي هي الفاء مع همزة الوصل لينت فصارت (ياء) لانكسار ما قبلها، فأدغمت في (تاء) (٤) الافتعال كقولهم: اتسروا الجزور (٥)، وإنما هو من الميسر واليسر (٦).
فأما قوله: ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ﴾ [البقرة: ٥١] وقوله: ﴿بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ﴾ [البقرة: ٥٤]، ﴿اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ﴾ [الأعراف: ١٤٨]، ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ﴾ [الأعراف: ١٥٢]، فالتقدير في هذا كله: (اتخذوه إلها) فحذف المفعول الثاني (١). الدليل على ذلك أنه لو كان على ظاهره، لكان من صاغ عجلا، أو نجره، أو عمله بضرب من الأعمال، استحق الغضب من الله (٢)، لقوله: ﴿سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ﴾ [الأعراف: ١٥٢].
و (الاتخاذ) أصله: (اأتخاذ) (٣)، فلما التقى الهمزة التي هي الفاء مع همزة الوصل لينت فصارت (ياء) لانكسار ما قبلها، فأدغمت في (تاء) (٤) الافتعال كقولهم: اتسروا الجزور (٥)، وإنما هو من الميسر واليسر (٦).
(١) في (ب): (لي الثاني).
(٢) تابع الواحدي أبا علي في قوله: (.. أنه لو كان على ظاهره، لكان من صاغ عجلًا، أو نجره، أو عمله بضرب من الأعمال، استحق الغضب من الله)، وكأن فاعل ذلك لا يستحق العقوبة على تصوير المجسمات من ذوات الأرواح، الذي هو محرم عند جمهور العلماء، وإنما وقع الخلاف بينهم في الصور غير المجسمة. أما أبو علي فلا يرى تحريم ذلك كله، ويحمل الأحاديث الواردة في وعيد المصورين على المشبهة -حسب زعمه- قال في "الحجة" ٢/ ٧١: (.. قيل: يعذب المصورون، يكون على من صور الله تصوير الأجسام، وأما الزيادة فمن أخبار الآحاد التي لا توجب العلم). وقد تعقبه ابن حجر ورد عليه قوله، انظر: "فتح الباري" ١٠/ ٣٨٤.
(٣) (اأتخاد) ساقط من (ب)، وفي (ج): (اتخاذ).
(٤) في (ب): (ياء).
(٥) اتسروا الجزور: إذا نحروها واقتسموها. (القاموس) (يسر): ص ٥٠٠.
(٦) أورد أبو علي هذا القول ورده، لأن أصله عنده (تخذ) لا (اخذ). انظر: "الحجة" ٢/ ٧١، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٢، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٣٩، "الدر المصون" ١/ ٣٥٤.
(٢) تابع الواحدي أبا علي في قوله: (.. أنه لو كان على ظاهره، لكان من صاغ عجلًا، أو نجره، أو عمله بضرب من الأعمال، استحق الغضب من الله)، وكأن فاعل ذلك لا يستحق العقوبة على تصوير المجسمات من ذوات الأرواح، الذي هو محرم عند جمهور العلماء، وإنما وقع الخلاف بينهم في الصور غير المجسمة. أما أبو علي فلا يرى تحريم ذلك كله، ويحمل الأحاديث الواردة في وعيد المصورين على المشبهة -حسب زعمه- قال في "الحجة" ٢/ ٧١: (.. قيل: يعذب المصورون، يكون على من صور الله تصوير الأجسام، وأما الزيادة فمن أخبار الآحاد التي لا توجب العلم). وقد تعقبه ابن حجر ورد عليه قوله، انظر: "فتح الباري" ١٠/ ٣٨٤.
(٣) (اأتخاد) ساقط من (ب)، وفي (ج): (اتخاذ).
(٤) في (ب): (ياء).
(٥) اتسروا الجزور: إذا نحروها واقتسموها. (القاموس) (يسر): ص ٥٠٠.
(٦) أورد أبو علي هذا القول ورده، لأن أصله عنده (تخذ) لا (اخذ). انظر: "الحجة" ٢/ ٧١، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٢، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٣٩، "الدر المصون" ١/ ٣٥٤.
519
وباب (الاتخاذ) يجوز أنه يكون أصله الواو كالاتزان والاتقاء و (١) الاتضاح؛ لأن الأخذ، قد جاء فيه لغتان (٢)، كما قالوا: أكدت ووكدت، وأوصدت وآصدت (٣)، وقد مر هذا مشروحاً في قوله: ﴿هُدًى لِلمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] (٤).
واختلف القراء في هذا الحرف، فقرأ بعضهم بالإظهار (٥)؛ لأن (الذال) ليس من مخرج (التاء) (٦) إنما هي من مخرج (الظاء)، و (الثاء) فتفاوت ما بينهما إذ كان لكل واحد من الذال والتاء مخرج غير مخرج الآخر (٧). وأما من (٨) أدغم فحجته: أن هذين الحرفين لما تقاربا فاجتمعا في أنهما (٩) من طرف اللسان وأصول الثنايا، حسن الإدغام، لقرب حيز كل واحد منهما من الحيز (١٠) الآخر.
واختلف القراء في هذا الحرف، فقرأ بعضهم بالإظهار (٥)؛ لأن (الذال) ليس من مخرج (التاء) (٦) إنما هي من مخرج (الظاء)، و (الثاء) فتفاوت ما بينهما إذ كان لكل واحد من الذال والتاء مخرج غير مخرج الآخر (٧). وأما من (٨) أدغم فحجته: أن هذين الحرفين لما تقاربا فاجتمعا في أنهما (٩) من طرف اللسان وأصول الثنايا، حسن الإدغام، لقرب حيز كل واحد منهما من الحيز (١٠) الآخر.
(١) (الواو) ساقطة من (ج)
(٢) ذكره أبو علي في "الحجة" حيث قال: (أخذ) قد جاء فيه لغتان في (الفاء): الواو والهمز، كما جاء: آكدت ووكدت..) "الحجة" ٢/ ٧٣، ٧٤.
(٣) في (ب): (ووصدت).
(٤) البقرة: ٢.
(٥) قرأ بالإظهار ابن كثير وعاصم في رواية حفص، انظر "السبعة": ص١٥٥، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٧، "التيسير": ص ٤٤.
(٦) في "الحجة" (ليس من مخرج التاء والطاء) ٢/ ٧٥.
(٧) "الحجة" لأبي علي ٢/ ٧٥. وانظر:"الحجة" لابن خالويه: ص٧٧."الكشف" لمكي ١/ ١٦٠.
(٨) قرأ بالإدغام بقية السبعة عدا ابن كثير وعاصم في رواية حفص، انظر"السبعة" ص ١٥٥، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٧، "التيسير": ص ٤٤، "الكشف" ١/ ١٦٠.
(٩) في (ب): (فاجتمع أنها).
(١٠) في (ب): (حيز). "الحجة" لأبي علي ٢/ ٧٥. وانظر: "الحجة" لابن خالوية: ص ٧٧، "الكشف" ١/ ١٦٠، وقال مكي: إنهما (اعتدلا في القوة والضعف).
(٢) ذكره أبو علي في "الحجة" حيث قال: (أخذ) قد جاء فيه لغتان في (الفاء): الواو والهمز، كما جاء: آكدت ووكدت..) "الحجة" ٢/ ٧٣، ٧٤.
(٣) في (ب): (ووصدت).
(٤) البقرة: ٢.
(٥) قرأ بالإظهار ابن كثير وعاصم في رواية حفص، انظر "السبعة": ص١٥٥، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٧، "التيسير": ص ٤٤.
(٦) في "الحجة" (ليس من مخرج التاء والطاء) ٢/ ٧٥.
(٧) "الحجة" لأبي علي ٢/ ٧٥. وانظر:"الحجة" لابن خالويه: ص٧٧."الكشف" لمكي ١/ ١٦٠.
(٨) قرأ بالإدغام بقية السبعة عدا ابن كثير وعاصم في رواية حفص، انظر"السبعة" ص ١٥٥، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٧، "التيسير": ص ٤٤، "الكشف" ١/ ١٦٠.
(٩) في (ب): (فاجتمع أنها).
(١٠) في (ب): (حيز). "الحجة" لأبي علي ٢/ ٧٥. وانظر: "الحجة" لابن خالوية: ص ٧٧، "الكشف" ١/ ١٦٠، وقال مكي: إنهما (اعتدلا في القوة والضعف).
520
فأما معنى الآية: فإن الله تعالى نبههم بهذه الآية على أن كفرهم بمحمد - ﷺ - ليس بأعجب من كفرهم وعبادتهم العجل (١)، وأراد به كفر سلفهم، وخاطبهم بهذا على ما بينا قبل (٢). قال المفسرون: إن الله تعالى لما أنجى موسى وبني إسرائيل وأغرق فرعون، وآمن بنو إسرائيل من عدوهم ودخلوا مصر، لم يكن لهم كتاب ولا شريعة ممهدة، فواعد الله موسى أن يؤتيه الكتاب، فيه بيان ما يأتون (٣) وما يذرون، وأمره أن يصوم ثلاثين يوماً، فصامه وصالاً، ولم يطعم شيئاً، فتغيرت رائحة فمه، فعمد إلى لحاء شجرة فمضغها، فأوحى الله إليه: أما علمت أن خلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك، وأمره أن يصل بها عشراً، فتم ميقات ربه أربعين ليلة، وخرج موسى من بين (٤) بني إسرائيل تلك الأيام، فاتخذ السامري عجلاً، وقال لبني إسرائيل: هذا إلهكم وإله موسى، فافتتن بالعجل ثمانية آلاف رجل منهم، وعكفوا عليه يعبدونه (٥)، وسنذكر طرفاً من هذه القصة في موضعها (٦)، إن شاء الله.
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٨١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٤.
(٢) يريد ما سبق في تفسير قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٤٠]، فجعل النعمة على آبائهم نعمة عليهم، وهذا يجري في (كلام العرب) كثيرًا. وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٧، ١٠٤.
(٣) في (ج): (ما يؤتون).
(٤) (بين) ساقط من (ج).
(٥) بنحو هذا السياق ذكره الثعلبي في "تفسيره" دون قوله: (وأمره أن يصوم ثلاثين يومًا..) ١/ ٧١ أ، وأخرج الطبري في "تفسيره" مقاطع منه في عدة آثار ١/ ٢٨٣، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٤، "تفسير البغوي" ١/ ٩٥، "ابن كثير" ١/ ٩٨.
(٦) في (ب): (موضها).
(٢) يريد ما سبق في تفسير قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٤٠]، فجعل النعمة على آبائهم نعمة عليهم، وهذا يجري في (كلام العرب) كثيرًا. وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٧، ١٠٤.
(٣) في (ج): (ما يؤتون).
(٤) (بين) ساقط من (ج).
(٥) بنحو هذا السياق ذكره الثعلبي في "تفسيره" دون قوله: (وأمره أن يصوم ثلاثين يومًا..) ١/ ٧١ أ، وأخرج الطبري في "تفسيره" مقاطع منه في عدة آثار ١/ ٢٨٣، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٤، "تفسير البغوي" ١/ ٩٥، "ابن كثير" ١/ ٩٨.
(٦) في (ب): (موضها).
521
وقوله تعالى: ﴿وَأَنتُم ظَالِمُونَ﴾ أي: ضارون لأنفسكم، وواضعون العبادة في غير موضعها (١). وقيل: وأنتم ظالمون اليوم بمخالفة محمد ﷺ (٢).
٥٢ - قوله تعالى: ﴿ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ قال الليث: كل من استحق عقوبة فتركته (٣) فقد عفوت عنه (٤). فكأن معنى العفو عنده: الترك، ومنه قوله: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ [البقرة: ١٧٨]، أي ترك (٥).
وقال ابن الأنباري: أصل: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ﴾ [التوبة: ٤٣] محا الله عنك، مأخوذ من قولهم: عفت الرياح الآثار، إذا درستها ومحتها، فعفت تعفو عفوا، لفظ (٦) اللازم والمتعدى سواء (٧) إلا في المصدر (٨). فعفو الله
٥٢ - قوله تعالى: ﴿ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ قال الليث: كل من استحق عقوبة فتركته (٣) فقد عفوت عنه (٤). فكأن معنى العفو عنده: الترك، ومنه قوله: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ [البقرة: ١٧٨]، أي ترك (٥).
وقال ابن الأنباري: أصل: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ﴾ [التوبة: ٤٣] محا الله عنك، مأخوذ من قولهم: عفت الرياح الآثار، إذا درستها ومحتها، فعفت تعفو عفوا، لفظ (٦) اللازم والمتعدى سواء (٧) إلا في المصدر (٨). فعفو الله
(١) "تفسير الثعلبي" ١/ ٧١ ب، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٨٤. و"تفسير البغوي" ١/ ٩٥، و"لباب التفسير" ١/ ٢٣٩، و"تفسير الرازي" ٣/ ٧٦، "البحر المحيط" ١/ ٢٠١، و"تفسير البيضاوي" ١/ ٢٥، و"تفسير النسفي" ١/ ٤٣، و"تفسير الخازن" ١/ ١٢٥.
(٢) لم أجد من ذكر هذا القول -فيما اطلعت عليه- ومعناه يرجع للقول الأول، والله أعلم.
(٣) في (ب): (فتركة عنه) وفي "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٤٨٩.
(٤) "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٤٨٩. وانظر: "تفسير أسماء الله" للزجاج ص ٦٢، "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص ١٣٤.
(٥) وقيل: إن معنى (فمن عفي): فمن فضل له فضل، انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٠٧ - ١٠٩، وانظر كلام الأزهري على الآية في "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٢٦.
(٦) في (ب): (اللفظ).
(٧) "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٤٨٩، "اللسان" (عفا) ٥/ ٣٠١٨، وانظر "الأضداد" لابن الأنباري: ص ٨٦، "الزاهر" ١/ ٥٣٥.
(٨) قوله: (إلا في المصدر) لم يرد ضمن كلام ابن الأنباري في "تهذيب اللغة"، قال الأزهري وقرأت بخط شمر لأبي زيد: عفا الله عن العبد عفوا، وعفت الرياح الأثر عفاء، فعفا الأثر عفوا "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٤٨٩.
(٢) لم أجد من ذكر هذا القول -فيما اطلعت عليه- ومعناه يرجع للقول الأول، والله أعلم.
(٣) في (ب): (فتركة عنه) وفي "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٤٨٩.
(٤) "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٤٨٩. وانظر: "تفسير أسماء الله" للزجاج ص ٦٢، "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص ١٣٤.
(٥) وقيل: إن معنى (فمن عفي): فمن فضل له فضل، انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٠٧ - ١٠٩، وانظر كلام الأزهري على الآية في "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٢٦.
(٦) في (ب): (اللفظ).
(٧) "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٤٨٩، "اللسان" (عفا) ٥/ ٣٠١٨، وانظر "الأضداد" لابن الأنباري: ص ٨٦، "الزاهر" ١/ ٥٣٥.
(٨) قوله: (إلا في المصدر) لم يرد ضمن كلام ابن الأنباري في "تهذيب اللغة"، قال الأزهري وقرأت بخط شمر لأبي زيد: عفا الله عن العبد عفوا، وعفت الرياح الأثر عفاء، فعفا الأثر عفوا "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٤٨٩.
522
تعالى: محوه الذنوب عن العبيد (١).
وقال بعض أصحاب المعاني: العفو في اللغة: ما فضل عن الكفاية، وسهلت النفس ببذله (٢) ومنه قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ العَفوَ﴾ (٣) [البقرة: ٢١٩] أي: ما فضل عن (٤) القوت، ثم كثر ذلك وطال ترداده حتى صار على التدريج والتراخي: الصفح (٥) عن الشيء والإعراض عن المؤاخذة به.
قال المفسرون: والمراد بالعفو في هذه الآية: قبوله التوبة من عبدة العجل، وأمره برفع السيف عنهم (٦).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ أي من بعد عبادة العجل (٧). وإنما وحد والخطاب (٨) للجميع، لاتصال الخطاب بذا وهو مبهم، فمرة يجمع على الأصل في مخاطبة الجميع، ومرة يوحد على مشاكلة اللفظ، إذا (٩) كان لفظ المبهم على الواحد، وإن كان معناه على الجمع (١٠).
وقال بعض أصحاب المعاني: العفو في اللغة: ما فضل عن الكفاية، وسهلت النفس ببذله (٢) ومنه قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ العَفوَ﴾ (٣) [البقرة: ٢١٩] أي: ما فضل عن (٤) القوت، ثم كثر ذلك وطال ترداده حتى صار على التدريج والتراخي: الصفح (٥) عن الشيء والإعراض عن المؤاخذة به.
قال المفسرون: والمراد بالعفو في هذه الآية: قبوله التوبة من عبدة العجل، وأمره برفع السيف عنهم (٦).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ أي من بعد عبادة العجل (٧). وإنما وحد والخطاب (٨) للجميع، لاتصال الخطاب بذا وهو مبهم، فمرة يجمع على الأصل في مخاطبة الجميع، ومرة يوحد على مشاكلة اللفظ، إذا (٩) كان لفظ المبهم على الواحد، وإن كان معناه على الجمع (١٠).
(١) انظر: "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص ١٣٤، "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٤٨٩.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٤٩١.
(٣) الواو ساقطة من (أ)، (ج).
(٤) في (ب): (من).
(٥) في (ب): (والصفح).
(٦) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٥٣. و"تفسير الثعلبي" ١/ ٧٢ أ، وقال ابن جرير: المراد بالعفو: ترك معاجلتهم بالعقوبة، "تفسير الطبري" ١/ ٢٨٤.
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٨٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٢ أ، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٣٨.
(٨) في (ب): (وجد الخطاب).
(٩) في (أ)، (ج): (إذ)، وأثبت ما في (ب) لأنه أنسب للسياق.
(١٠) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٦.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٤٩١.
(٣) الواو ساقطة من (أ)، (ج).
(٤) في (ب): (من).
(٥) في (ب): (والصفح).
(٦) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٥٣. و"تفسير الثعلبي" ١/ ٧٢ أ، وقال ابن جرير: المراد بالعفو: ترك معاجلتهم بالعقوبة، "تفسير الطبري" ١/ ٢٨٤.
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٨٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٢ أ، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٣٨.
(٨) في (ب): (وجد الخطاب).
(٩) في (أ)، (ج): (إذ)، وأثبت ما في (ب) لأنه أنسب للسياق.
(١٠) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٦.
523
وقوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ﴾ إنما ذكرت هاهنا وفي سائر المواضع من القرآن نحو ﴿ولَعَلَّكُم تَهتَدُونَ﴾ [البقرة: ٥٣] والله عز وجل يعلم أيشكرون أم لا، على ما يفعل (١) العباد ويتخاطبون به، أي: أن هذا يرجى به الشكر (٢)، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم (٣).
ومعنى الشكر في اللغة: عرفان الإحسان ونشره، وهو الشكور (٤) أيضًا (٥). وقال بعض أهل اللغة: معنى الشكر إظهار النعمة بالاعتراف بها، ومن هذا يقال: دابة شكور (٦)، إذا أظهرت السمن فوق (٧) ما يعلف (٨). وقد ذكرنا أقسام الشكر في ابتداء الفاتحة. وأما معنى الشكور في وصف الله تعالى فمذكور وفي موضعه.
٥٣ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ﴾ الآية. الفرقان: مصدر فرَقت بين الشيئين أفرُق فَرْقًا وفُرْقانًا، كالرجحان والنقصان، هذا هو
ومعنى الشكر في اللغة: عرفان الإحسان ونشره، وهو الشكور (٤) أيضًا (٥). وقال بعض أهل اللغة: معنى الشكر إظهار النعمة بالاعتراف بها، ومن هذا يقال: دابة شكور (٦)، إذا أظهرت السمن فوق (٧) ما يعلف (٨). وقد ذكرنا أقسام الشكر في ابتداء الفاتحة. وأما معنى الشكور في وصف الله تعالى فمذكور وفي موضعه.
٥٣ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ﴾ الآية. الفرقان: مصدر فرَقت بين الشيئين أفرُق فَرْقًا وفُرْقانًا، كالرجحان والنقصان، هذا هو
(١) في (أ)، (ب): (يعقل)، وما في (ج) أولى، وموافق لما في "معاني القرآن" للزجاج، والكلام منقول منه.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٥، وأكثر المفسرين على أن (لعل) تفيد الإيجاب، وقيل: هي بمعنى (كي). انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٦١، ١/ ٢٨٤، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٦، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٣٦.
(٣) ذكر الوجوه التي تأتي عليها (لعل) في تفسير قوله ﴿لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ٢١].
(٤) في (ب): (الشكر).
(٥) ذكره الأزهري عن الليث. "تهذيب اللغة" (شكر) ٢/ ١٩١١، وانظر: "اللسان" (شكر) ٤/ ٢٣٠٥.
(٦) في (ب): (شكورا).
(٧) في (ب): (من الثمن فوق ما علفت).
(٨) انظر: "التهذيب" (شكر) ٢/ ١٩١١، "اللسان" ٤/ ٢٣٠٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٢.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٥، وأكثر المفسرين على أن (لعل) تفيد الإيجاب، وقيل: هي بمعنى (كي). انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٦١، ١/ ٢٨٤، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٦، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٣٦.
(٣) ذكر الوجوه التي تأتي عليها (لعل) في تفسير قوله ﴿لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ٢١].
(٤) في (ب): (الشكر).
(٥) ذكره الأزهري عن الليث. "تهذيب اللغة" (شكر) ٢/ ١٩١١، وانظر: "اللسان" (شكر) ٤/ ٢٣٠٥.
(٦) في (ب): (شكورا).
(٧) في (ب): (من الثمن فوق ما علفت).
(٨) انظر: "التهذيب" (شكر) ٢/ ١٩١١، "اللسان" ٤/ ٢٣٠٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٢.
524
الأصل (١). ثم يسمى كل فارق: فرقانًا، كتسميتهم الفاعل بالمصدر، كما سمى كتاب الله الفرقان لفصله بحججه وأدلته بين المحقّ والمبطل، وسمى الله تعالى يوم بدر: يوم الفرقان في قوله ﴿يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ﴾ [الأنفال: ٤١]، لأنه فرق في ذلك اليوم بين الحق والباطل، فكان ذلك اليوم يوم الفرقان (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا﴾ [الأنفال: ٢٩]، أي: يفرق بينكم وبين ذنوبكم، أو بينكم وبين ما تخافون (٣).
فأما (٤) معنى الفرقان في هذه الآية: فقال مجاهد: هو بمعنى الكتاب، وهما شيء واحد (٥). وهو اختيار الفراء (٦). قال: العرب تكرر الشيء إذا اختلفت (٧) ألفاظه، قال عدي بن زيد:
وقوله تعالى: ﴿إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا﴾ [الأنفال: ٢٩]، أي: يفرق بينكم وبين ذنوبكم، أو بينكم وبين ما تخافون (٣).
فأما (٤) معنى الفرقان في هذه الآية: فقال مجاهد: هو بمعنى الكتاب، وهما شيء واحد (٥). وهو اختيار الفراء (٦). قال: العرب تكرر الشيء إذا اختلفت (٧) ألفاظه، قال عدي بن زيد:
(١) انظر: "الصحاح" (فرق) ٤/ ١٥٤٠، "اللسان" (فرق) ٦/ ٣٣٩٩.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٣، ٤٤، ١/ ٢٨٥ "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٤٦١، "تهذيب اللغة" (فرق) ٣/ ٢٧٧٩، "الصحاح" (فرق) ٤/ ١٥٤١، "اللسان" (فرق) ٦/ ٣٣٩٩.
(٣) ذكر الطبري في المراد بالفرقان ثلاثة أقوال: مخرجها، أو نجاة، أو فصلا، ١٣/ ٤٨٨.
(٤) في (ب): (وأما).
(٥) ذكره الطبري في "تفسيره" عن مجاهد وعن ابن عباس وأبي العالية ورجحه ٢/ ٧٠، ٧١، وكذا "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٥٠، والنحاس في "إعراب القرآن" ١/ ٢٢٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٣ أ، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢١٦، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٣، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٨١، "تفسير ابن كثير" ١/ ٩٧.
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ أ، وذكر الفراء في المراد بالفرقان عدة أقوال، والقول المذكور هنا أحد الأقوال. انظر "معاني القرآن" ١/ ٣٧.
(٧) في (ب): (اختلف).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٣، ٤٤، ١/ ٢٨٥ "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٤٦١، "تهذيب اللغة" (فرق) ٣/ ٢٧٧٩، "الصحاح" (فرق) ٤/ ١٥٤١، "اللسان" (فرق) ٦/ ٣٣٩٩.
(٣) ذكر الطبري في المراد بالفرقان ثلاثة أقوال: مخرجها، أو نجاة، أو فصلا، ١٣/ ٤٨٨.
(٤) في (ب): (وأما).
(٥) ذكره الطبري في "تفسيره" عن مجاهد وعن ابن عباس وأبي العالية ورجحه ٢/ ٧٠، ٧١، وكذا "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٥٠، والنحاس في "إعراب القرآن" ١/ ٢٢٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٣ أ، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢١٦، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٣، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٨١، "تفسير ابن كثير" ١/ ٩٧.
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ أ، وذكر الفراء في المراد بالفرقان عدة أقوال، والقول المذكور هنا أحد الأقوال. انظر "معاني القرآن" ١/ ٣٧.
(٧) في (ب): (اختلف).
525
وأَلْفَى قَوْلَهَا كَذِبًا وَمَينَا (١)
وقال عنترة:
أَقْوَى وَأَقْفَرَ بَعْدَ أُمِّ الهَيْثَمِ (٢)
وارتضى الزجاج هذا القول، قال (٣): لأن الله تعالى ذكر لموسى الفرقان في غير هذا الموضع وهو قوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ﴾ [الأنبياء: ٤٨]. فعلى هذا الفرقان هو الكتاب، والكتاب هو الفرقان، ولكن ذكر بلفظين مختلفين نحو ما ذكرنا.
قال الزجاج: ويجوز أن يريد بالفرقان انفراق البحر (٤)، وهو من عظيم الآيات، كأنه قيل: آتيناه فرق البحر وهذا قول يمان بن رباب (٥). وقال ابن عباس: أراد بالفرقان النصر على الأعداء (٦)، لأن الله عز وجل
وقال عنترة:
أَقْوَى وَأَقْفَرَ بَعْدَ أُمِّ الهَيْثَمِ (٢)
وارتضى الزجاج هذا القول، قال (٣): لأن الله تعالى ذكر لموسى الفرقان في غير هذا الموضع وهو قوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ﴾ [الأنبياء: ٤٨]. فعلى هذا الفرقان هو الكتاب، والكتاب هو الفرقان، ولكن ذكر بلفظين مختلفين نحو ما ذكرنا.
قال الزجاج: ويجوز أن يريد بالفرقان انفراق البحر (٤)، وهو من عظيم الآيات، كأنه قيل: آتيناه فرق البحر وهذا قول يمان بن رباب (٥). وقال ابن عباس: أراد بالفرقان النصر على الأعداء (٦)، لأن الله عز وجل
(١) سبق البيت وتخريجه، والشاهد هنا قوله: (كذبًا ومينًا) فعطف المين على الكذب، وهو بمعناه.
(٢) البيت من معلقة عنترة المشهورة وصدره:
حُيِّيتَ مِنْ طَلَلٍ تَقَادَمَ عَهْدُهُ
(الطلل): ما شخص من الدار من وتد وغيره، (تقادم): طال عهده بأهله فتغير، (أقوى): خلا من أهله، ورد البيت في "تهذيب اللغة" (شرع) ٢/ ١٨٥٧، "اللسان" (شرع) ٤/ ٢٢٣٨، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٣ أ، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤١، "الدر المصون" ١/ ٣٥٨، "فتح القدير" ١/ ١٣٥، و"ديوان عنترة" ص ١٨٩.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٥.
(٤) لم أجد هذا القول في "معاني القرآن" للزجاج، وممن نسبه للزجاج ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٨١، وهذا القول ذكره الفراء في "المعاني" ١/ ٣٧، وأبو الليث في "تفسيره" ١/ ٣٥٤، انظر: "تفسير ابن عطية" ونسبه لابن زيد ١/ ٢٩٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤١.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ أ، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٣.
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ أ، وابن الجوزي في "زاد المسير" عن ابن =
(٢) البيت من معلقة عنترة المشهورة وصدره:
حُيِّيتَ مِنْ طَلَلٍ تَقَادَمَ عَهْدُهُ
(الطلل): ما شخص من الدار من وتد وغيره، (تقادم): طال عهده بأهله فتغير، (أقوى): خلا من أهله، ورد البيت في "تهذيب اللغة" (شرع) ٢/ ١٨٥٧، "اللسان" (شرع) ٤/ ٢٢٣٨، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٣ أ، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤١، "الدر المصون" ١/ ٣٥٨، "فتح القدير" ١/ ١٣٥، و"ديوان عنترة" ص ١٨٩.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٥.
(٤) لم أجد هذا القول في "معاني القرآن" للزجاج، وممن نسبه للزجاج ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٨١، وهذا القول ذكره الفراء في "المعاني" ١/ ٣٧، وأبو الليث في "تفسيره" ١/ ٣٥٤، انظر: "تفسير ابن عطية" ونسبه لابن زيد ١/ ٢٩٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤١.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ أ، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٣.
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ أ، وابن الجوزي في "زاد المسير" عن ابن =
526
نصر (١) موسى وقومه. وقال حسان يذكر ذلك، يخاطب (٢) النبي -صلى الله عليه وسلم -:
فعلى هذا سمى نصره على فرعون وقومه فرقانًا؛ لأن في ذلك فرقًا بين الحق والباطل.
وقال الكسائي: الفرقان نعت للكتاب، يريد: وإذا آتينا موسى الكتاب الفرقان، أي (٥): الفارق بين الحلال والحرام، ثم زيدت الواو كما تزاد في النعوت فيقال: فلان حسن وطويل وسخي (٦)، وأنشد:
وقال قطرب: أراد بالفرقان: القرآن، وفي الآية إضمار معناه: وإذ آتينا موسى الكتاب ومحمدا الفرقان، لعلكم تهتدون بهذين الكتابين، فترك
| فَثَبَّتَ اللهُ مَا آتاكَ (٣) مِنْ حَسَنٍ | تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا (٤) |
وقال الكسائي: الفرقان نعت للكتاب، يريد: وإذا آتينا موسى الكتاب الفرقان، أي (٥): الفارق بين الحلال والحرام، ثم زيدت الواو كما تزاد في النعوت فيقال: فلان حسن وطويل وسخي (٦)، وأنشد:
| إِلَى المَلِكِ الْقَرْمِ وَابْنِ الهُمَامِ | وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ في المُزْدَحَم (٧) |
= عباس وابن زيد ١/ ٨١، وذكر الطبري نحوه عن ابن زيد ١/ ٢٨٥، وذكره أبو الليث في "تفسيره" ولم يعزه ١/ ٣٥٤، وكذا ابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٩٥.
(١) (نصر) ساقط من (ب).
(٢) في (ج): (مخاطب).
(٣) في (ب): (ما أتاك الله ما أتاك).
(٤) البيت ليس لحسان وإنما هو لعبد الله بن رواحة كما في ديوانه ص ١٥٩، وكذلك ورد في "طبقات ابن سعد" ٣/ ٥٢٨، "سيرة ابن هشام" ٣/ ٤٢٨، "سير أعلام النبلاء" ١/ ٢٣٤، و"الاستيعاب" ٣/ ٣٥، "الدر المصون" ١/ ٥٩١، "البحر المحيط" ٢/ ٣١١، ٢٢٧، ٦/ ٨٤.
(٥) في (أ): (أن) وفي (ج): (إذ).
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ أ، وانظر "تفسير البغوي" ١/ ٧٣، "الكشاف" ١/ ٢٨١، وذكره أبو حيان في البحر، وقال: هو ضعيف ١/ ٢٠٢، وذكر الفراء نحوه ولم يعزه للكسائي، "معاني القرآن" ١/ ٣٧.
(٧) سبق البيت وتخريجه في تفسير قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾.
(١) (نصر) ساقط من (ب).
(٢) في (ج): (مخاطب).
(٣) في (ب): (ما أتاك الله ما أتاك).
(٤) البيت ليس لحسان وإنما هو لعبد الله بن رواحة كما في ديوانه ص ١٥٩، وكذلك ورد في "طبقات ابن سعد" ٣/ ٥٢٨، "سيرة ابن هشام" ٣/ ٤٢٨، "سير أعلام النبلاء" ١/ ٢٣٤، و"الاستيعاب" ٣/ ٣٥، "الدر المصون" ١/ ٥٩١، "البحر المحيط" ٢/ ٣١١، ٢٢٧، ٦/ ٨٤.
(٥) في (أ): (أن) وفي (ج): (إذ).
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ أ، وانظر "تفسير البغوي" ١/ ٧٣، "الكشاف" ١/ ٢٨١، وذكره أبو حيان في البحر، وقال: هو ضعيف ١/ ٢٠٢، وذكر الفراء نحوه ولم يعزه للكسائي، "معاني القرآن" ١/ ٣٧.
(٧) سبق البيت وتخريجه في تفسير قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾.
527
أحد الاسمين (١)، كقوله:
أراد ويفقأ عينيه، فاكتفى بـ (يجدع) من يفقأ (٣).
قال ابن الأنباري: هذا البيت لا يشاكل ما احتج به؛ لأن الشاعر اكتفى بفعل من فعل، وعلى ما ذكر في الآية اكتفى من اسم باسم (٤)، ولكنه يصح قول قطرب عندي من وجه آخر، وهو (٥) أنه لما ذكر الفرقان وهو اسم للقرآن، دل على محمد - ﷺ - فحذف اتكالًا على علم المخاطبين (٦).
٥٤ - وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ﴾ يعني (٧) الذين عبدوا العجل. (يا قوم) نداء مضاف حذفت منه الياء، لأن النداء باب حذف، ألا
| تَرَاهُ كَأَنَّ اللهَ يَجْدَعُ أَنْفَهُ | وَعَيْنَيْهِ إِنْ مَوْلاَهُ ثَابَ لَهُ وَفْرُ (٢) |
قال ابن الأنباري: هذا البيت لا يشاكل ما احتج به؛ لأن الشاعر اكتفى بفعل من فعل، وعلى ما ذكر في الآية اكتفى من اسم باسم (٤)، ولكنه يصح قول قطرب عندي من وجه آخر، وهو (٥) أنه لما ذكر الفرقان وهو اسم للقرآن، دل على محمد - ﷺ - فحذف اتكالًا على علم المخاطبين (٦).
٥٤ - وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ﴾ يعني (٧) الذين عبدوا العجل. (يا قوم) نداء مضاف حذفت منه الياء، لأن النداء باب حذف، ألا
(١) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ أ، وذكره الزجاج في "المعاني" ١/ ١٠٤، ١٠٥، وهو قول للفراء كما في المعاني ١/ ٣٧، وانظر: "أمالي المرتضى" ٢/ ٢٥٩، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٦، "زاد المسير" ١/ ٨١، "البحر المحيط" ١/ ٢٠٢.
(٢) البيت ينسب إلى خالد بن الطيفان، ونسبه بعضهم إلى الزبرقان بن بدر، ورد البيت في "الزاهر" ١/ ١١٩، و"أمالي المرتضى" ٢/ ٢٥٩، ٣٧٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٣ أ، "الخصائص" ٢/ ٤٣١، "الإنصاف" ١/ ٤٠٦، "اللسان" (جدع) ١/ ٥٦٧. والوفر: المال الكثير الوافر.
(٣) في (ج): (فاكتفى يجدع من تفقأ).
(٤) في (ب)، (ج): (باسم من اسم). وقول ابن الأنباري ذكره المرتضى في "أماليه" ٢/ ٢٦٠.
(٥) (وهو) ساقط من (ب).
(٦) ذكر المرتضى في أماليه نحوه ردا على قول ابن الأنباري السابق. "أمالي المرتضى" ٢/ ٢٦٠.
(٧) بعد سياق الآية كاملة في (ب) كما هو النهج في هذه النسخة ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ﴾ يعني...
(٢) البيت ينسب إلى خالد بن الطيفان، ونسبه بعضهم إلى الزبرقان بن بدر، ورد البيت في "الزاهر" ١/ ١١٩، و"أمالي المرتضى" ٢/ ٢٥٩، ٣٧٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٣ أ، "الخصائص" ٢/ ٤٣١، "الإنصاف" ١/ ٤٠٦، "اللسان" (جدع) ١/ ٥٦٧. والوفر: المال الكثير الوافر.
(٣) في (ج): (فاكتفى يجدع من تفقأ).
(٤) في (ب)، (ج): (باسم من اسم). وقول ابن الأنباري ذكره المرتضى في "أماليه" ٢/ ٢٦٠.
(٥) (وهو) ساقط من (ب).
(٦) ذكر المرتضى في أماليه نحوه ردا على قول ابن الأنباري السابق. "أمالي المرتضى" ٢/ ٢٦٠.
(٧) بعد سياق الآية كاملة في (ب) كما هو النهج في هذه النسخة ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ﴾ يعني...
528
ترى أنه يحذف فيه (١) التنوين، ويحذف بعض الاسم للترخيم (٢) والمنادى إذا أضفته إلى نفسك (٣) جاز فيه ثلاث لغات (٤) حذف الياء، وإثباتها (٥) وفتحها (٦)، فحذف الياء كقوله: ﴿يَا قَوْمِ﴾ والإثبات كقوله: ﴿يَا عِبَادِ (٧) فَاتَّقُونِ﴾ (٨) [الزمر: ١٦] والفتح كقوله: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ [الزمر: ٥٣] على قراءة من فتح (٩) الياء. والأجود الحذف والاجتزاء بالكسرة (١٠)، والعرب تفعل ذلك كثيرًا في الموضع (١١) الذي يكون (١٢) الياء
(١) في (ج): (منه).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٥، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٢٢٦.
(٣) أي: إلى ياء المتكلم.
(٤) انظر: "الكتاب" ٢/ ٢٠٩، وذكر الزجاج في المنادى المضاف إلى ياء المتكلم أربع لغات، انظر: "معاني القرآن" ١/ ١٠٥، وذكر النحاس لست لغات، "إعراب القرآن" ١/ ٢٢٦، وكذا أبو حيان في البحر ١/ ١٠٦، "السمين في الدر" ١/ ٣٥٩، وهذا في غير القرآن.
(٥) يعني إثباتها ساكنة.
(٦) في (ب): (وحذفها).
(٧) قراءة جمهور القراء حذف الياء منها، وقرأ بالإثبات رويس وروح. انظر: "النشر" ٢/ ٣٦٤، "وتحبير التيسير" ص ١٧٤.
(٨) في (ج): (عباد) وهي قراءة السبعة.
(٩) في (ب): (حذف). قرأ بالفتح نافع وابن كثير وابن عامر وعاصم، وأبو جعفر من العشرة والبقية على الإسكان في الوقف، وحذفها في الوصل. انظر: "التيسير" ص ١٩٠، "تحبير التيسير" ص ١٧٤.
(١٠) قال الزجاج: فأما في القرآن فالكسر وحذف الياء لأنه أجود الأوجه، وهو إجماع القراء ١/ ١٠٥، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧٥، "البحر المحيط" ١/ ٢٠٦.
(١١) في (ب): (المواضع).
(١٢) في (ب): (تكون).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٥، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٢٢٦.
(٣) أي: إلى ياء المتكلم.
(٤) انظر: "الكتاب" ٢/ ٢٠٩، وذكر الزجاج في المنادى المضاف إلى ياء المتكلم أربع لغات، انظر: "معاني القرآن" ١/ ١٠٥، وذكر النحاس لست لغات، "إعراب القرآن" ١/ ٢٢٦، وكذا أبو حيان في البحر ١/ ١٠٦، "السمين في الدر" ١/ ٣٥٩، وهذا في غير القرآن.
(٥) يعني إثباتها ساكنة.
(٦) في (ب): (وحذفها).
(٧) قراءة جمهور القراء حذف الياء منها، وقرأ بالإثبات رويس وروح. انظر: "النشر" ٢/ ٣٦٤، "وتحبير التيسير" ص ١٧٤.
(٨) في (ج): (عباد) وهي قراءة السبعة.
(٩) في (ب): (حذف). قرأ بالفتح نافع وابن كثير وابن عامر وعاصم، وأبو جعفر من العشرة والبقية على الإسكان في الوقف، وحذفها في الوصل. انظر: "التيسير" ص ١٩٠، "تحبير التيسير" ص ١٧٤.
(١٠) قال الزجاج: فأما في القرآن فالكسر وحذف الياء لأنه أجود الأوجه، وهو إجماع القراء ١/ ١٠٥، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧٥، "البحر المحيط" ١/ ٢٠٦.
(١١) في (ب): (المواضع).
(١٢) في (ب): (تكون).
529
فيه أصلاً، وكما أنشده (١) سيبويه:
يريد: الأيدي (٤). وأنشد أيضًا:
يريد: الغواني فاجتزأ بالكسرة من الياء، والنداء بهذا أولى لأنه باب حذف.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ أي نقصتم حظ أنفسكم باتخادكم العجل إلها (٦)، فحذف أحد المفعولين، وقد مضى بيانه (٧).
| وَطِرْتُ بِمُنْصُلِي (٢) فِي يَعْمَلاَتٍ | دَوَامِي الأَيْدِ يَخْبِطْنَ السَّريِحَا (٣) |
| وَأخُو الغَوَانِ مَتى يَشَأْ يَصْرِمْنَهُ | وَيَكُنَّ أَعْدَاءً بُعَيْدَ وِدَادِ (٥) |
وقوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ أي نقصتم حظ أنفسكم باتخادكم العجل إلها (٦)، فحذف أحد المفعولين، وقد مضى بيانه (٧).
(١) في (ب): (أنشد).
(٢) في (أ)، (ج) (لمنصلي) وما في (ب) موافق لرواية البيت في أكثر المصادر.
(٣) البيت غير منسوب في "الكتاب"، ونسبه في اللسان لمضرس بن ربعي. (المنصل): السيف، و (اليعملات): جمع يعملة، وهي الناقة القوية على العمل و (السريح): جلود أو خرق تشد على أخفاف الناقة إذا حفيت من شدة السير، ورد البيت في "الكتاب" ١/ ٢٧، ٤/ ١٩٠، "المنصف" ٢/ ٧٣، "الخصائص" ٢/ ٢٦٩. ٣/ ١٣٣، "الإنصاف" ٢/ ٤٢٩، "الخزانة" ١/ ٢٤٢، "اللسان" (جزز) ١/ ٦١٥، و (خبط) ١٠٣٩، و (ثمن) ١/ ٥٩ و (يدى) ٨/ ٤٩٥١.
(٤) فحذف (الياء) لضرورة الشعر وبقيت الكسرة تدل عليها. انظر:"الكتاب" ١/ ٢٧.
(٥) في (ب): (واداد). البيت للأعشى (قيس من ميمون) وفيه يصف النساء بالغدر وقلة الوفاء والصبر، يقول: من كان مشغوفًا بهن مواصلاً لهن، إذا تعرض لما يسبب صرمهن سارعن إليه لتغير أخلاقهن. البيت من شواهد سيبويه ١/ ٢٨، وورد في "المنصف" ٢/ ٧٣، "الإنصاف" ص ٣٢٩، ص ٤١٩، و"الهمع" ٥/ ٣٤٤، "الخزانة" ١/ ٢٤٢، "اللسان" (غنا) ٦/ ٣٣١٠، وديوان لأعشى ص ٥١.
(٦) انظر: الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ ب، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٣.
(٧) مضى في تفسير قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [البقرة: ٥١].
(٢) في (أ)، (ج) (لمنصلي) وما في (ب) موافق لرواية البيت في أكثر المصادر.
(٣) البيت غير منسوب في "الكتاب"، ونسبه في اللسان لمضرس بن ربعي. (المنصل): السيف، و (اليعملات): جمع يعملة، وهي الناقة القوية على العمل و (السريح): جلود أو خرق تشد على أخفاف الناقة إذا حفيت من شدة السير، ورد البيت في "الكتاب" ١/ ٢٧، ٤/ ١٩٠، "المنصف" ٢/ ٧٣، "الخصائص" ٢/ ٢٦٩. ٣/ ١٣٣، "الإنصاف" ٢/ ٤٢٩، "الخزانة" ١/ ٢٤٢، "اللسان" (جزز) ١/ ٦١٥، و (خبط) ١٠٣٩، و (ثمن) ١/ ٥٩ و (يدى) ٨/ ٤٩٥١.
(٤) فحذف (الياء) لضرورة الشعر وبقيت الكسرة تدل عليها. انظر:"الكتاب" ١/ ٢٧.
(٥) في (ب): (واداد). البيت للأعشى (قيس من ميمون) وفيه يصف النساء بالغدر وقلة الوفاء والصبر، يقول: من كان مشغوفًا بهن مواصلاً لهن، إذا تعرض لما يسبب صرمهن سارعن إليه لتغير أخلاقهن. البيت من شواهد سيبويه ١/ ٢٨، وورد في "المنصف" ٢/ ٧٣، "الإنصاف" ص ٣٢٩، ص ٤١٩، و"الهمع" ٥/ ٣٤٤، "الخزانة" ١/ ٢٤٢، "اللسان" (غنا) ٦/ ٣٣١٠، وديوان لأعشى ص ٥١.
(٦) انظر: الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ ب، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٣.
(٧) مضى في تفسير قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [البقرة: ٥١].
530
﴿فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ﴾ خالقكم، يقال: برأ الله الخلق، أي: خلقهم (١)، وكان أبو عمرو يختلس حركة الهمزة في بارئكم كأنه مخفف الحركة ويقربها من الجزم (٢)، وحجته في ذلك: أن الحركات على ضربين (٣): حركة بناء، وحركة إعراب، فحركة البناء يجوز تخفيفه، وذلك نحو: سَبُع وإِبِل وضُرِبَ وعَلِمَ. يقول (٤) في التخفيف: سَبْع وفَخْذٌ وعَلْم وضُرْب، وقد خفف من كلمتين على هذا المثال تشبيها للمنفصل (٥) بالمتصل، وذلك نحوما أنشده أبو زيد:
قَالَتْ سُلَيْمَى اشْتَرْ لَنَا دَقِيقَا (٦)
[فَنُزِّل] (٧) مثل كتف، ولا خلاف في تجويز إسكان حركة البناء عند
قَالَتْ سُلَيْمَى اشْتَرْ لَنَا دَقِيقَا (٦)
[فَنُزِّل] (٧) مثل كتف، ولا خلاف في تجويز إسكان حركة البناء عند
(١) انظر: "غريب القرآن" للزبيدي ١/ ٧٠، والطبري في "تفسيره" ٢/ ٧٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٣ ب.
(٢) هذا على رواية العراقيين عنه بالاختلاس، وروي عنه إسكان الهمزة، وبقية السبعة على كسر الهمزة من غير اختلاس ولا تخفيف، انظر "السبعة" ص ١٥٥، و"الحجة" لأبي على ٢/ ٧٦، "التيسير" ص ٧٣، "الكشف" ١/ ٢٤٠.
(٣) أخذه عن "الحجة" ٢/ ٧٨. قال أبو علي: (حروف المعجم على ضربين: ساكن ومتحرك، والساكن على ضربين: أحدهما: ما أصله في الاستعمال السكون.. ، والآخر: ما أصله الحركة في الاستعمال فيسكن عنها، وما كان أصله الحركة يسكن على ضربين: أحدهما أن تكون حركته حركة بناء، والآخر: أن تكون حركته حركة إعراب..) وانظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٩٧، "الحجة" لابن خالويه ص ٧٨، "الكشف" ١/ ٢٤١.
(٤) في "الحجة" (يقول من يخفف) ٢/ ٧٩.
(٥) أي: شبهوا المنفصل في كلمتين بالمتصل في كلمة.
(٦) الرجز لرجل من كندة يقال له: (العذافر الكندي) وسبق تخريجه في تفسير قوله تعالى: ﴿وَهُوَ بكل شَىءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٩].
(٧) في جميع النسخ (فترك) وفي "الحجة" (فنزل) وهذا أقرب، والمعنى: أن (اشتر) =
(٢) هذا على رواية العراقيين عنه بالاختلاس، وروي عنه إسكان الهمزة، وبقية السبعة على كسر الهمزة من غير اختلاس ولا تخفيف، انظر "السبعة" ص ١٥٥، و"الحجة" لأبي على ٢/ ٧٦، "التيسير" ص ٧٣، "الكشف" ١/ ٢٤٠.
(٣) أخذه عن "الحجة" ٢/ ٧٨. قال أبو علي: (حروف المعجم على ضربين: ساكن ومتحرك، والساكن على ضربين: أحدهما: ما أصله في الاستعمال السكون.. ، والآخر: ما أصله الحركة في الاستعمال فيسكن عنها، وما كان أصله الحركة يسكن على ضربين: أحدهما أن تكون حركته حركة بناء، والآخر: أن تكون حركته حركة إعراب..) وانظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٩٧، "الحجة" لابن خالويه ص ٧٨، "الكشف" ١/ ٢٤١.
(٤) في "الحجة" (يقول من يخفف) ٢/ ٧٩.
(٥) أي: شبهوا المنفصل في كلمتين بالمتصل في كلمة.
(٦) الرجز لرجل من كندة يقال له: (العذافر الكندي) وسبق تخريجه في تفسير قوله تعالى: ﴿وَهُوَ بكل شَىءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٩].
(٧) في جميع النسخ (فترك) وفي "الحجة" (فنزل) وهذا أقرب، والمعنى: أن (اشتر) =
531
النحويين.
وأما حركة الإعراب فمختلف في تجويز إسكانها، فمن النحويين من يقول: إن إسكانها لا يجوز، لأنها علم الإعراب، وسيبويه يجوز ذلك (١)، ولا يفصل بين القبيلين (٢) في الشعر.
وقد روي ذلك عن العرب، وإذا جاءت الرواية لم ترد بالقياس (٣)، فمما أنشده في ذلك قوله (٤):
وَقَدْ بَدَا (٥) هَنْكِ مِنَ المِئْزَرِ (٦)
وقوله: فَالْيَوْمُ أَشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ (٧).. البيت.
وأما حركة الإعراب فمختلف في تجويز إسكانها، فمن النحويين من يقول: إن إسكانها لا يجوز، لأنها علم الإعراب، وسيبويه يجوز ذلك (١)، ولا يفصل بين القبيلين (٢) في الشعر.
وقد روي ذلك عن العرب، وإذا جاءت الرواية لم ترد بالقياس (٣)، فمما أنشده في ذلك قوله (٤):
وَقَدْ بَدَا (٥) هَنْكِ مِنَ المِئْزَرِ (٦)
وقوله: فَالْيَوْمُ أَشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ (٧).. البيت.
= سكن آخره ونزل منزلة المتصل مثل (كتف) انظر "الحجة" ٢/ ٧٩، و"النوادر" لأبي زيد ص١٧٠، "الخصائص" ١/ ٧٣ - ٧٥.
(١) انظر: "الكتاب" ٤/ ٢٠٣، وانظر: "الخصائص" ١/ ٧٣ - ٧٥.
(٢) في (ب): (القبيلتين).
(٣) وكأنه يشير إلى رد أبي العباس المبرد لهذه المسألة، انظر: "الخصائص" ١/ ٧٥، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٧، "الخزانة" ٤/ ٤٨٤.
(٤) (قوله) ساقط من (ب).
(٥) في (ب). (زيد).
(٦) البيت للأقيشر الأسدي وصدره:
رُحْتِ وَفِي رِجْلَيْكِ مَا فِيهِمَا
قاله يخاطب زوجته حين لامته لما شرب الخمر وبدت عورته، وقوله: (ما فيهما): من الاضطراب، و (الهن) كناية عن كل ما يقبح ذكره، وهو هنا كناية عن (الفرج). البيت من شواهد سيبويه ٤/ ٢٠٣، وفي "الحجة" لأبي علي ٢/ ٨٠، "الخصائص" ١/ ٧٤، ٣/ ٩٥، و"الهمع" ١/ ١٨٧، "شرح المفصل" ١/ ٤٨، "الخزانة" ٤/ ٤٨٤، ٤٨٥، ٨/ ٣٥١، "تفسير ابن عطية"١/ ٢٩٨.
(٧) سبق تخريجه.
(١) انظر: "الكتاب" ٤/ ٢٠٣، وانظر: "الخصائص" ١/ ٧٣ - ٧٥.
(٢) في (ب): (القبيلتين).
(٣) وكأنه يشير إلى رد أبي العباس المبرد لهذه المسألة، انظر: "الخصائص" ١/ ٧٥، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٧، "الخزانة" ٤/ ٤٨٤.
(٤) (قوله) ساقط من (ب).
(٥) في (ب). (زيد).
(٦) البيت للأقيشر الأسدي وصدره:
رُحْتِ وَفِي رِجْلَيْكِ مَا فِيهِمَا
قاله يخاطب زوجته حين لامته لما شرب الخمر وبدت عورته، وقوله: (ما فيهما): من الاضطراب، و (الهن) كناية عن كل ما يقبح ذكره، وهو هنا كناية عن (الفرج). البيت من شواهد سيبويه ٤/ ٢٠٣، وفي "الحجة" لأبي علي ٢/ ٨٠، "الخصائص" ١/ ٧٤، ٣/ ٩٥، و"الهمع" ١/ ١٨٧، "شرح المفصل" ١/ ٤٨، "الخزانة" ٤/ ٤٨٤، ٤٨٥، ٨/ ٣٥١، "تفسير ابن عطية"١/ ٢٩٨.
(٧) سبق تخريجه.
532
وقول جرير:
وجاز إسكان حركة الإعراب كما جاز إسكان (٤) حركة البناء في نحو ما ذكرنا. والذي ذهب إليه أبو عمرو هو إسكان حركة الإعراب (٥).
فأما من زعم أن حذف هذه الحركة لا يجوز من حيث كانت عَلَمًا للإعراب، فليس قوله بمستقيم، وذلك أن حركات (٦) الإعراب قد تحذف لأشياء (٧)، ألا ترى أنها تحذف للوقف، وتحذف من الأسماء والأفعال
| سِيرُوا بَنِي الْعَمِّ فَالْأَهْوَازُ (١) مَنْزِلُكُمْ | وَنَهْرُ تِيرَى وَلَا تَعْرِفْكُمُ (٢) الْعَرَبُ (٣) |
فأما من زعم أن حذف هذه الحركة لا يجوز من حيث كانت عَلَمًا للإعراب، فليس قوله بمستقيم، وذلك أن حركات (٦) الإعراب قد تحذف لأشياء (٧)، ألا ترى أنها تحذف للوقف، وتحذف من الأسماء والأفعال
(١) في (ج): (فالهواني).
(٢) في (أ)، (ج): (لايعرفكم) وما في (ب) موافق للحجة، والمصادر الأخرى التي ورد فيها البيت.
(٣) (الأهواز): مكان معروف في بلاد الفرس، وهو اسم للكورة بأسرها، ثم غلب على سوقها الذي أصبح مدينة يعينها، وفي الأهواز (نهر تيرى) المذكور في البيت. انظر "معجم البلدان" ١/ ٢٨٤، ٥/ ٣١٩، ورد البيت في "الحجة" ٢/ ٨٠، "الخصائص" ١/ ٧٤، ٢/ ٣١٧، "المخصص" ١٥/ ١٨٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٨، "معجم البلدان" ٥/ ٣١٩، "الخزانة" ٤/ ٤٨٤، "ديوان جرير" ص ٤٥. والشاهد (ولا تعرفكم) بالضم فأسكن الشاعر مضطرًّا. انظر "الخصائص" ١/ ٧٤، ٢/ ٣١٧.
(٤) (إسكان) ساقط من (ب). وعبارة أبي علي: (وجاز إسكان حركة الإعراب، كما جاز تحريك إسكان البناء...) "الحجة" ٢/ ٨١.
(٥) أو اختلاسها كما سبق، قال أبو علي: (ذهب سيبويه إلى أن أبا عمرو اختلس الحركة ولم يشبعها فهو بزنة حرف متحرك، فمن روى عن أبي عمرو الإسكان في هذا النحو، فلعله سمعه يختلس فحسبه لضعف الصوت به والخفاء إسكانًا ٢/ ٨٤، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٧، "الحجة" لابن خالويه ص ٧٨.
(٦) في (ب) (حركة).
(٧) في (ب) (الأشياء).
(٢) في (أ)، (ج): (لايعرفكم) وما في (ب) موافق للحجة، والمصادر الأخرى التي ورد فيها البيت.
(٣) (الأهواز): مكان معروف في بلاد الفرس، وهو اسم للكورة بأسرها، ثم غلب على سوقها الذي أصبح مدينة يعينها، وفي الأهواز (نهر تيرى) المذكور في البيت. انظر "معجم البلدان" ١/ ٢٨٤، ٥/ ٣١٩، ورد البيت في "الحجة" ٢/ ٨٠، "الخصائص" ١/ ٧٤، ٢/ ٣١٧، "المخصص" ١٥/ ١٨٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٨، "معجم البلدان" ٥/ ٣١٩، "الخزانة" ٤/ ٤٨٤، "ديوان جرير" ص ٤٥. والشاهد (ولا تعرفكم) بالضم فأسكن الشاعر مضطرًّا. انظر "الخصائص" ١/ ٧٤، ٢/ ٣١٧.
(٤) (إسكان) ساقط من (ب). وعبارة أبي علي: (وجاز إسكان حركة الإعراب، كما جاز تحريك إسكان البناء...) "الحجة" ٢/ ٨١.
(٥) أو اختلاسها كما سبق، قال أبو علي: (ذهب سيبويه إلى أن أبا عمرو اختلس الحركة ولم يشبعها فهو بزنة حرف متحرك، فمن روى عن أبي عمرو الإسكان في هذا النحو، فلعله سمعه يختلس فحسبه لضعف الصوت به والخفاء إسكانًا ٢/ ٨٤، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٧، "الحجة" لابن خالويه ص ٧٨.
(٦) في (ب) (حركة).
(٧) في (ب) (الأشياء).
533
المعتلة. فإذا جاز حذفها في هذه المواضع، جاز حذفها فيما ذهب إليه سيبويه، وهو التشبيه بحركة البناء، والجامع بينهما أنهما جميعا زائدتان، وأن حركة الإعراب قد تسقط في الوقف والاعتلال، كما تسقط التي للبناء للتخفيف.
واعلم أن الحركات التي تكون للبناء والإعراب يستعملون في الضمة والكسرة منهما على ضربين: أحدهما: الإشباع والتمطيط، والآخر: اللاختلاس والتخفيف.
وهذا الاختلاس والتخفيف، إنما يكون في الضمة والكسرة، وأما الفتحة (١) فليس فيها إلا الإشباع ولم تخفف الفتحة بالاختلاس، كما لم تخفف بالحذف (٢) من نحو: جَمَل وجَبَل، كما حذف (٣) من نحو: سَبُع وكَتِف، وكما (٤) لم يحذفوا الألف في الفواصل من حيث حذفت الياء والواومنها، نحو: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ﴾ [الفجر: ٤]. وكما لم يبدل الأكثر من التنوين الياء والواوفي الجر والرفع كما أبدلوا (٥) منه في النصب، فهذا الاختلاس وإن كان الصوت فيه أضعف من التمطيط وأخفى، فإن الحرف المختلس حركته بزنة المتحرك، وعلى هذا حمل سيبويه قول أبي عمرو ﴿إِلَى بَارِئِكُمْ﴾ فذهب إلى أنه اختلس الحركة ولم يشبعها، فهو بزنة حرف متحرك (٦).
واعلم أن الحركات التي تكون للبناء والإعراب يستعملون في الضمة والكسرة منهما على ضربين: أحدهما: الإشباع والتمطيط، والآخر: اللاختلاس والتخفيف.
وهذا الاختلاس والتخفيف، إنما يكون في الضمة والكسرة، وأما الفتحة (١) فليس فيها إلا الإشباع ولم تخفف الفتحة بالاختلاس، كما لم تخفف بالحذف (٢) من نحو: جَمَل وجَبَل، كما حذف (٣) من نحو: سَبُع وكَتِف، وكما (٤) لم يحذفوا الألف في الفواصل من حيث حذفت الياء والواومنها، نحو: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ﴾ [الفجر: ٤]. وكما لم يبدل الأكثر من التنوين الياء والواوفي الجر والرفع كما أبدلوا (٥) منه في النصب، فهذا الاختلاس وإن كان الصوت فيه أضعف من التمطيط وأخفى، فإن الحرف المختلس حركته بزنة المتحرك، وعلى هذا حمل سيبويه قول أبي عمرو ﴿إِلَى بَارِئِكُمْ﴾ فذهب إلى أنه اختلس الحركة ولم يشبعها، فهو بزنة حرف متحرك (٦).
(١) في (ب) (فأما الضمة).
(٢) في (أ)، (ج) (بالمحذوف) وما في (ب) أولى، وموافق لما في "الحجة" ٢/ ٨٣.
(٣) في "الحجة" (خفف) وهو أولى.
(٤) (الواو) ساقطة من (ب).
(٥) في "الحجة": (كما أبدلوا الألف في النصب) ٢/ ٨٣.
(٦) انتهى من "الحجة" لأبي علي الفارسي ٢/ ٧٨ - ٨٣. مع التصرف اليسير باختصار بعض المواضع.
(٢) في (أ)، (ج) (بالمحذوف) وما في (ب) أولى، وموافق لما في "الحجة" ٢/ ٨٣.
(٣) في "الحجة" (خفف) وهو أولى.
(٤) (الواو) ساقطة من (ب).
(٥) في "الحجة": (كما أبدلوا الألف في النصب) ٢/ ٨٣.
(٦) انتهى من "الحجة" لأبي علي الفارسي ٢/ ٧٨ - ٨٣. مع التصرف اليسير باختصار بعض المواضع.
534
وفي الآية إضمار واختصار، كأنه لما قال لهم: ﴿فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ﴾ قالوا: كيف؟ فقال (١): ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ (٢). قال أبو العباس: أصل القتل: إماتة الحركة (٣). ومنه يقال: قتلت الخمر إذا (٤) مزجتها بالماء، لأنك كسرت شدتها، كأنك قتلت حركتها، قال حسان:
وتقول (٧): قتلته علما: إذا أتقنته وتحققته، وذلك أنك أزلت اضطرابه في نفسك.
وقلب مُقَتَّل: إذا ذلل بالعشق (٨)، ومنه قوله:
...... أَعْشَارِ (٩) قَلْبٍ مُقَتَّلِ (١٠)
| إِنَّ الَّتِي نَاوَلْتَنِي فَرَدَدْتُهَا قُتِلَتْ | قُتِلَتْ فَهَاتِهَا (٥) لَمْ تُقْتَلِ (٦) |
وقلب مُقَتَّل: إذا ذلل بالعشق (٨)، ومنه قوله:
...... أَعْشَارِ (٩) قَلْبٍ مُقَتَّلِ (١٠)
(١) في (ب) (قال).
(٢) انظر الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ب، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٣.
(٣) نحوه في "التهذيب" عن الليث (قتل) ٣/ ٢٨٨٤، انظر "الصحاح" (قتل) ٥/ ١٧٩٧، "اللسان" (قتل) ٦/ ٣٥٢٨.
(٤) في (ج) (اوا).
(٥) في (أ)، (ج) (نهاتها) وما في (ب) موافق لنا في ديوان حسان، والمصادر الأخرى التي ذكر فيها البيت.
(٦) ورد البيت في الصحاح (قتل) ٥/ ١٧٩٧، "اللسان" ٦/ ٣٥٣٠، "ديوان حسان" ص ١٨١، "الخزانة" ٤/ ٣٨٥، ٣٩٠.
(٧) في (ج): (ويقول).
(٨) انظر " التهذيب" (قتل) ٣/ ٢٨٨٤، "الصحاح" (قتل) ٥/ ١٧٩٧، ١٧٩٨، "المحكم" (قتل) ٦/ ٢٠٤، ٢٠٥.
(٩) في (ب): (في أعشار).
(١٠) البيت لامرئ القيس، وسبق تخريجه وشرحه في مقدمة المؤلف.
(٢) انظر الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ب، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٣.
(٣) نحوه في "التهذيب" عن الليث (قتل) ٣/ ٢٨٨٤، انظر "الصحاح" (قتل) ٥/ ١٧٩٧، "اللسان" (قتل) ٦/ ٣٥٢٨.
(٤) في (ج) (اوا).
(٥) في (أ)، (ج) (نهاتها) وما في (ب) موافق لنا في ديوان حسان، والمصادر الأخرى التي ذكر فيها البيت.
(٦) ورد البيت في الصحاح (قتل) ٥/ ١٧٩٧، "اللسان" ٦/ ٣٥٣٠، "ديوان حسان" ص ١٨١، "الخزانة" ٤/ ٣٨٥، ٣٩٠.
(٧) في (ج): (ويقول).
(٨) انظر " التهذيب" (قتل) ٣/ ٢٨٨٤، "الصحاح" (قتل) ٥/ ١٧٩٧، ١٧٩٨، "المحكم" (قتل) ٦/ ٢٠٤، ٢٠٥.
(٩) في (ب): (في أعشار).
(١٠) البيت لامرئ القيس، وسبق تخريجه وشرحه في مقدمة المؤلف.
535
وكذلك المُقَتَّل من الدواب: المذلل بكثرة العمل (١).
قال زهير.
[قوله: جنة سُحُقا قال أبو علي (٤): أراد نخيل جنة، لأن السحق يكون من صفة النخيل لا من صفة الجنة، وهي التي بسقت فطالت] (٥).
ومعنى قوله: ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ أي: ليقتل البريء المجرم (٦)، وجاز هذا؛ لأن من قتل أخاه أباه (٧) وجاره وحليفه (٨) فكأنه قتل نفسه، ومنه
قال زهير.
| كَأَنَّ عيْنَيَّ فِي غَرْبَيْ مُقَتَّلَةٍ | مَن النَّوَاضِحِ تَسْقِي جَنَّةً (٢) سُحُقَا (٣) |
ومعنى قوله: ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ أي: ليقتل البريء المجرم (٦)، وجاز هذا؛ لأن من قتل أخاه أباه (٧) وجاره وحليفه (٨) فكأنه قتل نفسه، ومنه
(١) انظر: "تهذيب اللغة" (قتل) ١/ ٢٨٨٤. "المحكم" (قتل) ٦/ ٢٠٥.
(٢) في (ب): (جنها).
(٣) قوله: (غربي) الغرب: الدلو الكبير من جلد ثور وجمعه غروب، و (المقتلة): التي ذللت بكثرة العمل، لأنها ماهرة تخرج الدلو ملأى فتسيل من نواحيها، (الجنة) البستان، وأراد النخل. (السحق): الواحد (سحوق) النخلة التي ذهبت جريدتها، وطالت، ورد البيت في المجمل (جنن) ١/ ١٧٥، "مقاييس اللغة" ١/ ٤٢١، "المخصص" ١١/ ١١١،"اللسان" (سحق) ٤/ ١٩٥٦، و (قتل) ٦/ ٣٥٣٠. و (جنن) ٢/ ٧٠٥.
(٤) انظر: "المخصص" ١١/ ١١١.
(٥) مابين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ب، وانظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٥٥. والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٣، الخازن في "تفسيره" ١/ ١٢٦، وقيل: ليقتل بعضكم بعضا، انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبه ص ٤٩. والطبري ٢/ ٧٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٨، "الكشاف" ١/ ٢٨١، "زاد المسير" ١/ ٨٢، "البحر" ١/ ٢٠٧. ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٩٨.
(٧) (وأباه) ساقط من (ب).
(٨) في (ج): (خليفه).
(٢) في (ب): (جنها).
(٣) قوله: (غربي) الغرب: الدلو الكبير من جلد ثور وجمعه غروب، و (المقتلة): التي ذللت بكثرة العمل، لأنها ماهرة تخرج الدلو ملأى فتسيل من نواحيها، (الجنة) البستان، وأراد النخل. (السحق): الواحد (سحوق) النخلة التي ذهبت جريدتها، وطالت، ورد البيت في المجمل (جنن) ١/ ١٧٥، "مقاييس اللغة" ١/ ٤٢١، "المخصص" ١١/ ١١١،"اللسان" (سحق) ٤/ ١٩٥٦، و (قتل) ٦/ ٣٥٣٠. و (جنن) ٢/ ٧٠٥.
(٤) انظر: "المخصص" ١١/ ١١١.
(٥) مابين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ب، وانظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٥٥. والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٣، الخازن في "تفسيره" ١/ ١٢٦، وقيل: ليقتل بعضكم بعضا، انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبه ص ٤٩. والطبري ٢/ ٧٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٨، "الكشاف" ١/ ٢٨١، "زاد المسير" ١/ ٨٢، "البحر" ١/ ٢٠٧. ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٩٨.
(٧) (وأباه) ساقط من (ب).
(٨) في (ج): (خليفه).
536
قوله: ﴿فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ﴾ (١) [البقرة: ١٩١] أي: قتلوا منكم بعضكم الذين هم كأنفسكم (٢).
وقال بعض أهل المعاني: معنى (فاقتلوا أنفسكم) أي: استسلموا للقتل، فجعل استسلامهم للقتل قتلًا منهم لأنفسهم على التوسع (٣)، فعلى هذا لا تحتاج إلى تأويل الأنفس.
وقوله تعالي: ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ﴾ أي: توبتكم خير لكم عند بارئكم من إقامتكم على عبادة العجل (٤)، والإشارة في ذلك تعود إلى القتل (٥)، وهو توبتهم، وقيل (٦): معناه: توبتكم خير لكم، أي فعل خير، لأنه يثيبكم عليه، وليس "خير" على طريق المبالغة والتفضيل (٧)، وذلك أن
وقال بعض أهل المعاني: معنى (فاقتلوا أنفسكم) أي: استسلموا للقتل، فجعل استسلامهم للقتل قتلًا منهم لأنفسهم على التوسع (٣)، فعلى هذا لا تحتاج إلى تأويل الأنفس.
وقوله تعالي: ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ﴾ أي: توبتكم خير لكم عند بارئكم من إقامتكم على عبادة العجل (٤)، والإشارة في ذلك تعود إلى القتل (٥)، وهو توبتهم، وقيل (٦): معناه: توبتكم خير لكم، أي فعل خير، لأنه يثيبكم عليه، وليس "خير" على طريق المبالغة والتفضيل (٧)، وذلك أن
(١) كذا في (أ) (قتلوكم) بغير ألف، وهي قراءة حمزة والكسائي، وفي (ب)، (ج) (قاتلوكم) بالألف على قراءة بقية السبعة. انظر "السبعة" لابن مجاهد ص ١٧٩.
(٢) انظر: "تأويل مشكل القرآن" ص ١٥٢، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٥٥، "تفسير الرازي" ٣/ ٨١.
(٣) ذكره الماوردي عن أبي إسحاق ١/ ٣٢٧، وكذا الرازي في "تفسيره" ٣/ ٨٢، وأبو حيان في البحر ١/ ٢٠٧.
(٤) أو المعنى (توبتكم) خير لكم من إقامتكم على المعصية، ولو سلمتم من القتل. انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٠٩، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٥٥، والنسفي في "تفسيره" ١/ ١٢٦، "البحر المحيط" ١/ ٢٠٩، "الدر المصون" ١/ ٣٦٦.
(٥) وقيل: تعود إلى التوبة، وقيل: إلى القتل والتوبة، فأوقع المفرد موقع التثنية. انظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٣ ب، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٣، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٨٣، "زاد المسير" ١/ ٨٢، "البحر المحيط" ١/ ٢٠٩، "الدر المصون" ١/ ٣٦٦.
(٦) (وقيل) ساقط من (ب).
(٧) انظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٠٩.
(٢) انظر: "تأويل مشكل القرآن" ص ١٥٢، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٥٥، "تفسير الرازي" ٣/ ٨١.
(٣) ذكره الماوردي عن أبي إسحاق ١/ ٣٢٧، وكذا الرازي في "تفسيره" ٣/ ٨٢، وأبو حيان في البحر ١/ ٢٠٧.
(٤) أو المعنى (توبتكم) خير لكم من إقامتكم على المعصية، ولو سلمتم من القتل. انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٠٩، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٥٥، والنسفي في "تفسيره" ١/ ١٢٦، "البحر المحيط" ١/ ٢٠٩، "الدر المصون" ١/ ٣٦٦.
(٥) وقيل: تعود إلى التوبة، وقيل: إلى القتل والتوبة، فأوقع المفرد موقع التثنية. انظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٣ ب، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٣، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٨٣، "زاد المسير" ١/ ٨٢، "البحر المحيط" ١/ ٢٠٩، "الدر المصون" ١/ ٣٦٦.
(٦) (وقيل) ساقط من (ب).
(٧) انظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٠٩.
537
خيرًا يستعمل بمعنيين: أحدهما: التفضيل، وقال: فلان خير من فلان، أي أفضل، وهذا يحتاج معه إلى من.
والثاني: بمعنى الفاضل، يقال أردت خيرا، أو فعلت خيرا (١).
قال ابن عباس: أبي الله عز وجل أن يقبل توبة عبدة العجل إلا بالحال التي كره من لم يعبد العجل، وذلك أنهم كرهوا أن يقاتلوا عبدة العجل على عبادة العجل فجعل الله توبتهم أن يقتلهم هؤلاء الذين كرهوا قتالهم (٢)، والقصة فى ذلك معروفه مشهورة.
وقوله تعالى: ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾ في الآية اختصار، تقديره: ففعلتم ما أمرتم به (٣)، فتاب عليكم (٤).
٥٥ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ قال ابن عباس: حتى نراه علانية (٥)، وقال قتادة: عيانا (٦). وقد تكون الرؤية غير جهرة كالرؤية في النوم (٧)، وكرؤية القلب، فإذا قيل (٨): رآه
والثاني: بمعنى الفاضل، يقال أردت خيرا، أو فعلت خيرا (١).
قال ابن عباس: أبي الله عز وجل أن يقبل توبة عبدة العجل إلا بالحال التي كره من لم يعبد العجل، وذلك أنهم كرهوا أن يقاتلوا عبدة العجل على عبادة العجل فجعل الله توبتهم أن يقتلهم هؤلاء الذين كرهوا قتالهم (٢)، والقصة فى ذلك معروفه مشهورة.
وقوله تعالى: ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾ في الآية اختصار، تقديره: ففعلتم ما أمرتم به (٣)، فتاب عليكم (٤).
٥٥ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ قال ابن عباس: حتى نراه علانية (٥)، وقال قتادة: عيانا (٦). وقد تكون الرؤية غير جهرة كالرؤية في النوم (٧)، وكرؤية القلب، فإذا قيل (٨): رآه
(١) انظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٠٩، "الدر المصون" ١/ ٣٦٦.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ ب، وذكره الطبري في "تفسيره" عن السدي ١/ ٢٨٦، "تفسير الماوردي" عن جريج ١/ ٣٢٧.
(٣) في (ب): (فعلتم ذلك).
(٤) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٤ أ، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٨٨، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٩، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٠٩.
(٥) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٨١، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٥٥، وذكره القرطبي في "تفسيره" ١/ ١٣٦، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٧٠، والسيوطي في الدر ١/ ٧٠.
(٦) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٨٩، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٥٦.
(٧) بياض في (ب).
(٨) في (ب) (قال).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٣ ب، وذكره الطبري في "تفسيره" عن السدي ١/ ٢٨٦، "تفسير الماوردي" عن جريج ١/ ٣٢٧.
(٣) في (ب): (فعلتم ذلك).
(٤) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٤ أ، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٨٨، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٩، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٠٩.
(٥) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٨١، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٥٥، وذكره القرطبي في "تفسيره" ١/ ١٣٦، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٧٠، والسيوطي في الدر ١/ ٧٠.
(٦) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٨٩، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٥٦.
(٧) بياض في (ب).
(٨) في (ب) (قال).
538
جهرة، لم يكن إلا على رؤية العين على التحقيق دون التخييل (١).
قال أهل اللغة: معنى قوله: جهرةً أي غير مستتر عنَّا بشيء، وأصل الجهر في اللغة: الكشف والإظهار، يقال: جهرت البئر، إذا كشفت الطين عن الماء ليظهر الماء (٢)، قال:
أبو زيد يقال: جهرت بالقول أجهر به، إذا أعلنته، وجاهرني فلان جِهَارًا أي (٤) عَالَنَنِي، والجهر: العلانية (٥).
والجَهَارَةُ: ظهور الجَمَال (٦) وأنكشافه ببياض اللون (٧)، قال الأعشى:
بِقَوَامِهَا الحَسَنِ الَّذِي.. جَمَعَ المَدَادَةَ (٨) والجَهَارَةْ (٩)
قال أهل اللغة: معنى قوله: جهرةً أي غير مستتر عنَّا بشيء، وأصل الجهر في اللغة: الكشف والإظهار، يقال: جهرت البئر، إذا كشفت الطين عن الماء ليظهر الماء (٢)، قال:
| إِذَا وَرَدْنَا آجِنًا جَهَرْنَاه | أَو خَالِيًا مِنْ أَهْلِهِ عَمَرْنَاهْ (٣) |
والجَهَارَةُ: ظهور الجَمَال (٦) وأنكشافه ببياض اللون (٧)، قال الأعشى:
| وَسَبَتْكَ حِيَنَ تَبَسَّمتْ | بَيْنَ الأَرِيكَةِ والسِّتَارَهْ |
(١) انظر "الغريب" لابن قتيبة ص ٤٩، "تفسير البغوي" ١/ ٧٤، "البحر المحيط" ١/ ٢١٠، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٤ - ٣٤٥.
(٢) انظر "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٦٧، "تهذيب اللغة" (جهر) ١/ ٦٧٦، "مقاييس اللغة" (جهر) ١/ ٤٨٧، "الصحاح" (جهر) ٢/ ٦١٨.
(٣) الرجز ذكره أبو زيد في "النوادر"، قال: أنشدتني شماء، وهي أعرابية فصيحة من بني كلاب. تقول: إنهم من كثرتهم نزفوا مياه الآبار الآجنة من كثرة المكث، وعمروا المكان الخالي. "نوادر أبي زيد" ص ٥٧٤)، والبيتان في "تهذيب اللغة" (جهر) ١/ ٦٧٦، "الصحاح" (جهر) ٢/ ٦١٨، "اللسان" (جهر) ٢/ ٧١١.
(٤) (أي) ساقط من (ب).
(٥) "تهذيب اللغة" (جهر) ١/ ٦٧٧.
(٦) في (ج): (الحال).
(٧) في (ب): (المال). انظر: "الصحاح" (جهر) ٢/ ٦١٩، "اللسان" ٢/ ٧١١.
(٨) في (ب)، (ج): (المدارة).
(٩) قوله: (الأريكة): سرير منجد مزين، و (المداد): طول القامة، والبيتان من قصيدة =
(٢) انظر "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٦٧، "تهذيب اللغة" (جهر) ١/ ٦٧٦، "مقاييس اللغة" (جهر) ١/ ٤٨٧، "الصحاح" (جهر) ٢/ ٦١٨.
(٣) الرجز ذكره أبو زيد في "النوادر"، قال: أنشدتني شماء، وهي أعرابية فصيحة من بني كلاب. تقول: إنهم من كثرتهم نزفوا مياه الآبار الآجنة من كثرة المكث، وعمروا المكان الخالي. "نوادر أبي زيد" ص ٥٧٤)، والبيتان في "تهذيب اللغة" (جهر) ١/ ٦٧٦، "الصحاح" (جهر) ٢/ ٦١٨، "اللسان" (جهر) ٢/ ٧١١.
(٤) (أي) ساقط من (ب).
(٥) "تهذيب اللغة" (جهر) ١/ ٦٧٧.
(٦) في (ج): (الحال).
(٧) في (ب): (المال). انظر: "الصحاح" (جهر) ٢/ ٦١٩، "اللسان" ٢/ ٧١١.
(٨) في (ب)، (ج): (المدارة).
(٩) قوله: (الأريكة): سرير منجد مزين، و (المداد): طول القامة، والبيتان من قصيدة =
539
فالجهرة في هذه الآية: فعلة من الجهر، وهو مصدر يراد به المفعول (١).
وقوله تعالى: ﴿فَأَخَذَتكُمُ الصَّاعِقَةُ﴾ يعني ما تصعقون منه، أي: تموتون، لأنه قال: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ﴾ [البقرة: ٥٦].
وقال مقاتل: الصاعقة: الموت (٢)، ومضى الكلام في الصاعقة (٣).
قال المفسرون: إن الله تعالى أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه (٤) من عبادة العجل، فاختار موسى سبعين رجلًا من خيارهم، وخرج بهم إلى طور سيناء، وسمعوا كلام الله، وكان موسى إذا
وقوله تعالى: ﴿فَأَخَذَتكُمُ الصَّاعِقَةُ﴾ يعني ما تصعقون منه، أي: تموتون، لأنه قال: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ﴾ [البقرة: ٥٦].
وقال مقاتل: الصاعقة: الموت (٢)، ومضى الكلام في الصاعقة (٣).
قال المفسرون: إن الله تعالى أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه (٤) من عبادة العجل، فاختار موسى سبعين رجلًا من خيارهم، وخرج بهم إلى طور سيناء، وسمعوا كلام الله، وكان موسى إذا
= للأعشى يهجو بها شيبان بن شهاب، انظر ديوانه ص ١٥٣، والبيت الأول في "الزاهر" ١/ ٥٦٢، "الخزانة" ٣/ ٣١١، وروايته في "الزاهر": (وسبتك يوم تزينت).
(١) قوله: (يراد به المفعول) لم أجده فيما اطلعت عليه-، قال القرطبي: (جهرة: مصدر في موضع الحال) "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٥، وانظر "فتح القدير" ١/ ١٣٧، وفي "الفتوحات الإلهية" قال: (إنه مفعول مطلق، لأن الجهرة نوع من مطلق الرؤية فيلاقي عامله في المعنى) ١/ ٥٥. والجهرة: قد تكون من صفات الرؤية، فهو مصدر من جهر أي: عيانا، ويحتمل: أن تكون من صفة الرائين، أي ذوي جهرة، أو مجاهرين بالرؤية، ويحتمل: أن تكون راجعة إلى معنى القول أو القائلين، أي قولا جهرة أو جاهرين بذلك. انظر: "البحر المحيط" ١/ ٢١٠، ٢١١.
(٢) أخرج ابن جرير عن قتادة والربيع نحوه ٢/ ٨٢، وكذا "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٥٦، وانظر "الدر" ١/ ٧٠. بعضهم فسر الصاعقة: بالموت، وبعضهم قال: هي سبب الموت، ثم اختلفوا فيها: هل هي نار أو صيحة أو جنود من السماء. انظر "تفسير الرازي" ٣/ ٨٦.
(٣) عند تفسير آية ١٩ من سورة البقرة.
(٤) (إليه) ساقط من (ج).
(١) قوله: (يراد به المفعول) لم أجده فيما اطلعت عليه-، قال القرطبي: (جهرة: مصدر في موضع الحال) "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٥، وانظر "فتح القدير" ١/ ١٣٧، وفي "الفتوحات الإلهية" قال: (إنه مفعول مطلق، لأن الجهرة نوع من مطلق الرؤية فيلاقي عامله في المعنى) ١/ ٥٥. والجهرة: قد تكون من صفات الرؤية، فهو مصدر من جهر أي: عيانا، ويحتمل: أن تكون من صفة الرائين، أي ذوي جهرة، أو مجاهرين بالرؤية، ويحتمل: أن تكون راجعة إلى معنى القول أو القائلين، أي قولا جهرة أو جاهرين بذلك. انظر: "البحر المحيط" ١/ ٢١٠، ٢١١.
(٢) أخرج ابن جرير عن قتادة والربيع نحوه ٢/ ٨٢، وكذا "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٥٦، وانظر "الدر" ١/ ٧٠. بعضهم فسر الصاعقة: بالموت، وبعضهم قال: هي سبب الموت، ثم اختلفوا فيها: هل هي نار أو صيحة أو جنود من السماء. انظر "تفسير الرازي" ٣/ ٨٦.
(٣) عند تفسير آية ١٩ من سورة البقرة.
(٤) (إليه) ساقط من (ج).
540
كلمه ربه وقع على وجهه نور ساطع، لا يستطيع أحد من بني آدم (١) أن ينظر إليه، ويغشاه عمود من غمام.
فلما فرغ موسى وانكشف الغمام (٢)، قالوا له: لن نؤمن لك، أي: لن نصدقك، حتى نرى الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة، وهي نار جاءت (٣) من السماء فأحرقتهم (٤) جميعًا. ﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ يريد نظر بعضهم إلى بعض عند نزول الصاعقة (٥)، قاله (٦) ابن زيد.
وإنما أخذتهم الصاعقة؛ لأنهم امتنعوا من الإيمان بموسى بعد ظهور معجزته حتى يريهم ربهم جهرة، والإيمان بالأنبياء واجب بعد ظهور معجزتهم، ولا يجوز لهم اقتراح المعجزات عليهم، فلهذا (٧) عاقبهم
فلما فرغ موسى وانكشف الغمام (٢)، قالوا له: لن نؤمن لك، أي: لن نصدقك، حتى نرى الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة، وهي نار جاءت (٣) من السماء فأحرقتهم (٤) جميعًا. ﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ يريد نظر بعضهم إلى بعض عند نزول الصاعقة (٥)، قاله (٦) ابن زيد.
وإنما أخذتهم الصاعقة؛ لأنهم امتنعوا من الإيمان بموسى بعد ظهور معجزته حتى يريهم ربهم جهرة، والإيمان بالأنبياء واجب بعد ظهور معجزتهم، ولا يجوز لهم اقتراح المعجزات عليهم، فلهذا (٧) عاقبهم
(١) في (ب): (بني اسرائيل).
(٢) (الغمام) ساقط من (ب).
(٣) (جاءت) ساقط من (ب).
(٤) في (أ)، (ج): (فأحرقهم) وما في (ب) أولى للسياق، وموافق لما عند الثعلبي في "تفسيره"، والكلام أخذه ملخصا عن الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٤ أ، وأخرج الطبري نحوه عن محمد ابن إسحاق وعن السدي ١/ ٢٩١ - ٢٩٢. ثم قال الطبري في "تفسيره" بعد أن ذكر بعض الآثار: (فهذا ما روي في السبب الذي من أجله قالوا لموسى: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ ولا خبر عندنا بصحة شيء مما قاله من ذكرنا قوله في سبب قيلهم لموسى تقوم به حجة فيسلم له، وجائز أن يكون ذلك بعض ما قالوه..) ١/ ٨٩، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٢٩٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠١، "تفسير ابن كثير" ١/ ٩٩.
(٥) ذكره الطبري ولم يعزه ١/ ٢٩٠، وانظر "تفسير البغوي" ١/ ٧٤، "زاد المسير" ١/ ٨٣، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ٩٩.
(٦) في (ب) (قال).
(٧) في (ج) (فهكذا).
(٢) (الغمام) ساقط من (ب).
(٣) (جاءت) ساقط من (ب).
(٤) في (أ)، (ج): (فأحرقهم) وما في (ب) أولى للسياق، وموافق لما عند الثعلبي في "تفسيره"، والكلام أخذه ملخصا عن الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٤ أ، وأخرج الطبري نحوه عن محمد ابن إسحاق وعن السدي ١/ ٢٩١ - ٢٩٢. ثم قال الطبري في "تفسيره" بعد أن ذكر بعض الآثار: (فهذا ما روي في السبب الذي من أجله قالوا لموسى: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ ولا خبر عندنا بصحة شيء مما قاله من ذكرنا قوله في سبب قيلهم لموسى تقوم به حجة فيسلم له، وجائز أن يكون ذلك بعض ما قالوه..) ١/ ٨٩، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٢٩٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠١، "تفسير ابن كثير" ١/ ٩٩.
(٥) ذكره الطبري ولم يعزه ١/ ٢٩٠، وانظر "تفسير البغوي" ١/ ٧٤، "زاد المسير" ١/ ٨٣، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ٩٩.
(٦) في (ب) (قال).
(٧) في (ج) (فهكذا).
541
الله (١)، ولما كان سؤال موسى إيمانًا منه وتصديقًا واشتياقًا لم يعاقب عليه، وهؤلاء سألوه (٢) شاكّين منكرين متعنتين فعوقبوا عليه.
وقال بعضهم: إن أصحاب موسى اعتقدوا إحالة الرؤية (٣) على الله فعلقوا إيمانهم على الرؤية (٤): ومرادهم: لن نؤمن لك قط، كقوله: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، فلهذا عاقبهم الله عليه. وهذه الآية تتضمن التوبيخ لهم على مخالفة الرسول عليه السلام مع قيام معجزته، كما خالف أسلافهم [موسى مع ما أتى به من الآيات الباهرة، والتحذير لهم أن ينزل بهم كما نزل بأسلافهم] (٥).
٥٦ - قوله تعالى: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ الآية. البعث في كلام العرب على وجهين: أحدهما: الإرسال كقوله: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى﴾ (٦) [الأعراف: ١٠٣، يونس: ٧٥].
وقال بعضهم: إن أصحاب موسى اعتقدوا إحالة الرؤية (٣) على الله فعلقوا إيمانهم على الرؤية (٤): ومرادهم: لن نؤمن لك قط، كقوله: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، فلهذا عاقبهم الله عليه. وهذه الآية تتضمن التوبيخ لهم على مخالفة الرسول عليه السلام مع قيام معجزته، كما خالف أسلافهم [موسى مع ما أتى به من الآيات الباهرة، والتحذير لهم أن ينزل بهم كما نزل بأسلافهم] (٥).
٥٦ - قوله تعالى: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ الآية. البعث في كلام العرب على وجهين: أحدهما: الإرسال كقوله: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى﴾ (٦) [الأعراف: ١٠٣، يونس: ٧٥].
(١) انظر "تفسير الرازي" ٣/ ٨٦، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٤، و"تفسير النسفي" ١/ ١٢٨، "البحر المحيط" ١/ ٢١١، ٢١٢.
(٢) في (ب): (يسألوه).
(٣) في (ج): (الرؤيا).
(٤) المعتزلة هي التي تقول بإحالة الرؤية وقد تمسكوا بمثل هذه الآية. قال الزمخشري: (وفي هذا الكلام دليل على أن موسى عليه الصلاة والسلام رادهم القول وعرفهم أن رؤية ما لا يجوز عليه أن يكون في جهة محال...) "الكشاف" ١/ ٢٨٢، ورد عليه صاحب "الإنصاف" في حاشية على "الكشاف" بما أبطل زعمه، كما رد عليه الرازي في "تفسيره" ٣/ ٨٥، وانظر "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٤ - ٣٤٥، "البحر المحيط" ١/ ٢١١.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٩٠، "تفسير الرازي" ٣/ ٨٣.
(٦) في (ب) (من بعد) تصحيف في الآية.
(٢) في (ب): (يسألوه).
(٣) في (ج): (الرؤيا).
(٤) المعتزلة هي التي تقول بإحالة الرؤية وقد تمسكوا بمثل هذه الآية. قال الزمخشري: (وفي هذا الكلام دليل على أن موسى عليه الصلاة والسلام رادهم القول وعرفهم أن رؤية ما لا يجوز عليه أن يكون في جهة محال...) "الكشاف" ١/ ٢٨٢، ورد عليه صاحب "الإنصاف" في حاشية على "الكشاف" بما أبطل زعمه، كما رد عليه الرازي في "تفسيره" ٣/ ٨٥، وانظر "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٤ - ٣٤٥، "البحر المحيط" ١/ ٢١١.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٩٠، "تفسير الرازي" ٣/ ٨٣.
(٦) في (ب) (من بعد) تصحيف في الآية.
542
والثاني: إثارة بارك أو قاعد، يقال: بعثت البعير عن مبركه، وبعثت النائم، ونشر الميت: بعث، لأنه كبعث النائم، وذلك إثارته عن مكانه (١). قال قتادة: بعثهم الله ليستوفوا بقية آجالهم وأرزاقهم (٢)، ولو ماتوا بآجالهم لم يبعثوا، ولكنه كان ذلك الموت عقوبة لهم على ما قالوا.
وقال ابن الأنباري: كل موت حصل البعث بعده في الدنيا كهذا، وكقوله: ﴿فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ (٣) مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ﴾ [البقرة: ٢٤٣] يكون حكمه حكم النوم، ويجري مجرى موت النائم؛ لأن الله تعالى أثبت للخلق الإماتة في دار الدنيا مرة واحدة (٤)، وهوقوله: ﴿قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ (٥) [الجاثية: ٢٦].
قال الزجاج: والآية احتجاج على مشركي العرب الذين كفروا بالبعث، واحتج النبي - ﷺ - بإحياء من بعث بعد موته في الدنيا فيما يوافقه اليهود والنصارى (٦).
وقال ابن الأنباري: كل موت حصل البعث بعده في الدنيا كهذا، وكقوله: ﴿فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ (٣) مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ﴾ [البقرة: ٢٤٣] يكون حكمه حكم النوم، ويجري مجرى موت النائم؛ لأن الله تعالى أثبت للخلق الإماتة في دار الدنيا مرة واحدة (٤)، وهوقوله: ﴿قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ (٥) [الجاثية: ٢٦].
قال الزجاج: والآية احتجاج على مشركي العرب الذين كفروا بالبعث، واحتج النبي - ﷺ - بإحياء من بعث بعد موته في الدنيا فيما يوافقه اليهود والنصارى (٦).
(١) "تهذيب اللغة" (بعث) ١/ ٣٥٤، وانظر "اللسان" (بعث) ١/ ٣٠٧.
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٩٢، وابن أبي حاتم ١/ ٣٥٨، وانظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٤ ب، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٢، والبغوي ١/ ٧٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٠، "الدر المنثور" ١/ ١٣٦.
(٣) لفظ الجلالة غير موجود في (ب) تصحيف.
(٤) قول جمهور المفسرين أنه موت حقيقي، لكنها غير الموتة التي كتبت عليهم في الدنيا، انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٩١، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٤ ب، قال ابن العربي: ميتة العقوبة بعدها حياة، وميتة الأجل لا حياة بعدها، انظر "أحكام القرآن" لابن العربي ٢/ ٢٢٨، "زاد المسير" ١/ ٨٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٥ - ٣٤٦، ٣/ ٢٣١، "تفسير الرازي" ٣/ ٨٦.
(٥) في (أ) (يبعثكم) تصحيف.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٩، نقله بمعناه.
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٩٢، وابن أبي حاتم ١/ ٣٥٨، وانظر "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٤ ب، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٢، والبغوي ١/ ٧٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٠، "الدر المنثور" ١/ ١٣٦.
(٣) لفظ الجلالة غير موجود في (ب) تصحيف.
(٤) قول جمهور المفسرين أنه موت حقيقي، لكنها غير الموتة التي كتبت عليهم في الدنيا، انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٩١، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٤ ب، قال ابن العربي: ميتة العقوبة بعدها حياة، وميتة الأجل لا حياة بعدها، انظر "أحكام القرآن" لابن العربي ٢/ ٢٢٨، "زاد المسير" ١/ ٨٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٥ - ٣٤٦، ٣/ ٢٣١، "تفسير الرازي" ٣/ ٨٦.
(٥) في (أ) (يبعثكم) تصحيف.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٩، نقله بمعناه.
543
وقوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ أي نعمة البعث (١)، وقيل: تأويله: لعلكم تؤمنون؛ لأن الشكر من فعل المؤمنين وصفاتهم، وأظهر الآيات الموجبة للإيمان بعثهم بعد موتهم.
٥٧ - قوله تعالى: ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ﴾ الآية. معناه: سترناكم عن الشمس بالغمام (٢). والظل (٣) في اللغة، معناه الستر، يقال: لا أزال الله عنا ظل (٤) فلان، أي: ستره، وظل الشجرة: سترها، ويقال لظلمة (٥) الليل: ظل (٦)، لأنها تستر الأشياء (٧). ومنه قوله (٨): ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ﴾ [الفرقان: ٤٥]. قال ذوالرمة:
٥٧ - قوله تعالى: ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ﴾ الآية. معناه: سترناكم عن الشمس بالغمام (٢). والظل (٣) في اللغة، معناه الستر، يقال: لا أزال الله عنا ظل (٤) فلان، أي: ستره، وظل الشجرة: سترها، ويقال لظلمة (٥) الليل: ظل (٦)، لأنها تستر الأشياء (٧). ومنه قوله (٨): ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ﴾ [الفرقان: ٤٥]. قال ذوالرمة:
| قَدْ أَعْسِفُ النَّازِحَ الْمَجْهُولَ (٩) مَعْسِفُهُ | فِي ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هَامَهُ الْبُومُ (١٠) |
(١) أي: البعث بعد موتهم بالصاعقة. انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٩١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٩، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٥٧، "الكشاف" ١/ ٢٨٣، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٥، و"تفسير البيضاوي" ١/ ٢٦، و"تفسير النسفي" ١/ ١٢٨، "البحر المحيط" ١/ ٢١٣.
(٢) انظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٥٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٤ ب، و"تفسير البغوي" ١/ ٧٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٦.
(٣) في (ب): (الظلل).
(٤) في (ب): (ظلل).
(٥) في (ب): (الظلمة).
(٦) في (ج): (سترطل).
(٧) انظر "تهذيب اللغة" (ظل) ٣/ ٢٢٤٦، "الصحاح" (ظل) ٥/ ١٧٥٥، "مقاييس اللغة" (ظل) ١٣/ ٤٦١.
(٨) (قوله) ساقط من (ب).
(٩) في (ب): (المعسوف).
(١٠) ورد في "مفردات الراغب": (المجهود) بدل (المجهول)، وفي "الديوان" وبعض =
(٢) انظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٥٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٤ ب، و"تفسير البغوي" ١/ ٧٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٦.
(٣) في (ب): (الظلل).
(٤) في (ب): (ظلل).
(٥) في (ب): (الظلمة).
(٦) في (ج): (سترطل).
(٧) انظر "تهذيب اللغة" (ظل) ٣/ ٢٢٤٦، "الصحاح" (ظل) ٥/ ١٧٥٥، "مقاييس اللغة" (ظل) ١٣/ ٤٦١.
(٨) (قوله) ساقط من (ب).
(٩) في (ب): (المعسوف).
(١٠) ورد في "مفردات الراغب": (المجهود) بدل (المجهول)، وفي "الديوان" وبعض =
544
يريد بالأخضر (١): الليل. قال الفراء: والظلة: ما سترك من فوق، ويقال: أظل يومنا، إذا كان ذا سحاب، لأنه يستر الشمس (٢). الغمام جمع غمامة، وهي السحاب سمي غمامًا لأنه يغمّ السماء أي: يسترها، وكل ما ستر شيئًا فقد غمّه (٣)، قال الحطيئة:
قال شمر: يجوز أن يسمى غمامًا لتغمغمه (٧)، وهو صوته (٨). وقيل:
| إذَا غِبْتَ عَنَّا (٤) غَابَ عنَّا ربيِعُنَا | ونُسْقَى (٥) الْغَمَامَ الْغُرَّ حِينَ تَؤُوبُ (٦) |
= المصادر (في ظل أغضف)، وقوله: (أَعْسِف): آخذ في غير هدى، و (النازح): الْخَرْقُ البعيدة، وهي الأرض القفر الواسعة، (في ظل أخضر) في ستر ليل أسود، (يدعو هامه البوم): يتجاوب هامه وبومه، والهام ذكر البوم. ورد البيت في "التهذيب" (خضر) ١/ ١٠٤٦، "الصحاح" (ظلل) ٥/ ١٧٥٥، و (هيم) ٥/ ٢٠٦٣، "مقاييس اللغة" (بوم) ١/ ٢٢٣، (ظلل) ٣/ ٤٦١، و (عسف) ٤/ ٣١١، و (غضف) ٤٢٦، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٣٤٨، "مفردات الراغب" ص ١٥٠، و"شرح العكبري لديوان المتنبي" ٢/ ١٥٣، "الخزانة" ٧/ ١٠٠، "اللسان" (خضر) ٢/ ١١٨٥، و (عسف) ٥/ ٢٩٤٣، و (ظلل) ٥/ ٢٧٥٤، و (هوم) ٨/ ٢٧٢٤، و"ديوان ذي الرمة" ١/ ٤٠١.
(١) في (ب)، (ج): (الأخضر) بسقوط الباء.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (ظل) ٣/ ٢٢٤٦، "اللسان" (ظلل) ٥/ ٢٧٥٤.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٩٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٤ ب، "مفردات الراغب" ص ٣٦٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٦، "اللسان" (غمم) ٦/ ٣٣٠٣.
(٤) (عنا) ساقطة من (ب).
(٥) في (ب): (تسقى).
(٦) قاله الحطيئة يمدح سعيد بن العاص بن أمية، ورد في "اللسان" (غمم) ٦/ ٣٣٠٣، وفي "ديوان الحطيئة" ص ٢٤٨.
(٧) في (ب): (لتغممه).
(٨) في (ج): (صونه).
(١) في (ب)، (ج): (الأخضر) بسقوط الباء.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (ظل) ٣/ ٢٢٤٦، "اللسان" (ظلل) ٥/ ٢٧٥٤.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٩٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٤ ب، "مفردات الراغب" ص ٣٦٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٦، "اللسان" (غمم) ٦/ ٣٣٠٣.
(٤) (عنا) ساقطة من (ب).
(٥) في (ب): (تسقى).
(٦) قاله الحطيئة يمدح سعيد بن العاص بن أمية، ورد في "اللسان" (غمم) ٦/ ٣٣٠٣، وفي "ديوان الحطيئة" ص ٢٤٨.
(٧) في (ب): (لتغممه).
(٨) في (ج): (صونه).
545
سمي غمامًا، لأنه يغمّ الماء في جوفه، أي: يستره.
قال المفسرون: هذا كان حين أبوا على موسى دخول بلقاء (١) مدينة الجبارين فتاهوا في الأرض ثم ندموا على ذلك (٢).
وكانت العزيمة (٣) من الله أن يحبسهم في التيه، فلما ندموا لطف الله لهم (٤) بالغمام والمن والسلوى كرامة لهم ومعجزة لنبيهم. والمن: الصحيح أنه التَّرَنْجَبِين (٥)، وكان كالعسل الجامس (٦) حلاوة، كان يقع على
قال المفسرون: هذا كان حين أبوا على موسى دخول بلقاء (١) مدينة الجبارين فتاهوا في الأرض ثم ندموا على ذلك (٢).
وكانت العزيمة (٣) من الله أن يحبسهم في التيه، فلما ندموا لطف الله لهم (٤) بالغمام والمن والسلوى كرامة لهم ومعجزة لنبيهم. والمن: الصحيح أنه التَّرَنْجَبِين (٥)، وكان كالعسل الجامس (٦) حلاوة، كان يقع على
(١) (البلقاء) كورة من أعمال دمشق بين الشام ووادي القرى، وفيها قرى كثيرة ومزارع، قال ياقوت: ومن البلقاء قرية الجبارين. "معجم البلدان" ١/ ٤٨٩، وذكر ابن جرير في هذه الآية عن السدي أنها (أريحا). وفي القرية التي أمروا بدخولها خلاف يأتي في الآية بعدها.
(٢) انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٩، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٥٧، "الثعلبي" ١/ ٧٤ ب، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٤٠٦.
(٣) هكذا في جميع النسخ، وهذا اللفظ فيه تجوز، إذ لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه من الصفات الذاتية الفعلية، ثم نحن لا نعرف ما هي إرادة الله ببني إسرائيل. والله أعلم.
(٤) في (ب): (بهم).
(٥) ذكره الطبري ١/ ٢٩٣، والزجاج في المعاني ٢/ ١٠٩، والأزهري في "التهذيب" (منن) ٤/ ٣٤٥٩، وقال ابن قتيبة (الطرنْجبين)، "غريب القرآن" ص ٤٩، وقال الجوهري. شيء حلو كالطَّرَنْجَبِيَن، الصحاح (منن) ٦/ ٢٢٠٧، وقد قيل في المن: أقوال كثيرة ذكر الطبري في "تفسيره" بعضها، منها: قيل: إنه شراب مثل العسل، وقيل: هو العسل وقيل: الخبز الرقائق، وقيل: الزنجبيل، وقيل: هو ما يسقط
على الشجر، انظر الآثار في الطبري ١/ ٢٩٣ - ٢٩٥ وانظر الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٤ ب، "زاد المسير" ١/ ٨٤، وقال ابن كثير بعد أن ذكر الأقوال: (والغرض أن عبارات المفسرين متقاربة في شرح المن، فمنهم من فسره بالطعام، ومنهم من فسره بالشراب، والظاهر والله أعلم: أنه كل ما امتن الله به عليهم من طعام وشراب وغير ذلك، مما ليس لهم فيه عمل ولا كد..) ابن كثير ١/ ١٠١/ ١٠٢.
(٦) الجامس: الجامد. "اللسان" (جمس) ٢/ ٦٧٧، وفي "تهذيب اللغة" (الحامس) =
(٢) انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٩، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٥٧، "الثعلبي" ١/ ٧٤ ب، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٤٠٦.
(٣) هكذا في جميع النسخ، وهذا اللفظ فيه تجوز، إذ لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه من الصفات الذاتية الفعلية، ثم نحن لا نعرف ما هي إرادة الله ببني إسرائيل. والله أعلم.
(٤) في (ب): (بهم).
(٥) ذكره الطبري ١/ ٢٩٣، والزجاج في المعاني ٢/ ١٠٩، والأزهري في "التهذيب" (منن) ٤/ ٣٤٥٩، وقال ابن قتيبة (الطرنْجبين)، "غريب القرآن" ص ٤٩، وقال الجوهري. شيء حلو كالطَّرَنْجَبِيَن، الصحاح (منن) ٦/ ٢٢٠٧، وقد قيل في المن: أقوال كثيرة ذكر الطبري في "تفسيره" بعضها، منها: قيل: إنه شراب مثل العسل، وقيل: هو العسل وقيل: الخبز الرقائق، وقيل: الزنجبيل، وقيل: هو ما يسقط
على الشجر، انظر الآثار في الطبري ١/ ٢٩٣ - ٢٩٥ وانظر الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٤ ب، "زاد المسير" ١/ ٨٤، وقال ابن كثير بعد أن ذكر الأقوال: (والغرض أن عبارات المفسرين متقاربة في شرح المن، فمنهم من فسره بالطعام، ومنهم من فسره بالشراب، والظاهر والله أعلم: أنه كل ما امتن الله به عليهم من طعام وشراب وغير ذلك، مما ليس لهم فيه عمل ولا كد..) ابن كثير ١/ ١٠١/ ١٠٢.
(٦) الجامس: الجامد. "اللسان" (جمس) ٢/ ٦٧٧، وفي "تهذيب اللغة" (الحامس) =
546
أشجارهم (١) بالأسحار عفوًا بلا علاج منهم، ولا مقاساة مشقة (٢)، ومنه قوله - ﷺ -: "الكمأة من المن" (٣).
قال أبو عبيدة (٤): إنما شبهها بالمن الذي كان يسقط على بني إسرائيل؛ لأنه كان ينزل عليهم عفوا بلا علاج، إنما يصبحون وهو بأفنيتهم فيتناولونه، وكذلك الكمأة لا مؤنة فيه ببذر ولا سقى.
قال أبو إسحاق: جملة المن ما يمن الله به مما لا تعب فيه ولا نصب (٥)،
قال أبو عبيدة (٤): إنما شبهها بالمن الذي كان يسقط على بني إسرائيل؛ لأنه كان ينزل عليهم عفوا بلا علاج، إنما يصبحون وهو بأفنيتهم فيتناولونه، وكذلك الكمأة لا مؤنة فيه ببذر ولا سقى.
قال أبو إسحاق: جملة المن ما يمن الله به مما لا تعب فيه ولا نصب (٥)،
= بالحاء، (من) ٤/ ٣٤٥٩، وكذا في "اللسان" (منن) ٧/ ٤٢٧٩. وفي "الوسيط" (الجامس) ١/ ١١٢.
(١) في (أ)، (ج): (أسحارهم) وما في (ب) هو الصواب.
(٢) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" عن الليث من ٤/ ٣٤٥٩، وانظر "اللسان" (منن) ٧/ ٤٢٧٩.
(٣) الحديث أخرجه البخاري (٤٤٧٨) كتاب (التفسير) تفسير سورة البقرة باب ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ﴾ عن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله - ﷺ -: "الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين" الفتح (٤٦٣٩)، وفي تفسير سورة الأعراف، باب ﴿الْمَنَّ وَالسَّلْوَى﴾ (٥٧٠٨) كتاب (الطب) باب (المن شفاء للعين)، وأخرجه مسلم (٢٠٤٩) كتاب (الأشربة) (فضل الكمأة) عن سعيد بن زيد من عدة طرق، والترمذي (٢٠٦٦)، (٢٠٦٧)، (٢٠٦٨) أبواب (الطب) باب (الكمأة والعجوة) عن أبي سعيد وجابر وسعيد بن زيد وأبي هريرة. عارضة الأحوذي بشرح الترمذي، وابن ماجة في كتاب الطب باب الكمأه والعجوة عن أبي سعيد وجابر وسعيد بن زيد وأبي هريرة وأحمد في مسندة عن سعيد بن زيد ١/ ١٨٧، ١٨٨، وعن أبي هريرة ٢/ ٣٠١، ٣٠٥، ٣٢٥، ٣٥٦، ٣٥٧، ٤٢١، ٤٨٨، ٤٩٠، ٥١١، وقد جمع طرقه ابن كثير في "تفسيره".
(٤) في (أ)، (ج): (أبو عبيد) والكلام لأبي عبيدة كما في "تهذيب اللغة" (من) ٤/ ٣٤٥٩.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٠، وانظر "تهذيب اللغة" (من) ٤/ ٣٤٥٩.
(١) في (أ)، (ج): (أسحارهم) وما في (ب) هو الصواب.
(٢) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" عن الليث من ٤/ ٣٤٥٩، وانظر "اللسان" (منن) ٧/ ٤٢٧٩.
(٣) الحديث أخرجه البخاري (٤٤٧٨) كتاب (التفسير) تفسير سورة البقرة باب ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ﴾ عن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله - ﷺ -: "الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين" الفتح (٤٦٣٩)، وفي تفسير سورة الأعراف، باب ﴿الْمَنَّ وَالسَّلْوَى﴾ (٥٧٠٨) كتاب (الطب) باب (المن شفاء للعين)، وأخرجه مسلم (٢٠٤٩) كتاب (الأشربة) (فضل الكمأة) عن سعيد بن زيد من عدة طرق، والترمذي (٢٠٦٦)، (٢٠٦٧)، (٢٠٦٨) أبواب (الطب) باب (الكمأة والعجوة) عن أبي سعيد وجابر وسعيد بن زيد وأبي هريرة. عارضة الأحوذي بشرح الترمذي، وابن ماجة في كتاب الطب باب الكمأه والعجوة عن أبي سعيد وجابر وسعيد بن زيد وأبي هريرة وأحمد في مسندة عن سعيد بن زيد ١/ ١٨٧، ١٨٨، وعن أبي هريرة ٢/ ٣٠١، ٣٠٥، ٣٢٥، ٣٥٦، ٣٥٧، ٤٢١، ٤٨٨، ٤٩٠، ٥١١، وقد جمع طرقه ابن كثير في "تفسيره".
(٤) في (أ)، (ج): (أبو عبيد) والكلام لأبي عبيدة كما في "تهذيب اللغة" (من) ٤/ ٣٤٥٩.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٠، وانظر "تهذيب اللغة" (من) ٤/ ٣٤٥٩.
547
وأما السلوى فقال المفسرون: إنه طائر كالسمانى (١). قال الليث: الواحدة سلواة (٢) وأنشد:
كَمَا انْتَفَضَ السَّلْواَةُ مِنْ بَلَلِ (٣) الْقَطْرِ (٤)
وهذا قول أكثرهم. وقال بعضهم: السلوى: العسل بلغة كنانة (٥)، ومثله قال أبو عبيدة (٦) وأنشد لخالد بن زهير الهذلي:
كَمَا انْتَفَضَ السَّلْواَةُ مِنْ بَلَلِ (٣) الْقَطْرِ (٤)
وهذا قول أكثرهم. وقال بعضهم: السلوى: العسل بلغة كنانة (٥)، ومثله قال أبو عبيدة (٦) وأنشد لخالد بن زهير الهذلي:
| وَقَاسَمَها (٧) بالله جَهْدًا لَأَنْتُمُ | أَلَذُّ مِنَ السَّلْوَى إِذَا مَا نَشُورُهَا (٨) |
(١) في (أ) (السمان). ذكره ابن جرير عن ابن عباس، والسدي، وقتادة، ومجاهد، ووهب، وابن زيد، والربيع بن أنس، وعامر، والضحاك. الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٩٣ - ٢٩٥، نحوه في "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٦٥، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٥ أ، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٥.
(٢) "تهذيب اللغة" (سلا) ٢/ ١٧٢٦، وانظر "اللسان" (سلا) ٤/ ٢٠٨٥، وقال الأخفش: لم يسمع له بواحد، وهو شبيه أن يكون واحده (سلوى) مثل جماعته. "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٦٨، وكذا قال الفراء انظر "معاني القرآن"١/ ٣٨.
(٣) في (ج): (تلك).
(٤) صدره:
وَإنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ.
وورد في "تهذيب اللغة" (سلا) ٢/ ١٧٢٦، "اللسان" (سلا) ٤/ ٢٠٨٥، والوسيط للمؤلف ١/ ١١٢، "تفسير القرطبي" ١/ ٤٠٨، "البحر المحيط" ١/ ٢٠٥، "الدر المصون" ١/ ٣٠٧، وهو غير منسوب في هذه المصادر.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" عن المؤرج السدوسي ١/ ٧٥ أ، وعن ابن الأعرابي: السلوى: طائر، وهو في غير القرآن: العسل، ونحوه عن ابن الأنباري "التهذيب" (سلا) ٢/ ١٧٢٦.
(٦) في (ب) (أبو عبيدة). وكلام أبي عبيد في "تهذيب اللغة" (سلا) ٢/ ١٧٢٦، وانظر "اللسان" (سلا) ٤/ ٢٠٨٥.
(٧) في (ب): (وقاسمهما).
(٨) البيت من قصيدة لخالد بن زهير يخاطب أبا ذؤيب الهذلي، في قصة حصلت بينهما =
(٢) "تهذيب اللغة" (سلا) ٢/ ١٧٢٦، وانظر "اللسان" (سلا) ٤/ ٢٠٨٥، وقال الأخفش: لم يسمع له بواحد، وهو شبيه أن يكون واحده (سلوى) مثل جماعته. "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٦٨، وكذا قال الفراء انظر "معاني القرآن"١/ ٣٨.
(٣) في (ج): (تلك).
(٤) صدره:
وَإنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ.
وورد في "تهذيب اللغة" (سلا) ٢/ ١٧٢٦، "اللسان" (سلا) ٤/ ٢٠٨٥، والوسيط للمؤلف ١/ ١١٢، "تفسير القرطبي" ١/ ٤٠٨، "البحر المحيط" ١/ ٢٠٥، "الدر المصون" ١/ ٣٠٧، وهو غير منسوب في هذه المصادر.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" عن المؤرج السدوسي ١/ ٧٥ أ، وعن ابن الأعرابي: السلوى: طائر، وهو في غير القرآن: العسل، ونحوه عن ابن الأنباري "التهذيب" (سلا) ٢/ ١٧٢٦.
(٦) في (ب) (أبو عبيدة). وكلام أبي عبيد في "تهذيب اللغة" (سلا) ٢/ ١٧٢٦، وانظر "اللسان" (سلا) ٤/ ٢٠٨٥.
(٧) في (ب): (وقاسمهما).
(٨) البيت من قصيدة لخالد بن زهير يخاطب أبا ذؤيب الهذلي، في قصة حصلت بينهما =
548
قال أبو علي الفارسي: قرئ على أبي إسحاق في مصنف القاسم (١): السلوى: العسل، مع بيت خالد بن زهير. فقال لنا أبو إسحاق: السلوى طائر، وغلط خالد بن زهير، وظن أنه العسل (٢)، قال أبو علي: والذي عندي في ذلك: أن السلوى كأنه ما يسلي عن غيره لفضيلة [فيه، من فرط طيبه، أو قلة علاج ومعاناة، العسل (٣) لا يمتنع أن يسمى سلوى لجمعه الأمرين كما يسمى الطائر] (٤) الذي كان يسقط مع المن به. قلت: والسلوى بمعنى العسل صحيح في اللغة (٥)، وإن أنكره أبو إسحاق، ولكن الذي في
= حول امرأة كانا يترددان عليها، ذكرها السكري في "شرح أشعار الهذليين". و (السلوى) هاهنا: العسل، و (الشور): أخذ العسل من مكانه. ورد البيت في "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٢١٥، "تهذيب اللغة" (سلا) ٢/ ١٧٢٦، "تفسير الطبري" ٨/ ١٤١، "الصحاح" (سلا) ٦/ ٢٣٨١، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٥ أ، "المخصص" ٥/ ١٥، ١٤/ ٢٤١، "اللسان" (سلا) ٤/ ٢٠٨٦، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٧، "البحر المحيط" ١/ ٢٠٥، ٤/ ٢٧٩، "الدر المصون" ١/ ٣٧٠، "فتح القدير" ١/ ١٣٨، "الخزانة" ٥/ ٨٢، "زاد المسير" ١/ ٨٤.
(١) في (ب): (بالقسيم). والقاسم: هو أبو عبيد القاسم بن سلام، وكتابه هو (الغريب المصنف) من أجل كتب اللغة. انظر: "طبقات النحويين واللغويين" ص ٢٠١، "إنباه الرواة" ٣/ ١٤.
(٢) وقد غلط كذلك ابن عطية في "تفسيره" ١/ ٣٠٦، وانظر "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٨.
(٣) كذا ورد في (ب)، ولعل الصواب (والعسل..).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٥) ونحوه قال القرطبي في "تفسيره" في معرض رده على ابن عطية في تخطئته للهذلي: (وما ادعاه من الإجماع لا يصح، وقد قال المؤرج أحد علماء اللغة والتفسير: إنه العسل... وقال الجوهري: السلوى: العسل، وذكر بيت الهذلي...) القرطبي ١/ ٣٤٧ - ٣٤٨، وقد مر قريبًا كلام المؤرج وأبي عبيد أنه بمعنى: العسل، انظر "الصحاح" (سلا) ٦/ ٢٣٨١.
(١) في (ب): (بالقسيم). والقاسم: هو أبو عبيد القاسم بن سلام، وكتابه هو (الغريب المصنف) من أجل كتب اللغة. انظر: "طبقات النحويين واللغويين" ص ٢٠١، "إنباه الرواة" ٣/ ١٤.
(٢) وقد غلط كذلك ابن عطية في "تفسيره" ١/ ٣٠٦، وانظر "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٨.
(٣) كذا ورد في (ب)، ولعل الصواب (والعسل..).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٥) ونحوه قال القرطبي في "تفسيره" في معرض رده على ابن عطية في تخطئته للهذلي: (وما ادعاه من الإجماع لا يصح، وقد قال المؤرج أحد علماء اللغة والتفسير: إنه العسل... وقال الجوهري: السلوى: العسل، وذكر بيت الهذلي...) القرطبي ١/ ٣٤٧ - ٣٤٨، وقد مر قريبًا كلام المؤرج وأبي عبيد أنه بمعنى: العسل، انظر "الصحاح" (سلا) ٦/ ٢٣٨١.
549
الآية المراد به الطائر، لإجماع أهل التفسير عليه.
قال أبو العالية ومقاتل: بعث الله عز وجل سحابة فمطرت (١) السمانى في عرض ميل، وقدر طول رمح في السماء، بعضه على بعض (٢).
وقوله تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ﴾ أي: وقلنا لهم (٣): كلوا من طيبات، أي: حلالات (٤)، فالطيب: الحلال، لأنه طاب، والحرام يكون خبيثًا، وأصل الطيب: الطاهر، فسمى الحلال طيبًا، لأنه طاهر لم يتدنس بكونه حرامًا (٥).
﴿وَمَا ظَلَمُوَنا﴾: بإبائهم على موسى دخول هذه القرية، ولكنهم ظلموا أنفسهم حين تركوا أمرنا فحبسناهم في التيه، فكانوا إذا أصبحوا وجدوا أنفسهم حيث ارتحلوا منذ أربعين سنة (٦).
قال أبو العالية ومقاتل: بعث الله عز وجل سحابة فمطرت (١) السمانى في عرض ميل، وقدر طول رمح في السماء، بعضه على بعض (٢).
وقوله تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ﴾ أي: وقلنا لهم (٣): كلوا من طيبات، أي: حلالات (٤)، فالطيب: الحلال، لأنه طاب، والحرام يكون خبيثًا، وأصل الطيب: الطاهر، فسمى الحلال طيبًا، لأنه طاهر لم يتدنس بكونه حرامًا (٥).
﴿وَمَا ظَلَمُوَنا﴾: بإبائهم على موسى دخول هذه القرية، ولكنهم ظلموا أنفسهم حين تركوا أمرنا فحبسناهم في التيه، فكانوا إذا أصبحوا وجدوا أنفسهم حيث ارتحلوا منذ أربعين سنة (٦).
(١) قوله: (سحابة فمطرت) ساقط من (ب).
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٥ ب، وانظر: "تفسير البغوي" ١/ ٧٥، "البحر المحيط" ١/ ٢١٤.
(٣) انظر "تفسير الطبري"، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٦، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٨.
(٤) في (ب). (حلالا).
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٠، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٩٥، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٦، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٥، ورجح ابن جرير أن المعنى: كلوا من شهيات الذي رزقناكموه، قال: (لأنه وصف ما كان فيه القوم من هنئ العيش الذي أعطاهم، فوصف ذلك بـ (الطيب) الذي هو بمعنى اللذة أحرى من وصفه بأنه حلال مباح).
(٦) نحوه في "البحر المحيط" ١/ ٢١٥، وجمهور المفسرين على عموم المعنى، قالوا: وما ظلمونا بفعلهم المعصية وعدم شكرهم تلك النعم، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. انظر "تفسير الطبري"، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٦، "الكشاف" ١/ ٢٨٣، "زاد المسير" ١/ ٤٨، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٨، والبيضاوي ١/ ٢٦، والنسفي في "تفسيره" ١/ ١٢٩، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٤.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٥ ب، وانظر: "تفسير البغوي" ١/ ٧٥، "البحر المحيط" ١/ ٢١٤.
(٣) انظر "تفسير الطبري"، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٦، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٨.
(٤) في (ب). (حلالا).
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٠، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٩٥، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٦، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٥، ورجح ابن جرير أن المعنى: كلوا من شهيات الذي رزقناكموه، قال: (لأنه وصف ما كان فيه القوم من هنئ العيش الذي أعطاهم، فوصف ذلك بـ (الطيب) الذي هو بمعنى اللذة أحرى من وصفه بأنه حلال مباح).
(٦) نحوه في "البحر المحيط" ١/ ٢١٥، وجمهور المفسرين على عموم المعنى، قالوا: وما ظلمونا بفعلهم المعصية وعدم شكرهم تلك النعم، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. انظر "تفسير الطبري"، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٦، "الكشاف" ١/ ٢٨٣، "زاد المسير" ١/ ٤٨، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٨، والبيضاوي ١/ ٢٦، والنسفي في "تفسيره" ١/ ١٢٩، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٤.
550
وقال جماعة من المفسرين: ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ أي: كلوا من الوجه الذي أمرتم وأحل لكم، وذلك أنهم نهوا أن يدخروا لغد، لأن الله تعالى كان يجدد لهم كل يوم من المن والسلوى إلا يوم السبت، فكانوا يأخذون يوم الجمعة ما يكفيهم، فتعدّوا وادخروا وقدّدوا وملّحوا، فعصوا فقال الله تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمُوَنا﴾ أي: ما نقصونا بالمعصية، ولكن نقصوا حظ أنفسهم باستيجابهم عذابي (١). وقيل: معناه: وما ضرّونا ولم يَعُد ضرر ظلمهم (٢) إلينا وإنما عاد إليهم. وابن عباس في رواية عطاء جعل قوله تعالى: [﴿وَمَا ظَلَمُوَنا﴾ إخبارا عن الموجودين في زمن النبي - ﷺ -، لأنه قال:] (٣) ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ يريد حيث كذبوا نبيي وكفروا نعمتي، وخالفوا ما أنزلت في التوراة والإنجيل، ونقضوا عهدي (٤).
٥٨ - وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ الآية. قال الليث: هي القَرْيَةُ، والقِرْيَة لغتان (٥)، المكسورة يمانية، ومن ثم اجتمعوا في جمعها على القُرَى، فحملوها على لغة من يقول: كسْوه وكُسَى (٦).
وقال غيره (٧): القَرْية بالفتح لا غير، وكسرها خطأ، وجمعها قُرَى
٥٨ - وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ الآية. قال الليث: هي القَرْيَةُ، والقِرْيَة لغتان (٥)، المكسورة يمانية، ومن ثم اجتمعوا في جمعها على القُرَى، فحملوها على لغة من يقول: كسْوه وكُسَى (٦).
وقال غيره (٧): القَرْية بالفتح لا غير، وكسرها خطأ، وجمعها قُرَى
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٥ أ، وانظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٦٠، و"البغوي " ١/ ٧٥، "البحر المحيط" ١/ ٢١٥، و"الخازن" ١/ ١٢٩.
(٢) في (ج): (طالمهم).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) لم أجده عن ابن عباس فيما اطلعت عليه، والله أعلم.
(٥) (لغتان) ساقط من (ب).
(٦) "تهذيب اللغة" (قرا) ٣/ ٣٩١١، وانظر "جمهرة أمثال العرب" ٢/ ٤١١، "اللسان" ٦/ ٣٦١٧.
(٧) في (ب): (عكرمة).
(٢) في (ج): (طالمهم).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) لم أجده عن ابن عباس فيما اطلعت عليه، والله أعلم.
(٥) (لغتان) ساقط من (ب).
(٦) "تهذيب اللغة" (قرا) ٣/ ٣٩١١، وانظر "جمهرة أمثال العرب" ٢/ ٤١١، "اللسان" ٦/ ٣٦١٧.
(٧) في (ب): (عكرمة).
551
جاءت نادرة (١).
ابن السكيت: ما كان من جمع فَعْلَة من الياء والواو على فِعَال كان ممدودًا مثل رَكوةَ ورِكَاء وشَكْوَة وشِكَاء، ولم يسمع في شيء من هذا القصر إلا كَوَّة وكُوًى وقَرْيَة وقُرى جاءتا على غير قياس (٢).
وقال أصحاب الاشتقاق: اشتقاق القرية من قريت، أي جمعت، والمقراة: الحوض يجمع فيه الماء، والقَرِيّ: مسيل يجتمع الماء إليه (٣)، ويقال لبيت النمل: قرية، لأنه يجمع النمل (٤). قال:
فالقرية تجمع أهلها، ومنه يقال للظهر: القرى، لأنه مجتمع (٧) القوى.
قال المفسرون: إن بني إسرائيل لما خرجوا من التيه، قال الله (٨) لهم ادخلوا هذه القرية (٩).
ابن السكيت: ما كان من جمع فَعْلَة من الياء والواو على فِعَال كان ممدودًا مثل رَكوةَ ورِكَاء وشَكْوَة وشِكَاء، ولم يسمع في شيء من هذا القصر إلا كَوَّة وكُوًى وقَرْيَة وقُرى جاءتا على غير قياس (٢).
وقال أصحاب الاشتقاق: اشتقاق القرية من قريت، أي جمعت، والمقراة: الحوض يجمع فيه الماء، والقَرِيّ: مسيل يجتمع الماء إليه (٣)، ويقال لبيت النمل: قرية، لأنه يجمع النمل (٤). قال:
| كَأَنَّ قُرَى نَمْلٍ عَلَى سَرَوَاتِهَا | يُلَبِّدُهَا (٥) فِي لَيْلِ سَارِيَةٍ قَطْرُ (٦) |
قال المفسرون: إن بني إسرائيل لما خرجوا من التيه، قال الله (٨) لهم ادخلوا هذه القرية (٩).
(١) انظر "تهذيب اللغة" (قرا) ٣/ ٣٩١١، "اللسان" ٦/ ٣٦١٧.
(٢) قال الأزهري: أخبرني المنذري عن الحراني عن ابن السكيت ثم ذكره، "تهذيب اللغة" (قرا) ٣/ ٣٩١١، وانظر "اللسان" (قرأ) ٦/ ٣٦١٧.
(٣) انظر "الزاهر" ٢/ ١٠٧، "جمهرة أمثال العرب" ٢/ ٤١١، "تهذيب اللغة" (قرأ) ٣/ ٣٩١١، "مقاييس اللغة" (قرى) ٥/ ٧٨، "المحكم" ٦/ ٣٠٧.
(٤) قال ابن سيده: قرية النمل: ما تجمعه من التراب، "المحكم" ٦/ ٣٠٧، وانظر "اللسان" (قرأ) ٦/ ٣٦١٧. والبيت الذي ذكره يؤيد قول ابن سيده.
(٥) في (ج): (يلرها).
(٦) لم أعثر عليه، ولم أعرف قائله.
(٧) في (ب): (مجتمع)، وفي (ج) (يجمع).
(٨) في (ج): (قالهم الله).
(٩) انظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٦١، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٥ب، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٦، "زاد المسير" ١/ ٨٤، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٤.
(٢) قال الأزهري: أخبرني المنذري عن الحراني عن ابن السكيت ثم ذكره، "تهذيب اللغة" (قرا) ٣/ ٣٩١١، وانظر "اللسان" (قرأ) ٦/ ٣٦١٧.
(٣) انظر "الزاهر" ٢/ ١٠٧، "جمهرة أمثال العرب" ٢/ ٤١١، "تهذيب اللغة" (قرأ) ٣/ ٣٩١١، "مقاييس اللغة" (قرى) ٥/ ٧٨، "المحكم" ٦/ ٣٠٧.
(٤) قال ابن سيده: قرية النمل: ما تجمعه من التراب، "المحكم" ٦/ ٣٠٧، وانظر "اللسان" (قرأ) ٦/ ٣٦١٧. والبيت الذي ذكره يؤيد قول ابن سيده.
(٥) في (ج): (يلرها).
(٦) لم أعثر عليه، ولم أعرف قائله.
(٧) في (ب): (مجتمع)، وفي (ج) (يجمع).
(٨) في (ج): (قالهم الله).
(٩) انظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٦١، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٥ب، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٦، "زاد المسير" ١/ ٨٤، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٤.
552
قال ابن عباس: هي أريحا (١). وقال ابن كيسان: هي الشام (٢). وقال قتادة والسدي والربيع: هي بيت المقدس (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ هي فِعْلَةٌ من الحَطّ، وضع الشيء من أعلى إلى أسفل، يقال: حط الحمل عن الدابة، والسيل يحط الحجر عن الجبل (٤)، قال (٥):
كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ (٦) السَّيْلُ مِنْ عَلِ (٧)
وقوله تعالى: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ هي فِعْلَةٌ من الحَطّ، وضع الشيء من أعلى إلى أسفل، يقال: حط الحمل عن الدابة، والسيل يحط الحجر عن الجبل (٤)، قال (٥):
كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ (٦) السَّيْلُ مِنْ عَلِ (٧)
(١) ذكره الطبري عن ابن زيد ١/ ٢٩٩، وأبو الليث عن الكلبي ١/ ٣٦٠، قال ابن كثير بعد أن ذكره عن ابن عباس وابن زيد: (وهذا بعيد، لأنها ليست على طريقهم وهم قاصدون بيت المقدس)، ١/ ١٧٧.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٥ أ، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٦.
(٣) ذكره الطبري في "تفسيره" عنهم ١/ ٢٩٩ وابن أبي حاتم في "تفسيره"١/ ٣٦٨، وذكره الثعلبي في "تفسيره" عن مجاهد ١/ ٧٥ ب. قال ابن عطية: هي بيت المقدس، في قول الجمهور ١/ ٣٠٦، وانظر "زاد المسير" ١/ ٨٤، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٩، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٠، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٤.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٠، "تهذيب اللغة" (حط) ١/ ٨٥٣، "مقاييس اللغة" ٢/ ١٣، "مفردات الراغب" ص ١٢٢، "اللسان" (حطط) ٢/ ٩١٤.
(٥) هو امرؤ القيس.
(٦) (حطه) ساقط من (ب).
(٧) صدره:
مكرٍّ مفرٍّ مقبل مدبر معًا.
يصف الفرس يقول: إذا أردت الكر والفر على العدو فهو كذلك، والمقبل: هو المكر، والمدبر: هو المفر، ثم وصف سرعته وصلابته بالجلمود الساقط من علو، والبيت من الشواهد العربية والنحوية ورد في "الكتاب" ٤/ ٢٢٧، وشرح أبياته للسيرافي ٢/ ٣٣٩، "تهذيب اللغة" (حط) ١/ ٨٥٣، "المخصص" ١٣/ ٢٠٢، =
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٥ أ، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٦.
(٣) ذكره الطبري في "تفسيره" عنهم ١/ ٢٩٩ وابن أبي حاتم في "تفسيره"١/ ٣٦٨، وذكره الثعلبي في "تفسيره" عن مجاهد ١/ ٧٥ ب. قال ابن عطية: هي بيت المقدس، في قول الجمهور ١/ ٣٠٦، وانظر "زاد المسير" ١/ ٨٤، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٩، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٠، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٤.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٠، "تهذيب اللغة" (حط) ١/ ٨٥٣، "مقاييس اللغة" ٢/ ١٣، "مفردات الراغب" ص ١٢٢، "اللسان" (حطط) ٢/ ٩١٤.
(٥) هو امرؤ القيس.
(٦) (حطه) ساقط من (ب).
(٧) صدره:
مكرٍّ مفرٍّ مقبل مدبر معًا.
يصف الفرس يقول: إذا أردت الكر والفر على العدو فهو كذلك، والمقبل: هو المكر، والمدبر: هو المفر، ثم وصف سرعته وصلابته بالجلمود الساقط من علو، والبيت من الشواهد العربية والنحوية ورد في "الكتاب" ٤/ ٢٢٧، وشرح أبياته للسيرافي ٢/ ٣٣٩، "تهذيب اللغة" (حط) ١/ ٨٥٣، "المخصص" ١٣/ ٢٠٢، =
553
ويقال في الدعاء: حط الله عنك وزرك، أي وضعه عنك، فالحِطّة من الحَطّ مثل الرِّدّة من الرَّدّ، يجوز أن يكون اسمًا، ويجوز أن يكون مصدرًا (١).
قال ابن عباس في رواية سعيد بن جبير في قوله: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ أي مغفرة، فقالوا: حنطة (٢).
وقال مقاتل: إنهم أصابوا خطيئة بإبائهم على موسى دخول الأرض التي فيها الجبارون، فأراد الله أن يغفرها لهم، فقيل لهم. قولوا حطة.
قال أبو إسحاقا معناه: قولوا: مسألتنا حطة، أي: حط ذنوبنا عنا،
قال ابن عباس في رواية سعيد بن جبير في قوله: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ أي مغفرة، فقالوا: حنطة (٢).
وقال مقاتل: إنهم أصابوا خطيئة بإبائهم على موسى دخول الأرض التي فيها الجبارون، فأراد الله أن يغفرها لهم، فقيل لهم. قولوا حطة.
قال أبو إسحاقا معناه: قولوا: مسألتنا حطة، أي: حط ذنوبنا عنا،
= "اللسان" (حطط) ٧/ ٩١٤. (علا) ١٥/ ٨٤، "شرح المفصل" ٤/ ٨٩، "شرح شذور الذهب" ص ١٠٧، "مغني اللبيب" ١/ ١٥٥، و"الهمع" ٣/ ١٩٦، "الخزانة" ٢/ ٣٩٧، ٣/ ١٥٨، ٢٤٢، ٦/ ٥٠٦، "ديوان امرئ القيس" ص ١١.
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٠، "تهذيب اللغة" (حط) ١/ ٨٥٣، "اللسان" (حطط) ٢/ ٩١٤. قال أبو عبيدة: هي مصدر من حط عنا ذنوبنا. "المجاز" ١/ ٤١، وعلى حاشية (أ) إضافة من الكتاب، صدرها بـ (ش ك)، أي شرح من الكاتب وأذكرها للفائدة (حطة: فِعْلة من الحط، كالجلسة والركبة، وهي خبر مبتدأ محذوف، أي: مسألتنا حطة، أو أمرك حطة، والأصل: النصب بمعنى حط عنا ذنوبنا حطة، وإنما رفعت لتعطى معنى الثبات كقوله: صبر جميل فكلانا مبتلى. والأصل: صبرًا علي، أصبر صبرًا، وقرأ ابن أبي عبلة بالنصب على الأصل، وقيل معناه: أمرنا حطة، أي: أن نحط في هذه القرية ونستقيم فيها، وهل يجوز أن ينصب (حطة في قراءة من نصبها بقولوا، على معنى: قولوا هذه الكلمة؟ فالجواب. لا يبعده والأجود أن ينصب بإضمار فعلها، وينتصب محل ذلك المضمر بقولوا وقُرئ (يُغفر لكم خطاياكم) على البناء للمفعول بالياء والتاء) وهو منقول بنصه من "الكشاف" ١/ ٢٨٣.
(٢) أخرجه الطبري ١/ ٣٠٠، ٣٠٣، ٣٠٤، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٧٢، والحاكم في المستدرك وقال: على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي ٢/ ٢٦٢، وانظر "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧٨، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٥٠، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٥، والرواية بنصها في "تهذيب اللغة" (حط) ١/ ٨٥٣.
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٠، "تهذيب اللغة" (حط) ١/ ٨٥٣، "اللسان" (حطط) ٢/ ٩١٤. قال أبو عبيدة: هي مصدر من حط عنا ذنوبنا. "المجاز" ١/ ٤١، وعلى حاشية (أ) إضافة من الكتاب، صدرها بـ (ش ك)، أي شرح من الكاتب وأذكرها للفائدة (حطة: فِعْلة من الحط، كالجلسة والركبة، وهي خبر مبتدأ محذوف، أي: مسألتنا حطة، أو أمرك حطة، والأصل: النصب بمعنى حط عنا ذنوبنا حطة، وإنما رفعت لتعطى معنى الثبات كقوله: صبر جميل فكلانا مبتلى. والأصل: صبرًا علي، أصبر صبرًا، وقرأ ابن أبي عبلة بالنصب على الأصل، وقيل معناه: أمرنا حطة، أي: أن نحط في هذه القرية ونستقيم فيها، وهل يجوز أن ينصب (حطة في قراءة من نصبها بقولوا، على معنى: قولوا هذه الكلمة؟ فالجواب. لا يبعده والأجود أن ينصب بإضمار فعلها، وينتصب محل ذلك المضمر بقولوا وقُرئ (يُغفر لكم خطاياكم) على البناء للمفعول بالياء والتاء) وهو منقول بنصه من "الكشاف" ١/ ٢٨٣.
(٢) أخرجه الطبري ١/ ٣٠٠، ٣٠٣، ٣٠٤، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٧٢، والحاكم في المستدرك وقال: على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي ٢/ ٢٦٢، وانظر "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧٨، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٥٠، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٥، والرواية بنصها في "تهذيب اللغة" (حط) ١/ ٨٥٣.
554
والقراءة بالرفع على هذا التأويل. قال: ولو قرئت حطة (١) كان وجهًا في العربية، كأنه قيل لهم: قولوا (٢): احطط عنا ذنوبنا حطة (٣).
وقال الليث: بلغنا أن بني إسرائيل حيث قيل لهم: وقولوا حطة، إنما قيل لهم ذلك حتى يستحِطّوا بها أوزارهم فَتُحَطَّ عنهم (٤).
وقال عكرمة: وقولوا حطة، أي: كلمة يحط (٥) بها عنكم خطاياكم، وهي: لا إله إلا الله، لأنها تحط الذنوب (٦).
قال الفراء: فإن يك كذلك فينبغي أن يكون حطة منصوبة (٧) في القراءة، لأنك (٨) تقول: قلت: لا إله إلا الله، فيقول السامع: قلت كلمة صالحة، وإنما يكون الرفع والحكاية إذا صلح قبلها إضمار، فإذا لم يصلح
وقال الليث: بلغنا أن بني إسرائيل حيث قيل لهم: وقولوا حطة، إنما قيل لهم ذلك حتى يستحِطّوا بها أوزارهم فَتُحَطَّ عنهم (٤).
وقال عكرمة: وقولوا حطة، أي: كلمة يحط (٥) بها عنكم خطاياكم، وهي: لا إله إلا الله، لأنها تحط الذنوب (٦).
قال الفراء: فإن يك كذلك فينبغي أن يكون حطة منصوبة (٧) في القراءة، لأنك (٨) تقول: قلت: لا إله إلا الله، فيقول السامع: قلت كلمة صالحة، وإنما يكون الرفع والحكاية إذا صلح قبلها إضمار، فإذا لم يصلح
(١) قراءة النصب شاذة، وهي قراءة ابن أبي عبلة. انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٧، "الكشاف" ١/ ٢٨٣، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٢.
(٢) (قولوا) ساقط من (ب).
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٠، وانظر "تهذيب اللغة" (حط) ١/ ٨٥٣.
(٤) "تهذيب اللغة" (حط) ١/ ٨٥٣.
(٥) في (ب): (تحط).
(٦) أخرج الطبري في "تفسيره" لسنده عن عكرمة: قال قولوا: (لا إله إلا الله) ١/ ٣٠١، ٣٠٠، ونحوه في "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٨٢، وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى عبد بن حميد والطبري في "تفسيره" وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٨٥.
(٧) نص كلام الفراء: قال: (وبلغني أن ابن عباس قال: أمروا أن يقولوا: نستغفر الله، فإن يك كذلك فينبغي أن تكون (حطة) منصوبة...) "المعاني" ١/ ٣٨. قال الطبري في "تفسيره": (وأما على تأويل قول عكرمة فإن الواجب أن تكون القراءة بالنصب في (حطة)...) ثم قال: (وفي إجماع القراءة على رفع (الحطة) بيان واضح على خلاف الذي قاله عكرمة من التأويل في قوله: (وقولوا حطة)...) ٢/ ١٠٨.
(٨) (لأنك) ساقط من (ب).
(٢) (قولوا) ساقط من (ب).
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٠، وانظر "تهذيب اللغة" (حط) ١/ ٨٥٣.
(٤) "تهذيب اللغة" (حط) ١/ ٨٥٣.
(٥) في (ب): (تحط).
(٦) أخرج الطبري في "تفسيره" لسنده عن عكرمة: قال قولوا: (لا إله إلا الله) ١/ ٣٠١، ٣٠٠، ونحوه في "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٨٢، وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى عبد بن حميد والطبري في "تفسيره" وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٨٥.
(٧) نص كلام الفراء: قال: (وبلغني أن ابن عباس قال: أمروا أن يقولوا: نستغفر الله، فإن يك كذلك فينبغي أن تكون (حطة) منصوبة...) "المعاني" ١/ ٣٨. قال الطبري في "تفسيره": (وأما على تأويل قول عكرمة فإن الواجب أن تكون القراءة بالنصب في (حطة)...) ثم قال: (وفي إجماع القراءة على رفع (الحطة) بيان واضح على خلاف الذي قاله عكرمة من التأويل في قوله: (وقولوا حطة)...) ٢/ ١٠٨.
(٨) (لأنك) ساقط من (ب).
555
كان منصوبًا، كما تقول (١): قلت كلاما حسنا (٢). وقوله تعالى: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ﴾ [الكهف: ٢٢] هو رفع، لأن قبله ضمير أسمائهم، المعنى: هم ثلاثة، وقوله: ﴿وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ﴾ [النساء: ١٧١] أي: ولا تقولوا الآلهة ثلاثة (٣).
وقال ابن الأنباري: إذا جاء بعد القول حرف مفرد يجوز أن يكون نعتا للقول نصبت كقولك: قلت حقا؛ لأنه يحسن أن يقال: قلت قولا حقا، وكذلك: قلت صوابًا وقلت خطأ، وإذا جاء حرف مفرد لا يجوز أن يكون نعتًا للقول رفعت، كقوله: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ﴾ معناه: سيقولون هم ثلاثة، ولا وجه للنصب (٤).
وقوله: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ (٥) فحوى الكلام، وإجماع القراء على رفعها، دليل على أنهم أمروا بهذه اللفظة بعينها (٦). فإن كانوا لم يؤمروا بهذه اللفظة
وقال ابن الأنباري: إذا جاء بعد القول حرف مفرد يجوز أن يكون نعتا للقول نصبت كقولك: قلت حقا؛ لأنه يحسن أن يقال: قلت قولا حقا، وكذلك: قلت صوابًا وقلت خطأ، وإذا جاء حرف مفرد لا يجوز أن يكون نعتًا للقول رفعت، كقوله: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ﴾ معناه: سيقولون هم ثلاثة، ولا وجه للنصب (٤).
وقوله: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ (٥) فحوى الكلام، وإجماع القراء على رفعها، دليل على أنهم أمروا بهذه اللفظة بعينها (٦). فإن كانوا لم يؤمروا بهذه اللفظة
(١) في (أ)، (ج) (يقول) وما في (ب). موافق لما في معاني القرآن ١/ ٣٨، وهو الأنسب للسياق.
(٢) في المعاني: (وإنما تكون الحكاية إذا صلح قبلها إضمار ما يرفع أو يخفض أو ينصب، فإذا ضممت ذلك كله فجعلته كلمة، كان منصوباً بالقول كقولك: مررت بزيد، ثم تجعل هذا كلمة، فتقول: قلت كلامًا حسنًا...) ١/ ٣٨.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٩.
(٤) انظر "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٨، "تفسير الطبري" ١/ ٣٠١.
(٥) في (ب) (وقولوا).
(٦) ذكر الطبري في الوجه الذي رفعت من أجله (حطة) عدة أقوال: فقيل: رفعت على معنى: (قولوا) ليكن منك حطة لذنوبنا. وقيل: هي كلمة مرفوعة أمروا بقولها كذلك، وهذان القولان لنحويي البصرة. وقيل: رفعت بتقدير: هذه حطة. وقيل: رفعت بضمير معناه الخبر، كأنه قال: قولوا ما هو حطة فتكون حطة خبر (ما) ونسب هذين القولين لنحويي الكوفة. الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٠٠، وانظر "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٤١، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧٨، و"تفسير الغريب" لابن قتيبة ص ٥٠، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٤٨.
(٢) في المعاني: (وإنما تكون الحكاية إذا صلح قبلها إضمار ما يرفع أو يخفض أو ينصب، فإذا ضممت ذلك كله فجعلته كلمة، كان منصوباً بالقول كقولك: مررت بزيد، ثم تجعل هذا كلمة، فتقول: قلت كلامًا حسنًا...) ١/ ٣٨.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٩.
(٤) انظر "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٨، "تفسير الطبري" ١/ ٣٠١.
(٥) في (ب) (وقولوا).
(٦) ذكر الطبري في الوجه الذي رفعت من أجله (حطة) عدة أقوال: فقيل: رفعت على معنى: (قولوا) ليكن منك حطة لذنوبنا. وقيل: هي كلمة مرفوعة أمروا بقولها كذلك، وهذان القولان لنحويي البصرة. وقيل: رفعت بتقدير: هذه حطة. وقيل: رفعت بضمير معناه الخبر، كأنه قال: قولوا ما هو حطة فتكون حطة خبر (ما) ونسب هذين القولين لنحويي الكوفة. الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٠٠، وانظر "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٤١، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧٨، و"تفسير الغريب" لابن قتيبة ص ٥٠، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٤٨.
556
بعينها فنصبها جائز على معنى: قولوا قولًا حاطًّا لذنوبكم. ويجوز نصبها أيضًا وإن كانوا قد أمروا بها على معنى: وقولوا: احطط عنا يا ربنا ذنوبنا حطة (١)، كقراءة من قرأ ﴿قَالُوا مَعْذِرَةً﴾ (٢) [الأعراف: ١٦٤] بالنصب. وإذا جاء بعد القول جملة من الكلام، لم يكن للقول فيها عمل، كقولك: قلت: عبد الله عالم، فهو عامل (٣) في موضع الجملة؛ لأنها مجعولة في موضع الكلام، ولو قلت: قلت (٤) كلاما، نصبت. وسنذكر بيانا لهذا زائدا عند قوله: ﴿قُلِ الْعَفْوَ﴾ [البقرة: ٢١٩] إن شاء الله. والأصح والذي عليه الجمهور: أنهم أمروا بهذه اللفظة بعينها، وقد روي لنا عن الأزهري (٥)، عن المنذري عن ابن فهم (٦)، عن محمد بن سلام (٧)، عن يونس قال:
(١) انظر "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٨، والأخفش ١/ ٢٦٩، والزجاج ١/ ١١٠.
(٢) قراءة حفص عن عاصم بالنصب وبقية السبعة بالرفع، انظر "السبعة" لابن مجاهد ص ٢٩٦، و"التيسير" ص ١٤٤.
(٣) في (ب): (عالم).
(٤) (قلت) ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (الزهري).
(٦) هو الحافظ العلامة، أبو علي الحسين بن محمد بن فهم بن محرز البغدادي، روى عن محمد بن سلام وغيره، قال الدارقطني: ليس بالقوي، وفاته سنة تسع وثمانين ومائتين. انظر "تاريخ بغداد" ٨/ ٩٢، "سير أعلام النبلاء" ١٣/ ٤٢٧، و"تذكرة الحفاظ" ٢/ ٦٨٠.
(٧) هو محمد بن سلام بن عبيد الله بن سالم، أبو عبد الله الجمحي، البصري، مولى قدامة بن مظعون، كان من أهل اللغة والأدب، روى عنه الجم الغفير، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. انظر "طبقات اللغويين والنحويين" ص ١٨٠، "تاريخ بغداد" ٥/ ٣٢٧، "إنباه الرواة" ٣/ ١٤٣.
(٢) قراءة حفص عن عاصم بالنصب وبقية السبعة بالرفع، انظر "السبعة" لابن مجاهد ص ٢٩٦، و"التيسير" ص ١٤٤.
(٣) في (ب): (عالم).
(٤) (قلت) ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (الزهري).
(٦) هو الحافظ العلامة، أبو علي الحسين بن محمد بن فهم بن محرز البغدادي، روى عن محمد بن سلام وغيره، قال الدارقطني: ليس بالقوي، وفاته سنة تسع وثمانين ومائتين. انظر "تاريخ بغداد" ٨/ ٩٢، "سير أعلام النبلاء" ١٣/ ٤٢٧، و"تذكرة الحفاظ" ٢/ ٦٨٠.
(٧) هو محمد بن سلام بن عبيد الله بن سالم، أبو عبد الله الجمحي، البصري، مولى قدامة بن مظعون، كان من أهل اللغة والأدب، روى عنه الجم الغفير، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. انظر "طبقات اللغويين والنحويين" ص ١٨٠، "تاريخ بغداد" ٥/ ٣٢٧، "إنباه الرواة" ٣/ ١٤٣.
557
قوله: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ (١) هذه حكاية، هكذا أمروا (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ﴾ (٣) يعني بابًا من أبوابها (٤). ﴿سُجَّدًا﴾: قال ابن عباس: ركعا (٥)، وهو شدة الانحناء، والمعنى: منحنين متواضعين (٦).
قال مجاهد: هو باب حطة من بيت المقدس، طوطئ لهم الباب؛ ليخفضوا رؤوسهم، فلم يخفضوا ولم يركعوا، ودخلوا متزحفين على استاههم (٧).
قال الحسين بن الفضل: لو لم يسجدوا لذكر الله ذلك منهم وذمهم به
وقوله تعالى: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ﴾ (٣) يعني بابًا من أبوابها (٤). ﴿سُجَّدًا﴾: قال ابن عباس: ركعا (٥)، وهو شدة الانحناء، والمعنى: منحنين متواضعين (٦).
قال مجاهد: هو باب حطة من بيت المقدس، طوطئ لهم الباب؛ ليخفضوا رؤوسهم، فلم يخفضوا ولم يركعوا، ودخلوا متزحفين على استاههم (٧).
قال الحسين بن الفضل: لو لم يسجدوا لذكر الله ذلك منهم وذمهم به
(١) (الواو) ساقطة من (ب).
(٢) "تهذيب اللغة" (حط) ١/ ٨٥٣، وذكره الأخفش عن يونس في "معاني القرآن" ١/ ٢٧٠، ونحوه عند أبي عبيدة في "مجاز القرآن" ١/ ٤١، وذكر هذا القول الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٠١، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٦٢.
(٣) في (ب): (سجدا).
(٤) أي: أبواب القرية. انظر الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٥ ب.
(٥) أخرجه الطبري ١/ ٣٠٠، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٧٠، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. "المستدرك" ٢/ ٢٦٢، وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى ابن جرير، والحاكم وابن أبي حاتم ووكيع والفريابي، وعبد بن حميد وابن المنذر. "الدر" ١/ ١٣٨.
(٦) انظر الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٥ ب، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٧.
(٧) في (ب): (أستاتهم). أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٠٠، ٣٢٥، وانظر "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٧٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٥ ب، "الدر المنثور" ١/ ١٣٨. وقد ورد عن ابن عباس نحوه في روايات كثيرة، انظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٤. كما ورد بهذا المعنى حديث مرفوع عن أبي هريرة، أخرجه البخاري، انظر: "الفتح" ٨/ ١٦٤، و"تفسير الطبري" ١/ ١٣٨.
(٢) "تهذيب اللغة" (حط) ١/ ٨٥٣، وذكره الأخفش عن يونس في "معاني القرآن" ١/ ٢٧٠، ونحوه عند أبي عبيدة في "مجاز القرآن" ١/ ٤١، وذكر هذا القول الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٠١، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٦٢.
(٣) في (ب): (سجدا).
(٤) أي: أبواب القرية. انظر الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٥ ب.
(٥) أخرجه الطبري ١/ ٣٠٠، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٧٠، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. "المستدرك" ٢/ ٢٦٢، وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى ابن جرير، والحاكم وابن أبي حاتم ووكيع والفريابي، وعبد بن حميد وابن المنذر. "الدر" ١/ ١٣٨.
(٦) انظر الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٥ ب، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٧.
(٧) في (ب): (أستاتهم). أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٠٠، ٣٢٥، وانظر "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٧٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٥ ب، "الدر المنثور" ١/ ١٣٨. وقد ورد عن ابن عباس نحوه في روايات كثيرة، انظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٤. كما ورد بهذا المعنى حديث مرفوع عن أبي هريرة، أخرجه البخاري، انظر: "الفتح" ٨/ ١٦٤، و"تفسير الطبري" ١/ ١٣٨.
558
كما ذمهم بتبديل الكلمة لما قالوا خلاف ما أمروا به (١). والله أعلم.
وقوله تعالى: ﴿نَغْفِرْ (٢) لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾ أصل الغفر: الستر والتغطية، وغفر الله ذنوبه، أي: سترها، كل شيء سترته قد غفرته. والمغفر يكون تحت بيضة الحديد يغفر الرأس (٣). قال ابن شميل: هي حلق تجعل أسفل البيضة تسبغ على العنق فتقيه، وربما جعل من ديباج وخز أسفل البيضة.
الأصمعي: غفر الرجل متاعه يغفر غفرًا: إذا أوعاه. ويقال: اصبغ ثوبك فإنه أغفر للوسخ أي: أغطى له (٤). والغفارة: خرقة تستر رأس المرأة تقي بها الخمار من الدهن (٥)، وكل ثوب يغطى به شيء فهو غفارة، ومنه غفارة البزيون (٦) يغشى بها الرحال (٧).
وقوله تعالى: ﴿نَغْفِرْ (٢) لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾ أصل الغفر: الستر والتغطية، وغفر الله ذنوبه، أي: سترها، كل شيء سترته قد غفرته. والمغفر يكون تحت بيضة الحديد يغفر الرأس (٣). قال ابن شميل: هي حلق تجعل أسفل البيضة تسبغ على العنق فتقيه، وربما جعل من ديباج وخز أسفل البيضة.
الأصمعي: غفر الرجل متاعه يغفر غفرًا: إذا أوعاه. ويقال: اصبغ ثوبك فإنه أغفر للوسخ أي: أغطى له (٤). والغفارة: خرقة تستر رأس المرأة تقي بها الخمار من الدهن (٥)، وكل ثوب يغطى به شيء فهو غفارة، ومنه غفارة البزيون (٦) يغشى بها الرحال (٧).
(١) قول الحسين لم أجده فيما اطلعت عليه، والله أعلم. والحديث الصحيح، والآثار ترد قوله، ففي البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "قيل: لبني إسرائيل: (ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة) فدخلوا يزحفون على استاههم، فبدلوا"، وقالوا: حطة حبة في شعرة. "الفتح" ٨/ ١٦٤، وكذا الآثار عن ابن عباس ومجاهد في هذا المعنى كلها ترد قول الحسين بن الفضل. انظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٠١.
(٢) بالياء على قراءة نافع، انظر: "السبعة" ص ١٥٧.
(٣) "تهذيب اللغة" (غفر) ٣/ ٢٦٧٩، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٢، "الزاهر" ١/ ١٩٢، "الصحاح" (غفر) ٢/ ٧٧٠، "مقاييس اللغة" (غفر) ٤/ ٣٨٥، "اللسان" (غفر) ٦/ ٣٢٧٢.
(٤) كلام ابن شميل والأصمعي ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (غفر) ٣/ ٢٦٧٩، وانظر: "الزاهر" ١/ ١٠٩.
(٥) ذكره الأزهري عن أبي عبيد عن أبي الوليد الكلابي "تهذيب اللغة" (غفر) ٣/ ٢٦٧٩.
(٦) (البزيون) كذا ورد في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٦٧٩، وفي "اللسان" (الزنون) ١/ ٢٧٧ - ٢٧٨، وقال في "الصحاح" (البزيون) بالضم السندس (بزن) ٥/ ٢٠٧٨، وأورد صاحب اللسان ١/ ٢٧٨ كلام الجوهري ثم قال: وقال ابن بري: هو رقيق الديباج.
(٧) في (ب): (الرجال). والكلام ذكره الأزهري عن أبي عبيد عن الأموي. "تهذيب اللغة" (غفر) ٣/ ٢٦٧٩، وانظر: "اللسان" (غفر) ٦/ ٣٢٧٤.
(٢) بالياء على قراءة نافع، انظر: "السبعة" ص ١٥٧.
(٣) "تهذيب اللغة" (غفر) ٣/ ٢٦٧٩، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٢، "الزاهر" ١/ ١٩٢، "الصحاح" (غفر) ٢/ ٧٧٠، "مقاييس اللغة" (غفر) ٤/ ٣٨٥، "اللسان" (غفر) ٦/ ٣٢٧٢.
(٤) كلام ابن شميل والأصمعي ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (غفر) ٣/ ٢٦٧٩، وانظر: "الزاهر" ١/ ١٠٩.
(٥) ذكره الأزهري عن أبي عبيد عن أبي الوليد الكلابي "تهذيب اللغة" (غفر) ٣/ ٢٦٧٩.
(٦) (البزيون) كذا ورد في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٦٧٩، وفي "اللسان" (الزنون) ١/ ٢٧٧ - ٢٧٨، وقال في "الصحاح" (البزيون) بالضم السندس (بزن) ٥/ ٢٠٧٨، وأورد صاحب اللسان ١/ ٢٧٨ كلام الجوهري ثم قال: وقال ابن بري: هو رقيق الديباج.
(٧) في (ب): (الرجال). والكلام ذكره الأزهري عن أبي عبيد عن الأموي. "تهذيب اللغة" (غفر) ٣/ ٢٦٧٩، وانظر: "اللسان" (غفر) ٦/ ٣٢٧٤.
559
وأجمع القراء على إظهار الراء عند اللام، إلا ما روى عن أبي عمرو من إدغامه الراء عند اللام (١). قال الزجاج: وهوخطأ فاحش، وأحسب الذين رووا (٢) عن أبي عمرو غالطين (٣)، ولا يدغم الراء في اللام إذا قلت: مر لي بشيء؛ لأن الراء حرف مكرر، ولا يدغم الزائد في الناقص (٤) للإخلال به، فأما اللام فيجوز إدغامه في الراء، ولو أدغمت الراء في اللام لذهب التكرير من الراء وهذا إجماع النحويين (٥).
وقال أبو الفتح الموصلي: الراء لما فيها من التكرير لا يجوز إدغامها فيما يليها من الحروف؛ لأن إدغامها في غيرها يسلبها ما فيها من التكرير.
وقال أبو الفتح الموصلي: الراء لما فيها من التكرير لا يجوز إدغامها فيما يليها من الحروف؛ لأن إدغامها في غيرها يسلبها ما فيها من التكرير.
(١) نقل بعضهم عن أبي عمرو إدغام الراء بدون اختلاف، بعضهم نقل عنه باختلاف. انظر "السبعة" ص ١٢١، "التيسير" ص ٤٤، "الكشف" ١/ ١٥٧، "النشر" ٢/ ١٢.
(٢) في (ب): (رووا ذلك) والزيادة ليست في المعاني للزجاج ١/ ٤٠٠.
(٣) وعلى نهجه سار الزمخشري في تفسير قوله تعالى: ﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ قال: (فإن قلت: كيف يقرأ الجازم؟ قلت: يظهر الراء؛ ويدغم الباء، ومدغم الراء في اللام لاحن مخطئ خطأً فاحشًا، وراويه عن أبي عمرو مخطئ مرتين؛ لأنه يلحن وينسب إلى أعلم الناس بالعربية ما يؤذن بجهل عظيم، والسبب في نحو هذه الروايات قلة ضبط الرواة، والسبب في قلة الضبط قلة الدراية، ولا يضبط نحو هذا إلا أهل النحو) "الكشاف" ١/ ٤٠٧، وانطر: "البيان" ١/ ٨٣، ومذهب سيبويه وأصحابه: أنه لا يجوز إدغام الراء في اللام كما في "الكتاب" ٤/ ٤٤٨، "الكشف" ١/ ١٥٧. لكن هذا لا يلزم منه رد قراءة سبعية، وهي مسألة خلافية، فقد ذكر أبو حيان في "البحر" أن الكسائي والفراء أجازا ذلك وحكياه سماعًا، وقد تصدى أبو حيان للرد على الزمخشري وأجاد في ذلك، انظر: "البحر المحيط" ٢/ ٣٦١، ٣٦٢، وانظر تعليق عضيمة على "المقتضب"١/ ٣٤٧.
(٤) قوله: (ولا يدغم الزائد في الناقص للإخلال به) ليس في "المعاني" ١/ ٤٠٠.
(٥) انظر كلام الزجاج في "المعاني" ١/ ٤٠٠. عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾.
(٢) في (ب): (رووا ذلك) والزيادة ليست في المعاني للزجاج ١/ ٤٠٠.
(٣) وعلى نهجه سار الزمخشري في تفسير قوله تعالى: ﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ قال: (فإن قلت: كيف يقرأ الجازم؟ قلت: يظهر الراء؛ ويدغم الباء، ومدغم الراء في اللام لاحن مخطئ خطأً فاحشًا، وراويه عن أبي عمرو مخطئ مرتين؛ لأنه يلحن وينسب إلى أعلم الناس بالعربية ما يؤذن بجهل عظيم، والسبب في نحو هذه الروايات قلة ضبط الرواة، والسبب في قلة الضبط قلة الدراية، ولا يضبط نحو هذا إلا أهل النحو) "الكشاف" ١/ ٤٠٧، وانطر: "البيان" ١/ ٨٣، ومذهب سيبويه وأصحابه: أنه لا يجوز إدغام الراء في اللام كما في "الكتاب" ٤/ ٤٤٨، "الكشف" ١/ ١٥٧. لكن هذا لا يلزم منه رد قراءة سبعية، وهي مسألة خلافية، فقد ذكر أبو حيان في "البحر" أن الكسائي والفراء أجازا ذلك وحكياه سماعًا، وقد تصدى أبو حيان للرد على الزمخشري وأجاد في ذلك، انظر: "البحر المحيط" ٢/ ٣٦١، ٣٦٢، وانظر تعليق عضيمة على "المقتضب"١/ ٣٤٧.
(٤) قوله: (ولا يدغم الزائد في الناقص للإخلال به) ليس في "المعاني" ١/ ٤٠٠.
(٥) انظر كلام الزجاج في "المعاني" ١/ ٤٠٠. عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾.
560
وأما قراءة أبي عمرو ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ﴾ (١) بإدغام الراء في اللام فمدفوع عندنا [وغير معروف عند أصحابنا، وإنما هو شيء رواه القراء، ولا قوة له في القياس (٢).
والخطايا: جمع خطيئة (٣)] (٤) وهي (٥) الذنب على عمد قال أبو الهيثم: يقال: خطئ: ما صنعه عمدا، وهو الذنب، وأخطأ: ما صنعه خطأ غير عمد (٦). ويأتي بيان هذا مشروحًا عند قوله: ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ (٧). قال الزجاج: الأصل في خطايا كان خطايؤ (٨) مثل خطائع، لأنها جمع خطيئة، فأبدل من هذه الياء همزة؛ فصارت
والخطايا: جمع خطيئة (٣)] (٤) وهي (٥) الذنب على عمد قال أبو الهيثم: يقال: خطئ: ما صنعه عمدا، وهو الذنب، وأخطأ: ما صنعه خطأ غير عمد (٦). ويأتي بيان هذا مشروحًا عند قوله: ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ (٧). قال الزجاج: الأصل في خطايا كان خطايؤ (٨) مثل خطائع، لأنها جمع خطيئة، فأبدل من هذه الياء همزة؛ فصارت
(١) البقرة: ٥٨، الأعراف: ١٦١، وفي "سر صناعة الإعراب": ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ﴾ بدون واو، جزء من آية في الأحقاف: ٣١، الصف: ١٢، ونوح: ٤.
(٢) "سر صناعة الإعراب" لأبي الفتح ابن جني ١/ ١٩٣، والرواية إذا ثبتت فهي أقوى من القياس، وانظر التعليق السابق على كلام الزجاج.
(٣) ذهب بعض الكوفيين إلى أنه: جمع (خطية) دون همز، واختاره الطبري ١/ ٣٠٢، وانظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٨، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٥٣، ٣٥٤.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٥) في (ب): (وهو).
(٦) نص الكلام في "التهذيب" (خطئت) لما صنعه عمدا وهو الذنب، (أخطأت) لما صنعه خطأ غير عمد. "تهذيب اللغة" (خطئ) ١/ ١٠٦١، وانظر "اللسان" (خطأ) ١/ ١٠٦١.
(٧) البقرة: ٨١، وهناك بيَّن الواحدي الفرق بين (أخطأ) و (خطئ).
(٨) كذا وردت في (أ)، (ج) وفي (ب): (كل خطاييا) وهو خطأ، وفي "معاني القرآن" للزجاج رسمت (خطائِى) وكلامه يدل على أن المراد خطائئ، فلم يذكر أصل الكلمة خَطَايئ كما في "تهذيب اللغة"، انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١١، "تهذيب اللغة" (خطئ) ١/ ١٠٦٠ - ١٠٦١.
(٢) "سر صناعة الإعراب" لأبي الفتح ابن جني ١/ ١٩٣، والرواية إذا ثبتت فهي أقوى من القياس، وانظر التعليق السابق على كلام الزجاج.
(٣) ذهب بعض الكوفيين إلى أنه: جمع (خطية) دون همز، واختاره الطبري ١/ ٣٠٢، وانظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٨، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٥٣، ٣٥٤.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٥) في (ب): (وهو).
(٦) نص الكلام في "التهذيب" (خطئت) لما صنعه عمدا وهو الذنب، (أخطأت) لما صنعه خطأ غير عمد. "تهذيب اللغة" (خطئ) ١/ ١٠٦١، وانظر "اللسان" (خطأ) ١/ ١٠٦١.
(٧) البقرة: ٨١، وهناك بيَّن الواحدي الفرق بين (أخطأ) و (خطئ).
(٨) كذا وردت في (أ)، (ج) وفي (ب): (كل خطاييا) وهو خطأ، وفي "معاني القرآن" للزجاج رسمت (خطائِى) وكلامه يدل على أن المراد خطائئ، فلم يذكر أصل الكلمة خَطَايئ كما في "تهذيب اللغة"، انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١١، "تهذيب اللغة" (خطئ) ١/ ١٠٦٠ - ١٠٦١.
561
[خطائئ] (١) مثل خطاعع.
قلت: وإنما أبدلت هذه (٢) الياء همزة، لأن هذه الياء إذا وقعت في الجمع صارت همزة، مثل: ترائب وسحائب، وعلة ذلك نذكرها في قراءة من قرأ: معائش (٣) بالهمزة (٤). رجعنا إلى كلام الزجاج: فاجتمعت همزتان، فقلبت الثانية ياء فصار خَطَائِي مثل خَطَاعِي ثم قلبت الياء والكسرة إلى الفتحة والألف، فصار خَطاءَا، مثل خَطاعا (٥) فأبدلت الهمزة ياء، لوقوعها بين ألفين، وإنما أبدلت الهمزة حين وقعت بين ألفين؛ لأن الهمزة مجانسة للألفات، فاجتمعت ثلاثة أحرف من جنس واحد، فأبدلت الهمزة ياء فصارت خَطايَا (٦).
قلت: وإنما أبدلت هذه (٢) الياء همزة، لأن هذه الياء إذا وقعت في الجمع صارت همزة، مثل: ترائب وسحائب، وعلة ذلك نذكرها في قراءة من قرأ: معائش (٣) بالهمزة (٤). رجعنا إلى كلام الزجاج: فاجتمعت همزتان، فقلبت الثانية ياء فصار خَطَائِي مثل خَطَاعِي ثم قلبت الياء والكسرة إلى الفتحة والألف، فصار خَطاءَا، مثل خَطاعا (٥) فأبدلت الهمزة ياء، لوقوعها بين ألفين، وإنما أبدلت الهمزة حين وقعت بين ألفين؛ لأن الهمزة مجانسة للألفات، فاجتمعت ثلاثة أحرف من جنس واحد، فأبدلت الهمزة ياء فصارت خَطايَا (٦).
(١) في (أ)، (ج): (خطايو) وفي (ب): (خطاي) وما أثبت هو المثبت في "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٦٠ - ١٠٦١، وقريب مما في (ب)، وفي "اللسان" (خطائي). "اللسان" (خطأ) ٢/ ١١٩٣.
(٢) في (ج): (همزة).
(٣) الأعراف: ١٠، والحجر: ٢٠.
(٤) الجمهور على القراءة بالياء، وقرأ الأعرج وزيد بن علي والأعمش وخارجة عن نافع، وابن عامر في رواية بالهمز، والقياس القراءة بدون همز، لأن الياء التي في المفرد إذا كانت أصلا فلا تهمز مثل معايش وإذا كانت زائدة همزت مثل: صحيفة وصحائف، قال أبو حيان: لكن رواه ثقات فوجب قبوله. انظر "البحر المحيط" ٤/ ٢٧١، وانظر هذه المسألة في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٧٣، والزجاج ٢/ ٣٥٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٩.
(٥) في "تهذيب اللغة" (خطاءى) مثل (خطئ) ١/ ١٠٦١، والمثبت هنا مثل ما في "معاني القرآن" ١/ ١١١، وكذا في "اللسان" ١/ ١١٩٣.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١١، والنص من "لتهذيب" (خطئ) ١/ ١٠٦١، "اللسان" (خطأ) ٢/ ١١٩٣، وانظر "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧٩، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٩، و"البيان" ١/ ٨٤ والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٣٥٣.
(٢) في (ج): (همزة).
(٣) الأعراف: ١٠، والحجر: ٢٠.
(٤) الجمهور على القراءة بالياء، وقرأ الأعرج وزيد بن علي والأعمش وخارجة عن نافع، وابن عامر في رواية بالهمز، والقياس القراءة بدون همز، لأن الياء التي في المفرد إذا كانت أصلا فلا تهمز مثل معايش وإذا كانت زائدة همزت مثل: صحيفة وصحائف، قال أبو حيان: لكن رواه ثقات فوجب قبوله. انظر "البحر المحيط" ٤/ ٢٧١، وانظر هذه المسألة في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٧٣، والزجاج ٢/ ٣٥٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٩.
(٥) في "تهذيب اللغة" (خطاءى) مثل (خطئ) ١/ ١٠٦١، والمثبت هنا مثل ما في "معاني القرآن" ١/ ١١١، وكذا في "اللسان" ١/ ١١٩٣.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١١، والنص من "لتهذيب" (خطئ) ١/ ١٠٦١، "اللسان" (خطأ) ٢/ ١١٩٣، وانظر "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٧٩، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٩، و"البيان" ١/ ٨٤ والقرطبي في "تفسيره" ١/ ٣٥٣.
562
وقوله تعالى: ﴿سَنَزِيدُ اَلمُحسِنِينَ﴾ أي: الذين لم يكونوا من أهل تلك الخطيئة إحسانا وثوابا (١).
٥٩ - قوله تعالى: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ الآية. (التبديل) معناه: التغيير إلى بدل، وذكرناه مستقصى عند قوله: ﴿بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ [النساء: ٥٦]، والمعنى: أنهم غيروا تلك الكلمة التي أمروا بها، وقالوا بدل حطة: حنطة، وهذا (٢) قول ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والمفسرين (٣).
وقال أبو إسحاق: حرفوا وقالوا كلمة غير هذه التي أمروا بها، وجملة ما قالوا إنه أمر عظيم سماهم الله به فاسقين (٤).
وقوله تعالى: ﴿فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾. أظهر الكناية هاهنا تأكيدا (٥)، وكنىَّ في سورة الأعراف فقال: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ﴾ [الأعراف: ١٦٢]. والعرب تظهر الكنايات توكيدًا، قال:
٥٩ - قوله تعالى: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ الآية. (التبديل) معناه: التغيير إلى بدل، وذكرناه مستقصى عند قوله: ﴿بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ [النساء: ٥٦]، والمعنى: أنهم غيروا تلك الكلمة التي أمروا بها، وقالوا بدل حطة: حنطة، وهذا (٢) قول ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والمفسرين (٣).
وقال أبو إسحاق: حرفوا وقالوا كلمة غير هذه التي أمروا بها، وجملة ما قالوا إنه أمر عظيم سماهم الله به فاسقين (٤).
وقوله تعالى: ﴿فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾. أظهر الكناية هاهنا تأكيدا (٥)، وكنىَّ في سورة الأعراف فقال: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ﴾ [الأعراف: ١٦٢]. والعرب تظهر الكنايات توكيدًا، قال:
(١) وقيل: المراد العموم من أهل الخطيئة وغيرهم فمن كان محسنا زيد في إحسانه ومن كان مخطئا غفر له خطيئته. انظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٢، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٠٩، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٤.
(٢) في (ب): (وهو).
(٣) انظر الآثار عنهم في الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٠٢ - ٣٠٥، وكذا في "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٧٥، ولم يرد عندهما عن سعيد، انظر "زاد المسير" ١/ ٨٦، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٦.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٠.
(٥) قال الزمخشري: (وفي تكرير (الذين ظلموا) زيادة في تقبيح أمرهم وإيذان بأن إنزال الرجز عليهم لظلمهم، وقد جاء في سورة الأعراف بالإضمار)، "الكشاف" ١/ ٢٨٣، وانظر "تفسير القرطبي" ١/ ٣٥٤، "الدر المصون" ١/ ٣٨١.
(٢) في (ب): (وهو).
(٣) انظر الآثار عنهم في الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٠٢ - ٣٠٥، وكذا في "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٧٥، ولم يرد عندهما عن سعيد، انظر "زاد المسير" ١/ ٨٦، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٦.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٠.
(٥) قال الزمخشري: (وفي تكرير (الذين ظلموا) زيادة في تقبيح أمرهم وإيذان بأن إنزال الرجز عليهم لظلمهم، وقد جاء في سورة الأعراف بالإضمار)، "الكشاف" ١/ ٢٨٣، وانظر "تفسير القرطبي" ١/ ٣٥٤، "الدر المصون" ١/ ٣٨١.
563
| لَا (١) أَرَى الْمَوْتَ يَسْبِقُ الموتَ شَيْءٌ | نَغَّص الْمَوْتُ ذَا الْغِنَى وَالْفَقِيَرا (٢) |
| فَيَارَبَّ لَيْلَى أَنْتَ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ | وَأَنْتَ الَّذِي فِي رَحْمَةِ اللهِ أَطْمَعُ (٣) |
والرجز: العذاب (٤)، [قال رؤبة] (٥):
كَمْ رَامَنَا مِنْ ذِي عَدِيدٍ مُبْرِ (٦)
حَتَّى وَقَمْنَا كَيْدَهُ بِالرِّجْزِ (٧)
(١) في (ج): (ألا ترى).
(٢) البيت نسب لعدي بن زيد، ونسبه بعضهم لسواد بن عدي، وبعضهم لأمية بن أبي الصلت. وهو من "شواهد سيبويه" ١/ ٦٢، وانظر "شرح شواهد سيبويه" للسيرافي ١/ ١٢٥، "الخصائص" ٣/ ٥٣، "الإملاء" ١/ ٤٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٥٥، "مغني اللبيب" ٢/ ٥٠٠، "الخزانة" ١/ ٣٧٨، ٣٧٩، ٦/ ٩٠، ١١/ ٣٦٦، "اللسان" (نغص) ٨/ ٤٤٨٨، "الدر المصون" ١/ ٣٨١، "فتح القدير" ١/ ١٤١.
(٣) ورد البيت في "همع الهوامع" ١/ ٣٠١، و"الدر اللوامع على همع الهوامع" و"شرح شواهد المغني" للسيوطي: قال: قيل: إنه لمجنون ليلى، وبحثت عنه في شعر مجنون ليلى، الذي جمعه عبد الستار أحمد فرج، ولم أجده، والله أعلم.
(٤) انظر: "غريب القرآن" لليزيدي ص ٧٠، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٤٣، "العمدة في غريب القرآن" لمكي ص ٧٦.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٦) في (ج): (رجز).
(٧) الرجز ورد في "الزاهر" ٢/ ٢١٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١١، وورد الثاني في "تهذيب اللغة"، وبعده بيت آخر (جرز) ١/ ٥٨٠، وكذا في "اللسان" (جزر) =
(٢) البيت نسب لعدي بن زيد، ونسبه بعضهم لسواد بن عدي، وبعضهم لأمية بن أبي الصلت. وهو من "شواهد سيبويه" ١/ ٦٢، وانظر "شرح شواهد سيبويه" للسيرافي ١/ ١٢٥، "الخصائص" ٣/ ٥٣، "الإملاء" ١/ ٤٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٥٥، "مغني اللبيب" ٢/ ٥٠٠، "الخزانة" ١/ ٣٧٨، ٣٧٩، ٦/ ٩٠، ١١/ ٣٦٦، "اللسان" (نغص) ٨/ ٤٤٨٨، "الدر المصون" ١/ ٣٨١، "فتح القدير" ١/ ١٤١.
(٣) ورد البيت في "همع الهوامع" ١/ ٣٠١، و"الدر اللوامع على همع الهوامع" و"شرح شواهد المغني" للسيوطي: قال: قيل: إنه لمجنون ليلى، وبحثت عنه في شعر مجنون ليلى، الذي جمعه عبد الستار أحمد فرج، ولم أجده، والله أعلم.
(٤) انظر: "غريب القرآن" لليزيدي ص ٧٠، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٤٣، "العمدة في غريب القرآن" لمكي ص ٧٦.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٦) في (ج): (رجز).
(٧) الرجز ورد في "الزاهر" ٢/ ٢١٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١١، وورد الثاني في "تهذيب اللغة"، وبعده بيت آخر (جرز) ١/ ٥٨٠، وكذا في "اللسان" (جزر) =
564
وقال الله تعالى: ﴿لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ﴾ [الأعراف: ١٣٤]، أي العذاب، ثم يسمى كيد الشيطان رجزًا لأنه سبب العذاب، قال الله تعالى: ﴿وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ﴾ (١) [الأنفال: ١١].
وقوله: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ [المدثر: ٥]، قيل: إنه عبادة الأوثان؛ لأنه سبب العذاب (٢).
قال أهل اللغة: وأصل الرجز في اللغة: تتابع الحركات، ومن ذلك قولهم: ناقة رجزاء إذا كانت قوائمها ترتعد عند قيامها، ومن هذا رجز الشعر؛ لأنه أقصر أبيات الشعر، فالانتقال من بيت إلى بيت سريع (٣). أو؛ لأن الرجز في الشعر متحرك وساكن ثم متحرك وسكن في كل أجزائه، فهو كالرعدة في رجل الناقة تتحرك ثم تسكن وتستمر (٤) على ذلك (٥).
فحقيقة معنى الرجز: أنه العذاب المقلقل لشدته (٦) قلقلة شديدة متتابعة (٧).
وقوله: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ [المدثر: ٥]، قيل: إنه عبادة الأوثان؛ لأنه سبب العذاب (٢).
قال أهل اللغة: وأصل الرجز في اللغة: تتابع الحركات، ومن ذلك قولهم: ناقة رجزاء إذا كانت قوائمها ترتعد عند قيامها، ومن هذا رجز الشعر؛ لأنه أقصر أبيات الشعر، فالانتقال من بيت إلى بيت سريع (٣). أو؛ لأن الرجز في الشعر متحرك وساكن ثم متحرك وسكن في كل أجزائه، فهو كالرعدة في رجل الناقة تتحرك ثم تسكن وتستمر (٤) على ذلك (٥).
فحقيقة معنى الرجز: أنه العذاب المقلقل لشدته (٦) قلقلة شديدة متتابعة (٧).
= ١/ ٥٩٧، وفي "زاد المسير" ١/ ٨٦، "البحر المحيط" ١/ ٢١٨، وفي ديوان رؤبة ص ٦٤. ومعنى (مبزي) أي: متفاخر، (وقمنا): رددنا كيده.
(١) في (أ)، (ج): (وليذهب) تصحيف.
(٢) انظر "الوسيط" ١/ ١١٥، "مفردات الراغب" ص ١٨٨.
(٣) ذكره الأزهري عن الليث. "تهذيب" (رجز) ٢/ ١٣٥٦، وانظر: "مفردات الراغب" ص ١٨٧.
(٤) في (ج): (ويستمر).
(٥) انظر: "اللسان" (رجز) ٣/ ١٥٨٨.
(٦) في (ب): (لشدة).
(٧) قال الأزهري: (قال أبو إسحاق: ومعنى الرجز في العذاب. وهو العذاب المقلقل...) "التهذيب" (رجز) ٢/ ١٣٦٥ "اللسان" (رجز) ٣/ ١٥٨٨.
(١) في (أ)، (ج): (وليذهب) تصحيف.
(٢) انظر "الوسيط" ١/ ١١٥، "مفردات الراغب" ص ١٨٨.
(٣) ذكره الأزهري عن الليث. "تهذيب" (رجز) ٢/ ١٣٥٦، وانظر: "مفردات الراغب" ص ١٨٧.
(٤) في (ج): (ويستمر).
(٥) انظر: "اللسان" (رجز) ٣/ ١٥٨٨.
(٦) في (ب): (لشدة).
(٧) قال الأزهري: (قال أبو إسحاق: ومعنى الرجز في العذاب. وهو العذاب المقلقل...) "التهذيب" (رجز) ٢/ ١٣٦٥ "اللسان" (رجز) ٣/ ١٥٨٨.
565
قال الضحاك: أرسل الله عليهم ظلمةً وطاعونًا فهلك منهم في ساعة واحدة سبعون ألفًا، عقوبة لهم بتبديلهم ما أمروا (١) به.
٦٠ - قوله تعالى: ﴿وَإِذِ اسْتَسْقَى﴾ الآية قال المفسرون: عطش بنو إسرائيل في التيه، فقالوا: يا موسى، من أين لنا الشراب؟ فاستسقى لهم موسى فأوحى الله عز وجل إليه أن اضرب بعصاك الحجر (٢).
قال ابن عباس: كان حجرًا خفيفًا مربعًا مثل رأس الرجل، أمر أن يحمله، فكان يضعه في مِخْلاَته (٣)، فإذا احتاجوا إلى الماء وضعه وضربه بعصاه (٤)، فعلى هذا الألف واللام فيه للتعريف (٥).
٦٠ - قوله تعالى: ﴿وَإِذِ اسْتَسْقَى﴾ الآية قال المفسرون: عطش بنو إسرائيل في التيه، فقالوا: يا موسى، من أين لنا الشراب؟ فاستسقى لهم موسى فأوحى الله عز وجل إليه أن اضرب بعصاك الحجر (٢).
قال ابن عباس: كان حجرًا خفيفًا مربعًا مثل رأس الرجل، أمر أن يحمله، فكان يضعه في مِخْلاَته (٣)، فإذا احتاجوا إلى الماء وضعه وضربه بعصاه (٤)، فعلى هذا الألف واللام فيه للتعريف (٥).
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ولم يعزه ١/ ٧٥ ب، وكذا البغوي في "تفسيره" ١/ ٧٦، ولم أجده منسوبا للضحاك فيما اطلعت عليه، والله أعلم. قال ابن جرير بعد أن ذكر الآثار في معنى الآية: (وقد دللنا على أن تأويل (الرجز) العذاب، وعذاب الله جل ثناؤه أصناف مختلفة. وقد أخبر الله جل ثناؤه أنه أنزل على الذين وصفنا أمرهم الرجز من السماء، وجائز أن يكون طاعونًا، وجائز أن يكون غيره، ولا دلالة في ظاهر القرآن ولا في أثر عن الرسول ثابت، أي الأصناف ذلك كان) الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٠٦، وانظر "البحر المحيط" ١/ ٢٢٥.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٦ أ، وانظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٦٤، وورد بهذا المعنى آثار عن السلف ساقها ابن جرير في "تفسيره" ١/ ٣٠٦ - ٣٠٧.
(٣) الْمِخْلاة: ما يوضع فيه الشيء، سميت بذلك لأنه يوضع بها الحشيش الذي يختلى من الربيع، أي: يحش. "اللسان" (خلا) ٢/ ١٢٥٨.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٦ أ، والبغوي ١/ ٧٧، ونحوه عند الطبري في "تفسيره" عن ابن عباس ١/ ٣٠٧، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٧٧، "تفسير أبي الليث" ولم يعزه، وانظر: "زاد المسير" ١/ ٨٧، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٧.
(٥) أي: أن (ال) للعهد، فهو حجر معهود لدى موسى. انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٦ أ، "الكشاف" ١/ ٢٨٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٧٧.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٦ أ، وانظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٦٤، وورد بهذا المعنى آثار عن السلف ساقها ابن جرير في "تفسيره" ١/ ٣٠٦ - ٣٠٧.
(٣) الْمِخْلاة: ما يوضع فيه الشيء، سميت بذلك لأنه يوضع بها الحشيش الذي يختلى من الربيع، أي: يحش. "اللسان" (خلا) ٢/ ١٢٥٨.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٦ أ، والبغوي ١/ ٧٧، ونحوه عند الطبري في "تفسيره" عن ابن عباس ١/ ٣٠٧، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٧٧، "تفسير أبي الليث" ولم يعزه، وانظر: "زاد المسير" ١/ ٨٧، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٧.
(٥) أي: أن (ال) للعهد، فهو حجر معهود لدى موسى. انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٦ أ، "الكشاف" ١/ ٢٨٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٧٧.
566
وقال وهب: كان موسى عليه السلام يقرع لهم أقرب (١) حجر من عرض الحجارة بعصاه، فينفجر عيونا لكل سبط عين (٢)، والألف واللام على هذا للجنس (٣).
وقوله تعالى: ﴿فَانْفَجَرَتْ﴾ معناه: فضرب فانفجرت، وعرف بقوله: ﴿فَانْفَجَرَتْ﴾ أنه قد ضرب، ومثله: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ [الشعراء: ٦٣] قال الفراء: ومثله في الكلام: أمرتك بالتجارة فاكتسبت الأموال، والمعنى: فاتجرت فاكتسبت (٤).
ومعنى انفجرت: انشقت (٥)، والانفجار: الانشقاق، وأصل الفجر في اللغة: الشق، وفَجْرُ السِّكْر: بَثْقُه (٦). وسمي فجر النهار لانصداعه، أو (٧) لشقه ظلمة الليل، ويقال انفجر الصبح، إذا سال ضوؤه في سواد
وقوله تعالى: ﴿فَانْفَجَرَتْ﴾ معناه: فضرب فانفجرت، وعرف بقوله: ﴿فَانْفَجَرَتْ﴾ أنه قد ضرب، ومثله: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ [الشعراء: ٦٣] قال الفراء: ومثله في الكلام: أمرتك بالتجارة فاكتسبت الأموال، والمعنى: فاتجرت فاكتسبت (٤).
ومعنى انفجرت: انشقت (٥)، والانفجار: الانشقاق، وأصل الفجر في اللغة: الشق، وفَجْرُ السِّكْر: بَثْقُه (٦). وسمي فجر النهار لانصداعه، أو (٧) لشقه ظلمة الليل، ويقال انفجر الصبح، إذا سال ضوؤه في سواد
(١) (أقرب) ساقط من (ج).
(٢) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٦ ب، والبغوي ١/ ٧٧، وذكره الزمخشري عن الحسن، في "الكشاف" ١/ ٢٨٤، وفي "البحر" عن وهب والحسن ١/ ٢٢٧، وانظر "زاد المسير" ١/ ٧٨.
(٣) في (ب): (الجنس). ذكره الزمخشري، وقال. وهذا أظهر في "الحجة" وأبين في القدرة، "الكشاف" ١/ ٢٨٤، وانظر "البحر المحيط" ١/ ٢٢٧، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٧.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٠، وقوله: (معناه) إلخ من كلام الفراء. وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٦، "زاد المسير" ١/ ٧٨، والبيان ١/ ٨٥.
(٥) وقيل: سالت، وقيل: هي بمعنى انبجست فهما بمعنى واحد، وقيل: الانشقاق أوسع من الانبجاس. انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٢، "القرطبي" ١/ ٣٥٨، و"تفسير النسفي" ١/ ١٣١، و"الخازن" ١/ ١٣١، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٨.
(٦) في (ب، ج): (شقه). (السِّكْر): ما يُسد به النهر ونحوه، انظر: "اللسان" (سكر) ٤/ ٢٠٤٧ - ٢٥٤٩.
(٧) في (ب): (ولشقه) بالواو.
(٢) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٦ ب، والبغوي ١/ ٧٧، وذكره الزمخشري عن الحسن، في "الكشاف" ١/ ٢٨٤، وفي "البحر" عن وهب والحسن ١/ ٢٢٧، وانظر "زاد المسير" ١/ ٧٨.
(٣) في (ب): (الجنس). ذكره الزمخشري، وقال. وهذا أظهر في "الحجة" وأبين في القدرة، "الكشاف" ١/ ٢٨٤، وانظر "البحر المحيط" ١/ ٢٢٧، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٧.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٠، وقوله: (معناه) إلخ من كلام الفراء. وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٦، "زاد المسير" ١/ ٧٨، والبيان ١/ ٨٥.
(٥) وقيل: سالت، وقيل: هي بمعنى انبجست فهما بمعنى واحد، وقيل: الانشقاق أوسع من الانبجاس. انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٢، "القرطبي" ١/ ٣٥٨، و"تفسير النسفي" ١/ ١٣١، و"الخازن" ١/ ١٣١، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٨.
(٦) في (ب، ج): (شقه). (السِّكْر): ما يُسد به النهر ونحوه، انظر: "اللسان" (سكر) ٤/ ٢٠٤٧ - ٢٥٤٩.
(٧) في (ب): (ولشقه) بالواو.
567
الليل، كانفجار الماء في النهر، ويقال: فَجَرَ وأَفْجَرَ ينبوعا من ماء، أي: شقه وأخرجه.
قال الليث: والْمَفْجَر الموضع الذي يُفْجَر منه (١).
ابن الأعرابي: تَفَجَّر الرجل بعطائه، ورجل ذو فَجَر، وأتيناه فأفجرناه، أي: وجدناه فاجرًا، أي: معطيا (٢). قال ابن مقبل:
أي برجل كثير العطايا، كأنه يتشقق بما عنده فيجود ولا يمسك كتفجر الماء.
والفجور الذي هو المعصية من هذا، لأن الفاجر شقّ أمر الله أو شقّ العصا بخروجه إلى الفسق (٤).
وقوله تعالى: ﴿مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا﴾ قال الليث: اثنان (٥) اسمان قرينان، لا يُفْرَدان لا يقال لأحدهما: اثن، كما أن الثلاثة (٦) أسماء مقترنة لا تفرق (٧).
قال الليث: والْمَفْجَر الموضع الذي يُفْجَر منه (١).
ابن الأعرابي: تَفَجَّر الرجل بعطائه، ورجل ذو فَجَر، وأتيناه فأفجرناه، أي: وجدناه فاجرًا، أي: معطيا (٢). قال ابن مقبل:
| إذَا الرِّفاقُ أَنَاخُوا حَوْلَ مَنْزِلِهِ | حَلُّوا بِذِي فَجَرَاتٍ زَنْدُهُ وَارِي (٣) |
والفجور الذي هو المعصية من هذا، لأن الفاجر شقّ أمر الله أو شقّ العصا بخروجه إلى الفسق (٤).
وقوله تعالى: ﴿مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا﴾ قال الليث: اثنان (٥) اسمان قرينان، لا يُفْرَدان لا يقال لأحدهما: اثن، كما أن الثلاثة (٦) أسماء مقترنة لا تفرق (٧).
(١) انظر: "تهذيب اللغة" (فجر) ٣/ ٢٧٤٣ - ٢٧٤٤، "الصحاح" (فجر) ٢/ ٧٧٨، "المحكم" (فجر) ٧/ ٢٧٥، "اللسان" (فجر) ٦/ ٣٣٥١ - ٣٣٥٣.
(٢) "تهذيب اللغة" (فجر) ٣/ ٢٧٤٣ - ٢٧٤٤، وانظر المراجع السابقة.
(٣) ورد البيت في "ديوان ابن مقبل" ص ١١٦، و"العمدة في صناعة الشعر" لابن رشيق ٢/ ١٨٠. قوله: (الرفاق): يريد الرفقة المسافرين معه، (ذو فجرات): أي ذو عطايا، يتفجر بالسخاء، (زنده واري): كناية عن الكرم والنجدة.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" (فجر) ٣/ ٢٧٤٣ - ٢٧٤٤، "المحكم" (فجر) ٧/ ٢٧٦.
(٥) (اثنان) ساقط من (ب).
(٦) في (ج): (ثلاثه).
(٧) في (أ)، (ج): (يفرق) بالياء، وأثبت ما في (ب) لأنه أنسب للسياق، ومثله ورد في "تهذيب اللغة" (اثنى) ١/ ٥٠٨.
(٢) "تهذيب اللغة" (فجر) ٣/ ٢٧٤٣ - ٢٧٤٤، وانظر المراجع السابقة.
(٣) ورد البيت في "ديوان ابن مقبل" ص ١١٦، و"العمدة في صناعة الشعر" لابن رشيق ٢/ ١٨٠. قوله: (الرفاق): يريد الرفقة المسافرين معه، (ذو فجرات): أي ذو عطايا، يتفجر بالسخاء، (زنده واري): كناية عن الكرم والنجدة.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" (فجر) ٣/ ٢٧٤٣ - ٢٧٤٤، "المحكم" (فجر) ٧/ ٢٧٦.
(٥) (اثنان) ساقط من (ب).
(٦) في (ج): (ثلاثه).
(٧) في (أ)، (ج): (يفرق) بالياء، وأثبت ما في (ب) لأنه أنسب للسياق، ومثله ورد في "تهذيب اللغة" (اثنى) ١/ ٥٠٨.
568
يقال في التأنيث: اثنتان ولا يفردان (١). والألف في اثنى واثنتى (٢) ألف وصل، لا تظهر في اللفظ. والأصل فيها (٣): ثَنَيٌ (٤)، وربما قالوا للاثنتين: الثنتان (٥)، كما قالوا: هي ابنة فلان، وهي بنته، والألف في الابنة ألف وصل أيضا فإن جاءت هذه الألف مقطوعة في الشعر (٦) فهو شاذ كما قال:
| إِذَا جَاوَزَ الإثْنَيْنِ سِرٌّ فإنَّهُ | بِنَثٍّ وَتَكْثِير الْوُشَاةِ قَمِينُ (٧) |
(١) في "تهذيب اللغة" (ولا تفردان).
(٢) في (ب): (اثنتا)، وفي "تهذيب اللغة" (اثنين) و (اثنتين) ١/ ٥٠٨.
(٣) (فيها) كذا في جميع النسخ، وفي "تهذيب اللغة" (فيهما).
(٤) (ثنى) كذا ورد في "تهذيب اللغة" ١/ ٥٠٨، وكذا في "اللسان" (ثنى) ١/ ٥١٥، وفي القاموس: (وأصله: (ثِنْيٌ) لجمعهم إياه على أثناء). القاموس (ثني) ص ١٢٦٧.
(٥) في (ب): (الثنيان). (ثنتان) بحذف ألف الوصل، لأنها إنما اجتلبت لسكون الثاء، فلما تحركت، سقطت، وتاؤه مبدلة من ياء، لأنه من ثنيت. انظر القاموس (ثنى) ص ١٢٦٧.
(٦) في (أ)، (ج): (شعر) وما في (ب) موافق لما في "تهذيب اللغة"، وهو ما أثبته.
(٧) البيت لقيس بن الخطيم، ونسبه في "الكامل" إلى جميل بن معمر، والصحيح أنه لقيس. ويروى البيت:
وقوله: (بِنَثّ): (النَّثُ) بالنون والثاء: مصدر نَثَّ الحديث، أي: أفشاه و (قمين): حقيق، ورد البيت في "نوادر أبي زيد" ص ٥٢٥، "الكامل" ٢/ ٣١٣، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٩٥، و"حماسة البحتري" ص ١٤٧، "تهذيب اللغة" (قمن) ٣/ ٣٤٩، و (ثني) ١/ ٥٠٨، "الصحاح" (ثنى) ٦/ ٢٢٩٥، "اللسان" (نثث) ٧/ ٤٣٣٩، و (قمن) ٦/ ٣٧٤٥، و (ثنى) ١/ ٥١٢، "شرح المفصل" ٩/ ١٩، ١٣٧، والهمع ٦/ ٢٢٤، وديوان قيس بن الخطيم ص ١٠٥. والشاهد قطع همزة (الإثنين) وهذا لا يجوز إلا في ضرورة الشعر وبعضهم يرويه (إذا جاوز الخلين) ليتخلصوا من هذه الضرورة.
(٢) في (ب): (اثنتا)، وفي "تهذيب اللغة" (اثنين) و (اثنتين) ١/ ٥٠٨.
(٣) (فيها) كذا في جميع النسخ، وفي "تهذيب اللغة" (فيهما).
(٤) (ثنى) كذا ورد في "تهذيب اللغة" ١/ ٥٠٨، وكذا في "اللسان" (ثنى) ١/ ٥١٥، وفي القاموس: (وأصله: (ثِنْيٌ) لجمعهم إياه على أثناء). القاموس (ثني) ص ١٢٦٧.
(٥) في (ب): (الثنيان). (ثنتان) بحذف ألف الوصل، لأنها إنما اجتلبت لسكون الثاء، فلما تحركت، سقطت، وتاؤه مبدلة من ياء، لأنه من ثنيت. انظر القاموس (ثنى) ص ١٢٦٧.
(٦) في (أ)، (ج): (شعر) وما في (ب) موافق لما في "تهذيب اللغة"، وهو ما أثبته.
(٧) البيت لقيس بن الخطيم، ونسبه في "الكامل" إلى جميل بن معمر، والصحيح أنه لقيس. ويروى البيت:
| إِذَا ضَيَّع الإثنَانِ سِرًّا فَإنَّهُ | بِنَشْر وَتَضْيِيع الْوُشَاةِ قَمِينُ |
569
انتهى كلامه (١). والعلة في إدخال ألف الوصل في اثنين واثنتين كالعلة في إدخالها في (الاسم)، وقد ذكرنا (٢).
وأصل هذا الحرف في اللغة من الثني وهو ضم واحد إلى واحد، والثني الاسم. ويقال: ثِنْيُ الثوب لما كف من أطرافه، وأصل الثَّني في جميع (٣) أبنيته: الكف (٤) والرج والعطف والطي والحنو، وكلها متقارب. وكل شيء عطفته فقد ثنيته، ومنه قوله تعالى: ﴿يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ [هود: ٥] أي يحنونها ويطوون (٥) ما فيها، ليسروا عداوة محمد - ﷺ - (٦). وَثِنْيَا الحبل: طرفاه، واحده ثِنْى (٧)، وقال طرفة:
........... وَثِنْيَاه بِالْيَدِ (٨)
وأصل هذا الحرف في اللغة من الثني وهو ضم واحد إلى واحد، والثني الاسم. ويقال: ثِنْيُ الثوب لما كف من أطرافه، وأصل الثَّني في جميع (٣) أبنيته: الكف (٤) والرج والعطف والطي والحنو، وكلها متقارب. وكل شيء عطفته فقد ثنيته، ومنه قوله تعالى: ﴿يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ [هود: ٥] أي يحنونها ويطوون (٥) ما فيها، ليسروا عداوة محمد - ﷺ - (٦). وَثِنْيَا الحبل: طرفاه، واحده ثِنْى (٧)، وقال طرفة:
........... وَثِنْيَاه بِالْيَدِ (٨)
(١) أي كلام الليث، والكلام الآتي بعده كذلك لليث كما سيأتي. انظر "تهذيب اللغة" (ثنى) ١٥/ ١٤٢، "اللسان" (ثنى) ١/ ٥١٢، ونحوه في "الصحاح" ٦/ ٢٢٩٥.
(٢) ذكره عند شرح (الاسم) في البسملة حيث قال: (واجتلبت ألف الوصل ليمكن الابتداء به) إلخ.
(٣) في (ب): (جمع).
(٤) بهذا انتهى كلام الليث كما في "تهذيب اللغة" (ثنى) ١/ ٥٠٨.
(٥) في (ب): (يطيون).
(٦) انظر "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣، "تهذيب اللغة" (ثنى) ١/ ٥٠٤.
(٧) "تهذيب اللغة" (ثنى) ١/ ٥٠٥، وانظر "اللسان" (ثنى) ١/ ٥١٥.
(٨) جزء من بيت معلقة طرفة وتمامه:
وقوله (الطِّوَل): الحبل، ورد البيت في "شرح القصائد المشهورات" للنحاس ص ٨٤، "المعاني الكبير" ٣/ ١٢٠٧، "تهذيب اللغة" (ثنى) ١/ ٥٠٥، و"المجمل" (طول) ٢/ ٥٩٠، (مهى) ٣/ ٨١٧، "المخصص" ١٥/ ٨٢، "مقاييس اللغة" (طول) ٣/ ٤٣٤، و (مهى) ٥/ ٢٧٩، "اللسان" (طول) ٥/ ٢٧٢٧، و (ثنى) ١/ ٥١٦، و (مها) ٧/ ٤٢٩٢.
(٢) ذكره عند شرح (الاسم) في البسملة حيث قال: (واجتلبت ألف الوصل ليمكن الابتداء به) إلخ.
(٣) في (ب): (جمع).
(٤) بهذا انتهى كلام الليث كما في "تهذيب اللغة" (ثنى) ١/ ٥٠٨.
(٥) في (ب): (يطيون).
(٦) انظر "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣، "تهذيب اللغة" (ثنى) ١/ ٥٠٤.
(٧) "تهذيب اللغة" (ثنى) ١/ ٥٠٥، وانظر "اللسان" (ثنى) ١/ ٥١٥.
(٨) جزء من بيت معلقة طرفة وتمامه:
| لَعَمْرُكَ إِنَّ الْمَوْتَ مَا أَخْطَأ الْفَتَى | لَكَالطِّوَلِ الْمُرْخَى وَثِنْيَاهُ بِالْيَدِ |
570
أراد الطرف المثني في الرسغ، فلما انثنى جعله ثنيين، أي لأنه عقد بعقدين، ويقال: حلف (١) فلان يمينا ليس فيها ثُنْيَا ولا (٢) ثَنوْىَ ولا ثَنِيَّة ولا مَثْنَوِيَّة ولا استثناء، كله واحد، لأن الحالف إذا قال: والله لأفعلن كذا إلا أن يشاء الله غيره، فقد رد ما قاله بمشيئة الله غيره، وصرفه (٣)، والحبل إذا عطفته وصرفته فقد جعلته ثنيين (٤). وأثناء الحية: مطاويها، جمع ثِنْي، وما كان من نَضْد هذه الحروف فهو من هذا المعنى، ولا يمكن ذكر الجميع (٥).
وقوله تعالى: ﴿عَشْرَةَ﴾ العَشْر عدد المؤنث، والعَشَرَةُ عدد المذكر، تقول: عَشْرُ نسوة وعَشَرَةُ رجال، فإذا جاوزت ذلك قلت في المؤنث: إحدى عَشَرَة، ومن العرب من يكسر الشين فيقول: عَشِرة، ومنهم من يُسَكن الشين فيقول: إحدى عَشْرة.
وكذلك اثنتي (٦) عَشَرة واثنتي عَشِرَة واثنتي عشْرة، ثلاث لغات (٧)،
وقوله تعالى: ﴿عَشْرَةَ﴾ العَشْر عدد المؤنث، والعَشَرَةُ عدد المذكر، تقول: عَشْرُ نسوة وعَشَرَةُ رجال، فإذا جاوزت ذلك قلت في المؤنث: إحدى عَشَرَة، ومن العرب من يكسر الشين فيقول: عَشِرة، ومنهم من يُسَكن الشين فيقول: إحدى عَشْرة.
وكذلك اثنتي (٦) عَشَرة واثنتي عَشِرَة واثنتي عشْرة، ثلاث لغات (٧)،
(١) في (ب): (خلف).
(٢) في (ب): (ليس فيها ثنوا ولا ثنيا).
(٣) "تهذيب اللغة" (ثنى) ١/ ٥٠٥، غير قوله: (وصرفه)، وكذا ورد في "اللسان" ١/ ٥١٦.
(٤) في (ب): (ثنتين).
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (ثنى) ١/ ٥٠٥ "الصحاح" (ثنى) ٦/ ٢٢٩٣، "مقاييس اللغة" ١/ ٣٩١، "اللسان" (ثنى) ١/ ٥١٦.
(٦) في (أ)، (ج): (اثنتا) في المواضع الثلاثة، وما في (ب) موافق لما في "تهذيب اللغة"، وهو الصواب.
(٧) انتهى ملخصًا من كلام الليث كما في "تهذيب اللغة" (عشر) ٣/ ٢٤٤٥، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٢، "اللسان" (عشر) ٥/ ٢٩٥٢، والكسر لغة تميم، والإسكان لغة أهل الحجاز، انظر "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧١، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٠.
(٢) في (ب): (ليس فيها ثنوا ولا ثنيا).
(٣) "تهذيب اللغة" (ثنى) ١/ ٥٠٥، غير قوله: (وصرفه)، وكذا ورد في "اللسان" ١/ ٥١٦.
(٤) في (ب): (ثنتين).
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (ثنى) ١/ ٥٠٥ "الصحاح" (ثنى) ٦/ ٢٢٩٣، "مقاييس اللغة" ١/ ٣٩١، "اللسان" (ثنى) ١/ ٥١٦.
(٦) في (أ)، (ج): (اثنتا) في المواضع الثلاثة، وما في (ب) موافق لما في "تهذيب اللغة"، وهو الصواب.
(٧) انتهى ملخصًا من كلام الليث كما في "تهذيب اللغة" (عشر) ٣/ ٢٤٤٥، وانظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٢، "اللسان" (عشر) ٥/ ٢٩٥٢، والكسر لغة تميم، والإسكان لغة أهل الحجاز، انظر "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧١، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٠.
571
والقراءة (١) بسكون الشين (٢). فمن فتح الشين فهو أصل البناء، ومن سكن تحرى التخفيف، ثم دخلت الكسرة على مذهب من يكسر ذهابًا إلى أن الساكن يحرك بالكسر (٣).
قال ابن الأنباري: تقول في المؤنث: إحدى عَشْرَة جارية، واثنتا عَشْرَة، قال: وبنو تميم يكسرون الشين (٤)، فهما لغتان وقرأ بهما القراء.
قال: وأهل اللغة والنحو لا يعرفون عَشَرة بفتح مع النيف، قال: وروي عن الأعمش (٥) أنه قرأ: اثنتا (٦) عَشَرة بفتح الشين (٧)، وأهل اللغة لا يعرفونه (٨).
قال ابن الأنباري: تقول في المؤنث: إحدى عَشْرَة جارية، واثنتا عَشْرَة، قال: وبنو تميم يكسرون الشين (٤)، فهما لغتان وقرأ بهما القراء.
قال: وأهل اللغة والنحو لا يعرفون عَشَرة بفتح مع النيف، قال: وروي عن الأعمش (٥) أنه قرأ: اثنتا (٦) عَشَرة بفتح الشين (٧)، وأهل اللغة لا يعرفونه (٨).
(١) من قوله: (ومن العرب) إلى قوله: (والقراءة) فيه تقديم وتأخير وتكرار في (ج).
(٢) القراءة بالسكون قراءة جمهور القراء، وقرأ مجاهد، وطلحة، وعيسى، ويحيى بن وثاب، وابن أبي ليلى، ويزيد بكسر الشين، ورواية عن أبي عمرو والمشهور عنه الإسكان، وقرأ ابن الفضل الأنصاري والأعمش بفتح الشين. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٠، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٢ - ٣١٣، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٥٨، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٩.
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٦ ب، "المخصص" ١٧/ ١٠٢.
(٤) قوله: (وبنو تميم يكسرون الشين، أي مع المؤنث، أما مع المذكر فالشين مفتوحة، وقد تسكن عين (عشرة) لتوالي الحركات). انظر "الأشموني مع الصبان" ٤/ ٧٦.
(٥) هو الإمام سليمان بن مهران، أبو محمد الأسدي الكاهلي بالولاء، أصله من أعمال الري، أقرأ الناس، ونشر العلم دهرا طويلا، وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائة. انظر: "طبقات ابن سعد" ٦/ ٣٤٢، "تاريخ بغداد" ٩/ ٢٣، "معرفة القراء الكبار" ١/ ٧٨، "غاية النهاية" ١/ ٣١٥.
(٦) في (ب): (ثنتى) تصحيف.
(٧) ذكر ابن الأنباري القراءة بسنده عن الأعمش وعن العباس بن الفضل الأنصاري. المذكر والمؤنث ص ١/ ٣١٥.
(٨) انتهى كلام ابن الأنباري ملخصًا من "المذكر والمؤنث" ص ٦٣٢، ٦٣٣، انظر: =
(٢) القراءة بالسكون قراءة جمهور القراء، وقرأ مجاهد، وطلحة، وعيسى، ويحيى بن وثاب، وابن أبي ليلى، ويزيد بكسر الشين، ورواية عن أبي عمرو والمشهور عنه الإسكان، وقرأ ابن الفضل الأنصاري والأعمش بفتح الشين. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٠، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٢ - ٣١٣، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٥٨، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٩.
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٦ ب، "المخصص" ١٧/ ١٠٢.
(٤) قوله: (وبنو تميم يكسرون الشين، أي مع المؤنث، أما مع المذكر فالشين مفتوحة، وقد تسكن عين (عشرة) لتوالي الحركات). انظر "الأشموني مع الصبان" ٤/ ٧٦.
(٥) هو الإمام سليمان بن مهران، أبو محمد الأسدي الكاهلي بالولاء، أصله من أعمال الري، أقرأ الناس، ونشر العلم دهرا طويلا، وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائة. انظر: "طبقات ابن سعد" ٦/ ٣٤٢، "تاريخ بغداد" ٩/ ٢٣، "معرفة القراء الكبار" ١/ ٧٨، "غاية النهاية" ١/ ٣١٥.
(٦) في (ب): (ثنتى) تصحيف.
(٧) ذكر ابن الأنباري القراءة بسنده عن الأعمش وعن العباس بن الفضل الأنصاري. المذكر والمؤنث ص ١/ ٣١٥.
(٨) انتهى كلام ابن الأنباري ملخصًا من "المذكر والمؤنث" ص ٦٣٢، ٦٣٣، انظر: =
572
والعشرة اسم موضوع (١) لهذا العدد المخصوص، وانتصابها في هذه الآية يجعلها مع اثنتي اسما واحدا، فلما جعلا اسما واحدا، منعا الإعراب والتنوين (٢).
قال أبو إسحاق: وذلك أن معنى قولك: اثنتا عشرة: اثنتان وعشرة، فلما حذفت الواو، وهي مرادة، تضمن الاسمان معنى الواو، وكل اسم تضمن معنى حرف بني كما تبنى (٣) الحروف، ولم يك أحدهما بالبناء أولى من الآخر، إذ كانت الواو تدخل ما بعدها في حكم ما قبلها، فصار تعلق الاسمين بالواو تعلقا واحدا، فاستحقا البناء، ووجب أن يبنيا على حركة،
قال أبو إسحاق: وذلك أن معنى قولك: اثنتا عشرة: اثنتان وعشرة، فلما حذفت الواو، وهي مرادة، تضمن الاسمان معنى الواو، وكل اسم تضمن معنى حرف بني كما تبنى (٣) الحروف، ولم يك أحدهما بالبناء أولى من الآخر، إذ كانت الواو تدخل ما بعدها في حكم ما قبلها، فصار تعلق الاسمين بالواو تعلقا واحدا، فاستحقا البناء، ووجب أن يبنيا على حركة،
= "المخصص" ١٧/ ١٠٢، "اللسان" ٥/ ٢٩٥٢. قال ابن عطية عن لغة الفتح: وهي لغة ضعيفة ١/ ٣١٣، وانظر: "الكشاف" ١/ ٢٨٤. و"الإملاء" ١/ ٣٩، وقد مر كلام الليث قريبًا.
(١) في (ج): (موضوع).
(٢) ظاهر كلام الواحدي أن (اثنتى) مبني. قال أبو حيان: وفي محفوظي أن ابن درستويه ذهب إلى أن (اثنا) و (اثنتا) مع عشر مبنى، ولم يجعل الانقلاب دليل الإعراب. "البحر" ١/ ٢٢٩. وما ذهب إليه الواحدي وابن درستويه مخالف لقول جمهور العلماء حيث قالوا: إن (اثنتي عشر) معرب من بين سائر الأعداد من أحد عشر إلى تسعة عشر، وأما (عشر) فهي مبنية، واختلفوا في علة بنائها. انظر "المسائل الحلبيات" لأبي علي ص ٣٠٨ - ٣٢٣، "المذكر والمؤنث" لابن الأنباري ص٦٣١، "المخصص" ١٤/ ٩١، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٠، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٢. قال الصبان في "حاشية الأشموني": وما ذكروه من إعراب صدر اثني عشر واثنتي عشرة هو الصحيح. والقول ببنائه مردود باختلافه باختلاف العوامل، وذلك علامة إعرابه. انظر: "حاشية الصبان على الأشموني" ٤/ ٦٨، ٦٩.
(٣) في (ج): (يبني).
(١) في (ج): (موضوع).
(٢) ظاهر كلام الواحدي أن (اثنتى) مبني. قال أبو حيان: وفي محفوظي أن ابن درستويه ذهب إلى أن (اثنا) و (اثنتا) مع عشر مبنى، ولم يجعل الانقلاب دليل الإعراب. "البحر" ١/ ٢٢٩. وما ذهب إليه الواحدي وابن درستويه مخالف لقول جمهور العلماء حيث قالوا: إن (اثنتي عشر) معرب من بين سائر الأعداد من أحد عشر إلى تسعة عشر، وأما (عشر) فهي مبنية، واختلفوا في علة بنائها. انظر "المسائل الحلبيات" لأبي علي ص ٣٠٨ - ٣٢٣، "المذكر والمؤنث" لابن الأنباري ص٦٣١، "المخصص" ١٤/ ٩١، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٠، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٢. قال الصبان في "حاشية الأشموني": وما ذكروه من إعراب صدر اثني عشر واثنتي عشرة هو الصحيح. والقول ببنائه مردود باختلافه باختلاف العوامل، وذلك علامة إعرابه. انظر: "حاشية الصبان على الأشموني" ٤/ ٦٨، ٦٩.
(٣) في (ج): (يبني).
573
لأن لهما (١) قبل حال البناء حال إعراب، والاسم إذا كان معربا ثم دخلت عليه علة أوجبت له البناء، وجب أن يبنى على حركة، وجعلُ الاسمين اسمًا واحدًا مستثقل (٢)، فاختير له أخف الحركات (٣).
وأدخلت الهاء في (عشرة) مع النيف لما جعلا اسما واحدا في عدد المؤنث، وإن لم يدخل دون النيف، لأنهما لما صارا اسما واحدا ثبتت الهاء في (عشرة) علامة للتأنيث فإنك تقول: ثلاث عشرة، وأربع عشرة (٤) إلى عشرين، فتدخل علامة التأنيث في عشرة (٥).
فإن قيل: قد قلتم: إن اثنتي عشرة، وإحدى عشرة اسمان جعلا اسما واحدا، والاسم الواحد لا يكون فيه علامتان للتأنيث.
قلنا: اثنتا (٦) عشرة اسمان من وجه، واسم واحد من وجه، فكونهما اسمًا واحدًا هو (٧) أن الواقع تحتهما عدد مخصص متميز عن (٨) غيره،
وأدخلت الهاء في (عشرة) مع النيف لما جعلا اسما واحدا في عدد المؤنث، وإن لم يدخل دون النيف، لأنهما لما صارا اسما واحدا ثبتت الهاء في (عشرة) علامة للتأنيث فإنك تقول: ثلاث عشرة، وأربع عشرة (٤) إلى عشرين، فتدخل علامة التأنيث في عشرة (٥).
فإن قيل: قد قلتم: إن اثنتي عشرة، وإحدى عشرة اسمان جعلا اسما واحدا، والاسم الواحد لا يكون فيه علامتان للتأنيث.
قلنا: اثنتا (٦) عشرة اسمان من وجه، واسم واحد من وجه، فكونهما اسمًا واحدًا هو (٧) أن الواقع تحتهما عدد مخصص متميز عن (٨) غيره،
(١) في (ج): (لها).
(٢) في (ب): (مستقل).
(٣) وأخف الحركات الفتحة. هذا الكلام لم أجده عن أبي إسحاق، وقد ذكر نحوه أبو علي الفارسي، وابن الأنباري، وابن سيده. وكلامهم جميعا عن العدد من (أحد عشر إلى تسعة عشر غير اثني عشر، لأن صدرها معرب كما سبق، بينما نجد الواحدي جعل الكلام عليها. انظر: "المسائل الحلبيات" ص ٢٠٨ - ٣٢٣، وانظر "المذكر والمؤنث" ص ٦٣٢، "المخصص" ١٤/ ٩١، ١٧/ ١٠٠، ١٠١.
(٤) في (ج): (عشر).
(٥) انظر "المذكر والمؤنث" لابن الأنباري ص ٦٤٥، "المخصص" ١٧/ ١٠١.
(٦) في (ب): (اثنتى).
(٧) في (ب): (وهو).
(٨) في (ب): (من).
(٢) في (ب): (مستقل).
(٣) وأخف الحركات الفتحة. هذا الكلام لم أجده عن أبي إسحاق، وقد ذكر نحوه أبو علي الفارسي، وابن الأنباري، وابن سيده. وكلامهم جميعا عن العدد من (أحد عشر إلى تسعة عشر غير اثني عشر، لأن صدرها معرب كما سبق، بينما نجد الواحدي جعل الكلام عليها. انظر: "المسائل الحلبيات" ص ٢٠٨ - ٣٢٣، وانظر "المذكر والمؤنث" ص ٦٣٢، "المخصص" ١٤/ ٩١، ١٧/ ١٠٠، ١٠١.
(٤) في (ج): (عشر).
(٥) انظر "المذكر والمؤنث" لابن الأنباري ص ٦٤٥، "المخصص" ١٧/ ١٠١.
(٦) في (ب): (اثنتى).
(٧) في (ب): (وهو).
(٨) في (ب): (من).
574
فيهما كأحد عشر، ووجه كونهما اسمين، هو أنهما لو (١) كانا اسما واحدا لحذفت الألف من (اثنتا) إذ إعراب الاسم يكون في آخره لا في حشوه، فلما (٢) ثبتت الألف، وكانت علامة للإعراب (٣)، دل أنه اسم دون عشرة فوجب الحكم عليهما بأنهما اسمان من هذا الوجه، وإذا كان كذلك، جاز إدخال علامة التأنيث على كل واحد منهما، وأما إحدى عشرة فلم يجتمع فيهما علامتا تأنيث من جنس واحد، وإذا اختلف الجنسان جاز اجتماعهما كالياء في حبليات مع التاء (٤).
فإن قيل: لم حذفت نون التثنية من اثنتا (٥) عشرة، ولا إضافة هاهنا لأنكم جعلتموهما (٦) اسمًا واحدًا؟ قيل: نون التثنية في الأصل (٧) عوض من التنوين، والتنوين للتمكن، وما عرض فيه من معنى البناء أزال التمكن فزال علمه، ولم تحذف الألف وإن كانت دلالة إعراب (٨) لأنها علم التثنية،
فإن قيل: لم حذفت نون التثنية من اثنتا (٥) عشرة، ولا إضافة هاهنا لأنكم جعلتموهما (٦) اسمًا واحدًا؟ قيل: نون التثنية في الأصل (٧) عوض من التنوين، والتنوين للتمكن، وما عرض فيه من معنى البناء أزال التمكن فزال علمه، ولم تحذف الألف وإن كانت دلالة إعراب (٨) لأنها علم التثنية،
(١) في (ب): (لما كانا).
(٢) في (ب): (فإذا).
(٣) وهذا يخالف ما ذكره فيما سبق أنه مبني.
(٤) انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٢، "حاشية الصبان على الأشموني" ٤/ ٦٨.
(٥) في (ب): (اثنتى) وهو أولى، لأنه مثنى مجرور.
(٦) في (ج): (جعلتموها).
(٧) في (ب): (أصل).
(٨) اختلف النحويون في ألف التثنية، فذهب سيبويه إلى أن الألف حرف إعراب، وأن الياء في الجر والنصب حرف إعراب كذلك، ولا تقدير إعراب فيها وإلى هذا ذهب جماعة، منهم أبو إسحاق وابن كيسان وأبو علي. وقال أبو الحسن: إن الألف ليست حرف إعراب، ولا هي إعراب وانما هي دليل إعراب. انظر: "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٩٥.
(٢) في (ب): (فإذا).
(٣) وهذا يخالف ما ذكره فيما سبق أنه مبني.
(٤) انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٢، "حاشية الصبان على الأشموني" ٤/ ٦٨.
(٥) في (ب): (اثنتى) وهو أولى، لأنه مثنى مجرور.
(٦) في (ج): (جعلتموها).
(٧) في (ب): (أصل).
(٨) اختلف النحويون في ألف التثنية، فذهب سيبويه إلى أن الألف حرف إعراب، وأن الياء في الجر والنصب حرف إعراب كذلك، ولا تقدير إعراب فيها وإلى هذا ذهب جماعة، منهم أبو إسحاق وابن كيسان وأبو علي. وقال أبو الحسن: إن الألف ليست حرف إعراب، ولا هي إعراب وانما هي دليل إعراب. انظر: "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٩٥.
575
فلو حذفت لبطلت، فللضرورة أبقيت، ولا ضرورة في النون (١)، فهذا طرف من الكلام في علل الحساب احتجنا إليه، وهو باب طويل.
وقوله تعالى: ﴿عَيْنًا﴾ انتصب على التمييز، قال أبو إسحاق: جميع ما ينتصب على التمييز في العدد على معنى دخول التنوين (٢)، وذلك أن حذف التنوين من اثنتا عشرة إنما كان للبناء فصار حكمه مراعى حتى انتصب ما بعده على تقدير تنوينه، ولم يحذف التنوين للإضافة حتى يبطل حكمه. وإذا (٣) كان كذلك انتصب ما بعده انتصاب قولك: هوضارب زيدا وقاتل عمرا، وحكي عن أحمد بن يحيى أنه قال: إنما انتصب المعدود لوقوعه موقع المصدر، فأجري عليه إعرابه، بيان ذلك: أن قولك: أحد عشر رجلا في موضع معدود عددًا، فأحد (٤) عشر في موضع معدود، إذ هو العدد الذي يعدّ، ورجلًا في موضع قولك: عددًا.
قال أبو إسحاق: وإنما وجب أن يكون التمييز بواحد، لأنك إذا ذكرت العدد فقد أثبت (٥) بمقداره المعدود (٦)، وإنما يجب عليك تبيين
وقوله تعالى: ﴿عَيْنًا﴾ انتصب على التمييز، قال أبو إسحاق: جميع ما ينتصب على التمييز في العدد على معنى دخول التنوين (٢)، وذلك أن حذف التنوين من اثنتا عشرة إنما كان للبناء فصار حكمه مراعى حتى انتصب ما بعده على تقدير تنوينه، ولم يحذف التنوين للإضافة حتى يبطل حكمه. وإذا (٣) كان كذلك انتصب ما بعده انتصاب قولك: هوضارب زيدا وقاتل عمرا، وحكي عن أحمد بن يحيى أنه قال: إنما انتصب المعدود لوقوعه موقع المصدر، فأجري عليه إعرابه، بيان ذلك: أن قولك: أحد عشر رجلا في موضع معدود عددًا، فأحد (٤) عشر في موضع معدود، إذ هو العدد الذي يعدّ، ورجلًا في موضع قولك: عددًا.
قال أبو إسحاق: وإنما وجب أن يكون التمييز بواحد، لأنك إذا ذكرت العدد فقد أثبت (٥) بمقداره المعدود (٦)، وإنما يجب عليك تبيين
(١) قال أبو علي الفارسي: (ومن الدليل على أن (عشرا) من (اثنى عشر) ليس كسائر هذه الأعداد، أنها عاقبت النون فلم تجتمع معه، فلما عاقبتها علم أنها بدل منها، إذ ليس هنا إضافة توجب حذف النون لها، فهذه النون إنما تحذف للإضافة) "المسائل الحلبيات" ص ٣٠٨، وانظر: "المخصص" ١٤/ ٩١.
(٢) نص كلام الزجاج: (و (عينا) نصب على التمييز، وجميع ما نصب على التمييز في العدد على معنى دخول التنوين، وإن لم يذكر في (عشرة)، لأن التنوين حذف هاهنا مع الإعراب)، "معاني القرآن" ١/ ١١٢.
(٣) في (ب): (فإذا).
(٤) في (ب). (فإحدى).
(٥) في (ب): (اتبت).
(٦) في (ب): (المعدوده).
(٢) نص كلام الزجاج: (و (عينا) نصب على التمييز، وجميع ما نصب على التمييز في العدد على معنى دخول التنوين، وإن لم يذكر في (عشرة)، لأن التنوين حذف هاهنا مع الإعراب)، "معاني القرآن" ١/ ١١٢.
(٣) في (ب): (فإذا).
(٤) في (ب). (فإحدى).
(٥) في (ب): (اتبت).
(٦) في (ب): (المعدوده).
576
النوع، والواحد المنكور يدل على النوع. وهو أخف من لفظ المعرفة ولفظ الجمع، فلهذا وجب استعماله (١).
قال (٢): وجملة قول الناس: عشرون درهما: عشرون (٣) من الدراهم، فحذف هذا التطويل، وأقيم الواحد المنكور مقامه.
وإنما وجب أن يكون الأصل: عشرون من الدراهم، لأن العشرين (٤) بعض الدراهم، فيجب أن يكون المذكور بعدها لفظ الجمع حتى يصح معنى التبعيض، ولو قدرت أن الأصل: الواحد لاستحال، ألا ترى أنك إذا قدرت الكلام بقولك: عشرون من درهم جاز أن يتوهم أن العشرين بعض الدرهم، فلذلك قلنا: إن الأصل: عشرون من الدراهم، ثم حذف لما ذكرنا من طلب الخفة (٥).
وقوله تعالى: ﴿قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ﴾ أراد كل أناس منهم، فحذف للعلم (٦). والمشرب يجوز أن يكون مصدرا، ويجوز أن يكون موضعا (٧).
قال (٢): وجملة قول الناس: عشرون درهما: عشرون (٣) من الدراهم، فحذف هذا التطويل، وأقيم الواحد المنكور مقامه.
وإنما وجب أن يكون الأصل: عشرون من الدراهم، لأن العشرين (٤) بعض الدراهم، فيجب أن يكون المذكور بعدها لفظ الجمع حتى يصح معنى التبعيض، ولو قدرت أن الأصل: الواحد لاستحال، ألا ترى أنك إذا قدرت الكلام بقولك: عشرون من درهم جاز أن يتوهم أن العشرين بعض الدرهم، فلذلك قلنا: إن الأصل: عشرون من الدراهم، ثم حذف لما ذكرنا من طلب الخفة (٥).
وقوله تعالى: ﴿قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ﴾ أراد كل أناس منهم، فحذف للعلم (٦). والمشرب يجوز أن يكون مصدرا، ويجوز أن يكون موضعا (٧).
(١) لم أجده عند أبي إسحاق، وبمعناه عند ابن سيده في "المخصص" ١٧/ ١٠١.
(٢) في معاني القرآن: (ومعنى قول الناس: عندي عشرون درهمًا، معناه: عندي عشرون من الدراهم.. إلخ) ١/ ١١٣، ذكر الواحدي كلامه بمعناه.
(٣) (عشرون) ساقط من (ب).
(٤) في (ج): (عشرين).
(٥) في (أ): (الحقه).
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٦.
(٧) إما أن يكون نفس المشروب فيكون مصدرًا واقعًا موقع المفعول به، أو موضع الشرب. انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٦ ب، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٣، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٩، "الدر المصون" ١/ ٣٨٧.
(٢) في معاني القرآن: (ومعنى قول الناس: عندي عشرون درهمًا، معناه: عندي عشرون من الدراهم.. إلخ) ١/ ١١٣، ذكر الواحدي كلامه بمعناه.
(٣) (عشرون) ساقط من (ب).
(٤) في (ج): (عشرين).
(٥) في (أ): (الحقه).
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٦.
(٧) إما أن يكون نفس المشروب فيكون مصدرًا واقعًا موقع المفعول به، أو موضع الشرب. انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٦ ب، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٣، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٩، "الدر المصون" ١/ ٣٨٧.
577
قال الفراء وأبو روق: كان في ذلك الحجر اثنتا عشرة حفرة، [فكانوا إذا نزلوا وضعوا الحجر وجاء كل سبط إلى حفرته] (١) فحفروا الجداول إلى أهلها، فذلك قوله: ﴿قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ﴾ (٢).
وقوله تعالى: ﴿كُلُوا﴾ أي وقلنا لهم: ﴿كُلُوا﴾ من المن والسلوى. ﴿وَاشْرَبُوا﴾ من الماء فهذا كله من رزق الله الذي يأتيكم بلا مشقة ولا مؤونة (٣). ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ﴾ (٤) القراء كلهم قرؤوه بفتح الثاء من عَثِيَ يَعْثَى عُثُوًّا، وهو أشد الفساد. وفيه لغتان أخريان: عَثَا يَعْثُو مثل سما يسمو، قال ذلك الأخفش وغيره (٥). وَعَاث يَعِيثُ، ولو قرئ بهذا (٦) لقيل (٧): ولا تَعِيثُوا، قال ذلك ابن الأنباري.
وقال الفراء في كتاب "المصادر": قوله تعالى: ﴿وَلَا تَعْثَوْا﴾ مصدره
وقوله تعالى: ﴿كُلُوا﴾ أي وقلنا لهم: ﴿كُلُوا﴾ من المن والسلوى. ﴿وَاشْرَبُوا﴾ من الماء فهذا كله من رزق الله الذي يأتيكم بلا مشقة ولا مؤونة (٣). ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ﴾ (٤) القراء كلهم قرؤوه بفتح الثاء من عَثِيَ يَعْثَى عُثُوًّا، وهو أشد الفساد. وفيه لغتان أخريان: عَثَا يَعْثُو مثل سما يسمو، قال ذلك الأخفش وغيره (٥). وَعَاث يَعِيثُ، ولو قرئ بهذا (٦) لقيل (٧): ولا تَعِيثُوا، قال ذلك ابن الأنباري.
وقال الفراء في كتاب "المصادر": قوله تعالى: ﴿وَلَا تَعْثَوْا﴾ مصدره
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) انظر كلام الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٤١، وكلام أبي روق فىِ "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٦ أ، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٧.
(٣) الثعلبي١/ ٧٧ أ، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٨، و"تفسير أبي الليث" ١/ ٣٦٧، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٣.
(٤) في (ب): ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾.
(٥) الكلام بنصه في "تهذيب اللغة" (عثا) ٣/ ٢٣٢٥، وانظر "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧٢، والطبري ١/ ٣٠٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٣، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ أ.
(٦) أي على لغة (عاث يعيث). وفي "تهذيب اللغة" (.. وفيه لغتان أخريان لم يقرأ بواحدة منهما، عثا يعثو، مثل: سما يسمو، قال ذلك الأخفش وغيره، ولو جازت القراءة بهذه اللغة لقرئ (ولا تَعْثُوا) ولكن القراءة سنة، ولا يقرأ إلا بما قرأ به القراء. واللغة الثالثة عَاثَ يَعِيث) "تهذيب اللغة" (عثا) ٣/ ٢٣٢٥، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٨.
(٧) في (ج): (القيل).
(٢) انظر كلام الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٤١، وكلام أبي روق فىِ "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٦ أ، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٧.
(٣) الثعلبي١/ ٧٧ أ، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٨، و"تفسير أبي الليث" ١/ ٣٦٧، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٣.
(٤) في (ب): ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾.
(٥) الكلام بنصه في "تهذيب اللغة" (عثا) ٣/ ٢٣٢٥، وانظر "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧٢، والطبري ١/ ٣٠٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٣، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ أ.
(٦) أي على لغة (عاث يعيث). وفي "تهذيب اللغة" (.. وفيه لغتان أخريان لم يقرأ بواحدة منهما، عثا يعثو، مثل: سما يسمو، قال ذلك الأخفش وغيره، ولو جازت القراءة بهذه اللغة لقرئ (ولا تَعْثُوا) ولكن القراءة سنة، ولا يقرأ إلا بما قرأ به القراء. واللغة الثالثة عَاثَ يَعِيث) "تهذيب اللغة" (عثا) ٣/ ٢٣٢٥، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٨.
(٧) في (ج): (القيل).
578
عثًا مقصور، ومن قال عَثَوْتُ، قال: عُثُوًّا (١)، ومن قال: عَاث يَعِيث، قال في المصدر: عَيْثًا وعُيُوثًا ومَعاثًا وعَيثانًا (٢).
قال ابن الرقاع (٣) في اللغة الثانية:
وقال كثير في اللغة الثالثة:
٦١ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ﴾ قال
قال ابن الرقاع (٣) في اللغة الثانية:
| لَوْلاَ الْحَيَاءُ وَأَنَّ رَأْسيَ قَدْ عَثَا | فِيهِ الْمَشِيبُ لَزُرْتُ أَمَّ الْهَيْثَمِ (٤) |
| وَذِفْرَى كَكَاهِلِ ذِيخِ الْخَلِيفِ | أَصاَبَ فَرِيقَةَ لَيْلٍ فَعَاثَا (٥) |
(١) عند الطبري: (عَثَوْت أَعْثُو) ١/ ٣٠٨.
(٢) في (ب): (عيثاثا). ذكر الطبري في "تفسيره" هذه المصادر ١/ ٣٠٨، وانظر: "تهذيب اللغة" (عثا)، و (عاث) ٣/ ٢٢٦٣، "المحكم" ٢/ ١٦٥، ٢٤٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ أ، "اللسان" (عيث) ٥/ ٣١٨٤، و (عثا) ٥/ ٢٨١١.
(٣) هو عدي بن الرقاع، من (عاملة) حي من قضاعة، كان شاعراً مجيداً مدح خلفاء بني أمية، انظر ترجمته في: "طبقات فحول الشعراء" للجمحي ٢/ ٦٩٩، "الشعر والشعراء" ٤١٠.
(٤) يروى (أم القاسم) بدل (أم الهيثم) ورد البيت في "الشعر والشعراء" ٢/ ٤١١، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٤١، "الكامل"، وفيه (عسا) بدل (عثا) فلا شاهد فيه، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ أ، "تهذيب اللغة" (عثا) ٣/ ٢٣٢٦، و"أمالي المرتضى" ١/ ٥١١، "اللسان" (عثا) ٥/ ٢٨١١، "زاد المسير" ١/ ٨٧، "البحر المحيط" ١/ ٢١٩.
(٥) (الذِّفْرَى): العظم الشاخص خلف الأذن، (الذِّيخ): ذكر الضباع، (الْخَليف). الطريق بين الجبلين، ويروى مكانه: (الرفيض): وهو قطعة من الجبل، (فريقة ليل): هي الغنم الضالة. ورد البيت في "المعاني الكبير" ١/ ٢١٤، "تهذيب اللغة" (عاث) ٣/ ٢٢٦٣، و (فرق) ٣/ ٢٧٧٨، و"مجمل اللغة" (فرق) ٣/ ٧١٨، "مقاييس اللغة" ٤/ ٤٩٤، "اللسان" (عيث) ٥/ ٣٧٨٤، و (خلف) ٢/ ١٢٤٢، و (فرق) ٦/ ٣٤٠٠، و"شعر كثير" ص ٢٥٠.
(٢) في (ب): (عيثاثا). ذكر الطبري في "تفسيره" هذه المصادر ١/ ٣٠٨، وانظر: "تهذيب اللغة" (عثا)، و (عاث) ٣/ ٢٢٦٣، "المحكم" ٢/ ١٦٥، ٢٤٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ أ، "اللسان" (عيث) ٥/ ٣١٨٤، و (عثا) ٥/ ٢٨١١.
(٣) هو عدي بن الرقاع، من (عاملة) حي من قضاعة، كان شاعراً مجيداً مدح خلفاء بني أمية، انظر ترجمته في: "طبقات فحول الشعراء" للجمحي ٢/ ٦٩٩، "الشعر والشعراء" ٤١٠.
(٤) يروى (أم القاسم) بدل (أم الهيثم) ورد البيت في "الشعر والشعراء" ٢/ ٤١١، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٤١، "الكامل"، وفيه (عسا) بدل (عثا) فلا شاهد فيه، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ أ، "تهذيب اللغة" (عثا) ٣/ ٢٣٢٦، و"أمالي المرتضى" ١/ ٥١١، "اللسان" (عثا) ٥/ ٢٨١١، "زاد المسير" ١/ ٨٧، "البحر المحيط" ١/ ٢١٩.
(٥) (الذِّفْرَى): العظم الشاخص خلف الأذن، (الذِّيخ): ذكر الضباع، (الْخَليف). الطريق بين الجبلين، ويروى مكانه: (الرفيض): وهو قطعة من الجبل، (فريقة ليل): هي الغنم الضالة. ورد البيت في "المعاني الكبير" ١/ ٢١٤، "تهذيب اللغة" (عاث) ٣/ ٢٢٦٣، و (فرق) ٣/ ٢٧٧٨، و"مجمل اللغة" (فرق) ٣/ ٧١٨، "مقاييس اللغة" ٤/ ٤٩٤، "اللسان" (عيث) ٥/ ٣٧٨٤، و (خلف) ٢/ ١٢٤٢، و (فرق) ٦/ ٣٤٠٠، و"شعر كثير" ص ٢٥٠.
579
سعيد بن المسيب: ملّوا عيشهم (١).
وقال قتادة: ذكر القوم عيشًا كان لهم بمصر، فقالوا لموسى: ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ﴾ الآية (٢)، و (الطعام): اسم جامع لما يؤكل، وإنما قالوا: طعام واحد، وكان طعامهم المن والسلوى، لأنهم كانوا يأكلون المن (٣) بالسلوى فكان طعامًا واحدًا كالخبيص، لون واحد وإن اتخذ من أطعمة شتى (٤).
قال ابن زيد: كان (٥) طعامهم المن، وشرابهم السلوى، فكانوا يجمعون بينهما فيأكلونه طعاما واحدا (٦).
وقال أصحاب المعاني: لما كان غذاؤهم في كل يوم لا يتغير، قيل: طعام واحد، كما يقال لمن يدوم على الصوم والصلاة: هو على أمر واحد، لملازمته لذلك لا يتغير عنه (٧).
وقال قتادة: ذكر القوم عيشًا كان لهم بمصر، فقالوا لموسى: ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ﴾ الآية (٢)، و (الطعام): اسم جامع لما يؤكل، وإنما قالوا: طعام واحد، وكان طعامهم المن والسلوى، لأنهم كانوا يأكلون المن (٣) بالسلوى فكان طعامًا واحدًا كالخبيص، لون واحد وإن اتخذ من أطعمة شتى (٤).
قال ابن زيد: كان (٥) طعامهم المن، وشرابهم السلوى، فكانوا يجمعون بينهما فيأكلونه طعاما واحدا (٦).
وقال أصحاب المعاني: لما كان غذاؤهم في كل يوم لا يتغير، قيل: طعام واحد، كما يقال لمن يدوم على الصوم والصلاة: هو على أمر واحد، لملازمته لذلك لا يتغير عنه (٧).
(١) لم أجده عن سعيد فيما اطلعت عليه، وأخرج الطبري نحوه عن قتادة "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٩، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٨١.
(٢) أخرجه الطبري ١/ ٣٠٩، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٨١، وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى عبد بن حميد وابن جرير ١/ ٢٨٩.
(٣) في (ب): (والسلوى).
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ أ، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٤، و"البغوي" ١/ ٧٨، "زاد المسير" ١/ ٨٨، "القرطبي" ١/ ٣٦٠، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٢.
(٥) (كان) ساقط من (ب).
(٦) أخرجه ابن جرير ١/ ٣١٠، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٧ أ، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٨، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٢٣٢. والقول بأن السلوى شراب يخالف ما عليه جمهور المفسرين.
(٧) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٤، "الكشاف" ١/ ٢٨٤، "تفسير الرازي" ٣/ ٩٩، "القرطبي" ١/ ٣٦٠، "ابن كثير" ١/ ١٠٧، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٢.
(٢) أخرجه الطبري ١/ ٣٠٩، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٨١، وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى عبد بن حميد وابن جرير ١/ ٢٨٩.
(٣) في (ب): (والسلوى).
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ أ، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٤، و"البغوي" ١/ ٧٨، "زاد المسير" ١/ ٨٨، "القرطبي" ١/ ٣٦٠، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٢.
(٥) (كان) ساقط من (ب).
(٦) أخرجه ابن جرير ١/ ٣١٠، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٧ أ، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٨، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٢٣٢. والقول بأن السلوى شراب يخالف ما عليه جمهور المفسرين.
(٧) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٤، "الكشاف" ١/ ٢٨٤، "تفسير الرازي" ٣/ ٩٩، "القرطبي" ١/ ٣٦٠، "ابن كثير" ١/ ١٠٧، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٢.
580
وقوله تعالى: ﴿فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ﴾ معنى الدعاء: الطلب (١) ممن يملك النفع والضر. وقال ابن السراج: أصله النداء وإنما قال للمسألة: دعاء؛ لأن السائل يقول: يا رب، فينادي ربه عز وجل (٢).
وجاء الدعاء بلفظ الماضي تفاؤلا (٣) بأن (٤) ذلك قد كان، كقولك: أحسن الله جزاءه (٥).
وقوله تعالى: ﴿يُخْرِجْ لَنَا﴾ المعنى سَلْه وقل له: أَخرِجْ (٦) يُخْرِجْ، وكذلك قوله: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [الإسراء: ٥٣]، المعنى لهم: قولوا (٧) التي هي أحسن يقولوا. ومثله: ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا (٨) يُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [إبراهيم: ٣١]، أي قل لهم: أقيموا يقيموا، فجعل هذه كلها بمنزلة جواب الأمر، لأن قبله: ادع وقل (٩).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَقْلِهَا﴾ البقل: كل نبات لا يبقى له ساق إذا رعته
وجاء الدعاء بلفظ الماضي تفاؤلا (٣) بأن (٤) ذلك قد كان، كقولك: أحسن الله جزاءه (٥).
وقوله تعالى: ﴿يُخْرِجْ لَنَا﴾ المعنى سَلْه وقل له: أَخرِجْ (٦) يُخْرِجْ، وكذلك قوله: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [الإسراء: ٥٣]، المعنى لهم: قولوا (٧) التي هي أحسن يقولوا. ومثله: ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا (٨) يُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [إبراهيم: ٣١]، أي قل لهم: أقيموا يقيموا، فجعل هذه كلها بمنزلة جواب الأمر، لأن قبله: ادع وقل (٩).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَقْلِهَا﴾ البقل: كل نبات لا يبقى له ساق إذا رعته
(١) (الطلب) ساقط من (ب).
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (دعاء) ١/ ١١٨٨، "اللسان" (دعا) ٣/ ١٣٨٥.
(٣) في (ب): (مقالا) وفي (ج): (نقالا).
(٤) في (ج): (باذن).
(٥) في (ج): (جزاء).
(٦) في (أ)، (ج): (ويخرج) زيادة (واو) والأصوب حذفها كما في (ب)، ومثله في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٣.
(٧) في (ج): (يقولوا).
(٨) (الذين آمنوا) سقط من (أ)، (ج).
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٤، وقوله (يخرج) مجزوم. قال بعضهم: بما تضمنه الأمر من معنى الجزاء، وقيل: بنفس الأمر، وقيل مجزوم بلام الطلب المضمره أي: ليخرج. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٠، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٤، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦١، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٢.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (دعاء) ١/ ١١٨٨، "اللسان" (دعا) ٣/ ١٣٨٥.
(٣) في (ب): (مقالا) وفي (ج): (نقالا).
(٤) في (ج): (باذن).
(٥) في (ج): (جزاء).
(٦) في (أ)، (ج): (ويخرج) زيادة (واو) والأصوب حذفها كما في (ب)، ومثله في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٣.
(٧) في (ج): (يقولوا).
(٨) (الذين آمنوا) سقط من (أ)، (ج).
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٤، وقوله (يخرج) مجزوم. قال بعضهم: بما تضمنه الأمر من معنى الجزاء، وقيل: بنفس الأمر، وقيل مجزوم بلام الطلب المضمره أي: ليخرج. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٠، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٤، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦١، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٢.
581
الماشية (١).
وأما (الفوم): فقد اختلف أهل اللغة فيه، فقال الفراء: الفوم فيما يذكرون لغة قديمة، وهي الحنطة والخبز جميعا قد ذكرا، قال: وقال بعضهم: سمحت العرب من أهل اللغة يقولون: فَوَّموا لنا بالتشديد يريدون: اختبزوا.
وقال أُحَيْحَة بن الجُلاح (٢):
قال الفراء: وهي في قراءة عبد الله: (وثومها) بالثاء، وكأنه أشبه المعنيين بالصواب؛ لأنه مع ما (٥) يشاكله من العدس والبصل، والعرب تبدل الفاء ثاء فيقول: جدث وجدف، ووقع في عَاثُورشَرًّ وعَافُورشَرًّ والْمَغَافِير (٦) والْمَغَاثِير (٧).
وأما (الفوم): فقد اختلف أهل اللغة فيه، فقال الفراء: الفوم فيما يذكرون لغة قديمة، وهي الحنطة والخبز جميعا قد ذكرا، قال: وقال بعضهم: سمحت العرب من أهل اللغة يقولون: فَوَّموا لنا بالتشديد يريدون: اختبزوا.
وقال أُحَيْحَة بن الجُلاح (٢):
| قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُنِي كَأَغْنَى وَاحِدٍ | قَدِمَ (٣) الْمَدِينَةَ فِي زِرَاعَةِ فُومِ (٤) |
(١) ذكر الأزهري عن الليث (بقل) ٩/ ١٧١، وقال ابن عطية: البقل كل ما تنبته الأرض من النجم ١/ ٣١٥، وانظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦١.
(٢) في (ب): (الحلاج). هو أُحَيْحَة بن الجلاح بن الحُرَيْش بن الأوس، كان سيد الأوس في الجاهلية وكان شاعرا. انظر: "الاشتقاق" لابن دريد ص ٤٤١، "الخزانة" ٣/ ٣٥٧.
(٣) في (ج): (قد قدم).
(٤) نسب البيت بعضهم إلى أبي محجن الثقفي، والبيت برواية الثعلبي والطبري:
انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣١١، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ أ، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٥، و"الهمع" ٢/ ٢٤٠، "اللسان" (فوم) ٦/ ٣٤٩١، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٢، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٨، "البحر المحيط" ١/ ٢١٩، "فتح القدير" ١/ ١٤٤.
(٥) (ما) ساقط من (ب).
(٦) المغافير شيء حلو يشبه العسل. انظر: "اللسان" (غفر) ٦/ ٣٢٧٦.
(٧) انتهى كلام الفراء، ولم يرد عنده بيت ابن الْجُلَّاح، معاني القرآن ١/ ٤١، وانظر =
(٢) في (ب): (الحلاج). هو أُحَيْحَة بن الجلاح بن الحُرَيْش بن الأوس، كان سيد الأوس في الجاهلية وكان شاعرا. انظر: "الاشتقاق" لابن دريد ص ٤٤١، "الخزانة" ٣/ ٣٥٧.
(٣) في (ج): (قد قدم).
(٤) نسب البيت بعضهم إلى أبي محجن الثقفي، والبيت برواية الثعلبي والطبري:
| قَدْ كُنْتُ أَغْنَى النَّاسِ شَخْصًا واحدًا | وَرَدَ الْمَدِينَةَ عَنْ زِرَاعَةِ فُومِ |
(٥) (ما) ساقط من (ب).
(٦) المغافير شيء حلو يشبه العسل. انظر: "اللسان" (غفر) ٦/ ٣٢٧٦.
(٧) انتهى كلام الفراء، ولم يرد عنده بيت ابن الْجُلَّاح، معاني القرآن ١/ ٤١، وانظر =
582
فذكر الفراء قولين في الفوم، واختار الثاني، وهو أنه بمعنى الثوم (١) الذي يذكر مع البصل، وهذا القول أيضا اختيار الكسائي (٢).
وقال الزجاج: الفوم: الحنطة، ويقال: الحبوب، لا اختلاف بين أهل اللغة أن الفوم: الحنطة. قال: وسائر الحبوب التي تختبز يلحقها اسم الفوم. قال: ومن قال: الفوم هاهنا: الثوم (٣) فإن هذا لا يعرف، ومحال أن يطلب القوم طعاما لا بر فيه، وهو أصل الغذاء (٤).
وقال اللحياني: هو الفوم والثوم (٥)، للحنطة (٦).
[الأزهري: وقراءة ابن مسعود إن صح بالثاء، فمعنى الفوم وهو الحنطة.] (٧).
وقال ابن دريد: أزد السراة يسمون السنبل فُومًا (٨). وهذا القول اختيار
وقال الزجاج: الفوم: الحنطة، ويقال: الحبوب، لا اختلاف بين أهل اللغة أن الفوم: الحنطة. قال: وسائر الحبوب التي تختبز يلحقها اسم الفوم. قال: ومن قال: الفوم هاهنا: الثوم (٣) فإن هذا لا يعرف، ومحال أن يطلب القوم طعاما لا بر فيه، وهو أصل الغذاء (٤).
وقال اللحياني: هو الفوم والثوم (٥)، للحنطة (٦).
[الأزهري: وقراءة ابن مسعود إن صح بالثاء، فمعنى الفوم وهو الحنطة.] (٧).
وقال ابن دريد: أزد السراة يسمون السنبل فُومًا (٨). وهذا القول اختيار
= "تفسير الطبري" ١٠/ ٣١٢، وقد نقل كلام الفراء، ولم يعزه له، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٧.
(١) قال ابن قتيبة: وهذا أعجب الأقاويل إليّ. "تفسير غريب القرآن" ص ١/ ٤٤.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٧ أ، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٨٩.
(٣) وهذا اختيار الفراء والكسائي كما سبق.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٥، والنص من "تهذيب اللغة" (فام) ٣/ ٢٧٢٧، وذكره الطبري في "تفسيره" عن بعض السلف ٣١٠٨، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ أ، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٥، "زاد المسير" ١/ ٨٨.
(٥) في (ب): (الفوم).
(٦) في (ب): (الحنطة). كلام اللحياني في "تهذيب اللغة" (فام) ٣/ ٢٧٢.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). ونص كلام الأزهري في "تهذيب اللغة": وإن كان يقرأ ابن مسعود بالثاء فمعناه: الفوم، وهو الحنطة "التهذيب" (فام) ١/ ٢٧٢٧.
(٨) "جمهرة أمثال العرب" ٣/ ١٦٠، وانظر: "مجاز القرآن" ١/ ٤١، وفى "اللسان" (أزد الشراة) (فوم) ٦٠/ ٣٤٩١.
(١) قال ابن قتيبة: وهذا أعجب الأقاويل إليّ. "تفسير غريب القرآن" ص ١/ ٤٤.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٧ أ، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٨٩.
(٣) وهذا اختيار الفراء والكسائي كما سبق.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٥، والنص من "تهذيب اللغة" (فام) ٣/ ٢٧٢٧، وذكره الطبري في "تفسيره" عن بعض السلف ٣١٠٨، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ أ، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٥، "زاد المسير" ١/ ٨٨.
(٥) في (ب): (الفوم).
(٦) في (ب): (الحنطة). كلام اللحياني في "تهذيب اللغة" (فام) ٣/ ٢٧٢.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). ونص كلام الأزهري في "تهذيب اللغة": وإن كان يقرأ ابن مسعود بالثاء فمعناه: الفوم، وهو الحنطة "التهذيب" (فام) ١/ ٢٧٢٧.
(٨) "جمهرة أمثال العرب" ٣/ ١٦٠، وانظر: "مجاز القرآن" ١/ ٤١، وفى "اللسان" (أزد الشراة) (فوم) ٦٠/ ٣٤٩١.
583
المبرد. ومفعول (يخرج) محذوف من الكلام، تقديره: يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها شيئا (١).
ومثله مما حذف (٢) منه المفعول قوله: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ﴾ [إبراهيم: ٣٧]، أي: ناسًا أو فريقًا.
وقوله تعالى: ﴿أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى﴾ [البقرة: ٦١] يحتمل أن يكون ﴿أَدْنَى﴾ أفعل من الدنو، ومعناه: أتستبدلون الذي هو أقرب وأسهل متناولا، يشارككم في وجدانه (٣) كل أحد بالرفيع الجليل الذي خصكم الله وبين الأثرة لكم به على جميع الناس (٤). ويجوز أن يكون معنى الدنو في قرب القيمة (٥)، يقول: أتستبدلون الذي هو أقرب في القيمة (٦)، أي أقل قيمة، أو أدنى في الطعم واللذة، أي أقل لذة وأبشع طعما بالذي هو خير في الطعم واللذة والقيمة (٧). ويجوز أن يكون أفعل من الدناءة، وترك همزه؛ لأن
ومثله مما حذف (٢) منه المفعول قوله: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ﴾ [إبراهيم: ٣٧]، أي: ناسًا أو فريقًا.
وقوله تعالى: ﴿أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى﴾ [البقرة: ٦١] يحتمل أن يكون ﴿أَدْنَى﴾ أفعل من الدنو، ومعناه: أتستبدلون الذي هو أقرب وأسهل متناولا، يشارككم في وجدانه (٣) كل أحد بالرفيع الجليل الذي خصكم الله وبين الأثرة لكم به على جميع الناس (٤). ويجوز أن يكون معنى الدنو في قرب القيمة (٥)، يقول: أتستبدلون الذي هو أقرب في القيمة (٦)، أي أقل قيمة، أو أدنى في الطعم واللذة، أي أقل لذة وأبشع طعما بالذي هو خير في الطعم واللذة والقيمة (٧). ويجوز أن يكون أفعل من الدناءة، وترك همزه؛ لأن
(١) أي أن مفعول يخرج محذوف، تقديره: (شيئا) وهذا قول الطبري في "تفسيره" ١/ ٣١٠، والنحاس في "إعراب القرآن" ١/ ١٨٠، وغيرهما. وذهب الأخفش ومكي إلى أن (من) زائدة، والمفعول (ما) انظر "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٨٢، و"المشكل" ١/ ٤٩، وقولهما مردود عند كثير من المفسرين؛ لأنه يخالف مذهب سيبويه. أن (من) لا تزاد في الموجب، أي المثبت. انظر: "الكتاب"١/ ٣٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٦، و"البيان" ١/ ٨٥، ٨٦، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٢.
(٢) في (ب): (ومنه مما يحذف).
(٣) في (ب): (وجدنه).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣١٢، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٥، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨١.
(٥) و (٦) في (ب): (القيامة).
(٧) وهذا القول راجع لمعنى القول السابق فجمع بين المعنيين الزجاج حيث قال: فمعناه أقرب وأقل قيمة ١/ ١١٥. والخلاصة في معنى (أدنى) قولان: أحدهما: =
(٢) في (ب): (ومنه مما يحذف).
(٣) في (ب): (وجدنه).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣١٢، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٥، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨١.
(٥) و (٦) في (ب): (القيامة).
(٧) وهذا القول راجع لمعنى القول السابق فجمع بين المعنيين الزجاج حيث قال: فمعناه أقرب وأقل قيمة ١/ ١١٥. والخلاصة في معنى (أدنى) قولان: أحدهما: =
584
العرب تقول: إنه لَدَنيٌّ يُدَنّي في الأمور، غير مهموز، أي: يتتبع خسيسها وأصاغرها، على أنه قد حكى الفراء (١) عن زهير الفرقبي (٢) أنه يقرأ (أدنأ) بالهمز (٣)، وهذا قول الفراء: إن معنى أدنى من الدناءة (٤).
والأول (٥) اختيار الزجاج (٦).
وقال بعض النحويين: (أدنى) هاهنا بمعنى أدون، أي: أوضع وأخس، فقدمت النون وحولت الواو ألفا (٧)، وهذا خطأ، فقد أجمعوا على
والأول (٥) اختيار الزجاج (٦).
وقال بعض النحويين: (أدنى) هاهنا بمعنى أدون، أي: أوضع وأخس، فقدمت النون وحولت الواو ألفا (٧)، وهذا خطأ، فقد أجمعوا على
= أنه من الدنو بغير همز، وهذا الدنو يدخل فيه عدة معان، فهو دنو في القيمة، واللذة، والكلفة، والحل، وامتثال الأمر، وغير ذلك مما ذكره المفسرون. انظر "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨١، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ ب، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٦ "الكشاف" ١/ ٢٨٥، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٤، والقول الثاني: أنه من الدناءة بالهمزة، وهو ما سيأتي ذكره.
(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٢، والكلام قبله كله عن الفراء وذكره الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣١٢، ولم يعزه له، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ ب، "الكشاف" ١/ ٢٨٥، "البحر" ١/ ٢٣٣.
(٢) في (ب): (الفريقي). زهير الفرقبي أحد القراء، نحوي، ويعرف بالكسائي، له اختيار في القراءة يروى عنه، عاش في زمن عاصم. انظر: "غاية النهاية" ١/ ٢٩٥.
(٣) في (ب): (بالهمزة). وهذه القراءة من الشواذ.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٢، وهو قول الطبري في "تفسيره" ١/ ٣١٢، وذكره الزجاج في "المعاني" ١/ ١١٥، وذكره النحاس واختار غيره ١/ ١٨١، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٦، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٤.
(٥) (الواو) ساقطة من (ب).
(٦) اختيار الزجاج: أن (أدنى) غير مهموز بمعنى الذي هو أقرب وأقل قيمة. "المعاني" ١/ ١١٥.
(٧) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٧ ب، وانظر: "المشكل" لمكي ١/ ٥٠، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٣٧، و"البيان" ١/ ٨٦، و"الإملاء" ص ٣٩، "تفسير القرطبي" =
(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٢، والكلام قبله كله عن الفراء وذكره الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣١٢، ولم يعزه له، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ ب، "الكشاف" ١/ ٢٨٥، "البحر" ١/ ٢٣٣.
(٢) في (ب): (الفريقي). زهير الفرقبي أحد القراء، نحوي، ويعرف بالكسائي، له اختيار في القراءة يروى عنه، عاش في زمن عاصم. انظر: "غاية النهاية" ١/ ٢٩٥.
(٣) في (ب): (بالهمزة). وهذه القراءة من الشواذ.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٢، وهو قول الطبري في "تفسيره" ١/ ٣١٢، وذكره الزجاج في "المعاني" ١/ ١١٥، وذكره النحاس واختار غيره ١/ ١٨١، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٦، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٤.
(٥) (الواو) ساقطة من (ب).
(٦) اختيار الزجاج: أن (أدنى) غير مهموز بمعنى الذي هو أقرب وأقل قيمة. "المعاني" ١/ ١١٥.
(٧) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٧ ب، وانظر: "المشكل" لمكي ١/ ٥٠، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٣٧، و"البيان" ١/ ٨٦، و"الإملاء" ص ٣٩، "تفسير القرطبي" =
585
أنه لا يشتق فعل (١) من دون إذا كان بمعنى أخس كقولهم: فلان دونك في الشرف.
قوله تعالى: ﴿اهْبِطُوا مِصْرًا﴾ جائز أن يكون هذا من كلام موسى لهم (٢)، وجائز أن يكون من قول الله تعالى لهم، ويكون في الآية إضمار كأنه قال: فدعا موسى فاستجبنا له، وقلنا لهم: اهبطوا مصرا أمن الأمصار، فإن الذي سألتم لا يكون إلا في القرى والأمصار، ولهذا نون مصر، (٣) لأنه لم يرد بلدة بعينها (٤)، وجائز أن يكون أراد مصر بعينها، وصرفها لخفتها وقلة حروفها (٥).
قال الزجاج: صرف؛ لأنه مذكر سمي به مذكر (٦)، فهو مثل جُمْل
قوله تعالى: ﴿اهْبِطُوا مِصْرًا﴾ جائز أن يكون هذا من كلام موسى لهم (٢)، وجائز أن يكون من قول الله تعالى لهم، ويكون في الآية إضمار كأنه قال: فدعا موسى فاستجبنا له، وقلنا لهم: اهبطوا مصرا أمن الأمصار، فإن الذي سألتم لا يكون إلا في القرى والأمصار، ولهذا نون مصر، (٣) لأنه لم يرد بلدة بعينها (٤)، وجائز أن يكون أراد مصر بعينها، وصرفها لخفتها وقلة حروفها (٥).
قال الزجاج: صرف؛ لأنه مذكر سمي به مذكر (٦)، فهو مثل جُمْل
= ١/ ٣٦٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٤، "الدر المصون" ١/ ٣٩٥، و"الفتوحات الإلهية" ١/ ٦٠. وقوله: (وحولت الواو ألفًا) أي لما تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا.
(١) (فعل) هكذا في جميع النسخ، ولعلها (أفعل) قال أبو البركات ابن الأنباري: (ولا يجوز أن يكون (أدنى) أفعل من الدناءة؛ لأن ذلك يوجب أن يكون مهموزاً) "البيان" ١/ ٨٧.
(٢) انظر: "تفسير البيضاوي" ١/ ٢٧، و"الخازن" ١/ ١٣٣.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب) والنص فيها: (.. اهبطوا مصرًا أي انزلوا مصرا لأنه لم يرد..).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣١٤ - ٣١٥، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٣، وللأخفش ١/ ٢٧٣، وللزجاج ١/ ١١٥، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٦٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ ب، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٣٨، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٤.
(٥) انظر المراجع السابقة.
(٦) قوله: (سمى به مذكر) ساقط من (ب). وبهذا انتهى ما نقله عن الزجاج. "معاني القرآن" ١/ ١١٦.
(١) (فعل) هكذا في جميع النسخ، ولعلها (أفعل) قال أبو البركات ابن الأنباري: (ولا يجوز أن يكون (أدنى) أفعل من الدناءة؛ لأن ذلك يوجب أن يكون مهموزاً) "البيان" ١/ ٨٧.
(٢) انظر: "تفسير البيضاوي" ١/ ٢٧، و"الخازن" ١/ ١٣٣.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب) والنص فيها: (.. اهبطوا مصرًا أي انزلوا مصرا لأنه لم يرد..).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣١٤ - ٣١٥، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٣، وللأخفش ١/ ٢٧٣، وللزجاج ١/ ١١٥، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٦٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٧ ب، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٣٨، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٤.
(٥) انظر المراجع السابقة.
(٦) قوله: (سمى به مذكر) ساقط من (ب). وبهذا انتهى ما نقله عن الزجاج. "معاني القرآن" ١/ ١١٦.
586
ودَعْد وهند في جواز إجرائها (١).
والفراء يختار ترك الإجراء، ويفرق بين هذا وبين أسماء النساء، قال: إنها (٢) إذا خفت وكانت على (٣) ثلاثة أحرف، أوسطها ساكن، انصرفت، لأنها تكثر بها التسمية فتخف لكثرتها، واسم البلد لا يكاد يكثر. فاجعل (٤) الألف التي في مصرا ألفا يوقف عليها، فإذا وصلت لم تنون كما كتبوا: سلاسلا (٥) وقواريرا (٦) بالألف، وأكثر القراء على ترك الإجراء فيها (٧).
ويختار قراءة من قرأ مصر بغير تنوين (٨)، وهي قرآءة مهجورة (٩)،
والفراء يختار ترك الإجراء، ويفرق بين هذا وبين أسماء النساء، قال: إنها (٢) إذا خفت وكانت على (٣) ثلاثة أحرف، أوسطها ساكن، انصرفت، لأنها تكثر بها التسمية فتخف لكثرتها، واسم البلد لا يكاد يكثر. فاجعل (٤) الألف التي في مصرا ألفا يوقف عليها، فإذا وصلت لم تنون كما كتبوا: سلاسلا (٥) وقواريرا (٦) بالألف، وأكثر القراء على ترك الإجراء فيها (٧).
ويختار قراءة من قرأ مصر بغير تنوين (٨)، وهي قرآءة مهجورة (٩)،
(١) الإجراء: هو الصرف في اصطلاح الكوفيين، فالجاري: المنصرف، وغير الجاري: الممنوع من الصرف. وقوله: (جُمّل ودعد وهند) صرفت لأنها على ثلاثة أحرف أوسطها ساكن. فصرفت لخفتها وإلا فهي مؤنثة. انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٢، و"البيان" ١/ ٨٧.
(٢) أي: أسماء النساء، كما هي عبارة الفراء في "المعاني" ١/ ٤٢.
(٣) (على) ساقط من (ج).
(٤) في المعاني للفراء: (.. فإن شئت جعلت الألف التي في (مصرا) ألفًا يوقف عليها...) وإن شئت جعلت (مصر) غير المصر التي تعرف..) ١/ ٤٣.
(٥) من (ب)، وفي غيرها: (سلاسل)، آية: ٤ من سورة الإنسان.
(٦) في (أ): (قرارير)، آية: ١٥، ١٦ من سورة الإنسان.
(٧) في المعاني: (فيهما) أي: (سلاسلا) و (قواريرا). أما (سلاسلا) فقرأ نافع والكسائي وأبو بكر وهشام ورويس في رواية بالتنوين، ووقفوا بالألف عوضا منها، والباقون بغير تنوين. وأما (قواريرا) فقرأ نافع والكسائي وأبو بكر، بالتنوين ووقفوا عليها بالألف في الموضعين، ووافقهم ابن كثير في الأول، والباقون بغير تنوين مع إختلاف في الوقف. انظر "التيسير" ص ٢١٧، انظر "النشر" ٤/ ٣٩٥.
(٨) حيث قال: (والوجه الأول أحب إليّ) لأنها في قراءة عبد الله اهبطوا مصر (بغير ألف..) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٣٤.
(٩) قال الطبري: ولم يقرأ بترك التنوين فيه وإسقاط الألف منه، إلا من لا يجوز =
(٢) أي: أسماء النساء، كما هي عبارة الفراء في "المعاني" ١/ ٤٢.
(٣) (على) ساقط من (ج).
(٤) في المعاني للفراء: (.. فإن شئت جعلت الألف التي في (مصرا) ألفًا يوقف عليها...) وإن شئت جعلت (مصر) غير المصر التي تعرف..) ١/ ٤٣.
(٥) من (ب)، وفي غيرها: (سلاسل)، آية: ٤ من سورة الإنسان.
(٦) في (أ): (قرارير)، آية: ١٥، ١٦ من سورة الإنسان.
(٧) في المعاني: (فيهما) أي: (سلاسلا) و (قواريرا). أما (سلاسلا) فقرأ نافع والكسائي وأبو بكر وهشام ورويس في رواية بالتنوين، ووقفوا بالألف عوضا منها، والباقون بغير تنوين. وأما (قواريرا) فقرأ نافع والكسائي وأبو بكر، بالتنوين ووقفوا عليها بالألف في الموضعين، ووافقهم ابن كثير في الأول، والباقون بغير تنوين مع إختلاف في الوقف. انظر "التيسير" ص ٢١٧، انظر "النشر" ٤/ ٣٩٥.
(٨) حيث قال: (والوجه الأول أحب إليّ) لأنها في قراءة عبد الله اهبطوا مصر (بغير ألف..) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٣٤.
(٩) قال الطبري: ولم يقرأ بترك التنوين فيه وإسقاط الألف منه، إلا من لا يجوز =
587
والوجه ما ذكرنا قبل، أنه صرف لخفته (١).
وقال الكسائي: العرب الفصحاء (٢) لا يبالون أن يجروا مالا يجري، ولا يرون به بأسا، ولولا أن ذلك مستقيم لهم ما جاز لهم أن يجروه في الشعر، فلا تهابن أن تجري شيئا مما لا يجري أبدا، إلا قولهم: أَفْعَلَ منك فإنه مما لم أسمع العرب تجريه في شعر ولا في (٣) غيره.
والمصر في اللغة: الحاجز بين الشيئين (٤).
قال عدي بن زيد (٥):
وقال الكسائي: العرب الفصحاء (٢) لا يبالون أن يجروا مالا يجري، ولا يرون به بأسا، ولولا أن ذلك مستقيم لهم ما جاز لهم أن يجروه في الشعر، فلا تهابن أن تجري شيئا مما لا يجري أبدا، إلا قولهم: أَفْعَلَ منك فإنه مما لم أسمع العرب تجريه في شعر ولا في (٣) غيره.
والمصر في اللغة: الحاجز بين الشيئين (٤).
قال عدي بن زيد (٥):
| وَجَعَلَ الشَمْسَ مِصْرًا لاَخَفَاءَ بِهِ | بَيْنَ النَّهَارِ وَبَيْنَ اللَّيْل قَدْ فَصَلاَ (٦) |
= الاعتراض به على "الحجة" ٢/ ١٣٦، والقراءة بغير تنوين قراءة الحسن، وطلحة، والأعمش، وأبان بن تغلب، وهي كذلك في مصحف أبي، وعبد الله، وبعض مصاحف عثمان، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٨ - ٣١٩، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٥، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٤.
(١) قال النحاس: وهذا خطأ على قول الخليل وسيبويه والفراء، "إعراب القرآن" ١/ ١٨٢، وكذا رده أبو حيان. انظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٣٥، وقد ذكر ابن جرير الطبري الحجج لمن رأى أن المراد مصر من الأمصار، ولمن قال: إنها مصر المعروفة، وتوقف في ترجيح قول على الآخر، ١/ ٣١٤. أما ابن كثير فرجح أن المراد مصر من الأمصار، ١/ ١٠٩، وانظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٣٥.
(٢) بياض في (ب).
(٣) (في) ساقط من (ب). وكلام الكسائي أورده النحاس في "إعراب القرآن" ١/ ١٨٢.
(٤) ذكر الأزهري عن الليث. "تهذيب اللغة" (مصر) ٤/ ٣٤٠٦، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٨ أ، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٦.
(٥) نسبه بعضهم لأمية بن أبي الصلت، وبعضهم لعدى.
(٦) يروي البيت (جاعل) ورد في "تهذيب اللغة" (مصر) ٤/ ٣٤٠٦، "الصحاح" (مصر) ٢/ ٨١٧، "المخصص" ١٣/ ١٦٤، "اللسان" (مصر) ٧/ ٥/ ٤٢، "تفسير الثعلبي" =
(١) قال النحاس: وهذا خطأ على قول الخليل وسيبويه والفراء، "إعراب القرآن" ١/ ١٨٢، وكذا رده أبو حيان. انظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٣٥، وقد ذكر ابن جرير الطبري الحجج لمن رأى أن المراد مصر من الأمصار، ولمن قال: إنها مصر المعروفة، وتوقف في ترجيح قول على الآخر، ١/ ٣١٤. أما ابن كثير فرجح أن المراد مصر من الأمصار، ١/ ١٠٩، وانظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٣٥.
(٢) بياض في (ب).
(٣) (في) ساقط من (ب). وكلام الكسائي أورده النحاس في "إعراب القرآن" ١/ ١٨٢.
(٤) ذكر الأزهري عن الليث. "تهذيب اللغة" (مصر) ٤/ ٣٤٠٦، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٨ أ، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٦.
(٥) نسبه بعضهم لأمية بن أبي الصلت، وبعضهم لعدى.
(٦) يروي البيت (جاعل) ورد في "تهذيب اللغة" (مصر) ٤/ ٣٤٠٦، "الصحاح" (مصر) ٢/ ٨١٧، "المخصص" ١٣/ ١٦٤، "اللسان" (مصر) ٧/ ٥/ ٤٢، "تفسير الثعلبي" =
588
أي: حدًّا، ومُصُور الدار: حدودها، فالمصر: القطعة التي بانت بعمارتها عما سواها وانتهت إليه البرية (١).
وقوله تعالى: ﴿وضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ﴾ أي: ألزموها إلزامًا لا تبرح عنهم، يقال: ضرب عليه (٢) كذا، إذا ألزمه، وأصله من ضرب الشيء على الشيء، كما يضرب المسمار على الشيء فيلزمه، فيقال (٣) لكل من ألزم شيئا: ضرب عليه، يقال: ضرب فلان على عبده ضريبة، وضرب السلطان على التجار (٤) ضريبة أي ألزمهم (٥).
ويقال للشيء الدائم: ضربة لازم ولازب (٦).
ومنه قول النابغة:
و (٧) لاَ يَحْسِبُون الشَّرَّ ضَرْبَةَ لاَزَبِ (٨)
والذلة: الذل.
وقوله تعالى: ﴿وضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ﴾ أي: ألزموها إلزامًا لا تبرح عنهم، يقال: ضرب عليه (٢) كذا، إذا ألزمه، وأصله من ضرب الشيء على الشيء، كما يضرب المسمار على الشيء فيلزمه، فيقال (٣) لكل من ألزم شيئا: ضرب عليه، يقال: ضرب فلان على عبده ضريبة، وضرب السلطان على التجار (٤) ضريبة أي ألزمهم (٥).
ويقال للشيء الدائم: ضربة لازم ولازب (٦).
ومنه قول النابغة:
و (٧) لاَ يَحْسِبُون الشَّرَّ ضَرْبَةَ لاَزَبِ (٨)
والذلة: الذل.
= ١/ ٧٨ أ، "مفردات الراغب" ص ٤٦٩، "زاد المسير" ١/ ٨٩، "تفسير القرطبي"، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٠، "الدر المصون" ١/ ٣٩٦.
(١) (البرية) ساقط من (أ)، (ج). انظر: "تهذيب اللغة" (مصر) ٤/ ٣٤٠٥ - ٣٤٠٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٨ أ، "القرطبي" ١/ ٣٦٦، "اللسان" (مصر) ٧/ ٤٢١٥.
(٢) في (ب): (عليهم).
(٣) في (ب): (أن يقال).
(٤) في (ب): (التجارة).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣١٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٨ أ، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٩، "تفسير القرطبى" ١/ ٣٦٦.
(٦) قال ابن الأنباري: ما هذا بضربة لازب، أي ما هو بضربة سيف لازب، واللازب: اللازم. انظر: "الزاهر" ١/ ٦٠٩، "تهذيب اللغة" (لزب) ٤/ ٣٢٥٨، "اللسان" (لزب) ٧/ ٤٠٢٥ - ٤٠٢٦.
(٧) (الواو) ساقطة من (ب).
(٨) شطره الأول: =
(١) (البرية) ساقط من (أ)، (ج). انظر: "تهذيب اللغة" (مصر) ٤/ ٣٤٠٥ - ٣٤٠٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٨ أ، "القرطبي" ١/ ٣٦٦، "اللسان" (مصر) ٧/ ٤٢١٥.
(٢) في (ب): (عليهم).
(٣) في (ب): (أن يقال).
(٤) في (ب): (التجارة).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣١٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٨ أ، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٩، "تفسير القرطبى" ١/ ٣٦٦.
(٦) قال ابن الأنباري: ما هذا بضربة لازب، أي ما هو بضربة سيف لازب، واللازب: اللازم. انظر: "الزاهر" ١/ ٦٠٩، "تهذيب اللغة" (لزب) ٤/ ٣٢٥٨، "اللسان" (لزب) ٧/ ٤٠٢٥ - ٤٠٢٦.
(٧) (الواو) ساقطة من (ب).
(٨) شطره الأول: =
589
أبو عبيد عن الكسائي: فرس ذلول بيّن (١) الذِّلّ، وهو ضد الصعوبة، ورجل ذليل بيّن الذِّلّة والذُّلّ (٢).
والمسكنة مفعلة من السكون، قال الليث: المسكنة مصدر فِعْل المِسْكين، وإذا اشتقوا منه فعلا قالوا: تَمَسْكَن إذا صار مِسْكِينًا (٣).
قال ابن الأنباري: المسكنة الأمور التي تسكن صاحبها وتمنعه من الحركة ومن هذا أخذ المسكين، توهمًا أن الميم من أصل الكلمة، كما قالوا: تمكن من المكان، وهو مفعل من الكون، ويقال: تسكن الرجل وتمسكن إذا ظهرت (٤) عليه أمور المساكين وتشبه بهم. كما يقال: تدرع وتمدرع، إذا لبس المدرعة (٥).
فأما معنى الآية، فإن جماعة من المفسرين قالوا: في هذا ما دل على أن قوله: ﴿وضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ﴾ (٦) إخبار عمن كانوا (٧) في عصر موسى. وبعضهم قال: ما يدل على أن ضرب الذلة حصل على من كان في عهد النبي - ﷺ -.
والمسكنة مفعلة من السكون، قال الليث: المسكنة مصدر فِعْل المِسْكين، وإذا اشتقوا منه فعلا قالوا: تَمَسْكَن إذا صار مِسْكِينًا (٣).
قال ابن الأنباري: المسكنة الأمور التي تسكن صاحبها وتمنعه من الحركة ومن هذا أخذ المسكين، توهمًا أن الميم من أصل الكلمة، كما قالوا: تمكن من المكان، وهو مفعل من الكون، ويقال: تسكن الرجل وتمسكن إذا ظهرت (٤) عليه أمور المساكين وتشبه بهم. كما يقال: تدرع وتمدرع، إذا لبس المدرعة (٥).
فأما معنى الآية، فإن جماعة من المفسرين قالوا: في هذا ما دل على أن قوله: ﴿وضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ﴾ (٦) إخبار عمن كانوا (٧) في عصر موسى. وبعضهم قال: ما يدل على أن ضرب الذلة حصل على من كان في عهد النبي - ﷺ -.
= وَلاَ يَحْسِبُونَ الْخَيْرَ لاَ شَرَّ بَعْدَهُ
ورد البيت في "الزاهر" ١/ ٦٠٩، "تهذيب اللغة" (لزب) ٧/ ٤٠٢٦، "المخصص" ١٢/ ٦٨، "مقاييس اللغة" (لزب) ٥/ ٢٤٥، "اللسان" (لزب) ٧/ ٤٠٢٦، و"ديوان النابغة الذيباني" ص ٣٣.
(١) في "تهذيب اللغة" (من) وليس فيه قوله: (وهو ضد الصعوبة).
(٢) "تهذيب اللغة" (ذل) ٢/ ١٢٩٠، وانظر: "اللسان" (ذلل) ٣/ ١٥١٣ - ١٥١٤.
(٣) "تهذيب اللغة" (سكن) ٢/ ١٧٢٤ - ١٧٢٥، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣١٥، "اللسان" (سكن) ٢٠٥٤ - ٢٠٥٧.
(٤) في (ب): (ظهر).
(٥) انظر: "الزاهر" ١/ ٢٢٤، و"تهذيب اللغة" (سكن) ٢/ ١٧٢٣ - ١٧٢٥، و"الصحاح" (سكن) ٥/ ٢١٣٧، و"اللسان" (سكن) ٤/ ٢٠٥٤ - ٢٠٥٧.
(٦) في (ج): (والمسكنة).
(٧) في (ب): (كان).
ورد البيت في "الزاهر" ١/ ٦٠٩، "تهذيب اللغة" (لزب) ٧/ ٤٠٢٦، "المخصص" ١٢/ ٦٨، "مقاييس اللغة" (لزب) ٥/ ٢٤٥، "اللسان" (لزب) ٧/ ٤٠٢٦، و"ديوان النابغة الذيباني" ص ٣٣.
(١) في "تهذيب اللغة" (من) وليس فيه قوله: (وهو ضد الصعوبة).
(٢) "تهذيب اللغة" (ذل) ٢/ ١٢٩٠، وانظر: "اللسان" (ذلل) ٣/ ١٥١٣ - ١٥١٤.
(٣) "تهذيب اللغة" (سكن) ٢/ ١٧٢٤ - ١٧٢٥، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣١٥، "اللسان" (سكن) ٢٠٥٤ - ٢٠٥٧.
(٤) في (ب): (ظهر).
(٥) انظر: "الزاهر" ١/ ٢٢٤، و"تهذيب اللغة" (سكن) ٢/ ١٧٢٣ - ١٧٢٥، و"الصحاح" (سكن) ٥/ ٢١٣٧، و"اللسان" (سكن) ٤/ ٢٠٥٤ - ٢٠٥٧.
(٦) في (ج): (والمسكنة).
(٧) في (ب): (كان).
590
قال كثير من المفسرين: ضربت عليهم يومئذ الذلة والمسكنة، وهو أثر البؤس وزي الفقر، وذلك لعلم الله فيهم أنهم سيقتلون النبيين ويفعلون ويفعلون، ثم أعقابهم يتوارثون ذلك الذل والمسكنة، وهذا قول الكلبي (١). وإلى هذا القول مال ابن الأنباري، لأنه قال: قوله: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ﴾ (٢) منسوق على محذوف، دل الكلام عليه، وتلخيصه: اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم، فهبطوا فعثوا وأفسدوا، وضربت عليهم الذلة، فلما عرف معنى المراد حذف، وجرى مجرى الظاهر في حسن العطف عليه وقال الحسن وقتادة: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ﴾ يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون (٣).
وقال عطاء بن السائب (٤): هو [الْكُسْتِيج] (٥) وزي اليهودية، والمسكنة
وقال عطاء بن السائب (٤): هو [الْكُسْتِيج] (٥) وزي اليهودية، والمسكنة
(١) ذكر أبو الليث عن الكلبي: يعني الرجل من اليهود وإن كان غنيا، يكون عليه زي الفقراء. "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٧٠، وانظر: "تفسير الرازي" ٣/ ١٠٢، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٦.
والكلبي هو محمد بن السائب، ضعفوه، واتهمه بعضهم بالكذب، توفي سنة ست وأربعين ومائة، انظر: "تهذيب التهذيب" ٣/ ٥٦٩، "طبقات المفسرين" للداودي ٢/ ١٤٩.
(٢) في (ج): (والمسكنة).
(٣) ذكره الطبري بسنده عنهما ١/ ٣١٥، وكذا "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٨٥، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٦٩، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٩، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٦، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٩.
(٤) هو الإمام الحافظ، أبو السائب، كان من كبار العلماء، ولكنه ساء حفظه قليلاً آخر عمره، مات سنة ثلاثين مائة "طبقات ابن سعد" ٦/ ٣٣٨، و"طبقات خليفة" ص ١٦٤، "سير أعلام النبلاء" ٦/ ١١٠.
(٥) في (أ)، (ج): (الكستينح) وفي (ب): (الكستينج)، وما أثبته هو الصواب وهو الوارد عند الواحدي في "الوسيط" ١/ ١١٨، والبغوي ١/ ٧٨، وفي غيرهما. =
والكلبي هو محمد بن السائب، ضعفوه، واتهمه بعضهم بالكذب، توفي سنة ست وأربعين ومائة، انظر: "تهذيب التهذيب" ٣/ ٥٦٩، "طبقات المفسرين" للداودي ٢/ ١٤٩.
(٢) في (ج): (والمسكنة).
(٣) ذكره الطبري بسنده عنهما ١/ ٣١٥، وكذا "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٨٥، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٦٩، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٩، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٦، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٩.
(٤) هو الإمام الحافظ، أبو السائب، كان من كبار العلماء، ولكنه ساء حفظه قليلاً آخر عمره، مات سنة ثلاثين مائة "طبقات ابن سعد" ٦/ ٣٣٨، و"طبقات خليفة" ص ١٦٤، "سير أعلام النبلاء" ٦/ ١١٠.
(٥) في (أ)، (ج): (الكستينح) وفي (ب): (الكستينج)، وما أثبته هو الصواب وهو الوارد عند الواحدي في "الوسيط" ١/ ١١٨، والبغوي ١/ ٧٨، وفي غيرهما. =
591
زي الفقر، فترى المثري منهم يتبأس مخافة أن يضاعف عليه الجزية (١). وهذا يدل على أن هذا الضرب وهذا الأثر حصل على المتأخرين منهم، لأنهم قبل الإسلام لم يعطوا الجزية ولم يوسموا (٢) بالغيار (٣).
فإن قيل: نحن نرى اليهودي يملك المال الواسع، والفاخر من الثياب، والرفيع من العقار، ومن ملك بعض هذا لم يكن مسكينا. قيل: الذلة الجزية، والمسكنة فقر القلب والنفس، وغير ظاهر آثارهما، ولا يوجد يهودي غني النفس (٤). ويجوز أن يكون هذا من العموم الذي أريد به الخصوص.
وقوله تعالى: ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ أي: رجعوا (٥) في قول الفراء (٦).
فإن قيل: نحن نرى اليهودي يملك المال الواسع، والفاخر من الثياب، والرفيع من العقار، ومن ملك بعض هذا لم يكن مسكينا. قيل: الذلة الجزية، والمسكنة فقر القلب والنفس، وغير ظاهر آثارهما، ولا يوجد يهودي غني النفس (٤). ويجوز أن يكون هذا من العموم الذي أريد به الخصوص.
وقوله تعالى: ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ أي: رجعوا (٥) في قول الفراء (٦).
= قال في "القاموس": الْكُسْتِيج بالضم: خيط غليظ يشده الذميّ فوق ثيابه دون الزنار، مُعَرَّبُ: كُسْتِي. القاموس ص ١٣٢٨.
(١) ذكره الثعلبي١/ ٧٨ أ، والبغوي ١/ ٧٨، وانظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٣٦.
(٢) في (ب): (يرسموا).
(٣) ذكره الرازي ٢/ ١٠٢، وقال أبو حيان: المضروب عليهم الذلة والمسكنة اليهود المعاصرون لرسول الله - ﷺ - قاله الجمهور، "البحر" ١/ ٢٣٦. وقيل: لا يلزم هذا فإنهم أذلوا قبل المسلمين، فقد ذكر ابن كثير عن الحسن قال: أذلهم الله فلا منعة لهم وجعلهم تحت أقدام المسلمين، ولقد أدركتهم هذه الأمة وإن المجوس لتجبيهم الجزية. انظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٩.
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٨ أ، "تفسير البغوي" ١/ ٧٨/، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٩، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٦، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٦.
(٥) في (ب): (ارجعوا).
(٦) لم أجده للفراء، وبه قال الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ٩٧٣، وابن قتيبة في "الغريب" ص ٥١ وهو قول الكسائي كما سيأتي.
(١) ذكره الثعلبي١/ ٧٨ أ، والبغوي ١/ ٧٨، وانظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٣٦.
(٢) في (ب): (يرسموا).
(٣) ذكره الرازي ٢/ ١٠٢، وقال أبو حيان: المضروب عليهم الذلة والمسكنة اليهود المعاصرون لرسول الله - ﷺ - قاله الجمهور، "البحر" ١/ ٢٣٦. وقيل: لا يلزم هذا فإنهم أذلوا قبل المسلمين، فقد ذكر ابن كثير عن الحسن قال: أذلهم الله فلا منعة لهم وجعلهم تحت أقدام المسلمين، ولقد أدركتهم هذه الأمة وإن المجوس لتجبيهم الجزية. انظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٩.
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٨ أ، "تفسير البغوي" ١/ ٧٨/، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٩، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٦، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٦.
(٥) في (ب): (ارجعوا).
(٦) لم أجده للفراء، وبه قال الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ٩٧٣، وابن قتيبة في "الغريب" ص ٥١ وهو قول الكسائي كما سيأتي.
592
وقال الكسائي: انصرفوا به (١)، ولا يكون أبدا باؤوا إلا بشيء إما بخير وإما بشر، يقال: بَاءَ يَبُوءُ بَوْءًا [وَبَوَاءً] (٢) ولا يكون باء بمعنى مطلق الانصراف (٣).
قال ابن الأنباري: وجاء في الحديث: "باء طلحة بالجنة" (٤) أي: انصرف بها. وقال أبو عبيدة: باؤوا بغضب: احتملوه (٥)، ونحو ذلك قال الزجاج في قوله: ﴿فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ﴾ [البقرة: ٩٠]. قال: باؤوا في اللغة: احتملوا، يقال: قد بؤت بهذا الذنب أي: احتملته (٦). ومنه قوله. ﴿أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾ [المائدة: ٢٩].
قال ابن الأنباري: وجاء في الحديث: "باء طلحة بالجنة" (٤) أي: انصرف بها. وقال أبو عبيدة: باؤوا بغضب: احتملوه (٥)، ونحو ذلك قال الزجاج في قوله: ﴿فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ﴾ [البقرة: ٩٠]. قال: باؤوا في اللغة: احتملوا، يقال: قد بؤت بهذا الذنب أي: احتملته (٦). ومنه قوله. ﴿أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾ [المائدة: ٢٩].
(١) في تفسير الثعلبي: (رجعوا في قول الكسائي وغيره) ١/ ٧٨ أ، ونحوه في الماوردي ١/ ٣٤٦، وكذا في البحر ١/ ٢٢٠. قال النحاس في "شرح القصائد المشهورات": (والكسائي يذهب إلى أن (بؤت) من باء يبوء إذا رجع) ص١٧٠.
(٢) في (أ)، (ج): (بووا وبَوْا) وفي (ب): (بَاء يبؤا بوءا وبؤا) وفي "معاني القرآن" للفراء (بَاء بإثم يَبُوءُ بَوْءًا) ١/ ٦٠، وفي الطبري: (بَاءَ فلان بذنبه يَبُوءُ به بَوْأً وَبَواءً) ١/ ٣١٦، ونحو ذلك في "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧٣، "تهذيب اللغة" (باء) ١/ ٢٤٦ - ٢٤٨.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٦.
(٤) لم أجده بهذا اللفظ، وفي "مسند أحمد" وغيره: (عن الزبير قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول يومئذٍ "أوجب طلحة"، حين صنع برسول الله - ﷺ - ما صنع.. الحديث)، قال أحمد شاكر: إسناده صحيح، وقال: الحديث في "سيرة ابن هشام" عن ابن إسحاق، ورواه ابن سعد مختصرًا، والترمذي مطولًا. "مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر" ٣/ ١٤١٧. وانظر: "الترمذي مع عارضة الأحوذي" ١٣/ ١٧٨، وانظر: "سيرة ابن هشام" ٣/ ٣٥، "طبقات ابن سعد" ٣/ ٢١٨.
(٥) "مجاز القرآن" ١/ ٤٢.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٤٨.
(٢) في (أ)، (ج): (بووا وبَوْا) وفي (ب): (بَاء يبؤا بوءا وبؤا) وفي "معاني القرآن" للفراء (بَاء بإثم يَبُوءُ بَوْءًا) ١/ ٦٠، وفي الطبري: (بَاءَ فلان بذنبه يَبُوءُ به بَوْأً وَبَواءً) ١/ ٣١٦، ونحو ذلك في "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧٣، "تهذيب اللغة" (باء) ١/ ٢٤٦ - ٢٤٨.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٠٦.
(٤) لم أجده بهذا اللفظ، وفي "مسند أحمد" وغيره: (عن الزبير قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول يومئذٍ "أوجب طلحة"، حين صنع برسول الله - ﷺ - ما صنع.. الحديث)، قال أحمد شاكر: إسناده صحيح، وقال: الحديث في "سيرة ابن هشام" عن ابن إسحاق، ورواه ابن سعد مختصرًا، والترمذي مطولًا. "مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر" ٣/ ١٤١٧. وانظر: "الترمذي مع عارضة الأحوذي" ١٣/ ١٧٨، وانظر: "سيرة ابن هشام" ٣/ ٣٥، "طبقات ابن سعد" ٣/ ٢١٨.
(٥) "مجاز القرآن" ١/ ٤٢.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٤٨.
593
واختلف أصحاب الاشتقاق في أصل هذا الحرف:
فمذهب أبي العباس أنه من الباءة والمباءة، وهو منزل القوم حيث (١) يتبوؤون (٢).
فمعنى باء بالذنب: أي نزل منزلة المذنبين، وباؤوا بغضب أي نزلوا منزلة من يلحقهم الغضب، ومن هذا يقال: أبأت فلانًا بفلان، إذا قبلته به، كأنك جعلته (٣) في منزلته وفي محله، وفلان بواء بفلان من هذا، والكلام يتصرف فيقع بعضه محمولا على بعض، هذا هو الأصل، ثم يفسر: باء بالشيء إذا احتمله ورجع به وانصرف به، وأقرّ به. وهذه كلها معان ترجع إلى أصل واحد، وهو الحلول في ذلك المحل (٤).
قال الفرزدق لمعاوية:
فمذهب أبي العباس أنه من الباءة والمباءة، وهو منزل القوم حيث (١) يتبوؤون (٢).
فمعنى باء بالذنب: أي نزل منزلة المذنبين، وباؤوا بغضب أي نزلوا منزلة من يلحقهم الغضب، ومن هذا يقال: أبأت فلانًا بفلان، إذا قبلته به، كأنك جعلته (٣) في منزلته وفي محله، وفلان بواء بفلان من هذا، والكلام يتصرف فيقع بعضه محمولا على بعض، هذا هو الأصل، ثم يفسر: باء بالشيء إذا احتمله ورجع به وانصرف به، وأقرّ به. وهذه كلها معان ترجع إلى أصل واحد، وهو الحلول في ذلك المحل (٤).
قال الفرزدق لمعاوية:
| فَلَو كَانَ هَذَا الْأَمْرُ فِي جَاهِليَّةٍ | لَبُؤْتَ بِهِ أَوغَصَّ بِالْمَاءِ شَارِبُه (٥) |
(١) في (ج): (حين).
(٢) ذكر الأزهري عن الليث نحوه، وكذا عن الأصمعي وأبي زيد وغيرهم، "تهذيب اللغة" (باء) ١/ ٢٤٦ - ٢٤٨.
وذكر الماوردي عن أبي العباس المبرد: أن أصل ذلك المنزلة. ومعناه: أنهم نزلوا منزلة غضب من الله. "تفسير الماوردي" ١/ ٣٤٤ انظر: "الصحاح" (بوأ) ١/ ٣٧، "اللسان" (بوأ) ١/ ٣٨٠ - ٣٨٢.
(٣) في (ج): (وجعلته).
(٤) ذكر ابن فارس في "مقاييس اللغة": أن (بَوَأ) الباء والواو والهمزة أصلان: أحدهما: الرجوع إلى الشيء، والثاني: تساوي الشيئين ١/ ٣١٢. وانظر. "تفسير الطبري" ١/ ٣١٦، "الماوردي" ١/ ٣٤٤، "تهذيب اللغة" (باء) ١٥/ ٥٩٤ - ٥٩٦.
(٥) يروي هذا البيت بروايات مختلفة منها (شَنِئْتَ) بدل (لبؤت) وعليها فلا شاهد فيه هنا، ورواية الديوان: =
(٢) ذكر الأزهري عن الليث نحوه، وكذا عن الأصمعي وأبي زيد وغيرهم، "تهذيب اللغة" (باء) ١/ ٢٤٦ - ٢٤٨.
وذكر الماوردي عن أبي العباس المبرد: أن أصل ذلك المنزلة. ومعناه: أنهم نزلوا منزلة غضب من الله. "تفسير الماوردي" ١/ ٣٤٤ انظر: "الصحاح" (بوأ) ١/ ٣٧، "اللسان" (بوأ) ١/ ٣٨٠ - ٣٨٢.
(٣) في (ج): (وجعلته).
(٤) ذكر ابن فارس في "مقاييس اللغة": أن (بَوَأ) الباء والواو والهمزة أصلان: أحدهما: الرجوع إلى الشيء، والثاني: تساوي الشيئين ١/ ٣١٢. وانظر. "تفسير الطبري" ١/ ٣١٦، "الماوردي" ١/ ٣٤٤، "تهذيب اللغة" (باء) ١٥/ ٥٩٤ - ٥٩٦.
(٥) يروي هذا البيت بروايات مختلفة منها (شَنِئْتَ) بدل (لبؤت) وعليها فلا شاهد فيه هنا، ورواية الديوان: =
594
أي لأقررت (١) به، كأنه قال: حللت محل المقر به (٢)، وقال لبيد:
وقوله تعالى: ﴿تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾ [المائدة: ٢٩]. تأويله: تحل محل من اجتمعت عليه العقوبتان بأن لم يتقبل قربانك وقتلتني (٤).
وعند الزجاج أن أصل هذا الحرف من التسوية (٥). تقول العرب: هم في هذا الأمر بواء، أي: سواء. وبوأت الرمح نحو الفارس: سويته، وبوأت
انظر: "الكامل" ٢/ ٢٣٢، "التهذيب" (شنأ) ٢/ ١٩٤١، و"مجمل اللغة" (شنو) ٢/ ٥١٣، "اللسان" (شنأ) ٤/ ٢٣٣٦، "ديوان الفرزدق" ١/ ٥٣.
(١) (به) ساقط من (ب).
(٢) انظر: "الكامل" ٢/ ٢٣٢.
(٣) البيت متعلق ببيت قبله، وقوله: (أنكرت باطلها) أي: رددته و (بؤت بحقها): رجعت، أو اعترفت وأقررت. انظر: "شرح ديوان لبيد" ص ٣١٨، و"شرح القصائد المشهورات" ص ١٧٠، "الصحاح" (بوأ) ١/ ٣٨، "اللسان" (بوأ) ١/ ٣٧، "الخزانة" ٥/ ٥١٨، ٩/ ١٦، "الدر المصون" ١/ ٣٩٨.
(٤) قال الزجاج: ترجع إلى الله بإثمي وإثمك.. "معاني القرآن" ٢/ ١٨٢، وانظر. "تفسير الطبري" ٦/ ١٩٢ - ١٩٣.
(٥) لم أجده عن الزجاج فيما اطلعت عليه، والله أعلم، والذي قاله الزجاج في "المعاني" عند تفسير قوله تعالى: ﴿فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ﴾ [البقرة: ٩٠]. قال: (معنى باءوا في اللغة: احتملوا، يقال: قد بؤت بهذا الذنب: أي تحملته، "معاني القرآن" ١/ ١٤٨، وعند تفسير قوله تعالى ﴿تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾ [المائدة: ٢٩]، قال. أي ترجع إلى الله بإثمي وإثمك. "معاني القرآن" ١/ ١٨٢ و (بواء) بمعنى: سواء ذكره الماوردي ١/ ٣٤٥، وذكره الأزهري عن أبي العباس وأبي عبيدة والأخفش. انظر: "تهذيب اللغة" (باء) ١/ ٢٤٦ - ٢٤٨، وانظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٢٠.
| أَنْكَرْتُ بَاطِلَهَا وبُؤْتُ بِحَقِّهَا | عِنْدِي وَلم تَفْخَرْ عَلىَّ كِرَامُهَا (٣) |
وعند الزجاج أن أصل هذا الحرف من التسوية (٥). تقول العرب: هم في هذا الأمر بواء، أي: سواء. وبوأت الرمح نحو الفارس: سويته، وبوأت
| = وَلَوْ كَانَ هَذَا الْأمْرُ فِي غَيْرِ مُلْكِكُمُ | لَأَدَّيْتَهُ أَوْ غَصَّ بَالْمَاءِ شَارِبُه |
(١) (به) ساقط من (ب).
(٢) انظر: "الكامل" ٢/ ٢٣٢.
(٣) البيت متعلق ببيت قبله، وقوله: (أنكرت باطلها) أي: رددته و (بؤت بحقها): رجعت، أو اعترفت وأقررت. انظر: "شرح ديوان لبيد" ص ٣١٨، و"شرح القصائد المشهورات" ص ١٧٠، "الصحاح" (بوأ) ١/ ٣٨، "اللسان" (بوأ) ١/ ٣٧، "الخزانة" ٥/ ٥١٨، ٩/ ١٦، "الدر المصون" ١/ ٣٩٨.
(٤) قال الزجاج: ترجع إلى الله بإثمي وإثمك.. "معاني القرآن" ٢/ ١٨٢، وانظر. "تفسير الطبري" ٦/ ١٩٢ - ١٩٣.
(٥) لم أجده عن الزجاج فيما اطلعت عليه، والله أعلم، والذي قاله الزجاج في "المعاني" عند تفسير قوله تعالى: ﴿فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ﴾ [البقرة: ٩٠]. قال: (معنى باءوا في اللغة: احتملوا، يقال: قد بؤت بهذا الذنب: أي تحملته، "معاني القرآن" ١/ ١٤٨، وعند تفسير قوله تعالى ﴿تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾ [المائدة: ٢٩]، قال. أي ترجع إلى الله بإثمي وإثمك. "معاني القرآن" ١/ ١٨٢ و (بواء) بمعنى: سواء ذكره الماوردي ١/ ٣٤٥، وذكره الأزهري عن أبي العباس وأبي عبيدة والأخفش. انظر: "تهذيب اللغة" (باء) ١/ ٢٤٦ - ٢٤٨، وانظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٢٠.
595
فلانًا منزلًا (١): أي سويته (٢) له، وقد باءت دماء القوم: إذا استوت، وباء فلان بالذنب: إذا احتمله واستوى عليه.
وفي حديث عبادة بن الصامت قال: (جعل الله الأنفال إلى نبيه - ﷺ - فقسمها بينهم عن بواء) (٣) أي (٤) عن سواء بينهم في القسم.
فمعنى ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ كأنهم استوى عليهم الغضب من الله (٥). ومعنى غضب الله: ذمه إياهم وإنزال العقوبة بهم، لا كعارض يحل بالمخلوقين (٦).
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ﴾ (ذلك) إشارة إلى ضرب الذلة (٧) والمسكنة والغضب (٨)، ومعنى ﴿يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ قال ابن عباس: يريد الحكمة التي أنزلت على محمد - ﷺ - (٩).
وفي حديث عبادة بن الصامت قال: (جعل الله الأنفال إلى نبيه - ﷺ - فقسمها بينهم عن بواء) (٣) أي (٤) عن سواء بينهم في القسم.
فمعنى ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ كأنهم استوى عليهم الغضب من الله (٥). ومعنى غضب الله: ذمه إياهم وإنزال العقوبة بهم، لا كعارض يحل بالمخلوقين (٦).
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ﴾ (ذلك) إشارة إلى ضرب الذلة (٧) والمسكنة والغضب (٨)، ومعنى ﴿يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ قال ابن عباس: يريد الحكمة التي أنزلت على محمد - ﷺ - (٩).
(١) في (ب): (منزل).
(٢) في الصحاح: (بَوَّأْت للرجل منزلا، وبَوَّاتُه منزلا بمعنى، أي: هيأته ومكنت له فيه "الصحاح" (بوأ) ١/ ٣٧، وانظر: "تهذيب اللغة" (باء) ١/ ٢٤٧.
(٣) الحديث أخرجه أحمد ٥/ ٣٢٢، وابن ماجه (٢٨٥٢)، وذكره الماوردي في "تفسيره" ١/ ٣٤٥.
(٤) (أي) ساقط من (ب).
(٥) انظر: "تفسير الماوردي" ١/ ٣٤٥، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٠، ٢٣٦.
(٦) هذا تأويل لصفة الغضب التي أثبتها الله لنفسه، فيجب أن نثبتها له كما أثبتها لنفسه، ولا يلزم لها أي لازم باطل كأن تكون كالعارض الذي يحل بالمخلوقين.
(٧) في (ج): (الذل).
(٨) انظر "تفسير الطبري" ١/ ٣١٦، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٢٠.
(٩) ذكر المؤلف في "الوسيط" ١/ ١١٩، ولم أجده عند غيره فيما اطلعت عليه، والله أعلم.
(٢) في الصحاح: (بَوَّأْت للرجل منزلا، وبَوَّاتُه منزلا بمعنى، أي: هيأته ومكنت له فيه "الصحاح" (بوأ) ١/ ٣٧، وانظر: "تهذيب اللغة" (باء) ١/ ٢٤٧.
(٣) الحديث أخرجه أحمد ٥/ ٣٢٢، وابن ماجه (٢٨٥٢)، وذكره الماوردي في "تفسيره" ١/ ٣٤٥.
(٤) (أي) ساقط من (ب).
(٥) انظر: "تفسير الماوردي" ١/ ٣٤٥، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٠، ٢٣٦.
(٦) هذا تأويل لصفة الغضب التي أثبتها الله لنفسه، فيجب أن نثبتها له كما أثبتها لنفسه، ولا يلزم لها أي لازم باطل كأن تكون كالعارض الذي يحل بالمخلوقين.
(٧) في (ج): (الذل).
(٨) انظر "تفسير الطبري" ١/ ٣١٦، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٢٠.
(٩) ذكر المؤلف في "الوسيط" ١/ ١١٩، ولم أجده عند غيره فيما اطلعت عليه، والله أعلم.
596
وقال غيره: أي بصفة محمد - ﷺ - وآية الرجم (١).
وقوله تعالى: ﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ قال الفراء: إنما ألزمهم الله القتل ولم يقتلوا، لأن الذين كانوا في زمن النبي - ﷺ - من اليهود تولوا أولئك الذين قتلوا، فسماهم الله قتلة (٢)، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [المائدة: ٨١] فألزمهم الكفر بتوليهم الكفار. ويعني بالنبيين من قتلهم اليهود مثل: زكريا ويحيى وشعيا، وسائر من قتلوا من الأنبياء (٣).
وقوله تعالى: ﴿بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ هو صفة للقتل، كأنه قيل: قتلًا بغير حق، يعني بالظلم (٤).
قال ابن الأنباري: معناه: ويقتلون النبيين من غير جرم وذنوب أتوها توجب دماءهم، وتلزمهم أن يمحوا من ديوان النبوة لأجلها، ولا يجوز أن يقتل نبي بحقٍّ أبدًا (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ قال الفراء: إنما ألزمهم الله القتل ولم يقتلوا، لأن الذين كانوا في زمن النبي - ﷺ - من اليهود تولوا أولئك الذين قتلوا، فسماهم الله قتلة (٢)، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [المائدة: ٨١] فألزمهم الكفر بتوليهم الكفار. ويعني بالنبيين من قتلهم اليهود مثل: زكريا ويحيى وشعيا، وسائر من قتلوا من الأنبياء (٣).
وقوله تعالى: ﴿بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ هو صفة للقتل، كأنه قيل: قتلًا بغير حق، يعني بالظلم (٤).
قال ابن الأنباري: معناه: ويقتلون النبيين من غير جرم وذنوب أتوها توجب دماءهم، وتلزمهم أن يمحوا من ديوان النبوة لأجلها، ولا يجوز أن يقتل نبي بحقٍّ أبدًا (٥).
(١) ذكره الثعلبي ١/ ٧٨ أ، والبغوي ١/ ٧٨، وأبو حيان في البحر ١/ ٢٣٦. والأولى عموم الآية لأن كفر اليهود إنما جاء من كفرهم بالتوراة وتحريفها، ومن ثم كفرهم بمحمد وما جاء به فهو عام. انظر "تفسير الطبري" ١/ ٣١٦ - ٣١٧، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٧٠، "البحر المحيط"١/ ٢٣٦، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٩.
(٢) انتهى ما نقله من كلام الفراء انظر: "المعاني" ١/ ١٦.
(٣) انظر: الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٨ ب.
(٤) انظر: "تفسير الماوردي" ١/ ٣٤٧، و"تفسير البغوي" ١/ ٧٨، "زاد المسير" ١/ ٩٠، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٧.
(٥) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٢٢، و"تفسير البغوي"١/ ٧٨، و"زاد المسير" ١/ ٩٠، و"الكشاف" ١/ ٢٨٥، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٨، و"البحر المحيط" ١/ ٢٣٧، و"روح المعاني" ١/ ٢٧٦.
(٢) انتهى ما نقله من كلام الفراء انظر: "المعاني" ١/ ١٦.
(٣) انظر: الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٨ ب.
(٤) انظر: "تفسير الماوردي" ١/ ٣٤٧، و"تفسير البغوي" ١/ ٧٨، "زاد المسير" ١/ ٩٠، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٧.
(٥) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٢٢، و"تفسير البغوي"١/ ٧٨، و"زاد المسير" ١/ ٩٠، و"الكشاف" ١/ ٢٨٥، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٨، و"البحر المحيط" ١/ ٢٣٧، و"روح المعاني" ١/ ٢٧٦.
597
وقيل: قوله: ﴿بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ تأكيد، لأن قتل النبي لا يكون إلا بغير حق، فهو كقوله: ﴿الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦]، ﴿وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْه﴾ وأمثاله (١).
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا﴾ قال الأخفش: ما والفعل بمنزلة المصدر، أي: ذلك الكفر والقتل بعصيانهم (٢). يعني أن الكفر والقتل حصلا منهم بعصيانهم ما أمروا به وتركهم الطاعة (٣)، لأن نفس الكفر والقتل هو العصيان، فالعصيان هو الكفر، والكفر هو العصيان، وكل واحد منهما موجب للآخر في هذا الموضع، وإن لم يكن العصيان كفرا في مواضع. ويجوز أن يكون المعنى: ذلك حصل بشؤم عصيانهم، فحذف المضاف (٤).
وعلى هذا التأويل يتوجه قول من خص العصيان والاعتداء بعصيانهم الله في السبت، واعتدائهم فيه، فإن كثيرا من المفسرين ذهبوا إلى هذا (٥)، ومنهم من لم يخص وقال: ذلك (٦) بركوبهم المعاصي، وتجاوزهم أمري،
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا﴾ قال الأخفش: ما والفعل بمنزلة المصدر، أي: ذلك الكفر والقتل بعصيانهم (٢). يعني أن الكفر والقتل حصلا منهم بعصيانهم ما أمروا به وتركهم الطاعة (٣)، لأن نفس الكفر والقتل هو العصيان، فالعصيان هو الكفر، والكفر هو العصيان، وكل واحد منهما موجب للآخر في هذا الموضع، وإن لم يكن العصيان كفرا في مواضع. ويجوز أن يكون المعنى: ذلك حصل بشؤم عصيانهم، فحذف المضاف (٤).
وعلى هذا التأويل يتوجه قول من خص العصيان والاعتداء بعصيانهم الله في السبت، واعتدائهم فيه، فإن كثيرا من المفسرين ذهبوا إلى هذا (٥)، ومنهم من لم يخص وقال: ذلك (٦) بركوبهم المعاصي، وتجاوزهم أمري،
(١) انظر: "زاد المسير" ١/ ٩٠، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٧.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧٦، نقل قوله بمعناه. وانظر "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٢، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٨.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣١٧.
(٤) أو يكون العصيان والتمادي فيه جرهم إلى القتل والكفر، فإن صغار الذنوب سبب يؤدي للكبائر، ذكره البيضاوي في "تفسيره" ١/ ٢٧. والنسفي في "تفسيره" ١/ ١٣٤، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٢٣٧.
(٥) بل هو قول بعضهم. انظر: الكشاف ١/ ٢٨٥، والنسفي في "تفسيره" ١/ ١٣٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٧.
(٦) (ذلك) ساقط من (ب).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧٦، نقل قوله بمعناه. وانظر "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٢، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٨.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣١٧.
(٤) أو يكون العصيان والتمادي فيه جرهم إلى القتل والكفر، فإن صغار الذنوب سبب يؤدي للكبائر، ذكره البيضاوي في "تفسيره" ١/ ٢٧. والنسفي في "تفسيره" ١/ ١٣٤، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٢٣٧.
(٥) بل هو قول بعضهم. انظر: الكشاف ١/ ٢٨٥، والنسفي في "تفسيره" ١/ ١٣٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٧.
(٦) (ذلك) ساقط من (ب).
598
وارتكابهم محارمي (١).
قلت: وهذه (٢) الأخبار التي أخبر الله (٣) عن اليهود ووصفهم بها ليست تشملهم كلهم مذ كانوا إلى عصر النبي - ﷺ - بل بعضهم انقرضوا قبل هذه الأحداث، وبعضهم اتصف ببعض هذه الأوصاف دون بعض، وبعضهم رضي بما أتى به الآخرون من هذه الجرائم فكانوا (٤) شركاءهم (٥) في الإثم، ولكن الله تعالى أضاف هذه الأوصاف إلى اليهود، وهو يريد الجانين والذين تولوهم كقوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٠]، وكلهم لم يقل ذلك.
فأما (النبي) فأكثر العرب على ترك همزه (٦). قال (٧) أبو عبيدة:
قلت: وهذه (٢) الأخبار التي أخبر الله (٣) عن اليهود ووصفهم بها ليست تشملهم كلهم مذ كانوا إلى عصر النبي - ﷺ - بل بعضهم انقرضوا قبل هذه الأحداث، وبعضهم اتصف ببعض هذه الأوصاف دون بعض، وبعضهم رضي بما أتى به الآخرون من هذه الجرائم فكانوا (٤) شركاءهم (٥) في الإثم، ولكن الله تعالى أضاف هذه الأوصاف إلى اليهود، وهو يريد الجانين والذين تولوهم كقوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٠]، وكلهم لم يقل ذلك.
فأما (النبي) فأكثر العرب على ترك همزه (٦). قال (٧) أبو عبيدة:
(١) وعليه أكثر المفسرين، انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٨ ب، و"تفسير الطبري" ١/ ٣١٧، و"تفسير أبي الليث" ١/ ٣٧٢، و"الكشاف" ١/ ٢٨٥، و"تفسير البغوي" ١/ ٧٨، و"تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٩.
(٢) في (أ)، (ج): (وهذا) وأثبت ما في (ب) لأنه أنسب للسياق.
(٣) في (ب): (أخبر الله به).
(٤) في (ب): (وكانوا).
(٥) في (ب): (شركاؤهم).
(٦) أكثر علماء اللغة على أن أصل (النبي) مهموز من أنبأ عن الله، فتركت العرب همزه على طريق البدل لا على طريق التخفيف. ومنهم من يرى أنه غير مهموز الأصل، وإنما هو من النباوة، وهي الرفعة، الأول قول سيبويه. انظر: "الكتاب" ٣/ ٥٥٥، و"إصلاح المنطق" ص ١٥٨، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٧، و"الحجة" لأبي علي١/ ٨٨، و"الإغفال" ص٢٠٤، و"اشتقاق أسماء الله" ص ٢٩٣، "تهذيب اللغة" (نبا) ٤/ ٣٤٩٠، "تفسير الطبري" ١/ ٣١٦ - ٣١٧، "الزاهر" ٢/ ١١٩، وفيه اختار ابن الأنباري أن أصله غير مهموز.
(٧) في (ب): (وقال).
(٢) في (أ)، (ج): (وهذا) وأثبت ما في (ب) لأنه أنسب للسياق.
(٣) في (ب): (أخبر الله به).
(٤) في (ب): (وكانوا).
(٥) في (ب): (شركاؤهم).
(٦) أكثر علماء اللغة على أن أصل (النبي) مهموز من أنبأ عن الله، فتركت العرب همزه على طريق البدل لا على طريق التخفيف. ومنهم من يرى أنه غير مهموز الأصل، وإنما هو من النباوة، وهي الرفعة، الأول قول سيبويه. انظر: "الكتاب" ٣/ ٥٥٥، و"إصلاح المنطق" ص ١٥٨، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٧، و"الحجة" لأبي علي١/ ٨٨، و"الإغفال" ص٢٠٤، و"اشتقاق أسماء الله" ص ٢٩٣، "تهذيب اللغة" (نبا) ٤/ ٣٤٩٠، "تفسير الطبري" ١/ ٣١٦ - ٣١٧، "الزاهر" ٢/ ١١٩، وفيه اختار ابن الأنباري أن أصله غير مهموز.
(٧) في (ب): (وقال).
599
اجتمعت العرب على حذف الهمزة من أربعة أحرف من النبي والذرية والخابية والبرية وأصلها (١) الهمزة (٢).
وأما اشتقاقه فقال الزجاج وعدة معه: اشتقاقه (٣) من نَبَّأَ وأَنْبَأَ، أي: أخبر، فترك همزه لكثرة الاستعمال.
ويجوز أن يكون من نَبَا يَنْبُو، إذا ارتفع، فيكون فعيلا من الرفعة (٤).
وقال ابن السكيت: النبي هو من أنبأ عن الله، فترك همزه، قال: وإن أخذته من النَّبْوَةَ والنَّبَاوَةِ، وهي الارتفاع من الأرض، أي أنه شرف (٥) سائر الخلق، فأصله غير الهمز (٦)، وأنشد قول أوس بن حجر:
وأما اشتقاقه فقال الزجاج وعدة معه: اشتقاقه (٣) من نَبَّأَ وأَنْبَأَ، أي: أخبر، فترك همزه لكثرة الاستعمال.
ويجوز أن يكون من نَبَا يَنْبُو، إذا ارتفع، فيكون فعيلا من الرفعة (٤).
وقال ابن السكيت: النبي هو من أنبأ عن الله، فترك همزه، قال: وإن أخذته من النَّبْوَةَ والنَّبَاوَةِ، وهي الارتفاع من الأرض، أي أنه شرف (٥) سائر الخلق، فأصله غير الهمز (٦)، وأنشد قول أوس بن حجر:
(١) في (ب): (أصلها) بحذف الواو.
(٢) في (ج): (الهمز). وكلام أبي عبيدة أورده ابن السكيت في "إصلاح المنطق" عنه عن يونس "إصلاح المنطق" ص ١٥٩، وانظر: "اشتقاق أسماء الله" ص ٢٩٥.
(٣) في (ب): (مشتق).
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٧، وانظر: "تهذيب اللغة" (نبا) ٤/ ٣٤٩٠، قال أبو القاسم الزجاجي: (اعلم أن للعلماء في اشتقاق (النبي) قولين: أما سيبويه في حكايته عن الخليل فيذهب إلى أنه مهموز الأصل من أنبأ عن الله، أي: أخبر، وهو مذهب أكثر أهل اللغة، فتركت العرب همزه لا على طريق التخفيف، لكن على طريق الإبدال...) ثم ذكر الفرق بين التخفيف والإبدال وبَيَّن أن ما ترك عن طريق الإبدال لا يجوز همزه إلا عند من لا يرى البدل. قال: (والقول الآخر مذهب جماعة من أهل اللغة، وهو رأى أبي عمرو بن العلاء قالوا: ليس بمهموز الأصل وإنما هو من النباوة وهي الرفعة. "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص ٢٩٣، ٢٩٤.
(٥) في "إصلاح المنطق": (أي شرف على سائر الخلق) ص ١٥٨، وانظر: تهذيب اللغة ٤/ ٣٤٩٠.
(٦) الكلام بهذا النص في "تهذيب اللغة" (نبا) ٣٤٩٠، وورد في "إصلاح المنطق" عن الفراء، وقال ابن السكيت بعده: وأنشد هو أي الفراء وأبو عمرو ثم ذكر بيتًا غير بيت أوس. "إصلاح المنطق" ص ١٥٨.
(٢) في (ج): (الهمز). وكلام أبي عبيدة أورده ابن السكيت في "إصلاح المنطق" عنه عن يونس "إصلاح المنطق" ص ١٥٩، وانظر: "اشتقاق أسماء الله" ص ٢٩٥.
(٣) في (ب): (مشتق).
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٧، وانظر: "تهذيب اللغة" (نبا) ٤/ ٣٤٩٠، قال أبو القاسم الزجاجي: (اعلم أن للعلماء في اشتقاق (النبي) قولين: أما سيبويه في حكايته عن الخليل فيذهب إلى أنه مهموز الأصل من أنبأ عن الله، أي: أخبر، وهو مذهب أكثر أهل اللغة، فتركت العرب همزه لا على طريق التخفيف، لكن على طريق الإبدال...) ثم ذكر الفرق بين التخفيف والإبدال وبَيَّن أن ما ترك عن طريق الإبدال لا يجوز همزه إلا عند من لا يرى البدل. قال: (والقول الآخر مذهب جماعة من أهل اللغة، وهو رأى أبي عمرو بن العلاء قالوا: ليس بمهموز الأصل وإنما هو من النباوة وهي الرفعة. "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص ٢٩٣، ٢٩٤.
(٥) في "إصلاح المنطق": (أي شرف على سائر الخلق) ص ١٥٨، وانظر: تهذيب اللغة ٤/ ٣٤٩٠.
(٦) الكلام بهذا النص في "تهذيب اللغة" (نبا) ٣٤٩٠، وورد في "إصلاح المنطق" عن الفراء، وقال ابن السكيت بعده: وأنشد هو أي الفراء وأبو عمرو ثم ذكر بيتًا غير بيت أوس. "إصلاح المنطق" ص ١٥٨.
600
| لَأَصْبَحَ رَتْمًا (١) دُقَاقَ الْحَصَى | مَكَانَ النَّبَيِّ مِنَ الْكَاثِبِ (٢) |
قال أبو علي فيما استدرك على أبي إسحاق (٣): النبي اشتقاقه من النبأ الذي هو الخبر، كأنه المخبر عن الله سبحانه، وهذا مذهب سيبويه (٤).
ولا يجوز أن يكون مشتقا من النبأ الذي هو الخبر والنجاوة التي هي الرفعة بأن يحتمل الأمرين (٥)؛ وذلك لأن العرب كلهم
(١) في (أ)، (ج): (رقما)، وما في (ب) موافق للمصادر التي ورد بها البيت.
(٢) في جميع النسخ (الكاتب) بالتاء وهذا مخالف لجميع المصادر. و (الرتم): الدق والكسر، (دُقَاقَ الحصى): دقيق الحصى، و (النبي) المكان المرتفع و (الكاثب): الرمل المجتمع.
ورد البيت في "إصلاح المنطق" ص ٥٨، "جمهرة أمثال العرب" ٢/ ١٣، "الزاهر" ٢/ ١١٩/ "تهذيب اللغة" (كثب) ٤/ ٣١٠٣، و (رتم) ٢/ ١٣٥٨، و (ثرم) ٢/ ١٣٦٠، و (نبا) ٤/ ٣٤٩٠، "الصحاح" (نبا) ٦/ ٢٥٠١، و"مجمل اللغة" (رتم) ٢/ ٤٩٨، (كثب) ٧/ ٣٨٢٦، "مقاييس اللغة" (كثب) ٥/ ١٦٣، و (نبو) ٥/ ٣٨٥، "اللسان" (كثب) ٧/ ٣٨٢٦، و (رتم) ٣/ ١٥٧٨، و (نبا) ١٥/ ٣٠٢، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٧، "الدر المصون" ١/ ٤٠٢.
(٣) وذلك في كتاب (الإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني) ص ٢٠٥، نقل عنه الواحدي بتصرف، وداخل بين كلام أبي علي في "الإغفال" وكلامه في "الحجة". وكلام أبي علي بنصه في "المخصص" ١٢/ ٣٢١.
(٤) نص كلام أبي علي في "الإغفال": (لا يخلو قولهم: (النبي) من أن يكون مأخوذا من (النبأ) أو من النبوة التي هي ارتفاع أو يكون مأخوذا منهما. فحمل (اللام) مرة على أنه ياء منقلبة عن الواو، ومرة على أنها همزة كسنة وعضا، فلا يجوز أن يكون مأخوذًا من النبوة، لأن س يبويه حكى أن جميع العرب يقولون. تنبأ مسيلمة..) "الإغفال" ص ٢٠٥. وانظر كلام سيبويه في "الكتاب" ٣/ ٤٦٠، ٥٥٥.
(٥) قال أبو علي: (.. ولا يجوز أيضا أن تكون لامه على وجهين: مرة ياء منقلبة عن =
(٢) في جميع النسخ (الكاتب) بالتاء وهذا مخالف لجميع المصادر. و (الرتم): الدق والكسر، (دُقَاقَ الحصى): دقيق الحصى، و (النبي) المكان المرتفع و (الكاثب): الرمل المجتمع.
ورد البيت في "إصلاح المنطق" ص ٥٨، "جمهرة أمثال العرب" ٢/ ١٣، "الزاهر" ٢/ ١١٩/ "تهذيب اللغة" (كثب) ٤/ ٣١٠٣، و (رتم) ٢/ ١٣٥٨، و (ثرم) ٢/ ١٣٦٠، و (نبا) ٤/ ٣٤٩٠، "الصحاح" (نبا) ٦/ ٢٥٠١، و"مجمل اللغة" (رتم) ٢/ ٤٩٨، (كثب) ٧/ ٣٨٢٦، "مقاييس اللغة" (كثب) ٥/ ١٦٣، و (نبو) ٥/ ٣٨٥، "اللسان" (كثب) ٧/ ٣٨٢٦، و (رتم) ٣/ ١٥٧٨، و (نبا) ١٥/ ٣٠٢، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٧، "الدر المصون" ١/ ٤٠٢.
(٣) وذلك في كتاب (الإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني) ص ٢٠٥، نقل عنه الواحدي بتصرف، وداخل بين كلام أبي علي في "الإغفال" وكلامه في "الحجة". وكلام أبي علي بنصه في "المخصص" ١٢/ ٣٢١.
(٤) نص كلام أبي علي في "الإغفال": (لا يخلو قولهم: (النبي) من أن يكون مأخوذا من (النبأ) أو من النبوة التي هي ارتفاع أو يكون مأخوذا منهما. فحمل (اللام) مرة على أنه ياء منقلبة عن الواو، ومرة على أنها همزة كسنة وعضا، فلا يجوز أن يكون مأخوذًا من النبوة، لأن س يبويه حكى أن جميع العرب يقولون. تنبأ مسيلمة..) "الإغفال" ص ٢٠٥. وانظر كلام سيبويه في "الكتاب" ٣/ ٤٦٠، ٥٥٥.
(٥) قال أبو علي: (.. ولا يجوز أيضا أن تكون لامه على وجهين: مرة ياء منقلبة عن =
601
يقولون (١): تَنَبَّأَ مُسَيلمة بالهمز ويقولون في تحقير النبوة: كان مسيلمة نُبُوَّتُه نُبَيِّئةَ سِوء (٢)، فلو كان يحتمل الأمرين جميعا ما اجمعوا على الهمز في فعله وتحقيره.
فإن قيل (٣): فإن المازني أنشد على أن (النبي) من النباوة قول بعضهم:
قيل: أراد: في البيت الذي وضعت فيه الرفعة، وليس كل رفعة [نبوءة] (٥)، وقد يكون في البيت رفعة ليست (٦) [بنبوءة] (٧)، والمخبر عن الله المبلغ عنه إذا أخذ اسمه من النبأ (٨) كان أخص به وأشد مطابقة للمعنى
فإن قيل (٣): فإن المازني أنشد على أن (النبي) من النباوة قول بعضهم:
| مَحْضَ الضَّرِيبَة فَي الْبَيْتِ الَّذِي وُضِعَتْ | فِيهِ النَّبَاوَةُ حُلْوًا غَيْرَ مَمْذُوقِ (٤) |
= الواو، ومرة همزة..) "الإغفال" ص ٢٠٦.
(١) (يقولون) ساقط من (ب).
(٢) السياق أقرب إلى كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٨٩، وانظر: "الإغفال" ص٢٠٦، ٢٠٩، "الخصائص" ١٢/ ٣٢٢، و"الكتاب" ٣/ ٤٦٠.
(٣) قوله:
(٤) ورد البيت في "الحجة" لأبي علي بدون نسبة ٢/ ٨٨، وأورده ابن سيده في "المخصص" ونسبه لابن همام ١٢/ ٣٢٣. وقوله: (محض الضريبة) المحض من كل شيء: الخالص. و (الضريبة): الطبيعة والسجية. انظر: "الصحاح" (ضرب) ١/ ١٦٩، "اللسان" (محض) ٦/ ٤١٤.
(٥) في (أ)، (ب): (نبوة) وفي ج: (نبوه)، والتصحيح من "الحجة" ٢/ ٩٠.
(٦) في (ب): (ليس).
(٧) في (أ)، (ب): (بنبوة) وفي ج: (بنبوة)، والتصحيح من "الحجة" ٢/ ٩٠.
(٨) في جميع النسخ (النبا) بدون همز، والتصحيح من "الحجة" ٢/ ٩٠.
(١) (يقولون) ساقط من (ب).
(٢) السياق أقرب إلى كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٨٩، وانظر: "الإغفال" ص٢٠٦، ٢٠٩، "الخصائص" ١٢/ ٣٢٢، و"الكتاب" ٣/ ٤٦٠.
(٣) قوله:
| (فإن قيل فإن المازني | إلخ) لم يرد في "الإغفال"، وإنما ورد في "الحجة" ٢/ ٨٨. |
(٥) في (أ)، (ب): (نبوة) وفي ج: (نبوه)، والتصحيح من "الحجة" ٢/ ٩٠.
(٦) في (ب): (ليس).
(٧) في (أ)، (ب): (بنبوة) وفي ج: (بنبوة)، والتصحيح من "الحجة" ٢/ ٩٠.
(٨) في جميع النسخ (النبا) بدون همز، والتصحيح من "الحجة" ٢/ ٩٠.
602
المقصود، ولأن النبوة ليس من الارتفاع المحمود، ألا ترى أنه لا يمدح به (١) كما يمدح بالرفعة (٢).
فإن (٣) قلت: فلم لا يستدل بقولهم: أنبياء (٤) على جواز الأمرين (٥). لأنهم جمعوا ما كان أصله غير (٦) الهمز على أفعلاء نحو: غنى وأغنياء وتقى وأتقياء، فيحتمل (٧) على هذا أن النبي أصله غير الهمز، [ويحتمل أن أصله الهمز] (٨) فترك همزه، وجمع (٩) على أفعلاء، تشبيها بما أصله غير الهمز.
قيل: ما ذكرته لا يدل على تجويز الأمرين، لأن (أنبياء) إنما جاء لأن البدل من الهمز لزم في (نبي) فصار في لزوم البدل له كقولهم: عيد وأعياد فكما أن أعيادا لا يدل على أن عيدا من الياء، لكونه من عود الشيء، كذلك لا يدل (أنبياء) على أنه من النباوة، ولكن لما لزم البدل جعل بمنزلة: تقي وأتقياء وصفي وأصفياء ونحو ذلك، وصار (١٠) كالبرية والخابية، ونحو ذلك
فإن (٣) قلت: فلم لا يستدل بقولهم: أنبياء (٤) على جواز الأمرين (٥). لأنهم جمعوا ما كان أصله غير (٦) الهمز على أفعلاء نحو: غنى وأغنياء وتقى وأتقياء، فيحتمل (٧) على هذا أن النبي أصله غير الهمز، [ويحتمل أن أصله الهمز] (٨) فترك همزه، وجمع (٩) على أفعلاء، تشبيها بما أصله غير الهمز.
قيل: ما ذكرته لا يدل على تجويز الأمرين، لأن (أنبياء) إنما جاء لأن البدل من الهمز لزم في (نبي) فصار في لزوم البدل له كقولهم: عيد وأعياد فكما أن أعيادا لا يدل على أن عيدا من الياء، لكونه من عود الشيء، كذلك لا يدل (أنبياء) على أنه من النباوة، ولكن لما لزم البدل جعل بمنزلة: تقي وأتقياء وصفي وأصفياء ونحو ذلك، وصار (١٠) كالبرية والخابية، ونحو ذلك
(١) (به) ساقط من (ب).
(٢) من قوله: (ولأن النبوة...) إلى قوله: (كما يمدح بالرفعة) ليس في "الحجة" ولا في "الإغفال".
(٣) في (ب): (قال قلت).
(٤) أي: بالجمع. انظر: "الإغفال" ص ٢٠٧، و"الحجة" ٢/ ٩٠.
(٥) الأمران هما: كون اللام همزة، أو حرف لين. انظر "الإغفال" ص ٢٠٧.
(٦) أي أن أفعلاء جمع في أكثر الأمر لمعتل اللام. انظر "الإغفال" ص ٢٠٧.
(٧) في (ب): (فيحمل).
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٩) قوله (ويحتمل...) إلى (فترك همزه وجمع)، مكرر في (ب) بعد قوله: (بما أصله غير الهمز).
(١٠) في (ب): (فصار).
(٢) من قوله: (ولأن النبوة...) إلى قوله: (كما يمدح بالرفعة) ليس في "الحجة" ولا في "الإغفال".
(٣) في (ب): (قال قلت).
(٤) أي: بالجمع. انظر: "الإغفال" ص ٢٠٧، و"الحجة" ٢/ ٩٠.
(٥) الأمران هما: كون اللام همزة، أو حرف لين. انظر "الإغفال" ص ٢٠٧.
(٦) أي أن أفعلاء جمع في أكثر الأمر لمعتل اللام. انظر "الإغفال" ص ٢٠٧.
(٧) في (ب): (فيحمل).
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٩) قوله (ويحتمل...) إلى (فترك همزه وجمع)، مكرر في (ب) بعد قوله: (بما أصله غير الهمز).
(١٠) في (ب): (فصار).
603
مما لزم الهمزة فيه حرف اللين بدلا من الهمزة، وما دل على أنه من الهمز قائم لم يعترض عليه (١) شيء.
وقد جمعوه أيضا نُبَآء (٢) على فُعَلاَء (٣)، مثل ظريف وظرفاء.
قال العباس بن مرداس (٤):
وكأنه جمعه على أصل اللغة، ولما لزم البدل في نبي صار قول من حقق الهمز كرد الشيء إلى الأصل المرفوض استعماله نحو: وَذَرَ ووَدَعَ فمن ثم كان الأكثر فيه التخفيف. واستردأ سيبويه تحقيق: النبيء والبرية (٧)،
وقد جمعوه أيضا نُبَآء (٢) على فُعَلاَء (٣)، مثل ظريف وظرفاء.
قال العباس بن مرداس (٤):
| يَا خَاتَمَ النُّبَآءِ (٥) إِنَّكَ مُرسَلٌ | بِالحَقِّ خَيْرُ هُدَى الْإِلَهِ هُدَاكَا (٦) |
(١) في "الحجة": (لم يعترض فيه شيء) وبعده: (فصار قول من حقق الهمزة في النبي كرد الشيء إلى الأصل المرفوض استعماله..) ٢/ ٩٠.
(٢) في (أ)، (ج): (نبآا) وفي (ب): (نبا)، وما أثبته يوافق ما في "الحجة" ٢/ ٩٠.
(٣) في (ج): (أفعلاء).
(٤) هو العباس بن مرداس بن أبي عامر بن سليم، وأمه الخنساء، الصحابية الشاعرة المشهورة، أسلم العباس قبل فتح مكة بيسير، وكان من المؤلفة قلوبهم. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص أ ٥٠، "الخزانة" ١/ ١٥٢.
(٥) في (أ)، (ج) (النبآا) وفي (ب) (البنا).
(٦) رواية شطره الثاني في أكثر المصادر:
بِالخَيْر كُلُّ هُدَى السَّبِيلِ هُدَاكَا
ورد البيت في "الكتاب" ٣/ ٤٦٠، "سيرة ابن هشام" ٤/ ٩٥، "المقتضب" ١/ ١٦٢، ٢/ ٢١٠، و"جمهرة اللغة" ٣/ ٢١٢، "الصحاح" (نبأ) ١/ ٧٥، و"الحجة" لابن زنجله ص ٩٩، و"الحجة" لأبي علي ٢/ ٩٠، "تفسير الطبري" ١/ ٣١٧، "اللسان" (نبأ) ٤/ ٤٣١٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٧.
(٧) انظر: "الكتاب" ٣/ ٥٥٥، وقوله (البريه) هكذا في جميع النسخ، ولو قال (البريئة) كان أولى. انظر "الحجة" ٢/ ٩١.
(٢) في (أ)، (ج): (نبآا) وفي (ب): (نبا)، وما أثبته يوافق ما في "الحجة" ٢/ ٩٠.
(٣) في (ج): (أفعلاء).
(٤) هو العباس بن مرداس بن أبي عامر بن سليم، وأمه الخنساء، الصحابية الشاعرة المشهورة، أسلم العباس قبل فتح مكة بيسير، وكان من المؤلفة قلوبهم. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص أ ٥٠، "الخزانة" ١/ ١٥٢.
(٥) في (أ)، (ج) (النبآا) وفي (ب) (البنا).
(٦) رواية شطره الثاني في أكثر المصادر:
بِالخَيْر كُلُّ هُدَى السَّبِيلِ هُدَاكَا
ورد البيت في "الكتاب" ٣/ ٤٦٠، "سيرة ابن هشام" ٤/ ٩٥، "المقتضب" ١/ ١٦٢، ٢/ ٢١٠، و"جمهرة اللغة" ٣/ ٢١٢، "الصحاح" (نبأ) ١/ ٧٥، و"الحجة" لابن زنجله ص ٩٩، و"الحجة" لأبي علي ٢/ ٩٠، "تفسير الطبري" ١/ ٣١٧، "اللسان" (نبأ) ٤/ ٤٣١٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٧.
(٧) انظر: "الكتاب" ٣/ ٥٥٥، وقوله (البريه) هكذا في جميع النسخ، ولو قال (البريئة) كان أولى. انظر "الحجة" ٢/ ٩١.
604
لأن الغالب في استعمالهما التخفيف على وجه البدل. ومن زعم أن البرية من البرا (١) كان غالطا، لأنه لوكان كذلك لم يجز همزه بحال، وهي مهموزة في لغة أهل الحجاز، فتحقيقهم لها يدل على أنها من برأ الله الخلق.
فأما حجة من همز (النبي) أن يقول: هو أصل الكلمة، وليس مثل (عيد) الذي قد ألزم البدل، ألا ترى أن ناسًا من أهل الحجاز قد حققوا الهمز في الكلام، ولم يبدلوه، فإذا كان الهمز أصل الكلمة وأتى به قوم في كلامهم على أصله لم يكن مثل: وَذَرَ ووَدع ونحوهما مما رفض في استعمالهم (٢) واطرح.
وأما ما روي في الحديث من أن بعضهم قال: يا نبيء الله، فقال: لست بنبيء الله، ولكن نبيّ الله، فإن أهل النقل ضعفوا إسناد الحديث (٣).
ومما يقوي (٤) تضعيفه أن (٥) من مدح النبي - ﷺ - بقوله (٦):
فأما حجة من همز (النبي) أن يقول: هو أصل الكلمة، وليس مثل (عيد) الذي قد ألزم البدل، ألا ترى أن ناسًا من أهل الحجاز قد حققوا الهمز في الكلام، ولم يبدلوه، فإذا كان الهمز أصل الكلمة وأتى به قوم في كلامهم على أصله لم يكن مثل: وَذَرَ ووَدع ونحوهما مما رفض في استعمالهم (٢) واطرح.
وأما ما روي في الحديث من أن بعضهم قال: يا نبيء الله، فقال: لست بنبيء الله، ولكن نبيّ الله، فإن أهل النقل ضعفوا إسناد الحديث (٣).
ومما يقوي (٤) تضعيفه أن (٥) من مدح النبي - ﷺ - بقوله (٦):
(١) (البرا): التراب، انظر "الحجة" ٢/ ٩١.
(٢) في "الحجة": (لم يكن كماضي "يدع" ونحوه مما رفض استعماله واطرح) ٢/ ٩١.
(٣) في "الحجة": (فأظن أن من أهل النقل من ضعف إسناد الحديث..)، ٢/ ٩٢. والحديث أخرجه الحاكم في "المستدرك" عن أبي ذر، وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: بل منكر لم يصح. قال النسائي: حمران ليس بثقة، وقال أبو داود: رافضي، روى عن موسى بن عبيدة، وهو واه، ولم يثبت أيضا عنه عن نافع، عن ابن عمر قال: ما همز رسول الله - ﷺ - ولا أبو بكر ولا عمر ولا الخلفاء، وإنما الهمز بدعة ابتدعوها من بعدهم. "المستدرك"، كتاب (التفسير) ٢/ ٢٣١، وذكره ابن الأنباري في "الزاهر" ٢/ ١٢٠، وأبو القاسم الزجاجي في "اشتقاق أسماء الله" ص ٢٩٤، وأعله بالإرسال، وانظر: "البيان" ١/ ٨٨، و"النهاية" ٥/ ٣.
(٤) في (ج): (ومما يقوى هذا الحديث تضعيفه).
(٥) في (ب): (من أن).
(٦) (بقوله) ساقط من (ب).
(٢) في "الحجة": (لم يكن كماضي "يدع" ونحوه مما رفض استعماله واطرح) ٢/ ٩١.
(٣) في "الحجة": (فأظن أن من أهل النقل من ضعف إسناد الحديث..)، ٢/ ٩٢. والحديث أخرجه الحاكم في "المستدرك" عن أبي ذر، وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: بل منكر لم يصح. قال النسائي: حمران ليس بثقة، وقال أبو داود: رافضي، روى عن موسى بن عبيدة، وهو واه، ولم يثبت أيضا عنه عن نافع، عن ابن عمر قال: ما همز رسول الله - ﷺ - ولا أبو بكر ولا عمر ولا الخلفاء، وإنما الهمز بدعة ابتدعوها من بعدهم. "المستدرك"، كتاب (التفسير) ٢/ ٢٣١، وذكره ابن الأنباري في "الزاهر" ٢/ ١٢٠، وأبو القاسم الزجاجي في "اشتقاق أسماء الله" ص ٢٩٤، وأعله بالإرسال، وانظر: "البيان" ١/ ٨٨، و"النهاية" ٥/ ٣.
(٤) في (ج): (ومما يقوى هذا الحديث تضعيفه).
(٥) في (ب): (من أن).
(٦) (بقوله) ساقط من (ب).
605
يَا خَاتَمَ النُّبَآءَ (١).........
لم يؤثَر فيه إنكار عليه، ولو كان في واحده نكير لكان الجمع كالواحد، وأيضا فلم نعلم (٢) أنه عليه السلام أنكر على الناس أن يتكلموا بلغاتهم.
وأما من أبدل ولم يحقق فإنه يقول: مجيء الجمع في التنزيل على أنبياء يدل على أن الواحد قد ألزم فيه البدل (٣)، وإذا لزم البدل ضعف التحقيق (٤).
وقال الكسائي: النبي بغير همز، معناه في اللغة: الطريق، والأنبياء طرق الهدى (٥). وعلى هذا سمّي الرسول نبيًّا لاهتداء الخلق به. واختار ابن الأنباري هذا القول، وقال (٦): سمي النبيّ نبيًّا لبيان أمره ووضح خبره، أخذ من النبي وهو عندهم الطريق (٧).
لم يؤثَر فيه إنكار عليه، ولو كان في واحده نكير لكان الجمع كالواحد، وأيضا فلم نعلم (٢) أنه عليه السلام أنكر على الناس أن يتكلموا بلغاتهم.
وأما من أبدل ولم يحقق فإنه يقول: مجيء الجمع في التنزيل على أنبياء يدل على أن الواحد قد ألزم فيه البدل (٣)، وإذا لزم البدل ضعف التحقيق (٤).
وقال الكسائي: النبي بغير همز، معناه في اللغة: الطريق، والأنبياء طرق الهدى (٥). وعلى هذا سمّي الرسول نبيًّا لاهتداء الخلق به. واختار ابن الأنباري هذا القول، وقال (٦): سمي النبيّ نبيًّا لبيان أمره ووضح خبره، أخذ من النبي وهو عندهم الطريق (٧).
(١) البيت للعباس بن مرداس وقد مرَّ قريبًا.
(٢) في (ب): (يعلم).
(٣) (البدل) ساقط من (ب).
(٤) انتهى ما نقله عن "الحجة" لأبي علي الفارسي ٢/ ٨٨ - ٩٢، وانظر: "الإغفال" ص ٢٠٤، ٢١٠، و"اشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص ٢٩٤، ٢٩٥، "المخصص" ١٢/ ٣٢١ - ٣٢٣.
(٥) "تهذيب اللغة" (نبا) ٤/ ١٤٨٩، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٨ ب، و"تفسير الطبري" ١/ ٣١٧، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٠.
(٦) "الزاهر" ٢/ ١١٩، وظاهر كلامه أنه يرجع غيره حيث قال: النبي معناه في كلام العرب الرفيع الشأن.. ثم قال: ويجوز أن يكون النبي سمي نبيا لبيان أمره.... إلخ).
(٧) رد أبو القاسم الزجاجي على ابن الأنباري قوله: إن النبي من أسماء الطريق، كما نقل ذلك ياقوت في (معجم البلدان)، قال ياقوت: (وقال أبو بكر بن الأنباري في "الزاهر" في قول القطامي:
لَمَّا وَرَدن نَبِيَّا... البيت =
(٢) في (ب): (يعلم).
(٣) (البدل) ساقط من (ب).
(٤) انتهى ما نقله عن "الحجة" لأبي علي الفارسي ٢/ ٨٨ - ٩٢، وانظر: "الإغفال" ص ٢٠٤، ٢١٠، و"اشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص ٢٩٤، ٢٩٥، "المخصص" ١٢/ ٣٢١ - ٣٢٣.
(٥) "تهذيب اللغة" (نبا) ٤/ ١٤٨٩، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٨ ب، و"تفسير الطبري" ١/ ٣١٧، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٠.
(٦) "الزاهر" ٢/ ١١٩، وظاهر كلامه أنه يرجع غيره حيث قال: النبي معناه في كلام العرب الرفيع الشأن.. ثم قال: ويجوز أن يكون النبي سمي نبيا لبيان أمره.... إلخ).
(٧) رد أبو القاسم الزجاجي على ابن الأنباري قوله: إن النبي من أسماء الطريق، كما نقل ذلك ياقوت في (معجم البلدان)، قال ياقوت: (وقال أبو بكر بن الأنباري في "الزاهر" في قول القطامي:
لَمَّا وَرَدن نَبِيَّا... البيت =
606
وأنشد للقُطامي (١):
٦٢ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا﴾ الآية (٣) قال
| لَمَّا وَرَدْنَ نَبِيًّا وَاسْتَتَبَّ بِنَا | مُسْحَنْفِرٌ كَخُطُوطِ السَّيْح مُنْسحِلُ (٢) |
= إن النبي في هذا البيت هو الطريق، وقد رد عليه ذلك أبو القاسم الزجاجي فقال: (كيف يكون ذلك من أسماء الطريق وهو يقول: لما وردن نبيًا، وقد كانت قبل وروده على طريق، فكأنه قال: لما وردن طريقا، وهذا لا معنى له إلا أن يكون أراد طريقًا بعينه في مكان مخصوص، فيرجع إلى أنه اسم مكان بعينه..) "معجم البلدان" ٥/ ٢٥٩.
(١) القطامي: هو عمير بن شييم التغلبي، كان نصرانيًّا فأسلم، فأسلم، وعده الجمحي في الطبقة الثانية من شعراء الإسلام، انظر: "طبقات الشعراء" للجمحي ص ١٧٩، "الشعر والشعراء" ٤٨٣، "الخزانة" ٢/ ٣٧٠.
(٢) قوله: (استتب): استقام وتبين واطرد، و (نبي): مكان معين في ديار تغلب، (مُسْحَنْفِر): صفة لطريق واسع ممتد (السيح): ضرب من البرود أو العباء مخطط. (مُنْسَحل): مكشوط، وصف الطريق بذلك وأنه لكثرة المرور به صار واضحا. ورد البيت في "الزاهر" ٢/ ١١٩، "تفسير الطبري" ٢/ ١٤١، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤١، و"معجم البلدان" ٥/ ٢٥٩، "اللسان" (نبا) ٧/ ٤٣٣٣، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٠، "الدر المصون" ١/ ٤٠٢.
(٣) في هامش نسخة (أ) تعليق صدره الكاتب برمز (ش ك) أي شرح من الكاتب، والكلام بنصه منقول عن "الكشاف" ١/ ٢٨٥، وأثبته هنا للفائدة: (ش ك ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾: بألسنتهم من غير مواطأة القلوب، وهم المنافقون، ﴿وَالَّذِينَ هَادُوا﴾: والذين تهودوا، يقال: هاد يهود، وتهود إذا دخل في اليهودية وهو هائد، والجمع هود، ﴿وَالنَّصَارَى﴾: وهم جمع نصران، يقال: رجل نصران وامرأة نصرانة، قال: كَمَا سَجَدَتْ نَصْرَانَةٌ لَمْ تَحَنَّفِ. و (الياء) في نصراني للمبالغة كالتي في أحمري، سموا بذلك لأنهم نصروا المسيح - عليه السلام -. ﴿وَالصَّابِئِينَ﴾: وهو من صبأ، إذا خرج من الدين، وهم قوم عدلوا عن دين اليهودية والنصرانية وعبدوا الملائكة ﴿مَنْ آمَنَ﴾: من هؤلاء الكفرة إيمانا خالصا ودخل في ملة الإسلام دخولا أصيلا ﴿فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾: الذي يستوجبونه بإيمانهم وعملهم.
(١) القطامي: هو عمير بن شييم التغلبي، كان نصرانيًّا فأسلم، فأسلم، وعده الجمحي في الطبقة الثانية من شعراء الإسلام، انظر: "طبقات الشعراء" للجمحي ص ١٧٩، "الشعر والشعراء" ٤٨٣، "الخزانة" ٢/ ٣٧٠.
(٢) قوله: (استتب): استقام وتبين واطرد، و (نبي): مكان معين في ديار تغلب، (مُسْحَنْفِر): صفة لطريق واسع ممتد (السيح): ضرب من البرود أو العباء مخطط. (مُنْسَحل): مكشوط، وصف الطريق بذلك وأنه لكثرة المرور به صار واضحا. ورد البيت في "الزاهر" ٢/ ١١٩، "تفسير الطبري" ٢/ ١٤١، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤١، و"معجم البلدان" ٥/ ٢٥٩، "اللسان" (نبا) ٧/ ٤٣٣٣، "البحر المحيط" ١/ ٢٢٠، "الدر المصون" ١/ ٤٠٢.
(٣) في هامش نسخة (أ) تعليق صدره الكاتب برمز (ش ك) أي شرح من الكاتب، والكلام بنصه منقول عن "الكشاف" ١/ ٢٨٥، وأثبته هنا للفائدة: (ش ك ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾: بألسنتهم من غير مواطأة القلوب، وهم المنافقون، ﴿وَالَّذِينَ هَادُوا﴾: والذين تهودوا، يقال: هاد يهود، وتهود إذا دخل في اليهودية وهو هائد، والجمع هود، ﴿وَالنَّصَارَى﴾: وهم جمع نصران، يقال: رجل نصران وامرأة نصرانة، قال: كَمَا سَجَدَتْ نَصْرَانَةٌ لَمْ تَحَنَّفِ. و (الياء) في نصراني للمبالغة كالتي في أحمري، سموا بذلك لأنهم نصروا المسيح - عليه السلام -. ﴿وَالصَّابِئِينَ﴾: وهو من صبأ، إذا خرج من الدين، وهم قوم عدلوا عن دين اليهودية والنصرانية وعبدوا الملائكة ﴿مَنْ آمَنَ﴾: من هؤلاء الكفرة إيمانا خالصا ودخل في ملة الإسلام دخولا أصيلا ﴿فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾: الذي يستوجبونه بإيمانهم وعملهم.
607
الليث: الهَوْد: التوبة، وقوله عز وجل: ﴿إِنَّا هُدْنَا﴾ [الأعراف: ١٥٦] أي: تُبْنا (١). وقال غيره: هاد في اللغة معناه: مال. يقال: هَادَ يَهُود هِيَادَةً وَهَوْدًا (٢).
قال امرؤ القيس.
أي: إليها مائل.
وقال المبرد في قوله: ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾ أي ملنا إليك، ويقال لمن تاب: هاد، لأن من تاب عن شيء مال عنه. فأما اليهود، فقال الليث: سُمّوا يهودًا شتقاقًا من هادوا، أي تابو امن (٤) عبادة العجل (٥). فعلى هذا القول لزمهم الاسم في ذلك الوقت. وقال غيره: سموا بذلك لأنهم مالوا عن دين الإسلام وعن دين موسى (٦). وعلى هذا إنما سموا يهودا بعد أنبيائهم.
قال امرؤ القيس.
| قدْ عَلِمتْ سلْمَى وَجَارَاتُهَا | أَنِّي مِنَ النَّاسِ لَهَا هَائِدُ (٣) |
وقال المبرد في قوله: ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾ أي ملنا إليك، ويقال لمن تاب: هاد، لأن من تاب عن شيء مال عنه. فأما اليهود، فقال الليث: سُمّوا يهودًا شتقاقًا من هادوا، أي تابو امن (٤) عبادة العجل (٥). فعلى هذا القول لزمهم الاسم في ذلك الوقت. وقال غيره: سموا بذلك لأنهم مالوا عن دين الإسلام وعن دين موسى (٦). وعلى هذا إنما سموا يهودا بعد أنبيائهم.
(١) "تهذيب اللغة" (هاد) ٤/ ٣٦٨٩.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٨ ب، وليس فيه (هيادة) ونحوه عند الماوردي وفيه (هيادا) "تفسير الماوردى" ١/ ٣٧٣، ١/ ٣٤٩، وانظر. "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٧٣، و"تفسير البغوي" ١/ ٧٩.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٨ ب، ولم أجده في ديوانه.
(٤) في (ب): (عن).
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (هاد) ٤/ ٣٦٨٩، وذكر هذا المعنى أبو عبيدة في "المجاز" ١/ ٤٢، والطبري في "تفسيره" ١/ ٣١٧، و"معاني الزجاج" ١/ ١١٨، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٨ ب.
(٦) ذكر هذا المعنى الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٨ ب، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٨٩، ونحوه عند أبي الليث ١/ ٣٧٣.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٨ ب، وليس فيه (هيادة) ونحوه عند الماوردي وفيه (هيادا) "تفسير الماوردى" ١/ ٣٧٣، ١/ ٣٤٩، وانظر. "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٧٣، و"تفسير البغوي" ١/ ٧٩.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٨ ب، ولم أجده في ديوانه.
(٤) في (ب): (عن).
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (هاد) ٤/ ٣٦٨٩، وذكر هذا المعنى أبو عبيدة في "المجاز" ١/ ٤٢، والطبري في "تفسيره" ١/ ٣١٧، و"معاني الزجاج" ١/ ١١٨، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٨ ب.
(٦) ذكر هذا المعنى الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٨ ب، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٨٩، ونحوه عند أبي الليث ١/ ٣٧٣.
608
وقال ابن الأعرابي: يقال: هاد إذا رجع من خير إلى شر أو (١) من شر إلى خير (٢). سمي اليهود بذلك لتخليطهم، وكثرة انتقالهم من مذاهبهم.
وحكي عن أبي (٣) عمرو بن العلاء أنه قال: سميت اليهود لأنهم يتهودون أي: يتحركون عند قراءة التوراة (٤) ويقولون: إن السماوات والأرض تحركت حين أتى الله موسى التوارة.
وعلى هذا، التهود (٥) تفعل من الهيد بمعنى الحركة، يقال: هِدْتُه هيدًا، كأنك تحركه ثم تصلحه (٦)، ومنه الحديث: أنه قيل للنبي - ﷺ - في المسجد: يا رسول الله: هِدْه، فقال: " عرش كعرش موسى" (٧)، أي: حركه بالهدم (٨).
وحكي عن أبي (٣) عمرو بن العلاء أنه قال: سميت اليهود لأنهم يتهودون أي: يتحركون عند قراءة التوراة (٤) ويقولون: إن السماوات والأرض تحركت حين أتى الله موسى التوارة.
وعلى هذا، التهود (٥) تفعل من الهيد بمعنى الحركة، يقال: هِدْتُه هيدًا، كأنك تحركه ثم تصلحه (٦)، ومنه الحديث: أنه قيل للنبي - ﷺ - في المسجد: يا رسول الله: هِدْه، فقال: " عرش كعرش موسى" (٧)، أي: حركه بالهدم (٨).
(١) في (ب): (ومن) بالواو.
(٢) ذكره الأزهري عن ثعلب عن ابن الأعرابي، "تهذيب اللغة" (هاد) ٤/ ٣٦٩٠، وانظر: "اللسان" (هود) ٨/ ٤٧١٨.
(٣) في (ج): (ابن).
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٩ أ، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٩.
(٥) في (ب): (اليهود).
(٦) ذكره الأزهري عن الليث، "تهذيب اللغة" (هاد) ٤/ ٣٦٨٩، انظر "الصحاح" (هيد) ٢/ ٥٥٨، "مقاييس اللغة" (هيد) ٦/ ٢٣، "اللسان" (هيد) ٨/ ٤٧٣٤.
(٧) بهذا النص ذكره أبو عبيد في "غريب الحديث" ٣/ ١٧١، ٤/ ٤٥٢، وكذا الأزهري في "تهذيب اللغة" (هاد) ٤/ ٣٦٩١.
وقد أخرج البيهقي بسنده عن سالم بن عطية، قال: قال رسول الله - ﷺ - "عرش الناس كعرش موسى". يعني أنه يكره الطاق حوالي المسجد. "السنن الكبرى" كتاب (الصلاة) باب (كيفية بناء المسجد) ٢/ ٤٣٩، وقد أورده صاحب "كنز العمال" عن البيهقي. وقال: مرسل. "كنز العمال" ٣/ ٣٩٣، وأورده السيوطي في "الجامع الصغير" بلفظ: "ليس بي رغبة عن أخي موسى، عريش كعريش موسى" ورمز له بالتضعيف. "فيض القدير شرح الجامع الصغير" ٥/ ٣٦٥. وهو في "الفائق" ٤/ ١٢٢، "اللسان" (هيد) ٨/ ٤٨٣٤.
(٨) قال أبو عبيد: (كان سفيان بن عيينة فيما بلغني عنه يقول: معنى هده: أصلحه، =
(٢) ذكره الأزهري عن ثعلب عن ابن الأعرابي، "تهذيب اللغة" (هاد) ٤/ ٣٦٩٠، وانظر: "اللسان" (هود) ٨/ ٤٧١٨.
(٣) في (ج): (ابن).
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٩ أ، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٧٩.
(٥) في (ب): (اليهود).
(٦) ذكره الأزهري عن الليث، "تهذيب اللغة" (هاد) ٤/ ٣٦٨٩، انظر "الصحاح" (هيد) ٢/ ٥٥٨، "مقاييس اللغة" (هيد) ٦/ ٢٣، "اللسان" (هيد) ٨/ ٤٧٣٤.
(٧) بهذا النص ذكره أبو عبيد في "غريب الحديث" ٣/ ١٧١، ٤/ ٤٥٢، وكذا الأزهري في "تهذيب اللغة" (هاد) ٤/ ٣٦٩١.
وقد أخرج البيهقي بسنده عن سالم بن عطية، قال: قال رسول الله - ﷺ - "عرش الناس كعرش موسى". يعني أنه يكره الطاق حوالي المسجد. "السنن الكبرى" كتاب (الصلاة) باب (كيفية بناء المسجد) ٢/ ٤٣٩، وقد أورده صاحب "كنز العمال" عن البيهقي. وقال: مرسل. "كنز العمال" ٣/ ٣٩٣، وأورده السيوطي في "الجامع الصغير" بلفظ: "ليس بي رغبة عن أخي موسى، عريش كعريش موسى" ورمز له بالتضعيف. "فيض القدير شرح الجامع الصغير" ٥/ ٣٦٥. وهو في "الفائق" ٤/ ١٢٢، "اللسان" (هيد) ٨/ ٤٨٣٤.
(٨) قال أبو عبيد: (كان سفيان بن عيينة فيما بلغني عنه يقول: معنى هده: أصلحه، =
609
وقيل: اليهود (١) معرب من يهوذا بن يعقوب، عُرِّب يهوذا إلى يهود (٢) ثم نسب الواحد إليه فقيل: يهودي، ثم حذف الياء في الجمع فقيل يهود، وكل جمع منسوب إلى جنس فهو بإسقاط ياء النسبة، كقولهم: زنجي وزنج ورومي وروم (٣). هذا هو الكلام في أصل هذا الحرف. ثم يقال: هاد إذا دخل في اليهودية كقوله: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا﴾ (٤) [الأنعام: ١٤٦]، أي: دخلوا في دين اليهودية (٥)، والذي في هذه الآية بهذا المعنى، ويقال أيضا (تهوّد) إذا تشبه بهم ودخل في دينهم، كما يقال: تقيّس وتمضّر وتنزّر، وَ (هَوَّد) إذا (٦) دعا إلى اليهودية (٧)، ومنه الحديث: حتى يكون أبواه يهودانه (٨).
= وهذا معنى الحديث الآخر كما قال سفيان، ولكنه إصلاح بعد هدم الأول..)
"غريب الحديث" ٤/ ٤٥٢.
(١) في (ج): (يهود).
(٢) انظر: "العين" ٤/ ٧٦، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٤٩، و"معرفة أسماء نطق بها القرآن" لابن السجستاني وقال: ليس بشيء ١/ ٣٨٥، "المحكم" ٤/ ٢٩٧، وقال: ليس هذا بقوي.
(٣) انظر: "الصحاح" (هود) ٢/ ٥٥٧.
(٤) (حرمنا) ساقط من (ب).
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (هاد) ٤/ ٣٦٨٩.
(٦) في (ب): (ادعا).
(٧) في "المحكم": (هَوَّد الرجل) حوله إلى ملة اليهودية ٤/ ٢٩٧. وفي "تهذيب اللغة": ذكر الحديث. "فأبواه يهودانه.. " وقال: معناه: أنهما يعلمانه دين اليهودية ويدخلانه فيه، (هاد) ٤/ ٣٦٨٩.
(٨) الحديث في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة ولفظه: (.. فأبواه يهودانه.. الحديث)، أخرجه البخاري (١٣٥٨)، (١٣٥٩) كتاب (الجنائز) باب (إذا أسلم =
"غريب الحديث" ٤/ ٤٥٢.
(١) في (ج): (يهود).
(٢) انظر: "العين" ٤/ ٧٦، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٤٩، و"معرفة أسماء نطق بها القرآن" لابن السجستاني وقال: ليس بشيء ١/ ٣٨٥، "المحكم" ٤/ ٢٩٧، وقال: ليس هذا بقوي.
(٣) انظر: "الصحاح" (هود) ٢/ ٥٥٧.
(٤) (حرمنا) ساقط من (ب).
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (هاد) ٤/ ٣٦٨٩.
(٦) في (ب): (ادعا).
(٧) في "المحكم": (هَوَّد الرجل) حوله إلى ملة اليهودية ٤/ ٢٩٧. وفي "تهذيب اللغة": ذكر الحديث. "فأبواه يهودانه.. " وقال: معناه: أنهما يعلمانه دين اليهودية ويدخلانه فيه، (هاد) ٤/ ٣٦٨٩.
(٨) الحديث في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة ولفظه: (.. فأبواه يهودانه.. الحديث)، أخرجه البخاري (١٣٥٨)، (١٣٥٩) كتاب (الجنائز) باب (إذا أسلم =
610
قوله تعالى: ﴿النَّصَارَى﴾ اختلفوا في تسميتهم بهذا الاسم، فقال الزهري (١): سموا نصارى، لأن الحواريين (٢) قالوا: ﴿نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٥٢، والصف: ١٤] (٣) حين قال لهم عيسى: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾، واختار ابن الأنباري هذا القول، وقال: إنهم كانوا نُصَّار عيسى (٤). فعلى هذا، هذا الاسم مشتق من النصر والنصرة، وواحدهم: نَصَرْان كقولهم: ندمان وندامى، ونصران وناصر بمعنى، كما يقال: صديان وصادٍ للعطشان (٥)، قال الشاعر يصف الحرباء:
= الصبي فمات هل يصلي عليه، وهل يعرض على الصبي الإسلام؟) الفتح (١٣٨٥)، وباب (ما قيل في أولاد المشركين)، (٤٧٧٥) كتاب (التفسير) تفسير سورة (الروم)، باب ﴿لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ لدين الله (٦٥٩٩) وفي كتاب (القدر) باب (الله أعلم بما كانوا عاملين)، ومسلم (٢٦٥٨) كتاب (القدر) كل مولود يولد على الفطرة، "مسلم بشرح النووي" وأبو داود (٢٤١٤١) في كتاب: السنة، باب (في ذراري المشركين) ح (٢١٣٨) والترمذي كتاب (أبواب القدر) باب (ما جاء كل مولود يولد على الفطرة) وأحمد في مواضع من "المسند" منها ٢/ ٢٣٣.
(١) هو أبو بكر محمد بن مسلم الزهري، أحد أعلام التابعين، فقيه محدث، رأى عشرة من الصحابة، وروى عنه جمع من الأئمة، توفي سنة أربع وعشرين ومائة. انظر ترجمته في "حلية الأولياء" ٣/ ٣٦٠، "وفيات الأعيان" ٤/ ١٧٧، "تهذيب التهذيب" ٣/ ٦٩٦.
(٢) في (ب): (الحواريون).
(٣) قول الزهري ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٩ أ، وانظر. "تفسير الطبري" ١/ ٣١٨، و"تفسير أبي الليث"١/ ٣٧٣، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥١، انظر. "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٢٧، "الكشاف" ١/ ٢٨٥.
(٤) "الزاهر" ٢/ ٢٢٥.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣١٧، "الزاهر" ٢/ ٢٢٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٩ أ، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٠، انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٢٧، "الكشاف" ١/ ٢٨٥.
(١) هو أبو بكر محمد بن مسلم الزهري، أحد أعلام التابعين، فقيه محدث، رأى عشرة من الصحابة، وروى عنه جمع من الأئمة، توفي سنة أربع وعشرين ومائة. انظر ترجمته في "حلية الأولياء" ٣/ ٣٦٠، "وفيات الأعيان" ٤/ ١٧٧، "تهذيب التهذيب" ٣/ ٦٩٦.
(٢) في (ب): (الحواريون).
(٣) قول الزهري ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٩ أ، وانظر. "تفسير الطبري" ١/ ٣١٨، و"تفسير أبي الليث"١/ ٣٧٣، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥١، انظر. "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٢٧، "الكشاف" ١/ ٢٨٥.
(٤) "الزاهر" ٢/ ٢٢٥.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣١٧، "الزاهر" ٢/ ٢٢٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٩ أ، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٠، انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٢٧، "الكشاف" ١/ ٢٨٥.
611
| تَرَاهُ إِذَا دَارَ الْعَشِيُّ مُحَنِّفًا | وُيُضْحِي لَدَيْهِ وَهْو نَصْرَانُ شَامِسُ (١) |
كَمَا سَجَدَتْ نَصْرَانَةٌ لَمْ تَحَنَّفِ (٣)
ثم زيدت ياء النسبة فقيل: نصراني. وقد جاء في كلام العرب النصارى، وأرادوا به الأنصار، لا هؤلاء الذين يعرفون بهذا الاسم (٤)، أنشد الفراء:
(١) لم أعثر على قائله، ويروى: (زار) بدل (دار) وفي "الزاهر" (تراه ويضحي وهو...). قوله: (مُحنَّفا). تحنف: صار إلى الحنيفية، والمراد أنه مستقبل القبلة، (شامس) مستقبل الشمس كما يستقبلها نصراني، فحذف الياء. ورد البيت في الطبري في "تفسيره" ١/ ٣١٨، "الزاهر" ٢/ ٢٢٥، "الأضداد" لابن الأنباري ص ١٨١، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٩ أ، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٠، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٢٧، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٩، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٨، "الدر المصون" ١/ ٤٠٦، "فتح القدير" ١/ ١٤٨.
(٢) هو أبو الأخزر الحماني.
(٣) عجز بيت وصدره:
فَكِلْتَاهُمَا خَرَّتْ وَأَسْجَدَ رَأَسُهَا
يصف ناقتين أصابهما الإعياء، وانحنتا فطأطأتا رأسيهما، فشبه إسجادهما بسجود النصرانية فحذف الياء. البيت من شواهد سيبويه ٣/ ٢٥٦، ٤١١، وانظر: شرح شواهده للنحاس ص ١٧٨، و"تفسير الطبري" ١/ ٣١٨، "الزاهر" ١/ ١٤١، ٢/ ٢٢٥، "الإنصاف" ص ٣٥٧، "المخصص" ١٧/ ٤٤، "تهذيب اللغة" (نصر) ٤/ ٣٥٨٤، "اللسان" (نصر) ٥/ ٢١١، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٤٣٣، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٨، "الدر المصون" ١/ ٤٠٦، "فتح القدير" ١/ ١٤٨.
(٤) انظر: "الزاهر" ٢/ ٢٢٥، و"تفسير الطبري" ١/ ٣١٨.
(٢) هو أبو الأخزر الحماني.
(٣) عجز بيت وصدره:
فَكِلْتَاهُمَا خَرَّتْ وَأَسْجَدَ رَأَسُهَا
يصف ناقتين أصابهما الإعياء، وانحنتا فطأطأتا رأسيهما، فشبه إسجادهما بسجود النصرانية فحذف الياء. البيت من شواهد سيبويه ٣/ ٢٥٦، ٤١١، وانظر: شرح شواهده للنحاس ص ١٧٨، و"تفسير الطبري" ١/ ٣١٨، "الزاهر" ١/ ١٤١، ٢/ ٢٢٥، "الإنصاف" ص ٣٥٧، "المخصص" ١٧/ ٤٤، "تهذيب اللغة" (نصر) ٤/ ٣٥٨٤، "اللسان" (نصر) ٥/ ٢١١، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٤٣٣، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٨، "الدر المصون" ١/ ٤٠٦، "فتح القدير" ١/ ١٤٨.
(٤) انظر: "الزاهر" ٢/ ٢٢٥، و"تفسير الطبري" ١/ ٣١٨.
612
| لَمَّا رَأَيْتُ نَبَطًا أَنْصارَا | شَمَّرْتُ عَنْ رُكْبَتِيَ الإِزَارَا |
فجمع بين الأنصار والنصارى على التوفيق بين معنييهم.
وقال الزجاج: ويجوز أن يكون واحد النصارى نَصْرِيٌّ، مثل بَعِيرٌ مَهْرِي وإبل مَهَارى (٣). وهذا قول مقاتل (٤)، وزعم أنهم سموا نصارى لاعتزائهم إلى قرية يقال لها نصرة (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَالصَّابِئِينَ﴾ قال أبو زيد: صبأ الرجل فى دينه يَصْبَأ صُبُوءًا. [إذا كان صابئا (٦).
وهو الخارج من دين إلى دين، ومنه صبا النجم وأصبأ] (٧) إذا ظهر كأنه خرج من بين التي لم تطلع (٨)، قال الشاعر، أنشده ابن السكيت:
(١) يروى (لهم).
(٢) سبق تخريج الأبيات ص ٣٢٤.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٩، وانظر: "الزاهر" ٢/ ٢٢٥، و"تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٩ أ، انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٥.
(٤) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٩ أ.
(٥) في الطبري وغيره (ناصرة)، وأخرجه عن ابن عباس وقتادة، ١/ ٣١٨، وانظر "الزاهر" ٢/ ٢٢٥، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٧٣، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥١. قال ياقوت: (النَّاصِرة) فاعلة من النصر قرية بينها وبين طبرية ثلاثة عشر ميلًا، فيها كان مولد المسيح عليه السلام ومنها اشتق اسم النصارى معجم البلدان ٥/ ٢٥١.
(٦) ذكر الأزهري في "تهذيب اللغة" (صبا) ٢/ ١٩٦٦، وأبو علي في "الحجة" ٢/ ٩٤.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٨) "إصلاح المنطق" ص ١٥٧، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٩، "تهذيب اللغة" (صبا) ٢/ ١٩٦٦، و"الحجة" ٢/ ٩٤.
(٢) سبق تخريج الأبيات ص ٣٢٤.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٩، وانظر: "الزاهر" ٢/ ٢٢٥، و"تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٩ أ، انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٤٥.
(٤) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٩ أ.
(٥) في الطبري وغيره (ناصرة)، وأخرجه عن ابن عباس وقتادة، ١/ ٣١٨، وانظر "الزاهر" ٢/ ٢٢٥، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٧٣، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥١. قال ياقوت: (النَّاصِرة) فاعلة من النصر قرية بينها وبين طبرية ثلاثة عشر ميلًا، فيها كان مولد المسيح عليه السلام ومنها اشتق اسم النصارى معجم البلدان ٥/ ٢٥١.
(٦) ذكر الأزهري في "تهذيب اللغة" (صبا) ٢/ ١٩٦٦، وأبو علي في "الحجة" ٢/ ٩٤.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٨) "إصلاح المنطق" ص ١٥٧، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٩، "تهذيب اللغة" (صبا) ٢/ ١٩٦٦، و"الحجة" ٢/ ٩٤.
613
| وَأَصْبَأَ النَّجْمُ فِي غَبْراَء كَاسِفَةٍ | كَأَنَّهُ بَائِسٌ (١) مُجْتَابُ أَخْلاَقِ (٢) |
وقال (٤) أبو زيد (٥): صَبَأَتْ عليهم تَصْبَأُ صَبْأً وصُبُوءًا، إذا طلعت عليهم (٦). [وكأن] (٧) معنى الصابئ التارك دينه الذي شرع له إلى دين غيره، كما أن الصابئ على القوم تارك لأرضه منتقل إلى سواها، والدين الذي فارقوه هو (٨) تركهم التوحيد إلى عبادة النجوم وتعظيمها (٩).
وقال أبو إسحاق في قوله: ﴿وَالصَّابِئِينَ﴾ معناه: الخارجين من دين إلى (١٠) دين، يقال: صَبَأَ فلان يَصْبَأُ، إذا خرج من دينه (١١).
قال الليث: وكان يقال للرجل إذا أسلم في زمن النبي - ﷺ - قد صبأ، عنوا: أنه خرج من دين إلى دين (١٢).
(١) في (ب)، (ج): (ياسر) وكذا في (أ) وصحح في الهامش.
(٢) ورد البيت في "إصلاح المنطق" ص ١٥٧، "المخصص" ٩/ ٣٤، "اللسان" (صبأ) ٤/ ٢٣٨٥.
وقوله (غبراء) الغبراء: الأرض و (مجتاب أخلاق) لابس ثياب خلقة بالية.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج١/ ١١٩، "تهذيب اللغة" (صبا) ٢/ ١٩٦٦.
(٤) (الواو) ساقط من (ج).
(٥) في (ب): (ابن).
(٦) "الحجة" ٢/ ٩٤.
(٧) في جميع النسخ (وكان) والتصحيح من "الحجة" ٢/ ٩٤.
(٨) في (ب): (وهو).
(٩) "الحجة" ٢/ ٩٤.
(١٠) (إلى دين) ساقط من (ب).
(١١) "معاني القرآن" للزجاج١/ ١١٩، "تهذيب اللغة" (صبا) ٢/ ١٩٦٦، والنص منه.
(١٢) "تهذيب اللغة" (صبا) ٢/ ٢٩٦٦.
(٢) ورد البيت في "إصلاح المنطق" ص ١٥٧، "المخصص" ٩/ ٣٤، "اللسان" (صبأ) ٤/ ٢٣٨٥.
وقوله (غبراء) الغبراء: الأرض و (مجتاب أخلاق) لابس ثياب خلقة بالية.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج١/ ١١٩، "تهذيب اللغة" (صبا) ٢/ ١٩٦٦.
(٤) (الواو) ساقط من (ج).
(٥) في (ب): (ابن).
(٦) "الحجة" ٢/ ٩٤.
(٧) في جميع النسخ (وكان) والتصحيح من "الحجة" ٢/ ٩٤.
(٨) في (ب): (وهو).
(٩) "الحجة" ٢/ ٩٤.
(١٠) (إلى دين) ساقط من (ب).
(١١) "معاني القرآن" للزجاج١/ ١١٩، "تهذيب اللغة" (صبا) ٢/ ١٩٦٦، والنص منه.
(١٢) "تهذيب اللغة" (صبا) ٢/ ٢٩٦٦.
614
وفي قوله: ﴿وَالصَّابِئِينَ﴾ قراءتان (١): التحقيق والتخفيف (٢)، فمن حقق فهو الأصل (٣). ومن خفف ولم يهمز لم يخل من أحد أمرين: إما أن يجعله من صبا يصبو إذا مال، ومنه قول الشاعر:
صَبَوْتَ أَبَا ذِئْبٍ (٤) وَأَنْتَ كَبِيرُ (٥)
وقال آخر:
أو (٧) يجعله على ترك الهمزة من صبأ (٨).
قال أبو علي: فلا يسهل أن يأخذه (٩) من صبا إلى كذا، لأنه يصبو الإنسان إلى الدين، ولا يكون منه تدين مع صبوه إليه، فإذا بعد هذا، وكان
صَبَوْتَ أَبَا ذِئْبٍ (٤) وَأَنْتَ كَبِيرُ (٥)
وقال آخر:
| إِلىَ هِنْدٍ صبَا قَلْبِي | وَهِنْدٌ مِثْلُهَا يُصْبِي (٦) |
قال أبو علي: فلا يسهل أن يأخذه (٩) من صبا إلى كذا، لأنه يصبو الإنسان إلى الدين، ولا يكون منه تدين مع صبوه إليه، فإذا بعد هذا، وكان
(١) (قراءتان) ساقط من (ج).
(٢) قرأ نافع بغير همز، وبقية السبعة بالهمز. انظر "السبعة" ص ١٥٨، و"الحجة" لأبي علي٢/ ٩٤، و"التيسير" ص ٧٤.
(٣) انظر: "الحجة" لأبي علي ٢/ ٩٥، وعلى هذا تكون لام الكلمة همزة من (صبأ) إذا خرج عن دينه. انظر: "الحجة" لابن زنجلة ص ١٠٠، ولابن خالويه ص ٨١، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٩ أ.
(٤) في (ب): (تأديب).
(٥) عجز بيت لأبي ذؤيب الهذلي، وصدره:
دِيَارُ التِي قَالَتْ غَدَاةَ لَقِيتُهَا
ورد في "شرح أشعار الهذليين" للسكري ١/ ٦٥، و"الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٩.
(٦) ورد في "العقد الفريد" ٥/ ٤٨٤، "اللسان" (صبا) ٤/ ٢٣٨٥، ونسبه لزيد بن ضبة.
(٧) في (ب): (إذا).
(٨) أي: أن أصله الهمز فترك الهمز، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٩٥، ٩٦، و"الحجة" لابن زنجلة ص ١٠٠، "الحجة" لابن خالويه ص ٨١.
(٩) قال أبو علي: (.. أو تجعله على قلب الهمزة، فلا يسهل أن تأخذه من صبا إلى كذا..) ٢/ ٩٦.
(٢) قرأ نافع بغير همز، وبقية السبعة بالهمز. انظر "السبعة" ص ١٥٨، و"الحجة" لأبي علي٢/ ٩٤، و"التيسير" ص ٧٤.
(٣) انظر: "الحجة" لأبي علي ٢/ ٩٥، وعلى هذا تكون لام الكلمة همزة من (صبأ) إذا خرج عن دينه. انظر: "الحجة" لابن زنجلة ص ١٠٠، ولابن خالويه ص ٨١، "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٩ أ.
(٤) في (ب): (تأديب).
(٥) عجز بيت لأبي ذؤيب الهذلي، وصدره:
دِيَارُ التِي قَالَتْ غَدَاةَ لَقِيتُهَا
ورد في "شرح أشعار الهذليين" للسكري ١/ ٦٥، و"الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٩.
(٦) ورد في "العقد الفريد" ٥/ ٤٨٤، "اللسان" (صبا) ٤/ ٢٣٨٥، ونسبه لزيد بن ضبة.
(٧) في (ب): (إذا).
(٨) أي: أن أصله الهمز فترك الهمز، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٩٥، ٩٦، و"الحجة" لابن زنجلة ص ١٠٠، "الحجة" لابن خالويه ص ٨١.
(٩) قال أبو علي: (.. أو تجعله على قلب الهمزة، فلا يسهل أن تأخذه من صبا إلى كذا..) ٢/ ٩٦.
615
الصابئون منتقلين من دينهم الذي أخذ عليهم إلى سواه ومتدينين به، لم يستقم أن يكون إلا من صبأ الذي معناه: انتقال من دينهم الذي شرع لهم [إلى آخر لم يشرع لهم] (١) فيكون الصابون (٢) إذًا على ترك الهمز، وترك الهمز على هذا الحد (٣) لا يجيزه سيبويه إلا في الشعر، ويجيزه غيره، فهو على قول من أجاز ذلك، وأبو زيد ممن أجازه، فقال: من (٤) قرأ الصابون قلب الهمزة التي هي لامٌ ياءً، ونقل الضمة التي كانت تلزم أن تكون على اللام إلى العين فسكنت الياء فحذفها لالتقاء الساكنين، هي والواو التي للجمع، وحذف كسرة عين فاعل فحركها بالضمة المنقولة (٥) إليها كقولهم: [خِفْتُ] (٦) و:
حُبَّ بِهَا (٧)...........
حُبَّ بِهَا (٧)...........
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) في (ب): (الصابيون)، وفي (ج): (الصابون).
(٣) في "الحجة": (.. فيكون (الصابون) إذا على قلب الهمزة، وقلب الهمز على هذا الحد لا يجيزه سيبويه..) ٢/ ٩٦.
(٤) نسب الواحدي الكلام لأبي زيد وظاهر كلام أبي علي في "الحجة" غير ذلك، حيث قال في "الحجة": (.. وممن أجازه أبو زيد....) ثم ذكر كلامًا لأبي زيد، ولسيبويه والخليل ولأبي الحسن، ثم قال: (.. ومن قلب الهمزة التي هي (لاَمٌ، يَاءً)، فقال: (الصابون) نقل الضمة التي كانت تلزم..) فالكلام لأبي علي، والله أعلم. انظر: "الحجة" ٢/ ٩٦، ٩٧.
(٥) في (ب): (المنقول).
(٦) في (أ): (خفت) ثم طمست وكتب فوقها (حسب) وفي (ب): (حفت) وفي (ج): (حسب حفت وحسب..) وما أثبت هنا موافق للحجة ٢/ ٩٧ والكلام عنه بنصه.
(٧) جزء من بيت للأخطل في وصف الخمرة وتمامه:
قتل الخمر: مزجها بالماء حتى تذهب حدتها. ورد البيت في "إصلاح المنطق" =
(٢) في (ب): (الصابيون)، وفي (ج): (الصابون).
(٣) في "الحجة": (.. فيكون (الصابون) إذا على قلب الهمزة، وقلب الهمز على هذا الحد لا يجيزه سيبويه..) ٢/ ٩٦.
(٤) نسب الواحدي الكلام لأبي زيد وظاهر كلام أبي علي في "الحجة" غير ذلك، حيث قال في "الحجة": (.. وممن أجازه أبو زيد....) ثم ذكر كلامًا لأبي زيد، ولسيبويه والخليل ولأبي الحسن، ثم قال: (.. ومن قلب الهمزة التي هي (لاَمٌ، يَاءً)، فقال: (الصابون) نقل الضمة التي كانت تلزم..) فالكلام لأبي علي، والله أعلم. انظر: "الحجة" ٢/ ٩٦، ٩٧.
(٥) في (ب): (المنقول).
(٦) في (أ): (خفت) ثم طمست وكتب فوقها (حسب) وفي (ب): (حفت) وفي (ج): (حسب حفت وحسب..) وما أثبت هنا موافق للحجة ٢/ ٩٧ والكلام عنه بنصه.
(٧) جزء من بيت للأخطل في وصف الخمرة وتمامه:
| فّقُلْتُ اقْتُلُوهَا عَنْكُم بِمِزَاجِهَا | وَحُبَّ بِهَا مَقْتُولةَ حين تُقْتَلُ |
616
و........... حُسْن ذَا أَدَبَا (١)
فنقلوا الحركة من العين إلى الفاء، وحذفوا الحركة التي كانت للفاء في الأصل وحركوها بالحركة المنقولة، هذا في الصابون (٢).
فأما (الصابين) (٣) فقياس نقل الحركة أن تحذف (٤) كسرة عين فاعل وتنقل إليها الكسرة التي كانت تكون للام، ألا ترى أن الضمة منقولة إليها بلا إشكال، وإن شئت قلت: لا أنقل حركة اللام التي هي الكسرة كما نقلت حركتها التي هي الضمة؛ لأني لو لم أنقل الحركة التي هي الضمة، وقررت (٥) الكسرة لم تصح واو الجميع، فليس الكسرة مع الياء كالكسرة مع
فنقلوا الحركة من العين إلى الفاء، وحذفوا الحركة التي كانت للفاء في الأصل وحركوها بالحركة المنقولة، هذا في الصابون (٢).
فأما (الصابين) (٣) فقياس نقل الحركة أن تحذف (٤) كسرة عين فاعل وتنقل إليها الكسرة التي كانت تكون للام، ألا ترى أن الضمة منقولة إليها بلا إشكال، وإن شئت قلت: لا أنقل حركة اللام التي هي الكسرة كما نقلت حركتها التي هي الضمة؛ لأني لو لم أنقل الحركة التي هي الضمة، وقررت (٥) الكسرة لم تصح واو الجميع، فليس الكسرة مع الياء كالكسرة مع
= ص ٣٥، و"الحجة" لأبي علي٢/ ٩٧، ٩٨، و"المشوف المعلم" ٢/ ٧٤٣، "شرح المفصل" ٧/ ١٢٩، ١٤١، "الخزانة" ٩/ ٤٢٩، ٤٣٠، "اللسان" (قتل) ٦/ ٣٥٣٠. والشاهد (حب بها) يروي بالفتح والضم، فإذا نقلت حركة العين إلى الفاء بعد حرف حركتها صار (حب) بالضم، وإن حذفت حركة العين صار بالفتح.
(١) جزء من بيت لسهم بن حنظلة الغنوي وتمامه:
يقول. إنه يمنع الناس مما يريدون منه ويقهرهم، ويأخذ هو ما أراد منهم وجعله أدبًا حسنًا، وقيل: ينكر على نفسه أن يعطيه الناس وهو يمنعهم. ورد البيت في "إصلاح المنطق" ص ٣٥، و"الحجة" ٢/ ٩٧، ٩٨، "الخصائص" ٣/ ٤٠، و"الأصمعيات" ص ٥٦، و"التكملة" ص ٢٥١، و"المشوف المعلم" ٢/ ٧٤٢، "اللسان" (حسن) ٢/ ٨٧٧، "الخزانة" ٩/ ٤٣١، والشاهد (حُسْن) فإنه منقول من (حَسُن).
(٢) في (ب) (الصابيون). وهي جزء من آية: ٩٦ المائدة، على قراءة نافع.
(٣) كلام أبي علي في "الحجة": (.... وحركها بالحركة المنقولة، كما حرك العين من فاعل بالحركة المنقولة، وقياس نقل الحركة التي هي ضمة إلى العين أن تحذف كسرة عين فاعل..) ٢/ ٩٧.
(٤) في (ج): (يحذف).
(٥) في (ج): (قدرت) وفي (أ) محتملة، وما في (ب) موافق لما في "الحجة" ٢/ ٩٧.
(١) جزء من بيت لسهم بن حنظلة الغنوي وتمامه:
| لَمْ يَمْنَع النَّاسُ مِنِّي مَا أَردْتُ وَمَا | أُعْطِيهِمُ مَا أَرَادُوا حُسْنَ ذَا أَدَبَا |
(٢) في (ب) (الصابيون). وهي جزء من آية: ٩٦ المائدة، على قراءة نافع.
(٣) كلام أبي علي في "الحجة": (.... وحركها بالحركة المنقولة، كما حرك العين من فاعل بالحركة المنقولة، وقياس نقل الحركة التي هي ضمة إلى العين أن تحذف كسرة عين فاعل..) ٢/ ٩٧.
(٤) في (ج): (يحذف).
(٥) في (ج): (قدرت) وفي (أ) محتملة، وما في (ب) موافق لما في "الحجة" ٢/ ٩٧.
617
الواو، فإذا كان كذلك ألقيت (١) الحركة (٢) التي كانت تستحقها اللام (٣)، ولم أنقلها (٤)، كما ألقيت (٥) حركة المدغم ولم أنقلها في قول من قال: ﴿يَهِدِّي﴾ [يونس: ٣٥] فحرك الهاء بالكسرة لالتقاء الساكنين، ولم ينقلها كما نقلها من قال: ﴿يَهِدِّي﴾. ومثل ذلك في أنك تنقل الحركة مرة ولا تنقلها أخرى قولك: وَحَبَّ بِهَا مَقْتُولَةً
وَحُبَّ بِهَا مَقْتُولَةً (٦)
و: حَسْنَ ذَا أَدَبًا
و: حُسْنَ ذَا أَدَبًا (٧)
فأما مذهب الصابئين (٨) فقد ذكرنا أنهم يعبدون النجوم، وقال قتادة: هم قوم يعبدون الملائكة (٩). وقال مجاهد: قبيلة نحو الشام بين (١٠) اليهود والمجوس، لا دين لهم (١١).
وَحُبَّ بِهَا مَقْتُولَةً (٦)
و: حَسْنَ ذَا أَدَبًا
و: حُسْنَ ذَا أَدَبًا (٧)
فأما مذهب الصابئين (٨) فقد ذكرنا أنهم يعبدون النجوم، وقال قتادة: هم قوم يعبدون الملائكة (٩). وقال مجاهد: قبيلة نحو الشام بين (١٠) اليهود والمجوس، لا دين لهم (١١).
(١) كذا في جميع النسخ، وفي "الحجة" في الموضعين (أبقيت) ٢/ ٩٧ وهو الصواب.
(٢) (الحركة) ساقط من (ب).
(٣) في (ج): (للام).
(٤) في (ب): (أدغمها).
(٥) في "الحجة" (أبقيت) وانظر التعليق السابق على (ألقيت).
(٦) جزء من بيت للأخطل، يروي بفتح الحاء وضمها، مرَّ تخريجه قريبًا.
(٧) جزء من بيت لسهم بن حنظلة، مر تخريجه قريبًا. وبهذا انتهى ما نقله عن "الحجة" لأبي علي ٢/ ٩٥، ٩٨.
(٨) في (ب) (الصابين).
(٩) أخرجه الطبري ونصه: (الصابئون قوم يعبدون الملائكة ويصلون إلى القبلة ويقرؤون الزبور) ١/ ٣١٩، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٩٧ ب، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٢.
(١٠) في (ب) (من).
(١١) أخرجه الطبري عن مجاهد من طرق ١/ ٣١٩، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٩١. وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٩٧ أ، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٢.
(٢) (الحركة) ساقط من (ب).
(٣) في (ج): (للام).
(٤) في (ب): (أدغمها).
(٥) في "الحجة" (أبقيت) وانظر التعليق السابق على (ألقيت).
(٦) جزء من بيت للأخطل، يروي بفتح الحاء وضمها، مرَّ تخريجه قريبًا.
(٧) جزء من بيت لسهم بن حنظلة، مر تخريجه قريبًا. وبهذا انتهى ما نقله عن "الحجة" لأبي علي ٢/ ٩٥، ٩٨.
(٨) في (ب) (الصابين).
(٩) أخرجه الطبري ونصه: (الصابئون قوم يعبدون الملائكة ويصلون إلى القبلة ويقرؤون الزبور) ١/ ٣١٩، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٩٧ ب، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٢.
(١٠) في (ب) (من).
(١١) أخرجه الطبري عن مجاهد من طرق ١/ ٣١٩، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٩١. وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٩٧ أ، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٢.
618
وقال الليث: هم قوم يشبه دينهم دين النصارى إلا أن (١) قبلتهم نحو مهب الجنوب، يزعمون أنهم على دين نوح، وهم كاذبون (٢).
قال عبد العزيز بن يحيى: هم قوم درجوا وانقرضوا (٣).
واختلف المفسرون في معنى هذه الآية على طريقين (٤):
أحدهما: أن الذين آمنوا، أي (٥): بالأنبياء الماضين (٦) ولم يؤمنوا بك، وقيل: أراد المنافقين الذين آمنوا بألسنتهم ولم يؤمنوا بقلوبهم. من آمن
قال عبد العزيز بن يحيى: هم قوم درجوا وانقرضوا (٣).
واختلف المفسرون في معنى هذه الآية على طريقين (٤):
أحدهما: أن الذين آمنوا، أي (٥): بالأنبياء الماضين (٦) ولم يؤمنوا بك، وقيل: أراد المنافقين الذين آمنوا بألسنتهم ولم يؤمنوا بقلوبهم. من آمن
(١) في (ب): (أنهم).
(٢) "تهذيب اللغة" (صبا) ٢/ ١٩٦٦.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٩٧ ب، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٩.
(٤) سلك الواحدي طريقة الثعلبي في إيضاح الآية، وخلاصة ما ذكره الثعلبي أن في الآية طريقين:
الأول: أن الإيمان في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ على طريق المجاز، ثم اختلفوا فيهم فقيل: من آمن بالأنبياء الماضين ولم يؤمن بك، وقيل: المنافقون.
الثاني: أن الإيمان على الحقيقة، فقيل: المراد المؤمنون من هذه الأمة، وقيل: الذين آمنوا بالنبي قبل المبعث، وقيل: المؤمنون من الأمم الماضية.
وسبب هذا الخلاف هو كيف يتم الجمع بين قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ثم قال: ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٧ ب، و"تفسير البغوي" ١/ ٩٧، وأما ابن جرير فقال: (فإن قال: وكيف يؤمن المؤمن؟ قيل: ليس المعنى في المؤمن المعنى الذي ظننته، من انتقال من دين إلى دين كانتقال اليهودي والنصراني إلى الإيمان -وإن كان قد قيل إن الذين عنوا بذلك، من كان من أهل الكتاب على إيمانه بعيسى وبما جاء به، حتى أدرك محمدًا - ﷺ - فآمن به وصدق فقيل لأولئك... آمنوا بمحمد وبما جاء به- ولكن معنى إيمان المؤمن في هذا الموضع، ثباته على إيمانه وتركه تبديله. وأما إيمان اليهود والنصارى والصابئين فالتصديق بمحمد - ﷺ - وبما جاء به..) "الطبري" ١/ ٣٢٠، وانظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ١١١.
(٥) (أي) ساقط من (ب).
(٦) في (أ): (الماضيين) وما في (ب)، (ج) موافق لما في الثعلبي.
(٢) "تهذيب اللغة" (صبا) ٢/ ١٩٦٦.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٩٧ ب، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٩.
(٤) سلك الواحدي طريقة الثعلبي في إيضاح الآية، وخلاصة ما ذكره الثعلبي أن في الآية طريقين:
الأول: أن الإيمان في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ على طريق المجاز، ثم اختلفوا فيهم فقيل: من آمن بالأنبياء الماضين ولم يؤمن بك، وقيل: المنافقون.
الثاني: أن الإيمان على الحقيقة، فقيل: المراد المؤمنون من هذه الأمة، وقيل: الذين آمنوا بالنبي قبل المبعث، وقيل: المؤمنون من الأمم الماضية.
وسبب هذا الخلاف هو كيف يتم الجمع بين قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ثم قال: ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٧ ب، و"تفسير البغوي" ١/ ٩٧، وأما ابن جرير فقال: (فإن قال: وكيف يؤمن المؤمن؟ قيل: ليس المعنى في المؤمن المعنى الذي ظننته، من انتقال من دين إلى دين كانتقال اليهودي والنصراني إلى الإيمان -وإن كان قد قيل إن الذين عنوا بذلك، من كان من أهل الكتاب على إيمانه بعيسى وبما جاء به، حتى أدرك محمدًا - ﷺ - فآمن به وصدق فقيل لأولئك... آمنوا بمحمد وبما جاء به- ولكن معنى إيمان المؤمن في هذا الموضع، ثباته على إيمانه وتركه تبديله. وأما إيمان اليهود والنصارى والصابئين فالتصديق بمحمد - ﷺ - وبما جاء به..) "الطبري" ١/ ٣٢٠، وانظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ١١١.
(٥) (أي) ساقط من (ب).
(٦) في (أ): (الماضيين) وما في (ب)، (ج) موافق لما في الثعلبي.
619
بالله من جملة الأصناف المذكورة في هذه الآية إيمانا حقيقيا (١) ولا يتم إيمانهم بالله إلا بإيمانهم بمحمد - ﷺ -. فإذا آمنوا بالله ورسوله محمد، فلهم أجرهم عند ربهم، والدليل على أنه أراد مع (٢) الإيمان بالله الإيمان بمحمد أنه قال: ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ وقد قام الدليل على أن من لا يؤمن بالنبي - ﷺ - لا يكون عمله صالحًا.
وقال ابن جرير: في قوله: ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ إضمار واختصار، تقديره (٣) من آمن منهم بالله (٤)، لأن قوله: ﴿مَنْ آمَنَ﴾ في موضع خبر إن (٥) ولا بد من عائد إلى اسم إن، والعائد هاهنا محذوف، كأنه قيل: من آمن منهم بالله (٦)، وهذا مصرح به في سورة المائدة (٧). وهذا معنى قول ابن
وقال ابن جرير: في قوله: ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ إضمار واختصار، تقديره (٣) من آمن منهم بالله (٤)، لأن قوله: ﴿مَنْ آمَنَ﴾ في موضع خبر إن (٥) ولا بد من عائد إلى اسم إن، والعائد هاهنا محذوف، كأنه قيل: من آمن منهم بالله (٦)، وهذا مصرح به في سورة المائدة (٧). وهذا معنى قول ابن
(١) في (ب): (وحقيقًا). وقوله: (حقيقيًّا) يفيد أن الإيمان المذكور في أول الآية مجازي كما مر في كلام الثعلبي.
(٢) (مع) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (وتقديره).
(٤) "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٠، ذكر كلامه بمعناه، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٠ أ.
(٥) (أن) ساقط من (ب). وفي نسخة (أ) تعليق من الكاتب صدره بقوله: ش. ك، ونصه: (محل (من آمن) الرفع إن جعلته مبتدأ، خبره (فلهم أجرهم). والنصب إن جعلته بدلا من اسم (إن) والمعطوف عليه، فخبر (إن) في الوجه الأول الجملة كما هي، وفي الثاني: (فلهم) و (الفاء) لتضمن (من) معنى الشرط) وهو منقول من "الكشاف" بنصه ١/ ٢٨٦.
(٦) هذا على إعراب (من) في محل رفع مبتدأ، وقيل: في محل نصب بدل من اللذين، ويكون الخبر: (فلهم) والأول أحسن. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٢، و"المشكل" لمكي ١/ ٥١، و"البيان" ١/ ٨٨، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٧٠، وذكر أبو حيان: أن هذين الوجهين لا يصحان إلا على تغاير الإيمانين، الإيمان الذي هو صلة (الذين)، والإيمان الذي هو صلة (من). "البحر" ١/ ٢٤١.
(٧) في سورة المائدة: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ =
(٢) (مع) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (وتقديره).
(٤) "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٠، ذكر كلامه بمعناه، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٠ أ.
(٥) (أن) ساقط من (ب). وفي نسخة (أ) تعليق من الكاتب صدره بقوله: ش. ك، ونصه: (محل (من آمن) الرفع إن جعلته مبتدأ، خبره (فلهم أجرهم). والنصب إن جعلته بدلا من اسم (إن) والمعطوف عليه، فخبر (إن) في الوجه الأول الجملة كما هي، وفي الثاني: (فلهم) و (الفاء) لتضمن (من) معنى الشرط) وهو منقول من "الكشاف" بنصه ١/ ٢٨٦.
(٦) هذا على إعراب (من) في محل رفع مبتدأ، وقيل: في محل نصب بدل من اللذين، ويكون الخبر: (فلهم) والأول أحسن. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٢، و"المشكل" لمكي ١/ ٥١، و"البيان" ١/ ٨٨، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٧٠، وذكر أبو حيان: أن هذين الوجهين لا يصحان إلا على تغاير الإيمانين، الإيمان الذي هو صلة (الذين)، والإيمان الذي هو صلة (من). "البحر" ١/ ٢٤١.
(٧) في سورة المائدة: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ =
620
عباس في رواية الكلبي (١).
الطريقة الثانية: أن المراد بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أصحاب النبي - ﷺ - ومؤمنو هذه الأمة، ﴿وَالَّذِينَ هَادُوا﴾، أي: الذين آمنوا بموسى والتوراة ولم (٢) يبدلوا ولم يغيروا، ﴿وَالنَّصَارَى﴾ يعني نصار (٣) عيسى على غير تبديل ولا تحريف لما في الإنجيل، ﴿وَالصَّابِئِينَ﴾ يعني الخارجين من الكفر إلى الإسلام، ﴿مَنْ آمَنَ﴾ أي من مات منهم على دين الإسلام، لأن حقيقة الإيمان تكون (٤) بالعاقبة (٥)، ﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾. وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء (٦).
الطريقة الثانية: أن المراد بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أصحاب النبي - ﷺ - ومؤمنو هذه الأمة، ﴿وَالَّذِينَ هَادُوا﴾، أي: الذين آمنوا بموسى والتوراة ولم (٢) يبدلوا ولم يغيروا، ﴿وَالنَّصَارَى﴾ يعني نصار (٣) عيسى على غير تبديل ولا تحريف لما في الإنجيل، ﴿وَالصَّابِئِينَ﴾ يعني الخارجين من الكفر إلى الإسلام، ﴿مَنْ آمَنَ﴾ أي من مات منهم على دين الإسلام، لأن حقيقة الإيمان تكون (٤) بالعاقبة (٥)، ﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾. وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء (٦).
= وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [المائدة: ٦٩]. ولم يرد فيها ذكر العائد، ولعل الذي أوقعه في هذا الوهم قول الثعلبي (.. وفيه اختصار واضمار تقديره: من آمن منهم بالله واليوم الآخر نظيره في سورة المائدة..). "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٠ أ.
(١) ورد هذا في التفسير المنسوب لابن عباس من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، والمسمى "تنوير المقباس" ١/ ٢٨، "على هامش الدر".
(٢) (ولم يبدلوا) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (نصارى).
(٤) في (أ)، (ج) (يكون) وأثبت ما في (ب) لمناسبته للسياق.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٩ ب. وفيه (لأن حقيقة الإيمان بالموافاة) وانظر: "تفسير
البغوي" ١/ ٧٩.
(٦) لم أجده عن ابن عباس من طريق عطاء، وهذا المعنى ذكره الطبري عن مجاهد والسدي، وأخرج عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ﴾ إلى قوله: ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. فأنزل الله تعالى بعد هذا: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: ٨٥]. قال الطبري: وهذا الخبر يدل على أن ابن عباس كان يرى أن الله جل ثناؤه كان قد وعد من عمل صالحا من اليهود والنصارى والصابئين على عمله، في =
(١) ورد هذا في التفسير المنسوب لابن عباس من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، والمسمى "تنوير المقباس" ١/ ٢٨، "على هامش الدر".
(٢) (ولم يبدلوا) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (نصارى).
(٤) في (أ)، (ج) (يكون) وأثبت ما في (ب) لمناسبته للسياق.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٩ ب. وفيه (لأن حقيقة الإيمان بالموافاة) وانظر: "تفسير
البغوي" ١/ ٧٩.
(٦) لم أجده عن ابن عباس من طريق عطاء، وهذا المعنى ذكره الطبري عن مجاهد والسدي، وأخرج عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ﴾ إلى قوله: ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. فأنزل الله تعالى بعد هذا: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: ٨٥]. قال الطبري: وهذا الخبر يدل على أن ابن عباس كان يرى أن الله جل ثناؤه كان قد وعد من عمل صالحا من اليهود والنصارى والصابئين على عمله، في =
621
قالوا: ويجوز أن يقدر فيه "واو" أي: ومن آمن بعدك يا محمد إلى يوم القيامة (١). ووحد الفعل في قوله: آمن (٢) ثم جمع الكناية في قوله: ﴿فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾ لأن من تصلح للواحد والجميع (٣) والمذكر والمؤنث، فالفعل يعود إلى لفظ (مَنْ) وهو واحد مذكر، والكناية تعود إلى معنى (من) ومثله في القرآن كثير (٤). قال الله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ [الأنعام: ٢٥، ومحمد: ١٦]، وفي موضع آخر: ﴿يَستَمِعُونَ﴾ [يونس: ٤٢]، وقال: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ﴾ [النساء: ١٣]، ثم قال: ﴿خَالِدِينَ﴾ فجمع، وقال: ﴿وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ﴾ [الأنبياء: ٨٢]، وأنشد الكسائي:
فجعل (مَنْ) بمنزلة (الذين). وقال الفرزدق:
| أَلِمَّا بِسَلْمَى أَنْتُمَا إنْ عَرضْتُما | وَقُولَا لَها عُوجِي عَلَى مَنْ تَخَلَّفُوا (٥) |
= الآخرة الجنة، ثم نسخ ذلك..) الطبري ١/ ٣٢٣، وانظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٧٩.
(١) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٩ ب، وانظر: "تفسير البغوي" ١/ ٧٩.
(٢) (أمن) مكرر في (ب).
(٣) في (ب): (والجمع).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٨، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٠ أ، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٢٩.
(٥) البيت لامرئ القيس، وقيل: لرجل من كندة، وقوله: (ألما): أي زوراها (إن عرضتما): بلغتما إليها (عوجي): أعطفي وقفي، والرواية للبيت (عنكما) بدل (أنتما) ورد في "تفسير الطبري" ١/ ٣٢١، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٣، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٧١، "الدر المصون" ١/ ٤٠٨، "ديوان امرئ القيس" ص ٣٢٤)، وفي "أضداد" ابن الأنباري ورواية شطره: ألما بسلمى لمَّة إذ وقفتما ص ٣٣٠.
(١) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٧٩ ب، وانظر: "تفسير البغوي" ١/ ٧٩.
(٢) (أمن) مكرر في (ب).
(٣) في (ب): (والجمع).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١١٨، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٠ أ، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٢٩.
(٥) البيت لامرئ القيس، وقيل: لرجل من كندة، وقوله: (ألما): أي زوراها (إن عرضتما): بلغتما إليها (عوجي): أعطفي وقفي، والرواية للبيت (عنكما) بدل (أنتما) ورد في "تفسير الطبري" ١/ ٣٢١، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٣، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٧١، "الدر المصون" ١/ ٤٠٨، "ديوان امرئ القيس" ص ٣٢٤)، وفي "أضداد" ابن الأنباري ورواية شطره: ألما بسلمى لمَّة إذ وقفتما ص ٣٣٠.
622
| تَعَالَ فِإنْ عَاهَدْتَنِي لا تَخُونُنِي | نكُنْ مِثْلَ مَنْ يَا ذِئْبُ يَصْطَحِبانِ (١) |
| يَا حَبَّذَا جَبَلُ الرَّيانِ مِنْ جِبَلٍ | وَحَبَّذَا ساكِنُ الرَّيانِ مَنْ كَانَا (٣) |
(١) البيت من الشواهد النحوية المشهورة، ورد في "الكتاب" ٢/ ٤١٦، "المقتضب" ٢/ ٤٩٤، ٣/ ٢٥٣، و"الأصول" في النحو ٢/ ٢٩٧، و"شرح أبيات سيبويه" للسيرافي ٢/ ٨٤، "مغني اللبيب" ٢/ ٤٠٤، "الكامل" ١/ ٣٦٨، و"طبقات فحول الشعار" ١/ ٣٦٦، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٣٣٠)، "المخصص" ١٧/ ٥٥، والطبري ١/ ٣٧١، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٠ أ، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٢٩، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٧١، والهمع ١/ ٣٠٠، و"ديوان الفرزدق" ٢/ ٣٢٩، وفي بعض المصادر (تعش) بدل (تعال). والشاهد: أنه ثنى (يصطحبان) لمعنى (من).
(٢) (على هذا) ساقط من (ب).
(٣) قوله: (الريان): اسم جبل أسود عظيم في بلاد طيئ، انظر: "معجم ما استعجم" ٢/ ٦٩٠، "معجم البلدان" ٢/ ١١١، وقد ورد البيت أيضًا في "جمل الزجاجي" ص ١١٠، و"شرح الجمل" لابن عصفور ١/ ٦١١، و"اللسان" (حبب) ١/ ٧٤٤، و"شرح المفصل" ٧/ ١٤٠، و"الهمع" ٥/ ٤٥، و"ديوان جرير" ص ٤٩٠.
(٤) (ساكنه) ساقط من (ب).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٣٠/ ٢٠٩. (ط/ الحلبي).
(٢) (على هذا) ساقط من (ب).
(٣) قوله: (الريان): اسم جبل أسود عظيم في بلاد طيئ، انظر: "معجم ما استعجم" ٢/ ٦٩٠، "معجم البلدان" ٢/ ١١١، وقد ورد البيت أيضًا في "جمل الزجاجي" ص ١١٠، و"شرح الجمل" لابن عصفور ١/ ٦١١، و"اللسان" (حبب) ١/ ٧٤٤، و"شرح المفصل" ٧/ ١٤٠، و"الهمع" ٥/ ٤٥، و"ديوان جرير" ص ٤٩٠.
(٤) (ساكنه) ساقط من (ب).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٣٠/ ٢٠٩. (ط/ الحلبي).
623
.. والله فاعبدا (١)
وقد جاء في (من) بعض التصريف في بعض اللغات، كقوله:
وقد يلزمها الإعراب في مثل قولهم: رأيت فلانًا، فتقول على
وقد جاء في (من) بعض التصريف في بعض اللغات، كقوله:
| أَتَوْا نَارِي فَقُلْتُ مَنُونَ أَنْتُم | فَقَالُوا (٢) الجِنُّ قُلْتُ عِمُوا ظلاما (٣) |
(١) في (ب): (فاعبدوا). جزء من بيت للأعشى من قصيدة قالها لما قدم مكة يريد الإسلام، ثم صدته قريش عن ذلك، وقد روى سيبويه البيت:
وتبعه على ذلك جمهور النحاة، وقال بعض المحققين: إنه بهذه الرواية ملفق من بيتين كما في "ديوان الأعشى":
انظر: "ديوان الأعشى" ص ١٣٧، و"الكتاب" ٣/ ٥١٠، و"شرح أبيات سيبويه" للسيرافي ٢/ ٢٤٤، "المخصص" ١٣/ ١٠٤، "تهذيب اللغة" (نصب) ٤/ ٣٥٨١، "اللسان" (سبح) ٤/ ١٩١٦، و (نون) ٨/ ٤٥٨٧، و"الأزهرية" ص ٢٧٥، و"شرح الكافية" لابن مالك ٣/ ١٤٠٠، و"مغني اللبيب" ٢/ ٣٧٢، و"الهمع" ٤/ ٣٩٧، "المقتضب" ٥٢٨، "الإنصاف" ٢/ ١٥٧، "شرح المفصل" ٩/ ٣٩، ٨٨، ١٠/ ٢٠.
(٢) في (أ)، (ج): (قالوا).
(٣) البيت لشمير بن الحارث، وروي البيت في قصيدة حائية (عما صباحًا) منسوبًا لجذع بن سنان. يخاطب الجن، وقوله: (عموا ظلامًا) خاطب به الجن، كما كانوا يقولون لبني آدم: عموا صباحًا. ورد في "الكتاب" ٢/ ٤١١، و"شرح أبياته لابن السيرافي" ٢/ ١٨٣، "المقتضب" ٢/ ٣٦٠، "نوادر أبي زيد" ص ٣٨٠، "الخصائص" ١/ ١٢٩، "الصحاح" (منن) ٦/ ٢٢٠٨، و"الهمع" ٥/ ٣٤٦، ٦/ ٢٢١، و"شرح ابن عقيل" ٣/ ٨٨، و"الجمل" للزجاجي ص ٣٣٦)، و"الخزانة"٦/ ١٦٧، ٧/ ١٠٥، "شرح المفصل" ٤/ ١٦، "اللسان" (حسد) ٢/ ٨٦٨، وفي عدة مواضع. والشاهد فيه (منون أنتم) حيث جمع (من) مع الوصل وهذا من الضرورة. قال سيبويه: وهذا بعيد، وإنما يجوز هذا على قول شاعر قاله مرة في شعر ثم لم يسمع بعد ٢/ ٤١٠.
| فَإيَّاكَ والمَيْتَاتِ لا تَقْرَبَنَّهَا | وَلا تَعْبُدِ الشيطانَ واللهَ فاعْبُدَا |
| فَإيَّاكَ والمَيْتَاتِ لا تأكُلَنَّهَا | ولا تَأخُذَنْ سَهْمًا حَدِيدًا لِتَفْصدَا |
| وذَا النُّصبَ المَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّهُ | ولا تَعْبُدِ الأوْثَانَ واللهَ فاعْبُدَا |
(٢) في (أ)، (ج): (قالوا).
(٣) البيت لشمير بن الحارث، وروي البيت في قصيدة حائية (عما صباحًا) منسوبًا لجذع بن سنان. يخاطب الجن، وقوله: (عموا ظلامًا) خاطب به الجن، كما كانوا يقولون لبني آدم: عموا صباحًا. ورد في "الكتاب" ٢/ ٤١١، و"شرح أبياته لابن السيرافي" ٢/ ١٨٣، "المقتضب" ٢/ ٣٦٠، "نوادر أبي زيد" ص ٣٨٠، "الخصائص" ١/ ١٢٩، "الصحاح" (منن) ٦/ ٢٢٠٨، و"الهمع" ٥/ ٣٤٦، ٦/ ٢٢١، و"شرح ابن عقيل" ٣/ ٨٨، و"الجمل" للزجاجي ص ٣٣٦)، و"الخزانة"٦/ ١٦٧، ٧/ ١٠٥، "شرح المفصل" ٤/ ١٦، "اللسان" (حسد) ٢/ ٨٦٨، وفي عدة مواضع. والشاهد فيه (منون أنتم) حيث جمع (من) مع الوصل وهذا من الضرورة. قال سيبويه: وهذا بعيد، وإنما يجوز هذا على قول شاعر قاله مرة في شعر ثم لم يسمع بعد ٢/ ٤١٠.
624
الحكاية: منا بالنصب (١)، ومثله: منو ومني إذا قال: جاءني فلان ومررت بفلان، وقد يؤنثون فيقولون: منة فلما جاز هذا التصرف في (من) جاز إبدال نونها بالألف.
وقوله تعالى: ﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ يقال: كيف قال هذا مع (٢) ما يمر بهم من أهوال القيامة؟ قيل: لأنه لا يعتد بذلك، من أجل أنه عارض ثم يصيرون (٣) إلى النعيم الدائم، لقوله: ﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾ [الأنبياء: ١٠٣]، وهو كما تقول (٤) للمريض: لا بأس عليك. وقيل: إن أهوال القيامة إنما تنال (٥) الضالين دون المؤمنين، والأول هو الوجه لعموم قوله: ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ﴾ الآية [الحج: ٢].
وقوله تعالى: ﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ يقال: كيف قال هذا مع (٢) ما يمر بهم من أهوال القيامة؟ قيل: لأنه لا يعتد بذلك، من أجل أنه عارض ثم يصيرون (٣) إلى النعيم الدائم، لقوله: ﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾ [الأنبياء: ١٠٣]، وهو كما تقول (٤) للمريض: لا بأس عليك. وقيل: إن أهوال القيامة إنما تنال (٥) الضالين دون المؤمنين، والأول هو الوجه لعموم قوله: ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ﴾ الآية [الحج: ٢].
(١) هذه الحروف التي تلحق (من) ليست للإعراب إنما هي من باب الحكاية إذا كانت مستفهمًا بـ (من) عن نكرة، فذا قال. رأيت رجلا، فالجواب أن تقول: منا؟، وإذا قال جاءني رجل، تقول: منو؟، أو مني إذا قال مررت برجل، وليست الواو والياء والألف التي لحقت (من) إعرابًا، إنما يلحقن في الوقف فقط، فهن دليل ولسن بإعراب، ومثله في التثنية والجمع فإذا قال: جاءتني امرأتان. تقول: منتان؟ وإذا قال جاءني رجال. قلت. منون؟. فإذا وصلت: قلت: من يا فتى في كل ما سبق لأن هذا هو الأصل. وجعل سيبويه والمبرد وغيرهما من النحاة البيت الذى استشهد به الواحدي من ضرورة الشعر، ولا يقاس عليه، خلافا ليونس. انظر: "الكتاب" ٢/ ٤٠٩، "المقتضب" ٢/ ٣٠٦، "الصحاح" (منن) ٦/ ٢٢٠٨، و"أوضح المسالك" ص ٢٥٥.
(٢) في (ج): (معما يجبر بهم).
(٣) في (ب): (يسير).
(٤) في (ب): (يقول).
(٥) في (ب): (ينال).
(٢) في (ج): (معما يجبر بهم).
(٣) في (ب): (يسير).
(٤) في (ب): (يقول).
(٥) في (ب): (ينال).
625
وكذلك ما ورد من الأخبار في هذا (١).
٦٣ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ﴾ الآية الأخذ يستعمل في معان كثيرة، ويتصرف على ضروب (٢)، منها: أن يدل على العقاب كقوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى﴾ [هود: ١٠٢]، وقوله: ﴿فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ﴾ [الأنعام: ٤٢]، ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ [هود: ٦٧]، ﴿وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ﴾ (٣) [الأعراف: ١٦٥]، ﴿فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ﴾ [القمر: ٤٢].
ومنها: أن يستعمل للمقاربة، تقول العرب: أخذ يقول كذا، كما قالوا: جعل يقول، وطفق يقول.
ومنها: أن يتلقى بما يتلقى به القسم، كقوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ [آل عمران: ١٨٧]، ألا ترى أنه قال: ﴿لَتُبَيِّنُنَّهُ﴾ فأخذ (٤)
٦٣ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ﴾ الآية الأخذ يستعمل في معان كثيرة، ويتصرف على ضروب (٢)، منها: أن يدل على العقاب كقوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى﴾ [هود: ١٠٢]، وقوله: ﴿فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ﴾ [الأنعام: ٤٢]، ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ [هود: ٦٧]، ﴿وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ﴾ (٣) [الأعراف: ١٦٥]، ﴿فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ﴾ [القمر: ٤٢].
ومنها: أن يستعمل للمقاربة، تقول العرب: أخذ يقول كذا، كما قالوا: جعل يقول، وطفق يقول.
ومنها: أن يتلقى بما يتلقى به القسم، كقوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ [آل عمران: ١٨٧]، ألا ترى أنه قال: ﴿لَتُبَيِّنُنَّهُ﴾ فأخذ (٤)
(١) قال ابن جرير: (لا خوف عليهم فيما قدموا عليه من أهوال القيامة). ٢/ ١٥٠. وقال القرطبي عند تفسير قوله تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: ٣٨]. قال: (قيل: ليس فيه دليل على نفي أهوال يوم القيامة وخوفها على المطيعين، لما وصفه الله تعالى ورسوله من شدائد القيامة، إلا أنه يخفف عن المطيعين، وإذا صاروا إلى رحمته فكأنهم لم يخافوا) ١/ ٣٢٩.
وذكر أبو حيان في تفسير هذه الآية أقوالا كثيرة ثم قال: (وظاهر الآية عموم نفي الخوف والحزن عنهم، لكن يخص بما بعد الدنيا..) "البحر" ١/ ١٧٠.
(٢) الكلام عن (الأخذ) نقله الواحدي عن أبي علي الفارسي من كتاب "الحجة" ٢/ ٧٢ انظر مادة (أخذ) في "تهذيب اللغة" ١/ ١٢٩، "الصحاح" ٢/ ٥٥٩، "مقاييس اللغة" ١/ ٦٨، و (الغريبين) ١/ ٢٣، و"مفردات الراغب" ص ١٢، و"إصلاح الوجوه والنظائر" ص ٢٠، و"نزهة الأعين النواظر" ص ١٣٣.
(٣) (ج): (فأخذنا) تصحيف.
(٤) في (ب)، (ج): (واخد).
وذكر أبو حيان في تفسير هذه الآية أقوالا كثيرة ثم قال: (وظاهر الآية عموم نفي الخوف والحزن عنهم، لكن يخص بما بعد الدنيا..) "البحر" ١/ ١٧٠.
(٢) الكلام عن (الأخذ) نقله الواحدي عن أبي علي الفارسي من كتاب "الحجة" ٢/ ٧٢ انظر مادة (أخذ) في "تهذيب اللغة" ١/ ١٢٩، "الصحاح" ٢/ ٥٥٩، "مقاييس اللغة" ١/ ٦٨، و (الغريبين) ١/ ٢٣، و"مفردات الراغب" ص ١٢، و"إصلاح الوجوه والنظائر" ص ٢٠، و"نزهة الأعين النواظر" ص ١٣٣.
(٣) (ج): (فأخذنا) تصحيف.
(٤) في (ب)، (ج): (واخد).
626
الميثاق هاهنا بمعنى الاستحلاف وتوكيد العهد، وكذلك في هذه الآية.
ومثل أخذ في معنى العقاب: آخذ (١)، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا﴾ [فاطر: ٤٥]، وقال: ﴿لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، وقال: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ﴾ [البقرة: ٢٢٥].
ويستعمل من الأخذ التفعيل والاستفعال، قالوا: رجل مُؤَخَّذٌ عن امرأته (٢)، وقال الفقهاء في الرجل المؤخذ عن امرأته: يؤجل كما يؤجل العنين (٣).
وأما اسْتَفْعل فقال الأصمعي (٤): الاستئخاذ: أشد الرمد، قال الهذلى (٥):
ومثل أخذ في معنى العقاب: آخذ (١)، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا﴾ [فاطر: ٤٥]، وقال: ﴿لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، وقال: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ﴾ [البقرة: ٢٢٥].
ويستعمل من الأخذ التفعيل والاستفعال، قالوا: رجل مُؤَخَّذٌ عن امرأته (٢)، وقال الفقهاء في الرجل المؤخذ عن امرأته: يؤجل كما يؤجل العنين (٣).
وأما اسْتَفْعل فقال الأصمعي (٤): الاستئخاذ: أشد الرمد، قال الهذلى (٥):
| يَرْمِي الغُيُوبَ (٦) بِعَيْنيه ومَطْرِفُه | مُغْضٍ كما كَسَفَ المُسْتَأْخِذَ الرَّمَدُ (٧) |
(١) "الحجة" لأبي علي ١/ ٧٣، انظر: "الصحاح" (أخذ) ٢/ ٥٥٩، "مفردات الراغب" ص ١٣، ١٢).
(٢) قال أبو علي: (وأما (فعَّل) فقالوا: رجل مُؤَخذٌ عن امرأته) "الحجة" ٢/ ٧٤، انظر: "تهذيب اللغة" (أخذ) ٧/ ٥٢٦، "الغريبين" ١/ ٢٤.
(٣) ذكره أبو علي عن أبي حنيفة رحمه الله. "الحجة" ٢/ ٧٤، انظر: "بدائع الصنائع" ٢/ ٣٢٢ - ٣٢٣، و"المغني" ٧/ ٦٠٢.
(٤) في "الحجة" (فقال الأصمعي فيما روى عنه الزيادي..) "الحجة" ٢/ ٧٤، وانظر "تهذيب اللغة" (أخذ) ١/ ١٢٩.
(٥) هو أبو ذؤيب الهذلي.
(٦) في (ج): (العيوب).
(٧) في هذا البيت يصف حمارًا وحشيًا، وقوله: (يرمى الغيوب) أي: ينظر ما غاب عنه خشية الصائد يرميه بطرفه حذرا، و (المغضي): الذي كف من بصره وهو مع ذلك ينظر، و (كسف): نكس رأسه لما أخذ الرمد فيه. انظر "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٥٨، و"جمهرة اللغة" ٣/ ٢٣٧، و"الحجة" ٢/ ٧٥، و"المخصص" ١/ ١١٠، "تهذيب =
(٢) قال أبو علي: (وأما (فعَّل) فقالوا: رجل مُؤَخذٌ عن امرأته) "الحجة" ٢/ ٧٤، انظر: "تهذيب اللغة" (أخذ) ٧/ ٥٢٦، "الغريبين" ١/ ٢٤.
(٣) ذكره أبو علي عن أبي حنيفة رحمه الله. "الحجة" ٢/ ٧٤، انظر: "بدائع الصنائع" ٢/ ٣٢٢ - ٣٢٣، و"المغني" ٧/ ٦٠٢.
(٤) في "الحجة" (فقال الأصمعي فيما روى عنه الزيادي..) "الحجة" ٢/ ٧٤، وانظر "تهذيب اللغة" (أخذ) ١/ ١٢٩.
(٥) هو أبو ذؤيب الهذلي.
(٦) في (ج): (العيوب).
(٧) في هذا البيت يصف حمارًا وحشيًا، وقوله: (يرمى الغيوب) أي: ينظر ما غاب عنه خشية الصائد يرميه بطرفه حذرا، و (المغضي): الذي كف من بصره وهو مع ذلك ينظر، و (كسف): نكس رأسه لما أخذ الرمد فيه. انظر "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٥٨، و"جمهرة اللغة" ٣/ ٢٣٧، و"الحجة" ٢/ ٧٥، و"المخصص" ١/ ١١٠، "تهذيب =
627
أي: عين المُسْتأخِذ فحذف المضاف، والرمد الفاعل (١). وهذه الآية خطاب لليهود وإن كان آباؤهم أخذ الميثاق عليهم. روى أبو صالح، عن ابن عباس أنه قال. هما ميثاقان (٢): الأول (٣): حين أخرجهم من صلب آدم وأشهدهم على أنفسهم. والثاني: أن كل نبي بعث إلى قومه أخذ عليهم الميثاق بالطاعة لله والإيمان بمحمد - ﷺ - (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَرَفَعنَا فَوقَكُمُ الطُّورَ﴾. الواو ﴿وَرَفَعنَا﴾ واو الحال، المعنى إذ أخذنا ميثاقكم في حال رفع الطور (٥)، ويضمر معه قد لتصلح الحال كما ذكرنا في قوله: ﴿وَكُنتُم أَموَاتًا﴾ (٦) [البقرة: ٢٨]. ونذكر كيف أخذ الميثاق في حال رفع الطور، وأما الطور فقيل: إنه الجبل (٧)
وقوله تعالى: ﴿وَرَفَعنَا فَوقَكُمُ الطُّورَ﴾. الواو ﴿وَرَفَعنَا﴾ واو الحال، المعنى إذ أخذنا ميثاقكم في حال رفع الطور (٥)، ويضمر معه قد لتصلح الحال كما ذكرنا في قوله: ﴿وَكُنتُم أَموَاتًا﴾ (٦) [البقرة: ٢٨]. ونذكر كيف أخذ الميثاق في حال رفع الطور، وأما الطور فقيل: إنه الجبل (٧)
= اللغة" (أخذ) ١/ ١٢٩، و (غاب) ٢٦١٦، و (كسف) ٤/ ٣١٤٤، "مقاييس اللغة" ١/ ٦٩، "اللسان" (غيب) ٦/ ٣٣٢٢، و (أخذ) ٣٨١١، و (كسف) ٧/ ٣٨٧٧.
(١) هذا آخر ما نقله عن "الحجة" ٢/ ٧٥.
(٢) في (ج): (ميتاق).
(٣) في (ب): (أول).
(٤) ذكره أبو الليث عن ابن عباس ١/ ٣٧٦. وذكر ابن جرير أن المراد به الميثاق الذي أخذه منهم في قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [البقرة: ٨٣ - ٨٥]، وأخرجه بسنده عن ابن زيد. الطبري ٢/ ١٥٦، وذكر الزجاج قولين فيه: الأول: حين أخرج الناس كالذر ورجحه، والثاني: ما أخذه على الرسل ومن تبعهم. "معاني القرآن" ١/ ١١٩.
(٥) ذكر أبو حيان: أن هذه الواو تحتمل أن تكون للعطف إذا كان أخذ الميثاق متقدمًا، وإن كان أخذ الميثاق في حال رفع الطور فهي للحال. "البحر" ١/ ٢٤٣.
(٦) وقد ذكر هناك القاعدة عند الجمهور: وهي أن الجملة الفعلية الماضوية، إذا وقعت حالا فلا بد من تقدير (قد) وقيل: لا يلزم ذلك. انظر ص ٦٦٧.
(٧) في (ب): (جبل).
(١) هذا آخر ما نقله عن "الحجة" ٢/ ٧٥.
(٢) في (ج): (ميتاق).
(٣) في (ب): (أول).
(٤) ذكره أبو الليث عن ابن عباس ١/ ٣٧٦. وذكر ابن جرير أن المراد به الميثاق الذي أخذه منهم في قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [البقرة: ٨٣ - ٨٥]، وأخرجه بسنده عن ابن زيد. الطبري ٢/ ١٥٦، وذكر الزجاج قولين فيه: الأول: حين أخرج الناس كالذر ورجحه، والثاني: ما أخذه على الرسل ومن تبعهم. "معاني القرآن" ١/ ١١٩.
(٥) ذكر أبو حيان: أن هذه الواو تحتمل أن تكون للعطف إذا كان أخذ الميثاق متقدمًا، وإن كان أخذ الميثاق في حال رفع الطور فهي للحال. "البحر" ١/ ٢٤٣.
(٦) وقد ذكر هناك القاعدة عند الجمهور: وهي أن الجملة الفعلية الماضوية، إذا وقعت حالا فلا بد من تقدير (قد) وقيل: لا يلزم ذلك. انظر ص ٦٦٧.
(٧) في (ب): (جبل).
628
بالسريانية (١)، فإن صح ذلك فهو وفاق وقع (٢) بين لغتهم ولغة العرب، لأنه لا يجوز أن يوجد في القرآن إلا ما تكلمت به العرب (٣)، وهذا مما تكلم به العرب، قال العجاج:
دَانَى جَنَاحَيْهِ من الطُّورِ فَمَرْ (٤).
وقيل: إنه اسم جبل بعينه، وهو جبل بالشام (٥)، قال ذو الرمة:
دَانَى جَنَاحَيْهِ من الطُّورِ فَمَرْ (٤).
وقيل: إنه اسم جبل بعينه، وهو جبل بالشام (٥)، قال ذو الرمة:
| أَعاريبُ طُورِيُّونَ عن كُلِّ بلدة | يَحيدونَ (٦) عنها مِنْ حِذَارِ المَقادِرِ (٧) |
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٠ أ.
(٢) (وقع) ساقط من (ب).
(٣) قال القرطبي: (لا خلاف بين الأئمة أنه ليس في القرآن كلام مركب على أساليب غير العرب، وأن فيه أسماء أعلاماً.. كإسرائيل ونوح ولوط، واخلفوا هل وقع فيه ألفاظ غير أعلام مفردة من غير كلام العرب) ١/ ٦٨. فذهب الطبري في "تفسيره" إلى أن ذلك غير موجود، وكذا الثعلبي ١/ ٨٠ أ، وذهب ابن عطية إلى أنه موجود لكن العرب استعملتها قبل وغيرت فيها، فدخلت في لغتها.
(٤) الرجز من قصيدة يذكر فيها مآثر عمر بن عبد الله بن معمر التميمي وبعده:
تَقَضِّيَ البازي إذا البَازِي كَسَرْ
ضم جناحيه للانقضاض، و (تقضي): أصلها (تقضض) ثلاث ضادات فقلبت الثالثة ياء طلبا للخفة، و (البازي): الشديد من الصقور ورد البيت في "ديوان العجاج" ص ٢٨، "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٤، "تهذيب اللغة" (طرأ) ٣/ ٢١٧٣، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٣٠، "الكشاف" ٤/ ٤٢٦، "اللسان" (طرأ) ٥/ ٢٦٤٩، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٩، "الدر المصون" ١/ ٤٠٩.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٥، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٣٠، ١٥/ ٥٠٢.
(٦) في (ب): (يحيدرون).
(٧) ورد البيت في "التهذيب" (طور) ٣/ ٢٢٢٩، "اللسان" (طرأ) ٥/ ٢٦٤٩، و (طور) ٥/ ٢٧١٨، "الخزانة" ٧/ ٣٥٥، و"ديوان ذي الرمة" ٣/ ١٦٩٨، وفي بعضها (قرية) بدل (بلدة).
(٢) (وقع) ساقط من (ب).
(٣) قال القرطبي: (لا خلاف بين الأئمة أنه ليس في القرآن كلام مركب على أساليب غير العرب، وأن فيه أسماء أعلاماً.. كإسرائيل ونوح ولوط، واخلفوا هل وقع فيه ألفاظ غير أعلام مفردة من غير كلام العرب) ١/ ٦٨. فذهب الطبري في "تفسيره" إلى أن ذلك غير موجود، وكذا الثعلبي ١/ ٨٠ أ، وذهب ابن عطية إلى أنه موجود لكن العرب استعملتها قبل وغيرت فيها، فدخلت في لغتها.
(٤) الرجز من قصيدة يذكر فيها مآثر عمر بن عبد الله بن معمر التميمي وبعده:
تَقَضِّيَ البازي إذا البَازِي كَسَرْ
ضم جناحيه للانقضاض، و (تقضي): أصلها (تقضض) ثلاث ضادات فقلبت الثالثة ياء طلبا للخفة، و (البازي): الشديد من الصقور ورد البيت في "ديوان العجاج" ص ٢٨، "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٤، "تهذيب اللغة" (طرأ) ٣/ ٢١٧٣، انظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٣٠، "الكشاف" ٤/ ٤٢٦، "اللسان" (طرأ) ٥/ ٢٦٤٩، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٩، "الدر المصون" ١/ ٤٠٩.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٥، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٣٠، ١٥/ ٥٠٢.
(٦) في (ب): (يحيدرون).
(٧) ورد البيت في "التهذيب" (طور) ٣/ ٢٢٢٩، "اللسان" (طرأ) ٥/ ٢٦٤٩، و (طور) ٥/ ٢٧١٨، "الخزانة" ٧/ ٣٥٥، و"ديوان ذي الرمة" ٣/ ١٦٩٨، وفي بعضها (قرية) بدل (بلدة).
629
طوريون أي: وحشيون، يحيدون عن القرى حذار الوباء والتلف، كأنهم نسبوا إلى الطور وهو جبل بالشام.
وقال الفراء في قوله تعالى: ﴿وَالطُّورِ﴾ [الطور: ١] قال: هو الجبل الذي بمدين، كلم الله عليه موسى (١).
قال المفسرون: إن موسى لما أتاهم بالتوراة فرأوها وما فيها من التغليظ كبر ذلك عليهم وأبوا أن يقبلوا ذلك، فأمر الله جبلًا من جبال فلسطين فانقلع من أصله حتى قام على رؤوسهم مثل الظلة، وكان العسكر فرسخا في فرسخ والجبل كذلك، وأوحى الله إلى موسى إن قبلوا التوراة وإلا رضختهم بهذا الجبل، فلما رأوا ذلك وأن لا مهرب لهم، قبلوا ما فيها وسجدوا من الفزع، وجعلوا يلاحظون الجبل وهم سجود، فمن أجل ذلك يسجد اليهود على أنصاف وجوههم، فهذا معنى أخذ الميثاق في حال رفع الجبل فوقهم (٢)، لأن في هذه الحالة قيل لهم: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾ [وكان فيما آتاهم الله تعالى الإيمان بمحمد (٣) - ﷺ -.
وقوله: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾ [(٤) أي: وقلنا لكم خذوا (٥)،
وقال الفراء في قوله تعالى: ﴿وَالطُّورِ﴾ [الطور: ١] قال: هو الجبل الذي بمدين، كلم الله عليه موسى (١).
قال المفسرون: إن موسى لما أتاهم بالتوراة فرأوها وما فيها من التغليظ كبر ذلك عليهم وأبوا أن يقبلوا ذلك، فأمر الله جبلًا من جبال فلسطين فانقلع من أصله حتى قام على رؤوسهم مثل الظلة، وكان العسكر فرسخا في فرسخ والجبل كذلك، وأوحى الله إلى موسى إن قبلوا التوراة وإلا رضختهم بهذا الجبل، فلما رأوا ذلك وأن لا مهرب لهم، قبلوا ما فيها وسجدوا من الفزع، وجعلوا يلاحظون الجبل وهم سجود، فمن أجل ذلك يسجد اليهود على أنصاف وجوههم، فهذا معنى أخذ الميثاق في حال رفع الجبل فوقهم (٢)، لأن في هذه الحالة قيل لهم: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾ [وكان فيما آتاهم الله تعالى الإيمان بمحمد (٣) - ﷺ -.
وقوله: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾ [(٤) أي: وقلنا لكم خذوا (٥)،
(١) في (ب): (موسى عليه). كلام الفراء في "معاني القرآن" ٣/ ٩١.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٠ ب، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٧٧، وانظر. "الطبري" ١/ ٣٢٤، "ابن عطية" ١/ ٢٤٨، "القرطبي" ١/ ٣٧٢، "البحر المحيط" ١/ ٢٤٣.
(٣) في (ب): (لمحمد).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٥) نسب الطبري هذا القول لبعض نحوي أهل البصرة، قال: وقال بعض نحوي أهل الكوفة: أخذ الميثاق قول، فلا حاجة إلى إضمار قول، ورجَّح هذا في "تفسيره" ١/ ٣٢٦، وانظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٤٣.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٠ ب، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٧٧، وانظر. "الطبري" ١/ ٣٢٤، "ابن عطية" ١/ ٢٤٨، "القرطبي" ١/ ٣٧٢، "البحر المحيط" ١/ ٢٤٣.
(٣) في (ب): (لمحمد).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٥) نسب الطبري هذا القول لبعض نحوي أهل البصرة، قال: وقال بعض نحوي أهل الكوفة: أخذ الميثاق قول، فلا حاجة إلى إضمار قول، ورجَّح هذا في "تفسيره" ١/ ٣٢٦، وانظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٤٣.
630
وتأويل (١)] ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾ اعملوا بما أمرتم فيه وانتهوا عما نهيتم عنه.
وقوله: ﴿بِقُوَّةٍ﴾ قال ابن عباس والحسن وقتادة: بجد ومواظبة على طاعة الله واجتهاد (٢)، وتأويله: خذوا ما آتيناكم بعزيمة على طاعة الله واتباع رسله.
وقال الزجاج: أي بقوة قلب ويقين ينتفي عنده الريب (٣) والشك، لما كان (٤) لكم من عظيم الآيات، وأصل القوة: الشدة، ومنه قوة الحبل، لأنها تقوي الحبل وتشد فتله (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ﴾ الكناية تعود إلى ما في قوله: ﴿مَا آتَيْنَاكُمْ﴾ (٦). والمعنى: احفظوا ما في التوراة من الحلال والحرام، واعملوا بما فيه (٧)، وقيل: اذكروا ما فيه من الثواب والعقاب لعلكم تتقون (٨)، ويجوز أن ترجع الكناية إلى الميثاق، ويكون المعنى على حذف
وقوله: ﴿بِقُوَّةٍ﴾ قال ابن عباس والحسن وقتادة: بجد ومواظبة على طاعة الله واجتهاد (٢)، وتأويله: خذوا ما آتيناكم بعزيمة على طاعة الله واتباع رسله.
وقال الزجاج: أي بقوة قلب ويقين ينتفي عنده الريب (٣) والشك، لما كان (٤) لكم من عظيم الآيات، وأصل القوة: الشدة، ومنه قوة الحبل، لأنها تقوي الحبل وتشد فتله (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ﴾ الكناية تعود إلى ما في قوله: ﴿مَا آتَيْنَاكُمْ﴾ (٦). والمعنى: احفظوا ما في التوراة من الحلال والحرام، واعملوا بما فيه (٧)، وقيل: اذكروا ما فيه من الثواب والعقاب لعلكم تتقون (٨)، ويجوز أن ترجع الكناية إلى الميثاق، ويكون المعنى على حذف
(١) من قوله (وقوله: خذو..) إلى هنا ساقط من (ب).
(٢) ذكر الطبري في "تفسيره" نحوه عن مجاهد، وأبي العالية، وقتادة، وابن زيد ١/ ٣٢٦، وكذا عند "ابن أبي حاتم" ١/ ٣٩٨، وذكره الماوردي عن ابن عباس، وقتادة والسدي "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٤، وكذا القرطبي في "تفسيره" ١/ ٣٧٢، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٧٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٠ ب.
(٣) في (ب): (الرتب).
(٤) في "معاني القرآن" (بان) ١/ ١٢٠.
(٥) في "تهذيب اللغة": (القوة) الخُصْلة الواحدة من قوى الحبل، وقيل: هي الطاقة الواحدة من طاقات الحبل. (قوى) ٣/ ٣٠٧٠.
(٦) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٣٢، "البحر المحيط" ١/ ٢٤٤، "الدر المصون" ١/ ٤٠٩.
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٦، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٠ ب.
(٨) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٦، و"تفسير أبي الليث"١/ ٣٧٧.
(٢) ذكر الطبري في "تفسيره" نحوه عن مجاهد، وأبي العالية، وقتادة، وابن زيد ١/ ٣٢٦، وكذا عند "ابن أبي حاتم" ١/ ٣٩٨، وذكره الماوردي عن ابن عباس، وقتادة والسدي "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٤، وكذا القرطبي في "تفسيره" ١/ ٣٧٢، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٧٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٠ ب.
(٣) في (ب): (الرتب).
(٤) في "معاني القرآن" (بان) ١/ ١٢٠.
(٥) في "تهذيب اللغة": (القوة) الخُصْلة الواحدة من قوى الحبل، وقيل: هي الطاقة الواحدة من طاقات الحبل. (قوى) ٣/ ٣٠٧٠.
(٦) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٣٢، "البحر المحيط" ١/ ٢٤٤، "الدر المصون" ١/ ٤٠٩.
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٦، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٠ ب.
(٨) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٦، و"تفسير أبي الليث"١/ ٣٧٧.
631
المضاف، كأنه قيل: واذكروا ما في نقض الميثاق من العقوبة لعلكم تتقون.
٦٤ - قوله تعالى: ﴿وثُمَ تَوَلَّيتُم﴾ التولي في اللغة يستعمل على ثلاث معان (١): يكون بمعنى الإعراض كالذي في هذه الآية، ومعناه: أعرضتم وعصيتم (٢)، ومثله: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ [محمد: ٣٨] أي تعرضوا عن الإسلام.
ويكون (٣) بمعنى الاتباع، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٥١]، معناه: من يتبعهم وينصرهم.
ويقال: توليت الأمر توليا، إذا وليته بنفسك (٤)، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ﴾ [النور: ١١]، أي: ولي وزر الإفك وإشاعته (٥).
ومعنى توليتم هاهنا، أي: أعرضتم عن أمر الله وطاعته.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ قيل من بعد (٦) أخذ الميثاق. ﴿فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ بتأخير العذاب عنكم (٧). وقيل: بمحمد - ﷺ - والقرآن (٨)
٦٤ - قوله تعالى: ﴿وثُمَ تَوَلَّيتُم﴾ التولي في اللغة يستعمل على ثلاث معان (١): يكون بمعنى الإعراض كالذي في هذه الآية، ومعناه: أعرضتم وعصيتم (٢)، ومثله: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ [محمد: ٣٨] أي تعرضوا عن الإسلام.
ويكون (٣) بمعنى الاتباع، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٥١]، معناه: من يتبعهم وينصرهم.
ويقال: توليت الأمر توليا، إذا وليته بنفسك (٤)، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ﴾ [النور: ١١]، أي: ولي وزر الإفك وإشاعته (٥).
ومعنى توليتم هاهنا، أي: أعرضتم عن أمر الله وطاعته.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ قيل من بعد (٦) أخذ الميثاق. ﴿فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ بتأخير العذاب عنكم (٧). وقيل: بمحمد - ﷺ - والقرآن (٨)
(١) أخذه عن "تهذيب اللغة" (ولى) ١/ ٣٩٥٧، وانظر: "إصلاح الوجوه والنظائر" ص ٤٩٩، و"نزهة الأعين" النواظر ص ٢١٥، و"مفردات الراغب" ص ٥٣٤.
(٢) في (ب): (نسيتم).
(٣) في (ب): (وتكون).
(٤) لعل هذا المعنى هو الثالث عند المؤلف حسب تقسيمه، وانظر "نزهة الأعين النواظر" ص ٢١٦.
(٥) انتهى ما نقله عنه "تهذيب اللغة" (ولى) ١/ ٣٩٥٧.
(٦) (بعد) ساقط من (ب).
(٧) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٨٠ ب، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٨، وقال الزجاج من بعد ذلك: أي بعد الآيات العظام. "معاني القرآن" ١/ ١٢٠، وقال الماوردي: من بعد خروج موسى من بين أظهركم "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٥.
(٨) (والقرآن) ساقط من (ج). وقد ذكر الطبري عن أبي العالية: فضل الله: الإسلام، =
(٢) في (ب): (نسيتم).
(٣) في (ب): (وتكون).
(٤) لعل هذا المعنى هو الثالث عند المؤلف حسب تقسيمه، وانظر "نزهة الأعين النواظر" ص ٢١٦.
(٥) انتهى ما نقله عنه "تهذيب اللغة" (ولى) ١/ ٣٩٥٧.
(٦) (بعد) ساقط من (ب).
(٧) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٨٠ ب، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٨، وقال الزجاج من بعد ذلك: أي بعد الآيات العظام. "معاني القرآن" ١/ ١٢٠، وقال الماوردي: من بعد خروج موسى من بين أظهركم "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٥.
(٨) (والقرآن) ساقط من (ج). وقد ذكر الطبري عن أبي العالية: فضل الله: الإسلام، =
﴿لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ فمن آمن بحمد بعد ما كان في الضلالة لم يكن من الخاسرين، وذكرنا معنى الخسران فيما تقدم (١)، ومعناه ذهاب رأس المال، وهو هاهنا هلاك النفس لأنها بمنزلة رأس المال (٢).
٦٥ - قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ﴾ العلم (٣) هاهنا بمعنى المعرفة كقوله: ﴿لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ [الأنفال: ٦٠]، ولولاه لاقتضى مفعولًا ثانيا، ألا ترى أنك إذا قلت: علمت زيدًا قائمَّاً [كان قائما] (٤) مفعولًا ثانيا، وإذا قلت: عرفت زيدا قائما، [كان قائما] (٥) حالا ولم يكن مفعولًا ثانيا، وإذا كان العلم بمعنى المعرفة جاز الاقتصار على أحد المفعولين (٦).
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ﴾ أي: جاوزوا (٧) ما حد لهم، كانوا أُمروا أن لا يصيدوا في السبت، فحبسوها في السبت وأخذوها في الأحد، فعدوا في السبت، لأن صيدها منعها من التصرف (٨).
٦٥ - قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ﴾ العلم (٣) هاهنا بمعنى المعرفة كقوله: ﴿لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ [الأنفال: ٦٠]، ولولاه لاقتضى مفعولًا ثانيا، ألا ترى أنك إذا قلت: علمت زيدًا قائمَّاً [كان قائما] (٤) مفعولًا ثانيا، وإذا قلت: عرفت زيدا قائما، [كان قائما] (٥) حالا ولم يكن مفعولًا ثانيا، وإذا كان العلم بمعنى المعرفة جاز الاقتصار على أحد المفعولين (٦).
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ﴾ أي: جاوزوا (٧) ما حد لهم، كانوا أُمروا أن لا يصيدوا في السبت، فحبسوها في السبت وأخذوها في الأحد، فعدوا في السبت، لأن صيدها منعها من التصرف (٨).
= و (رحمته): القرآن، "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٨، ونحوه عند "تفسير المارودي" ١/ ٣٥٥، وذكره ابن عطية في "تفسيره" عن قتادة ١/ ٣٣٢ - ٣٣٣، وانظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٤٤.
(١) عند تفسير قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.
(٢) (رأس المال) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (علمتم).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٩، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧٧، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٠، و"تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٥، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٣٣ - ٣٣٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٤٥.
(٧) في (ب): (جاوزا).
(٨) ذكره الزجاج في "المعاني" ١/ ١٢٠، وفيه (لأن صيدهم منعها..) أي أن حبس =
(١) عند تفسير قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.
(٢) (رأس المال) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (علمتم).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٩، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧٧، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٠، و"تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٥، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٣٣ - ٣٣٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٤٥.
(٧) في (ب): (جاوزا).
(٨) ذكره الزجاج في "المعاني" ١/ ١٢٠، وفيه (لأن صيدهم منعها..) أي أن حبس =
633
والسبت في كلام العرب معناه: القطع، يقال للحلق: السبت، لأنه قطع للشعر (١)، والسبت: السير السريع (٢)، وتأويله قطع للطريق (٣).
ومنه قول حميد (٤):
............ أمّا نَهارُها... فَسَبْتٌ (٥)...............
والسبت: السُّبَاتُ. قال الزجاج: تأويله أنه يقطع الحركة (٦). والسبت. قطعة من الدهر، كأنه بمعنى المسبوت (٧)، أي: المقطوع، وهو
ومنه قول حميد (٤):
............ أمّا نَهارُها... فَسَبْتٌ (٥)...............
والسبت: السُّبَاتُ. قال الزجاج: تأويله أنه يقطع الحركة (٦). والسبت. قطعة من الدهر، كأنه بمعنى المسبوت (٧)، أي: المقطوع، وهو
= الحيتان ومنعها من التصرف صيد. وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨١ أ.
(١) في (ب): (الشعر).
(٢) "تهذيب اللغة" (سبت) ٢/ ١٦٠٧.
(٣) في (ب): (الطريق).
(٤) هو حميد بن ثور بن عبد الله الهلالي، أحد المخضرمين من الشعراء أدرك الجاهلية والإسلام، وقيل إنه رأى النبي - ﷺ - مات في خلافة عثمان رضي الله عنهما. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ٢٤٧، "معجم الأدباء" ١١/ ٨.
(٥) وتمام البيت:
قوله: (الأقراب): جمع قرب، وهو الخاصرة، و (السبت): السير السريع، و (الذمِيل): السير البطيء. ويروى شطره الأول: بمقورة الألياط أما نهارها والاقورار هنا: الضمور، و (الألياط) جمع ليط وهو الجلد، ورد البيت في "تهذيب اللغة" (سبت) ٢/ ١٦٠٧، "جمهرة أمثال العرب" (سبت) ١/ ١٩٥، "مقاييس اللغة" ٣/ ١٢٤، وكذا في الصحاح ١/ ٢٥١، و"اللسان" ٤/ ١٩١٢، و"المخصص" ٧/ ١٠٧، و"البحر المحيط" ١/ ٢٤٠، و"ديون حميد بن ثور" ص ١١٦.
(٦) في "تهذيب اللغة" (وقال الزجاج): السبات: أن ينقطع عن الحركة والروح في بدنه..)، (سبت) ٢/ ١٦٠٧.
(٧) في (ب): (السبوت).
(١) في (ب): (الشعر).
(٢) "تهذيب اللغة" (سبت) ٢/ ١٦٠٧.
(٣) في (ب): (الطريق).
(٤) هو حميد بن ثور بن عبد الله الهلالي، أحد المخضرمين من الشعراء أدرك الجاهلية والإسلام، وقيل إنه رأى النبي - ﷺ - مات في خلافة عثمان رضي الله عنهما. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ٢٤٧، "معجم الأدباء" ١١/ ٨.
(٥) وتمام البيت:
| وَمطْويَّةُ الأَقْراب أَما نهارُها | فسبت وأَمَّا لَيْلُها فذمِيلُ |
(٦) في "تهذيب اللغة" (وقال الزجاج): السبات: أن ينقطع عن الحركة والروح في بدنه..)، (سبت) ٢/ ١٦٠٧.
(٧) في (ب): (السبوت).
634
في شعر لبيد:
وغَنِيتُ سَبْتًا (١)......... البيت
قال أبو بكر بن الأنباري: السبت القطع، وسمي السبت من الأيام سبتًا، لأن الله ابتدأ الخلق فيه، وقطع بعض الخلق، وخلق (٢) الأرض. [ويقال: أُمر فيه بنو إسرائيل بقطع الأعمال وتركها.
قال: وأخطأ من قال: سمي السبت لأن الله أمر فيه بني إسرائيل بالاستراحة، وخلق هو عز وجل السموات والأرض في ستة أيام آخرها يوم الجمعة، ثم استراح في يوم السبت.
قال: وهذا خطأ، لأنه لا يعلم في كلام العرب (سَبَتَ) بمعنى استراح، وإنما معنى سَبَتَ: قطع، ولا يوصف الله تعالى بالاستراحة لأنه لا يتعب (٣). قال: واتفق أهل العلم على أن الله ابتدأ الخلق يوم السبت ولم يخلق يوم الجمعة سماءً ولا أرضًا (٤).
وغَنِيتُ سَبْتًا (١)......... البيت
قال أبو بكر بن الأنباري: السبت القطع، وسمي السبت من الأيام سبتًا، لأن الله ابتدأ الخلق فيه، وقطع بعض الخلق، وخلق (٢) الأرض. [ويقال: أُمر فيه بنو إسرائيل بقطع الأعمال وتركها.
قال: وأخطأ من قال: سمي السبت لأن الله أمر فيه بني إسرائيل بالاستراحة، وخلق هو عز وجل السموات والأرض في ستة أيام آخرها يوم الجمعة، ثم استراح في يوم السبت.
قال: وهذا خطأ، لأنه لا يعلم في كلام العرب (سَبَتَ) بمعنى استراح، وإنما معنى سَبَتَ: قطع، ولا يوصف الله تعالى بالاستراحة لأنه لا يتعب (٣). قال: واتفق أهل العلم على أن الله ابتدأ الخلق يوم السبت ولم يخلق يوم الجمعة سماءً ولا أرضًا (٤).
(١) تمام البيت:
ويروى (بعد مجرى) وعَمَرْتُ كَرْسًا. غنيت: عشت (سبتا): دهرا، (داحس) اسم فرس. ورد البيت في "تهذيب اللغة" (سبت) ٢/ ١٦٠٧، "اللسان" (سبت) ٤/ ١٩١٢، و (عمر) ٥/ ٣١٠، و"حماسة البحتري" ص ١٠٠، "المخصص" ٢/ ٦٤، "الخزانة" ٢/ ٢٥١، "البحر المحيط" ١/ ٢٤٠، وديوان لبيد مع شرحه ص ٣٥.
(٢) كذا العبارة في جميع النسخ، وفي "الزاهر" (وقطع فيه بعض خلق الأرض..) ٢/ ١٤٥، ومثله في "تهذيب اللغة" (سبت) ٢/ ١٦٠٧، والنص منه.
(٣) منهج السلف في باب الصفات التزام النص، فيثبتون لله ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله - ﷺ - وينفون عنه ما أنفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله، وما لم يرد فيه نص فيلتزمون فيه الخفي المجمل من دون تفصيل في النفي. ولم ترد الاستراحة في نص.
(٤) "الزاهر" لابن الأنباري ٢/ ١٤٥، "تهذيب اللغة" (سبت) ٢/ ١٦٠٧.
| وغَنَيِتُ سَبْتاَ قبل مُجْرَى داحس | لو كان للنفس اللجُوجِ خُلُودُ |
(٢) كذا العبارة في جميع النسخ، وفي "الزاهر" (وقطع فيه بعض خلق الأرض..) ٢/ ١٤٥، ومثله في "تهذيب اللغة" (سبت) ٢/ ١٦٠٧، والنص منه.
(٣) منهج السلف في باب الصفات التزام النص، فيثبتون لله ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله - ﷺ - وينفون عنه ما أنفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله، وما لم يرد فيه نص فيلتزمون فيه الخفي المجمل من دون تفصيل في النفي. ولم ترد الاستراحة في نص.
(٤) "الزاهر" لابن الأنباري ٢/ ١٤٥، "تهذيب اللغة" (سبت) ٢/ ١٦٠٧.
635
وقوله تعالى: ﴿كُونُوا قِرَدَةً﴾ أي: كونوا بتكويننا إياكم وتغييرنا خلقكم قردة (١).
قال ابن الأنباري: كن (٢) ينقسم في كلام العرب على معان: منها: أن يقول الرجل للرجل: كن جبلًا فإني أهدك، وكن حديدًا فإني أغلبك، يريد لوكنت بهذا الوصف لم تَفُتْنِي (٣)، قال الله تعالى: ﴿قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا﴾ [الإسراء: ٥٠] يريد لوكنتم حجارة أو حديدا لنزل بكم الموت ووصل إليكم ألمه، ويقول الرجل للرجل إذا لم يتعلم (٤) العلم: فكن من البهائم، أي عُدَّ نفسَك مُشبهًا لها. قال الأحوص:
أي فعُدَّ نفسك من الحجارة.
قال ابن الأنباري: كن (٢) ينقسم في كلام العرب على معان: منها: أن يقول الرجل للرجل: كن جبلًا فإني أهدك، وكن حديدًا فإني أغلبك، يريد لوكنت بهذا الوصف لم تَفُتْنِي (٣)، قال الله تعالى: ﴿قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا﴾ [الإسراء: ٥٠] يريد لوكنتم حجارة أو حديدا لنزل بكم الموت ووصل إليكم ألمه، ويقول الرجل للرجل إذا لم يتعلم (٤) العلم: فكن من البهائم، أي عُدَّ نفسَك مُشبهًا لها. قال الأحوص:
| إِذَا كُنْتَ عِزْهَاةً عَنِ اللَّهْو والصِّبَا | فَكُنْ حَجَرًا مِنْ يَابِسِ الصَّخْرِ جَلْمَدَا (٥) |
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٩، و"تفسير البغوي" ١/ ٨١، و"البيان" ١/ ٩٠، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٣٦.
(٢) في (ج): (كمن في).
(٣) في (ب): (تنتنى).
(٤) كذا في (أ)، (ج)، وفي (ب) غير واضحة، ولعل الصواب (تتعلم).
(٥) ويروى شطره الأول كما في شعر الأحوص:
إِذَا أنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ تَدرِ مَا الْهَوَى
وفي كتاب الزينة:
إِذَا أنْتَ لَمْ تَطْرَبْ وَلَم تَشْهَدِ الْخَنَا
و (العِزْهَاةُ): الذى لا يحب اللهو ولا يَطْرب، ورد البيت في "الزينة" ١/ ١٢٤، "المخصص" ١٦/ ١٧٥، "الخصائص" ١/ ٢٢٩، "الشعر والشعراء" ص ٣٤٦، و"أمالي الزجاجي" ص ٧٥، و"أساس البلاغة" (عزه) ص ٢/ ١١٥، "اللسان" (عزه) ٥/ ٢٩٣٣، و"شعر الأحوص" ص ٩٨.
(٢) في (ج): (كمن في).
(٣) في (ب): (تنتنى).
(٤) كذا في (أ)، (ج)، وفي (ب) غير واضحة، ولعل الصواب (تتعلم).
(٥) ويروى شطره الأول كما في شعر الأحوص:
إِذَا أنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ تَدرِ مَا الْهَوَى
وفي كتاب الزينة:
إِذَا أنْتَ لَمْ تَطْرَبْ وَلَم تَشْهَدِ الْخَنَا
و (العِزْهَاةُ): الذى لا يحب اللهو ولا يَطْرب، ورد البيت في "الزينة" ١/ ١٢٤، "المخصص" ١٦/ ١٧٥، "الخصائص" ١/ ٢٢٩، "الشعر والشعراء" ص ٣٤٦، و"أمالي الزجاجي" ص ٧٥، و"أساس البلاغة" (عزه) ص ٢/ ١١٥، "اللسان" (عزه) ٥/ ٢٩٣٣، و"شعر الأحوص" ص ٩٨.
636
فقال الله تعالى: ﴿كُونُوا قِرَدَةً﴾] (١)
أي بتغييرنا (٢) خلقكم وتبديلنا صوركم، وهذا أمر (٣) حتم ليس للمأمور فيه اكتساب، ولا يقدر على دفعه عن نفسه (٤).
وقال (٥) بعض النحاة: الأمر يجيء على معان: على الفرض، والنفل، والإذن، والتهديد والتحدي، وعلى معنى الخبر. فالفرض مثل: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ (٦) وأشباهه، والنفل كقوله: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤]، والإذن: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ [المائدة: ٢]، والتهديد: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ [فصلت: ٤٠] (٧)، وكقوله: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ﴾ [الإسراء: ٦٤]، الآية، والتحدي: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا﴾ [البقرة: ٢٣]، وفيه معنى الإلزام، إلا أن من الإلزام ما لا يكون في المقدور أصلًا كقوله: ﴿قُل هَاتُوا بُرهَانَكُم﴾ (٨) وليس يصح برهان على صدقهم. وأمَّا بمعنى الخبر فقوله: ﴿كُونُوا قِرَدَةً﴾ (٩) أي: جعلناهم قردة (١٠)، إلا أنه جاء بلفظ الأمر على طريق البلاغة. وقد
أي بتغييرنا (٢) خلقكم وتبديلنا صوركم، وهذا أمر (٣) حتم ليس للمأمور فيه اكتساب، ولا يقدر على دفعه عن نفسه (٤).
وقال (٥) بعض النحاة: الأمر يجيء على معان: على الفرض، والنفل، والإذن، والتهديد والتحدي، وعلى معنى الخبر. فالفرض مثل: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ (٦) وأشباهه، والنفل كقوله: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤]، والإذن: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ [المائدة: ٢]، والتهديد: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ [فصلت: ٤٠] (٧)، وكقوله: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ﴾ [الإسراء: ٦٤]، الآية، والتحدي: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا﴾ [البقرة: ٢٣]، وفيه معنى الإلزام، إلا أن من الإلزام ما لا يكون في المقدور أصلًا كقوله: ﴿قُل هَاتُوا بُرهَانَكُم﴾ (٨) وليس يصح برهان على صدقهم. وأمَّا بمعنى الخبر فقوله: ﴿كُونُوا قِرَدَةً﴾ (٩) أي: جعلناهم قردة (١٠)، إلا أنه جاء بلفظ الأمر على طريق البلاغة. وقد
(١) ما بين المعقوفين غير مقروء في (ب).
(٢) في (ب): (بتغيير)، وفي (ج): (بتغيرنا).
(٣) في (ج): (امرتكم).
(٤) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٦٦ - ٣٧٧، و"البيان" ١/ ٩٠، و"البحر" ١/ ٢٤٦.
(٥) (الواو) ساقطة من (ب).
(٦) [البقرة: ٤٣، ٨٣، ١١٠، والنساء: ٧٧، والنور: ٥٦، والمزمل: ٢٠]
(٧) في (أ)، (ج): (اعملوا) تصحيف.
(٨) [البقرة: ١١١، والأنبياء: ٢٤، والنمل: ٦٤].
(٩) [البقرة: ٦٥، والأعراف: ١٦٦].
(١٠) ذكر الغزالي في المستصفى الوجوه التي يأتي عليها الأمر، ومنها الوجوه التي =
(٢) في (ب): (بتغيير)، وفي (ج): (بتغيرنا).
(٣) في (ج): (امرتكم).
(٤) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٦٦ - ٣٧٧، و"البيان" ١/ ٩٠، و"البحر" ١/ ٢٤٦.
(٥) (الواو) ساقطة من (ب).
(٦) [البقرة: ٤٣، ٨٣، ١١٠، والنساء: ٧٧، والنور: ٥٦، والمزمل: ٢٠]
(٧) في (أ)، (ج): (اعملوا) تصحيف.
(٨) [البقرة: ١١١، والأنبياء: ٢٤، والنمل: ٦٤].
(٩) [البقرة: ٦٥، والأعراف: ١٦٦].
(١٠) ذكر الغزالي في المستصفى الوجوه التي يأتي عليها الأمر، ومنها الوجوه التي =
637
يجئ الأمر والمراد منه التسوية، كقوله: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٨٠]، أي قد استوى الحالان في أنه لا يغفر.
والقردة جمع قرد، يقال: قرد، وثلاثة أَقْرِدة (١) وقُرُود وقِرَدَة كثيرة، والأنثى قِرْدَة. وأصل الحرف من اللصوق، ومنه الْقَرِد، وهو ما تلاصق من الوبر ويعقد، والقُرَادُ سمي قُرادًا للصوقه بالموضع الذي يعلق، والقرود تتلاصق إذا اجتمعت وتتداخل خوفًا من عدوها، فإنها أجبن شيء (٢).
و (٣) قوله تعالى: ﴿خَاسِئِينَ﴾ الخَسْءُ: الطرد والإبعاد، يقال: خَسأتُه خَسْأً فَخَسَأ [وانْخَسَأ (٤)، فهو واقع ومطاوع (٥).
قال الفراء والكسائي: يقال: خَساتُه خَسْأً فَخَسَأ] (٦) خُسُوءًا (٧) مثل رَجَعْتُه رَجْعًا فَرَجَعَ رُجُوعًا (٨)، ويقال للكلب عند الزجر والإبعاد: اخسأ، وأنشد الفراء:
والقردة جمع قرد، يقال: قرد، وثلاثة أَقْرِدة (١) وقُرُود وقِرَدَة كثيرة، والأنثى قِرْدَة. وأصل الحرف من اللصوق، ومنه الْقَرِد، وهو ما تلاصق من الوبر ويعقد، والقُرَادُ سمي قُرادًا للصوقه بالموضع الذي يعلق، والقرود تتلاصق إذا اجتمعت وتتداخل خوفًا من عدوها، فإنها أجبن شيء (٢).
و (٣) قوله تعالى: ﴿خَاسِئِينَ﴾ الخَسْءُ: الطرد والإبعاد، يقال: خَسأتُه خَسْأً فَخَسَأ [وانْخَسَأ (٤)، فهو واقع ومطاوع (٥).
قال الفراء والكسائي: يقال: خَساتُه خَسْأً فَخَسَأ] (٦) خُسُوءًا (٧) مثل رَجَعْتُه رَجْعًا فَرَجَعَ رُجُوعًا (٨)، ويقال للكلب عند الزجر والإبعاد: اخسأ، وأنشد الفراء:
| وَإذا زَجَرْتُ الْكَلْبَ قُلْتُ اخْسَأ لَهُ | وَالْكَلْبُ مِثْلُكَ ياخُرَيْمُ سَوَاءُ (٩) |
= وردت عند المؤلف هنا ومما ذكر: التسخير كقوله: ﴿كُونُوا قِرَدَةَ﴾ "المستصفى" ص ٢٩٣.
(١) في (ب): (أقراد) وكلها وردت في "تهذيب اللغة" عن الليث (قرد) ٣/ ٢٩٢١.
(٢) انظر: "مقاييس اللغة" (قرد) ٥/ ٨٣، ٨٤، "الصحاح" (قرد) ٢/ ٥٢٣، "اللسان" (قرد) ٦/ ٣٥٧٦.
(٣) (الواو) ساقطة من (ج).
(٤) في (ج): (الخسأ).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٩، "تهذيب اللغة" (خسأ) ١/ ١٠٢٨، "جمهرة أمثال العرب" ٣/ ٢٣٧، "الصحاح" (خسأ) ١/ ٤٧.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٧) في (ج): قال الفراء والكسائي: (خَسَأتُه مخسأ خسأ فخسا خسوءا).
(٨) انظر: "الزاهر" ٢/ ٤٨، و"الوسيط" ١/ ١٢٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٤٤٣.
(٩) لم أعثر على هذا البيت فيما اطلعت عليه، والله أعلم.
(١) في (ب): (أقراد) وكلها وردت في "تهذيب اللغة" عن الليث (قرد) ٣/ ٢٩٢١.
(٢) انظر: "مقاييس اللغة" (قرد) ٥/ ٨٣، ٨٤، "الصحاح" (قرد) ٢/ ٥٢٣، "اللسان" (قرد) ٦/ ٣٥٧٦.
(٣) (الواو) ساقطة من (ج).
(٤) في (ج): (الخسأ).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٩، "تهذيب اللغة" (خسأ) ١/ ١٠٢٨، "جمهرة أمثال العرب" ٣/ ٢٣٧، "الصحاح" (خسأ) ١/ ٤٧.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٧) في (ج): قال الفراء والكسائي: (خَسَأتُه مخسأ خسأ فخسا خسوءا).
(٨) انظر: "الزاهر" ٢/ ٤٨، و"الوسيط" ١/ ١٢٥، "تفسير القرطبي" ١/ ٤٤٣.
(٩) لم أعثر على هذا البيت فيما اطلعت عليه، والله أعلم.
638
وأنشد ابن الأنباري لعمران بن (١) حطان:
وتقدير الآية: كونوا خاسئين قردة، لأنه لولا التقديم والتأخير لكان: قردة خاسئة (٤).
٦٦ - قوله تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا﴾ الآية، اختلفوا في الكناية، فقيل: إنها راجعة إلى القردة (٥).
وقال الفراء: الكناية تعود إلى المسخة (٦)، لأن معنى: ﴿كُونُوا قِرَدَةً﴾ مسخناهم قردة، فوقعت الكناية عن الكلام المتقدم (٧).
| لاَ تَجْعَلَنْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْزِلِي | يَا رَبِّ (٢) مَنْزِلَ خَاسِئً مَدْحُورِ (٣) |
٦٦ - قوله تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا﴾ الآية، اختلفوا في الكناية، فقيل: إنها راجعة إلى القردة (٥).
وقال الفراء: الكناية تعود إلى المسخة (٦)، لأن معنى: ﴿كُونُوا قِرَدَةً﴾ مسخناهم قردة، فوقعت الكناية عن الكلام المتقدم (٧).
(١) في (ج): (عمر بن الخطاب). وابن حطان: هو عمران بن حطان من بني عمرو بن سيبان بن ذهل، كان رأس القَعدة من الصُّفْرية إحدى فرق الخوارج، وكان خطيبًا شاعرا، توفي سنة أربع وثمانين ذكر الجاحظ أخباره في "البيان والتبيين" ١/ ٤٧، والمبرد في "الكامل" ٣/ ١٦٧، وانظر: "تهذيب التهذيب" ٣/ ٣١٧.
(٢) في (ج): (يارب منزلى).
(٣) لم أجد هذا البيت فيما اطلعت عليه من شعر عمران بن حطان ضمن "ديوان الخوارج" جمع نايف محمود معروف، ولا في "شعر الخوارج" لـ (إحسان عباس).
(٤) أي لو كان (خاسئين) صفة لقردة لقال: (خاسئة)، انظر "الوسيط" ١/ ١٢٥، وللعلماء في إعرابه وجوه: الأول: أنه خبر ثانٍ لـ (كان)، أو حال من (الواو) في كونوا، أو نعت لقردة، وهذا الوجه رده المؤلف. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٤، و"المشكل" لمكي ١/ ٥٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٣٦، و"البيان" ١/ ٩٠، و"الإملاء" ١/ ٤١، "الدر المصون" ١/ ٤١٤.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٧٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨١ أ، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٥.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٣.
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٣٣، "زاد المسير" ١/ ٩٥.
(٢) في (ج): (يارب منزلى).
(٣) لم أجد هذا البيت فيما اطلعت عليه من شعر عمران بن حطان ضمن "ديوان الخوارج" جمع نايف محمود معروف، ولا في "شعر الخوارج" لـ (إحسان عباس).
(٤) أي لو كان (خاسئين) صفة لقردة لقال: (خاسئة)، انظر "الوسيط" ١/ ١٢٥، وللعلماء في إعرابه وجوه: الأول: أنه خبر ثانٍ لـ (كان)، أو حال من (الواو) في كونوا، أو نعت لقردة، وهذا الوجه رده المؤلف. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٤، و"المشكل" لمكي ١/ ٥٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٣٦، و"البيان" ١/ ٩٠، و"الإملاء" ١/ ٤١، "الدر المصون" ١/ ٤١٤.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٧٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨١ أ، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٥.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٣.
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٣٣، "زاد المسير" ١/ ٩٥.
639
وقال ابن عباس: فجعلنا تلك (١) العقوبة لهؤلاء القوم الذين مسخوا قردة وخنازير، وعلى هذا الكناية تعود إلى العقوبة (٢)، وهي مدلول عليها بقوله: ﴿كُونُوا قِرَدَةً﴾ لأن ذلك يدل على المسخ، والمسخ عقوبة، ويقال: الهاء عائدة على الأمة (٣) الذين اعتدوا، لأن قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ﴾ (٤) يدل على أنهم كانوا أمة وفرقة من الناس، فرجع العائد على المعنى (٥).
وقال الزجاج: وجعلنا هذه الفعلة عبرة (٦).
والنَّكَال (٧) اسم لما جعلته نكالًا لغيره إذا رآه خاف أن يعمل عمله (٨).
وأصل هذا من قولهم: نكل عن الأمر ينكُل نُكولًا، إذا جبن عنه، يقال: نَكَّلْت بفلان، إذا عاقبته في شيء أتاه عقوبةً تُنَكِّل غيره عن ارتكاب مثله، أي: تمنع وتردد. والنِّكْل: القيد، لأنه يمنع الجري، والنِّكْلُ: حديد اللجام (٩).
وقال الزجاج: وجعلنا هذه الفعلة عبرة (٦).
والنَّكَال (٧) اسم لما جعلته نكالًا لغيره إذا رآه خاف أن يعمل عمله (٨).
وأصل هذا من قولهم: نكل عن الأمر ينكُل نُكولًا، إذا جبن عنه، يقال: نَكَّلْت بفلان، إذا عاقبته في شيء أتاه عقوبةً تُنَكِّل غيره عن ارتكاب مثله، أي: تمنع وتردد. والنِّكْل: القيد، لأنه يمنع الجري، والنِّكْلُ: حديد اللجام (٩).
(١) (تلك) ساقط من (ج).
(٢) أخرجه الطبري عن الضحاك عن ابن عباس. الطبري ١/ ٣٣٣، وانظر: "الماوردي" ١/ ٣٥٧، "زاد المسير" ١/ ٩٥.
(٣) (الأمة) ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (الذين اعتدوا).
(٥) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٢١، و"تفسير الطبري" ١/ ٣٣٣، وأورد أقوالا أخرى منها: أنها تعود على قرية القوم الذين مسخوا، أو تعود على الحيتان، وهي وإن لم يجر لها ذكر ففي الخبر دلالة عليها، "تفسير الطبري" ٢/ ١٧٦، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٨١ ب، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٧، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٤٤.
(٦) "معاني القرآن" ١/ ١٢١، والنص من "تهذيب اللغة" (نكل) ١٠/ ٢٤٧.
(٧) في (ب): (النكل).
(٨) ذكره الأزهري عن الليث. "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦٦٥، وانظر: "اللسان" (نكل) ٨/ ٤٥٤٤.
(٩) ذكره الأزهري عن شمر. "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦٦٥، وانظر: "اللسان" ٨/ ٤٥٤٤.
(٢) أخرجه الطبري عن الضحاك عن ابن عباس. الطبري ١/ ٣٣٣، وانظر: "الماوردي" ١/ ٣٥٧، "زاد المسير" ١/ ٩٥.
(٣) (الأمة) ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (الذين اعتدوا).
(٥) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٢١، و"تفسير الطبري" ١/ ٣٣٣، وأورد أقوالا أخرى منها: أنها تعود على قرية القوم الذين مسخوا، أو تعود على الحيتان، وهي وإن لم يجر لها ذكر ففي الخبر دلالة عليها، "تفسير الطبري" ٢/ ١٧٦، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٨١ ب، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٧، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٤٤.
(٦) "معاني القرآن" ١/ ١٢١، والنص من "تهذيب اللغة" (نكل) ١٠/ ٢٤٧.
(٧) في (ب): (النكل).
(٨) ذكره الأزهري عن الليث. "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦٦٥، وانظر: "اللسان" (نكل) ٨/ ٤٥٤٤.
(٩) ذكره الأزهري عن شمر. "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦٦٥، وانظر: "اللسان" ٨/ ٤٥٤٤.
640
وقوله تعالى: ﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا﴾ قال أبو إسحاق: ﴿لِّمَا بَينَ يَدَيهَا﴾ الأمم التي تراها، ﴿وَمَا خَلْفَهَا﴾ ما يكون بعدها (١). فما في هذا القول عبارة عن الأمم.
وقال الفراء: جعلت نكالا لما مضى من الذنوب، ولما (٢) يعمل بعدها، ليخافوا (٣) أن يعملوا بما عمل الذين مسخوا فيمسخوا (٤). فعلى هذا القول (ما) عبارة عن الذنوب، والهاء في (يديها) يعود (٥) على الفرقة الممسوخة وكذلك الهاء في ﴿خَلْفَهَا﴾ (٦).
وقيل: هذا على (٧) التقديم والتأخير، تقديره: فجعلناها وما خلفها مما أعد لهم من العذاب في الآخرة عقوبةً ونكالًا لما بين يديها، أي: لما (٨) تقدم من ذنوبهم في اعتدائهم يوم السبت (٩).
وقال الفراء: جعلت نكالا لما مضى من الذنوب، ولما (٢) يعمل بعدها، ليخافوا (٣) أن يعملوا بما عمل الذين مسخوا فيمسخوا (٤). فعلى هذا القول (ما) عبارة عن الذنوب، والهاء في (يديها) يعود (٥) على الفرقة الممسوخة وكذلك الهاء في ﴿خَلْفَهَا﴾ (٦).
وقيل: هذا على (٧) التقديم والتأخير، تقديره: فجعلناها وما خلفها مما أعد لهم من العذاب في الآخرة عقوبةً ونكالًا لما بين يديها، أي: لما (٨) تقدم من ذنوبهم في اعتدائهم يوم السبت (٩).
(١) ما ذكره أحد قولين أوردهما الزجاج في "المعاني" ١/ ١٢١، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٣٣.
(٢) في (ج): (يعملوا).
(٣) في (ب): (ليخافون).
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٣، وهو قول للزجاج. انظر: "المعاني" ١/ ١٢١، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٣٣ - ٣٣٤.
(٥) في (ج): (تعود).
(٦) رجح الطبري في "تفسيره" أنها تعود على (العقوبة) ١/ ٣٣٥، وذكر مكي: ثلاثة أقوال وهي، أنها تعود على القردة، أو المسخة، أو العقوبة. "المشكل" ١/ ٥٢، وانظر: "البيان" ١/ ٩١.
(٧) (على) ساقط من (ب).
(٨) في (ب): (أي التقديم).
(٩) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٨١ ب، وانظر: "تفسير البغوي" ١/ ٨١.
(٢) في (ج): (يعملوا).
(٣) في (ب): (ليخافون).
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٣، وهو قول للزجاج. انظر: "المعاني" ١/ ١٢١، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٣٣ - ٣٣٤.
(٥) في (ج): (تعود).
(٦) رجح الطبري في "تفسيره" أنها تعود على (العقوبة) ١/ ٣٣٥، وذكر مكي: ثلاثة أقوال وهي، أنها تعود على القردة، أو المسخة، أو العقوبة. "المشكل" ١/ ٥٢، وانظر: "البيان" ١/ ٩١.
(٧) (على) ساقط من (ب).
(٨) في (ب): (أي التقديم).
(٩) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٨١ ب، وانظر: "تفسير البغوي" ١/ ٨١.
641
المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
عماد البحث العلمي
التَّفْسِيرُ البَسِيْط
لأبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي
(ت٤٦٨هـ)
سورة البقرة من آية (٦٧) -آية (١٩٥)
تحقيق
د. محمد بن عبد العزيز الخضيري
أشرف على طباعته وإخراجه
الجزء الثالث
وزارة التعليم العالي
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
عماد البحث العلمي
التَّفْسِيرُ البَسِيْط
لأبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي
(ت٤٦٨هـ)
سورة البقرة من آية (٦٧) -آية (١٩٥)
تحقيق
د. محمد بن عبد العزيز الخضيري
أشرف على طباعته وإخراجه
| د. عبد العزيز بن سطام آل سعود | أ. د. تركى بن سهو العتيبي |
1
المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
جامعة الإِمام محمد بن سعود الإسلامية
عماد البحث العلمي
التَّفْسِيرُ البَسِيْط
لأبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي
(ت٤٦٨هـ)
سورة البقرة من آية (٦٧) -آية (١٩٥)
تحقيق
د. محمد بن عبد العزيز الخضيري
أشرف على طباعته وإخراجه
الجزء الثالث
وزارة التعليم العالي
جامعة الإِمام محمد بن سعود الإسلامية
عماد البحث العلمي
التَّفْسِيرُ البَسِيْط
لأبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي
(ت٤٦٨هـ)
سورة البقرة من آية (٦٧) -آية (١٩٥)
تحقيق
د. محمد بن عبد العزيز الخضيري
أشرف على طباعته وإخراجه
| د. عبد العزيز بن سطام آل سعود | أ. د. تركى بن سهو العتيبي |
2
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ١٤٣٠هـ
فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر
الواحدي، علي بن أحمد
التفسير البسيط لأبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي
(ت٤٦٨هـ)./ علي بن أحمد الواحدي، محمد بن صالح بن
عبد الله الفوزان، الرياض١٤٣٠هـ.
٢٥مج. (سلسلة الرسائل الجامعية)
ردمك: ٤ - ٨٥٧ - ٠٤ - ٩٩٦٠ - ٩٧٨ (مجموعة)
١ - ٨٥٨ - ٠٤ - ٩٩٦٠ - ٩٧٨ (ج١)
١ - القرآن تفسير... ٢ - الواحدي، علي بن أحمد
أ- العنوان... ب- السلسة
ديوي ٣. ٢٢٧... ٨٦٨/ ١٤٣٠
رقم الإيداع: ٨٦٨/ ١٤٣٠هـ
ردمك ٤ - ٨٥٧ - ٠٤ - ٩٩٦٠ - ٩٧٨ (مجموعة)
١ - ٨٥٨ - ٠٤ - ٩٩٦٠ - ٩٧٨ (ج١)
فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر
الواحدي، علي بن أحمد
التفسير البسيط لأبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي
(ت٤٦٨هـ)./ علي بن أحمد الواحدي، محمد بن صالح بن
عبد الله الفوزان، الرياض١٤٣٠هـ.
٢٥مج. (سلسلة الرسائل الجامعية)
ردمك: ٤ - ٨٥٧ - ٠٤ - ٩٩٦٠ - ٩٧٨ (مجموعة)
١ - ٨٥٨ - ٠٤ - ٩٩٦٠ - ٩٧٨ (ج١)
١ - القرآن تفسير... ٢ - الواحدي، علي بن أحمد
أ- العنوان... ب- السلسة
ديوي ٣. ٢٢٧... ٨٦٨/ ١٤٣٠
رقم الإيداع: ٨٦٨/ ١٤٣٠هـ
ردمك ٤ - ٨٥٧ - ٠٤ - ٩٩٦٠ - ٩٧٨ (مجموعة)
١ - ٨٥٨ - ٠٤ - ٩٩٦٠ - ٩٧٨ (ج١)
3
التَّفْسِيرُ البَسِيْط
لأبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي
(ت٤٦٨هـ)
[٣]
لأبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي
(ت٤٦٨هـ)
[٣]
4
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
5
باقي تفسير سورة البقرة
6
٦٧ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ﴾ الآية. قال الليث (١): القوم الرجال دون النساء، ومنه قوله عز وجل: ﴿لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ﴾ [الحجرات: ١١] أي رجال من رجال، ثم قال: ﴿وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ﴾ قال زهير (٢):
وقوم كل رجل: شيعته وعشيرته (٥).
وقال أبو العباس: القوم والنفر والرهط معناه الجمع، ولا واحد لها من لفظها، وهم الرجال دون النساء (٦). والمراد بالقوم هاهنا شيعة موسى وأتباعه. وقد يذكر القوم فيدخل فيه النساء كقوله: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ﴾ [نوح: ١] وكان مرسلاً إلى الإناث والذكور جميعاً، وجاز ذلك لأن
| وَمَا أَدْرِي وَسَوْفَ إخَالُ (٣) أدْرِي | أَقَوْمٌ آل حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ (٤) |
وقال أبو العباس: القوم والنفر والرهط معناه الجمع، ولا واحد لها من لفظها، وهم الرجال دون النساء (٦). والمراد بالقوم هاهنا شيعة موسى وأتباعه. وقد يذكر القوم فيدخل فيه النساء كقوله: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ﴾ [نوح: ١] وكان مرسلاً إلى الإناث والذكور جميعاً، وجاز ذلك لأن
(١) هو: الليث بن المظفر، وقيل: ابن، وقيل: ابن رافع بن يسار الخرساني، وكان بارعا في الأدب، بصيرًا بالشعر والغريب والنحو، وكان كاتبا للبرامكة. ينظر: "بغية الوعاة" ٢/ ٢٧٠، و"معجم الأدباء" ١٧/ ٤٣.
(٢) هو: زهير بن أبي سلمة بن رباح، شاعر جاهلي، نت نزينة من الطبقة الأولى من فحول "الشعراء الجاهليين"، كان له من الشعر ما لم يكن لغيره، توفي سنة ١٣ قبل الهجرة. ينظر: "الشعر والشعراء" ١/ ٦٩، "الأعلام" ٣/ ٥٢.
(٣) في (أ)، (ج): (أخاك)
(٤) البيت من قصيدة قالها زهير في هجاء بيت من كلب من بني عليم. ورد في "تهذيب اللغة" (قام) ٣/ ٢٨٦٣، و"مجمل اللغة" (قوم) ٢/ ٧٣٨، "المقاييس" (قوم) ٥/ ٤٣، و"المعاني الكبير" ١/ ٥٩٣، و"المخصص" ٣/ ١١٩، و"مغني اللبيب" ١/ ٤١، ١٣٩، ٢/ ٣٩٣، ٣٩٨، و"الهمع" ٢/ ٢٣٠، ٤/ ٥٤، ٣٧٦، و"معاهد التنصيص" ٣/ ١٦٥، و"اللسان" (قوم) ٦/ ٣٧٨٦، و"فتح القدير" ١/ ١٣٥.
(٥) انتهى كلام الليث. "تهذيب اللغة" (قام) ٣/ ٢٨٦٣، وانظر: "الزاهر" ٢/ ١٦٩، "اللسان" (قوم) ٦/ ٣٧٨٦.
(٦) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" عن المنذري عن أبي العباس (قام) ٣/ ٢٨٦٣، وانظر: "اللسان" (قوم) ٦/ ٣٧٨٦.
(٢) هو: زهير بن أبي سلمة بن رباح، شاعر جاهلي، نت نزينة من الطبقة الأولى من فحول "الشعراء الجاهليين"، كان له من الشعر ما لم يكن لغيره، توفي سنة ١٣ قبل الهجرة. ينظر: "الشعر والشعراء" ١/ ٦٩، "الأعلام" ٣/ ٥٢.
(٣) في (أ)، (ج): (أخاك)
(٤) البيت من قصيدة قالها زهير في هجاء بيت من كلب من بني عليم. ورد في "تهذيب اللغة" (قام) ٣/ ٢٨٦٣، و"مجمل اللغة" (قوم) ٢/ ٧٣٨، "المقاييس" (قوم) ٥/ ٤٣، و"المعاني الكبير" ١/ ٥٩٣، و"المخصص" ٣/ ١١٩، و"مغني اللبيب" ١/ ٤١، ١٣٩، ٢/ ٣٩٣، ٣٩٨، و"الهمع" ٢/ ٢٣٠، ٤/ ٥٤، ٣٧٦، و"معاهد التنصيص" ٣/ ١٦٥، و"اللسان" (قوم) ٦/ ٣٧٨٦، و"فتح القدير" ١/ ١٣٥.
(٥) انتهى كلام الليث. "تهذيب اللغة" (قام) ٣/ ٢٨٦٣، وانظر: "الزاهر" ٢/ ١٦٩، "اللسان" (قوم) ٦/ ٣٧٨٦.
(٦) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" عن المنذري عن أبي العباس (قام) ٣/ ٢٨٦٣، وانظر: "اللسان" (قوم) ٦/ ٣٧٨٦.
7
الغالب من أمر (١) النساء اتباع الأزواج فاكتفى بهم منهن لغلبتهم عليهن (٢).
وقوله تعالى: ﴿أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ البقرة واحدة (٣) البقر. الأصمعي: يقال: رأيت لبني فلان بَقَرًا وبَقِيرًا وبَاقُورَةً وبَاقِرًا (٤) وبَوَاقِرَ، كله جمع البقر، وأنشد (٥):
بَوَاقِرُ جُلْحٌ أسْكَنَتْها الْمَرَاتِعُ (٦)
وقال آخر (٧):
خَلَقًا كَحَوْضِ الْبَاقِرِ الْمُتَهَدِّمِ (٨)
ويقال لجماعة البقرة: بيْقُور (٩) أيضاً، وقال أمية (١٠):
وقوله تعالى: ﴿أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ البقرة واحدة (٣) البقر. الأصمعي: يقال: رأيت لبني فلان بَقَرًا وبَقِيرًا وبَاقُورَةً وبَاقِرًا (٤) وبَوَاقِرَ، كله جمع البقر، وأنشد (٥):
بَوَاقِرُ جُلْحٌ أسْكَنَتْها الْمَرَاتِعُ (٦)
وقال آخر (٧):
خَلَقًا كَحَوْضِ الْبَاقِرِ الْمُتَهَدِّمِ (٨)
ويقال لجماعة البقرة: بيْقُور (٩) أيضاً، وقال أمية (١٠):
(١) (من أمر النساء) ساقط من (ب).
(٢) ذكره ابن الأنباري في "الزاهر" ٢/ ١٧٠.
(٣) في (ب): (واحد).
(٤) في (ج): (باقر).
(٥) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (قال: قال أبو نصر: قال الأصمعي... ثم ذكره، وفيه: وأنشدني ابن أبي طرفة. (بقر) ١/ ٣٧٠، وانظر: "جمهرة أمثال العرب" ١/ ٢٧، "الصحاح" (بقر) ٢/ ٥٩٤، "مقاييس اللغة" (بقر) ١/ ٢٧٨.
(٦) في (ب): (المرابع). والبيت لقيس بن العَيْزَارَة وشطره الأول:
فَسَكَّنْتُهُمْ بِالْقَوْلِ حَتَّى كَأَنَّهُمْ
و (الجُلْح): البقر لا قرون لها، (أسكنتها المراتع): طابت أنفسها بالمرعى فسكنت. ورد البيت في "شرح أشعار الهذليين" ٢/ ٥٩٠، "تهذيب اللغة" (بقر) ١/ ٣٧٠، "مقاييس اللغة" ١/ ٢٧٨، "اللسان" (بقر) ١/ ٤٢٣، و (جلح) ٢/ ٦٥١.
(٧) هو الحارث بن خالد المخزومي كما في "جمهرة أمثال العرب" ١/ ٢٧٠.
(٨) البيت بتمامه:
ورد البيت في "جمهرة أمثال العرب" ١/ ٢٧٠، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٨٤ أ، والسجاوندي في ص ٥٣، و"البحر المحيط" ١/ ٢٥٤.
(٩) "تهذيب اللغة" (بقر) ١/ ٣٧٠، وانظر: "جمهرة أمثال العرب" ١/ ٢٧٠.
(١٠) هو: أمية بن أبي الصلت.
(٢) ذكره ابن الأنباري في "الزاهر" ٢/ ١٧٠.
(٣) في (ب): (واحد).
(٤) في (ج): (باقر).
(٥) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (قال: قال أبو نصر: قال الأصمعي... ثم ذكره، وفيه: وأنشدني ابن أبي طرفة. (بقر) ١/ ٣٧٠، وانظر: "جمهرة أمثال العرب" ١/ ٢٧، "الصحاح" (بقر) ٢/ ٥٩٤، "مقاييس اللغة" (بقر) ١/ ٢٧٨.
(٦) في (ب): (المرابع). والبيت لقيس بن العَيْزَارَة وشطره الأول:
فَسَكَّنْتُهُمْ بِالْقَوْلِ حَتَّى كَأَنَّهُمْ
و (الجُلْح): البقر لا قرون لها، (أسكنتها المراتع): طابت أنفسها بالمرعى فسكنت. ورد البيت في "شرح أشعار الهذليين" ٢/ ٥٩٠، "تهذيب اللغة" (بقر) ١/ ٣٧٠، "مقاييس اللغة" ١/ ٢٧٨، "اللسان" (بقر) ١/ ٤٢٣، و (جلح) ٢/ ٦٥١.
(٧) هو الحارث بن خالد المخزومي كما في "جمهرة أمثال العرب" ١/ ٢٧٠.
(٨) البيت بتمامه:
| مَالِي رَأَيْتُكَ بَعْدَ أَهْلِكَ مُوحِشًا | قَفْرًا كَحَوْضِ البَاقِر المُتهَدمِ |
(٩) "تهذيب اللغة" (بقر) ١/ ٣٧٠، وانظر: "جمهرة أمثال العرب" ١/ ٢٧٠.
(١٠) هو: أمية بن أبي الصلت.
8
وعَالَت الْبَيْقُورَا (١)
وقيل: إن أصل الحرف من الْبَقْر الذي هو الشقّ، يقال: بقر بطنه إذا شقّه وفتحه، وكان يقال لمحمد بن علي بن الحسين (٢) رضي الله عنهما "الباقر"، لأنه بقر العلم وعرف أصله، أي شقه وفتحه (٣).
والْبَقِيرُ: ثوب يشق فتلقيه المرأة في عنقها من غير كُمَّيْن ولا جيب (٤). والبقر جنس شأنها أن تشق الأرض في الْكِرَاب (٥).
وقيل: إن أصل الحرف من الْبَقْر الذي هو الشقّ، يقال: بقر بطنه إذا شقّه وفتحه، وكان يقال لمحمد بن علي بن الحسين (٢) رضي الله عنهما "الباقر"، لأنه بقر العلم وعرف أصله، أي شقه وفتحه (٣).
والْبَقِيرُ: ثوب يشق فتلقيه المرأة في عنقها من غير كُمَّيْن ولا جيب (٤). والبقر جنس شأنها أن تشق الأرض في الْكِرَاب (٥).
(١) تمامه:
و (السلع): نبت، و (عائل): من قولهم: عالني أثقلني، و (عالت البيقورا): أي أثقلت هذه السنة البيقور بالهزال. قال في مغني اللبيب: قال عيسى بن عمر: لا أدري ما معناه، ولا رأيت أحدا يعرفه، وقال غيره: كانوا إذا أرادوا الاستسقاء في سنة الجدب عقدوا في أذناب البقر وبين عراقيبها السَّلْع والعُشَر، وهما ضربان من الشجر، ثم أوقدوا فيها النار وصعدوا بها الجبال، ورفعوا أصواتهم بالدعاء. "مغني اللبيب" ١/ ٣١٤، وانظر: "جمهرة أمثال العرب" ١/ ٢٧٠، "تهذيب اللغة" (بقر) ١/ ٣٧٠، و (سلع) ٢/ ١٧٣٣، "الأزهية" ص ٨١، "اللسان" (بقر) ١/ ٣٢٤، و (علا) ٥/ ٣٠٩٠.
(٢) في (ب) (الحسين الباقر). وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، أبو جعفر، الباقر خامس الأئمة الاثني عشر عند الشيعة الإمامية، كان ناسكًا عابدًا، توفي سنة أربع عشرة ومائة، وقيل: ثماني عشرة. انظر: "حلية الأولياء" ٣/ ١٨٠، "تهذيب التهذيب" ٥/ ٣٠٩٠.
(٣) "تهذيب اللغة" (بقر) ١/ ٣٦٩، "الصحاح" (بقر) ٢/ ٥٩٥. وذكر ابن فارس أن (الباء، والقاف، والراء: أصلان: الأول: البقر، والثاني: التوسع في الشيء وفتح الشيء، قال: وزعموا أنه أصل واحد وسميت البقر لأنها تبقر الأرض، قال: وليس ذلك بشيء. انظر: "مقاييس اللغة" ١/ ٢٧٧ - ٢٨٠.
(٤) ذكره في "تهذيب اللغة" عن أبي عبيد عن الأصمعي ١/ ٣٦٩.
(٥) (الكراب): بياض في: (ب). و (الْكِراَبُ): هو حرث الأرض وقلبها. انظر: "اللسان" (كرب) ٧/ ٣٨٤٧.
| سَلْعٌ مَّا وَمِثْلُهُ عُشَرٌ مَّا | عَائِلٌ مَّا وَعَالَتِ الْبَيْقَورَا |
(٢) في (ب) (الحسين الباقر). وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، أبو جعفر، الباقر خامس الأئمة الاثني عشر عند الشيعة الإمامية، كان ناسكًا عابدًا، توفي سنة أربع عشرة ومائة، وقيل: ثماني عشرة. انظر: "حلية الأولياء" ٣/ ١٨٠، "تهذيب التهذيب" ٥/ ٣٠٩٠.
(٣) "تهذيب اللغة" (بقر) ١/ ٣٦٩، "الصحاح" (بقر) ٢/ ٥٩٥. وذكر ابن فارس أن (الباء، والقاف، والراء: أصلان: الأول: البقر، والثاني: التوسع في الشيء وفتح الشيء، قال: وزعموا أنه أصل واحد وسميت البقر لأنها تبقر الأرض، قال: وليس ذلك بشيء. انظر: "مقاييس اللغة" ١/ ٢٧٧ - ٢٨٠.
(٤) ذكره في "تهذيب اللغة" عن أبي عبيد عن الأصمعي ١/ ٣٦٩.
(٥) (الكراب): بياض في: (ب). و (الْكِراَبُ): هو حرث الأرض وقلبها. انظر: "اللسان" (كرب) ٧/ ٣٨٤٧.
9
وقوله تعالى: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ يقرأ بالتخفيف والتثقيل (١)، وذلك (٢) أن كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم (٣)، فمن العرب من يثقله، ومنهم من يخففه، نحو: العُسْر واليُسْر والحُكْم (٤) والرُّحْم (٥)، وكذلك ما كان على فُعُل من الجموع قد استمر فيه الوجهان نحو: الكتب، والرسل وحتى جاء ذلك في العين إذا كانت واوا نحو:
........ سُوُكَ الإِسْحِلِ (٦)
وقوله:
........ سُوُكَ الإِسْحِلِ (٦)
وقوله:
(١) قرأ حفص بضم الزاي من غير همز، وحمزة بإسكان الزاي، وبالهمز في الوصل، فإذا وقف أبدل الهمزة واواً اتباعا للخط. وبقية السبعة بالضم والهمزة التيسير ص ٧٤، وانظر: "السبعة" ص ١٥٨، و"الحجة" لأبي علي ٢/ ١٠٠.
(٢) في (ب): (وكذلك).
(٣) في "الحجة" لأبي علي: (قال أبو الحسن: زعم عيسى أن كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم.... الخ) نقل عن أبي علي بتصرف. "الحجة" ٢/ ١٠٥.
(٤) في (أ)، (ج): (الحلم)، وأثبت ما في (ب) لأنه يوافق ما في "الحجة" ١/ ١٠٥.
(٥) عند تثقيلها يقال: (العُسُر)، (اليُسُر)، و (الحُكُم)، و (الرُّحُم). وهذا آخر ما حكاه أبو علي عن أبي الحسن عن عيسى. انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧٨، و"الحجة" ١/ ١٠٥، وانظر: "الكشف" لمكي١/ ٤٤٨، و"حجة القراءات" لابن زنجلة ص ١٠١.
(٦) البيت لعبد الرحمن بن حسان، وتمامه:
(الأحم): الأسود، و (اللثات): جمع لثة وهي ما حول الأسنان، (سوك): جمع مسواك، و (الإسْحِل): شجر يستاك به. ورد في "الحجة" ٢/ ١٠٥، "المقتضب" ١/ ١١٣، "المخصص" ١١/ ١٩٢، "الصحاح" ٤/ ١٥٩٣، "المنصف" ١/ ٣٣٨، "شرح المفصل" ١٠/ ٨٤.
(٢) في (ب): (وكذلك).
(٣) في "الحجة" لأبي علي: (قال أبو الحسن: زعم عيسى أن كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم.... الخ) نقل عن أبي علي بتصرف. "الحجة" ٢/ ١٠٥.
(٤) في (أ)، (ج): (الحلم)، وأثبت ما في (ب) لأنه يوافق ما في "الحجة" ١/ ١٠٥.
(٥) عند تثقيلها يقال: (العُسُر)، (اليُسُر)، و (الحُكُم)، و (الرُّحُم). وهذا آخر ما حكاه أبو علي عن أبي الحسن عن عيسى. انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧٨، و"الحجة" ١/ ١٠٥، وانظر: "الكشف" لمكي١/ ٤٤٨، و"حجة القراءات" لابن زنجلة ص ١٠١.
(٦) البيت لعبد الرحمن بن حسان، وتمامه:
| أغَرُّ الثَّنايا أحمُّ اللِّثا | ت تَمْنَحهُ سُوُكُ الإسْحِلِ |
10
وفي الأَكُفِّ اللامِعاتِ سُوُر (١)
وأما فُعْل في جمع أفعل نحو أحْمر وحُمْر، وكأنهم ألزموه الإسكان للفصل بين الجمعين، وقد جاء فيه التحريك في الشعر (٢).
ومعنى قوله: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ قال أبو زيد: هَزِئتُ به (٣) هُزْءًا وَمهْزَأةً، وهذا لا يخلو من أحد أمرين (٤)، أحدهما: أن يكون المضاف محذوفا؛ لأن الهُزْءَ حَدَثٌ، والمفعول الثاني من هذا الفعل يكون الأول كقوله: ﴿لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [الممتحنة: ١] ويكون التقدير: أتتخذنا أصحاب هزء. أو يكون جعل الهُزْءَ المهزوءَ به مثل الخلْق (٥) والصيد. وقوله (٦): ﴿لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا﴾ [المائدة: ٥٧] لا يحتاج فيه إلى تقدير
وأما فُعْل في جمع أفعل نحو أحْمر وحُمْر، وكأنهم ألزموه الإسكان للفصل بين الجمعين، وقد جاء فيه التحريك في الشعر (٢).
ومعنى قوله: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ قال أبو زيد: هَزِئتُ به (٣) هُزْءًا وَمهْزَأةً، وهذا لا يخلو من أحد أمرين (٤)، أحدهما: أن يكون المضاف محذوفا؛ لأن الهُزْءَ حَدَثٌ، والمفعول الثاني من هذا الفعل يكون الأول كقوله: ﴿لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [الممتحنة: ١] ويكون التقدير: أتتخذنا أصحاب هزء. أو يكون جعل الهُزْءَ المهزوءَ به مثل الخلْق (٥) والصيد. وقوله (٦): ﴿لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا﴾ [المائدة: ٥٧] لا يحتاج فيه إلى تقدير
(١) البيت لعدي بن زيد كما في "الكتاب" وشطره الأول:
عن مُبْرِقَاتٍ بالبُريْنِ تبدو
(المبرقات): النساء المتزينات، و (البُرين): جمع برة وهو الحلي، و (سُوُر) جمع سوار. والبيت من "شواهد" سيبويه ٤/ ٣٥٩، و"شرح شواهده" للسيرافي ٢/ ٤٢٥، "المخصص" ٤/ ٤٦، و"المنصف" ١/ ٣٣٨، و"الحجة" ٢/ ١٠٥، و"شرح الكافية" لابن مالك ٤/ ١٨٣٧، "شرح المفصل" ٥/ ٤٤، ١٠/ ٨٤، ٩١، و"الهمع" ٦/ ٩٤، "اللسان" (لمع) ٧/ ٤٠٧٤.
(٢) "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٠٦، وانظر "الكشف" لمكي ١/ ٤٤٨.
(٣) (به): ساقط من: (ب)، وليس في "الحجة"، وفي الحاشية: (في ط: هزئت به) "الحجة" ٢/ ١٠٤.
(٤) في "الحجة" بعد أن ذكر كلام أبي زيد: قال أبو علي قوله تعالى: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ فلا يخلو من أحد أمرين..) ٢/ ١٠٤.
(٥) قوله: مثل الخلْق والصيد، أي في نحو قوله تعالى: ﴿مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ وقوله: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ﴾ ونحو ذلك. انظر: "الحجة" ٢/ ١٠٤.
(٦) في (ب): (وقال).
عن مُبْرِقَاتٍ بالبُريْنِ تبدو
(المبرقات): النساء المتزينات، و (البُرين): جمع برة وهو الحلي، و (سُوُر) جمع سوار. والبيت من "شواهد" سيبويه ٤/ ٣٥٩، و"شرح شواهده" للسيرافي ٢/ ٤٢٥، "المخصص" ٤/ ٤٦، و"المنصف" ١/ ٣٣٨، و"الحجة" ٢/ ١٠٥، و"شرح الكافية" لابن مالك ٤/ ١٨٣٧، "شرح المفصل" ٥/ ٤٤، ١٠/ ٨٤، ٩١، و"الهمع" ٦/ ٩٤، "اللسان" (لمع) ٧/ ٤٠٧٤.
(٢) "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٠٦، وانظر "الكشف" لمكي ١/ ٤٤٨.
(٣) (به): ساقط من: (ب)، وليس في "الحجة"، وفي الحاشية: (في ط: هزئت به) "الحجة" ٢/ ١٠٤.
(٤) في "الحجة" بعد أن ذكر كلام أبي زيد: قال أبو علي قوله تعالى: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ فلا يخلو من أحد أمرين..) ٢/ ١٠٤.
(٥) قوله: مثل الخلْق والصيد، أي في نحو قوله تعالى: ﴿مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ وقوله: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ﴾ ونحو ذلك. انظر: "الحجة" ٢/ ١٠٤.
(٦) في (ب): (وقال).
11
محذوف، لأن الدِّين (١) ليس بعين.
وقول موسى: ﴿أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ في جواب: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ يدل على أن الهازئ جاهل (٢)، ومعنى ﴿أَعُوذُ بِاللَّهِ﴾ أي: أمتنع به وألجأ إليه، ومصدره العَوْذ والعِياذ (٣). وتقول العرب: أطيب اللحم عُوَّذه، أي الذي عاذ بالعظم، وناقة عائذ: يعوذ بها ولدها، وجعلت عائذًا وهي معوذ بها، وجمعها عُوذ، وهي الحديثات النتاج، وذلك أن الولد يعوذ بها إذا (٤) كان حديثا، فإذا شبّ الولد لم يعذ بالأم، فلهذا يفسر العُوذ بالحديثات النتاج (٥) والأصل ما ذكرنا، ومنه قول لبيد:
وقوله تعالى: ﴿مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ الجهل نقيض العلم، ويقال: استجهلت الريحُ الغصنَ إذا حركته فاضطرب، والمجهلة: الأمر يحملك
وقول موسى: ﴿أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ في جواب: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ يدل على أن الهازئ جاهل (٢)، ومعنى ﴿أَعُوذُ بِاللَّهِ﴾ أي: أمتنع به وألجأ إليه، ومصدره العَوْذ والعِياذ (٣). وتقول العرب: أطيب اللحم عُوَّذه، أي الذي عاذ بالعظم، وناقة عائذ: يعوذ بها ولدها، وجعلت عائذًا وهي معوذ بها، وجمعها عُوذ، وهي الحديثات النتاج، وذلك أن الولد يعوذ بها إذا (٤) كان حديثا، فإذا شبّ الولد لم يعذ بالأم، فلهذا يفسر العُوذ بالحديثات النتاج (٥) والأصل ما ذكرنا، ومنه قول لبيد:
| فالِعينُ سَاكِنَةٌ على أَطْلائِهَا (٦) | عُوذًا تأَجَّلُ بِالغَضَاءِ بِهَامُهَا (٧) |
(١) في (ب)، (ج): (الذين) تصحيف.
(٢) انتهى من "الحجة" ٢/ ١٠٤، ١٠٥.
(٣) انظر: "مقاييس اللغة" (عوذ) ٤/ ١٨٤، "اللسان" (عوذ) ٥/ ٣١٦٢.
(٤) في (أ)، (ج): (إذ)، وأثبت ما في: (ب)، لأنه أنسب للسياق.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (عاذ) ٣/ ٢٢٧٣، "الصحاح" (عوذ) ٢/ ٥٦٧، "اللسان" (عوذ) ٥/ ٣٧٦٣.
(٦) في (ب): (أطلابها).
(٧) قوله: (العين): البقر، لكبر عيونها، و (أطلائها): أولادها، والمفرد: طلا و (عوذا): حديثات النتاج، و (تَأجَّل): تسير أو تتجمع إجْلاً إجْلاً، أي قطيعا. و (البِهَام): أولاد الضأن، واستعاره لبقر الوحش. "شرح ديوان لبيد" ص ٢٩٩، "مقاييس اللغة" (عوذ) ٤/ ١٨٤، "شرح القصائد المشهورات" للنحاس ص ١٣٣، "اللسان" (أجل) ١/ ٣٣، و (بهم) ١/ ٣٧٦.
(٢) انتهى من "الحجة" ٢/ ١٠٤، ١٠٥.
(٣) انظر: "مقاييس اللغة" (عوذ) ٤/ ١٨٤، "اللسان" (عوذ) ٥/ ٣١٦٢.
(٤) في (أ)، (ج): (إذ)، وأثبت ما في: (ب)، لأنه أنسب للسياق.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (عاذ) ٣/ ٢٢٧٣، "الصحاح" (عوذ) ٢/ ٥٦٧، "اللسان" (عوذ) ٥/ ٣٧٦٣.
(٦) في (ب): (أطلابها).
(٧) قوله: (العين): البقر، لكبر عيونها، و (أطلائها): أولادها، والمفرد: طلا و (عوذا): حديثات النتاج، و (تَأجَّل): تسير أو تتجمع إجْلاً إجْلاً، أي قطيعا. و (البِهَام): أولاد الضأن، واستعاره لبقر الوحش. "شرح ديوان لبيد" ص ٢٩٩، "مقاييس اللغة" (عوذ) ٤/ ١٨٤، "شرح القصائد المشهورات" للنحاس ص ١٣٣، "اللسان" (أجل) ١/ ٣٣، و (بهم) ١/ ٣٧٦.
12
على الجهل (١)، ومنه الحديث: "الولد مجهلة مبخلة (٢) مجبنة (٣) ".
وكان حقه (٤) أن يقول: (فقال أعوذ بالله) لأنه عطف على ما قبله، قال الفراء: وهذا في القرآن كثير بغير الفاء، وذلك أنه جواب يستغني أوله عن آخره بالوقفة عليه، فكأنّ (٥) حسن السكوت (٦) يجوز به طرح الفاء. وأنت تراه في رؤوس (٧) الآيات لأنها فصول حسناً (٨)، في ذلك (٩) قوله: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٥٧) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا﴾ (١٠) [الحجر: ٥٧، ٥٨، والذاريات:
وكان حقه (٤) أن يقول: (فقال أعوذ بالله) لأنه عطف على ما قبله، قال الفراء: وهذا في القرآن كثير بغير الفاء، وذلك أنه جواب يستغني أوله عن آخره بالوقفة عليه، فكأنّ (٥) حسن السكوت (٦) يجوز به طرح الفاء. وأنت تراه في رؤوس (٧) الآيات لأنها فصول حسناً (٨)، في ذلك (٩) قوله: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٥٧) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا﴾ (١٠) [الحجر: ٥٧، ٥٨، والذاريات:
(١) انظر: "تهذيب اللغة" (جهل) ١/ ٦٨٠، "اللسان" (جهل) ١/ ٧١٣.
(٢) (مبخلة): ساقط م: ن (ب).
(٣) أخرجه ابن ماجه بسنده (عن يعلى العامري أنه قال: جاء الحسن والحسين يسعيان إلى النبي - ﷺ - فضمهما إليه، وقال: "إن الولد مبخلة مجبنة". قال في "الزوائد": إسناده صحيح، رجاله ثقات. "سنن ابن ماجه" كتاب الأدب، باب: بر الوالد والاحسان إلى البنات. وبهذا اللفظ ذكره السيوطي فىِ "جمع الجوامع" وعزاه لابن ماجه وابن أبي شيبة والطبراني في "الكبير"، "جمع الجوامع" في ١/ ل/٢١٦. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"، ولفظه: "أن الولد مبخلة مجهلة مجبنة" قال: رواه البزار ورجله ثقات. "مجمع الزوائد"، كتاب: البر والصلة باب ما جاء في الأولاد ٨/ ١٥٥.
(٤) قوله: (وكان حقه أن يقول..) هذه العبارة لا تليق بمكانة كتاب الله الذي هو في قمة الفصاحة والبلاغة، مع أن عموم القاعدة التي ذكر منقوض بكلام الفراء الذي أورده.
(٥) في (ب): (وكان) وفي "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٣: (فكأن) وهو أولى.
(٦) في (أ): (السكون) والصحيح بالتاء كما في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٤.
(٧) في (ب): (فصول).
(٨) كذا في جميع النسخ، وكذا في "معاني القرآن" للفراء وفي حاشيته: في ش، ج (حسنة) ١/ ٤٤.
(٩) (من ذلك): ساقط من: (ب).
(١٠) قوله: (قالوا إنا أرسلنا) ساقط من: (ج).
(٢) (مبخلة): ساقط م: ن (ب).
(٣) أخرجه ابن ماجه بسنده (عن يعلى العامري أنه قال: جاء الحسن والحسين يسعيان إلى النبي - ﷺ - فضمهما إليه، وقال: "إن الولد مبخلة مجبنة". قال في "الزوائد": إسناده صحيح، رجاله ثقات. "سنن ابن ماجه" كتاب الأدب، باب: بر الوالد والاحسان إلى البنات. وبهذا اللفظ ذكره السيوطي فىِ "جمع الجوامع" وعزاه لابن ماجه وابن أبي شيبة والطبراني في "الكبير"، "جمع الجوامع" في ١/ ل/٢١٦. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"، ولفظه: "أن الولد مبخلة مجهلة مجبنة" قال: رواه البزار ورجله ثقات. "مجمع الزوائد"، كتاب: البر والصلة باب ما جاء في الأولاد ٨/ ١٥٥.
(٤) قوله: (وكان حقه أن يقول..) هذه العبارة لا تليق بمكانة كتاب الله الذي هو في قمة الفصاحة والبلاغة، مع أن عموم القاعدة التي ذكر منقوض بكلام الفراء الذي أورده.
(٥) في (ب): (وكان) وفي "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٣: (فكأن) وهو أولى.
(٦) في (أ): (السكون) والصحيح بالتاء كما في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٤.
(٧) في (ب): (فصول).
(٨) كذا في جميع النسخ، وكذا في "معاني القرآن" للفراء وفي حاشيته: في ش، ج (حسنة) ١/ ٤٤.
(٩) (من ذلك): ساقط من: (ب).
(١٠) قوله: (قالوا إنا أرسلنا) ساقط من: (ج).
13
٣١، ٣٢]. والفاء حسنة مثل قوله: ﴿فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [هود: ٢٧، المؤمنون: ٢٤]، ولوكان على كلمة واحدة لم تسقط العرب منه الفاء، من ذلك (١): قمت ففعلت، لا يقولون: قمت فعلت، ولا قلت قال (٢)، حتى يقولوا: قلت (٣) فقال وقمت فقام، أو قلت (٤) وقال، لأنها نسق وليست باستفهام يوقف عليه، قال: وأنشدني بعض العرب:
كُنْتُ لَهَا مِنَ النَّصَارى جَارَا (٥)
[لم يقل: فكنت، ولا وكنت] (٦).
٦٨ - وقوله تعالى: ﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ﴾ الآية إنما سألوا ما هي، لأنهم لم (٧) يعلموا أنّ بقرةً يحيا بضرب بعضها ميّتٌ، قاله (٨) الزجاج (٩).
| لَمَا رأَيْتُ نَبَطَا أَنْصَارا | شَمَّرتُ عَنْ رُكْبَتِيَ الإِزَارَا |
[لم يقل: فكنت، ولا وكنت] (٦).
٦٨ - وقوله تعالى: ﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ﴾ الآية إنما سألوا ما هي، لأنهم لم (٧) يعلموا أنّ بقرةً يحيا بضرب بعضها ميّتٌ، قاله (٨) الزجاج (٩).
(١) (ذلك) ساقط من (ب).
(٢) زيادة لازمة من "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٤.
(٣) قوله: (حتى يقولوا قلت) ساقط من (ب).
(٤) قوله: (أو قلت وقال) ليست في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٤.
(٥) سبق هذا الرجز. انظر تخريجه عند تفسير قوله تعالى: ﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا﴾. وبه ينتهي ما نقله من كلام الفراء. انظر: "المعاني" ١/ ٤٣، ٤٤، "تفسير الطبري" ١/ ٣٣٧.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من: (ب).
(٧) في (ب): (ما علموا).
(٨) في (ب)، (ج): (قال).
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٢. والحقيقة أن هذا السؤال تعنت منهم لسوء أخلاقهم مع نبي الله وجفائهم. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٢ أ، "تفسير ابن كثير" ١/ ١١٧.
(٢) زيادة لازمة من "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٤.
(٣) قوله: (حتى يقولوا قلت) ساقط من (ب).
(٤) قوله: (أو قلت وقال) ليست في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٤.
(٥) سبق هذا الرجز. انظر تخريجه عند تفسير قوله تعالى: ﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا﴾. وبه ينتهي ما نقله من كلام الفراء. انظر: "المعاني" ١/ ٤٣، ٤٤، "تفسير الطبري" ١/ ٣٣٧.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من: (ب).
(٧) في (ب): (ما علموا).
(٨) في (ب)، (ج): (قال).
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٢. والحقيقة أن هذا السؤال تعنت منهم لسوء أخلاقهم مع نبي الله وجفائهم. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٢ أ، "تفسير ابن كثير" ١/ ١١٧.
14
ويقال: بيّن الشيءَ وأبانه إذا (١) أزال الإشكال عنه، والأصل فيه معنى التفريق، والبيان سمي بياناً لأنه التمييز عما يلتبس، والتبيين هو التمييز الذي يقع به التعريف (٢). وترى هذا مستقصًى (٣) عند قوله: ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٦٨].
وموضع (ما) رفع بالابتداء، لأنه بمعنى الاستفهام، معناه: أي شيء هي؟ والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله (٤)، وبيان هذه المسألة يذكر (٥) عند قوله: ﴿مَا لَوْنُهَا﴾ [البقرة: ٦٩].
وقوله تعالى: ﴿لَا فَارِضٌ﴾ قال الفراء: الفارض: الهرمة، يقال من الفارض: فرَضَت وفرُضَت، ولم يسمع بِفَرَضَ (٦)، ونحو ذلك قال قتادة (٧).
وقال الكسائي: الفارض: الكبيرة العظيمة، قد فرَضت تفرُض فُروضًا.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الفارض: الكبيرة.
وموضع (ما) رفع بالابتداء، لأنه بمعنى الاستفهام، معناه: أي شيء هي؟ والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله (٤)، وبيان هذه المسألة يذكر (٥) عند قوله: ﴿مَا لَوْنُهَا﴾ [البقرة: ٦٩].
وقوله تعالى: ﴿لَا فَارِضٌ﴾ قال الفراء: الفارض: الهرمة، يقال من الفارض: فرَضَت وفرُضَت، ولم يسمع بِفَرَضَ (٦)، ونحو ذلك قال قتادة (٧).
وقال الكسائي: الفارض: الكبيرة العظيمة، قد فرَضت تفرُض فُروضًا.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الفارض: الكبيرة.
(١) في (ب): (وإذا).
(٢) انظر: "مقاييس اللغة" (بين) ١/ ٣٢٧، "الصحاح" (بين) ٥/ ٢٠٨٢.
(٣) في (ب): (مستقص).
(٤) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١٨٥، و"إعراب المشكل" ١/ ٥٢، و"الإملاء" ص ٤٢، "البحر المحيط" ١/ ٢٥١.
(٥) (يذكر): ساقط من: (ب).
(٦) في (ج): (تفرض)، وفي (أ) غير معجمة، والكلام بهذا النص في "تهذيب اللغة" (فرض) ٣/ ٢٧٧٢، وفي "معاني القرآن" للفراء: (والفارض: قد فرضت، وبعضهم: قد فرضت، وأما البكر فلم نسمع فيها بفعل) ١/ ٤٥.
(٧) وكذلك قال ابن عباس وأبو العالية والسدي، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٤١، و"تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٤١٢.
(٢) انظر: "مقاييس اللغة" (بين) ١/ ٣٢٧، "الصحاح" (بين) ٥/ ٢٠٨٢.
(٣) في (ب): (مستقص).
(٤) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١٨٥، و"إعراب المشكل" ١/ ٥٢، و"الإملاء" ص ٤٢، "البحر المحيط" ١/ ٢٥١.
(٥) (يذكر): ساقط من: (ب).
(٦) في (ج): (تفرض)، وفي (أ) غير معجمة، والكلام بهذا النص في "تهذيب اللغة" (فرض) ٣/ ٢٧٧٢، وفي "معاني القرآن" للفراء: (والفارض: قد فرضت، وبعضهم: قد فرضت، وأما البكر فلم نسمع فيها بفعل) ١/ ٤٥.
(٧) وكذلك قال ابن عباس وأبو العالية والسدي، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٤١، و"تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٤١٢.
15
وقال أبو الهيثم: الفارض: المسنة (١).
أبو زيد: بقرة فارض: عظيمة سمينة، والجميع فوارض (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَلَا بِكْرٌ﴾ قال الليث: البكر من النساء: التي لم تمس، والبكر من الرجال: الذي لم يقرب النساء بعد، والبكر: أول ولد الرجل غلاما كان أو جارية، وبقرة بكر: فتية لم تحمل، والبكر من كل أمر: أوله (٣)، وأصل هذا الباب أول الأمر، فالبكارة أول حال النساء، وهي بكر في أول حالها، والباكورة أول ما يدرك من الثمار، والبُكرة أول النهار (٤).
قال الزجاج في قوله: ﴿لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ﴾: أي: ليست بكبيرة ولا صغيرة، قال: وارتفع (فارض) بإضمار هي (٥).
وقال الأخفش: ارتفع على الصفة للبقرة، والوصف بالنفي صحيح، لأنه يرجع في التحقيق إلى أنه يختص بما ينافي ذلك الوصف، تقول: مررت برجل لا قائم ولا قاعد، أي: برجل (٦) مختص بصفة تنافي القيام والقعود (٧).
أبو زيد: بقرة فارض: عظيمة سمينة، والجميع فوارض (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَلَا بِكْرٌ﴾ قال الليث: البكر من النساء: التي لم تمس، والبكر من الرجال: الذي لم يقرب النساء بعد، والبكر: أول ولد الرجل غلاما كان أو جارية، وبقرة بكر: فتية لم تحمل، والبكر من كل أمر: أوله (٣)، وأصل هذا الباب أول الأمر، فالبكارة أول حال النساء، وهي بكر في أول حالها، والباكورة أول ما يدرك من الثمار، والبُكرة أول النهار (٤).
قال الزجاج في قوله: ﴿لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ﴾: أي: ليست بكبيرة ولا صغيرة، قال: وارتفع (فارض) بإضمار هي (٥).
وقال الأخفش: ارتفع على الصفة للبقرة، والوصف بالنفي صحيح، لأنه يرجع في التحقيق إلى أنه يختص بما ينافي ذلك الوصف، تقول: مررت برجل لا قائم ولا قاعد، أي: برجل (٦) مختص بصفة تنافي القيام والقعود (٧).
(١) قول الكسائي وابن الأعرابي وأبي الهيثم في "تهذيب اللغة" (فرض) ٣/ ٢٧٧٢، وانظر: "اللسان" (فرض) ٦/ ٣٣٨٧.
(٢) ذكره في "اللسان" (فرض) ٦/ ٣٣٨٧.
(٣) "تهذيب اللغة" (بكر) ١/ ٣٧٥ - ٣٧٧.
(٤) انظر: "مقاييس اللغة" (بكر) ١/ ٢٨٧، "تهذيب اللغة" (بكر) ١/ ٣٧٥ - ٣٧٧، "اللسان" (بكر) ١/ ٣٣٣.
(٥) "معاني القرآن" ١/ ١٢٢.
(٦) في (ب): (رجل).
(٧) "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧٩. ذكر قوله بمعناه.
(٢) ذكره في "اللسان" (فرض) ٦/ ٣٣٨٧.
(٣) "تهذيب اللغة" (بكر) ١/ ٣٧٥ - ٣٧٧.
(٤) انظر: "مقاييس اللغة" (بكر) ١/ ٢٨٧، "تهذيب اللغة" (بكر) ١/ ٣٧٥ - ٣٧٧، "اللسان" (بكر) ١/ ٣٣٣.
(٥) "معاني القرآن" ١/ ١٢٢.
(٦) في (ب): (رجل).
(٧) "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧٩. ذكر قوله بمعناه.
16
وقوله تعالى: ﴿عَوَانٌ﴾ قال الفراء: انقطع الكلام عند قوله: ﴿وَلَا بِكْرٌ﴾، ثم استأنف فقال: ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾. قال: والعوان يقال منها: عوَّنت تُعوّن تعْوينًا (١).
وقال أبو الهيثم: العوان: النَّصَف التي بين الفارض -وهي المسنة- وبين البكر وهى: الصغيرة (٢).
أبو زيد: بقرة عوان: بين المسنة والشابة (٣)، وقد عانت تعون عُووناً إذا صارت عواناً (٤).
وقال الأخفش: العوان التي نتجت مرارا، وجمعها عُون (٥). قال ابن (٦) مقبل:
وقال أبو الهيثم: العوان: النَّصَف التي بين الفارض -وهي المسنة- وبين البكر وهى: الصغيرة (٢).
أبو زيد: بقرة عوان: بين المسنة والشابة (٣)، وقد عانت تعون عُووناً إذا صارت عواناً (٤).
وقال الأخفش: العوان التي نتجت مرارا، وجمعها عُون (٥). قال ابن (٦) مقبل:
| ومَأتَمٍ كالدُّمَى حُورٍ مَدَامِعُها | لَمْ تشقَ بالعَيْشِ أَبْكَارًا وَلَا عُونًا (٧) |
(١) "معاني القرآن" ١/ ٤٤، ٤٥، "تهذيب اللغة" (عان) ٣/ ٢٢٩٢، ولم يرد فيهما (تعون تعوينا).
(٢) "تهذيب اللغة" (عان) ٣/ ٢٢٩٢، وانظر: "اللسان" (عون) ٥/ ٣١٧٩.
(٣) في (ب): (الشاب).
(٤) المرجع السابق.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٨٣ ب، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٨٣، ولم أجده في "معاني القرآن" للأخفش.
(٦) (ابن) ساقط من: (ج).
(٧) (المأتم): جماعة النساء، و (الدمى): الصورة أو التمثال، شبه النساء بجمالهن بالدمى، لم يشقين بالعيش وهن أبكار، أو عون عند أزواجهن، ويروى البيت (لم تيأس) بدل (لم تشق)، ورد البيت في "تفسير الطبري"، "الزاهر" ١/ ٢٦٣، و"جمهرة أشعار العرب" ص ٨٥٩، "تهذيب اللغة" (أتم) ١/ ١١٤، "اللسان" (أتم) ١/ ٢٠.
(٢) "تهذيب اللغة" (عان) ٣/ ٢٢٩٢، وانظر: "اللسان" (عون) ٥/ ٣١٧٩.
(٣) في (ب): (الشاب).
(٤) المرجع السابق.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٨٣ ب، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٨٣، ولم أجده في "معاني القرآن" للأخفش.
(٦) (ابن) ساقط من: (ج).
(٧) (المأتم): جماعة النساء، و (الدمى): الصورة أو التمثال، شبه النساء بجمالهن بالدمى، لم يشقين بالعيش وهن أبكار، أو عون عند أزواجهن، ويروى البيت (لم تيأس) بدل (لم تشق)، ورد البيت في "تفسير الطبري"، "الزاهر" ١/ ٢٦٣، و"جمهرة أشعار العرب" ص ٨٥٩، "تهذيب اللغة" (أتم) ١/ ١١٤، "اللسان" (أتم) ١/ ٢٠.
17
وقال ابن الأعرابي: العَوَان (١) من الحيوان السن بين السنين لا صغير ولا كبير (٢).
قال (٣): ويقال في الجمع: عُون، فرس عَوان، وخيل عُون، على فُعْل، والأصل عُوُن فكرهوا إلقاء ضمة على الواو فسكنوها، وكذلك يقال: رجل جواد وقوم جُود، قال زهير:
فزعنا: أغثنا مستغيثًا.
قال (٦): وامرأة عوان: ثيب. وحرب عوان: كان قبلها حرب، كأنه قوتل فيها مرتين.
قال ابن عباس: عوان: بين (٧) الصغيرة والكبيرة، وهي أقوى ما
قال (٣): ويقال في الجمع: عُون، فرس عَوان، وخيل عُون، على فُعْل، والأصل عُوُن فكرهوا إلقاء ضمة على الواو فسكنوها، وكذلك يقال: رجل جواد وقوم جُود، قال زهير:
| نَحُلُّ (٤) سُهُولَها فإذا فَزِعْنا | جَرَى مِنْهُنّ بالآصال عُونُ (٥) |
قال (٦): وامرأة عوان: ثيب. وحرب عوان: كان قبلها حرب، كأنه قوتل فيها مرتين.
قال ابن عباس: عوان: بين (٧) الصغيرة والكبيرة، وهي أقوى ما
(١) في (أ)، (ج): (العون)، وما في (ب) يوافق "تهذيب اللغة".
(٢) كلام ابن الأعرابي أورده الأزهري عن ثعلب عن ابن الأعرابي، "تهذيب اللغة" (عان) ٣/ ٢٢٩٢، وانظر: "اللسان" (عون) ٥/ ٣١٧٩.
(٣) نسب الواحدي الكلام لابن الأعرابي، وهو في "تهذيب اللغة" منسوب لأبي الهيثم حيث قال: (وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم قال: العوان النصف.. ثم قال: قال: ويقال: فرس عوان.. إلخ)، "تهذيب اللغة" (عان) ٣/ ٢٢٩٢.
(٤) في (أ) (ج): (يحل)، وفي (ب) غير منقوط، وبالنون ورد في جميع المصادر.
(٥) قوله: (جرى منهن): أي من خيلهم، وقد روي شطره الأخير:
جَرتْ بهم إلى المِضمارِ عُون
ورد البيت في "تهذيب اللغة" (عان) ٣/ ٢٢٩٢، "المخصص" ٨/ ٥١، "اللسان" (عون) ٥/ ٣١٧٩، و"ديوان زهير" ص ١٠٢.
(٦) أي ابن الأعرابي. انظر: "تهذيب اللغة" (عان) ٣/ ٢٢٩٢.
(٧) في (ج): (من).
(٢) كلام ابن الأعرابي أورده الأزهري عن ثعلب عن ابن الأعرابي، "تهذيب اللغة" (عان) ٣/ ٢٢٩٢، وانظر: "اللسان" (عون) ٥/ ٣١٧٩.
(٣) نسب الواحدي الكلام لابن الأعرابي، وهو في "تهذيب اللغة" منسوب لأبي الهيثم حيث قال: (وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم قال: العوان النصف.. ثم قال: قال: ويقال: فرس عوان.. إلخ)، "تهذيب اللغة" (عان) ٣/ ٢٢٩٢.
(٤) في (أ) (ج): (يحل)، وفي (ب) غير منقوط، وبالنون ورد في جميع المصادر.
(٥) قوله: (جرى منهن): أي من خيلهم، وقد روي شطره الأخير:
جَرتْ بهم إلى المِضمارِ عُون
ورد البيت في "تهذيب اللغة" (عان) ٣/ ٢٢٩٢، "المخصص" ٨/ ٥١، "اللسان" (عون) ٥/ ٣١٧٩، و"ديوان زهير" ص ١٠٢.
(٦) أي ابن الأعرابي. انظر: "تهذيب اللغة" (عان) ٣/ ٢٢٩٢.
(٧) في (ج): (من).
18
يكون من البقر (١) وأحسن ما يكون (٢).
وقال مجاهد: عوان: وسط قد ولدت بطنا أو بطنين (٣).
وفائدة قوله: (عوان)، بعد ما نفي أن تكون (٤) بكراً وأن تكون (٥) فارضاً، هو أنه احتمل أن تكون عجلاً أو جنيناً، فقال: عوان، لإزالة اللبس ونفي الاحتمال.
وقوله تعالى: ﴿بَيْنَ ذَلِكَ﴾ و (بين) لا تصلح (٦) إلا لشيئين (٧) أو لأكثر، وإنما صلحت من ذلك وحده؛ لأنه في مذهب الاثنين (٨)، والاثنان (٩) قد يجتمعان بـ ذلك وذاك ألا ترى أنك تقول: أظن زيدا أخاك، وكان زيد أخاك، ولا بد لـ (كان وأظن) (١٠) من شيئين، ثم تقول: قد كان ذاك وذلك، وأظن ذلك وذاك (١١)، فيكون جائزا.
وقال مجاهد: عوان: وسط قد ولدت بطنا أو بطنين (٣).
وفائدة قوله: (عوان)، بعد ما نفي أن تكون (٤) بكراً وأن تكون (٥) فارضاً، هو أنه احتمل أن تكون عجلاً أو جنيناً، فقال: عوان، لإزالة اللبس ونفي الاحتمال.
وقوله تعالى: ﴿بَيْنَ ذَلِكَ﴾ و (بين) لا تصلح (٦) إلا لشيئين (٧) أو لأكثر، وإنما صلحت من ذلك وحده؛ لأنه في مذهب الاثنين (٨)، والاثنان (٩) قد يجتمعان بـ ذلك وذاك ألا ترى أنك تقول: أظن زيدا أخاك، وكان زيد أخاك، ولا بد لـ (كان وأظن) (١٠) من شيئين، ثم تقول: قد كان ذاك وذلك، وأظن ذلك وذاك (١١)، فيكون جائزا.
(١) في (أ): (البقرة) وما في (ب)، (ج) يوافق رواية ابن عباس في الطبري.
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" عن الضحاك عن ابن عباس ٢/ ١٩٥، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٤١٣، وانظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ١١٨، "الدر المنثور" ١/ ١٥١.
(٣) أخرجه الطبري ٢/ ١٩٥، وابن أبي حاتم ١/ ٤١٤.
(٤) في (أ): (يكون) في المواضع الثلاثة وأثبت ما في (ب)، (ج) لمناسبته للسياق.
(٥) في (ج): (أو تكون).
(٦) في (أ)، (ج): (يصلح) وما في (ب) موافق لـ"معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٥، والكلام منقول منه.
(٧) في "معاني القرآن"، (لا تصلح إلا مع اسمين فما زاد).
(٨) في (ب): (الاثنتين).
(٩) في "معاني القرآن" (والفعلان).
(١٠) في (ب): (ولأظن).
(١١) (ذاك): ساقط من: (ب).
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" عن الضحاك عن ابن عباس ٢/ ١٩٥، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٤١٣، وانظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ١١٨، "الدر المنثور" ١/ ١٥١.
(٣) أخرجه الطبري ٢/ ١٩٥، وابن أبي حاتم ١/ ٤١٤.
(٤) في (أ): (يكون) في المواضع الثلاثة وأثبت ما في (ب)، (ج) لمناسبته للسياق.
(٥) في (ج): (أو تكون).
(٦) في (أ)، (ج): (يصلح) وما في (ب) موافق لـ"معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٥، والكلام منقول منه.
(٧) في "معاني القرآن"، (لا تصلح إلا مع اسمين فما زاد).
(٨) في (ب): (الاثنتين).
(٩) في "معاني القرآن" (والفعلان).
(١٠) في (ب): (ولأظن).
(١١) (ذاك): ساقط من: (ب).
19
والاسمان اللذان ضمهما ذلك: الهرم والشباب (١)، كأنه قيل: بين الهرم والشباب (٢)، وجاز أن يتضمن ذلك اسمين، لأنه أتى به على مذهب الفعل وأنت تقول في الأفعال: إقبالك وإدبارك يشق علي، فتوحد فعلهما بعدهما، ولا تقول: أخوك وأبوك يزورني لأن الأفعال وإن اختلفت حركاتها جنس واحد، وليست كالأسماء التي يخالف بعضها بعضا، كذلك هاهنا أريد بين الهرم والشباب (٣).
ومما يجوز أن يقع عليه (بين) وهو واحد في اللفظ ويؤدي عن الاثنين (٤) فما زاد قوله: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٣٦]، ولا يجوز: لا نفرق بين رجل منهم، لأن أحدا لا يُثنى كما يثنى الرجل ويجمع، فإن شئت جعلت أحدا (٥) في تأويل اثنين، وإن شئت في تأويل أكثر من ذلك، قال الله تعالى: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٧]، وتقول: بين أيهم المال، وبين من قسم المال، فتجرى (٦) (من وأي) على (٧) مجرى أحد لأنهما قد يكونان لواحد. وجميع (٨) هذا قول الفراء (٩)، ونحو هذا قال
ومما يجوز أن يقع عليه (بين) وهو واحد في اللفظ ويؤدي عن الاثنين (٤) فما زاد قوله: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٣٦]، ولا يجوز: لا نفرق بين رجل منهم، لأن أحدا لا يُثنى كما يثنى الرجل ويجمع، فإن شئت جعلت أحدا (٥) في تأويل اثنين، وإن شئت في تأويل أكثر من ذلك، قال الله تعالى: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٧]، وتقول: بين أيهم المال، وبين من قسم المال، فتجرى (٦) (من وأي) على (٧) مجرى أحد لأنهما قد يكونان لواحد. وجميع (٨) هذا قول الفراء (٩)، ونحو هذا قال
(١) في (أ، ج): (الشاب) في المواضع الثلاثة، وما في (ب) موافق لـ"معاني القرآن" ١/ ٤٥.
(٢) انظر الحاشية السابقة.
(٣) انظر الحاشية السابقة.
(٤) في (ب): (اثنتين).
(٥) في (ب): (واحد).
(٦) في (ج): (في فتجري).
(٧) (على): ساقط من: (ب).
(٨) في (ب): (لواحد ولجمع).
(٩) انظر: "معاني القرآن" ١/ ٤٥، وقد نقل كلام الفراء بتصرف، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٤٤.
(٢) انظر الحاشية السابقة.
(٣) انظر الحاشية السابقة.
(٤) في (ب): (اثنتين).
(٥) في (ب): (واحد).
(٦) في (ج): (في فتجري).
(٧) (على): ساقط من: (ب).
(٨) في (ب): (لواحد ولجمع).
(٩) انظر: "معاني القرآن" ١/ ٤٥، وقد نقل كلام الفراء بتصرف، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٤٤.
20
الزجاج فقال: معنى: ﴿بَيْنَ ذَلِكَ﴾ بين البكر والفارض، وانما جاز بين ذلك وبين لا يكون (١) إلا مع اثنين لأن (٢) ذلك ينوب عن الجمل تقول: ظننت زيدا قائما، فيقول القائل: قد ظننت ذاك، وظننت ذلك (٣).
قال أبو علي (٤): اعلم (٥) أن بين اسم يستعمل على ضربين: مصدر وظرف، وهما عندي وجميع بابهما يرجع إلى أصل واحد، وهو الافتراق والانكشاف.
فأما الذي هو مصدر (٦) فقالوا: بان الخليطُ بيناً أي فارق، وقد بِنْتُه أي: فارقته، أنشد أبو زيد:
والمعروف: بان عني، فأما هذا فيتجه على أنه أراد الحرف فحذفه
قال أبو علي (٤): اعلم (٥) أن بين اسم يستعمل على ضربين: مصدر وظرف، وهما عندي وجميع بابهما يرجع إلى أصل واحد، وهو الافتراق والانكشاف.
فأما الذي هو مصدر (٦) فقالوا: بان الخليطُ بيناً أي فارق، وقد بِنْتُه أي: فارقته، أنشد أبو زيد:
| كَأَنَّ عَيْنَيَّ وَقَدْ بَانُونِي | غَرْبَانِ في جَدْوَلٍ مَنْجَنُونِ (٧) |
(١) في (ب): (لا تكون).
(٢) (لأن): ساقط من: (ج).
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٣، وانظر ما سبق ص ١٠٣٧، ١٠٣٨.
(٤) ورد كلام أبي علي في كتاب "الإغفال فيما أغفله الزجاج في كتاب معاني القرآن" نقل عنه الواحدي طويلا بتصرف، وقد أثبت الفروق الهامة في أماكنها، "الإغفال" ص ٢١٤.
(٥) (اعلم): ساقط من: (ب).
(٦) في (ب): (المصدر).
(٧) قوله: (بانوني): فارقوني، (غربان): مثنى غرب، وهي: دلو عظيمة، (جدول): نهر صغير، (منجنون): الدولاب، وهو ما يستقى به الماء، فارسي معرب. ورد البيت في "نوادر أبي زيد" ص ٢٦٢، "الإغفال" ص٢١٤، "الخصائص" ٢/ ١٤٩، "المنصف" ٣/ ٢٤، "المخصص" ١٢/ ٣٨، "اللسان" (بين) ١/ ٤٠٤، و (منجنون) ١/ ٤٢٧٣.
(٢) (لأن): ساقط من: (ج).
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٣، وانظر ما سبق ص ١٠٣٧، ١٠٣٨.
(٤) ورد كلام أبي علي في كتاب "الإغفال فيما أغفله الزجاج في كتاب معاني القرآن" نقل عنه الواحدي طويلا بتصرف، وقد أثبت الفروق الهامة في أماكنها، "الإغفال" ص ٢١٤.
(٥) (اعلم): ساقط من: (ب).
(٦) في (ب): (المصدر).
(٧) قوله: (بانوني): فارقوني، (غربان): مثنى غرب، وهي: دلو عظيمة، (جدول): نهر صغير، (منجنون): الدولاب، وهو ما يستقى به الماء، فارسي معرب. ورد البيت في "نوادر أبي زيد" ص ٢٦٢، "الإغفال" ص٢١٤، "الخصائص" ٢/ ١٤٩، "المنصف" ٣/ ٢٤، "المخصص" ١٢/ ٣٨، "اللسان" (بين) ١/ ٤٠٤، و (منجنون) ١/ ٤٢٧٣.
21
فلما حذف الحرف أوصل الفعل (١). وقولهم: بان الأمر وأبان، إنما معناه: انكشف، وفارقه ما كان غشيه من الإشكال بغيره والالتباس بسواه.
وقال أبو زيد: البَيُون: البئر الواسعة الرأس الضيقة الأسفل، إذا قام
الساقي على شفتها لم ير الماء، وأنشد:
لَقُلْتُ لَبَّيْهِ لِمَنْ يَدْعُونِي (٢)
وهذا أيضًا مما ذكرنا (٣)؛ لأن أعلى البئر فارق أسفلها لانهياره بورود
السابلة عليها (٤) والمستقين (٥) منها.
ولهذا المعنى الذي ذكرنا في أصل هذه الكلمة أضيف (بين) إلى ما دل على أكثر من الواحد في الأسماء، ولم يضف إلى الاسم المفرد الدال على الواحد، لأن ذلك ممتنع في معناه.
وقال أبو زيد: البَيُون: البئر الواسعة الرأس الضيقة الأسفل، إذا قام
الساقي على شفتها لم ير الماء، وأنشد:
| إِنَّكَ إِنْ دَعَوْتَنِي ودُوني | زَوْرَاءُ ذاتُ مَنْزَعٍ بَيُونِ |
وهذا أيضًا مما ذكرنا (٣)؛ لأن أعلى البئر فارق أسفلها لانهياره بورود
السابلة عليها (٤) والمستقين (٥) منها.
ولهذا المعنى الذي ذكرنا في أصل هذه الكلمة أضيف (بين) إلى ما دل على أكثر من الواحد في الأسماء، ولم يضف إلى الاسم المفرد الدال على الواحد، لأن ذلك ممتنع في معناه.
(١) بمعناه في "الإغفال" ص ٢١٥.
(٢) الرجز لم يعرف قائله، ومعنى: (زوراء): الأرض البعيدة الأطراف. (المنزع): الموضع الذي يصعد فيه الدلو إذا نزع من البئر، فذلك الهواء هو المنزع. يقول: لو ناديتني وبيني وبينك أرض بعيدة، ذات ماء بعيد المتناول، أجبت. فلا تردني عن إجابتك الصعاب، وردت الأبيات في "تهذيب اللغة" (بان) ١/ ٢٦٦، "المخصص" ١٠/ ٣٦، ١٦/ ١٤٧، "الإغفال" ص٢١٥، "الهمع" ٣/ ١١٣، "شرح ابن عقيل" ٣/ ٥٢، "أوضح المسالك" ١٤٤، "مغني اللبيب" ٢/ ٥٧٨، "الخزانة" ٢/ ٩٣، "اللسان" (لبب) ٧/ ٣٩٨٠، و (بين) ١٣/ ٦٤، ووقع اختلاف يسير في رواية بعض ألفاظها.
(٣) في "الإغفال": (ذكرناه).
(٤) (عليها): ساقط من (ب).
(٥) في (ج): (المستبين).
(٢) الرجز لم يعرف قائله، ومعنى: (زوراء): الأرض البعيدة الأطراف. (المنزع): الموضع الذي يصعد فيه الدلو إذا نزع من البئر، فذلك الهواء هو المنزع. يقول: لو ناديتني وبيني وبينك أرض بعيدة، ذات ماء بعيد المتناول، أجبت. فلا تردني عن إجابتك الصعاب، وردت الأبيات في "تهذيب اللغة" (بان) ١/ ٢٦٦، "المخصص" ١٠/ ٣٦، ١٦/ ١٤٧، "الإغفال" ص٢١٥، "الهمع" ٣/ ١١٣، "شرح ابن عقيل" ٣/ ٥٢، "أوضح المسالك" ١٤٤، "مغني اللبيب" ٢/ ٥٧٨، "الخزانة" ٢/ ٩٣، "اللسان" (لبب) ٧/ ٣٩٨٠، و (بين) ١٣/ ٦٤، ووقع اختلاف يسير في رواية بعض ألفاظها.
(٣) في "الإغفال": (ذكرناه).
(٤) (عليها): ساقط من (ب).
(٥) في (ج): (المستبين).
22
ألا ترى أنك لو قلت: اجتماع زيد (١)، وجمعت زيداً، لم يسغ (٢) حتى تضيف إليه ما تريد (٣) به على الأفراد.
هذا أصل (بين) في اللغة، ثم لا يمتنع أن يتسع فيه كما اتسع في غيره، فيستعمل لغير هذا المعنى. مما اتسع فيه أنه استعمل بمعنى الوصل (٤)، وهو ضد الافتراق، وقد بينا أن أصله راجع إلى الافتراق، وإنما جاز استعماله بمعنى الوصل في قوله: ﴿لَقَد تَقَطَّع بَيْنُكُم﴾ [الأنعام: ٩٤] على قراءة من رفع (٥)، لأنه قد كثر استعمالها ظرفًا بين الشيئين ومع الشيئين اللذين بينهما ملابسة ومخالطة، فصار لذلك بمنزلة الوصلة والاقتراب بين الشيئين. وهذا الاتساع إنما هو في المستعمل ظرفا دون التي هي مصدر، لأنه في الاستعمال أكثر.
وهذا التوسع في الظروف كثير، والذي استعمل ظرفا أصله الذي هو مصدر؛ لأن المصادر قد استعملت ظروفاً في مواضع كثيرة، والأسماء التي تستعمل تارة ظروفاً وتارة أسماءً لا تمتنع أن تكون مشتقة مثل: خلف وأمام وقدام وأعلى وأسفل ووسط كلها مشتقة، وهي مع ذلك ظروف وقد استعملت أسماءً كما (٦) استعملت ظروفاً، وكذلك بين في نحو قوله: {وَمِن
هذا أصل (بين) في اللغة، ثم لا يمتنع أن يتسع فيه كما اتسع في غيره، فيستعمل لغير هذا المعنى. مما اتسع فيه أنه استعمل بمعنى الوصل (٤)، وهو ضد الافتراق، وقد بينا أن أصله راجع إلى الافتراق، وإنما جاز استعماله بمعنى الوصل في قوله: ﴿لَقَد تَقَطَّع بَيْنُكُم﴾ [الأنعام: ٩٤] على قراءة من رفع (٥)، لأنه قد كثر استعمالها ظرفًا بين الشيئين ومع الشيئين اللذين بينهما ملابسة ومخالطة، فصار لذلك بمنزلة الوصلة والاقتراب بين الشيئين. وهذا الاتساع إنما هو في المستعمل ظرفا دون التي هي مصدر، لأنه في الاستعمال أكثر.
وهذا التوسع في الظروف كثير، والذي استعمل ظرفا أصله الذي هو مصدر؛ لأن المصادر قد استعملت ظروفاً في مواضع كثيرة، والأسماء التي تستعمل تارة ظروفاً وتارة أسماءً لا تمتنع أن تكون مشتقة مثل: خلف وأمام وقدام وأعلى وأسفل ووسط كلها مشتقة، وهي مع ذلك ظروف وقد استعملت أسماءً كما (٦) استعملت ظروفاً، وكذلك بين في نحو قوله: {وَمِن
(١) في (ب): (زيدا).
(٢) (يسغ): مكانها بياض في (ب).
(٣) في "الإغفال": (ما يؤيد به..) ص ٢١٧.
(٤) "الإغفال" ص ٢١٧ - ٢١٩، نقل كلامه بتصرف.
(٥) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعامر وحمزة وعاصم في رواية أبي بكر بالرفع، وقرأ نافع والكسائي وعاصم في رواية حفص بالنصب. انظر: "السبعة" ص ٢٦٣، و"التيسير" ص ١٠٥.
(٦) في (ب): (كلما).
(٢) (يسغ): مكانها بياض في (ب).
(٣) في "الإغفال": (ما يؤيد به..) ص ٢١٧.
(٤) "الإغفال" ص ٢١٧ - ٢١٩، نقل كلامه بتصرف.
(٥) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعامر وحمزة وعاصم في رواية أبي بكر بالرفع، وقرأ نافع والكسائي وعاصم في رواية حفص بالنصب. انظر: "السبعة" ص ٢٦٣، و"التيسير" ص ١٠٥.
(٦) في (ب): (كلما).
23
بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت: ٥]، قد استعملت اسما. كما استعملت ظرفا (١) نحو: بينهما مال، وفي قوله: ﴿لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ [الأنعام: ٩٤] في قراءة من نصب (٢)، لأن المعنى: لقد تقطع الاشتراك (٣) بينكم.
وأما ما لزم (٤) الظرفية وبعد عن التمكن كإذ ونحوه فيمتنع اشتقاقه (٥).
هذا هو الكلام في بين. فأما ما يقع بعده فهو على ضربين (٦): اسم وجملة. والاسم المفرد الذي بعده لا يخلو من أن يكون دالا على واحد أو أكثر من الواحد. فإن كان دالا على الواحد غير دال (٧) على أكثر منه عطف عليه اسم آخر، وكان العطف بالواو دون غيرها من الحروف العاطفة، [وذلك قولنا: المال بين زيد وعمرو. وإنما كان العطف بالواو لما فيما من معنى الاجتماع، ولأن ذلك حقيقتها وأصلها وليس ذلك موجودا في شيء غيرها من الحروف العاطفة (٨)]، وفي العطف على الاسم المفرد بعد (بين) يحتاج إلى ما يدل على معنى الاجتماع. لما قدمنا ذكره في معنى
وأما ما لزم (٤) الظرفية وبعد عن التمكن كإذ ونحوه فيمتنع اشتقاقه (٥).
هذا هو الكلام في بين. فأما ما يقع بعده فهو على ضربين (٦): اسم وجملة. والاسم المفرد الذي بعده لا يخلو من أن يكون دالا على واحد أو أكثر من الواحد. فإن كان دالا على الواحد غير دال (٧) على أكثر منه عطف عليه اسم آخر، وكان العطف بالواو دون غيرها من الحروف العاطفة، [وذلك قولنا: المال بين زيد وعمرو. وإنما كان العطف بالواو لما فيما من معنى الاجتماع، ولأن ذلك حقيقتها وأصلها وليس ذلك موجودا في شيء غيرها من الحروف العاطفة (٨)]، وفي العطف على الاسم المفرد بعد (بين) يحتاج إلى ما يدل على معنى الاجتماع. لما قدمنا ذكره في معنى
(١) في (ب): (قد استعملت ظروفًا).
(٢) قراءة نافع والكسائي وحفص عن عاصم كما سبق.
(٣) في (أ)، (ج): (لقد تقطع بينكم الاشتراك بينكم) زيادة بينكم وليست في "الإغفال" ص ٢١٨.
(٤) في (أ)، (ج): (وأما لزم)، وفي (ب): (وأما ما لزوم).
(٥) قال أبو علي: (فالقول: أن ما كان منها يستعمل تارة اسما، وتارة ظرفا، فلم يلزم الظرفية، فيبعد بذلك عن المتمكنة، كإذ ونحوه، ولا يمتنع أن تكون مشتقة كسائر الأسماء التي لا تكون ظروفا) "الإغفال" ص ٢١٨.
(٦) "الإغفال" ص ٢١٩.
(٧) في (ب): (وغير ذاك).
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) قراءة نافع والكسائي وحفص عن عاصم كما سبق.
(٣) في (أ)، (ج): (لقد تقطع بينكم الاشتراك بينكم) زيادة بينكم وليست في "الإغفال" ص ٢١٨.
(٤) في (أ)، (ج): (وأما لزم)، وفي (ب): (وأما ما لزوم).
(٥) قال أبو علي: (فالقول: أن ما كان منها يستعمل تارة اسما، وتارة ظرفا، فلم يلزم الظرفية، فيبعد بذلك عن المتمكنة، كإذ ونحوه، ولا يمتنع أن تكون مشتقة كسائر الأسماء التي لا تكون ظروفا) "الإغفال" ص ٢١٨.
(٦) "الإغفال" ص ٢١٩.
(٧) في (ب): (وغير ذاك).
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
24
(بين) فلو عطف فيه على الاسم المفرد بحرف غير الواو لبقيت إضافتها كأنها إلى المفرد.
ألا ترى أنك لو جعلت موضع الواو الفاء لكان -لما فيها من معنى إتباعه الثاني الأول- لا يكون مجتمعا مع المعطوف عليه، وإذا لم يجتمع معه حصلت الإضافة إلى مفرد دال على واحد، وإضافتها إلى الواحد ممتنع. والذي يدل على أنه حيث تريد (١) الاجتماع لا يجوز العطف بغير الواو (٢) أنك لو قلت: مررت بزيد أخيك وصاحبك، وأنت تريد نعته بالأخوة والصحبة جميعًا (٣) كان العطف بالواو دون سائر أخواتها، إذ (٤) كان الغرض أنه مستحق لهما (٥) معًا. وكذلك الأفعال التي لا تقع إلا من فاعلين لا يكون العطف فيه لأحد الفاعلين على الآخر إلا بالواو دون غيرها، لأنك لو عطفت فيها بغير الواو، لصارت كأنها مسندة إلى فاعل واحد، وذلك فيها فاسد، وذلك نحو الاشتراك والاختصام (٦) والاقتتال وما أشبه هذا. وما امتنع من العطف بالفاء، فهو من (ثم) أشد امتناعًا إذ (٧) كان معناها من معنى الاجتماع أبعد، وإلى الافتراق أقرب لما يدل عليه من التراخي والمهلة (٨).
ألا ترى أنك لو جعلت موضع الواو الفاء لكان -لما فيها من معنى إتباعه الثاني الأول- لا يكون مجتمعا مع المعطوف عليه، وإذا لم يجتمع معه حصلت الإضافة إلى مفرد دال على واحد، وإضافتها إلى الواحد ممتنع. والذي يدل على أنه حيث تريد (١) الاجتماع لا يجوز العطف بغير الواو (٢) أنك لو قلت: مررت بزيد أخيك وصاحبك، وأنت تريد نعته بالأخوة والصحبة جميعًا (٣) كان العطف بالواو دون سائر أخواتها، إذ (٤) كان الغرض أنه مستحق لهما (٥) معًا. وكذلك الأفعال التي لا تقع إلا من فاعلين لا يكون العطف فيه لأحد الفاعلين على الآخر إلا بالواو دون غيرها، لأنك لو عطفت فيها بغير الواو، لصارت كأنها مسندة إلى فاعل واحد، وذلك فيها فاسد، وذلك نحو الاشتراك والاختصام (٦) والاقتتال وما أشبه هذا. وما امتنع من العطف بالفاء، فهو من (ثم) أشد امتناعًا إذ (٧) كان معناها من معنى الاجتماع أبعد، وإلى الافتراق أقرب لما يدل عليه من التراخي والمهلة (٨).
(١) في (ب): (يريد).
(٢) "الإغفال" ص ٢٢٠، نقل كلامه بتصرف.
(٣) في (ب): (حصل).
(٤) في (ب): (اذا).
(٥) في (ب): (لها جميعا).
(٦) في "الإغفال": (الاختصاص) ص ٢٢٠.
(٧) في (ب): (اذا).
(٨) "الإغفال" ص ٢٢١.
(٢) "الإغفال" ص ٢٢٠، نقل كلامه بتصرف.
(٣) في (ب): (حصل).
(٤) في (ب): (اذا).
(٥) في (ب): (لها جميعا).
(٦) في "الإغفال": (الاختصاص) ص ٢٢٠.
(٧) في (ب): (اذا).
(٨) "الإغفال" ص ٢٢١.
25
فإن قيل (١): أليس قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَه﴾ [النور: ٤٣] فأضاف (بين) (٢) إلى اسم مفرد؟ قيل: الهاء فيه ضمير يعود إلى اسم يراد به الجمع، فجاز إضافة (بين) إليه من حيث جاز إضافته إلى الاسم الذي هذه (٣) الهاء عائدة إليه، وذلك قوله: ﴿سَحَابًا﴾ (٤) ألا ترى أن سحاباً جمع سحابة.
فأما قوله (٥): بيني وبينه مال، فمذهب سيبويه فيه أن (بين) الثاني متكرر للتأكيد، ومعناه عنده (٦): بيننا. قال: وهو مثل قولهم: أخزى الله الكاذب منِّي ومنك وإنما هو: منا (٧)، وكقول القائل (٨):
فأما قوله (٥): بيني وبينه مال، فمذهب سيبويه فيه أن (بين) الثاني متكرر للتأكيد، ومعناه عنده (٦): بيننا. قال: وهو مثل قولهم: أخزى الله الكاذب منِّي ومنك وإنما هو: منا (٧)، وكقول القائل (٨):
| فأيِّي ما وأَيُّك كان شرًّا | فَقِيدَ إلى الْمقَامَةِ لاَ يَرَاهَا (٩) |
(١) "الإغفال" ص ٢٢٦.
(٢) (بين): ساقط من (ب).
(٣) في (ج): (هو هذه).
(٤) سياق الآية: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ﴾ [النور: ٤٣].
(٥) في (ب): (قولهم).
(٦) في "الإغفال": فمذهب سيبويه فيه أن (بين) الثاني متكرر للتأكيد، كما يكرر
الشيء له، ومعناه عندنا: بيننا.. ص ٢٢٧.
(٧) انظر: "الكتاب" ١/ ٢٠٤.
(٨) هو العباس بن مرداس.
(٩) معنى البيت: يقول من كان منا شرًّا أعماه الله في الدنيا فلا يبصر مجلسه، وقيل: مات على عماه فيقاد إلى موضع إقامة الناس في العرصات، و (المُقامة): بفتح الميم وضمها: المجلس ومكان اجتماع الناس. انظر: "الكتاب" ٢/ ٤٠٢، "شرح أبيات سيبويه" للسيرافي ٢/ ٩٣، و"شرحها" للنحاس ص ١٥٥، "الإغفال" ص ٢٢٧، "تهذيب اللغة" (أى) ١/ ٢٤٢، "اللسان" (قوم) ٦/ ٣٧٨٧، و (أيا) ١/ ٢٤٢، "أمالي القالي" ٣/ ٦٠، "شرح المفصل" ٢/ ١٣١، "الخزانة" ٤/ ٣٦٧، "البحر المحيط" ٤/ ٢٢٦.
(٢) (بين): ساقط من (ب).
(٣) في (ج): (هو هذه).
(٤) سياق الآية: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ﴾ [النور: ٤٣].
(٥) في (ب): (قولهم).
(٦) في "الإغفال": فمذهب سيبويه فيه أن (بين) الثاني متكرر للتأكيد، كما يكرر
الشيء له، ومعناه عندنا: بيننا.. ص ٢٢٧.
(٧) انظر: "الكتاب" ١/ ٢٠٤.
(٨) هو العباس بن مرداس.
(٩) معنى البيت: يقول من كان منا شرًّا أعماه الله في الدنيا فلا يبصر مجلسه، وقيل: مات على عماه فيقاد إلى موضع إقامة الناس في العرصات، و (المُقامة): بفتح الميم وضمها: المجلس ومكان اجتماع الناس. انظر: "الكتاب" ٢/ ٤٠٢، "شرح أبيات سيبويه" للسيرافي ٢/ ٩٣، و"شرحها" للنحاس ص ١٥٥، "الإغفال" ص ٢٢٧، "تهذيب اللغة" (أى) ١/ ٢٤٢، "اللسان" (قوم) ٦/ ٣٧٨٧، و (أيا) ١/ ٢٤٢، "أمالي القالي" ٣/ ٦٠، "شرح المفصل" ٢/ ١٣١، "الخزانة" ٤/ ٣٦٧، "البحر المحيط" ٤/ ٢٢٦.
26
إنما هو فأينا، كذلك هاهنا المعنى بيننا، وكرر للتأكيد. وأما قوله تعالى: ﴿عَوَان بَينَ ذَلِكَ﴾ فأضاف (١) (بين) إلى ذلك من حيث جاز إضافته إلى القوم وما أشبه ذلك من الأسماء التي تدل على الكثرة وإن كانت مفردة، وإنما جاز أن يكون قولنا: (ذلك) يراد به مرة الانفراد ومرة الجمع والكثرة لمشابهته الموصولة كـ (الذي وما).
ألا ترى أن القبيلين يشتبهان في دلالة كل واحد منها على شيء بعينه. ألا ترى أن (الذي) لا يدل على زيد دون عمرو، و (ما) لا يدل على الفرس دون الحمار، وكذلك (من)، فكان (٢) قولنا (ذلك) وسائر المبهمة كذلك، فلما كان (الذي وما ومن) على ما وصفنا من الدلالة على الجموع والإفراد، وكانت تفرد والمراد في إفرادها الجمع في نحو قوله: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣)﴾ [الزمر: ٣٣] و ﴿كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ [البقرة: ١٧] و ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨] ونحو ذلك مما يكثر تعداده، وكانت المبهمة مثلها في أنها لا تخص (٣) بالدلالة نوعاً ولا شخصاً بعينه، أجري مجراها في أن المراد فيما استعمل منه مفرداً قد يكون الجماعة (٤).
وهذا واسع مستحسن في جميع المبهمة، فمن المبهمة (كم) في قوله: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ﴾ [النجم: ٢٦]، وقال: {وَكَم
ألا ترى أن القبيلين يشتبهان في دلالة كل واحد منها على شيء بعينه. ألا ترى أن (الذي) لا يدل على زيد دون عمرو، و (ما) لا يدل على الفرس دون الحمار، وكذلك (من)، فكان (٢) قولنا (ذلك) وسائر المبهمة كذلك، فلما كان (الذي وما ومن) على ما وصفنا من الدلالة على الجموع والإفراد، وكانت تفرد والمراد في إفرادها الجمع في نحو قوله: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣)﴾ [الزمر: ٣٣] و ﴿كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ [البقرة: ١٧] و ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨] ونحو ذلك مما يكثر تعداده، وكانت المبهمة مثلها في أنها لا تخص (٣) بالدلالة نوعاً ولا شخصاً بعينه، أجري مجراها في أن المراد فيما استعمل منه مفرداً قد يكون الجماعة (٤).
وهذا واسع مستحسن في جميع المبهمة، فمن المبهمة (كم) في قوله: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ﴾ [النجم: ٢٦]، وقال: {وَكَم
(١) في (ب)، (ج): (فأضيف)، وفي "الإغفال": (فإنما أضيف..) ص ٢٢٨.
(٢) في (ب): (وكان).
(٣) في (ب)، (ج): (لا تختص)، وما في (أ) موافق و"الإغفال" ص ٢٢٩.
(٤) في "الإغفال": (لجماعة) ص ٢٢٩، وعبارته أوضح.
(٢) في (ب): (وكان).
(٣) في (ب)، (ج): (لا تختص)، وما في (أ) موافق و"الإغفال" ص ٢٢٩.
(٤) في "الإغفال": (لجماعة) ص ٢٢٩، وعبارته أوضح.
27
مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا} [الأعراف: ٤]، ثم قال: ﴿أَوْ هُمْ قَائِلُونَ﴾ وقال: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٧]، وقال: ﴿وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾ [النمل: ٨٧] (١) وقال: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٩٣].
فهذه الأسماء (٢) حسن فيها هذا، لما لم يكن (٣) لواحد بعينه ولا لنوع وحده (٤)، فكذلك (٥) (ذلك) لما كان مبهماً جاز أن يراد به الواحد مرة، وأكثر من الواحد مرة، وعلى هذا الحد صار فاعلاً لحبَّ في قولهم: [حبذا. ألا ترى أنه موضع يقع فيه الاسم (٦)، كما أن فاعل نعم وبئس عام. وقيل:] (٧) حبذا هند، كما قيل: حبذا زيد (٨)، ويدلك على ما ذكرنا من قصدهم بـ (ذلك) الجمع وما زاد على الواحد، أن رؤبة لما قيل له في قوله:
فهذه الأسماء (٢) حسن فيها هذا، لما لم يكن (٣) لواحد بعينه ولا لنوع وحده (٤)، فكذلك (٥) (ذلك) لما كان مبهماً جاز أن يراد به الواحد مرة، وأكثر من الواحد مرة، وعلى هذا الحد صار فاعلاً لحبَّ في قولهم: [حبذا. ألا ترى أنه موضع يقع فيه الاسم (٦)، كما أن فاعل نعم وبئس عام. وقيل:] (٧) حبذا هند، كما قيل: حبذا زيد (٨)، ويدلك على ما ذكرنا من قصدهم بـ (ذلك) الجمع وما زاد على الواحد، أن رؤبة لما قيل له في قوله:
| فيه خُطُوطٌ من سَوَادٍ وبَلَقْ | كأَنَّه في الجِلْدِ تَوْلِيعُ البَهَقْ (٩) |
(١) والآية لم ترد في "الإغفال"، وترك الواحدي آيات أخرى استشهد بها أبو علي، انظر: ص ٢٣٠.
(٢) في (ج): (اسماء).
(٣) في (ب): (يكون)، وفي "الإغفال" (تكن) ص ٢٣٠ وهو أولى.
(٤) في "الإغفال" (واحد) ص ٢٣٠.
(٥) في (ج): (وكذلك).
(٦) في "الإغفال": (الاسم العام).
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج)، وثابت في (ب)، و"الإغفال" ص ٢٣٠.
(٨) أي: أنه لم تُغير (حبذا) للتأنيث. انظر "الإغفال" ص ٢٣٠، ٢٣١.
(٩) يروى (فيها) بدل فيه، وقوله (بلق): سواد وبياض، و (التوليع) استطالة البلق ولمعانه، (البهق): بياض رقيق في البشرة. ورد الرجز في "ديوان رؤبة" ص ١٠٤ "مجالس العلماء" للزجاجي ص ٢٧٧، "المخصص" ٥/ ٨٩، "تهذيب اللغة" (بهق) ١/ ٤٠٥، "مجمل اللغة" ١/ ١٣٨، "مقاييس اللغة" ١/ ٣١٠، "اللسان" ١/ ٣٧٤،=
(٢) في (ج): (اسماء).
(٣) في (ب): (يكون)، وفي "الإغفال" (تكن) ص ٢٣٠ وهو أولى.
(٤) في "الإغفال" (واحد) ص ٢٣٠.
(٥) في (ج): (وكذلك).
(٦) في "الإغفال": (الاسم العام).
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج)، وثابت في (ب)، و"الإغفال" ص ٢٣٠.
(٨) أي: أنه لم تُغير (حبذا) للتأنيث. انظر "الإغفال" ص ٢٣٠، ٢٣١.
(٩) يروى (فيها) بدل فيه، وقوله (بلق): سواد وبياض، و (التوليع) استطالة البلق ولمعانه، (البهق): بياض رقيق في البشرة. ورد الرجز في "ديوان رؤبة" ص ١٠٤ "مجالس العلماء" للزجاجي ص ٢٧٧، "المخصص" ٥/ ٨٩، "تهذيب اللغة" (بهق) ١/ ٤٠٥، "مجمل اللغة" ١/ ١٣٨، "مقاييس اللغة" ١/ ٣١٠، "اللسان" ١/ ٣٧٤،=
28
وجب أن تقول (١): كأنها، وإن أردت السواد والبلق وجب أن تقول (٢): كأنهما.
قال: أردت كأن ذاك (٣). فعلم بهذا أنهم يقصدون بـ (ذلك) غير المفرد وأنه قصد هذا المعنى، وعليه حمل كلامه.
ويدل أيضًا على أنهم يقصدون بـ (ذلك) إلى (٤) أكثر من الواحد إضافتهم (كلا) إليه، وذلك في قول القائل:
وَكِلاَ ذَلِكَ وَجْهٌ وَقَبَلْ (٥)
ألا ترى أن (كلا) لا يضاف إلى المفرد، فبان أن المراد بـ (ذلك) الزيادة على الواحد. وكذلك (٦) قوله: ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ إنما أضيف
قال: أردت كأن ذاك (٣). فعلم بهذا أنهم يقصدون بـ (ذلك) غير المفرد وأنه قصد هذا المعنى، وعليه حمل كلامه.
ويدل أيضًا على أنهم يقصدون بـ (ذلك) إلى (٤) أكثر من الواحد إضافتهم (كلا) إليه، وذلك في قول القائل:
وَكِلاَ ذَلِكَ وَجْهٌ وَقَبَلْ (٥)
ألا ترى أن (كلا) لا يضاف إلى المفرد، فبان أن المراد بـ (ذلك) الزيادة على الواحد. وكذلك (٦) قوله: ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ إنما أضيف
= و"أساس البلاغة" (ولع) ٢/ ٥٢٧، "مغني اللبيب" ٢/ ٦٧٨، "البحر المحيط" ١/ ٢٥١، ٤/ ٢٨٥، ٥/ ٦٤، "الكشاف" ١/ ٢٧٨، "الدر المصون" ١/ ٤٢٣.
(١) في (أ): (يقول)، وما في (ب)، (ج) موافق "للإغفال" ص ٢٣١.
(٢) انظر الحاشية السابقة.
(٣) في "مجاز القرآن": قال أبو عبيدة فقلت لرؤبة: إن كانت خطوط فقل كأنها، وان كان سواد وبلق فقل: كأنهما، فقال: كان ذاك ويلك توليع البهق. "المجاز" ١/ ٤٤.
(٤) (إلى): ساقط من (ج)، وفي (ب): (الأكثر).
(٥) من قصيدة لعبد الله بن الزِّبَعْرَى، قالها يوم أحد، يتشفى من المسلمين، فرد عليه حسان، والشطر الأول: إنَّ للخَيْرِ وللِشِّرِ مَدًى.
أورد ابن هشام القصيدة في "السيرة" ٣/ ٩٦، وهي في "شعره" ص ٤١، وورد البيت في "الإغفال" ص ٢٣٢، "شرح المفصل" ٣/ ٢، و"الهمع" ٤/ ٢٨٣، "البحر المحيط" ١/ ٢٥١، "شرح ابن عقيل" ٣/ ٦٢، "مغني اللبيب" ١/ ٢٠٣، "أوضح المسالك" ١٤٦، "الدر المصون" ١/ ٣٤٨، ٤٢٢.
(٦) في (ب): (فكذلك)، ومثله في "الإغفال" ص ٢٣٢.
(١) في (أ): (يقول)، وما في (ب)، (ج) موافق "للإغفال" ص ٢٣١.
(٢) انظر الحاشية السابقة.
(٣) في "مجاز القرآن": قال أبو عبيدة فقلت لرؤبة: إن كانت خطوط فقل كأنها، وان كان سواد وبلق فقل: كأنهما، فقال: كان ذاك ويلك توليع البهق. "المجاز" ١/ ٤٤.
(٤) (إلى): ساقط من (ج)، وفي (ب): (الأكثر).
(٥) من قصيدة لعبد الله بن الزِّبَعْرَى، قالها يوم أحد، يتشفى من المسلمين، فرد عليه حسان، والشطر الأول: إنَّ للخَيْرِ وللِشِّرِ مَدًى.
أورد ابن هشام القصيدة في "السيرة" ٣/ ٩٦، وهي في "شعره" ص ٤١، وورد البيت في "الإغفال" ص ٢٣٢، "شرح المفصل" ٣/ ٢، و"الهمع" ٤/ ٢٨٣، "البحر المحيط" ١/ ٢٥١، "شرح ابن عقيل" ٣/ ٦٢، "مغني اللبيب" ١/ ٢٠٣، "أوضح المسالك" ١٤٦، "الدر المصون" ١/ ٣٤٨، ٤٢٢.
(٦) في (ب): (فكذلك)، ومثله في "الإغفال" ص ٢٣٢.
29
(بين) إلى (ذلك) لأن المراد به الزيادة على الواحد.
ألا ترى أنه إشارة إلى ما تقدم من قوله مما دل على الفروض والبكارة.
فأما قول أبي إسحاق: (لأن ذلك ينوب عن الجمل (١)، يقول القائل: ظننت ذاك، والظن يقتضي مفعولين فقام ذلك أو ذاك مقامهما)، فهذا خطأ (٢)، ولا يجوز أن يقع ذاك وذلك (٣) موقع الجملة، ولا يجوز أن تكون (٤) نائبة عن الجملة، لأنه لوكان نائبا عنها للزم أن ينوب عنها في صلة (الذي) وأخواتها، وفي وصف النكرات (٥). ولو (٦) كان (ذلك) نائبًا عن الجمل لما جاز وقوعه في هذه الآية؛ لأن هذا الموضع ليس من مواضع الجمل، ولا من الأماكن التي يتجه فيها دخول الجمل.
ألا ترى أنه إشارة إلى ما تقدم من قوله مما دل على الفروض والبكارة.
فأما قول أبي إسحاق: (لأن ذلك ينوب عن الجمل (١)، يقول القائل: ظننت ذاك، والظن يقتضي مفعولين فقام ذلك أو ذاك مقامهما)، فهذا خطأ (٢)، ولا يجوز أن يقع ذاك وذلك (٣) موقع الجملة، ولا يجوز أن تكون (٤) نائبة عن الجملة، لأنه لوكان نائبا عنها للزم أن ينوب عنها في صلة (الذي) وأخواتها، وفي وصف النكرات (٥). ولو (٦) كان (ذلك) نائبًا عن الجمل لما جاز وقوعه في هذه الآية؛ لأن هذا الموضع ليس من مواضع الجمل، ولا من الأماكن التي يتجه فيها دخول الجمل.
(١) في "الإغفال": (فأما قول أبي إسحاق: إنما جاز (بين ذلك)، و (بين) لا تكون إلا مع اثنين فعبارة أطلقها على جهة التسامح.. ثم قال (فاما قوله (لأن ذلك) ينوب عن الجمل، كقول القائل: ظننت ذاك... إلخ) نقله بتصرف "الإغفال" ص ٢٣٢، ٢٣٣.
(٢) قوله: (فهذا خطأ) لم يرد في كلام أبي علي، ونص كلامه: (فلا يخلو (ذلك) في ما ذكره من قولهم: ظننت ذاك أن يكون إشارة إلى المصدر، كما ذهب إليه سيبويه، أو يكون نائبا عن الجمل كما قاله أبو إسحاق، أو يكون إشارة إلى أحد المفعولين اللذين يقتضيهما (ظننت)، لا تحتمل القسمة غير ذلك..) ثم أخذ يفصل هذه الوجوه. انظر: "الإغفال" ص ٢٣٣.
(٣) في (ج): (ذلك وذاك).
(٤) في (أ)، (ج): (يكون)، وفي "الإغفال" (يكون نائبًا) ص ٢٣٣، وأثبت ما في (ب) لأنه أنسب للسياق.
(٥) "الإغفال" ص ٢٣٣.
(٦) "الإغفال" ص ٢٤١.
(٢) قوله: (فهذا خطأ) لم يرد في كلام أبي علي، ونص كلامه: (فلا يخلو (ذلك) في ما ذكره من قولهم: ظننت ذاك أن يكون إشارة إلى المصدر، كما ذهب إليه سيبويه، أو يكون نائبا عن الجمل كما قاله أبو إسحاق، أو يكون إشارة إلى أحد المفعولين اللذين يقتضيهما (ظننت)، لا تحتمل القسمة غير ذلك..) ثم أخذ يفصل هذه الوجوه. انظر: "الإغفال" ص ٢٣٣.
(٣) في (ج): (ذلك وذاك).
(٤) في (أ)، (ج): (يكون)، وفي "الإغفال" (يكون نائبًا) ص ٢٣٣، وأثبت ما في (ب) لأنه أنسب للسياق.
(٥) "الإغفال" ص ٢٣٣.
(٦) "الإغفال" ص ٢٤١.
30
ألا ترى أن (ذلك) إشارة إلى البكارة والفروض. فلو كان واقعاً (١) موقعَ جملةٍ ما دلّ عليهما (٢)؛ لأن الجملة يُسنَد فيها الحديثُ إلى المحدَّث عنه (٣)، وليس (٤) واحد من الفروض والبكارة بمسند إلى الآخر. وهذا واضح لمن تأمله.
فأما قولهم: ظننت ذاك، فهو عند سيبويه إشارة إلى المصدر (٥) كأنك قلت: ظننت ذاك (٦) الظنَّ، وإذا كان إشارة إلى المصدر لم يحتج إلى مفعول ثان، كما أنّ (ضربت) وغيره من الأفعال المتعدية إذا عديته (٧) إلى المصدر لم يلزم أن تُعدِّيه إلى مفعول به، فبان أن (ذاك) من قولهم: (ظننت ذاك) لم يقع موقع الجملة (٨).
٦٩ - قوله تعالى: ﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا﴾ اللون (٩) مرفوع، لأنك لم ترد أن تجعل (ما) صلة، فتقول: يبين لنا لونَها، وقد قرئ
فأما قولهم: ظننت ذاك، فهو عند سيبويه إشارة إلى المصدر (٥) كأنك قلت: ظننت ذاك (٦) الظنَّ، وإذا كان إشارة إلى المصدر لم يحتج إلى مفعول ثان، كما أنّ (ضربت) وغيره من الأفعال المتعدية إذا عديته (٧) إلى المصدر لم يلزم أن تُعدِّيه إلى مفعول به، فبان أن (ذاك) من قولهم: (ظننت ذاك) لم يقع موقع الجملة (٨).
٦٩ - قوله تعالى: ﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا﴾ اللون (٩) مرفوع، لأنك لم ترد أن تجعل (ما) صلة، فتقول: يبين لنا لونَها، وقد قرئ
(١) في (ب): (واقع).
(٢) في (ب): (عليها).
(٣) في (ب): (عنها).
(٤) قوله: (وليس) ساقط من (ب).
(٥) انظر: "الكتاب" ١/ ٤٠.
(٦) في (ب): (ذلك).
(٧) قوله: (إذا عديته) ساقط من (ب).
(٨) انتهى ما نقله المؤلف عن كتاب "الإغفال" لأبي علي الفارسي بعضه بنصه، وبعضه بتصرف. انظر: "الإغفال" ص ٢١٤ - ٢٤١، وقد أطال في النقل عن (بين). ومحل ذلك المطولات من كتب النحو، لا كتب التفسير والله أعلم.
(٩) في (ب): (ما لونها مرفوع).
(٢) في (ب): (عليها).
(٣) في (ب): (عنها).
(٤) قوله: (وليس) ساقط من (ب).
(٥) انظر: "الكتاب" ١/ ٤٠.
(٦) في (ب): (ذلك).
(٧) قوله: (إذا عديته) ساقط من (ب).
(٨) انتهى ما نقله المؤلف عن كتاب "الإغفال" لأبي علي الفارسي بعضه بنصه، وبعضه بتصرف. انظر: "الإغفال" ص ٢١٤ - ٢٤١، وقد أطال في النقل عن (بين). ومحل ذلك المطولات من كتب النحو، لا كتب التفسير والله أعلم.
(٩) في (ب): (ما لونها مرفوع).
31
بها شاذّاً، وهو صواب (١)، ولكنه (٢) أراد (٣): ادع لنا ربك يبيّن لنا أي شيء لونُها؟ ولم يصلح للفعل الوقوع (٤) على (أي) لأن أصله جمع متفرق (٥) من الاستفهام، كقول القائل (٦): يبين لنا (٧) أسوداء هي أم صفراء؟ فلما لم يصلح (٨) للتَّبَيُّن أن يقع على الاستفهام في تفرقه لم [يقع] (٩) على أي، لأنها
(١) لعل المراد من الناحية النحوية، لو ثبتت القراءة به وقد نسب الثعلبي القراءة بالنصب إلى الضحاك ١/ ٨٤/ أ، وعبارة الفراء -والكلام بنصه منقول عنه- يقول: (اللون مرفوع، لأنك لم ترد أن تجعل (ما) صلة فتقول: يبين لنا ما لونَها، ولو قرأ به قارئٌ كان صوابا..) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٦. قارن بين كلام الفراء وكلام الواحدي. قال الزجاج: (ولا يجوز في القراءة (ادع لنا ربك يبين لنا ما لونَها) على أن يجعل (ما) لغوا، ولا يُقرأ القرآن إلا كما قرأت القراء المجمع عليهم في الأخذ عنهم) "معاني القرآن" ١/ ١٢٣. وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٤٤، فإنه نقل بعض كلام الفراء بمعناه، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٥، و"المشكل" ١/ ٥٢.
(٢) في (ج): (ولكنه القائل يبين لنا أسوداء هي أما صفراء أراد: ادع..) وفيه تكرير جملة لا مكان لها هنا وستأتي بعد.
(٣) ما أحسن صنيع الفراء حينما قال: (ولكنه أراد -والله أعلم- ادع..) "معاني القرآن" ١/ ٤٦.
(٤) في (ج): (للوقوع).
(٥) عبارة الفراء: (لأن الأصل (أي) تفرق جمع من الاستفهام) يريد أن (أيا) نابت عن جمع من الاستفهام متفرق. انظر: "معاني القرآن" للفراء، وحاشيته ١/ ٤٦.
(٦) (القائل): مكرر في (ج).
(٧) في (ب): (سوداء) بسقوط الهمزة.
(٨) في (أ)، (ج): (فإنما يصلح للتبيين..)، وما في (ب) موافق لـ "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٦.
(٩) (يقع) زيادة من "معاني القرآن" ١/ ٤٦، وهي لازمة لتمام الكلام.
(٢) في (ج): (ولكنه القائل يبين لنا أسوداء هي أما صفراء أراد: ادع..) وفيه تكرير جملة لا مكان لها هنا وستأتي بعد.
(٣) ما أحسن صنيع الفراء حينما قال: (ولكنه أراد -والله أعلم- ادع..) "معاني القرآن" ١/ ٤٦.
(٤) في (ج): (للوقوع).
(٥) عبارة الفراء: (لأن الأصل (أي) تفرق جمع من الاستفهام) يريد أن (أيا) نابت عن جمع من الاستفهام متفرق. انظر: "معاني القرآن" للفراء، وحاشيته ١/ ٤٦.
(٦) (القائل): مكرر في (ج).
(٧) في (ب): (سوداء) بسقوط الهمزة.
(٨) في (أ)، (ج): (فإنما يصلح للتبيين..)، وما في (ب) موافق لـ "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٦.
(٩) (يقع) زيادة من "معاني القرآن" ١/ ٤٦، وهي لازمة لتمام الكلام.
32
جمع ذلك المتفرق، وكذلك ما كان في القرآن مثله. فأعمِلْ في (١) (ما) و (أي) الفعل الذي بعدهما، ولا تُعمِلْ الذي قبلهما إذا كان مشتقًّا من العلم أو في معناه، كقولك: ما أعلم أنهم قال ذلك، ولا أُعلِمَنَّ أيُّهم قال ذلك، وما أدري أيَّهم ضربتَ (٢). فهو في العلم والإخبار والإنباء وما أشبهها على هذا الوصف، ومنه قوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الانفطار: ١٧]، موضع (ما) (٣) رفع (٤)، رفعتها بيوم، كقولك: ما أدراك أيُّ شيء يوم الدين؟ وكذلك قوله: ﴿لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى﴾ [الكهف: ١٢]، رفعت (أي) بأحصى، وإنما (٥) امتنعت (أي) من الفعل الذي قبلها، لأنك تجد الفعل غير واقع عليها في المعنى؛ ألا ترى أنك إذا قلت: اسأل (٦) أيهم قام، كان المعنى: سل الناس أيُّهم قام، ولو أوقعت الفعل على أي فقلت: اسأل أيَّهم قام، خرجت من معنى الاستفهام، وذاك جائز إن أردته (٧)، تقول: لأضربنَّ أيَّهم قال ذلك، فهنا (٨) (أي) لا تكون (٩) استفهاماً؛ لأن الضرب لا يقع [على
(١) (في): ساقطة من (ب).
(٢) من (ب): (ضربت)، ومثله في "معاني القرآن" ١/ ٤٦، وفي غير (ب): (ضرب).
(٣) في "معاني القرآن" (ما الثانية) ١/ ٤٦.
(٤) في (ب): (رفعت).
(٥) في "معاني القرآن" للفراء: (وتقول إذا كان الفعل واقعا على (أي): ما أدري أيَّهم ضربت، وإنما امتنعت من أن توقع على (أي) الفعل الذي قبلها من العلم وأشباهه، لأنك تجد الفعل... إلخ) ١/ ٤٦، ٤٧.
(٦) في "المعاني": (سل).
(٧) في (ب): (أردت).
(٨) في (ج): (فهاهنا).
(٩) في (أ)، (ج): (يكون).
(٢) من (ب): (ضربت)، ومثله في "معاني القرآن" ١/ ٤٦، وفي غير (ب): (ضرب).
(٣) في "معاني القرآن" (ما الثانية) ١/ ٤٦.
(٤) في (ب): (رفعت).
(٥) في "معاني القرآن" للفراء: (وتقول إذا كان الفعل واقعا على (أي): ما أدري أيَّهم ضربت، وإنما امتنعت من أن توقع على (أي) الفعل الذي قبلها من العلم وأشباهه، لأنك تجد الفعل... إلخ) ١/ ٤٦، ٤٧.
(٦) في "المعاني": (سل).
(٧) في (ب): (أردت).
(٨) في (ج): (فهاهنا).
(٩) في (أ)، (ج): (يكون).
33
اسم، ثم يأتي بعد ذلك استفهام، لأن الضرب لا يقع، (١) على اثنين. وقوله: ﴿ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا﴾ [مريم: ٦٩] مَنْ نصَبَ أيّاً (٢) أوقع عليها النزع، وليس باستفهام، كأنه قال: ثم لنستخرجن العاتي الذي هو أشدّ عِتيّا.
وأما الرفع (٣)، فأن تجعل مكتفيًا بـ (من) في الوقوع عليها كما تقول: قد قتلنا من كل قوم، وأصبنا من كل طعام، ثم تستأنف أيّاً فترفعها بالذي بعدها، كقوله تعالى: ﴿يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ [الإسراء: ٥٧] وكذلك: ﴿يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾ (٤) [آل عمران: ٤٤].
و (٥) قوله تعالى: ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا﴾ (٦) ما بعد القول من باب (٧) إنَّ مكسور أبدا، كأنك لم تذكر القول في صدر كلامك، وإنما وقع (قلت) في كلام العرب على أن يحكى به ما كان كلاماً يقوم بنفسه قبل دخوله، فيؤدي
وأما الرفع (٣)، فأن تجعل مكتفيًا بـ (من) في الوقوع عليها كما تقول: قد قتلنا من كل قوم، وأصبنا من كل طعام، ثم تستأنف أيّاً فترفعها بالذي بعدها، كقوله تعالى: ﴿يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ [الإسراء: ٥٧] وكذلك: ﴿يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾ (٤) [آل عمران: ٤٤].
و (٥) قوله تعالى: ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا﴾ (٦) ما بعد القول من باب (٧) إنَّ مكسور أبدا، كأنك لم تذكر القول في صدر كلامك، وإنما وقع (قلت) في كلام العرب على أن يحكى به ما كان كلاماً يقوم بنفسه قبل دخوله، فيؤدي
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) بالنصب قرأ طلحة بن مصرف، ومعاذ بن مسلم الهراء، وزائدة عن الأعمش، انظر "البحر المحيط" ٦/ ٢٠٩.
(٣) ذكر الفراء وجهين للرفع حيث قال: (وفيها وجهان من الرفع: أحدهما: أن تجعل الفعل مكتفيا بـ (من).. الخ) وذكر الوجه الثاني فقال: (فإن في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ﴾ لننزعن من الذين تشايعوا على هذا، ينظرون بالتشايع أيهم أشد وأخبث، وأيهم أشد على الرحمن عتيا..) ١/ ٤٨.
(٤) بهذا انتهى ما نقله المؤلف من الفراء بنصه في الغالب، وبتصرف في بعضه، انظر: "معاني القرآن" ١/ ٤٦ - ٤٨.
(٥) (الواو): ساقط من (ب).
(٦) (قال): ساقط من (ب).
(٧) (باب): ساقط من (ج).
(٢) بالنصب قرأ طلحة بن مصرف، ومعاذ بن مسلم الهراء، وزائدة عن الأعمش، انظر "البحر المحيط" ٦/ ٢٠٩.
(٣) ذكر الفراء وجهين للرفع حيث قال: (وفيها وجهان من الرفع: أحدهما: أن تجعل الفعل مكتفيا بـ (من).. الخ) وذكر الوجه الثاني فقال: (فإن في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ﴾ لننزعن من الذين تشايعوا على هذا، ينظرون بالتشايع أيهم أشد وأخبث، وأيهم أشد على الرحمن عتيا..) ١/ ٤٨.
(٤) بهذا انتهى ما نقله المؤلف من الفراء بنصه في الغالب، وبتصرف في بعضه، انظر: "معاني القرآن" ١/ ٤٦ - ٤٨.
(٥) (الواو): ساقط من (ب).
(٦) (قال): ساقط من (ب).
(٧) (باب): ساقط من (ج).
34
مع ذكر (قلت) ذلك اللفظ، تقول: قلت: زيد منطلق، وكذلك إن زيدًا منطلق، إذا حكيته تقول: قلت: إن زيداً منطلق (١)، لا اختلاف بين النحويين في ذلك، إلا أن قوماً من العرب، وهم بنو سُلَيم يجعلون باب (قلت) (٢) كباب (ظننت)، فيقولون: قلت: زيداً منطلقاً، وهذه لغة لا يؤخذ بها في القرآن.
وقوله تعالى: ﴿فَاقِعٌ﴾ هو مبالغة في نعت الأصفر يقال: فَقَعَ فُقُوعًا وهو يَفْقَعُ ويَفْقُعُ. وربما استعمل الفقوع في معنى الحمرة (٣)، قال البُرجُ بن مُسْهِر:
كُمَيْتاً (٤) مِثْلَ ما فَقَعَ الأَديم (٥)
أي: اشتدت حمرته، وفاقع يرجع إلى اللون، وهو خبر واسمه اللون، فهو خبر مقدم على الاسم (٦).
وقوله تعالى: ﴿فَاقِعٌ﴾ هو مبالغة في نعت الأصفر يقال: فَقَعَ فُقُوعًا وهو يَفْقَعُ ويَفْقُعُ. وربما استعمل الفقوع في معنى الحمرة (٣)، قال البُرجُ بن مُسْهِر:
كُمَيْتاً (٤) مِثْلَ ما فَقَعَ الأَديم (٥)
أي: اشتدت حمرته، وفاقع يرجع إلى اللون، وهو خبر واسمه اللون، فهو خبر مقدم على الاسم (٦).
(١) الكلام بنصه في "معاني القرآن" للزجاج وفيه: (تقول: قلت: زيد منطلق. كأنك قلت: زيد منطلق، وكذلك: إن زيدا منطلق، لا اختلاف بين النحويين..) "معاني القرآن" ١/ ١٢٣.
(٢) في "المعاني": (باب (قلت) اجمع كباب (ظننت)) ١/ ١٢٣.
(٣) أكثر المفسرين على أن ﴿فَاقِعٌ﴾ في هذه الآية صفة للأصفر. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٤٥ - ٣٤٦، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٥٣، ٥٤، "معاني القرآن" للأخفش١/ ٢٧٩، "معاني القرآن" للزجاج١/ ١٢٤، "الكشاف" ١/ ٢٨٧، وانظر: مادة (فقع) في "الصحاح" ٣/ ٢٥٩، "اللسان" ٦/ ٣٤٤٨.
(٤) كذا في جميع النسخ، وفي "اللسان" (كميت)، وكذا في "التاج".
(٥) ورد البيت في اللسان، وصدره:
تَراها في الإناء لها حُمَيَّا
"اللسان" (فقع) ٦/ ٣٤٤٨، و"التاج" (فقع) ١١/ ٣٤٩.
(٦) في إعراب (فاقع) وجوه: الأول: (فاقع) خبر مقدم، و (لونها) مبتدأ مؤخر، =
(٢) في "المعاني": (باب (قلت) اجمع كباب (ظننت)) ١/ ١٢٣.
(٣) أكثر المفسرين على أن ﴿فَاقِعٌ﴾ في هذه الآية صفة للأصفر. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٤٥ - ٣٤٦، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٥٣، ٥٤، "معاني القرآن" للأخفش١/ ٢٧٩، "معاني القرآن" للزجاج١/ ١٢٤، "الكشاف" ١/ ٢٨٧، وانظر: مادة (فقع) في "الصحاح" ٣/ ٢٥٩، "اللسان" ٦/ ٣٤٤٨.
(٤) كذا في جميع النسخ، وفي "اللسان" (كميت)، وكذا في "التاج".
(٥) ورد البيت في اللسان، وصدره:
تَراها في الإناء لها حُمَيَّا
"اللسان" (فقع) ٦/ ٣٤٤٨، و"التاج" (فقع) ١١/ ٣٤٩.
(٦) في إعراب (فاقع) وجوه: الأول: (فاقع) خبر مقدم، و (لونها) مبتدأ مؤخر، =
35
ومعنى ﴿تَسُرُّ النَّاظِرِينَ﴾: تعجبهم بحسنها (١).
٧٠ - قوله تعالى: ﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِىَ﴾ أي (٢): أسائمة أم عاملة (٣)؟ ﴿إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا﴾ ذكَّر الفعل لتذكير (٤) اللفظ كقوله: ﴿نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ﴾ [القمر: ٢٠] وكلُّ جمعٍ حروفُه أقلُّ من حروف واحده جاز تذكيره مثل: بقر ونخل وسحاب، فمن ذكَّر ذهب إلى لفظ الجمع، ولفظ الجمع مذكر، ومَن أنَّثَ ذهب إلى لفظ الجماعة (٥)، قال الله تعالى: ﴿يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ﴾ [النور: ٤٣] وقال: ﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ﴾ [ق: ١٠]، وقال الزجاج: معناه جنس البقر تشابه علينا (٦).
﴿وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾ إلى وصفها (٧)، وقيل: إلى القاتل (٨).
٧٠ - قوله تعالى: ﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِىَ﴾ أي (٢): أسائمة أم عاملة (٣)؟ ﴿إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا﴾ ذكَّر الفعل لتذكير (٤) اللفظ كقوله: ﴿نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ﴾ [القمر: ٢٠] وكلُّ جمعٍ حروفُه أقلُّ من حروف واحده جاز تذكيره مثل: بقر ونخل وسحاب، فمن ذكَّر ذهب إلى لفظ الجمع، ولفظ الجمع مذكر، ومَن أنَّثَ ذهب إلى لفظ الجماعة (٥)، قال الله تعالى: ﴿يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ﴾ [النور: ٤٣] وقال: ﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ﴾ [ق: ١٠]، وقال الزجاج: معناه جنس البقر تشابه علينا (٦).
﴿وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾ إلى وصفها (٧)، وقيل: إلى القاتل (٨).
= والجملة صفة، والثاني: (فاقع) صفة للبقرة، و (لونها): فاعل فاقع، والثالث: (فاقع) صفة، و (لونها) مبتدأ خبره (تسر الناظرين) انظر: "البيان" ١/ ٩٣، "الإملاء" ١/ ٤٢، "البحر المحيط" ١/ ٢٥٢، "الدر المصون" ١/ ٤٢٤.
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٤٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٤ أ.
(٢) في (ب): (قوله) يبين لنا ما هي (أي..).
(٣) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٨٤ أ، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٧٨، و"البغوي" ١/ ٨٣.
(٤) في (ج): (للذكير).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٥٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٤ أ.
(٦) "معاني القرآن" ١/ ١٢٨.
(٧) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٨٤ ب، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٥٠، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٢٨.
(٨) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١٢٨، "الكشاف" ١/ ٢٨٨، "البحر المحيط" ١/ ٢٥٤.
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٤٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٤ أ.
(٢) في (ب): (قوله) يبين لنا ما هي (أي..).
(٣) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٨٤ أ، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٧٨، و"البغوي" ١/ ٨٣.
(٤) في (ج): (للذكير).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٥٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٤ أ.
(٦) "معاني القرآن" ١/ ١٢٨.
(٧) الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٨٤ ب، وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٥٠، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٢٨.
(٨) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١٢٨، "الكشاف" ١/ ٢٨٨، "البحر المحيط" ١/ ٢٥٤.
قال رسول الله - ﷺ -: "وأيمُ اللِّه لو لم يستثنوا لما بُيِّنَتْ لهم آخر الأبد" (١).
٧١ - قوله تعالى: ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ﴾ الذلول: المذللة بالعمل، و ﴿تُثِيرُ اَلأرَضَ﴾ أي: تقلبها للزراعة (٢). ومعنى الإثارة: تفريق الشيء في كل جهة، يقال: أثرت الشيء واستثرته، إذا هيجته. قال (٣):
ويقال: ثار الشيء إذا ارتفع عن مكانه، يقال: ثار الغبار، ثار الدخان، وثار الدم في وجه فلان، وثَوَّرْتُ كدُورةَ الماء فثار، ومنه الثور لأنه يثير الأرض (٦).
٧١ - قوله تعالى: ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ﴾ الذلول: المذللة بالعمل، و ﴿تُثِيرُ اَلأرَضَ﴾ أي: تقلبها للزراعة (٢). ومعنى الإثارة: تفريق الشيء في كل جهة، يقال: أثرت الشيء واستثرته، إذا هيجته. قال (٣):
| إِذا كَانَ في صَدْر (٤) ابنِ عمِّك إِحْنَةٌ | فلا تَسْتَثِرْها سوف يَبْدُو دَفِينُهَا (٥) |
(١) أخرجه الطبري عن قتادة وابن جريح مرسلا، قال شاكر - عن الأثر عن ابن جريح: لا تقوم به حجة. "الطبري (مع حاشية شاكر") ٢/ ٢٠٥، ٢٠٦، وبمعناه عند "تفسير ابن أبي حاتم" عن أبي هريرة، قال المحقق: إسناده ضعيف. "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٤٢٠، وذكر ابن كثير رواية ابن أبي حاتم، وقال: ورواه الحافظ أبو بكر من مردويه في "تفسيره" من وجه آخر، ثم ذكره، وقال وهذا حديث غريب من هذا الوجه، وأحسن أحواله أن يكون من كلام أبي هريرة. "ابن كثير" ١/ ١١٨، وقد تناقل المفسرون هذه الروايات بدون سند، وقد جمع بعضها السيوطي في "الدر" ١/ ١٥٠، والشوكاني في "فتح القدير" ١/ ١٥٦.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢١٢ و"تفسير الثعلبي" ١/ ٨٤ ب، و"تفسير أبي الليث" ١/ ٣٨٨.
(٣) نسبه المرتضى في أماليه، إلى أبي الطمحان، ونُسب في اللسان إلى الأقيبل القيني.
(٤) في (أ)، (ج): (صد)، وأثبت ما في (ب)، لأنه يوافق المصادر الأخرى التي ورد بها البيت.
(٥) البيت في "أمالي المرتضى" ١/ ٢٥٩، "مقاييس اللغة" (أحسن) ١/ ٦٧، "الفائق" ١/ ٢٧، "اللسان" (أحن) ١/ ٣٥.
(٦) "تهذيب اللغة" (ثار) ١/ ٤٦٧، انظر: "الصحاح" (ثور) ٢/ ٦٠٦، "معجم مقاييس اللغة" (ثور) ١/ ٣٩٥.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢١٢ و"تفسير الثعلبي" ١/ ٨٤ ب، و"تفسير أبي الليث" ١/ ٣٨٨.
(٣) نسبه المرتضى في أماليه، إلى أبي الطمحان، ونُسب في اللسان إلى الأقيبل القيني.
(٤) في (أ)، (ج): (صد)، وأثبت ما في (ب)، لأنه يوافق المصادر الأخرى التي ورد بها البيت.
(٥) البيت في "أمالي المرتضى" ١/ ٢٥٩، "مقاييس اللغة" (أحسن) ١/ ٦٧، "الفائق" ١/ ٢٧، "اللسان" (أحن) ١/ ٣٥.
(٦) "تهذيب اللغة" (ثار) ١/ ٤٦٧، انظر: "الصحاح" (ثور) ٢/ ٦٠٦، "معجم مقاييس اللغة" (ثور) ١/ ٣٩٥.
37
وقوله تعالى: ﴿تُثِيرُ الأَرْضَ﴾ صفة لذلول (١)، والنكرة مع صفتها شيء واحد، ولذلك (٢) قلنا: إن المراد بقوله: ﴿تُثِيرُ الأَرْضَ﴾ النفي لا الإثبات، لأنه نفي أن تكون مثيرة للأرض (٣)، والنفي دخل على أول الكلام، فانتفى ما كان ينضم إليه، والصفة للنكرة كالصلة للموصول، ولو قلت: فلان ليس بالذي يأتيني كنت نافيًا للإتيان. ألا ترى إلى (٤) قول طرفة:
أراد أنه لا يدلف من الهرم ولا يرهب الليل، ولم يرد الإثبات.
| لا كَبِيرٌ (٥) دالفٌ من هَرَمٍ | أرْهَبُ اللّيْلَ ولا كَلُّ الظُّفُرْ (٦) |
(١) وقيل: في موضع الحال من المضمر في (ذلول)، أو حال من (ذلول) أو حال من بقرة، أو صفة لها، أو مستأنفة، فيكون الوقف على (ذلول)، والقول الأخير مردود عند كثير من العلماء، وسيذكره الواحدي.
انظر: "إعراب المشكل" ١/ ٥٣، "الكشاف" ١/ ٢٨٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٤٦، "الإملاء" ١/ ٤٢، "البحر المحيط" ١/ ٢٥٥، "الدر المصون" ١/ ٤٢٩، ٤٣٠.
(٢) في (ب): (وكذلك).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٤، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٦، "الإملاء" ١/ ٤٢.
(٤) في (ب): (في).
(٥) في (ب): (كثير).
(٦) قوله: (دالف): الدالف هو الذي يقارب الخطو ويمشي مشي المقيد، (الهَرَم): أقصى الكبر، كَلُّ الظفُر) أي: ظفري غير كليل، كناية عن قوته وبطشه، وكليلُ الظفَّر: المهين الذي لا يؤبه له. ورد البيت في ديوان طرفة ص ٧٥، "مقاييس اللغة" (ظفر) ٣/ ٤٦٦، وفيه (لا كليل دالف)، وورد الشطر الثاني في "اللسان" (ظفر) ٥/ ٢٧٤٩، وفيه (لست بالفاني ولا كل الظفر).
انظر: "إعراب المشكل" ١/ ٥٣، "الكشاف" ١/ ٢٨٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٤٦، "الإملاء" ١/ ٤٢، "البحر المحيط" ١/ ٢٥٥، "الدر المصون" ١/ ٤٢٩، ٤٣٠.
(٢) في (ب): (وكذلك).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٤، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٦، "الإملاء" ١/ ٤٢.
(٤) في (ب): (في).
(٥) في (ب): (كثير).
(٦) قوله: (دالف): الدالف هو الذي يقارب الخطو ويمشي مشي المقيد، (الهَرَم): أقصى الكبر، كَلُّ الظفُر) أي: ظفري غير كليل، كناية عن قوته وبطشه، وكليلُ الظفَّر: المهين الذي لا يؤبه له. ورد البيت في ديوان طرفة ص ٧٥، "مقاييس اللغة" (ظفر) ٣/ ٤٦٦، وفيه (لا كليل دالف)، وورد الشطر الثاني في "اللسان" (ظفر) ٥/ ٢٧٤٩، وفيه (لست بالفاني ولا كل الظفر).
38
قال ابن الأنباري (١): غلط أبو حاتم في هذا (٢)، لأنه قال: الوقف جيد على قوله: (ذلول) (٣)، ثم يبدأ بـ (تثير (٤) الأرض)، وقال: إن الله تعالى وصف هذه البقرة بما لا يعرفه الناس وصفاً لغيرها من البقر، فجعلها تثير الأرض ولا تسقي الحرث على خلاف ما نشاهد من بقرنا.
وقد أبطل (٥) الفراء وغيره من كبار النحويين هذا الوقف (٦)، وردّ عليه هذا الاختيار بأن البقرة متى أثارت سقت، وغير جائز أن يُدّعى أعجوبةٌ في حرف من القرآن لم تؤثر (٧) عن أهل العلم ما ادعاه، فلا يقبل (٨) عنه ذلك، مع ما ذكرنا أنه لا يصح من (٩) طريق النحو أن المراد منه الإثبات. وموضع (تثير) رفع في التأويل لأنه نعت لذلول، والمعنى: أنها بقرة لا ذلول مثيرة للأرض، أي: ليست كذا ولا كذا، أي: لا توصف بالتذليل ولا بإثارة الأرض، كما تقول في (١٠) الكلام: عبد الله ليس بعاقل حازم، وزيد ليس
وقد أبطل (٥) الفراء وغيره من كبار النحويين هذا الوقف (٦)، وردّ عليه هذا الاختيار بأن البقرة متى أثارت سقت، وغير جائز أن يُدّعى أعجوبةٌ في حرف من القرآن لم تؤثر (٧) عن أهل العلم ما ادعاه، فلا يقبل (٨) عنه ذلك، مع ما ذكرنا أنه لا يصح من (٩) طريق النحو أن المراد منه الإثبات. وموضع (تثير) رفع في التأويل لأنه نعت لذلول، والمعنى: أنها بقرة لا ذلول مثيرة للأرض، أي: ليست كذا ولا كذا، أي: لا توصف بالتذليل ولا بإثارة الأرض، كما تقول في (١٠) الكلام: عبد الله ليس بعاقل حازم، وزيد ليس
(١) انظر: "إيضاح الوقف والابتداء" ١/ ٥٢١.
(٢) في (ب): (في هذه الآية) بدل (في هذا لأنه).
(٣) قال النحاس (ليس بقطع طاف وزعم الفراء: أنه ليس بقطع). "القطع والائتناف" ص١٤٨، وانظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٣٨٤.
(٤) قوله: (بـ (تثير) ساقط من (ب).
(٥) (أبطل): ساقط من (ج).
(٦) انظر: "إيضاح الوقف والابتداء" ١/ ٥٢١، "القطع والائتناف" ص ١٤٨، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٨٥.
(٧) في (ب): (يؤثر).
(٨) في (ج): (فلا يقبل).
(٩) (من): ساقط من (ب).
(١٠) (في الكلام): ساقط من (ب).
(٢) في (ب): (في هذه الآية) بدل (في هذا لأنه).
(٣) قال النحاس (ليس بقطع طاف وزعم الفراء: أنه ليس بقطع). "القطع والائتناف" ص١٤٨، وانظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٣٨٤.
(٤) قوله: (بـ (تثير) ساقط من (ب).
(٥) (أبطل): ساقط من (ج).
(٦) انظر: "إيضاح الوقف والابتداء" ١/ ٥٢١، "القطع والائتناف" ص ١٤٨، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٨٥.
(٧) في (ب): (يؤثر).
(٨) في (ج): (فلا يقبل).
(٩) (من): ساقط من (ب).
(١٠) (في الكلام): ساقط من (ب).
39
بآكل شارب، فتنفي (١) عنه الفعلين.
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ﴾ دخلت (لا) لأنه معطوف على قوله: (ذلول) فلما كان فيه حرف النفي أدخل أيضا فيما انعطف عليه (٢).
[وجاز عطف الفعل على الاسم، لأن فيه معنى الفعل كأنه قيل: لم تُذلَّل، والاسم إذا كان مبنيّاً على الفعل] (٣) جاز عطف الفعل عليه، كما تقول: زيد صائم ويصلي، ويجوز أن تكون (لا) مستأنفة، يراد بها: لا ذلول تثير الأرض، وليست تسقي الحرث.
قال أبو العباس: والحرث كل موضع ذللته من الأرض ليزرع (٤) فيه، ويقال له عند غرسه وبذره إلى حيث بلغ: حرث. فمعنى الحرث: الأرض المهيأة للزرع (٥)، ومنه قوله: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣]، على التشبيه بالأرض التي (٦) قد هُيِّئت للزرع. فأما الزرع فإنما هو النماء، من ذلك قولك للصبي: زرعه الله (٧)، ويوضح هذا قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ﴾ دخلت (لا) لأنه معطوف على قوله: (ذلول) فلما كان فيه حرف النفي أدخل أيضا فيما انعطف عليه (٢).
[وجاز عطف الفعل على الاسم، لأن فيه معنى الفعل كأنه قيل: لم تُذلَّل، والاسم إذا كان مبنيّاً على الفعل] (٣) جاز عطف الفعل عليه، كما تقول: زيد صائم ويصلي، ويجوز أن تكون (لا) مستأنفة، يراد بها: لا ذلول تثير الأرض، وليست تسقي الحرث.
قال أبو العباس: والحرث كل موضع ذللته من الأرض ليزرع (٤) فيه، ويقال له عند غرسه وبذره إلى حيث بلغ: حرث. فمعنى الحرث: الأرض المهيأة للزرع (٥)، ومنه قوله: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣]، على التشبيه بالأرض التي (٦) قد هُيِّئت للزرع. فأما الزرع فإنما هو النماء، من ذلك قولك للصبي: زرعه الله (٧)، ويوضح هذا قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا
(١) في (أ): (فينفى) وفي (ج): (فينتفي).
(٢) وأجاز الزمخشري أن تكون (لا) مزيدة، لتأكيد النفي في الأولى. انظر "الكشاف" ١/ ٢٨٨، قال أبو حيان: (ووافقه على جعل الثانية مزيدة صاحب المنتخب، وما ذهب إليه ليس بشيء، لأن قوله: (لا ذلول) صفة منفية بلا، وإذا كان الوصف كان الوصف قد نفى بـ (لا) لزم تكرار (لا) النافية لما دخلت عليه....) "البحر" ١/ ٢٥٥، وانظر "الدر المصون" ١/ ٤٣٠.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج)، وأثبته من (ب) لأن استقامة السياق تقتضيه.
(٤) في (ب): (لتزرعه).
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (حرث) ١/ ٧٧٤، "الصحاح" (حرث) ١/ ٢٧٩، "جمهرة أمثال العرب" ٢/ ٣٤، ٣٥، "مقاييس اللغة" (حرث) ٢/ ٤٩، "اللسان" (حرث) ٢/ ٨١٩.
(٦) في (أ)، (ج) (الذي)، وأثبت ما في (ب) لأنه أصوب.
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (زرع) ٢/ ١٥٢٤، "اللسان" (زرع) ٣/ ١٨٢٦.
(٢) وأجاز الزمخشري أن تكون (لا) مزيدة، لتأكيد النفي في الأولى. انظر "الكشاف" ١/ ٢٨٨، قال أبو حيان: (ووافقه على جعل الثانية مزيدة صاحب المنتخب، وما ذهب إليه ليس بشيء، لأن قوله: (لا ذلول) صفة منفية بلا، وإذا كان الوصف كان الوصف قد نفى بـ (لا) لزم تكرار (لا) النافية لما دخلت عليه....) "البحر" ١/ ٢٥٥، وانظر "الدر المصون" ١/ ٤٣٠.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج)، وأثبته من (ب) لأن استقامة السياق تقتضيه.
(٤) في (ب): (لتزرعه).
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (حرث) ١/ ٧٧٤، "الصحاح" (حرث) ١/ ٢٧٩، "جمهرة أمثال العرب" ٢/ ٣٤، ٣٥، "مقاييس اللغة" (حرث) ٢/ ٤٩، "اللسان" (حرث) ٢/ ٨١٩.
(٦) في (أ)، (ج) (الذي)، وأثبت ما في (ب) لأنه أصوب.
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (زرع) ٢/ ١٥٢٤، "اللسان" (زرع) ٣/ ١٨٢٦.
40
تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ} [الواقعة: ٦٣، ٦٤].
وقوله تعالى: ﴿مُسَلَّمَةٌ﴾ قال قتادة، والربيع، وابن عباس: أي من العيوب (١).
وقال الحسن: من أثر العمل (٢).
وقال مجاهد: من الشية (٣).
وقوله تعالى: ﴿لَا شِيَةَ فِيهَا﴾ الوشى في اللغة معناه (٤): خلط لون، وكذلك في الكلام يقال: وشيتُ (٥) الثوب أشِيه وَشْيًا وشِيَةً (٦). والشية مما نقص منه الواو (٧)، وعوض فيه الهاء كالدية من وَدَيْتُ، والعِدة من وَعدتُ (٨)، ويجوز أن يكون (٩) الشية مصدراً، يقال: وَشَيْتُ أشي شِيَةً (١٠)
وقوله تعالى: ﴿مُسَلَّمَةٌ﴾ قال قتادة، والربيع، وابن عباس: أي من العيوب (١).
وقال الحسن: من أثر العمل (٢).
وقال مجاهد: من الشية (٣).
وقوله تعالى: ﴿لَا شِيَةَ فِيهَا﴾ الوشى في اللغة معناه (٤): خلط لون، وكذلك في الكلام يقال: وشيتُ (٥) الثوب أشِيه وَشْيًا وشِيَةً (٦). والشية مما نقص منه الواو (٧)، وعوض فيه الهاء كالدية من وَدَيْتُ، والعِدة من وَعدتُ (٨)، ويجوز أن يكون (٩) الشية مصدراً، يقال: وَشَيْتُ أشي شِيَةً (١٠)
(١) ذكر الطبري في "تفسيره" عنهم، وعن أبي العالية ١/ ٣٥٢، وذكره "ابن أبي حاتم" عن قتادة، وأبي العالية، والربيع ١/ ٤٢٣، انظر: "تفسير الماوردي" ١/ ٣٦٥، "الدر المنثور" ١/ ١٥٢.
(٢) في الثعلبي عن الحسن: مسلمة القوائم ليس فيها أثر العمل، ١/ ٨٤ ب، وذكره "الماوردي" ١/ ٣٦٥.
(٣) ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٥١ - ٣٥٢، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٤٢٣، وانظر: "الدر" ١/ ١٥٢.
(٤) (معناه) ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (وشية).
(٦) بنصه في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٤، وانظر "تهذيب اللغة" (وشى) ٨/ ٤٨٤٧.
(٧) (الواو): ساقطة من (ج).
(٨) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٨٢، والطبري في "تفسيره" ١/ ٣٥٢، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٨٦.
(٩) في (ب): (تكون).
(١٠) في (ب): (وشية).
(٢) في الثعلبي عن الحسن: مسلمة القوائم ليس فيها أثر العمل، ١/ ٨٤ ب، وذكره "الماوردي" ١/ ٣٦٥.
(٣) ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٥١ - ٣٥٢، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٤٢٣، وانظر: "الدر" ١/ ١٥٢.
(٤) (معناه) ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (وشية).
(٦) بنصه في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٤، وانظر "تهذيب اللغة" (وشى) ٨/ ٤٨٤٧.
(٧) (الواو): ساقطة من (ج).
(٨) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٨٢، والطبري في "تفسيره" ١/ ٣٥٢، و"تفسير القرطبي" ١/ ٣٨٦.
(٩) في (ب): (تكون).
(١٠) في (ب): (وشية).
41
ووَشْيا (١).
قال الزجاج: أي (٢) ليس فيها لون يفارق سائر لونها (٣).
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا الْآنَ﴾ الآن هو الوقت الذي أنت فيه، وهو حد الزمانين (٤)، حد الماضي من آخره وحد الزمان (٥) المستقبل من أوله (٦).
وذكر الفراء في أصله قولين (٧):
أحدهما: أن أصله (أوان) (٨) حذفت منه الألف وغيرت واوه إلى الألف ثم أدخلت عليه الألف واللام، ولم يخلعا منه كما فعلوا بالذي وتركوه على مذهب الأداة، والألف واللام له لازمة غير مفارقة.
والقول الثاني: أن أصله: آن (٩) ماضي يئينُ، بني اسماً لحاضر الوقت، ثم ألحق به الألف واللام وترك على بنائه؛ لأن أصله فَعَلَ
قال الزجاج: أي (٢) ليس فيها لون يفارق سائر لونها (٣).
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا الْآنَ﴾ الآن هو الوقت الذي أنت فيه، وهو حد الزمانين (٤)، حد الماضي من آخره وحد الزمان (٥) المستقبل من أوله (٦).
وذكر الفراء في أصله قولين (٧):
أحدهما: أن أصله (أوان) (٨) حذفت منه الألف وغيرت واوه إلى الألف ثم أدخلت عليه الألف واللام، ولم يخلعا منه كما فعلوا بالذي وتركوه على مذهب الأداة، والألف واللام له لازمة غير مفارقة.
والقول الثاني: أن أصله: آن (٩) ماضي يئينُ، بني اسماً لحاضر الوقت، ثم ألحق به الألف واللام وترك على بنائه؛ لأن أصله فَعَلَ
(١) انظر "الكشاف" ١/ ٢٨٨، و"القاموس" (وشى) ص ١٣٤٣.
(٢) (أي) ساقط من: (أ)، (ج)، وأثبتها من (ب) ومثله في معاني القرآن.
(٣) "معاني القرآن" ١/ ١٢٤.
(٤) في (ب): (الزمان).
(٥) (الزمان): ساقط من (ب).
(٦) ذكره ابن قتيبة في "تأويل المشكل" ص ٥٢٣.
(٧) "معاني القرآن" ١/ ٤٦٧، ٤٦٨، وقد ذكر كلام الفراء ابن قتيبة في "تأويل المشكل" ص ٥٢٣، ٥٢٤، والأزهري في "تهذيب اللغة" (الآن) ١/ ٩٨، وعبارة الواحدي متفقة مع ما ذكره ابن قتيبة في "تأويل المشكل".
(٨) في (ب): (وان).
(٩) في "معاني القرآن": (الآن) أصلها من قولك آن لك أن تفعل، أدخلت عليها الألف واللام، ثم تركتها على مذهب (فَعَلَ) فأتاها النصب من نصب (فعل)، وهو وجه جيد كما قالوا..) ١/ ٤٦٨، ومثله في "تهذيب اللغة" ١/ ٩٩.
(٢) (أي) ساقط من: (أ)، (ج)، وأثبتها من (ب) ومثله في معاني القرآن.
(٣) "معاني القرآن" ١/ ١٢٤.
(٤) في (ب): (الزمان).
(٥) (الزمان): ساقط من (ب).
(٦) ذكره ابن قتيبة في "تأويل المشكل" ص ٥٢٣.
(٧) "معاني القرآن" ١/ ٤٦٧، ٤٦٨، وقد ذكر كلام الفراء ابن قتيبة في "تأويل المشكل" ص ٥٢٣، ٥٢٤، والأزهري في "تهذيب اللغة" (الآن) ١/ ٩٨، وعبارة الواحدي متفقة مع ما ذكره ابن قتيبة في "تأويل المشكل".
(٨) في (ب): (وان).
(٩) في "معاني القرآن": (الآن) أصلها من قولك آن لك أن تفعل، أدخلت عليها الألف واللام، ثم تركتها على مذهب (فَعَلَ) فأتاها النصب من نصب (فعل)، وهو وجه جيد كما قالوا..) ١/ ٤٦٨، ومثله في "تهذيب اللغة" ١/ ٩٩.
42
منصوبة، كما قالوا: نهى رسول الله - ﷺ - عن قيلَ وقالَ وكثرةِ السؤال (١) وكانتا كالاسمين وهما منصوبتان. ولو خفضا على النقل لهما من حد الأفعال إلى الأسماء في النية لكان صواباً.
قال: وسمعت العرب تقول: أعييتني من شُبَّ إلى دُبَّ، ومن شُبٍّ إلى دُبٍّ مخفوض منون، يذهبون به مذهب الأسماء، والمعنى منذ كان صغيراً يشِبُّ إلى أن دَبَّ كبيرًا (٢).
ومثله (أمس) فإن أصله الأمر من: أمسى يُمسي بُنيَ اسماً للوقت، وألحق به الألف واللام (٣).
قال أبو علي الفارسي (٤): حكم ما يبنى من الأسماء أن يكون لمضارعته الحرف، فلمضارعته له (٥) ما يجب أن يخرج إلى حكمه كما أن
قال: وسمعت العرب تقول: أعييتني من شُبَّ إلى دُبَّ، ومن شُبٍّ إلى دُبٍّ مخفوض منون، يذهبون به مذهب الأسماء، والمعنى منذ كان صغيراً يشِبُّ إلى أن دَبَّ كبيرًا (٢).
ومثله (أمس) فإن أصله الأمر من: أمسى يُمسي بُنيَ اسماً للوقت، وألحق به الألف واللام (٣).
قال أبو علي الفارسي (٤): حكم ما يبنى من الأسماء أن يكون لمضارعته الحرف، فلمضارعته له (٥) ما يجب أن يخرج إلى حكمه كما أن
(١) أخرجه البخاري (١٤٧٧) كتاب (الزكاة) باب (قول الله ﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾. عن المغيرة ولفظه: (إن الله كره لكم ثلاثا.. الحديث). "الفتح" ٣/ ٣٤، وفي كتاب (الأدب)، باب (عقوق الوالدين)، "الفتح" ١٠/ ٤٠٥، و (٦٤٧٣) وفي كتاب (الرقاق) باب (ما يكره من قيل وقال) الفتح، وفي كتاب (الاعتصام) باب: (ما يكره من كثرة السؤال) الفتح، ومسلم عن أبي هريرة والمغيرة، بنحوه (٧٢٩٢) كتاب (الأقضية) (النهي عن كثرة المسائل)، وأحمد عن أبي هريرة ٢/ ٣٢٧، ٣٦٠، ٣٦٧، وعن المغيرة ٤/ ٢٤٦، ٢٤٩، ٢٥٠.
(٢) انتهى كلام الفراء، انظر: "المعاني" ١/ ٤٦٧، ٤٦٨، و"تأويل المشكل" ص ٥٢٣، ٥٢٤.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" (أمس) ١/ ٢٠٠، و"الأزمنة" لقطرب ص ١٠٩، ١١٠.
(٤) "الإغفال" لأبي علي الفارسي ص ٢٥٣. وقد نقل عنه الواحدي طويلا، بتصرف في كلامه بالاختصار والتقديم والتأخير، وسأذكر الفروق الهامة في أماكنها إن شاء الله.
(٥) (له): ساقط من (ب).
(٢) انتهى كلام الفراء، انظر: "المعاني" ١/ ٤٦٧، ٤٦٨، و"تأويل المشكل" ص ٥٢٣، ٥٢٤.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" (أمس) ١/ ٢٠٠، و"الأزمنة" لقطرب ص ١٠٩، ١١٠.
(٤) "الإغفال" لأبي علي الفارسي ص ٢٥٣. وقد نقل عنه الواحدي طويلا، بتصرف في كلامه بالاختصار والتقديم والتأخير، وسأذكر الفروق الهامة في أماكنها إن شاء الله.
(٥) (له): ساقط من (ب).
43
نوعاً منها لمشابهتها الأفعال (١) يخرج إلى حكمها (٢) فيمنع ما لا يكون لها من الجر والتنوين. وكذلك (الآن) بني لما فيه من مضارعته الحرف.
وجهة المضارعة تضمنه معنى الحرف، وإذا تضمن الاسم معنى الحرف وجب بناؤه. [وذلك التضمن هو تضمن معنى (٣) التعريف، لأن التعرف حكمه أن يكون بحرف، فلما تضمن معنى الحرف وجب بناؤه] (٤)، كما أن خمسة عشر لما تضمن معنى الحرف بني. فإن قيل: كيف تضمن معنى الحرف، والحرف نفسه فيه، ولو جاز بناؤه وفيه الحرف لجاز بناء الرجل ونحوه؟
قيل: الألف واللام في (الآن) ليس كهما في (الرجل)؛ لأن الرجل لا يتعرف (٥) بغير الألف واللام، والآن يتعرف بغيرهما (٦).
والدليل على تعرف (الآن) بغير ما ظهر فيه من الحرفين، أن ما فيه الألف واللام مما يعرف به يلزم أن يكون قبل دخوله (٧) عليه نكرة كرجل، والرجل، وليس (الآن) كذلك. ألا ترى أنه ليس (آن) (٨) منكورا، ثم
وجهة المضارعة تضمنه معنى الحرف، وإذا تضمن الاسم معنى الحرف وجب بناؤه. [وذلك التضمن هو تضمن معنى (٣) التعريف، لأن التعرف حكمه أن يكون بحرف، فلما تضمن معنى الحرف وجب بناؤه] (٤)، كما أن خمسة عشر لما تضمن معنى الحرف بني. فإن قيل: كيف تضمن معنى الحرف، والحرف نفسه فيه، ولو جاز بناؤه وفيه الحرف لجاز بناء الرجل ونحوه؟
قيل: الألف واللام في (الآن) ليس كهما في (الرجل)؛ لأن الرجل لا يتعرف (٥) بغير الألف واللام، والآن يتعرف بغيرهما (٦).
والدليل على تعرف (الآن) بغير ما ظهر فيه من الحرفين، أن ما فيه الألف واللام مما يعرف به يلزم أن يكون قبل دخوله (٧) عليه نكرة كرجل، والرجل، وليس (الآن) كذلك. ألا ترى أنه ليس (آن) (٨) منكورا، ثم
(١) في (ب): (فقال يخرج).
(٢) قوله: (كما أن نوعا منها لمشابهتها الأفعال يخرج إلى حكمها) ليس في "الإغفال" انظر: ص ٢٥٣.
(٣) في "الإغفال" (تضمن معنى حرف التعريف) ص ٢٥٤.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (لا يعرّف).
(٦) نقله بالمعنى، انظر: "الإغفال" ص ٢٥٤، و"سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٥٠.
(٧) في "الإغفال": (دخولهما)، وفي حاشيته (ج): (دخولها).
(٨) في (ب): (الآن).
(٢) قوله: (كما أن نوعا منها لمشابهتها الأفعال يخرج إلى حكمها) ليس في "الإغفال" انظر: ص ٢٥٣.
(٣) في "الإغفال" (تضمن معنى حرف التعريف) ص ٢٥٤.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (لا يعرّف).
(٦) نقله بالمعنى، انظر: "الإغفال" ص ٢٥٤، و"سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٥٠.
(٧) في "الإغفال": (دخولهما)، وفي حاشيته (ج): (دخولها).
(٨) في (ب): (الآن).
44
يكتسي التعريف بالحرف كالرجل.
ويراد بـ (الآن) الوقت الحاضر (١)، وما هو أقل القليل، ثم قد تتسع فيه العرب، فتقول: أنا الآن أنظر في النجوم، وأنا الآن أنظر في العلم، وأنا الآن أصل من قطعني (٢)، وليس يراد أنه (٣) في ذلك الوقت اليسير يفعل ذلك، ولكن غرضه أنه في وقته ذلك وما أتى من (٤) بعد، وتطاول، يفعل هذا الضرب من الفعل.
وهذا كقولهم: أنا اليوم خارج، يريد به الذي هو عقيب الليلة. ثم قالوا: أنا اليوم شيخ، وأنا اليوم متماسك، فاليوم أصله لما هو عقيب الليلة ثم يتسع فيستعمل لغير ذلك الزمان. فكذلك (الآن) أصله للوقت الحاضر، ثم قد يتسع فيه.
فإن قلت: فهل تجد الألف واللام في اسم غير هذا، والاسم الذي فيه غير متعرف به (٥)؟
ويراد بـ (الآن) الوقت الحاضر (١)، وما هو أقل القليل، ثم قد تتسع فيه العرب، فتقول: أنا الآن أنظر في النجوم، وأنا الآن أنظر في العلم، وأنا الآن أصل من قطعني (٢)، وليس يراد أنه (٣) في ذلك الوقت اليسير يفعل ذلك، ولكن غرضه أنه في وقته ذلك وما أتى من (٤) بعد، وتطاول، يفعل هذا الضرب من الفعل.
وهذا كقولهم: أنا اليوم خارج، يريد به الذي هو عقيب الليلة. ثم قالوا: أنا اليوم شيخ، وأنا اليوم متماسك، فاليوم أصله لما هو عقيب الليلة ثم يتسع فيستعمل لغير ذلك الزمان. فكذلك (الآن) أصله للوقت الحاضر، ثم قد يتسع فيه.
فإن قلت: فهل تجد الألف واللام في اسم غير هذا، والاسم الذي فيه غير متعرف به (٥)؟
(١) تصرف الواحدي في كلام أبي علي بالتقديم والتأخير، وسياق أبي علي أوضح، لترابط الكلام وبناء بعض على بعض. قال: أبو علي: (فإن قال قائل: ما تنكر أن يكون تعريف الآن كتعريف الجنس؟..) ثم قال: (ومع ذلك فلا يصح في المعنى أن يراد بالآن تعريف الجنس.. لأنه يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون يراد به جميع الأزمنة، أو يراد به الأوقات الحاضرة، أو الآتية..) ثم فصل ذلك، وفي آخره قال: (فكذلك الآن أصله للوقت الحاضر، ثم قد يتسع فيه بعد..) "الإغفال" ص ٢٥٥ - ٢٥٦.
(٢) في (ج): (من قطع).
(٣) في (ب): (وليس أنه يراد).
(٤) (من): ساقط من (ب)، وفي "الإغفال": (وما يأتي بعد) ص ٢٥٥.
(٥) في "الإغفال": (بهما).
(٢) في (ج): (من قطع).
(٣) في (ب): (وليس أنه يراد).
(٤) (من): ساقط من (ب)، وفي "الإغفال": (وما يأتي بعد) ص ٢٥٥.
(٥) في "الإغفال": (بهما).
45
فالجواب: أن قولهم: (الذي) فيه الألف واللام وليس (١) تعريف الاسم بهما، إنما تعريفه بغيرهما.
والدليل على ذلك: تعريف سائر الموصولات (٢) سوى الذي (٣) ولا ألف ولام فيها. فقد وجدت الألف واللام في هذا الاسم (٤) أيضا لغير التعريف (٥).
ويدل أيضا على أن التعريف في (الذي) ليس باللام، أنّ كثيراً من العرب قد يستعمل موضع (الذي): (ذو)، وهو عندهم معرفة.
أنشد أبو زيد لقيس بن جِرْوة (٦) جاهلي:
والدليل على ذلك: تعريف سائر الموصولات (٢) سوى الذي (٣) ولا ألف ولام فيها. فقد وجدت الألف واللام في هذا الاسم (٤) أيضا لغير التعريف (٥).
ويدل أيضا على أن التعريف في (الذي) ليس باللام، أنّ كثيراً من العرب قد يستعمل موضع (الذي): (ذو)، وهو عندهم معرفة.
أنشد أبو زيد لقيس بن جِرْوة (٦) جاهلي:
| لئنْ لَم تُغَيِّرْ (٧) بَعْضَ مَا قَدْ صَنَعْتُمُ | لَأَنْتَحِيَنْ (٨) للعَظْمِ ذُوأنا عارِقُه (٩) |
(١) في (أ)، (ج): (ليس) بسقوط (الواو)، وثابتة في (ب)، و"الإغفال" ص ٢٥٦.
(٢) مثل (من) و (ما) و (أي)، انظر: "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٥٣.
(٣) والتي وبابهما مما فيه (الألف واللام).
(٤) قوله: (في هذا الاسم) أي: الآن كما في "الإغفال" ص ٢٥٧، واختصار الواحدي للكلام جعله محتملًا لأن يراد به (الذي).
(٥) انظر بقية كلام أبي علي في "الإغفال" ص ٢٥٧ - ٢٦٠.
(٦) هو قيس بن جروة الطائي، ويلقب بـ (عارق الطائي) شاعر جاهلي، انظر أخباره وترجمته في: "الحماسة"، "شرح المرزوقي" ٣/ ١٤٤٦، ١٤٦٦، "المزهر" ٢/ ٤٣٨، "الخزانة" ٧/ ٤٤٠.
(٧) في (ب): (يغير) وكذا يروى في بعض المصادر.
(٨) في (ب): (لا نتحن).
(٩) يروى البيت (فإن): بدل (لئن)، ومعنى (لا نتحين): لأقصدن ولأميلن. (عارقه): من عرق العظم، إذا نهشه بأسنانه. يقول: إن لم تغير ما صنعتم من الظلم، لأميلن إلى كسر العظم الذي أخذت ما عليه من اللحم، ورد في "نوادر أبي زيد" =
(٢) مثل (من) و (ما) و (أي)، انظر: "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٥٣.
(٣) والتي وبابهما مما فيه (الألف واللام).
(٤) قوله: (في هذا الاسم) أي: الآن كما في "الإغفال" ص ٢٥٧، واختصار الواحدي للكلام جعله محتملًا لأن يراد به (الذي).
(٥) انظر بقية كلام أبي علي في "الإغفال" ص ٢٥٧ - ٢٦٠.
(٦) هو قيس بن جروة الطائي، ويلقب بـ (عارق الطائي) شاعر جاهلي، انظر أخباره وترجمته في: "الحماسة"، "شرح المرزوقي" ٣/ ١٤٤٦، ١٤٦٦، "المزهر" ٢/ ٤٣٨، "الخزانة" ٧/ ٤٤٠.
(٧) في (ب): (يغير) وكذا يروى في بعض المصادر.
(٨) في (ب): (لا نتحن).
(٩) يروى البيت (فإن): بدل (لئن)، ومعنى (لا نتحين): لأقصدن ولأميلن. (عارقه): من عرق العظم، إذا نهشه بأسنانه. يقول: إن لم تغير ما صنعتم من الظلم، لأميلن إلى كسر العظم الذي أخذت ما عليه من اللحم، ورد في "نوادر أبي زيد" =
46
فإن قيل: إذا كانت اللام زيادة (١) في الذي غير متعرف بها، فهل يوجد حرف زائد لا يجوز إسقاطه؟ قلنا: قد يكون زائدًا لازماً، ألا ترى أنهم يقولون: آثِراً ما (٢)، ولا يسقطون هذا الزائد، ورب (٣) زائد لازم حتى يكون بمنزلة ما هو من نفس الحرف.
ومثل ذلك (مِن) في ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ﴾ [الحج: ٤٨]، و (ما) في سِيَّما (٤)، فليس لزوم هذا الحرف وامتناع حذفه مما يمنع من الحكم بزيادتها (٥). ومما يقوي زيادة اللام، ما (٦) أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن (٧)، عن أبي العباس محمد بن يزيد (٨) عن أبي عثمان (٩) قال: سألت الأصمعي عن قول الشاعر:
ومثل ذلك (مِن) في ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ﴾ [الحج: ٤٨]، و (ما) في سِيَّما (٤)، فليس لزوم هذا الحرف وامتناع حذفه مما يمنع من الحكم بزيادتها (٥). ومما يقوي زيادة اللام، ما (٦) أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن (٧)، عن أبي العباس محمد بن يزيد (٨) عن أبي عثمان (٩) قال: سألت الأصمعي عن قول الشاعر:
= ص ٢٦٦ و"الكمال" ٣/ ٢١٩، و"الحماسة" بشرح المرزوقي ٣/ ١٤٤٧، و"الإغفال" ص ٢٦٠، و"شرح المفصل" ٣/ ١٤٨، و"اللسان" (عرق) ٥/ ٢٩٠٩، و"الخزانة" ٧/ ٤٣٨، ١١/ ٣٣٩.
(١) في (ب): (زائدة).
(٢) جعلوا (ما) لازمة وهي زائدة، انظر "الكتاب" ١/ ٢٩٤.
(٣) في (ب): (وب).
(٤) انظر: "الكتاب" ٢/ ١٧٠، ١٧١.
(٥) انظر بقية كلام أبي علي في "الإغفال" ص ٢٦١ - ٢٦٦.
(٦) (ما): ساقط من (ب).
(٧) في (ب): (الحسين) وفي "الإغفال": (أبو بكر بن السراج ص ٣٦٦) وهو محمد بن السري، أبو بكر سبقت ترجمته، وليس في نسبه (الحسن أو الحسين). انظر: "طبقات النحويين" ص١١٢، و"إنباه الرواة" ٣/ ١٤٥، "معجم الأدباء" ١٨/ ١٩٧.
(٨) المبرد، سبقت ترجمته.
(٩) المازني، سبقت ترجمته.
(١) في (ب): (زائدة).
(٢) جعلوا (ما) لازمة وهي زائدة، انظر "الكتاب" ١/ ٢٩٤.
(٣) في (ب): (وب).
(٤) انظر: "الكتاب" ٢/ ١٧٠، ١٧١.
(٥) انظر بقية كلام أبي علي في "الإغفال" ص ٢٦١ - ٢٦٦.
(٦) (ما): ساقط من (ب).
(٧) في (ب): (الحسين) وفي "الإغفال": (أبو بكر بن السراج ص ٣٦٦) وهو محمد بن السري، أبو بكر سبقت ترجمته، وليس في نسبه (الحسن أو الحسين). انظر: "طبقات النحويين" ص١١٢، و"إنباه الرواة" ٣/ ١٤٥، "معجم الأدباء" ١٨/ ١٩٧.
(٨) المبرد، سبقت ترجمته.
(٩) المازني، سبقت ترجمته.
47
| وَلَقَدْ جَنَيْتُكَ أكْمُؤًا وَعَسَاقِلا | وَلَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ بَنَاتِ الأوْبَرِ (١) |
يَا ليْتَ أمَّ العَمْرِو كانَت صَاحِبي (٤)
فكما أن اللام زيادة فيما ذكرنا، كذلك هو في (الآن) زائدة، ولا تستوحشنَّ من قولنا فيها، فقد قال بزيادته سيبويه والخليل في قولهم: مررت بهم الجمّاءَ الغفير نصب على نية (٥) إلغاء الألف واللام نحو: طرًّا
(١) البيت من الشواهد النحوية المشهورة، ولم يعرف له قائل، وقوله: (جنيتك): جنيت لك، وقوله: (أكمؤا): جمع كمأ، و (العساقل): نوع منه، وكذا (بنات الأوبر) وهو من رديئه، ورد البيت في "المقتضب" ٤/ ٤٨، "تهذيب اللغة" (العسقول) ٣/ ٢٤٣٦، و (جنى) ١/ ٦٧٤، و (وبر) ٤/ ٣٨٢٧، "الخصائص" ٣/ ٥٨، "المنصف" ٣/ ١٣٤، "الإنصاف" ٢٧٣، "المخصص" ١/ ١٦٨، ١١/ ١٢٦، ٢٢٠، ١٣/ ٢١٥، ٢١٦، ١٤/ ١٢٠، "شرح المفصل" ٥/ ٧١، "مغني اللبيب" ١/ ٥٢، "شرح ابن عقيل" ١/ ١٨١، "أوضح المسالك" ١/ ١٨٠، "اللسان" (سور) ٤/ ٢١٤٧، و (وبر) ٨/ ٤٧٥٢.
(٢) في "الإغفال": (الألف واللام) ص ٢٦٦.
(٣) في "الإغفال": (فقال أدخلها للضرورة كقول الآخر: باعَدَ أم العَمَرِ من أسيرِهَا وروينا عن أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي: ياليت أم العمر..) ص ٢٦٦، ٢٦٧.
(٤) لم يعرف قائل الرجز: وبعده:
مكان من أشتى على الركائب.
ويروى (أم العمر) ورد البيت في "الإغفال" ١/ ٢٦٧. "المخصص" ١/ ١٦٨، ١١/ ٢٢٠، "الإنصاف" ١/ ٣١٦، "المنصف" ٣/ ١٣٤، "تهذيب اللغة" (ربع) ٢/ ١٣٤٧، "الصحاح" (ضرب) ١/ ١٦٩، "اللسان" (ضرب) ٥/ ٢٥٦٩، و (وبر) ٨/ ٤٧٥٢، و (ربع) ٣/ ١٥٦٣، "شرح المفصل" ١/ ٤٤.
(٥) (على نية): ساقط من (أ)، (ج).
(٢) في "الإغفال": (الألف واللام) ص ٢٦٦.
(٣) في "الإغفال": (فقال أدخلها للضرورة كقول الآخر: باعَدَ أم العَمَرِ من أسيرِهَا وروينا عن أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي: ياليت أم العمر..) ص ٢٦٦، ٢٦٧.
(٤) لم يعرف قائل الرجز: وبعده:
مكان من أشتى على الركائب.
ويروى (أم العمر) ورد البيت في "الإغفال" ١/ ٢٦٧. "المخصص" ١/ ١٦٨، ١١/ ٢٢٠، "الإنصاف" ١/ ٣١٦، "المنصف" ٣/ ١٣٤، "تهذيب اللغة" (ربع) ٢/ ١٣٤٧، "الصحاح" (ضرب) ١/ ١٦٩، "اللسان" (ضرب) ٥/ ٢٥٦٩، و (وبر) ٨/ ٤٧٥٢، و (ربع) ٣/ ١٥٦٣، "شرح المفصل" ١/ ٤٤.
(٥) (على نية): ساقط من (أ)، (ج).
48
وقاطبة (١).
وقال به أبو الحسن والأصمعي، وقبله أبو عثمان وأبو العباس وأبو بكر، فلم يدفعوه فيما روينا عنهم في البيت، وأما أبو الحسن الأخفش فإنَّه قال في قولهم: (مررت بالرجل خير منك، ومررت بالرجل مثلك) إن اللام زائدة (٢)، وبعد: فإن حرف التعريف حرف كسائر الحروف التي تلزم معنى، ثم تزاد (٣) في موضع آخر معرًّى من ذلك المعنى، كـ (باء الجر، ومن) وغيرهما، وكما جاءت (ما ولا) زائدتين، ولكل واحد منهما معنى يلزمه إذا لم يزد، وكذلك حرف التعريف (٤).
فإن قيل: إذا كانت اللام زائدة فهلّا جعلت هذا الاسم من الأسماء المنكورة (٥) المبنية كـ (أين وكيف) ونحوه (٦)؟ فالجواب أن هذا الاسم لا يجوز أن يكون كـ (أين) ونحوه من المنكورة (٧) المبنية؛ لأن هذا مختص (٨)
وقال به أبو الحسن والأصمعي، وقبله أبو عثمان وأبو العباس وأبو بكر، فلم يدفعوه فيما روينا عنهم في البيت، وأما أبو الحسن الأخفش فإنَّه قال في قولهم: (مررت بالرجل خير منك، ومررت بالرجل مثلك) إن اللام زائدة (٢)، وبعد: فإن حرف التعريف حرف كسائر الحروف التي تلزم معنى، ثم تزاد (٣) في موضع آخر معرًّى من ذلك المعنى، كـ (باء الجر، ومن) وغيرهما، وكما جاءت (ما ولا) زائدتين، ولكل واحد منهما معنى يلزمه إذا لم يزد، وكذلك حرف التعريف (٤).
فإن قيل: إذا كانت اللام زائدة فهلّا جعلت هذا الاسم من الأسماء المنكورة (٥) المبنية كـ (أين وكيف) ونحوه (٦)؟ فالجواب أن هذا الاسم لا يجوز أن يكون كـ (أين) ونحوه من المنكورة (٧) المبنية؛ لأن هذا مختص (٨)
(١) انظر: "الكتاب" ١/ ٣٧٥، وفيه: (كقولك: مررت بهم قاطبة، ومررت بهم طرّا) وانظر: "المنصف" ٣/ ١٣٤، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٥٠ - ٣٦٨.
(٢) كلام أبي الحسن الأخفش ورد في "الإغفال" ص ٢٦٣، ٢٦٤. وفيه: (الألف واللام) زائدة، وانظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٦٦.
(٣) في (أ): (يزاد) وأثبت ما في (ب)، (ج) لأنه أنسب للسياق، ومثله في "الإغفال" ص ٢٦٨.
(٤) انتهى كلام أبي علي في "الإغفال" في هذه المسألة ص ٢٦٨. ثم عاد إليها مرة أخرى ص ٢٧٧، ونقل عنه الواحدي كما سيأتي.
(٥) في (ب): (المكنوزة).
(٦) "الإغفال" ص ٢٧٧.
(٧) في (ب): (المكنوزة).
(٨) (مختص): ساقط من (ب).
(٢) كلام أبي الحسن الأخفش ورد في "الإغفال" ص ٢٦٣، ٢٦٤. وفيه: (الألف واللام) زائدة، وانظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٦٦.
(٣) في (أ): (يزاد) وأثبت ما في (ب)، (ج) لأنه أنسب للسياق، ومثله في "الإغفال" ص ٢٦٨.
(٤) انتهى كلام أبي علي في "الإغفال" في هذه المسألة ص ٢٦٨. ثم عاد إليها مرة أخرى ص ٢٧٧، ونقل عنه الواحدي كما سيأتي.
(٥) في (ب): (المكنوزة).
(٦) "الإغفال" ص ٢٧٧.
(٧) في (ب): (المكنوزة).
(٨) (مختص): ساقط من (ب).
49
مشار به إلى شيء بعينه، كما أن (هذا) مشار به إلى شيء واحد بعينه من سائر ما يحضر (١).
ألا ترى أنك تخص به الوقت الحاضر دون الماضي ودون الآتي، إلا أن يتسع (٢) فيه فالإشارة به والقصد فيه إلى المعين المخصوص يخرجه عن أن يراد به الشائع المنكور (٣) كـ "كيف" وبابه.
قال أبو على: وأما قول الفراء (٤) إن قولنا: (الآن) يجوز أن يكون الآن (٥) من قولنا: آنَ أن (٦) يفعل كذا، دخلت عليه [الألف واللام مثل شُبَّ (٧) إلى دُبَّ. وهذا قول يفسد في: اللفظ والمعنى، ومن حكم مثله ألا يعرج عليه] (٨) أما فساده في اللفظ: فلأن ذلك لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون فعلاً مجرّداً من الفعل. أويكون فعلًا معه فاعل.
فإن كان فعلاً مجردّاً من الفاعل لزم إعرابه وامتنع حكايته، وذاك مذهب العرب والنحويين جميعا.
ألا ترى أنك تخص به الوقت الحاضر دون الماضي ودون الآتي، إلا أن يتسع (٢) فيه فالإشارة به والقصد فيه إلى المعين المخصوص يخرجه عن أن يراد به الشائع المنكور (٣) كـ "كيف" وبابه.
قال أبو على: وأما قول الفراء (٤) إن قولنا: (الآن) يجوز أن يكون الآن (٥) من قولنا: آنَ أن (٦) يفعل كذا، دخلت عليه [الألف واللام مثل شُبَّ (٧) إلى دُبَّ. وهذا قول يفسد في: اللفظ والمعنى، ومن حكم مثله ألا يعرج عليه] (٨) أما فساده في اللفظ: فلأن ذلك لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون فعلاً مجرّداً من الفعل. أويكون فعلًا معه فاعل.
فإن كان فعلاً مجردّاً من الفاعل لزم إعرابه وامتنع حكايته، وذاك مذهب العرب والنحويين جميعا.
(١) في "الإغفال": (ما يخص).
(٢) في (ج): (تتسع)، ومثله في "الإغفال" ص ٢٧٧.
(٣) في (ب): (المكنون لكيف).
(٤) لم يذكر أبو علي الفراء باسمه وإنما قال: (وذكر بعضهم أن قولنا: (الآن) يجوز أن
يكون..) "الإغفال" ص ٢٨٣.
(٥) في (ب): (الآن).
(٦) في (ج): (تفعل).
(٧) في "الإغفال" (من شب..) ص ٢٨٣.
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من: (أ)، (ج)، وأثبته من (ب) ومثله في "الإغفال" ص ٢٨٣، واستقامة السياق تقتضيه.
(٢) في (ج): (تتسع)، ومثله في "الإغفال" ص ٢٧٧.
(٣) في (ب): (المكنون لكيف).
(٤) لم يذكر أبو علي الفراء باسمه وإنما قال: (وذكر بعضهم أن قولنا: (الآن) يجوز أن
يكون..) "الإغفال" ص ٢٨٣.
(٥) في (ب): (الآن).
(٦) في (ج): (تفعل).
(٧) في "الإغفال" (من شب..) ص ٢٨٣.
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من: (أ)، (ج)، وأثبته من (ب) ومثله في "الإغفال" ص ٢٨٣، واستقامة السياق تقتضيه.
50
ألا تراهم سمَّوا (١) العنبر بن عمرو بن تميم (٢): خَضَّمَ (٣) لكثرة أكله (٤)، فأعربوه ولم يحكوه.
قال سيبويه: وسمعناهم يصرفون رجلاً سُمَيَ كَعْسَبَ (٥)، وهو فعلل (٦) من الكعسبة، وهي (٧) شدة العدو، وإنما لم يجز حكايةُ الفعل إذا نُقِل فسمّي به من أجل أن الفعل يلزمه الفاعل (٨)، فلا يفارقه. فلو حكي بعد التسمية للزمه الفاعل كما كان يلزمه قبل، لأنه لا يخلو (٩) من الفاعل، الحكاية (١٠) فيه إذا سمي به تؤدي إلى خلاف الغرض المقصود؛ لأن
قال سيبويه: وسمعناهم يصرفون رجلاً سُمَيَ كَعْسَبَ (٥)، وهو فعلل (٦) من الكعسبة، وهي (٧) شدة العدو، وإنما لم يجز حكايةُ الفعل إذا نُقِل فسمّي به من أجل أن الفعل يلزمه الفاعل (٨)، فلا يفارقه. فلو حكي بعد التسمية للزمه الفاعل كما كان يلزمه قبل، لأنه لا يخلو (٩) من الفاعل، الحكاية (١٠) فيه إذا سمي به تؤدي إلى خلاف الغرض المقصود؛ لأن
(١) في (ب): (ألا تراهم أنهم) وفي "الإغفال" (ألا ترى أنهم سموا) ص ٢٨٣.
(٢) العنبر بن عمرو بن تميم، كان شاعر، وإليه ينسب بني العنبر، انظر "الاشتقاق" لابن دريد ص ٢٠١، ٢١١، و"المزهر" ٢/ ٢٧٥.
(٣) في جميع النسخ (خضما) وفي "الإغفال": (خضم) ص ٢٨٣. قال سيبويه: ولا يصرفون (خضّم) وهو اسم للعنبر بن عمرو بن تميم. "الكتاب" ٣/ ٢٠٨.
(٤) قال في الصحاح (خضّم) على وزن (بعّم) اسم العنبر بن عمرو بن تميم، يزعمون أنهم سموا بذلك لكثرة الخضم، وهو المضغ. الصحاح (خضم) ٥/ ١٩١٤، وانظر "اللسان" (خضم) ٢/ ١١٧٦ - ١١٧٨.
(٥) في "الإغفال" ص ٢٨٢: (يسمى كعسبا). وكذا في "الكتاب" ٣/ ٢٠٦.
(٦) في "الكتاب" (وإنما هو (فَعَلَ) من الكعسبة. قال عبد السلام هارون: (لا يقصد بـ (فعل) الوزن الصرفي، وإلا فهو (فعلل) وإنما يقصد أنه منقول من الفعلية "الكتاب" مع حاشية عبد السلام هارون ٣/ ٢٠٦.
(٧) في (ب): (وهو).
(٨) في (ب): (الفعل).
(٩) (يخلو): ساقط من (ب).
(١٠) في (ب): (فالحكاية).
(٢) العنبر بن عمرو بن تميم، كان شاعر، وإليه ينسب بني العنبر، انظر "الاشتقاق" لابن دريد ص ٢٠١، ٢١١، و"المزهر" ٢/ ٢٧٥.
(٣) في جميع النسخ (خضما) وفي "الإغفال": (خضم) ص ٢٨٣. قال سيبويه: ولا يصرفون (خضّم) وهو اسم للعنبر بن عمرو بن تميم. "الكتاب" ٣/ ٢٠٨.
(٤) قال في الصحاح (خضّم) على وزن (بعّم) اسم العنبر بن عمرو بن تميم، يزعمون أنهم سموا بذلك لكثرة الخضم، وهو المضغ. الصحاح (خضم) ٥/ ١٩١٤، وانظر "اللسان" (خضم) ٢/ ١١٧٦ - ١١٧٨.
(٥) في "الإغفال" ص ٢٨٢: (يسمى كعسبا). وكذا في "الكتاب" ٣/ ٢٠٦.
(٦) في "الكتاب" (وإنما هو (فَعَلَ) من الكعسبة. قال عبد السلام هارون: (لا يقصد بـ (فعل) الوزن الصرفي، وإلا فهو (فعلل) وإنما يقصد أنه منقول من الفعلية "الكتاب" مع حاشية عبد السلام هارون ٣/ ٢٠٦.
(٧) في (ب): (وهو).
(٨) في (ب): (الفعل).
(٩) (يخلو): ساقط من (ب).
(١٠) في (ب): (فالحكاية).
51
المسمي بالفعل لو حكاه في حال (١) التسمية للزمه التسمية بالجملة دون المفرد، إذ الفعل لا يخلو من الفاعل بحال، فلما كان كذلك أزيل (٢) عن الفعلية بإعرابه، وترك حكايته، وصح التسمية به (٣) لذلك دون فاعله. ويدل على امتناع هذه الكلمة أن [تكون] (٤) فعلا، دخول لام (٥) التعريف عليها، وهذه اللام دخولها يكون على الأسماء، كما أن التنوين من خواص الأسماء.
ولا يجوز (٦) في قولهم: (الآن) (٧) أن يكون فعلاً معه فاعله غير مجرد منه؛ لأن دخول اللام عليه يمنع ذلك، ألا ترى أن اللام لا تدخل على الجمل كما لا تدخل على الفعل فهذا فساده (٨) من جهة اللفظ.
وأما فساده من جهة المعنى، فقولهم: آن أن تفعل كذا (٩) مقلوب من (١٠) أنى يَأني وأصل هذه الكلمة في اللغة إنما هو بلوغ الشيء (١١) وانتهاؤه ومكثه وامتداده، فهو خلاف الآن وعكسه. والدليل على صحة
ولا يجوز (٦) في قولهم: (الآن) (٧) أن يكون فعلاً معه فاعله غير مجرد منه؛ لأن دخول اللام عليه يمنع ذلك، ألا ترى أن اللام لا تدخل على الجمل كما لا تدخل على الفعل فهذا فساده (٨) من جهة اللفظ.
وأما فساده من جهة المعنى، فقولهم: آن أن تفعل كذا (٩) مقلوب من (١٠) أنى يَأني وأصل هذه الكلمة في اللغة إنما هو بلوغ الشيء (١١) وانتهاؤه ومكثه وامتداده، فهو خلاف الآن وعكسه. والدليل على صحة
(١) (حال): ساقط من (أ)، (ج)، وهو في (ب) "الإغفال" ص ٢٨٤.
(٢) في (ب): (أزيد).
(٣) في (ب): (بذلك).
(٤) في جميع النسخ (يكون) بالياء والتصحيح من "الإغفال" ص ٢٨٤.
(٥) في (ب): (اللام والتعريف).
(٦) "الإغفال" ص ٢٨٨.
(٧) في (ب): (ألا أن يكون).
(٨) أي قول الفراء.
(٩) (آن): ساقط من (ب).
(١٠) في (ج): (عن).
(١١) انظر: "تهذيب اللغة" (أنى) ١/ ٢٢٥، و (الآن) ١/ ٩٩.
(٢) في (ب): (أزيد).
(٣) في (ب): (بذلك).
(٤) في جميع النسخ (يكون) بالياء والتصحيح من "الإغفال" ص ٢٨٤.
(٥) في (ب): (اللام والتعريف).
(٦) "الإغفال" ص ٢٨٨.
(٧) في (ب): (ألا أن يكون).
(٨) أي قول الفراء.
(٩) (آن): ساقط من (ب).
(١٠) في (ج): (عن).
(١١) انظر: "تهذيب اللغة" (أنى) ١/ ٢٢٥، و (الآن) ١/ ٩٩.
52
القلب في هذا، أنه لا مصدر لـ (آن)، كما أن قولهم: أيس يأيس لما كان مقلوبًا من يئس ييأس (١) لم يكن له مصدر [ولوكان له مصدر] (٢) لكان من باب جذب وجبذ (٣)، ولم يكن قلبا.
فإن قلت (٤): فقد قالوا: الإياس، وقد سمّوا الرجل إياسًا؟
قيل: إن إياساً من إسْتَه إذا أعطيتَه (٥)، وتسميتهم بإياس كتسميتهم بـ (عطية وعطاء)، ومن هذا الباب قوله: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ (٦) أي أما بلغ، أما حان. والآن اسم للوقت الذي أنت فيه وهو باق، والباقي غير المتقضي (٧) المنتهي.
وأما قولهم: أعييتني من شُبَّ إلى دُبَّ (٨) فهذا الكلام مخرجه مخرج الأمثال التي تلزم طريقةً واحدةً ووجهاً واحداً، كقولك للرجل: أَطِرِّي
فإن قلت (٤): فقد قالوا: الإياس، وقد سمّوا الرجل إياسًا؟
قيل: إن إياساً من إسْتَه إذا أعطيتَه (٥)، وتسميتهم بإياس كتسميتهم بـ (عطية وعطاء)، ومن هذا الباب قوله: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ (٦) أي أما بلغ، أما حان. والآن اسم للوقت الذي أنت فيه وهو باق، والباقي غير المتقضي (٧) المنتهي.
وأما قولهم: أعييتني من شُبَّ إلى دُبَّ (٨) فهذا الكلام مخرجه مخرج الأمثال التي تلزم طريقةً واحدةً ووجهاً واحداً، كقولك للرجل: أَطِرِّي
(١) في (أ)، (ج): (يأس)، وفي "الإغفال": (يئس يئيس) ص ٢٨٨.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من: (أ)، (ج)، وأثبته من (ب) ومثله في "الإغفال" ص ٢٨٨، والسياق يقتضيه.
(٣) جبذ مقلوب من جذب قلبًا مكانيًّا. انظر: "تهذيب اللغة" (جذب) ١١/ ١٥، "اللسان" (جذب) ١/ ٢٥٨.
(٤) في (ب): (وأن).
(٥) في "الإغفال" وقد سموا الرجل إياسا فما تنكر أن يكون غير قلب، فإن إياسا من إسته إذا أعطيته... "الإغفال" ص ٢٨٨، وانظر: "اللسان" (يأس) ٦/ ٢٥٩.
(٦) الحديد: ١٦، وفي (ج) زيادة: ﴿أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾.
(٧) في (ب): (المقتض)، وفي "الإغفال": (المنقض) ص ٢٩٢.
(٨) قال أبو علي: (.. فإن قلت كيف يكون فيه ضمير الفاعل، وقد يقال: (أعييتني منذ شب إلى دب) ولو كان في هذا ضمير فاعل لوجب أن يكون مذ شببت إلى أن دببت؟ فالجواب:
أي: قرأ، يسمّى (٣) القراءة تمنِّيًا، لأنها تشبه التحدث، وما تمناه الإنسان فهو مما (٤) يحدث به نفسه (٥)؛ ولهذا فُسِّرت الأماني في هذه الآية بالأحاديث.
وقال غيره: أصل هذه الكلمة عند أهل اللّغة من التقدير. والتمني: هو تقدير شيء تودُه، والمنيّة مقدرةٌ على العباد، والمَنَى الذي يوزن به: مقدار معروف، والمَنِيُّ: الذي يقدَّرُ منه الولد، والتمني: التلاوة؛ لأنها حكاية على مقدار المحكيِ، والمنا (٦): الحذاء؛ لأن أحد الشيئين بإزاء الآخر على مقداره (٧)، ومُنيت (٨) بكذا أي: قُدَر علَيّ.
والأمنية في هذه الآية: التلاوة؛ لأنها حكاية للكلام على مقدار
فمن قرأ: ﴿تُفَادُوهُمْ﴾ فلأن من كلّ واحد من الفريقين فِعْلًا، فمن الآسر دفع (الأسير) (٤)، ومن المأسور منهم دفع الفداء، وإذا كان كذلك فوجه (تفادوهم) ظاهر، والمفعول الثاني الذي يصل إليه الفعل بالحرف محذوف؛ لأن معناه تفادونهم بالمال. ومن قرأ (تَفْدُوهم) فالمعنى فيه مثل معنى من قرأ: (تُفَادوهم) إلا أنّه جاء بالفعل على يفعل، ألا ترى أن في هذا الوجه أيضًا دفعًا من كل واحد من الآسرين والمأسور منهم (٥).
أخبرني العَرُوضي، عن الأزهري، عن المنذري، عن ثعلب قال: المفاداة: أن تدفع رجلًا وتأخذ رجلًا. والفِداء: أن تشتريَه بمال فداءً. ويقال: فديته بنفسي (٦).
وقال نصير (٧) الرازي (٨): يقال: فاديتُ الأسيرَ، وفاديت الأُسارى،
أي: بعته؛ قال الفراء: وتقول بع لي بدرهم تَمرًا، أي: اشتر لي. وأنشد:
ومعنى الآية: بئس الشيء بَاعوا به أنفسهم الكفر؛ يريد: أنهم اختاروا الكُفر وأخذوه، وبذلوا أنفسهم للنار؛ لأن اليهود خصوصًا علموا صدق محمد - ﷺ -، وأن من كذبه فالنار عاقبته، فاختاروا الكفر، وسلموا أنفسهم للنار، فكان ذلك كالبيع منهم (٤). وقال المفسرون: في الآية إضمار معناه بئسما باعوا حظ أنفسهم بالكفر، هكذا قالوا (٥)، وعلى هذا تكون الآية من باب حذف المضاف، وعلى ما قلنا أولًا تصح الآية من غير إضمار.
وقوله تعالى: ﴿أَن يَكْفُرُواْ﴾ قال الزجاج: موضع أن رفع، المعنى: ذلك الشيء المذموم أن يكفروا (٦)، على تقدير: بئس الشيء اشتروا به أنفسهم
المعنى: لادخاره، وللتَّكرّم (٢).
وقوله تعالى: ﴿أَن يُنَزِل اللَّهُ﴾ موضع أن نصب؛ لأن المعنى: أن تكفروا بما أنزل الله؛ لأن ينزل الله من فَضْلِهِ، أي: كفروا لهذه العلة، فهو كما ذكرنا في بيت حاتِم؛ لأنهم كفروا لإنزال الله عليه، كما أنه يغفر العوراء لادّخاره، هذا قول الزجاج (٣). وأظهر منه أن تجعل ﴿أَن يُنَزِلَ﴾ مفعولًا للبغي، كأن معناه: حسدًا إنزال الله، لأن البغي، هاهنا، بمعنى الحَسَد، وأنت تقول: حَسَدْتُ زيدًا مالَه وفضلَه (٤).
وقوله تعالى: ﴿فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ﴾ قال ابن عباس: الغضب الأول: تضييعهم التوراة، والثاني: بكفرهم بهذا النبي الذي أحدث الله فيهم (٥).
وقال قتادة: الأول بكفرهم بعيسى والإنجيل، والثاني: بكفرهم بمحمد والقرآن (٦).
أي: اعلم.
قال ابن الأعرابي: ومن هذا قول الله: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ﴾ قال معناه: إن السّاحر يأتي الملكين فيقول: أخبرني عمّا نهى الله عنه حتى أنتهي، فيقولان: نهى عن الزنى، فيستوصفُهما الزِنى، فيصفانه، فيقول: وعن ماذا؟ فيقولان: عن اللواط، ثم يقول: وعن ماذا؟ فيقولان عن السحر، فيقول: وما السحر؟ فيقولان: هو كذا، فحفظه، وينصرف فيخالف، فيكفر، فهذا معنى ﴿يُعَلِّمَانِ﴾ (٢) ولا يكون تَعليم السحْر إذا كان إعلامًا كفرًا، ولا تعلّمه إذا كان على معنى الوقوف عليه ليجتنبه كفرًا، كما أن من عرَّف الزنى لم يأثم بأنه عرَّفه، إنما يأثم بالعمل (٣).
الوجه الثاني: أن الله عز وجل امتحن الناسَ بالملكين في ذلك الوقت، وجعل المحنةَ في الكفر والإيمان أن يقبل القائل تعلُّم السحر، فيكفر بتعلّمه، ويؤمن بترك التعلّم، ولله تعالى أن يمتحن عباده بما شاء، كما امتحن الله (٤) بنهر طالُوت في قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ﴾ [البقرة:
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من: (أ)، (ج)، وأثبته من (ب) ومثله في "الإغفال" ص ٢٨٨، والسياق يقتضيه.
(٣) جبذ مقلوب من جذب قلبًا مكانيًّا. انظر: "تهذيب اللغة" (جذب) ١١/ ١٥، "اللسان" (جذب) ١/ ٢٥٨.
(٤) في (ب): (وأن).
(٥) في "الإغفال" وقد سموا الرجل إياسا فما تنكر أن يكون غير قلب، فإن إياسا من إسته إذا أعطيته... "الإغفال" ص ٢٨٨، وانظر: "اللسان" (يأس) ٦/ ٢٥٩.
(٦) الحديد: ١٦، وفي (ج) زيادة: ﴿أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾.
(٧) في (ب): (المقتض)، وفي "الإغفال": (المنقض) ص ٢٩٢.
(٨) قال أبو علي: (.. فإن قلت كيف يكون فيه ضمير الفاعل، وقد يقال: (أعييتني منذ شب إلى دب) ولو كان في هذا ضمير فاعل لوجب أن يكون مذ شببت إلى أن دببت؟ فالجواب:
| أنه إنما كان كذلك لأنه كلام مخرجه مخرج الأمثال | الخ) "الإغفال" ص ٢٨٧. |
| وَمَا مِثْلُه في النَّاسِ إلا (٣) مُملَّكًا | أبو أمِّهِ حَيٌّ أبوهُ يُقَارِبُهْ (٤) |
= ذبحوها، ثم وقع ما وقع من أمر القتل، فأمروا أن يضرب ببعضها. "القرطبي" ١/ ٣٧٨ - ٣٨٨، وانظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٥٨.
وقد رجح أبو حيان أن الأمر بالذبح متقدم، والقتل متأخر كحالهما في التلاوة، ولا داعي لحمل الآيات عن ظاهرها، بل تظهر الحكمة البالغة في امتحانهم أولا بذبح البقرة هل يمتثلون أم لا؟
(١) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٩٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ أ، "البغوي" ١/ ٨٤.
(٢) هشام بن عبد الملك بن مروان، أحد خلفاء بني أمية، وخاله هو إبراهيم بن هشام ابن إسماعيل المخزومي القرشي. انظر: "الكامل" ٥/ ١٢٣، "سير أعلام النبلاء" ٥/ ٣٥١، "الأعلام" ١/ ٧٨.
(٣) (ألا): ساقط من (ب).
(٤) البيت من شواهد البلاغة على التعقيد اللفظي يقول: وما مثله يعني الممدوح في الناس حتى يقاربه، أي: يشبهه في الفضائل، إلا مملكا يعني به هشاما، أبو أمه: أي أبو أم هشام أبوه، أي: أبو الممدوح، فالضمير في (أمه) فلملك، وفي (أبوه) للممدوح. ورد البيت في "المعاني الكبير" ١/ ٥٠٦، "الخصائص" ١/ ١٤٦، ٣٢٩، ٢/ ٣٩٣، "الكامل" ١/ ٢٨، "الصحاح" (ملك) ٤/ ١٦٠٩، "اللسان" (ملك) ٧/ ٤٢٦٦، "معاهد التنصيص" ١/ ٤٣، "الخزانة" ٥/ ١٤٦.
(٥) قوله: (أراد وما مثله) ساقط من (ب).
وقد رجح أبو حيان أن الأمر بالذبح متقدم، والقتل متأخر كحالهما في التلاوة، ولا داعي لحمل الآيات عن ظاهرها، بل تظهر الحكمة البالغة في امتحانهم أولا بذبح البقرة هل يمتثلون أم لا؟
(١) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٩٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ أ، "البغوي" ١/ ٨٤.
(٢) هشام بن عبد الملك بن مروان، أحد خلفاء بني أمية، وخاله هو إبراهيم بن هشام ابن إسماعيل المخزومي القرشي. انظر: "الكامل" ٥/ ١٢٣، "سير أعلام النبلاء" ٥/ ٣٥١، "الأعلام" ١/ ٧٨.
(٣) (ألا): ساقط من (ب).
(٤) البيت من شواهد البلاغة على التعقيد اللفظي يقول: وما مثله يعني الممدوح في الناس حتى يقاربه، أي: يشبهه في الفضائل، إلا مملكا يعني به هشاما، أبو أمه: أي أبو أم هشام أبوه، أي: أبو الممدوح، فالضمير في (أمه) فلملك، وفي (أبوه) للممدوح. ورد البيت في "المعاني الكبير" ١/ ٥٠٦، "الخصائص" ١/ ١٤٦، ٣٢٩، ٢/ ٣٩٣، "الكامل" ١/ ٢٨، "الصحاح" (ملك) ٤/ ١٦٠٩، "اللسان" (ملك) ٧/ ٤٢٦٦، "معاهد التنصيص" ١/ ٤٣، "الخزانة" ٥/ ١٤٦.
(٥) قوله: (أراد وما مثله) ساقط من (ب).
57
وأضاف القتل إليهم في قوله: ﴿وَإِذ قَتَلتُم﴾ وإن كان القاتل واحداً على ما ذكرنا من مذهب العرب أنهم يضيفون فعل البعض إلى جماعة القبيلة، يقولون للقبيلة: انهزمتم يوم ذي قار وإنما انهزم بعضهم (١).
وقوله تعالى: ﴿وَإِذ قَتَلتُم﴾ ينعطف على قوله: ﴿وَإِذ قَلتُم يَامُوسَى﴾ (٢) [البقرة: ٥٥]، ﴿وَإِذ فَرَقنَا﴾ [البقرة: ٥٠] والذكر مضمر فيها كأنه: واذكروا إذ قتلتم (٣)، ولهذا لم يأت لـ (إذ) بجواب. ومثله قوله: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا﴾ (٤)، وليس شيء قبله تراه ناصباً لصالح، فعلم بذكر النبي وبالمرسل (٥) إليه أن فيه إضمار (٦): أرسلنا.
ومثله: ﴿وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ﴾ [الأنبياء: ٧٦]، ﴿وَذَا اَلنوُنِ﴾ [الأنبياء: ٨٧]. وهذا يجري على مثال ما قال في سورة ص: ﴿وَاذكُر عَبدَنَا﴾ [ص: ٤٥] (٧)، ثم ذكر الذين من بعدهم بغير (واذكر) لأن معناه متفق،
وقوله تعالى: ﴿وَإِذ قَتَلتُم﴾ ينعطف على قوله: ﴿وَإِذ قَلتُم يَامُوسَى﴾ (٢) [البقرة: ٥٥]، ﴿وَإِذ فَرَقنَا﴾ [البقرة: ٥٠] والذكر مضمر فيها كأنه: واذكروا إذ قتلتم (٣)، ولهذا لم يأت لـ (إذ) بجواب. ومثله قوله: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا﴾ (٤)، وليس شيء قبله تراه ناصباً لصالح، فعلم بذكر النبي وبالمرسل (٥) إليه أن فيه إضمار (٦): أرسلنا.
ومثله: ﴿وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ﴾ [الأنبياء: ٧٦]، ﴿وَذَا اَلنوُنِ﴾ [الأنبياء: ٨٧]. وهذا يجري على مثال ما قال في سورة ص: ﴿وَاذكُر عَبدَنَا﴾ [ص: ٤٥] (٧)، ثم ذكر الذين من بعدهم بغير (واذكر) لأن معناه متفق،
(١) سبق بيان هذا عند تفسير قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٤٠]، ٢/ ٤٣٣ وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٠، ٩٨، "البحر المحيط" ١/ ٢٥٩.
(٢) في (أ)، (ج): (قتلتم تصحيف).
(٣) كذا في "معاني القرآن" للفراء نقل عنه بتصرف ١/ ٣٥، والمراد أن (إذ) يقدر قبلها (اذكر) في أول موضع وردت فيه وما بعدها عطف عليهما وذلك في قوله: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ٤٩]. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٩، ٢٧٥، ٢٨٩، ٣٥٦.
(٤) الأعراف: ٧٣، هود: ٦١.
(٥) في (ب): (المرسل) بسقوط الواو والباء.
(٦) (إضمار) ساقطة من: (أ)، (ج)، وأثبتها من (ب)، ومثله في "معاني القرآن" ١/ ٣٥، والسياق يقتضيها.
(٧) وفي "معاني القرآن" للفراء: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ﴾.
(٢) في (أ)، (ج): (قتلتم تصحيف).
(٣) كذا في "معاني القرآن" للفراء نقل عنه بتصرف ١/ ٣٥، والمراد أن (إذ) يقدر قبلها (اذكر) في أول موضع وردت فيه وما بعدها عطف عليهما وذلك في قوله: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ٤٩]. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٩، ٢٧٥، ٢٨٩، ٣٥٦.
(٤) الأعراف: ٧٣، هود: ٦١.
(٥) في (ب): (المرسل) بسقوط الواو والباء.
(٦) (إضمار) ساقطة من: (أ)، (ج)، وأثبتها من (ب)، ومثله في "معاني القرآن" ١/ ٣٥، والسياق يقتضيها.
(٧) وفي "معاني القرآن" للفراء: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ﴾.
58
فجاز ذلك، ويستدل على (أن) في هذه الآية (١) مضمرة أنه قال: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ﴾ [الأنفال: ٢٦]، ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ﴾ [الأعراف: ٨٦]، فلما ذكر هاهنا (واذكروا) (٢) مع (إذ) علم أنه مراد مع (إذ) وإن حذف (٣).
وقوله تعالى: ﴿فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا﴾ قال ابن عباس: اختلفتم فيها (٤).
وقال الربيع: تدافعتم (٥).
وأصل الدرء: الدفع، يعني: ألقى ذاك على هذا، وهذا على ذاك، فدافع كل واحد عن نفسه (٦). والتدارؤ والمدارأة مهموزتان.
قال أبو عبيد: وهي المشاغبة والمخالفة على صاحبك (٧).
ومنه حديث قيس بن السائب (٨): "كان رسول الله صلى الله عليه
وقوله تعالى: ﴿فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا﴾ قال ابن عباس: اختلفتم فيها (٤).
وقال الربيع: تدافعتم (٥).
وأصل الدرء: الدفع، يعني: ألقى ذاك على هذا، وهذا على ذاك، فدافع كل واحد عن نفسه (٦). والتدارؤ والمدارأة مهموزتان.
قال أبو عبيد: وهي المشاغبة والمخالفة على صاحبك (٧).
ومنه حديث قيس بن السائب (٨): "كان رسول الله صلى الله عليه
(١) في "معاني القرآن": ويستدل على أن (واذكروا) مضمرة مع (إذ) أنه قال: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ ١/ ٣٥.
(٢) في (ج): (واذكر).
(٣) انتهى النقل عن الفراء. "معاني القرآن" ١/ ٣٥.
(٤) "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ أ، وانظر: "تفسير البغوي" ١/ ٨٤، "زاد المسير" ١/ ١٠١.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ أ، وانظر: "تفسير البغوي" ١/ ٨٤.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ أ. وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٦. "تفسير الماوردي" ١/ ٣٦٧. وذكر الطبري في معنى الآية قولين: الأول: اختلفتم وتنازعتم، والثاني: تدافعتم، قال: وهو أي: القول الثاني قريب من المعنى الأول ١/ ٣٥٦. وذكر ابن فارس: أن (الدرء) مهموز: أصل واحد بمعنى: الدفع. "مقاييس اللغة" (درى) ٢/ ٢٧١.
(٧) "غريب الحديث" ١/ ٣٣٧، "تهذيب اللغة" (درى) ٢/ ١١٨١.
(٨) هو قيس بن السائب بن عويمر بن عائذ بن مخزوم، ذكر ابن حجر عن ابن حبان: أن له صحبة. انظر: "الجرح والتعديل" ٧/ ٩٩، و"الإصابة" ٣/ ٢٣٨.
(٢) في (ج): (واذكر).
(٣) انتهى النقل عن الفراء. "معاني القرآن" ١/ ٣٥.
(٤) "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ أ، وانظر: "تفسير البغوي" ١/ ٨٤، "زاد المسير" ١/ ١٠١.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ أ، وانظر: "تفسير البغوي" ١/ ٨٤.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ أ. وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٦. "تفسير الماوردي" ١/ ٣٦٧. وذكر الطبري في معنى الآية قولين: الأول: اختلفتم وتنازعتم، والثاني: تدافعتم، قال: وهو أي: القول الثاني قريب من المعنى الأول ١/ ٣٥٦. وذكر ابن فارس: أن (الدرء) مهموز: أصل واحد بمعنى: الدفع. "مقاييس اللغة" (درى) ٢/ ٢٧١.
(٧) "غريب الحديث" ١/ ٣٣٧، "تهذيب اللغة" (درى) ٢/ ١١٨١.
(٨) هو قيس بن السائب بن عويمر بن عائذ بن مخزوم، ذكر ابن حجر عن ابن حبان: أن له صحبة. انظر: "الجرح والتعديل" ٧/ ٩٩، و"الإصابة" ٣/ ٢٣٨.
59
وسلم شريكي (١)، فكان خير شريك لا يدارئ ولا يماري" (٢). وكل من دفعته عنك فقد دارأته.
قال أبو زبيد (٣):
قال أبو زبيد (٣):
| كانَ عَنِّي يردُّ دَرْؤُكَ بَعْدَ | اللهِ شَغْبَ المُستَصْعَبِ المِرِّيدِ (٤) |
(١) في (ب): (وكان خير) بسقوط (شريكي).
(٢) الحديث أخرجه أحمد في "مسنده" عن قائد السائب عن السائب، وعن مجاهد عن السائب بن أبي السائب ٣/ ٤٢٥. وأبو داود عن قائد السائب عن السائب. "سنن أبي داود" كتاب الأدب، باب: كراهية المراء. وابن ماجه عن قائد السائب عن السائب (٢٢٨٧) كتاب: التجارة، باب: الشركة والمضاربة.
وأخرجه الطبري عن السائب، وقد تكلم شاكر في حاشية الطبري عن الحديث وبين ما في سنده من ضعف، وما في الحديث من اضطراب. "تفسير الطبري" مع "حاشية شاكر" ٢/ ٢٢٣.
والحديث أورده أبو عبيد في "الغريب" ١/ ٣٣٦، ٣٣٧. والأزهري في "تهذيب اللغة" (درى) ٢/ ١١٨١. وذكر الحديث ابن حجر في "الإصابة" وقال: (أخرجه البغوي والحسن بن سفيان وغيرهما من طريق محمد بن مسلم الطائفي عن إبراهيم بن ميسرة عن مجاهد، وأخرجه أبو بشر الدولابي في "الكنى" من هذا الوجه، لكنه قال: أبو قيس بن السائب كذا عنده، وقيس بن السائب أصح...).
"الإصابة" ٣/ ٢٣٨.
(٣) أبو زبيد هو حرملة بن المنذر الطائي، شاعر مشهور، أدرك الإسلام واختلف في إسلامه. انظر: "الشعر والشعراء" ص ١٨٥، و"الإصابة" ٤/ ٨٠، "الخزانة" ٤/ ١٩٢.
(٤) البيت من قصيدة لأبي زبيد رثى بها ابن أخته، (الشغب): تهييج الشر، و (المرّيد): مبالغة في المارد، يقول: كان دفعك عني بعد الله يرد عني شر كل مريد. ورد البيت في "غريب الحديث" لأبي عبيد ١/ ٢٠٢، "اللسان" (درأ) ٣/ ١٣٤٧، و (شغب) ٤/ ٢٢٨٣، "الخزانة" ٩/ ٧٦.
(٢) الحديث أخرجه أحمد في "مسنده" عن قائد السائب عن السائب، وعن مجاهد عن السائب بن أبي السائب ٣/ ٤٢٥. وأبو داود عن قائد السائب عن السائب. "سنن أبي داود" كتاب الأدب، باب: كراهية المراء. وابن ماجه عن قائد السائب عن السائب (٢٢٨٧) كتاب: التجارة، باب: الشركة والمضاربة.
وأخرجه الطبري عن السائب، وقد تكلم شاكر في حاشية الطبري عن الحديث وبين ما في سنده من ضعف، وما في الحديث من اضطراب. "تفسير الطبري" مع "حاشية شاكر" ٢/ ٢٢٣.
والحديث أورده أبو عبيد في "الغريب" ١/ ٣٣٦، ٣٣٧. والأزهري في "تهذيب اللغة" (درى) ٢/ ١١٨١. وذكر الحديث ابن حجر في "الإصابة" وقال: (أخرجه البغوي والحسن بن سفيان وغيرهما من طريق محمد بن مسلم الطائفي عن إبراهيم بن ميسرة عن مجاهد، وأخرجه أبو بشر الدولابي في "الكنى" من هذا الوجه، لكنه قال: أبو قيس بن السائب كذا عنده، وقيس بن السائب أصح...).
"الإصابة" ٣/ ٢٣٨.
(٣) أبو زبيد هو حرملة بن المنذر الطائي، شاعر مشهور، أدرك الإسلام واختلف في إسلامه. انظر: "الشعر والشعراء" ص ١٨٥، و"الإصابة" ٤/ ٨٠، "الخزانة" ٤/ ١٩٢.
(٤) البيت من قصيدة لأبي زبيد رثى بها ابن أخته، (الشغب): تهييج الشر، و (المرّيد): مبالغة في المارد، يقول: كان دفعك عني بعد الله يرد عني شر كل مريد. ورد البيت في "غريب الحديث" لأبي عبيد ١/ ٢٠٢، "اللسان" (درأ) ٣/ ١٣٤٧، و (شغب) ٤/ ٢٢٨٣، "الخزانة" ٩/ ٧٦.
60
وأصله تدارأتم ثم أُدغمت التاءُ في الدال وأُدخلت الألفُ لِيسلَمَ سكونُ الحرف الأول (١).
ومثله: ﴿اثَّاقَلْتُمْ﴾ [التوبة: ٣٨]، ﴿اطَّيَّرنَا﴾ [النمل: ٤٧].
قال الكسائي: التاء إذا كانت في الأفعال تدغم في حروف كثيرة، في التاء مثل: اتّابع بمعنى تتابع، وأنشد:
وفي الثاء نحو: ﴿اثَّاقَلْتُمْ﴾ [التوبة: ٣٨]، وفي الدال نحو: ﴿ادَّارَكُوا﴾ [الأعراف: ٣٨] وفي الذال نحو: ﴿يَذَّكَّرُونَ﴾ (٣) وفي الصاد نحو: ﴿يَخِصِّمُونَ﴾ [يس: ٤٩] وفي الزاي نحو: ﴿وَازَّيَّنَتْ﴾ [يونس: ٢٤] وفي الطاء نحو: (اطَّهَّروا) (٤) و ﴿اطَّيَّرْنَا﴾ (٥)، وفي السين نحو: ﴿واسَّمَّعَ﴾ (٦)
ومثله: ﴿اثَّاقَلْتُمْ﴾ [التوبة: ٣٨]، ﴿اطَّيَّرنَا﴾ [النمل: ٤٧].
قال الكسائي: التاء إذا كانت في الأفعال تدغم في حروف كثيرة، في التاء مثل: اتّابع بمعنى تتابع، وأنشد:
| تُولِي الضَّجِيعَ إذا مَا اسْتَافَهَا خَصِراً | عَذْبَ المَذَاقِ إِذَا مَا اتَّابَعَ القُبَلُ (٢) |
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٥٦، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٣٧، وللأخفش ١/ ٢٨٣، وللزجاج ١/ ١٢٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ أ، و"البيان" ١/ ٩٥، "الدر المصون" ١/ ٤٣٤.
(٢) لم أجد من نسبه وقوله: (استافها): دنا منها وشمها. و (الخصر): البارد من كل شيء، ويريد الريق. ورد البيت في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٣٨، و"تفسير الطبري" ١/ ٣٥٦، ١٠/ ١٣٣، "تفسير القرطبي" ٨/ ١٤٠.
(٣) وردت في عدة آيات منها: الأنعام: ١٢٦، والأعراف: ٢٦، ١٣٠، والأنفال: ٥٧، والتوبة: ١٢٦، والنحل: ١٣.
(٤) في (ب): (اطهر). جزء من آية المائدة: ٦، سياقها: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾.
(٥) في (ج): (ولطيرنا). آية: ٤٧ من سورة النمل.
(٦) وعلى إدغام التاء في السين -أيضا- ورد قوله تعالى: ﴿لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ﴾ [الصافات: ٨].
(٢) لم أجد من نسبه وقوله: (استافها): دنا منها وشمها. و (الخصر): البارد من كل شيء، ويريد الريق. ورد البيت في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٣٨، و"تفسير الطبري" ١/ ٣٥٦، ١٠/ ١٣٣، "تفسير القرطبي" ٨/ ١٤٠.
(٣) وردت في عدة آيات منها: الأنعام: ١٢٦، والأعراف: ٢٦، ١٣٠، والأنفال: ٥٧، والتوبة: ١٢٦، والنحل: ١٣.
(٤) في (ب): (اطهر). جزء من آية المائدة: ٦، سياقها: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾.
(٥) في (ج): (ولطيرنا). آية: ٤٧ من سورة النمل.
(٦) وعلى إدغام التاء في السين -أيضا- ورد قوله تعالى: ﴿لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ﴾ [الصافات: ٨].
61
وفي الظاء نحو: ﴿تَظَاهَرُونَ﴾ (١)، وفي الشين نحو: ﴿تَشَقَّقُ﴾ (٢) فمتى ما لقيت التاء حرفاً من هذه الحروف أُدغمت، وإذا لم تَلقَه ظهرت (٣)، من ذلك: يتعلّمون ويتكلّمون ويترامون، ولا يكون مدغمًا.
فإن ابتدأت بقوله: ﴿اثَّاقَلْتُمْ﴾ وأخواته فقد اختلف الناس فيه. فقال بعضهم: إذا ابتدأت قلت: تثاقلتم: فتركت الإدغام (٤)، قال: وهذا أحب إليّ. وقال بعضهم: لا بل أقطع الألف فأقول: اثاقلتم، يكون (٥) هذه الألف كألف وافتعل واستفعل عند الابتداء. ولم يكتب (٦) بالألف إلا وهي هكذا عند الابتداء.
قال الكسائي: ولم أسمع من العرب إلا بالبيان، وذلك أن الإدغام لا يكون إلا وقبله شيء، فأما إذا ابتدأت فلا.
قال الفراء: والعرب تبني المصدر على الإدغام كما بنوا الفعل، فيقولون: ادّارأ ادّارُؤا مثل ادّارَكَ ادّارُكاً واثّاقَل اثّاقُلاً وازّامُلاً، وما كان
فإن ابتدأت بقوله: ﴿اثَّاقَلْتُمْ﴾ وأخواته فقد اختلف الناس فيه. فقال بعضهم: إذا ابتدأت قلت: تثاقلتم: فتركت الإدغام (٤)، قال: وهذا أحب إليّ. وقال بعضهم: لا بل أقطع الألف فأقول: اثاقلتم، يكون (٥) هذه الألف كألف وافتعل واستفعل عند الابتداء. ولم يكتب (٦) بالألف إلا وهي هكذا عند الابتداء.
قال الكسائي: ولم أسمع من العرب إلا بالبيان، وذلك أن الإدغام لا يكون إلا وقبله شيء، فأما إذا ابتدأت فلا.
قال الفراء: والعرب تبني المصدر على الإدغام كما بنوا الفعل، فيقولون: ادّارأ ادّارُؤا مثل ادّارَكَ ادّارُكاً واثّاقَل اثّاقُلاً وازّامُلاً، وما كان
(١) هذا على قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر بتشديد الظاء في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ الآية [البقرة: ٨٥] وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بالتخفيف. انظر "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٣٠.
(٢) هذا على قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر بتشديد الشين في قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ﴾ [الفرقان: ٢٥] وكذلك قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَشَقَّق اَلأَرّضُ﴾ ق: ٤٤، وبقية السبعة بالتخفيف، انظر: "السبعة" ص ٤٦٤، ٦٠٧.
(٣) في (ب): (اطهرت).
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٣٧، ٤٣٨، "تفسير الطبري" ١/ ٣٥٦، ١٠/ ١٣٣، "تفسير القرطبي" ٨/ ١٤٠.
(٥) (يكون): كذا في (أ)، (ج)، وفي (ب) بدون إعجام والأولى (تكون).
(٦) في (ب): (تكتب).
(٢) هذا على قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر بتشديد الشين في قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ﴾ [الفرقان: ٢٥] وكذلك قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَشَقَّق اَلأَرّضُ﴾ ق: ٤٤، وبقية السبعة بالتخفيف، انظر: "السبعة" ص ٤٦٤، ٦٠٧.
(٣) في (ب): (اطهرت).
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٣٧، ٤٣٨، "تفسير الطبري" ١/ ٣٥٦، ١٠/ ١٣٣، "تفسير القرطبي" ٨/ ١٤٠.
(٥) (يكون): كذا في (أ)، (ج)، وفي (ب) بدون إعجام والأولى (تكون).
(٦) في (ب): (تكتب).
62
مثله فإن فيه الإدغام (١) والإظهار في مصدره (٢). وكتب في المصحف (فادّرأتم) بغير ألف قبل الراء (٣) كما كتبوا (الرحمن) بغير ألف الاختصار، لأنهم قد يحذفون لطول الكلام كما يحذفون لكثرة الاستعمال.
وقوله: (فيها) الكناية عائدة على النفس (٤).
وقال ابن الأنباري: يجوز أن تعود على القتلة، لأن (قتلتم) يدل على المصدر (٥). ﴿وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ من أمر القتيل، وأدخل التنوين لأنه ميعاد في المستقبل (٦)، وقد مضى الكلام في هذه المسألة (٧).
٧٣ - قوله تعالى: ﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا﴾ قال ابن عباس: اضربوه بالعظم الذي يلي الغضروف، وهو المقتل.
وقال الضحاك: بلسانها، واختاره الحسين بن الفضل.
سعيد بن جبير: بعَجْب ذنبها، واختاره يمان بن رباب، قال: لأنه
وقوله: (فيها) الكناية عائدة على النفس (٤).
وقال ابن الأنباري: يجوز أن تعود على القتلة، لأن (قتلتم) يدل على المصدر (٥). ﴿وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ من أمر القتيل، وأدخل التنوين لأنه ميعاد في المستقبل (٦)، وقد مضى الكلام في هذه المسألة (٧).
٧٣ - قوله تعالى: ﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا﴾ قال ابن عباس: اضربوه بالعظم الذي يلي الغضروف، وهو المقتل.
وقال الضحاك: بلسانها، واختاره الحسين بن الفضل.
سعيد بن جبير: بعَجْب ذنبها، واختاره يمان بن رباب، قال: لأنه
(١) في (ب): (الإظهار والإدغام).
(٢) في (أ)، (ج): (مصدر) بدون الهاء، وأثبت ما في (ب)، لأنه أنسب للسياق.
(٣) قال الداني: (اتفق جمعها -أي: مصاحف الأمصار- على حذف الألف التي هي في صورة الهمزة في قوله في البقرة: (فادارأتم) لا غير)، "المقنع" ص ٢٦.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٥٧، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥١، "البحر المحيط" ١/ ٢٩٥.
(٥) ونحوه قال ابن عطية ١/ ٣٥١، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٢٩٥، وذكر قولاً ثالثاً، وهو: أن الكناية تعود على التهمة.
(٦) قال الزجاج: (الأجود في (مخرج) التنوين، لأنه ميعاد لما يستقبل، أو للحال) "معاني القرآن" ١/ ١٢٦، وانظر: "الكشاف" ١/ ٢٨٩، "البحر المحيط" ١/ ٢٩٥.
(٧) وهي أن اسم الفاعل إذا كان بمعنى الاستقبال أو الحال ينون ولا يضاف لما بعده، وهذا عند البصريين، أما عند الكوفيين فيجوز إضافته.
(٢) في (أ)، (ج): (مصدر) بدون الهاء، وأثبت ما في (ب)، لأنه أنسب للسياق.
(٣) قال الداني: (اتفق جمعها -أي: مصاحف الأمصار- على حذف الألف التي هي في صورة الهمزة في قوله في البقرة: (فادارأتم) لا غير)، "المقنع" ص ٢٦.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٥٧، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥١، "البحر المحيط" ١/ ٢٩٥.
(٥) ونحوه قال ابن عطية ١/ ٣٥١، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٢٩٥، وذكر قولاً ثالثاً، وهو: أن الكناية تعود على التهمة.
(٦) قال الزجاج: (الأجود في (مخرج) التنوين، لأنه ميعاد لما يستقبل، أو للحال) "معاني القرآن" ١/ ١٢٦، وانظر: "الكشاف" ١/ ٢٨٩، "البحر المحيط" ١/ ٢٩٥.
(٧) وهي أن اسم الفاعل إذا كان بمعنى الاستقبال أو الحال ينون ولا يضاف لما بعده، وهذا عند البصريين، أما عند الكوفيين فيجوز إضافته.
63
أساس البدن الذي (١) رُكِّبَ عليه الخلقُ (٢). ثم قال: ﴿كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى﴾ معناه: اضربوه ببعضها فيحيا، فضُرِبَ فحَيِيَ (٣)، كذلك يحيي الله الموتى كما أحيا هذا القتيل، وأضمر (فيحيى) كما قال: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ [الشعراء: ٦٣] والمعنى: فضرب فانفلق (٤)، فهذا احتجاج على منكري البعث (٥).
فإن قيل: ما معنى ضرب القتيل ببعض البقرة، والله قادر على إحيائه بغير ذلك؟
والجواب: أنّ في ذلك تأكيداً أنه ليس على جهة المخرقة والحيلة، ولا على جهة الكهانة والسحر، إذ جعل الأمر في إحيائه إليهم، وجعل ذلك عند الضرب بموات لا إشكال في أنه علامة لهم وآية للوقت الذي يحيا فيه
فإن قيل: ما معنى ضرب القتيل ببعض البقرة، والله قادر على إحيائه بغير ذلك؟
والجواب: أنّ في ذلك تأكيداً أنه ليس على جهة المخرقة والحيلة، ولا على جهة الكهانة والسحر، إذ جعل الأمر في إحيائه إليهم، وجعل ذلك عند الضرب بموات لا إشكال في أنه علامة لهم وآية للوقت الذي يحيا فيه
(١) (الذي): ساقط من (ب).
(٢) هذه الأقوال، عن ابن عباس، والضحاك، وسعيد، في "تفسير الثعلبي" بنصها ١/ ٨٥ أ، وذكر الطبري عن مجاهد وقتادة: بالفخذ، وعن السدي: بالبعضة التي بين الكتفين، وعن أبي العالية: بعظم من عظامها، وعن ابن زيد: بعضو من أعضائها. ثم قال الطبري: (والصواب من القول عندنا، أنه يقال: أمرهم الله جل ثناؤه أن يضربوا القتيل ببعض البقرة ليحيا المضروب، ولا دلالة في الآية، ولا في خبر تقوم به حجة، على أي أبعاضها التي أمر القوم أن يضربوا القتيل به.... ولا يضر الجهل بأي ذلك ضربوا القتيل، ولا ينفع العلم به، مع الإقرار بأن القوم قد ضربوا القتيل ببعض البقرة بعد ذبحها، فأحياه الله). "تفسير الطبري" ١/ ٣٥٩ - ٣٦٠، وانظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ١١٩ - ١٢٠.
(٣) قوله: (فضرب فحيى) ساقط من (ب).
(٤) قوله: (والمعنى فضرب فانفلق) ساقط من (ب).
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء١/ ٤٨، و"تفسير الطبري" ١/ ٣٦١، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ أ.
(٢) هذه الأقوال، عن ابن عباس، والضحاك، وسعيد، في "تفسير الثعلبي" بنصها ١/ ٨٥ أ، وذكر الطبري عن مجاهد وقتادة: بالفخذ، وعن السدي: بالبعضة التي بين الكتفين، وعن أبي العالية: بعظم من عظامها، وعن ابن زيد: بعضو من أعضائها. ثم قال الطبري: (والصواب من القول عندنا، أنه يقال: أمرهم الله جل ثناؤه أن يضربوا القتيل ببعض البقرة ليحيا المضروب، ولا دلالة في الآية، ولا في خبر تقوم به حجة، على أي أبعاضها التي أمر القوم أن يضربوا القتيل به.... ولا يضر الجهل بأي ذلك ضربوا القتيل، ولا ينفع العلم به، مع الإقرار بأن القوم قد ضربوا القتيل ببعض البقرة بعد ذبحها، فأحياه الله). "تفسير الطبري" ١/ ٣٥٩ - ٣٦٠، وانظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ١١٩ - ١٢٠.
(٣) قوله: (فضرب فحيى) ساقط من (ب).
(٤) قوله: (والمعنى فضرب فانفلق) ساقط من (ب).
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء١/ ٤٨، و"تفسير الطبري" ١/ ٣٦١، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ أ.
64
عندما يكون منهم، فبان أنه من فعل الله عز وجل (١).
وقوله تعالى: ﴿وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ﴾ يقال: أَرَيْتُه الشيءَ إرايةً (٢) من غير همز شبيهاً بالمنقوص، مثل: إقامة، وترك الهمز؛ لأن الياء في أريت غير مهموز.
ويقال أيضًا: أريته إِرَاءَة، لأن الياء إذا جاءت بعد الألف همزت، ويقال أيضا: إراءً بنوا على الهمز كأنهم قالوا: أرأيته إِرْءَاءً، ثم تركوا الهمز، قال الفراء: وأجودها (٣): إراية غير مهموز.
وروى شمر عن ابن الأعرابي: أَرَيْتُه الشيءَ إِراءةً وإراية وإرْءَاءَةً (٤). ومعنى قوله ﴿آيَاتِهِ﴾ أي: آيات قدرته في خلق الحياة في الأموات. قال الزجاج: وهذه القصة في القرآن من أدلّ الدلائل على نبوة محمد - ﷺ -، حيث أخبرهم بما صدّقه في ذلك أهلُ الكتاب، وهو رجل عربي أمّي لم يقرأ كتاباً ولم يتعلم من أحد، ولم يكن هذا من علم العرب (٥).
٧٤ - قوله تعالى: ﴿ثُمَ قَسَت قُلُوبُكُم﴾ معنى القسوة في اللغة: الشدة والصلابة واليبس، ويقال: حجر قاسٍ: صلب، وأرض قاسية: لا تنبت شيئا، وعامٌ قَسِيٌّ: ذو قحط، قال شمر: هو الشديد (٦) لا مطر فيه (٧).
وقوله تعالى: ﴿وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ﴾ يقال: أَرَيْتُه الشيءَ إرايةً (٢) من غير همز شبيهاً بالمنقوص، مثل: إقامة، وترك الهمز؛ لأن الياء في أريت غير مهموز.
ويقال أيضًا: أريته إِرَاءَة، لأن الياء إذا جاءت بعد الألف همزت، ويقال أيضا: إراءً بنوا على الهمز كأنهم قالوا: أرأيته إِرْءَاءً، ثم تركوا الهمز، قال الفراء: وأجودها (٣): إراية غير مهموز.
وروى شمر عن ابن الأعرابي: أَرَيْتُه الشيءَ إِراءةً وإراية وإرْءَاءَةً (٤). ومعنى قوله ﴿آيَاتِهِ﴾ أي: آيات قدرته في خلق الحياة في الأموات. قال الزجاج: وهذه القصة في القرآن من أدلّ الدلائل على نبوة محمد - ﷺ -، حيث أخبرهم بما صدّقه في ذلك أهلُ الكتاب، وهو رجل عربي أمّي لم يقرأ كتاباً ولم يتعلم من أحد، ولم يكن هذا من علم العرب (٥).
٧٤ - قوله تعالى: ﴿ثُمَ قَسَت قُلُوبُكُم﴾ معنى القسوة في اللغة: الشدة والصلابة واليبس، ويقال: حجر قاسٍ: صلب، وأرض قاسية: لا تنبت شيئا، وعامٌ قَسِيٌّ: ذو قحط، قال شمر: هو الشديد (٦) لا مطر فيه (٧).
(١) انظر: "تفسير الماوردي" ١/ ٣٦٩، "البحر المحيط" ١/ ٢٦١.
(٢) في (ب): (ارايته).
(٣) (أجودها): ساقط من (ب).
(٤) "تهذيب اللغة" (رأى) ٢/ ١٣٢٧، وانظر: "اللسان" (رأى) ٣/ ١٥٣٧ - ١٥٤٥.
(٥) بمعناه في "معاني القرآن" ١/ ١٢٢.
(٦) قوله: (هو الشديد) ساقط من (ب).
(٧) "تهذيب اللغة" (قسا) ٣/ ٢٩٥٥، وانظر: "اللسان" (قسا) ٦/ ٣٦٢٢.
(٢) في (ب): (ارايته).
(٣) (أجودها): ساقط من (ب).
(٤) "تهذيب اللغة" (رأى) ٢/ ١٣٢٧، وانظر: "اللسان" (رأى) ٣/ ١٥٣٧ - ١٥٤٥.
(٥) بمعناه في "معاني القرآن" ١/ ١٢٢.
(٦) قوله: (هو الشديد) ساقط من (ب).
(٧) "تهذيب اللغة" (قسا) ٣/ ٢٩٥٥، وانظر: "اللسان" (قسا) ٦/ ٣٦٢٢.
65
ويقال: قَسا قلبُه يَقْسُو قَسْوَةً وقَسَاوةً وقُسُوًّا (١).
وقال بعضهم: قسا قلبه قِسِيًّا، والعرب تقلب الفعول في المصدر إلى الياء فيقول: طغا طِغِيّاً وعتا عِتِيّاً.
قال أبو إسحاق: وتأويل القسوة ذهاب اللين والرحمة والخشوع (٢).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾: أي من بعد إحياء الميت لكم بعضوٍ من أعضاء البقرة، وهذه آية عظيمة كان يجب على من شاهدها أن يلين قلبه (٣) ويخضع (٤).
قال الكلبي: قالوا بعد ذلك: لم نقتله نحن، فلم يكونوا قط أعمى قلباً ولا أشد تكذيباً لنبيهم منهم عند ذلك (٥).
قال أبو إسحاق: ويحتمل أن يكون (من بعد ذلك)، أي: من بعد إحياء الميت والآيات التي تقدمت، نحو: مسخ القردة والخنازير، ورفع الجبل فوقهم، وانبجاس الماء من حجر. وإنما جاز (ذلك) للجماعة، ولم يقل: (ذلكم)، لأن الجماعة يؤدي عن لفظها الجميع والفريق، والخطاب في لفظ واحد، والمعنى جماعة (٦).
وقال بعضهم: قسا قلبه قِسِيًّا، والعرب تقلب الفعول في المصدر إلى الياء فيقول: طغا طِغِيّاً وعتا عِتِيّاً.
قال أبو إسحاق: وتأويل القسوة ذهاب اللين والرحمة والخشوع (٢).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾: أي من بعد إحياء الميت لكم بعضوٍ من أعضاء البقرة، وهذه آية عظيمة كان يجب على من شاهدها أن يلين قلبه (٣) ويخضع (٤).
قال الكلبي: قالوا بعد ذلك: لم نقتله نحن، فلم يكونوا قط أعمى قلباً ولا أشد تكذيباً لنبيهم منهم عند ذلك (٥).
قال أبو إسحاق: ويحتمل أن يكون (من بعد ذلك)، أي: من بعد إحياء الميت والآيات التي تقدمت، نحو: مسخ القردة والخنازير، ورفع الجبل فوقهم، وانبجاس الماء من حجر. وإنما جاز (ذلك) للجماعة، ولم يقل: (ذلكم)، لأن الجماعة يؤدي عن لفظها الجميع والفريق، والخطاب في لفظ واحد، والمعنى جماعة (٦).
(١) (قُسُوًّا): كذا ضبط في: (أ)، ومثله في "الوسيط" ١/ ١٣٢، وفي "تفسير الطبري" ٣٦١ (قَسْوا) وكذا في "القاموس" ٢٠/ ٧٨.
(٢) انظر: "معاني القرآن" ١/ ١٢٨، "تهذيب اللغة" (قسا) ٣/ ٢٩٥٥، والنص من "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ ب.
(٣) في (ج): (عليه).
(٤) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٢٨، وله قول آخر يأتي ذكره قريبًا. وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٦١ - ٣٦٢.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٨٥ ب، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٨٥.
(٦) في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٨.
(٢) انظر: "معاني القرآن" ١/ ١٢٨، "تهذيب اللغة" (قسا) ٣/ ٢٩٥٥، والنص من "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ ب.
(٣) في (ج): (عليه).
(٤) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٢٨، وله قول آخر يأتي ذكره قريبًا. وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٦١ - ٣٦٢.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٨٥ ب، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٨٥.
(٦) في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٨.
66
وقوله تعالى: ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ﴾ قال أبو إسحاق: لا يجوز عندي إسكان الواو والياء من (هو وهي) لأن كل مضمر فحركته إذا انفرد الفتح نحو (أنا) فكما لا يسكن نون أنا فلا تسكن (١) هذه الواو.
قال أبو علي فيما استدرك عليه (٢): إسكان الواو من (هو) والياء من (هي) غير ممتنع.
ولو قال قائل: الجيد الإسكان (٣) لسكون النون في أنت (٤)، كما قال (٥) هو: لا يجوز الإسكان فيها لتحرك النون في (أنا)، لما كان بينهما فصل.
فإن قلت: فقولهم: (نحن) من المضمر المنفصل، وآخره متحرك فذلك لا يشبه هو وهي وأنا وأنت، لأن آخر (نحن) إنما حرك لالتقاء الساكنين، ولوكان آخره متحرّكًا من الجهة التي ذكرت (٦) لا لالتقاء الساكنين لما جاز إسكان الآخر من (هم) ومن (أنت) لأنهما أيضا مضمران منفردان. فإن قلت: إن آخر (أنت) متحرك، وليس بساكن، كما أن آخر (أنا) متحرك. فليس هذا بسؤال، لأن آخر الاسم في أنت إنما هو النون، والتاء للخطاب وليست من نفس الكلمة، كما أن الألف من (أنا) إذا وقعت لتبيين الحركة في الوقف، لا من نفس الحرف فإن اعتد بـ (التاء) مع أنها زائدة في
قال أبو علي فيما استدرك عليه (٢): إسكان الواو من (هو) والياء من (هي) غير ممتنع.
ولو قال قائل: الجيد الإسكان (٣) لسكون النون في أنت (٤)، كما قال (٥) هو: لا يجوز الإسكان فيها لتحرك النون في (أنا)، لما كان بينهما فصل.
فإن قلت: فقولهم: (نحن) من المضمر المنفصل، وآخره متحرك فذلك لا يشبه هو وهي وأنا وأنت، لأن آخر (نحن) إنما حرك لالتقاء الساكنين، ولوكان آخره متحرّكًا من الجهة التي ذكرت (٦) لا لالتقاء الساكنين لما جاز إسكان الآخر من (هم) ومن (أنت) لأنهما أيضا مضمران منفردان. فإن قلت: إن آخر (أنت) متحرك، وليس بساكن، كما أن آخر (أنا) متحرك. فليس هذا بسؤال، لأن آخر الاسم في أنت إنما هو النون، والتاء للخطاب وليست من نفس الكلمة، كما أن الألف من (أنا) إذا وقعت لتبيين الحركة في الوقف، لا من نفس الحرف فإن اعتد بـ (التاء) مع أنها زائدة في
(١) في (أ): (يسكن) وأثبت ما في: (ب، ج)، ومثله ورد في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٣٠.
(٢) "الإغفال" ص ٢١١.
(٣) أي: الإسكان في (الياء) من (هي)، و (الواو) من (هو). انظر: "الإغفال" ص ٢١١.
(٤) قوله: (في أنت) ساقط من: (ب).
(٥) أي: الزجاج، وفي "الإغفال": (كما قال أبو إسحاق) ص ٢١١.
(٦) ما الجهة التي ذكر؟ قال في "الإغفال" (فتبين مما ذكرنا أن (نحن) لم يحرك آخره من حيث كان مضمرا منفردًا) ص ٢١٢.
(٢) "الإغفال" ص ٢١١.
(٣) أي: الإسكان في (الياء) من (هي)، و (الواو) من (هو). انظر: "الإغفال" ص ٢١١.
(٤) قوله: (في أنت) ساقط من: (ب).
(٥) أي: الزجاج، وفي "الإغفال": (كما قال أبو إسحاق) ص ٢١١.
(٦) ما الجهة التي ذكر؟ قال في "الإغفال" (فتبين مما ذكرنا أن (نحن) لم يحرك آخره من حيث كان مضمرا منفردًا) ص ٢١٢.
67
الكلمة، فليعتد بـ (الألف) أيضًا في (أنا) مع كونها زائدة، وإذا اعتد بها سقط الاحتجاج، لأنها حينئذٍ ساكنة الأخير، وإنما اختير الحركة في هو وهي لأنها أكثر، وفي اللغات أشهر، لا لما ذكره (١).
ويدل على جواز (٢) هذا الإسكان (٣) ما أخبرني محمد بن (٤) الحسن عن أبي حاتم عن أبي زيد:
وقوله تعالى: ﴿كَالْحِجَارَةِ﴾ قال الليث: الحجارة جمع الحجر (٦)، وليس بقياس، لأن الحجر يجمع على أحجار، ولكن يجوز الاستحسان في العربية مثل الاستحسان في الفقه، وترك (٧) القياس.
ويدل على جواز (٢) هذا الإسكان (٣) ما أخبرني محمد بن (٤) الحسن عن أبي حاتم عن أبي زيد:
| كأَطُومٍ فَقَدَتْ بُرْغُزَهَا | أعْقَبَتْهُ الغُبْسُ منه عَدَمَا |
| غَفَلَتْ ثم أَتَتْ تَرْقُبُهُ | فإِذا هي بِعظامٍ ودَمَا (٥) |
(١) انظر: "الإغفال" ص ٢١١، ٢١٢.
(٢) (جواز): ساقط من (ج).
(٣) في "الإغفال": (ويدل على جواز هذا الإسكان إذا جاءت به رواية ثقة غير ممتنع ما أخبرنا..) ص ٢١٣.
(٤) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد.
(٥) لم أعثر على قائل البيتين. قوله: (أَطُوم): يريد البقرة الوحشية، (بُرْغُزَها): ولدها، (الغُبْسُ): الذئاب أو الكلاب. ورد البيتان في "الإغفال" ص ٢١٣، "مجالس العلماء" للزجاجي ص ٣٢٦، "المنصف" ٢/ ١٤٨، "اللسان" (برغز) ١/ ٣١٥، و (اطم) ١/ ١٧٠، "الخزانة" ٧/ ٤٩١، وورد الشطر الثاني من البيت الثاني في "التكملة" ص ٣٠، "المخصص" ٦/ ٩٣، والبيت الثاني في "شرح المفصل" ٥/ ٨٤، "الهمع" ١/ ١٣. وبهذين البيتين انتهى ما نقله الواحدي عن أبي علي الفارسي من كتاب "الإغفال" ص ٢١١ - ٢١٣.
(٦) في (ج): (حجر).
(٧) في (ب): (وترى)، وفي "تهذيب اللغة" (ترك القياس له..) ١/ ٧٤٦.
(٢) (جواز): ساقط من (ج).
(٣) في "الإغفال": (ويدل على جواز هذا الإسكان إذا جاءت به رواية ثقة غير ممتنع ما أخبرنا..) ص ٢١٣.
(٤) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد.
(٥) لم أعثر على قائل البيتين. قوله: (أَطُوم): يريد البقرة الوحشية، (بُرْغُزَها): ولدها، (الغُبْسُ): الذئاب أو الكلاب. ورد البيتان في "الإغفال" ص ٢١٣، "مجالس العلماء" للزجاجي ص ٣٢٦، "المنصف" ٢/ ١٤٨، "اللسان" (برغز) ١/ ٣١٥، و (اطم) ١/ ١٧٠، "الخزانة" ٧/ ٤٩١، وورد الشطر الثاني من البيت الثاني في "التكملة" ص ٣٠، "المخصص" ٦/ ٩٣، والبيت الثاني في "شرح المفصل" ٥/ ٨٤، "الهمع" ١/ ١٣. وبهذين البيتين انتهى ما نقله الواحدي عن أبي علي الفارسي من كتاب "الإغفال" ص ٢١١ - ٢١٣.
(٦) في (ج): (حجر).
(٧) في (ب): (وترى)، وفي "تهذيب اللغة" (ترك القياس له..) ١/ ٧٤٦.
68
قال (١): ومثله: المِهَارة والبِكَارة، لجمع: المُهْر والبَكْر (٢).
وأقرأني العروضي عن الأزهري، قال: أخبرني المنذري عن أبي الهيثم قال: العرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعَال أو فُعُول، فتقول: عظام وعِظَامةٌ وفِحَالةٌ وجمالةٌ (٣) وذِكَارةٌ وذُكورَة وفُحُولَة وعُمُومة وحُمُولَة، قال: وإنما زادوا هذه الهاء لأنه إذا سكت عليه اجتمع فيه عند السكت ساكنان (٤). قال الأزهري: وهذه العلة (٥) أحسن من علة الاستحسان الذي شَبَّهه بالاستحسان في الفقه (٦).
قال المفسرون: إنما شبه قلوبهم بالحجارة في الغلظة والشدة، ولم يقل (٧): (كالحديد)، وإن كان الحديد أصلب من الحجارة، لأن الحديد يلين بالنار، وقد لان لداود بإذن الله حتى صار كالعجين، ولا تلين الحجارة بمعالجة أبداً، ولأن في الحديد منافع، تلك المنافع لا توجد في الحجارة، فشبه الله قلوبهم بالحجارة لقسوتها ولعدم المنفعة منها (٨).
وأقرأني العروضي عن الأزهري، قال: أخبرني المنذري عن أبي الهيثم قال: العرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعَال أو فُعُول، فتقول: عظام وعِظَامةٌ وفِحَالةٌ وجمالةٌ (٣) وذِكَارةٌ وذُكورَة وفُحُولَة وعُمُومة وحُمُولَة، قال: وإنما زادوا هذه الهاء لأنه إذا سكت عليه اجتمع فيه عند السكت ساكنان (٤). قال الأزهري: وهذه العلة (٥) أحسن من علة الاستحسان الذي شَبَّهه بالاستحسان في الفقه (٦).
قال المفسرون: إنما شبه قلوبهم بالحجارة في الغلظة والشدة، ولم يقل (٧): (كالحديد)، وإن كان الحديد أصلب من الحجارة، لأن الحديد يلين بالنار، وقد لان لداود بإذن الله حتى صار كالعجين، ولا تلين الحجارة بمعالجة أبداً، ولأن في الحديد منافع، تلك المنافع لا توجد في الحجارة، فشبه الله قلوبهم بالحجارة لقسوتها ولعدم المنفعة منها (٨).
(١) (قال): ساقط من (ج).
(٢) "تهذيب اللغة" (حجر) ١/ ٧٤٦، وانظر: "اللسان" (حجر) ٢/ ٧٨١.
(٣) في "تهذيب اللغة": (حبالة)، وفي الحاشية (د): (جمالة).
(٤) في "تهذيب اللغة": أخبرني المنذري عن أبي الهيثم. ثم ذكره مع بعض الاختلاف في العبارة (حجر) ١/ ٧٤٧، وانظر: "اللسان" (حجر) ٢/ ٧٨١.
(٥) في (ب): (اللغة).
(٦) "تهذيب اللغة" (حجر) ١/ ٧٤٦، وفيه: (قلت: وهذا هو العلة التي عللها النحويون فأما الاستحسان الذي شَبَّهه بالاستحسان في الفقه فإنه باطل، ومثله في "اللسان" (حجر) ٢/ ٧٨.
(٧) (يقل): ساقط من (ج).
(٨) انظر: "تفسير البغوي" ١/ ٨٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٢١.
(٢) "تهذيب اللغة" (حجر) ١/ ٧٤٦، وانظر: "اللسان" (حجر) ٢/ ٧٨١.
(٣) في "تهذيب اللغة": (حبالة)، وفي الحاشية (د): (جمالة).
(٤) في "تهذيب اللغة": أخبرني المنذري عن أبي الهيثم. ثم ذكره مع بعض الاختلاف في العبارة (حجر) ١/ ٧٤٧، وانظر: "اللسان" (حجر) ٢/ ٧٨١.
(٥) في (ب): (اللغة).
(٦) "تهذيب اللغة" (حجر) ١/ ٧٤٦، وفيه: (قلت: وهذا هو العلة التي عللها النحويون فأما الاستحسان الذي شَبَّهه بالاستحسان في الفقه فإنه باطل، ومثله في "اللسان" (حجر) ٢/ ٧٨.
(٧) (يقل): ساقط من (ج).
(٨) انظر: "تفسير البغوي" ١/ ٨٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٢١.
69
وقوله: ﴿أَو أَشَدُّ﴾ (أو) دخلت لغير معنى شك، ولكنها للإباحة (١) كما ذكرها في قوله: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ﴾، وقيل: (أو) هاهنا بمعنى بل (٢) كقوله تعالى: ﴿أَوْ يَزِيدُونَ﴾ [الصافات: ١٤٧].
وقيل: أراد إبهام علم ذلك على المخاطبين، كالعادة في مثل هذا في المخاطبة أن يقال: فلان كالبدر أو أحسن، وكالبحر أو (٣) أجود، فأما الله تعالى فهو عالم أي ذلك كان (٤). وارتفع (أشدُ) بإضمار (هي) كأنه قال: أو هي أشدُّ (٥).
ويجوز أن يرتفع بالعطف على موضع الكاف، كأنه قيل: فهي مثل الحجارة (٦) أو أشد (٧).
قال ابن عباس في هذه الآية: إنما قال: ﴿أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ لأن الحجارة
وقيل: أراد إبهام علم ذلك على المخاطبين، كالعادة في مثل هذا في المخاطبة أن يقال: فلان كالبدر أو أحسن، وكالبحر أو (٣) أجود، فأما الله تعالى فهو عالم أي ذلك كان (٤). وارتفع (أشدُ) بإضمار (هي) كأنه قال: أو هي أشدُّ (٥).
ويجوز أن يرتفع بالعطف على موضع الكاف، كأنه قيل: فهي مثل الحجارة (٦) أو أشد (٧).
قال ابن عباس في هذه الآية: إنما قال: ﴿أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ لأن الحجارة
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٩، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٢ - ٣٦٣، و"تفسير أبي الليث" ١/ ٣٩٥، "الماوردي" ١/ ٣٧٢، "ابن عطية" ١/ ٣٥٤.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٣، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٩٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ أ، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٤.
(٣) في (ب): (بل أجود).
(٤) ذكره الطبري في "تفسيره" ورجحه ١/ ٣٦٢ - ٣٦٣، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧١، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٤ - ٣٥٥، وذكر الأخفش: أنها بمعنى (الواو) "معاني القرآن" ١/ ٢٨٤، وقد رده الزجاج وقال: (أو) لا تصلح بمعنى (الواو) و"المعاني" ١/ ١٢٩، وهذا على قول البصريين، انظر: "الإنصاف" ص ٣٨٣، وانظر ما سبق عند تفسير قوله تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ﴾.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٨٤، وللزجاج ١/ ١٢٩، "الطبري" ١/ ٣٦٣.
(٦) في (ب): (كالحجارة).
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٣، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٨، "الكشاف" ١/ ٢٩٠، "البحر المحيط" ١/ ٢٦٣.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٣، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٩٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ أ، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٤.
(٣) في (ب): (بل أجود).
(٤) ذكره الطبري في "تفسيره" ورجحه ١/ ٣٦٢ - ٣٦٣، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧١، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٤ - ٣٥٥، وذكر الأخفش: أنها بمعنى (الواو) "معاني القرآن" ١/ ٢٨٤، وقد رده الزجاج وقال: (أو) لا تصلح بمعنى (الواو) و"المعاني" ١/ ١٢٩، وهذا على قول البصريين، انظر: "الإنصاف" ص ٣٨٣، وانظر ما سبق عند تفسير قوله تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ﴾.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٨٤، وللزجاج ١/ ١٢٩، "الطبري" ١/ ٣٦٣.
(٦) في (ب): (كالحجارة).
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٣، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٨، "الكشاف" ١/ ٢٩٠، "البحر المحيط" ١/ ٢٦٣.
70
ليس لها ثواب ولا عليها عقاب، وهي تخاف الله تعالى (١)، وقد مر عيسى ابن مريم عليه السلام بجبل فسمع منه أنيناً فقال: يا رب ائذن لهذا (٢) الذي يئنّ حتى يكلّمني، فأذِن اللهُ للجبل فقال: إني سمعت الله يقول: ﴿نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: ٦] فخفتُ أن أكون من تلك الحجارة (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ﴾ (٤) الكناية عائدة على (ما)، و (ما) من المبهمات يجوز تذكيره وتأنيثه، تقول العرب: من النعال ما يعجبني بالياء والتاء حملاً على التأويل (٥). وقيل: إن (من) واقعة على بعض الحجارة، وبعض مذكر، والعرب تقول: بعض النساء قام، وبعضهن قمن، فمن ذكر فللفظ (بعض) ومن أنث فلتأويله (٦). والأنهار جمع نهْر ونَهَر، وأصله من السعة، يقال: أنهرت الفتق، أي: وسعته (٧)، ومنه قوله (٨):
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ﴾ (٤) الكناية عائدة على (ما)، و (ما) من المبهمات يجوز تذكيره وتأنيثه، تقول العرب: من النعال ما يعجبني بالياء والتاء حملاً على التأويل (٥). وقيل: إن (من) واقعة على بعض الحجارة، وبعض مذكر، والعرب تقول: بعض النساء قام، وبعضهن قمن، فمن ذكر فللفظ (بعض) ومن أنث فلتأويله (٦). والأنهار جمع نهْر ونَهَر، وأصله من السعة، يقال: أنهرت الفتق، أي: وسعته (٧)، ومنه قوله (٨):
(١) لم أجده بهذا النص عن ابن عباس والله أعلم، وأخرج الطبري في "تفسيره" نحوه عن ابن عباس وقتادة ١/ ٣٦٤، وانظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٤٣٣، "تفسير ابن كثير" ١٢٠، ١٢٢، "الدر المنثور" ١/ ١٥٦.
(٢) في (ب): (لهذا الجبل).
(٣) ذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى ابن المنذر عن عبد العزيز بن أبي رواد، "الدر" ٦/ ٣٧٥.
(٤) في (ج): (وإن من الحجارة لما يشقق فيخرج منه الماء).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٣ - ٣٦٤، "إعراب القرآن" للنحاس ١٨٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٦، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٩٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٦٥.
(٦) ذكره الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٤٩.
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (نهر) ٤/ ٣٦٧٤، "الصحاح" (نهر) ٢/ ٨٤٠.
(٨) البيت لقيس بن الخطيم.
(٢) في (ب): (لهذا الجبل).
(٣) ذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى ابن المنذر عن عبد العزيز بن أبي رواد، "الدر" ٦/ ٣٧٥.
(٤) في (ج): (وإن من الحجارة لما يشقق فيخرج منه الماء).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٣ - ٣٦٤، "إعراب القرآن" للنحاس ١٨٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٦، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٩٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٦٥.
(٦) ذكره الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٤٩.
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (نهر) ٤/ ٣٦٧٤، "الصحاح" (نهر) ٢/ ٨٤٠.
(٨) البيت لقيس بن الخطيم.
71
فأنهرت فتقها (١)
والنهر: اتساع الضياء، والنهر: أوسع من الجدول، والانتهار: إظهار الزجر، لا يكنى عنه، والنهار: ولد الكروان (٢)، لأنه مشبه بالنهار لبيضه.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ قيل: أراد به جبل موسى، لما تجلّى ربه للجبل جعله دكّاً (٣).
وقال ابن الأنباري: يجوز أن يجعل الله تعالى للحجر عقلاً فيخشاه، كما جعل بحراء (٤) عقلاً حتى عرف خطاب النبي - ﷺ - (٥)، وكذلك ما
والنهر: اتساع الضياء، والنهر: أوسع من الجدول، والانتهار: إظهار الزجر، لا يكنى عنه، والنهار: ولد الكروان (٢)، لأنه مشبه بالنهار لبيضه.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ قيل: أراد به جبل موسى، لما تجلّى ربه للجبل جعله دكّاً (٣).
وقال ابن الأنباري: يجوز أن يجعل الله تعالى للحجر عقلاً فيخشاه، كما جعل بحراء (٤) عقلاً حتى عرف خطاب النبي - ﷺ - (٥)، وكذلك ما
(١) تمام البيت:
سبق البيت وتخريجه.
(٢) قال الليث: فرخ القطاة، وقال الأصمعي: فرخ الحبارى. انظر: "تهذيب اللغة" (نهر) ٤/ ٣٦٧٤، "الصحاح" (نهر) ٢/ ٨٤٠، وفي "القاموس": فرخ القطا أو ذكر البوم، أو ولد الكروان أو ذكر الحبارى (نهر) ص ٤٨٩.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٣٥، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٧ - ٣٥٨.
(٤) في (ب): (لحراء).
(٥) لعله بهذا يشير إلى الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - ﷺ - كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة، فقال رسول الله - ﷺ -: "اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد" مسلم (٢٤١٤). كتاب فضائل الصحابة، فضائل طلحة والزبير، وأخرج أبو داود نحوه وفيه. "أثبت حراء.. " "سنن أبي داود" (٤٦٤٨)، كتاب: السنة، باب: الخلفاء، وأخرجه ابن ماجه في المقدمة (فضائل العشرة).
| مَلَكْتُ بها كَفِّي فَأَنْهَرْتُ فَتْقَهَا | يَرَى قَائِمٌ مِن دُونها ما وَراءَها |
(٢) قال الليث: فرخ القطاة، وقال الأصمعي: فرخ الحبارى. انظر: "تهذيب اللغة" (نهر) ٤/ ٣٦٧٤، "الصحاح" (نهر) ٢/ ٨٤٠، وفي "القاموس": فرخ القطا أو ذكر البوم، أو ولد الكروان أو ذكر الحبارى (نهر) ص ٤٨٩.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٣٥، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٧ - ٣٥٨.
(٤) في (ب): (لحراء).
(٥) لعله بهذا يشير إلى الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - ﷺ - كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة، فقال رسول الله - ﷺ -: "اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد" مسلم (٢٤١٤). كتاب فضائل الصحابة، فضائل طلحة والزبير، وأخرج أبو داود نحوه وفيه. "أثبت حراء.. " "سنن أبي داود" (٤٦٤٨)، كتاب: السنة، باب: الخلفاء، وأخرجه ابن ماجه في المقدمة (فضائل العشرة).
72
صحت الأخبار به من تسبيح الحصا في يد رسول الله - ﷺ - (١). وكذلك قوله تعالى: في قصة داود ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ﴾ [سبأ: ١٠]، وروي عنه - ﷺ - أنه قال: "إني لأعرف (٢) حجراً بمكة كان يسلّم عليّ كلّما مررتُ به" (٣).
وروي أنه قال: "كان موسى عليه السلام يخرج من الرَّوحاء يؤمُّ هذا البيت يُلبّي، ومقامُ الروحاء يُجاوبه" (٤). وكذلك قوله: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ [الحشر: ٢١] يدل على عقل
وروي أنه قال: "كان موسى عليه السلام يخرج من الرَّوحاء يؤمُّ هذا البيت يُلبّي، ومقامُ الروحاء يُجاوبه" (٤). وكذلك قوله: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ [الحشر: ٢١] يدل على عقل
(١) أخرجه البيهقي بسنده عن أبي ذر - رضي الله عنه -، وفيه: (.. وبين يدي رسول الله - ﷺ - سبع حصيات، أو قال: تسع حصيات فأخذهن فوضعهن في كفه فسبحن، حتى سمعت لهن حنينًا كحنين النحل.. الحديث) وفي بعض رجاله ضعف. انظر: "دلائل النبوة" ٦/ ٦٤، ٦٥، وذكر الحديث ابن حجر في "الفتح" وعزاه للبزار، والطبراني في "الأوسط"، والبيهقي في "الدلائل"، وقال: (.. وأما تسبيح الحصى فليست له إلا هذه الطريق الواحدة مع ضعفها..) "فتح الباري" ٦/ ٥٩٢.
(٢) في (ب): (لا أعرف).
(٣) أخرج مسلم نحوه عن جابر بن سمرة ولفظه: "إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم
علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن" مسلم (٢٢٧٦). كتاب الفضائل، فضل نسب
النبي - ﷺ - وتسليم الحجر عليه)، وأخرجه الترمذي (٣٦٢٤) أبواب المناقب، باب
(في إثبات نبوة النبي - ﷺ - وما خصه الله به). معه "عارضة الأحوذي "، والدارمي في
"سننه " باب ما أكرم الله به نبيه من إيمان الشجر والبهائم والجن ١/ ١٢، وأحمد في
"مسند" ٥/ ٨٩، ٩٥، ١٠٥.
(٤) لم أجده بهذا اللفظ، وأخرج أحمد بسنده عن ابن عباس أن رسول الله - ﷺ - مر بوادي الأزرق، فقال: "أي واد هذا؟ "، قالوا: هذا وادي الأزرق، فقال: "كأني انظر إلى موسى عليه السلام وهو هابط من الثنية وله جؤار إلى الله عز وجل بالتلبية".. "المسند" ١/ ٢١٥، ٢١٦. وأخرج عن ابن عباس وفيه: "وأما موسى عليه السلام. فرجل آدم جعد على جمل أحمر مخطوم بخلبة، كأني أنظر إليه إذا انحدر من الوادي يلبي" "المسند" ١/ ٢٧٧، وانظر "البداية والنهاية" ١/ ٣١٦.
(٢) في (ب): (لا أعرف).
(٣) أخرج مسلم نحوه عن جابر بن سمرة ولفظه: "إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم
علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن" مسلم (٢٢٧٦). كتاب الفضائل، فضل نسب
النبي - ﷺ - وتسليم الحجر عليه)، وأخرجه الترمذي (٣٦٢٤) أبواب المناقب، باب
(في إثبات نبوة النبي - ﷺ - وما خصه الله به). معه "عارضة الأحوذي "، والدارمي في
"سننه " باب ما أكرم الله به نبيه من إيمان الشجر والبهائم والجن ١/ ١٢، وأحمد في
"مسند" ٥/ ٨٩، ٩٥، ١٠٥.
(٤) لم أجده بهذا اللفظ، وأخرج أحمد بسنده عن ابن عباس أن رسول الله - ﷺ - مر بوادي الأزرق، فقال: "أي واد هذا؟ "، قالوا: هذا وادي الأزرق، فقال: "كأني انظر إلى موسى عليه السلام وهو هابط من الثنية وله جؤار إلى الله عز وجل بالتلبية".. "المسند" ١/ ٢١٥، ٢١٦. وأخرج عن ابن عباس وفيه: "وأما موسى عليه السلام. فرجل آدم جعد على جمل أحمر مخطوم بخلبة، كأني أنظر إليه إذا انحدر من الوادي يلبي" "المسند" ١/ ٢٧٧، وانظر "البداية والنهاية" ١/ ٣١٦.
73
يُركَّب في الجبل لو أنزل القرآن عليه، لأنّ في القرآن أمراً ونهياً، ولا يؤمر ولا ينهى (١) من لا يعقل (٢).
وقيل: إن الخشية في اللفظ للحجر، وفي المعنى للناظر إلى الحجر، وذلك (٣) أنه تعالى يهبط الحجارة [دلالة للناظر على قدرة الله، فيحمله ذلك على الخشية، فنسب الخشية إلى الحجر] (٤) لما كان منه بسبب مجازاً (٥)، كما تقول العرب: لفلان ناقة تاجرة، أي: تامة سمينة تُنفِّق نفسها وتدعو إلى (٦) شرائها والتجارة فيها، كذلك قال: الحجارة خاشية من الله، أي: داعية إلى الخشية (٧)، ومعنى الآية: وإن منها ما يهبط فيدعو الناظرَ إليها إلى (٨) خشية الله.
وقال مجاهد: كلُّ حجر تفجّر منه الماءُ أوتشقّق عن ماء أو تردّى من
وقيل: إن الخشية في اللفظ للحجر، وفي المعنى للناظر إلى الحجر، وذلك (٣) أنه تعالى يهبط الحجارة [دلالة للناظر على قدرة الله، فيحمله ذلك على الخشية، فنسب الخشية إلى الحجر] (٤) لما كان منه بسبب مجازاً (٥)، كما تقول العرب: لفلان ناقة تاجرة، أي: تامة سمينة تُنفِّق نفسها وتدعو إلى (٦) شرائها والتجارة فيها، كذلك قال: الحجارة خاشية من الله، أي: داعية إلى الخشية (٧)، ومعنى الآية: وإن منها ما يهبط فيدعو الناظرَ إليها إلى (٨) خشية الله.
وقال مجاهد: كلُّ حجر تفجّر منه الماءُ أوتشقّق عن ماء أو تردّى من
(١) في (ج): (وينهى).
(٢) ذكر نحوه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٦٥، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٤، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٧ - ٣٥٨.
(٣) في (ب): (وقيل أنه تعالى).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (مجاز).
(٦) في (ب): (إلى الله سرابها).
(٧) ذكر الطبري في "تفسيره" نحوه ١/ ٣٦٥، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٤، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٧ - ٣٥٨، قال الزجاج: (وقال قوم إنها أثر الصنعة التي تدل على أنها مخلوقة، وهذا خطأ، لأن ليس منها شيء ليس أثر الصنعة بينًا في جميعها، وإنما الهابط منها مجعول فيه التميز..) "معاني القرآن" ١/ ١٣٠، وانظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٣٩٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٢١ - ٢٢٢.
(٨) (إلى): ساقط من (ب).
(٢) ذكر نحوه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٦٥، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٤، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٧ - ٣٥٨.
(٣) في (ب): (وقيل أنه تعالى).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (مجاز).
(٦) في (ب): (إلى الله سرابها).
(٧) ذكر الطبري في "تفسيره" نحوه ١/ ٣٦٥، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٤، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٧ - ٣٥٨، قال الزجاج: (وقال قوم إنها أثر الصنعة التي تدل على أنها مخلوقة، وهذا خطأ، لأن ليس منها شيء ليس أثر الصنعة بينًا في جميعها، وإنما الهابط منها مجعول فيه التميز..) "معاني القرآن" ١/ ١٣٠، وانظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٣٩٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٢١ - ٢٢٢.
(٨) (إلى): ساقط من (ب).
74
يجعل على لفظ الغيبة ليعطف بالغيبة على مثله، كما عطفت الخطاب على مثله، ويجوز فيما كان قبله لفظ (١) غيبة: الخطاب، ووجه ذلك: أن يجمع بين الغيبة والخطاب، فتغلب (٢) الخطاب على الغيبة، لأن الغيبة يغلب عليها الخطاب، فيصير (٣) كتغليب المذكر على المؤنث. ألا ترى أنهم قدموا الخطاب على الغيبة في باب الضمير، فقالوا (٤): أعطاكهو (٥) ولم يقولوا: أعطاهوك، فعلمت أن الخطاب [أقدم في الرتبة كما أن المذكر مع المؤنث كذلك، ويجوز في الخطاب] (٦) بعد الغيبة وجه آخر، وهو: أن يراد به: وقل لهم أيها النبي: وما الله بغافل عما تعملون. ومعناه (٧): وعيد لهم وتهديد (٨).
٧٥ - وقوله تعالى: ﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ﴾ يعني النبيَّ والمؤمنين (٩). ومعنى الطمع: تعليقُ النفس بما يُرجى ويُظَنّ (١٠). وَالألف فيه ألفُ
٧٥ - وقوله تعالى: ﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ﴾ يعني النبيَّ والمؤمنين (٩). ومعنى الطمع: تعليقُ النفس بما يُرجى ويُظَنّ (١٠). وَالألف فيه ألفُ
(١) في (ب): (فيما كان لفظه غيبة).
(٢) في (ب): (فيغلب).
(٣) في (ب): (فتصير).
(٤) في (ب): (فقال).
(٥) كذا في جميع النسخ، وفي "الحجة" (اعطاكه) ٢/ ١١٣، وهو الصواب.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٧) قوله: (ومعناه) ساقط من (ب).
(٨) انتهى من "الحجة" لأبي علي ٢/ ١١٣ - ١١٤، وانظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص١٠١، "الحجة" لابن خالويه ص ٨٢، "الكشف" ١/ ٤٤٨.
(٩) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٦، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ١٤٩، عن ابن عباس والربيع بن أنس والحسن، "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٤.
(١٠) ينظر "المصباح المنير" ص ٣٤٨.
(٢) في (ب): (فيغلب).
(٣) في (ب): (فتصير).
(٤) في (ب): (فقال).
(٥) كذا في جميع النسخ، وفي "الحجة" (اعطاكه) ٢/ ١١٣، وهو الصواب.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٧) قوله: (ومعناه) ساقط من (ب).
(٨) انتهى من "الحجة" لأبي علي ٢/ ١١٣ - ١١٤، وانظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص١٠١، "الحجة" لابن خالويه ص ٨٢، "الكشف" ١/ ٤٤٨.
(٩) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٦، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ١٤٩، عن ابن عباس والربيع بن أنس والحسن، "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٤.
(١٠) ينظر "المصباح المنير" ص ٣٤٨.
75
هذا كلام أهل المعاني في معنى خشية الحجارة (١)، والصحيح: أنها تخشى الله حقيقة كما قال مجاهد، ولكنا لا نقف على كيفية ذلك كسجود الجمادات لله تعالى، ذهب كثير من المفسرين إلى أنها تسجد لله تعالى على الحقيقة ولا نقف عليه نحن.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ اختلف القراء في مثل هذا، فقرأوا بالياء والتاء (٢).
والقول في جملة ذلك (٣) أن ما كان قبله خطاب جعل بالتاء ليكون الخطاب معطوفاً على خطاب مثله، كقوله: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ ثم قال: ﴿عَمَّا تَعْمَلُون﴾ فالتاء هاهنا حسن، لأن المتقدم خطاب.
ومن (٤) قرأ بالياء (٥) فمعناه: ما الله بغافل عما يعمل هؤلاء الذين أقتصصنا عليكم قصّتَهم (٦) أيها المخاطبون، وأما إذا كان قَلَبه غيبةً حَسُنَ أن
وقوله تعالى: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ اختلف القراء في مثل هذا، فقرأوا بالياء والتاء (٢).
والقول في جملة ذلك (٣) أن ما كان قبله خطاب جعل بالتاء ليكون الخطاب معطوفاً على خطاب مثله، كقوله: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ ثم قال: ﴿عَمَّا تَعْمَلُون﴾ فالتاء هاهنا حسن، لأن المتقدم خطاب.
ومن (٤) قرأ بالياء (٥) فمعناه: ما الله بغافل عما يعمل هؤلاء الذين أقتصصنا عليكم قصّتَهم (٦) أيها المخاطبون، وأما إذا كان قَلَبه غيبةً حَسُنَ أن
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٥، وقد قال بعد أن ذكر هذه الأقوال: (وهذه الأقوال وإن كانت غير بعيدات المعنى مما تحتمله الآية من التأويل، فإن تأويل أهل التأويل من علماء سلف الأمة بخلافها، فلذلك لم نستجز صرف تأويل الآية إلى معنى منها)، ٢/ ٢٤٣، وإلى نحو هذا مال القرطبي في "تفسيره" وقال: إنه لا يمتنع أن يعطي الله الجمادات المعرفة والعقل ولا ندرك نحن كيفيته، ١/ ٤٦٥، وانظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ١٢١، وبهذا أخذ الواحدي كما يأتي قوله.
(٢) قرأ ابن كثير بالياء، وبقية السبعة بالتاء في هذه الآية، انظر: "السبعة" ص ١٦٠، "التيسير" ص ٧٤، "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ١٠١.
(٣) نقله عن "الحجة" لأبي علي بتصرف ٢/ ١١٣.
(٤) في (ب): (فمن).
(٥) في (ج): (الياء) بسقوط الباء.
(٦) في (ب): (قصته).
(٢) قرأ ابن كثير بالياء، وبقية السبعة بالتاء في هذه الآية، انظر: "السبعة" ص ١٦٠، "التيسير" ص ٧٤، "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ١٠١.
(٣) نقله عن "الحجة" لأبي علي بتصرف ٢/ ١١٣.
(٤) في (ب): (فمن).
(٥) في (ج): (الياء) بسقوط الباء.
(٦) في (ب): (قصته).
76
يعني به الذين غيّروا أحكام التوراة وبدّلوا الحرام بالحلال، وغيروا آية الرجم، وصفة محمد - ﷺ - (١).
وعلى هذا القول معنى قوله: ﴿يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ أي: من موسى أو ممن سمعوه كما أنزل ثم غيّروه. ويجوز أن يكون معناه: يفهمون كلامَه. وقال ابن عباس (٢) ومقاتل (٣): نزلت هذه الآية في السبعين، الذين (٤) اختارهم موسى وذهبوا معه (٥) إلى الميقات، وسمعوا كلام الله عز وجل وهو يأمره وينهاه، فلما رجعوا إلى قومهم سألهم الذين لم يذهبوا معهم، فقالت طائفة منهم لم يرد الله أن يطهّر قلوبهم: سمعنا الله في آخر كلامه يقول: "إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا، وإن شئتم فلا تفعلوا ولا بأس" (٦).
وعلى هذا القول معنى قوله: ﴿يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ أي: من موسى أو ممن سمعوه كما أنزل ثم غيّروه. ويجوز أن يكون معناه: يفهمون كلامَه. وقال ابن عباس (٢) ومقاتل (٣): نزلت هذه الآية في السبعين، الذين (٤) اختارهم موسى وذهبوا معه (٥) إلى الميقات، وسمعوا كلام الله عز وجل وهو يأمره وينهاه، فلما رجعوا إلى قومهم سألهم الذين لم يذهبوا معهم، فقالت طائفة منهم لم يرد الله أن يطهّر قلوبهم: سمعنا الله في آخر كلامه يقول: "إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا، وإن شئتم فلا تفعلوا ولا بأس" (٦).
= "الثعلبي" في "تفسيره" ١/ ٩٩٤ وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٩٠ "ابن كثير" ص ١٢٢ - ١٢٣.
(١) وهذا قول جمهور المفسرين، ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٤، "الوسيط" للواحدي ١/ ١٦٠ "أسباب النزول" للواحدي ص ٣١ وعزاه لأكثر المفسرين، "تفسير البغوي" ١/ ١١٣ و"تفسير ابن كثير" ص ١/ ١٢٢ - ١٢٣، ورجَّحه ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٠٣.
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٤٨ وذكره "الثعلبي" ١/ ٩٩٤، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٢٧، و"الوسيط" ١/ ١٦٠، و"البغوي" ١/ ١١٣.
(٣) "تفسير مقاتل" ١/ ١١٦، وذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٩٩٤، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٣١، "الوسيط" ١/ ١٦٠.
(٤) ليست في (أ).
(٥) قوله: (وذهبوا معه): ليست في (م).
(٦) وروي هذا القول عن ابن إسحاق والربيع بن أنس، رواه عنهما الطبري ٢/ ٢٤٦، وابن أبي حاتم ١/ ١٤٨وذكره ابن كثير ١/ ١٠٥، ورجحه الطبري محتجًّا بأن الله أخبر أن التحريف كان ممن سمع كلام الله، وهؤلاء الذين كانوا في عهد =
(١) وهذا قول جمهور المفسرين، ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٤، "الوسيط" للواحدي ١/ ١٦٠ "أسباب النزول" للواحدي ص ٣١ وعزاه لأكثر المفسرين، "تفسير البغوي" ١/ ١١٣ و"تفسير ابن كثير" ص ١/ ١٢٢ - ١٢٣، ورجَّحه ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٠٣.
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٤٨ وذكره "الثعلبي" ١/ ٩٩٤، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٢٧، و"الوسيط" ١/ ١٦٠، و"البغوي" ١/ ١١٣.
(٣) "تفسير مقاتل" ١/ ١١٦، وذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٩٩٤، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٣١، "الوسيط" ١/ ١٦٠.
(٤) ليست في (أ).
(٥) قوله: (وذهبوا معه): ليست في (م).
(٦) وروي هذا القول عن ابن إسحاق والربيع بن أنس، رواه عنهما الطبري ٢/ ٢٤٦، وابن أبي حاتم ١/ ١٤٨وذكره ابن كثير ١/ ١٠٥، ورجحه الطبري محتجًّا بأن الله أخبر أن التحريف كان ممن سمع كلام الله، وهؤلاء الذين كانوا في عهد =
77
استخبار، يجري في كثير من المواضع مجرى الإنكار والنهي، إذا لم يكن معها نفيٌ، كأنه آيَسَهم من الطمع في إيمان هذه الفرقة، فإذا كان في أوّل الكلام نفيٌ، فإنكار النفي تثبيت (١)، نحو قوله: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ [تبارك: ٨] وسيأتي بعد هذا لِمَ جعل الاستفهام للإنكار (٢).
وقوله تعالى: ﴿أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ﴾ يعني به: جماعة اليهود (٣)؛ لأنّه قال: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾ [البقرة: ١٤٥]. يعني به: جماعتَهم؛ لأن الخاصةَ تتبعُ العامة.
﴿وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ﴾ أي: جماعة. وأصله من الفَرْق، ومعناه: طائفة فرقت من الجملة كالفئةِ، قالوا: أصلها من فأوتُ (٤) رأسَه: أي: شَقَقْتُه (٥).
واختلفوا في هذا الفريق، فقال مجاهد (٦) وقتادة (٧) والسُدّي (٨):
وقوله تعالى: ﴿أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ﴾ يعني به: جماعة اليهود (٣)؛ لأنّه قال: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾ [البقرة: ١٤٥]. يعني به: جماعتَهم؛ لأن الخاصةَ تتبعُ العامة.
﴿وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ﴾ أي: جماعة. وأصله من الفَرْق، ومعناه: طائفة فرقت من الجملة كالفئةِ، قالوا: أصلها من فأوتُ (٤) رأسَه: أي: شَقَقْتُه (٥).
واختلفوا في هذا الفريق، فقال مجاهد (٦) وقتادة (٧) والسُدّي (٨):
(١) فصَّل هذه المسألة ابن هشام الأنصاري في كتابه "مغني اللبيب عن كتاب الأعاريب" ١/ ١٧.
(٢) في (م): (الإنكاري) وفي (أ): (الإنكار).
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٤.
(٤) هذا مما يذكر في الواوي واليائي، أي فأوت وفأيت، وقوله: الفئة على وزن فعة، قال الأزهري في "تهذيب اللغة": وكانت في الأصل فئوة بوزن فعلة فنقص. انظر "لسان العرب" ٦/ ٣٣٣.
(٥) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٦.
(٦) رواه مجاهد في "تفسيره" ص ٨٠ ومن طريقه (الطبري) ٢/ ٢٤٥، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٤٩، وذكره "الثعلبي" في "تفسيره" ١/ ٩٩٤ وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٠٣ - ١٠٤، "ابن كثير" في "تفسيره" ص ١٢٢ - ١٢٣.
(٧) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٤٩ وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٩٩٤، ابن كثير في "تفسيره" ص ١٢٢ - ١٢٣.
(٨) رواه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٦٧، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٤٩ وذكره =
(٢) في (م): (الإنكاري) وفي (أ): (الإنكار).
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٤.
(٤) هذا مما يذكر في الواوي واليائي، أي فأوت وفأيت، وقوله: الفئة على وزن فعة، قال الأزهري في "تهذيب اللغة": وكانت في الأصل فئوة بوزن فعلة فنقص. انظر "لسان العرب" ٦/ ٣٣٣.
(٥) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٦.
(٦) رواه مجاهد في "تفسيره" ص ٨٠ ومن طريقه (الطبري) ٢/ ٢٤٥، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٤٩، وذكره "الثعلبي" في "تفسيره" ١/ ٩٩٤ وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٠٣ - ١٠٤، "ابن كثير" في "تفسيره" ص ١٢٢ - ١٢٣.
(٧) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٤٩ وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٩٩٤، ابن كثير في "تفسيره" ص ١٢٢ - ١٢٣.
(٨) رواه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٦٧، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٤٩ وذكره =
78
اليأس وبين قطع الطمع. وليس قولُ من قال: المراد بالفريق هاهنا الذين سمعوا كلامَ الله في وقت المناجاة أولى من القول الأول بأن هؤلاء سمعوا كلام الله على الحقيقة (١)، من جهة أن الكلام يضاف إلى المتكلم على وجهين، وكلاهما حقيقة: أحدهما: يضاف إليه على أنه المظهر له.
والآخر: يضاف إليه على معنى الحكاية لما كان مظهرًا له.
يوضح ذلك أنك تقول: هذا كلام سيبويه (٢) بعينه إن لم يحكه الحاكي على المعنى دون تأدية اللفظ (٣)؛ ولهذا نقول: القرآن كلام الله على الحقيقة، وإن كنا لا نسمعُ الله يقولُ ذلك عند تلاوته.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ﴾ التحريفُ: تفعيلٌ من الحَرْف، والحَرْفُ في أصل اللغة: حدّ الشيء وحِدَتُهُ، ومِنْه يقال: طعامٌ حِرِّيْفٌ، يراد حِدَّتُهُ، فالتحريف أن يَجْعَلَ للشيء حَرْفًا كتحريف القلم. هذا أصل معناه في اللغة، ثم استعمل في معنى الإمالة والتغيير، وهذا المعنى راجع إلى أصله في اللغة؛ لأن بالإمالة يصير الشيءُ ذا حَرْفٍ، ألا ترى أن القلم إنما يصير مُحَرَّفًا إذا أُمِيلَ قَطْعُهُ في أحد الجانبين، فصار التحريف اسمًا لتغيير الشيء عن وجهه (٤).
والآخر: يضاف إليه على معنى الحكاية لما كان مظهرًا له.
يوضح ذلك أنك تقول: هذا كلام سيبويه (٢) بعينه إن لم يحكه الحاكي على المعنى دون تأدية اللفظ (٣)؛ ولهذا نقول: القرآن كلام الله على الحقيقة، وإن كنا لا نسمعُ الله يقولُ ذلك عند تلاوته.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ﴾ التحريفُ: تفعيلٌ من الحَرْف، والحَرْفُ في أصل اللغة: حدّ الشيء وحِدَتُهُ، ومِنْه يقال: طعامٌ حِرِّيْفٌ، يراد حِدَّتُهُ، فالتحريف أن يَجْعَلَ للشيء حَرْفًا كتحريف القلم. هذا أصل معناه في اللغة، ثم استعمل في معنى الإمالة والتغيير، وهذا المعنى راجع إلى أصله في اللغة؛ لأن بالإمالة يصير الشيءُ ذا حَرْفٍ، ألا ترى أن القلم إنما يصير مُحَرَّفًا إذا أُمِيلَ قَطْعُهُ في أحد الجانبين، فصار التحريف اسمًا لتغيير الشيء عن وجهه (٤).
(١) يريد: سمعوا كلام الله من رسوله أو من كتابه المنزل.
(٢) هو: أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، وقد تقدمت ترجمته في المقدمة.
(٣) يريد: إن حكاه الحاكي بلفظه. ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٣، "اللسان" ٢/ ٩٥٤، "مقاييس اللغة" ٢/ ٤٢.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٨، "تهذيب اللغة" ١/ ٧٨٦، "المفردات" للراغب ص ١٢١ وقال: وتحريف الشيء إمالته كتحريف القلم، وتحريف الكلام أن تجعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين.
(٢) هو: أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، وقد تقدمت ترجمته في المقدمة.
(٣) يريد: إن حكاه الحاكي بلفظه. ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٣، "اللسان" ٢/ ٩٥٤، "مقاييس اللغة" ٢/ ٤٢.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٨، "تهذيب اللغة" ١/ ٧٨٦، "المفردات" للراغب ص ١٢١ وقال: وتحريف الشيء إمالته كتحريف القلم، وتحريف الكلام أن تجعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين.
79
فغيّروا ما سمعوا، ولم يؤدّوه على الوجه الذي سمعوه، فقيل في هؤلاء الذين شاهدهم النبي - ﷺ -: إنهم إن كفروا وحرفوا فلهم سابقة في كفرهم، وهذا مما يقطع الطمع في إيمانهم (١)؛ لأن الطمعَ قد ينقطعُ بغلبةِ الظن كما ينقطع مع العلم، فإذا ظهرت الأمارات التي توجب غلبة الظن انقطع الطمع. بيان ذلك: أنا لا نطمع في إيمانِ ملكِ الرومِ مع غلبةِ الظن أنه لا يؤمن، كما لا نطمع في إيمان أبي جهل (٢)، مع العلم بأنه لا يؤمن وقد هلك، واليأس إنما يكون مع اليقين أنه لا يقع، وهذا هو الفرق بين
= النبي - ﷺ - من نسلهم أحرى بالجحود والتحريف؛ لأن أسلافهم سمعوا من الله وحرفوا متعمدين التحريف، وهؤلاء سمعوا منكم أنتم، ولذا قطع الله أطماع المؤمنين في إيمانهم. ثم رد ابن جرير على أصحاب القول الأول قولهم، بأنه لوكان المراد: سمعوا التوراة، لم يكن لذكر قوله: (يسمعون كلام الله) معنى مفهوم، لأن ذلك قد سمعه المحرف وغيره، فخصوص المحرف بالسماع لا معنى له. وقد بين ابن كثير ص ١/ ١٢٢ - ١٢٣ أن القول الأول أعلم، وأنه ليس يلزم من سماع كلام الله أن يكون سمعه منه كما سمعه الكليم قال تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦] أي: يسمعه مبلغًا إليه. وممن ضعف القول الثاني ابن عطية ١/ ٣٥٩ فقال: وفي هذا القول ضعف، ومن قال: إن السبعين سمعوا ما سمع موسى فقد أخطأ وأذهب فضيلة موسى عليه السلام واختصاصه بالتكليم، ونقله القرطبي ٢/ ١، وقال ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٠٣: وقد أنكر بعض أهل العلم، منهم الترمذي صاحب "النوادر"، هذا القول إنكارًا شديدًا. وقال: إنما خص بالكلام موسى وحده، وإلا فأي ميزة، وجعل هذا من الأحايث التي رواها الكلبي، وكان كذابًا. وينظر: "العجائب" ١/ ٢٦٢.
(١) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٧ - ٣٦٨.
(٢) هوة عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي، أحد سادات قريش في الجاهلية، وأشد الناس عداوة للنبي - ﷺ - في صدر الإسلام، حتى كانت وقعة بدر الكبرى فشهدها مع المشركين فكان من قتلاهم. ينظر: "السيرة النبوية" ٢/ ٣٥٨.
(١) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٧ - ٣٦٨.
(٢) هوة عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي، أحد سادات قريش في الجاهلية، وأشد الناس عداوة للنبي - ﷺ - في صدر الإسلام، حتى كانت وقعة بدر الكبرى فشهدها مع المشركين فكان من قتلاهم. ينظر: "السيرة النبوية" ٢/ ٣٥٨.
80
ابتدأت فتحه، كما يبتدأ الدخول إلى الشيء بفتح بابه، ومنه: الفتّاح للحاكم؛ لأنه يفتح القضيّة المستغلقة (١). وأما (يستفتحون) بمعنى: يستنصرون، فهم يسألون الفتح.
ومعنى قوله: ﴿بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ قال ابن عَبَّاسٍ (٢) وأبو العالية (٣) والحسن (٤) وقتادة (٥) أي: من العلم بصفةِ محمد - ﷺ - المبشَّر به ونعتِهِ.
وقوله تعالى: ﴿لِيُحَاجُّوكُمْ﴾ معنى المحاجة: المجادلة والمخاصمة. وأصل الكلمة: من القصد، ومنه: حَجَّ البيتَ، والحجة: النكتة (٦) التي هي القصد في تصحيح الأمر، والمحجة: الطريقُ القاصدُ بك إلى الغرض الذي تؤمّه (٧).
ومعنى قوله: ﴿لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ﴾ أي: ليجادلوكم، يعني: أصحاب محمد، ويقولون: قد أقررتم أنه نبي حقٌّ في كتابكم ثم لا تتّبعونه، فهذه حجة لهم عليكم (٨).
وقوله تعالى: ﴿عِندَ رَبِّكُم﴾ قال أبو بكر (٩): معناه: في حكم ربكم، كما تقول: هذا حلال عند الشافعي، أي: في حكمه، وهذا يحل عند الله:
ومعنى قوله: ﴿بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ قال ابن عَبَّاسٍ (٢) وأبو العالية (٣) والحسن (٤) وقتادة (٥) أي: من العلم بصفةِ محمد - ﷺ - المبشَّر به ونعتِهِ.
وقوله تعالى: ﴿لِيُحَاجُّوكُمْ﴾ معنى المحاجة: المجادلة والمخاصمة. وأصل الكلمة: من القصد، ومنه: حَجَّ البيتَ، والحجة: النكتة (٦) التي هي القصد في تصحيح الأمر، والمحجة: الطريقُ القاصدُ بك إلى الغرض الذي تؤمّه (٧).
ومعنى قوله: ﴿لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ﴾ أي: ليجادلوكم، يعني: أصحاب محمد، ويقولون: قد أقررتم أنه نبي حقٌّ في كتابكم ثم لا تتّبعونه، فهذه حجة لهم عليكم (٨).
وقوله تعالى: ﴿عِندَ رَبِّكُم﴾ قال أبو بكر (٩): معناه: في حكم ربكم، كما تقول: هذا حلال عند الشافعي، أي: في حكمه، وهذا يحل عند الله:
(١) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٥٤ "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٥، "القرطبي" ٢/ ٣.
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٧٠.
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٧٠، و"ابن أبي حاتم" ١/ ٧٨١.
(٤) بنحوه أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٧٨٥، ٧٨٧.
(٥) أخرجه الطبري ١/ ٣٧٠ بأسانيد عن قتادة.
(٦) في (م): (النكة). والنكتة هي النقطة.
(٧) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٧٤٤ - ٧٤٦ مادة حج، "مقاييس اللغة" ٢/ ٢٩ - ٣١.
(٨) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٦.
(٩) يعني: ابن الأنباري.
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٧٠.
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٧٠، و"ابن أبي حاتم" ١/ ٧٨١.
(٤) بنحوه أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٧٨٥، ٧٨٧.
(٥) أخرجه الطبري ١/ ٣٧٠ بأسانيد عن قتادة.
(٦) في (م): (النكة). والنكتة هي النقطة.
(٧) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٧٤٤ - ٧٤٦ مادة حج، "مقاييس اللغة" ٢/ ٢٩ - ٣١.
(٨) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٦.
(٩) يعني: ابن الأنباري.
81
وقوله تعالى: ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ أي: يعلمون أنّ الذي حرفوا ليس من قبل الله، إنما هو مفتعل من جهتهم. أعلمنا الله تعالى أنهم لم يحرفوا ما سمعوا على جهة النسيان والخطأ، بل جهة القصد والتعمد. وقيل: ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ أن الذي يفعلونه مُكسِبٌ للأوزار (١).
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ قال ابن عباس (٢) والحسن (٣) وقتادة (٤) (٥): يعني منافقي اليهود، كانوا إذا رأوا المؤمنين قالوا: آمنّا بمحمد أنه نبي صادق نجده في كتابنا، فإذا رجعوا إلى رؤسائهم لاموهم على ذلك (٦).
وقالوا: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾. ومعنى التحديث: الإخبار عن حوادث الزمان. وأصل الفتح: نقيض الإغلاق، ثم يدخل في هذا فتح البلاد، وفتح المِغْلاق، وفتح المُشكل من الحكم، وفتح الباب، وكلّ مَا بَدَأتَ به فقد استفتحته، وبه سميت فاتحة الكتاب، ومعنى استفتحته:
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ قال ابن عباس (٢) والحسن (٣) وقتادة (٤) (٥): يعني منافقي اليهود، كانوا إذا رأوا المؤمنين قالوا: آمنّا بمحمد أنه نبي صادق نجده في كتابنا، فإذا رجعوا إلى رؤسائهم لاموهم على ذلك (٦).
وقالوا: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾. ومعنى التحديث: الإخبار عن حوادث الزمان. وأصل الفتح: نقيض الإغلاق، ثم يدخل في هذا فتح البلاد، وفتح المِغْلاق، وفتح المُشكل من الحكم، وفتح الباب، وكلّ مَا بَدَأتَ به فقد استفتحته، وبه سميت فاتحة الكتاب، ومعنى استفتحته:
(١) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٨، "ابن أبي حاتم" ١/ ١٤٩، "زاد المسير" ١/ ١٠٤.
(٢) رواه الطبري في تفسيره ٢/ ٢٤٩، ٢٥٠.
(٣) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٥١.
(٤) رواه الطبري في تفسيره بمعناه عنه ١/ ٣٦٩، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ١٤٩، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٩٠.
(٥) أخرج أثر ابن عباس: ابن جرير الطبري ١/ ٣٦٩. وأخرج ابن أبي حاتم أثر الحسن ١/ ٧٨٥، وذكره عن قتادة ١/ ٧٧٩، ٧٨٧، ونسبه السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ١٥٧ إلى عبد بن حميد.
(٦) روي هذا القول أيضًا عن السدي وأبي العالية، والربيع بن أنس، ومجاهد وعطاء وابن زيد، ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٩ - ٣٧٠، "ابن أبي حاتم" ١/ ١٤٩ - ١٥٠ "زاد المسير" ١/ ١٠٤، "الدر المنثور" ١/ ١٥٧.
(٢) رواه الطبري في تفسيره ٢/ ٢٤٩، ٢٥٠.
(٣) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٥١.
(٤) رواه الطبري في تفسيره بمعناه عنه ١/ ٣٦٩، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ١٤٩، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٩٠.
(٥) أخرج أثر ابن عباس: ابن جرير الطبري ١/ ٣٦٩. وأخرج ابن أبي حاتم أثر الحسن ١/ ٧٨٥، وذكره عن قتادة ١/ ٧٧٩، ٧٨٧، ونسبه السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ١٥٧ إلى عبد بن حميد.
(٦) روي هذا القول أيضًا عن السدي وأبي العالية، والربيع بن أنس، ومجاهد وعطاء وابن زيد، ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٩ - ٣٧٠، "ابن أبي حاتم" ١/ ١٤٩ - ١٥٠ "زاد المسير" ١/ ١٠٤، "الدر المنثور" ١/ ١٥٧.
82
فقلبت الواو ياءً لسكونها ثم أدغمت (١)، ويجوز في أداء (٢) جَمعها التخفيف على نقصان إحدى الياءين (٣)، وكذلك ما كان على هذا الوزن من الجمع الصحيح ففيه لغتان، نحو: قرقور وقراقر (٤) وإن شئت: قراقير، وحواجب وحواجيب، وجلابب وجلابيب.
فأمَّا الغواشي والجوابي (٥) والجواري والليالي فليس فيها إلَّا التخفيف؛ لأنّها منقوصات، وواحدَتُها خفيفة (٦).
والأمنيَّة: من التمنّي، كالأغنية من التغنّي. قال الكسائي: أصل التمني في اللغة: حديثُ الرجلِ نفسَه، والعرب تقول: تركتُه قاعدًا يتمنى، أي: يحدث نفسَه.
وأنشد لكعب بن مالك (٧) يرثي أباه:
فأمَّا الغواشي والجوابي (٥) والجواري والليالي فليس فيها إلَّا التخفيف؛ لأنّها منقوصات، وواحدَتُها خفيفة (٦).
والأمنيَّة: من التمنّي، كالأغنية من التغنّي. قال الكسائي: أصل التمني في اللغة: حديثُ الرجلِ نفسَه، والعرب تقول: تركتُه قاعدًا يتمنى، أي: يحدث نفسَه.
وأنشد لكعب بن مالك (٧) يرثي أباه:
(١) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٢٥٤
(٢) ساقطة من (أ) و (ش).
(٣) قال أبو حاتم: كل جمع من هذا النحو، واحده مشدّد فلك فيه التخفيف والتشديد، مثل: بَخَاتي، وأثافي، وأغاني، وأماني ونحوها ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٧٦ - ٣٧٧، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥٤، "المحتسب" لابن جني ١/ ٩٤ "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٩.
(٤) القرقور: السفينة العظيمة الطويلة.
(٥) في (م): (الجواني).
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٩، "معاني القرآن" للأخفش الأوسط ١/ ١١٧ - ١١٨، "تفسير الطبري" ٢/ ٣٧٦ - ٣٧٧، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٥٩، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥، "المحتسب" لابن جني ١/ ٩٤.
(٧) هو: كعب بن مالك بن أبي كعب الأنصاري الخزرجي، شاعر رسول الله - ﷺ - وصاحبه، وأحد الثلاثة الذين خلفوا فتاب الله عليهم، اختلف في تاريخ وفاته بين ٤٠ و٥٠ هـ وغيرها. ينظر: "أسد الغابة" ٤/ ٤٨٧ - ٤٨٩، "الإصابة": ٣/ ٣٠٢.
(٢) ساقطة من (أ) و (ش).
(٣) قال أبو حاتم: كل جمع من هذا النحو، واحده مشدّد فلك فيه التخفيف والتشديد، مثل: بَخَاتي، وأثافي، وأغاني، وأماني ونحوها ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٧٦ - ٣٧٧، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥٤، "المحتسب" لابن جني ١/ ٩٤ "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٩.
(٤) القرقور: السفينة العظيمة الطويلة.
(٥) في (م): (الجواني).
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٩، "معاني القرآن" للأخفش الأوسط ١/ ١١٧ - ١١٨، "تفسير الطبري" ٢/ ٣٧٦ - ٣٧٧، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٥٩، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥، "المحتسب" لابن جني ١/ ٩٤.
(٧) هو: كعب بن مالك بن أبي كعب الأنصاري الخزرجي، شاعر رسول الله - ﷺ - وصاحبه، وأحد الثلاثة الذين خلفوا فتاب الله عليهم، اختلف في تاريخ وفاته بين ٤٠ و٥٠ هـ وغيرها. ينظر: "أسد الغابة" ٤/ ٤٨٧ - ٤٨٩، "الإصابة": ٣/ ٣٠٢.
83
أي: في حكمه، فعلى هذا معناه: لتكون لهم الحجة عليكم عند الله في الدنيا والآخرة. ويحتمل: أنه أراد عند ربكم في الآخرة؛ لأنهم يقولون لكم: يا معشر اليهود آمنا بمحمد ولم نقرأ صفته، وكفرتم به بَعْد أن وقفتم على صِدقه في التوراة. ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ أفليس لكم ذهن الإنسانية (١). وهذا من كلام رؤسائهم لهم في لومهم إياهم، فقال الله تعالى: ﴿أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ أي: من التكذيب ﴿وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ من التصديق.
٧٨ - قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ﴾ قال أبو إسحاق: معنى الأمي في اللغة: المنسوب إلى ما عليه جبلّة (٢) الأمة: أي: لا يكتب، فهو في أنه لا يكتب على ما ولد عليه (٣).
وقال غيره: قيل للذي لا يكتب: أمِّي؛ لأن الكتابة مكتسبة، فكأنه نُسِبَ إلى ما ولد عليه، أي: هو على ما ولدته أمّه.
وقال ابن الأنباري: إنما سمّي الذي لا يكتب، ولا يقرأ: أمّيّاً؛ لأنه نسب إلى أمّه، إذ كان النساءُ لا يكتبن في ذلك الدّهر (٤).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا أَمَانِىَّ﴾ جَمْعُ أُمْنِيّة، وأُمْنِيَّة في الأَصْلِ. أُمْنُوية
٧٨ - قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ﴾ قال أبو إسحاق: معنى الأمي في اللغة: المنسوب إلى ما عليه جبلّة (٢) الأمة: أي: لا يكتب، فهو في أنه لا يكتب على ما ولد عليه (٣).
وقال غيره: قيل للذي لا يكتب: أمِّي؛ لأن الكتابة مكتسبة، فكأنه نُسِبَ إلى ما ولد عليه، أي: هو على ما ولدته أمّه.
وقال ابن الأنباري: إنما سمّي الذي لا يكتب، ولا يقرأ: أمّيّاً؛ لأنه نسب إلى أمّه، إذ كان النساءُ لا يكتبن في ذلك الدّهر (٤).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا أَمَانِىَّ﴾ جَمْعُ أُمْنِيّة، وأُمْنِيَّة في الأَصْلِ. أُمْنُوية
(١) "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٧.
(٢) في (ش): (حيلة).
(٣) "معاني القرآن" ١/ ١٥٩. وفي "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٤ مادة (أم) النص هكذا: معنى الأمي في اللغة المنسوب إلى ما عليه جبلته أمه.
(٤) ينظر. "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٤ - ٢٠٥، و"المحيط في اللغة" للصاحب بن عباد ١٠/ ٤٥٩، "تفسير القرطبي" ٢/ ٤، و"اللسان" ١/ ١٢٣.
(٢) في (ش): (حيلة).
(٣) "معاني القرآن" ١/ ١٥٩. وفي "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٤ مادة (أم) النص هكذا: معنى الأمي في اللغة المنسوب إلى ما عليه جبلته أمه.
(٤) ينظر. "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٤ - ٢٠٥، و"المحيط في اللغة" للصاحب بن عباد ١٠/ ٤٥٩، "تفسير القرطبي" ٢/ ٤، و"اللسان" ١/ ١٢٣.
84
حُروفه من غير زيادة.
وقال ابن السكيت: يقال: هو مُنّي (١) بمَنَى مِيل، أي: بقدر ميل (٢).
وقال الفراء: يقال: مَنىَ الله لك ما يَسُرّك، أي: قَدّر لك. وأنشد:
أي: ما يقدر لك القادر (٦).
فأمَّا التفسير، فقال ابن عباس: ﴿إِلَّا أَمَانِيَّ﴾: إلا أحاديث (٧)، قال: لا يعلمون إلّا ما حُدّثوا.
وقال الفرَّاء: الأماني: الأحاديث المفتعلة، يقول الله: لا يعلمون الكتاب ولكن هو أحاديث مفتعلة ليست من كتاب الله يسمعونها من كبرائهم (٨)، وهذا قول الكلبي (٩). واختاره الزجّاج في أحد قوليه، وقال:
وقال ابن السكيت: يقال: هو مُنّي (١) بمَنَى مِيل، أي: بقدر ميل (٢).
وقال الفراء: يقال: مَنىَ الله لك ما يَسُرّك، أي: قَدّر لك. وأنشد:
| ولا تقولَنْ لشيء سوف أفعله | حتى تَبَيّنَ (٣) ما يَمْني (٤) لَكَ الماني (٥) |
فأمَّا التفسير، فقال ابن عباس: ﴿إِلَّا أَمَانِيَّ﴾: إلا أحاديث (٧)، قال: لا يعلمون إلّا ما حُدّثوا.
وقال الفرَّاء: الأماني: الأحاديث المفتعلة، يقول الله: لا يعلمون الكتاب ولكن هو أحاديث مفتعلة ليست من كتاب الله يسمعونها من كبرائهم (٨)، وهذا قول الكلبي (٩). واختاره الزجّاج في أحد قوليه، وقال:
(١) في (ش): (تمني).
(٢) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥٤ ولم أجده في كتابيه:"تهذيب الألفاظ"، و"إصلاح المنطق".
(٣) في (م): (يبين). وفي (ش): (بين) وفي "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥٤: تُلاقيَ.
(٤) في (ش): (تمنى).
(٥) البيت لأبي قلابة الهذلي، في "شرح أشعار الهذليين" ص ٧١٣، ولسويد بن عامر "المصطلقي في لسان العرب" ٧/ ٤٢٨٢، وذكره في "تهذيب اللغة" عن الفراء ولم ينسبه ٤/ ٣٤٥٤.
(٦) لم أجده في مظنته من "معاني القرآن" للفراء، ونقله عنه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥٤.
(٧) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٦١، و"ابن أبي حاتم" ١/ ١٥٢.
(٨) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٩ - ٥٠.
(٩) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٩٩٩، وينظر: "البغوي" ١/ ٨٨، "الخازن" ١/ ٧٧.
(٢) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥٤ ولم أجده في كتابيه:"تهذيب الألفاظ"، و"إصلاح المنطق".
(٣) في (م): (يبين). وفي (ش): (بين) وفي "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥٤: تُلاقيَ.
(٤) في (ش): (تمنى).
(٥) البيت لأبي قلابة الهذلي، في "شرح أشعار الهذليين" ص ٧١٣، ولسويد بن عامر "المصطلقي في لسان العرب" ٧/ ٤٢٨٢، وذكره في "تهذيب اللغة" عن الفراء ولم ينسبه ٤/ ٣٤٥٤.
(٦) لم أجده في مظنته من "معاني القرآن" للفراء، ونقله عنه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥٤.
(٧) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٦١، و"ابن أبي حاتم" ١/ ١٥٢.
(٨) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٩ - ٥٠.
(٩) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٩٩٩، وينظر: "البغوي" ١/ ٨٨، "الخازن" ١/ ٧٧.
85
| تمنّى كتابَ الله أولَ ليلِهِ | وآخرها (١) لاقى حِمَام المقادر (٢) |
وقال غيره: أصل هذه الكلمة عند أهل اللّغة من التقدير. والتمني: هو تقدير شيء تودُه، والمنيّة مقدرةٌ على العباد، والمَنَى الذي يوزن به: مقدار معروف، والمَنِيُّ: الذي يقدَّرُ منه الولد، والتمني: التلاوة؛ لأنها حكاية على مقدار المحكيِ، والمنا (٦): الحذاء؛ لأن أحد الشيئين بإزاء الآخر على مقداره (٧)، ومُنيت (٨) بكذا أي: قُدَر علَيّ.
والأمنية في هذه الآية: التلاوة؛ لأنها حكاية للكلام على مقدار
(١) كذا في الأصل: وآخرها، وفي "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٠٠، "اللسان" ٧/ ٤٢٨٤، "تفسير القرطبي" ٢/ ٦: وآخره.
(٢) البيت في "ديوانه" ص ٢٩٤ قاله في رثاء عثمان بن عفان، وينظر "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٩، "القرطبي" ٢/ ٥، وقيل: هو لحسان بن ثابت كما في "تفسير أبي حيان" ٦/ ٣٨٦، وليس في "ديوانه"، وبلا نسبة في "لسان العرب" ٧/ ٤٢٨٤، و"مقاييس اللغة" ٥/ ٢٧٧، وكتاب "العين" ٨/ ٣٩٠. ينظر "المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية"، للدكتور/ أميل بديع يعقوب ٣/ ٣٧٠. وحمام المقادر: الموت.
(٣) في: (م) لعلها (يسمي).
(٤) في (م) و (ش): (ما).
(٥) في (ش): تحدث نفسه.
(٦) في (م): (المنا الذي).
(٧) ينظر: "القاموس" ١٣٣٦: (مادة: المنا).
(٨) في (م): (أمنيت).
(٢) البيت في "ديوانه" ص ٢٩٤ قاله في رثاء عثمان بن عفان، وينظر "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٩، "القرطبي" ٢/ ٥، وقيل: هو لحسان بن ثابت كما في "تفسير أبي حيان" ٦/ ٣٨٦، وليس في "ديوانه"، وبلا نسبة في "لسان العرب" ٧/ ٤٢٨٤، و"مقاييس اللغة" ٥/ ٢٧٧، وكتاب "العين" ٨/ ٣٩٠. ينظر "المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية"، للدكتور/ أميل بديع يعقوب ٣/ ٣٧٠. وحمام المقادر: الموت.
(٣) في: (م) لعلها (يسمي).
(٤) في (م) و (ش): (ما).
(٥) في (ش): تحدث نفسه.
(٦) في (م): (المنا الذي).
(٧) ينظر: "القاموس" ١٣٣٦: (مادة: المنا).
(٨) في (م): (أمنيت).
86
رأس جبل فهو من خشية الله [نزل به القرآن (١).
وقال بعض المتأولين: من قال: المراد بالحجارة في قوله: ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾] (٢) أنه يركَّب فيها التمييز والعقل، فقد أخطأ (٣)، إذ كان لا يُستنكر ذلك ممن جُعِل فيه التمييز، ولكن هذا على جهة (٤) المثل، كأنه يهبط من خشية الله لما فيه من الانقياد لأمر الله الذي لو كان من حيّ قادر لدلَّ على أنه خاشٍ لله كقوله: ﴿جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ [الكهف: ٧٧]، أي: كأنه مريد. وكقول جرير:
أي: كأنها خاشعة للتذلل الذي ظهر (٦) فيها كما يظهر تذلل الخاشع،
وقال بعض المتأولين: من قال: المراد بالحجارة في قوله: ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾] (٢) أنه يركَّب فيها التمييز والعقل، فقد أخطأ (٣)، إذ كان لا يُستنكر ذلك ممن جُعِل فيه التمييز، ولكن هذا على جهة (٤) المثل، كأنه يهبط من خشية الله لما فيه من الانقياد لأمر الله الذي لو كان من حيّ قادر لدلَّ على أنه خاشٍ لله كقوله: ﴿جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ [الكهف: ٧٧]، أي: كأنه مريد. وكقول جرير:
| لمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ | سُورُ المدينةِ والجِبَالُ الخُشَّعُ (٥) |
(١) ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٦٤، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٤٣٣، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٤، انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٦ - ٣٥٧، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٢١ - ١٢٢.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) نسب الرازي هذا القول للمعتزلة ٣/ ١٣١.
(٤) في (ب): (على وجه).
(٥) من قصيدة قالها جرير في هجاء الفرزدق، يقول: لما وافى خبر قتل الزبير إلى المدينة تواضعت هي وجبالها وخشعت حزنا له، لأن قاتل الزبير من رهط الفرزدق. ورد البيت في مواضع كثيرة منها،"الكتاب" ١/ ٥٢، "مجاز القرآن" ١/ ١٩٧، "الكامل" ٢/ ١٤١، "المقتضب" ٢/ ١٩٧،"المذكر والمؤنث" لابن الأنباري ص ٥٩٥، "جمهرة أمثال العرب" ٢/ ٣٣٣٩، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٩٦، "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٧، والطبري في "تفسيره" ١/ ٢٦١، ٣٦٥، "الخزانة" ٤/ ٢١٨، "الخصائص" ٢/ ٤١٨، "المخصص" ١٧/ ٧٧، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٩٥، "البحر المحيط" ١/ ٢٦٦، "رصف المباني" ص ٢٤٤، "ديوان جرير" ص ٢٧٠.
(٦) في (ب): (للتذل ظهر الذي فيها).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) نسب الرازي هذا القول للمعتزلة ٣/ ١٣١.
(٤) في (ب): (على وجه).
(٥) من قصيدة قالها جرير في هجاء الفرزدق، يقول: لما وافى خبر قتل الزبير إلى المدينة تواضعت هي وجبالها وخشعت حزنا له، لأن قاتل الزبير من رهط الفرزدق. ورد البيت في مواضع كثيرة منها،"الكتاب" ١/ ٥٢، "مجاز القرآن" ١/ ١٩٧، "الكامل" ٢/ ١٤١، "المقتضب" ٢/ ١٩٧،"المذكر والمؤنث" لابن الأنباري ص ٥٩٥، "جمهرة أمثال العرب" ٢/ ٣٣٣٩، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٩٦، "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٧، والطبري في "تفسيره" ١/ ٢٦١، ٣٦٥، "الخزانة" ٤/ ٢١٨، "الخصائص" ٢/ ٤١٨، "المخصص" ١٧/ ٧٧، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٩٥، "البحر المحيط" ١/ ٢٦٦، "رصف المباني" ص ٢٤٤، "ديوان جرير" ص ٢٧٠.
(٦) في (ب): (للتذل ظهر الذي فيها).
87
إلّا أكاذيب، والعربُ تقول: أنت إنما تتمنى (١) هذا القول، أي: تختلقه (٢). وقال أحمد بن يحيى: التمني: الكذب، يقول الرجل: والله ما تمنيت هذا الكلام ولا اختلقته (٣).
قال ابن الأنباري (٤): والمُنى تشبه الكذب لأنه لا حقيقة لها، والعرب تذمّها كما تذم الكذب، قال الشاعر:
وقال أبو عبيدة (٦) وابن الأنباري (٧) وابن قتيبة (٨) والزجَّاج (٩) في أحد قوليهِ: الأماني: التلاوة، واحتجوا ببيتِ كعبٍ، فأرادَ أنّهم يقرؤون عن ظهر القلب ولا يقرؤون في الكتب (١٠).
وقيل: يقرءون في الكتاب ولا يعلمونه بقلوبهم، فهم لا يعلمون
قال ابن الأنباري (٤): والمُنى تشبه الكذب لأنه لا حقيقة لها، والعرب تذمّها كما تذم الكذب، قال الشاعر:
| فَلا يَغُرَّنْكَ مَا مَنَّتْ ومَا وَعَدَتْ | إنَّ الأمَانِيَّ وَالأحْلامَ تَضْلِيلُ (٥) |
وقيل: يقرءون في الكتاب ولا يعلمونه بقلوبهم، فهم لا يعلمون
(١) في (ش): (تتمنى). في (أ) و (م): (تمتني)، وما في (ش) موافق لما في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٥٩.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٥٩.
(٣) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١٥/ ٥٣٤.
(٤) في (م): (الأنبار).
(٥) البيت لكعب بن زهير، ينظر: "ديوانه" ص ٩، "لسان العرب" ٧/ ٤٢٨٤، "المعجم المفصل" ٦/ ٣٤٧.
(٦) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٩، وليس هو في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة.
(٧) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥٦
(٨) ينظر: "تفسير غريب القرآن" ص ٤٦.
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٥٩.
(١٠) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٩، "تفسير البغوي" ١/ ٨٨ "زاد المسير" ١/ ١٠٥.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٥٩.
(٣) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١٥/ ٥٣٤.
(٤) في (م): (الأنبار).
(٥) البيت لكعب بن زهير، ينظر: "ديوانه" ص ٩، "لسان العرب" ٧/ ٤٢٨٤، "المعجم المفصل" ٦/ ٣٤٧.
(٦) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٩، وليس هو في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة.
(٧) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥٦
(٨) ينظر: "تفسير غريب القرآن" ص ٤٦.
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٥٩.
(١٠) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٩، "تفسير البغوي" ١/ ٨٨ "زاد المسير" ١/ ١٠٥.
88
الكتاب إلا تلاوة ولا يعملون به (١)، فليسوا كمن يتلونه حقّ تلاوته، فيُحِلّون حلالَه، ويحرمون حرامه، ولا يحرفونه عن مواضعه (٢).
قال ابن الأزهري: والتلاوة سميت أمنية؛ لأن تالي القرآن إذا مر بآية رحمة تمنّاها، وإذا مرّ بآية عذاب تمنّى أن يُوَقّاه (٣).
وقال الحسن (٤) وأبو العالية (٥) وقتادة (٦): أي: إلّا أن يتمنوا على الله الباطل والكذب، ويتمنون على الله ما ليس لهم، مثل قولهم: ﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً﴾ [البقرة: ٨٠]، وقولهم: ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا﴾ [البقرة: ١١١]، وقولهم: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ﴾ [المائدة: ١٨]. قال ابن الأنباري: والاستثناء على هذا التأويل منقطع عن الأوّل، يريد. لا يعلمون الكتاب البتة، لكنهم يتمنون على الله مالا ينالون (٧).
قال ابن الأزهري: والتلاوة سميت أمنية؛ لأن تالي القرآن إذا مر بآية رحمة تمنّاها، وإذا مرّ بآية عذاب تمنّى أن يُوَقّاه (٣).
وقال الحسن (٤) وأبو العالية (٥) وقتادة (٦): أي: إلّا أن يتمنوا على الله الباطل والكذب، ويتمنون على الله ما ليس لهم، مثل قولهم: ﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً﴾ [البقرة: ٨٠]، وقولهم: ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا﴾ [البقرة: ١١١]، وقولهم: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ﴾ [المائدة: ١٨]. قال ابن الأنباري: والاستثناء على هذا التأويل منقطع عن الأوّل، يريد. لا يعلمون الكتاب البتة، لكنهم يتمنون على الله مالا ينالون (٧).
(١) في الأصل (يعلمون)، وهو تحريف.
(٢) ينظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٥٦.
(٣) "تهذيب اللغة" ١٥/ ٥٣٤.
(٤) ذكره "الثعلبي" في "تفسيره" عنه ٢/ ١٠٠١، وينظر: "الوسيط" للمصنف ١/ ١٦٢، و"البغوي" ١/ ٨٨.
(٥) أخرجه الطبري في تفسيره بمعناه ٢/ ٣٧٤ - ٣٧٥، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٥٢، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٠٠١.
(٦) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/، وفي "تفسير الطبري" بمعناه ١/ ٣٧٥، وذكره "أبن أبي حاتم" ١/ ١٥٢ عنه وعن الربيع بن أنس بلا إسناد، وينظر: "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٠.
(٧) وقد رجح الشنقيطي هذا القول في أضواء البيان ١/ ١٤١ وبين أن مما يدل لهذا القول: قوله تعالى ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ﴾ [البقرة: ١١١] وقوله ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ [النساء: ١٢٣] وبين أن القول الأول لا يتناسب مع قوله: ومنهم أميون لأن الأمي لا يقرأ. =
(٢) ينظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٥٦.
(٣) "تهذيب اللغة" ١٥/ ٥٣٤.
(٤) ذكره "الثعلبي" في "تفسيره" عنه ٢/ ١٠٠١، وينظر: "الوسيط" للمصنف ١/ ١٦٢، و"البغوي" ١/ ٨٨.
(٥) أخرجه الطبري في تفسيره بمعناه ٢/ ٣٧٤ - ٣٧٥، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٥٢، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٠٠١.
(٦) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/، وفي "تفسير الطبري" بمعناه ١/ ٣٧٥، وذكره "أبن أبي حاتم" ١/ ١٥٢ عنه وعن الربيع بن أنس بلا إسناد، وينظر: "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٠.
(٧) وقد رجح الشنقيطي هذا القول في أضواء البيان ١/ ١٤١ وبين أن مما يدل لهذا القول: قوله تعالى ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ﴾ [البقرة: ١١١] وقوله ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ [النساء: ١٢٣] وبين أن القول الأول لا يتناسب مع قوله: ومنهم أميون لأن الأمي لا يقرأ. =
89
وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ أي: لا يعلمون، (١) أراد: ما هُمْ إلا ظانّينَ ظنًّا وتوهمًا لا حقِيقَةً ويقينًا (٢) (٣). وجعل الفعل المستقبل في مَوضع الحَالِ؛ لأنه يصلح للزمانين.
قال ابن عبّاس في قوله: (وإن هُم إلّا يظنون): أي: لا يعلمون الكِتَابَ، ولا يدرون ما فيه، وهم يجحدون نبوتك بالظَنّ (٤).
قالَ أصحاب المعاني: ذمّ الله بهذه الآية قومًا من اليهود، لا يحسنون شيئًا وليسُوا على بصيرة إلّا ما يحدّثونَ به، أو إلّا ما يقرءون عن غَيْرِ عِلم به (٥). ففيه حثٌّ علَى تعلّم العلم؛ حتّى لا يحتاج الإنسان إلى تقليد غيره، وأن يقرأ شيئًا لا يكون له به معرفة.
قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ﴾ الآية. قال ابن عباس: الوَيْل شِدّة العَذَاب (٦).
قال ابن عبّاس في قوله: (وإن هُم إلّا يظنون): أي: لا يعلمون الكِتَابَ، ولا يدرون ما فيه، وهم يجحدون نبوتك بالظَنّ (٤).
قالَ أصحاب المعاني: ذمّ الله بهذه الآية قومًا من اليهود، لا يحسنون شيئًا وليسُوا على بصيرة إلّا ما يحدّثونَ به، أو إلّا ما يقرءون عن غَيْرِ عِلم به (٥). ففيه حثٌّ علَى تعلّم العلم؛ حتّى لا يحتاج الإنسان إلى تقليد غيره، وأن يقرأ شيئًا لا يكون له به معرفة.
قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ﴾ الآية. قال ابن عباس: الوَيْل شِدّة العَذَاب (٦).
= ويؤيد ذلك ما ورد بأسانيد صحيحة عن ابن عباس وقتادة ومجاهد وأبي العالية. ينظر: "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٠.
(١) زيادة من (ش).
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٧٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٠١، "تفسير البغوي" ١/ ١١٥.
(٣) نقل القرطبىِ في "تفسيره" ٢/ ٦ عن أبي بكر الأنباري عن أحمد بن يحيى النحوي: أن العرب تجعل الظن علمًا وشكًّا وكذبًا، وقال: إذا قامت براهين العلم فكانت أكثر من براهين الشك فالظن يقين، وإذا اعتدلت براهين اليقين وبراهين الشك فالظن شك، وإذا زادت براهين الشك على براهين اليقين فالظن كذب.
(٤) رواه الطبري في تفسيره ١/ ٢٧٧.
(٥) ينظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية ١/ ٣٦٥، "تفسير القرطبي" ٢/ ٦.
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٠٠٣، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١١٥، وأخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٧٨ بلفظ: فالعذاب عليهم.
(١) زيادة من (ش).
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٧٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٠١، "تفسير البغوي" ١/ ١١٥.
(٣) نقل القرطبىِ في "تفسيره" ٢/ ٦ عن أبي بكر الأنباري عن أحمد بن يحيى النحوي: أن العرب تجعل الظن علمًا وشكًّا وكذبًا، وقال: إذا قامت براهين العلم فكانت أكثر من براهين الشك فالظن يقين، وإذا اعتدلت براهين اليقين وبراهين الشك فالظن شك، وإذا زادت براهين الشك على براهين اليقين فالظن كذب.
(٤) رواه الطبري في تفسيره ١/ ٢٧٧.
(٥) ينظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية ١/ ٣٦٥، "تفسير القرطبي" ٢/ ٦.
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٠٠٣، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١١٥، وأخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٧٨ بلفظ: فالعذاب عليهم.
90
وقال الزجّاج: الويل كلمة يستعملها كل واقع في هَلَكة، وأصله في اللغة: العذاب (١).
وقال ابن قتيبة: قال الأصمعي: الويل تقبيح (٢)، قال الله تعالى: ﴿وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء: ١٨].
وروى الأزهري عن المنذري عن أبي طالب النحوي أنه قال: قولهم: ويل (٣)، كان أصلها (وي) وُصِلت بـ (له)، ومعنى (وي): حزن، ومنه قولهم: ويه (٤) معناه: حزن، أُخْرج مُخْرجَ الندبة (٥) (٦).
وحكى ابن الأنباري عن الفراء: أن أصل هذه الكلمة: وي لفلان، وهو حكاية صوتِ المصاب وَي وَي، فكثر الاستعمال للحرفين، يعني: وي لفلان فوُصِلتْ اللام بوي وَجُعِلَتْ معها حرفًا واحدًا، ثم خُبِّر عَن ويل بلام أُخرى.
وقرأت على أبي الحُسين الفسوي، فقلت: أخبركم حمد بن محمد الفقيه، قال: أخبرني أبو عمر (٧)، قال: حضرنا مجلس أبي العباس أحمد
وقال ابن قتيبة: قال الأصمعي: الويل تقبيح (٢)، قال الله تعالى: ﴿وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء: ١٨].
وروى الأزهري عن المنذري عن أبي طالب النحوي أنه قال: قولهم: ويل (٣)، كان أصلها (وي) وُصِلت بـ (له)، ومعنى (وي): حزن، ومنه قولهم: ويه (٤) معناه: حزن، أُخْرج مُخْرجَ الندبة (٥) (٦).
وحكى ابن الأنباري عن الفراء: أن أصل هذه الكلمة: وي لفلان، وهو حكاية صوتِ المصاب وَي وَي، فكثر الاستعمال للحرفين، يعني: وي لفلان فوُصِلتْ اللام بوي وَجُعِلَتْ معها حرفًا واحدًا، ثم خُبِّر عَن ويل بلام أُخرى.
وقرأت على أبي الحُسين الفسوي، فقلت: أخبركم حمد بن محمد الفقيه، قال: أخبرني أبو عمر (٧)، قال: حضرنا مجلس أبي العباس أحمد
(١) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٠.
(٢) ينظر: "اللسان" ١١/ ٧٣٩.
(٣) في "تهذيب اللغة": (ويله).
(٤) في الأصل ويه، والمثبت من "اللسان".
(٥) الندبة: وهي نداء متفجع عليه حقيقة أوحكما أو متوجع منه. ينظر: "طرح التثريب" ١/ ١٥٤، "المصباح المنير" ص ٥٩٧.
(٦) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٦٩.
(٧) هو: محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، أبو عمر اللغوي الزاهد، المعروف بغلام ثعلب، لازم ثعلبًا في العربية فأكثر عنه إلى الغاية، له مصنفات كثيرة منها: "فائت الفصيح"، و"الياقوتة"، وغيرها، توفي سنة ٣٤٥ هـ. ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٥/ ٥٠٨ - ٥١٣، و"تاريخ بغداد" ٢/ ٣٥٦ - ٣٥٩.
(٢) ينظر: "اللسان" ١١/ ٧٣٩.
(٣) في "تهذيب اللغة": (ويله).
(٤) في الأصل ويه، والمثبت من "اللسان".
(٥) الندبة: وهي نداء متفجع عليه حقيقة أوحكما أو متوجع منه. ينظر: "طرح التثريب" ١/ ١٥٤، "المصباح المنير" ص ٥٩٧.
(٦) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٦٩.
(٧) هو: محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، أبو عمر اللغوي الزاهد، المعروف بغلام ثعلب، لازم ثعلبًا في العربية فأكثر عنه إلى الغاية، له مصنفات كثيرة منها: "فائت الفصيح"، و"الياقوتة"، وغيرها، توفي سنة ٣٤٥ هـ. ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٥/ ٥٠٨ - ٥١٣، و"تاريخ بغداد" ٢/ ٣٥٦ - ٣٥٩.
91
أبن يحيى، فأقبل علينا، فقال: كيف الفعل من الويل؟ فبلّح القوم ولم يكن عند واحدٍ منهم جواب، وفي المجلس ابن (١) كيسان وغيره فأنشدنا:
قال أبو عمرو: يقال في هذا أيضًا: وال يَوِيلُ، على وزن مال يميل. انتهت الحكايةُ.
وسمعتُ من يوثق بعلمه يقول: أخطأ أبو عمرو، لم يأت من هذا الباب ما أَوَّلُه واوٌ ولا ياءٌ في الأجوف. وروي عن أبي سعيد الخدري (٤) مرفوعًا قال: "ويْلٌ: وادٍ في جهنم، يهوي فيه الكافر أربعين خريفًا قبل أن يبلغ قعره" (٥).
| تَوَيّل إذ ملأتُ يدي وكانَتْ | يميني لا تعلّلُ (٢) بالقليل (٣) |
وسمعتُ من يوثق بعلمه يقول: أخطأ أبو عمرو، لم يأت من هذا الباب ما أَوَّلُه واوٌ ولا ياءٌ في الأجوف. وروي عن أبي سعيد الخدري (٤) مرفوعًا قال: "ويْلٌ: وادٍ في جهنم، يهوي فيه الكافر أربعين خريفًا قبل أن يبلغ قعره" (٥).
(١) ساقطة من (ش).
(٢) في (ش): (لا تغلل).
(٣) البيت بلا نسبة في: "الممتع في التصريف" ٢/ ٥٦٨، وفي "لسان العرب" ٨/ ٤٩٣٩، "المعجم المفصل" ٦/ ٥٨٧.
(٤) هو: الصحابي الجليل، سعد بن مالك بن سنان الأنصاري الخزرجي، اشتهر بكنيته أبو سعيد الخدري، من فقهاء الصحابة ومكثريهم في رواية الحديث، شهد ما بعد أحد، وتوفي سنة ٧٤ هـ. ينظر: "أسد الغابة" ٢/ ٣٦٥، و"الأعلام" ٣/ ٨٧.
(٥) أخرجه أحمد ٣/ ٧٥، وعبد بن حميد ٩٢٤، والترمذي في التفسير، سورة الأنبياء برقم (٣١٦٤)، ، الطبري في تفسيره ١/ ٣٧٨، والحاكم ٢/ ٥٠٧ أبو يعلى في "مسنده" ٢/ ٥٢٣ والبيهقي في "البعث والنشور" برقم ٥٣٧ من طريق دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري، ودراج ضعيف، وصححه الحاكم، وأحمد شاكر وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث ابن لهيعة وتعقبه ابن كثير في "تفسيره" ١/ ١٢٥ فقال: لم يتفرد به ابن لهيعة كما ترى ولكن الآفة ممن بعده، وهذا الحديث بهذا الإسناد مرفوعا منكر، والله أعلم.
(٢) في (ش): (لا تغلل).
(٣) البيت بلا نسبة في: "الممتع في التصريف" ٢/ ٥٦٨، وفي "لسان العرب" ٨/ ٤٩٣٩، "المعجم المفصل" ٦/ ٥٨٧.
(٤) هو: الصحابي الجليل، سعد بن مالك بن سنان الأنصاري الخزرجي، اشتهر بكنيته أبو سعيد الخدري، من فقهاء الصحابة ومكثريهم في رواية الحديث، شهد ما بعد أحد، وتوفي سنة ٧٤ هـ. ينظر: "أسد الغابة" ٢/ ٣٦٥، و"الأعلام" ٣/ ٨٧.
(٥) أخرجه أحمد ٣/ ٧٥، وعبد بن حميد ٩٢٤، والترمذي في التفسير، سورة الأنبياء برقم (٣١٦٤)، ، الطبري في تفسيره ١/ ٣٧٨، والحاكم ٢/ ٥٠٧ أبو يعلى في "مسنده" ٢/ ٥٢٣ والبيهقي في "البعث والنشور" برقم ٥٣٧ من طريق دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري، ودراج ضعيف، وصححه الحاكم، وأحمد شاكر وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث ابن لهيعة وتعقبه ابن كثير في "تفسيره" ١/ ١٢٥ فقال: لم يتفرد به ابن لهيعة كما ترى ولكن الآفة ممن بعده، وهذا الحديث بهذا الإسناد مرفوعا منكر، والله أعلم.
92
قال النحويون: وذكر اليد في قوله: ﴿يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ﴾ تحقيق للإضافة وإن كانت الكتابة لا تقع إلا باليد، وقد أُكدّت الإضافة بذكر اليد (١) فيما لا يُرادُ باليد فيه الجارحة (٢)، كقوله تعالى: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥] وقوله: ﴿مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا﴾ [يس: ٧١]. ومعناه: مما تولينا عمله، ولما (٣) توليت خلقه.
والأصل في هذا: أنه قد يضاف الفعل إلى الفاعل وغير الفاعل له، كقوله: ﴿يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ﴾ [القصص: ٤]، والمراد بذلك: أنه يأمر بالذبح فَيُمتثل أمره. فلما كان الفعلُ قد يُضاف إلى غير الفاعل أُكّدَت الإِضافة بذكر اليد؛ للتحقق وينتفي الاحتمال، ثم استعمل هذا التأكيد (٤) أيضا في فعل الله تعالى وإن لم يجز في وصفه يد الجارحة؛ لأن المراد بذكر اليد تحقيق الإضافة على ما بيّنا.
وقال ابن السراج: معنى يكتبون بأيديهم، أي: من تلقائهم ومن قبل أنفسهم من غير أن يكون أُنزل عَلَيهم أو على من قبلهم (٥)، وهذا كما يقال للذي يُبدعُ (٦) قولًا لَم يُقَلْ قبله: هذا أنت تقوله (٧)، يراد بذلك: أنت ابتدعت هذا المذهب وهذا الحكم.
والأصل في هذا: أنه قد يضاف الفعل إلى الفاعل وغير الفاعل له، كقوله: ﴿يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ﴾ [القصص: ٤]، والمراد بذلك: أنه يأمر بالذبح فَيُمتثل أمره. فلما كان الفعلُ قد يُضاف إلى غير الفاعل أُكّدَت الإِضافة بذكر اليد؛ للتحقق وينتفي الاحتمال، ثم استعمل هذا التأكيد (٤) أيضا في فعل الله تعالى وإن لم يجز في وصفه يد الجارحة؛ لأن المراد بذكر اليد تحقيق الإضافة على ما بيّنا.
وقال ابن السراج: معنى يكتبون بأيديهم، أي: من تلقائهم ومن قبل أنفسهم من غير أن يكون أُنزل عَلَيهم أو على من قبلهم (٥)، وهذا كما يقال للذي يُبدعُ (٦) قولًا لَم يُقَلْ قبله: هذا أنت تقوله (٧)، يراد بذلك: أنت ابتدعت هذا المذهب وهذا الحكم.
(١) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٠٤، "تفسير القرطبي" ٢/ ٨.
(٢) هذا تأويل من المؤلف رحمه الله، جرى فيه على مذهب الأشاعرة. والصواب ما عليه السلف من إثبات الصفات لله من غير تَأَويل ولا تكييف ولا تمثيل.
(٣) في (أ) و (م): (كما).
(٤) في (ش): (التاليد).
(٥) انظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٨.
(٦) في (ش): (يبيع).
(٧) في (ش): (بقوله).
(٢) هذا تأويل من المؤلف رحمه الله، جرى فيه على مذهب الأشاعرة. والصواب ما عليه السلف من إثبات الصفات لله من غير تَأَويل ولا تكييف ولا تمثيل.
(٣) في (أ) و (م): (كما).
(٤) في (ش): (التاليد).
(٥) انظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٨.
(٦) في (ش): (يبيع).
(٧) في (ش): (بقوله).
93
قال المفسرون: هذا في اليهود، عَمَدوا إلى صفة محمد - ﷺ - فكتبوا صفته على غير ما كانت في التوراة، وأخذوا عليه الأموال، وقبلوا الهدايا (١). وهو معنى قوله: ﴿وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾ يقال: كسبت الشيء كسبًا، وكَسَبْتُ الرجلَ مالًا فَكَسَبه وهذا أحد ما جاء على فَعَلْتُه فَفَعَل، ومعنى الكسب: فعل يُجتلَب به نفع، أو يُستدفَع به ضرر، واكتسب الخطيئة إنما ذلك لأنه يَجتلب به تعجّلَ المنفعة وينسَى ما عليه فيه من تأجّل المضرّة.
٨٠ - وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً﴾ يعني: اليهود لما أوعدهم رسول الله - ﷺ - بالنار عند تكذيبهم إياه، قالوا: لن تمسَّنا النار إلّا أيامًا معدودة (٢): أي: قليلة، والمعدودة إذا أطلقت كان معناها القليلة، كقوله: ﴿دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ [يوسف: ٢٠] قيل معناه: معدودة عندنا. قال ابن عبّاس: قالت اليهود: مدّة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما نعذَّب بكل ألف سنة يومًا واحدًا (٣).
وقال قتادة (٤) وعطاء (٥): يعنون الأيام التي عبد آباؤهم فيها العجل،
٨٠ - وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً﴾ يعني: اليهود لما أوعدهم رسول الله - ﷺ - بالنار عند تكذيبهم إياه، قالوا: لن تمسَّنا النار إلّا أيامًا معدودة (٢): أي: قليلة، والمعدودة إذا أطلقت كان معناها القليلة، كقوله: ﴿دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ [يوسف: ٢٠] قيل معناه: معدودة عندنا. قال ابن عبّاس: قالت اليهود: مدّة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما نعذَّب بكل ألف سنة يومًا واحدًا (٣).
وقال قتادة (٤) وعطاء (٥): يعنون الأيام التي عبد آباؤهم فيها العجل،
(١) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٧٨، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٢٤٤ - ٢٤٧، "تفسير السمرقندي" ١/ ١٣٢، "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠٠٣.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٨٠ - ٣٨١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٠٦.
(٣) أخرجه عنه الطبري ٢/ ٢٧٨، وابن أبي حاتم ١/ ١٥٥، وسنده حسن كما في "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٤ والطبراني في "الكبير" ١١/ ٩٦، وهو مروي عن مجاهد أيضًا كما عند الطبري ١/ ٣٨٢.
(٤) أخرجه عنه عبد الرزاق في "تفسيره" بسند صحيح ١/ ٥١ ومن طريقه رواه الطبري في تفسيره ١/ ٣٨١، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٥٥، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٠٧، ينظر: "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٤.
(٥) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٠٠٧، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١١٦.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٨٠ - ٣٨١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٠٦.
(٣) أخرجه عنه الطبري ٢/ ٢٧٨، وابن أبي حاتم ١/ ١٥٥، وسنده حسن كما في "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٤ والطبراني في "الكبير" ١١/ ٩٦، وهو مروي عن مجاهد أيضًا كما عند الطبري ١/ ٣٨٢.
(٤) أخرجه عنه عبد الرزاق في "تفسيره" بسند صحيح ١/ ٥١ ومن طريقه رواه الطبري في تفسيره ١/ ٣٨١، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٥٥، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٠٧، ينظر: "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٤.
(٥) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٠٠٧، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١١٦.
وهي مدّة غيبة موسى عنهم، فكذّبهم الله عز وجل، فقال: قُل يا محمد: ﴿أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا﴾ أي: أخذتم بما تقولون من الله ميثاقًا فالله لا ينقُض ميثاقه، أم تقولون على الله الباطل جهلًا منكم. وَ (أَمْ) هاهنا يحتمل أن تكون متصلة على المعادلة لألف الاستفهام بمعنى: عَلَى أي الحَالَتَين أنتم؟ على اتخاذ العهد أم على القول بما لا تَعلَمُون.
ويحتمل أن تكون منقطعة (١)، على تقدير تمام الكلام قبلها، كأنه تم الكلام عند قوله: ﴿فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ﴾ ثم استأنف بـ (أم) على معنى: لا تقولون على الله مالا تعلمون. وكذا تقديرها وإن كانت منقطعةً (٢).
٨١ - قوله تعالى: ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً﴾ قال الفراء: (بلى): تكون جوابًا للكلام الذي فيه الجحد، فإذا قال الرجل: ألست تقوم؟ فتقول: بلى. ونَعم جواب للكلام الذي لا جحد فيه، فإذا قال الرجل: هَل تقوم؟ قلت: نعم. قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى﴾ [تبارك: ٨، ٩]، وقال: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ [الأعراف: ١٧٢]، وقال: ﴿فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ﴾ [الأعراف: ٤٤]، وإنما صارت (بلى) تتصل بالجحد؛ لأنّها رجوع عن الجحد إلى التحقيق، فهي بمنزلة (بَل)، و (بل) سبيلها أن تأتي بعد الجحد، كقولهم: مَا قام أخوك بل أبوك، وما أكرمت أخاك بل أباك.
فإذا قال الرجل للرجل: ألا تقوم، فقال: بلى، أرادَ: بل أقوم، فزاد الياء على (بل) ليحسن السكوت عليها؛ لأنه لو قال: بل كان يتوقع كلامًا بعد بل، فزاد الياء (٣) على بل ليزول عن المخاطب هذا
ويحتمل أن تكون منقطعة (١)، على تقدير تمام الكلام قبلها، كأنه تم الكلام عند قوله: ﴿فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ﴾ ثم استأنف بـ (أم) على معنى: لا تقولون على الله مالا تعلمون. وكذا تقديرها وإن كانت منقطعةً (٢).
٨١ - قوله تعالى: ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً﴾ قال الفراء: (بلى): تكون جوابًا للكلام الذي فيه الجحد، فإذا قال الرجل: ألست تقوم؟ فتقول: بلى. ونَعم جواب للكلام الذي لا جحد فيه، فإذا قال الرجل: هَل تقوم؟ قلت: نعم. قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى﴾ [تبارك: ٨، ٩]، وقال: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ [الأعراف: ١٧٢]، وقال: ﴿فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ﴾ [الأعراف: ٤٤]، وإنما صارت (بلى) تتصل بالجحد؛ لأنّها رجوع عن الجحد إلى التحقيق، فهي بمنزلة (بَل)، و (بل) سبيلها أن تأتي بعد الجحد، كقولهم: مَا قام أخوك بل أبوك، وما أكرمت أخاك بل أباك.
فإذا قال الرجل للرجل: ألا تقوم، فقال: بلى، أرادَ: بل أقوم، فزاد الياء على (بل) ليحسن السكوت عليها؛ لأنه لو قال: بل كان يتوقع كلامًا بعد بل، فزاد الياء (٣) على بل ليزول عن المخاطب هذا
(١) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٧٨.
(٢) كذا في الأصل، ولعل الصواب: كذا تقديرها إن كانت منقطعة.
(٣) أراد الألف المقصورة، وهكذا عدها الفراء ألفًا.
(٢) كذا في الأصل، ولعل الصواب: كذا تقديرها إن كانت منقطعة.
(٣) أراد الألف المقصورة، وهكذا عدها الفراء ألفًا.
95
التَوهم (١) وإنّما لم يصلح ها هنا (نعم) لأن (نعم)؛ إقرار، وإذا قال في هذا الموضع نعم، فقد أقرّ بالجحد وبالفعل الذي بعده، ألا ترى أنك لو قيل لك: أَمالَكَ مالٌ؟ فقلت: نعم، كنتَ مُقِرًّا بالكلمة بطرح الاستفهام وحده، كأنك قلت: نعم مالي مالٌ، فأرادوا أن يرجعوا عن الجحد ويُقرّوا بما بعده، فاختاروا (٢) (بلى) لأن أَصلها رجوع عن الجحد كما بينا (٣). ومعنى الآية: أنه ردّ على اليهود قولَهم: ﴿لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ﴾ فقال: (بلى) أُعذِّبُ من كَسَبَ سَيّئةً. و (مَنْ) هاهنَا بمعنى (الذي) (٤)، ولهَا أربعة أَوجُه: تكون بمعنى (الذي)، وتكون (٥) استِفهَامًا، وجزاءً، ونكرةً موصوفة، مثل:
أي: على أحد غيرِنا.
| وَكَفَى بِنَا فَضلًا عَلَى مَنْ غَيْرِنا | حُبُّ النبيِّ محمّدٍ إيّانا (٦) |
(١) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٢، ونقله عنه الطبري في تفسيره ١/ ٣٨٤ - ٣٨٥، وأبن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٠٧. وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٠٨، و"البيان" لابن الأنباري ١/ ٩٩.
(٢) في (م): (فقالوا).
(٣) ينظر في معنى (بلى): "الكتاب" لسيبويه ٤/ ٢٣٤، و"البحر المحيط" ١/ ٢٧٩، و"مغني اللبيب" ١/ ١١٣ - ١١٤.
(٤) قال أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٢٧٩: (من) يحتمل أن تكون شرطية، ويحتمل أن تكون موصولة، والمسوغات لجواز دخول الفاء في الخبر إذا كان المبتدأ موصولًا موجودة هنا، ويحسنه المجيء في قسميه بالذين، وهو موصول.
(٥) في (ش): (تكون) في الموضعين.
(٦) البيت ذكره ابن هشام في "مغني اللبيب" ١/ ٣٢٨، وابن الشجري في "الأمالي" ٢/ ٣١١ منسوبا إلى حسان، ونسبه الزبيدي في "التاج" (مادة: من)، والبغدادي في "الخزانة" ٢/ ٥٤٥ إلى كعب بن مالك، انظر: "ديوان حسان" ١/ ٥١٥.
(٢) في (م): (فقالوا).
(٣) ينظر في معنى (بلى): "الكتاب" لسيبويه ٤/ ٢٣٤، و"البحر المحيط" ١/ ٢٧٩، و"مغني اللبيب" ١/ ١١٣ - ١١٤.
(٤) قال أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٢٧٩: (من) يحتمل أن تكون شرطية، ويحتمل أن تكون موصولة، والمسوغات لجواز دخول الفاء في الخبر إذا كان المبتدأ موصولًا موجودة هنا، ويحسنه المجيء في قسميه بالذين، وهو موصول.
(٥) في (ش): (تكون) في الموضعين.
(٦) البيت ذكره ابن هشام في "مغني اللبيب" ١/ ٣٢٨، وابن الشجري في "الأمالي" ٢/ ٣١١ منسوبا إلى حسان، ونسبه الزبيدي في "التاج" (مادة: من)، والبغدادي في "الخزانة" ٢/ ٥٤٥ إلى كعب بن مالك، انظر: "ديوان حسان" ١/ ٥١٥.
96
وقولُ آخرَ:
يا رُبَّ مَن يبغض أذوادنا.. (١) البيتَ.
ودخول "رُبَّ" يدل على أنه نكرة (٢).
والسيئة فيعِلة (٣) من السوء في قياس قول الخليل، وَفعيلَةٌ في قياس قول الفراء، وهذا مثل ما ذكرنا في الصيِّب (٤).
قال اللّيث: والسيئ والسيئة: عملان قبيحان يَصِير السيئ نَعتًا للذكر الأفعال، والسيئة: الأنثى (٥)، يقال: ساء الشيء يَسوء فهو سَيئٌ، إذا قبح، وساء ما فعل، أي: قبح (٦).
وإجماع أهل التفسير: أن السيئةَ هاهُنا الشرك (٧)، وأنّ الآية وردت
يا رُبَّ مَن يبغض أذوادنا.. (١) البيتَ.
ودخول "رُبَّ" يدل على أنه نكرة (٢).
والسيئة فيعِلة (٣) من السوء في قياس قول الخليل، وَفعيلَةٌ في قياس قول الفراء، وهذا مثل ما ذكرنا في الصيِّب (٤).
قال اللّيث: والسيئ والسيئة: عملان قبيحان يَصِير السيئ نَعتًا للذكر الأفعال، والسيئة: الأنثى (٥)، يقال: ساء الشيء يَسوء فهو سَيئٌ، إذا قبح، وساء ما فعل، أي: قبح (٦).
وإجماع أهل التفسير: أن السيئةَ هاهُنا الشرك (٧)، وأنّ الآية وردت
(١) وتمامه:
رُحْنَ على بغضائه واغْتَدين
قاله عمرو بن قميئة كما في "الكتاب" لسيبويه ١/ ٣١٥ وقيل: لعمرو بن لأي التيمي. ينظر: "الوحشيات" ص ٩، "معجم الشعراء" ٢١٤، "المقتضب" ١/ ٤١، "الإغفال" ص ٣١٨.
(٢) ينظر في (رُبَّ): "المقتضب" للمبرد ٤/ ١٣٩ - ١٥٠، و"مغني اللبيب" ١/ ١٣٤ - ١٣٨، وقال في "القاموس" ٨٧: ورُبَّ، ورُبَةَ، ورُبَّما، وربتما، بضمهن مشددات ومخففات، وبفتحهن كذلك حرف خافض لا يقع إلا على نكرة.
(٣) ينظر: "الكتاب" لسيبويه ٤/ ٣٦٥، "المقتضب" للمبرد ١/ ١٢٥، "اللسان" ٤/ ٢١٦١ (مادة: سوأ).
(٤) راجع "البسيط" [البقرة: ١٩].
(٥) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٨٣.
(٦) نقله عنه في: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٨٣، "اللسان" ٤/ ٢١٦١.
(٧) هذا الإجماع ذكره الواحدي أيضًا في "الوسيط" ١/ ١٦٤، والصحيح: أن هذا قول أكثر السلف، والقول الآخر: أن السيئة هي كبائر الذنوب التي توعد الله عليها =
رُحْنَ على بغضائه واغْتَدين
قاله عمرو بن قميئة كما في "الكتاب" لسيبويه ١/ ٣١٥ وقيل: لعمرو بن لأي التيمي. ينظر: "الوحشيات" ص ٩، "معجم الشعراء" ٢١٤، "المقتضب" ١/ ٤١، "الإغفال" ص ٣١٨.
(٢) ينظر في (رُبَّ): "المقتضب" للمبرد ٤/ ١٣٩ - ١٥٠، و"مغني اللبيب" ١/ ١٣٤ - ١٣٨، وقال في "القاموس" ٨٧: ورُبَّ، ورُبَةَ، ورُبَّما، وربتما، بضمهن مشددات ومخففات، وبفتحهن كذلك حرف خافض لا يقع إلا على نكرة.
(٣) ينظر: "الكتاب" لسيبويه ٤/ ٣٦٥، "المقتضب" للمبرد ١/ ١٢٥، "اللسان" ٤/ ٢١٦١ (مادة: سوأ).
(٤) راجع "البسيط" [البقرة: ١٩].
(٥) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٨٣.
(٦) نقله عنه في: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٨٣، "اللسان" ٤/ ٢١٦١.
(٧) هذا الإجماع ذكره الواحدي أيضًا في "الوسيط" ١/ ١٦٤، والصحيح: أن هذا قول أكثر السلف، والقول الآخر: أن السيئة هي كبائر الذنوب التي توعد الله عليها =
97
في اليهود (١)، وقد قيل: إنها عامة في جميع الكفار.
وقوله تعالى: ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُه﴾ لا يَخلو معناه من أحد أمرين: إمَّا أن يكون المعنى: أحاطت بحسنته خطيئته، أي: أحبطتها من حيثُ كان المحِيط أكبر مِنَ المحاط به، فيكون كقوله: ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ [العنكبوت: ٥٤]، وقوله: ﴿أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾ [الكهف: ٢٩]، ويكون المعنى في (أحاطت به خطيئته): أهلكته، من قوله: ﴿لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ﴾ [يوسف: ٦٦]، وقوله: ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ﴾ [يونس: ٢٢]، وقوله: ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾ [الكهف: ٤٢] وهذا كله في معنى البوار.
وقد يكون للإحاطة معنى ثالث، وهو العلم كقوله: ﴿وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا﴾ [الكهف: ٩١]. وقال: ﴿وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ﴾ [البروج: ٢٠].
وقوله تعالى: ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُه﴾ لا يَخلو معناه من أحد أمرين: إمَّا أن يكون المعنى: أحاطت بحسنته خطيئته، أي: أحبطتها من حيثُ كان المحِيط أكبر مِنَ المحاط به، فيكون كقوله: ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ [العنكبوت: ٥٤]، وقوله: ﴿أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾ [الكهف: ٢٩]، ويكون المعنى في (أحاطت به خطيئته): أهلكته، من قوله: ﴿لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ﴾ [يوسف: ٦٦]، وقوله: ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ﴾ [يونس: ٢٢]، وقوله: ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾ [الكهف: ٤٢] وهذا كله في معنى البوار.
وقد يكون للإحاطة معنى ثالث، وهو العلم كقوله: ﴿وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا﴾ [الكهف: ٩١]. وقال: ﴿وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ﴾ [البروج: ٢٠].
= بالنار، والخطيئة هي الكفر، وممن قال به الحسن والسدي، وقواه ابن عطية في "المحرر الوجيز" ١/ ٣٧٠ فقال: ولفظ الإحاطة يقوي هذا القول، وأصحاب القولين على أن الآية إنما هي في الكفار لا في العصاة؛ لأن الله توعد أهل هذه الآية بالخلود في النار، وهذا إنما يكون في حق الكفار فقط، قال الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٦٥: والمؤمنون لا يدخلون في حكم هذه الآية، لأن الله تعالى أوعد بالخلود في النار من أحاطت به خطيئته، وتقدمت منه سيئة هي الشرك، والمؤمن ومن عمل الكبائر فلم يوجد منه شرك. ولعل الذي دفع الواحدي لحكاية الإجماع الرد على من حمل الآية على عصاة المؤمنين كالمعتزلة والخوارج. ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٨٤ - ٣٨٥، و"مجموع فتاوي ابن تيمية" ١٤/ ٤٨ وما بعدها، و"البحر المحيط" ١/ ٢٧٩، و"تفسير ابن كثير" ١/ ١١٩، وكتاب "الإجماع في التفسير" ص ١٧٧.
(١) ذكر الإجماع على أنها في اليهود الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٦٢ قال: والإجماع أن هذا لليهود خاصة، لأنه عز وجل ذكرهم؛ والطبري في تفسيره لم يذكر سوى ذلك، وكأن المؤلف نقض الإجماع بقوله: وقد قيل.
(١) ذكر الإجماع على أنها في اليهود الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٦٢ قال: والإجماع أن هذا لليهود خاصة، لأنه عز وجل ذكرهم؛ والطبري في تفسيره لم يذكر سوى ذلك، وكأن المؤلف نقض الإجماع بقوله: وقد قيل.
98
أي: عالم، هذا كلام أبي علي (١).
وقال ابن السراج: أحاطت به خَطِيئته، أي: سُدّت عليه مَسَالك النجاة، وهذا لمن هو في معلوم الله أنه لا يؤمن. وأما الخطيئة فقال أبو زيد: خطِئْتُ من الخطيئةِ، أَخْطأ خَطْئًا، والاسم الخِطْءُ، وأخطأت إِخطاءً، والاسمُ الخَطَاء (٢).
وقال الأخفَش: الخطأ: الإثم وهو ما أصابه متعمدًا والخِطء غير المتعمد. ويقال من هذا: أخطأ يُخْطِئُ. قال الله تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [الأحزاب: ٥] واسم الفاعل من هذا: مخطئ، فأمّا خطيئة فاسم الفاعل منه: خاطئٌ، وهو المأخوذ به فاعله، وفي التنزيل: ﴿لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ﴾ [الحاقة: ٣٧] (٣).
اللّيث: الخطيئة: الذنب على عمد (٤).
قال أبو علي: والخطيئة تقع على الصغير والكبير، فمن وقوعها على الصغير قوله: ﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾ [الشعراء: ٨٢]. ووقوعها على الكبير قوله: ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ (٥). واختلف القراء في هذا الحرف فقرأ أهل المدينة (خطيئاته) بالجمع، والباقون على الوحدة (٦)؛
وقال ابن السراج: أحاطت به خَطِيئته، أي: سُدّت عليه مَسَالك النجاة، وهذا لمن هو في معلوم الله أنه لا يؤمن. وأما الخطيئة فقال أبو زيد: خطِئْتُ من الخطيئةِ، أَخْطأ خَطْئًا، والاسم الخِطْءُ، وأخطأت إِخطاءً، والاسمُ الخَطَاء (٢).
وقال الأخفَش: الخطأ: الإثم وهو ما أصابه متعمدًا والخِطء غير المتعمد. ويقال من هذا: أخطأ يُخْطِئُ. قال الله تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [الأحزاب: ٥] واسم الفاعل من هذا: مخطئ، فأمّا خطيئة فاسم الفاعل منه: خاطئٌ، وهو المأخوذ به فاعله، وفي التنزيل: ﴿لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ﴾ [الحاقة: ٣٧] (٣).
اللّيث: الخطيئة: الذنب على عمد (٤).
قال أبو علي: والخطيئة تقع على الصغير والكبير، فمن وقوعها على الصغير قوله: ﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾ [الشعراء: ٨٢]. ووقوعها على الكبير قوله: ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ (٥). واختلف القراء في هذا الحرف فقرأ أهل المدينة (خطيئاته) بالجمع، والباقون على الوحدة (٦)؛
(١) في "الحجة للقراء السبعة" ٢/ ١١٤ - ١١٥.
(٢) ينظر: "الحجة" ٢/ ١١٥، "تهذيب اللغة" ١/ ١٦٠، "اللسان" ٢/ ١٢٠٥.
(٣) "الحجة" ١/ ١١٥.
(٤) ذكره في "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٦٠، "اللسان" ٢/ ١٢٠٥ولم ينسبه لليث.
(٥) "الحجة" لأبي علي ١/ ١١٦.
(٦) قرأ نافع وأبو جعفر بالجمع، والباقون بالإفراد، ينظر: "السبعة" ص ١٦٢، "والنشر في القراءت العشر".
(٢) ينظر: "الحجة" ٢/ ١١٥، "تهذيب اللغة" ١/ ١٦٠، "اللسان" ٢/ ١٢٠٥.
(٣) "الحجة" ١/ ١١٥.
(٤) ذكره في "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٦٠، "اللسان" ٢/ ١٢٠٥ولم ينسبه لليث.
(٥) "الحجة" لأبي علي ١/ ١١٦.
(٦) قرأ نافع وأبو جعفر بالجمع، والباقون بالإفراد، ينظر: "السبعة" ص ١٦٢، "والنشر في القراءت العشر".
99
لأنها أضيفت إلى ضمير مفردٍ، فلما لم يكن الضمير جمعًا لم يجمع كما جمعت في قوله: ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾ [البقرة: ٥٨]. لأنه مضاف إلى جماعة لكل واحدٍ منهم خطيئة، وكذلك قوله: ﴿إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا﴾ [الشعراء: ٥١]. فهذه جمعت بجمع (١) ما أضيف إليه (٢). فأما قوله: ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ فمضاف إلى مفرد، وكما أفردت السيئة ولم تجمع فكذلك ينبغي أن تفرد الخطيئة. وأنت إذا أفردته لم يمتنع وقوعه على الكثرة وإن كان مضافًا، كقوله: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: ٢٤] والعَدُّ إنما يقع على الجموع والكثرة، وكذلك ما روي في الحديث: "منعت العراق درهمها وقفيزها (٣) ومصر إردَبَّها" (٤) (٥).
فهذه أسماء مفردة مُضافة والمراد بها الكثرة، ومن جمَع حمله على المعنى، والمعنى الجمع والكثرة، فكما جُمع ما كان مُضَافًا إلى جمع كذلك يجمع ما كان مضافًا إلى مفردٍ يرادُ به الجمع من حيث اجتمعا في أنهما كثرة، ويدلّك على أن المراد به الكثرة. فيجوز من أجل ذلك أن تجمع خَطِيئةٌ على المعنى؛ لأنَّ الضمير المضاف إليه جمع في المعنى (٦).
فهذه أسماء مفردة مُضافة والمراد بها الكثرة، ومن جمَع حمله على المعنى، والمعنى الجمع والكثرة، فكما جُمع ما كان مُضَافًا إلى جمع كذلك يجمع ما كان مضافًا إلى مفردٍ يرادُ به الجمع من حيث اجتمعا في أنهما كثرة، ويدلّك على أن المراد به الكثرة. فيجوز من أجل ذلك أن تجمع خَطِيئةٌ على المعنى؛ لأنَّ الضمير المضاف إليه جمع في المعنى (٦).
(١) في "الحجة": (كجمع).
(٢) "الحجة" ٢/ ١١٨ - ١١٩.
(٣) القفيز: مكيال معروف لأهل العراق، قال الأزهري: هو ثمانية مكاكيك، والمكوك: صاع ونصف، وهو خمس كليجات. ينظر: "النهاية" ٤/ ٩٠.
(٤) الإردب: مكيال معروف لأهل مصر، قال الأزهري وآخرون: يسع أربعة وعشرين صاعًا. ينظر: "النهاية" لابن الأثير ١/ ٣٧.
(٥) أخرجه مسلم في (٢٨٩٦) كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب: لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات.
(٦) ما تقدم بمعناه منقول من "الحجة" ٢/ ١١٩ - ١٢٠.
(٢) "الحجة" ٢/ ١١٨ - ١١٩.
(٣) القفيز: مكيال معروف لأهل العراق، قال الأزهري: هو ثمانية مكاكيك، والمكوك: صاع ونصف، وهو خمس كليجات. ينظر: "النهاية" ٤/ ٩٠.
(٤) الإردب: مكيال معروف لأهل مصر، قال الأزهري وآخرون: يسع أربعة وعشرين صاعًا. ينظر: "النهاية" لابن الأثير ١/ ٣٧.
(٥) أخرجه مسلم في (٢٨٩٦) كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب: لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات.
(٦) ما تقدم بمعناه منقول من "الحجة" ٢/ ١١٩ - ١٢٠.
100
قوله تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ واختلف المفسرون في معنى الخطيئة هاهنا، فقال ابن عباس (١) والضحاك (٢) وأبو وائل (٣) (٤)، وأبو العالية (٥)، والربيع (٦) (٧) وابن زيد (٨) (٩): هي الشرك يموت عليه الإنسان.
وقال غيرهم (١٠): هي الذنوب الكبيرة الموجبة لأهلها النار، وعلى
وقال غيرهم (١٠): هي الذنوب الكبيرة الموجبة لأهلها النار، وعلى
(١) رواه عنه الطبري ١/ ٣٨٦، ابن أبي حاتم ١/ ١٥٧.
(٢) رواه عنه الطبري في تفسيره ١/ ٣٨٦، وذكره "الثعلبي" ١/ ١٠٠٩.
(٣) ذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٥٨، وانظرت "زاد المسير" ١/ ١٠٦.
(٤) هو الإمام الكبير، شيخ الكوفة أبو وائل، شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي، مخضرم أدرك النبي - ﷺ - وما رآه، حدث عن الخلفاء وكثير من الصحابة، كان ثقة كثير الحديث، توفي سنة ٨٢ هـ. ينظر: "تاريخ بغداد" ٩/ ٢٦٨، "السير" ٤/ ١٦١ - ١٦٦.
(٥) ذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٥٨، والثعلبي ١/ ١٠٠٩.
(٦) هو: الربيع بن أنس البكري، من رواة الحديث، وممن اشتهر بالعلم والتفسير كان من التابعين، بصري نزل خراسان، صدوق له أوهام، توفي سنة ١٣٩ هـ وقيل: ١٤٠ هـ. ينظر: "تقريب التهذيب" ص ٢٠٥، (١٨٨٢) و"مشاهير علماء الأمصار" ص ١٢٦.
(٧) رواه عنه الطبري في تفسيره ١/ ٣٨٦ - ٣٨٧ وذكره ابن أبي حاتم ١/ ١٥٨، والثعلبي ١/ ١٠٠٩.
(٨) هو: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي مولاهم، المدني، محدث مفسر، كان في نفسه صالحًا، وفي الحديث ذاهبًا، توفي سنة ١٨٢ هـ. ينظر: "الجرح والتعديل" ٥/ ٢٣٣، "تقريب التهذيب" ص ٣٤٠.
(٩) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٠٠٩.
(١٠) ومنهم: مجاهد وقتادة والحسن والربيع بن أنس وأبو العالية، كما في "تفسير الطبري" ١/ ٣٨٦ - ٣٨٧، و"ابن أبي حاتم" ١/ ١٥٩، وقال ابن كثير ١/ ١٢٧ عقب هذه الأقوال والأقوال السابقة في الشرك: وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى، والله أعلم.
(٢) رواه عنه الطبري في تفسيره ١/ ٣٨٦، وذكره "الثعلبي" ١/ ١٠٠٩.
(٣) ذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٥٨، وانظرت "زاد المسير" ١/ ١٠٦.
(٤) هو الإمام الكبير، شيخ الكوفة أبو وائل، شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي، مخضرم أدرك النبي - ﷺ - وما رآه، حدث عن الخلفاء وكثير من الصحابة، كان ثقة كثير الحديث، توفي سنة ٨٢ هـ. ينظر: "تاريخ بغداد" ٩/ ٢٦٨، "السير" ٤/ ١٦١ - ١٦٦.
(٥) ذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٥٨، والثعلبي ١/ ١٠٠٩.
(٦) هو: الربيع بن أنس البكري، من رواة الحديث، وممن اشتهر بالعلم والتفسير كان من التابعين، بصري نزل خراسان، صدوق له أوهام، توفي سنة ١٣٩ هـ وقيل: ١٤٠ هـ. ينظر: "تقريب التهذيب" ص ٢٠٥، (١٨٨٢) و"مشاهير علماء الأمصار" ص ١٢٦.
(٧) رواه عنه الطبري في تفسيره ١/ ٣٨٦ - ٣٨٧ وذكره ابن أبي حاتم ١/ ١٥٨، والثعلبي ١/ ١٠٠٩.
(٨) هو: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي مولاهم، المدني، محدث مفسر، كان في نفسه صالحًا، وفي الحديث ذاهبًا، توفي سنة ١٨٢ هـ. ينظر: "الجرح والتعديل" ٥/ ٢٣٣، "تقريب التهذيب" ص ٣٤٠.
(٩) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٠٠٩.
(١٠) ومنهم: مجاهد وقتادة والحسن والربيع بن أنس وأبو العالية، كما في "تفسير الطبري" ١/ ٣٨٦ - ٣٨٧، و"ابن أبي حاتم" ١/ ١٥٩، وقال ابن كثير ١/ ١٢٧ عقب هذه الأقوال والأقوال السابقة في الشرك: وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى، والله أعلم.
101
هذا فالمؤمنون لا يدخلون في حكم هذه الآية؛ لأنه أوعد بالخلود في النار من أحاطت به خطيئته، وتقدمت مِنه سَيِّئةٌ هي الشرك، والمؤمن وإن عمل الكبائر فلم يوجد منه الشرك. وأيضًا فإن الخطيئة لا تحيط بالمؤمن؛ لأنه يعصي مستحييًا راجيًا عفو الله معتمدًا للتوبة فلا تحيط به الخطيئة، وإنما تحيط بالكافر. أو يجعل هذه الآية من العموم المخصوص بآي الوعد.
وقوله تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ خبر المبتدأ الذي هو (مَن) كقوله: ﴿وَمَا بِكُم مِن نِعمَةٍ فَمِنَ اَلله﴾ [النحل: ٥٣] (١).
فإن قيل: لم دخلت الفاء في خبر المبتدأ وأنت لا تقول: زيد فقائم. والجواب: إن الفاء تدخل في خبر المبتدأ إذا كان المبتدأ موصُولًا. نحو (مَنْ وما والذي) لتدلّ (٢) أنَّ الخبر يجب بوجوب معنى الصلة، كقولك: الذي في الدار فَلَهُ دِرْهَم. قال ابن السراج: دلت أنه وجب الدرهم لأجل الكون في الدار. ونذكر شرح هذه المسألة عند قوله: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٤]، إن شاء الله.
فإن قيل: لم جاءت الجملتان في قوله: ﴿فأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ بغير حرف عطف؟
والجواب: قال أبو بكر بن السراج: لأنهما خبران عن شيء واحد، وأيضا فإن الضمير يربط الكلام الثاني بالأول كما أن حرف العطف يربط به، ألا ترى أنّك تقول: مررت بزيد والناس يتراءون الهلالَ، فلا يجوز إسقاط الواو، فإن قلت: مررتُ بزَيْدٍ الناس عنده يتراءون الهلال، جاز إسقاط الواو وجاز إثباتها.
وقوله تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ خبر المبتدأ الذي هو (مَن) كقوله: ﴿وَمَا بِكُم مِن نِعمَةٍ فَمِنَ اَلله﴾ [النحل: ٥٣] (١).
فإن قيل: لم دخلت الفاء في خبر المبتدأ وأنت لا تقول: زيد فقائم. والجواب: إن الفاء تدخل في خبر المبتدأ إذا كان المبتدأ موصُولًا. نحو (مَنْ وما والذي) لتدلّ (٢) أنَّ الخبر يجب بوجوب معنى الصلة، كقولك: الذي في الدار فَلَهُ دِرْهَم. قال ابن السراج: دلت أنه وجب الدرهم لأجل الكون في الدار. ونذكر شرح هذه المسألة عند قوله: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٤]، إن شاء الله.
فإن قيل: لم جاءت الجملتان في قوله: ﴿فأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ بغير حرف عطف؟
والجواب: قال أبو بكر بن السراج: لأنهما خبران عن شيء واحد، وأيضا فإن الضمير يربط الكلام الثاني بالأول كما أن حرف العطف يربط به، ألا ترى أنّك تقول: مررت بزيد والناس يتراءون الهلالَ، فلا يجوز إسقاط الواو، فإن قلت: مررتُ بزَيْدٍ الناس عنده يتراءون الهلال، جاز إسقاط الواو وجاز إثباتها.
(١) ينظر: "الحجة" ٢/ ١٢٠.
(٢) في (ش) و (م): (ليدل).
(٢) في (ش) و (م): (ليدل).
102
٨٣ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾ اختلف النحويون (١) في محل قوله: لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ. فقال قطرب (٢) (٣): يجوز أن يكون (٤) حالًا كأنه أخذ ميثاقهم موحدين. وكذلك ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ﴾ [البقرة: ٨٤] أي: غير سافكين، فيكون حالًا من المخاطبين، ويكون موضعه نصبًا، كأنه قيل: أخذنا ميثاقكم غير عابدين إلا الله، أو موحدين.
وقال الكسائي: يجوز أن يكون ﴿لَا تَعْبُدُونَ﴾ و ﴿لَا تَسْفِكُونَ﴾ في تقدير: لا تعبدوا، وكأن التقدير: أخذت ميثاقكم بأن لا تسفكوا (٥) إلا أنه لما حَذَفَ (أن) ارتفع الفعل، كقوله: ﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ﴾ (٦) [الزمر: ٦٤].
وأنكر المبرد هذا القول، وقال: هو خطأ من وجهين: أحدهما: أن كل ما أضمر في العربية فهو يعمل عمله مُظْهَرًا، كقولهم: وبلدٍ قطعت، يراد: ورُبَّ بلد قطعت (٧) (٨)، وكقوله (٩) تعالى: ﴿نَاقَةَ الله﴾ [الشمس:
وقال الكسائي: يجوز أن يكون ﴿لَا تَعْبُدُونَ﴾ و ﴿لَا تَسْفِكُونَ﴾ في تقدير: لا تعبدوا، وكأن التقدير: أخذت ميثاقكم بأن لا تسفكوا (٥) إلا أنه لما حَذَفَ (أن) ارتفع الفعل، كقوله: ﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ﴾ (٦) [الزمر: ٦٤].
وأنكر المبرد هذا القول، وقال: هو خطأ من وجهين: أحدهما: أن كل ما أضمر في العربية فهو يعمل عمله مُظْهَرًا، كقولهم: وبلدٍ قطعت، يراد: ورُبَّ بلد قطعت (٧) (٨)، وكقوله (٩) تعالى: ﴿نَاقَةَ الله﴾ [الشمس:
(١) ذكر في "البحر المحيط" ١/ ٢٨٢ ثمانية أقوال في إعراب الآية.
(٢) محمد بن المستنير بن أحمد البصري، أبو علي المعروف بقطرب.
(٣) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٨٢.
(٤) في (ش): (تكون).
(٥) ساقطة من: (أ) و (م) من قوله: (غير عابدين).
(٦) نقله عن الكسائي الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠١٣، وينظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٣٣، "تفسير الطبري" ١/ ٣٨٨ - ٣٨٩، "البيان" لابن الأنباري ١/ ١٠١، "البحر المحيط" ١/ ٢٨٣.
(٧) مقولة المبرد نقلها القرطبي في "تفسيره" ٢/ ١٣.
(٨) ساقطة من: (أ) و (م).
(٩) في (م): (وقوله).
(٢) محمد بن المستنير بن أحمد البصري، أبو علي المعروف بقطرب.
(٣) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٨٢.
(٤) في (ش): (تكون).
(٥) ساقطة من: (أ) و (م) من قوله: (غير عابدين).
(٦) نقله عن الكسائي الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠١٣، وينظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٣٣، "تفسير الطبري" ١/ ٣٨٨ - ٣٨٩، "البيان" لابن الأنباري ١/ ١٠١، "البحر المحيط" ١/ ٢٨٣.
(٧) مقولة المبرد نقلها القرطبي في "تفسيره" ٢/ ١٣.
(٨) ساقطة من: (أ) و (م).
(٩) في (م): (وقوله).
103
١٣] أي: احذروا، وكقوله: ﴿قَالُوا مَعْذِرَةً﴾ [الأعراف: ١٦٤] أي: موعظتنا معذرة.
والثاني: أنه لا يجوز حذف الموصول في شيء من الكلام.
وليس الأمر على ما قاله المبرد، فقد أجاز قولَ الكسائي: الأخفشُ والفراءُ وقطرب والزجّاج وعلي بن عيسى (١) (٢)، ودعواه أن كل ما أضمر في العربيّة فهو يعمل عمله مظهرًا ليس كذلك، وهو على ضربين: منه ما هو على ما ذكر، ومنه ما ليس كذلك (٣)، كحروف الجر إذا حذفت وهي تزاد، كقوله:
أمرتك الخير (٤)..... البيت
يريد بالخير، وقال الله تعالى: ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ﴾ [الأعراف: ١٥٥] فلما حَذف مِنْ وصل الفعل فنصب. كذلك هاهُنا لمّا حذف (أن) وصل
والثاني: أنه لا يجوز حذف الموصول في شيء من الكلام.
وليس الأمر على ما قاله المبرد، فقد أجاز قولَ الكسائي: الأخفشُ والفراءُ وقطرب والزجّاج وعلي بن عيسى (١) (٢)، ودعواه أن كل ما أضمر في العربيّة فهو يعمل عمله مظهرًا ليس كذلك، وهو على ضربين: منه ما هو على ما ذكر، ومنه ما ليس كذلك (٣)، كحروف الجر إذا حذفت وهي تزاد، كقوله:
أمرتك الخير (٤)..... البيت
يريد بالخير، وقال الله تعالى: ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ﴾ [الأعراف: ١٥٥] فلما حَذف مِنْ وصل الفعل فنصب. كذلك هاهُنا لمّا حذف (أن) وصل
(١) ينظر في الأقوال في المسألة: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٣ - ٥٤، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٢٦، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٢، "البحر المحيط" ١/ ٢٨٢ - ٢٨٣.
(٢) هو: علي بن عيسى بن الفرج بن صالح، أبو الحسن الربعي النحوي، صاحب أبي علي الفارسي، درس النحو وتفنن فيه حتى ما بقي له شيء يحتاج أن يسأل عنه، من مؤلفاته: "شرح مختصر الجرمي"، توفي سنة هـ ٤٢٠ ص. وينظر "إنباه الرواة" ٢/ ٢٩٧، و"تاريخ بغداد" ١٢/ ١٧ - ١٨.
(٣) في (أ): (كذلك) مكررة.
(٤) البيت: لعمرو بن معد يكرب، وتتمته:
"مغني اللبيب" ١/ ٣١٥، وقد عزاه في "الكتاب" ١/ ٣٧ لعمرو بن معدي كرب الزبيدي، واختلف في قائله كما في "الخزانة" ١/ ١٦٤ - ١٦٦، والنشب: المال الثابت كالضياع ونحوها، من نشب الشيء، والمال: الإبل أو هو عام، والشاهد فيه: أمرتك الخير أراد: أمرتك بالخير.
(٢) هو: علي بن عيسى بن الفرج بن صالح، أبو الحسن الربعي النحوي، صاحب أبي علي الفارسي، درس النحو وتفنن فيه حتى ما بقي له شيء يحتاج أن يسأل عنه، من مؤلفاته: "شرح مختصر الجرمي"، توفي سنة هـ ٤٢٠ ص. وينظر "إنباه الرواة" ٢/ ٢٩٧، و"تاريخ بغداد" ١٢/ ١٧ - ١٨.
(٣) في (أ): (كذلك) مكررة.
(٤) البيت: لعمرو بن معد يكرب، وتتمته:
| أمرتُك الخيرَ فافعل ما أُمِرتَ به | فقد تركتُك ذا مالٍ وذا نَشَبِ |
104
عامل الرفع فرفع الفعل.
وقوله: لا يحذف الموصول في شيء من الكلام ليس كذلك؛ لأن الموصول مع صلته بمنزلة اسم واحد، والاسم الواحد قد يحذف بعضه بالترخيم (١).
وقال كثير من النحويين: الزجّاج (٢) والفراء (٣) والأخفش (٤) في أحد قوليه: إن قوله: (لا تعبدون) جواب القسم؛ لأن أخذ الميثاق بمنزلة القسم، والدليل على ذلك قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ﴾ [آل عمران: ٨١]، القسم بـ (لام)، فكذلك هو في النفي بـ (لا)، وكان المعنى: استحلَفناهم وقلنا لهم: والله لا تعبدون (٥) (٦).
قال الفراء: ويجوز أن يكون في موضع جزم على النهي، إلا أنه خرج مخرج الخبر، كقوله: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ﴾ [البقرة: ٢٣٣]. بالرفع ومعناه النهي، ويدل على أنه نهي قوله: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾.
وقرئ لا تعبدون بالياء والتاء (٧)، وما كان من مثل هذا جاز أن يكون
وقوله: لا يحذف الموصول في شيء من الكلام ليس كذلك؛ لأن الموصول مع صلته بمنزلة اسم واحد، والاسم الواحد قد يحذف بعضه بالترخيم (١).
وقال كثير من النحويين: الزجّاج (٢) والفراء (٣) والأخفش (٤) في أحد قوليه: إن قوله: (لا تعبدون) جواب القسم؛ لأن أخذ الميثاق بمنزلة القسم، والدليل على ذلك قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ﴾ [آل عمران: ٨١]، القسم بـ (لام)، فكذلك هو في النفي بـ (لا)، وكان المعنى: استحلَفناهم وقلنا لهم: والله لا تعبدون (٥) (٦).
قال الفراء: ويجوز أن يكون في موضع جزم على النهي، إلا أنه خرج مخرج الخبر، كقوله: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ﴾ [البقرة: ٢٣٣]. بالرفع ومعناه النهي، ويدل على أنه نهي قوله: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾.
وقرئ لا تعبدون بالياء والتاء (٧)، وما كان من مثل هذا جاز أن يكون
(١) الترخيم: ما حذف من آخره حرف واحد أو أكثر للتخفيف، نحو: يا فاطم.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٢.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٣ - ٥٤، و"البحر المحيط" ١/ ٢٨٢.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٢٦.
(٥) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٤، والبحر المحيط ١/ ٢٨٢.
(٦) ينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ١١.
(٧) قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي (لا يعبدون) بالغيب، وقرأ الباقون بالخطاب. انظر "السبعة" ص ١٦٢، "الحجة" ٢/ ١٢١، "النشر" ٢/ ٢١٨.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٢.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٣ - ٥٤، و"البحر المحيط" ١/ ٢٨٢.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٢٦.
(٥) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٤، والبحر المحيط ١/ ٢٨٢.
(٦) ينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ١١.
(٧) قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي (لا يعبدون) بالغيب، وقرأ الباقون بالخطاب. انظر "السبعة" ص ١٦٢، "الحجة" ٢/ ١٢١، "النشر" ٢/ ٢١٨.
105
على لفظ الغيبة من حيث كان اللفظ لها، وجاز أن يكون على لفظ المخاطب لأنك تحكي حال الخطاب وقت ما تخاطب به. ألا ترى أنهم قد فرأوا قوله: ﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سيُغلَبون ويُحْشَرونَ إلى جَهَنَم﴾ [آل عمران: ١٢] على لفظ الغيبة، وبالتاء على لفظ الخطاب (١)، على حكاية حال الخطاب في وقت الخطاب (٢)، فإذا كان هذا النحو جائزًا جاز أن تجيء القراءة بالوجهين جميعا، ويجوز في قياس العربية في قوله: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: ٣٨]، الخطاب (على حكاية) (٣) حال الخطاب.
فأما قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ﴾ [البقرة: ٨٤]، وهذا لا يجوز (أن يكون) (٤) إلا على الخطاب؛ لأن المأخوذ ميثاقهم مخاطبون (٥)، ولأنك إن حكيت الخطاب كان التقدير: (أخذنا ميثاقكم فقلنا لكم: لا تسفكون) كان بالتاء.
فحجة من قرأ بالتاء (٦) قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ﴾ [آل عمران: ٨١] فجاء على الخطاب، ويقويه قوله: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ﴾.. الآية. فإذا كان هذا خطابًا وهو عطف على ما تقدّم وجب أن
فأما قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ﴾ [البقرة: ٨٤]، وهذا لا يجوز (أن يكون) (٤) إلا على الخطاب؛ لأن المأخوذ ميثاقهم مخاطبون (٥)، ولأنك إن حكيت الخطاب كان التقدير: (أخذنا ميثاقكم فقلنا لكم: لا تسفكون) كان بالتاء.
فحجة من قرأ بالتاء (٦) قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ﴾ [آل عمران: ٨١] فجاء على الخطاب، ويقويه قوله: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ﴾.. الآية. فإذا كان هذا خطابًا وهو عطف على ما تقدّم وجب أن
(١) قرأ حمزة والكسائي وخلف بالياء على الغيب في: (سيغلبون، يحشرون) وقرأ الباقون بالخطاب. ينظر: "السبعة" ص١٦٢، و"النشر" ٢/ ٢٣٨.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٤.
(٣) في (م): (الحكاية على حال الخطاب).
(٤) ساقطة من (م).
(٥) في (م): (مخاطبين).
(٦) أي في قوله: (لا تعبدون).
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٤.
(٣) في (م): (الحكاية على حال الخطاب).
(٤) ساقطة من (م).
(٥) في (م): (مخاطبين).
(٦) أي في قوله: (لا تعبدون).
106
يكون المعطوف عليه في حكمه. وحجة مَن قرأ بالياء قوله: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا﴾.. الآية [الأنفال: ٣٨]. وكل واحد من المذهبين قد جاء التنزيل به (١).
وقوله (٢): ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾. تقديره: وأحْسِنُوا بالوالدين إحسانًا، كأنه قال: لما أخذنا ميثاقهم قال: وقُلنا لهم: أحْسِنوا بالوالدين إحسانًا، كما قال: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا﴾ [البقرة: ٦٣]، أي: وقلنا لهم: خذوا، فالجار في الوالدين يتعلق بالفعل المضمر ولا يجوز أن يتعلق بالمصدر؛ لأن ما يتعلق بالمصدر لا يتقدم عليه.
و (أَحْسِنْ) يُوصَل بالباء كما يوصل بـ (إلى) (٣). يدلك على ذلك قوله: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ [يوسف: ١٠٠]. فتَعَدّى بالباء كما تعدى بإلى (٤) في قوله: ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ (٥) [القصص: ٧٧] هذا قول الزجاج (٦).
وقال بعضهم: المعنى: ووصيناهم بالوالدين إحسانًا (٧).
والقربى: القرابة في الرحم (٨).
وقوله (٢): ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾. تقديره: وأحْسِنُوا بالوالدين إحسانًا، كأنه قال: لما أخذنا ميثاقهم قال: وقُلنا لهم: أحْسِنوا بالوالدين إحسانًا، كما قال: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا﴾ [البقرة: ٦٣]، أي: وقلنا لهم: خذوا، فالجار في الوالدين يتعلق بالفعل المضمر ولا يجوز أن يتعلق بالمصدر؛ لأن ما يتعلق بالمصدر لا يتقدم عليه.
و (أَحْسِنْ) يُوصَل بالباء كما يوصل بـ (إلى) (٣). يدلك على ذلك قوله: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ [يوسف: ١٠٠]. فتَعَدّى بالباء كما تعدى بإلى (٤) في قوله: ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ (٥) [القصص: ٧٧] هذا قول الزجاج (٦).
وقال بعضهم: المعنى: ووصيناهم بالوالدين إحسانًا (٧).
والقربى: القرابة في الرحم (٨).
(١) "الحجة" ٢/ ١٢٣ - ١٢٦، بتصرف.
(٢) في (ش): (وهو قوله).
(٣) في "الحجة" يصل بالباء كما يصل بـ (إلى).
(٤) من قوله: (يدلك). ساقط من (أ) و (م).
(٥) هذا كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٢٨ - ١٢٩.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٣، وانظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٢٧.
(٧) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠١٤، و"البحر المحيط" ١/ ٢٨٣ - ٢٨٤.
(٨) قال في "البحر المحيط" ١/ ٢٨١: القربى: مصدر كالرجعى، والألف فيه للتأنيث، وهي قرابة الرحم والصلب.
(٢) في (ش): (وهو قوله).
(٣) في "الحجة" يصل بالباء كما يصل بـ (إلى).
(٤) من قوله: (يدلك). ساقط من (أ) و (م).
(٥) هذا كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٢٨ - ١٢٩.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٣، وانظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٢٧.
(٧) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠١٤، و"البحر المحيط" ١/ ٢٨٣ - ٢٨٤.
(٨) قال في "البحر المحيط" ١/ ٢٨١: القربى: مصدر كالرجعى، والألف فيه للتأنيث، وهي قرابة الرحم والصلب.
107
واليتامى: جمع يتيم، مثل: نديم وندَامى، ويجمع أيتامًا أيضًا، واليُتمْ (١) في الناس فُقْدان الأب، وفي غير الإنسان من قبل الأم (٢).
قال أحمد بن يحيى: معنى قولك: صبي يتيم: منفرد من أبيه، قال: واليتم (٣) في كلام العرب معناه: الانفراد.
قال: وأنشدنا ابن الأعرابي بيتًا، قال: فقلت له: زدنا، فقال: البيتُ يتيمٌ، أي: هو منفرد ليس قبله ولا بعده شيء.
ومنه قولهم: درة يتيمة، إذا لم يوجد لها نظير.
وقال الأصمعي: اليتيمة: الرملة المنفردة، قال: وكل منفرد ومنفردة عند العرب يتيم ويتيمة.
قال الفراء: يقال للغلام: يَتِم يَيْتَمُ يُتْمًا وَيَتْمًا، وحكي لي ما كان يَتِيمًا، ولقد يَتِم يِيتَم، وقَدْ أَيْتَمَهُ الله.
وقال المُفضّل: أصل اليُتْم: الغَفْلة، وبه سُمي اليتيم؛ لأنه يُتَغَافل عن بره.
قال أحمد بن يحيى: معنى قولك: صبي يتيم: منفرد من أبيه، قال: واليتم (٣) في كلام العرب معناه: الانفراد.
قال: وأنشدنا ابن الأعرابي بيتًا، قال: فقلت له: زدنا، فقال: البيتُ يتيمٌ، أي: هو منفرد ليس قبله ولا بعده شيء.
ومنه قولهم: درة يتيمة، إذا لم يوجد لها نظير.
وقال الأصمعي: اليتيمة: الرملة المنفردة، قال: وكل منفرد ومنفردة عند العرب يتيم ويتيمة.
قال الفراء: يقال للغلام: يَتِم يَيْتَمُ يُتْمًا وَيَتْمًا، وحكي لي ما كان يَتِيمًا، ولقد يَتِم يِيتَم، وقَدْ أَيْتَمَهُ الله.
وقال المُفضّل: أصل اليُتْم: الغَفْلة، وبه سُمي اليتيم؛ لأنه يُتَغَافل عن بره.
(١) في (م): (اليتيم).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٣، "أحكام القرآن" للجصاص ١/ ٤٥٢ "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٧٤، "اللسان" ١٢/ ٦٤٥، وقال ابن بري: اليتيم الذي يموت أبوه، والعجي الذي تموت أمه، واللطيم الذي يموت أبواه. وقال ابن العربي في أحكام القرآن ١/ ٢١٥: اليتيم: هو في اللغة عبارة عن المفرد من أبيه، وقد يطلق على المفرد من أمه، والأول أظهر لغة، وعليه وردت الأخبار والآثار، ولأن الذي فقد أباه عدم النصرة، والذي فقد أمه عدم الحضانة، وقد تنصر الأم لكن نصرة الأب أكثر، وقد يحضن الأب لكن الأم أرفق حضانة.
(٣) في (م): (اليتيم).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٣، "أحكام القرآن" للجصاص ١/ ٤٥٢ "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٧٤، "اللسان" ١٢/ ٦٤٥، وقال ابن بري: اليتيم الذي يموت أبوه، والعجي الذي تموت أمه، واللطيم الذي يموت أبواه. وقال ابن العربي في أحكام القرآن ١/ ٢١٥: اليتيم: هو في اللغة عبارة عن المفرد من أبيه، وقد يطلق على المفرد من أمه، والأول أظهر لغة، وعليه وردت الأخبار والآثار، ولأن الذي فقد أباه عدم النصرة، والذي فقد أمه عدم الحضانة، وقد تنصر الأم لكن نصرة الأب أكثر، وقد يحضن الأب لكن الأم أرفق حضانة.
(٣) في (م): (اليتيم).
108
وقال أبو عمرو: اليُتْم: الإبطاء، يقال: ما في سَيرِه أتَمٌ ويتم أي: إبطاء، ومنه أُخِذَ اليتيم؛ لأن البرّ يبطيء عنه (١).
وقوله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ الحُسنُ هاهُنا يحتمل وجهين:
أحَدُهُما: أن يكون لغة في الحَسَن، كالبُخْل والبَخَل والرُشْد والرَشَد وبابه، وجاء ذلك في الصفة كما جاء في الاسم، ألا تراهُم قالوا: العُرْبُ والعَرَبُ وهو صفة، يدلك على ذلك: قولك: قومٌ عُرْبٌ، فيكون الحُسْن على هذا صفة (٢).
وقد حكى الزجّاج عن الأخفش هذا القول، فقال: زعم الأخفش أنه يجوز أَنْ يكون (حُسنًا) في معنى حَسَنًا (٣).
الوجه الثاني: أن يكون الحُسْن مصدرًا كالكُفر والشُكر والشُغل، وحذف المضاف معه كأنه: قولًا ذا حُسْن (٤).
وقرأ حمزة والكسائي (حَسَنًا) (٥) وهو صِفَة، كَأنَّ التقدير: وقولوا للناس قولًا حَسَنًا، فحذف الموصوف، وحَسُن ذلك في حَسَنٍ لأنها
وقوله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ الحُسنُ هاهُنا يحتمل وجهين:
أحَدُهُما: أن يكون لغة في الحَسَن، كالبُخْل والبَخَل والرُشْد والرَشَد وبابه، وجاء ذلك في الصفة كما جاء في الاسم، ألا تراهُم قالوا: العُرْبُ والعَرَبُ وهو صفة، يدلك على ذلك: قولك: قومٌ عُرْبٌ، فيكون الحُسْن على هذا صفة (٢).
وقد حكى الزجّاج عن الأخفش هذا القول، فقال: زعم الأخفش أنه يجوز أَنْ يكون (حُسنًا) في معنى حَسَنًا (٣).
الوجه الثاني: أن يكون الحُسْن مصدرًا كالكُفر والشُكر والشُغل، وحذف المضاف معه كأنه: قولًا ذا حُسْن (٤).
وقرأ حمزة والكسائي (حَسَنًا) (٥) وهو صِفَة، كَأنَّ التقدير: وقولوا للناس قولًا حَسَنًا، فحذف الموصوف، وحَسُن ذلك في حَسَنٍ لأنها
(١) ينظر في معاني اليتيم السابقة: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٧٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٨١، "اللسان" ٨/ ٤٩٤٨، "القاموس" ١١٧٢.
(٢) من "الحجة" ٢/ ١٢٧، وبنحوه في "معاني القرآن" القرآن للأخفش ١/ ١٢٧، ينظر "تهذيب اللغة" ١/ ٨١٣، "لسان العرب" ٢/ ٨٧٨ (مادة: حسن).
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٣، ونقله أيضًا الأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٢٣، وعنه ابن منظور في "اللسان" ٢/ ٨٧٨.
(٤) من "الحجة" ٢/ ١٢٧، وبنحوه في "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٢٧.
(٥) قرأ حمزة والكسائي ويعقوب وخلف (حَسَنا) بفتح الحاء والسين، وقرأ الباقون بضم الحاء وإسكان السين. ينظر: "السبعة" ص ١٦٢، و"النشر" ٢/ ٢١٨.
(٢) من "الحجة" ٢/ ١٢٧، وبنحوه في "معاني القرآن" القرآن للأخفش ١/ ١٢٧، ينظر "تهذيب اللغة" ١/ ٨١٣، "لسان العرب" ٢/ ٨٧٨ (مادة: حسن).
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٣، ونقله أيضًا الأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٢٣، وعنه ابن منظور في "اللسان" ٢/ ٨٧٨.
(٤) من "الحجة" ٢/ ١٢٧، وبنحوه في "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٢٧.
(٥) قرأ حمزة والكسائي ويعقوب وخلف (حَسَنا) بفتح الحاء والسين، وقرأ الباقون بضم الحاء وإسكان السين. ينظر: "السبعة" ص ١٦٢، و"النشر" ٢/ ٢١٨.
109
ضارعت الصفات التي تقوم مقام الأسماء، نحو: الأبرق والأبطح، ألا تراهم (١) يقولون: هذا حَسَن ومررت بحسن، فلا يكادون يذكرون مَعَهُ الموصوف (٢).
وقال أبو الهَيثم (٣): أصل قولهم شيء حَسَنٌ. إنما هو شيء حَسِين؛ لأنه من حَسُنَ يَحسُنُ، كما قالوا: عَظُم فهو عظيم، إلا أنّه جاء نادِرًا (فَعَلٌ) في مَعنى (فَعِيل).
وحكى الأخفش عن بعض القراء: ﴿وقولوا للناس حُسْنَى﴾ بالتأنيث (٤) (٥).
وذلك (٦) لا يجوز عند سيبويه وسائر النحويين (٧)؛ لأن (أفعل)
وقال أبو الهَيثم (٣): أصل قولهم شيء حَسَنٌ. إنما هو شيء حَسِين؛ لأنه من حَسُنَ يَحسُنُ، كما قالوا: عَظُم فهو عظيم، إلا أنّه جاء نادِرًا (فَعَلٌ) في مَعنى (فَعِيل).
وحكى الأخفش عن بعض القراء: ﴿وقولوا للناس حُسْنَى﴾ بالتأنيث (٤) (٥).
وذلك (٦) لا يجوز عند سيبويه وسائر النحويين (٧)؛ لأن (أفعل)
(١) في (ش): (ألا تراهم أنهم).
(٢) كذا قال أبو علي في "الحجة" ٢/ ١٢٦ - ١٢٨.
(٣) هو: خالد بن يزيد الرازي، كان نحويَّا إمامًا علامة، اشتهر بكنيته، روى عنه الأزهري من طريق أبي الفضل، توفي سنة ٢٧٦ هـ. ينظر: "إنباه الرواة" ٤/ ١٨٨، ومقدمة "تهذيب اللغة" ١/ ٤٢.
(٤) كذا في "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٢٧.
(٥) قرأ بها: أبي وطلحة بن مصرف. ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠١٥، و"البحر المحيط" ١/ ٢٨٥، و"القراءات الشاذة" للقاضي ص ٣٠.
(٦) في (ش): (في ذلك).
(٧) قال النحاس في "إعراب القرآن": وهذا لا يجوز في العربية، لا يقال في هذا شيء إلا بالألف واللام، نحو الفضلى والكبرى والحسنى، هذا قول سيبويه. ونقل ذلك عن النحاس القرطبي في "تفسيره" ٢/ ١٦، وينظر "المحرر الوجيز" ١/ ١٠٩، وكذا رد القراءة ابن جرير الطبري في "تفسيره" ٣٩٠ - ٣٩١، قال: وأما الذي قرأ ذلك فإنه خالف بقراءته إياه كذلك قراءة أهل الإسلام إلى آخر ما قال. وقد ناقش أبو حيان هذه القضية وأطال فيها النفس في "البحر المحيط" ١/ ٢٨٥.
(٢) كذا قال أبو علي في "الحجة" ٢/ ١٢٦ - ١٢٨.
(٣) هو: خالد بن يزيد الرازي، كان نحويَّا إمامًا علامة، اشتهر بكنيته، روى عنه الأزهري من طريق أبي الفضل، توفي سنة ٢٧٦ هـ. ينظر: "إنباه الرواة" ٤/ ١٨٨، ومقدمة "تهذيب اللغة" ١/ ٤٢.
(٤) كذا في "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٢٧.
(٥) قرأ بها: أبي وطلحة بن مصرف. ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠١٥، و"البحر المحيط" ١/ ٢٨٥، و"القراءات الشاذة" للقاضي ص ٣٠.
(٦) في (ش): (في ذلك).
(٧) قال النحاس في "إعراب القرآن": وهذا لا يجوز في العربية، لا يقال في هذا شيء إلا بالألف واللام، نحو الفضلى والكبرى والحسنى، هذا قول سيبويه. ونقل ذلك عن النحاس القرطبي في "تفسيره" ٢/ ١٦، وينظر "المحرر الوجيز" ١/ ١٠٩، وكذا رد القراءة ابن جرير الطبري في "تفسيره" ٣٩٠ - ٣٩١، قال: وأما الذي قرأ ذلك فإنه خالف بقراءته إياه كذلك قراءة أهل الإسلام إلى آخر ما قال. وقد ناقش أبو حيان هذه القضية وأطال فيها النفس في "البحر المحيط" ١/ ٢٨٥.
110
و (فُعلى) لا يستَعمل صِفَةً إلا بالألف واللام؛ لأن أفعل لما كانت تلزمه (من) ولا يدخله الألف واللام معها كان إذا سقطت (من) لا بد من الألف واللام، إذًا صارا متعاقبين؛ فسقوط أحدهما يدلُّ على وجوب الآخر على المعاقبة.
فأما معنى قوله: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ فقال ابن عباس (١) وسعيد بن جُبَير (٢) (٣) وابن جريج (٤) ومقاتل (٥) والزجاج (٦) والأكثرون: قولوا للناس صدقًا وحقًّا في شأن محمد - ﷺ -، فمن سألكم عنه فاصدقوه وبيّنوا له صفته، ولا تكتموا أمره، ولا تغيروا نعته.
وقال الربيع بن أنس: هذا على العموم في تحسين المقالة للناس كلهم (٧).
وقال الحسن والثوري (٨): يعني: الأمر بالمعروف والنهي عن
فأما معنى قوله: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ فقال ابن عباس (١) وسعيد بن جُبَير (٢) (٣) وابن جريج (٤) ومقاتل (٥) والزجاج (٦) والأكثرون: قولوا للناس صدقًا وحقًّا في شأن محمد - ﷺ -، فمن سألكم عنه فاصدقوه وبيّنوا له صفته، ولا تكتموا أمره، ولا تغيروا نعته.
وقال الربيع بن أنس: هذا على العموم في تحسين المقالة للناس كلهم (٧).
وقال الحسن والثوري (٨): يعني: الأمر بالمعروف والنهي عن
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠١٦، وذكره القرطبي بنحوه ٢/ ١٢.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠١٦.
(٣) هو: أبو عبد الله سعيد بن جبير الأسدي بالولاء، تقدمت ترجمته ٢/ ١٦.
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٩٠ - ٣٩٢، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠١٦.
(٥) أخرجه عن مقاتل بن حيان ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦١، وذكره مقاتل بن سليمان في "تفسيره" ١/ ١١٩، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠١٦.
(٦) "معاني القرآن" ١/ ١٦٤.
(٧) لم أجده عن الربيع، لكن روى الطبري في تفسيره ١/ ٣٩٢ بسنده عن الربيع عن أبي العالية: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ قال: قولوا للناس معروفا. أخرجه عنه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦١.
(٨) أخرجه عنه الطبري في تفسيره ١/ ٣٩٢، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠١٦، وورد مثله عن ابن عباس كما في "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ١٦١.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠١٦.
(٣) هو: أبو عبد الله سعيد بن جبير الأسدي بالولاء، تقدمت ترجمته ٢/ ١٦.
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٩٠ - ٣٩٢، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠١٦.
(٥) أخرجه عن مقاتل بن حيان ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦١، وذكره مقاتل بن سليمان في "تفسيره" ١/ ١١٩، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠١٦.
(٦) "معاني القرآن" ١/ ١٦٤.
(٧) لم أجده عن الربيع، لكن روى الطبري في تفسيره ١/ ٣٩٢ بسنده عن الربيع عن أبي العالية: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ قال: قولوا للناس معروفا. أخرجه عنه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦١.
(٨) أخرجه عنه الطبري في تفسيره ١/ ٣٩٢، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠١٦، وورد مثله عن ابن عباس كما في "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ١٦١.
111
المنكر، وهو أن يأمروهم (١) بما أمرهم الله تعالى، وينهوهم (٢) عما نهاهم الله عنه (٣).
وقال عطاء عن ابن عباس: المراد بالناس في هذه الآية محمد - ﷺ - (٤) كقوله: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ﴾ [النساء: ٥٤]، فكأنه (٥) يقول: قولوا للنبي - ﷺ - حسْنًا.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ﴾ أي: أعرضتم عن العهد والميثاق (٦)، ويَعْني به: أوائلهم ﴿إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ﴾ يعني: من كان ثابتًا على دينه ثم آمن بمحمد - ﷺ -.
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ أي: وأنتم أيضًا كأوائلكم في الإعراض عما عُهِد إليكم فيه.
ومعنى الإعراض: الذهَاب عن المواجهة إلى جهة العرض.
وقال عطاء عن ابن عباس: المراد بالناس في هذه الآية محمد - ﷺ - (٤) كقوله: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ﴾ [النساء: ٥٤]، فكأنه (٥) يقول: قولوا للنبي - ﷺ - حسْنًا.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ﴾ أي: أعرضتم عن العهد والميثاق (٦)، ويَعْني به: أوائلهم ﴿إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ﴾ يعني: من كان ثابتًا على دينه ثم آمن بمحمد - ﷺ -.
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ أي: وأنتم أيضًا كأوائلكم في الإعراض عما عُهِد إليكم فيه.
ومعنى الإعراض: الذهَاب عن المواجهة إلى جهة العرض.
(١) في (ش): (تأمروهم).
(٢) في (ش): (وتنهونهم).
(٣) وروي هذا عن ابن عباس أيضًا كما عند ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦١ وسنده مقبول.
وقال ابن كثير١/ ١٢٨: فالحسن من القول: يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحلم ويعفو ويصفح ويقول للناس حسنًا، كما قال الله، وهو كل خلق حسن رضيه الله.
(٤) تقدم الحديث عن رواية عطاء هذه في المقدمة.
(٥) في (م): (وكأنه)، وفي (أ): (وكانوا).
(٦) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠١٦.
(٢) في (ش): (وتنهونهم).
(٣) وروي هذا عن ابن عباس أيضًا كما عند ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦١ وسنده مقبول.
وقال ابن كثير١/ ١٢٨: فالحسن من القول: يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحلم ويعفو ويصفح ويقول للناس حسنًا، كما قال الله، وهو كل خلق حسن رضيه الله.
(٤) تقدم الحديث عن رواية عطاء هذه في المقدمة.
(٥) في (م): (وكأنه)، وفي (أ): (وكانوا).
(٦) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠١٦.
112
٨٤ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ﴾ في (لا تسفكون) من وجوه الإعراب ما ذكرنا في (لا تعبدون). ويُقال: سَفَكَ يَسفِكُ ويَسفُكُ لُغتان (١). ودماء: جمع دم، قال الزجاج: وأصل دم: دَماء في قول أكثر النحويين (٢)، أنشد أبو زيد:
وقد جاء في التثنية: دَمَيَان ودَمَوَان (٤)، على الأصل، قال الشاعر:
وظل لعمري في الوغى دَمَوَاهما
وقال آخر:
| غفَلَتْ ثم أتت ترقبه | فإذا هي بعظام ودَمَا (٣) |
وظل لعمري في الوغى دَمَوَاهما
وقال آخر:
(١) ينظر: "اللسان" ٤/ ٢٠٣٠، و"القاموس" ٩٤٢٥، وسفك: من باب ضرب ونصر، وبهما قرئ قوله تعالى: ويسفك الدماء، والسفك: الصب وقرأ طلحة بن مصرف بضم الفاء قال الثعلبي ١/ ١٠١٦: وهما لغتان، مثل: يعرُشون، ويعكُفون.
(٢) عبارة الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٦٥: وواحد الدماء دم يا هذا مخفف، وأصله دمىِ في قول أكثر النحويين، ودليل من قال: إن أصله دمي: قول الشاعر:
وقال قوم: أصله: دمْي، إلا أنه لما حذف ورد إليه ما حذف منه، حركت الميم لتدل الحركة على أنه استعمل محذوفا. اهـ
(٣) ورد البيت هكذا:
غفلت ثم أتت تطلبه
ينظر: "الخزانة" ٧/ ٤٩١، و"التنبيه" لابن بري ٢/ ٢٣٥، و"شرح التسهيل" ١/ ٢٥٠، و"تلخيص الشواهد" ص ٧٧، وينظر: "البحر المحيط" ٢/ ١٢٣١ ولم ينسبوه.
(٤) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٣١، فقال بعضهم في تثنية الدميان، ونقل في "اللسان" ٣/ ١٤٢٩ عن ابن سيده: وأما الدموان فشاذ سماعا. قال في "البحر المحيط" ١/ ٢٨١: الدم معروف وهو محذوف اللام، وهي ياء لقوله: جرى الدميان بالخبر اليقين، أو واو لقولهم: دموان، ووزنه فَعَل، وقيل: فَعْل، وقد سمع مقصورًا.
(٢) عبارة الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٦٥: وواحد الدماء دم يا هذا مخفف، وأصله دمىِ في قول أكثر النحويين، ودليل من قال: إن أصله دمي: قول الشاعر:
| فلو أنا على حجر ذبحنا | جرى الدميان بالخبر اليقين |
(٣) ورد البيت هكذا:
غفلت ثم أتت تطلبه
ينظر: "الخزانة" ٧/ ٤٩١، و"التنبيه" لابن بري ٢/ ٢٣٥، و"شرح التسهيل" ١/ ٢٥٠، و"تلخيص الشواهد" ص ٧٧، وينظر: "البحر المحيط" ٢/ ١٢٣١ ولم ينسبوه.
(٤) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٣١، فقال بعضهم في تثنية الدميان، ونقل في "اللسان" ٣/ ١٤٢٩ عن ابن سيده: وأما الدموان فشاذ سماعا. قال في "البحر المحيط" ١/ ٢٨١: الدم معروف وهو محذوف اللام، وهي ياء لقوله: جرى الدميان بالخبر اليقين، أو واو لقولهم: دموان، ووزنه فَعَل، وقيل: فَعْل، وقد سمع مقصورًا.
113
جرى الدَمَيَان بالخَبر اليقين (١)
وقال الليْث: الدم معروف، والقِطعة دَمَةٌ، وكان أصله دَمَيٌ؛ لأنك تقول: دَمِيَتْ يده (٢).
وقد أقرأني العروضي عن الأزهري، قال: أخبرني المنذري، عن أبي الهيثم، أنه قال: الدم اسم على حرفين. فقال بعضهم في تثنيته: الدَمَيَان، وقال بعضهم: الدَّمَان، ويقال في تصريفه: دَمِيَتْ يدي تَدْمَى دَمًى، فيظهرون في دَمِيَتْ وتَدْمَى الياء والألف اللذين لم يجدوهما في دم. قال: ومثله: يَدٌ، أصله: يَدَيٌ (٣). ومن قال بهذا القول قال: إنما حرّك الميم في قوله جرى الدمَيان؛ لإقامة الوزن، وقيل: بل وزنُه فَعَلٌ، فإنه كان (دَمَيٌ)؛ لأن الشاعر لما اضطر ردّه إلى أصل بنائه (٤). والأجود: ما حكاه الزجاج في أصل الدم. والدُّميَةُ من الدم، كأنها الحَيَوان ذُو الدم (٥).
فأما التفسير: فقال ابن عباس (٦) وقتادة (٧): معناه لا يسفك بعضكم
وقال الليْث: الدم معروف، والقِطعة دَمَةٌ، وكان أصله دَمَيٌ؛ لأنك تقول: دَمِيَتْ يده (٢).
وقد أقرأني العروضي عن الأزهري، قال: أخبرني المنذري، عن أبي الهيثم، أنه قال: الدم اسم على حرفين. فقال بعضهم في تثنيته: الدَمَيَان، وقال بعضهم: الدَّمَان، ويقال في تصريفه: دَمِيَتْ يدي تَدْمَى دَمًى، فيظهرون في دَمِيَتْ وتَدْمَى الياء والألف اللذين لم يجدوهما في دم. قال: ومثله: يَدٌ، أصله: يَدَيٌ (٣). ومن قال بهذا القول قال: إنما حرّك الميم في قوله جرى الدمَيان؛ لإقامة الوزن، وقيل: بل وزنُه فَعَلٌ، فإنه كان (دَمَيٌ)؛ لأن الشاعر لما اضطر ردّه إلى أصل بنائه (٤). والأجود: ما حكاه الزجاج في أصل الدم. والدُّميَةُ من الدم، كأنها الحَيَوان ذُو الدم (٥).
فأما التفسير: فقال ابن عباس (٦) وقتادة (٧): معناه لا يسفك بعضكم
(١) البيت صدره: فلو أنا على حَجَر ذُبِحْنا.. وهو للمثقب العبدي في ملحق ديوانه ص ٢٨٣، ولعلي بن بدال في "أمالي الزجاجي" ص ٢٠. ينظر: "المعجم المفصل" ٨/ ٢٦٥.
(٢) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١٤/ ٢١٦، "اللسان" ٤/ ٢٦٨.
(٣) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٣١، وينظر "اللسان" ٣/ ١٤٢٩.
(٤) ينظر: "اللسان" ٣/ ١٤٢٩.
(٥) المرجع السابق.
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠١٧، والواحدي في "الوسيط" ١/ ١٦٧.
(٧) أخرجه عن قتادة "الطبري" ١/ ٣٩٤ وينظر: "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٩، وكذا رواه عن أبي العالية، وأخرجه عن أبي العالية ابن أبي حاتم ١/ ١٦٣، ذكر أنه مروي عن الحسن والسدي ومقاتل بن حيان، وينظر: "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٨.
(٢) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١٤/ ٢١٦، "اللسان" ٤/ ٢٦٨.
(٣) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٣١، وينظر "اللسان" ٣/ ١٤٢٩.
(٤) ينظر: "اللسان" ٣/ ١٤٢٩.
(٥) المرجع السابق.
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠١٧، والواحدي في "الوسيط" ١/ ١٦٧.
(٧) أخرجه عن قتادة "الطبري" ١/ ٣٩٤ وينظر: "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٩، وكذا رواه عن أبي العالية، وأخرجه عن أبي العالية ابن أبي حاتم ١/ ١٦٣، ذكر أنه مروي عن الحسن والسدي ومقاتل بن حيان، وينظر: "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٨.
114
دم بَعضٍ بغَير حقٍّ. وإنما قال: ﴿دِمَاءَكُمْ﴾ لأن كل قوم اجتمعوا على دين واحد فهم كنفس واحدة، وأيضًا فإنّ الرجل إذا قتل غيره فكأنما قتل نفسه؛ لأنه يقاد ويُقتص (١)، ففي النهي عن قتل نفسه على هذا الوجه نهي عن قتل غيره. (٢)
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ﴾ أي: لا يخرج بَعضكُم بعضًا مِن دَاره ويغلبه عَليها (٣). ﴿ثُمَّ أَقرَرتُم﴾ أي: قبلتم ذلك وأقررتم به (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ حكى محمد بن جرير، عن ابن عباس: أن هذا خطاب لليهود الذين كانوا زمن النبي - ﷺ - (٥). ومعناه: وأنتم تشهدون اليوم على إقرار أوائلكم بأخذ المِيثاق عليهم بما في الآية، فالآية وإن كانت خِطابًا فالمراد به: أوائلهم، إلّا قوله: ﴿وَأَنتُم تَشهَدُونَ﴾ على هذا القول. وقال أبو العالية: الآية كلها خبر عن الله عز وجل عن أوائلهم (٦)، وإن أخرجه مخرج المخاطبة على سعة كلام العرب، ويحتمل أن يكون قوله: ﴿وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ خِطابًا للسَلف والخلف جميعًا، يريد: أنتم
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ﴾ أي: لا يخرج بَعضكُم بعضًا مِن دَاره ويغلبه عَليها (٣). ﴿ثُمَّ أَقرَرتُم﴾ أي: قبلتم ذلك وأقررتم به (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ حكى محمد بن جرير، عن ابن عباس: أن هذا خطاب لليهود الذين كانوا زمن النبي - ﷺ - (٥). ومعناه: وأنتم تشهدون اليوم على إقرار أوائلكم بأخذ المِيثاق عليهم بما في الآية، فالآية وإن كانت خِطابًا فالمراد به: أوائلهم، إلّا قوله: ﴿وَأَنتُم تَشهَدُونَ﴾ على هذا القول. وقال أبو العالية: الآية كلها خبر عن الله عز وجل عن أوائلهم (٦)، وإن أخرجه مخرج المخاطبة على سعة كلام العرب، ويحتمل أن يكون قوله: ﴿وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ خِطابًا للسَلف والخلف جميعًا، يريد: أنتم
(١) في (ش) و (م): (ويُقبض).
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٣٩٤ - ٣٩٦ ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٠٠، "زاد المسير" ١/ ١١٠.
(٣) روى ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦٣ عن أبي العالية نحوه، وينظر المصادر السابقة، و"الحجة" لأبي علي ٢/ ١٤٦.
(٤) أخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦٣ نحو هذا عن ابن عباس وأبي العالية وإسنادهما حسن كما في "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٩.
(٥) ذكره "الطبري" ١/ ٣٩٥ - ٣٩٩.
(٦) رواه "الطبري" ١/ ٣٩٥ - ٣٩٦.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ٣٩٤ - ٣٩٦ ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٠٠، "زاد المسير" ١/ ١١٠.
(٣) روى ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦٣ عن أبي العالية نحوه، وينظر المصادر السابقة، و"الحجة" لأبي علي ٢/ ١٤٦.
(٤) أخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦٣ نحو هذا عن ابن عباس وأبي العالية وإسنادهما حسن كما في "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٩.
(٥) ذكره "الطبري" ١/ ٣٩٥ - ٣٩٩.
(٦) رواه "الطبري" ١/ ٣٩٥ - ٣٩٦.
115
تشهدُون أن هذا حق من ميثاقي عَليكم في التوراة (١).
٨٥ - قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ﴾ الخطاب في هذه الآية لقُريظة والنضير (٢). روى الربيع عن أبي العالية في هذه الآية، قال: كان (٣) بنو إسرائيل إذا استضعف قومٌ قومًا أخرجوهم من ديارِهم، وقد أُخذ عليهم الميثاق أن لا يسفكوا دماءهم، ولا يخرجوا أنفسهم من ديارهم، وأُخذ عليهم الميثاق إن أسر بعضهم بعضًا أن يفادوهم، فأخرجوهم من ديارهم، ثم فادوهم، فآمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض (٤).
وقد كشف السُدِّي عن هذا، فقال: أخذ الله عليهم أربعةَ عهود: تركَ القتل، وتركَ الإخراج، وتركَ المظاهرة عليهم، وفدى أسراهم، فأعرضوا عن كل ما أمروا إلا الفداء. وذلك أن قريظة كانت حلفاء الأوس (٥)،
٨٥ - قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ﴾ الخطاب في هذه الآية لقُريظة والنضير (٢). روى الربيع عن أبي العالية في هذه الآية، قال: كان (٣) بنو إسرائيل إذا استضعف قومٌ قومًا أخرجوهم من ديارِهم، وقد أُخذ عليهم الميثاق أن لا يسفكوا دماءهم، ولا يخرجوا أنفسهم من ديارهم، وأُخذ عليهم الميثاق إن أسر بعضهم بعضًا أن يفادوهم، فأخرجوهم من ديارهم، ثم فادوهم، فآمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض (٤).
وقد كشف السُدِّي عن هذا، فقال: أخذ الله عليهم أربعةَ عهود: تركَ القتل، وتركَ الإخراج، وتركَ المظاهرة عليهم، وفدى أسراهم، فأعرضوا عن كل ما أمروا إلا الفداء. وذلك أن قريظة كانت حلفاء الأوس (٥)،
(١) قال "الطبري" ٣٩٥: وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب عندي أن يكون قوله: (وأنتم تشهدون) خبرًا عن أسلافهم، وداخلًا فيه المخاطبون منهم الذين أدركوا رسول الله - ﷺ - كما كان قوله (وإذ أخذنا ميثاقكم) خبرًا عن أسلافهم، وإن كان خطابًا للذين أدركوا رسول الله - ﷺ -
(٢) قريظة والنضير: قبيلتان من اليهود في المدينة، وهما من بني الخزرج الصريح بن التوءمان بن السبط بن اليسع بن سعد بن لاوي بن خير بن النحام بن تنحوم بن عازر بن عذري بن هارون بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب. ينظر "السيرة النبوية" لابن هشام ١/ ٦١.
(٣) في (ش): (كانوا).
(٤) أخرجه الطبري في تفسيره ١/ ٣٨٩، أبن أبي حاتم في "تفسيره". بمعناه ١/ ١٦٣.
(٥) هم بنو الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقيا بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف، من أعظم بطون الأزد من القحطانية، أهل عز ومنعة، فيهم عدة أفخار، كان موطنهم الأصلي بلاد اليمن، فهاجروا إلى يثرب، وعاشوا مع الخزرج والقبائل اليهودية، ونشبت حروب طويلة بينهم وبين الخزرج كيوم بعاث والدرك وغيرها. ينظر: "معجم قبائل العرب القديمة والحديثة" ١/ ٥٠.
(٢) قريظة والنضير: قبيلتان من اليهود في المدينة، وهما من بني الخزرج الصريح بن التوءمان بن السبط بن اليسع بن سعد بن لاوي بن خير بن النحام بن تنحوم بن عازر بن عذري بن هارون بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب. ينظر "السيرة النبوية" لابن هشام ١/ ٦١.
(٣) في (ش): (كانوا).
(٤) أخرجه الطبري في تفسيره ١/ ٣٨٩، أبن أبي حاتم في "تفسيره". بمعناه ١/ ١٦٣.
(٥) هم بنو الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقيا بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف، من أعظم بطون الأزد من القحطانية، أهل عز ومنعة، فيهم عدة أفخار، كان موطنهم الأصلي بلاد اليمن، فهاجروا إلى يثرب، وعاشوا مع الخزرج والقبائل اليهودية، ونشبت حروب طويلة بينهم وبين الخزرج كيوم بعاث والدرك وغيرها. ينظر: "معجم قبائل العرب القديمة والحديثة" ١/ ٥٠.
116
والنضير حلفاء الخزرج (١)، وكانوا يقتتلون، فتقاتل بنو قريظة مع الأوس، والنضير مع الخزرج، فإذا غلبوا خربوا ديارهم، وأخرجوهم منها، فإذا أُسر رجل من الفريقين كليهما جمعوا له حتى يفدوه، فتعيّرهم العرب بذلك، وتقول: كيف تقاتلونهم وتفادونهم؟ فيقولون: إنَّا أُمرنا أن نفادَيهم، وحُرّم علينا قتالهم، قالوا: فلم تقاتلونهم؟ (٢) قالوا: إنا نستحيي أن يُسْتَذَلّ (٣) حلفاؤنا، فذلك حِين عيّرهم الله تعالى فقال: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ﴾ أي (٤): يا هؤلاء، فحذف حرف النداء (٥)، وقيل: معناه التوكيد لأنتم، و (تقتلون) في موضع الرفع بالخبر. وقال الزجاج: هؤلاء في معنى: الذين (وتقتلون) صلة لهؤلاء، كأنه قيل: أنتم الذين تقتلون أنفسكم، ولا موضع لتقتلون إذا كان صلة (٦)، ومثله: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾ [طه: ١٧] (٧) بمنزلة: وما التي بيمينك.
(١) هم الخزرج بن حارثة بطن من الأزد من القحطانية، كانوا يقطنون المدينة مع الأوس، وكانت العرب جميعًا في الجاهلية يسمون الأوس والخزرج جميعًا الخزرج، وكانوا هم والأوس يحجون ويقفون مع الناس. ينظر: "معجم قبائل العرب" ١/ ٣٤٢.
(٢) ساقطة من (أ) و (م).
(٣) في (م): (يذل).
(٤) رواه بمعناه الطبري في تفسيره ١/ ٣٩٦، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦٣، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٢١، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١١٠ وورد نحوه عن ابن عباس، أخرجه الطبري في تفسيره ٢/ ٣٠٥، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦٤.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠١٧.
(٦) قوله: (ولا موضع لتقتلون إذا كان صلة) ليست عند الزجاج في "معاني القرآن".
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٧.
(٢) ساقطة من (أ) و (م).
(٣) في (م): (يذل).
(٤) رواه بمعناه الطبري في تفسيره ١/ ٣٩٦، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦٣، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٢١، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١١٠ وورد نحوه عن ابن عباس، أخرجه الطبري في تفسيره ٢/ ٣٠٥، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦٤.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠١٧.
(٦) قوله: (ولا موضع لتقتلون إذا كان صلة) ليست عند الزجاج في "معاني القرآن".
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٧.
117
وقوله تعالى: ﴿تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ﴾ قرئ بتخفيف الظاء وتشديدها (١)، فمن شدّد: أدغم التاء في الظاء لمقاربتها، ومن خفف حذف التاء التي أدغمها الآخرون، فكل وَاحِد من الفريقين كره اجتماع الأمثال والمقاربة، فبعضهم خفف بالحذف، وبعضهم بالإدغام (٢)، والمحذوفة هي التي تدغم، والمدغمة هي التي تحذف، وذلك أنها لما أُعِلّت بالإدغام أُعِلّت بالحذف.
قال سيبويه (٣): الثانية أولى بالحذف؛ لأنّهَا هي التي تُسَكن وتدغم، في نحو ﴿فَادَّارَأْتُمْ﴾ [البقرة: ٧٢] و ﴿وَازَّيَّنَتْ﴾ [يونس: ٢٤]. ومما يقوي ذلك: أن الأولى لمعنًى، فإذا حذفت لم يبق شيء يَدُلّ على المعنى، والثانية من جملةِ كلمةٍ إذا حذفتْ دل ما بقي من الكلمة عليها (٤). ومعنى تظاهرون تعاونون (٥)، ومنه قوله: ﴿وَإِن تَظَاهَرَا عَليهِ﴾ [التحريم: ٤]، وقوله: ﴿سِحرَانِ تَظَاهَرَا﴾ (٦) [القصص: ٤٨] أي: تعاونا (٧) على سحرهما، ومنه: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ [التحريم: ٤]، أي: معين (٨). والتقدير فيه
قال سيبويه (٣): الثانية أولى بالحذف؛ لأنّهَا هي التي تُسَكن وتدغم، في نحو ﴿فَادَّارَأْتُمْ﴾ [البقرة: ٧٢] و ﴿وَازَّيَّنَتْ﴾ [يونس: ٢٤]. ومما يقوي ذلك: أن الأولى لمعنًى، فإذا حذفت لم يبق شيء يَدُلّ على المعنى، والثانية من جملةِ كلمةٍ إذا حذفتْ دل ما بقي من الكلمة عليها (٤). ومعنى تظاهرون تعاونون (٥)، ومنه قوله: ﴿وَإِن تَظَاهَرَا عَليهِ﴾ [التحريم: ٤]، وقوله: ﴿سِحرَانِ تَظَاهَرَا﴾ (٦) [القصص: ٤٨] أي: تعاونا (٧) على سحرهما، ومنه: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ [التحريم: ٤]، أي: معين (٨). والتقدير فيه
(١) قرأ الكوفيون (عاصم، وحمزة والكسائي) بالتخفيف، وقرأ الباقون بالتشديد، ينظر: "السبعة" ص١٦٢ - ١٦٣و"النشر" ٢/ ٢١٨.
(٢) ينظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٦.
(٣) "الكتاب" ٢/ ٤٢٥ - ٤٢٦.
(٤) هذا كله كلام أبي علي الفارسي في "الحجة" ٢/ ١٣٤ - ١٣٥.
(٥) في (م): (تعارفون).
(٦) قرأ الكوفيون (سحران) من غير ألف، وقرأ الباقون (ساحران). ينظر "السبعة" "النشر" ٢/ ٣٤١.
(٧) في (م): (تعارفا).
(٨) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠١٩.
(٢) ينظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٦.
(٣) "الكتاب" ٢/ ٤٢٥ - ٤٢٦.
(٤) هذا كله كلام أبي علي الفارسي في "الحجة" ٢/ ١٣٤ - ١٣٥.
(٥) في (م): (تعارفون).
(٦) قرأ الكوفيون (سحران) من غير ألف، وقرأ الباقون (ساحران). ينظر "السبعة" "النشر" ٢/ ٣٤١.
(٧) في (م): (تعارفا).
(٨) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠١٩.
118
الجمع، وإن كان اللفظ على الإفراد، كقوله: ﴿وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: ٦٩] (١) وسمي العون ظهيرًا لاستناد ظهره إلى ظهر صاحبه (٢).
وأصل الباب من الظهور وهو البُروز، فظهر الشيء ظاهره الذي هو خلاف البطن، والظهيرة؛ لأنه أظهر ما تكون الشمس بانبساط شُعَاعها، وقرأه ظاهرًا، ومن ظهر قلبه؛ لأنّه ظهر له من غير كتاب. هذا أصل الباب. ثم استعمل من هذا التأليف أحرف ليس فيها معنى الظهور، ولكنها من الظهر الذي هو خلاف البطن، من ذلك: الظهر: الإبل التي تحمل الأثقال، والظهار: في مظاهرة الرجل من امرأته، والظِهريُّ: الشيء الذي تنساه وتحطّه وراء ظهرك (٣).
وقوله تعالى: ﴿بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ أي: تعاونون على أهل ملتكم بالمعصية والظلم. ومعنى العدوان: الإفراط والظلم، يقال: عَدَا عَدْوًا وعُدوانًا وعُدُوًّا وعِداءً (٤). وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ﴾ أي: إن أتوكم مأسورين يطلبون الفداء فديتموهم، وقُرئ: (أُسَارى) (وأَسرى) (٥)، وهما جمع أسير. وأسير: فَعِيل في معنى مفعول؛ لأنك تقول: أسرته، كما تقول: قتلته، وفعيل إذا كان بمعنى مفعول فجمعه يُكسَّر على فَعْلَى، نحو: لديغ ولدغَى، وقتيل وقتلى، وجريح وجَرحَى، وإذا (٦)
وأصل الباب من الظهور وهو البُروز، فظهر الشيء ظاهره الذي هو خلاف البطن، والظهيرة؛ لأنه أظهر ما تكون الشمس بانبساط شُعَاعها، وقرأه ظاهرًا، ومن ظهر قلبه؛ لأنّه ظهر له من غير كتاب. هذا أصل الباب. ثم استعمل من هذا التأليف أحرف ليس فيها معنى الظهور، ولكنها من الظهر الذي هو خلاف البطن، من ذلك: الظهر: الإبل التي تحمل الأثقال، والظهار: في مظاهرة الرجل من امرأته، والظِهريُّ: الشيء الذي تنساه وتحطّه وراء ظهرك (٣).
وقوله تعالى: ﴿بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ أي: تعاونون على أهل ملتكم بالمعصية والظلم. ومعنى العدوان: الإفراط والظلم، يقال: عَدَا عَدْوًا وعُدوانًا وعُدُوًّا وعِداءً (٤). وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ﴾ أي: إن أتوكم مأسورين يطلبون الفداء فديتموهم، وقُرئ: (أُسَارى) (وأَسرى) (٥)، وهما جمع أسير. وأسير: فَعِيل في معنى مفعول؛ لأنك تقول: أسرته، كما تقول: قتلته، وفعيل إذا كان بمعنى مفعول فجمعه يُكسَّر على فَعْلَى، نحو: لديغ ولدغَى، وقتيل وقتلى، وجريح وجَرحَى، وإذا (٦)
(١) من كلام أبي علي في "الحجة" بتصرف ٢/ ١٣١.
(٢) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠١٩.
(٣) انظر: "مقاييس اللغة" ٣/ ٧٤١.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠١٩.
(٥) قرأ حمزة (أَسْرى) بفتح الهمزة وسكون السين من غير ألف، وقرأ الباقون بضم الهمزة وألف بعد السين. ينظر: "السبعة" ص ١٦٣، و"التيسير" ص ٦٤، "النشر" ٢/ ٢١٨.
(٦) في (ش): (وإن).
(٢) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠١٩.
(٣) انظر: "مقاييس اللغة" ٣/ ٧٤١.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠١٩.
(٥) قرأ حمزة (أَسْرى) بفتح الهمزة وسكون السين من غير ألف، وقرأ الباقون بضم الهمزة وألف بعد السين. ينظر: "السبعة" ص ١٦٣، و"التيسير" ص ٦٤، "النشر" ٢/ ٢١٨.
(٦) في (ش): (وإن).
119
كان كذلك فالأقيس الأسرى، وهو أقيس من الأسارى، كما أن الأسارى أقيس من قولهم: أُسَراء. والذين قالوا أُسَرَاء شبهوه بظُرَفاء، كما قالوا في قتيل: قُتلَاء، فكما أن أُسَراء وقُتلَاء في جمع قتيل وأسير ليس بالقياس، كذلك أُسارى ليس بالقياس (١).
ووجه قول من قال أُسارى: كأنه شبهه بكسالى، وذلك أن الأسير لما كان محبوسًا عن كثير من تصرفه للأسر كما أن الكسلان محتبس عن ذلك لعادته (٢)، شُبِّه به، فقيل في جمعه: أُسارى، كما قيل: كسالى، وأجرى عليه هذا الجمع للحمل على المعنى، كما قيل: مرضى وموتى وهلكى؛ لما كانوا مُبتلين بهذه الأشياء ومصابين بها، فأشبه في المعنى فَعِيلًا الذي بمعنى مفعول، فلما أشبهه أجري عليه في الجمع (٣). والحمل على المعنى لا يكون الأصلَ عند سيبويه، قال: ولو كان أصلًا قبح (هالِكون وزَمِنون)، وكذلك أُسَارى ليس بالأصل في هذا الباب، ولكن قد استعمل كثيرًا. قال سيبويه: قالوا: كَسْلى شبهوه بأَسْرى، كما قالوا: أُسارى، شبهوه بكُسالى. قال: وإنّما جمع ما كان على فعلان نحو سكران وكسلان على فُعَالى، وإن
ووجه قول من قال أُسارى: كأنه شبهه بكسالى، وذلك أن الأسير لما كان محبوسًا عن كثير من تصرفه للأسر كما أن الكسلان محتبس عن ذلك لعادته (٢)، شُبِّه به، فقيل في جمعه: أُسارى، كما قيل: كسالى، وأجرى عليه هذا الجمع للحمل على المعنى، كما قيل: مرضى وموتى وهلكى؛ لما كانوا مُبتلين بهذه الأشياء ومصابين بها، فأشبه في المعنى فَعِيلًا الذي بمعنى مفعول، فلما أشبهه أجري عليه في الجمع (٣). والحمل على المعنى لا يكون الأصلَ عند سيبويه، قال: ولو كان أصلًا قبح (هالِكون وزَمِنون)، وكذلك أُسَارى ليس بالأصل في هذا الباب، ولكن قد استعمل كثيرًا. قال سيبويه: قالوا: كَسْلى شبهوه بأَسْرى، كما قالوا: أُسارى، شبهوه بكُسالى. قال: وإنّما جمع ما كان على فعلان نحو سكران وكسلان على فُعَالى، وإن
(١) هذا كله كلام أبي علي في "الحجة" بتصرف يسير ٢/ ١٤٣، وقد ذكر الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٢٠ أن أحدًا من العلماء الأثبات لم يُفَرق بين أسرى وأسارى إلا أبو عمرو فإنه قال: ما قد أُسِر فهو أسارى، وما لم يؤسر فهو أسْرى، وروي عنه من وجه آخر قال: ما صاروا في أيديهم فهم أسارى وما جاء مستأسرًا فهم أسرى، وأنكر الفرق ثعلب. وبين القرطبي في "تفسيره" ١٨/ ١٩ أن ما ذكره أبو عمرو لا يعرفه أهل اللغة.
(٢) في "الحجة": لعادته السيئة شبه به.
(٣) في "الحجة" ٢/ ١٤٤: فلما أشبهه في المعنى أجري عليه في الجمع اللفظ الذي لفعيل بمعنى مفعول.
(٢) في "الحجة": لعادته السيئة شبه به.
(٣) في "الحجة" ٢/ ١٤٤: فلما أشبهه في المعنى أجري عليه في الجمع اللفظ الذي لفعيل بمعنى مفعول.
120
كانت في أبنية الآحاد نحو: حيارى؛ لأن فعالًا قد جاء في بعض أبنية الجموع، نحو: رُخَالٍ (١) (٢) وظُؤارٍ (٣) وثُناء (٤)، وقد لحقت تاء التأنيث بعض الجموع (٥)، نحو: الحجارة والذِّكارة (٦)، وكما لحق التاء في هذا النحو الذي يراد به الجمع، كذلك لحق علامة التأنيث في سكارى وكسالى، فجعلت الألف بمنزلة التاء، كما جعلت بمنزلتها في قولهم: قاصعاء وقواصع، ودامّاء (٧) ودوامّ (٨).
وأصل الأسر في اللغة: الشدّ. قال الأصمعي: تقول العرب: ما أحسن ما أسَرَ قَتَبَه، أي: ما أحسن ما شدّه بالقِدّ، والقِدُّ: الذي يؤسَرُ به القَتَبُ، يسمى الإسار، وقيل للأسير من العدوّ: أسير؛ لأن آخذه يستوثق
وأصل الأسر في اللغة: الشدّ. قال الأصمعي: تقول العرب: ما أحسن ما أسَرَ قَتَبَه، أي: ما أحسن ما شدّه بالقِدّ، والقِدُّ: الذي يؤسَرُ به القَتَبُ، يسمى الإسار، وقيل للأسير من العدوّ: أسير؛ لأن آخذه يستوثق
(١) في (ش) كأنها (رجال).
(٢) رخال: بكسر الراء وضمها: جمع رِخل، الأنثى من أولاد الضأن، ينظر
"القاموس" ص ١٠٠٥ (مادة: رخل).
(٣) الظؤار: جمع ظئر، وهي العاطفة على غير ولدها المرضعة له. ينظر القاموس ص ٤٣٢ مادة: ظئر.
(٤) الثُّنَاء: أي اثنين اثنين، يقال: جاءوا مثنى وثُنَاء، كغُراب، أي: اثنين اثنين، وثنتين ثنتين، ينظر "القاموس" ص ١٢٦٧.
(٥) في "الحجة" وقد لحقته تاء التأنيث، فقالوا في جمع نقوة: نُقاوة، كما قالوا: الحجارة والذكارة.
(٦) الذكارة: بالكسر، ما يصلح للرجال، كالمسك والعنبر والعود. انظر "اللسان" ٣/ ١٥٠٩ مادة: ذكر
(٧) القاصعاء والداماء: من أسماء جِحَرَةِ اليربوع السبعة. "اللسان" ٣/ ١٤٢٦ مادة: دمم.
(٨) هذا كله كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٤٣ - ١٤٥ بتصرف يسير.
(٢) رخال: بكسر الراء وضمها: جمع رِخل، الأنثى من أولاد الضأن، ينظر
"القاموس" ص ١٠٠٥ (مادة: رخل).
(٣) الظؤار: جمع ظئر، وهي العاطفة على غير ولدها المرضعة له. ينظر القاموس ص ٤٣٢ مادة: ظئر.
(٤) الثُّنَاء: أي اثنين اثنين، يقال: جاءوا مثنى وثُنَاء، كغُراب، أي: اثنين اثنين، وثنتين ثنتين، ينظر "القاموس" ص ١٢٦٧.
(٥) في "الحجة" وقد لحقته تاء التأنيث، فقالوا في جمع نقوة: نُقاوة، كما قالوا: الحجارة والذكارة.
(٦) الذكارة: بالكسر، ما يصلح للرجال، كالمسك والعنبر والعود. انظر "اللسان" ٣/ ١٥٠٩ مادة: ذكر
(٧) القاصعاء والداماء: من أسماء جِحَرَةِ اليربوع السبعة. "اللسان" ٣/ ١٤٢٦ مادة: دمم.
(٨) هذا كله كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٤٣ - ١٤٥ بتصرف يسير.
121
منه بالإسار، وهو القِدّ، لئلا يُفْلِتَ (١)، ثمّ كثر استعماله حتّى قيل للمأخوذ: أسير، وإن لم يكن هناك شدّ (٢).
وقوله تعالى: ﴿تُفَادُوهُم﴾ قرئ أيضا بوجهين (٣): بالألف، من المفاداة، وبغير ألف، من الفداء. يقال: فديتُه بمال، فيتعدّى إلى مفعولين، ويتعدّى إلى الثاني بالجار، كقوله: ﴿وَفَدَينَاهُ بِذِبحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧]، وكقول الشاعر:
فإذا ثَقَّلْتَ العين زدتَ المفعولين ثالثًا، كقوله:
وقالوا: فادى الأسير: إذا أطلقه وأخذ عنه شيئا (٧). فأما الفداء فيجوز أن يكون مصدرًا مثل: الكتاب، ويجوز أن يكون مصدر فاعل، وقد قالوا: فديتُهُ وافتديتُه، أنشد أبو زيد:
وقوله تعالى: ﴿تُفَادُوهُم﴾ قرئ أيضا بوجهين (٣): بالألف، من المفاداة، وبغير ألف، من الفداء. يقال: فديتُه بمال، فيتعدّى إلى مفعولين، ويتعدّى إلى الثاني بالجار، كقوله: ﴿وَفَدَينَاهُ بِذِبحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧]، وكقول الشاعر:
| يودّون لو يَفْدُونَني بنفوسهم | وَمَثْنَى الأواقي والقِيَانِ النواهدِ (٤) |
| لو يَستطعن إذا نابتك مُجْحِفَةٌ | فَدَّيْنَك الموتَ بالآباء (٥) والولد (٦) |
(١) نقله عنه في "تهذيب اللغة"١/ ١٥٩. مادة (أسر)
(٢) ينظر في "تهذيب اللغة"١/ ١٥٩، "اللسان" ٤/ ٧٨. (مادة: أسر)
(٣) قرأ المدنيان نافع وأبو جعفر، وعاصم والكسائي ويعقوب (تفادوهم) بضم التاء وألف بعد الفاء، وقرأ الباقون بفتح التاء وسكون الفاء من غير ألف. ينظر "السبعة" ص ١٦٢ - ١٦٣، "التيسير" للداني ص ٦٤، و"النشر" ٢/ ٢١٨.
(٤) البيت لأبي ذؤيب في "شرح أشعار الهذليين" ص ١٩٢. مثنى الأواقي: (الذهب)، مثنى: أي: مرة بعد مرة. والقيان: الخدم.
(٥) في "الحجة" بالأبناء.
(٦) ذكره أبو علي في "الحجة" ٢/ ١٤٦ ولم ينسبه.
(٧) هذا كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٤٦.
(٢) ينظر في "تهذيب اللغة"١/ ١٥٩، "اللسان" ٤/ ٧٨. (مادة: أسر)
(٣) قرأ المدنيان نافع وأبو جعفر، وعاصم والكسائي ويعقوب (تفادوهم) بضم التاء وألف بعد الفاء، وقرأ الباقون بفتح التاء وسكون الفاء من غير ألف. ينظر "السبعة" ص ١٦٢ - ١٦٣، "التيسير" للداني ص ٦٤، و"النشر" ٢/ ٢١٨.
(٤) البيت لأبي ذؤيب في "شرح أشعار الهذليين" ص ١٩٢. مثنى الأواقي: (الذهب)، مثنى: أي: مرة بعد مرة. والقيان: الخدم.
(٥) في "الحجة" بالأبناء.
(٦) ذكره أبو علي في "الحجة" ٢/ ١٤٦ ولم ينسبه.
(٧) هذا كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٤٦.
122
| ولوأنّ مَيْتًا يُفْتَدَى لَفَدَيْتُه | بما اقتال (١) من حُكْمٍ عليَّ طبيبُ (٢) (٣) |
أخبرني العَرُوضي، عن الأزهري، عن المنذري، عن ثعلب قال: المفاداة: أن تدفع رجلًا وتأخذ رجلًا. والفِداء: أن تشتريَه بمال فداءً. ويقال: فديته بنفسي (٦).
وقال نصير (٧) الرازي (٨): يقال: فاديتُ الأسيرَ، وفاديت الأُسارى،
(١) في (ش) لعلها (أفتال) أو (أفتاك).
(٢) البيت لكعب بن سعد الغنوي في النوادر ص ٢٤٤، وعنه نقل أبو علي في "الحجة" دون نسبة ١/ ٣٤٢، ورواية "اللسان" والصحاح مادة [قول] والأصمعيات ص ٩٧ هكذا:
وذكره صاحب "اللسان" في مادة [فدى] ٦/ ٣٣٦٦ دون نسبة.
(٣) هذا كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٤٧.
(٤) سقطت من (ش).
(٥) هذا كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٤٧ بتصرف يسير.
(٦) في "تهذيب اللغة" ١٤/ ٢٠٠، وينظر: "اللسان" ٥/ ١٥٠ (مادة: فدى).
(٧) في (ش): (نظير).
(٨) هو: نصير بن أبي نصير الرازي، تقدمت ترجمته [البقرة: ١٥].
(٢) البيت لكعب بن سعد الغنوي في النوادر ص ٢٤٤، وعنه نقل أبو علي في "الحجة" دون نسبة ١/ ٣٤٢، ورواية "اللسان" والصحاح مادة [قول] والأصمعيات ص ٩٧ هكذا:
| ومنزلة في دار صدق وغبطة | وما اقتال من حكم علي طبيب |
| فلو كان ميت يفتدى لفديته | بما لم تكن عنه النفوس تطيب |
(٣) هذا كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٤٧.
(٤) سقطت من (ش).
(٥) هذا كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٤٧ بتصرف يسير.
(٦) في "تهذيب اللغة" ١٤/ ٢٠٠، وينظر: "اللسان" ٥/ ١٥٠ (مادة: فدى).
(٧) في (ش): (نظير).
(٨) هو: نصير بن أبي نصير الرازي، تقدمت ترجمته [البقرة: ١٥].
123
هكذا تقوله العرب. وإذا قلت: فديت الأسير فهو أيضا جائز بمعنى فَدَيْتُه مما كان فيه، أي: خلّصته، منه وفاديت أحسن في هذا المعنى. ومعنى فديته بالشيء، أي: خلّصته به، وجعلته عوضًا منه؛ صيانة له، كقوله تعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] أي: خلّصناه به (١) من الذبح (٢).
قال الفراء: والعرب تقصر الفداء وتمدّه، يقال: هذا فداؤك وفداك، وربما فتحوا الفاء إذا قصروا (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ﴾. (هو) إضمار الإخراج الذي تقدم ذكره في قوله: ﴿وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا﴾. ثم بيّن لتراخي الكلام أنّ ذلك الذي حُرِّم: الإخراج، فقال: (وهو محرّم عليكم)، ولو اقتصر على هذا القدر أشبه أن يرجع ذلك إلى فداء الأسرى، لأن معناه وإخراجهم (٤) فأظهر المكنى عنه فأعاده، فقال: إخراجهم فكان رفع الإخراج (٥) بالتكرير على هو؛ لأن معناه: وإخراجهم، محرم عليكم، فهو مبتدأ مؤخر عن خبره، تقديره: وإخراجهم محرم عليكم، وهذا معنى قول الفرّاء (٦) والزجّاج (٧) جميعًا. قال الفراء: وإن شئتَ جعلتَ هو عمادًا (٨).
قال الفراء: والعرب تقصر الفداء وتمدّه، يقال: هذا فداؤك وفداك، وربما فتحوا الفاء إذا قصروا (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ﴾. (هو) إضمار الإخراج الذي تقدم ذكره في قوله: ﴿وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا﴾. ثم بيّن لتراخي الكلام أنّ ذلك الذي حُرِّم: الإخراج، فقال: (وهو محرّم عليكم)، ولو اقتصر على هذا القدر أشبه أن يرجع ذلك إلى فداء الأسرى، لأن معناه وإخراجهم (٤) فأظهر المكنى عنه فأعاده، فقال: إخراجهم فكان رفع الإخراج (٥) بالتكرير على هو؛ لأن معناه: وإخراجهم، محرم عليكم، فهو مبتدأ مؤخر عن خبره، تقديره: وإخراجهم محرم عليكم، وهذا معنى قول الفرّاء (٦) والزجّاج (٧) جميعًا. قال الفراء: وإن شئتَ جعلتَ هو عمادًا (٨).
(١) من قوله: خلصناه به. ساقط من (أ) و (م).
(٢) "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٥٤ بتصرف واختصار. (مادة: فدى).
(٣) نقله عنه "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٥٤، وعنه ابن منظور في "اللسان" ٦/ ٣٣٦٦، "القرطبي" في "تفسيره" ٢/ ٩١. (مادة: فدى).
(٤) قوله: (لأن معناه، وإخراجهم) ساقطة من (أ) و (م).
(٥) في (ش): (الإحرام).
(٦) في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٠ - ٥١.
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٧.
(٨) كذا نقله عنه "القرطبي" في "تفسيره" ٢/ ٢٢.
(٢) "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٥٤ بتصرف واختصار. (مادة: فدى).
(٣) نقله عنه "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٥٤، وعنه ابن منظور في "اللسان" ٦/ ٣٣٦٦، "القرطبي" في "تفسيره" ٢/ ٩١. (مادة: فدى).
(٤) قوله: (لأن معناه، وإخراجهم) ساقطة من (أ) و (م).
(٥) في (ش): (الإحرام).
(٦) في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٠ - ٥١.
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٧.
(٨) كذا نقله عنه "القرطبي" في "تفسيره" ٢/ ٢٢.
124
قال: وإذا رأيت الواو في موضع تطلب الاسم دون الفعل، صلح في ذلك الموضع العماد، كقولك: أتيت زيدًا وأبوه قائم، فإن أردت أن تقدم الفعل على الأب، فقلت: أتيت زيدًا قائم أبوه (١)، أو ويقوم أبوه قبح؛ لأن الواو تطلب الاسم، فإذا قبح ذلك أدخلوا هو؛ لأنه اسم فقيل: أتيت زيدًا وهو قائم (٢)، كذلك ﴿وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ﴾: حُرّم عليكم إخراجهم، والاسم المبني على الفعل ينوب عنه في العمل، ومحرم على: حُرِّم.. (٣) ورفعت الإخراج في هذا الوجه بمحرّم لأن معنى قوله: (ومحرم) مبني على حُرِّمَ.
وقال الزجاج: وجائز أن يكون هو للقصة والحديث والخبر والأمر والشأن، كأنه قال: والخبر (٤) محرم عليكم إخراجهم، كما قال عز وجل: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الصمد: ١] أي: الأمر الذي هو الحق: الله الأحد، وتأويله (٥): الأمر الذي هو الحقُّ توحيدُ الله عز وجل (٦).
ونظم الآية على التقديم والتأخير، تقديره: وتخرجون فريقًا منكم من ديارهم، وهو محرّم عليكم إخراجُهم، وإن يأتوكم أسرى (٧) تَفْدُوهم (٨).
وقال الزجاج: وجائز أن يكون هو للقصة والحديث والخبر والأمر والشأن، كأنه قال: والخبر (٤) محرم عليكم إخراجهم، كما قال عز وجل: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الصمد: ١] أي: الأمر الذي هو الحق: الله الأحد، وتأويله (٥): الأمر الذي هو الحقُّ توحيدُ الله عز وجل (٦).
ونظم الآية على التقديم والتأخير، تقديره: وتخرجون فريقًا منكم من ديارهم، وهو محرّم عليكم إخراجُهم، وإن يأتوكم أسرى (٧) تَفْدُوهم (٨).
(١) في "معاني القرآن" للفراء: فقبيح أن تقول: أتيت زيدًا قائم أبوه، وأتيت زيدًا ويقوم أبوه.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥١.
(٣) من قوله: حُ (رِّم عليكم).. ساقط من (أ) و (م).
(٤) في (ش): (الخير).
(٥) في (أ): (وتأويل).
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٧.
(٧) في (م): (أسارى).
(٨) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٢.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥١.
(٣) من قوله: حُ (رِّم عليكم).. ساقط من (أ) و (م).
(٤) في (ش): (الخير).
(٥) في (أ): (وتأويل).
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٧.
(٧) في (م): (أسارى).
(٨) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٢.
125
والمحرم: الممنوعٌ منه، والحرامُ: كلُّ ممنوع من فعله، ومن ذلك: البلد الحرام، والبيت الحرام؛ لأنه كان يمنع فيه ما هو مُبَاح في غيره، ورَجل مُحْرِم وحرام: إذا مَنَع نفسه ممّا يحظره الإحرام، والحُرُمات: كُلّ ما مُنِعَ ارتكابُه، وتقول: قد تَحَرَّمت بطعامك، أي: حَرُم عليك بهذا السبَب ما كان لك أخذه، والمحروم: الممنوع ما (١) ناله سواه. وقول زُهَير:
يقول (٢) لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ (٣)
أي: ليس بممنوع، والحَرَم والحَرَام واحد، كقولهم: زَمَنٌ وزَمَانٌ (٤).
وقوله تعالى: ﴿فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ﴾ استفهامٌ في معنى توبيخ. وقوله تعالى: ﴿إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ يعني (٥): ما نال قُريْظة وبني النضير؛ لأن بني النضير أُجلوا عن مَساكنهم، وبني قريظة أبيروا بقتل مقاتلهم، وسبي ذراريهم (٦). والخزي: الهوان والفضيحة، وقد أخزاه الله: أي: أهانه (٧). شمر (٨): أخزاه الله: فضحه، وفي القرآن: {وَلَا تُخْزُونِ فِى
يقول (٢) لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ (٣)
أي: ليس بممنوع، والحَرَم والحَرَام واحد، كقولهم: زَمَنٌ وزَمَانٌ (٤).
وقوله تعالى: ﴿فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ﴾ استفهامٌ في معنى توبيخ. وقوله تعالى: ﴿إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ يعني (٥): ما نال قُريْظة وبني النضير؛ لأن بني النضير أُجلوا عن مَساكنهم، وبني قريظة أبيروا بقتل مقاتلهم، وسبي ذراريهم (٦). والخزي: الهوان والفضيحة، وقد أخزاه الله: أي: أهانه (٧). شمر (٨): أخزاه الله: فضحه، وفي القرآن: {وَلَا تُخْزُونِ فِى
(١) (ما) بمعنى الذي.
(٢) في (أ): (يقول).
(٣) ديوان زهير ص ٧٩، وصدر البيت:
وإن أتاه خليلٌ يومَ مسألةٍ.
(٤) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٧٩٣ - ٧٩٧، و"لسان العرب" ٢/ ٨٤٤. مادة (حرم).
(٥) في (ش): (بمعنى).
(٦) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠٢٣.
(٧) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٢٧، "اللسان" ٢/ ١١٥٥ مادة (خزا)، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٣.
(٨) هو: شمر أبو عمرو بن حمدويه الهروي اللغوي الأديب الفاضل الكامل، إليه الرحلة في هذا الفن من كل مكان، كانت له عناية بعلم اللغة، توفي سنة ٢٥٥ هـ. ينظر: "إنباه الرواة" ٢/ ٧٧ - ٧٨، و"بغية الوعاة" ٢/ ٤ - ٥.
(٢) في (أ): (يقول).
(٣) ديوان زهير ص ٧٩، وصدر البيت:
وإن أتاه خليلٌ يومَ مسألةٍ.
(٤) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٧٩٣ - ٧٩٧، و"لسان العرب" ٢/ ٨٤٤. مادة (حرم).
(٥) في (ش): (بمعنى).
(٦) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠٢٣.
(٧) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٢٧، "اللسان" ٢/ ١١٥٥ مادة (خزا)، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٣.
(٨) هو: شمر أبو عمرو بن حمدويه الهروي اللغوي الأديب الفاضل الكامل، إليه الرحلة في هذا الفن من كل مكان، كانت له عناية بعلم اللغة، توفي سنة ٢٥٥ هـ. ينظر: "إنباه الرواة" ٢/ ٧٧ - ٧٨، و"بغية الوعاة" ٢/ ٤ - ٥.
126
ضَيْفِي} [هود: ٢٣٠] أي: لا تفضحوني (١). أبو عبيد: يُقال: خزِي يخزى خِزيًا: إذا هلك (٢).
وقال ابن السراج: معنى أخزاه الله، أي: أوقفه موقفا يُسْتحيَا منه، مِن قولهم: خزي يخزَى خِزَايَةً: إذا استحيا (٣). ثم أعلم الله عز وجل أن ذلك غير مكفِّر عنهم ذنوبهم، فقال: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ﴾
والردُّ: الرجع. يقال: ردّه إلى كذا، ويقال للمُجبّر: ردّاد؛ لأنه يردّ العُضْو إلى ما كان. والرِّدّة: الرجوع عن الشيء، ومنه الردّة عن الإسلام (٤).
وإنما قال: (يُردّون) بلفظ الجمع لمعنى مَنْ.
وفي (أشد العذاب) قولان:
أحدهما: أنه عذاب لا رَوْح (٥) فيه تتصل أجزاؤه.
والثاني: عذابٌ أشدّ من عذاب الدنيا بتضعيف الألم فيه.
٨٦ - قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ الآية. أي: استبدلوا قليل الدنيا بكثير الاخرة (٦).
وقوله تعالى: ﴿فَلَا يُخَفَّفُ عَنهُمُ العَذَابُ﴾ أي: لا ينقص، والخِفّة: نُقْصَان الوَزْن.
وقال ابن السراج: معنى أخزاه الله، أي: أوقفه موقفا يُسْتحيَا منه، مِن قولهم: خزي يخزَى خِزَايَةً: إذا استحيا (٣). ثم أعلم الله عز وجل أن ذلك غير مكفِّر عنهم ذنوبهم، فقال: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ﴾
والردُّ: الرجع. يقال: ردّه إلى كذا، ويقال للمُجبّر: ردّاد؛ لأنه يردّ العُضْو إلى ما كان. والرِّدّة: الرجوع عن الشيء، ومنه الردّة عن الإسلام (٤).
وإنما قال: (يُردّون) بلفظ الجمع لمعنى مَنْ.
وفي (أشد العذاب) قولان:
أحدهما: أنه عذاب لا رَوْح (٥) فيه تتصل أجزاؤه.
والثاني: عذابٌ أشدّ من عذاب الدنيا بتضعيف الألم فيه.
٨٦ - قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ الآية. أي: استبدلوا قليل الدنيا بكثير الاخرة (٦).
وقوله تعالى: ﴿فَلَا يُخَفَّفُ عَنهُمُ العَذَابُ﴾ أي: لا ينقص، والخِفّة: نُقْصَان الوَزْن.
(١) ينظر "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٢٧، "اللسان" ٢/ ١١٥٥ (مادة: خزي).
(٢) كذا في "غريب الحديث" له ٢/ ٣٨١.
(٣) ينظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد ٢/ ٣٨١، "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٢٧٤، (مادة: خزى)، "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٣.
(٤) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٣٩٠ مادة (ردد).
(٥) لا روح فيه: أي لا راحة فيه.
(٦) ينظر: الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣١٦ - ٣١٧، "زاد المسير" ١/ ٩٨.
(٢) كذا في "غريب الحديث" له ٢/ ٣٨١.
(٣) ينظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد ٢/ ٣٨١، "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٢٧٤، (مادة: خزى)، "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٣.
(٤) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٣٩٠ مادة (ردد).
(٥) لا روح فيه: أي لا راحة فيه.
(٦) ينظر: الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣١٦ - ٣١٧، "زاد المسير" ١/ ٩٨.
ودخلت الفاء في قوله: ﴿فَلَا يُخَفَفُ عَنهُمُ العَذَابُ﴾ للعطف على (اشتروا) فيكون من صلة الذين.
٨٧ - وقوله تعالى: ﴿وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ﴾ أي: أرسلنا رسولًا يقفو رَسُولًا في الدعاء إلى توحيد الله والقيام بشرائع دينه (١).
يقال: قفّى أثره، وقفّى غيرَه على أثره، أي: اتبعه إياه، والقفا: مُؤَخَّرُ العُنُق، ويقال للشيخ إذا هرم: رُدّ على قَفَاه، ورُدّ قَفًا. قال:
ومنه: قافية الشعر (٣)، ونذكر استقصاءه عند قوله: ﴿وَلَا تَقفُ مَا ليَسَ لَكَ بِهِ عِلم﴾ [الإسراء: ٣٦] إن شاء الله تعالى.
وقوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ﴾ يعني: الآياتِ التي ذكرها في سورة آل عمران (٤) والمائدة (٥).
٨٧ - وقوله تعالى: ﴿وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ﴾ أي: أرسلنا رسولًا يقفو رَسُولًا في الدعاء إلى توحيد الله والقيام بشرائع دينه (١).
يقال: قفّى أثره، وقفّى غيرَه على أثره، أي: اتبعه إياه، والقفا: مُؤَخَّرُ العُنُق، ويقال للشيخ إذا هرم: رُدّ على قَفَاه، ورُدّ قَفًا. قال:
| إِن تَلْقَ رَيْبَ المنايا أو تُرَدُّ قفًا | لا أَبْكِ مِنك على دينٍ ولا حَسَب (٢). |
وقوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ﴾ يعني: الآياتِ التي ذكرها في سورة آل عمران (٤) والمائدة (٥).
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٨، قال الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٠٣: وقفينا من بعده بالرسل أي: أتبعنا بعضهم بعضا على منهاج واحد، وشريعة واحدة لأن كل من بعثه الله نبيا بعد موسى عليه السلام إلى زمان عيسى بن مريم فإنما بعثه بأمر بني إسرائيل بإقامة التوراة والعمل بما فيها والدعاء إلى ما فيها.
(٢) البيت بلا نسبة في: "لسان العرب" ٦/ ٣٧٠٨، و"أساس البلاغة" ص ٢/ ٢٦٩،
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٠٣، "تهذيب اللغة" ٣/ ٣٠١٣، "المحرر الوجيز" ١/ ٣٨٥، "اللسان" ٦/ ٣٧٠٨ مادة (قفا).
(٤) في قوله تعالى: ﴿وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ﴾ [آل عمران: ٤٩].
(٥) في قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ﴾ الآية: ١١٠ من سورة المائدة وينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٠٣، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٤.
(٢) البيت بلا نسبة في: "لسان العرب" ٦/ ٣٧٠٨، و"أساس البلاغة" ص ٢/ ٢٦٩،
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٠٣، "تهذيب اللغة" ٣/ ٣٠١٣، "المحرر الوجيز" ١/ ٣٨٥، "اللسان" ٦/ ٣٧٠٨ مادة (قفا).
(٤) في قوله تعالى: ﴿وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ﴾ [آل عمران: ٤٩].
(٥) في قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ﴾ الآية: ١١٠ من سورة المائدة وينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٠٣، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٤.
128
﴿وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ أي: قويناه (١)، والأيد والآد: القوة، ويقال: أَيَّدَه وآيده: إذا قواه، وآدَ يَئِيدُ أَيْدًا: إذا قوي، قال امرؤ القيس:
فَأَثَّتْ (٢) أَعَاليه وآدَتْ أُصولُه (٣)
أي: قويت وإياد كل شيء: ما يَقْوَى به (٤)، قال العجاج:
متخذًا مِنها إيادًا (٥)
واختلفوا في معنى (روح القدس). فقال قتادة (٦) والربيع والضحاك (٧) والسُّدّي (٨): إنه جبريل. واختاره الزجاج (٩). والقُدسُ:
فَأَثَّتْ (٢) أَعَاليه وآدَتْ أُصولُه (٣)
أي: قويت وإياد كل شيء: ما يَقْوَى به (٤)، قال العجاج:
متخذًا مِنها إيادًا (٥)
واختلفوا في معنى (روح القدس). فقال قتادة (٦) والربيع والضحاك (٧) والسُّدّي (٨): إنه جبريل. واختاره الزجاج (٩). والقُدسُ:
(١) "تفسير الطبري" ١/ ٤٠٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٨، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٤و"المحرر الوجيز" ١/ ٣٨٥.
(٢) في (م) (فأتت).
(٣) عجز البيت:
ومال بقُنْيَانٍ من البُسْرِ أحمرا
يصف نخيلًا، انظر "ديوانه" ص ٦٠، "لسان العرب" ١/ ١٨٩ (مادة أيد). "المعجم المفصل" ٣/ ١٤٠.
(٤) ينظر "تهذيب اللغة" ١/ ٩٦، "اللسان" ١/ ١٨٩، وفيه: وإياد كل شيء: ما يقوى به من جانبيه، وهما إياداه.
(٥) البيت للعجاج يصف الثور: متخذًا منها إيادًا هدفًا. ينظر "تهذيب اللغة" ١/ ٩٦، "اللسان" ١/ ١٨٩.
(٦) أخرجه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٢٠ وذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦٨، الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٢٦.
(٧) أخرجه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٢٠ وذكره الثعلبي فى "تفسيره" ١/ ١٠٢٦.
(٨) أخرجه عنه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٠٤.
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٨ وكذا اختاره الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٠٤ بعد أن ذكر قولين آخرين: الأول: أنه الإنجيل، والثاني: أنه الاسم الذي كان عيسى يحيي به الموتى. ثم قال: وأولى التأويلات في ذلك بالصواب قول من قال: الروح في هذا الموضع جبريل؛ لأن الله جل ثناؤه أخبر أنه أيد عيسى به، كما أخبر في قوله: {إِذْ =
(٢) في (م) (فأتت).
(٣) عجز البيت:
ومال بقُنْيَانٍ من البُسْرِ أحمرا
يصف نخيلًا، انظر "ديوانه" ص ٦٠، "لسان العرب" ١/ ١٨٩ (مادة أيد). "المعجم المفصل" ٣/ ١٤٠.
(٤) ينظر "تهذيب اللغة" ١/ ٩٦، "اللسان" ١/ ١٨٩، وفيه: وإياد كل شيء: ما يقوى به من جانبيه، وهما إياداه.
(٥) البيت للعجاج يصف الثور: متخذًا منها إيادًا هدفًا. ينظر "تهذيب اللغة" ١/ ٩٦، "اللسان" ١/ ١٨٩.
(٦) أخرجه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٢٠ وذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٦٨، الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٢٦.
(٧) أخرجه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٢٠ وذكره الثعلبي فى "تفسيره" ١/ ١٠٢٦.
(٨) أخرجه عنه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٠٤.
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٨ وكذا اختاره الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٠٤ بعد أن ذكر قولين آخرين: الأول: أنه الإنجيل، والثاني: أنه الاسم الذي كان عيسى يحيي به الموتى. ثم قال: وأولى التأويلات في ذلك بالصواب قول من قال: الروح في هذا الموضع جبريل؛ لأن الله جل ثناؤه أخبر أنه أيد عيسى به، كما أخبر في قوله: {إِذْ =
129
الطهارة (١)، كأنه منسوبٌ إلى الطهارة، وذلك أنه ممن لا يقترف ذنبًا ولا يأتي مأثمًا.
وتأييد عيسى بجبريل عليهما السلام هو أنه كان قرينه، يسير معه حيثما سار، وأيضًا فإنه صَعِد به إلى السماء (٢)، ودليل هذا التأويل: قوله عز وجل: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ﴾ [النحل: ١٠٢]، يعني: جبريل (٣). وإنّما سُمي جبريل رُوحًا؛ لأنه بمنزلة الأرواح للأبدان تحيا بما يأتي من (٤) البيان عن الله عز وجل من يُهدَى به، كما قال عز وجل: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ﴾ [الأنعام: ١٢٢]، أي: كان كافرًا فهديناه.
وتأييد عيسى بجبريل عليهما السلام هو أنه كان قرينه، يسير معه حيثما سار، وأيضًا فإنه صَعِد به إلى السماء (٢)، ودليل هذا التأويل: قوله عز وجل: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ﴾ [النحل: ١٠٢]، يعني: جبريل (٣). وإنّما سُمي جبريل رُوحًا؛ لأنه بمنزلة الأرواح للأبدان تحيا بما يأتي من (٤) البيان عن الله عز وجل من يُهدَى به، كما قال عز وجل: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ﴾ [الأنعام: ١٢٢]، أي: كان كافرًا فهديناه.
= قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} فلو كان الروح الذي أيده الله به هو الإنجيل لكان قوله: ﴿إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ ﴿وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ تكرير قول لا معنى له، وانظر "تفسير ابن كثير" ص ١١٢.
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٨، الطبري في "تفسيره" ١/ ١٣٢.
(٢) ينظر: "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٠٢٦، وذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١١٢ - ١١٣ في تأييد عيسى بروح القدس الذي هو جبريل ثلاثة أقوال: أحدها: أنه أُيد به لإظهار حجته وأمر دينه. والثاني: لدفع بني إسرائيل عنه إذ أرادوا قتله. والثالث: أنه أيد به في جميع أحواله.
(٣) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٦ وقال الشنقيطي في "أضواء البيان" ١/ ١٤٢ هو جبريل على الأصحِ، ويدل ذلك قوله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ [الشعراء: ١٩٣] وقوله: ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا﴾ [مريم: ١٧]، انتهى. ويؤيده أيضًا قول النبي - ﷺ - لحسان - رضي الله عنه -: "ياحسان أجب عن رسول الله - ﷺ -، اللهم أيده بروح القدس". رواه البخاري (٤٥٣) في الصلاة، باب الشعر في المسجد ومسلم (٢٤٨٥) كتاب: في فضائل الصحابة، باب فضائل حسان بن ثابت وينظر "التفسير الصحيح" ١/ ١٩٢.
(٤) في (م): (عن).
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٨، الطبري في "تفسيره" ١/ ١٣٢.
(٢) ينظر: "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٠٢٦، وذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١١٢ - ١١٣ في تأييد عيسى بروح القدس الذي هو جبريل ثلاثة أقوال: أحدها: أنه أُيد به لإظهار حجته وأمر دينه. والثاني: لدفع بني إسرائيل عنه إذ أرادوا قتله. والثالث: أنه أيد به في جميع أحواله.
(٣) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٦ وقال الشنقيطي في "أضواء البيان" ١/ ١٤٢ هو جبريل على الأصحِ، ويدل ذلك قوله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ [الشعراء: ١٩٣] وقوله: ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا﴾ [مريم: ١٧]، انتهى. ويؤيده أيضًا قول النبي - ﷺ - لحسان - رضي الله عنه -: "ياحسان أجب عن رسول الله - ﷺ -، اللهم أيده بروح القدس". رواه البخاري (٤٥٣) في الصلاة، باب الشعر في المسجد ومسلم (٢٤٨٥) كتاب: في فضائل الصحابة، باب فضائل حسان بن ثابت وينظر "التفسير الصحيح" ١/ ١٩٢.
(٤) في (م): (عن).
130
وقيل (١): لأن الغالب على جسمه الروحانية لرقته، وكذلك سائر الملائكة.
وقال آخرون: أراد: الروح القدس، أي: المقدس، فأضاف الاسْم إلى الصفة، وأراد به روح عيسى عليه السلام.
وسمى روحَه قُدُسًا؛ لأنه لم تتضمنه أصلاب الفحولة، ولم تشتمل عليه أرحام الطوامث (٢) (٣). وجاء في الخبر: أن الله تعالى لما أخذ الذرية في ظهر آدم (٤) وأشهدهم على أنفسهم ردها إليه إلا روح عيسى فإنه أمسكها عنده إلى وقت خلقه. وقرئ القُدس بالتخفيف والتثقيل (٥)، وهُما حسنان، مثل: العُنْقُ والعُنُق، والحُلْم والحُلُم، وبابه (٦). ومعناه: الطهارة.
قال العَجّاج:
قد عَلِمَ القُدُّوس رَبُّ القُدْس (٧).
وذكرنا ما فيه عند قوله ﴿وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ [البقرة: ٣٠].
وقال آخرون: أراد: الروح القدس، أي: المقدس، فأضاف الاسْم إلى الصفة، وأراد به روح عيسى عليه السلام.
وسمى روحَه قُدُسًا؛ لأنه لم تتضمنه أصلاب الفحولة، ولم تشتمل عليه أرحام الطوامث (٢) (٣). وجاء في الخبر: أن الله تعالى لما أخذ الذرية في ظهر آدم (٤) وأشهدهم على أنفسهم ردها إليه إلا روح عيسى فإنه أمسكها عنده إلى وقت خلقه. وقرئ القُدس بالتخفيف والتثقيل (٥)، وهُما حسنان، مثل: العُنْقُ والعُنُق، والحُلْم والحُلُم، وبابه (٦). ومعناه: الطهارة.
قال العَجّاج:
قد عَلِمَ القُدُّوس رَبُّ القُدْس (٧).
وذكرنا ما فيه عند قوله ﴿وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ [البقرة: ٣٠].
(١) سقطت من (م).
(٢) في (م): (الطوارق).
(٣) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٠٢٥، "الكشاف" للزمخشري ١/ ٨٠، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٣٢.
(٤) في (م): (لما أخذ من ظهر آدم الذرية).
(٥) قرأ ابن كثير في تفسيره (القُدْس) بإسكان الدال حيث جاء، والباقون بضمها. ينظر: "السبعة" ص ١٦٣، و"التيسير" ص ٦٤، و"النشر" ٢/ ٢١٦.
(٦) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٥٠.
(٧) وبعده:
ذكره في: "اللسان" ٦/ ٣٥٥٠ (مادة: قدس)، وفيه: (مولى) بدل (رب).
(٢) في (م): (الطوارق).
(٣) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٠٢٥، "الكشاف" للزمخشري ١/ ٨٠، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٣٢.
(٤) في (م): (لما أخذ من ظهر آدم الذرية).
(٥) قرأ ابن كثير في تفسيره (القُدْس) بإسكان الدال حيث جاء، والباقون بضمها. ينظر: "السبعة" ص ١٦٣، و"التيسير" ص ٦٤، و"النشر" ٢/ ٢١٦.
(٦) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٥٠.
(٧) وبعده:
| إن أبا العباس أولى نفس | بمعدن الملك القديم الكِرسِ |
131
وقوله: ﴿أَفَكُلَّمَا﴾ ذهب أبو الحسن (١) في هذه الفاء إلى أنها زائدة، والوجه: أن تكون غير زائدة وأن تكون للإتباع؛ لتعلق ما قبلها بما بعدها.
وعلى هذا قوله - ﷺ -، وقد قيل له لما جهد (٢) نفسه بالعبادة: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: "أفلا أكون عبدا شكورًا" (٣). فالوجه أن تكون الفاء هَاهُنَا مُتبعَةً غير زائدة (٤).
ونصب (كلّما) كنصب سائر الظروف (٥)، وكُلّ: حرفُ جملة، وهو اسم يجمع الأجزاء (٦).
وقال أبو الهيثم: يقع (كل) على اسم منكور مُوحَّد فيؤدي معنى الجماعة، كقولهم: ما كلُّ بيضاءَ شحمةً (٧).
و (ما) هاهُنا حرف جزاء (٨)، ضم إلى (كل) (٩).
ومعنى ﴿أسْتَكبَرْتُم﴾: تعظمتم عن الإيمان به؛ لأنهم كانت لهم
وعلى هذا قوله - ﷺ -، وقد قيل له لما جهد (٢) نفسه بالعبادة: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: "أفلا أكون عبدا شكورًا" (٣). فالوجه أن تكون الفاء هَاهُنَا مُتبعَةً غير زائدة (٤).
ونصب (كلّما) كنصب سائر الظروف (٥)، وكُلّ: حرفُ جملة، وهو اسم يجمع الأجزاء (٦).
وقال أبو الهيثم: يقع (كل) على اسم منكور مُوحَّد فيؤدي معنى الجماعة، كقولهم: ما كلُّ بيضاءَ شحمةً (٧).
و (ما) هاهُنا حرف جزاء (٨)، ضم إلى (كل) (٩).
ومعنى ﴿أسْتَكبَرْتُم﴾: تعظمتم عن الإيمان به؛ لأنهم كانت لهم
(١) أي: الأخفش.
(٢) في (م): (أجهد).
(٣) رواه البخاري (١١٣٠) في أبواب التهجد، باب: قيام النبي - ﷺ - الليل حتى ترم قدماه، ومسلم (٢٨١٩) في الجنة والنار، باب: إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٠.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٩.
(٦) "اللسان" ١١/ ٥٩١، وقال في "البحر المحيط" ١/ ٨٨: كل للعموم، وهو اسم جمع لازم للإضافة، إلا أن ما أضيف إليه يجوز حذفه ويعوض منه التنوين، وأحكام كل كثيرة.
(٧) نقله عنه الأزهري في "تهذيب اللغة" ٩/ ٤٥٠ وعنه ابن منظور في "اللسان" ١١/ ٥٩١، وينظر: "مغني اللبيب" ١/ ٢٠١ - ٢٠٢.
(٨) في (ش): (وخبر).
(٩) ينظر: "مغني اللبيب" ٢/ ٢٠١.
(٢) في (م): (أجهد).
(٣) رواه البخاري (١١٣٠) في أبواب التهجد، باب: قيام النبي - ﷺ - الليل حتى ترم قدماه، ومسلم (٢٨١٩) في الجنة والنار، باب: إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٠.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٩.
(٦) "اللسان" ١١/ ٥٩١، وقال في "البحر المحيط" ١/ ٨٨: كل للعموم، وهو اسم جمع لازم للإضافة، إلا أن ما أضيف إليه يجوز حذفه ويعوض منه التنوين، وأحكام كل كثيرة.
(٧) نقله عنه الأزهري في "تهذيب اللغة" ٩/ ٤٥٠ وعنه ابن منظور في "اللسان" ١١/ ٥٩١، وينظر: "مغني اللبيب" ١/ ٢٠١ - ٢٠٢.
(٨) في (ش): (وخبر).
(٩) ينظر: "مغني اللبيب" ٢/ ٢٠١.
132
الرئاسة، وكانوا متبوعين، فآثروا الدنيا على الآخرة (١).
﴿فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ﴾ مثل: عيسى ومحمد، ﴿وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾ مثل: يحيى وزكريا. نظيره في المائدة [٧٠]: ﴿فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ﴾ (٢)، والفريق: الطائفة من الناس (٣).
قوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ فيما دل عليه قوله: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ﴾ كأنه قال: فما استقمتم (٤).
٨٨ - قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا قُلُوُبنَا غُلْفُ﴾ الآية. جمع أغلَفَ، كما أن حُمْرًا (٥) جمع أَحمر، فإذا كان جمع أفعل لم يجز تثقيله إلا في الشعر (٦).
قال أبو عبيدة: كل شيء في غلاف فهو أَغْلَف، قالوا: سيفٌ أَغْلَف، وقوس غلفاء، ورجل أغلف: لم يُختن (٧).
وما يدرك به المعلومات من الحواس وغيرها من الأعضاء إذا ذُكِر بأنه لا يعلم وُصِفَ بأن عليه مانعًا من ذلك ودونه حائلًا، فمن ذلك قوله: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: ٢٤]، كأن القُفْل لما كان حاجزًا بين المُقْفَل عليه وحائلًا من أن يدخله ما يدخل إذا لم يَكن مُقفلًا
﴿فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ﴾ مثل: عيسى ومحمد، ﴿وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾ مثل: يحيى وزكريا. نظيره في المائدة [٧٠]: ﴿فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ﴾ (٢)، والفريق: الطائفة من الناس (٣).
قوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ فيما دل عليه قوله: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ﴾ كأنه قال: فما استقمتم (٤).
٨٨ - قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا قُلُوُبنَا غُلْفُ﴾ الآية. جمع أغلَفَ، كما أن حُمْرًا (٥) جمع أَحمر، فإذا كان جمع أفعل لم يجز تثقيله إلا في الشعر (٦).
قال أبو عبيدة: كل شيء في غلاف فهو أَغْلَف، قالوا: سيفٌ أَغْلَف، وقوس غلفاء، ورجل أغلف: لم يُختن (٧).
وما يدرك به المعلومات من الحواس وغيرها من الأعضاء إذا ذُكِر بأنه لا يعلم وُصِفَ بأن عليه مانعًا من ذلك ودونه حائلًا، فمن ذلك قوله: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: ٢٤]، كأن القُفْل لما كان حاجزًا بين المُقْفَل عليه وحائلًا من أن يدخله ما يدخل إذا لم يَكن مُقفلًا
(١) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠٢٧.
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٠٥ - ٤٠٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٧.
(٣) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠٢٧.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٠.
(٥) في (ش): (حمر).
(٦) من "الحجة" ٢/ ١٥٥، وينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٠٦، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٩.
(٧) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٤٦، ونقله عنه أبو علي في "الحجة" ٢/ ١٥٥.
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٠٥ - ٤٠٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٧.
(٣) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠٢٧.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٠.
(٥) في (ش): (حمر).
(٦) من "الحجة" ٢/ ١٥٥، وينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٠٦، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٩.
(٧) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٤٦، ونقله عنه أبو علي في "الحجة" ٢/ ١٥٥.
133
جُعِل مَثَلًا للقلوب في أنها لا تعي ولا تفقَه.
وكذلك قوله ﴿الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي﴾ [الكهف: ١٠١] (١)، ومثل هذه الآية في المعنى قوله: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾ [فصلت: ٥]. قال ابن عباس (٢) ومجاهد وقتادة في هذه الآية: إنهم قالوا استهزاءً وإنكارًا وجحدًا لما أتى به محمد: قلوبنا عليها غشاوة، فهي في أوعية، فلا تعي ولا تفقه ما تقول يا محمد.
ومن ضم اللام فهو جمع غلاف مثل: حِمَار وحُمُر، ومِثَال ومُثُل (٣). قال ابن عباس (٤) والكلبي (٥): إنهم قالوا للنبي - ﷺ -: قُلُوبنا أوعية للعلم، فما بالها لا تفهم عنك ما أتيت به مما تدعونا إليه؟ فلو كان فيه خير لفَهِمَتْه وَوَعَتْه (٦).
وقوله تعالى: ﴿بَل لَّعَنَهُمُ اَللَّهُ بِكفرِهِمْ﴾ أكذبهم الله سبحانه وقال: بل
وكذلك قوله ﴿الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي﴾ [الكهف: ١٠١] (١)، ومثل هذه الآية في المعنى قوله: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾ [فصلت: ٥]. قال ابن عباس (٢) ومجاهد وقتادة في هذه الآية: إنهم قالوا استهزاءً وإنكارًا وجحدًا لما أتى به محمد: قلوبنا عليها غشاوة، فهي في أوعية، فلا تعي ولا تفقه ما تقول يا محمد.
ومن ضم اللام فهو جمع غلاف مثل: حِمَار وحُمُر، ومِثَال ومُثُل (٣). قال ابن عباس (٤) والكلبي (٥): إنهم قالوا للنبي - ﷺ -: قُلُوبنا أوعية للعلم، فما بالها لا تفهم عنك ما أتيت به مما تدعونا إليه؟ فلو كان فيه خير لفَهِمَتْه وَوَعَتْه (٦).
وقوله تعالى: ﴿بَل لَّعَنَهُمُ اَللَّهُ بِكفرِهِمْ﴾ أكذبهم الله سبحانه وقال: بل
(١) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٥٤.
(٢) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٠٦، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٠.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٩، و"البحر المحيط" ١/ ٣٠١، وقال الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٢٧: وأما الذين قرأوها بتحريك اللام وضمها، فإنهم تأولوها أنهم قالوا: قلوبنا غلف للعلم، بمعنى أنها أوعية فمعنى الكلام: وقالت اليهود: قلوبنا غلف للعلم وأوعية له ولغيره، ثم بين أن القراءة بالضم شاذة غير جائزة. انتهى كلامه. وممن قرأ بضم اللام: ابن عباس والحسن وابن محيصن والأعرج. ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٨، "زاد المسير" ١/ ٩٩، "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٢.
(٤) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٠٧، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٠، وذكره أبو علي في "الحجة" ٢/ ١٥٥، "القرطبي" ٢/ ٢٢.
(٥) "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠٢٨، "تفسير البغوي" ١/ ١٢٠، "تفسير الخازن" ١/ ٨١.
(٦) ينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٢.
(٢) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٠٦، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٠.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٩، و"البحر المحيط" ١/ ٣٠١، وقال الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٢٧: وأما الذين قرأوها بتحريك اللام وضمها، فإنهم تأولوها أنهم قالوا: قلوبنا غلف للعلم، بمعنى أنها أوعية فمعنى الكلام: وقالت اليهود: قلوبنا غلف للعلم وأوعية له ولغيره، ثم بين أن القراءة بالضم شاذة غير جائزة. انتهى كلامه. وممن قرأ بضم اللام: ابن عباس والحسن وابن محيصن والأعرج. ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٨، "زاد المسير" ١/ ٩٩، "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٢.
(٤) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٠٧، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٠، وذكره أبو علي في "الحجة" ٢/ ١٥٥، "القرطبي" ٢/ ٢٢.
(٥) "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠٢٨، "تفسير البغوي" ١/ ١٢٠، "تفسير الخازن" ١/ ٨١.
(٦) ينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٢.
134
لعنهم الله، أي: أبعدهم من رحمته وطردهم، واللعن: الإبعاد (١).
قال الشَّمَّاخ (٢):
أراد: مقام الذئب الذي هُوَ كالرجل اللَعين، لا يزال مُنتبذًا عن الناس، شبّه الذئب به، وكل من لعنه الله فقد أبعده عن رحمته، واستحق العذاب، وصار هالكًا (٤).
وقال الليث: اللعن: التعذيب، ولعنه الله، أي: عذبه، قال: واللعنة في القرآن: العذاب، واللعن: السب والشتم (٥).
قال شمر (٦): أقرأنا ابن الأعرابي لعنترة (٧):
لُعِنَتْ بمحرومِ الشَّرابِ مُصَرّم (٨)
قال الشَّمَّاخ (٢):
| ذَعَرْتُ به القَطَا وَنَفَيتُ عنه | مقام الذئبِ كالرجُلِ اللعينِ (٣) |
وقال الليث: اللعن: التعذيب، ولعنه الله، أي: عذبه، قال: واللعنة في القرآن: العذاب، واللعن: السب والشتم (٥).
قال شمر (٦): أقرأنا ابن الأعرابي لعنترة (٧):
لُعِنَتْ بمحرومِ الشَّرابِ مُصَرّم (٨)
(١) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٠٨، و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٤٦.
(٢) هو: الشمّاخ بن ضرار بن سنان بن أمامة الذبياني، قال ابن سلام: فأما الشماخ فكان شديد متون الشعر، أشد أسر كلام من لبيد، وفيه كزازة، ولبيد أسهل منه منطقًا "طبقات فحول الشعر" ١/ ١٢٤ - ١٣٢.
(٣) البيت للشماخ بن ضرار في "ديوانه" ص ٣٢١، "مجاز القرآن" ١/ ٤٦، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٠ "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٩، "لسان العرب" ٧/ ٤٠٤٤، "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٣، وذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٠٨ برواية: مكان الذئب.
(٤) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٢٧٢ - ٣٢٧٤، "اللسان" ٧/ ٤٠٤٤ - ٤٠٤٥.
(٥) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ٣٩٦، و"اللسان" ١٣/ ٣٨٨، وتفسير "القرطبي" ٢/ ٢٥.
(٦) أول البيت:
هل تبلغني دارها شدنية
(٧) والبيت من معلقة عنترة بن شداد التي مطلعها:
هل غادر الشعراء من متردم
(٨) ينظر: "أساس البلاغة" ٢/ ١٤، و"لسان العرب" ٧/ ٤٠٤٥.
(٢) هو: الشمّاخ بن ضرار بن سنان بن أمامة الذبياني، قال ابن سلام: فأما الشماخ فكان شديد متون الشعر، أشد أسر كلام من لبيد، وفيه كزازة، ولبيد أسهل منه منطقًا "طبقات فحول الشعر" ١/ ١٢٤ - ١٣٢.
(٣) البيت للشماخ بن ضرار في "ديوانه" ص ٣٢١، "مجاز القرآن" ١/ ٤٦، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٠ "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٩، "لسان العرب" ٧/ ٤٠٤٤، "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٣، وذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٠٨ برواية: مكان الذئب.
(٤) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٢٧٢ - ٣٢٧٤، "اللسان" ٧/ ٤٠٤٤ - ٤٠٤٥.
(٥) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ٣٩٦، و"اللسان" ١٣/ ٣٨٨، وتفسير "القرطبي" ٢/ ٢٥.
(٦) أول البيت:
هل تبلغني دارها شدنية
(٧) والبيت من معلقة عنترة بن شداد التي مطلعها:
هل غادر الشعراء من متردم
(٨) ينظر: "أساس البلاغة" ٢/ ١٤، و"لسان العرب" ٧/ ٤٠٤٥.
135
وفسّره، فقال: سُبَّت بذلك، أي: قيل: أخزاها الله فما لها در ولا لبن (١).
وقال الفراء: اللعن: المسخ أيضًا، قال الله تعالى: ﴿أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ﴾ [النساء: ٤٧] أي: نمسخهم (٢)، وكل هذا راجع إلى معنى الطرد والإبعاد.
و (بل) لا يُنسق به في غير الجحد، والجحد هاهنا في المعنى، ومجازه: وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ، وليس كذلك، بل لعنهم الله، ولم يجعل لهم سبيلًا إلى فهم ما تقول (٣).
وقوله تعالى: ﴿فَقَلِيلًا مَّا يُؤمِنُونَ﴾ يريد: فما يؤمنون قليلًا ولا كثيرًا، والعرب قد تستعمل لفظَ القِلَّةِ في موضع النفي، فتقول: قلّما رأيتُ من الرجال مثلَه، وقلَّمَا تزورنا، يريدون النفي لا إثبات القليل.
وحكى الكسائي عن العرب: مررت (٤) بأرضٍ قلّما تُنبت إلا الكُرّاث والبَصَل، أي: ما تُنبت إلا هذين (٥)، هذا قول الواقدي (٦) (٧) و (ما) على
وقال الفراء: اللعن: المسخ أيضًا، قال الله تعالى: ﴿أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ﴾ [النساء: ٤٧] أي: نمسخهم (٢)، وكل هذا راجع إلى معنى الطرد والإبعاد.
و (بل) لا يُنسق به في غير الجحد، والجحد هاهنا في المعنى، ومجازه: وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ، وليس كذلك، بل لعنهم الله، ولم يجعل لهم سبيلًا إلى فهم ما تقول (٣).
وقوله تعالى: ﴿فَقَلِيلًا مَّا يُؤمِنُونَ﴾ يريد: فما يؤمنون قليلًا ولا كثيرًا، والعرب قد تستعمل لفظَ القِلَّةِ في موضع النفي، فتقول: قلّما رأيتُ من الرجال مثلَه، وقلَّمَا تزورنا، يريدون النفي لا إثبات القليل.
وحكى الكسائي عن العرب: مررت (٤) بأرضٍ قلّما تُنبت إلا الكُرّاث والبَصَل، أي: ما تُنبت إلا هذين (٥)، هذا قول الواقدي (٦) (٧) و (ما) على
(١) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٢٧٤، ونقله في "لسان العرب" ٧/ ٤٠٤٥ وفيه: ولا بها لبن.
(٢) لم أعثر عليه في "معاني القرآن" له.
(٣) في (ش): (فتقول).
(٤) في (ش): (مررنا).
(٥) ذكره عنه الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٥٩، وعنه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٠٩ - ٤١٠ ولم ينسبها، الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٣٠.
(٦) نقله عنه الثعلبي ٣/ ١٠٣٠، وينظر: "القرطبي" ٢/ ٢٣، و"البحر المحيط" ١/ ٣٠٢.
(٧) هو: أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد السهمي الأسلمي بالولاء، المدني، محدث مؤرخ، مفسر فقيه، أديب، متروك الحديث مع سعة علمه، ولد بالمدينة، وأقام =
(٢) لم أعثر عليه في "معاني القرآن" له.
(٣) في (ش): (فتقول).
(٤) في (ش): (مررنا).
(٥) ذكره عنه الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٥٩، وعنه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٠٩ - ٤١٠ ولم ينسبها، الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٣٠.
(٦) نقله عنه الثعلبي ٣/ ١٠٣٠، وينظر: "القرطبي" ٢/ ٢٣، و"البحر المحيط" ١/ ٣٠٢.
(٧) هو: أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد السهمي الأسلمي بالولاء، المدني، محدث مؤرخ، مفسر فقيه، أديب، متروك الحديث مع سعة علمه، ولد بالمدينة، وأقام =
136
هذا الوجه للنفي.
وقال أبو عبيدة: معناه: لا يؤمنون إلَّا بقليل ممَّا في أيديهم ويكفرون بأكثره. وانتصب قليلًا على هذا القول بنزع الخافض (١). و (ما) صلة، تقديره: فبقليل يؤمنون. وقال قتادة: معناه لا يؤمن منهم إلا قليلٌ؛ (٢) لأن مَنْ آمن من المشركين أكثر ممن آمن من اليهود. و (ما) على هذا القول أيضًا صلة، وانتصب قليلًا على الحال. تقديره: فيؤمنون قليلًا (٣)، كعبد الله بن سلَامَ (٤).
وذكر ابن الأنباري في هذه الآية ثلاثة أوجه سوى ما ذكرنا:
أحدها: فيؤمنون إيمانًا قليلًا، وذلك أنهم يؤمنون بأن الله خالقهم ورازقهم، ويكفرون بمحمد والقرآن، فيقلل ذلك إيمانهم، ودليل هذا التأويل: قوله: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ [يوسف: ١٠٦]،
وقال أبو عبيدة: معناه: لا يؤمنون إلَّا بقليل ممَّا في أيديهم ويكفرون بأكثره. وانتصب قليلًا على هذا القول بنزع الخافض (١). و (ما) صلة، تقديره: فبقليل يؤمنون. وقال قتادة: معناه لا يؤمن منهم إلا قليلٌ؛ (٢) لأن مَنْ آمن من المشركين أكثر ممن آمن من اليهود. و (ما) على هذا القول أيضًا صلة، وانتصب قليلًا على الحال. تقديره: فيؤمنون قليلًا (٣)، كعبد الله بن سلَامَ (٤).
وذكر ابن الأنباري في هذه الآية ثلاثة أوجه سوى ما ذكرنا:
أحدها: فيؤمنون إيمانًا قليلًا، وذلك أنهم يؤمنون بأن الله خالقهم ورازقهم، ويكفرون بمحمد والقرآن، فيقلل ذلك إيمانهم، ودليل هذا التأويل: قوله: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ [يوسف: ١٠٦]،
= ببغداد، تولى القضاء، توفي سنة ٢٠٧ هـ. ينظر: "تاريخ بغداد" ٣/ ٣، و"وفيات الأعيان" ٤/ ٣٤٨.
(١) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٢.
(٢) رواه عبد الرزق في "تفسيره" ١/ ٥١، ومن طريقه رواه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٠٩، وابن أبي حاتم ١/ ١٧١، وذكره الثعلبي ١/ ١٠٢٩، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠١ - ٣٠٢، ونقل عن المهدوي مذهب قتادة: أن المعنى فقليل منهم من يؤمن، وأنكره النحويون؟ وقالوا: لو كان كذلك للزم رفع قليل، ثم تعقبه أبو حيان فقال: قول قتادة صحيح، ولا يلزم ما ذكره النحويون؛ لأن قتادة إنما بين المعنى وشرحه ولم يرد شرح الإعراب فيلزمه ذلك.
(٣) "البحر المحيط" ١/ ٣٠٢.
(٤) هو: أبو يوسف عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي، ثم الأنصاري، كان أحد أحبار اليهود في الجاهلية، أسلم عند مقدم الرسول - ﷺ -، بشره الرسول - ﷺ - بالجنة، توفي سنة ٤٣ هـ. ينظر: "أسد الغابة" ٣/ ٢٦٤، "الاستيعاب" ٣/ ٩٢١.
(١) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٢.
(٢) رواه عبد الرزق في "تفسيره" ١/ ٥١، ومن طريقه رواه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٠٩، وابن أبي حاتم ١/ ١٧١، وذكره الثعلبي ١/ ١٠٢٩، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠١ - ٣٠٢، ونقل عن المهدوي مذهب قتادة: أن المعنى فقليل منهم من يؤمن، وأنكره النحويون؟ وقالوا: لو كان كذلك للزم رفع قليل، ثم تعقبه أبو حيان فقال: قول قتادة صحيح، ولا يلزم ما ذكره النحويون؛ لأن قتادة إنما بين المعنى وشرحه ولم يرد شرح الإعراب فيلزمه ذلك.
(٣) "البحر المحيط" ١/ ٣٠٢.
(٤) هو: أبو يوسف عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي، ثم الأنصاري، كان أحد أحبار اليهود في الجاهلية، أسلم عند مقدم الرسول - ﷺ -، بشره الرسول - ﷺ - بالجنة، توفي سنة ٤٣ هـ. ينظر: "أسد الغابة" ٣/ ٢٦٤، "الاستيعاب" ٣/ ٩٢١.
137
معناه: أنهم يعترفون بأن الله ربهم، ويكفرون بمحمد فيقلّ إيمانهم. وانتصب قليلًا على هذا الوجه لأنه نعتُ مصدرٍ محذوف (١).
الوجه الثاني: أن يكون المعنى: فيؤمنون قليلًا من الزَمَانِ ويكفرون أكثره، ودليل هذا التأويل: قوله: ﴿وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [آل عمران: ٧٢]. فخّبر الله تعالى بقلة إيمانهم على معنى الوقت القصير الذي أظهروا فيه موافقة المسلمين ثم باينوهم بعده، وانتصب (قليلًا) في هذا الوجه؛ لأنه أقيم مقام الظرف، و (ما) في هذين الوجهين صلة.
الوجه الثالث: أن يكون (ما) مع الفعل مصدرًا، ويرتفع بـ "قليل"، وهو مقدم، ومعناه:
فقليلًا إيمانهم، كما قالوا: راكبًا لقَائِيك ومُجَرَّدًا ضَرْبِيكَ.
والآيه رَدٌّ على القدرية؛ لأن الله تعالى بيّن أن كفرهم بسبب لعنه آباءهم، فالله تعالى لما لعنهم وطردهم وأراد كفرهم وشقاوتهم منعهم الإيمان (٢).
الوجه الثاني: أن يكون المعنى: فيؤمنون قليلًا من الزَمَانِ ويكفرون أكثره، ودليل هذا التأويل: قوله: ﴿وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [آل عمران: ٧٢]. فخّبر الله تعالى بقلة إيمانهم على معنى الوقت القصير الذي أظهروا فيه موافقة المسلمين ثم باينوهم بعده، وانتصب (قليلًا) في هذا الوجه؛ لأنه أقيم مقام الظرف، و (ما) في هذين الوجهين صلة.
الوجه الثالث: أن يكون (ما) مع الفعل مصدرًا، ويرتفع بـ "قليل"، وهو مقدم، ومعناه:
فقليلًا إيمانهم، كما قالوا: راكبًا لقَائِيك ومُجَرَّدًا ضَرْبِيكَ.
والآيه رَدٌّ على القدرية؛ لأن الله تعالى بيّن أن كفرهم بسبب لعنه آباءهم، فالله تعالى لما لعنهم وطردهم وأراد كفرهم وشقاوتهم منعهم الإيمان (٢).
(١) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٠، وهذا ما رجحه الطبري رحمه الله في "تفسيره" ١/ ٤٠٩، فقال: أخبر أنه لعن الذين وصف صفتهم في هذه الآية، ثم أخبر عنهم أنهم قليلو الإيمان بما أنزل الله إلى نبيه محمد - ﷺ -، ولذلك نصب قوله: فقليلا لأنه نعت للمصدر المتروك ذكره، ومعناه: بل لعنهم الله بكفرهم فإيمانًا قليلاً ما يؤمنون، فقد تبين إذًا بما بينا فساد القول الذي روي عن قتادة في ذلك". ورجحه في "البحر" ١/ ٣٠٢ قائلًا: لأن دلالة الفعل على مصدره أولى من دلالته على الزمان، وعلى الهيئة وعلى المفعول وعلى الفاعل، ولموافقته ظاهر قوله تعالى: ﴿فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلًا﴾ [النساء: ٤٦].
(٢) قال القرطبي ٢/ ٢٣: ثم بين أن السبب في نفورهم عن الإيمان: إنما هو أنهم لعنوا بما تقدم من كفرهم واجترائهم، وهذا هو الجزاء على الذنب بأعظم منه.
(٢) قال القرطبي ٢/ ٢٣: ثم بين أن السبب في نفورهم عن الإيمان: إنما هو أنهم لعنوا بما تقدم من كفرهم واجترائهم، وهذا هو الجزاء على الذنب بأعظم منه.
138
٨٩ - قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاَءَهُم كِتَابٌ﴾ يعنى: القرآن ﴿مُصَدِّقٌ﴾ موافق ﴿لِمَا مَعَهُمْ﴾؛ لأنه جاء على ما تقدّم به الإخبار في التوراة والإنجيل، فهو مصداق الخبر المتقدم، من حيث كان مخبره على ما تقدم الخبر به (١).
وقوله تعالى: ﴿وَكَانُوا﴾ يعني: اليهودَ (٢).
و (كان) ليس بفعل حقيقي كسائر الأفعال، والفرق بينه وبين الفعل الحقيقي، أن الفعل الحقيقي يدل على وجود معنى مصدره بعد أن لم يكن، في ماض أو حاضر أو مستقبل، و (كان) إنما يدل على الزمان الماضي أو الحاضر والمستقبل في تصريفه فقط، من غير دلالة على وجود مصدره بعد أن لم يكن (٣) كقولك: كان زيد عالمًا معناه: زيد عالم فيما مضى (٤).
وذكرنا ما في (كان) عند قوله: ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾ [البقرة: ٢٨] (٥).
وقوله تعالى ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ أي: من قبل هذا الكتاب وقبل هذا النبي (٦). ﴿يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قال ابن عباس (٧) والسدي (٨): هو أنهم إذا
وقوله تعالى: ﴿وَكَانُوا﴾ يعني: اليهودَ (٢).
و (كان) ليس بفعل حقيقي كسائر الأفعال، والفرق بينه وبين الفعل الحقيقي، أن الفعل الحقيقي يدل على وجود معنى مصدره بعد أن لم يكن، في ماض أو حاضر أو مستقبل، و (كان) إنما يدل على الزمان الماضي أو الحاضر والمستقبل في تصريفه فقط، من غير دلالة على وجود مصدره بعد أن لم يكن (٣) كقولك: كان زيد عالمًا معناه: زيد عالم فيما مضى (٤).
وذكرنا ما في (كان) عند قوله: ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾ [البقرة: ٢٨] (٥).
وقوله تعالى ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ أي: من قبل هذا الكتاب وقبل هذا النبي (٦). ﴿يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قال ابن عباس (٧) والسدي (٨): هو أنهم إذا
(١) ينظر الطبري في "تفسيره" ١/ ٤١٠، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٠.
(٢) ينظر الطبري في "تفسيره" ١/ ٤١٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٠.
(٣) من قوله: في ماضٍ أو حاضر.. ساقط من (ش).
(٤) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٠٨٤ مادة (كان)، و"الأزهية في علم الحروف" ص ١٨٣، و"مغني اللبيب" ٢/ ٥٥٩.
(٥) ينظر: "البسيط" ٢/ ٢٩٣.
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤١٠ "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٠.
(٧) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤١١ - ٤١٢، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧١ - ١٧٢.
(٨) رواه عنه الطبري ١/ ٤١١ - ٤١٢، وانظر: "زاد المسير" ١/ ١١٤.
(٢) ينظر الطبري في "تفسيره" ١/ ٤١٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٠.
(٣) من قوله: في ماضٍ أو حاضر.. ساقط من (ش).
(٤) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٠٨٤ مادة (كان)، و"الأزهية في علم الحروف" ص ١٨٣، و"مغني اللبيب" ٢/ ٥٥٩.
(٥) ينظر: "البسيط" ٢/ ٢٩٣.
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤١٠ "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٠.
(٧) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤١١ - ٤١٢، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧١ - ١٧٢.
(٨) رواه عنه الطبري ١/ ٤١١ - ٤١٢، وانظر: "زاد المسير" ١/ ١١٤.
139
حزبهم (١) أمر، وظهر لهم عدوٌّ، قالوا: اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان، وكانوا يسألون الله النصرَ بمحمد وبكتابه (٢).
وذكرنا معنى (الفتح والاستفتاح) عند قوله: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٧٦]. وفي الكلام إضمار واختصار، أراد: وكانوا من قبل يستفتحون به، أي: بذلك الكتاب، فلما سبق ذكر الكتاب لم (٣) يُعِده. ومثله في الكلام: السَّمْنُ مَنَوَان (٤) بدرهم أي: منه، ولكنك لا تعيد ذكره، وقد سبق في أول كلامك.
وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ يعني: الكتاب وبعثة النبي - ﷺ - وذلك أنهم كانوا قرأوا في التوراة: إن الله تعالى يبعث في آخر الزمان نبيًّا (٥)، وينزل عليه قرآنًا مبينًا أي: بالكتاب، ويبعث صاحب ذلك الكتاب (٦).
أعلم الله أنهم كفروا وهم يوقنون، وأنهم مُتَعمدون للشقاق وعداوة الله.
وجواب قوله: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُم كِتَابٌ﴾ محذوف، تقديره: ولما جاءهم
وذكرنا معنى (الفتح والاستفتاح) عند قوله: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٧٦]. وفي الكلام إضمار واختصار، أراد: وكانوا من قبل يستفتحون به، أي: بذلك الكتاب، فلما سبق ذكر الكتاب لم (٣) يُعِده. ومثله في الكلام: السَّمْنُ مَنَوَان (٤) بدرهم أي: منه، ولكنك لا تعيد ذكره، وقد سبق في أول كلامك.
وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ يعني: الكتاب وبعثة النبي - ﷺ - وذلك أنهم كانوا قرأوا في التوراة: إن الله تعالى يبعث في آخر الزمان نبيًّا (٥)، وينزل عليه قرآنًا مبينًا أي: بالكتاب، ويبعث صاحب ذلك الكتاب (٦).
أعلم الله أنهم كفروا وهم يوقنون، وأنهم مُتَعمدون للشقاق وعداوة الله.
وجواب قوله: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُم كِتَابٌ﴾ محذوف، تقديره: ولما جاءهم
(١) في (ش): (حزنهم)، وفي (م): (جزلهم).
(٢) ينظر ما رواه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤١٠ - ٤١٠، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧١ - ١٧٢، وأبو نعيم في "الدلائل" ١/ ١٩.
(٣) في (م): (فلم).
(٤) المنوان: تثنية مَنَا وهو كيل أو ميزان يساوي رطلين ويثنى على منوان، ومنيان ويجمع على: أمْنَاءٍ، وأمْنٍ، ومُنِيٍّ ومِنِيٍّ. ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥٤ مادة (منا)، و"القاموس" ١٧٢٢ و"المجموع شرح المهذب" ٩/ ٣٤٧.
(٥) في (م) و (ش): (يبعث نبيا في آخر الزمان).
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤١١ - ٤١٢، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٢.
(٢) ينظر ما رواه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤١٠ - ٤١٠، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧١ - ١٧٢، وأبو نعيم في "الدلائل" ١/ ١٩.
(٣) في (م): (فلم).
(٤) المنوان: تثنية مَنَا وهو كيل أو ميزان يساوي رطلين ويثنى على منوان، ومنيان ويجمع على: أمْنَاءٍ، وأمْنٍ، ومُنِيٍّ ومِنِيٍّ. ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥٤ مادة (منا)، و"القاموس" ١٧٢٢ و"المجموع شرح المهذب" ٩/ ٣٤٧.
(٥) في (م) و (ش): (يبعث نبيا في آخر الزمان).
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤١١ - ٤١٢، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٢.
140
كتاب من عند الله جحدوه، وحذف لأنه معروف، دل عليه ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾، هذا قول أبي إسحاق (١).
وقال الفراء: جوابه في الفاء في قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا﴾، وفيه أيضا معنى الابتداء. و (كفروا) بما فيه من جوابهما جميعًا، والعرب تجيب كلامين بجواب واحد، كقولهم: ما هو إلا أن يأتي عبد الله فلما قعد أكرمته (٢) (٣).
والدليل على هذا: أن الواو لا تجوز في موضع الفاء في قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا﴾ كما جاز في ابتداء الآية، فذلك دليل على أنها جواب وليست بنسق.
ومثل هذا في كون الفاء جوابًا قوله: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ [طه: ١٢٣] ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ﴾ (٤) صار كأنه جواب لـ"إما"، ألا ترى أن الواو لا تصلح في موضع الفاء هنا.
وقال محمد بن يزيد (٥) قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ﴾ تكرير للأول؛ لأن
وقال الفراء: جوابه في الفاء في قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا﴾، وفيه أيضا معنى الابتداء. و (كفروا) بما فيه من جوابهما جميعًا، والعرب تجيب كلامين بجواب واحد، كقولهم: ما هو إلا أن يأتي عبد الله فلما قعد أكرمته (٢) (٣).
والدليل على هذا: أن الواو لا تجوز في موضع الفاء في قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا﴾ كما جاز في ابتداء الآية، فذلك دليل على أنها جواب وليست بنسق.
ومثل هذا في كون الفاء جوابًا قوله: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ [طه: ١٢٣] ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ﴾ (٤) صار كأنه جواب لـ"إما"، ألا ترى أن الواو لا تصلح في موضع الفاء هنا.
وقال محمد بن يزيد (٥) قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ﴾ تكرير للأول؛ لأن
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧١، وذكره الطبري في "تفسيره" ٤١٢ - ٤١٣، وممن ذهب إليه: الأخفش واختاره الزمخشري كما في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٣، ورجحه أبو حيان.
(٢) قال الفراء: ما هو إلا أن أتاني عبد الله فلما قعد أوسعت له وأكرمته.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٩ بتصرف، وذكره الطبري في تفسيره ١/ ٤١٢ - ٤١٣، ونسبه إليه في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٣، وقال: وأما قول الفراء، فلم يثبت من لسانهم: لما جاء زيد فلما جاء خالد أقبل جعفر، فهو تركيب مفقود في لسانهم فلا نثبته، ولا حجة في هذا المختلف فيه، فالأولى أن يكون الجواب محذوفًا لدلالة المعنى عليه.
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) أي المبرد، ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٣.
(٢) قال الفراء: ما هو إلا أن أتاني عبد الله فلما قعد أوسعت له وأكرمته.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٩ بتصرف، وذكره الطبري في تفسيره ١/ ٤١٢ - ٤١٣، ونسبه إليه في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٣، وقال: وأما قول الفراء، فلم يثبت من لسانهم: لما جاء زيد فلما جاء خالد أقبل جعفر، فهو تركيب مفقود في لسانهم فلا نثبته، ولا حجة في هذا المختلف فيه، فالأولى أن يكون الجواب محذوفًا لدلالة المعنى عليه.
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) أي المبرد، ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٣.
141
الكلام طال بقوله: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ﴾، وكأنه كلام معترض، فأعاد الأول. وجوابه ﴿كَفَرُوا بِهِ﴾.
ومثله قوله: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ﴾ [المؤمنون: ٣٥] أعاد ذكر ﴿أَنَّكُمْ﴾ لما طال الكلام، وكأنه قال: أيعدكم أنكم إذا مِتُّم مُخرَجون (١).
٩٠ - قوله تعالى: ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوا﴾ الآية. بئس ونِعم لفظان وُضِعا للمدح والذم، يخبر بأحدهما عن الشيء المذموم، وبالثاني عن الممدوح، وأصلهما: نَعِمَ وبَئِسَ (٢)، وأرادوا لفظًا يُعبِّر عن المحمود يخصه، ولفظًا يعبِّر عنِ المذموم ويقتصر، فجعلوا نعم للممدوح وبئس للمذموم، فألزمهم بهذا الغرض ضرب من التغيير ليخص هذا القَصْد بالدلالة، فأزالوا التصرف عنهما وهو المستقبل، فلا يقال والمراد المدح أو الذم: ينعَم الرجل أو يَبْأسُ، وهذا القدر من التغيير لا يزيل الإلباس، فليس يُدرى (٣) بقولك: نَعِمَ الرجل أو بَئِسَ إن المراد به الإخبار عنه على ما يقتضيه الأصل أو المدح والذم، فلم يجدوا بُدًّا من تغيير (٤) زائد، فنقلوا وخففوا، والنقل والتخفيف لغة للعرب (٥) فيما كان على فَعُل وفَعِل، نحو. حَسُنَ وضَجِر. حَسُن
ومثله قوله: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ﴾ [المؤمنون: ٣٥] أعاد ذكر ﴿أَنَّكُمْ﴾ لما طال الكلام، وكأنه قال: أيعدكم أنكم إذا مِتُّم مُخرَجون (١).
٩٠ - قوله تعالى: ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوا﴾ الآية. بئس ونِعم لفظان وُضِعا للمدح والذم، يخبر بأحدهما عن الشيء المذموم، وبالثاني عن الممدوح، وأصلهما: نَعِمَ وبَئِسَ (٢)، وأرادوا لفظًا يُعبِّر عن المحمود يخصه، ولفظًا يعبِّر عنِ المذموم ويقتصر، فجعلوا نعم للممدوح وبئس للمذموم، فألزمهم بهذا الغرض ضرب من التغيير ليخص هذا القَصْد بالدلالة، فأزالوا التصرف عنهما وهو المستقبل، فلا يقال والمراد المدح أو الذم: ينعَم الرجل أو يَبْأسُ، وهذا القدر من التغيير لا يزيل الإلباس، فليس يُدرى (٣) بقولك: نَعِمَ الرجل أو بَئِسَ إن المراد به الإخبار عنه على ما يقتضيه الأصل أو المدح والذم، فلم يجدوا بُدًّا من تغيير (٤) زائد، فنقلوا وخففوا، والنقل والتخفيف لغة للعرب (٥) فيما كان على فَعُل وفَعِل، نحو. حَسُنَ وضَجِر. حَسُن
(١) بين في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٣: أن هذا القول حسن، لولا أن الفاء تمنع من التأكيد.
(٢) ينظر في نعم وبئس: "المقتضب" للمبرد ٢/ ١٤٠ - ١٥٢، "تهذيب اللغة" ١/ ٤١٢، "اللسان" ١/ ٢٠١ (بئس).
(٣) في (ش): (تَدْري).
(٤) في (ش): (تعبير).
(٥) في (ش): (العرب).
(٢) ينظر في نعم وبئس: "المقتضب" للمبرد ٢/ ١٤٠ - ١٥٢، "تهذيب اللغة" ١/ ٤١٢، "اللسان" ١/ ٢٠١ (بئس).
(٣) في (ش): (تَدْري).
(٤) في (ش): (تعبير).
(٥) في (ش): (العرب).
142
وجهُك، إذا خففت، وإن ثقلت قلت: حُسْنَ وَجهُك، فنقلت ضمة السين إلى الحاء، وعلى هذا ينشد:
وإنما حملَهُم على هذا اسْتثقالهم الانتقال في الحركات المختلفة الذي يدل على هذا: أن اتفاق الحركات في فعل منعهم من هذا. فقالوا في نِعْمَ وبِئْسَ فرقًا بين المدح والذم وبين الخبر؛ ليخلُصا للمدح والذم لا يلتبسان بالخبر، ولهذا المعنى لم يتصرفا تصرف الأفعال؛ لأنهما تضمنا الدلالة على معنى الذم والمدح، كما أن التعجب لما كان خبرًا كسائر الأخبار إلا أنه زاد عليها بمعنى التعجب تُركَ تصرّفُه؛ ليدل به على زيادة المعنى، فكذلك (نعم وبئس)، يدل على أن القائل مادح أو ذامّ، وهو خبر باستحقاق المدح والذم.
وبئس ذمٌّ بشدة الفساد. وأصل الكلمة من الشدة، ومنه البأساء: وهو اسم للحرب والمشقة والضرر والشدة، ومنه ﴿بِعَذَابٍ بَئِيسٍ﴾ [الأعرف: ١٦٥] أي: شديد. وكل هذا ممَّا علّقته عن مشايخ هذه الصنعة.
فأما حكم هاتين الكلمتين وعملهما فقال أبو إسحاق: إنهما لا يعملان في اسم عَلم، إنما يعملان في اسم منكور دالّ على جنس، أو اسم فيه ألف ولام يدل على جنس، وإنما كانتا كذلك؛ لأنّ (نعم) مستوفية لجميع المدح، و (بئس) مستوفية لجميع الذمّ، فإذا قلت: نِعم الرجل زيدٌ،
| فَإِنْ أَهْجُهُ يَضْجَرْ كَمَا ضَجْرَ بَازِلٌ | من الأُدْمِ دِبْرَتْ (١) صفحتاه وكاهله (٢) |
وبئس ذمٌّ بشدة الفساد. وأصل الكلمة من الشدة، ومنه البأساء: وهو اسم للحرب والمشقة والضرر والشدة، ومنه ﴿بِعَذَابٍ بَئِيسٍ﴾ [الأعرف: ١٦٥] أي: شديد. وكل هذا ممَّا علّقته عن مشايخ هذه الصنعة.
فأما حكم هاتين الكلمتين وعملهما فقال أبو إسحاق: إنهما لا يعملان في اسم عَلم، إنما يعملان في اسم منكور دالّ على جنس، أو اسم فيه ألف ولام يدل على جنس، وإنما كانتا كذلك؛ لأنّ (نعم) مستوفية لجميع المدح، و (بئس) مستوفية لجميع الذمّ، فإذا قلت: نِعم الرجل زيدٌ،
(١) في (ش): (ديرت).
(٢) البيت للأخطل في "ديوانه" ص ٢١٧، ينظر: "لسان العرب" ٤/ ٤٨١ - ١٢/ ١٢.
(٢) البيت للأخطل في "ديوانه" ص ٢١٧، ينظر: "لسان العرب" ٤/ ٤٨١ - ١٢/ ١٢.
143
قلت (١): استحق زيد المدح الذي يكون في سائر جنسه، وكذلك (٢) إذا قلت: بئس الرجل دللت على أنه قد استوفى الذم الذي يكون في سائر جنسه، فلم يجز إذ كان يستوفي مدح الأجناس أن يعمل في غير لفظ جنس، فإذا كان معهما (٣) اسم جنس بغير ألف ولام فهو نصب أبدًا، وإذا كانت فيه الألف واللام فهو رفع أبدًا، وذلك قولك (٤): نعم رجُلاً زيدٌ، (٥) ونعم الرجل زيد (٦)، نصبت النكرة على التشبيه بالمفعول، وهو بمعنى التمييز، لأنك إذا قلت: نعم، جاز أن تذكر رجلًا أو حِمارًا، فإذا ذكرت نوعًا ميزته من سائر الأنواع، وفي نعم ضمير فاعل؛ لأنه فِعْلٌ، والفِعْلُ لا يخلو من فاعل، فصار المميز كالمفعول فلهذا نصب.
فأما إذا قلت: نِعْمَ الرَجُل، فليس في نِعْمَ ضمير، وصار الرجل رفعًا بنعم. وارتفع زيد من وجهين، قال سيبويه والخليل (٧): إن شئت رفعت زيدًا؛ لأنه ابتداء مؤخر، ويكون نعم وما عملت فيه خبره، وإن شئت رفعت على أنه خبر ابتداء محذوف، لأنك إذا قلت: نعم رجلًا، ونعم الرجل، لم يُعلم من تعني، فقلت: زيد، أي: هو زيد.
فأما إذا قلت: نِعْمَ الرَجُل، فليس في نِعْمَ ضمير، وصار الرجل رفعًا بنعم. وارتفع زيد من وجهين، قال سيبويه والخليل (٧): إن شئت رفعت زيدًا؛ لأنه ابتداء مؤخر، ويكون نعم وما عملت فيه خبره، وإن شئت رفعت على أنه خبر ابتداء محذوف، لأنك إذا قلت: نعم رجلًا، ونعم الرجل، لم يُعلم من تعني، فقلت: زيد، أي: هو زيد.
(١) في "معاني القرآن": فقد.
(٢) ساقطة من (م).
(٣) في "معاني القرآن": معها.
(٤) في "معاني القرآن": كقولك.
(٥) في (ش): (زيدا).
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٢، وقد نقله الواحدي بتصرف يسير، وينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٤١٢، "اللسان" ١/ ٢٠١، "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٤.
(٧) نقله عنه الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٧٢، ونقله عن سيبويه ابن عطية في "المحرر" ١/ ٣٩١، "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٤٠.
(٢) ساقطة من (م).
(٣) في "معاني القرآن": معها.
(٤) في "معاني القرآن": كقولك.
(٥) في (ش): (زيدا).
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٢، وقد نقله الواحدي بتصرف يسير، وينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٤١٢، "اللسان" ١/ ٢٠١، "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٤.
(٧) نقله عنه الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٧٢، ونقله عن سيبويه ابن عطية في "المحرر" ١/ ٣٩١، "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٤٠.
144
وقال الكسائي: قولك: نعم الرجل، كالشيء الواحد يرتفع بهما زيد (١)؛ لأن قولك: الرجل زيد، لمعنى: صلح زيد، فارتفاع زيدٍ، كارتفاع الفاعل.
قال الفراء: فإن أضفتَ النكرةَ التي بعد نِعْمَ إلى نكرة رفعت ونصبت، فقلت: نعم غلامُ سَفَرٍ زَيدٌ، وغلامَ سفرٍ زيد، فإن أضفت إلى المعرفة شيئًا رفعتَ، فقلت: نعم سائسُ الخيل أخوك، ولا يجوز النصبُ إلّا أن يضطرّ إليه شاعر؛ لأنهم حينَ أَضَافوا إلى النكرَة آثروا الرفع، فهم إذا أضَافوا إلى المعرفة أحرى أن لا ينصبوا (٢).
فإن وصلت "مَا" بـ"نعم وبِئسَ" نحو: بئسما ونعِمّا، فقال الزجّاج: (ما) فيهما لغير صلة (٣)؛ لأن الصلة توضح، وتخصص، وَالقصد في بئسَ (٤) أن يليها اسم منكور واسم جنس (٥).
فقوله ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾ بئس شيئًا اشتروا به أنفسهم (٦)، قال: وروى جميع النحويين: بئسما تزويجٌ ولا مهر، وَالمَعنى فيه: بئسَ
قال الفراء: فإن أضفتَ النكرةَ التي بعد نِعْمَ إلى نكرة رفعت ونصبت، فقلت: نعم غلامُ سَفَرٍ زَيدٌ، وغلامَ سفرٍ زيد، فإن أضفت إلى المعرفة شيئًا رفعتَ، فقلت: نعم سائسُ الخيل أخوك، ولا يجوز النصبُ إلّا أن يضطرّ إليه شاعر؛ لأنهم حينَ أَضَافوا إلى النكرَة آثروا الرفع، فهم إذا أضَافوا إلى المعرفة أحرى أن لا ينصبوا (٢).
فإن وصلت "مَا" بـ"نعم وبِئسَ" نحو: بئسما ونعِمّا، فقال الزجّاج: (ما) فيهما لغير صلة (٣)؛ لأن الصلة توضح، وتخصص، وَالقصد في بئسَ (٤) أن يليها اسم منكور واسم جنس (٥).
فقوله ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾ بئس شيئًا اشتروا به أنفسهم (٦)، قال: وروى جميع النحويين: بئسما تزويجٌ ولا مهر، وَالمَعنى فيه: بئسَ
(١) نقله الفراء في "معاني القرآن" عن الكسائي ١/ ٥٦، ابن عطية في "المحرر" ١/ ٣٩١، "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٤ قال ابن عطية: وهذا أيضاً معترض؛ لأن بئس لا تدخل على اسم معين متعرف بالإضافة إلى الضمير.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٧.
(٣) في "معاني القرآن" للزجاج: بغير.
(٤) في "معاني القرآن" للزجاج: نعم.
(٥) في "معاني القرآن" للزجاج: اسم منكور أو جنس، وفي "الإغفال" ص ٣١٧: اسم منكور أو اسم جنس.
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٢، ونقله في "اللسان" ١/ ٢٠١ مادة (بئس).
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٧.
(٣) في "معاني القرآن" للزجاج: بغير.
(٤) في "معاني القرآن" للزجاج: نعم.
(٥) في "معاني القرآن" للزجاج: اسم منكور أو جنس، وفي "الإغفال" ص ٣١٧: اسم منكور أو اسم جنس.
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٢، ونقله في "اللسان" ١/ ٢٠١ مادة (بئس).
145
شيئًا تزويج ولا مَهر (١).
قالَ أبو علي: مَا ذكره أبو إسحاق يَدُل على أن (مَا) إذَا كانت موصولة لم يجز عنده أن يكون فاعلة نعم وبئس، وذلك عندنا لا يمتنع، وجهة جوازه: أن ما اسم مبهم يقع على الكثرة، ولا يخصص شيئًا واحدًا، كما أن أسماء الأجناس كذلك، وهي تكون للكثرة (٢) والعموم، كما أن أسماء الأجناس تكون للكثرة (٣)؛ (٤) وذلك نحو قوله: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨] فالقصد به هاهنا الكثرة، وإن كان في اللفظ مفردًا؛ يدلك على ذلك قوله: هؤلاء (٥).
وتكون ما معرفةً ونكرةً؛ كما أن أسماء الأجناس تكون معرفةً ونكرةً. فأمَّا كونها معرفةً فمأنوس به، وأَمَّا كونها نكرة فكثير أيضًا، ذكره سيبويه في مواضع، وهي و (من) قد تكونان نكرتين في التنزيل والشعر القديم الفصيح، أنشد سيبويه:
قالَ أبو علي: مَا ذكره أبو إسحاق يَدُل على أن (مَا) إذَا كانت موصولة لم يجز عنده أن يكون فاعلة نعم وبئس، وذلك عندنا لا يمتنع، وجهة جوازه: أن ما اسم مبهم يقع على الكثرة، ولا يخصص شيئًا واحدًا، كما أن أسماء الأجناس كذلك، وهي تكون للكثرة (٢) والعموم، كما أن أسماء الأجناس تكون للكثرة (٣)؛ (٤) وذلك نحو قوله: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨] فالقصد به هاهنا الكثرة، وإن كان في اللفظ مفردًا؛ يدلك على ذلك قوله: هؤلاء (٥).
وتكون ما معرفةً ونكرةً؛ كما أن أسماء الأجناس تكون معرفةً ونكرةً. فأمَّا كونها معرفةً فمأنوس به، وأَمَّا كونها نكرة فكثير أيضًا، ذكره سيبويه في مواضع، وهي و (من) قد تكونان نكرتين في التنزيل والشعر القديم الفصيح، أنشد سيبويه:
| ربّما تكره النفوسُ من الأمر | له فَرجة كحلِّ العِقَال (٦) |
(١) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٣، ونقله في "تهذيب اللغة" ١/ ٤١٢، و"اللسان" ١/ ٢٠١، وينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٨.
(٢) في "الإغفال": للنكرة
(٣) في "الإغفال": للنكرة.
(٤) من قوله: كما أن.. ساقط من (ش).
(٥) في "الإغفال" فهؤلاء لا يكون للواحد.
(٦) البيت لأمية بن أبي الصلت، في "ديوانه" ص ٥٠ وفي "الكتاب" ١/ ٣١٥، ٤٢٤ وكذا في "الخزانة" ٢/ ٥٤١ و ٤/ ١٩٤، وينسب البيت أيضًا: لأبي قيس اليهودي، ولابن صرمة اليهودي، ولحنيف بن عمر اليشكري، ولنهار بن أخت مسيلمة =
(٢) في "الإغفال": للنكرة
(٣) في "الإغفال": للنكرة.
(٤) من قوله: كما أن.. ساقط من (ش).
(٥) في "الإغفال" فهؤلاء لا يكون للواحد.
(٦) البيت لأمية بن أبي الصلت، في "ديوانه" ص ٥٠ وفي "الكتاب" ١/ ٣١٥، ٤٢٤ وكذا في "الخزانة" ٢/ ٥٤١ و ٤/ ١٩٤، وينسب البيت أيضًا: لأبي قيس اليهودي، ولابن صرمة اليهودي، ولحنيف بن عمر اليشكري، ولنهار بن أخت مسيلمة =
146
وقال:
وتأول سيبويه قوله تعالى: ﴿هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ [ق: ٢٣]، على أن تكون معرفةً، وعلى أن تكون نكرةً، مثل: هذا شيء لديّ عتيد، فإنما يتخلص بعضر ذلك من بعض، بدلالةٍ مِن غير جهة اللفظ؛ لأن اللفظ محتمل لما أعلمتك في اللغة (٣).
فقوله: ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾ يجوز عندي أن تكون ما موصولة، وموضعها رفع بكونها فاعلة لـ"بئس"، ويجوز أن تكون منكورةً، ويكون (اشتروا) صفة غير صلة (٤)، وحينئذٍ تكون (ما) نصبًا. وتقول: نِعم ما صنعت، وبئسما صنعت، إن شئت كانت (ما) منصوبة، كأنك قلت: نعم شيئًا صنعت، وإن شئت كانت مرفوعة، كأنك قلت: بئس الشيء صنعت.
ولا يجوز أن يليهما (الذي)؛ لأن الألف واللام لا يفارقانه، وهما يعملان فيما عُرِّف بالألف واللام، وجاز طرحهما منه. فقال الفراء: ويجوز أن تُجعل (ما) مع نِعم وبئس بمنزلة كلمة واحدة في غير هذه الآية، فيكون مثل كلما، وإنما، كما جُعلت (ذا) مع حَبَّ كلمةً واحدة، فقالوا: حبّذا.
| يا رُبَّ من يُبْغِضُ أَذْوادَنا | رُحْنَ على بَغْضَائِه واغْتَدَيْن (١) (٢) |
فقوله: ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾ يجوز عندي أن تكون ما موصولة، وموضعها رفع بكونها فاعلة لـ"بئس"، ويجوز أن تكون منكورةً، ويكون (اشتروا) صفة غير صلة (٤)، وحينئذٍ تكون (ما) نصبًا. وتقول: نِعم ما صنعت، وبئسما صنعت، إن شئت كانت (ما) منصوبة، كأنك قلت: نعم شيئًا صنعت، وإن شئت كانت مرفوعة، كأنك قلت: بئس الشيء صنعت.
ولا يجوز أن يليهما (الذي)؛ لأن الألف واللام لا يفارقانه، وهما يعملان فيما عُرِّف بالألف واللام، وجاز طرحهما منه. فقال الفراء: ويجوز أن تُجعل (ما) مع نِعم وبئس بمنزلة كلمة واحدة في غير هذه الآية، فيكون مثل كلما، وإنما، كما جُعلت (ذا) مع حَبَّ كلمةً واحدة، فقالوا: حبّذا.
= الكذاب ويروى تجزع بدل تكره. ينظر: "الإغفال" ٣١٧، و"مغني اللبيب" ١/ ٢٩٧، و"شذور الذهب" ١٣٢، والأشموني ١/ ٧٠، و"المفصل" ٤/ ٢، وابن يعيش ٣/ ٤، و"طبقات القراء" ١/ ٢٩٠، وشرح شواهد المغني ص ٢٤٠، و"ديوان عبيد بن الأبرص" ص ٨٦.
(١) البيت تقدم تخريجه.
(٢) من "الإغفال" ص ٣١٧، ٣١٨ بتصرف، وقد لخصه القرطبي في "تفسيره" ٢/ ٢٤.
(٣) من "الإغفال" ص ٣١٩.
(٤) من "الإغفال" ص ٣١٩.
(١) البيت تقدم تخريجه.
(٢) من "الإغفال" ص ٣١٧، ٣١٨ بتصرف، وقد لخصه القرطبي في "تفسيره" ٢/ ٢٤.
(٣) من "الإغفال" ص ٣١٩.
(٤) من "الإغفال" ص ٣١٩.
147
من ذلك قوله: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ﴾ [البقرة: ٢٧١]، رفعت هي بنعما، ولا يجوز (حينئذ) (١) تأنيث نعم، كما لا يجوز تأنيث حبذا (٢)، قال: ويجوز أن تجعل (ما) فيه حشوًا وصلة، كما قال: عما قليل (٣)، وإذا جعلت (ما) صلةً جاز فيه التأنيث (٤)، تقول: بئست مَا جاريةً جاريتك (٥).
ومعنى الاشتراء هاهُنَا: البيع. والاشتراء والشراء والبيع كله من الأضداد، ويقال: اشتريته، أي: بعته، واشتريته، أي: ابتعته، وكذلك: شريته في المعنيين، وكذلك: بعته، قال الله تعالى: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ [يوسف: ٢٠]، أي: باعوه (٦)، وقال يزيد بن المُفَرِّغ:
ومعنى الاشتراء هاهُنَا: البيع. والاشتراء والشراء والبيع كله من الأضداد، ويقال: اشتريته، أي: بعته، واشتريته، أي: ابتعته، وكذلك: شريته في المعنيين، وكذلك: بعته، قال الله تعالى: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ [يوسف: ٢٠]، أي: باعوه (٦)، وقال يزيد بن المُفَرِّغ:
(١) ساقطة من (م).
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٧.
(٣) في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٧: عما قليل آتيك.
(٤) في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٧: جاز فيه التأنيث والجمع، فقلت: بئسما رجلين أنتما، بئست ما جاريةً جاريتك.
(٥) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٨ بتصرف، وقد ذكر الأقوال في إعراب ما في هذه الآية الطبري في تفسيره ١/ ٤١٣ - ٤١٤، والعكبري في "التبيان" ٧٤، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٣٠٤ - ٣٠٥، وخلاصته: اختلف في ما ألها موضع من الإعراب أم لا؟ فذهب الفراء إلى أنه بجملته شيء واحد، وظاهره أن لا موضع لها من الإعراب، والجمهور على أن لها موضعًا من الإعراب، واختلفوا أموضعها نصب أم رفع؟.
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٦، "اللسان" ٤/ ٢٢٥٣ (شرى)، وذكر في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٥: أن اشتروا هنا بمعنى: باعوا عند الأكثرين، وفي المنتخب أنه على بابه، لأن المكلف إذا خاف على نفسه من العقاب أتى بأعمال يظن أنها تخلصه، وكأنه قد اشترى نفسه بها، قال أبو حيان: ويرد عليه، ﴿بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾، حيث فعلوا ذلك على سبيل البغي والحسد.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٧.
(٣) في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٧: عما قليل آتيك.
(٤) في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٧: جاز فيه التأنيث والجمع، فقلت: بئسما رجلين أنتما، بئست ما جاريةً جاريتك.
(٥) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٨ بتصرف، وقد ذكر الأقوال في إعراب ما في هذه الآية الطبري في تفسيره ١/ ٤١٣ - ٤١٤، والعكبري في "التبيان" ٧٤، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٣٠٤ - ٣٠٥، وخلاصته: اختلف في ما ألها موضع من الإعراب أم لا؟ فذهب الفراء إلى أنه بجملته شيء واحد، وظاهره أن لا موضع لها من الإعراب، والجمهور على أن لها موضعًا من الإعراب، واختلفوا أموضعها نصب أم رفع؟.
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٦، "اللسان" ٤/ ٢٢٥٣ (شرى)، وذكر في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٥: أن اشتروا هنا بمعنى: باعوا عند الأكثرين، وفي المنتخب أنه على بابه، لأن المكلف إذا خاف على نفسه من العقاب أتى بأعمال يظن أنها تخلصه، وكأنه قد اشترى نفسه بها، قال أبو حيان: ويرد عليه، ﴿بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾، حيث فعلوا ذلك على سبيل البغي والحسد.
148
| وشُرَيْتُ بُردًا لَيْتَنِي | مِنْ بَعْدِ بردٍ صِرتُ هامة (١) |
| ويأتيك بالأخبار مَن لم تَبعْ له | بَتَاتًا ولم تضربْ له وقتَ موعِدِ (٢) (٣) |
وقوله تعالى: ﴿أَن يَكْفُرُواْ﴾ قال الزجاج: موضع أن رفع، المعنى: ذلك الشيء المذموم أن يكفروا (٦)، على تقدير: بئس الشيء اشتروا به أنفسهم
(١) البيت ليزيد بن مفرغ الحميري، في ديوانه ص ٢١٣، و"لسان العرب" ٤/ ٢٢٥٢ مادة (شرى).
(٢) البيت لطرفة بن العبد في "ديوانه" ص ٤١.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٦، وقال: وللعرب في شروا واشتروا مذهبان، فالأكثر منهما أن يكون شروا: باعوا، واشتروا: ابتاعوا، وربما جعلوهما جميعًا في معنى باعوا، وكذلك البيع، يقال: بعت الثوب، على معنى: أخرجته من يدي، وبعته: اشتريته، وهذه اللغة في تميم وربيعة. ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٥.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤١٤ - ٤١٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٢، "تفسير ابن كثير" ١١٣ - ١١٤.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٢.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٢.
(٢) البيت لطرفة بن العبد في "ديوانه" ص ٤١.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٦، وقال: وللعرب في شروا واشتروا مذهبان، فالأكثر منهما أن يكون شروا: باعوا، واشتروا: ابتاعوا، وربما جعلوهما جميعًا في معنى باعوا، وكذلك البيع، يقال: بعت الثوب، على معنى: أخرجته من يدي، وبعته: اشتريته، وهذه اللغة في تميم وربيعة. ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٥.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤١٤ - ٤١٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٢، "تفسير ابن كثير" ١١٣ - ١١٤.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٢.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٢.
149
الكفر، فيكون كقولك: بئس الرجل زيد، على الاختلاف الذي حكينا عن سيبويه والخليل والكسائي في رفع زيد، وقال الفراء: يجوز أن يكون محله جزًا بدلًا من المكني في (به)، كأنك قلت: اشتروا أنفسهم بالكُفْر (١).
وقوله تعالى: ﴿بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ يعني: القرآن (٢).
﴿بَغْيًا﴾ أَصْلُ البغي في اللغة: الظلم والخروج عن النَّصَفَة والحدّ، يقال: بَغَى الفرس في عدوه، إذا اختال ومرح، وإنه ليبغي، ولا يقال: فرس باغ، وبغى الجُرحُ يَبْغِي بَغْيًا، إذا وَرم وكثر فيه المِدّة (٣)، وبَغَتِ السماء، إذا كثر مطرها حتى تجاوز الحدّ، وبغى الوادي، إذا بلغ الماء منه موضعًا لم يبلغه قبل.
وقالَ قوم: أصل البَغْي: الطلب (٤)، يقال: بغى الشيءَ، إذا طلبه، وأَبْغَاه، أعانه على الطلب. والبَغيّ: التي تطلب الزنا، ومنه قيل للأمة: بَغِيٌّ. وما ينبغي كذا، أي: ليس بصواب طلبه، والبَغْيُ: شدة الطلَب للتطاول (٥).
وقوله تعالى: ﴿بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ يعني: القرآن (٢).
﴿بَغْيًا﴾ أَصْلُ البغي في اللغة: الظلم والخروج عن النَّصَفَة والحدّ، يقال: بَغَى الفرس في عدوه، إذا اختال ومرح، وإنه ليبغي، ولا يقال: فرس باغ، وبغى الجُرحُ يَبْغِي بَغْيًا، إذا وَرم وكثر فيه المِدّة (٣)، وبَغَتِ السماء، إذا كثر مطرها حتى تجاوز الحدّ، وبغى الوادي، إذا بلغ الماء منه موضعًا لم يبلغه قبل.
وقالَ قوم: أصل البَغْي: الطلب (٤)، يقال: بغى الشيءَ، إذا طلبه، وأَبْغَاه، أعانه على الطلب. والبَغيّ: التي تطلب الزنا، ومنه قيل للأمة: بَغِيٌّ. وما ينبغي كذا، أي: ليس بصواب طلبه، والبَغْيُ: شدة الطلَب للتطاول (٥).
(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٦، ونصه: أن يكفروا، في موضع خفض ورفع، فأما الخفض فأن ترده على الهاء التي في به، على التكرير على كلامين، كأنك قلت: اشتروا أنفسهم بالكفر. وأما الرفع فأن يكون مكرورا أيضا على موضع ما التي تلي بئس. اهـ. وينظر في إعراب الآية: "التبيان" للعكبري ص ٧٥، حيث ذكر القولين السابقين وزاد: وقيل: هو مبتدأ، وبئس وما بعدها خبر عنه.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٢.
(٣) المِدَّة بكسر الميم القيح، وهي الغثيثة الغليظة، وأما الرقيقة فهي صديد وأَمَدّ الجرح إمدادًا، صار فيه مِدَّةٌ ينظر: "المصباح المنير" ص ٥٦٧.
(٤) قال في "مقاييس اللغة" ١/ ٢٧٢: الباء والغين والياء أصلان: أحدهما: طلب الشيء، والثاني: جنس من الفساد.
(٥) ينظر في معاني البغي: "تهذيب اللغة" ١/ ٣٦٧، "مقاييس اللغة" ١/ ٢٧١ - ٢٧٢، "المفردات" للراغب ص ٦٥، "اللسان" ١/ ٣٢٣.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٢.
(٣) المِدَّة بكسر الميم القيح، وهي الغثيثة الغليظة، وأما الرقيقة فهي صديد وأَمَدّ الجرح إمدادًا، صار فيه مِدَّةٌ ينظر: "المصباح المنير" ص ٥٦٧.
(٤) قال في "مقاييس اللغة" ١/ ٢٧٢: الباء والغين والياء أصلان: أحدهما: طلب الشيء، والثاني: جنس من الفساد.
(٥) ينظر في معاني البغي: "تهذيب اللغة" ١/ ٣٦٧، "مقاييس اللغة" ١/ ٢٧١ - ٢٧٢، "المفردات" للراغب ص ٦٥، "اللسان" ١/ ٣٢٣.
150
قال المفسرون: البَغْيُ، هاهُنا، بمعنى الحَسَد (١).
قال اللحياني (٢): بغيت على أخيك بغيًا، أي: حسدته، وقال الله تعالى: ﴿ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ﴾ [الحج: ٦٠]، وقال: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ [الشورى: ٣٩] فالبغي أصله الحَسَد، ثم سمي الظلم بغيًا؛ لأن الحاسِد يظلم المحسودَ جَهْدَه إرادة زوال نعمة الله عليه عنه (٣).
قال ابن عباس في هذه الآية: إنَّ كفر اليهود لم يكن شكًا ولا شيئًا اشتبه عليهم، ولكن بغيًا منهم، حيث صارت النبوة في ولد إسماعيل (٤).
وانتصابه على المصدر؛ لأن ما قبله من الكلام يدلّ على بَغَوا، فكأنه قيل: (٥) بَغَوا بغيًا (٦).
وقال الزجّاج: انتصب؛ لأنه مفعول له، كما تقول: فعلت ذلك حِذارَ الشرّ، أي: لحذر الشر (٧)، ومثله من الشعر: قول حَاتِم (٨):
قال اللحياني (٢): بغيت على أخيك بغيًا، أي: حسدته، وقال الله تعالى: ﴿ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ﴾ [الحج: ٦٠]، وقال: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ [الشورى: ٣٩] فالبغي أصله الحَسَد، ثم سمي الظلم بغيًا؛ لأن الحاسِد يظلم المحسودَ جَهْدَه إرادة زوال نعمة الله عليه عنه (٣).
قال ابن عباس في هذه الآية: إنَّ كفر اليهود لم يكن شكًا ولا شيئًا اشتبه عليهم، ولكن بغيًا منهم، حيث صارت النبوة في ولد إسماعيل (٤).
وانتصابه على المصدر؛ لأن ما قبله من الكلام يدلّ على بَغَوا، فكأنه قيل: (٥) بَغَوا بغيًا (٦).
وقال الزجّاج: انتصب؛ لأنه مفعول له، كما تقول: فعلت ذلك حِذارَ الشرّ، أي: لحذر الشر (٧)، ومثله من الشعر: قول حَاتِم (٨):
(١) ينظر: الطبري في تفسيره ١/ ٤١٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٣، "زاد المسير" ١/ ١١٤، "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٥.
(٢) هو: أبو الحسن علي بن حازم، وقيل: علي بن المبارك، تقدمت ترجمته [البقرة: ١٠].
(٣) من "تهذيب اللغة" ١/ ٣٦٧.
(٤) لم أجده بهذا اللفظ لكن قريب منه عند ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٣.
(٥) في (ش): (قال).
(٦) ينظر: "التبيان" للعكبري ص ٧٥.
(٧) والعامل فيه: يكفروا، أي: كفرهم لأجل البغي، أو يكون العامل فيه: اشتروا. ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٥.
(٨) هو: حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي القحطاني، فارس شاعر جواد، جاهلي يضرب المثل بجوده، كان من أهل نجد، شعره كثير ضاع معظمه. ينظر: "الشعر والشعراء" ص ١٤٣، و"الأعلام" ٢/ ١٥١.
(٢) هو: أبو الحسن علي بن حازم، وقيل: علي بن المبارك، تقدمت ترجمته [البقرة: ١٠].
(٣) من "تهذيب اللغة" ١/ ٣٦٧.
(٤) لم أجده بهذا اللفظ لكن قريب منه عند ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٣.
(٥) في (ش): (قال).
(٦) ينظر: "التبيان" للعكبري ص ٧٥.
(٧) والعامل فيه: يكفروا، أي: كفرهم لأجل البغي، أو يكون العامل فيه: اشتروا. ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٥.
(٨) هو: حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي القحطاني، فارس شاعر جواد، جاهلي يضرب المثل بجوده، كان من أهل نجد، شعره كثير ضاع معظمه. ينظر: "الشعر والشعراء" ص ١٤٣، و"الأعلام" ٢/ ١٥١.
151
| وأغفر عَورَاءَ الكريم ادّخارَه | وأُعْرِضُ عن شَتْم اللئيم تَكَرُّما (١) |
وقوله تعالى: ﴿أَن يُنَزِل اللَّهُ﴾ موضع أن نصب؛ لأن المعنى: أن تكفروا بما أنزل الله؛ لأن ينزل الله من فَضْلِهِ، أي: كفروا لهذه العلة، فهو كما ذكرنا في بيت حاتِم؛ لأنهم كفروا لإنزال الله عليه، كما أنه يغفر العوراء لادّخاره، هذا قول الزجاج (٣). وأظهر منه أن تجعل ﴿أَن يُنَزِلَ﴾ مفعولًا للبغي، كأن معناه: حسدًا إنزال الله، لأن البغي، هاهنا، بمعنى الحَسَد، وأنت تقول: حَسَدْتُ زيدًا مالَه وفضلَه (٤).
وقوله تعالى: ﴿فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ﴾ قال ابن عباس: الغضب الأول: تضييعهم التوراة، والثاني: بكفرهم بهذا النبي الذي أحدث الله فيهم (٥).
وقال قتادة: الأول بكفرهم بعيسى والإنجيل، والثاني: بكفرهم بمحمد والقرآن (٦).
(١) تقدم تخريج البيت [البقرة: ١٨].
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٠٣.
(٣) بتصرف من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٣، وينظر: "التبيان" ص ٧٥ قال: وقيل: التقدير: بغيًا على ما أنزل الله، أي: حسدًا على ما خص الله به نبيه من الوحي.
(٤) وقيل: التقدير: بغيًا على أن ينزل الله، لأن معناه: حسدا على أن ينزل الله، فحذفت على، وقيل: أن ينزل في موضع جرًّ على أنه بدل اشتمال من ما في قوله بما أنزل الله أي: بتنزيل الله ينظر "البحر المحيط".
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤١٧، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٣، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٣٢ وقال ابن أبي حاتم: وروي عن عكرمة ومجاهد وعطاء وقتادة وابن أبي خالد نحو ذلك، وقد ذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١١٤ خمسة أقوال في الآية، والخلاف فيها من قبيل اختلاف التنوع.
(٦) رواه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٤٦ وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٣٣، وعزاه =
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٠٣.
(٣) بتصرف من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٣، وينظر: "التبيان" ص ٧٥ قال: وقيل: التقدير: بغيًا على ما أنزل الله، أي: حسدًا على ما خص الله به نبيه من الوحي.
(٤) وقيل: التقدير: بغيًا على أن ينزل الله، لأن معناه: حسدا على أن ينزل الله، فحذفت على، وقيل: أن ينزل في موضع جرًّ على أنه بدل اشتمال من ما في قوله بما أنزل الله أي: بتنزيل الله ينظر "البحر المحيط".
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤١٧، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٣، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٣٢ وقال ابن أبي حاتم: وروي عن عكرمة ومجاهد وعطاء وقتادة وابن أبي خالد نحو ذلك، وقد ذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١١٤ خمسة أقوال في الآية، والخلاف فيها من قبيل اختلاف التنوع.
(٦) رواه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٤٦ وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٣٣، وعزاه =
152
وقال أهل المعاني: أي: بإثم استحقوا به النار على إثم تقدم استحقوا به النار (١).
٩١ - وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ أي: لليهود، و ﴿إِذَا﴾ عند النحويين وقت للفعل الذي هو جواب، كما تقول: إذا جئتني وصلتك، أخبرتَ أنك تصلُهُ وقت مجيئه، وليس كذلك إنْ، لأنك إذا قلت: إن جئتني وصلتك، يصلح أن تصلَه بعد وقت المجيء (٢).
وقوله تعالى: ﴿بِمَا أَنزَلَ الله﴾ يعني القرآن، ﴿قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾، يعني التوراة (٣).
﴿وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ﴾، قال ابن الأنباري: يجوز أن يكون هذا إخبارًا من الله عز وجل عن اليهود، وتم الكلام عند قوله: ﴿بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾، ثم ابتدأ بالإخبار عنهم، فقال: (٤) ﴿وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ﴾ (٥). والدليل على انقطاع الكلام الأول: الانصرافُ عن الإخبار عن النفس إلى الحديث عن
٩١ - وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ أي: لليهود، و ﴿إِذَا﴾ عند النحويين وقت للفعل الذي هو جواب، كما تقول: إذا جئتني وصلتك، أخبرتَ أنك تصلُهُ وقت مجيئه، وليس كذلك إنْ، لأنك إذا قلت: إن جئتني وصلتك، يصلح أن تصلَه بعد وقت المجيء (٢).
وقوله تعالى: ﴿بِمَا أَنزَلَ الله﴾ يعني القرآن، ﴿قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾، يعني التوراة (٣).
﴿وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ﴾، قال ابن الأنباري: يجوز أن يكون هذا إخبارًا من الله عز وجل عن اليهود، وتم الكلام عند قوله: ﴿بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾، ثم ابتدأ بالإخبار عنهم، فقال: (٤) ﴿وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ﴾ (٥). والدليل على انقطاع الكلام الأول: الانصرافُ عن الإخبار عن النفس إلى الحديث عن
= السيوطي في "الدر" ١/ ٢١٨ إلى عبد بن حميد. وروى الطبري، وابن أبي حاتم عن أبي العالية نحوه.
(١) هذا كلام الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٧٤، وروى ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٤ عن سعيد بن جبير في قوله: (فباؤوا بغضب على غضب) يقول: استوجبوا سخطا على سخط، وذكر "القرطبي" ٢/ ٢٩ قولاً فقال: وقال قوم: المراد التأييد وشدة الحال عليهم، لا أنه أراد غضبين معللين بمعصيتين. وينظر "البحر المحيط" ١/ ٣٠٦.
(٢) ينظر في معاني إذا "مغني اللبيب" ١/ ٨٧ - ١٠١.
(٣) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٣.
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) في (ش): (تكفرون).
(١) هذا كلام الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٧٤، وروى ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٤ عن سعيد بن جبير في قوله: (فباؤوا بغضب على غضب) يقول: استوجبوا سخطا على سخط، وذكر "القرطبي" ٢/ ٢٩ قولاً فقال: وقال قوم: المراد التأييد وشدة الحال عليهم، لا أنه أراد غضبين معللين بمعصيتين. وينظر "البحر المحيط" ١/ ٣٠٦.
(٢) ينظر في معاني إذا "مغني اللبيب" ١/ ٨٧ - ١٠١.
(٣) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٣.
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) في (ش): (تكفرون).
153
الغيب. ويجوز أن يكون (١) حكاية عن اليهود أنهم قالوا ذلك، وتأويله: نؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا، وَيَكْفُرُونَ (٢) بِمَا وَرَاءَه، فردّ الفعل الثاني إلى الغيبة، كما تقول العرب: قال عبد الله: لأقُومَنّ، وقال عبد الله ليقومن، فالألف: لمعنى الإخبار، والياء: لمعنى الغيبة (٣)، وكذلك تقول العرب: استحلفت عبد الله: لأقومنّ، وليقومنّ، ولتقومنّ.
فمن قال: لأقومنّ، أراد: قلت له: قل لأقومن، ومن قال بالتاء، أخرجه على معنى الخطاب.
ومن قال بالياء، أخرجه على لفظ عبد الله؛ لأنه غائب، قال الشاعر (٤):
فقدم أفعالًا على المخاطبة، ثم رجع إلى الغيبة على ما وصفنا.
ومعنى ﴿بِمَا وَرَاءَهُ﴾ بما سواه، قال الفراء: وذلك كثير في العربية يتكلم الرجل بالكلام الحسن، فيقول السامع: ليس وراء هذا الكلام شيء،
فمن قال: لأقومنّ، أراد: قلت له: قل لأقومن، ومن قال بالتاء، أخرجه على معنى الخطاب.
ومن قال بالياء، أخرجه على لفظ عبد الله؛ لأنه غائب، قال الشاعر (٤):
| يا ليت شعري عنك دَخْتَنُوس (٥) | إذا أتاك الخبرُ المرموسُ |
| أتحلِقُ القرونَ أم تَمِيسُ | لا، بل تَميسُ إنّها عروسُ (٦) |
ومعنى ﴿بِمَا وَرَاءَهُ﴾ بما سواه، قال الفراء: وذلك كثير في العربية يتكلم الرجل بالكلام الحسن، فيقول السامع: ليس وراء هذا الكلام شيء،
(١) في (ش): (تكون).
(٢) في (ش): (ونكفر).
(٣) من قوله: كما تقول العرب.. ساقطة من (ش).
(٤) البيتان للقيط بن زُرارة كما في "اللسان" ٣/ ١٧٢٨، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٤٦٧، ورواية التهذيب: ياليت شعري اليوم... إذا أتاهها الخبر. ومعنى المرموس: المكتوم، وتميسُ: تتبختر.
(٥) في (ش): (وختنوس).
(٦) الرجز للقيط بن زرارة، في "لسان العرب" ٦/ ١٠١ مادة: (رمس)، و"تاج العروس" ٨/ ٢٧٩ (دختنس)، و"المعجم المفصل" ١٠/ ٢٨٢.
(٢) في (ش): (ونكفر).
(٣) من قوله: كما تقول العرب.. ساقطة من (ش).
(٤) البيتان للقيط بن زُرارة كما في "اللسان" ٣/ ١٧٢٨، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٤٦٧، ورواية التهذيب: ياليت شعري اليوم... إذا أتاهها الخبر. ومعنى المرموس: المكتوم، وتميسُ: تتبختر.
(٥) في (ش): (وختنوس).
(٦) الرجز للقيط بن زرارة، في "لسان العرب" ٦/ ١٠١ مادة: (رمس)، و"تاج العروس" ٨/ ٢٧٩ (دختنس)، و"المعجم المفصل" ١٠/ ٢٨٢.
154
يريد ليس سوى هذا الكلام شيء (١).
ويحتمل ﴿بِمَا وَرَاءَهُ﴾ بما بعده، أي: ما بعد التوراة، يريد: الإنجيل والقرآن، وهذا كقوله: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤]، أي: ما بعده، وما سواه.
وقوله تعالى: ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ﴾ (٢) مثله (٣). أبو العباس، عن ابن الأعرابي في قوله: ﴿وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ﴾ قال: بما سواه (٤). وسنذكر الكل في (وراء) عند قوله: ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ﴾ [الكهف: ٧٩] وقوله ﴿وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾ [هود: ٧١] وقولِه: ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي﴾ [مريم: ٥]، إن شاء الله.
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ اَلحَقُّ﴾ (هو) كناية عما في قوله: ﴿بِمَا وَرَاءَهُ﴾.
و (ما وراءه)، يجوز أن يكون واقعًا على الإنجيل والقرآن، فأفرد الله القرآن بقوله: (وَهُوَ الْحَقّ) تفصيلًا له وتخصيصًا (٥).
ويجوز أن يكون (هو) كناية عن محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله تعالى لما ذكر الإنزال والمنزِّل دلّا على المُنزَّل عليه، فكان كالظاهر.
قال أبو إسحاق: في قوله: ﴿وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ﴾ دلالة على أنهم قد كفروا بما معهم، إذ كفروا بما يُصَدِّق مَا معهم. قال: ونصبت
ويحتمل ﴿بِمَا وَرَاءَهُ﴾ بما بعده، أي: ما بعد التوراة، يريد: الإنجيل والقرآن، وهذا كقوله: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤]، أي: ما بعده، وما سواه.
وقوله تعالى: ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ﴾ (٢) مثله (٣). أبو العباس، عن ابن الأعرابي في قوله: ﴿وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ﴾ قال: بما سواه (٤). وسنذكر الكل في (وراء) عند قوله: ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ﴾ [الكهف: ٧٩] وقوله ﴿وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾ [هود: ٧١] وقولِه: ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي﴾ [مريم: ٥]، إن شاء الله.
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ اَلحَقُّ﴾ (هو) كناية عما في قوله: ﴿بِمَا وَرَاءَهُ﴾.
و (ما وراءه)، يجوز أن يكون واقعًا على الإنجيل والقرآن، فأفرد الله القرآن بقوله: (وَهُوَ الْحَقّ) تفصيلًا له وتخصيصًا (٥).
ويجوز أن يكون (هو) كناية عن محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله تعالى لما ذكر الإنزال والمنزِّل دلّا على المُنزَّل عليه، فكان كالظاهر.
قال أبو إسحاق: في قوله: ﴿وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ﴾ دلالة على أنهم قد كفروا بما معهم، إذ كفروا بما يُصَدِّق مَا معهم. قال: ونصبت
(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٠.
(٢) جزء من آية وردت في سورة [المؤمنون: ٧]، [المعارج: ٣١]
(٣) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٧.
(٤) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٧٩، "اللسان" ٨/ ٤٨٠٧، وينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٥، "البحر المحيط" ١/ ٣٠٧.
(٥) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٣، "البحر المحيط" ١/ ٣٠٧.
(٢) جزء من آية وردت في سورة [المؤمنون: ٧]، [المعارج: ٣١]
(٣) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٧.
(٤) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٧٩، "اللسان" ٨/ ٤٨٠٧، وينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٥، "البحر المحيط" ١/ ٣٠٧.
(٥) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٣، "البحر المحيط" ١/ ٣٠٧.
155
﴿مُصَدِّقًا﴾ على الحال (١)، ومثله قولك: هو زيد معروفا، فـ (معروف) حال؛ لأنه إنما يكون زيدًا بأنه يعرف بزيد، وكذلك تقول: القرآن هو الحق، إذا كان مصدقًا لكتبِ الرُّسُل صلى الله عليهم.
وقوله تعالى: ﴿فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ﴾ هذا تكذيب من الله تعالى لهم في قولهم: ﴿نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾، أي: أيّ كتاب جوّز فيه قتل نبي، وأيّ دين وإيمان جوّز فيه ذلك (٢).
وأضاف القتل هاهُنا إلى المخاطبين، وإن كان آباؤهم قَتَلوا؛ لأنهم كانوا يتولّون الذين قَتَلوا فهم على مذهبهم، وإذا كانوا على ذلك المذهب فقد شركوهم. قال ابن عباس: كلما عُمِلَت مَعصِية، فمن أنكرها برئ، ومن رضي بها كان كمن شهدها (٣).
وقال ابن الأنباري: تأويله: فلم توليتم آباءكم القاتلين ورضيتم ما كانوا عليه، وصوبتم أفعالهم. والمراد بلفظ الاستقبال هاهنا: المضي (٤)، وجاز ذلك؛ لأنه لا يذهب الوهم إلى غيره؛ لقوله: ﴿مِنْ قَبلُ﴾، ودليل هذا قوله: ﴿قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ﴾ [آل عمران: ١٨٣]. ومما وضع فيه المستقبل موضع الماضي قوله تعالى:
وقوله تعالى: ﴿فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ﴾ هذا تكذيب من الله تعالى لهم في قولهم: ﴿نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾، أي: أيّ كتاب جوّز فيه قتل نبي، وأيّ دين وإيمان جوّز فيه ذلك (٢).
وأضاف القتل هاهُنا إلى المخاطبين، وإن كان آباؤهم قَتَلوا؛ لأنهم كانوا يتولّون الذين قَتَلوا فهم على مذهبهم، وإذا كانوا على ذلك المذهب فقد شركوهم. قال ابن عباس: كلما عُمِلَت مَعصِية، فمن أنكرها برئ، ومن رضي بها كان كمن شهدها (٣).
وقال ابن الأنباري: تأويله: فلم توليتم آباءكم القاتلين ورضيتم ما كانوا عليه، وصوبتم أفعالهم. والمراد بلفظ الاستقبال هاهنا: المضي (٤)، وجاز ذلك؛ لأنه لا يذهب الوهم إلى غيره؛ لقوله: ﴿مِنْ قَبلُ﴾، ودليل هذا قوله: ﴿قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ﴾ [آل عمران: ١٨٣]. ومما وضع فيه المستقبل موضع الماضي قوله تعالى:
(١) "معاني القرآن" ١/ ١٧٤ بتصرف، وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٤.
(٢) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠٣٤.
(٣) ذكره في "الوسيط" ولم أجده عنه في التفاسير المسندة، وفي معناه حديث أم سلمة قالت: قال رسول الله - ﷺ -: "إنها ستكون أمراء، تعرفون وتنكرون، فمن أنكر فقد برئ ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع" رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" ٨/ ٦٢١ وقوله - ﷺ -: "إن الخطيئة إذا عملت في الأرض كان من غاب عنها ورضيها كمن حضرها، ومن شهدها وسخطها كان كمن غاب عنها وأنكرها" رواه أبو داود.
(٤) ينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٥ - ٢٦.
(٢) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠٣٤.
(٣) ذكره في "الوسيط" ولم أجده عنه في التفاسير المسندة، وفي معناه حديث أم سلمة قالت: قال رسول الله - ﷺ -: "إنها ستكون أمراء، تعرفون وتنكرون، فمن أنكر فقد برئ ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع" رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" ٨/ ٦٢١ وقوله - ﷺ -: "إن الخطيئة إذا عملت في الأرض كان من غاب عنها ورضيها كمن حضرها، ومن شهدها وسخطها كان كمن غاب عنها وأنكرها" رواه أبو داود.
(٤) ينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٥ - ٢٦.
156
﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾ [البقرة: ١٠٢]، وسنذكره في موضعه، ومثل هذا قولك للرجل تعنفه بما سلف من قبيح فعله: ويحك لم تكذب؟ لم تُبَغِّض نفسك إلى الناس؟، كأنه قيل: لم هذا من شأنك (١). قال الفراء: وذلك كثير في الكلام، أنشدني بعض العرب:
يعني: أن الولادة قد مضت، وقد عبَّر عنها بجواب الجزاء، وذلك يكون في الاستقبال، كما تقول: إذا ما جئتني لم أضربْك، لم يوجد المجيء ولا الضرب (٣) فالجزاء للمستقبل، والولادة قد مضت، وذلك أن المعنى معروف (٤) يدل عليه، فجاز ذلك. والذي يدل على أن المراد بما في الآية المضي أن (لِمَ) معناه التعنيف، وأنت إنما تعنف الرجل بما سلف من فعله (٥).
| إذا ما انْتَسَبْنا لم تلدني لئيمةٌ | ولم تَجِدِي من أن تُقِرِّي بها بُدَّا (٢). |
(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٠ - ٦١ ونقله الطبري في تفسيره ١/ ٤٢٠.
(٢) البيت لزائد بن صعصعة الفقعسي يُعَرِّض بزوجته، وكانت أمها سرية، وذكره الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٦١، ١٧٨، ولم ينسبه وكذا الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٢٨، ٤٢٠، ٣/ ٧٣.
(٣) من قوله: (يعني أن الولادة) ساقط من (ش).
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦١، ومن قوله: (يعنىِ أن الولادة) إلى قوله: (ولا الضرب) من كلام الواحدي، في "تفسيره".
(٥) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦١ ونقله الطبري في تفسيره عنه ١/ ٤٢ ذكر جوابًا آخر وهو أن معناه: فلم قتلتم أنبياء الله من قبل، كقوله: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾ أي: ما تلت، وكقول الشاعر:
ولقد أمر على اللئيم يسبني... فمضيت عنه وقلت: لا يعنيني
يريد بقوله: (ولقد أمر): ولقد مررت. اهـ. قال في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٧ نقلًا عن ابن عطية: وفائدة سوق المستقبل في معنى الماضي الإعلام بأن الأمر مستمر، ألا ترى أن حاضري محمد - ﷺ - ولما كانوا راضين بفعل أسلافهم بقي لهم من قتل الأنبياء جزء.
(٢) البيت لزائد بن صعصعة الفقعسي يُعَرِّض بزوجته، وكانت أمها سرية، وذكره الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٦١، ١٧٨، ولم ينسبه وكذا الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٢٨، ٤٢٠، ٣/ ٧٣.
(٣) من قوله: (يعني أن الولادة) ساقط من (ش).
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦١، ومن قوله: (يعنىِ أن الولادة) إلى قوله: (ولا الضرب) من كلام الواحدي، في "تفسيره".
(٥) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦١ ونقله الطبري في تفسيره عنه ١/ ٤٢ ذكر جوابًا آخر وهو أن معناه: فلم قتلتم أنبياء الله من قبل، كقوله: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾ أي: ما تلت، وكقول الشاعر:
ولقد أمر على اللئيم يسبني... فمضيت عنه وقلت: لا يعنيني
يريد بقوله: (ولقد أمر): ولقد مررت. اهـ. قال في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٧ نقلًا عن ابن عطية: وفائدة سوق المستقبل في معنى الماضي الإعلام بأن الأمر مستمر، ألا ترى أن حاضري محمد - ﷺ - ولما كانوا راضين بفعل أسلافهم بقي لهم من قتل الأنبياء جزء.
157
وقوله تعالى: ﴿إِن كنُتُم مُّؤمِنِينَ﴾ (إِنْ) بمعنى الشرط، وجوابها قبلها، يراد به: إن كنتم مؤمنين، فلم تقتلون أنبياء الله؛ لأنه ليس سبيل المؤمنين أن تقتلوا الأنبياء، ولا أن يتولوا قاتليهم (١).
٩٢ - قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاَءَكُمْ﴾ اللام في (لقد) لام القسم (٢)، ولا يجوز أن تكون لام الابتداء، لأن لام الابتداء لا تلحق إلّا الاسم أو ما كان بمنزلة الاسم من المضارع.
والمراد بالبيّناتِ في هذه الآية ما ذكره في قوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ [الإسراء: ١٠١]، وهي العصا، واليد، وفلق البحر، والجراد، والقُمَّل (٣)، والضَفَادع، والدم، ورفع الطور، وإحياء الميت ببعض البقرة (٤).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ﴾ المراد بـ (ثُم) هاهنا: الاستعظام لكفرهم مع ما رأوا من الآيات التي أتى بها موسى عليه السلام.
٩٣ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَاسْمَعُواْ﴾ أي:
٩٢ - قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاَءَكُمْ﴾ اللام في (لقد) لام القسم (٢)، ولا يجوز أن تكون لام الابتداء، لأن لام الابتداء لا تلحق إلّا الاسم أو ما كان بمنزلة الاسم من المضارع.
والمراد بالبيّناتِ في هذه الآية ما ذكره في قوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ [الإسراء: ١٠١]، وهي العصا، واليد، وفلق البحر، والجراد، والقُمَّل (٣)، والضَفَادع، والدم، ورفع الطور، وإحياء الميت ببعض البقرة (٤).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ﴾ المراد بـ (ثُم) هاهنا: الاستعظام لكفرهم مع ما رأوا من الآيات التي أتى بها موسى عليه السلام.
٩٣ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَاسْمَعُواْ﴾ أي:
(١) استظهر هذا الوجه أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٧ وقال: ويكون الشرط وجوابه قد كرر مرتين على سبيل التوكيد، لكن حذف الشرط من الأول وأبقي جوابه، وهو فلم تقتلون، وحذف الجواب من الثاني وأبقي شرطه.
(٢) ينظر: "تفسير "القرطبي" ٢/ ٢٧.
(٣) القمّل: قال ابن عباس: وهو السوس الذي يخرج من الحنطة، وعنه: أنه الدَّبى وهو الجراد الصغار الذي لا أجنحة له - وبه قال مجاهد وعكرمة وقتادة، وقال الطبري في تفسيره ٩/ ٣٣: القمّل: جمع، واحدتها قُمَّلة، وهي دابة تشبه القمْل، تأكلها الإبل فيما بلغني. ينظر "تفسير ابن كثير" ص ٧٠٠.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٢١ "البحر المحيط" ١/ ٣٠٨ إلا أنه عد بدل الأخيرين: السنين، والطوفان.
(٢) ينظر: "تفسير "القرطبي" ٢/ ٢٧.
(٣) القمّل: قال ابن عباس: وهو السوس الذي يخرج من الحنطة، وعنه: أنه الدَّبى وهو الجراد الصغار الذي لا أجنحة له - وبه قال مجاهد وعكرمة وقتادة، وقال الطبري في تفسيره ٩/ ٣٣: القمّل: جمع، واحدتها قُمَّلة، وهي دابة تشبه القمْل، تأكلها الإبل فيما بلغني. ينظر "تفسير ابن كثير" ص ٧٠٠.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٢١ "البحر المحيط" ١/ ٣٠٨ إلا أنه عد بدل الأخيرين: السنين، والطوفان.
158
ما فيه من حلاله وحرامه، ﴿قَالُوا سَمِعْنَا﴾ ما فيه، ﴿وَعَصَيْنَا﴾ ما أمرنا به، هذا هو الظاهر.
وقال أهل المعاني: معنى (اسمعوا) هاهنا: استجيبوا وأطيعوا، عُبِّر بالسمع؛ لأنه سَبَب الإجابة والطاعة (١)، وقد يُعبّر عنهما بالسمع كقول الشاعر:
أي: يجيب (٣).
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾ بعض المفسرين يقولون: إنهم تلفظوا بهذه اللفظة، فقالوا: ﴿سَمِعْنَا﴾ لما أطل الجبل فوقهم، فلما كشف عنهم قالوا: ﴿وَعَصَيْنَا﴾ (٤).
وقال الحسن: قالوا: سمعنا بألسنتهم، وعصينا بقلوبهم (٥).
فقال أهل المعاني: إنهم لم يقولوا هذا بألسنتهم، ولكنهم لما سمعوا
وقال أهل المعاني: معنى (اسمعوا) هاهنا: استجيبوا وأطيعوا، عُبِّر بالسمع؛ لأنه سَبَب الإجابة والطاعة (١)، وقد يُعبّر عنهما بالسمع كقول الشاعر:
| دعوتُ اللهَ حتى خِفتُ أن لا | يكونَ اللهُ يَسْمَعُ ما أقولُ (٢) |
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾ بعض المفسرين يقولون: إنهم تلفظوا بهذه اللفظة، فقالوا: ﴿سَمِعْنَا﴾ لما أطل الجبل فوقهم، فلما كشف عنهم قالوا: ﴿وَعَصَيْنَا﴾ (٤).
وقال الحسن: قالوا: سمعنا بألسنتهم، وعصينا بقلوبهم (٥).
فقال أهل المعاني: إنهم لم يقولوا هذا بألسنتهم، ولكنهم لما سمعوا
(١) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٢٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٤ "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٧.
(٢) البيت، لشمير بن الحارث الضبي، في "تاج العروس" ١١/ ٢٢٧ (مادة: سمع)، و"نوادر أبي زيد" ص ١٢٤، وبلا نسبة في "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٤ و"لسان العرب" ٤/ ٢٠٩٥.
(٣) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠٣٥.
(٤) بنحوه عن ابن عباس كما في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٨ واستحسنه أبو حيان قال: لأنا لا نصير إلى التأويل مع إمكان حمل الشيء على ظاهره لا سيما إذا لم يقم دليل على خلافه اهـ. وحكى الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٧٦ أن المفسرين اتفقوا على أنهم قالوا (سمعنا) لما أطل الجبل فوقهم، فلمَّا كشف عنهم قالوا (عصينا).
(٥) ذكره في "الوسيط" ١/ ١٧٦، وذكره في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٨ ولم ينسبه.
(٢) البيت، لشمير بن الحارث الضبي، في "تاج العروس" ١١/ ٢٢٧ (مادة: سمع)، و"نوادر أبي زيد" ص ١٢٤، وبلا نسبة في "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٤ و"لسان العرب" ٤/ ٢٠٩٥.
(٣) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠٣٥.
(٤) بنحوه عن ابن عباس كما في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٨ واستحسنه أبو حيان قال: لأنا لا نصير إلى التأويل مع إمكان حمل الشيء على ظاهره لا سيما إذا لم يقم دليل على خلافه اهـ. وحكى الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٧٦ أن المفسرين اتفقوا على أنهم قالوا (سمعنا) لما أطل الجبل فوقهم، فلمَّا كشف عنهم قالوا (عصينا).
(٥) ذكره في "الوسيط" ١/ ١٧٦، وذكره في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٨ ولم ينسبه.
159
الأمر، وتلقَّوه بالعصيان نسب ذلك منهم إلى القول اتساعًا (١)، كقول الشاعر:
وقال امرؤ القيس:
قالوا: المعنى: يُضللن ذا الحلم، وليس الغرض حكاية قولهن. وقوله تعالى: ﴿وَأُشْرِبُواْ﴾ الإشرابُ في اللُّغةِ خَلْطَ لونٍ بلون، يقال: أبيض مُشرَبٌ حُمرةً، إذا كان يعلوه حُمرة (٤)، المازني (٥): الإشراب: الخلط، يقال: أُشْرِب ذَا بذَا، وهو مشربٌ حُمرةً إذا خالطت لونه حُمرة. اللّحياني: يقال: فيه شُربةٌ من الحُمرة، إذا كان يُخالطه حُمرة (٦).
وقال أبو عبيدة (٧)، والزجاج (٨): معناه سُقُوا حُبَّ العِجل، وأصل
| ومَنْهَلٍ ذِبَّانُه في غَيْطَلِ | يَقُلْنَ للرائدِ أعْشَبْتَ انْزِلِ (٢) |
| نواعِمُ يُتْبعنَ الهوى سُبُلَ الردَى | يقلن لأهل الحِلم ضُلًّا بَتْضلال (٣) |
وقال أبو عبيدة (٧)، والزجاج (٨): معناه سُقُوا حُبَّ العِجل، وأصل
(١) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٥، عزاه لأهل المعاني.
(٢) البيت لأبي النجم العِجْلي. ينظر: "الحيوان" ٣/ ٣١٤ و ٧/ ٢٥٩، وذكر الشطر الآخر منه "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٤٨، "اللسان" ٥/ ٢٩٥١، "التاج" ٢/ ٢٣٣، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٣٥ بلا نسبة. والغيطل: شجر ملتف أو عشب ملتف.
(٣) البيت لامرئ القيس في "ديوانه" ص ١٢٦.
(٤) ينظر "تاج العروس" ٢/ ١٠٣.
(٥) هو أبو عثمان بكر بن بقية، وقيل: بكر بن محمد بن عدي بن حبيب المازني، تقدمت ترجمته.
(٦) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٨٤٨، "اللسان" ٤/ ٢٢٢٤ (شرب).
(٧) في "مجاز القرآن" ١/ ٤٧.
(٨) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٥، وينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٨٤٨، "اللسان" ٤/ ٢٢٢٤.
(٢) البيت لأبي النجم العِجْلي. ينظر: "الحيوان" ٣/ ٣١٤ و ٧/ ٢٥٩، وذكر الشطر الآخر منه "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٤٨، "اللسان" ٥/ ٢٩٥١، "التاج" ٢/ ٢٣٣، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٣٥ بلا نسبة. والغيطل: شجر ملتف أو عشب ملتف.
(٣) البيت لامرئ القيس في "ديوانه" ص ١٢٦.
(٤) ينظر "تاج العروس" ٢/ ١٠٣.
(٥) هو أبو عثمان بكر بن بقية، وقيل: بكر بن محمد بن عدي بن حبيب المازني، تقدمت ترجمته.
(٦) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٨٤٨، "اللسان" ٤/ ٢٢٢٤ (شرب).
(٧) في "مجاز القرآن" ١/ ٤٧.
(٨) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٥، وينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٨٤٨، "اللسان" ٤/ ٢٢٢٤.
160
الإشرابِ: السَّقْي، واستُعملَ في اللون المختلط بغيره تشبيهًا بالسّقي، لأنه لقال للمشرب حُمرةً: إنه لمسقيّ الدم. والمعنى هاهنا: أنهم خلطوا بحب العجل حتى اختلط بهم، ثم بيّن أنّ مَحَلّ ذلك الحُبّ قلوبهم، وأن الخلط حصل فيها، فأضاف أولًا إلى الجملة، ثم خصّ القلوب، كما تقول: ضُربوا على رؤوسهم، أضفت الضرب أولًا إليهم، ثم بيّنت مَحلّ الضَّرب، وإنما ذكره بلفظ الإشراب إخبارًا عن رسوخ ذلك الحُبّ في قلوبهم كإشراب اللَّوْن لِشِدّة الملازمة (١).
وقوله تعالى: ﴿الْعِجْلَ﴾ أراد: حُبّ العجل فحذف المضاف (٢) كقوله: ﴿وَسْئَلِ القَرْيَةَ﴾ (٣) [يوسف: ٨٢]، ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ﴾ [البقرة: ١٧٧]، وكقول الشاعر:
وقوله تعالى: ﴿الْعِجْلَ﴾ أراد: حُبّ العجل فحذف المضاف (٢) كقوله: ﴿وَسْئَلِ القَرْيَةَ﴾ (٣) [يوسف: ٨٢]، ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ﴾ [البقرة: ١٧٧]، وكقول الشاعر:
| وكيف تُوَاصل مَنْ أصبَحتْ | خِلاَلَتُه كأبي مَرْحَبِ (٤) |
(١) ينظر: "الزاهر" ٢/ ١٠١ و"غريب القرآن" ص ٤٨ "البحر المحيط" ٢/ ١٨٤٨ وقال: وإنما عبر عن حب العجل بالشرب دون الأكل، لأن شرب الماء يتغلغل في الأعضاء حتى يصل إلى باطنها.. وأما الطعام، فقالوا: هو مجاور لها غير متغلغل فيها، ولا يصل إلى القلب منه إلا اليسير.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٥، ونقله في "اللسان" ٤/ ٢٢٢٤، وقال في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٩: وأسند الإشراب إلى العجل مبالغة كأنه بصورته أشربوه.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦١، الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٢٣.
(٤) البيت للنابغة الجعدي، ينظر: "ديوانه" ص ٢٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٥، "الكتاب" لسيبويه ١/ ١١٠، "أمالي القالي" ١/ ١٩٢ "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٣، ١٧٥، "لسان العرب" ٤/ ٢٢٢٤ مادة (اشرب) و ١/ ٢٥٢ مادة (برد) قال ابن منظور: وأبو مرحب كنية الظِّل والظل منتقل، ويقال: هو كنية عرقوب، الذي قيل عنه: مواعيد عرقوب، والمراد على الأول: كيف تصاحب من لا يدوم على مودة، وإنما هو منتقل غير ثابت.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٥، ونقله في "اللسان" ٤/ ٢٢٢٤، وقال في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٩: وأسند الإشراب إلى العجل مبالغة كأنه بصورته أشربوه.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦١، الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٢٣.
(٤) البيت للنابغة الجعدي، ينظر: "ديوانه" ص ٢٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٥، "الكتاب" لسيبويه ١/ ١١٠، "أمالي القالي" ١/ ١٩٢ "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٣، ١٧٥، "لسان العرب" ٤/ ٢٢٢٤ مادة (اشرب) و ١/ ٢٥٢ مادة (برد) قال ابن منظور: وأبو مرحب كنية الظِّل والظل منتقل، ويقال: هو كنية عرقوب، الذي قيل عنه: مواعيد عرقوب، والمراد على الأول: كيف تصاحب من لا يدوم على مودة، وإنما هو منتقل غير ثابت.
161
وأنشد الفراء:
وقوله تعالى: ﴿بِكُفْرِهِمْ﴾ قال بعضهم: أي، باعتقادهم التشبيه؛ لأنهم طلبوا ما يتصوّرُ في نفوسهم (٢). وقال الزجاج: معناه فعل الله ذلك مجازاة لهم على الكفر، كما قال: ﴿بَلْ طَبَعَ الله عَلَيْهَا بِكُفرِهِم﴾ [النساء: ١٥٥] (٣).
وقوله تعالى: ﴿قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ معناه: إن كنتم مؤمنين فبئس الإيمان إيمانٌ يأمر بالكُفْر، وهذا تكذيب لهم؛ لأنهم كانوا يزعمون أنهم مؤمنون، وذلك أنهم قالوا: ﴿نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾، فكذّبهم الله عز وجل، وعيَّرهم بعبادة العجل، وذلك أنّ آباءهم ادعوا الإيمان ثم عبدوا العجل (٤).
وقوله تعالى: ﴿يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ﴾ من المجاز وسعة العربية؛ لأن الإيمان لا يأمُر، وهو كقوله: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
| حَسِبْتَ بُغَامَ راحلتي عَنَاقًا | وما هي وَيْبَ غيرِك بالعَنَاقِ (١) |
وقوله تعالى: ﴿قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ معناه: إن كنتم مؤمنين فبئس الإيمان إيمانٌ يأمر بالكُفْر، وهذا تكذيب لهم؛ لأنهم كانوا يزعمون أنهم مؤمنون، وذلك أنهم قالوا: ﴿نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾، فكذّبهم الله عز وجل، وعيَّرهم بعبادة العجل، وذلك أنّ آباءهم ادعوا الإيمان ثم عبدوا العجل (٤).
وقوله تعالى: ﴿يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ﴾ من المجاز وسعة العربية؛ لأن الإيمان لا يأمُر، وهو كقوله: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
(١) البيت لذي الخرق الطهوي، ينظر "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٢، و"لسان العرب" ١/ ٣٢٠ مادة (بغم)، ٥/ ٣٠٥٣ (مادة: عقا) يخاطب الشاعر ذئبًا تبعه في طريقه، وقبله:
وقوله ويب كلمة مثل: ويل، تقول: وْيبَك وويب زيد، معناه: ألزمك الله ويلًا، نصب نصب المصدر. بُغام الناقة: صوت لا تفصح به، والعناق: الأنثى من المعز. وقوله: حسبت بغامَ راحلتي عناقًا، أي: بغام عناق.
(٢) ينظر "البحر المحيط" ١/ ٣٠٨ - ٣٠٩.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٦.
(٤) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٦، "الوسيط" ١/ ١٧٦.
| ألم تعجب لذئب بات يسري | ليؤذن صاحبًا له باللحاق |
(٢) ينظر "البحر المحيط" ١/ ٣٠٨ - ٣٠٩.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٦.
(٤) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٦، "الوسيط" ١/ ١٧٦.
162
وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: ٤٥]، وكما تقول في الكلام: بئسما يأمرك العقل بشتم الناسِ، معناه: إِن كنْتَ عاقلًا لم تشتمهم، كذلك المعنى في الآية: لو كنتم مؤمنين ما عبدتم العجل (١).
٩٤ - قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ﴾ الآية، كانت اليهود تقول: ﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا﴾ [البقرة: ١١١]، وقالوا أيضًا: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ [المائدة: ١٨]، فقيل لهم: إن كنتم عند أنفسكم صادقين فتمنوّا الموتَ، فإنّ مَنْ كان لا يشكّ في أنه صائرٌ إلى الجنة، فالجنة آثرُ عنده من الدنيا (٢).
والمعنى: إن كانَتْ لكم نعمة الدار الآخرة، فحذف لدلالة الكلام عليه.
وقوله تعالى: ﴿خَالِصَةً﴾ يجوز أن يكون فاعلةً من الخُلوص، فيكون انتصابها على خبر كان، ويجوز أن يكون مصدرًا، كالكاذبة والصافية والخائنَة، فيكون المعنى: خلصتْ خالِصَةً، ويكون انتصابها على المصدر (٣). ومعنى الخالصة: الصافية من الشائبة.
٩٤ - قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ﴾ الآية، كانت اليهود تقول: ﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا﴾ [البقرة: ١١١]، وقالوا أيضًا: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ [المائدة: ١٨]، فقيل لهم: إن كنتم عند أنفسكم صادقين فتمنوّا الموتَ، فإنّ مَنْ كان لا يشكّ في أنه صائرٌ إلى الجنة، فالجنة آثرُ عنده من الدنيا (٢).
والمعنى: إن كانَتْ لكم نعمة الدار الآخرة، فحذف لدلالة الكلام عليه.
وقوله تعالى: ﴿خَالِصَةً﴾ يجوز أن يكون فاعلةً من الخُلوص، فيكون انتصابها على خبر كان، ويجوز أن يكون مصدرًا، كالكاذبة والصافية والخائنَة، فيكون المعنى: خلصتْ خالِصَةً، ويكون انتصابها على المصدر (٣). ومعنى الخالصة: الصافية من الشائبة.
(١) "البحر المحيط" ١/ ٣٠٩ "الوسيط" ١/ ١٧٦.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٧، وينظر في هذا: "تفسير الطبري" ١/ ٤٢٢ - ٤٢٣ عن قتادة وأبي العالية والربيع، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٨٤، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٦، "البحر المحيط" ١/ ٣١٠.
(٣) ذكر أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣١٠ الخلاف في إعراب خالصة فقيل: نصب على الحال، ولم يحك الزمخشري غيره، وقيل: خبر كان، فيجوز في (لكم) أن يتعلق بـ (كانت)، ويجوز أن يتعلق بـ (خالصة) ويجوز أن تكون للتبيين، فيتعلق بمحذوف تقديره: لكم أعني، ولم يذكر الانتصاب على المصدرية، وكذا القرطبي في "تفسيره" ٢/ ٣٣.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٧، وينظر في هذا: "تفسير الطبري" ١/ ٤٢٢ - ٤٢٣ عن قتادة وأبي العالية والربيع، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٨٤، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٦، "البحر المحيط" ١/ ٣١٠.
(٣) ذكر أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣١٠ الخلاف في إعراب خالصة فقيل: نصب على الحال، ولم يحك الزمخشري غيره، وقيل: خبر كان، فيجوز في (لكم) أن يتعلق بـ (كانت)، ويجوز أن يتعلق بـ (خالصة) ويجوز أن تكون للتبيين، فيتعلق بمحذوف تقديره: لكم أعني، ولم يذكر الانتصاب على المصدرية، وكذا القرطبي في "تفسيره" ٢/ ٣٣.
ومعنى قوله: ﴿مِّن دُونِ النَّاسِ﴾ الاختصاص كقولك: هذا لي دونك، أي: أنا مختص به (١).
وقوله تعالى: ﴿فَتَمَنَّوُا المَوْتَ﴾ معنى التمني: هو قولٌ يقدر فيه معنًى يحبه الطبع، وذكرنا ما فيه عند قوله: ﴿إِلَّا أَمَانِىَّ﴾ وَيُدَلّ على التمني بأداةٍ تميِّزُه من الإخبار، كقولك: ليت الله غفر لي، (وليت) أصل في التمني (٢)، وقد يقام مقامها الاستفهام، كقوله: ﴿فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ﴾ (٣) [الأعراف: ٥٣]، وقولك: ألا ماءَ فأشربَه (٤).
٩٥ - قوله تعالى: ﴿وَلَن يَتَمَنَّوهُ أَبَدًا﴾ وذلك أنهم كفروا، وعرفوا أنهم كَفَرة، ولا نصيب لهم في الجنة؛ لأنهم تعمدوا كتمانَ أمر النبي - ﷺ - وتكذيبَه.
وقوله تعالى: ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ أي: بما قدموه وعملوه (٥)، فأضاف ذلك إلى اليد، لأن أكثر جنايات الإنسان تكون بيده، فيضاف إلى اليد كل جناية، وإن لم يكن لليد فيها عمل، فيقال: هذا ما اجترحته يدك (٦).
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ فيه معنى التهديد، أي: عليم بمجازاتهم، وهذا جرى على مستعمل الكلام يقول الرجل لمن أتى إليه مُنْكَرًا: أنا أعرفك، وأنا بصير بك، تأويله: أنا أعلم ما أعاملك به، وإلا
وقوله تعالى: ﴿فَتَمَنَّوُا المَوْتَ﴾ معنى التمني: هو قولٌ يقدر فيه معنًى يحبه الطبع، وذكرنا ما فيه عند قوله: ﴿إِلَّا أَمَانِىَّ﴾ وَيُدَلّ على التمني بأداةٍ تميِّزُه من الإخبار، كقولك: ليت الله غفر لي، (وليت) أصل في التمني (٢)، وقد يقام مقامها الاستفهام، كقوله: ﴿فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ﴾ (٣) [الأعراف: ٥٣]، وقولك: ألا ماءَ فأشربَه (٤).
٩٥ - قوله تعالى: ﴿وَلَن يَتَمَنَّوهُ أَبَدًا﴾ وذلك أنهم كفروا، وعرفوا أنهم كَفَرة، ولا نصيب لهم في الجنة؛ لأنهم تعمدوا كتمانَ أمر النبي - ﷺ - وتكذيبَه.
وقوله تعالى: ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ أي: بما قدموه وعملوه (٥)، فأضاف ذلك إلى اليد، لأن أكثر جنايات الإنسان تكون بيده، فيضاف إلى اليد كل جناية، وإن لم يكن لليد فيها عمل، فيقال: هذا ما اجترحته يدك (٦).
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ فيه معنى التهديد، أي: عليم بمجازاتهم، وهذا جرى على مستعمل الكلام يقول الرجل لمن أتى إليه مُنْكَرًا: أنا أعرفك، وأنا بصير بك، تأويله: أنا أعلم ما أعاملك به، وإلا
(١) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣١٠.
(٢) ينظر: "مغني اللبيب" ١/ ٢٨٥.
(٣) كذا أورده في مقام التمني: "القرطبي" ٧/ ٢١٨.
(٤) ينظر: "مغني اللبيب" ١/ ٦٩.
(٥) في (أ): (قدموا فأضاف).
(٦) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣١٢ وبين أن هذا الاستعمال كثير في القرآن، وقيل: المراد: اليد الحقيقية هنا، والذي قدَّمته أيديهم: هو تغيير صفة الرسول - ﷺ -، وكان ذلك بكتابة أيديهم.
(٢) ينظر: "مغني اللبيب" ١/ ٢٨٥.
(٣) كذا أورده في مقام التمني: "القرطبي" ٧/ ٢١٨.
(٤) ينظر: "مغني اللبيب" ١/ ٦٩.
(٥) في (أ): (قدموا فأضاف).
(٦) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣١٢ وبين أن هذا الاستعمال كثير في القرآن، وقيل: المراد: اليد الحقيقية هنا، والذي قدَّمته أيديهم: هو تغيير صفة الرسول - ﷺ -، وكان ذلك بكتابة أيديهم.
164
فالله عليم بالظالمين وغيرهم (١).
وفي هذه الآية أبيَن دلالة عَلَى صدق نبيّنا محمد - ﷺ - لأنه أخبر عن الله أنهم لا يتمنون الموت، وقالي: "لو تمنوا الموت لغصَّ كلُّ إنسانٍ بريقه، وما بقي على وجه الأرض يهودي إلاّ مَاتَ" (٢)، ثمَّ لم يَرَوا مَعَ حرصهم على تكذيبه أن أحدا أتاه، وقال: يا محمد، أنا أشتهي الموت وأتمناه؛ لأنهم علموا أنهم لو تمنوا الموت لَم يَبقَ منهم صغير ولا كبير إلّا مات، فكان إحجامهم عن ذكر الموت دليلًا على عنادهم الحق وتكذيب من يعرفون صِدقه، ويعلمون صحَّة نبوَّته - ﷺ - (٣).
وفي هذه الآية أبيَن دلالة عَلَى صدق نبيّنا محمد - ﷺ - لأنه أخبر عن الله أنهم لا يتمنون الموت، وقالي: "لو تمنوا الموت لغصَّ كلُّ إنسانٍ بريقه، وما بقي على وجه الأرض يهودي إلاّ مَاتَ" (٢)، ثمَّ لم يَرَوا مَعَ حرصهم على تكذيبه أن أحدا أتاه، وقال: يا محمد، أنا أشتهي الموت وأتمناه؛ لأنهم علموا أنهم لو تمنوا الموت لَم يَبقَ منهم صغير ولا كبير إلّا مات، فكان إحجامهم عن ذكر الموت دليلًا على عنادهم الحق وتكذيب من يعرفون صِدقه، ويعلمون صحَّة نبوَّته - ﷺ - (٣).
(١) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٧.
(٢) الحديث بهذا اللفظ ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٣٧ عن ابن عباس مرفوعًا وأخرج البيهقي في دلائل النبوة ٦/ ٢٧٤ من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مرفوعًا، وفيه: "لا يقولها رجل منكم الا غص بريقه فمات مكانه" وفي السند الكلبي. وأخرج أحمد ١/ ٢٤٨ وأبو يعلى ١/ ٤٢٤ - ٤٢٥، الطبري في تفسيره ٢/ ٣٦٢ من طريق عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: وفيه: "ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا، ورأوا مقاعدهم من النار" قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٨/ ٢٢٨: في الصحيح طرف من أدلة، رواه أحمد وأبو يعلى، ورجاله الصحيح. وقال أيضًا ٦/ ٣١٤: هو الصحيح بغير سياقه، رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح وأصله كما قال في البخاري (٤٩٥٨) كتاب التفسير باب: ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ﴾ والترمذي كتاب التفسير باب من سورة اقرأ باسم ربك برقم (٣٣٤٨) وأحمد ١/ ٣٦٨ وليس فيه: ولو أن اليهود... وأخرج الطبري في تفسيره، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٨٤ عن ابن عباس موقوفًا: لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه. وأخرجا عن عكرمة نحوه، وأورد ابن كثير في تفسيره هذه الموقوفات عن ابن عباس ص ١١٥ وصحح أسانيدها إليه.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٦، "تفسير الطبري" ١/ ٤٢٤ - ٤٢٥، "البحر المحيط" ١/ ٣١٠ - ٣١٢.
(٢) الحديث بهذا اللفظ ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٣٧ عن ابن عباس مرفوعًا وأخرج البيهقي في دلائل النبوة ٦/ ٢٧٤ من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مرفوعًا، وفيه: "لا يقولها رجل منكم الا غص بريقه فمات مكانه" وفي السند الكلبي. وأخرج أحمد ١/ ٢٤٨ وأبو يعلى ١/ ٤٢٤ - ٤٢٥، الطبري في تفسيره ٢/ ٣٦٢ من طريق عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: وفيه: "ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا، ورأوا مقاعدهم من النار" قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٨/ ٢٢٨: في الصحيح طرف من أدلة، رواه أحمد وأبو يعلى، ورجاله الصحيح. وقال أيضًا ٦/ ٣١٤: هو الصحيح بغير سياقه، رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح وأصله كما قال في البخاري (٤٩٥٨) كتاب التفسير باب: ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ﴾ والترمذي كتاب التفسير باب من سورة اقرأ باسم ربك برقم (٣٣٤٨) وأحمد ١/ ٣٦٨ وليس فيه: ولو أن اليهود... وأخرج الطبري في تفسيره، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٨٤ عن ابن عباس موقوفًا: لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه. وأخرجا عن عكرمة نحوه، وأورد ابن كثير في تفسيره هذه الموقوفات عن ابن عباس ص ١١٥ وصحح أسانيدها إليه.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٦، "تفسير الطبري" ١/ ٤٢٤ - ٤٢٥، "البحر المحيط" ١/ ٣١٠ - ٣١٢.
165
٩٦ - قوله تعالى: ﴿وّلَتَجِدَنَّهُم﴾ دخلت اللام والنون لأن القسم مضمر تقديره: والله لتجدنهم، فهو جواب القسم (١)، فأكّد باللام والنون، وهذه النون إذا دخلت عَلَى (يفعل) فُتِحَ لدخولها، وبني الفعل معها على الفتح نحو: ليفعلنّ، وحذْفُ النون التي تَثبُت في نحو (٢) يفعلان، في الرفع مع النون الشديدة (٣)، كحذف الضمة في (ليفعلن).
ومَعناه: ولَتجدنّ اليهود، يعني: علماءهم، وهؤلاء الذين كتموا أمر محمد - ﷺ - عن عنَادٍ في حالِ دعائك إياهم إلى تمني الموت أحرص الناس على حياة؛ لأنهم علموا أنهم صائرون إلى النار إذا ماتوا في أمر محمدعليه السلام (٤). والحرص: شدّة الطَلَب، يقال: رجل حريصٌ، وقوم حِرَاص، ومِنْهُ:
عليّ حِرَاصًا لَو يُسِرُّون مَقتَلي (٥)
ومنه يقال: حَرَص القَصَّارُ الثوبَ، إذا ألحَّ في الدقِّ إلحاح الحَريص. والحَارِصَة: شَجّةٌ تشقّ الجلد قليلًا، كما يحرص القصَّار الثوب عند الدقّ (٦).
ومَعناه: ولَتجدنّ اليهود، يعني: علماءهم، وهؤلاء الذين كتموا أمر محمد - ﷺ - عن عنَادٍ في حالِ دعائك إياهم إلى تمني الموت أحرص الناس على حياة؛ لأنهم علموا أنهم صائرون إلى النار إذا ماتوا في أمر محمدعليه السلام (٤). والحرص: شدّة الطَلَب، يقال: رجل حريصٌ، وقوم حِرَاص، ومِنْهُ:
عليّ حِرَاصًا لَو يُسِرُّون مَقتَلي (٥)
ومنه يقال: حَرَص القَصَّارُ الثوبَ، إذا ألحَّ في الدقِّ إلحاح الحَريص. والحَارِصَة: شَجّةٌ تشقّ الجلد قليلًا، كما يحرص القصَّار الثوب عند الدقّ (٦).
(١) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠٣٨.
(٢) ساقطة من (م).
(٣) يعني عند التوكيد فتقول: يفعلانِّ.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٨.
(٥) عجز بيت لامرئ القيس من معلقته في "شرح القصائد السبع الطوال" لابن الأنباري ص ٤٩، وصدره:
تجاوزتُ أحراسًا إليها ومعشرًا
(٦) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٧٨٦، "اللسان" ٢/ ٨٣٥ (حرص).
(٢) ساقطة من (م).
(٣) يعني عند التوكيد فتقول: يفعلانِّ.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٨.
(٥) عجز بيت لامرئ القيس من معلقته في "شرح القصائد السبع الطوال" لابن الأنباري ص ٤٩، وصدره:
تجاوزتُ أحراسًا إليها ومعشرًا
(٦) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٧٨٦، "اللسان" ٢/ ٨٣٥ (حرص).
166
وقوله تعالى: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ قال الفرّاء (١)، والزجَّاج (٢): أي، وأحرص من الذين أشركوا، وهذا كما يقال: هو أسخى الناس ومن هَرِم، أي: وأسخى من هَرِم.
وحقيقة الإشراك: عبادة غير الله مع الله، وهو أن يجعَل عبادته مشتركةً بين الله وغيره، ثم يسمّى كلُّ كافر بالله مُشرِكًا من عظم ذنبه حتى ساوى به عظم ذنب المشرك في عبادة الله.
وقال بعضهم (٣): تم الكلامُ عند قوله: ﴿عَلَى حَيَاةٍ﴾، ثم ابتدأ، فقال (٤): ﴿وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ﴾، أي: من يود، فأضمر الموصول بيَوَدّ كقول ذي الرُمَّة:
أراد: ومنهم من دمعه سابق (٧). وهذا الوجه يضعف من جهتين:
إحداهما: أن المراد بالآية بيان حرص اليهود على الحياة، فلا يحسن قطع الكلام عند قوله: ﴿عَلَى حَيَاةٍ﴾ ثم الإخبار عن غيرهم بحب التعمير.
وحقيقة الإشراك: عبادة غير الله مع الله، وهو أن يجعَل عبادته مشتركةً بين الله وغيره، ثم يسمّى كلُّ كافر بالله مُشرِكًا من عظم ذنبه حتى ساوى به عظم ذنب المشرك في عبادة الله.
وقال بعضهم (٣): تم الكلامُ عند قوله: ﴿عَلَى حَيَاةٍ﴾، ثم ابتدأ، فقال (٤): ﴿وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ﴾، أي: من يود، فأضمر الموصول بيَوَدّ كقول ذي الرُمَّة:
| فظلوا وَمنهم (٥) دمعُه سابقٌ له | وآخرُ تُذري دمعَه العينُ بالهَملِ (٦) |
إحداهما: أن المراد بالآية بيان حرص اليهود على الحياة، فلا يحسن قطع الكلام عند قوله: ﴿عَلَى حَيَاةٍ﴾ ثم الإخبار عن غيرهم بحب التعمير.
(١) ينظر: "معاني القرآن" ١/ ٦٢.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٨.
(٣) ينظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠٣٩.
(٤) في (أ) و (ش): (قال).
(٥) ساقطة من (م).
(٦) البيت في "ديوانه" ص ١٤١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٩، وبلا نسبة في "الدر" ٢/ ٦٦، و"همع الهوامع" ١/ ١١٦. وينظر: "المعجم المفصل في شواهد اللغة" ٦/ ٥٦٣.
(٧) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٩.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٨.
(٣) ينظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠٣٩.
(٤) في (أ) و (ش): (قال).
(٥) ساقطة من (م).
(٦) البيت في "ديوانه" ص ١٤١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٩، وبلا نسبة في "الدر" ٢/ ٦٦، و"همع الهوامع" ١/ ١١٦. وينظر: "المعجم المفصل في شواهد اللغة" ٦/ ٥٦٣.
(٧) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٩.
167
والأخرى: أنه لا يجوز حذف الموصول وترك صلته، واستقصاء هذا مذكور عند قوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ في سورة [النساء: ٤٦]
واختلفوا في المعْنيّ بقوله: الذين أشركوا، فقال أبو العالية (١)، والربيع (٢): هم المجوس، وإنما وصفوا بالإشراك؛ لأنهم يقولون بالنور والظلمة، وَيزدَان، وأَهرَمَن، وهم أيضًا موصوفون بالحرص على الحياة، ولهذا جعلوا التحيّة بينهم: زِه هَزَار (٣) سَال، أي: عِشْ ألف سنة (٤)، وقال أبن عباس: أراد منكري البَعْث، ومن أنكر البَعث فهو يحب طول الحياة؛ لأنه لا يرجو بعثًا بعد الموت (٥). قال العلماء: وإنما كانت اليهود أحرص من الذين أشركوا؛ لأن المشركين لا يؤمنون بالمعاد، ولا يخافون النار، واليهود تؤمن، وقد علموا ما جَنَوا فهم يخافون النار (٦).
وقوله تعالى: ﴿يَوَدُّ أَحَدُهُمْ﴾، أي: أحد اليهود أن (٧) يعمر ألف سنة؛
واختلفوا في المعْنيّ بقوله: الذين أشركوا، فقال أبو العالية (١)، والربيع (٢): هم المجوس، وإنما وصفوا بالإشراك؛ لأنهم يقولون بالنور والظلمة، وَيزدَان، وأَهرَمَن، وهم أيضًا موصوفون بالحرص على الحياة، ولهذا جعلوا التحيّة بينهم: زِه هَزَار (٣) سَال، أي: عِشْ ألف سنة (٤)، وقال أبن عباس: أراد منكري البَعْث، ومن أنكر البَعث فهو يحب طول الحياة؛ لأنه لا يرجو بعثًا بعد الموت (٥). قال العلماء: وإنما كانت اليهود أحرص من الذين أشركوا؛ لأن المشركين لا يؤمنون بالمعاد، ولا يخافون النار، واليهود تؤمن، وقد علموا ما جَنَوا فهم يخافون النار (٦).
وقوله تعالى: ﴿يَوَدُّ أَحَدُهُمْ﴾، أي: أحد اليهود أن (٧) يعمر ألف سنة؛
(١) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٢٩، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٩.
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٢٩.
(٣) في (ش): (هزاز).
(٤) أخرج نحوه الثوري ص ٤٧، والطبري في "تفسيره" ١/ ٤٢٩ - ٤٣٠، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٩ عن ابن عباس وسعيد بن جبير ورواه الحاكم في المستدرك عن ابن عباس قال: هو قول الأعاجم إذا عطس أحدهم: زه (يعني: زي، الأمر من مصدر "زيستن") هزار سال، يعني: عش ألف سنة، فمعنى زه: عش؛ وهزار: ألف، وسال: سنة.
(٥) أخرجه الطبري ١/ ٤٢٩، وابن أبي حاتم ١/ ١٧٩.
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٨، و"البحر" ١/ ٣١٣.
(٧) في (م): (لو يعمر).
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٢٩.
(٣) في (ش): (هزاز).
(٤) أخرج نحوه الثوري ص ٤٧، والطبري في "تفسيره" ١/ ٤٢٩ - ٤٣٠، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٩ عن ابن عباس وسعيد بن جبير ورواه الحاكم في المستدرك عن ابن عباس قال: هو قول الأعاجم إذا عطس أحدهم: زه (يعني: زي، الأمر من مصدر "زيستن") هزار سال، يعني: عش ألف سنة، فمعنى زه: عش؛ وهزار: ألف، وسال: سنة.
(٥) أخرجه الطبري ١/ ٤٢٩، وابن أبي حاتم ١/ ١٧٩.
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٨، و"البحر" ١/ ٣١٣.
(٧) في (م): (لو يعمر).
168
لأنه يعلم أن آخرته قد فسدت عليه، فالبقاء في دار الدنيا آثر عنده من القدوم على العذاب الأليم.
وقوله تعالى: ﴿يَوَدُّ﴾ يقال: وَدِدتُ أوَدّ، والمصدر: الوَدّ، والوُدّ، والوِداد، والوَدادة، أنشد الفرّاء (١):
ويقال أيضًا: وَدَادًا بالفتح، ووِدَادَةً بالكسر، ويقلّ (٣) هذان، واستقصاء هذا يذكر عند قوله: ﴿إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ [هود: ٩٠] (٤).
وقوله تعالى: ﴿لَوْ يُعَمَّرُ﴾ يقال: عَمَّرَه الله تعميرًا، إذا أطال عمره، وأصله من العمارة، الذي هو ضدّ الخراب، والعُمُر: اسم للمدّة التي يُعَمَّرُ فيها البدن بالحياة والنمو (٥).
وقوله تعالى: ﴿أَلْفَ سَنَةٍ﴾ سُمي الألف ألفًا، لأنه تأليف العشرات في عِقْدٍ، ويقال: ثلاثة آلاف إلى العشرة، ثم أُلُوف جمع الجمع، والألف مذكر، وإذا أُنِّثَ على أنه جمع فهو جائز، وكلام العرب فيه التذكير (٦)،
وقوله تعالى: ﴿يَوَدُّ﴾ يقال: وَدِدتُ أوَدّ، والمصدر: الوَدّ، والوُدّ، والوِداد، والوَدادة، أنشد الفرّاء (١):
| ودِدت ودادَةً لو أَنّ حظّي | مِنَ الخُلَّانِ أن لا يَصرمُوني (٢). |
وقوله تعالى: ﴿لَوْ يُعَمَّرُ﴾ يقال: عَمَّرَه الله تعميرًا، إذا أطال عمره، وأصله من العمارة، الذي هو ضدّ الخراب، والعُمُر: اسم للمدّة التي يُعَمَّرُ فيها البدن بالحياة والنمو (٥).
وقوله تعالى: ﴿أَلْفَ سَنَةٍ﴾ سُمي الألف ألفًا، لأنه تأليف العشرات في عِقْدٍ، ويقال: ثلاثة آلاف إلى العشرة، ثم أُلُوف جمع الجمع، والألف مذكر، وإذا أُنِّثَ على أنه جمع فهو جائز، وكلام العرب فيه التذكير (٦)،
(١) نقله عن الفراء صاحب "اللسان" ٨/ ٤٧٩٢، ولم أجده في "معاني القرآن" والظاهر أنه في المصادر للفراء.
(٢) البيت بلا نسبة في: "لسان العرب" ٨/ ٤٧٩٣.
(٣) في (ش): (ونقل).
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٩، "اللسان" ٨/ ٤٧٩٣ (ودد)، "المفردات" للراغب ٥٣٢، وقال: الود: محبة الشيء، وتمني كونه، ويستعمل في كل واحد من المعنيين.
(٥) ينظر: "المفردات" ٣٥٠، "اللسان" ٥/ ٣٠٩٩ (عمر).
(٦) ينظر "تهذيب اللغة" ١/ ١٨٣، "المفردات" ٣٠، "اللسان" ١/ ١٠٨ مادة (ألف).
(٢) البيت بلا نسبة في: "لسان العرب" ٨/ ٤٧٩٣.
(٣) في (ش): (ونقل).
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٩، "اللسان" ٨/ ٤٧٩٣ (ودد)، "المفردات" للراغب ٥٣٢، وقال: الود: محبة الشيء، وتمني كونه، ويستعمل في كل واحد من المعنيين.
(٥) ينظر: "المفردات" ٣٥٠، "اللسان" ٥/ ٣٠٩٩ (عمر).
(٦) ينظر "تهذيب اللغة" ١/ ١٨٣، "المفردات" ٣٠، "اللسان" ١/ ١٠٨ مادة (ألف).
169
وقال أبو عبيد: يقال: آلفتُ القوم، إذا جعلتهم ألفًا، وقد آلفوا هم، إذا صاروا ألفًا (١). وأما السنة فأصلها والكلام فيها يذكر عند قوله: ﴿لَمْ يَتَسَنَّه﴾ [البقرة: ٢٥٩]. وخَصَّ الألف هاهُنا بالذكر: لأنه نهاية العُقُود، وقيل: لأنه نهاية ما كانت تدعُو بهِ المجوس لملوكها (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا هُوَ﴾ الكناية راجعة إلى أحدهم، كأنه قيل: وما أحدهم بمزحزحه من العذاب تعميره، كما تقول: ما عبد لله بضاربه أبوه.
قال أبو إسحاق: ويصلح أن يكون هو كناية عما جرى ذكره من طول العمر، وهو قوله: (لو يعمر) فيكون: وما تعميره بمزحزحه (٣)، والفعل يدل على المصدر، كقوله: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١٢١] وإنه يريد إنأكله، وعلى هذا قوله: ﴿وأَن يُعَمَّرَ﴾ تكرير لذكر التعمير، فيكون كقوله: ﴿وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ﴾ أعاد المصدر بعد ما كنى عنه (٤).
وقال ابن الأنباري: يجوز أن يكون هو كناية عن الشأن والأمر في قول الكسائي، والمعنى عنده: وما الشأن بمزحزحه من العذاب أن يعمَّر (٥).
قال: ويجوز أن يكون عمادًا في قول الفراء. والعرب تدخل (هو) للعماد مع (ما) في الجحد و (هل) و (واو الحال)، فيقولون: هل هو قائم
وقوله تعالى: ﴿وَمَا هُوَ﴾ الكناية راجعة إلى أحدهم، كأنه قيل: وما أحدهم بمزحزحه من العذاب تعميره، كما تقول: ما عبد لله بضاربه أبوه.
قال أبو إسحاق: ويصلح أن يكون هو كناية عما جرى ذكره من طول العمر، وهو قوله: (لو يعمر) فيكون: وما تعميره بمزحزحه (٣)، والفعل يدل على المصدر، كقوله: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١٢١] وإنه يريد إنأكله، وعلى هذا قوله: ﴿وأَن يُعَمَّرَ﴾ تكرير لذكر التعمير، فيكون كقوله: ﴿وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ﴾ أعاد المصدر بعد ما كنى عنه (٤).
وقال ابن الأنباري: يجوز أن يكون هو كناية عن الشأن والأمر في قول الكسائي، والمعنى عنده: وما الشأن بمزحزحه من العذاب أن يعمَّر (٥).
قال: ويجوز أن يكون عمادًا في قول الفراء. والعرب تدخل (هو) للعماد مع (ما) في الجحد و (هل) و (واو الحال)، فيقولون: هل هو قائم
(١) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١/ ١٨٣، "اللسان" ١/ ١٠٨.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٨، "تفسير الطبري" ١/ ٤٢٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٩، "زاد المسير" ١/ ١١٧.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٨.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣١٥.
(٥) وأجاز هذا الوجه أبو علي كما في "البحر المحيط" ١/ ٣١٥، وقال في التبيان ١/ ٧٨: ولا يجوز أن يكون هو ضمير الشأن لأن المفسر لضمير الشأن مبتدأ وخبر، ودخول الباء في بمزحزحه يمنع من ذلك.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٨، "تفسير الطبري" ١/ ٤٢٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٩، "زاد المسير" ١/ ١١٧.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٨.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣١٥.
(٥) وأجاز هذا الوجه أبو علي كما في "البحر المحيط" ١/ ٣١٥، وقال في التبيان ١/ ٧٨: ولا يجوز أن يكون هو ضمير الشأن لأن المفسر لضمير الشأن مبتدأ وخبر، ودخول الباء في بمزحزحه يمنع من ذلك.
170
عبد الله؟ وما هو بقائم زيد، ولقيت محمدًا وهو حسن وجهه (١). واحتج بما أنشده الفراء:
فَهَلْ هُوَ مَرْفُوعٌ بما هاهنا رأسُ (٢)
من أبيات ذكرها (٣). والزحزحة الإبعاد والتنحية، يقال: زحّه وزحزحه فتزحزح: إذا تنحى (٤).
وقوله تعالى: ﴿أَن يُعَمَّرَ﴾ في موضع رفع بمزحزحه كما يرتفع الفاعل بالفعل؛ لأن المعنى: ما يزحزحه تعميره (٥).
٩٧ - وقوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ الآية، سألت اليهود نبي الله - ﷺ - عمن يأتيه من الملائكة فقال: جبريل فقالوا: هو عدونا، ولو
فَهَلْ هُوَ مَرْفُوعٌ بما هاهنا رأسُ (٢)
من أبيات ذكرها (٣). والزحزحة الإبعاد والتنحية، يقال: زحّه وزحزحه فتزحزح: إذا تنحى (٤).
وقوله تعالى: ﴿أَن يُعَمَّرَ﴾ في موضع رفع بمزحزحه كما يرتفع الفاعل بالفعل؛ لأن المعنى: ما يزحزحه تعميره (٥).
٩٧ - وقوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ الآية، سألت اليهود نبي الله - ﷺ - عمن يأتيه من الملائكة فقال: جبريل فقالوا: هو عدونا، ولو
(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥١ - ٥٢، وينظر أيضًا: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٩، و"التبيان" ١/ ٧٨.
(٢) ذكره الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٥١ - ٥٢ فقال: وأنشدني بعض العرب، والأبيات:
(٣) ابن الأنباري. قال في "البحر المحيط" ١/ ٣١٦: وتلخص في هذا القول الضمير، أهو عائد على أحدهم أو على المصدر المفهوم من يعمر، أو على ما بعده من قوله: أن يعمر أو هو ضمير الشأن، أو عماد، أقوال خمسة أظهرها الأول.
(٤) ينظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ١٧٩، "البحر المحيط" ١/ ٢٩٨، "اللسان" ٣/ ١٨١٦، "القاموس" ٢٢٢.
(٥) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣١٥ قال: وأجازوا أن يكون هو ضميرًا عائدًا على المصدر المفهوم من قوله: لو يعمر. وأن يعمر بدل منه، وارتفاع هو على وجهين من كونه اسم ما، أو مبتدأ.
(٢) ذكره الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٥١ - ٥٢ فقال: وأنشدني بعض العرب، والأبيات:
| فأبلغ أبا يحيى إذا ما لقيتهَ | على العِيسِ فىِ آباطِها عَرَقٌ يَبْسُ |
| بأن السُّلامِيَّ الذي بضَرِيَّةٍ | أميَر الحِمَى قد باع حقي بني عبسِ |
| بثوبٍ ودينارٍ وشاةٍ ودرهمٍ | فهل هو مرفوع بما هاهنا رأسُ |
(٤) ينظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ١٧٩، "البحر المحيط" ١/ ٢٩٨، "اللسان" ٣/ ١٨١٦، "القاموس" ٢٢٢.
(٥) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣١٥ قال: وأجازوا أن يكون هو ضميرًا عائدًا على المصدر المفهوم من قوله: لو يعمر. وأن يعمر بدل منه، وارتفاع هو على وجهين من كونه اسم ما، أو مبتدأ.
171
أتاك بالوحي ميكائيل لتقبلنا منك، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
وجبريل فيه لغات (٢)، بعضها قرئ به (٣)، وبعضها لم يقرأ به (٤)،
وجبريل فيه لغات (٢)، بعضها قرئ به (٣)، وبعضها لم يقرأ به (٤)،
(١) أخرجه أحمد في "مسنده" ١/ ٢٧٤، والنسائي في "السنن الكبرى"، في عشرة النساء، كما في "تحفة الأشراف" ٤/ ٣٩٤، والترمذي (٣١١٧) كتاب باب ومن "التفسير"، سورة الرعد وقال: حسن غريب، وأبو نعيم في "الحلية" ٤/ ٢٣٧ وقال: غريب من حديث بكير، تفرد به بكير، الطبري في تفسيره ١/ ٤٣ - ٤٣٢، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٨٠، وعبد بن حميد كما ذكره ابن كثير في التفسير، وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الطبري في تفسيره. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٨/ ٢٤٢: رواه الترمذي باختصار ورواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (٣١١٧) قال الطبري في تفسيره ١/ ٤٣١: أجمع أهل العلم جميعًا على أن هذه الآية نزلت جوابًا لليهود من بني إسرائيل، إذ زعموا أن جبريل عدو لهم، وأن ميكائيل ولي لهم، ثم اختلفوا في السبب الذي من أجله قالوا ذلك وحكى الإجماع أيضًا أبو حيان في "البحر" ١/ ٣١٩ قال الحافظ ابن حجر في "العجاب" ١/ ٢٩٨ بعد أن ذكر الروايات في سبب النزول: وحاصل ما ذكر فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: قول الجمهور: أن عداوتهم لكونه ينزل العذاب.
ثانيها: كونه حال دون قتل بختنصّر الذي خَرّب مسجدهم، وسفك دمائهم، وسبى ذراريهم.
ثالثها: كونه عدل بالنبوة عن بني إسرائيل إلى بني إسماعيل.
(٢) استقصى اللغات في جبريل وميكائيل: الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٤٤ وما بعدها، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٣١٨، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١١٧ - ١١٩.
(٣) قرأ نافع وأبو جعفر وأبو عمرو ويعقوب وابن عامر وحفص، بكسر الجيم والراء بلا همز، وقرأ ابن كثير كذلك ولكن مع فتح الجيم، وقرأ شعبة بفتح الجيم والراء وبعدها همزة مكسورة، وقرأ كذلك حمزة والكسائي وخلف، ولكن بزيادة ياء
ساكنة بعد الهمزة، ولحمزة إن وقف عليه التسهيل فقط. وأما ميكال، فقد قرأ نافع وأبو جعفر بهمزة مكسورة بعد الألف من غير ياء بعدها، وقرأ حفص وأبو عمرو ويعقوب من غير همز ولا ياء، وقرأ الباقون بهمزة مكسورة بعد الألف وياء ساكنة بعدها، ولحمزة فيه التسهيل مع المد والقصر.
ينظر: "السبعة" ص ١٦٦ - ١٦٧، و"النشر" ٢/ ٢١٩، و"البدور الزاهرة" ص ٤٦.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٩، وذلك مثل: قراعة ابن محيصن (جبرئل) =
أحدها: قول الجمهور: أن عداوتهم لكونه ينزل العذاب.
ثانيها: كونه حال دون قتل بختنصّر الذي خَرّب مسجدهم، وسفك دمائهم، وسبى ذراريهم.
ثالثها: كونه عدل بالنبوة عن بني إسرائيل إلى بني إسماعيل.
(٢) استقصى اللغات في جبريل وميكائيل: الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٤٤ وما بعدها، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٣١٨، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١١٧ - ١١٩.
(٣) قرأ نافع وأبو جعفر وأبو عمرو ويعقوب وابن عامر وحفص، بكسر الجيم والراء بلا همز، وقرأ ابن كثير كذلك ولكن مع فتح الجيم، وقرأ شعبة بفتح الجيم والراء وبعدها همزة مكسورة، وقرأ كذلك حمزة والكسائي وخلف، ولكن بزيادة ياء
ساكنة بعد الهمزة، ولحمزة إن وقف عليه التسهيل فقط. وأما ميكال، فقد قرأ نافع وأبو جعفر بهمزة مكسورة بعد الألف من غير ياء بعدها، وقرأ حفص وأبو عمرو ويعقوب من غير همز ولا ياء، وقرأ الباقون بهمزة مكسورة بعد الألف وياء ساكنة بعدها، ولحمزة فيه التسهيل مع المد والقصر.
ينظر: "السبعة" ص ١٦٦ - ١٦٧، و"النشر" ٢/ ٢١٩، و"البدور الزاهرة" ص ٤٦.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٩، وذلك مثل: قراعة ابن محيصن (جبرئل) =
172
وكذلك ميكائيل وإسرائيل.
وهذه أسماء عجمية (١) وقعت إلى العرب (٢) (٣)، فإذا أُتي بها على ما في أبنية العرب مثلُه كان أذهب في باب التعريب، يقوي ذلك: تغييرهم للحروف المفردة التي ليست من حروفهم، كتغييرهم الحرف الذي بين الفاء والباء في قلبهم إياه إلى الباء المحضة أو الفاء المحضة، كقولهم: البِرِنْدُ والفِرِنْدُ (٤)، وكذلك تغييرهم الحركة التي ليست في كلامهم، كالحركة التي في قول العجم: رُوز وآشُوب (٥) يخلصونها ضَمّةً، فكما (٦) غيروا الحروف والحركات إلى ما في كلامهم فكذلك القياس في أبنية هذه الأسماء (٧)، إلا أنهم قد تركوا أشياء من العجمية على أبنية العجم التي ليست من أبنية العرب كالآجُرِّ (٨) والإِبْريسَم (٩) والفِرِنْد (١٠)، وليس في الكلام على هذه
وهذه أسماء عجمية (١) وقعت إلى العرب (٢) (٣)، فإذا أُتي بها على ما في أبنية العرب مثلُه كان أذهب في باب التعريب، يقوي ذلك: تغييرهم للحروف المفردة التي ليست من حروفهم، كتغييرهم الحرف الذي بين الفاء والباء في قلبهم إياه إلى الباء المحضة أو الفاء المحضة، كقولهم: البِرِنْدُ والفِرِنْدُ (٤)، وكذلك تغييرهم الحركة التي ليست في كلامهم، كالحركة التي في قول العجم: رُوز وآشُوب (٥) يخلصونها ضَمّةً، فكما (٦) غيروا الحروف والحركات إلى ما في كلامهم فكذلك القياس في أبنية هذه الأسماء (٧)، إلا أنهم قد تركوا أشياء من العجمية على أبنية العجم التي ليست من أبنية العرب كالآجُرِّ (٨) والإِبْريسَم (٩) والفِرِنْد (١٠)، وليس في الكلام على هذه
= وقراءة الحسن (جبرائل). ينظر: "المحستب" ١/ ٩٧، و"القراءات الشاذة" للقاضي ص ٣١.
(١) في (م): (أسماء عربية وعجمية).
(٢) في (م): (للعرب).
(٣) في "الحجة": وهذه أسماء معربة.
(٤) في (ش): (القرند).
(٥) في "الحجة" (زورْأ اشُوْب). قال المحققان: في المعجم في اللغة الفارسية: زور: قوة، غلبة، وآشوب: من أشوفتين: الاضطراب.
(٦) في (م) و (ش): (كما).
(٧) قال ابن جني في "المحتسب" ١/ ٩٧: عن العرب إذا نطقت بالأعجمي خَلّطَتْ فيه.. وذكرنا أنهم قد يحرِّفون ما هو من كلامهم فكيف مما هو من كلام غيرهم. وقال في ١/ ٩٨: وهم لما كثر استعماله أشد تغييرًا.
(٨) الآجُرّ: اللَّبِنُ إذا طُبخ، بمد الهمزة، والتشديد أشهر من التخفيف، الواحدة آجُرَّة وهو مُعَرّب، ينظر "المصباح المنير" ص ٦.
(٩) الإبْرِيسَمُ: بفتح السين وضمها، هو الحرير، أو معرَّبٌ مُفَّرِّحٌ للبدن، معتدلٌ مُقَوٍّ للبَصر إذا اكتحل به، "القاموس" ١٠٧٩.
(١٠) الفِرِنْد: بكسر الفاء والراء، السيف وجواهره ووشيه. ينظر: "القاموس" ص ٣٠٦.
(١) في (م): (أسماء عربية وعجمية).
(٢) في (م): (للعرب).
(٣) في "الحجة": وهذه أسماء معربة.
(٤) في (ش): (القرند).
(٥) في "الحجة" (زورْأ اشُوْب). قال المحققان: في المعجم في اللغة الفارسية: زور: قوة، غلبة، وآشوب: من أشوفتين: الاضطراب.
(٦) في (م) و (ش): (كما).
(٧) قال ابن جني في "المحتسب" ١/ ٩٧: عن العرب إذا نطقت بالأعجمي خَلّطَتْ فيه.. وذكرنا أنهم قد يحرِّفون ما هو من كلامهم فكيف مما هو من كلام غيرهم. وقال في ١/ ٩٨: وهم لما كثر استعماله أشد تغييرًا.
(٨) الآجُرّ: اللَّبِنُ إذا طُبخ، بمد الهمزة، والتشديد أشهر من التخفيف، الواحدة آجُرَّة وهو مُعَرّب، ينظر "المصباح المنير" ص ٦.
(٩) الإبْرِيسَمُ: بفتح السين وضمها، هو الحرير، أو معرَّبٌ مُفَّرِّحٌ للبدن، معتدلٌ مُقَوٍّ للبَصر إذا اكتحل به، "القاموس" ١٠٧٩.
(١٠) الفِرِنْد: بكسر الفاء والراء، السيف وجواهره ووشيه. ينظر: "القاموس" ص ٣٠٦.
173
الأبنية. فمن قال جِبْرِيل بكسر الجيم وحذف الهمز كان على لفظ قِنْديل وبِرْطيل (١)، فإذا فتحتها فليس لهذا البناء مِثْلٌ في كلام العرب، فيكون هذا من باب الآجُرِّ والفرند ونحو ذلك من المُعَرَّب، الذي لم يجئ له مِثْل في كلامهم (٢).
ومن قال جَبْرَئيل: على وزن جبرعل كان على وزن: جَحْمَرِش (٣) (٤) وصَهْصَلْق (٥). وجَبْرَئيل على وزن: عَندَليب (٦)، والخارج من الأبنية العربية: جَبْريل، ألا ترى أنه ليس في أبنيتهم مثل مَنْدِيل، إلا أنه مُتَّجِهٌ وإن لم تجئ في أبنيتهم، وكلا المذهبين حسن لاستعمال العرب لهما جميعًا، وإن كان الموافق لأبنيتهم أذهب في باب التعريب (٧)، وقد جاء في أشعارهم الأمران (٨): قال جرير:
ومن قال جَبْرَئيل: على وزن جبرعل كان على وزن: جَحْمَرِش (٣) (٤) وصَهْصَلْق (٥). وجَبْرَئيل على وزن: عَندَليب (٦)، والخارج من الأبنية العربية: جَبْريل، ألا ترى أنه ليس في أبنيتهم مثل مَنْدِيل، إلا أنه مُتَّجِهٌ وإن لم تجئ في أبنيتهم، وكلا المذهبين حسن لاستعمال العرب لهما جميعًا، وإن كان الموافق لأبنيتهم أذهب في باب التعريب (٧)، وقد جاء في أشعارهم الأمران (٨): قال جرير:
| عبدوا الصّليبَ وكذّبوا بمحمدٍ | وبِجبْرَئيلَ وكذّبوا ميكالا (٩) |
(١) البِرطِيل: بكسر الباء: الرشوة، ينظر: "المصباح المنير" ص ٤٢.
(٢) هذا كله كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٦٤، ١٦٥.
(٣) في (ش): (جمحرش) وفي (م): (جمحرين).
(٤) الجَحْمَرِشُ: العجوز الكبيرة، والمرأة السمجة، والأرنب المرضع، ومن الأفاعي: الخشناء، وجمعه: جَحَامرِ ينظر: "القاموس" ص ٥٨٦.
(٥) الصهصلق: العجوز الصَّخَّابة، ومن الأصوات: الشديد. ينظر: "القاموس" ص ٣٠٦.
(٦) العَنْدَلِيبُ: طائرٌ يقال له: الهزارُ، يصَوِّت ألوانًا، وجمعه: عَنَادِل: "القاموس" ١١٨.
(٧) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٦٥.
(٨) في "الحجة" الأمران: ما هو على لفظ التعريب، وما هو خارج عن ذلك.
(٩) البيت لجرير من قصيدة له في هجاء تغلب، ينظر: "شرح ديوان جرير" ٣٦١،=
(٢) هذا كله كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٦٤، ١٦٥.
(٣) في (ش): (جمحرش) وفي (م): (جمحرين).
(٤) الجَحْمَرِشُ: العجوز الكبيرة، والمرأة السمجة، والأرنب المرضع، ومن الأفاعي: الخشناء، وجمعه: جَحَامرِ ينظر: "القاموس" ص ٥٨٦.
(٥) الصهصلق: العجوز الصَّخَّابة، ومن الأصوات: الشديد. ينظر: "القاموس" ص ٣٠٦.
(٦) العَنْدَلِيبُ: طائرٌ يقال له: الهزارُ، يصَوِّت ألوانًا، وجمعه: عَنَادِل: "القاموس" ١١٨.
(٧) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٦٥.
(٨) في "الحجة" الأمران: ما هو على لفظ التعريب، وما هو خارج عن ذلك.
(٩) البيت لجرير من قصيدة له في هجاء تغلب، ينظر: "شرح ديوان جرير" ٣٦١،=
174
وقال حسان (١):
وقال كعب بن مالك:
قال أبو علي الفارسي (٤): وليس قول من قال: إن إيل وإل اسم الله وأضيف ما قبلهما إليهما، كما يقال عبد الله (٥) بمستقيم من وجهين:
| وجبريلٌ رسولُ الله فينا | وروحُ القُدْس ليس به خفاءُ (٢) |
| ويوم بدر لقيناكم لنا مَدَدٌ | فيه مع النصرِ جبريل وميكالُ (٣) |
=، "إعراب القرآن" للزجاج ١/ ١٧٩، "تفسير الطبري" ١/ ٤٣٦، "الحجة" لأبي علي٢/ ١٦٧، "البحر المحيط" لأبي حيان ١/ ٤٨٦.
(١) هو حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد الصحابي، شاعر الرسول - ﷺ - وأحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، دافع بشعره عن الإسلام ونبيه - ﷺ -، إلا أنه لم يشهد معه مشهدا لعلة أصابته. ينظر: "الإصابة" ١/ ٣٢٦، و"الأعلام" ٢/ ١٧٥.
(٢) البيت لحسان بن ثابت، في "ديوانه" ص ٧٥، و"لسان العرب" ٧/ ٣٨٩٢ (مادة: كفأ)، ١/ ٥٣٥ (مادة: جبر). ورواية الزجاج وأبي علي: ليس له كفاء، ونفى صاحب "الخزانة" ١/ ١٩٩ أن يكون البيت لحسان.
(٣) نَسب أبو علي البيت لكعب، ونُسِب لحسان في "ديوانه" ص ٢٠٤ وجبريل بدل ميكال، وكذا نسبه في "لسان العرب" ٧/ ٤٢٥٢ (مادة: مكا). ورواية "اللسان" ميكال وجبريل.
(٤) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٦٧ - ١٦٨، وقال في "البحر المحيط"١/ ٣١٩: (فإنه نزله) ليس هذا جواب الشرط لما تقرر في علم العربية أن اسم الشرط لابد أن يكون في الجواب ضمير يعود عليه... وإنما الجزاء محذوف لدلالة ما بعده عليه، بالتقدير: فعداوته لا وجه لها أو ما أشبه هذا التقدير.
(٥) ذكر ذلك الماوردي في "النكت والعيون" ١/ ١٦٣، وقال: وهذا قول ابن عباس، وليس له من المفسرين مخالف، ونقله عنه القرطبي في "تفسيره" ٢/ ٣٣ ثم نقل خلافه، ونقل ابن كثير في تفسيره الخلاف أيضًا. ونقل هذا القول أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣١٧، وينظر: "الإجماع في التفسير" ص ١٧٩ - ١٨٢.
(١) هو حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد الصحابي، شاعر الرسول - ﷺ - وأحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، دافع بشعره عن الإسلام ونبيه - ﷺ -، إلا أنه لم يشهد معه مشهدا لعلة أصابته. ينظر: "الإصابة" ١/ ٣٢٦، و"الأعلام" ٢/ ١٧٥.
(٢) البيت لحسان بن ثابت، في "ديوانه" ص ٧٥، و"لسان العرب" ٧/ ٣٨٩٢ (مادة: كفأ)، ١/ ٥٣٥ (مادة: جبر). ورواية الزجاج وأبي علي: ليس له كفاء، ونفى صاحب "الخزانة" ١/ ١٩٩ أن يكون البيت لحسان.
(٣) نَسب أبو علي البيت لكعب، ونُسِب لحسان في "ديوانه" ص ٢٠٤ وجبريل بدل ميكال، وكذا نسبه في "لسان العرب" ٧/ ٤٢٥٢ (مادة: مكا). ورواية "اللسان" ميكال وجبريل.
(٤) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٦٧ - ١٦٨، وقال في "البحر المحيط"١/ ٣١٩: (فإنه نزله) ليس هذا جواب الشرط لما تقرر في علم العربية أن اسم الشرط لابد أن يكون في الجواب ضمير يعود عليه... وإنما الجزاء محذوف لدلالة ما بعده عليه، بالتقدير: فعداوته لا وجه لها أو ما أشبه هذا التقدير.
(٥) ذكر ذلك الماوردي في "النكت والعيون" ١/ ١٦٣، وقال: وهذا قول ابن عباس، وليس له من المفسرين مخالف، ونقله عنه القرطبي في "تفسيره" ٢/ ٣٣ ثم نقل خلافه، ونقل ابن كثير في تفسيره الخلاف أيضًا. ونقل هذا القول أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣١٧، وينظر: "الإجماع في التفسير" ص ١٧٩ - ١٨٢.
175
أحدهما: أن إيل وإل (١) لا يعرفان في أسماء الله سبحانه في اللغة العربية. والآخر: أنه لو كان كذلك لم ينصرف (٢) آخر الاسم في وجوه العربية، ولكان الآخر مجرورًا، كما أن عبد الله كذلك (٣). وهذا الذي قاله أبو علي أراد أنه ليس في اللغة العربية على الوجه الذي ذكروا بمستقيم. وقد قال جماعة من أهل العلم: جَبر وميك: هو العبد بالسُريانية، وإيل هو الله عز وجل (٤). وروي ذلك من خبر مرفوع، قال: إنما جبريل وميكائل كقولك: عبد الله وعبد الرحمن (٥).
قوله تعالى: ﴿فَإِنَّهُ﴾ يعني جبريل ﴿نَزَّلَهُ﴾ يعنى: القرآن، كنى عنه ولم يجئ له ذكر، وهو كثير، وقيل: فإن الله نزل جبريل على قلبك (٦).
وقيل: جواب من مُضمر، أراد: من كان عدُوًّا لجبريل فليخف، أو ليَمُتْ غيظا أو ما أشبهه من الإضمار (٧).
وقوله تعالى: ﴿عَلَى قَلْبِكَ﴾ يعني: قلبَ محمد - ﷺ - قال الفراء: ولو كان: على قلبي، كان صوابًا، مثله في الكلام: لا تقل للقوم: إن الخَيْر
قوله تعالى: ﴿فَإِنَّهُ﴾ يعني جبريل ﴿نَزَّلَهُ﴾ يعنى: القرآن، كنى عنه ولم يجئ له ذكر، وهو كثير، وقيل: فإن الله نزل جبريل على قلبك (٦).
وقيل: جواب من مُضمر، أراد: من كان عدُوًّا لجبريل فليخف، أو ليَمُتْ غيظا أو ما أشبهه من الإضمار (٧).
وقوله تعالى: ﴿عَلَى قَلْبِكَ﴾ يعني: قلبَ محمد - ﷺ - قال الفراء: ولو كان: على قلبي، كان صوابًا، مثله في الكلام: لا تقل للقوم: إن الخَيْر
(١) من قوله: (اسم الله وأضيف).. ساقط من (ش).
(٢) في (ش): (ينصرف).
(٣) "الحجة" ١/ ١٦٩، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣١٧.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٣٦ - ٤٣٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٤٨، "زاد المسير" ١/ ١١٩، و"الدر المنثور" ١/ ١٧٦.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٤٨ بسنده من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء بن ربيعة الزبيدي عن معاوية يرفعه، ونسبه في "الدر المنثور" ١/ ١٧٦ إلى الديلمي عن أبي أمامة، وهو من مظان الحديث الضعيف والله أعلم.
(٦) ينظر: "التفسير الكبير" للرازي ٣/ ١٩٦، "البحر المحيط" ١/ ٣٢٠ ورجَّح الأول.
(٧) ينظر: "التبيان" ١/ ٧٩.
(٢) في (ش): (ينصرف).
(٣) "الحجة" ١/ ١٦٩، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣١٧.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٣٦ - ٤٣٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٤٨، "زاد المسير" ١/ ١١٩، و"الدر المنثور" ١/ ١٧٦.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٤٨ بسنده من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء بن ربيعة الزبيدي عن معاوية يرفعه، ونسبه في "الدر المنثور" ١/ ١٧٦ إلى الديلمي عن أبي أمامة، وهو من مظان الحديث الضعيف والله أعلم.
(٦) ينظر: "التفسير الكبير" للرازي ٣/ ١٩٦، "البحر المحيط" ١/ ٣٢٠ ورجَّح الأول.
(٧) ينظر: "التبيان" ١/ ٧٩.
176
عندي وعندك، أما عندك فجائز؛ لأنه كالخطاب، وأما عندي فهو قول المتكلم بعينه (١)، وقد تقدم لهذا نظائر.
وقوله تعالى: ﴿مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ قال ابن عباس: لما قبله من الكتب التي أنزلها الله عز وجل (٢).
وفي قوله تعالى: ﴿وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ رد على اليهود حين قالوا: إن جبريل ينزك بالحرب والشدة، فقيل: إنه وإن كان ينزل بالحرب والشدة على الكافرين فإنه ينزل بالهدى والبشرى للمؤمنين (٣).
٩٨ - قوله تعالى: ﴿مَن كاَنَ عَدُوًّا﴾ أي: معاديًا؛ لأن العدوَّ فعول بمعنى فاعل، ولا يصح العداوة لله على الحقيقة؛ لأن العداوةَ للشيء طلب الإضرار به بُغْضًا له، وإنما قيل للكافر: عدوّ الله، من عداوة الله له، أو لأنه بفعل فعل المُعَادي (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَمَلاَئِكَتِهِ﴾ يريد: كجبريل وميكائيل، وذلك أن اليهود قالت لعمر - رضي الله عنه -: إن صاحب محمد من الملائكة جبريلُ، وهو عدوّنا، يُطْلعُ محمدًا على سرّنا، وهو صاحب كل عذاب وخسف وسَنَةٍ وشدّة، فقالٍ عمر: فإني أَشْهد أن من كان عدوًّا لجبريل فهو عدوُ ميكائيل، ومن كان عدوًّا لهما فإن الله عدو له، ثم (٥) أتى عمر النبي - ﷺ -، فوجد جبريل قد سبقه
وقوله تعالى: ﴿مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ قال ابن عباس: لما قبله من الكتب التي أنزلها الله عز وجل (٢).
وفي قوله تعالى: ﴿وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ رد على اليهود حين قالوا: إن جبريل ينزك بالحرب والشدة، فقيل: إنه وإن كان ينزل بالحرب والشدة على الكافرين فإنه ينزل بالهدى والبشرى للمؤمنين (٣).
٩٨ - قوله تعالى: ﴿مَن كاَنَ عَدُوًّا﴾ أي: معاديًا؛ لأن العدوَّ فعول بمعنى فاعل، ولا يصح العداوة لله على الحقيقة؛ لأن العداوةَ للشيء طلب الإضرار به بُغْضًا له، وإنما قيل للكافر: عدوّ الله، من عداوة الله له، أو لأنه بفعل فعل المُعَادي (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَمَلاَئِكَتِهِ﴾ يريد: كجبريل وميكائيل، وذلك أن اليهود قالت لعمر - رضي الله عنه -: إن صاحب محمد من الملائكة جبريلُ، وهو عدوّنا، يُطْلعُ محمدًا على سرّنا، وهو صاحب كل عذاب وخسف وسَنَةٍ وشدّة، فقالٍ عمر: فإني أَشْهد أن من كان عدوًّا لجبريل فهو عدوُ ميكائيل، ومن كان عدوًّا لهما فإن الله عدو له، ثم (٥) أتى عمر النبي - ﷺ -، فوجد جبريل قد سبقه
(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٣، وينظر: "تفسير الرازي" ٣/ ١٩٦ "البحر المحيط" ١/ ٣٢٠.
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره ١/ ٤٣٨ - ٤٣٩، وينظر: "تفسير الرازي" ٣/ ١٩٧.
(٣) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٢١.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣١٩.
(٥) في (م): (وأتى).
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره ١/ ٤٣٨ - ٤٣٩، وينظر: "تفسير الرازي" ٣/ ١٩٧.
(٣) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٢١.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣١٩.
(٥) في (م): (وأتى).
177
بالوحي، فقرأ عليه رسول الله - ﷺ - هذه الآيات، وقال: "لقد وافقك ربك يا عمر"، فقال عمر: لقد رأيتني في دين الله أصلب من الحجر (١).
وقوله تعالى: ﴿وَرُسُلِهِ﴾ يعني: محمدًا وعيسى كفرت بهما اليهود.
وقوله تعالى: ﴿وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ (٢) أخرجهما من الجملة بالذكر (٣) تخصيصًا وتشريفًا (٤)، كقوله: ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ [الرحمن: ٦٨]، وكقوله: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ﴾ [الجن: ١٨]، بعد قوله: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [النجم: ٣١].
وقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ﴾ قال محمد بن يزيد (٥):
ظهرت الكناية في قوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ﴾ لأن الفاء جواب الجزاء وما بعدها مستأنف، فلما كان مبتدأً لم يقع (٦) فيه كناية عن ظاهر سبقها، لأنه ليس
وقوله تعالى: ﴿وَرُسُلِهِ﴾ يعني: محمدًا وعيسى كفرت بهما اليهود.
وقوله تعالى: ﴿وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ (٢) أخرجهما من الجملة بالذكر (٣) تخصيصًا وتشريفًا (٤)، كقوله: ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ [الرحمن: ٦٨]، وكقوله: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ﴾ [الجن: ١٨]، بعد قوله: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [النجم: ٣١].
وقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ﴾ قال محمد بن يزيد (٥):
ظهرت الكناية في قوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ﴾ لأن الفاء جواب الجزاء وما بعدها مستأنف، فلما كان مبتدأً لم يقع (٦) فيه كناية عن ظاهر سبقها، لأنه ليس
(١) رواه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٣٣ - ٤٣٤، عن قتادة والسدي بنحوه، وعزاه في "الدر المنثور" ١/ ١٧٤ لسفيان بن عيينة عن عكرمة. وذكر القصة بطولها الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٤٤، ورواه الواحدي في "أسباب النزول" ص ٣٢ بسنده عن الشعبي عن عمر، وهو لم يلق عمر. ولقصة عمر هذه طرق كثيرة. وقد قوى الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ٨/ ١٦٦القصة بطرقها. وينظر ابن كثير في "تفسيره"
١/ ١٤٠، ١٤١، و"الدر المنثور" ١/ ١٧٤ - ١٧٥، وقال: صحيح الإسناد ولكن الشعبي لم يدرك عمر.
(٢) في (أ): (وميكايل)، وفي (ش): (وميكائيل).
(٣) في (م): (من الذكر).
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٤٩، "زاد المسير" ١/ ١١٩، "التفسير الكبير" للرازي ١/ ١٩٨، وذكر جوابًا ثانيًا وهو: أن الذي جرى بين الرسول واليهود هو ذكرهما، والآية نزلت بسببهما فلا جرم نص على اسميهما. وقد أطال البحث في ذلك أبو حيان في "البحر" ١/ ٣٢٢.
(٥) يعني المبرد.
(٦) في (م): (لم يكن يقع).
١/ ١٤٠، ١٤١، و"الدر المنثور" ١/ ١٧٤ - ١٧٥، وقال: صحيح الإسناد ولكن الشعبي لم يدرك عمر.
(٢) في (أ): (وميكايل)، وفي (ش): (وميكائيل).
(٣) في (م): (من الذكر).
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٤٩، "زاد المسير" ١/ ١١٩، "التفسير الكبير" للرازي ١/ ١٩٨، وذكر جوابًا ثانيًا وهو: أن الذي جرى بين الرسول واليهود هو ذكرهما، والآية نزلت بسببهما فلا جرم نص على اسميهما. وقد أطال البحث في ذلك أبو حيان في "البحر" ١/ ٣٢٢.
(٥) يعني المبرد.
(٦) في (م): (لم يكن يقع).
178
سبيل المكني أن يكون مبتدأً، بل سبيله أن يتقدمه ظاهر، والعرب تقول: إن ضربت زيدًا فإن زيدًا يضربك، إن ضربت زيدًا فإنه يضربك، فالذي بقول بالإظهار يحتج بأن الذي بعد الفاء مستأنف، و (إنَّ) من (١) علامات الاستئناف، والاستئناف (٢) يكون بالظاهر لا بالمكني. والذي يقول بالكناية يحتج بأن جواب الجزاء ملابسٌ للأوَّل في المعنى لتعلقه به، فالذي في الجزاء يكفي من الذي في الجواب، فتصح الكناية لهذه العلة (٣).
وقال غيره: إنما أظهر الكناية لأنه ذكر الملائكة والرسل، فلو كنى لذهبَ الوهمُ إلى واحد من الملائكةِ، أو الرسلِ، أو إلى جبريل، أو إلى ميكائيل، فأظهر الكناية ليزيل اللبس (٤).
ومعنى الآية: من كان عدوًا لأحد هؤلاء فإن الله عدو له، لأن عدوّ الواحد عدو الجميع، وعدو محمدٍ عدوُّ الله. ومثله قوله: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾ [النساء: ١٣٦]؛ لأن الكافر بالواحد كافر بالكل (٥).
والواو هاهنا بمعنى أو (٦). وقال: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ﴾ ولم يقل: فهم أعداء له؛ لأنه تولى تلك العداوة بنفسه، وكفى رسله وملائكته أمر من عاداهم. وإنما لم يقل: فإن الله عدو لهم أوله بالكناية؛ ليدل مع أنه عدو لهم على أنهم كافرون بهذه العداوة (٧).
وقال غيره: إنما أظهر الكناية لأنه ذكر الملائكة والرسل، فلو كنى لذهبَ الوهمُ إلى واحد من الملائكةِ، أو الرسلِ، أو إلى جبريل، أو إلى ميكائيل، فأظهر الكناية ليزيل اللبس (٤).
ومعنى الآية: من كان عدوًا لأحد هؤلاء فإن الله عدو له، لأن عدوّ الواحد عدو الجميع، وعدو محمدٍ عدوُّ الله. ومثله قوله: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾ [النساء: ١٣٦]؛ لأن الكافر بالواحد كافر بالكل (٥).
والواو هاهنا بمعنى أو (٦). وقال: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ﴾ ولم يقل: فهم أعداء له؛ لأنه تولى تلك العداوة بنفسه، وكفى رسله وملائكته أمر من عاداهم. وإنما لم يقل: فإن الله عدو لهم أوله بالكناية؛ ليدل مع أنه عدو لهم على أنهم كافرون بهذه العداوة (٧).
(١) في (م): (لأن).
(٢) ساقطة من (م).
(٣) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٢٢.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٢٢.
(٥) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٠، "البحر المحيط" ١/ ٣٢٢.
(٦) ينظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠٥٠، وذكر الرازي في "التفسير الكبير" ٣/ ١٩٨: أن الواو، قيل: إنها للعطف، وقيل: بمعنى أو.
(٧) ينظر: "زاد المسير" ١/ ١١٩، و"التفسير الكبير" للرازي ٣/ ١٩٨، و"تفسير ابن كثير" ١/ ١٤١.
(٢) ساقطة من (م).
(٣) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٢٢.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٢٢.
(٥) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٠، "البحر المحيط" ١/ ٣٢٢.
(٦) ينظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠٥٠، وذكر الرازي في "التفسير الكبير" ٣/ ١٩٨: أن الواو، قيل: إنها للعطف، وقيل: بمعنى أو.
(٧) ينظر: "زاد المسير" ١/ ١١٩، و"التفسير الكبير" للرازي ٣/ ١٩٨، و"تفسير ابن كثير" ١/ ١٤١.
179
٩٩ - قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ قال ابن عباس: هذا جواب لابن صوريا (١)، حيث قال لرسول - ﷺ -: يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل عليك من آية بينة فنتبعك لها، فأنزل الله هذه الآية (٢).
والبينات: جمع بينة، والبين: من باب الصيّب والسيّد، وقد مرّ (٣).
والبينة: الدلالة الفاصلة بين القضية الصادقة والكاذبة؛ لأنها من إبانة أحد شيئين عن الآخر، فيزول الالتباس بها. واستقصاء الكلام في هذا عند قوله: ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٦٨].
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ﴾ أي: الخارجون عن أديانهم، واليهود خرجت بالكفر بمحمد - ﷺ - عن شريعة موسى عليه السلام (٤).
١٠٠ - قوله تعالى: ﴿أَوَكُلَّمَا﴾ قال سيبويه (٥): الواو فيه واو العطف، إلا أن ألف الاستفهام دخل عليها؛ لأن لها صدر الكلام، وهي الأصل في الاستفهام، يدل على ذلك: أن الواو تدخل على (هل)، كقولك: وهل زيد عاقل؟ ولا يجوز: وأزيد عاقل؛ لأن الألف أقوى في
والبينات: جمع بينة، والبين: من باب الصيّب والسيّد، وقد مرّ (٣).
والبينة: الدلالة الفاصلة بين القضية الصادقة والكاذبة؛ لأنها من إبانة أحد شيئين عن الآخر، فيزول الالتباس بها. واستقصاء الكلام في هذا عند قوله: ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٦٨].
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ﴾ أي: الخارجون عن أديانهم، واليهود خرجت بالكفر بمحمد - ﷺ - عن شريعة موسى عليه السلام (٤).
١٠٠ - قوله تعالى: ﴿أَوَكُلَّمَا﴾ قال سيبويه (٥): الواو فيه واو العطف، إلا أن ألف الاستفهام دخل عليها؛ لأن لها صدر الكلام، وهي الأصل في الاستفهام، يدل على ذلك: أن الواو تدخل على (هل)، كقولك: وهل زيد عاقل؟ ولا يجوز: وأزيد عاقل؛ لأن الألف أقوى في
(١) هو: عبد الله بن صوريا، تقدمت ترجمته [البقرة: ١].
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٤١، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٨٣ من طريق سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٥١ والواحدي في "أسباب النزول" ص ٣٤، والسيوطي في "لباب القول" ص ١٨.
(٣) في تفسير الآية رقم ١٩.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٤١.
(٥) ينظر: "الكتاب" لسيبويه ٣/ ١٨٧، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٤٧، "تفسير الطبري" ١/ ٤٤١ - ٤٤٢، و"إعراب مشكل القرآن" لمكي ١/ ١٠٥، "التبيان" للعكبري ١/ ٧٩.
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٤١، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٨٣ من طريق سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٥١ والواحدي في "أسباب النزول" ص ٣٤، والسيوطي في "لباب القول" ص ١٨.
(٣) في تفسير الآية رقم ١٩.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٤١.
(٥) ينظر: "الكتاب" لسيبويه ٣/ ١٨٧، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٤٧، "تفسير الطبري" ١/ ٤٤١ - ٤٤٢، و"إعراب مشكل القرآن" لمكي ١/ ١٠٥، "التبيان" للعكبري ١/ ٧٩.
180
الاستفهام (١). و ﴿كُلَّمَا﴾ ظرف، والعامل فيه: ﴿نَبَذَهُ﴾ (٢) ﴿عَاهَدُوا﴾، لأنه متمم لما، إما صلةً، وإما صِفَةً.
وقوله تعالى: ﴿عَاهَدُوا عَهْدًا﴾ قال المفسرون: إن اليهود عاهدوا فيما بينهم، لئن خرج محمد - ﷺ - ليؤمنُنّ به، وليكونُنّ (٣) معه على مشركي العرب، فلما بُعِثَ نقضوا العهد وكفروا به (٤).
وقال عطاء: هي العهود التي كانت بين رسول الله - ﷺ - وبين اليهود، فنقضوها كفعل قريظة والنضير، عاهدوا ألا يعينوا عليه أحدًا، فنقضوا ذلك، وأعانوا عليه قريشًا يوم الخندق (٥).
واتصال هذه الآية بما قبلها: من حيث إنهم كفروا بنقض العهد كما كفروا بالآيات.
وقوله تعالى: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ إنما دخلت (بل) ههنا لأنه لما قال: ﴿نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾ دل على أنه كفر ذلك الفريق بالنقض، فقال:
وقوله تعالى: ﴿عَاهَدُوا عَهْدًا﴾ قال المفسرون: إن اليهود عاهدوا فيما بينهم، لئن خرج محمد - ﷺ - ليؤمنُنّ به، وليكونُنّ (٣) معه على مشركي العرب، فلما بُعِثَ نقضوا العهد وكفروا به (٤).
وقال عطاء: هي العهود التي كانت بين رسول الله - ﷺ - وبين اليهود، فنقضوها كفعل قريظة والنضير، عاهدوا ألا يعينوا عليه أحدًا، فنقضوا ذلك، وأعانوا عليه قريشًا يوم الخندق (٥).
واتصال هذه الآية بما قبلها: من حيث إنهم كفروا بنقض العهد كما كفروا بالآيات.
وقوله تعالى: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ إنما دخلت (بل) ههنا لأنه لما قال: ﴿نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾ دل على أنه كفر ذلك الفريق بالنقض، فقال:
(١) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨١، و"تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥١، "القرطبي" ٢/ ٣٩ وذكر أبو حيان في "البحر" ١/ ٣٢٣ الخلاف في هذه الواو: فقيل هي زائدة، قاله الأخفش، وقيل: هي أو الساكنة الواو حركت بالفتح، وهي بمعنى بل، قاله الكسائي، وكلا القولين ضعيف، وقيل: واو العطف وهو الصحيح.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨١، "إعراب مشكل القرآن" ١/ ١٠٦.
(٣) في (ش): (لنؤمنن به ولنكونن).
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٢، "الوسيط" ١/ ١٨١، "زاد المسير" ١/ ١٢٠، القرطبي ٢/ ٣٥ والرازي في "تفسيره" ٢/ ٢١٧.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٥٣، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٠٥، الرازي في "تفسيره" ٣/ ٢٠١، القرطبي في "تفسيره" ٢/ ٤٠ وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٢٣.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨١، "إعراب مشكل القرآن" ١/ ١٠٦.
(٣) في (ش): (لنؤمنن به ولنكونن).
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٢، "الوسيط" ١/ ١٨١، "زاد المسير" ١/ ١٢٠، القرطبي ٢/ ٣٥ والرازي في "تفسيره" ٢/ ٢١٧.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٥٣، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٠٥، الرازي في "تفسيره" ٣/ ٢٠١، القرطبي في "تفسيره" ٢/ ٤٠ وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٢٣.
181
بل أكثرهم كفار بالنقض. وحَسُن هذا التفصيل؛ لأن منهم من نقض عنادًا، ومنهم من نقض جهلًا.
وقيل: معناه: كفر فريق بالنقض وكفر أكثرهم بالجحد للحق، وهو أمر النبي - ﷺ - (١).
١٠١ - قوله تعالى: ﴿نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ﴾ جائز أن يكون المراد بقوله: ﴿كِتَابَ الله﴾: القرآن، وجائز أن يكون المراد به: التوراة؛ لأن الذين كفروا بالنبي - ﷺ - نبذوا التوراة (٢).
ويقال لكل من استخف بشيء (٣) ولم يعمل به: نبذه وراء ظهره (٤).
قال الشعبي (٥): هو بين أيديهم يقرؤونها، ولكن نبذوا العمل به (٦).
وقال سفيان بن عُيينة: (٧) أدرجوه في الحرير والديباج، وحلَّوه بالذهب والفضة، ولم يُحِلّوا حلاله ولم يحرّموا حرامه، فذلك النبذ (٨).
وقيل: معناه: كفر فريق بالنقض وكفر أكثرهم بالجحد للحق، وهو أمر النبي - ﷺ - (١).
١٠١ - قوله تعالى: ﴿نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ﴾ جائز أن يكون المراد بقوله: ﴿كِتَابَ الله﴾: القرآن، وجائز أن يكون المراد به: التوراة؛ لأن الذين كفروا بالنبي - ﷺ - نبذوا التوراة (٢).
ويقال لكل من استخف بشيء (٣) ولم يعمل به: نبذه وراء ظهره (٤).
قال الشعبي (٥): هو بين أيديهم يقرؤونها، ولكن نبذوا العمل به (٦).
وقال سفيان بن عُيينة: (٧) أدرجوه في الحرير والديباج، وحلَّوه بالذهب والفضة، ولم يُحِلّوا حلاله ولم يحرّموا حرامه، فذلك النبذ (٨).
(١) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٢٤، وذكر احتمالا آخر.
(٢) هذا كلام الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٨٢، وينظر: "زاد المسير" ١/ ١٢٠، و"تفسير الرازي" ١/ ٢٠٢.
(٣) في (م): (استخف بشيء نبذه ولم يعمل).
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٤٣، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٣، "تفسير الرازي" ٣/ ٢٠١.
(٥) هو: أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي الحميري، تقدمت ترجمته [البقرة: ٧].
(٦) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٤، البغوي في "تفسيره" ١/ ١٢٦وفي بعض نسخ الثعلبي في "تفسيره" يقرؤونه، وفي بعضها: يقرؤونها.
(٧) هو: الإمام أبو محمد سفيان بن عيينة بن أبي عمران، ميمون الهلالي الكوفي المجتهد، شيخ الإسلام، من كبار المحدثين الثقات، كان واسع العلم، وله تفسير، توفي سنة ١٩٨ هـ. ينظر: "طبقات المفسرين" للداودي ١/ ١٩٦، و"السير" ٨/ ٤٥٤.
(٨) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٤، "البغوي" ١/ ١٢٦.
(٢) هذا كلام الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٨٢، وينظر: "زاد المسير" ١/ ١٢٠، و"تفسير الرازي" ١/ ٢٠٢.
(٣) في (م): (استخف بشيء نبذه ولم يعمل).
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٤٣، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٣، "تفسير الرازي" ٣/ ٢٠١.
(٥) هو: أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي الحميري، تقدمت ترجمته [البقرة: ٧].
(٦) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٤، البغوي في "تفسيره" ١/ ١٢٦وفي بعض نسخ الثعلبي في "تفسيره" يقرؤونه، وفي بعضها: يقرؤونها.
(٧) هو: الإمام أبو محمد سفيان بن عيينة بن أبي عمران، ميمون الهلالي الكوفي المجتهد، شيخ الإسلام، من كبار المحدثين الثقات، كان واسع العلم، وله تفسير، توفي سنة ١٩٨ هـ. ينظر: "طبقات المفسرين" للداودي ١/ ١٩٦، و"السير" ٨/ ٤٥٤.
(٨) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٤، "البغوي" ١/ ١٢٦.
وقوله تعالى: ﴿كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أعلَمَ أنهم نبذوا كتاب الله، ورفضوه على علم به، عداوهً للنبي - ﷺ - (١).
وعنى بالفريق في هذه الآية: علماء اليهود الذين تواطؤوا على كتمان أمر محمد - ﷺ - (٢).
١٠٢ - قوله تعالى ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾ الآية، هذه الآية قد أشكل علم إعرابها ومعناها على كثيرٍ من الناس، حتى ترك أكثر أهل العلم والنحو الكلام فيها لصعوبتها. وتكلم آخرون فيها (٣).
قال أبو إسحاق: أعلم الله عز وجل أنهم رفضوا كتابه واتبعوا السحر (٤).
وقوله تعالى: ﴿تَتْلُوا﴾ أي: تقرأ (٥). وقال ابن عباس: تتبع وتعمل به (٦). وكذلك قال في قوله: ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾ [البقرة: ١٢١]: يتبعونه حق اتباعه (٧)، فيعملون به حق عمله.
وقال أبو عُبَيدة: ﴿مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾ أي: ما تتكلم به. كقولك: فلان يتلو كتاب الله، أي: يقرؤه ويتكلم به (٨). وقال عطاء: ما تُحدّث
وعنى بالفريق في هذه الآية: علماء اليهود الذين تواطؤوا على كتمان أمر محمد - ﷺ - (٢).
١٠٢ - قوله تعالى ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾ الآية، هذه الآية قد أشكل علم إعرابها ومعناها على كثيرٍ من الناس، حتى ترك أكثر أهل العلم والنحو الكلام فيها لصعوبتها. وتكلم آخرون فيها (٣).
قال أبو إسحاق: أعلم الله عز وجل أنهم رفضوا كتابه واتبعوا السحر (٤).
وقوله تعالى: ﴿تَتْلُوا﴾ أي: تقرأ (٥). وقال ابن عباس: تتبع وتعمل به (٦). وكذلك قال في قوله: ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾ [البقرة: ١٢١]: يتبعونه حق اتباعه (٧)، فيعملون به حق عمله.
وقال أبو عُبَيدة: ﴿مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾ أي: ما تتكلم به. كقولك: فلان يتلو كتاب الله، أي: يقرؤه ويتكلم به (٨). وقال عطاء: ما تُحدّث
(١) من كلام الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٨٢.
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٤٢.
(٣) قال الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٨٥: فإن النحويين قد ترك كثير منهم الكلام فيها لصعوبتها، وتكلم جماعة منهم، وإنما تكلمنا على مذاهبهم.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٣.
(٥) وبه قال مجاهد وقتادة وعطاء، وروي عن ابن عباس، ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٤٧، و"تفسير ابن كثير" ص ١٤٤ - ١٤٦.
(٦) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٤٧ وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١٤/ ١٠٥٥.
(٧) رواه عنه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢١٨، وذكره ابن كثير في "تفسيره" ١/ ١٤٥.
(٨) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة بمعناه ١/ ٤٨.
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٤٢.
(٣) قال الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٨٥: فإن النحويين قد ترك كثير منهم الكلام فيها لصعوبتها، وتكلم جماعة منهم، وإنما تكلمنا على مذاهبهم.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٣.
(٥) وبه قال مجاهد وقتادة وعطاء، وروي عن ابن عباس، ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٤٧، و"تفسير ابن كثير" ص ١٤٤ - ١٤٦.
(٦) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٤٧ وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١٤/ ١٠٥٥.
(٧) رواه عنه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢١٨، وذكره ابن كثير في "تفسيره" ١/ ١٤٥.
(٨) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة بمعناه ١/ ٤٨.
183
وتَقُصّ (١). وهذه أقوال متقاربة (٢).
قال الزجاج: وفيه إضمار، أراد: واتبعوا ما كانت تتلوا (٣)، وقيل: إنه لفظ الاستقبال والمراد به المضي، أي: تلت (٤)، كقول الشاعر:
فلقد يكون أخا دمٍ وذبائحِ (٥)
أي: فلقد كان (٦). وكقوله: ﴿حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ﴾ [البقرة: ٢١٤]، أي: حتى قال.
وقال أبو علي (٧) فيما استدرك على أبي إسحاق الآية: تحتمل تأويلين، كلُّ واحد منهما أسوغ مما ذكره وذهب إليه.
أحدهما: أن يكون ﴿تَتلُوا﴾ بمعنى: تلت فيكون كقوله: ﴿فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٩١]. أي: فلم قتلتم، إلا أنه لما اتصل بقوله: {مِن
قال الزجاج: وفيه إضمار، أراد: واتبعوا ما كانت تتلوا (٣)، وقيل: إنه لفظ الاستقبال والمراد به المضي، أي: تلت (٤)، كقول الشاعر:
فلقد يكون أخا دمٍ وذبائحِ (٥)
أي: فلقد كان (٦). وكقوله: ﴿حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ﴾ [البقرة: ٢١٤]، أي: حتى قال.
وقال أبو علي (٧) فيما استدرك على أبي إسحاق الآية: تحتمل تأويلين، كلُّ واحد منهما أسوغ مما ذكره وذهب إليه.
أحدهما: أن يكون ﴿تَتلُوا﴾ بمعنى: تلت فيكون كقوله: ﴿فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٩١]. أي: فلم قتلتم، إلا أنه لما اتصل بقوله: {مِن
(١) رواه الطبري في تفسيره عنه ١/ ٤٤٧، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٥٥.
(٢) ينظر الطبري في تفسيره ١/ ٤٤٧ - ٤٤٨، وذكر أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٢٦: أنها متقاربة.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٣ بتصرف، وليس عنده قوله: وفيه إضمار، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٢٦.
(٤) ينظر: "التبيان" للعكبري ١/ ٨٠، "البحر المحيط" ١/ ٣٢٦.
(٥) صدر البيت:
وانْضَح جوانبَ قبرِه بدمائها
وهو لزياد الأعجم في "ديوانه" ص ٥٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٥، و"البيان" ١/ ١٣٣، "تفسير القرطبي" ٢/ ٣٧، "الدر المصون"١/ ٣١٨، "أمالي المرتضي" ١/ ٣٠١، "الشعر والشعراء" ١/ ٢٧٩، "لسان العرب" ٧/ ٣٩٦٢، ينظر: "المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية" ٢/ ١٢٦.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٥.
(٧) أي: في كتابه "الإغفال".
(٢) ينظر الطبري في تفسيره ١/ ٤٤٧ - ٤٤٨، وذكر أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٢٦: أنها متقاربة.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٣ بتصرف، وليس عنده قوله: وفيه إضمار، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٢٦.
(٤) ينظر: "التبيان" للعكبري ١/ ٨٠، "البحر المحيط" ١/ ٣٢٦.
(٥) صدر البيت:
وانْضَح جوانبَ قبرِه بدمائها
وهو لزياد الأعجم في "ديوانه" ص ٥٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٥، و"البيان" ١/ ١٣٣، "تفسير القرطبي" ٢/ ٣٧، "الدر المصون"١/ ٣١٨، "أمالي المرتضي" ١/ ٣٠١، "الشعر والشعراء" ١/ ٢٧٩، "لسان العرب" ٧/ ٣٩٦٢، ينظر: "المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية" ٢/ ١٢٦.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٥.
(٧) أي: في كتابه "الإغفال".
184
قَبْلُ} علم أن المراد بمثال المضارع الماضي، فكذلك هنا (١) كان يعلم باتصال الكلام بعهد سليمان؛ لأن المعنى (٢): على عهد ملك سليمان، أو في زمن ملك سليمان، على تقدير (٣) حذف المضاف (٤)، وكان ذلك يدل على أن مثال المضارع يراد به الماضي.
ومن هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الحج: ٢٥]. يجوز عندي أن يكون المعنى: إنّ الذين كفروا وصدوا. فلما كان المعطوف عليه ماضيًا دلّ على أن المراد بالمضارع أيضًا الماضي، ويقوي هذا قوله: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: ١] (٥). ويجوز أن يكون المضارع على بابه، كأنه قال: إنّ الذين كفروا فيما مضى وهم الآن يصدُّون مع ما تقدم من كفرهم. والأول كأنه أقوى (٦).
والإرادة بمثال المضارع الماضي مذهب سيبويه؛ لأنه قال (٧): وقد تقع (٨) نفْعَل في موضع فَعلت في بعض المواضع، ومثل ذلك: قول رجل
ومن هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الحج: ٢٥]. يجوز عندي أن يكون المعنى: إنّ الذين كفروا وصدوا. فلما كان المعطوف عليه ماضيًا دلّ على أن المراد بالمضارع أيضًا الماضي، ويقوي هذا قوله: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: ١] (٥). ويجوز أن يكون المضارع على بابه، كأنه قال: إنّ الذين كفروا فيما مضى وهم الآن يصدُّون مع ما تقدم من كفرهم. والأول كأنه أقوى (٦).
والإرادة بمثال المضارع الماضي مذهب سيبويه؛ لأنه قال (٧): وقد تقع (٨) نفْعَل في موضع فَعلت في بعض المواضع، ومثل ذلك: قول رجل
(١) ساقطة من (ش).
(٢) في "الإغفال": في من قال إن المعنى على عهد ملك سليمان.
(٣) في "الإغفال": على من لم يقدر.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٣، "التبيان" للعكبري ١/ ٨٠، "البحر المحيط" ١/ ٣٢٦.
(٥) تتمة الكلام في "الإغفال" فخبر اسم إن مضمرة، هو من نحو ما ظهر من قوله: أضل أعمالهم، وحسن الحذف لطول الكلام بالعلة.
(٦) "الإغفال" ص٣٢١ - ٣٢٢.
(٧) في "الإغفال" وهذا الذي ذكرته لك من الإرادة بمثال المضارع الماضي مذهب سيبويه وقوله.
(٨) في (ش): (يقع تفعل).
(٢) في "الإغفال": في من قال إن المعنى على عهد ملك سليمان.
(٣) في "الإغفال": على من لم يقدر.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٣، "التبيان" للعكبري ١/ ٨٠، "البحر المحيط" ١/ ٣٢٦.
(٥) تتمة الكلام في "الإغفال" فخبر اسم إن مضمرة، هو من نحو ما ظهر من قوله: أضل أعمالهم، وحسن الحذف لطول الكلام بالعلة.
(٦) "الإغفال" ص٣٢١ - ٣٢٢.
(٧) في "الإغفال" وهذا الذي ذكرته لك من الإرادة بمثال المضارع الماضي مذهب سيبويه وقوله.
(٨) في (ش): (يقع تفعل).
185
من بني سلول:
على معنى: ولقد مررت (٣). قال أبو علي: فسألت أبا بكر عما ذكره سيبويه من هذا، فقال: الأفعال جنس واحد، فكان يجب أن يكون على بناء واحد؛ لكنها غُيّرت بتغيير الأزمنة وقُسِّمت بتقاسيمها، لما كان ذلك في الإيضاح أبلغ، فخُصّ كلُّ قسم من ذلك بمثال لا يقع واحد منها في موضع الآخر، إلا أن يُضمّ إليه حرف يكون دليلًا على ما أريد به (٤)، فيصير الحرف كأنه يقوم مقام البناء المراد، إذ كان يَدُلّ عليه كما يدلّ البناء، نحو: والله لا فعلت، فقولك: فعلت فعلٌ ماض وقع في موضع مستقبل، فلما كانت قبلها (٥) (لا) عُلم أنه يُرادُ به الاستقبال؛ لأن (لا) إنما (٦) تكون نفيًا لما يستقبل (٧)، فلما كانت نفيًا للمستقبل ووقع بعدها ماض علمت أنه يراد
| ولقد أمرُّ على اللئيم يَسُبّني | فمضيتُ ثُمَّتَ قلتُ لا يَعْنِيني (١) (٢) |
(١) البيت لرجل من سلول في "الكتاب" ٣/ ٢٤، و"الخصائص" ٣/ ٣٣٠، و"الإغفال" ١/ ٣٢٣، و"الدر" ١/ ٧٨، ولشمر بن عمرو الحنفي في "الأصمعيات" ص ١٢٦، ولم ينسب في بعضها: نحو "تفسير الطبري" ١/ ٤٢٠، وروايته وحده: فمضيت عنه وقلت. وبعد هذا البيت:
(٢) " الكتاب" لسيبويه ٣/ ٢٤.
(٣) "الإغفال" ص ٣٢٢، ٣٢٣ وقال سيبويه في "الكتاب" ١/ ٥٠٤: يجوز أن يجعل أفعل في موضع فعلت، ولا يجوز فعلت في موضع أفعل إلا في مجازاة، نحو إن فعلت فعلت.
(٤) في "الإغفال" على ما أريد به الحرف.
(٥) في (ش): (في قبلها).
(٦) إنما ساقطة من (ش).
(٧) في "الإغفال": لما يستقبل مما أوجب القسم.
| غضبان ممتلئًا عليّ إهابه | إني وربِّك سُخْطُه يُرضيني |
(٣) "الإغفال" ص ٣٢٢، ٣٢٣ وقال سيبويه في "الكتاب" ١/ ٥٠٤: يجوز أن يجعل أفعل في موضع فعلت، ولا يجوز فعلت في موضع أفعل إلا في مجازاة، نحو إن فعلت فعلت.
(٤) في "الإغفال" على ما أريد به الحرف.
(٥) في (ش): (في قبلها).
(٦) إنما ساقطة من (ش).
(٧) في "الإغفال": لما يستقبل مما أوجب القسم.
186
به الاستقبال (١). قال أبو علي: وقد اتسعوا في إقامة أمثلة الأفعال، بعضها مقام بعض (٢)، من ذلك: إقامتهم مثال الأمر مقام الخبر، نحو قولهم: أكرِمْ بزيد وقوله: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ﴾ [مريم: ٣٨]، ومعنى هذا: كرُمَ زيد، وسمعوا (٣) وأبصروا، أي: صار زيد ذا كرم، وصار هؤلاء المستحقون لأن يمدحوا بهذا المدح ذوي (٤) أسماع وأبصار (٥).
ووقع مثال الأمر مقام الخبر، كما وقع مثال الخبر مقام الأمر في مثل: غفر الله لزيد، وقطع الله يده، وفي التنزيل: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣]. وقال: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ﴾ [البقرة: ٢٣٤] (٦).
فكذلك تَتْلُوا في هذه الآية، يجوز أن تكون بمعنى (تلتْ) كهذه الأشياء التي أريتكها، وهذا وجه. وأما الوجه الآخر: فعلى أن يكون يفعل على بابه، لا تريد به فَعَل كما أردت في الأول، ولكن تجعله حكايةً للحال وإن كان ماضيًا، وهذا الوجه في السَّعَة والكثرة كالأول وأسوغ (٧)، كأنه حكى الفعل الذي كان يُحدّث به عنهم وهو للحال.
ونظير هذا قوله: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ﴾ [البقرة:
ووقع مثال الأمر مقام الخبر، كما وقع مثال الخبر مقام الأمر في مثل: غفر الله لزيد، وقطع الله يده، وفي التنزيل: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣]. وقال: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ﴾ [البقرة: ٢٣٤] (٦).
فكذلك تَتْلُوا في هذه الآية، يجوز أن تكون بمعنى (تلتْ) كهذه الأشياء التي أريتكها، وهذا وجه. وأما الوجه الآخر: فعلى أن يكون يفعل على بابه، لا تريد به فَعَل كما أردت في الأول، ولكن تجعله حكايةً للحال وإن كان ماضيًا، وهذا الوجه في السَّعَة والكثرة كالأول وأسوغ (٧)، كأنه حكى الفعل الذي كان يُحدّث به عنهم وهو للحال.
ونظير هذا قوله: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ﴾ [البقرة:
(١) "الإغفال" ص ٣٢٣، ٣٢٤.
(٢) في "الإغفال": اتساعًا أشد مما قدمنا.
(٣) في "الإغفال" فمعنى هذا: أكْرم زيد وأسمعوا. وما في نسخة البسيط أصوب.
(٤) في نسخة "الإغفال" جاء النص مُحرّفًا: وصار هؤلاء المستحقون الآن يمدحون بهذا المدح، ويثنى عليهم بهذا الثناء دون أسماع وأبصار.
(٥) "الإغفال" ص ٣٢٦.
(٦) "الإغفال" ص ٣٢٧ وما بعدها. بتصرف كبير.
(٧) في "الإغفال": أو أسوغ.
(٢) في "الإغفال": اتساعًا أشد مما قدمنا.
(٣) في "الإغفال" فمعنى هذا: أكْرم زيد وأسمعوا. وما في نسخة البسيط أصوب.
(٤) في نسخة "الإغفال" جاء النص مُحرّفًا: وصار هؤلاء المستحقون الآن يمدحون بهذا المدح، ويثنى عليهم بهذا الثناء دون أسماع وأبصار.
(٥) "الإغفال" ص ٣٢٦.
(٦) "الإغفال" ص ٣٢٧ وما بعدها. بتصرف كبير.
(٧) في "الإغفال": أو أسوغ.
187
٤٩]، فقوله: ﴿يَسُومُونَكُمْ﴾ حكاية للحال في الوقت الذي كانت فيه، وإن كان آل فرعون منقرضين في وقت هذا الخطاب، وموضع الفعل نصب بالحال. ونظير هذا أيضًا من حكاية الحال: قوله: ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص: ١٥] فأشير إليهما بما (١) يشار إلى الحاضر؛ إرادة لحكاية الحال على وجهها، وإن كانت قد تقدمت (٢). ومن هذا أيضًا: إضافة (إذ) إلى تقول وإلى جمع المضارع في نحو: ﴿إِذ تَقُولُ لِلمُؤمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٢٤] أضيف (إذ) إلى فعل الحال إرادةً لحكايتها (٣)، ولولا ذلك لتنافى هذا الكلام؛ لأن (إذ) لما مضى و (تقول) لما يستقبل.
ومن هذا أيضًا: ما أنشده أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي:
جاريةٌ في رمضانَ الماضي... تُقطِّع الحديث بالإيماض (٤)
وهذا وجه ثانٍ نظير ما يحسن حمل الآية عليه (٥).
ومن هذا أيضًا: ما أنشده أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي:
جاريةٌ في رمضانَ الماضي... تُقطِّع الحديث بالإيماض (٤)
وهذا وجه ثانٍ نظير ما يحسن حمل الآية عليه (٥).
(١) في "الإغفال": كما.
(٢) في "الإغفال" لحكاية القصة على جهتها، وإن كانت متقدمًا كونها.
(٣) من قوله: إرادة لحكاية الحال على وجهها... ساقط من (أ)، (م).
(٤) ذكره في "الإغفال" ص ٣٣٢ بهذه الصيغة ووقع في نوادر ابن الأعرابي غير منسوب كما في "شرح ابن يعيش" ٦/ ٩٣، ووقع في "ديوان رؤبة" مما نسب إليه ص ١٧٦:
جارية في درعها الفضفاض... تقطع الحديث بالإيماض
ونسب البغدادي ٣/ ٤٨٣ الشاهد نقلًا عن هشام اللخمي لرؤبة هكذا:
لقد أتى في رمضان الماضي... جارية في درعها الفضفاض
تقطع الحديث بالإيماض أبيض من أخت بنىِ إباض
وينظر أيضًا: "مغنى اللبيب" ٢/ ٦٩١، و"الإنصاف" ١/ ١٢٤، مع اختلاف في الرواية، وحاشية "الإغفال" ٣٣٢.
(٥) "الإغفال" ص٣٣١، ٣٣٢. بتصرف.
(٢) في "الإغفال" لحكاية القصة على جهتها، وإن كانت متقدمًا كونها.
(٣) من قوله: إرادة لحكاية الحال على وجهها... ساقط من (أ)، (م).
(٤) ذكره في "الإغفال" ص ٣٣٢ بهذه الصيغة ووقع في نوادر ابن الأعرابي غير منسوب كما في "شرح ابن يعيش" ٦/ ٩٣، ووقع في "ديوان رؤبة" مما نسب إليه ص ١٧٦:
جارية في درعها الفضفاض... تقطع الحديث بالإيماض
ونسب البغدادي ٣/ ٤٨٣ الشاهد نقلًا عن هشام اللخمي لرؤبة هكذا:
لقد أتى في رمضان الماضي... جارية في درعها الفضفاض
تقطع الحديث بالإيماض أبيض من أخت بنىِ إباض
وينظر أيضًا: "مغنى اللبيب" ٢/ ٦٩١، و"الإنصاف" ١/ ١٢٤، مع اختلاف في الرواية، وحاشية "الإغفال" ٣٣٢.
(٥) "الإغفال" ص٣٣١، ٣٣٢. بتصرف.
188
فإن قلت: ما تنكر أن يكون ما ذكره أبو إسحاق من إضمار (كان) أيضًا جائزًا، فيكون ذلك وجهًا ثالثًا.
قيل: ذلك لا يجوز؛ لأن المضمر لا دلالة عليه، وإنما يسوغ الإضمار إذا كانت عليه دلالة يكون بها كالمظهر، وسيبويه منع إجازة هذا، فقال: واعلم أنه لا يجوز لك أن تقول: عبدَ الله المقتول، وأنت تريد: كن عبدَ الله المقتول (١)، فإذا لم يجز هذا، لم يجز هذا مع أن المنصوب يدل على ناصبه، فأن لا يجوز ما ذهب إليه في الآية أولى (٢).
فإن قلت: فقد قالوا: إنْ سيفًا فسيفٌ، وإنْ خنجرًا فخنجرٌ، فأضمروا، قيل: ليس ذلك من هذا في شيء؛ لأن (إن) مما يعلم أنه لا يليه إلا الفعل، فالدلالة على المحذوف المضمر قوية، وليس شيء من هذا في الآية (٣).
وقوله تعالى: ﴿عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ ذكرنا أنه على تقدير حذف المضاف، وقيل: إن (على) هاهنا من صلة الافتراء والكذب، إذا قلنا إنّ (تتلوا) معناه: تحدّث وتكلّم، على ما قال أبو عبيدة وعطاء، فمعنى قوله: ﴿تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ (٤)؛ لأنهم قالوا: إن سليمان مَلَكَ النّاسَ
قيل: ذلك لا يجوز؛ لأن المضمر لا دلالة عليه، وإنما يسوغ الإضمار إذا كانت عليه دلالة يكون بها كالمظهر، وسيبويه منع إجازة هذا، فقال: واعلم أنه لا يجوز لك أن تقول: عبدَ الله المقتول، وأنت تريد: كن عبدَ الله المقتول (١)، فإذا لم يجز هذا، لم يجز هذا مع أن المنصوب يدل على ناصبه، فأن لا يجوز ما ذهب إليه في الآية أولى (٢).
فإن قلت: فقد قالوا: إنْ سيفًا فسيفٌ، وإنْ خنجرًا فخنجرٌ، فأضمروا، قيل: ليس ذلك من هذا في شيء؛ لأن (إن) مما يعلم أنه لا يليه إلا الفعل، فالدلالة على المحذوف المضمر قوية، وليس شيء من هذا في الآية (٣).
وقوله تعالى: ﴿عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ ذكرنا أنه على تقدير حذف المضاف، وقيل: إن (على) هاهنا من صلة الافتراء والكذب، إذا قلنا إنّ (تتلوا) معناه: تحدّث وتكلّم، على ما قال أبو عبيدة وعطاء، فمعنى قوله: ﴿تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ (٤)؛ لأنهم قالوا: إن سليمان مَلَكَ النّاسَ
(١) "الكتاب"١/ ١٥٩ ط. بيروت. وزاد: لأنه ليس فعلًا يصل من شيء إلى شيء، ولكنك لست على أحد.
(٢) "الإغفال" ص ٣٣٣ بتصرف.
(٣) "الإغفال" ص ٣٣٤ بتصرف.
(٤) ينظر: "التفسير الكبير" للرازي ٣/ ٢٠٤، "البحر المحيط" ١/ ٣٢٦، ابن كثير في "تفسيره" ١/ ١٤٣ - ١٤٦.
(٢) "الإغفال" ص ٣٣٣ بتصرف.
(٣) "الإغفال" ص ٣٣٤ بتصرف.
(٤) ينظر: "التفسير الكبير" للرازي ٣/ ٢٠٤، "البحر المحيط" ١/ ٣٢٦، ابن كثير في "تفسيره" ١/ ١٤٣ - ١٤٦.
189
بالسحر، وذلك ما قاله ابن عباس (١) رحمه الله: إن سليمان، عليه السلام، لما عُذّبَ بنزع ملكه، دفنت الشياطين في خزانته ومواضع مصلاه سحرًا وأُخَذًا ونِيرَنْجات (٢)، فلما مات سليمان دلّت الشياطين عليه الناسَ حتى أستخرجوها، وقالوا للناس: إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه، فأقبل بنو إسرائيل على تعلمها، ورفضوا كتب أنبيائهم، فبرّأ الله نبيه سليمان عليه السلام على لسان محمد - ﷺ - (٣).
وقال السُّدِّي: إن الناس في زمن سُليمان كتبوا السحر، واشتغلوا بتعلّمه، فأخذ سليمان تلك الكتب، وجعلها في صندوق، ودفنها تحت كرسيه، ونهاهم عن ذلك، فلما مات سليمان، وذهب الذين كانوا يعرفون دفنه الكتب، تمثل شيطان على صورة إنسان، فأتى نفرًا من بني إسرائيل، فقال: هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا (٤)؟ قالوا: نعم، قال: فاحفروا تحت الكرسي، فحفروا، فوجدوا تلك الكتب، فلما أخرجوها، قال
وقال السُّدِّي: إن الناس في زمن سُليمان كتبوا السحر، واشتغلوا بتعلّمه، فأخذ سليمان تلك الكتب، وجعلها في صندوق، ودفنها تحت كرسيه، ونهاهم عن ذلك، فلما مات سليمان، وذهب الذين كانوا يعرفون دفنه الكتب، تمثل شيطان على صورة إنسان، فأتى نفرًا من بني إسرائيل، فقال: هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا (٤)؟ قالوا: نعم، قال: فاحفروا تحت الكرسي، فحفروا، فوجدوا تلك الكتب، فلما أخرجوها، قال
(١) قال في "البحر المحيط" ١/ ٣٢٦: وقد ذكر المفسرون في كيفيات ما رتبوه من هذا الذي تلوه قصصًا كثيرة، الله أعلم به، ولم تتعرض الآية الكريمة ولا الحديث المسند الصحيح لشيء منه، فلذلك لم نذكره اهـ. وقد ذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٢١ الكيفيات فعد أقوالًا ستة.
(٢) النيرنجات: أُخذٌ كالسحر وليس به، وإنما هو شبه وتلبيس، ويقال: النيرنجيَّات. ينظر: "تاج العروس" ٣/ ٤٩٧، و"مفتاح السعادة" لطاش كبرى زاده ١/ ٣٤٠.
(٣) أخرج هذه القصة النسائي في "تفسيره" ١/ ١٧٩، الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٤٧ ولفظه مختصر، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٩٧ من طريق المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، بنحوه، والمنهال: صدوق ربما وهم. وقد ذكرها الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٥٧، وعزا القصة للكلبي. وذكرها أيضًا في "عروس المجالس" ص ٤٣، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٣٥.
(٤) لا تأكلونه أبدًا: أي: لا تفنونه أبدًا، يقال: أكل فلان عمره: إذا أفناه.
(٢) النيرنجات: أُخذٌ كالسحر وليس به، وإنما هو شبه وتلبيس، ويقال: النيرنجيَّات. ينظر: "تاج العروس" ٣/ ٤٩٧، و"مفتاح السعادة" لطاش كبرى زاده ١/ ٣٤٠.
(٣) أخرج هذه القصة النسائي في "تفسيره" ١/ ١٧٩، الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٤٧ ولفظه مختصر، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٩٧ من طريق المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، بنحوه، والمنهال: صدوق ربما وهم. وقد ذكرها الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٥٧، وعزا القصة للكلبي. وذكرها أيضًا في "عروس المجالس" ص ٤٣، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٣٥.
(٤) لا تأكلونه أبدًا: أي: لا تفنونه أبدًا، يقال: أكل فلان عمره: إذا أفناه.
190
الشيطان: إن سليمان كان يضبط الجن والإنس (١) والشياطين والطير بهذا، فاتخذ بنو إسرائيل تلك الكتب؛ فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود، فبرأ الله تعالى سليمان من ذلك، وأنزل هذه الآية (٢).
وقوله تعالى ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ﴾ أي: لم يكن كافرًا ساحرًا بسحر، (٣) ويعمل بالسحر (٤).
وقيل: وما ستر سليمان كتب السحر، ولكن الشياطين سترته ودفنته. وأصل الكفر: الستر والتغطِية (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾ في (لكن) قراءتان: التشديد ونصب الاسم به، والتخفيف ورفع الاسم به (٦).
وقوله تعالى ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ﴾ أي: لم يكن كافرًا ساحرًا بسحر، (٣) ويعمل بالسحر (٤).
وقيل: وما ستر سليمان كتب السحر، ولكن الشياطين سترته ودفنته. وأصل الكفر: الستر والتغطِية (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾ في (لكن) قراءتان: التشديد ونصب الاسم به، والتخفيف ورفع الاسم به (٦).
(١) في (م): (الإنس والجن).
(٢) رواه ابن جرير في "تفسيره" مطولًا عنه ١/ ٤٤٤ - ٤٤٥، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٨٦ من طريق أسباط عن السدي، وذكره الثعلبي في "تفسيره" مطولًا ١/ ١٠٥٧ والواحدي في أسباب النزول ص ٣٦ ولفظه هناك مثل هذا تمامًا. وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٢١ - ١٢٢، وروى الحاكم ٢/ ٢٦٥، والواحدي بسنديهما عن ابن عباس نحوًا من هذا وصححه الذهبي. وينظر: "التفسير الصحيح" ١/ ٢٠٥ - ٢٠٦. ذكر الدكتور بشير حكمت ياسين في كتاب "التفسير الصحيح" ١/ ٢٠٥ - ٢٠٦ روايتين عن ابن عباس وصححهما وهما موافقتان لما نقله الواحدي وقال بعدهما. وهاتان الروايتان من أخبار أهل "الكتاب"، ولكنهما لا تتعارض مع "الكتاب" والسنة، بل لبعض فقراتها شواهد، فهي توافق عصمة سليمان عليه السلام وتبرىء ساحته مما ألصق به من مفتريات الإسرائيليات.
(٣) ساقطة من (ش).
(٤) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠٦٠.
(٥) "المفردات" للراغب ٤٣٥.
(٦) قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف بتخفيف نون لكن وإسكانها، ثم تكسر تخلصًا من التقاء الساكنين، والشياطين بالرفع. وقرأ الباقون بتشديد النون مفتوحة، ونصب الشياطين. ينظر: "السبعة" ١٦٧ - ١٦٨، و"الحجة" لأبي علي ٢/ ١٦٩، و"النشر" ٢/ ٢١٩، و"البدور الزاهرة" ص ٤٦.
(٢) رواه ابن جرير في "تفسيره" مطولًا عنه ١/ ٤٤٤ - ٤٤٥، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٨٦ من طريق أسباط عن السدي، وذكره الثعلبي في "تفسيره" مطولًا ١/ ١٠٥٧ والواحدي في أسباب النزول ص ٣٦ ولفظه هناك مثل هذا تمامًا. وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٢١ - ١٢٢، وروى الحاكم ٢/ ٢٦٥، والواحدي بسنديهما عن ابن عباس نحوًا من هذا وصححه الذهبي. وينظر: "التفسير الصحيح" ١/ ٢٠٥ - ٢٠٦. ذكر الدكتور بشير حكمت ياسين في كتاب "التفسير الصحيح" ١/ ٢٠٥ - ٢٠٦ روايتين عن ابن عباس وصححهما وهما موافقتان لما نقله الواحدي وقال بعدهما. وهاتان الروايتان من أخبار أهل "الكتاب"، ولكنهما لا تتعارض مع "الكتاب" والسنة، بل لبعض فقراتها شواهد، فهي توافق عصمة سليمان عليه السلام وتبرىء ساحته مما ألصق به من مفتريات الإسرائيليات.
(٣) ساقطة من (ش).
(٤) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠٦٠.
(٥) "المفردات" للراغب ٤٣٥.
(٦) قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف بتخفيف نون لكن وإسكانها، ثم تكسر تخلصًا من التقاء الساكنين، والشياطين بالرفع. وقرأ الباقون بتشديد النون مفتوحة، ونصب الشياطين. ينظر: "السبعة" ١٦٧ - ١٦٨، و"الحجة" لأبي علي ٢/ ١٦٩، و"النشر" ٢/ ٢١٩، و"البدور الزاهرة" ص ٤٦.
191
وهذه الحروف، أعني: لكنّ، وإن، وأن، وكأنَّ حروف تستعمل مخففة ومثقلة، فإذا استعملت مثقلة كانت عاملة في الأسماء، وعملها النصب (١)، والعلة في ذلك: أنها إذا كانت مشدّدة كانت مفتوحة الأواخر، وفتحةُ أواخرِها ألحقتها في المشابهة بالأفعال الماضية، والأفعال عاملةٌ في الأسماء، فإذا استعملت مخففة باينتها تلك الصفة التي ألحقتها في المشابهة بالأفعال، فالقياس أن لا تعمل لزوال المعنى الذي به كان يعمل (٢).
وقال الكسائي: الذي يختار العرب والذي هو وجه الكلام عندنا إذا كانت (لكن) وحدها بغير واو كان التخفيف أحسن، وإذا كانت بالواو كانت بالتشديد، وبهذا قرئ أكثر ما في القرآن كقوله: ﴿وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ [الأنعام: ٣٣] ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام: ٣٧]. وبغير الواو كقوله: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ﴾ [النساء: ١٦٦]، ﴿لَكِنِ الرَّسُولُ﴾ [التوبة: ٨٨] ﴿لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ﴾ [مريم: ٣٨].
وقال الفراء: إذا ألقيت من ولكن الواو آثرت العرب تخفيفَ نونها، وإذا دخلت الواو آثروا تشديدَها، وإنما فعلوا ذلك؛ لأنها رجوع عما أصاب أول الكلام، فشبهت بـ "بل"، إذ كانت رجوعًا مثلها، ألا ترى أنك تقول: لم يقم أخوك بل أبوك، ثم تقول: لم يقم أخوك لكن أبوك، فتراهما في معنى واحد، والواو لا تصلح في بل.
فإذا قالوا: ولكن فأدخلوا الواو تباعدت من بل، إذ لم تصلح الواو في بل، فآثروا فيها تشديد النون، وجعلوا الواو كأنها دخلت لعطف لا بمعنى بل (٣)، وأصلها: أن دخلت عليها لا وكاف الخطاب، فصارنا
وقال الكسائي: الذي يختار العرب والذي هو وجه الكلام عندنا إذا كانت (لكن) وحدها بغير واو كان التخفيف أحسن، وإذا كانت بالواو كانت بالتشديد، وبهذا قرئ أكثر ما في القرآن كقوله: ﴿وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ [الأنعام: ٣٣] ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام: ٣٧]. وبغير الواو كقوله: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ﴾ [النساء: ١٦٦]، ﴿لَكِنِ الرَّسُولُ﴾ [التوبة: ٨٨] ﴿لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ﴾ [مريم: ٣٨].
وقال الفراء: إذا ألقيت من ولكن الواو آثرت العرب تخفيفَ نونها، وإذا دخلت الواو آثروا تشديدَها، وإنما فعلوا ذلك؛ لأنها رجوع عما أصاب أول الكلام، فشبهت بـ "بل"، إذ كانت رجوعًا مثلها، ألا ترى أنك تقول: لم يقم أخوك بل أبوك، ثم تقول: لم يقم أخوك لكن أبوك، فتراهما في معنى واحد، والواو لا تصلح في بل.
فإذا قالوا: ولكن فأدخلوا الواو تباعدت من بل، إذ لم تصلح الواو في بل، فآثروا فيها تشديد النون، وجعلوا الواو كأنها دخلت لعطف لا بمعنى بل (٣)، وأصلها: أن دخلت عليها لا وكاف الخطاب، فصارنا
(١) ينظر: "اللسان" ٧/ ٤٠٧٠ (مادة: لكن)، و"مغني اللبيب" ١/ ٢٩٠ - ٢٩٢.
(٢) ينظر: "الحجة" ٢/ ١٧٠ - ١٧٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٦١، "المجيد في إعراب القرآن المجيد" ص ٣٥٩.
(٣) بل ساقطة من (ش).
(٢) ينظر: "الحجة" ٢/ ١٧٠ - ١٧٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٦١، "المجيد في إعراب القرآن المجيد" ص ٣٥٩.
(٣) بل ساقطة من (ش).
192
جميعًا حرفًا واحدًا (١).
وقال الكسائي: حرفان من الاستثناء لا يقعان (٢) أكثر ما يقعان إلا مع الجحد، وهما: لكن وبل، والعرب تجعلهما مثل واو النسق (٣).
وقال المبرد: لكن من حروف العطف، وهي الاستدراك بعد النفي، ولا يجوز أن يدخل بعد واجب إلا لترك قصة إلى قصة تامة، نحو قولك: جاءني زيد لكن عبد الله لم يأت (٤).
وأما اختلاف القراء في تشديد (لكن) في بعض المواضع وتخفيفها في بعض، فلا معنى للمصير إلى التبعيض في هذه المواضع ونظائرها إلا بأن تترجح عند أحد من القراء بعض الروايات على بعض، فيصير إليه (٥).
ومعنى الآية: ولكن الشياطين كفروا بالله يعلّمون الناس السحر. يريد: ما كتب لهم الشياطين من كتب السحر. ويجوز أن يكون (يعلّمون) في فعل اليهود الذين عُنُوا بقوله: ﴿وَاْتَّبَعُواْ﴾ (٦).
وسمي السحرُ سحرًا؛ لخفاء سببه. ومنه: السِّحْر وهو الغِذَاء، كقول لبيد (٧):
ونُسْحَرُ بالطعام وبالشراب (٨)
وقال الكسائي: حرفان من الاستثناء لا يقعان (٢) أكثر ما يقعان إلا مع الجحد، وهما: لكن وبل، والعرب تجعلهما مثل واو النسق (٣).
وقال المبرد: لكن من حروف العطف، وهي الاستدراك بعد النفي، ولا يجوز أن يدخل بعد واجب إلا لترك قصة إلى قصة تامة، نحو قولك: جاءني زيد لكن عبد الله لم يأت (٤).
وأما اختلاف القراء في تشديد (لكن) في بعض المواضع وتخفيفها في بعض، فلا معنى للمصير إلى التبعيض في هذه المواضع ونظائرها إلا بأن تترجح عند أحد من القراء بعض الروايات على بعض، فيصير إليه (٥).
ومعنى الآية: ولكن الشياطين كفروا بالله يعلّمون الناس السحر. يريد: ما كتب لهم الشياطين من كتب السحر. ويجوز أن يكون (يعلّمون) في فعل اليهود الذين عُنُوا بقوله: ﴿وَاْتَّبَعُواْ﴾ (٦).
وسمي السحرُ سحرًا؛ لخفاء سببه. ومنه: السِّحْر وهو الغِذَاء، كقول لبيد (٧):
ونُسْحَرُ بالطعام وبالشراب (٨)
(١) نقل كلام الفراء صاحب "اللسان" ٧/ ٤٠٧٠، وقد ناقش أبو علي في "الحجة" ٢/ ١٧٩ ذلك وبين أن القياس لا يوجب هذا الذي ذكره الفراء من تشديدها مع الواو وتخفيفها مع عدمها.
(٢) في (ش): (لا تقعان).
(٣) نقل كلام الكسائي صاحب "اللسان" ٧/ ٤٠٧٠.
(٤) "المقتضب" للمبرد ١/ ١٢.
(٥) ينظر: "الحجة" ٢/ ١٧٩ - ١٨٠.
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٥١ - ٤٥٢، "معاني للقرآن" للزجاج ١/ ١٨٣، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٦٢، "البيان" لابن الأنباري ١/ ١١٤، "التفسير الكبير" للرازي ٣/ ٢٠٥.
(٧) هو: أبو عقيل، لبيد بن ربيعة بن مالك العامر، تقدمت ترجمته [البقرة: ٢].
(٨) وشطره الأول: =
(٢) في (ش): (لا تقعان).
(٣) نقل كلام الكسائي صاحب "اللسان" ٧/ ٤٠٧٠.
(٤) "المقتضب" للمبرد ١/ ١٢.
(٥) ينظر: "الحجة" ٢/ ١٧٩ - ١٨٠.
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٥١ - ٤٥٢، "معاني للقرآن" للزجاج ١/ ١٨٣، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٦٢، "البيان" لابن الأنباري ١/ ١١٤، "التفسير الكبير" للرازي ٣/ ٢٠٥.
(٧) هو: أبو عقيل، لبيد بن ربيعة بن مالك العامر، تقدمت ترجمته [البقرة: ٢].
(٨) وشطره الأول: =
193
وذلك أن حاله خفيّة في التنمية (١)، والسَّحَر: الرئة، لأنها مما تخفى وليس مما يظهر. وسَحَر الليل: قبل ظهور الصُبح.
وقال المحققون من أهل اللغة: معنى السحر: الإزالة وصرف الشيء عن وجهه (٢)، تقول العرب: ما سَحَرك عن كذا، أي: ما صَرَفك عنه. ومنه: قوله تعالى: ﴿فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ [المؤمنون: ٨٩]، أي: تصرفون، ويقال: سحره، أي: أزاله عن البُغض إلى الحُبِ، وكأن السّاحر بما أرى الباطل في صورة الحق فقد سَحَر الشيء عن وجهه، أي: صرفه (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾ موضع (ما) نصب، نسق على السحر، وجائز أن يكون نسقًا على ما في قوله: ﴿مَا تَتلُوا الشَّيَاطِينُ﴾ (٤).
ومعنى: ﴿أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾: أي: عُلِّما وأُلْهِما وقُذِفَ في قُلُوبِهِما
وقال المحققون من أهل اللغة: معنى السحر: الإزالة وصرف الشيء عن وجهه (٢)، تقول العرب: ما سَحَرك عن كذا، أي: ما صَرَفك عنه. ومنه: قوله تعالى: ﴿فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ [المؤمنون: ٨٩]، أي: تصرفون، ويقال: سحره، أي: أزاله عن البُغض إلى الحُبِ، وكأن السّاحر بما أرى الباطل في صورة الحق فقد سَحَر الشيء عن وجهه، أي: صرفه (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾ موضع (ما) نصب، نسق على السحر، وجائز أن يكون نسقًا على ما في قوله: ﴿مَا تَتلُوا الشَّيَاطِينُ﴾ (٤).
ومعنى: ﴿أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾: أي: عُلِّما وأُلْهِما وقُذِفَ في قُلُوبِهِما
= أرانا مُوضِعِين لأمر غيب
وفي رواية: لحتم غيبٍ، وهو لامرئ القيس في "ديوانه" ص ٤٣، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٤١، "لسان العرب" ٤/ ١٩٥٢، ونسبه المؤلف وكثير من أهل التفسير كالرازي في "تفسيره" ٣/ ٢٠٥ إلى لبيد.
(١) نقل الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٤١: أن معنى ونسحر بالطعام، أي نُعَلَّل به قال الرازي في "تفسيره" ٣/ ٢٠٥: قيل فيه (أي: البيت) وجهان: أحدهما أنا نعلل ونخدع كالمسحور. والآخر: نغذى، وأي الوجهين كان فمعناه الخفاء.
(٢) ينظر كلام الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٤١، ونقله صاحب "اللسان" ٤/ ١٩٥٢٥.
(٣) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٤١، "مقاييس اللغة" ٣/ ١٣٨، "المفردات" للراغب ٣٣١، ٣٣٢، "التفسير الكبير"٣/ ٢٠٥، "تفسير القرطبي" ٢/ ٣٨، "اللسان" ٤/ ١٩٥٢.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٦٢وصحح الأول، "تفسير الطبري" ١/ ٤٥٤ - ٤٥٥ "إعراب مشكل القرآن" ١/ ١٠٦، "التبيان" للعكبري ١/ ٨٠.
وفي رواية: لحتم غيبٍ، وهو لامرئ القيس في "ديوانه" ص ٤٣، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٤١، "لسان العرب" ٤/ ١٩٥٢، ونسبه المؤلف وكثير من أهل التفسير كالرازي في "تفسيره" ٣/ ٢٠٥ إلى لبيد.
(١) نقل الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٤١: أن معنى ونسحر بالطعام، أي نُعَلَّل به قال الرازي في "تفسيره" ٣/ ٢٠٥: قيل فيه (أي: البيت) وجهان: أحدهما أنا نعلل ونخدع كالمسحور. والآخر: نغذى، وأي الوجهين كان فمعناه الخفاء.
(٢) ينظر كلام الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٤١، ونقله صاحب "اللسان" ٤/ ١٩٥٢٥.
(٣) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٤١، "مقاييس اللغة" ٣/ ١٣٨، "المفردات" للراغب ٣٣١، ٣٣٢، "التفسير الكبير"٣/ ٢٠٥، "تفسير القرطبي" ٢/ ٣٨، "اللسان" ٤/ ١٩٥٢.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٦٢وصحح الأول، "تفسير الطبري" ١/ ٤٥٤ - ٤٥٥ "إعراب مشكل القرآن" ١/ ١٠٦، "التبيان" للعكبري ١/ ٨٠.
194
من علم التفرقة، وهو رقية (١) وليس بسحر، والرخصة في الرقية واردة. فقد روى عوف الأشجعي (٢) أنه قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا لرسول الله - ﷺ - كيف ترى في ذلك؟ فقال: "اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن شرك" (٣).
وقال ابن قتيبة: الذي أنزل الله على الملكين فيما يرى أهل النظر من أهل العلم والله أعلم هو الاسم الذي صعدت الزهرة فعلمته الشياطين، فهي تعلمه أولياءها، وقد يقال: إنّ السّاحر يتكلم بكلام فيطير بين السماء والأرض، ويطفو على الماء.
وذهب قومٌ ممن أبطلوا السّحر وأنكروا أن يكون له حقيقة (٤) إلى أن قوله: ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾ ما فيه نفي (٥)، وذلك مستكره؛ لأنه إذا كان
وقال ابن قتيبة: الذي أنزل الله على الملكين فيما يرى أهل النظر من أهل العلم والله أعلم هو الاسم الذي صعدت الزهرة فعلمته الشياطين، فهي تعلمه أولياءها، وقد يقال: إنّ السّاحر يتكلم بكلام فيطير بين السماء والأرض، ويطفو على الماء.
وذهب قومٌ ممن أبطلوا السّحر وأنكروا أن يكون له حقيقة (٤) إلى أن قوله: ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾ ما فيه نفي (٥)، وذلك مستكره؛ لأنه إذا كان
(١) الرقية: العُوذَةُ التي يُرَقى بها صاحب الآفة، كالحُمَى والصرع وغير ذلك من الآفات. ينظر: "النهاية" لابن الأثير، "اللسان" ٣/ ١٧١١.
(٢) هو: عوف بن مالك بن أبي عوف الأشجعي، أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو حماد، صحابي جليل، أول مشاهده خيبر، وكانت معه راية أشجع يوم الفتح، توفي بدمشق سنة ٧٣ هـ. ينظر: "أسد الغابة" ٤/ ٣١٢.
(٣) أخرجه مسلم (٢٢٠٠) كتاب السلام، باب: لا بأس، وأخرجه أبو داود (٣٨٨٦) كتاب الطب، باب: ما جاء في الرقى واللفظ له.
(٤) اختلف الناس هل للسحر حقيقة أو أنه خدع وتخييل؟ فذهب المعتزلة إلى أنه خدع وتخييل، ولا حقيقة له؛ لقوله تعالى: ﴿سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ﴾ [الأعراف: ١١٦]. والصحيح الذي عليه أهل السنة أنه يكون تخييلا وخدعا، ويكون حقيقة، ودليل كونه حقيقة قوله تعالى: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾. ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٥٩ - ٤٦١، "تفسير القرطبي" ٢/ ٣٨ - ٣٩، "المغني" لابن قدامة ١٢/ ٣٠٤.
(٥) ذكر هذا الوجه مكي بن أبي طالب في "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٠٦.
(٢) هو: عوف بن مالك بن أبي عوف الأشجعي، أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو حماد، صحابي جليل، أول مشاهده خيبر، وكانت معه راية أشجع يوم الفتح، توفي بدمشق سنة ٧٣ هـ. ينظر: "أسد الغابة" ٤/ ٣١٢.
(٣) أخرجه مسلم (٢٢٠٠) كتاب السلام، باب: لا بأس، وأخرجه أبو داود (٣٨٨٦) كتاب الطب، باب: ما جاء في الرقى واللفظ له.
(٤) اختلف الناس هل للسحر حقيقة أو أنه خدع وتخييل؟ فذهب المعتزلة إلى أنه خدع وتخييل، ولا حقيقة له؛ لقوله تعالى: ﴿سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ﴾ [الأعراف: ١١٦]. والصحيح الذي عليه أهل السنة أنه يكون تخييلا وخدعا، ويكون حقيقة، ودليل كونه حقيقة قوله تعالى: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾. ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٥٩ - ٤٦١، "تفسير القرطبي" ٢/ ٣٨ - ٣٩، "المغني" لابن قدامة ١٢/ ٣٠٤.
(٥) ذكر هذا الوجه مكي بن أبي طالب في "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٠٦.
195
المعنى: لم ينزل على الملكين، (١) صار الكلام فضلًا لا معنى له. وإنما يجوز أن يكون (ما) نفيًا أن لو ادعى مدعي: أن السحر أنزل على الملكين، ويكون فيما تقدّم ذكر ذلك أو دليل (٢) عليه، فيقول الله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا﴾، ولم ينزل على الملكين كما ذكروا. ومثال ذلك: أن يقول مُبْتدئا: علمت هذا الرجل القرآن، وما أنزل على موسى. فلا يتوهم سامعُ هذا أنك أردت بقولك أن القرآن لم ينزل على مُوسى؛ لأنه لم يتقدّمه قول أحدٍ أنه أنزل على موسى، وإنما يتوهم السامع أنك علمتَه القُرآنَ والتوراةَ (٣).
ثم اعلم أن السحر على قسمين:
أحدهما: يكفر به السّاحر، وهو أن يعتقد القدرة لنفسه، فإذا انتهى به السحر إلى هذه النهاية صار كافرًا بالله، وهذا السحر هو الذي عده رسول الله - ﷺ - في الكبائر في قوله: "اجتنبوا السبع الموبقات"، قيل: يا رسول الله وما هنّ؟ قال: "الشرك بالله، والسّحر، وقَتْل النفسِ التي حرّم الله إلاّ بالحقّ، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولّي يوم الزحف، وقذف المحصنة". (٤)
والقسم الثاني: لا يكفر به، وهو التخييل الذي يشاكل النِّيرَنْجات، فإذا لم يعتقد لنفسه فيما يعمل قدرة، واعتقد القدرة لله تعالى، كانت معصية، ولم يكن ذلك كفرًا (٥).
ثم اعلم أن السحر على قسمين:
أحدهما: يكفر به السّاحر، وهو أن يعتقد القدرة لنفسه، فإذا انتهى به السحر إلى هذه النهاية صار كافرًا بالله، وهذا السحر هو الذي عده رسول الله - ﷺ - في الكبائر في قوله: "اجتنبوا السبع الموبقات"، قيل: يا رسول الله وما هنّ؟ قال: "الشرك بالله، والسّحر، وقَتْل النفسِ التي حرّم الله إلاّ بالحقّ، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولّي يوم الزحف، وقذف المحصنة". (٤)
والقسم الثاني: لا يكفر به، وهو التخييل الذي يشاكل النِّيرَنْجات، فإذا لم يعتقد لنفسه فيما يعمل قدرة، واعتقد القدرة لله تعالى، كانت معصية، ولم يكن ذلك كفرًا (٥).
(١) من قوله: مافيه... ساقط من (أ)، (م).
(٢) في (ش): (ذلك).
(٣) كلام ابن قتيبة لم أره في "غريب القرآن" و"تأويل مشكل القرآن".
(٤) أخرجه البخاري (٦٨٥٧) كتاب الحدود، باب رمي المحصنات، ومسلم (٨٩): الإيمان، باب: بيان الكبائر وأكبرها.
(٥) قد ذكر القرافي في "أنوار البروق في أنول الفروق" ٤/ ١٣٧، أقسام السحر وأحكامه، وذكر القرطبي في "تفسيره" ٢/ ٣٩: أن من السحر ما يكون كفرًا =
(٢) في (ش): (ذلك).
(٣) كلام ابن قتيبة لم أره في "غريب القرآن" و"تأويل مشكل القرآن".
(٤) أخرجه البخاري (٦٨٥٧) كتاب الحدود، باب رمي المحصنات، ومسلم (٨٩): الإيمان، باب: بيان الكبائر وأكبرها.
(٥) قد ذكر القرافي في "أنوار البروق في أنول الفروق" ٤/ ١٣٧، أقسام السحر وأحكامه، وذكر القرطبي في "تفسيره" ٢/ ٣٩: أن من السحر ما يكون كفرًا =
196
وأما قصّة الملكين فهي معروفة مذكورة في عدة مواضع (١).
= من فاعله، مثل ما يدعون من تغيير صور الناس وإخراجهم في هيئة بهيمة، فكل من فعل هذا ليوهم الناس أنه محق فذلك كفر منه، وأما من زعم أن السحر خدع ومخاريق وتمويهات فلم يَجِبْ على أصله قتل الساحر إلا أن يقتل بفعله أحدًا فيقتل به، ثم ذكر في ٢/ ٤٧ خلاف الفقهاء في حكم الساحر:
١ - فذهب مالك إلى أن المسلم إذا سحر بنفسه بكلام يكون كفرًا يقتل ولا يستتاب ولا تقبل توبته؛ لأنه أمر يستسرّ به كالزنديق والزاني؛ ولأن الله سمى السحر كفرًا في هذه الآية، وهو قول أحمد وأبي ثور وإسحاق والشافعي وأبي حنيفة، وروي قتل الساحر عن عمر وعثمان وابن عمر وحفصة وأبي موسى وقيس بن سعد وعن سبعة من التابعين، وروي مرفوعا: "حد الساحر ضربه بالسيف".
٢ - وروي عن الشافعي: لا يقتل الساحر إلا أن يقتل بسحره، ويقول: تعمدت القتل، وإن قال: لم أتعمده لم يقتل، وكانت فيها الدية كقتل الخطأ، وإن أضرَّ به أُدِّبَ على قدر الضرر. ينظر: "الأم" للشافعي ١/ ٢٩٣.
قال ابن العربي في "أحكام القرآن" ١/ ٤٨: وهذا باطل من وجهين: أحدهما: أنه لم يعلم السحر، وحقيقته: أنه كلام مؤلف يعظم به غير الله تعالى، وتنسب إليه المقادير والكائنات. الثاني: أن الله سبحانه قد صرح في كتابه بأنه كفر.
وينظر في المسألة: الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٥٣، و"أحكام القرآن" للجصاص ١/ ٧٢٥، و"المغني" ١٢/ ٣٠٢ - ٣٠٣، "زاد المسير" ١/ ١٢٦، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٤٧ - ١٥٢.
(١) ينظر في القصة وتفصيلاتها: "تفسير عبد الرزاق" ١/ ٥٣، والبزار في "المسند" برقم ٢٩٣٨، وعبد بن حميد كما في "المنتخب من مسنده" برقم ٧٨٧، وابن حبان ١/ ٦٣٤، والسمرقندي في "تفسيره" ١/ ١٤٣، والبيهقي في "سننه" ٤/ ١٠، الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٦٣، و"زاد المسير" ١/ ١٢٣، و"الدر المنثور" ١٨٥٨ - ١٩٣، والقرطبي ٢/ ٤٤ - ٤٥، قال: وقد روي عن علي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وكعب الأحبار، والسدي والكلبي ما معناه: فذكر القصة مجملة، ثم قال: هذا كله ضعيف وبعيد عن ابن عمر وغيره لا يصح منه شيء. اهـ. وقال "ابن كثير" في تفسيره: "وحاصلها راجع في تفاصيلها إلى أخبار بني إسرائيل، إذ =
١ - فذهب مالك إلى أن المسلم إذا سحر بنفسه بكلام يكون كفرًا يقتل ولا يستتاب ولا تقبل توبته؛ لأنه أمر يستسرّ به كالزنديق والزاني؛ ولأن الله سمى السحر كفرًا في هذه الآية، وهو قول أحمد وأبي ثور وإسحاق والشافعي وأبي حنيفة، وروي قتل الساحر عن عمر وعثمان وابن عمر وحفصة وأبي موسى وقيس بن سعد وعن سبعة من التابعين، وروي مرفوعا: "حد الساحر ضربه بالسيف".
٢ - وروي عن الشافعي: لا يقتل الساحر إلا أن يقتل بسحره، ويقول: تعمدت القتل، وإن قال: لم أتعمده لم يقتل، وكانت فيها الدية كقتل الخطأ، وإن أضرَّ به أُدِّبَ على قدر الضرر. ينظر: "الأم" للشافعي ١/ ٢٩٣.
قال ابن العربي في "أحكام القرآن" ١/ ٤٨: وهذا باطل من وجهين: أحدهما: أنه لم يعلم السحر، وحقيقته: أنه كلام مؤلف يعظم به غير الله تعالى، وتنسب إليه المقادير والكائنات. الثاني: أن الله سبحانه قد صرح في كتابه بأنه كفر.
وينظر في المسألة: الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٥٣، و"أحكام القرآن" للجصاص ١/ ٧٢٥، و"المغني" ١٢/ ٣٠٢ - ٣٠٣، "زاد المسير" ١/ ١٢٦، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٤٧ - ١٥٢.
(١) ينظر في القصة وتفصيلاتها: "تفسير عبد الرزاق" ١/ ٥٣، والبزار في "المسند" برقم ٢٩٣٨، وعبد بن حميد كما في "المنتخب من مسنده" برقم ٧٨٧، وابن حبان ١/ ٦٣٤، والسمرقندي في "تفسيره" ١/ ١٤٣، والبيهقي في "سننه" ٤/ ١٠، الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٦٣، و"زاد المسير" ١/ ١٢٣، و"الدر المنثور" ١٨٥٨ - ١٩٣، والقرطبي ٢/ ٤٤ - ٤٥، قال: وقد روي عن علي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وكعب الأحبار، والسدي والكلبي ما معناه: فذكر القصة مجملة، ثم قال: هذا كله ضعيف وبعيد عن ابن عمر وغيره لا يصح منه شيء. اهـ. وقال "ابن كثير" في تفسيره: "وحاصلها راجع في تفاصيلها إلى أخبار بني إسرائيل، إذ =
197
وقوله تعالى: ﴿بِبَابِلَ﴾ (١).
وبابل اسم أرض (٢)، قيل: سميت لأن الله تعالى حين أراد أن يخالف بين ألسنة بني آدم بعث ريحا فحشرتهم من كل أفق إلى بابل، فبلبل الله بها
وبابل اسم أرض (٢)، قيل: سميت لأن الله تعالى حين أراد أن يخالف بين ألسنة بني آدم بعث ريحا فحشرتهم من كل أفق إلى بابل، فبلبل الله بها
= ليس فيه حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى وظاهر سياق القرآن إجمال القصة في غير بسط ولا إطناب فيها، فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراد الله تعالى والله أعلم بحقيقة الحال". وقال أيضًا: "فهذا أظنه من وضع الإسرائيليين، وإن كان قد أخرجه كعب الأحبار، وتلقاه عنه طائفة من السلف، فذكروه على سبيل الحكاية والتحديث عن بني إسرائيل. اهـ. وقد أنكر القصة جماعة من أهل العلم منهم ابن حزم في "الفصل" ٣/ ٢٦١، ٤/ ٣٢، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٤٢٠، وابن العربي في "أحكام القرآن" ١/ ٢٩، والرازي في "تفسيره" ١/ ٢٣٧، والبيضاوي في "تفسيره" ١/ ٧٩، والخازن في "تفسيره" ١/ ٧١، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٣٢٩، وابن كثير في "تفسيره" ١/ ١٥١، والآلوسي في "روح المعاني" ١/ ٣٤١، والقاسمي في "محاسن التأويل" ١/ ٢١١، وغيرهم. وينظر استقصاؤهم في: "تحقيق العجاب" لابن حجر للأستاذ عبد الحكيم محمد الأنيس ١/ ٣٣٢ - ٣٤٢، وانتصر لتصحيحها الحافظ ابن حجر في "العجاب"، والسيوطي كما في "اللآلي المصنوعة" ١/ ١٥٩ و"مناهل الصفافي" تخريج أحاديث الشفاء للسيوطي ٤/ ٢٣١ كما أفاده الخفاجي عنه في "نسيم الرياض" ٤/ ٢٣١، وقال: وقد جمع الجلال السيوطي طرق هذا الحديث في تأليف مستقل فبلغت نيفًا وعشرين طريقًا.
(١) قال العكبري في "التبيان" ص ٨١: ببابل، يجوز أن يكون ظرفًا لأنزل، ولجوز أن يكون حالا من الملكين، أو من الضمير في أنزل.
(٢) ذكر الطبري فى تفسيره ١/ ٤٥٩ فيها قولين: أنها: بابل رنباوند، أو أنها بابل العراق، وذكر ابن الجوزي في "تفسيره" ١/ ١٠٩ في حدها ثلاثة أقوال: أنها الكوفة وسوادها، والثاني: أنها من نصيبين إلى رأس العين، والثالث: أنها جبل في وهدة من الأرض، وقد رجح ابن كثير في تفسيره ١/ ١٥٢ أنها بابل العراق، واستدل لذلك. وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٦٣، "معجم ما استعجم" ١/ ٢٠٢، "معجم البلدان" ١/ ٣٠٩.
(١) قال العكبري في "التبيان" ص ٨١: ببابل، يجوز أن يكون ظرفًا لأنزل، ولجوز أن يكون حالا من الملكين، أو من الضمير في أنزل.
(٢) ذكر الطبري فى تفسيره ١/ ٤٥٩ فيها قولين: أنها: بابل رنباوند، أو أنها بابل العراق، وذكر ابن الجوزي في "تفسيره" ١/ ١٠٩ في حدها ثلاثة أقوال: أنها الكوفة وسوادها، والثاني: أنها من نصيبين إلى رأس العين، والثالث: أنها جبل في وهدة من الأرض، وقد رجح ابن كثير في تفسيره ١/ ١٥٢ أنها بابل العراق، واستدل لذلك. وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٦٣، "معجم ما استعجم" ١/ ٢٠٢، "معجم البلدان" ١/ ٣٠٩.
198
أَلْسِنَتهم، ثم فرقتهم تلك الريح في البلاد (١). والبلبلة: التفرِيقُ (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ﴾ اختلفوا في تعليم الملكين السحر، فذكر أهل التفسير وأصحاب المعاني فيه وجهين (٣):
أحدهما: أنهما كانا لا يتعمدان تعليم السحر، ولكنهما يصفانه، ويذكران بطلانه، ويأمران الناس باجتنابه، وكانا يعلمان الناس وغيرهم ما يُسألان عنه، ويأمران باجتناب ما حُرِّم عليهم، وطاعة الله فيما أُمروا به، ونهوا عَنْهُ. وفي ذلك حكمة، لأن سائلًا لو سأل: ما الزنا؟ وما اللواط؟ لوجب أن يوقف عليه، ويعلم أنه حرام، فكذلك مجاز إعلام الملكين الناس السحر، وأمرهما السائل باجتنابه بعد الإعلام والإخبار أنه كفر حرام (٤). ويؤكد هذا الوجه: ما روى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال: عَلَّم بمعنى أعلم، وذلك أن التعليم لا ينفك عن الإعلام، كما يقال: تعلّمْ بمعنى أعلَمْ؛ لأن من تعلم (٥) شيئا فقد عَلِمَه، فيوضع التَّعَلُّم موضع العلم (٦).
قال قيس بن زهَير:
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ﴾ اختلفوا في تعليم الملكين السحر، فذكر أهل التفسير وأصحاب المعاني فيه وجهين (٣):
أحدهما: أنهما كانا لا يتعمدان تعليم السحر، ولكنهما يصفانه، ويذكران بطلانه، ويأمران الناس باجتنابه، وكانا يعلمان الناس وغيرهم ما يُسألان عنه، ويأمران باجتناب ما حُرِّم عليهم، وطاعة الله فيما أُمروا به، ونهوا عَنْهُ. وفي ذلك حكمة، لأن سائلًا لو سأل: ما الزنا؟ وما اللواط؟ لوجب أن يوقف عليه، ويعلم أنه حرام، فكذلك مجاز إعلام الملكين الناس السحر، وأمرهما السائل باجتنابه بعد الإعلام والإخبار أنه كفر حرام (٤). ويؤكد هذا الوجه: ما روى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال: عَلَّم بمعنى أعلم، وذلك أن التعليم لا ينفك عن الإعلام، كما يقال: تعلّمْ بمعنى أعلَمْ؛ لأن من تعلم (٥) شيئا فقد عَلِمَه، فيوضع التَّعَلُّم موضع العلم (٦).
قال قيس بن زهَير:
(١) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٦٣، "زاد المسير" ١/ ١٢٥، "القرطبي" ٢/ ٤٦.
(٢) ينظر: "القاموس" ٩٦٨ - ٩٦٩.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦١ - ٤٦٢ - ٤٦٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٣ - ١٨٤، "تفسير البغوي" ١/ ١٢٩، "زاد المسير" ١/ ١٢٢، "القرطبي" ٢/ ٤٨.
(٤) من "تهذيب اللغة" للأزهري ٣/ ٢٥٥٤ مادة (علم) ومنه نقل الثعلبي ١/ ١٠٨٥.
(٥) ساقطة من (أ)، (م).
(٦) نقله عن ابن الأعرابي والأزهري في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٥٥٤، والقرطبي في "تفسيره" ٢/ ٤٨، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٣٠.
(٢) ينظر: "القاموس" ٩٦٨ - ٩٦٩.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦١ - ٤٦٢ - ٤٦٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٣ - ١٨٤، "تفسير البغوي" ١/ ١٢٩، "زاد المسير" ١/ ١٢٢، "القرطبي" ٢/ ٤٨.
(٤) من "تهذيب اللغة" للأزهري ٣/ ٢٥٥٤ مادة (علم) ومنه نقل الثعلبي ١/ ١٠٨٥.
(٥) ساقطة من (أ)، (م).
(٦) نقله عن ابن الأعرابي والأزهري في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٥٥٤، والقرطبي في "تفسيره" ٢/ ٤٨، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٣٠.
199
| تَعَلَّمْ أنّ خيرَ الناس حيًّا | على جَفْر الهَباءةِ لا يَريم (١) |
قال ابن الأعرابي: ومن هذا قول الله: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ﴾ قال معناه: إن السّاحر يأتي الملكين فيقول: أخبرني عمّا نهى الله عنه حتى أنتهي، فيقولان: نهى عن الزنى، فيستوصفُهما الزِنى، فيصفانه، فيقول: وعن ماذا؟ فيقولان: عن اللواط، ثم يقول: وعن ماذا؟ فيقولان عن السحر، فيقول: وما السحر؟ فيقولان: هو كذا، فحفظه، وينصرف فيخالف، فيكفر، فهذا معنى ﴿يُعَلِّمَانِ﴾ (٢) ولا يكون تَعليم السحْر إذا كان إعلامًا كفرًا، ولا تعلّمه إذا كان على معنى الوقوف عليه ليجتنبه كفرًا، كما أن من عرَّف الزنى لم يأثم بأنه عرَّفه، إنما يأثم بالعمل (٣).
الوجه الثاني: أن الله عز وجل امتحن الناسَ بالملكين في ذلك الوقت، وجعل المحنةَ في الكفر والإيمان أن يقبل القائل تعلُّم السحر، فيكفر بتعلّمه، ويؤمن بترك التعلّم، ولله تعالى أن يمتحن عباده بما شاء، كما امتحن الله (٤) بنهر طالُوت في قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ﴾ [البقرة:
(١) البيت لقيس بن زهير في "مقاييس اللغة" ٤/ ١١٠، و"لسان العرب" ٥/ ٣٠٨٣ مادة (علم).
(٢) هذا فيه زيادة في (ش) إنما هو يعلمان ولا يكون.
(٣) نقل هذا بطوله الأزهري في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٥٥٥ مادة (علم)، ومنه أخذ الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٨٥، ونصر هذا القول الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٥٣ - ٤٥٥، وقواه الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٨٣ - ١٨٤، قال ابن كثير في "تفسيره" ١/ ١٥٢ - ١٥٣: وهذا الذي سلكه [يعني: ابن جرير] غريب جدًّا، وأغرب منه قول من زعم أن هاروت وماروت قبيلان من الجن كما زعمه ابن حزم.
(٤) في (ش): (كما أنه امتحن بنهر طالوت).
(٢) هذا فيه زيادة في (ش) إنما هو يعلمان ولا يكون.
(٣) نقل هذا بطوله الأزهري في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٥٥٥ مادة (علم)، ومنه أخذ الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٨٥، ونصر هذا القول الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٥٣ - ٤٥٥، وقواه الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٨٣ - ١٨٤، قال ابن كثير في "تفسيره" ١/ ١٥٢ - ١٥٣: وهذا الذي سلكه [يعني: ابن جرير] غريب جدًّا، وأغرب منه قول من زعم أن هاروت وماروت قبيلان من الجن كما زعمه ابن حزم.
(٤) في (ش): (كما أنه امتحن بنهر طالوت).
200
٢٤٩]. يدل على صحة هذا: قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾ أي: محنة من الله نُخبرك أنَّ عملَ السحر كفر بالله، وننهاك عنه، فإن أطعتنا في ترك العمل بالسحر نجوتَ، وإن عصيتنا في ذلك هلكتَ (١).
وروي عن ابن عباس أنه قال: أما السحر فمما (٢) علّمت الشياطين، وأما الفرق بين المرء وزوجه فمما علّم الملكان (٣).
ثم وجه تعليم الملكين أنه يجوز أن يلهمهما الله ويعلّمهما من الأذكار والأسماء ما يعلمان أنها إذا استعلمت على جهة الدعاء أو على جهة الرقية أفادت التفريق بين المرء وزوجه، إذ لا يحسن بحالهما وما هما فيه من عقوبة الذنب السابق أن يشتغلا بارتكاب كبيرة مستأنفة.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ أَحَدٍ﴾ أي: أحدًا، ومِنْ زائدة مؤكدة، كقولك: ما جاءني من أحدٍ (٤).
وأما (أحد) (٥) فقال الليث:
وروي عن ابن عباس أنه قال: أما السحر فمما (٢) علّمت الشياطين، وأما الفرق بين المرء وزوجه فمما علّم الملكان (٣).
ثم وجه تعليم الملكين أنه يجوز أن يلهمهما الله ويعلّمهما من الأذكار والأسماء ما يعلمان أنها إذا استعلمت على جهة الدعاء أو على جهة الرقية أفادت التفريق بين المرء وزوجه، إذ لا يحسن بحالهما وما هما فيه من عقوبة الذنب السابق أن يشتغلا بارتكاب كبيرة مستأنفة.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ أَحَدٍ﴾ أي: أحدًا، ومِنْ زائدة مؤكدة، كقولك: ما جاءني من أحدٍ (٤).
وأما (أحد) (٥) فقال الليث:
(١) من "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٨٥ وذكر أنه الأصح. وينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٣، "تفسير الطبري" ١/ ٤٥٥، "تفسير السمعاني" ١/ ٥٧٥، "تفسير الرازي" ٣/ ٢٨٣.
(٢) في (ش): (فما).
(٣) رواه بمعناه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٨٨، ورواه الطبري بسنده عن مجاهد ١/ ٤٥٤، وروى نحوه ١/ ٤٥٣ عن قتادة، وكذا ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٨٠ وعزاه في "الدر" ١/ ١٩٤ لعبد بن حميد.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٣٠، وقال: من زائدة لتأكيد استغراق الجنس، لأن أحداً من الألفاظ المستعملة للاستغراق في النفي العام فزيدت هنا لتأكيد ذلك.
(٥) قال العكبري في "التبيان" ١/ ٨١: وأحد هاهنا يجوز أن تكون المستعملة في العموم، كقولك ما بالدار من أحد، ويجوز أن تكون هاهنا بمعنى واحد أو إنسان قال في "البحر المحيط" ١/ ٣٣٠: والأول أظهر.
(٢) في (ش): (فما).
(٣) رواه بمعناه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٨٨، ورواه الطبري بسنده عن مجاهد ١/ ٤٥٤، وروى نحوه ١/ ٤٥٣ عن قتادة، وكذا ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٨٠ وعزاه في "الدر" ١/ ١٩٤ لعبد بن حميد.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٣٠، وقال: من زائدة لتأكيد استغراق الجنس، لأن أحداً من الألفاظ المستعملة للاستغراق في النفي العام فزيدت هنا لتأكيد ذلك.
(٥) قال العكبري في "التبيان" ١/ ٨١: وأحد هاهنا يجوز أن تكون المستعملة في العموم، كقولك ما بالدار من أحد، ويجوز أن تكون هاهنا بمعنى واحد أو إنسان قال في "البحر المحيط" ١/ ٣٣٠: والأول أظهر.
201
أصله: وحد (١)، ونحو ذلك قال الزجاج (٢).
وقال أحمد بن يحيى: واحد وأحد وَوَحد بمعنى (٣).
وقال الليث: الوحَد: المنفرد، ورجل وحدٌ، وثور وحدٌ، قال النابغة (٤):
بذي الجليل (٥) على مستأنسٍ وَحَدِ (٦)
والوَحْد والحِدَة كالوَعْد والعدة، يقال: وَحَدَ الشيءُ فهو يحِد حِدَةً.
وفرّق قوم بين الواحد والأحد، فقالوا: أحد يصلح في الكلام في موضع الجحد، وواحد في موضع الإثبات. تقول ما جاءني منهم أحد، وجاءني منهم واحد، ولا يقال: جاءني منهم أحد؛ لأنك إذا قلت: ما جاءني منهم أحد، فمعناه لا واحد ولا اثنان، وإذا قلت: جاءني منهم واحد، فمعناه: أنه لم يأتني منهم اثنان (٧). وأكثر ما جاء (أحد) في التنزيل في موضع النفي.
وقال أحمد بن يحيى: واحد وأحد وَوَحد بمعنى (٣).
وقال الليث: الوحَد: المنفرد، ورجل وحدٌ، وثور وحدٌ، قال النابغة (٤):
بذي الجليل (٥) على مستأنسٍ وَحَدِ (٦)
والوَحْد والحِدَة كالوَعْد والعدة، يقال: وَحَدَ الشيءُ فهو يحِد حِدَةً.
وفرّق قوم بين الواحد والأحد، فقالوا: أحد يصلح في الكلام في موضع الجحد، وواحد في موضع الإثبات. تقول ما جاءني منهم أحد، وجاءني منهم واحد، ولا يقال: جاءني منهم أحد؛ لأنك إذا قلت: ما جاءني منهم أحد، فمعناه لا واحد ولا اثنان، وإذا قلت: جاءني منهم واحد، فمعناه: أنه لم يأتني منهم اثنان (٧). وأكثر ما جاء (أحد) في التنزيل في موضع النفي.
(١) نقلة في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٤٦، (مادة: وحد).
(٢) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٤٤، "اللسان" ٨/ ٤٧٨٠، (مادة: وحد).
(٣) في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٤٤: ثعلب عن سلمة عن الفراء: رجل وَحيدٌ وَوَحَدٌ وَوَحِدٌ، وكذلك فريد وفَرَدٌ مادة (وحد).
(٤) هو: الذبياني أبو أمامة زياد بن معاوية بن ضباب، من الطبقة الأولى، من فحول شعراء الجاهلية، كان يحكم بين الشعراء في سوق عكاظ ويفاضل بينهم. ينظر: "طبقات فحول الشعراء" ١/ ٥٦، و"جمهرة أشعار العرب" ١/ ٣٠٣.
(٥) في (م) و (أ): (الخليل).
(٦) صدر البيت:
كأن رحلي وقد زال النهار بها
والبيت، من قصيدة قالها يمدح النعمان بن المنذر، ينظر: "ديوانه" ص ١٧، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٤٤ مادة (وحد).
(٧) من "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٤٥، وعنه في "اللسان" ٣/ ٤٤٨، (مادة: وحد).
(٢) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٤٤، "اللسان" ٨/ ٤٧٨٠، (مادة: وحد).
(٣) في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٤٤: ثعلب عن سلمة عن الفراء: رجل وَحيدٌ وَوَحَدٌ وَوَحِدٌ، وكذلك فريد وفَرَدٌ مادة (وحد).
(٤) هو: الذبياني أبو أمامة زياد بن معاوية بن ضباب، من الطبقة الأولى، من فحول شعراء الجاهلية، كان يحكم بين الشعراء في سوق عكاظ ويفاضل بينهم. ينظر: "طبقات فحول الشعراء" ١/ ٥٦، و"جمهرة أشعار العرب" ١/ ٣٠٣.
(٥) في (م) و (أ): (الخليل).
(٦) صدر البيت:
كأن رحلي وقد زال النهار بها
والبيت، من قصيدة قالها يمدح النعمان بن المنذر، ينظر: "ديوانه" ص ١٧، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٤٤ مادة (وحد).
(٧) من "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٤٥، وعنه في "اللسان" ٣/ ٤٤٨، (مادة: وحد).
202
قال أبو علي: وقد استعملوا أحدًا بمعنى واحد، وذلك قولهم: أحد وعشرون، وفي التنزيل: ﴿قُل هُوَ اَللَّهُ أَحَد﴾ (١) [الصمد: ١].
وسنذكر الكلام في (أحد) صفة الله تعالى في سورة الإخلاص، والكلام في (واحد) نذكره في (٢) قوله: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [البقرة: ١٦٣]، إن شاء الله تعالى.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ﴾ معنى الفتنة في كلام العرب: الابتلاء والامتحان (٣)، وأصلها مأخوذ من قولك: فتنتُ الفضة والذهب: إنا أذبتهما بالنار؛ ليتميز الرديء من الجيد، وتعرف جودتهما من الرداءة، ومن هذا قوله عز وجل: ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾ [الذاريات: ١٣]، أي: يحرقون بالنار، ومن هذا قيل للحجارة السود التي كأنها أحرقت بالنار: الفتين، هذا هو (٤)، ثم جعل كل امتحان فِتْنَة، وقد جعل الله امتحانه عبيده
وسنذكر الكلام في (أحد) صفة الله تعالى في سورة الإخلاص، والكلام في (واحد) نذكره في (٢) قوله: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [البقرة: ١٦٣]، إن شاء الله تعالى.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ﴾ معنى الفتنة في كلام العرب: الابتلاء والامتحان (٣)، وأصلها مأخوذ من قولك: فتنتُ الفضة والذهب: إنا أذبتهما بالنار؛ ليتميز الرديء من الجيد، وتعرف جودتهما من الرداءة، ومن هذا قوله عز وجل: ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾ [الذاريات: ١٣]، أي: يحرقون بالنار، ومن هذا قيل للحجارة السود التي كأنها أحرقت بالنار: الفتين، هذا هو (٤)، ثم جعل كل امتحان فِتْنَة، وقد جعل الله امتحانه عبيده
(١) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٤٧ - (مادة: وحد)، "مقاييس اللغة" ٦/ ٩٠، "اللسان" ٨/ ٤٧٨٠ (مادة: وحد)، وقال صاحب "المفردات" ص٢١ - ٢٢ ما حاصله: أحد يستعمل على ضربين: أحدهما في النفي فقط، نحو: ما في الدار أحد. والثاني: في الإثبات، وهو على ثلاثة أوجه: الأول: في الواحد المضموم إلى العشرات، نحو أحد عشر. والثاني: أن يستعمل مضافًا إليه بمعنى الأول، كقوله: ﴿أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا﴾ [يوسف: ٤١]، وقولهم: يوم الأحد، أي يوم الأول، ويوم الاثنين. والثالث: أن يستعمل مطلقًا وصفًا، وليس ذلك إلا في وصف الله تعالى: ﴿قُل هُوَ اَللَّهُ أَحَدُ﴾.
(٢) في (م): (عند).
(٣) قال في "مقاييس اللغة" ٤/ ٤٧٢: الفاء والتاء والنون أصل صحيح يدل على ابتلاء واختبار.
(٤) من "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٣٨، (مادة: فتن).
(٢) في (م): (عند).
(٣) قال في "مقاييس اللغة" ٤/ ٤٧٢: الفاء والتاء والنون أصل صحيح يدل على ابتلاء واختبار.
(٤) من "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٣٨، (مادة: فتن).
203
المؤمنين باللأواء ليبلو صبرَهم فيثيبهم، أو جزعهم (١) على ما ابتلاهم به فيجزيهم، جزاؤهم فتنة فقال: ﴿الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ﴾ إلى قوله: ﴿وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ [العنكبوت: ١ - ٢] قيل في تفسيره: وهم لا يُبلَون في أنفسهم وأموالهم، وكذلك قوله: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [العنكبوت: ٣]، أي: اختبرنا (٢).
والفتنة تستعمل في معانٍ كثيرة، ترجع كلها إلى الأصل الذي ذكرنا عند النظر، والفتنة مصدر؛ لذلك (٣) لم يُثَنَّ (٤).
ويقال: فَتَنَه وأَفْتَنَه، والأول: لغة أهل الحجاز، والثاني: لغة أهل نجد، وقال أعشى همْدان:
وكان الأصمعي ينكر أفتَنَه (٦)، وذُكر له هذا البيت فلم يعبأ به (٧). وأكثر أهل اللغة أجازوا اللغتين (٨). ومعنى فتنته فلانة: أي: اختبرته، كأنه اختبر بها لجمالها.
والفتنة تستعمل في معانٍ كثيرة، ترجع كلها إلى الأصل الذي ذكرنا عند النظر، والفتنة مصدر؛ لذلك (٣) لم يُثَنَّ (٤).
ويقال: فَتَنَه وأَفْتَنَه، والأول: لغة أهل الحجاز، والثاني: لغة أهل نجد، وقال أعشى همْدان:
| لئن فَتَنَتْني لَهْيَ بالأمس أفْتَنَتْ | سعيدًا فأمسى قد قَلَى كلَّ مُسلم (٥) |
(١) في (ش): (جوعهم).
(٢) بمعناه من "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٣٨، (مادة: فتن).
(٣) في (ش): (كذلك).
(٤) ينظر: "الوسيط" ١/ ١٨٥.
(٥) البيت لأعشى همدان، وقيل: لابن قيس الرقيات، كما في "اللسان" ٦/ ٣٣٤٥، (مادة: فتن) وذكر أنه قيل في سعيد بن جبير، وقال الأصمعي: هذا سمعناه من مخنث، وليس بثبت، لأنه كان ينكر أفتن. وينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٣٩، (مادة: فتن).
(٦) في (ش): (افتنته).
(٧) ينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٣٩، (مادة: فتن)، "اللسان" ٦/ ٣٣٤٤.
(٨) ما تقدم من "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٣٩، (مادة: فتن).
(٢) بمعناه من "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٣٨، (مادة: فتن).
(٣) في (ش): (كذلك).
(٤) ينظر: "الوسيط" ١/ ١٨٥.
(٥) البيت لأعشى همدان، وقيل: لابن قيس الرقيات، كما في "اللسان" ٦/ ٣٣٤٥، (مادة: فتن) وذكر أنه قيل في سعيد بن جبير، وقال الأصمعي: هذا سمعناه من مخنث، وليس بثبت، لأنه كان ينكر أفتن. وينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٣٩، (مادة: فتن).
(٦) في (ش): (افتنته).
(٧) ينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٣٩، (مادة: فتن)، "اللسان" ٦/ ٣٣٤٤.
(٨) ما تقدم من "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٣٩، (مادة: فتن).
204
وقال الليث: يقال فِتَنَه يَفتِنُه، ففَتَنَ بمعنى: افتتن، فجعله لازمًا ومتعديًا (١)، وقال:
قال الأزهري: يقال: افْتَتَنَتْهُ (٣) فافْتَتَنَ، واقعًا ومطاوعًا، وهو صحيح ذكره ابن شُميل (٤).
وأما فَتَنَتْه فَفَتَنَ فهي لغة ضعيفة (٥).
ومعنى قوله: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ﴾ أي: ابتلاء واختبار لكم (٦)
وقوله تعالى: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا﴾ (٧) هذا الفعل منسوق على فعل مقدّر يدل عليه الكلام، كأنه قال: حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فَيَأبَون فيتعلمون (٨).
| رخيم الكلام قطيع القيام | أمسى الفؤاد به فاتنا (٢) |
وأما فَتَنَتْه فَفَتَنَ فهي لغة ضعيفة (٥).
ومعنى قوله: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ﴾ أي: ابتلاء واختبار لكم (٦)
وقوله تعالى: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا﴾ (٧) هذا الفعل منسوق على فعل مقدّر يدل عليه الكلام، كأنه قال: حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فَيَأبَون فيتعلمون (٨).
(١) نقله في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٣٩، (مادة: فتن).
(٢) البيت في: "اللسان" ٦/ ٣٣٤٥، (مادة: فتن)، ولم ينسبه، وروايته: أمسى فؤادي بها فاتنا.
(٣) في (م): (افتنته).
(٤) هو: النضر بن شميل بن خرشة بن يزيد بن كلثوم التميمي، تقدمت ترجمته.
(٥) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٤٠، ينظر في فتن: "المفردات" ٣٧٤، "اللسان" ٦/ ٣٣٤٥، "تاج العروس" ١٨/ ٤٢٤ - ٤٢٨.
(٦) "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٣٩.
(٧) ينظر في إعرابها: "التبيان" ص ٨٠، "البحر المحيط" ١/ ٣٣١، وقد لخص أبو حيان الكلام فيها بقوله: وتلخص في هذا العطف أنه عطف على محذوف، تقديره: فيأبون فيتعلمون، أو يعلمان فيتعلمون، أي: على مثبت، أو يتعلمون: خبر مبتدأ محذوف، أي: فهم يتعلمون عطف على جملة اسمية على فعلية، أو معطوف على يعلمون الناس أو معطوفًا على كفروا أو على يعلمان المنفية، لكونها موجبة في المعنى، فتلك أقوال ستة أقربها إلى اللفظ هذا القول الأخير.
(٨) وهذا اختيار "الطبري" ١/ ٤٦٢ واستحسنه الزجاج ١/ ١٨٥ لكنه جوّد ما بعده.
(٢) البيت في: "اللسان" ٦/ ٣٣٤٥، (مادة: فتن)، ولم ينسبه، وروايته: أمسى فؤادي بها فاتنا.
(٣) في (م): (افتنته).
(٤) هو: النضر بن شميل بن خرشة بن يزيد بن كلثوم التميمي، تقدمت ترجمته.
(٥) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٤٠، ينظر في فتن: "المفردات" ٣٧٤، "اللسان" ٦/ ٣٣٤٥، "تاج العروس" ١٨/ ٤٢٤ - ٤٢٨.
(٦) "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٣٩.
(٧) ينظر في إعرابها: "التبيان" ص ٨٠، "البحر المحيط" ١/ ٣٣١، وقد لخص أبو حيان الكلام فيها بقوله: وتلخص في هذا العطف أنه عطف على محذوف، تقديره: فيأبون فيتعلمون، أو يعلمان فيتعلمون، أي: على مثبت، أو يتعلمون: خبر مبتدأ محذوف، أي: فهم يتعلمون عطف على جملة اسمية على فعلية، أو معطوف على يعلمون الناس أو معطوفًا على كفروا أو على يعلمان المنفية، لكونها موجبة في المعنى، فتلك أقوال ستة أقربها إلى اللفظ هذا القول الأخير.
(٨) وهذا اختيار "الطبري" ١/ ٤٦٢ واستحسنه الزجاج ١/ ١٨٥ لكنه جوّد ما بعده.
205
قال ابن الأنباري: وصلح إضمار يأبون هنا كما صلح إضمار الفعل في قوله: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ [الشعراء: ٦٣]، والعرب تحمل على المعنى كثيرًا، من ذلك قول الفرزدق:
عطف (ولا قمر) على مقدر في المعنى، كأنه قال: فكيف بليلة ليست بليلة نجم ولا قمر.
قال أبو إسحاق: والأجود في هذا أن يكون عطفًا على ﴿يُعَلِّمَانِ﴾ ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ﴾، ويستغنى (٢) عن ذكر ﴿يُعَلِّمَانِ﴾؛ لما (٣) في الكلام من الدليل عليه (٤). وقال الفراء: هي مردودة على قوله: ﴿يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ فيتعلّمون (٥).
قال الزجّاج: هذا خطأ؛ لأن قوله: (منهما) دليل هاهُنا على التعلم منَ الملكين خاصّةً (٦).
| فكيف بليلةٍ لا نجمَ فيها | ولا قمر لساريها منيرِ (١) |
قال أبو إسحاق: والأجود في هذا أن يكون عطفًا على ﴿يُعَلِّمَانِ﴾ ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ﴾، ويستغنى (٢) عن ذكر ﴿يُعَلِّمَانِ﴾؛ لما (٣) في الكلام من الدليل عليه (٤). وقال الفراء: هي مردودة على قوله: ﴿يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ فيتعلّمون (٥).
قال الزجّاج: هذا خطأ؛ لأن قوله: (منهما) دليل هاهُنا على التعلم منَ الملكين خاصّةً (٦).
(١) ورد البيت هكذا:
والبيت للفرزدق، ينظر: "ديوانه" ص ٢٢١.
(٢) في "معاني القرآن" للزجاج: واستغنى.
(٣) في "معاني القرآن" للزجاج: بما.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٥، وينظر: "التبيان" للعكبري ص ٨١.
(٥) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٤، وقد جود الوجه الأول، ورد عليه النحاس هذا الوجه في "إعراب القرآن" ١/ ٢٠٤، فقال: غلط؛ لأنه لو كان كذا لوجب أن يكون فيتعلمون منهم، فقوله. منهما، يمنع أن يكون التقدير: ولكن الشياطين كفروا، يعلمون الناس السحر فيتعلمون، إلا على قول من قال الشياطين هاروت وماروت.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٥، وقد أطال أبو علي في "الإغفال" ص ٣٣٥ - ٣٤٩ النفس في مناقشة كلام الزجاج.
| فكيف بليلة لا نوم فيها | ولا ضوء لصاحبها منير |
(٢) في "معاني القرآن" للزجاج: واستغنى.
(٣) في "معاني القرآن" للزجاج: بما.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٥، وينظر: "التبيان" للعكبري ص ٨١.
(٥) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٤، وقد جود الوجه الأول، ورد عليه النحاس هذا الوجه في "إعراب القرآن" ١/ ٢٠٤، فقال: غلط؛ لأنه لو كان كذا لوجب أن يكون فيتعلمون منهم، فقوله. منهما، يمنع أن يكون التقدير: ولكن الشياطين كفروا، يعلمون الناس السحر فيتعلمون، إلا على قول من قال الشياطين هاروت وماروت.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٥، وقد أطال أبو علي في "الإغفال" ص ٣٣٥ - ٣٤٩ النفس في مناقشة كلام الزجاج.
206
وابن الأنباري صحح مذهب الفراء، وقال: معناه: يعلّمون الناس السحر فيتعلّمون منهم عن (١) الملكين، فلا يكون (منهما) على هذا صلة للتعلم، بل يكون كقولك: تعلمت من الفراء عن الكسائي، أي: الفراء تعلم عنه، وروى لي (٢) عنه، (ومنهما) على هذا الوجه يكون بمعنى: عنهما، فقامت مِنْ مقام عن.
قال هشام: قال الأصمعي: سمعت (٣) أفصح العرب يقول: حدثني فلان من فلان، وهو يريد عن فلان.
ويجوز أن يكون معنى قوله: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا﴾ أي: مِن السّحر والكُفر، أو من السحر والكهانة. و (أحدٌ): يقع على الواحد وَالاثنين والجميع؛ لذلك (٤) قال: فيتعلّمُون بلفظ الجمع، والدليل على ذلك: قوله: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٧].
قال ابن الأنباري: وأجاز أصحابنا: ما مررت بأحدٍ يتكلّمون. ومررت على كُلّ رَجُل يتعجبون (٥).
وروى سَلَمة (٦) عن الفراء قال: (أحدٌ)، يكون للجميع والواحد في النفي، كقوله: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٧]، جعل (أحد) في موضع جمع، وكذلك قوله: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ [البقرة: ٢٨٥]
قال هشام: قال الأصمعي: سمعت (٣) أفصح العرب يقول: حدثني فلان من فلان، وهو يريد عن فلان.
ويجوز أن يكون معنى قوله: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا﴾ أي: مِن السّحر والكُفر، أو من السحر والكهانة. و (أحدٌ): يقع على الواحد وَالاثنين والجميع؛ لذلك (٤) قال: فيتعلّمُون بلفظ الجمع، والدليل على ذلك: قوله: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٧].
قال ابن الأنباري: وأجاز أصحابنا: ما مررت بأحدٍ يتكلّمون. ومررت على كُلّ رَجُل يتعجبون (٥).
وروى سَلَمة (٦) عن الفراء قال: (أحدٌ)، يكون للجميع والواحد في النفي، كقوله: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٧]، جعل (أحد) في موضع جمع، وكذلك قوله: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ [البقرة: ٢٨٥]
(١) في (أ): فيتعلمون عن منهم عن الملكين، وفي (م): فيتعلمون عن منهم من الملكين.
(٢) (لي) ساقطة من (م)
(٣) في (م): (سمعت من).
(٤) في (ش): (كذلك).
(٥) ابن الأنباري.
(٦) هو: سلمة بن عاصم النحوي أبو محمد، تقدمت ترجمته [البقرة: ٨].
(٢) (لي) ساقطة من (م)
(٣) في (م): (سمعت من).
(٤) في (ش): (كذلك).
(٥) ابن الأنباري.
(٦) هو: سلمة بن عاصم النحوي أبو محمد، تقدمت ترجمته [البقرة: ٨].
207
فهذا جمع؛ لأن (بينَ) لا يقع إلّا على اثنين فما زاد (١).
وقوله تعالى: ﴿مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾ وهو أن يُؤَخَّذَ (٢) كل واحد منهما عن صاحبه، ويبغَّضَ كلُّ واحد إلى الآخر (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا هُمْ﴾ أي: السحرة، وقيل: الشياطين وعلى هذا دلّ كلام ابن عبّاس (٤).
(به) أي: بالسحر ﴿مِنْ أَحَدٍ﴾ أي: أحدًا (٥).
﴿إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾. قال ابن عبّاس: يريد: ما يُضلّون إلا من كان في علمي وقضائي وقدرتي أن أُضِلّه (٦).
وقال المفسرون: الإذن هاهُنا تأويله: إرادة التكوين، أي: لا يضرّون بالسحر إلا من أراد الله أن يلحقه ذلك الضرر (٧).
وقوله تعالى: ﴿مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾ وهو أن يُؤَخَّذَ (٢) كل واحد منهما عن صاحبه، ويبغَّضَ كلُّ واحد إلى الآخر (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا هُمْ﴾ أي: السحرة، وقيل: الشياطين وعلى هذا دلّ كلام ابن عبّاس (٤).
(به) أي: بالسحر ﴿مِنْ أَحَدٍ﴾ أي: أحدًا (٥).
﴿إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾. قال ابن عبّاس: يريد: ما يُضلّون إلا من كان في علمي وقضائي وقدرتي أن أُضِلّه (٦).
وقال المفسرون: الإذن هاهُنا تأويله: إرادة التكوين، أي: لا يضرّون بالسحر إلا من أراد الله أن يلحقه ذلك الضرر (٧).
(١) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٤٦ وقال سيبويه: هو معطوف على (كفروا)، قال: وارتفعت (فيتعلمون) لأنه لم يخبر عن الملكين أنهما قالا: لا تكفر فيتعلموا، ليجعلا كفره سببا لتعلم غيره، نقله أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٣١.
(٢) يؤخذ: من التاخيذ، وآخذه: رقاه، والأُخْذَة: بضم فسكون: رقية تأخذ العين ونحوها كالسحر، أو خرزة يؤخذ بها النساء الرجال، ورجل مؤخذ عن النساء: محبوس، ينظر: "اللسان" (مادة: أخذ).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٦٣، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٩٣، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٨٠ كلهم عن قتادة.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٣٢ وزاد قولًا ثالثًا: وقيل: على اليهود.
(٥) أي: من زائدة. ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٨٦، "أحكام القرآن" لابن العربي ١/ ٤٩، "تفسير القرطبي" ٢/ ٤٩، "البحر المحيط" ١/ ٣٣٢.
(٦) ليس في شيء من التفاسير المسندة، وقد تقدم الحديث عن هذه الرواية في المقدمة.
(٧) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٤، "ابن أبي حاتم" ١/ ١٩٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٦، "تفسير القرطبي" ٢/ ٤٩.
(٢) يؤخذ: من التاخيذ، وآخذه: رقاه، والأُخْذَة: بضم فسكون: رقية تأخذ العين ونحوها كالسحر، أو خرزة يؤخذ بها النساء الرجال، ورجل مؤخذ عن النساء: محبوس، ينظر: "اللسان" (مادة: أخذ).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٦٣، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٩٣، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٨٠ كلهم عن قتادة.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٣٢ وزاد قولًا ثالثًا: وقيل: على اليهود.
(٥) أي: من زائدة. ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٨٦، "أحكام القرآن" لابن العربي ١/ ٤٩، "تفسير القرطبي" ٢/ ٤٩، "البحر المحيط" ١/ ٣٣٢.
(٦) ليس في شيء من التفاسير المسندة، وقد تقدم الحديث عن هذه الرواية في المقدمة.
(٧) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٤، "ابن أبي حاتم" ١/ ١٩٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٦، "تفسير القرطبي" ٢/ ٤٩.
208
وقوله تعالى: ﴿وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ﴾ المعنى: إنه يضرهم في الآخرة، وإن تعجّلوا به في الدنيا نفعًا (١).
﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾ يعني: اليهود (٢) ﴿لَمَنِ اشْتَرَاهُ﴾ أي: اختاره يعني السحر (٣). ﴿مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ أي: نصيب. والخلاق: النصيب الوافر من الخير (٤).
قال المفسرون في هذه الآية، الخلاقُ: النصيبُ من الجنة (٥).
ثعلب عن ابن الأعرابي: ﴿لَا خَلَاقَ لَهُمْ﴾ [آل عمران: ٧٧] لا نصيب لهم في الخير. ويعني بهذا: الذين يعلّمون الناس السحر، وهم كانوا من علماء اليهود (٦).
﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾ يعني: اليهود (٢) ﴿لَمَنِ اشْتَرَاهُ﴾ أي: اختاره يعني السحر (٣). ﴿مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ أي: نصيب. والخلاق: النصيب الوافر من الخير (٤).
قال المفسرون في هذه الآية، الخلاقُ: النصيبُ من الجنة (٥).
ثعلب عن ابن الأعرابي: ﴿لَا خَلَاقَ لَهُمْ﴾ [آل عمران: ٧٧] لا نصيب لهم في الخير. ويعني بهذا: الذين يعلّمون الناس السحر، وهم كانوا من علماء اليهود (٦).
(١) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦٤.
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٨٦، وذكره في "البحر المحيط" ١/ ٣٢٣ قولين آخرين أحدهما: أن المراد الشياطين، والثاني: أن المراد الملكين.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦٥، ابن أبي حاتم ١/ ١٩٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٨٦، "زاد المسير" ١/ ١٢٥، وذكر في "البحر المحيط" ١/ ٣٣٤ أربعة أقوال فيما يعود عليه الضمير، فقيل: السحر، وقيل: الكفر، وقيل: كتابهم الذي باعوه بالسحر، وقيل: القرآن لأنه تعوضوا عنه بكتب السحر.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٧، "الطبري" ١/ ٤٦٥ - ٤٦٦، "ابن أبي حاتم" ١/ ١٩٥، "البحر المحيط" ١/ ٣٣٤، وذكروا خمسة أقوال هي: النصيب، والدين، والقوام، والخلاص، والقدر وقد فسره بالنصيب ابن عباس ومجاهد والسدي ورجحه الطبري والزجاج وغيرهما.
(٥) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٨٦.
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٦، "زاد المسير" ١/ ١٢٥.
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٨٦، وذكره في "البحر المحيط" ١/ ٣٢٣ قولين آخرين أحدهما: أن المراد الشياطين، والثاني: أن المراد الملكين.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦٥، ابن أبي حاتم ١/ ١٩٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٨٦، "زاد المسير" ١/ ١٢٥، وذكر في "البحر المحيط" ١/ ٣٣٤ أربعة أقوال فيما يعود عليه الضمير، فقيل: السحر، وقيل: الكفر، وقيل: كتابهم الذي باعوه بالسحر، وقيل: القرآن لأنه تعوضوا عنه بكتب السحر.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٧، "الطبري" ١/ ٤٦٥ - ٤٦٦، "ابن أبي حاتم" ١/ ١٩٥، "البحر المحيط" ١/ ٣٣٤، وذكروا خمسة أقوال هي: النصيب، والدين، والقوام، والخلاص، والقدر وقد فسره بالنصيب ابن عباس ومجاهد والسدي ورجحه الطبري والزجاج وغيرهما.
(٥) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٨٦.
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٦، "زاد المسير" ١/ ١٢٥.
209
وفي قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ جملتان (١): إحداهما: مقسم عليها. والأخرى: مؤكدة بغير قسم.
ويحتمل أن تكون الجملتان كلتاهما مقسم عليهما، والجملة هي المحدّث عنه والحديث.
فأما الجملة المقسم عليها فقوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾ مقسم عليه؛ لدخول اللام في لقد، وهذه اللام إذا جاءت في الفعل الماضي والمستقبل فإنما تجيء على نية اليمين، كانت مذكورة معها أو محذوفة. قال سيبويه: سألت الخليل عن قوله: ليفعلنّ إذا جاءت مبتدأة؟ فقال: هي على نية القسم (٢)، واللام التي تدخل على الماضي هي هذه التي إذا دخلت على المستقبل لزمته النون، فتقدير ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ﴾: والله لقد علموا.
والأخرى المؤكدة غير المقسم عليها: قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ إذا جعلت (مَنْ) بمعنى (الذي) كانت اللام للتأكيد دون القسم.
ومذهب سيبويه فيه هذا، وهو أن (من) فيه بمعنى (الذي)، كأنه قيل: للذي اشتراه ماله في الآخرة من خلاق (٣). فموضع (من) رفع بالابتداء.
ويحتمل أن تكون الجملتان كلتاهما مقسم عليهما، والجملة هي المحدّث عنه والحديث.
فأما الجملة المقسم عليها فقوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾ مقسم عليه؛ لدخول اللام في لقد، وهذه اللام إذا جاءت في الفعل الماضي والمستقبل فإنما تجيء على نية اليمين، كانت مذكورة معها أو محذوفة. قال سيبويه: سألت الخليل عن قوله: ليفعلنّ إذا جاءت مبتدأة؟ فقال: هي على نية القسم (٢)، واللام التي تدخل على الماضي هي هذه التي إذا دخلت على المستقبل لزمته النون، فتقدير ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ﴾: والله لقد علموا.
والأخرى المؤكدة غير المقسم عليها: قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ إذا جعلت (مَنْ) بمعنى (الذي) كانت اللام للتأكيد دون القسم.
ومذهب سيبويه فيه هذا، وهو أن (من) فيه بمعنى (الذي)، كأنه قيل: للذي اشتراه ماله في الآخرة من خلاق (٣). فموضع (من) رفع بالابتداء.
(١) ما سيأتي فىِ المسألة من كلام أبي علي في "الإغفال" ص ٣٦٢ وما بعدها. وينظر في إعرابها "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٥ - ٦٩، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٦ - ١٨٧، "إعراب القرآن" للنحاس١/ ٢٠٤، "إعراب مشكل القرآن" ١/ ١٠٦ - ١٠٧، "التبيان" للعكبري ص ٨١.
(٢) "الكتاب" ١/ ٥٣١ - ٥٣٢ ط. بيروت.
(٣) ساقط من (أ)، (م).
(٢) "الكتاب" ١/ ٥٣١ - ٥٣٢ ط. بيروت.
(٣) ساقط من (أ)، (م).
210
وموضع ﴿مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ رفع على أنه خبر الابتداء. وأما احتمال الكلام أن يكون فيه جملتان كلتاهما مقسم عليهما:
فالأولى منهما أيضًا: قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾، والأخرى المقسم عليها: قوله: ﴿مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾، وذلك أن تجعل (من) شرطًا في قوله: ﴿لَمَنِ اشْتَرَاهُ﴾ ولا تجعله بمنزلة الذي. وتجعل قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾ بمنزلة القسم؛ لأن العلم قد يقام مقام القسم، في مثل قولك: علمت ليفعلنّ كذا، وفي مثل قول الشاعر (١):
قال سيبويه: كأنه قال: والله لتأتينّ عَشِيَّة، فحمل (علمت) في البيت على معنى اليمين. فمن حيث استعمل استعمال القسم صلح أن يكون له جواب، كما يكون للقسم، وساغ أن يكون النفي جوابًا له في الآية.
فإن قيل: على هذا إذا قلتم: إن قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾ مقسم عليه، وجوزتم أن يكون هو في نفسه قسمًا، فكأنه قسم قد دخل على قسم، ويبعد ذلك عند سيبويه، فإن سيبويه والخليل قالا: لا يقوى أن يقول: وحقِّك وحقِّ زيد لأفعلن، والواو الآخرة واوُ قَسم لا يجوز إلا مستكرهًا؛ لأنّه لا يجوز هذا في محلوف عليه، إلا أن تضم الآخر إلى الأوّل، وتحلف بهما على المحلوف عليه (٣).
فالأولى منهما أيضًا: قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾، والأخرى المقسم عليها: قوله: ﴿مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾، وذلك أن تجعل (من) شرطًا في قوله: ﴿لَمَنِ اشْتَرَاهُ﴾ ولا تجعله بمنزلة الذي. وتجعل قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾ بمنزلة القسم؛ لأن العلم قد يقام مقام القسم، في مثل قولك: علمت ليفعلنّ كذا، وفي مثل قول الشاعر (١):
| ولقد علمتُ لتأتينّ عَشِيّةٌ | لا بعدها خوفٌ عليّ ولا عَدَمْ (٢) |
فإن قيل: على هذا إذا قلتم: إن قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾ مقسم عليه، وجوزتم أن يكون هو في نفسه قسمًا، فكأنه قسم قد دخل على قسم، ويبعد ذلك عند سيبويه، فإن سيبويه والخليل قالا: لا يقوى أن يقول: وحقِّك وحقِّ زيد لأفعلن، والواو الآخرة واوُ قَسم لا يجوز إلا مستكرهًا؛ لأنّه لا يجوز هذا في محلوف عليه، إلا أن تضم الآخر إلى الأوّل، وتحلف بهما على المحلوف عليه (٣).
(١) الذي استشهد به أبو علي في "الإغفال" ص ٣٦٦ ونقله عنه سيبويه هو قول الشاعر: ولقد علمت لتأتين منيتي.
(٢) البيت لعامر بن حوط، في تاج العروس، (مادة: عدم). "المعجم المفصل" ٧/ ١٦٣.
(٣) "الكتاب" لسيبويه ٣/ ٥٠١ ط. عبد السلام هارون.
(٢) البيت لعامر بن حوط، في تاج العروس، (مادة: عدم). "المعجم المفصل" ٧/ ١٦٣.
(٣) "الكتاب" لسيبويه ٣/ ٥٠١ ط. عبد السلام هارون.
211
ولهذا جعل هو والخليل الحرف في قوله: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ [الليل: ١ - ٢] إنه للعطف (١). معنى ضم الآخر إلى الأوّل، أي: يضم إليه بحرف العطف (٢) دون القسم، قلنا: هذا على ما ذكرت، ولكن قوله: ﴿وَلَقَد عَلِمُوا﴾ أقيم مقام القسم، وليس كالمختصِّ بالقسم التي لا معنى لها غيره، نحو لعمرُك لأفعلنّ، وبالله (٣) ليقومنّ، فليس يدخل على هذا قسم على قسم على (٤) الحقيقة، إنما يدخل (٥) على شيء أقيم مقام القسم، وأصله غير ذلك، والأول هو الوجه الواضح (٦).
قوله تعالى: ﴿وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾ أي: بئس شيء باعوا به حظ أنفسهم، حيث اختاروا السحر ونبذوا كتاب الله (٧).
وقوله تعالى: ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ إن قيل: كيف نفى العلم عنهم، ولقد أثبت العلم لهم في قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾.
قيل: وصفهم بالعلم (٨) في قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾ على المجاز لا على الحقيقة، كأنه قال: علموا هذا عِلمًا ظاهرًا، ولم يعلموا كنه ما يصير
قوله تعالى: ﴿وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾ أي: بئس شيء باعوا به حظ أنفسهم، حيث اختاروا السحر ونبذوا كتاب الله (٧).
وقوله تعالى: ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ إن قيل: كيف نفى العلم عنهم، ولقد أثبت العلم لهم في قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾.
قيل: وصفهم بالعلم (٨) في قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾ على المجاز لا على الحقيقة، كأنه قال: علموا هذا عِلمًا ظاهرًا، ولم يعلموا كنه ما يصير
(١) المصدر السابق.
(٢) من قوله: معنى (ضم الآخر) ساقط من (ش).
(٣) في (ش): (وتالله).
(٤) (على) ساقطة من (ش).
(٥) في (ش) يدخل الاسم على شيء.
(٦) هذه المسألة بتمامها ملخصة من كلام أبي علي في "الإغفال" ص ٣٦٢ - ٣٦٨.
(٧) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٨٧، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٥٤.
(٨) في (ش): (وصفهم بالعلم ثم نفاه عنهم في قوله... وهذا سيأتي).
(٢) من قوله: معنى (ضم الآخر) ساقط من (ش).
(٣) في (ش): (وتالله).
(٤) (على) ساقطة من (ش).
(٥) في (ش) يدخل الاسم على شيء.
(٦) هذه المسألة بتمامها ملخصة من كلام أبي علي في "الإغفال" ص ٣٦٢ - ٣٦٨.
(٧) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٨٧، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٥٤.
(٨) في (ش): (وصفهم بالعلم ثم نفاه عنهم في قوله... وهذا سيأتي).
212
إليه من بخس الآخرة من العقاب، لذلك (١) قال: ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾.
وقيل: إن الله تعالى وصفهم بالعلم ثم نفاه عنهم؛ لأنهم لم يعملوا بما علموا، فكانوا بمنزلة من لم يعلم، كما تقول: صلَّيتَ ولم تصلِّ، وتكلّمتَ ولم تتكلّم، أي: لم تجوّد كلامك، فكنت بمنزلة من لم يتكلم.
وقيل: إنما وصفهم بوصفين مختلفين؛ لأنهم علموا أن الآخرة يخسرها من آثر السحر، ثم دخلوا فيه وآثروه طمعًا في عوض يصير إليهم من الدنيا، فقال الله عز وجل: ﴿وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ أن الذي قصدوه وآثروه لا يتم لهم من جهته ما يؤمِّلُون؛ لأن الدنيا تنقطع عنهم بالموت، ثم يقدمون على الآخرة التي لا حظ لهم فيها (٢).
١٠٣ - قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا﴾ أي: بمحمد والقرآن ﴿وَاتَّقَوْا﴾ اليهودية والسحر (٣).
وقيل: إن الله تعالى وصفهم بالعلم ثم نفاه عنهم؛ لأنهم لم يعملوا بما علموا، فكانوا بمنزلة من لم يعلم، كما تقول: صلَّيتَ ولم تصلِّ، وتكلّمتَ ولم تتكلّم، أي: لم تجوّد كلامك، فكنت بمنزلة من لم يتكلم.
وقيل: إنما وصفهم بوصفين مختلفين؛ لأنهم علموا أن الآخرة يخسرها من آثر السحر، ثم دخلوا فيه وآثروه طمعًا في عوض يصير إليهم من الدنيا، فقال الله عز وجل: ﴿وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ أن الذي قصدوه وآثروه لا يتم لهم من جهته ما يؤمِّلُون؛ لأن الدنيا تنقطع عنهم بالموت، ثم يقدمون على الآخرة التي لا حظ لهم فيها (٢).
١٠٣ - قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا﴾ أي: بمحمد والقرآن ﴿وَاتَّقَوْا﴾ اليهودية والسحر (٣).
(١) في (ش): (كذلك).
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦٧، "تفسير البغوي" ١/ ١٣٢، "التفسير الكبير" للرازي ٣/ ٢٢٢، "البحر المحيط" ١/ ٣٣٤، وأجاب الطبري ١/ ٤٦٦ بأنه من باب التقديم والتأخير، ومعنى الكلام: وما هم ضارون به من أحد إلا بإذن الله، ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون، ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق، ثم رد على من قال: ولقد علموا، أي: الشياطين، ولو كانوا يعلمون، يعني به الناس، وبين أنه قول لجميع أهل التأويل مخالف، لأنهم مجمعون على أن قوله (ولقد علموا)، يعني به اليهود إلخ ما قال.
(٣) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٨٧، "تفسير الطبري" ١/ ٤٦٨، "تفسير البغوي" ١/ ١٣٢.
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦٧، "تفسير البغوي" ١/ ١٣٢، "التفسير الكبير" للرازي ٣/ ٢٢٢، "البحر المحيط" ١/ ٣٣٤، وأجاب الطبري ١/ ٤٦٦ بأنه من باب التقديم والتأخير، ومعنى الكلام: وما هم ضارون به من أحد إلا بإذن الله، ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون، ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق، ثم رد على من قال: ولقد علموا، أي: الشياطين، ولو كانوا يعلمون، يعني به الناس، وبين أنه قول لجميع أهل التأويل مخالف، لأنهم مجمعون على أن قوله (ولقد علموا)، يعني به اليهود إلخ ما قال.
(٣) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٨٧، "تفسير الطبري" ١/ ٤٦٨، "تفسير البغوي" ١/ ١٣٢.
213
﴿لَمَثُوبَةٌ﴾ يقال: أثابه إثابة ومَثَابة، والاسم: الثواب والمَثُوبَةُ والمثْوَبَةُ بفتح الواو (١)، كالمَشُورَة والمَشْوَرَة.
قال أبو العباس: الثوابُ في الأصل معناه: ما رجع إليك من عائدة، وحقيقته (٢): الجزاء العائد على صاحبه مُكَافأةً لما فعل، ومنه: التَثْويب في الأذان، إنما هو ترجيع الصَوْت، ولا يقال لصوتٍ مرةً واحدةً: تثويب، ويقال: ثوّب الداعي: إذا كرر دعاه كما قال:
إذا الداعي المُثَوّبُ قال: يالا (٣)
والثوب مشتقّ من هذا، لأنه ثاب لباسًا بعد أن كان قُطنا أو غزلا (٤).
وقوله تعالى: ﴿لَمَثُوبَةٌ﴾ في موضع جواب لو؛ لأنه ينبئ عن قولك: لأثيبُوا، فَحُذِفَ الجواب، وجُعل قوله: ﴿لَمَثُوبَةٌ﴾ بدلًا منه، واللامُ فيه لام الابتداء (٥).
قال أبو العباس: الثوابُ في الأصل معناه: ما رجع إليك من عائدة، وحقيقته (٢): الجزاء العائد على صاحبه مُكَافأةً لما فعل، ومنه: التَثْويب في الأذان، إنما هو ترجيع الصَوْت، ولا يقال لصوتٍ مرةً واحدةً: تثويب، ويقال: ثوّب الداعي: إذا كرر دعاه كما قال:
إذا الداعي المُثَوّبُ قال: يالا (٣)
والثوب مشتقّ من هذا، لأنه ثاب لباسًا بعد أن كان قُطنا أو غزلا (٤).
وقوله تعالى: ﴿لَمَثُوبَةٌ﴾ في موضع جواب لو؛ لأنه ينبئ عن قولك: لأثيبُوا، فَحُذِفَ الجواب، وجُعل قوله: ﴿لَمَثُوبَةٌ﴾ بدلًا منه، واللامُ فيه لام الابتداء (٥).
(١) المثْوَبة: بفتح الواو شاذ كما قال اللحياني. ينظر: "اللسان" ١/ ٥١٩، (مادة: ثوب).
(٢) في (أ)، (ش): (والحقيقة).
(٣) البيت نسب لزهير بن مسعود الضبي، ينظر: "لسان العرب" ٨/ ٤٩٧٦ (مادة: يا) غير منسوب. "المعجم المفصل" ٦/ ٨١. ونسب إلى الفرزدق في "لسان العرب" ٧/ ٤١٠٥ (لوم).
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٦، "تهذيب اللغة" ١/ ٤٦٣ (مادة- ثاب)، "المفردات" للراغب الأصبهانى ٨٩، "مقاييس اللغة" ١/ ٣٩٣، وقال: الثاء والواو والباء قياس صحيح من أصل واحد وهو العود والرجوع.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٧ و"البحر المحيط" ١/ ٣٣٥، وقد ذكر الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٦٨ أن بعض نحوي البصرة يرد ذلك، ويرى أن الجواب (لمثوبة).
(٢) في (أ)، (ش): (والحقيقة).
(٣) البيت نسب لزهير بن مسعود الضبي، ينظر: "لسان العرب" ٨/ ٤٩٧٦ (مادة: يا) غير منسوب. "المعجم المفصل" ٦/ ٨١. ونسب إلى الفرزدق في "لسان العرب" ٧/ ٤١٠٥ (لوم).
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٦٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٦، "تهذيب اللغة" ١/ ٤٦٣ (مادة- ثاب)، "المفردات" للراغب الأصبهانى ٨٩، "مقاييس اللغة" ١/ ٣٩٣، وقال: الثاء والواو والباء قياس صحيح من أصل واحد وهو العود والرجوع.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٧ و"البحر المحيط" ١/ ٣٣٥، وقد ذكر الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٦٨ أن بعض نحوي البصرة يرد ذلك، ويرى أن الجواب (لمثوبة).
214
ومعنى الآية: أن ثواب الله خير لهم من كسبهم بالكفر والسحر (١).
١٠٤ - قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا﴾ يقال: أرعى إلى الشيء، وراعاه: إذا أصغى إليه، مثل: عافاه وأعفاه. قال الفراء: هو من الإرعاء والمراعاة (٢).
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: راعِنا سمعَك، أي: اسمع منّا حتى نفهمَك وتفهمَ عنّا، والعرب تقول: أرْعِنا سمعَك، وراعِنا سمعَك بمعنى واحد (٣). وأصل الكلمة من الرعاية (٤)، الذي هو الحفظ، فمعنى أرعيته سمعي، أي: حفظت عليه ما يقول. والمراعاة: المراقبة لأنها حفظ ما يكون من أحوال الشيء، والإرعاء: الإبقاء على أخيك؛ لأنك تحفظ ما تقدم من حقه. (٥)
قال الكلبي: عن ابن عباس: كان المسلمون يقولون للنبي - ﷺ -: راعِنا سمعك، وكان هذا بلسان اليهود سبًّا قبيحًا، فلما سمعوا هذه الكلمة
١٠٤ - قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا﴾ يقال: أرعى إلى الشيء، وراعاه: إذا أصغى إليه، مثل: عافاه وأعفاه. قال الفراء: هو من الإرعاء والمراعاة (٢).
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: راعِنا سمعَك، أي: اسمع منّا حتى نفهمَك وتفهمَ عنّا، والعرب تقول: أرْعِنا سمعَك، وراعِنا سمعَك بمعنى واحد (٣). وأصل الكلمة من الرعاية (٤)، الذي هو الحفظ، فمعنى أرعيته سمعي، أي: حفظت عليه ما يقول. والمراعاة: المراقبة لأنها حفظ ما يكون من أحوال الشيء، والإرعاء: الإبقاء على أخيك؛ لأنك تحفظ ما تقدم من حقه. (٥)
قال الكلبي: عن ابن عباس: كان المسلمون يقولون للنبي - ﷺ -: راعِنا سمعك، وكان هذا بلسان اليهود سبًّا قبيحًا، فلما سمعوا هذه الكلمة
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٧، وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٨٧، و"مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٠٨، و"التبيان" ص ٨١، و"البحر المحيط" ١/ ٣٣٥.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٩.
(٣) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٤٣٠، (مادة: رعن).
(٤) ذكر الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٨٨ أن في (راعنا) ثلاثة أقوال: أحدها: راعنا، من أرعنا سمعك. والثاني: من المراعاة والمكافأة، فقيل لهم: لا تقولوا: راعنا، أي: كافئنا في المقال، كما يقول بعضهم لبعض، وقولوا أنظِرنا، أي: أمهلنا، واسمعوا، كأنه قيل لهم استمعوا. والثالث: راعنا، كلمة تجري على الهزء والسخرية، فنهي المسلمون أن يتلفظوا بها بحضرة النبي - ﷺ -.
(٥) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٤٣٠، "المفردات" للراغب٢٠٤، "مقاييس اللغة" ٢/ ٤٠٧، "البحر المحيط" ١/ ٣٣٦، "تاج العروس" ١٨/ ٢٣٨ (رعن).
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٩.
(٣) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٤٣٠، (مادة: رعن).
(٤) ذكر الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٨٨ أن في (راعنا) ثلاثة أقوال: أحدها: راعنا، من أرعنا سمعك. والثاني: من المراعاة والمكافأة، فقيل لهم: لا تقولوا: راعنا، أي: كافئنا في المقال، كما يقول بعضهم لبعض، وقولوا أنظِرنا، أي: أمهلنا، واسمعوا، كأنه قيل لهم استمعوا. والثالث: راعنا، كلمة تجري على الهزء والسخرية، فنهي المسلمون أن يتلفظوا بها بحضرة النبي - ﷺ -.
(٥) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٤٣٠، "المفردات" للراغب٢٠٤، "مقاييس اللغة" ٢/ ٤٠٧، "البحر المحيط" ١/ ٣٣٦، "تاج العروس" ١٨/ ٢٣٨ (رعن).
215
يقولونها لرسول الله - ﷺ - أعجبتهم، وكانوا يأتونه ويقولون ذلك، ويضحكون فيما بينهم، فسمعها سعد بن معاذ (١)، وكان يعرف لغتهم، فقال: عليكم لعنة الله، لئن سمعتُها من رجلٍ منكم يقولها لرسول الله - ﷺ - (٢) لأضربنَّ عنقه، فقالت اليهود (٣): أولستم تقولونها؟ فأنزل الله هذه الآية، ونُهوا عن ذلك (٤).
وهذا النهي اختص بذلك الوقت؛ لإجماع الأمة على جواز المخاطبة بهذه اللفظة الآن.
وهذا النهي اختص بذلك الوقت؛ لإجماع الأمة على جواز المخاطبة بهذه اللفظة الآن.
(١) سعد بن معاذ بن النعمان الأنصاري الأشهلي، أبو عمرو سيد الأوس، شهد بدرًا، واستشهد من سهم أصابه بالخندق، ومناقبه كثيرة. ينظر: "تقريب التهذيب" ص ٢٣٠ (٢٢٥٥) ط. دار الرسالة.
(٢) من قوله: أعجبتهم... ساقطة من (ش).
(٣) ساقطة من (ش).
(٤) أخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة" ١/ ٤٧ من طريق عبد الغني بن سعيد عن موسى ابن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وعن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس، والإسنادان ضعيفان كما ذكرت في الدراسة. وذكر الثعلبي القصة ولم يسندها لأحد ١/ ١٠٨٧ وكذا قال مقاتل في "تفسيره". وذكره الواحدي في "أسباب النزول" ص ٣٦، عن عطاء عن ابن عباس، والسيوطي في "لباب النقول" ص ١٩ وفي "الدر" ١/ ١٩٥ - ١٩٦ وعزاه لأبي نعيم في "الدلائل". ويشهد له ما أخرجه الطبري ١/ ٤٦٩ عن قتادة بمعناه، وذكره ابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٤٤، وفي "فتح الباري" ٨/ ١٦٣ وقال: وروى أبو نعيم في "الدلائل" بسند ضعيف جداً عن ابن عباس.
والصحابي الذي ذكره الواحدي في "أسباب النزول" هو سعد بن عبادة، وكذا هو عند مقاتل في "تفسيره" ١/ ٥٩. وهناك أسباب أخرى وردت في نزول الآية، ذكرها الطبري ١/ ٤٧٠، وابن أبي حاتم ١/ ١٩٦، والسيوطي في "الدر" ١/ ١٩٥ - ١٩٦.
(٢) من قوله: أعجبتهم... ساقطة من (ش).
(٣) ساقطة من (ش).
(٤) أخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة" ١/ ٤٧ من طريق عبد الغني بن سعيد عن موسى ابن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وعن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس، والإسنادان ضعيفان كما ذكرت في الدراسة. وذكر الثعلبي القصة ولم يسندها لأحد ١/ ١٠٨٧ وكذا قال مقاتل في "تفسيره". وذكره الواحدي في "أسباب النزول" ص ٣٦، عن عطاء عن ابن عباس، والسيوطي في "لباب النقول" ص ١٩ وفي "الدر" ١/ ١٩٥ - ١٩٦ وعزاه لأبي نعيم في "الدلائل". ويشهد له ما أخرجه الطبري ١/ ٤٦٩ عن قتادة بمعناه، وذكره ابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٤٤، وفي "فتح الباري" ٨/ ١٦٣ وقال: وروى أبو نعيم في "الدلائل" بسند ضعيف جداً عن ابن عباس.
والصحابي الذي ذكره الواحدي في "أسباب النزول" هو سعد بن عبادة، وكذا هو عند مقاتل في "تفسيره" ١/ ٥٩. وهناك أسباب أخرى وردت في نزول الآية، ذكرها الطبري ١/ ٤٧٠، وابن أبي حاتم ١/ ١٩٦، والسيوطي في "الدر" ١/ ١٩٥ - ١٩٦.
216
وقوله تعالى: ﴿وَقُولُوا انْظُرْنَا﴾ أي: انتظرنا والعرب تقول: نظرت فلانًا، أي: انتظرته، قال الحطيئة:
وقد نَظَرْتُكُمُ إبناءَ صَادِرةٍ (١)
ومعنى (انظرنا) هاهنا: اصبر حتى نفهمك ما نقول، ويجوز أن يكون (انظرنا) أي: انظر إلينا، فحذف حرف الصفة، كقول قيس بن الخطيم (٢):
وقد نَظَرْتُكُمُ إبناءَ صَادِرةٍ (١)
ومعنى (انظرنا) هاهنا: اصبر حتى نفهمك ما نقول، ويجوز أن يكون (انظرنا) أي: انظر إلينا، فحذف حرف الصفة، كقول قيس بن الخطيم (٢):
| ظاهراتُ الجَمال والحُسْنِ ينظُرنَ | كما ينظرُ الأراكَ الظباءُ (٣) |
(١) عجز البيت:
للخمس طال بها حَوْزي وتنساسي
في "ديوانه" ص ١٠٦، "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٣، "لسان العرب" ٧/ ٤٤٦٦، "المعجم المفصل" ٤/ ٧١، وفي رواية: للورد بدل للخمس والشطر الأول عند الطبري إعشاء: بدل إيناء. وهذه قصيدة مدح بها الحطيئة بغيض بن عامر بن شمّاس ويهجو الزبرقان بن بدر. والإيناء: مصدر آنيت الشيء: إذا أخرته. والصادرة: الإبل التي تصدر على الماء والخمس: من أظماء الإبل، وهو أن تظل في المرعى بعد يوم ورودها ثلاثة أيام ثم ترد في الرابع، والحوز: السوق اللين، والتنساس: السوق الشديد لورود الماء، والشاعر يصف طول انتظاره حين لا صبر له على طول الانتظار.
(٢) هو: قيس بن الخطيم بن عدي الأوسي، أبو يزيد، شاعر الأوس وأحد صناديدها في الجاهلية، اشتهر عنه تتبعه قاتلي أبيه وجده حتى قتلهما، أدرك الإسلام لكنه لم يسلم، قتل سنة ٢ ق هـ. ينظر "جمهرة أشعار العرب" ١٢٣، و"الأعلام" ٥/ ٢٠٥.
(٣) نسب هذا البيت لقيس بن الخطيم كما في إحدى نسخ الثعلبي الخطية وفي بعضها بلا نسبة. "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٩٠. وهو بلا نسبة في "أساس البلاغة" ص ٤٥٤. ونسب لعبد الله بن قيس الرقيّات وهو في "ديوانه" ص ٨٨، وينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٥٤، "البحر المحيط" ١/ ٣٣٩، و"الدر المصون" ١/ ٣٣٢.
للخمس طال بها حَوْزي وتنساسي
في "ديوانه" ص ١٠٦، "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٣، "لسان العرب" ٧/ ٤٤٦٦، "المعجم المفصل" ٤/ ٧١، وفي رواية: للورد بدل للخمس والشطر الأول عند الطبري إعشاء: بدل إيناء. وهذه قصيدة مدح بها الحطيئة بغيض بن عامر بن شمّاس ويهجو الزبرقان بن بدر. والإيناء: مصدر آنيت الشيء: إذا أخرته. والصادرة: الإبل التي تصدر على الماء والخمس: من أظماء الإبل، وهو أن تظل في المرعى بعد يوم ورودها ثلاثة أيام ثم ترد في الرابع، والحوز: السوق اللين، والتنساس: السوق الشديد لورود الماء، والشاعر يصف طول انتظاره حين لا صبر له على طول الانتظار.
(٢) هو: قيس بن الخطيم بن عدي الأوسي، أبو يزيد، شاعر الأوس وأحد صناديدها في الجاهلية، اشتهر عنه تتبعه قاتلي أبيه وجده حتى قتلهما، أدرك الإسلام لكنه لم يسلم، قتل سنة ٢ ق هـ. ينظر "جمهرة أشعار العرب" ١٢٣، و"الأعلام" ٥/ ٢٠٥.
(٣) نسب هذا البيت لقيس بن الخطيم كما في إحدى نسخ الثعلبي الخطية وفي بعضها بلا نسبة. "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٩٠. وهو بلا نسبة في "أساس البلاغة" ص ٤٥٤. ونسب لعبد الله بن قيس الرقيّات وهو في "ديوانه" ص ٨٨، وينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٥٤، "البحر المحيط" ١/ ٣٣٩، و"الدر المصون" ١/ ٣٣٢.
217
وإذا كان بتقدير: انظر إلينا كان من نظر العين (١).
ونذكر معاني النظر عند قوله: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢١٠] إن شاء الله.
قال: المفسرون أمروا أن يقولوا: انظرنا، بدل راعنا.
وقوله تعالى: ﴿وَاسْمَعُوا﴾ أي: أطيعوا، أو اتركوا هذه الكلمة، فسمّى الطاعة سمعًا؛ لأن الطاعة تحت السمع (٢).
١٠٥ - قوله تعالى: ﴿مَا يَوَدُّ﴾ إلى قوله ﴿مِنْ خَيْرٍ﴾ (من) صلة مؤكدة (٣). وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَخْتَصُّ﴾ يقال: خَصَّه بالشيء واخْتَصَّه به بمعنى واحد (٤)، ويقال: اختَصَصْتُه بالفايدة واختصصت بها.
ومعنى الاختصاص: الانفراد بالشيء، ومنه: الخَصَاص للفُرَجِ (٥)؛
ونذكر معاني النظر عند قوله: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢١٠] إن شاء الله.
قال: المفسرون أمروا أن يقولوا: انظرنا، بدل راعنا.
وقوله تعالى: ﴿وَاسْمَعُوا﴾ أي: أطيعوا، أو اتركوا هذه الكلمة، فسمّى الطاعة سمعًا؛ لأن الطاعة تحت السمع (٢).
١٠٥ - قوله تعالى: ﴿مَا يَوَدُّ﴾ إلى قوله ﴿مِنْ خَيْرٍ﴾ (من) صلة مؤكدة (٣). وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَخْتَصُّ﴾ يقال: خَصَّه بالشيء واخْتَصَّه به بمعنى واحد (٤)، ويقال: اختَصَصْتُه بالفايدة واختصصت بها.
ومعنى الاختصاص: الانفراد بالشيء، ومنه: الخَصَاص للفُرَجِ (٥)؛
(١) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٠، "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٣، "المفردات" ٤٩٠ - ٥٠٠، "اللسان" ٧/ ٤٤٦٤، وقد ذكر الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٧٣ - ٤٧٤: أن معناها: انظرنا وارقبنا، نفهم ما تقول لنا وتعلمنا، قال: وقد قرئ (أنظِرنا)، أي: أخرنا، ولا وجه له في هذا الموضع؛ لأن الصحابة أمروا بالدنو من رسول الله - ﷺ - والاستماع له لا بالتأخر عنه، قال: وقد قيل: إن معناها: أمهلنا، وبيَّنَ أنها قريبة المعنى مما ذكر لكن لا يقرأ بها. انتهى ملخصًا.
(٢) "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠٩١، و"التفسير الكبير" للرازي ٣/ ٢٢٥.
(٣) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٩٢، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٢٠٦، "تفسير البغوي" ١/ ١٣٣.
(٤) زيادة من (ش) وقد ذكر الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٩٢ أن الاختصاص أوكد من الخصوص؛ لأن الاختصاص لنفسك والخصوص لغيرك.
(٥) أي: فُرَج بين الأثافي والأصابع، ينظر: "اللسان" ٢/ ١١٧٣، وقال في "تهذيب اللغة" ١/ ٢٣٣ - ٢٣٤: وأصل ذلك من الخَصَاص، وكل خَلَلٍ أو خَرْق يكون في مُنْخل أو باب أو سحاب أو بُرقُع فهو خصَاص.
(٢) "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠٩١، و"التفسير الكبير" للرازي ٣/ ٢٢٥.
(٣) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٩٢، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٢٠٦، "تفسير البغوي" ١/ ١٣٣.
(٤) زيادة من (ش) وقد ذكر الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٩٢ أن الاختصاص أوكد من الخصوص؛ لأن الاختصاص لنفسك والخصوص لغيرك.
(٥) أي: فُرَج بين الأثافي والأصابع، ينظر: "اللسان" ٢/ ١١٧٣، وقال في "تهذيب اللغة" ١/ ٢٣٣ - ٢٣٤: وأصل ذلك من الخَصَاص، وكل خَلَلٍ أو خَرْق يكون في مُنْخل أو باب أو سحاب أو بُرقُع فهو خصَاص.
218
لأنه انفرد كل منهما (١) واحد عن الآخر من غير جمع بينها، ثم يقال لسوء الحال: الخصاصة (٢)، لأنها خللٌ في الحال وصدع (٣).
وقوله تعالى: ﴿بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ أراد بالرحمة هاهنا: النبوة (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ قال الليث: ذو اسم ناقص، وتفسيره: صاحب ذاك (٥)، كقولك: ذو مال. والتثنية: ذوان، والجمع (٦): ذوون، وتقول في تأنيث (٧) ذو: ذات، وفي التثنية: ذواتا، وفي الشعر يجوز: ذاتا. والجمع: ذوات مال (٨)، وأنشد للكميت:
وقد عَرَفَتْ مَوَالِيها الذَّوِينَا (٩)
أي (١٠): الأخصين الأدنين، وإنما جاءت النون لذهاب الإضافة (١١).
وسمعت أبا الحسن النحوي رحمه الله يقول: أصل ذو: ذوي أو
وقوله تعالى: ﴿بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ أراد بالرحمة هاهنا: النبوة (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ قال الليث: ذو اسم ناقص، وتفسيره: صاحب ذاك (٥)، كقولك: ذو مال. والتثنية: ذوان، والجمع (٦): ذوون، وتقول في تأنيث (٧) ذو: ذات، وفي التثنية: ذواتا، وفي الشعر يجوز: ذاتا. والجمع: ذوات مال (٨)، وأنشد للكميت:
وقد عَرَفَتْ مَوَالِيها الذَّوِينَا (٩)
أي (١٠): الأخصين الأدنين، وإنما جاءت النون لذهاب الإضافة (١١).
وسمعت أبا الحسن النحوي رحمه الله يقول: أصل ذو: ذوي أو
(١) زيادة من (ش).
(٢) في (ش): (خصاصة).
(٣) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٩٩، "المفردات" ١٥٥، "اللسان" ٣/ ١٤٧٦.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٤ - ٤٧٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٩.
(٥) في "تهذيب اللغة": ذلك.
(٦) في (أ) و (ش): (الجميع).
(٧) في (م): (التأنيث).
(٨) ينظر: "المفردات" ١٨٦، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٦ - ٢٣٧، "القاموس" ص ١٣٥١، "الإتقان" ٢/ ١٩٥.
(٩) البيت هكذا:
وهو للكميت بن زيد، في "ديوانه" ٢/ ١٠٩، و"معجم الشعراء" ٨/ ١٠١، وما ذكره المؤلف موافق لما في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٩٩.
(١٠) في (ش): (أن).
(١١) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٩٩.
(٢) في (ش): (خصاصة).
(٣) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٩٩، "المفردات" ١٥٥، "اللسان" ٣/ ١٤٧٦.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٤ - ٤٧٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٩.
(٥) في "تهذيب اللغة": ذلك.
(٦) في (أ) و (ش): (الجميع).
(٧) في (م): (التأنيث).
(٨) ينظر: "المفردات" ١٨٦، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٦ - ٢٣٧، "القاموس" ص ١٣٥١، "الإتقان" ٢/ ١٩٥.
(٩) البيت هكذا:
| فلا أعني بذلك أسفليكم | ولكني أريد به الذوينا |
(١٠) في (ش): (أن).
(١١) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٩٩.
219
ذوو، فلما تحركت الواو والياء وانفتح ما قبلها صارت ألفًا فصار ذوا، ثم لما تحركت الواو وانفتح ما قبلها صارت ألفًا، فاجتمعت ألفان فحذفت إحداهما لالتقاء الساكنين، فبقي ذا فلم يمكن إعراب الألف، فجعل إعرابه في الذال، فلما أعربت الذال بالرفع انقلبت الألف واوًا، ولما أعربت بالخفض انقلبت ياء، ولما أعربت بالنصب بقيت ألفًا كما كانت.
١٠٦ - قوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ الآية، قال الزجاج: النسخ في اللغة: إبطال شيء وإقامة آخر مقامه. والعرب تقول: نسخت الشمسُ الظل، والمعنى: أذهبت الظلّ وحلّت محلّه (١).
وقال غيره: تناسخ الأزمنة والقرن بعد القرن: هو مضي الأول ومجيء الثاني بعده يخلفه في محلّه.
ثعلب عن ابن الأعرابي: النسخ: تبديل الشيء من الشيء، وهو غيره، والنسخ: نقل شيء من مكان إلى مكان، وهو هو (٢) (٣). وروى أبو تراب (٤) عن الفراء وأبي سعيد: مسخه الله قردًا، ونسخه قردًا، بمعنى واحد (٥) (٦).
١٠٦ - قوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ الآية، قال الزجاج: النسخ في اللغة: إبطال شيء وإقامة آخر مقامه. والعرب تقول: نسخت الشمسُ الظل، والمعنى: أذهبت الظلّ وحلّت محلّه (١).
وقال غيره: تناسخ الأزمنة والقرن بعد القرن: هو مضي الأول ومجيء الثاني بعده يخلفه في محلّه.
ثعلب عن ابن الأعرابي: النسخ: تبديل الشيء من الشيء، وهو غيره، والنسخ: نقل شيء من مكان إلى مكان، وهو هو (٢) (٣). وروى أبو تراب (٤) عن الفراء وأبي سعيد: مسخه الله قردًا، ونسخه قردًا، بمعنى واحد (٥) (٦).
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٩.
(٢) ساقطة من (أ)، (م).
(٣) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٥٨، "اللسان" ٧/ ٤٤٠٧، (مادة: نسخ).
(٤) لغوي من خراسان، استدرك على الخليل بن أحمد في كتاب العين، وله كتاب الاعتقاب. ينظر: "إنباه الرواة" ٤/ ١٠٢.
(٥) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٥٨، (مادة: نسخ)، وعنه أيضًا في "اللسان" ٧/ ٤٤٠٧، "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠٩٣.
(٦) ينظر في معاني النسخ: "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٥ - ٤٧٦، "تفسير القرطبي" ٢/ ٦٢، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٥٨، (مادة: نسخ)، "اللسان" ٧/ ٢٤٠٧، والإتقان ٣/ ٥٩، وقال صاحب "المفردات" ص ٤٩٢: النسخ: إزالة شيء بشيء يتعقبه، كنسخ الشمس الظل، والظل الشمس، والشيب الشباب، فتارة يفهم منه الإزالة، وتارة يفهم منه الإثبات، وتارة يفهم منه الأمران.
(٢) ساقطة من (أ)، (م).
(٣) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٥٨، "اللسان" ٧/ ٤٤٠٧، (مادة: نسخ).
(٤) لغوي من خراسان، استدرك على الخليل بن أحمد في كتاب العين، وله كتاب الاعتقاب. ينظر: "إنباه الرواة" ٤/ ١٠٢.
(٥) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٥٨، (مادة: نسخ)، وعنه أيضًا في "اللسان" ٧/ ٤٤٠٧، "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠٩٣.
(٦) ينظر في معاني النسخ: "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٥ - ٤٧٦، "تفسير القرطبي" ٢/ ٦٢، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٥٨، (مادة: نسخ)، "اللسان" ٧/ ٢٤٠٧، والإتقان ٣/ ٥٩، وقال صاحب "المفردات" ص ٤٩٢: النسخ: إزالة شيء بشيء يتعقبه، كنسخ الشمس الظل، والظل الشمس، والشيب الشباب، فتارة يفهم منه الإزالة، وتارة يفهم منه الإثبات، وتارة يفهم منه الأمران.
220
وقال العلماء من أهل اللغة والتفسير (١): النسخ له معنيان:
أحدهما: تحويلُ الكتاب من حيث هو إلى نسخة أخرى، يقال: نسخت الكتاب، أي: كتبت منه نسخة أخرى (٢).
ثم (٣) يقال: نَسَخْتُ منه نسخة، وإن لم تُحوِّله من مكتوب إلى غيره، كأنك كتبته عن حفظك. ومن هذا قوله عز وجل ﴿إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجاثية: ٢٩]، يجوز أن يكون معناه: ننسخ، كقوله: ﴿وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ﴾ [الصافات: ١٤]، أي: يسخرون، ويجوز أن يكون معناه: نستدعي ذلك، وهو أمر الملائكة بكتابته. وعلى الوجهين جميعًا هو كتابة لا من نسخة.
فعلى هذا المعنى: القرآن كله منسوخ، لأنه نُسِخَ للنبي - ﷺ - من أمِّ الكتاب فأُنزل عليه.
والثاني: هو رفعُ الحكم وإبطالهُ، ثم يجوز النسخ إلى بدل وإلى غير بدل. فالذي إلى بدل قولهم: نَسَختِ الشمسُ الظلَّ، فالظلُّ يزول ويبطل،
أحدهما: تحويلُ الكتاب من حيث هو إلى نسخة أخرى، يقال: نسخت الكتاب، أي: كتبت منه نسخة أخرى (٢).
ثم (٣) يقال: نَسَخْتُ منه نسخة، وإن لم تُحوِّله من مكتوب إلى غيره، كأنك كتبته عن حفظك. ومن هذا قوله عز وجل ﴿إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجاثية: ٢٩]، يجوز أن يكون معناه: ننسخ، كقوله: ﴿وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ﴾ [الصافات: ١٤]، أي: يسخرون، ويجوز أن يكون معناه: نستدعي ذلك، وهو أمر الملائكة بكتابته. وعلى الوجهين جميعًا هو كتابة لا من نسخة.
فعلى هذا المعنى: القرآن كله منسوخ، لأنه نُسِخَ للنبي - ﷺ - من أمِّ الكتاب فأُنزل عليه.
والثاني: هو رفعُ الحكم وإبطالهُ، ثم يجوز النسخ إلى بدل وإلى غير بدل. فالذي إلى بدل قولهم: نَسَختِ الشمسُ الظلَّ، فالظلُّ يزول ويبطل،
(١) ينظر في ذلك: "المستصفى" للغزالي ١/ ١٠٧، و"المحرر الوجيز" ١/ ٤٢٨ - ٤٣١، و"التفسير الكبير" للرازي ٣/ ٢٢٦، و"شرح مختصر الروضة" للطوفي ٢/ ٢٥١، و"الإتقان" ٣/ ٥٩، و"إرشاد الفحول" ص١٨٣.
(٢) ساقطة من (أ)، (ش).
(٣) ساقطة من (أ).
(٢) ساقطة من (أ)، (ش).
(٣) ساقطة من (أ).
221
والشمس تكون بدلًا عنه (١).
والذي إلى غير بدل قولهم: نَسَختِ الريحُ الأثرَ، أي: أبطلتها وأزالتها.
وهذا المعنى هو المراد بالآية (٢).
ثم النسخ في القرآن على ضروب: منها: ما يكون حكمه مرفوعًا، وخطُّه مثبت يتلى ويقرأ، ولا يعمل به، وهذا هو المعروف من النسخ؛ أن تكون الآية الناسخةُ والمنسوخةُ جميعًا ثابتتين في التلاوة وفي خط المصحف، إلا أن المنسوخة منهما غيرُ معمولٍ بها ثابت، فينسخ التلاوة بثابت التلاوة (٣)، وذلك مثل:
عِدّة المتوفى عنها زوجها، كانت سنّةً لقوله: ﴿مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ﴾ [البقرة: ٢٤٠] ثم نسخت بأربعة أشهر وعشر؛ لقوله: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] (٤).
ومثل هذا أيضا قوله: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ﴾ [الأنفال: ٦٥] الآية، ثم نسخت بقوله: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ﴾ [الأنفال: ٦٦].
ومنها: أن ترفع تلاوتها وحكمها، كنحو ما يُرْوَى عن أبي بكر - رضي الله عنه - أنه قال: كنا نقرأ: (لا ترغبوا عن آبائكم إنه كفر) (٥).
والذي إلى غير بدل قولهم: نَسَختِ الريحُ الأثرَ، أي: أبطلتها وأزالتها.
وهذا المعنى هو المراد بالآية (٢).
ثم النسخ في القرآن على ضروب: منها: ما يكون حكمه مرفوعًا، وخطُّه مثبت يتلى ويقرأ، ولا يعمل به، وهذا هو المعروف من النسخ؛ أن تكون الآية الناسخةُ والمنسوخةُ جميعًا ثابتتين في التلاوة وفي خط المصحف، إلا أن المنسوخة منهما غيرُ معمولٍ بها ثابت، فينسخ التلاوة بثابت التلاوة (٣)، وذلك مثل:
عِدّة المتوفى عنها زوجها، كانت سنّةً لقوله: ﴿مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ﴾ [البقرة: ٢٤٠] ثم نسخت بأربعة أشهر وعشر؛ لقوله: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] (٤).
ومثل هذا أيضا قوله: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ﴾ [الأنفال: ٦٥] الآية، ثم نسخت بقوله: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ﴾ [الأنفال: ٦٦].
ومنها: أن ترفع تلاوتها وحكمها، كنحو ما يُرْوَى عن أبي بكر - رضي الله عنه - أنه قال: كنا نقرأ: (لا ترغبوا عن آبائكم إنه كفر) (٥).
(١) ساقطة من (ش).
(٢) ينظر: "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد ص ١٤، "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٥، "المحرر الوجيز" ٤٢٨ - ٤٣١، "تفسير القرطبي" ٢/ ٥٥ - ٦١.
(٣) (بثابت التلاوة) ساقطة من (ش).
(٤) سيأتي بيان حقيقة النسخ في هذه الآية عند "تفسيره".
(٥) الحديث أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص ١٩٣، وأبو داود الطيالسي ص ١٢ عن عمر بن الخطاب، ونقله السيوطي عنه في "الإتقان" ٣/ ٧٤، وانظر: "كنز العمال" ٢/ ٢٨٥، وذكره في "الحجة" ٢/ ١٨٠، وينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٥٥ - ٥٦، وأخرجه ابن الضريس عن ابن عباس كما في "الدر المنثور" ١/ ١٩٧ - ١٩٨.
(٢) ينظر: "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد ص ١٤، "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٥، "المحرر الوجيز" ٤٢٨ - ٤٣١، "تفسير القرطبي" ٢/ ٥٥ - ٦١.
(٣) (بثابت التلاوة) ساقطة من (ش).
(٤) سيأتي بيان حقيقة النسخ في هذه الآية عند "تفسيره".
(٥) الحديث أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص ١٩٣، وأبو داود الطيالسي ص ١٢ عن عمر بن الخطاب، ونقله السيوطي عنه في "الإتقان" ٣/ ٧٤، وانظر: "كنز العمال" ٢/ ٢٨٥، وذكره في "الحجة" ٢/ ١٨٠، وينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٥٥ - ٥٦، وأخرجه ابن الضريس عن ابن عباس كما في "الدر المنثور" ١/ ١٩٧ - ١٩٨.
222
ومنها: أن ينسخ تلاوته ولا تنسخ حكمه، كآية الرجم، فإنها منسوخة تلاوة، ثابتة حكمًا (١).
ومنها: أن يُنْسخ ما ليس بثابت التلاوة (بما ليس بثابت التلاوة) (٢) مثل: ما روي عن عائشة رضي الله عنها. قالت: إنا كنا نقرأ: "عشر رضعات معلومات يُحَرّمن"، فنسخن بخمس (٣).
وقد ينسخ أيضا ما ليس بثابت التلاوة بما هو ثابت التلاوة والمراد بالمنسوخ: الحكم، مثل: نسخ تحليل الخمر، وكتحريم الزنا، وهذا كثير.
ويجوز أيضا نسخ ما هو ثابت التلاوة بما (٤) ليس بثابت التلاوة، وهو كنسخ الجلد في المحصنين بالرجم، والرجم غير متلو الآن، وإن (٥) كان يتلى على عهد رسول الله - ﷺ - (٦)، فالحكم يثبت والقراءة لا تثبت، كما يجوز أن تثبت التلاوة في بعض ولا يثبت الحكم.
وإذا جاز أن يكون قرآن ولا يعمل به جاز أن يكون قرآن يعمل به ولا يتلى؛ وذلك أن الله عز وجل أعلم بمصالحنا، وقد يجوز أن يعلم من مصلحتنا
ومنها: أن يُنْسخ ما ليس بثابت التلاوة (بما ليس بثابت التلاوة) (٢) مثل: ما روي عن عائشة رضي الله عنها. قالت: إنا كنا نقرأ: "عشر رضعات معلومات يُحَرّمن"، فنسخن بخمس (٣).
وقد ينسخ أيضا ما ليس بثابت التلاوة بما هو ثابت التلاوة والمراد بالمنسوخ: الحكم، مثل: نسخ تحليل الخمر، وكتحريم الزنا، وهذا كثير.
ويجوز أيضا نسخ ما هو ثابت التلاوة بما (٤) ليس بثابت التلاوة، وهو كنسخ الجلد في المحصنين بالرجم، والرجم غير متلو الآن، وإن (٥) كان يتلى على عهد رسول الله - ﷺ - (٦)، فالحكم يثبت والقراءة لا تثبت، كما يجوز أن تثبت التلاوة في بعض ولا يثبت الحكم.
وإذا جاز أن يكون قرآن ولا يعمل به جاز أن يكون قرآن يعمل به ولا يتلى؛ وذلك أن الله عز وجل أعلم بمصالحنا، وقد يجوز أن يعلم من مصلحتنا
(١) ساقطة من (أ)، (م).
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) أخرجه مسلم (١٤٥٢) كتاب الرضاع، باب التحريم بخمس رضعات.
(٤) (بما هو ليس) في (م).
(٥) في (ش): (قد).
(٦) ينظر حديث عمر في آية الرجم المنسوخة لفظًا عن ابن عباس عند البخاري (٦٨٣٠) كتاب الحدود، باب: رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت، ومسلم (١٩١) كتاب الحدوث، باب: رجم الثيب في الزنا. ينظر: "الإتقان" ٣/ ٧٣.
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) أخرجه مسلم (١٤٥٢) كتاب الرضاع، باب التحريم بخمس رضعات.
(٤) (بما هو ليس) في (م).
(٥) في (ش): (قد).
(٦) ينظر حديث عمر في آية الرجم المنسوخة لفظًا عن ابن عباس عند البخاري (٦٨٣٠) كتاب الحدود، باب: رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت، ومسلم (١٩١) كتاب الحدوث، باب: رجم الثيب في الزنا. ينظر: "الإتقان" ٣/ ٧٣.
223
تعلّق العمل بهذا الوجه.
قال أبو إسحاق: إن قيل: ما الفصل (١) بين الترك والنسخ؟
فالجواب في ذلك: أن النسخ أن يأتي في الكتاب نسخ آية بآية، فتبطِلَ الثانيةُ العمل بالأولى.
ومعنى الترك: أن تأتي الآية بضرب من العمل فيؤمر المسلمون بترك ذلك بغير آية تنزل ناسخةً للتي قبلها، نحو قوله: ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ [الممتحنة: ١٠]، ثم أُمر المسلمون بعد بترك المحنة، فهذا يدل على معنى الترك ومعنى النسخ (٢).
فأبو إسحاق فصل بين النسخ والترك كما ترى، وجعلهما قسمين.
قال أبو علي (٣): ليس حقيقهُ النسخ ما ذكره أبو إسحاق، بل هو ضرب من النسخ، وقد يكون نسخ الآية على (٤) ضروب أخر، وما أعلم في النسخ روايةً ولا قياسًا يدل على أنه مقصور على ما ذكر، وقد ينسخ القرآن عند عامةِ الفقهاء بسنَّةٍ غير آية، ولا يمتنعون من أن يسمّوا ذلك نسخًا، ولا يمتنع أن يسمّى الضرب الذي سماه أبو إسحاق تركًا نسخاً.
قال أبو إسحاق: إن قيل: ما الفصل (١) بين الترك والنسخ؟
فالجواب في ذلك: أن النسخ أن يأتي في الكتاب نسخ آية بآية، فتبطِلَ الثانيةُ العمل بالأولى.
ومعنى الترك: أن تأتي الآية بضرب من العمل فيؤمر المسلمون بترك ذلك بغير آية تنزل ناسخةً للتي قبلها، نحو قوله: ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ [الممتحنة: ١٠]، ثم أُمر المسلمون بعد بترك المحنة، فهذا يدل على معنى الترك ومعنى النسخ (٢).
فأبو إسحاق فصل بين النسخ والترك كما ترى، وجعلهما قسمين.
قال أبو علي (٣): ليس حقيقهُ النسخ ما ذكره أبو إسحاق، بل هو ضرب من النسخ، وقد يكون نسخ الآية على (٤) ضروب أخر، وما أعلم في النسخ روايةً ولا قياسًا يدل على أنه مقصور على ما ذكر، وقد ينسخ القرآن عند عامةِ الفقهاء بسنَّةٍ غير آية، ولا يمتنعون من أن يسمّوا ذلك نسخًا، ولا يمتنع أن يسمّى الضرب الذي سماه أبو إسحاق تركًا نسخاً.
(١) في "معاني القرآن" للزجاج: ما الفرق.
(٢) بتصرف من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٠.
(٣) أي: في "الحجة" ٢/ ٢٠١ وما بعدها.
(١) ساقطة من (أ)، (م).
(٢) بتصرف من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٠.
(٣) أي: في "الحجة" ٢/ ٢٠١ وما بعدها.
(١) ساقطة من (أ)، (م).
224
ومما (١) يدل على ذلك: أن الزهري روى عن عروة عن عائشة، قالت: نزل في أصحاب بئر معونة (٢) قرآن منه: "بلّغوا قومنا أن قد لقينا ربَّنا فرضِيَ عنّا وأرضاناً"، دم نسخ (٣)، فسمّت عائشة ذلك نسخًا، وإن لم ينسخ بآية، ولم تُسمّه تركًا، وهذا يفسد القسمين اللذين قسمهما (٤).
قال أبو علي: ولم يثبت بتسمية النسخ ومعناه رواية نعلمها عن العرب، ولا سماع، ولا قياس، وإن المفسرين قالوا فيه على طريق التقريب.
الذي يدل على هذا: أن الفراء قال: النسخ: أن يعمل بالآية ثم تنزل أخرى فيعمل بها، وتترك (٥) الأولى.
قال أبو علي: ولم يثبت بتسمية النسخ ومعناه رواية نعلمها عن العرب، ولا سماع، ولا قياس، وإن المفسرين قالوا فيه على طريق التقريب.
الذي يدل على هذا: أن الفراء قال: النسخ: أن يعمل بالآية ثم تنزل أخرى فيعمل بها، وتترك (٥) الأولى.
(١) في (أ)، (م): (وما).
(٢) بئر معونة: وقعة في صفر من السنة الرابعة، قتل فيها أربعون من خيار أصحاب رسول الله - ﷺ -، بعثهم رسول الله - ﷺ - دعاة إلى الله فغدرت بهم قبائل رِعل وذكوان وعصية عند بئر معونة. ينظر: "سيرة ابن هشام" ٣/ ١٨٤ - ١٩٠ تحقيق: همام سعيد.
(٣) حديث عائشة.
وجاء هذا أيضًا من رواية أنس رواه البخاري (٤٠٩٠) كتاب المغازي، باب: غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة، ومسلم (٦٧٧) كتاب المساجد، باب: استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة.
(٤) (٥) من "الحجة" ٢/ ٢٠١.
(٢) بئر معونة: وقعة في صفر من السنة الرابعة، قتل فيها أربعون من خيار أصحاب رسول الله - ﷺ -، بعثهم رسول الله - ﷺ - دعاة إلى الله فغدرت بهم قبائل رِعل وذكوان وعصية عند بئر معونة. ينظر: "سيرة ابن هشام" ٣/ ١٨٤ - ١٩٠ تحقيق: همام سعيد.
(٣) حديث عائشة.
وجاء هذا أيضًا من رواية أنس رواه البخاري (٤٠٩٠) كتاب المغازي، باب: غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة، ومسلم (٦٧٧) كتاب المساجد، باب: استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة.
(٤) (٥) من "الحجة" ٢/ ٢٠١.
225
والقراءة الصحيحة: ﴿مَا نَنْسَخْ﴾ وقرأ ابن عامر (١) وحده (ما نُنْسِخْ) بضم النون (٢)، وخَطَّأهُ في ذلك أبو حاتم (٣) (٤) وكثير من أهل النظر (٥). والذين وجهوا هذه القراءة قالوا: أفعَلَ لا يخلو من ثلاثة (٦) أوجه:
أحدها (٧): أن تكون (٨) لغة (٩) في فعل كقولهم: حلَّ من إحرامه، وأَحَلّ، وبدأ الله الخلق وأبدا هم، ولا يجوز هذا الوجه في أنسخ؛ لأنا لا نعلم أحدًا حكى أو روى أنسخ بمعنى: نسخ.
الوجه الثاني: أن تكون الهمزة للنقل، كقوله: قام وأقمته، وضرب وأضربته (١٠)، ونسخ الكتاب وأنسخته الكتاب، وهذا الوجه أيضًا كالأول
أحدها (٧): أن تكون (٨) لغة (٩) في فعل كقولهم: حلَّ من إحرامه، وأَحَلّ، وبدأ الله الخلق وأبدا هم، ولا يجوز هذا الوجه في أنسخ؛ لأنا لا نعلم أحدًا حكى أو روى أنسخ بمعنى: نسخ.
الوجه الثاني: أن تكون الهمزة للنقل، كقوله: قام وأقمته، وضرب وأضربته (١٠)، ونسخ الكتاب وأنسخته الكتاب، وهذا الوجه أيضًا كالأول
(١) هو: أبو عمران عبد الله بن عامر اليحصبي، إمام أهل الشام في القرآن، وأحد القراء السبعة، أخذ القراءة من المغيرة بن أبي شهاب اليحصبي عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، توفي سنة ١١٨هـ. ينظر: "معرفة القراء الكبار" ١/ ٨٢، و"السبعة" ص ٨٥.
(٢) قرأ ابن عامر من غير طريق الداجوني عن هشام: (ما نُنْسِخ) بضم النون، والباقون بالفتح. ينظر: "السبعة" ١٦٨، "النشر" ٢/ ٢١٩ - ٢٢٠، و"معاني القراءات" للأزهري ص ٦٠، "الحجة في القراءات السبعة" ٨٦ تحقيق: عبد العال سالم مكرم.
(٣) هو: سهل بن محمد الجشمي السجستاني، من أئمة القراءة واللغة، تقدمت ترجمته.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٠٢، "تفسير القرطبي" ٢/ ٥٥، "الدر المصون" ١/ ٣٣٤.
(٥) قال السمين الحلبي في "الدر المصون" ١/ ٣٣٤: وهذا جراءة منه على عادته.
(٦) في (ش): (لا يخلو هذه أوجه).
(٧) في (ش): (أحدهما).
(٨) في "الحجة" أن تكون (أفعل) لغة في هذا الحرف.
(٩) ساقطة من (م).
(١٠) في (ش): (وضربته).
(٢) قرأ ابن عامر من غير طريق الداجوني عن هشام: (ما نُنْسِخ) بضم النون، والباقون بالفتح. ينظر: "السبعة" ١٦٨، "النشر" ٢/ ٢١٩ - ٢٢٠، و"معاني القراءات" للأزهري ص ٦٠، "الحجة في القراءات السبعة" ٨٦ تحقيق: عبد العال سالم مكرم.
(٣) هو: سهل بن محمد الجشمي السجستاني، من أئمة القراءة واللغة، تقدمت ترجمته.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٠٢، "تفسير القرطبي" ٢/ ٥٥، "الدر المصون" ١/ ٣٣٤.
(٥) قال السمين الحلبي في "الدر المصون" ١/ ٣٣٤: وهذا جراءة منه على عادته.
(٦) في (ش): (لا يخلو هذه أوجه).
(٧) في (ش): (أحدهما).
(٨) في "الحجة" أن تكون (أفعل) لغة في هذا الحرف.
(٩) ساقطة من (م).
(١٠) في (ش): (وضربته).
226
في أنه لا يجوز حمل الآية عليه؛ لأنك لو قدرت الهمزة للنقل كان المعنى ما ننسخك من آية، فتجعل (١) المفعول محذوفًا من اللفظ مرادًا في المعنى، كقولك: ما أعطيت من درهم فلن يضيع عندك، على معنى: ما أعطيتك، وإذا كان على هذا التقدير، كان المعنى: ما نُنَزِّلُ عليك من آية أو ننسها نأت بخير منها، وذلك أن إنساخه إياها إنما هو إنزال في المعنى، لأنه تمكين من نسخها بالكتابة، وإنما يتمكن بأن ينزل عليه، وليس هذا المراد بالآية ولا المعنى، ألا ترى أنه ليس كل آية أنزلت أُتي بآية أذهب منها في المصلحة، وإذا كان هذا التأويل يؤدي إلى الفساد في المعنى والخروج عن الغرض الذي قصد به الخطاب علمت أن توجيه التأويل إليه لا يصح (٢).
الوجه الثالث: أن يكون المعنى في أنسخت الآية: وجدتها منسوخة، كقولهم: أَجَدْتُ الرجل، وأَجْبَنْتُه، وأكذَبْتُهُ، وأَبْخَلْتُه، أي: أصبتُه على هذه الأحوال، فيكون معنى قوله (نُنسخْ): نجده منسوخًا، وإنما (٣) نجده كذلك
الوجه الثالث: أن يكون المعنى في أنسخت الآية: وجدتها منسوخة، كقولهم: أَجَدْتُ الرجل، وأَجْبَنْتُه، وأكذَبْتُهُ، وأَبْخَلْتُه، أي: أصبتُه على هذه الأحوال، فيكون معنى قوله (نُنسخْ): نجده منسوخًا، وإنما (٣) نجده كذلك
(١) في (ش): (فجعل).
(٢) عبارة أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٨٥ هكذا: وذلك أن إنساخه إياها إنما هو إنزال في المعنى، ويكون معنى الإنساخ أنه منسوخ من اللوح المحفوظ أو من الذكر، وهو، الكتاب الذي نسخت الكتب المنزلة منه، وإذا كان كذلك فالمعنى: ما ننزل من آية، أو ما ننسخك من آية أو ننسها؛ لأن ابن عامر يقرأ: (أو نُنسها نأت بخير منها أو مثلها) وليس هذا المراد ولا المعنى، ألا ترى أنه ليس كل آية أنزلت أتي بآية أذهب منها في المصلحة فإذا كان تأويلها هذا التأويل يؤدي إلى الفساد في المعنى والخروج عن الغرض الذي قصد به الخطاب علمت أن توجيه التأويل إليه لا يصح، وإذا لم يصح ذلك ولا الوجه الذي ذكرناه قبله، ثبت أن وجه قراءته على القسم الثالث.
(٣) في (ش): (وأما).
(٢) عبارة أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٨٥ هكذا: وذلك أن إنساخه إياها إنما هو إنزال في المعنى، ويكون معنى الإنساخ أنه منسوخ من اللوح المحفوظ أو من الذكر، وهو، الكتاب الذي نسخت الكتب المنزلة منه، وإذا كان كذلك فالمعنى: ما ننزل من آية، أو ما ننسخك من آية أو ننسها؛ لأن ابن عامر يقرأ: (أو نُنسها نأت بخير منها أو مثلها) وليس هذا المراد ولا المعنى، ألا ترى أنه ليس كل آية أنزلت أتي بآية أذهب منها في المصلحة فإذا كان تأويلها هذا التأويل يؤدي إلى الفساد في المعنى والخروج عن الغرض الذي قصد به الخطاب علمت أن توجيه التأويل إليه لا يصح، وإذا لم يصح ذلك ولا الوجه الذي ذكرناه قبله، ثبت أن وجه قراءته على القسم الثالث.
(٣) في (ش): (وأما).
227
لنسخه إياه، وإذا كان كذلك كان قوله: نُنسخ بضم النون كقراءة من قرأ: (نَنسخ) بفتح النون يتفقان في المعنى وإن اختلفا في اللفظ (١).
وقوله تعالى: ﴿نُنْسِهَا﴾ قرأ ابن كثير (٢) وأبو عمرو: (نَنْسَأها) مفتوحة النون مهموزة (٣).
قال أبو زيد: نسأتُ الإبل عن الحوض، فأنا أنسؤها نَسْأً، إذا أخَّرْتَها عنه، ونسأت الإبل: إذا زدتَ في ظمئها يومًا أو يومين أو أكثر، وتقول: انتسأتُ عنك انتساء: إذا تباعدتَ (٤) عنه (٥)، وفي الحديث: "إذا تناضلتم
وقوله تعالى: ﴿نُنْسِهَا﴾ قرأ ابن كثير (٢) وأبو عمرو: (نَنْسَأها) مفتوحة النون مهموزة (٣).
قال أبو زيد: نسأتُ الإبل عن الحوض، فأنا أنسؤها نَسْأً، إذا أخَّرْتَها عنه، ونسأت الإبل: إذا زدتَ في ظمئها يومًا أو يومين أو أكثر، وتقول: انتسأتُ عنك انتساء: إذا تباعدتَ (٤) عنه (٥)، وفي الحديث: "إذا تناضلتم
(١) انتهى كلام أبي علي ملخصًا من "الحجة" ٢/ ١٨٤ - ١٨٦، وينظر: "المحرر الوجيز" ١/ ٤٢٨ - ٤٢٩، ونقله القرطبي ٢/ ٥٤ - ٥٦، قال أبو حيان في "البحر" ١/ ٣٤٢ معلقا على كلام أبي علي: فجعل الهمزة في النسخ ليست للتعدية، وإنما أفعل لوجود الشيء بمعنى ما صيغ منه، وهذا أحد معاني أفعل المذكورة فيه فاتحة الكتاب، وجعل الزمخشري الهمزة فيه للتعدية، قال: وإنساخها: الأمر بنسخها، وهو أن يأمر جبريل بأن يجعلها منسوخة بالإعلام بنسخها وقال ابن عطية: التقدير: ما ننسخك من آية، أي: ما نبيح لك نسخه، كأنه لما نسخه الله أباح لنبيه تركها بذلك النسخ، فسمى تلك الإباحة إنساخا (فالهمزة عنده للتعدية).
وخرج ابن عطية هذه القراءة على تخريج آخر، وهو أن تكون الهمزة فيه للتعدية أيضًا، وهو من نسخ الكتاب، وهو نقله من غير إزالة له، قال: ويكون المعنى: ما نكتب وننزل من اللوح المحفوظ، أو ما نؤخر فيه ونترك فلا ننزله، أي ذلك فعلنا فإنا نأتي بخير من المؤخر المتروك أو بمثله الخ وتعقبه أبو حيان. انتهى ملخصًا من "البحر المحيط".
(٢) هو: أبو معبد عبد الله بن كثير الداري المكي، أحد القراء السبعة المشهورين، تقدمت ترجمته ٢/ ٤١ - ٤٢.
(٣) ينظر: "السبعة" ص ١٦٨، "النشر" ٢/ ٢٢٠.
(٤) في (ش): (أخرتها).
(٥) نقله عنه في "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٨٧.
وخرج ابن عطية هذه القراءة على تخريج آخر، وهو أن تكون الهمزة فيه للتعدية أيضًا، وهو من نسخ الكتاب، وهو نقله من غير إزالة له، قال: ويكون المعنى: ما نكتب وننزل من اللوح المحفوظ، أو ما نؤخر فيه ونترك فلا ننزله، أي ذلك فعلنا فإنا نأتي بخير من المؤخر المتروك أو بمثله الخ وتعقبه أبو حيان. انتهى ملخصًا من "البحر المحيط".
(٢) هو: أبو معبد عبد الله بن كثير الداري المكي، أحد القراء السبعة المشهورين، تقدمت ترجمته ٢/ ٤١ - ٤٢.
(٣) ينظر: "السبعة" ص ١٦٨، "النشر" ٢/ ٢٢٠.
(٤) في (ش): (أخرتها).
(٥) نقله عنه في "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٨٧.
228
فانتسئوا عن البيوت" (١) أي: تباعدوا. وقال: مالك بن زُغْبة (٢):
وأنسأته الدين إنساءً: إذا أخرت قضاءه عنه. واسم ذلك: النسيئة، فمعنى قوله: (ننسأها) أي: نؤخرها (٤). ومعنى التأخير في الآية على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يؤخر التنزيل (٥) فلا ينزل ألبتَّة، ولا يُعْلَم، ولا يُعْمَل به، ولا يتلى، والمعنى على هذا: ما نؤخر (٦) إنزالها فلا ننزِلُها (٧).
الوجه الثاني: أن ينزلَ القرآن فيعمل به ويتلى، ثم يؤخر بعد ذلك، بأن يُنْسخ فترفع (٨) تلاوته ألبتّة، فلا يتلى ولا يعمل بتأويله، وذلك مثل ما روينا عن أبي بكر (٩) - رضي الله عنه - ومثل ما روي عن زر أن أُبَيًّا قال له: كم تقرؤون الأحزاب؟ قلت: بضعًا وسبعين آية، قال: قد قرأتها ونحن مع
| إذا أَنْسَؤُوا فوتَ الرماح أتَتْهُمُ | عوائرُ نَبْلٍ كالجرادِ نُطِيرُها (٣) |
أحدها: أن يؤخر التنزيل (٥) فلا ينزل ألبتَّة، ولا يُعْلَم، ولا يُعْمَل به، ولا يتلى، والمعنى على هذا: ما نؤخر (٦) إنزالها فلا ننزِلُها (٧).
الوجه الثاني: أن ينزلَ القرآن فيعمل به ويتلى، ثم يؤخر بعد ذلك، بأن يُنْسخ فترفع (٨) تلاوته ألبتّة، فلا يتلى ولا يعمل بتأويله، وذلك مثل ما روينا عن أبي بكر (٩) - رضي الله عنه - ومثل ما روي عن زر أن أُبَيًّا قال له: كم تقرؤون الأحزاب؟ قلت: بضعًا وسبعين آية، قال: قد قرأتها ونحن مع
(١) ذكره ابن الأثير في "النهاية" بلفظ: "ارموا فإن الرمي جلادة، وإذا رميتم فانتسوا عن البيوت" أي: تأخروا وصوب: انتسئوا، وعزاه للهروي. ينظر: "النهاية" ٥/ ٤٥، "اللسان" ١/ ٣٩٢ - ٣٩٣ ومعنى تناضلتم: تراميتم للسبق.
(٢) هو: مالك بن زغبة، من بني قتيبة بن معن، من باهلة، حدثت معركة قبلية جاهلية ضد بني الحارث بن كعب وبني نهد وبني جرم، نظم فيها أبياتا. ينظر: "خزانة الأدب" ٨/ ١٣٢، و"البرصان والعرجان" ص ٤٥٩.
(٣) ينظر: "لسان العرب" ٥/ ٣٦١٧، (مادة: عور)، ٥/ ٣١٨٧، (مادة: عير)، ٧/ ٤٤٠٤، (مادة: نسأ)، "المعجم المفصل" ٣/ ٣٧١.
(٤) ينظر: "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٨٧، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٥٦، "اللسان" ٧/ ٤٤٠٣.
(٥) في (ش): (المنزل).
(٦) في (ش): (يؤخر).
(٧) في (ش): (فلا ينزلها).
(٨) في (ش): (فترفع).
(٩) تقدم تخريجه.
(٢) هو: مالك بن زغبة، من بني قتيبة بن معن، من باهلة، حدثت معركة قبلية جاهلية ضد بني الحارث بن كعب وبني نهد وبني جرم، نظم فيها أبياتا. ينظر: "خزانة الأدب" ٨/ ١٣٢، و"البرصان والعرجان" ص ٤٥٩.
(٣) ينظر: "لسان العرب" ٥/ ٣٦١٧، (مادة: عور)، ٥/ ٣١٨٧، (مادة: عير)، ٧/ ٤٤٠٤، (مادة: نسأ)، "المعجم المفصل" ٣/ ٣٧١.
(٤) ينظر: "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٨٧، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٥٦، "اللسان" ٧/ ٤٤٠٣.
(٥) في (ش): (المنزل).
(٦) في (ش): (يؤخر).
(٧) في (ش): (فلا ينزلها).
(٨) في (ش): (فترفع).
(٩) تقدم تخريجه.
229
رسول الله - ﷺ - أطول من سورة البقرة (١).
والوجهُ الثالث: أن يؤخر العملُ بالتأويل؛ لأنه نسخ، ويترك خَطه مُثبتًا وتلاوته في أن يُتلى قُرآن (٢). وهو ما حكي عن مجاهد في قوله: (أو ننساها) قال: نُثْبت (٣) خطها ونُبَدّل حكمها (٤) (٥).
ولا يصح في معنى الآية من هذه الأوجه إلا الأول؛ لأن الثاني والثالث يرجع تأويلهما إلى النسخ، ولا يَحسُن في التقدير: ما نَنْسَخْ من آية أو نَنْسَخْها.
وذُكر وجه رابع، هو أقوى هذه الأوجه، وهو: أن يكون المعنى: نؤخرها إلى وقت ثانٍ، فنأتي بدلًا منها في الوقت المتقدم بما يقوم مقامها، فعلى هذا يتوجّه معنى التأخير (٦).
والوجهُ الثالث: أن يؤخر العملُ بالتأويل؛ لأنه نسخ، ويترك خَطه مُثبتًا وتلاوته في أن يُتلى قُرآن (٢). وهو ما حكي عن مجاهد في قوله: (أو ننساها) قال: نُثْبت (٣) خطها ونُبَدّل حكمها (٤) (٥).
ولا يصح في معنى الآية من هذه الأوجه إلا الأول؛ لأن الثاني والثالث يرجع تأويلهما إلى النسخ، ولا يَحسُن في التقدير: ما نَنْسَخْ من آية أو نَنْسَخْها.
وذُكر وجه رابع، هو أقوى هذه الأوجه، وهو: أن يكون المعنى: نؤخرها إلى وقت ثانٍ، فنأتي بدلًا منها في الوقت المتقدم بما يقوم مقامها، فعلى هذا يتوجّه معنى التأخير (٦).
(١) رواه عبد الله بن الإمام أحمد في: "زوائد المسند" ٥/ ١٣٢، والنسائي في "السنن الكبرى" (٧١٥٠)، وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص ١٩٠، ونقله عن أبي عبيد: السيوطي في "الإتقان" ٣/ ٧٢، وذكره القرطبي ٢/ ٥٦، وقال ابن كثير في "تفسيره" ص ١٣٥٠: وهذا إسناد حسن.
(٢) في "الحجة": وتلاوته قرآن يتلى.
(٣) في (م): (ثبت).
(٤) رواه الطبري في تفسيره عن مجاهد ١/ ٤٧٥ وذكره أبو علي في "الحجة" ٢/ ١٨٧ وينظر في هذه القراءة وغيرها: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٠٤، وما بعدها، و"المحتسب" ١/ ١٠٣، و"المختصر" لابن خالويه ص ٩، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٤٢٨ - ٤٢٩، و"البحر المحيط" ١/ ٣٤٣.
(٥) هذا كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٨٧ - ١٨٨ بمعناه.
(٦) قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" ١/ ٤٢٨ - ٤٢٩: وهذه القراءات لا تخلو كل واحدة منها أن تكون من النسء أو الإنساء بمعنى التأخير، أو تكون من النسيان. والنسيان في كلام العرب يجيء في الأغلب ضد الذكر، وقد يجيء بمعنى الترك،=
(٢) في "الحجة": وتلاوته قرآن يتلى.
(٣) في (م): (ثبت).
(٤) رواه الطبري في تفسيره عن مجاهد ١/ ٤٧٥ وذكره أبو علي في "الحجة" ٢/ ١٨٧ وينظر في هذه القراءة وغيرها: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٠٤، وما بعدها، و"المحتسب" ١/ ١٠٣، و"المختصر" لابن خالويه ص ٩، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٤٢٨ - ٤٢٩، و"البحر المحيط" ١/ ٣٤٣.
(٥) هذا كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٨٧ - ١٨٨ بمعناه.
(٦) قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" ١/ ٤٢٨ - ٤٢٩: وهذه القراءات لا تخلو كل واحدة منها أن تكون من النسء أو الإنساء بمعنى التأخير، أو تكون من النسيان. والنسيان في كلام العرب يجيء في الأغلب ضد الذكر، وقد يجيء بمعنى الترك،=
230
وأما من قرأ: (نُنسها) فهو منقول من نسي، والنسيان له معنيان:
أحدهما: الترك كقوله: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧]، أي: تركوا طاعة الله فترك رحمتهم، أو ترك تخليصهم.
والثاني: الذي هو ضد الذكر (١).
أحدهما: الترك كقوله: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧]، أي: تركوا طاعة الله فترك رحمتهم، أو ترك تخليصهم.
والثاني: الذي هو ضد الذكر (١).
= فالمعاني الثلاثة مقولة في هذه القراءات، فما كان منها يترتب في لفظة النسيان الذي هو ضد الذكر، فمعنى الآية: ما ننسخ من آية أو نقدر نسيانك لها فتنساها حتى ترتفع جملة وتذهب، فإنا نأتي بما هو خير منها لكم، أو مثله في المنفعة. وما كان من هذه القراءات يحمل على معنى الترك فإن الآية معه تترتب فيها أربعة معان:
أحدها: ما ننسخ على وجوه النسخ أو نترك غير منزل عليك فإنا لابد أن ننزل رفقاً بكم خيرًا من ذلك أو مثله، حتى لا ينقص الدين عن حد كماله.
والمعنى الثاني: أو نترك تلاوته وإن رفعنا حكمه فيجيء النسخ على هذا: رفع التلاوة والحكم.
والمعنى الثالث: أو نترك حكمه وإن رفعنا تلاوته، فالنسخ أيضا على هذا: رفع التلاوة والحكم.
والمعنى الرابع: أو نتركها غير منسوخة الحكم والتلاوة، فالنسخ على هذا المعنى: هو على جميع وجوهه، ويجيء الضميران في منها، أو مثلها، عائدين على المنسوخة فقط، وكأن الكلام: إن نسخنا أو أبقينا فإنا نأتي بخير من المنسوخة أو مثلها.
وما كان من هذه القراءات يحمل على معنى التأخير، فإن الآية معه تترتب فيها المعاني الأربعة التي في الترك:
أولها: ما ننسخ أو نؤخر إنزاله. والثاني: ما ننسخ النسخ الأكمل أو نؤخر حكمه وإن أبقينا تلاوته. والثالث: ما ننسخ النسخ الأكمل أو نؤخر تلاوته وإن أبقينا حكمه. والرابع: ما ننسخ أو نؤخره مثبتا لا ننسخه، ويعود الضميران كما ذكرنا في الترك، وبعض هذه المعاني أقوى من بعض، لكن ذكرنا جميعها لأنها تحتمل، وقد قال جميعها العلماء، إما نصًا، وإما إشارةً، فكملناها.
(١) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٨٨ بمعناه.
أحدها: ما ننسخ على وجوه النسخ أو نترك غير منزل عليك فإنا لابد أن ننزل رفقاً بكم خيرًا من ذلك أو مثله، حتى لا ينقص الدين عن حد كماله.
والمعنى الثاني: أو نترك تلاوته وإن رفعنا حكمه فيجيء النسخ على هذا: رفع التلاوة والحكم.
والمعنى الثالث: أو نترك حكمه وإن رفعنا تلاوته، فالنسخ أيضا على هذا: رفع التلاوة والحكم.
والمعنى الرابع: أو نتركها غير منسوخة الحكم والتلاوة، فالنسخ على هذا المعنى: هو على جميع وجوهه، ويجيء الضميران في منها، أو مثلها، عائدين على المنسوخة فقط، وكأن الكلام: إن نسخنا أو أبقينا فإنا نأتي بخير من المنسوخة أو مثلها.
وما كان من هذه القراءات يحمل على معنى التأخير، فإن الآية معه تترتب فيها المعاني الأربعة التي في الترك:
أولها: ما ننسخ أو نؤخر إنزاله. والثاني: ما ننسخ النسخ الأكمل أو نؤخر حكمه وإن أبقينا تلاوته. والثالث: ما ننسخ النسخ الأكمل أو نؤخر تلاوته وإن أبقينا حكمه. والرابع: ما ننسخ أو نؤخره مثبتا لا ننسخه، ويعود الضميران كما ذكرنا في الترك، وبعض هذه المعاني أقوى من بعض، لكن ذكرنا جميعها لأنها تحتمل، وقد قال جميعها العلماء، إما نصًا، وإما إشارةً، فكملناها.
(١) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٨٨ بمعناه.
231
والذي في هذه الآية منقول من: نسيتُ الشيء إذا لم تذكره، ومعناه: أنَّا إذا رفعنا آية من جهة النسخ أو الإنساء لها أتينا بخير من الذي نرفع بأحد هذين الوجهين وهما النسخ والإنساء (١). وقد يقع النسخ بالإنساء، وهو ما حدث أبو أمامة بن سهل بن حنيف (٢): أن رجلًا كانت معه سورة، فقام يقرؤها من الليل، فلم يقدر عليها، وقام آخر يقرؤها، فلم يقدر عليها، فلما أصبحوا أتوا رسول الله - ﷺ - فقال بعضهم: يا رسول الله، قمت البارحة لأقرأ سورة كذا، فلم أقدر عليها، وقال الآخر: يا رسول الله، ما جئت إلا لذلك (٣)، وقال الآخر: وأنا يا رسول الله، فقال رسول الله - ﷺ -: "إنها نسخت البارحة" (٤).
(١) بمعناه من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٩٢، ١٩٣.
(٢) أبو أمامة أسعد بن سهل بن حُنَيف، وقيل: سعد بن سهل الأنصاري: معروف
بكنيته، معدود في الصحابة، له رؤية، ولم يسمع من النبي - ﷺ -، مات سنة ١٠٠
ينظر: "الاستيعاب" ١/ ١٧٦ و"التقريب" ١٠٤ (٤٠٢).
(٣) في (ش): (كذلك).
(٤) أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" برقم [١٧]، من طريق عبد الله بن صالح عن الليث عن عُقَيل ويونس عن ابن شهاب، ورواه الثعلبي في "تفسيره" من طريقه ١/ ١٠٩٧ وأخرجه الطحاوي في "مشكل الأثار" ٢/ ٢٧٣ والواحدي في "الوسيط" ١/ ١٨٩ وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص ٢٣ من طريق شعيب بن أبي حمزة الحمصي عن الزهري، به نحوه. وذكره السيوطي في "الدر" ١/ ١٩٧ - ١٩٨ وعزاه لأبي داود في "ناسخه" وابن المنذر، وابن الأنباري في "المصاحف"، وأبي ذر الهروي في "فضائله"، والبيهقي في "الدلائل". وله شاهد عن ابن عمر بنحوه قال فيه ابن كثير في تفسيره فيه سليمان بن أرقم: ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" ٧/ ١٥٦ وفي "الكبير" ١٢/ ٢٨٨ ورواه عبد الرزاق في "المصنف" ٣/ ٢٦٣، وينظر، "مشكل الأثار" ٢/ ٢٧٣، وقد حسنه د. خالد العنزي في تعليقه على الثعلبي ١/ ١٠٩٩ وهو من مراسيل الصحابة، وهي حجة، ينظر: "تدريب الراوي" ١/ ٢٠٧.
(٢) أبو أمامة أسعد بن سهل بن حُنَيف، وقيل: سعد بن سهل الأنصاري: معروف
بكنيته، معدود في الصحابة، له رؤية، ولم يسمع من النبي - ﷺ -، مات سنة ١٠٠
ينظر: "الاستيعاب" ١/ ١٧٦ و"التقريب" ١٠٤ (٤٠٢).
(٣) في (ش): (كذلك).
(٤) أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" برقم [١٧]، من طريق عبد الله بن صالح عن الليث عن عُقَيل ويونس عن ابن شهاب، ورواه الثعلبي في "تفسيره" من طريقه ١/ ١٠٩٧ وأخرجه الطحاوي في "مشكل الأثار" ٢/ ٢٧٣ والواحدي في "الوسيط" ١/ ١٨٩ وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص ٢٣ من طريق شعيب بن أبي حمزة الحمصي عن الزهري، به نحوه. وذكره السيوطي في "الدر" ١/ ١٩٧ - ١٩٨ وعزاه لأبي داود في "ناسخه" وابن المنذر، وابن الأنباري في "المصاحف"، وأبي ذر الهروي في "فضائله"، والبيهقي في "الدلائل". وله شاهد عن ابن عمر بنحوه قال فيه ابن كثير في تفسيره فيه سليمان بن أرقم: ضعيف رواه الطبراني في "الأوسط" ٧/ ١٥٦ وفي "الكبير" ١٢/ ٢٨٨ ورواه عبد الرزاق في "المصنف" ٣/ ٢٦٣، وينظر، "مشكل الأثار" ٢/ ٢٧٣، وقد حسنه د. خالد العنزي في تعليقه على الثعلبي ١/ ١٠٩٩ وهو من مراسيل الصحابة، وهي حجة، ينظر: "تدريب الراوي" ١/ ٢٠٧.
232
ومعنى قوله: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا﴾ أي: أصلح لمن تعبّد بها، وأنفع لهم، وأسهل عليهم، وأكثر لأجرهم، لا أن آيةً خيرٌ من آية؛ لأن كلام الله عز وجل واحد، وكله خيرٌ (١).
﴿أَوْ مِثْلِهَا﴾ في المنفعة والمثوبة، بأن يكون ثوابها كثواب التي قبلها (٢).
والفائدة في ذلك: أن يكون الناسخُ أسهلَ في المأخذ من المنسوخ، والإيمان به والناس إليه أسرع، نحو القبلة التي كانت على جهة ثم حولت إلى الكعبة، فهذا وإن كان السجود إلى سائر النواحي متساويًا في العمل والثواب، فالذي أمر الله به في ذلك الوقت كان الأصلح والأدعى للعرب وغيرهم إلى الإسلام. واعلم أن هذه الآية قد اضطرب فيها المفسرون وأصحاب المعاني والقراء، واختلفت أقوالهم وقراءاتهم. وكثرة الاختلاف تدل على الإشكال وخفاء المغزى، وقلَّ من أصاب الشاكلة منهم (٣). فالفراء أشار في هذه الآية إلى قولين زَلَّ في أحدهما، وذلك أنه قال: النسيان على وجهين:
أحدهما: على الترك، يتركها ولا ينسخها (٤). وهذا لا يصح؛ لأنه
﴿أَوْ مِثْلِهَا﴾ في المنفعة والمثوبة، بأن يكون ثوابها كثواب التي قبلها (٢).
والفائدة في ذلك: أن يكون الناسخُ أسهلَ في المأخذ من المنسوخ، والإيمان به والناس إليه أسرع، نحو القبلة التي كانت على جهة ثم حولت إلى الكعبة، فهذا وإن كان السجود إلى سائر النواحي متساويًا في العمل والثواب، فالذي أمر الله به في ذلك الوقت كان الأصلح والأدعى للعرب وغيرهم إلى الإسلام. واعلم أن هذه الآية قد اضطرب فيها المفسرون وأصحاب المعاني والقراء، واختلفت أقوالهم وقراءاتهم. وكثرة الاختلاف تدل على الإشكال وخفاء المغزى، وقلَّ من أصاب الشاكلة منهم (٣). فالفراء أشار في هذه الآية إلى قولين زَلَّ في أحدهما، وذلك أنه قال: النسيان على وجهين:
أحدهما: على الترك، يتركها ولا ينسخها (٤). وهذا لا يصح؛ لأنه
(١) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٠٩.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٠٩.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٥، و"المحرر الوجيز" ١/ ٤٢٨ - ٤٤١، و"التفسير الكبير" ٣/ ٢٣١، و"البحر المحيط" ١/ ٣٤٤.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٤ - ٦٥ قال: والوجه الآخر من النسيان الذي ينسى، كما قال الله: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ وكان بعضهم يقرأ (أو ننسأها)، بهمز، يريد: نؤخرها من النسيئة، وكل حسن.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٠٩.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٥، و"المحرر الوجيز" ١/ ٤٢٨ - ٤٤١، و"التفسير الكبير" ٣/ ٢٣١، و"البحر المحيط" ١/ ٣٤٤.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٤ - ٦٥ قال: والوجه الآخر من النسيان الذي ينسى، كما قال الله: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ وكان بعضهم يقرأ (أو ننسأها)، بهمز، يريد: نؤخرها من النسيئة، وكل حسن.
233
ليس كل آية تُركت ولم تنسخ يؤتى بخير منها (١).
قال الزجاج: وهو فاسد من جهة اللفظ، وذلك النسيان يكون بمعنى الترك، وفي الآية (ننسها) من الإنساء لا من النسيان، فالإنساء لا يكون بمعنى الترك (٢). ونصر أبو علي الفارسي في كتاب الحجة قول الفراء، وأَفَسَدَ كل ما ذكره أبو إسحاق في هذه الآية في كتابه، وطال الخطبُ بينهما، فضربت عن ذكره صفحًا (٣). وكثير من المفسرين حمل النسخ المذكور في الآية على معنى: نسخ الكتاب من الكتاب. فقد حكي عن عدة منهم أنهم قالوا: يريد بالنسخ ما نسخه الله لمحمد - ﷺ - من اللوح المحفوظ فأنزله عليه، وهذا ظاهر الإحالة؛ لأنه ليس كل آية نسخت للنبي - ﷺ - من اللوح المحفوظ، فأنزلت عليه (٤) يؤتيه الله ويأتيه بخير منها، ولو كان كذلك لتسلسل الوحي حتى لا يتناهى (٥).
وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أي: من النسخ والتبديل وغيرهما (٦).
١٠٧ - قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ﴾ هو استفهام معناه التوقيف والتقرير (٧)، كقوله:
قال الزجاج: وهو فاسد من جهة اللفظ، وذلك النسيان يكون بمعنى الترك، وفي الآية (ننسها) من الإنساء لا من النسيان، فالإنساء لا يكون بمعنى الترك (٢). ونصر أبو علي الفارسي في كتاب الحجة قول الفراء، وأَفَسَدَ كل ما ذكره أبو إسحاق في هذه الآية في كتابه، وطال الخطبُ بينهما، فضربت عن ذكره صفحًا (٣). وكثير من المفسرين حمل النسخ المذكور في الآية على معنى: نسخ الكتاب من الكتاب. فقد حكي عن عدة منهم أنهم قالوا: يريد بالنسخ ما نسخه الله لمحمد - ﷺ - من اللوح المحفوظ فأنزله عليه، وهذا ظاهر الإحالة؛ لأنه ليس كل آية نسخت للنبي - ﷺ - من اللوح المحفوظ، فأنزلت عليه (٤) يؤتيه الله ويأتيه بخير منها، ولو كان كذلك لتسلسل الوحي حتى لا يتناهى (٥).
وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أي: من النسخ والتبديل وغيرهما (٦).
١٠٧ - قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ﴾ هو استفهام معناه التوقيف والتقرير (٧)، كقوله:
(١) ينظر هذا التعقب عند أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٩٢.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٩ - ١٩٠.
(٣) ينظر: "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٩٢ - ٢٥٢.
(٤) في (ش): (فأنزلت عليه)، وهذا ظاهر الإحالة، وهو تكرار.
(٥) ينظر: "الناسخ والمنسوخ" لابي عبيد ص ٧، "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٧ - ٤٧٨، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٠٠ - ٢٠١، "تفسير القرطبي" ١/ ٥٤ - ٥٦.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٠٩.
(٧) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩١، وينظر: "الوسيط" ١/ ١٩٠.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٩ - ١٩٠.
(٣) ينظر: "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٩٢ - ٢٥٢.
(٤) في (ش): (فأنزلت عليه)، وهذا ظاهر الإحالة، وهو تكرار.
(٥) ينظر: "الناسخ والمنسوخ" لابي عبيد ص ٧، "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٧ - ٤٧٨، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٠٠ - ٢٠١، "تفسير القرطبي" ١/ ٥٤ - ٥٦.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٠٩.
(٧) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩١، وينظر: "الوسيط" ١/ ١٩٠.
أَلَسْتم خير من ركب المطايا (١)
أي: أنتم كذلك.
وقوله تعالى: ﴿مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الملك: تمام القدرة واستحكامها (٢)، وقد مرَّ. ومعنى الآية: أنه يملك السماوات والأرض ومن فيهن، وهو أعلم بوجه الصلاح فيما يتعبدهم به من ناسخ ومنسوخ (٣).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ وَلِيٍّ﴾ هو فعيل بمعنى الفاعل (٤)، يقال: هو والي الأمر ووليُّه، أي: القائم به والذي يلي عليه (٥).
وشرحنا (٦) معنى الولي عند قوله: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ٢٥٧] ومعنى: ﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ تحذير العباد من عذابه، إذ لا مانع منه (٧).
١٠٨ - قوله تعالى: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ﴾ الآية، قد ذكرنا بعض أحكام أم في قوله: ﴿أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ [البقرة: ٦]، (٨) والذي بقي هاهنا أن أم تقع (٩)
أي: أنتم كذلك.
وقوله تعالى: ﴿مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الملك: تمام القدرة واستحكامها (٢)، وقد مرَّ. ومعنى الآية: أنه يملك السماوات والأرض ومن فيهن، وهو أعلم بوجه الصلاح فيما يتعبدهم به من ناسخ ومنسوخ (٣).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ وَلِيٍّ﴾ هو فعيل بمعنى الفاعل (٤)، يقال: هو والي الأمر ووليُّه، أي: القائم به والذي يلي عليه (٥).
وشرحنا (٦) معنى الولي عند قوله: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ٢٥٧] ومعنى: ﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ تحذير العباد من عذابه، إذ لا مانع منه (٧).
١٠٨ - قوله تعالى: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ﴾ الآية، قد ذكرنا بعض أحكام أم في قوله: ﴿أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ [البقرة: ٦]، (٨) والذي بقي هاهنا أن أم تقع (٩)
(١) عجزالبيت:
وأندى العالمين بطون راح
وهو لجرير، في "ديوانه" ص ٨٥، وفي "المجموع شرح المهذب"١٠/ ٢٩٨، "المعجم المفصل" ٢/ ١٣٣، وانظر ٢/ ٣٦٣.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩١، وينظر: "الوسيط" ١/ ١٩٠.
(٣) نفسه.
(٤) انظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٤٥.
(٥) ينظر: "الوسيط" ١/ ١٩٠.
(٦) يعنى: سيأتي شرحه.
(٧) ينظر: "الوسيط" ١/ ١٩٠.
(٨) "البسيط" ١/ ٤٧٤ - ٤٧٥ تحقيق: الفوزان.
(٩) في (ش): (تقطع).
وأندى العالمين بطون راح
وهو لجرير، في "ديوانه" ص ٨٥، وفي "المجموع شرح المهذب"١٠/ ٢٩٨، "المعجم المفصل" ٢/ ١٣٣، وانظر ٢/ ٣٦٣.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩١، وينظر: "الوسيط" ١/ ١٩٠.
(٣) نفسه.
(٤) انظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٤٥.
(٥) ينظر: "الوسيط" ١/ ١٩٠.
(٦) يعنى: سيأتي شرحه.
(٧) ينظر: "الوسيط" ١/ ١٩٠.
(٨) "البسيط" ١/ ٤٧٤ - ٤٧٥ تحقيق: الفوزان.
(٩) في (ش): (تقطع).
235
عاطفة بعد الاستفهام، كقولك: أخرج زيدٌ (١) أم عمرو؟ وأَزَيدٌ عندك أم عمرو؟، فيكون معنى الكلام: أيهما عندك؟، ولا تكاد تكون عاطفة إلا بعد الاستفهام (٢).
قال الفراء: ويجوز أن يستفهم بها، فتكون (٣) على جهة النسق في ظاهر اللفظ، وفي المعنى تكون استفهامًا مبتدأً به، منقطعًا مما قبله، وذلك مثل قوله تعالى: ﴿الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [السجدة: ١ - ٣]. فجاءت (أم) وليس قبلها استفهام، وهي دليل على أنها استفهام مُبتدأ على كلام قد سبقه (٤)، وتقديره: بل أتقولون افتراه، فلو لم يتقدمه كلام لم يجز أن تستفهمَ مبتدئا كلامك بـ (أم)، ولا يكون إلا بالألف أو بهل، فأم استفهام متوسط والمتقدم يكون بالألف أو بهل (٥).
فأما قوله ﴿أَمْ تُرِيدُونَ﴾ فيجوز فيه الوجهان جميعًا، إن شئت قلت قبله استفهام رُدَّ عليه، وهو قوله: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ﴾ (٦).
فإن قيل: كيف يُرَدّ (أم تريدون) عليه والأول خطاب للنبي - ﷺ -، والثاني خطاب للجماعة؟ قيل: الله تعالى رجع في الخطاب من التوحيد إلى الجمع، وما خوطب به عليه السلام فقد خوطب به أُمّته، فيكتفى به من أُمّته، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [الطلاق: ١]، فوحَّد ثم جَمَعَ،
قال الفراء: ويجوز أن يستفهم بها، فتكون (٣) على جهة النسق في ظاهر اللفظ، وفي المعنى تكون استفهامًا مبتدأً به، منقطعًا مما قبله، وذلك مثل قوله تعالى: ﴿الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [السجدة: ١ - ٣]. فجاءت (أم) وليس قبلها استفهام، وهي دليل على أنها استفهام مُبتدأ على كلام قد سبقه (٤)، وتقديره: بل أتقولون افتراه، فلو لم يتقدمه كلام لم يجز أن تستفهمَ مبتدئا كلامك بـ (أم)، ولا يكون إلا بالألف أو بهل، فأم استفهام متوسط والمتقدم يكون بالألف أو بهل (٥).
فأما قوله ﴿أَمْ تُرِيدُونَ﴾ فيجوز فيه الوجهان جميعًا، إن شئت قلت قبله استفهام رُدَّ عليه، وهو قوله: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ﴾ (٦).
فإن قيل: كيف يُرَدّ (أم تريدون) عليه والأول خطاب للنبي - ﷺ -، والثاني خطاب للجماعة؟ قيل: الله تعالى رجع في الخطاب من التوحيد إلى الجمع، وما خوطب به عليه السلام فقد خوطب به أُمّته، فيكتفى به من أُمّته، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [الطلاق: ١]، فوحَّد ثم جَمَعَ،
(١) في (ش): (زيدًا).
(٢) ينظر: "مغني اللبيب" ١/ ٤٢، "البحر المحيط" ١/ ٣٤٦.
(٣) في (أ)، (م): (فيكون).
(٤) كذا في "معاني القرآن" للفراء١/ ٧١.
(٥) من قوله: (فأم استفهام)... ساقط من (ش).
(٦) كذا في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧١.
(٢) ينظر: "مغني اللبيب" ١/ ٤٢، "البحر المحيط" ١/ ٣٤٦.
(٣) في (أ)، (م): (فيكون).
(٤) كذا في "معاني القرآن" للفراء١/ ٧١.
(٥) من قوله: (فأم استفهام)... ساقط من (ش).
(٦) كذا في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧١.
236
كذلك فيما نحن فيه، ويكون المعنى على هذا: أيُّهما عندكم العلم بأن الله قدير، وأن له ملك السماوات والأرض، أم إرادة سؤال الرسول الآيات؟ والله تعالى علم أيهما عندهم.
وإن شئت جعلت أم منقطعًا مما قبله في المعنى، مستأنفًا بها الاستفهام، فيكون استفهامًا متوسطًا في اللفظ مُبتدئًا في المعنى، كقوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ﴾ الآية. ثم قال: ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ﴾ [الزخرف: ٥١ - ٥٢] وهذا يطرد فيه الوجهان العطف بالاستفهام، والابتداء به (١). ومثله قوله: ﴿مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (٦٢) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ﴾ [ص: ٦٢ - ٦٣]. فمن قرأ: ﴿أَتَّخَذنَاهُم﴾ بفتح الألف فـ (أم) جاءت بعد الاستفهام (٢)، ومن وصل الألف فـ (أم) فيه بمنزلته في قوله: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [السجدة: ٣].
قال الفراء: وربما جعلت العرب (أم) إذا سبقها استفهام لا يصلح فيه أيٌّ على جهة (بل) فتقول (٣): هل لك قبلنا حقٌ أم أنت رجل ظالم؟ على معنى: بل أنت (٤).
وأنشد ابن الأنباري على هذا:
وإن شئت جعلت أم منقطعًا مما قبله في المعنى، مستأنفًا بها الاستفهام، فيكون استفهامًا متوسطًا في اللفظ مُبتدئًا في المعنى، كقوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ﴾ الآية. ثم قال: ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ﴾ [الزخرف: ٥١ - ٥٢] وهذا يطرد فيه الوجهان العطف بالاستفهام، والابتداء به (١). ومثله قوله: ﴿مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (٦٢) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ﴾ [ص: ٦٢ - ٦٣]. فمن قرأ: ﴿أَتَّخَذنَاهُم﴾ بفتح الألف فـ (أم) جاءت بعد الاستفهام (٢)، ومن وصل الألف فـ (أم) فيه بمنزلته في قوله: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [السجدة: ٣].
قال الفراء: وربما جعلت العرب (أم) إذا سبقها استفهام لا يصلح فيه أيٌّ على جهة (بل) فتقول (٣): هل لك قبلنا حقٌ أم أنت رجل ظالم؟ على معنى: بل أنت (٤).
وأنشد ابن الأنباري على هذا:
| تروحُ من الحيِّ أم تَبْتَكرْ | وماذا يضُرُّك لو تَنْتَظِرْ (٥) |
(١) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٢.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧١ - ٧٢.
(٣) في (أ)، (م): (فيقول). وفي "معاني القرآن" ١/ ٧٢: (فيقولون).
(٤) كذا بنحوه في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٢، ونقل أغلب ما سبق عن الفراء الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٨٤ - ٤٨٥، وينظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية ١/ ٤٤١.
(٥) البيت لامرئ القيس، ينظر: "ديوانه" ص ٦٨، "لسان العرب" ٥/ ٢٧٧٧، (مادة: عبد)، "المعجم المفصل" ٣/ ٣١.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧١ - ٧٢.
(٣) في (أ)، (م): (فيقول). وفي "معاني القرآن" ١/ ٧٢: (فيقولون).
(٤) كذا بنحوه في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٢، ونقل أغلب ما سبق عن الفراء الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٨٤ - ٤٨٥، وينظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية ١/ ٤٤١.
(٥) البيت لامرئ القيس، ينظر: "ديوانه" ص ٦٨، "لسان العرب" ٥/ ٢٧٧٧، (مادة: عبد)، "المعجم المفصل" ٣/ ٣١.
237
فقال: يجوز أن تكون أم في هذا البيت مردودة على الألفِ المُضْمَرة مع تروح وكافية منها، كقوله:
ويجوز أن يكون هي حرف الاستفهام متوسطًا.
فأما التفسير فقال ابن عباس: نزلت هذه الآية في رهط من قريش، قالوا: يا محمد، (اجعل لنا) (٢) الصَّفَا ذهبًا، ووسِّع لنا أرضَ مكة، وفجَّر الأنهار خلالها تفجيرًا، نؤمنْ بك، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣). والذي سأل قوم موسى أنهم قالوا: ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء: ١٥٣]، (٤). قال
| فوالله ما أدري وإنْ كنتُ داريًا | بسبعٍ رمينَ الجمرَ أم بثمانِ (١) |
فأما التفسير فقال ابن عباس: نزلت هذه الآية في رهط من قريش، قالوا: يا محمد، (اجعل لنا) (٢) الصَّفَا ذهبًا، ووسِّع لنا أرضَ مكة، وفجَّر الأنهار خلالها تفجيرًا، نؤمنْ بك، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣). والذي سأل قوم موسى أنهم قالوا: ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء: ١٥٣]، (٤). قال
(١) البيت لعمر بن أبي ربيعة، ينظر: "ديوانه" ص ٢٦٦، "المعجم المفصل" ٨/ ١٨٦.
(٢) ساقطة من (م).
(٣) كذا ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١١٠، والمصنف أيضًا في "أسباب النزول" ص ٣٤، القرطبي ٢/ ٦٢، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٤٥ وذكره الحافظ في "العجاب" ١/ ٣٥٠ عن الواحدي، وقال: ذكره الثعلبي، ولعله من تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.. وقد ذكر الطبري في تفسيره ١/ ٤٨٣، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٢٨ أسبابًا أخرى، ومن ذلك: ما رواه ابن أبي حاتم بسنده الحسن كما في "التفسير الصحيح" ١/ ٢١٣ عن محمد بن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال: قال رافع بن حريملة، ووهب بن زيد لرسول الله - ﷺ -: يا محمد ايتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه، وفجر لنا أنهارًا نتبعك ونصدقك، فأنزل الله في ذلك عن قولهم: (أم تريدون..) الآية. قال الثعلبي في "تفسيره" ١٥/ ١١١: والصحيح إن شاء الله أنها نزلت في اليهود حين قالوا: ائتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى موسى بالتوراة، لأن هذه السورة مدنية، وتصديق هذا القول: قوله عز وجل: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ﴾ [النساء: ١٥٣].
(٤) قال الشنقيطي في "أضواء البيان" ١/ ١٤٥ لم يبين هنا الذي سأل موسى من قبل من هو؟ ولكنه بينه في موضع آخر، وذلك في قوله: (يسألك أهل الكتاب...) الآية.
(٢) ساقطة من (م).
(٣) كذا ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١١٠، والمصنف أيضًا في "أسباب النزول" ص ٣٤، القرطبي ٢/ ٦٢، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٤٥ وذكره الحافظ في "العجاب" ١/ ٣٥٠ عن الواحدي، وقال: ذكره الثعلبي، ولعله من تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.. وقد ذكر الطبري في تفسيره ١/ ٤٨٣، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٢٨ أسبابًا أخرى، ومن ذلك: ما رواه ابن أبي حاتم بسنده الحسن كما في "التفسير الصحيح" ١/ ٢١٣ عن محمد بن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال: قال رافع بن حريملة، ووهب بن زيد لرسول الله - ﷺ -: يا محمد ايتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه، وفجر لنا أنهارًا نتبعك ونصدقك، فأنزل الله في ذلك عن قولهم: (أم تريدون..) الآية. قال الثعلبي في "تفسيره" ١٥/ ١١١: والصحيح إن شاء الله أنها نزلت في اليهود حين قالوا: ائتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى موسى بالتوراة، لأن هذه السورة مدنية، وتصديق هذا القول: قوله عز وجل: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ﴾ [النساء: ١٥٣].
(٤) قال الشنقيطي في "أضواء البيان" ١/ ١٤٥ لم يبين هنا الذي سأل موسى من قبل من هو؟ ولكنه بينه في موضع آخر، وذلك في قوله: (يسألك أهل الكتاب...) الآية.
238
المفسرون: إن (١) اليهود وغيرهم من المشركين تمنَّوا (٢) على رسول الله - ﷺ -، فمِنْ قائلٍ يقول: ائتنا بكتاب من السماء جملة واحدة (٣)، كما أتى موسى بالتوراةِ، ومِن قائلٍ يقول، وهو عبد الله ابن أبي أمية المخزومي (٤): ائتني بكتاب من السماء فيه من الله رب العالمين إلى أُبي بن (٥) أُميّة: اعلم أني قد أرسلت محمدًا إلى الناس، ومِن قائلٍ يقول: لن نؤمن أو تأتي بالله والملائكة قَبيلًا، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٦).
وقال أبو إسحاق: معنى الآية: أنَّهم نُهوا أن يسألوا النبي - ﷺ - مالا خير لهم في السؤال عنه (٧)، إنما خُوطبوا بهذا بعدَ وضوحِ البراهين لهم، وإقامتهم (٨) على مخالفتهم (٩).
وقال أبو إسحاق: معنى الآية: أنَّهم نُهوا أن يسألوا النبي - ﷺ - مالا خير لهم في السؤال عنه (٧)، إنما خُوطبوا بهذا بعدَ وضوحِ البراهين لهم، وإقامتهم (٨) على مخالفتهم (٩).
(١) في (ش): (بأن).
(٢) تحرفت في "أسباب النزول" ص ٣٧ إلى تمنعوا.
(٣) ساقطة من (أ)، (م).
(٤) هو عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم ابن عمة النبي - ﷺ - عاتكة بنت عبد المطلب، كان من كفار مكة ومن أقوى المعارضين للرسول - ﷺ - ودعوته ولم يزل كذلك حتى عام الفتح، فهاجر إليه قبل الفتح هو وأبو سفيان بن الحارث ابن عبد المطلب، وأسلما وحسن إسلامهما، وشهد فتح مكة وحنينًا والطائف، ورُمي من الطائف بسهم فقتله. ينظر: "معجم الصحابة" لابن قانع ٢/ ٥٢١، "أسد الغابة" ٣/ ١٧٧، "البداية والنهاية" ٤/ ١٣٠.
(٥) في الأصل: أبي بن، والتصويب من "أسباب النزول" ص ٣٨.
(٦) ينظر تخريج كلام ابن عباس السابق، وكذا أيضا في "أسباب النزول" للمصنف ص ٣٧ - ٤٨، "البحر المحيط" ١/ ٣٤٦.
(٧) في "معاني القرآن" عنه وما يكفرهم وإنما.
(٨) في "معاني القرآن" وإقامتها.
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٢.
(٢) تحرفت في "أسباب النزول" ص ٣٧ إلى تمنعوا.
(٣) ساقطة من (أ)، (م).
(٤) هو عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم ابن عمة النبي - ﷺ - عاتكة بنت عبد المطلب، كان من كفار مكة ومن أقوى المعارضين للرسول - ﷺ - ودعوته ولم يزل كذلك حتى عام الفتح، فهاجر إليه قبل الفتح هو وأبو سفيان بن الحارث ابن عبد المطلب، وأسلما وحسن إسلامهما، وشهد فتح مكة وحنينًا والطائف، ورُمي من الطائف بسهم فقتله. ينظر: "معجم الصحابة" لابن قانع ٢/ ٥٢١، "أسد الغابة" ٣/ ١٧٧، "البداية والنهاية" ٤/ ١٣٠.
(٥) في الأصل: أبي بن، والتصويب من "أسباب النزول" ص ٣٨.
(٦) ينظر تخريج كلام ابن عباس السابق، وكذا أيضا في "أسباب النزول" للمصنف ص ٣٧ - ٤٨، "البحر المحيط" ١/ ٣٤٦.
(٧) في "معاني القرآن" عنه وما يكفرهم وإنما.
(٨) في "معاني القرآن" وإقامتها.
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٢.
239
والسؤال بعد قيام البراهين كفر. لذلك قال ﴿وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ قصدَه ووسطَه (١)، ومعنى الضلال ها هنا: الذَهابُ عن الاستقامة (٢)، قال الأخطل (٣):
أي: ذهب يمينًا وشمالًا.
وذكرنا ما في (سواء) في قوله: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ [البقرة: ٦].
١٠٩ - قوله تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ قال ابن عباس: نزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أحد (٥): ألم تروا إلى ما أصابكم، ولو كنتم على الحقّ ما هُزِمتم، فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم (٦). وتم الكلام عند قوله: ﴿كُفَّارًا﴾. وانتصب ﴿حَسَدًا﴾ على
| كنتُ القَذَى في موجِ أكدرَ مُزبدٍ | قذَفَ الأتيُّ به فضلَّ ضلالا (٤) |
وذكرنا ما في (سواء) في قوله: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ [البقرة: ٦].
١٠٩ - قوله تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ قال ابن عباس: نزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أحد (٥): ألم تروا إلى ما أصابكم، ولو كنتم على الحقّ ما هُزِمتم، فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم (٦). وتم الكلام عند قوله: ﴿كُفَّارًا﴾. وانتصب ﴿حَسَدًا﴾ على
(١) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٢.
(٢) ينظر: "الوسيط" ١/ ١٩١.
(٣) هو: غياث بن غوث بن الصلت أبو مالك التغلبي، شاعر نصراني.
(٤) ينظر: "ديوان الأخطل" ص ٢٥٠، و"نقائض جرير والأخطل" ص ٨٣، و"تفسير القرطبي" ١٤/ ٩١، و"الماوردي" ٣/ ٢٩٣، و"وضح البرهان" للغزنوي ٢/ ١٧٥. وينظر: "البحر المحيط" ٥/ ٥١٣ - ٥١٤.
(٥) تحرف في نسخ "أسباب النزول" كما في ص ٣٨ إلى وقعة بدر.
(٦) ذكره المصنف أيضًا في "أسباب النزول" ص ٣٨، وعنه ابن حجر في "العجاب في بيان الأسباب" ١/ ٣٥٤، ثم قال: هذا لعله من تفسير الكلبي، والذي ذكره ابن إسحاق في المغازي من رواية يونس بن بكير عنه حدثني محمد بن أبي محمد، حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس قال: كان حيي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسداً، إذ خصهم الله تعالى برسوله، وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام بما استطاعا، فأنزل الله تعالى فيهما: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ﴾ الآية. انتهى. وقد أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٨٧ - ٤٨٨، ابن أبي =
(٢) ينظر: "الوسيط" ١/ ١٩١.
(٣) هو: غياث بن غوث بن الصلت أبو مالك التغلبي، شاعر نصراني.
(٤) ينظر: "ديوان الأخطل" ص ٢٥٠، و"نقائض جرير والأخطل" ص ٨٣، و"تفسير القرطبي" ١٤/ ٩١، و"الماوردي" ٣/ ٢٩٣، و"وضح البرهان" للغزنوي ٢/ ١٧٥. وينظر: "البحر المحيط" ٥/ ٥١٣ - ٥١٤.
(٥) تحرف في نسخ "أسباب النزول" كما في ص ٣٨ إلى وقعة بدر.
(٦) ذكره المصنف أيضًا في "أسباب النزول" ص ٣٨، وعنه ابن حجر في "العجاب في بيان الأسباب" ١/ ٣٥٤، ثم قال: هذا لعله من تفسير الكلبي، والذي ذكره ابن إسحاق في المغازي من رواية يونس بن بكير عنه حدثني محمد بن أبي محمد، حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس قال: كان حيي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسداً، إذ خصهم الله تعالى برسوله، وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام بما استطاعا، فأنزل الله تعالى فيهما: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ﴾ الآية. انتهى. وقد أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٨٧ - ٤٨٨، ابن أبي =
240
المصدر. ودل قوله: (يردونكم كفارًا) على (يحسدونكم)، وإن شئت جعلته مفعولًا له، كأنه قيل: للحسد (١).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ أراد: أنهم ودُّوا ذلك من عند أنفسهم، لم يؤمروا به في كتابهم (٢) الدليل على ذلك قوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ فـ (من) موصولة بـ ﴿وَدَّ﴾ لا بقوله: ﴿حَسَدًا﴾ على التوكيد، كقوله: ﴿وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ [الأنعام: ٣٨].
قال ابن الأنباري: ويكون تأويل ﴿مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ في حكمهم وتدينهم ومذهبهم، أي: هذا الحسد مذهب لهم، لم يؤمروا به كما تقول: هذا عند الشافعي حلال، أي: في حكمه ومذهبه. وأما معنى الحسد في اللغة، فحكى ثعلب عن ابن الأعرابي: أصل الحسد في كلام العرب: القشر، ومنه أخذ الحسد؛ لأنه يَقْشر القلب، قال والحَسدلُ (٣): القرادة،
وقوله تعالى: ﴿مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ أراد: أنهم ودُّوا ذلك من عند أنفسهم، لم يؤمروا به في كتابهم (٢) الدليل على ذلك قوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ فـ (من) موصولة بـ ﴿وَدَّ﴾ لا بقوله: ﴿حَسَدًا﴾ على التوكيد، كقوله: ﴿وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ [الأنعام: ٣٨].
قال ابن الأنباري: ويكون تأويل ﴿مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ في حكمهم وتدينهم ومذهبهم، أي: هذا الحسد مذهب لهم، لم يؤمروا به كما تقول: هذا عند الشافعي حلال، أي: في حكمه ومذهبه. وأما معنى الحسد في اللغة، فحكى ثعلب عن ابن الأعرابي: أصل الحسد في كلام العرب: القشر، ومنه أخذ الحسد؛ لأنه يَقْشر القلب، قال والحَسدلُ (٣): القرادة،
= حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٠٤ وسند ابن أبي حاتم حسن كما في "التفسير الصحيح" ١/ ٢١٥، وقد ذكر القصة بأطول مما عند الواحدي: مقاتل في "تفسيره" ١/ ١٣٠ وكذا الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١١٢، وذكره الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" ١/ ٧٨ وقال: قلت: غريب، وهو في "تفسير الثعلبي" هكذا من غير سندٍ ولاراوٍ. وقال ابن حجر في "الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف" ١/ ٣٥٦: لم أجده مسندًا. اهـ. وممن ذكر القصة مختصرة: السمرقندي ١/ ١٤٩، والحيري في "الكفاية" ١/ ٦٧، والسمعاني في "تفسيره" ٢/ ١٦، وابن عطية ١/ ٤٤٦، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١١٤ وغيرهم.
(١) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٤، و"البيان" لابن الأنباري ١/ ١١٨، "التبيان في إعراب القرآن" ص ٨٣، و"إعراب القرآن" لأبي جعفر النحاس ١/ ٢٠٧، و"الدر المصون" ١/ ٣٤١.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٤.
(٣) زيدت اللام فيه كما يقال للعبد: عبدل. ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٤.
(١) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٤، و"البيان" لابن الأنباري ١/ ١١٨، "التبيان في إعراب القرآن" ص ٨٣، و"إعراب القرآن" لأبي جعفر النحاس ١/ ٢٠٧، و"الدر المصون" ١/ ٣٤١.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٤.
(٣) زيدت اللام فيه كما يقال للعبد: عبدل. ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٤.
241
لأنه يقشر الجلد فيمص الدم. ذكره الأزهري (١).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ في التوراة أن قول محمد صدق، ودينه حق، وهذا يدل على أنهم كانوا معاندين (٢).
وقوله تعالى: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا﴾ قد ذكرنا معنى العفو عند قوله: ﴿ثُمَّ عَفَونَا عَنكم﴾ [البقرة: ٥٢]، وأما الصفح فمعناه في اللغة: الإعراض (٣)، يقال: صفح عن فلان أي: أعرض عنه موليًا، ومنه قول كُثَيِّر يصفُ امرأة أعرضت عنه:
قال ابن عباس: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا﴾ أي: عن مساوئ كلامهم، وغلّ قلبهم (٥). قال: وهذا منسوخٌ بآية القتال (٦)، وذلك أن النبي - ﷺ - كان مأمورًا
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ في التوراة أن قول محمد صدق، ودينه حق، وهذا يدل على أنهم كانوا معاندين (٢).
وقوله تعالى: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا﴾ قد ذكرنا معنى العفو عند قوله: ﴿ثُمَّ عَفَونَا عَنكم﴾ [البقرة: ٥٢]، وأما الصفح فمعناه في اللغة: الإعراض (٣)، يقال: صفح عن فلان أي: أعرض عنه موليًا، ومنه قول كُثَيِّر يصفُ امرأة أعرضت عنه:
| صفوحًا فما تلقاك إلا بخيلةً | فمَنْ ملَّ منها ذلك الوصلَ ملَّتِ (٤) |
(١) في "تهذيب اللغة" ١/ ٨١٣، "اللسان" ٢/ ٨٦٨ (حسد).
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٤.
(٣) ينظر: "شمس العلوم" لنشوان الحميري ٦/ ٣٧٧٣.
(٤) البيت لكثير عزة، في "ديوانه" ص ٩٨، "لسان العرب" ٤/ ٢٤٥٧، (مادة: صفح)، "المعجم المفصل" ١/ ٥٥٣.
(٥) تقدم الكلام عن مثل هذه الرواية في قسم الدراسة.
(٦) أخرجه الطبري ١/ ٤٨٩ - ٤٩٠، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٠٦. وينظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيد ١/ ٥٠، و"الناسخ والمنسوخ" للنحاس ص ٢٧٤، و"الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي ص ٣١٢. ورد ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص ٤٦ القولَ بالنسخ وعزى ذلك لجماعة، وقال: واحتجوا بأن الله لم يأمر بالصفح والعفو مطلقًا، وإنما أمر به إلى غاية، وما بعد الغاية يخالف ما قبلها، وما هذا سبيله لا يكون من باب المنسوخ، بل يكون الأول قد انقضت مدته بغايته، والآخر يحتاج إلى حكم آخر. ونقل في "البحر المحيط" ١/ ٣٤٩ عن قوم بأنه ليس هذا حد المنسوخ، لأن هذا في نفس الأمر للتوقيف على مدته ﴿حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ غيّا العفو والصفح بهذه الغاية، وهذه الموادعة على أن تأتي أمر الله =
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٤.
(٣) ينظر: "شمس العلوم" لنشوان الحميري ٦/ ٣٧٧٣.
(٤) البيت لكثير عزة، في "ديوانه" ص ٩٨، "لسان العرب" ٤/ ٢٤٥٧، (مادة: صفح)، "المعجم المفصل" ١/ ٥٥٣.
(٥) تقدم الكلام عن مثل هذه الرواية في قسم الدراسة.
(٦) أخرجه الطبري ١/ ٤٨٩ - ٤٩٠، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٠٦. وينظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيد ١/ ٥٠، و"الناسخ والمنسوخ" للنحاس ص ٢٧٤، و"الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي ص ٣١٢. ورد ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص ٤٦ القولَ بالنسخ وعزى ذلك لجماعة، وقال: واحتجوا بأن الله لم يأمر بالصفح والعفو مطلقًا، وإنما أمر به إلى غاية، وما بعد الغاية يخالف ما قبلها، وما هذا سبيله لا يكون من باب المنسوخ، بل يكون الأول قد انقضت مدته بغايته، والآخر يحتاج إلى حكم آخر. ونقل في "البحر المحيط" ١/ ٣٤٩ عن قوم بأنه ليس هذا حد المنسوخ، لأن هذا في نفس الأمر للتوقيف على مدته ﴿حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ غيّا العفو والصفح بهذه الغاية، وهذه الموادعة على أن تأتي أمر الله =
242
في أوَّلِ الأمر أن (١) يدعو بالحججِ البينة، وغاية الرفق، فلمَّا عاندَ اليهود بعدَ وضوحِ الحق عندهم أُمِرَ المسلمون بعد ذلك بالحرب (٢).
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ قال ابن عباس: يريد إجلاء النضير، وقتل قريظة، وفتح خيبر وفَدَك (٣) (٤)، وقال قتادة: يعنى: أمره بالقتال (٥) في قوله: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ (٦) [التوبة: ٢٩] (٧).
١١١ - قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ المعنى: أن اليهود قالت: لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا، والنصارى قالت: لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى، ولكنهم أُجملوا،
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ قال ابن عباس: يريد إجلاء النضير، وقتل قريظة، وفتح خيبر وفَدَك (٣) (٤)، وقال قتادة: يعنى: أمره بالقتال (٥) في قوله: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ (٦) [التوبة: ٢٩] (٧).
١١١ - قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ المعنى: أن اليهود قالت: لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا، والنصارى قالت: لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى، ولكنهم أُجملوا،
= بقتل بني قريظة، وإجلاء بني النضير وإذلالهم بالجزية، وغير ذلك مما أتي من أحكام الشرع فيهم، وترك العفو والصفح.
(١) ساقط من (ش)
(٢) انظر: "معاني القرآن" للنحاس ١/ ١٩٣.
(٣) فَدَك: قال في "المصباح المنير" ص ٤٦٥ (ط: المكتبة العلمية) بفتحتين، بلدة بينها وبين مدينة النبي - ﷺ - يومان، وبينها وبين خيبر دون مرحلة، وهي مما أفاء الله على رسوله - ﷺ - وتنازعها علي والعباس في خلافة عمر... فسلمها لهما. وينظر: "المغرب" للمطرزي ص ٣٥٣ ط. دار "الكتاب" العربي.
(٤) عزاه لابن عباس: الثعلبي ٣/ ١١١٤، وينظر: "الكفاية" ١/ ٦٧، "الوسيط" ١/ ١٩١ "ابن عطية" ١/ ٤٤٨، "القرطبي" ٢/ ٦٥، "البحر المحيط" ١/ ٣٤٩.
(٥) وهذا قول الجمهور كما في "البحر المحيط" ١/ ٣٤٩.
(٦) أخرجه الطبري ١/ ٤٩٠، وذكره الثعلبي ٣/ ١١١٤ وروي نحوه عن ابن عباس وأبي العالية والسدي والربيع بن أنس وغيرهم كما عند الطبري ١/ ٤٩٠، وابن أبي حاتم ١/ ٣٣٤.
(٧) لم يفسر المؤلف الآية رقم (١١٠) وهي قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.
(١) ساقط من (ش)
(٢) انظر: "معاني القرآن" للنحاس ١/ ١٩٣.
(٣) فَدَك: قال في "المصباح المنير" ص ٤٦٥ (ط: المكتبة العلمية) بفتحتين، بلدة بينها وبين مدينة النبي - ﷺ - يومان، وبينها وبين خيبر دون مرحلة، وهي مما أفاء الله على رسوله - ﷺ - وتنازعها علي والعباس في خلافة عمر... فسلمها لهما. وينظر: "المغرب" للمطرزي ص ٣٥٣ ط. دار "الكتاب" العربي.
(٤) عزاه لابن عباس: الثعلبي ٣/ ١١١٤، وينظر: "الكفاية" ١/ ٦٧، "الوسيط" ١/ ١٩١ "ابن عطية" ١/ ٤٤٨، "القرطبي" ٢/ ٦٥، "البحر المحيط" ١/ ٣٤٩.
(٥) وهذا قول الجمهور كما في "البحر المحيط" ١/ ٣٤٩.
(٦) أخرجه الطبري ١/ ٤٩٠، وذكره الثعلبي ٣/ ١١١٤ وروي نحوه عن ابن عباس وأبي العالية والسدي والربيع بن أنس وغيرهم كما عند الطبري ١/ ٤٩٠، وابن أبي حاتم ١/ ٣٣٤.
(٧) لم يفسر المؤلف الآية رقم (١١٠) وهي قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.
243
وضم النصارى إلى اليهود في قوله: ﴿وَقَالُوا﴾؛ لأن الفريقين يُقِرَّانِ بالتوراة (١). كما قال حسان:
تقديره: ومن يمدحه وينصره، إلا أنه لما كان اللفظ واحدًا جُمع مع الأول، يعنى إلى أصل الفعل، وصار كأنه إخبار عن جملة واحدة، وإنما حقيقته عن بعضين مختلفين.
وقوله: ﴿هُودًا﴾ قال الفراء: أراد: يهودًا، فحذف الياء الزائدة، ورجع إلى الفعل من اليهودية، وقد يكون أن تجعل الهود جمعًا، واحده هائد، مثل حائل (٣) وحُول، وعائط وعُوط (٤) (٥)، ومثله من الصحيح: بازل وبُزْل (٦)، وفاره وفُرْهٌ، والهائد: المائل إلى التوبة وإلى غيرها من
| أمَنْ يهجُو رسولَ اللهِ منكمْ | ويمدحُه وينصرُه سواءُ (٢). |
وقوله: ﴿هُودًا﴾ قال الفراء: أراد: يهودًا، فحذف الياء الزائدة، ورجع إلى الفعل من اليهودية، وقد يكون أن تجعل الهود جمعًا، واحده هائد، مثل حائل (٣) وحُول، وعائط وعُوط (٤) (٥)، ومثله من الصحيح: بازل وبُزْل (٦)، وفاره وفُرْهٌ، والهائد: المائل إلى التوبة وإلى غيرها من
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٤.
(٢) البيت لحسان في "ديوانه" ص ٨، وينظر: "السيرة النبوية" ٤/ ٤٦، "تذكرة النحاة" ص ٧٠، "الخزانة" ٩/ ٢٣٢، "إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ٣٥٣، "البحر المحيط" ١/ ٦٤٠.
(٣) في (ش): (حائل إلى أصل الفعل).
(٤) حائل: ناقة حائل: حمل عليها فلم تَلْقَح، أو التي لم تَلْقح سنة أو سنوات، وجمعها: حُول وحِيال وحُوَّل وحُولَل. القاموس ص ٩٨٩. عائط: عاطت الناقة والمرأة: لم تحمل سنين من غير عُقْرٍ فهي عائط، وجمعها: عُوط وعِيْط وعُيَّط وعُوطَط، وعِيطات. "لسان العرب" ٥/ ٣١٧٢.
(٥) كذا أورده الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٧٣، وعنه النحاس في "إعراب القرآن" ١/ ٢٠٧، وينظر مثله في: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٥١، "تفسير الطبري" ١/ ٤٩١ - ٤٩٢، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٤.
(٦) بازل: هو الجمل أو الناقة إذا بلغ التاسعة من سنينه، وليس بعده سِنٌّ تسمى جمعه: بُزْل، وبُزَّل، وبَوَازل.
(٢) البيت لحسان في "ديوانه" ص ٨، وينظر: "السيرة النبوية" ٤/ ٤٦، "تذكرة النحاة" ص ٧٠، "الخزانة" ٩/ ٢٣٢، "إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ٣٥٣، "البحر المحيط" ١/ ٦٤٠.
(٣) في (ش): (حائل إلى أصل الفعل).
(٤) حائل: ناقة حائل: حمل عليها فلم تَلْقَح، أو التي لم تَلْقح سنة أو سنوات، وجمعها: حُول وحِيال وحُوَّل وحُولَل. القاموس ص ٩٨٩. عائط: عاطت الناقة والمرأة: لم تحمل سنين من غير عُقْرٍ فهي عائط، وجمعها: عُوط وعِيْط وعُيَّط وعُوطَط، وعِيطات. "لسان العرب" ٥/ ٣١٧٢.
(٥) كذا أورده الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٧٣، وعنه النحاس في "إعراب القرآن" ١/ ٢٠٧، وينظر مثله في: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٥١، "تفسير الطبري" ١/ ٤٩١ - ٤٩٢، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٤.
(٦) بازل: هو الجمل أو الناقة إذا بلغ التاسعة من سنينه، وليس بعده سِنٌّ تسمى جمعه: بُزْل، وبُزَّل، وبَوَازل.
244
المعاني (١)، وقال الليث: الهود: هم اليهود، هادوا يهودون هُودًا: أي: تابوا (٢)
وقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا﴾ [الأنعام: ١٤٦]، أي: دخلوا في اليهودية، وقد مرَّ هذا.
وقوله تعالى: ﴿تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ﴾ أي: التي تمنّوْها على الله باطلًا، وذكرنا ما في هذا الحرف عند قوله: ﴿إِلَا أَمَانىِّ﴾ [البقرة: ٧٨].
وقوله تعالى: ﴿هَاتُوا﴾ قيل: إن الهاء فيه أصلية، وهو من المُهَاتَاة. وقيل: إنه بدل عن الألف، من آتى، ولكن العرب قد أَمَاتَتْ كلَّ شيء من فعلها غير الأمر، فإذا أمرت رجلًا أن يعطيك شيئا قلتَ: هاتِ (٣).
ثعلب عن ابن الأعرابي: هاتِ وهاتِيَا، وهاتوا: أي: قَرِّبُوا قال (٤): ومنه قوله تعالى: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾ أي: قَرِّبُوا، قال: ومن العرب من يقول: هاتِ: أعط (٥).
و (البرهان): الحُجَّةُ، قال الأزهريُّ: والنون فيه ليست بأصلية، وقولهم: بَرْهَنَ فلانٌ، إذا جاء بِبُرهانٍ، مُوَلَّدٌ، والصوابُ أن يقال في معناه: أَبْرَهَ. كذلك قال ابن الأعرابي (٦). أَبْرَهَ الرجلُ إذا غلبَ الناسَ وأتى
وقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا﴾ [الأنعام: ١٤٦]، أي: دخلوا في اليهودية، وقد مرَّ هذا.
وقوله تعالى: ﴿تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ﴾ أي: التي تمنّوْها على الله باطلًا، وذكرنا ما في هذا الحرف عند قوله: ﴿إِلَا أَمَانىِّ﴾ [البقرة: ٧٨].
وقوله تعالى: ﴿هَاتُوا﴾ قيل: إن الهاء فيه أصلية، وهو من المُهَاتَاة. وقيل: إنه بدل عن الألف، من آتى، ولكن العرب قد أَمَاتَتْ كلَّ شيء من فعلها غير الأمر، فإذا أمرت رجلًا أن يعطيك شيئا قلتَ: هاتِ (٣).
ثعلب عن ابن الأعرابي: هاتِ وهاتِيَا، وهاتوا: أي: قَرِّبُوا قال (٤): ومنه قوله تعالى: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾ أي: قَرِّبُوا، قال: ومن العرب من يقول: هاتِ: أعط (٥).
و (البرهان): الحُجَّةُ، قال الأزهريُّ: والنون فيه ليست بأصلية، وقولهم: بَرْهَنَ فلانٌ، إذا جاء بِبُرهانٍ، مُوَلَّدٌ، والصوابُ أن يقال في معناه: أَبْرَهَ. كذلك قال ابن الأعرابي (٦). أَبْرَهَ الرجلُ إذا غلبَ الناسَ وأتى
(١) "تفسير الطبري" ١/ ٤٩٢، "اللسان" (مادة: هود) ٨/ ٤٧١٨.
(٢) نقله في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦٨٩.
(٣) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨١٦، ولفظه: كل شيء من فعلها غير الأمر بهات. وينظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية ١/ ٤٤٩. "اللسان" ٨/ ٤٧٣٢ (هيت).
(٤) ساقطة من (ش) و (م).
(٥) في (أ) و (م): (اعطى).
(٦) عبارة "تهذيب اللغة" بتمامها ١/ ٣٢٢: كما قاله ابن الأعرابي [إن صح عنه =
(٢) نقله في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦٨٩.
(٣) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨١٦، ولفظه: كل شيء من فعلها غير الأمر بهات. وينظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية ١/ ٤٤٩. "اللسان" ٨/ ٤٧٣٢ (هيت).
(٤) ساقطة من (ش) و (م).
(٥) في (أ) و (م): (اعطى).
(٦) عبارة "تهذيب اللغة" بتمامها ١/ ٣٢٢: كما قاله ابن الأعرابي [إن صح عنه =
245
بالعجائب (١).
١١٢ - قوله تعالى: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ﴾ (بلى) هاهنا بمنزلته في قوله: ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ﴾ (٢) [البقرة: ٨١]، وقد ذكرناه.
وقوله تعالى: ﴿أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾ الإسلام والاستسلام لله -عز وجل- هو الانقياد لطاعته، والقبول لأمره. ومن هذا قوله: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [آل عمران: ٨٣] أي: انقاد، والإسلام الذي هو ضد الكفر من هذا. ثم ينقسم إلى: متابعة وانقياد باللسان دون القلب، كقوله: ﴿قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ [الحجرات: ١٤]، أي: انقدنا من خوف السيف، وإلى متابعة وانقيادٍ باللسان والقلب كقوله: ﴿قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: ١٣١].
ومعنى قوله: ﴿أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾ أي: بذل وجْهَهُ له في السجود (٣)، وعلى هذا ﴿أَسْلَمَ﴾ بمعنى سلَّم، يقال: سلّم الشيءَ لفلانٍ، أي: خَلَّصَه له، وسَلَمَ له الشيء، أي: خَلَصَ له (٤).
قال ابن الأنباري: والمسلم على هذا القول: هو المخلصُ لله
١١٢ - قوله تعالى: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ﴾ (بلى) هاهنا بمنزلته في قوله: ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ﴾ (٢) [البقرة: ٨١]، وقد ذكرناه.
وقوله تعالى: ﴿أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾ الإسلام والاستسلام لله -عز وجل- هو الانقياد لطاعته، والقبول لأمره. ومن هذا قوله: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [آل عمران: ٨٣] أي: انقاد، والإسلام الذي هو ضد الكفر من هذا. ثم ينقسم إلى: متابعة وانقياد باللسان دون القلب، كقوله: ﴿قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ [الحجرات: ١٤]، أي: انقدنا من خوف السيف، وإلى متابعة وانقيادٍ باللسان والقلب كقوله: ﴿قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: ١٣١].
ومعنى قوله: ﴿أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾ أي: بذل وجْهَهُ له في السجود (٣)، وعلى هذا ﴿أَسْلَمَ﴾ بمعنى سلَّم، يقال: سلّم الشيءَ لفلانٍ، أي: خَلَّصَه له، وسَلَمَ له الشيء، أي: خَلَصَ له (٤).
قال ابن الأنباري: والمسلم على هذا القول: هو المخلصُ لله
= وهي في رواية أبي عمرو، ويجوز أن تكون النون في البُرهان نون جمعٍ على فُعْلان، ثم جعلت كالنون الأصلية، كما جمعوا مُصَادًا على مُصْدَانٍ، ومصيرًا على مصرانٍ، ثم جمعوا: مُصران على مَصَارين، على توهم أنها أصلية]..
(١) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٣٢٢ وليس عنده: أبْرَةَ الرجل إذا غلبَ الناسَ وأتى بالعجائب. وبنحوه في "اللسان" لابن منظور نقلًا عن الأزهري ١/ ٢٧١.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٩.
(٣) ينظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٤٥١.
(٤) ينظر: "تفسير مقاتل" ١/ ١٣١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٩.
(١) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٣٢٢ وليس عنده: أبْرَةَ الرجل إذا غلبَ الناسَ وأتى بالعجائب. وبنحوه في "اللسان" لابن منظور نقلًا عن الأزهري ١/ ٢٧١.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٩.
(٣) ينظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٤٥١.
(٤) ينظر: "تفسير مقاتل" ١/ ١٣١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٩.
246
العبادةَ، فمعنى قوله: ﴿أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾، أي: سلّم وجهه له، بأن صانه عن السجود لغيره، وخَصَّ الوجه، لأنه إذا جاد بوجهه في السجودِ لم يبخل بسائر جوارحه. وقال قومٌ من أهل المعاني: أسلمَ وجهَه أي: أسلمَ نفسه وجميع بدنه لأمر الله، والعرب تستعملُ الوجه وهم يريدون نفسَ الشيء، إلا أنَّهم يذكرونه باللفظ الأشرف (١)، كما قال: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨].
وقال جماعة: الوجهُ قد يقع صلةً في الكلام (٢)، فقوله: ﴿أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾ أي: انقاد هو لله، ومثله: ﴿فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ﴾ [آل عمران: ٢٠] أي: انقدت لله بلساني وعَقْدي (٣)، قال زيد بن عمرو بن نفيل (٤):
وقال جماعة: الوجهُ قد يقع صلةً في الكلام (٢)، فقوله: ﴿أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾ أي: انقاد هو لله، ومثله: ﴿فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ﴾ [آل عمران: ٢٠] أي: انقدت لله بلساني وعَقْدي (٣)، قال زيد بن عمرو بن نفيل (٤):
| وأسلمتُ وجهي لمن أسلمتْ | له المزنُ تحملُ عَذْبًا زُلالًا (٥) |
(١) قال القرطبي في "تفسيره" ١/ ٦٧: والعرب تخبر بالوجه عن جملة الشيء، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٥٢.
(٢) ذكره أبو حيان في: "البحر المحيط" ١/ ٣٥٢ معاني (أسلم وجهه) بأنه: أخلص عمله لله أو قصده، أو فوض أمره إلى الله تعالى، أو خضع وتواضع. ثم قال: وهذه أقوال متقاربة في المعنى، وإنما يقولها السلف على ضرب المثال، لا على أنها متعينة يخالف بعضها بعضًا.
(٣) في (ش): (وعقيدتي).
(٤) هو: زيد بن عمرو بن نفيل العَدَوي، ابنُ عَمِّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يعادي عبادة الأوثان، ولا يأكل مما ذبح عليها، آمن بالنبي - ﷺ - قبل بعثته، قال فيه - ﷺ -: "إنه يبعث أمة وحده" توفي قبل البعثة بخمسِ سنين. ينظر: "جمهرة أنساب العرب" ص ١٠٥، و"الإصابة" ١/ ٥٦٩.
(٥) هما بيتان ذكرهما الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١١٩ هكذا:
(٢) ذكره أبو حيان في: "البحر المحيط" ١/ ٣٥٢ معاني (أسلم وجهه) بأنه: أخلص عمله لله أو قصده، أو فوض أمره إلى الله تعالى، أو خضع وتواضع. ثم قال: وهذه أقوال متقاربة في المعنى، وإنما يقولها السلف على ضرب المثال، لا على أنها متعينة يخالف بعضها بعضًا.
(٣) في (ش): (وعقيدتي).
(٤) هو: زيد بن عمرو بن نفيل العَدَوي، ابنُ عَمِّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يعادي عبادة الأوثان، ولا يأكل مما ذبح عليها، آمن بالنبي - ﷺ - قبل بعثته، قال فيه - ﷺ -: "إنه يبعث أمة وحده" توفي قبل البعثة بخمسِ سنين. ينظر: "جمهرة أنساب العرب" ص ١٠٥، و"الإصابة" ١/ ٥٦٩.
(٥) هما بيتان ذكرهما الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١١٩ هكذا:
| أسلمت وجهي لمن أسلمت | له الأرض تحمل صخرًا ثقالا |
| وأسلمت وجهي لمن أسلمت | له المزن تحمل عذبًا زلالا = |
| وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهما | داودُ أو صنعَ السوابغَ تُبّعُ (١) (٢) |
وقوله تعالى: ﴿فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾، القول هاهنا عند كثيرٍ من النحويين لا يكونُ المراد به النطق، قالوا: لأن المعدوم الذي ليس بكائن لا يخاطَبُ، وتأويله: إذا قضى أمرًا فإنما يكوِّنُه فيكونُ، والقولُ قد يَرِدُ ولا يرادُ به النطقُ والكلام، كما قال:
امتلأ الحوضُ وقال قَطْني (٣) (٤)
(١) البيت لأبي ذؤيب، في "ديوانه": ١٩، "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٣٩، "مجاز القرآن" ١/ ٥٢ "تأويل مشكل القرآن" ص ٤٤١، "تفسير الطبري" ١/ ٥٠٩ "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٤١، "لسان العرب" ٦/ ٣٦٦٢ مادة (قضض)، ٦/ ٣٦٦٥ مادة (قضى)، ٤/ ٢٥٠٨ مادة (صنع). وتفسير "القرطبي" ٢/ ٨٧ "الدر المصون" ١/ ٣٥٣. والبيت من قصيدته التي يرثي فيها أولاده، ومسرودتان يعني: درعين، من السرد، وهو الخرز أو النسج وقضاهما أي: أحكمهما. وداود هو النبي المعروف - ﷺ -، والصَّنَع الحاذق بالعمل، والصَّنَع هاهنا: تبع، يقال: رجلٌ صَنَعٌ، وامرأة صَنَاع. سمع بأن داود-عليه السلام- كان سخر له الحديد فكان يصنع ما أراد، وسمع بأن تبعًا ملك اليمن عملهما، فقال: عملهما تبع، وظن أنه عملهما، وإنما أمر بها أن تعمل، وكان تبع أعظم شأنًا من أن يصنع شيئًا بيده ينظر: "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٣٩.
(٢) بتصرف يسير من "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٢٣٠.
(٣) عجز البيت:
مهلا رويدًا قد ملأت بطني
وهذا البيت لم يعرف قائله، والبيت في "تفسير الطبري" ١/ ٥١٠، و"معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٦، و"الأمالي الشجرية"١/ ٣١٣، و"المقاصد النحوية" ١/ ٣٦، و"الخصائص" ١/ ٢٣، ومعنى قطني: أي: حسبي. وروي: سلَّا رويدًا.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٩.
(٢) بتصرف يسير من "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٢٣٠.
(٣) عجز البيت:
مهلا رويدًا قد ملأت بطني
وهذا البيت لم يعرف قائله، والبيت في "تفسير الطبري" ١/ ٥١٠، و"معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٦، و"الأمالي الشجرية"١/ ٣١٣، و"المقاصد النحوية" ١/ ٣٦، و"الخصائص" ١/ ٢٣، ومعنى قطني: أي: حسبي. وروي: سلَّا رويدًا.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٩.
269
وكقول أبي النجم (١):
يَقُلْنَ للرائد: أعشبت، انزل (٢)
والذبّانُ لا قولَ لها، وقال آخرون: إن ما قدّر الله وجوده وعلم فهو كالموجود (٣).
قال أبو بكر بن الأنباري: يحتمل أن تكون اللام في (له) لام أجْل، والتأويل: ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا﴾ فإنما يقول من أجْل إرادته: كن، فيكون، كقوله: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ﴾ [آل عمران: ١٩٣] أي: من أجله (٤)، وكقوله: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ [العاديات: ٨]، معناه: إنه من أجل حبّ المال لبخيل. قال: ولا يعجبني أن يُلغى القول، ويبطل معناه؛ لأنا لا نجعل حرفًا من كتاب الله مُطَّرَحًا إذا وجدنا له من وجه من الوجوه معنى.
فإن قيل: كيف قال (كن) للشيء الذي يكونه، وذلك الشيء لا يكون نفسه حتى يقال له: كن؟ قلنا: على مذهب النحويين هذا لا يلزم؛ لأن التقدير عندهم فإنما يكوِّنه فيكون، ولفظ الأمر هاهنا المراد منه الخبر، ونذكره فيما بعد. وأما من جعل هذا أمرًا حقيقيًّا فإنه يقول هذا من الأمر الحتم الذي لا انفكاكَ للمأمور منه، ولا قدرة له على دفعه والانصراف
يَقُلْنَ للرائد: أعشبت، انزل (٢)
والذبّانُ لا قولَ لها، وقال آخرون: إن ما قدّر الله وجوده وعلم فهو كالموجود (٣).
قال أبو بكر بن الأنباري: يحتمل أن تكون اللام في (له) لام أجْل، والتأويل: ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا﴾ فإنما يقول من أجْل إرادته: كن، فيكون، كقوله: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ﴾ [آل عمران: ١٩٣] أي: من أجله (٤)، وكقوله: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ [العاديات: ٨]، معناه: إنه من أجل حبّ المال لبخيل. قال: ولا يعجبني أن يُلغى القول، ويبطل معناه؛ لأنا لا نجعل حرفًا من كتاب الله مُطَّرَحًا إذا وجدنا له من وجه من الوجوه معنى.
فإن قيل: كيف قال (كن) للشيء الذي يكونه، وذلك الشيء لا يكون نفسه حتى يقال له: كن؟ قلنا: على مذهب النحويين هذا لا يلزم؛ لأن التقدير عندهم فإنما يكوِّنه فيكون، ولفظ الأمر هاهنا المراد منه الخبر، ونذكره فيما بعد. وأما من جعل هذا أمرًا حقيقيًّا فإنه يقول هذا من الأمر الحتم الذي لا انفكاكَ للمأمور منه، ولا قدرة له على دفعه والانصراف
(١) هو الفضل بن قدامة، تقدم ٢/ ١٠.
(٢) سبق تخريجه تحت الآية رقم ٩٣.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٩ ففيه: قال بعض أهل اللغة (إنما يقول له كن فيكون) يقول له وإن لم يكن حاضرًا (كن)، لأن ما هو معلوم عنده بمنزلة الحاضر، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٦٤.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٩.
(٢) سبق تخريجه تحت الآية رقم ٩٣.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٩ ففيه: قال بعض أهل اللغة (إنما يقول له كن فيكون) يقول له وإن لم يكن حاضرًا (كن)، لأن ما هو معلوم عنده بمنزلة الحاضر، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٦٤.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٩.
270
عنه، ومشهورٌ في كلام العرب أن يرى الرجلُ منهم الرجلَ فيقول له: كن أبا فلان، أي: أنت أبو فلان. فكذلك قوله: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ معناه: كن بتكويننا إياك، فالمأمور بهذا لا قدرة له على دفعِه، ولا صنع له فيه، كما أن الذي يقال له: كن أبا فلان، لا صنع له في ذلك بفعل ولا عزم ولا غير ذلك مما يكون من الفاعلين (١).
وقوله تعالى: ﴿فَيَكُونُ﴾ قال الفراء (٢): والكسائي (٣) وأبو إسحاق (٤): رفعه من وجهين: أحدهما: العطف على (يقول)، ومثله ﴿يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ﴾ (٥) [إبراهيم: ٤٤].
الثاني: أن يكون رفعه على الاستئناف، المعنى: فهو يكون؛ لأنَّ الكلامَ تمَّ عند قوله: (كن) ثم قال: فسيكون (٦) ما أراد الله. قال الفرَّاءُ: وإنه لأحبُّ الوجهين إلي (٧)، وقرأ ابن عامر وحده (فيكونَ) بنصب النون (٨).
وقوله تعالى: ﴿فَيَكُونُ﴾ قال الفراء (٢): والكسائي (٣) وأبو إسحاق (٤): رفعه من وجهين: أحدهما: العطف على (يقول)، ومثله ﴿يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ﴾ (٥) [إبراهيم: ٤٤].
الثاني: أن يكون رفعه على الاستئناف، المعنى: فهو يكون؛ لأنَّ الكلامَ تمَّ عند قوله: (كن) ثم قال: فسيكون (٦) ما أراد الله. قال الفرَّاءُ: وإنه لأحبُّ الوجهين إلي (٧)، وقرأ ابن عامر وحده (فيكونَ) بنصب النون (٨).
(١) ينظر تفصيل المسألة في: "تفسير الطبري" ١/ ٥٠٨ - ٥١١، "البحر المحيط" ١/ ٣٦٤ - ٣٦٦ وقد رجح الطبري في "تفسيره" أن الأمر هنا عام في كل ماقضاه الله وبرأه مما هو موجود، فيقال له: كن قال: فغير جائز أن يكون الشيء مأمورًا بالوجود مرادًا كذلك إلا وهو موجود، ولا أن يكون موجوداً إلا وهو مأمور بالوجود مراد كذلك.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٤.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٥.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٩.
(٥) وهذا الذي اختاره الطبري في "تفسيره" ١/ ٥١١.
(٦) في (م): (فيكون).
(٧) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٥.
(٨) ينظر كتاب: "السبعة" ١٦٨، "الحجة" ٢/ ٢٠٣.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٤.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٥.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٩.
(٥) وهذا الذي اختاره الطبري في "تفسيره" ١/ ٥١١.
(٦) في (م): (فيكون).
(٧) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٥.
(٨) ينظر كتاب: "السبعة" ١٦٨، "الحجة" ٢/ ٢٠٣.
271
قال أبو علي (١): قوله: (كُنْ) وإن كان على لفظ الأمر فليس بأمر، ولكنَّ المرادَ به الخبرُ، كأنَّ التقديرَ: يُكَوَّن (٢) فيكون، وقد يَرِدُ لفظ الأمر والمرادُ منه الخبر، كقولهم: أكرمْ بزيدٍ، تأويلُه: ما أكرمَ زيدًا (٣)، والجار والمجرور في موضع رفع بالفعل. وفي التنزيل: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا﴾ [مريم: ٧٥] فالتقدير: مدَّه الرحمن. وإذا لم يكن قوله: ﴿كُنْ﴾ خبرًا في المعنى وإن (٤) كان على لفظ الأمر لم يَجُزْ أن ينصبَ الفعلُ بعد الفاء بأنه (٥) جواب. ويدل على امتناع النصب في قوله: ﴿فَيَكوُنُ﴾ أن الجواب بالفاء مضارع للجزاء، يدلُّ على ذلك أنه يؤولُ في المعنى إليه. ألا ترى أن قولك: اذهب فأعطيَكَ، معناه إن تذهب أعطيتُك (٦) ولا يجوز: اذهب فتذهب؛ لأن المعنى يصير: إن ذهبتَ ذهبتَ، وهذا كلامٌ لا يفيد كما يفيد إذا اختلف الفاعلان والفعلان، نحو: قُمْ فأُعطيَك؛ لأنَّ المعنى: إن قُمتَ أعطيتُك، ولو جعلتَ الفاعل في الفعل الثاني فاعِل الفعل الأول، فقلت: قُم فتقومَ، أو أعطِني فتعطيني، على قياس قراءة ابن عامر، لكان المعنى: إن قمت تقم، وإن تُعطِني تعطِني، وهذا كلامٌ في قلةِ الفائدة على ما تراه.
فأمَّا مَنِ احتج له فإنه يقول: اللفظ لما كان على لفظ الأمر وإن لم
فأمَّا مَنِ احتج له فإنه يقول: اللفظ لما كان على لفظ الأمر وإن لم
(١) في "الحجة" للفراء السبعة ٢/ ٢٠٣.
(٢) في (ش): (فكون).
(٣) في الأصل: زيد، والمثبت من "الحجة".
(٤) في (م): (وإذا).
(٥) في (ش): (لأنه).
(٦) من قوله: معناه.. ساقطة من (ش).
(٢) في (ش): (فكون).
(٣) في الأصل: زيد، والمثبت من "الحجة".
(٤) في (م): (وإذا).
(٥) في (ش): (لأنه).
(٦) من قوله: معناه.. ساقطة من (ش).
272
يكن المعنى عليه حملته على صورة اللفظ. وقد حمل أبو الحسن نحو قوله: ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [إبراهيم: ٣١]، ونحوه من الآي على أنه أجري مجرى جواب الأمر، وإن لم يكن جوابًا له في الحقيقة. وقد يكونُ اللفظُ على شيء والمعنى على غيره، ألا ترى أنهم قالوا: ما أنت وزيد (١)، والمعنى: لِمَ تؤذيه، وليس ذلك في اللفظ. قال: ومن رفع فإنه عطف على قوله: ﴿كُنْ﴾ لأن معناه: يكوّنه فيكون، وهذا أولى من حمله على (يقول) (٢)؛ لأنه لا يطرد في سورة آل عمران في قوله: ﴿ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: ٥٩]، لأن قال ماضي، ويكون مضارع، فلا يحسن عطفه عليه لاختلافهما، قال: ويجوز أن يكون خبر ابتداء محذوف، كأنه قال: فهو يكون (٣).
١١٨ - قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قال ابن عباس: هم اليهود، قالوا لمحمد - ﷺ -: لا نؤمن لك حتى يكلّمنا الله أنك رسوله، أو حتى تأتينا بمثل الآيات التي أتت بها الرسل (٤). وقال مجاهد: هم النصارى (٥).
١١٨ - قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قال ابن عباس: هم اليهود، قالوا لمحمد - ﷺ -: لا نؤمن لك حتى يكلّمنا الله أنك رسوله، أو حتى تأتينا بمثل الآيات التي أتت بها الرسل (٤). وقال مجاهد: هم النصارى (٥).
(١) في " الحجة": وزيدًا.
(٢) في (ش): (على ما يقول).
(٣) إلى هنا انتهى كلام أبي علي الفارسي ١/ ٢٠٨ بتصرف واختصار.
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥١٢، ابن أبي حاتم ١/ ٢١٥ وذكره الثعلبي ١/ ١١٤٢، وذكره ابن هشام في "السيرة النبوية" عن ابن إسحاق ٢/ ١٧٦، وينظر: "تفسير السمعاني" ٢/ ٣٣، "زاد المسير" ١/ ١٣٧، "تفسير القرطبي" ٢/ ٨٣.
(٥) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥١٢، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢١٥، وهو في "تفسير مجاهد" ص ٨٦، وهذا الذي رجحه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥١٣، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٢ لدلالة سياق الآيات.
(٢) في (ش): (على ما يقول).
(٣) إلى هنا انتهى كلام أبي علي الفارسي ١/ ٢٠٨ بتصرف واختصار.
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥١٢، ابن أبي حاتم ١/ ٢١٥ وذكره الثعلبي ١/ ١١٤٢، وذكره ابن هشام في "السيرة النبوية" عن ابن إسحاق ٢/ ١٧٦، وينظر: "تفسير السمعاني" ٢/ ٣٣، "زاد المسير" ١/ ١٣٧، "تفسير القرطبي" ٢/ ٨٣.
(٥) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥١٢، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢١٥، وهو في "تفسير مجاهد" ص ٨٦، وهذا الذي رجحه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥١٣، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٢ لدلالة سياق الآيات.
273
وقال الحسن (١) وقتادة (٢): هم مشركو العرب، وهذا أظهر الأقوال؛ لأنه يُشاكل ما طلبوا، حيث قالوا: ﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا﴾ الآيات الأربع [الإسراء: ٩٠ - ٩٣]، ولأن أهل الكتاب أهل علم به، والله تعالى قال: ﴿وَقَالَ اَلَّذِينَ لَا يَعلَمُونَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ﴾ قال أبو عبيدة (٣) والزجاج (٤): معنى لولا: هلّا، وأنشد أبو عبيدة:
أي: هلّا (٦)، وقال الخليل: (لولا) له معنيان: أحدهما: هلاّ،
وقوله تعالى: ﴿لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ﴾ قال أبو عبيدة (٣) والزجاج (٤): معنى لولا: هلّا، وأنشد أبو عبيدة:
| تعدُّونَ عَقْرَ النِّيب أفضلَ مجدِكم | بني ضَوْطَرَى، لولا الكَمِيَّ المُقَنَّعَا (٥) |
(١) لم أره عن الحسن وقد نقله في "الوسيط" ١/ ١٩٧.
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٥٥١، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٥١، والثعلبي ١/ ١١٤٢.
(٣) ينظر: "مجاز القرآن" ١/ ٥٢.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" ١/ ١٩٩.
(٥) البيت "لجرير" في ديوانه ص٢٦٥، "النقائض" ص ٨٣٣، "مجاز القرآن" ١/ ١٩٩، "تفسير الطبري" ١/ ٥١٣، "أمالي ابن الشجري" ٢/ ٢١٠. وقد عزاه هؤلاء الثلاثة لأشهب بن رُميلة. ورواية الديوان والنقائض: أفضل سعيكم. وقوله: عقر النيب: يقال عقر الناقة أو الفرس: أي ضرب قوائمها فقطعها، والنيب: جمع ناب، وهي الناقة المسنة، سميت بذلك لطول نابها، وقوله: بني ظوطري: يعني: يابني الحمقى، وقيل: إنه نبز لرجلٍ من بني مشجاع بن دارم. والكمي: الشجاع الذي لا يرهب، فلا يحيد عن قرنه، كان عليه سلاح أو لم يكن. وكان العرب يعقرون البعير قبل نحره لئلا يشرد، وكانوا يتكارمون بالمعاقرة، وهي أن يعقر هذا ناقة فيعقر الآخر، يتباريان في الجود حتى يغلب أحدهما. ينظر حاشية "تفسير الطبري" ١/ ٥١٣.
(٦) "مجاز القرآن" ١/ ٥٢ - ٥٣.
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٥٥١، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٥١، والثعلبي ١/ ١١٤٢.
(٣) ينظر: "مجاز القرآن" ١/ ٥٢.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" ١/ ١٩٩.
(٥) البيت "لجرير" في ديوانه ص٢٦٥، "النقائض" ص ٨٣٣، "مجاز القرآن" ١/ ١٩٩، "تفسير الطبري" ١/ ٥١٣، "أمالي ابن الشجري" ٢/ ٢١٠. وقد عزاه هؤلاء الثلاثة لأشهب بن رُميلة. ورواية الديوان والنقائض: أفضل سعيكم. وقوله: عقر النيب: يقال عقر الناقة أو الفرس: أي ضرب قوائمها فقطعها، والنيب: جمع ناب، وهي الناقة المسنة، سميت بذلك لطول نابها، وقوله: بني ظوطري: يعني: يابني الحمقى، وقيل: إنه نبز لرجلٍ من بني مشجاع بن دارم. والكمي: الشجاع الذي لا يرهب، فلا يحيد عن قرنه، كان عليه سلاح أو لم يكن. وكان العرب يعقرون البعير قبل نحره لئلا يشرد، وكانوا يتكارمون بالمعاقرة، وهي أن يعقر هذا ناقة فيعقر الآخر، يتباريان في الجود حتى يغلب أحدهما. ينظر حاشية "تفسير الطبري" ١/ ٥١٣.
(٦) "مجاز القرآن" ١/ ٥٢ - ٥٣.
274
والآخر: لو لم، كقولك: لولا زيد لأكرمتك، معناه: لو لم يكن، وتقول: لولا فعلت ما أمرتك، في معنى: هلَّا فعلت. وقد يدخل (ما) في هذا المعنى في موضع لا، كقوله تعالى: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ﴾ [الحجر: ٧]. أي: هَلَّا. وكلُّ ما في القرآن لولا يفسر على هَلَّا، غير التي في الصافات ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ [الصافات: ١٤٣] يقول: فلو لم يكن من المُسَبِّحِين (١). وقال الفراء: لولا إذا كانت مع الأسماء فهي شرط، وإذا كانت مع الأفعال فهي بمعنى هلّا، لومٌ على ما مضى، وتحضيض لما يأتي.
قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ أراد: كفار الأمم الخالية. قال الزجاج: أعْلَمَ اللهُ أنَّ كفرَهم في التعنُّتِ بطلب الآيات على اقتراحهم، كَكُفْر الذين من قبلهم في قولهم لموسى: ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء: ١٥٣] وما أشبهه، وفي هذا تعزية للنبي - ﷺ - (٢).
وقوله تعالى: ﴿تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ أي: أشبه بعضُها بعضًا في الكفرِ والقسوةِ ومسألةِ المُحال (٣) كقوله: ﴿يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ﴾ [التوبة: ٣٠].
وقوله تعالى: ﴿قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ يريد: أن من أيقن وطلبَ الحقّ فقد أتته الآيات البينات، نحو: المسلمين ومن لم يعاند من علماء اليهود؛ لأن القرآن برهانٌ شافٍ (٤).
قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ أراد: كفار الأمم الخالية. قال الزجاج: أعْلَمَ اللهُ أنَّ كفرَهم في التعنُّتِ بطلب الآيات على اقتراحهم، كَكُفْر الذين من قبلهم في قولهم لموسى: ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء: ١٥٣] وما أشبهه، وفي هذا تعزية للنبي - ﷺ - (٢).
وقوله تعالى: ﴿تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ أي: أشبه بعضُها بعضًا في الكفرِ والقسوةِ ومسألةِ المُحال (٣) كقوله: ﴿يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ﴾ [التوبة: ٣٠].
وقوله تعالى: ﴿قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ يريد: أن من أيقن وطلبَ الحقّ فقد أتته الآيات البينات، نحو: المسلمين ومن لم يعاند من علماء اليهود؛ لأن القرآن برهانٌ شافٍ (٤).
(١) ينظر في لولا: "الكتاب" لسيبويه ٣/ ١١٥، ٤/ ٢٢٢، "المغني" لابن هشام ١/ ٢٧٢ - ٢٧٦.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٩.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٤٣.
(٤) نقلًا عن "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٠.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٩.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٤٣.
(٤) نقلًا عن "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٠.
275
١١٩ - قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ﴾ معنى الحقّ في اللغةِ: هو الواجب الصدق الموجود، وهو نقيض الباطل، يقال: حَقَّ الشيء يَحِقُّ حقًا، معناه: وجب (١) وجوبًا. فالحق مصدر، ثم يستعمل بمعنى فاعل، مثل: بَرٍّ وطَبٍّ، وقال شمر: تقولُ العرب: حقٌّ عليَّ أن أفعل ذلك، وحُقّ، وإني لمحقوق أن أفعل خيرًا، قال: وتقول: حَقَقْتُ الأمر، وأحققته، إذا كنت على يقين منه (٢). وقال الفراء: حُقّ لكَ أن تفعل كذا، وحُقٌ عليك، فإذا قلت: حُقَّ، قلت: لك، وإذا قلت: حَقٌّ، قلت: عليك (٣). ابن الأعرابي: الحق: صدق الحديث، والحقّ: الملك، والحقّ: اليقين بعد الشك (٤).
وأصل الحق ما ذكرنا من أنه الصدق الواجب، ثم يسمى كلُّ ثابت موجود غير باطل: حقًا، كالذي ذكره ابن الأعرابي. والحقُّ من أسماء الله تعالى قال الله تعالى: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [المؤمنون: ٧١]، والحقُّ: العدل في قوله. ﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ﴾ [الأعراف: ٨٩]، والحق: الدَّين في قوله: ﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ﴾ (٥) [البقرة: ٢٨٢].
فأما تفسير الحق في هذه الآية، فقال ابن عباس: الحق: القرآن (٦)، كقوله: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ﴾ [ق: ٥]، (٧)، وقال ابن كيسان: الحق
وأصل الحق ما ذكرنا من أنه الصدق الواجب، ثم يسمى كلُّ ثابت موجود غير باطل: حقًا، كالذي ذكره ابن الأعرابي. والحقُّ من أسماء الله تعالى قال الله تعالى: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [المؤمنون: ٧١]، والحقُّ: العدل في قوله. ﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ﴾ [الأعراف: ٨٩]، والحق: الدَّين في قوله: ﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ﴾ (٥) [البقرة: ٢٨٢].
فأما تفسير الحق في هذه الآية، فقال ابن عباس: الحق: القرآن (٦)، كقوله: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ﴾ [ق: ٥]، (٧)، وقال ابن كيسان: الحق
(١) في (ش): (وجبت).
(٢) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٧٧
(٣) نقله عن شمر كما في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٧٦
(٤) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٠.
(٥) ينظر: "المفردات" للراغب الأصفهاني ص ١٣٢، "اللسان" ٢/ ٩٤٠ (حق).
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٣، والواحدي في "الوسيط" ١/ ١٩٨، البغوي ١/ ١٤٢، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٣٧.
(٧) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٤٣.
(٢) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٧٧
(٣) نقله عن شمر كما في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٧٦
(٤) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٠.
(٥) ينظر: "المفردات" للراغب الأصفهاني ص ١٣٢، "اللسان" ٢/ ٩٤٠ (حق).
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٣، والواحدي في "الوسيط" ١/ ١٩٨، البغوي ١/ ١٤٢، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٣٧.
(٧) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٤٣.
276
في هذه الآية: الإسلام (١)، نحو قوله: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ﴾ [الإسراء: ٨١] (٢).
والباء في (بالحق) بمعنى مع، أي: مع الحق (٣). وقوله: ﴿وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ﴾ [المائدة: ٦٢]، وإذا (٤) كان كذلك كان في موضع النصب بالحال (٥)، كقوله: ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ (٦) البشير: فعيلٌ بمعنى فاعل من بشَر يبشُرُ بشَرًا بمعنى بشّر (٧)، ونذكر ذلك عند قوله: ﴿أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى﴾ [آل عمران: ٣٩]. والنذير: بمعنى المنذر، وكان الأصل: نَذَرَ، إلا أن فعل الثلاثي أميت، ومثله: السميع: بمعنى المسمع، والبديع بمعنى المبدع، وتقول: أنذرتُه فَنَذِر، أي: أعلمتُه فعلِمَ وتحرّز (٨).
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ﴾ سأل فِعْلٌ يتعدّى إلى مفعولين، أنشد أحمد بن يحيى (٩):
والباء في (بالحق) بمعنى مع، أي: مع الحق (٣). وقوله: ﴿وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ﴾ [المائدة: ٦٢]، وإذا (٤) كان كذلك كان في موضع النصب بالحال (٥)، كقوله: ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ (٦) البشير: فعيلٌ بمعنى فاعل من بشَر يبشُرُ بشَرًا بمعنى بشّر (٧)، ونذكر ذلك عند قوله: ﴿أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى﴾ [آل عمران: ٣٩]. والنذير: بمعنى المنذر، وكان الأصل: نَذَرَ، إلا أن فعل الثلاثي أميت، ومثله: السميع: بمعنى المسمع، والبديع بمعنى المبدع، وتقول: أنذرتُه فَنَذِر، أي: أعلمتُه فعلِمَ وتحرّز (٨).
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ﴾ سأل فِعْلٌ يتعدّى إلى مفعولين، أنشد أحمد بن يحيى (٩):
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٤، والواحدي في "الوسيط" ١/ ١٩٨ البغوي ١/ ١٤٢ وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٣٧.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٤٣.
(٣) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٦٧.
(٤) في (ش): (فإذا).
(٥) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٦٧ وذكر أنه حال من الكاف، ويحتمل أن يكون حالا من الحق؛ لأن ما جاء به من الحق يتصف أيضًا بالبشارة والنذارة، والأظهر الأول.
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٠، "إعراب القرآن" ١/ ٢٠٩.
(٧) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٣٣٨، "البحر المحيط" ١/ ٣٦٧.
(٨) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٤٦، "اللسان " ٧/ ٤٣٩٠.
(٩) في "الحجة" ذكر هذا البيت ثم قال: وأنشد أحمد بن يحيى:
وأنشد أحمد بن يحيى:
أراد: منزلة محمودة. قال ابن الأنباري: والمصدر للمؤنث قد يكون خبرًا عن المذكر، كقولهم: أكلُ الرمانِ لذةٌ، وذكر أخبار الصالحين عظةٌ، ولقاءُ محمد منفعة. ويمكن أن تكون المثابة الموضع الذي يثاب إليه، والهاء فيه لا تكون لتأنيث الموصوف به، كما يقال للمجلس: المقامُ والمقامة، يقال: هذا الموضعُ مقامُ فلان ومقامة بمعنى، والهاء تدخل للتخصيص لا للتأنيث، وهاء التخصيص تدخل في مواضع كثيرة كالقطنة والصوفة وأشباه ذلك (٤)، قال زهير:
وواحد المقامات مقامة، وعلى هذا دلَّ كلام المفسرين. فقد قال ابن عباس في معنى قوله: ﴿مَثَابَةً﴾: يريد: لا يقضون (٦) منه وطرًا، كلما أتوه
الأصمعي: وَصَى الشيءُ يَصي، إذا اتصلَ، ووَصَاه غيرُه يَصِيه، إذا وَصَلَه، لازمٌ وواقع (٣). ثعلب، عن ابن الأعرابي: الوصيُّ النباتُ الملتفُّ (٤)، وقيل لعلي - رضي الله عنه -: (وصيٌّ) (٥)، لاتصالِ نسبه وسببه (٦) وسمته بنسب النبي - ﷺ - وسببه وسمته، وسميت الوصيّةُ وصيةً؛ لاتصالها بأمر الميت، وقيل: لأنَّ الموصَى وصَلَها إلى الموصي إليه (٧).
وفي هذا الحرف قراءتان: وصَّى، وأوصى (٨)، ولهما أمثلة من الكتاب. فمثال التشديد قوله: ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً﴾ [يس: ٥٠]، وقوله:
وكثر ذلك حتى قاله غيرهم، قال جرير:
١٤٤ - قوله تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ الآية. قال المفسرون: كانت الكعبة أحبَّ القبلتين إلى رسول الله - ﷺ -.
قال ابن عباس: لأنها كانت قبلة أبيه إبراهيم (٦).
وقال مجاهد (٧) ومقاتل (٨) وابن زيد (٩): لأنه كره موافقة اليهود (١٠).
فقال: أراد: والفرقدان أيضًا يفترقان.
وما أنشده الأخفش (٢):
أراد: أرى دارًا ورمادًا (٤).
وهذا القول عند الفراء خطأ (٥)؛ لأن (إلا) (٦) لا يُخرج عن الاستثناء إلى النسق حتى يتقدمها عدد لا يصلح أن يستثنى منه، فتجري مجرى الواو إذا بطل فيها معنى الاستثناء، بيانه: قولك: لي على فلان ألفٌ إلا عشرةً إلا
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٤٣.
(٣) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٦٧.
(٤) في (ش): (فإذا).
(٥) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٦٧ وذكر أنه حال من الكاف، ويحتمل أن يكون حالا من الحق؛ لأن ما جاء به من الحق يتصف أيضًا بالبشارة والنذارة، والأظهر الأول.
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٠، "إعراب القرآن" ١/ ٢٠٩.
(٧) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٣٣٨، "البحر المحيط" ١/ ٣٦٧.
(٨) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٤٦، "اللسان " ٧/ ٤٣٩٠.
(٩) في "الحجة" ذكر هذا البيت ثم قال: وأنشد أحمد بن يحيى:
| سألت عَمْرًا بعد بكير خُفًّا | والدلْو قد تُسْمَعُ كي تَخِفّا |
| سألناها الشِّفَاءَ فما شَفَتْنَا | ومَنَّتْنَا المواعدَ والخِلابا (١) |
| وسائلةٍ بثعلبةَ بْنِ بكر | وقد أودَتْ بثعلبةَ العَلُوقُ (٢) |
وإذا تعدى إلى مفعولين فالمفعول الثاني يكون على ثلاثة أضرب: أحدها: أن يكون الفعل واقعًا عليه من غير حرف ظاهر ولا مضمر، وذلك نحو قوله:
سألتُ زيدًا بعد بكر خُفًّا (٣)
(١) البيت لجرير بن عطية، يهجو فيها الراعي النميري، ينظر: "ديوانه" ص ٥٨، "الحجة" ٢/ ٢٠٩. والخلاب: المخادعة والكذب.
(٢) البيت للمفضل النكري، في "الأصمعيات" ص ٢٠٣، و"المنصفات" ص ٢٥، و"الخصائص" ٢/ ٤٣٧، "الحجة" ٢/ ٢١٠، "لسان العرب" ٤/ ٢١٧٠، (مادة: سير)، ٥/ ٣٠٧٤، (مادة: علق)، "المعجم المفصل" ٥/ ١٨٢ وروايته في بعض المصادر: (سير) بدل: بكر، و (علقت) بدل: أودت، وهذا البيت من قصيدة الشاعر المنصفة، يذكر أن ثعلبة بن سيار كان في أسره، وهو الذي ذكره في البيت: ثعلبة بن سير، ضرورة لإقامة الوزن. والعلوق: المنية.
(٣) البيت من الرجز لم ينسب لقائل، وبعده:
والدلَو قد تُسْمَعُ كي تَخِفّا
ذكره في "الحجة" ٢/ ٢١٠ مرة قال: عمرًا، ومرة قال: زيدًا. "اللسان" (مادة: خفف).
(٢) البيت للمفضل النكري، في "الأصمعيات" ص ٢٠٣، و"المنصفات" ص ٢٥، و"الخصائص" ٢/ ٤٣٧، "الحجة" ٢/ ٢١٠، "لسان العرب" ٤/ ٢١٧٠، (مادة: سير)، ٥/ ٣٠٧٤، (مادة: علق)، "المعجم المفصل" ٥/ ١٨٢ وروايته في بعض المصادر: (سير) بدل: بكر، و (علقت) بدل: أودت، وهذا البيت من قصيدة الشاعر المنصفة، يذكر أن ثعلبة بن سيار كان في أسره، وهو الذي ذكره في البيت: ثعلبة بن سير، ضرورة لإقامة الوزن. والعلوق: المنية.
(٣) البيت من الرجز لم ينسب لقائل، وبعده:
والدلَو قد تُسْمَعُ كي تَخِفّا
ذكره في "الحجة" ٢/ ٢١٠ مرة قال: عمرًا، ومرة قال: زيدًا. "اللسان" (مادة: خفف).
278
فيكون معناه: استعطيته (١).
الثاني: أن يتعدّى الفعلُ إليه بإضمارِ حرف، وذلك قوله (٢): ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا﴾ [المعارج: ١٠]. معناه: ولا يسأل حميمٌ عن حميمٍ، ويكون بمنزلة: اخترت الرجال زيدًا، ويجوز إظهارُ الحرف، فيكوَن كقوله: ﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ﴾ [الأعراف: ١٦٣].
والثالث: أن يقع موقعَ المفعول الثاني استفهام، كقوله: ﴿سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ﴾ [البقرة: ٢١١]. وقوله: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾ [الزخرف: ٤٥] (٣).
وفي (سألت) لغتان: تحقيق الهمزة وهي الفاشية الكثيرة، وسِلْتُ أَسَال لغةٌ، وعليها جاء قول الشاعر:
سَالَتْ هذيلُ رسولَ الله فاحشةً... ضلَّت هذيلُ بما قالت ولم تُصِبِ (٤)
وحمل سيبويه (٥) (سالت) على قلب الهمزة ألفًا للضرورة، كما قال:
راحَتْ بمسلمةَ البغالُ (٦) عَشِيَّةً... فارعَيْ فَزارةُ لا هَنَاكِ المَرْتَعْ (٧)
الثاني: أن يتعدّى الفعلُ إليه بإضمارِ حرف، وذلك قوله (٢): ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا﴾ [المعارج: ١٠]. معناه: ولا يسأل حميمٌ عن حميمٍ، ويكون بمنزلة: اخترت الرجال زيدًا، ويجوز إظهارُ الحرف، فيكوَن كقوله: ﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ﴾ [الأعراف: ١٦٣].
والثالث: أن يقع موقعَ المفعول الثاني استفهام، كقوله: ﴿سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ﴾ [البقرة: ٢١١]. وقوله: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾ [الزخرف: ٤٥] (٣).
وفي (سألت) لغتان: تحقيق الهمزة وهي الفاشية الكثيرة، وسِلْتُ أَسَال لغةٌ، وعليها جاء قول الشاعر:
سَالَتْ هذيلُ رسولَ الله فاحشةً... ضلَّت هذيلُ بما قالت ولم تُصِبِ (٤)
وحمل سيبويه (٥) (سالت) على قلب الهمزة ألفًا للضرورة، كما قال:
راحَتْ بمسلمةَ البغالُ (٦) عَشِيَّةً... فارعَيْ فَزارةُ لا هَنَاكِ المَرْتَعْ (٧)
(١) في "الحجة" ٢/ ٢١١ زيادة عليه، أي: سألته أن يفعل ذلك.
(٢) من قوله: سألت زيدًا بعد بكر... ساقط من (ش).
(٣) ما تقدم منقول من "الحجة" لأبي علي الفارسي ٢/ ٢٠٩ - ٢١١.
(٤) البيت لحسان بن ثابت هجو هذيلاً، في ملحق ديوانه ص ٣٤، "السيرة النبوية" لابن هشام ٣/ ١٧٦، "الكتاب" لسيبويه ٢/ ١٣٠ "المقتضب" للمبرد ١/ ١٦٧، "الحجة" ٢/ ٢١٨ "المعجم المفصل" ١/ ٤٢٥.
(٥) "الكتاب" ٣/ ٤٦٨، ٥٥٥. ونقل ذلك عنه أبو علي الفارسي في "الحجة" ٢/ ٢١٨.
(٦) في (ش): (النعال).
(٧) البيت للفرزدق، في "ديوانه" ١/ ٤٠٨، "الكتاب" ٣/ ٥٥٤، "الحجة" ٢/ ٢١٨، "المعجم المفصل" ٤/ ٢٦٧.
(٢) من قوله: سألت زيدًا بعد بكر... ساقط من (ش).
(٣) ما تقدم منقول من "الحجة" لأبي علي الفارسي ٢/ ٢٠٩ - ٢١١.
(٤) البيت لحسان بن ثابت هجو هذيلاً، في ملحق ديوانه ص ٣٤، "السيرة النبوية" لابن هشام ٣/ ١٧٦، "الكتاب" لسيبويه ٢/ ١٣٠ "المقتضب" للمبرد ١/ ١٦٧، "الحجة" ٢/ ٢١٨ "المعجم المفصل" ١/ ٤٢٥.
(٥) "الكتاب" ٣/ ٤٦٨، ٥٥٥. ونقل ذلك عنه أبو علي الفارسي في "الحجة" ٢/ ٢١٨.
(٦) في (ش): (النعال).
(٧) البيت للفرزدق، في "ديوانه" ١/ ٤٠٨، "الكتاب" ٣/ ٥٥٤، "الحجة" ٢/ ٢١٨، "المعجم المفصل" ٤/ ٢٦٧.
279
قال الزجاج (١) ثم ابن الأنباري وأبو علي (٢): الرفع في قوله: (ولا تُسأل) من وجهين: أحدهما: أن يكون حالًا صُرِفَتْ إلى الاستقبال، فيكون مثل ما عطف عليه في المعنى من قوله: ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ وغير مسؤول، فيكون مرفوعًا في اللفظ، منصوبًا في التأويل، ويكون ذكر تُسْأَلُ وهو فعل بعد قوله: ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ (٣) كقوله: ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ﴾ [آل عمران: ٤٦]. بعد ما تقدم من قوله: ﴿وَجِيهًا﴾.
والوجه الثاني: أن يكون منقطعًا من الأول، مُستأنفًا به، يُراد: ولست تسأل عن أصحاب الجحيم، ويقوي هذا الوجهَ قراءة عبد الله: ولن تسألَ، وقراءة أُبي: وما تُسأل (٤)، فلن، وما يشهدان للاستئناف (٥). ومعنى الآية ما قال مقاتل: وهو أن النبي - ﷺ - قال: لو أن الله أنزل بأسه باليهود لآمنوا، فأنزل الله عز وجل ﴿وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ﴾ (٦). أي: لست بمسؤولٍ عنهم، وليس عليك من شأنهم عُهدة ولا تبعة، فلا تحزن عليهم، كما قال:
والوجه الثاني: أن يكون منقطعًا من الأول، مُستأنفًا به، يُراد: ولست تسأل عن أصحاب الجحيم، ويقوي هذا الوجهَ قراءة عبد الله: ولن تسألَ، وقراءة أُبي: وما تُسأل (٤)، فلن، وما يشهدان للاستئناف (٥). ومعنى الآية ما قال مقاتل: وهو أن النبي - ﷺ - قال: لو أن الله أنزل بأسه باليهود لآمنوا، فأنزل الله عز وجل ﴿وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ﴾ (٦). أي: لست بمسؤولٍ عنهم، وليس عليك من شأنهم عُهدة ولا تبعة، فلا تحزن عليهم، كما قال:
(١) في "معاني القرآن" ١/ ٢٠٠.
(٢) "الحجة" ٢/ ٢١٦.
(٣) ساقط من (ش) من قوله: (في اللفظ).
(٤) القراءتان في "الحجة" لابن زنجلة ص ١١٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٤٦، و"مختصر في شواذ القرآن" لابن خالوية ص ١٦، و"الكاشف" ١/ ١٨٢، وتفسير ابن عطية ١/ ٤٦٨.
(٥) إلى هنا انتهى كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٢١٦.
(٦) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٥، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٣، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١١٩، و"القرطبي" ٢/ ٨٣ ونقله ابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٦٨ عن الواحدي، ثم قال: لم أر هذا في "تفسير مقاتل بن سليمان"، فينظر في "تفسير مقاتل بن حيان" ا. هـ. وهذا مرسل لا يحتج به.
(٢) "الحجة" ٢/ ٢١٦.
(٣) ساقط من (ش) من قوله: (في اللفظ).
(٤) القراءتان في "الحجة" لابن زنجلة ص ١١٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٤٦، و"مختصر في شواذ القرآن" لابن خالوية ص ١٦، و"الكاشف" ١/ ١٨٢، وتفسير ابن عطية ١/ ٤٦٨.
(٥) إلى هنا انتهى كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٢١٦.
(٦) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٥، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٣، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١١٩، و"القرطبي" ٢/ ٨٣ ونقله ابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٦٨ عن الواحدي، ثم قال: لم أر هذا في "تفسير مقاتل بن سليمان"، فينظر في "تفسير مقاتل بن حيان" ا. هـ. وهذا مرسل لا يحتج به.
280
﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾ (١) [الرعد: ٤٠].
وقرأ نافعٌ وحدَه (ولا تَسْألْ) بفتح التاء وجزم اللام، وله وجهان: أحدهما: أن يكونَ هذا نهيًا للنبي - ﷺ - على ما روي عن ابن عباس، أنه قال: سأل رسول الله - ﷺ - جبريل عن قبر أبيه وقبرِ أمِّهِ، فدلَّه عليهما، فذهب إلى القبرين ودعا لهما، وتمنىَّ أن يعرف حالَ أبويه في الآخرة فنزلت قوله: ﴿وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ﴾ (٢).
وقال القرظي: قال رسول الله - ﷺ - ذات يوم: "ليت شعري ما فعل أبواي"، فأنزل الله هذه الآية، فما ذكرهما حتى توفاه الله (٣). قال ابن
وقرأ نافعٌ وحدَه (ولا تَسْألْ) بفتح التاء وجزم اللام، وله وجهان: أحدهما: أن يكونَ هذا نهيًا للنبي - ﷺ - على ما روي عن ابن عباس، أنه قال: سأل رسول الله - ﷺ - جبريل عن قبر أبيه وقبرِ أمِّهِ، فدلَّه عليهما، فذهب إلى القبرين ودعا لهما، وتمنىَّ أن يعرف حالَ أبويه في الآخرة فنزلت قوله: ﴿وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ﴾ (٢).
وقال القرظي: قال رسول الله - ﷺ - ذات يوم: "ليت شعري ما فعل أبواي"، فأنزل الله هذه الآية، فما ذكرهما حتى توفاه الله (٣). قال ابن
(١) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٠.
(٢) ذكره أبو علي الفارسي في "الحجة" ٢/ ٢١٦، وقال: وهذا إن ثبت معنى صحيح، ويذكر أن في إسناد الحديث شيئا وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٤ والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٣ من طريق عطاء عن ابن عباس. وقال ابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٦٩: وأما قول ابن عباس فنسبه الثعلبي في "تفسيره" لرواية عطاء عنه، وهي من تفسير عبد الغني بن سعيد الواهي، وقد أخرجه الطبري من مرسل محمد بن كعب القرظي، وعليه اقتصر الماوردي وابن ظفر وغيرهما، وأستبعد الرازي صحة هذا السبب، قال لأنه - ﷺ - يعلم من مات كافرًا. انتهى. وفي سنده موسى بن عبيدة وهو ضعيف.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٥٩، الطبري ١/ ٥١٦ وأشار إلى ضعفه في ١/ ٥١٦، ابن أبي حاتم ١/ ٢١٧ من طريق موسى بن عبيدة الربذي عن محمد بن كعب، وذكره السيوطي في "الدر" ١/ ٢٠٩، وزاد نسبته إلى وكيع، وسفيان بن عيينه، وعبد بن حميد، وابن المنذر. قال السيوطي: هذا مرسل ضعيف الإسناد، وقال أحمد شاكر بعد أن أورده الطبري من طريقين عن موسى بن عبيدة: هما حديثان مرسلان، فإن محمد بن كعب بن سليم القرظي، تابعي، والمرسل لا تقوم به حجة، ثم هما إسنادان ضعيفان أيضًا بضعف راويهما موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي... وقد أخرجه الطبري أيضًا ٢/ ٥٥٩ عن داود بن أبي عاصم، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- =
(٢) ذكره أبو علي الفارسي في "الحجة" ٢/ ٢١٦، وقال: وهذا إن ثبت معنى صحيح، ويذكر أن في إسناد الحديث شيئا وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٤ والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٣ من طريق عطاء عن ابن عباس. وقال ابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٦٩: وأما قول ابن عباس فنسبه الثعلبي في "تفسيره" لرواية عطاء عنه، وهي من تفسير عبد الغني بن سعيد الواهي، وقد أخرجه الطبري من مرسل محمد بن كعب القرظي، وعليه اقتصر الماوردي وابن ظفر وغيرهما، وأستبعد الرازي صحة هذا السبب، قال لأنه - ﷺ - يعلم من مات كافرًا. انتهى. وفي سنده موسى بن عبيدة وهو ضعيف.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٥٩، الطبري ١/ ٥١٦ وأشار إلى ضعفه في ١/ ٥١٦، ابن أبي حاتم ١/ ٢١٧ من طريق موسى بن عبيدة الربذي عن محمد بن كعب، وذكره السيوطي في "الدر" ١/ ٢٠٩، وزاد نسبته إلى وكيع، وسفيان بن عيينه، وعبد بن حميد، وابن المنذر. قال السيوطي: هذا مرسل ضعيف الإسناد، وقال أحمد شاكر بعد أن أورده الطبري من طريقين عن موسى بن عبيدة: هما حديثان مرسلان، فإن محمد بن كعب بن سليم القرظي، تابعي، والمرسل لا تقوم به حجة، ثم هما إسنادان ضعيفان أيضًا بضعف راويهما موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي... وقد أخرجه الطبري أيضًا ٢/ ٥٥٩ عن داود بن أبي عاصم، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- =
281
عباس: وفي هذا نزلت الآية التي في التوبة: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ وهو علي -رضي الله عنه-. ﴿أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ (١) [التوبة: ١١٣].
قال أبو إسحاق: ويجوز أن يكون النهي لفظًا، ويكون المعنى على تفخيم ما أَعَدَّ لهم من العقاب، كما تقولُ (٢): لا تسأل عما فيه فلان من البلاء، إذا عظمته وبالغت في وصفه (٣). وعلى هذا يكون الظاهر نهيًا وتأويله تأويل التعجيب والتعظيم (٤). واختار أبو عبيد القراءة الأولى قال: لأنه لو أراد النهي لكانت الفاء أحسن من الواو (٥).
وقال أبو علي: إنما تكون الفاء أحسن إذا كانت الرسالة بالبشارة والنِذارة علّةً لأن لا يسأل عن أصحاب الجحيم، كما يقول الرجل: قد حملتُك على فرس فلا تسألني غيره، فيكونُ حملُه على الفرس علّةً لئلا يَسْأل غيره، وليس البشارة والنذارة علةً لئلا يسأل (٦)، وإنما يجعل للقراءة الأولى مزية على الثانية؛ لأن الأولى خبر، والكلام الذي بعده وقبله خبر، فإذا كان أشكل بما قبله وبما بعده كان أولى من القراءة الثانية التي هي
قال أبو إسحاق: ويجوز أن يكون النهي لفظًا، ويكون المعنى على تفخيم ما أَعَدَّ لهم من العقاب، كما تقولُ (٢): لا تسأل عما فيه فلان من البلاء، إذا عظمته وبالغت في وصفه (٣). وعلى هذا يكون الظاهر نهيًا وتأويله تأويل التعجيب والتعظيم (٤). واختار أبو عبيد القراءة الأولى قال: لأنه لو أراد النهي لكانت الفاء أحسن من الواو (٥).
وقال أبو علي: إنما تكون الفاء أحسن إذا كانت الرسالة بالبشارة والنِذارة علّةً لأن لا يسأل عن أصحاب الجحيم، كما يقول الرجل: قد حملتُك على فرس فلا تسألني غيره، فيكونُ حملُه على الفرس علّةً لئلا يَسْأل غيره، وليس البشارة والنذارة علةً لئلا يسأل (٦)، وإنما يجعل للقراءة الأولى مزية على الثانية؛ لأن الأولى خبر، والكلام الذي بعده وقبله خبر، فإذا كان أشكل بما قبله وبما بعده كان أولى من القراءة الثانية التي هي
= قال... فذكره. وقال السيوطي١/ ٢٠٩: معضل الإسناد ضعيف لا تقوم به ولا بالذي قبله حجة. وقال أحمد شاكر: وهذا مرسل أيضا لا تقوم به حجة، داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي: تابعي ثقة، ويروى عن بعض التابعين أيضًا.
(١) أخرجه الطبري ١١/ ٤٢ من طريق عطية العوفي وسنده مسلسل بالضعفاء.
(٢) في "معاني القرآن": كما يقول لك القائل الذي تعلم أنت أنه يجب أن يكون من تسأل عنه في حالة جميلة، أو حالة قبيحة، فتقول: لا تسأل عن فلان، أي: قد صار إلى أكثر مما تريد.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٠.
(٤) في "معاني القرآن" ١/ ٢٠٠.
(٥) نقله أبو علي الفارسي في "الحجة" ٢/ ٢١٧ دون نسبة.
(٦) "الحجة" لأبي علي الفارسي ٢/ ٢١٧.
(١) أخرجه الطبري ١١/ ٤٢ من طريق عطية العوفي وسنده مسلسل بالضعفاء.
(٢) في "معاني القرآن": كما يقول لك القائل الذي تعلم أنت أنه يجب أن يكون من تسأل عنه في حالة جميلة، أو حالة قبيحة، فتقول: لا تسأل عن فلان، أي: قد صار إلى أكثر مما تريد.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٠.
(٤) في "معاني القرآن" ١/ ٢٠٠.
(٥) نقله أبو علي الفارسي في "الحجة" ٢/ ٢١٧ دون نسبة.
(٦) "الحجة" لأبي علي الفارسي ٢/ ٢١٧.
282
نهى (١).
والجحيم عند العرب: النار المستحكمة المتلظية، يقال: جَحَمَتِ النارُ تَجْحَمُ، بفتح العين فيهما، جُحومًا فهي جاحم وجحيم، قال الله تعالى في قصة إبراهيم: ﴿فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٩٧]، أراد: النار الشديدة التأجج. ويقال لشده القتل في معركة الحرب: جاحم، تشبيهًا بالنار العظيمة، قال:
حتى إذا ذاق منها جاحِمًا بَردَا (٢)
والجَحْم والجَحْمَة: توقُّد النار (٣)، ومنه قوله:
١٢٠ - وقوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ قال المفسرون: كانت اليهود والنصارى يسألون النبي - ﷺ - الهُدنة، وُيطمعونه، ويُرونه أنه (٥) إن هادنهم وأمهلهم اتبعوه، فأنزل الله هذه الآية (٦)، وأخبر أنه لا يرضيهم إلا ما يستحيل وجوده، وما لا سبيل إليه؛ لأن اليهود لا ترضى عنه إلا بالتهود، والنصارى إلا بالتنصر، ويستحيل
والجحيم عند العرب: النار المستحكمة المتلظية، يقال: جَحَمَتِ النارُ تَجْحَمُ، بفتح العين فيهما، جُحومًا فهي جاحم وجحيم، قال الله تعالى في قصة إبراهيم: ﴿فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٩٧]، أراد: النار الشديدة التأجج. ويقال لشده القتل في معركة الحرب: جاحم، تشبيهًا بالنار العظيمة، قال:
حتى إذا ذاق منها جاحِمًا بَردَا (٢)
والجَحْم والجَحْمَة: توقُّد النار (٣)، ومنه قوله:
| نحن حَبسنا بني جَدِيلةَ في | نارٍ من الحرب جَحْمةِ الضَّرَمِ (٤) |
(١) "الحجة" لأبي علي الفارسي ٢/ ٢١٦.
(٢) ذكره في "تهذيب اللغة" ١/ ٥٤٥، عن الليث، ولم ينسبه وكذا في "اللسان" ١/ ٥٥٣.
(٣) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٥٤٥، "المفردات" للراغب ص ٩٥، "اللسان" ١/ ٥٥٣.
(٤) ينظر: "ديوان الحماسة" ١/ ٤٦.
(٥) ساقطة من (م).
(٦) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢٠٢، والسمرقندي في "بحر العلوم" ١/ ١٥٤، الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٦، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٣، وفي "الوسيط" ١/ ٢٠٠، البغوي ١/ ١٤٣، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٣٨، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٦٨.
(٢) ذكره في "تهذيب اللغة" ١/ ٥٤٥، عن الليث، ولم ينسبه وكذا في "اللسان" ١/ ٥٥٣.
(٣) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٥٤٥، "المفردات" للراغب ص ٩٥، "اللسان" ١/ ٥٥٣.
(٤) ينظر: "ديوان الحماسة" ١/ ٤٦.
(٥) ساقطة من (م).
(٦) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢٠٢، والسمرقندي في "بحر العلوم" ١/ ١٥٤، الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٦، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٣، وفي "الوسيط" ١/ ٢٠٠، البغوي ١/ ١٤٣، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٣٨، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٦٨.
283
الجمع بينهما، فإذا استحال إرضاؤهم فهم لا يرضَوْنَ عنه أبدًا (١).
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ (حتى) تقع (٢) على الأسماء وعلى الأفعال، وهي لوضعِ غاية أسمية أو فعلية. أما الأسمية: فمثل قولك: لقيتُ القوم حتى عبدَ الله، ومررت بالقومِ حتى عبدِ الله. وأمَّا الفعليةُ: فمثلُ قولك: اصبِرْ حتى أخرُجَ إليك. و (حتى) قد تقوم مقام (إلى) وتؤدي مثلَ معناها في بعض المواضع، ويفترقان في كثير منها، أما الموضع الذي يتفقان فيه، فمثلُ قولك: أقمْنا عندَه إلى الليلِ، وحتى الليل. وأما موضعُ افتراقهما، فمثل قولك: لقيتُ القوم حتى زيدًا، فإنه لا يجوز في هذا الموضع: لقيت القوم إلى زيد. وأما قولهُم: أكلت السمكةَ حتى رأسَها، ورأسُها، ورأسِها. فإذا كسرت لم يدخل الرأس في الكل، لأنَّ الأكلَ انتهى إليه، وهو بمعنى إلى. وفي النصب والرفع الرأسُ مأكولٌ؛ لأن (حتى) أتبع الرأسَ السمكة في النصب. وفي الرفع كان (حتى) بمعنى الواو، ورأسُها ابتداء، والخبر مضمرٌ فيه.
وأما نصبها للفعل فقال الخليل (٣) وسيبويه (٤): الناصبُ للفعل بعد حتى (أن)، إلا أنها لا تظهر مع حتى، والدليل على أن (حتى) غير ناصِبَة بنفسها: أنَّها خافضةٌ بالإجماع، كقوله ﴿حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: ٥]، ولا يُعرَف (٥) في العربية ما يعمل في اسم يعمل في فعلٍ، ولا ما يكون خافضًا
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ (حتى) تقع (٢) على الأسماء وعلى الأفعال، وهي لوضعِ غاية أسمية أو فعلية. أما الأسمية: فمثل قولك: لقيتُ القوم حتى عبدَ الله، ومررت بالقومِ حتى عبدِ الله. وأمَّا الفعليةُ: فمثلُ قولك: اصبِرْ حتى أخرُجَ إليك. و (حتى) قد تقوم مقام (إلى) وتؤدي مثلَ معناها في بعض المواضع، ويفترقان في كثير منها، أما الموضع الذي يتفقان فيه، فمثلُ قولك: أقمْنا عندَه إلى الليلِ، وحتى الليل. وأما موضعُ افتراقهما، فمثل قولك: لقيتُ القوم حتى زيدًا، فإنه لا يجوز في هذا الموضع: لقيت القوم إلى زيد. وأما قولهُم: أكلت السمكةَ حتى رأسَها، ورأسُها، ورأسِها. فإذا كسرت لم يدخل الرأس في الكل، لأنَّ الأكلَ انتهى إليه، وهو بمعنى إلى. وفي النصب والرفع الرأسُ مأكولٌ؛ لأن (حتى) أتبع الرأسَ السمكة في النصب. وفي الرفع كان (حتى) بمعنى الواو، ورأسُها ابتداء، والخبر مضمرٌ فيه.
وأما نصبها للفعل فقال الخليل (٣) وسيبويه (٤): الناصبُ للفعل بعد حتى (أن)، إلا أنها لا تظهر مع حتى، والدليل على أن (حتى) غير ناصِبَة بنفسها: أنَّها خافضةٌ بالإجماع، كقوله ﴿حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: ٥]، ولا يُعرَف (٥) في العربية ما يعمل في اسم يعمل في فعلٍ، ولا ما يكون خافضًا
(١) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥١٧، "البحر المحيط" ١/ ٣٦٨.
(٢) في (أ)، (م): يقع.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠١.
(٤) "الكتاب" ٣/ ٧.
(٥) في (ش): (تعرف).
(٢) في (أ)، (م): يقع.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠١.
(٤) "الكتاب" ٣/ ٧.
(٥) في (ش): (تعرف).
284
لاسم يكون ناصبًا (١). وهكذا اللام في قولك: جاء زيد ليضربك، معناه: لأن يضربك؛ لأن اللام خافضة للاسم، فلا تكون ناصبَةً لفعل، ولا يجوز إظهار (أن) مع هذه اللام. ويجوز رفع الفعل بعد (حتى) إذا حَسُن فيه الماضي، نحو قولك: تعلمت حتى أجيب في كل شيء، وسنذكر هذا عند قوله: ﴿حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ﴾ [البقرة: ٢١٤]، إن شاء الله.
وقوله تعالى: ﴿مِلَّتَهُم﴾ قال ابن عباس: دينهم (٢).
وكذلك قال أهل اللغة، قالوا: وإنما سُمَيَ الدينُ ملّةً؛ لأنه يُمَلُّ، أي: يُملَى على المدعوِّ إليه، وأملّ وأملَى بمعنى واحد (٣)، لكن الملة بنيت (٤) على الأصل، وهو الثلاثي. وقيل: الملّة فِعْلةٌ من مَلَّه يمُلّه، إذا ألقاه في الرماد الحار، جُعِلَتْ اسمًا للدين؛ لما فيه من مشاق تخرج عن قضية (٥) الهوى ورسم النفس، ويُقْلِق ويُحرقُ (٦) (٧). والزجاج ذكر فيها وجهًا آخر، وهو أنه قال: الملّة بمعنى السنّة والطريقة قال: ومن هذا سُمّيت المَلَّة؛ لأنها تؤثر (في مكانها كما يؤثر) (٨) في الطريق بالسلوك فيه (٩)، فجعل المَلَّة
وقوله تعالى: ﴿مِلَّتَهُم﴾ قال ابن عباس: دينهم (٢).
وكذلك قال أهل اللغة، قالوا: وإنما سُمَيَ الدينُ ملّةً؛ لأنه يُمَلُّ، أي: يُملَى على المدعوِّ إليه، وأملّ وأملَى بمعنى واحد (٣)، لكن الملة بنيت (٤) على الأصل، وهو الثلاثي. وقيل: الملّة فِعْلةٌ من مَلَّه يمُلّه، إذا ألقاه في الرماد الحار، جُعِلَتْ اسمًا للدين؛ لما فيه من مشاق تخرج عن قضية (٥) الهوى ورسم النفس، ويُقْلِق ويُحرقُ (٦) (٧). والزجاج ذكر فيها وجهًا آخر، وهو أنه قال: الملّة بمعنى السنّة والطريقة قال: ومن هذا سُمّيت المَلَّة؛ لأنها تؤثر (في مكانها كما يؤثر) (٨) في الطريق بالسلوك فيه (٩)، فجعل المَلَّة
(١) ينظر تفصيل حتى وأوجهها في: "مغني اللبيب" ١/ ١٢٢ - ١٣١، ومعظم النص منقول من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠١ - ٢٠٢.
(٢) أخرجه الثعلبي في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" ١/ ٢٠٩.
(٣) زيادة من (م).
(٤) في (ش) كأنها: (ثنيت).
(٥) في (ش): (قصة).
(٦) في (ش): (تعلق وتحرق).
(٧) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٤٧، "اللسان" ٧/ ٤٢٧١.
(٨) ساقط من (ش).
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٢ وعبارته: ومن هذه المَلَّة، أي: الموضع الذي =
(٢) أخرجه الثعلبي في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" ١/ ٢٠٩.
(٣) زيادة من (م).
(٤) في (ش) كأنها: (ثنيت).
(٥) في (ش): (قصة).
(٦) في (ش): (تعلق وتحرق).
(٧) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٤٧، "اللسان" ٧/ ٤٢٧١.
(٨) ساقط من (ش).
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٢ وعبارته: ومن هذه المَلَّة، أي: الموضع الذي =
285
مشتقة من المِلَّة، وعنده أصلها من التأثير.
وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى﴾ قال ابن عباس: يريد أن الذي أنت عليه هو دين الله الذي رضيه (١). وقال الزجاج: أي: الصراط الذي دعا إليه وهدى إليه هو طريق الحق (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ إنما جمعَ الهوى؛ لأنَّ جميع الفرق ممن يخالفُ النبي - ﷺ - لم يكن لِيُرضيَهم منه إلا اتباعُ هواهم (٣). وأراد بهذا: ما يدعونه إليه من المهادنة والإمهال.
وقوله تعالى: ﴿بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ دين الله هو الإسلام (٤)، وقيل: من العلم أنهم على الضلالة. وروي عن ابن عباس في هذه الآية قولان:
أحدهما: أنه قال: الآية نزلت في تحويل القبلة، وذلك أن اليهود والنصارى كانوا يرجُون أن يرجع محمد إلى دينهم، فلمَّا صرفَ اللهُ القبلة إلى الكعبة شَقَّ ذلك عليهم، وأَيِسُوا منه أن يوافقَهم على دينهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ (٥). يعني:
وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى﴾ قال ابن عباس: يريد أن الذي أنت عليه هو دين الله الذي رضيه (١). وقال الزجاج: أي: الصراط الذي دعا إليه وهدى إليه هو طريق الحق (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ إنما جمعَ الهوى؛ لأنَّ جميع الفرق ممن يخالفُ النبي - ﷺ - لم يكن لِيُرضيَهم منه إلا اتباعُ هواهم (٣). وأراد بهذا: ما يدعونه إليه من المهادنة والإمهال.
وقوله تعالى: ﴿بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ دين الله هو الإسلام (٤)، وقيل: من العلم أنهم على الضلالة. وروي عن ابن عباس في هذه الآية قولان:
أحدهما: أنه قال: الآية نزلت في تحويل القبلة، وذلك أن اليهود والنصارى كانوا يرجُون أن يرجع محمد إلى دينهم، فلمَّا صرفَ اللهُ القبلة إلى الكعبة شَقَّ ذلك عليهم، وأَيِسُوا منه أن يوافقَهم على دينهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ (٥). يعني:
= يختبز فيه، لأنها تؤَثر في مكانها كما يُؤثر في الطريق. ثم قال: وكلام العرب إذا اتفق لفظه فأكثره مشتق بعضه من بعض، وآخذ بعضه برقاب بعض. وقد نقله في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥١.
(١) ذكره في "الوسيط" ١/ ٢٠٠، وهذا لعله من رواية عطاء.
(٢) و (٣) "معاني القرآن" ١/ ٢٠٢.
(٤) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٤٧.
(٥) ذكره الثعلبي ١/ ١١٤٦ والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٣، والبغوي ١/ ١٤٣، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٣٨، وابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٧٣، والسيوطي في "لباب النقول" ص ٢٥، وعزاه في "الدر" ١/ ٢٠٩ للثعلبي.
(١) ذكره في "الوسيط" ١/ ٢٠٠، وهذا لعله من رواية عطاء.
(٢) و (٣) "معاني القرآن" ١/ ٢٠٢.
(٤) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٤٧.
(٥) ذكره الثعلبي ١/ ١١٤٦ والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٣، والبغوي ١/ ١٤٣، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٣٨، وابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٧٣، والسيوطي في "لباب النقول" ص ٢٥، وعزاه في "الدر" ١/ ٢٠٩ للثعلبي.
286
صليت نحو قبلتهم بعد الذي جاءك من العلم في التحويل إلى الكعبة.
والقول الثاني: إن المراد بقوله ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ أمةُ محمد - ﷺ -، وأما محمد فقد عصمته. وإياكم أخاطب وأنهى وأؤدب، فقد علمتم أن محمدًا قد جاءكم بالحق والصدق، فلا تتبعوا أهواء الكافرين، فلا يكونَ لكم من دوني ولي ولا نصير، فالخطاب لرسول الله - ﷺ - والمراد منه أمته (١).
١٢١ - ثم ذكر أن من كان منهم غير متعنّت ولا حاسد ولا طالب رئاسة تلا التوراة كما أنزلت، فرأى فيها أن النبي - ﷺ - حق فآمن به. فقال: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾ قال ابن عباس: نزلت في الذين قدموا مع جعفر بن أبي طالب (٢) من أهل الحبشة، وكانوا من أهل الكتاب، آمنوا بالنبي - ﷺ - (٣).
ومعنى قوله: ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾ قال ابنُ مسعود: يُحِلِّون حلالَه،
والقول الثاني: إن المراد بقوله ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ أمةُ محمد - ﷺ -، وأما محمد فقد عصمته. وإياكم أخاطب وأنهى وأؤدب، فقد علمتم أن محمدًا قد جاءكم بالحق والصدق، فلا تتبعوا أهواء الكافرين، فلا يكونَ لكم من دوني ولي ولا نصير، فالخطاب لرسول الله - ﷺ - والمراد منه أمته (١).
١٢١ - ثم ذكر أن من كان منهم غير متعنّت ولا حاسد ولا طالب رئاسة تلا التوراة كما أنزلت، فرأى فيها أن النبي - ﷺ - حق فآمن به. فقال: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾ قال ابن عباس: نزلت في الذين قدموا مع جعفر بن أبي طالب (٢) من أهل الحبشة، وكانوا من أهل الكتاب، آمنوا بالنبي - ﷺ - (٣).
ومعنى قوله: ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾ قال ابنُ مسعود: يُحِلِّون حلالَه،
(١) ينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٩٤.
(٢) جعفر بن أبي طالب، ابن عم رسول الله - ﷺ -، وأخو علي بن أبي طالب لأبويه وهو الملقب بالطيار، وكان أشبه الناس بالنبي - ﷺ - خلقًا وخُلُقًا، هاجر الهجرتين، وعينه النبي صلى الله عليه خلفًا لزيد بن حارثة في مؤته واستشهد فيها سنة ٨هـ. ينظر: "الاستيعاب" ١/ ٣١٢، "أسد الغابة" ١/ ٣٤١.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٧، ونقله الواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٣ وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٦٧ من رواية عطاء والكلبي: نزلت في أصحاب السفينة الذين أقبلوا مع جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة، كانوا أربعين رجلًا من الحبشة وأهل الشام. وقال ابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٧٤ تعقيبًا: ذكر بأبسط منه الثعلبي في "تفسيره" وقد ذكره الحيري في "الكفاية" ص ٧٠، والسمعاني في "تفسيره" ٢/ ٣٨، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٤٤، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٦٩.
(٢) جعفر بن أبي طالب، ابن عم رسول الله - ﷺ -، وأخو علي بن أبي طالب لأبويه وهو الملقب بالطيار، وكان أشبه الناس بالنبي - ﷺ - خلقًا وخُلُقًا، هاجر الهجرتين، وعينه النبي صلى الله عليه خلفًا لزيد بن حارثة في مؤته واستشهد فيها سنة ٨هـ. ينظر: "الاستيعاب" ١/ ٣١٢، "أسد الغابة" ١/ ٣٤١.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٧، ونقله الواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٣ وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٦٧ من رواية عطاء والكلبي: نزلت في أصحاب السفينة الذين أقبلوا مع جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة، كانوا أربعين رجلًا من الحبشة وأهل الشام. وقال ابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٧٤ تعقيبًا: ذكر بأبسط منه الثعلبي في "تفسيره" وقد ذكره الحيري في "الكفاية" ص ٧٠، والسمعاني في "تفسيره" ٢/ ٣٨، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٤٤، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٦٩.
287
ويُحَرِّمون حرامَه، ويقرؤونه كما أنزل، ولا يحُرِّفونه عن مواضعِه (١).
وقال الحسن: يعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهِه، ويَكِلُونَ علمَ ما أشكلَ عليهم إلى عالمه (٢).
وقال مجاهد: يتبعونه حق اتباعه (٣)، وقال الضحاك: نزلت في مؤمني اليهود: عبد الله بن سلام وأصحابه (٤)، وقال قتادة (٥) وعكرمة (٦): نزلت في أصحاب النبي - ﷺ -، و (الكتاب) على هذا: القرآن. ﴿أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ بمحمد أو بالكتاب.
وقال الحسن: يعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهِه، ويَكِلُونَ علمَ ما أشكلَ عليهم إلى عالمه (٢).
وقال مجاهد: يتبعونه حق اتباعه (٣)، وقال الضحاك: نزلت في مؤمني اليهود: عبد الله بن سلام وأصحابه (٤)، وقال قتادة (٥) وعكرمة (٦): نزلت في أصحاب النبي - ﷺ -، و (الكتاب) على هذا: القرآن. ﴿أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ بمحمد أو بالكتاب.
(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٥٦، ومن طريقه أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥١٩ ورواه أيضًا من طريق أبي العالية، ورواه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٩، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٣٥٦، والسمرقندي ١/ ١٥٥، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٠٠، والسمعاني في "تفسيره" ٢/ ٣٨.
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٢٠، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢١٨، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٥٠، وعزاه في "الدر" ١/ ٢١٠ إلى وكيع. وينظر: "تفسير الحسن البصري" ٢/ ٧٩.
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٢٠، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢١٨، والثعلبي ١/ ١١٥٠.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٨، ولفظه: هم من آمن من اليهود: عبد الله بن سلام، وشعبة بن عكرو وتمام بن يهوذا، وأسيد وأسد ابنا كعب وابن يامين وعبد الله بن صوريا وذكره الواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٣ مختصرًا وفي "الوسيط" ١/ ٢٠٠، البغوي في "تفسيره" ١/ ١٤٤، وفي "البحر المحيط" ١/ ٣٦٩، وينظر: "العجاب" ١/ ٣٧٤.
(٥) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥١٨، وذكره الثعلبي ١/ ١١٤٨، وعزاه في "الدر" ١/ ٢١٠ لعبد بن حميد.
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٨، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٣.
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٢٠، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢١٨، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٥٠، وعزاه في "الدر" ١/ ٢١٠ إلى وكيع. وينظر: "تفسير الحسن البصري" ٢/ ٧٩.
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٢٠، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢١٨، والثعلبي ١/ ١١٥٠.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٨، ولفظه: هم من آمن من اليهود: عبد الله بن سلام، وشعبة بن عكرو وتمام بن يهوذا، وأسيد وأسد ابنا كعب وابن يامين وعبد الله بن صوريا وذكره الواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٣ مختصرًا وفي "الوسيط" ١/ ٢٠٠، البغوي في "تفسيره" ١/ ١٤٤، وفي "البحر المحيط" ١/ ٣٦٩، وينظر: "العجاب" ١/ ٣٧٤.
(٥) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥١٨، وذكره الثعلبي ١/ ١١٤٨، وعزاه في "الدر" ١/ ٢١٠ لعبد بن حميد.
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٨، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٣.
288
١٢٣ - قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ﴾ ليس على ظاهره من العموم (١)؛ لأنه قال في موضع آخر: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ [سبأ: ٢٣] وقال: ﴿لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ [مريم: ٨٧] وهو من باب الخصوص، تأويله: ولا ينفعها (٢) شفاعة إذا وجب عليها العذاب، ولم يستحقوا سواه. وقال بعضهم: إنما آيس الله اليهود بهذه الآية؛ لأنهم كانوا يزعمون أن آباءهم من الأنبياء يشفعون لهم (٣).
١٢٤ - وقوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ﴾ الآية، الابتلاء: الاختبار والامتحان، وابتلاء الله تعالى يعود إلى إعلامه عباده لا إلى استعلامه؛ لأنه يعلم ما يكون، فلا يحتاج إلى ابتلاءٍ ليَعْلَم (٤).
وقوله تعالى: ﴿بِكَلِمَاتٍ﴾ الكلبي، عن أبي صالح (٥)، عن ابن عباس، قال: الكلمات التي ابتلى الله عز وجل إبراهيمَ بها عشر خصال من السُّنة: خمس في الرأس، وخمس في الجسد، فاللاتي في الرأس: المضمضة والاستنشاق والفرق والسواك وقص الشارب، والتي في الجسد: تقليم الأظفار وحلق العانة والختان والاستنجاء ونتف الرفغين (٦).
١٢٤ - وقوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ﴾ الآية، الابتلاء: الاختبار والامتحان، وابتلاء الله تعالى يعود إلى إعلامه عباده لا إلى استعلامه؛ لأنه يعلم ما يكون، فلا يحتاج إلى ابتلاءٍ ليَعْلَم (٤).
وقوله تعالى: ﴿بِكَلِمَاتٍ﴾ الكلبي، عن أبي صالح (٥)، عن ابن عباس، قال: الكلمات التي ابتلى الله عز وجل إبراهيمَ بها عشر خصال من السُّنة: خمس في الرأس، وخمس في الجسد، فاللاتي في الرأس: المضمضة والاستنشاق والفرق والسواك وقص الشارب، والتي في الجسد: تقليم الأظفار وحلق العانة والختان والاستنجاء ونتف الرفغين (٦).
(١) ينظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٤٧٢ - ٤٧٣.
(٢) في (ش): (ولا تنفعها).
(٣) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٢٨.
(٤) ينظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٥٤، "تفسير الطبري" ١/ ٥٢٤، "المفردات" للراغب ص ٧١ - ٧٢، "تفسير البغوي" ١/ ١٤٥.
(٥) هو: باذان، ويقال: باذام، أبو صالح مولى أم هانىء، تقدمت ترجمته.
(٦) هذا الإسناد ضعيف لا تقوم به حجة، لكن ورد هذا عن ابن عباس بإسناد صحيح عند عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٥٧ عن معمر عن ابن طاوس، عن ابن عباس، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٢٤، ابن أبي حاتم =
(٢) في (ش): (ولا تنفعها).
(٣) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٢٨.
(٤) ينظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٥٤، "تفسير الطبري" ١/ ٥٢٤، "المفردات" للراغب ص ٧١ - ٧٢، "تفسير البغوي" ١/ ١٤٥.
(٥) هو: باذان، ويقال: باذام، أبو صالح مولى أم هانىء، تقدمت ترجمته.
(٦) هذا الإسناد ضعيف لا تقوم به حجة، لكن ورد هذا عن ابن عباس بإسناد صحيح عند عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٥٧ عن معمر عن ابن طاوس، عن ابن عباس، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٢٤، ابن أبي حاتم =
289
وهذا أصح ما قيل في تفسير الكلمات، وعلى هذا أكثر أهل العلم (١).
وقال ابن عباس في رواية عطاء: أوحى الله إلى إبراهيم: يا خليلي، تطهّرْ، فتمضمض، فأوحى الله إليه أن تطهرْ، فاستنشقَ، فأوحى إليه أن تطهر، فاستاك، فأوحى إليه أن تطهر، فأخذ شاربه، فأوحى (٢) إليه أن تطهر، فَفَرَقَ شعره، فأوحى إليه أن تطهر، فاستنجى، فأوحى إليه أن تطهرَ، فحلق عانته، فأوحى إليه أن تطهر، فنتف إبطيه، فأوحى إليه أن تطهر، فقلم أظفاره، فأوحى إليه أن تطهر، فأقبل بوجهه على جسده ينظر ماذا يصنع فاختتن بعد عشرين ومائة سنة (٣).
وقال بعض المتأولين: المراد بالكلمات في هذه الآية: انقياده لأشياء امتحن بها، وأخذت عليه، منها: الكوكب والشمس والقمر والهجرة والختان وعزمه على ذبح ابنه (٤) (٥)، والمعنى: وإذ ابتلى إبراهيم ربه بإقامة
وقال ابن عباس في رواية عطاء: أوحى الله إلى إبراهيم: يا خليلي، تطهّرْ، فتمضمض، فأوحى الله إليه أن تطهرْ، فاستنشقَ، فأوحى إليه أن تطهر، فاستاك، فأوحى إليه أن تطهر، فأخذ شاربه، فأوحى (٢) إليه أن تطهر، فَفَرَقَ شعره، فأوحى إليه أن تطهر، فاستنجى، فأوحى إليه أن تطهرَ، فحلق عانته، فأوحى إليه أن تطهر، فنتف إبطيه، فأوحى إليه أن تطهر، فقلم أظفاره، فأوحى إليه أن تطهر، فأقبل بوجهه على جسده ينظر ماذا يصنع فاختتن بعد عشرين ومائة سنة (٣).
وقال بعض المتأولين: المراد بالكلمات في هذه الآية: انقياده لأشياء امتحن بها، وأخذت عليه، منها: الكوكب والشمس والقمر والهجرة والختان وعزمه على ذبح ابنه (٤) (٥)، والمعنى: وإذ ابتلى إبراهيم ربه بإقامة
= ١/ ٣٥٩، والحاكم ٢/ ٢٦٦ وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. والبيهقي في "السنن الكبرى" ١/ ١٤٩، وذكره الثعلبي ١/ ١١٥٤، ولفظ الرُّفْغَين عند الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٧٦ والرُّفْغ: كل موضع اجتمع فيه الوسخُ، والمراد به الإبط. ينظر: "المصباح المنير" ص ٢٣٣.
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٤، وقال ابن أبي حاتم ١/ ٢١٩: روي عن أبي صالح وأبي الجلد ومجاهد وسعيد بن المسيب والنخعي والشعبي نحو ذلك.
(٢) في (ش): (فأوحى الله).
(٣) هو بمعنى ما سبق، ولكن فيه تفصيل.
(٤) أورد هذا المعنى عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٧٥، الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٢٧، وابن أبي حاتم ١/ ٢٢١ (١١٧٠)، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٥٥ كلهم عن الحسن.
(٥) ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٢٧ - ٥٢٨ الأقوال في المسألة ثم بين أن الصواب:=
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٤، وقال ابن أبي حاتم ١/ ٢١٩: روي عن أبي صالح وأبي الجلد ومجاهد وسعيد بن المسيب والنخعي والشعبي نحو ذلك.
(٢) في (ش): (فأوحى الله).
(٣) هو بمعنى ما سبق، ولكن فيه تفصيل.
(٤) أورد هذا المعنى عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٧٥، الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٢٧، وابن أبي حاتم ١/ ٢٢١ (١١٧٠)، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٥٥ كلهم عن الحسن.
(٥) ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٢٧ - ٥٢٨ الأقوال في المسألة ثم بين أن الصواب:=
290
كلمات، أو بتوفية كلمات، والتقدير: ذوي كلمات: أي: يعبر بها عن هذه المسميات، ويجوز أن يكون الكلم المتكلم به، كما أن الصيد هو المصيد، والنسج المنسوج (١)، ومثلُ هذا مما حمل الكلمات فيه على الشرع قولُه تعالى: ﴿وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ﴾ [التحريم: ١٢]، فالكلمات تكون الشرائع التي شرع لها دون القول؛ لأن ذلك قد استغرقه قوله تعالى: ﴿وَكُتُبِهِ﴾ وكان المعنى: صدقت بالشرائع فأخذت بها، وصدقت الكتب فلم تكذب بها (٢).
وقوله تعالى: ﴿فَأَتَمَّهُنَّ﴾ معناه: أدَّاهُنَّ تامّاتٍ غيَر ناقصات (٣)، وقيل: إنه مِنْ فعلِ الله تعالى، أي: قضاها الله له (٤).
وقوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾. قال ابن عباس: أوحى الله إليه إني جاعلك للناس إمامًا يقتدي بك الصالحون من بعدك (٥).
وقوله تعالى: ﴿فَأَتَمَّهُنَّ﴾ معناه: أدَّاهُنَّ تامّاتٍ غيَر ناقصات (٣)، وقيل: إنه مِنْ فعلِ الله تعالى، أي: قضاها الله له (٤).
وقوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾. قال ابن عباس: أوحى الله إليه إني جاعلك للناس إمامًا يقتدي بك الصالحون من بعدك (٥).
= أنه لا يجزم بشيء مما ذكر على أنه المراد بالكلمات إلا بحجة يجب التسليم بها، ورجح ابن كثير في "تفسيره" ١/ ١٧٧ عموم الكلمات لكل ما ذكر في أقوال المفسرين، وذكر في "البحر المحيط" ١/ ٣٧٥ ثلاثة عشر قولًا ثم قال: وهذه الأقوال ينبغي أن تحمل على أن كل قائل منها ذكر طائفة مما أبتلى الله به إبراهيم إذ كلها ابتلاه الله بها، ولا يحمل ذلك على الحصر في العدد ولا على التعيين، لئلا يؤدي ذلك إلى التناقض.
(١) في (ش): (النسخ والمنسوخ)، وفي (م): (النسخ للمنسوخ).
(٢) ينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٨٧، و"تفسير ابن كثير" ١/ ١٧٦.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٢٨، و"تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٦٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٥٧.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٤.
(٥) ذكره في "الوسيط" ١/ ٢٠٣ لعله من رواية عطاء التي تقدم الحديث عنها في=
(١) في (ش): (النسخ والمنسوخ)، وفي (م): (النسخ للمنسوخ).
(٢) ينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٨٧، و"تفسير ابن كثير" ١/ ١٧٦.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٢٨، و"تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٦٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٥٧.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٤.
(٥) ذكره في "الوسيط" ١/ ٢٠٣ لعله من رواية عطاء التي تقدم الحديث عنها في=
291
والأَمُّ في اللغة: القصد، والإمامُ: كلُّ مَنِ ائتم به قومٌ، كانوا على الصراط المستقيم (١)، أو كانوا ضالّين. والنبي إمامُ أمتهِ، والخليفةُ إمام رعيتهِ، والقرآنُ إمامُ المسلمين، على معنى أنهم ينتهون إليه فيما أمر وزجر. والإمام: الذي يؤتَمُّ به، فيفعل أهله وأمته كما يفعل، أي: يقصدون لما يقصد. هذا أصله (٢). ثم يجعل الكتابُ إمامًا يؤتم بما فيه، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ [الإسراء: ٧١] أي: بكتابهم الذي جعلت فيه أعمالهم في الدنيا، وقال: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [يس: ١٢] يعنى: كتابًا، أو اللوح المحفوظ. وقد يجعل الطريقُ إمامًا؛ لأنَّ المسافر يأتمُّ به ويستدلُّ، قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [الحجر: ٧٩]، أي: بطريقٍ واضح. ويقالُ للخيط الذي يُقَدَّرُ به البناء: الإمام؛ لأنه يقتدى به، ويُقْصَدُ قَصْدُه. وإمام الغلام في المكتب: ما يتعلمه كل يوم، لأنه يتبعه، ويقصده بالتعلم، ولا يعدو ما فيه (٣).
فقال إبراهيم: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ أي: ومن أولادي أيضًا فاجعل أئمةً يُقْتدَى بهم (٤). فأمَا تفسيرُ الذرية، فقال الليث: الذر: عدد الذرية،
فقال إبراهيم: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ أي: ومن أولادي أيضًا فاجعل أئمةً يُقْتدَى بهم (٤). فأمَا تفسيرُ الذرية، فقال الليث: الذر: عدد الذرية،
= القسم الدراسي وقد روى ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٢٢ عن أبي العالية، أنه قال: فجعله الله إمامًا، يؤتم ويقتدى به، ثم قال: وروي عن الحسن وعطاء الخراساني ومقاتل ابن حيان وقتادة والربيع بن أنس نحو ذلك.
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٥.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٥، وينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٦ (مادة: أمَ).
(٣) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٦، و"المفردات" للراغب الأصفهاني ص ٣٣ - ٣٤.
(٤) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٥٧.
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٥.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٥، وينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٦ (مادة: أمَ).
(٣) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٦، و"المفردات" للراغب الأصفهاني ص ٣٣ - ٣٤.
(٤) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٥٧.
292
تقول (١): نَمَى (٢) الله ذَرْأَكَ وذَرْوَكَ: أي: ذريتك. والذريةُ: تقع على الآباء والأبناء والأولاد والنساء، قال الله تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ [يس: ٤١] أراد: آباءهم الذين حُمِلوا مع نوح في السفينة (٣)، وقال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ﴾ إلى قوله: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ﴾ [آل عمران: ٣٣ - ٣٤]، فدخل فيها الآباء والأبناء (٤).
وتكون (٥) الذرية واحدًا وجمعًا، فممَّا جاء فيه ذرية يراد به الواحدِ قوله: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾ [آل عمران: ٣٨]، فهذا مثل قوله: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا﴾ [مريم: ٥]. ألا ترى أنه قال: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى﴾ [آل عمران: ٣٩]. ومما جاء فيه جمعًا قوله: ﴿وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ [الأعراف: ١٧٣]، وهو كثير.
وأما أصل الذُّرِّيةِ ومأخذُها، فقال أبو إسحاق النحوي: فيها قولان: قال بعضهم: هي فُعْليَّةٌ، من الذَرَ؛ لأنَ الله تعالى أخرجَ الخلق من صُلْبِ آدم كالذَّرِّ، حين أشهَدَهُم على أنفسِهم (٦).
وتكون (٥) الذرية واحدًا وجمعًا، فممَّا جاء فيه ذرية يراد به الواحدِ قوله: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾ [آل عمران: ٣٨]، فهذا مثل قوله: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا﴾ [مريم: ٥]. ألا ترى أنه قال: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى﴾ [آل عمران: ٣٩]. ومما جاء فيه جمعًا قوله: ﴿وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ [الأعراف: ١٧٣]، وهو كثير.
وأما أصل الذُّرِّيةِ ومأخذُها، فقال أبو إسحاق النحوي: فيها قولان: قال بعضهم: هي فُعْليَّةٌ، من الذَرَ؛ لأنَ الله تعالى أخرجَ الخلق من صُلْبِ آدم كالذَّرِّ، حين أشهَدَهُم على أنفسِهم (٦).
(١) في (أ)، (م): (يقول).
(٢) في (ش): (تمنى).
(٣) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٧٤ (مادة: ذرأ).
(٤) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٧٤ (مادة: ذرأ).
(٥) في (ش): (ويكون).
(٦) لم يذكر أبو إسحاق شيئا من ذلك في هذه الآية، لكنه أشار إلى العلة في آية الأعراف: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾. فقال في "معاني القرآن" ٢/ ٣٩٠: قال بعضهم: خلق الله الناس كالذر من صلب آدم وأشهدهم على توحيده.
(٢) في (ش): (تمنى).
(٣) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٧٤ (مادة: ذرأ).
(٤) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٧٤ (مادة: ذرأ).
(٥) في (ش): (ويكون).
(٦) لم يذكر أبو إسحاق شيئا من ذلك في هذه الآية، لكنه أشار إلى العلة في آية الأعراف: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾. فقال في "معاني القرآن" ٢/ ٣٩٠: قال بعضهم: خلق الله الناس كالذر من صلب آدم وأشهدهم على توحيده.
293
قال: وقال بعضُ النحويين: أصلها ذرُّورَةٌ، على وزن فعلولة، ولكنَّ التضعيَف لمَّا كَثُرَ أُبْدِلَ من الراء الأخيرة ياء فصارت ذُرُّويَةً، ثم أُدغمت الواو في الياء فصارت: ذُرِّيَّة. قال: والقول الأول أقيسُ وأجود (١) عند النحويين (٢). واختاره (٣) الليث، فقال: هو فُعْليّة من الذر، كما قالوا: سُرّيَّة، والأصلُ من السّرّ، وهو النكاح (٤).
وزاد ابن الأنباري الوجهين (٥) اللذين ذكرهما أبو إسحاق بيانًا فقال: الذرية مأخوذةٌ من ذرأَ الله الخلق، ويكون أصلها ذُرُّوؤه، تُرِكَ هَمْزُها، وأبدل من الهمز ياءً، فلمَّا اجتمعت الياء والواو والسابقُ ساكنٌ أُبدلَ من الواو ياءً، وأُدغمت في الياء التي بعدَها، وكُسِرَ الراء لتصِحَّ الياء.
قال: ويجوزُ أن تكون (٦) منسوبة إلى الذر بالتشبيه في كثرة التوالد، وضم الذال لأن النسبة قد يغير فيها الحرف، كما قالوا: دُهريٌّ بضم الدال (٧)، وقالوا: بُصري للمنسوب إلى البصرة.
وقال الخليل: الذرية فُعْليّة، من ذَرَرْت؛ لأن الله تعالى ذَرَّهم في الأرض، أي: نشرهم.
قال أبو على الفارسي: أمَّا مثالُ ذرية من الفعل، فيجوزُ أن يكون
وزاد ابن الأنباري الوجهين (٥) اللذين ذكرهما أبو إسحاق بيانًا فقال: الذرية مأخوذةٌ من ذرأَ الله الخلق، ويكون أصلها ذُرُّوؤه، تُرِكَ هَمْزُها، وأبدل من الهمز ياءً، فلمَّا اجتمعت الياء والواو والسابقُ ساكنٌ أُبدلَ من الواو ياءً، وأُدغمت في الياء التي بعدَها، وكُسِرَ الراء لتصِحَّ الياء.
قال: ويجوزُ أن تكون (٦) منسوبة إلى الذر بالتشبيه في كثرة التوالد، وضم الذال لأن النسبة قد يغير فيها الحرف، كما قالوا: دُهريٌّ بضم الدال (٧)، وقالوا: بُصري للمنسوب إلى البصرة.
وقال الخليل: الذرية فُعْليّة، من ذَرَرْت؛ لأن الله تعالى ذَرَّهم في الأرض، أي: نشرهم.
قال أبو على الفارسي: أمَّا مثالُ ذرية من الفعل، فيجوزُ أن يكون
(١) في (م): (أجود وأقيس).
(٢) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٧٧، وعنه في "اللسان" ٣/ ١٤٩١ (مادة: ذرأ).
(٣) في (أ) و (م): (واختيار).
(٤) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٧٧.
(٥) المثبتمن (ش)، وفي غيرها: (للوجهين).
(٦) في (أ)، (م): (يكون).
(٧) الدهري، بضم الدال وفتحها، الذي يقول ببقاء الدهر "القاموس" ص ٣٩٥.
(٢) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٧٧، وعنه في "اللسان" ٣/ ١٤٩١ (مادة: ذرأ).
(٣) في (أ) و (م): (واختيار).
(٤) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٧٧.
(٥) المثبتمن (ش)، وفي غيرها: (للوجهين).
(٦) في (أ)، (م): (يكون).
(٧) الدهري، بضم الدال وفتحها، الذي يقول ببقاء الدهر "القاموس" ص ٣٩٥.
294
فُعلُولة من الذر، فأُبدلَتْ من الراء التي هي اللامُ (١) الأخيرة ياءً، ويحتملُ أن يكون فُعّيلة منه. فأبدلت من الراء الياء، كما يبدل من هذه الحروف للتضعيف، وإن وقع فيها الفصل. ويحتمل أن يكون فُعْلية نَسَبًا إلى الذرّ، إلا أن الفتحة أبدلت منها الضمة، كما أبدلوا في الإضافة إلى الدهر دُهري، وإلى السهل سُهلي. ويجوز أن يكون فُعِّيلة، من ذرأ الله الخلق، اجتمع على تخفيفها كما اجتمع على تخفيف البرية، ويجوز أن يكون فُعِّيلة، من قوله: ﴿تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ﴾ أُبدِلت من الواو الياء؛ لوقوع ياء قبلها (٢).
وقوله تعالى: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ أعلم الله إبراهيم أن في ذريته الظالم (٣). قال ابن عباس: يريد من كان من ولدك ظالمًا لم ينل عهدي (٤). يريد: ليس بإمام ولا كرامة (٥).
واختلفوا في معنى العهد هاهنا، فقال أبو عبيد: العهد هاهنا: الأمان، أي: لا ينال أماني الظالمين (٦)، يقول: لا أؤمنهم عذابي، وقال
وقوله تعالى: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ أعلم الله إبراهيم أن في ذريته الظالم (٣). قال ابن عباس: يريد من كان من ولدك ظالمًا لم ينل عهدي (٤). يريد: ليس بإمام ولا كرامة (٥).
واختلفوا في معنى العهد هاهنا، فقال أبو عبيد: العهد هاهنا: الأمان، أي: لا ينال أماني الظالمين (٦)، يقول: لا أؤمنهم عذابي، وقال
(١) ساقطة من (م).
(٢) ينظر: تفصيل ذرية وما فيها من اشتقاق وتصريف في: "البحر المحيط" ١/ ٣٧٢ - ٣٧٣، "اللسان" ٣/ ١٤٩٤ (ذر)، ٣/ ١٤٩١ (ذرأ).
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٥.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٢٢ بمعناه.
(٥) تفسير العهد بالإمامة قال به: ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير، وبه قال كثيرون، ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٣٠، و"تفسير السمعاني" ٢/ ٤٥، "تفسير ابن عطية" ١/ ٤٧٧، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٤٠، و"تفسير القرطبي" ٢/ ٩٨.
(٦) "غريب الحديث" ١/ ٤٤٠، وذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٠ في نسخةٍ، وفي النسخة: أبو عبيدة، وليس في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة، ونسبه الرازي في "تفسيره" ٤/ ٤٥ إلى أبي عبيد، وقد أخرجه الطبري ١/ ٥٣٠ عن قتادة.
(٢) ينظر: تفصيل ذرية وما فيها من اشتقاق وتصريف في: "البحر المحيط" ١/ ٣٧٢ - ٣٧٣، "اللسان" ٣/ ١٤٩٤ (ذر)، ٣/ ١٤٩١ (ذرأ).
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٥.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٢٢ بمعناه.
(٥) تفسير العهد بالإمامة قال به: ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير، وبه قال كثيرون، ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٣٠، و"تفسير السمعاني" ٢/ ٤٥، "تفسير ابن عطية" ١/ ٤٧٧، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٤٠، و"تفسير القرطبي" ٢/ ٩٨.
(٦) "غريب الحديث" ١/ ٤٤٠، وذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٠ في نسخةٍ، وفي النسخة: أبو عبيدة، وليس في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة، ونسبه الرازي في "تفسيره" ٤/ ٤٥ إلى أبي عبيد، وقد أخرجه الطبري ١/ ٥٣٠ عن قتادة.
295
السدي: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي﴾ أي: نبوتي (١). واختاره ابن كيسان، فقال: يعني: لا ينال ما عهدت إليك من النبوة والإمامة في الدين من كان ظالمًا من ولدك، بل ينال عهدي من كان رسولًا إماما.
وقال الفراء: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ أي: لا يكون للناس إمام مشرك (٢). وقال عبد الله بن مسلم (٣): العهد هاهنا: الميثاق، يقول: لا ينال ما وعدتك من الإمامة الظالمين من ذريتك، والوعد من الله عز وجل ميثاق (٤). وهذه الأقوال متقاربة.
١٢٥ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ هذه الآية تنعطف على ما تقدمها من الآيات التي ذكر فيها (٥) (إذ)، ويريد بالبيت الكعبة التي هي القبلة اليوم، ولذلك ذكره بالألف واللام (٦).
قوله تعالى: ﴿مَثَابَةً لِلنَّاسِ﴾ المثاب والمثابة مصدران لقولهم: ثاب يثوب مثابًا ومثابة وثؤوبا وثَوَبانا، ذكر ذلك الفراء في كتاب "المصادر". فالمثابة هاهنا: مصدر وُصِف به، ويراد به الموضعُ الذي يُثاب إليه (٧)، كما يقال: درهمٌ ضربُ الأمير، والمصدر قد يوصف به كثيرًا، قال زهيرٌ:
وقال الفراء: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ أي: لا يكون للناس إمام مشرك (٢). وقال عبد الله بن مسلم (٣): العهد هاهنا: الميثاق، يقول: لا ينال ما وعدتك من الإمامة الظالمين من ذريتك، والوعد من الله عز وجل ميثاق (٤). وهذه الأقوال متقاربة.
١٢٥ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ هذه الآية تنعطف على ما تقدمها من الآيات التي ذكر فيها (٥) (إذ)، ويريد بالبيت الكعبة التي هي القبلة اليوم، ولذلك ذكره بالألف واللام (٦).
قوله تعالى: ﴿مَثَابَةً لِلنَّاسِ﴾ المثاب والمثابة مصدران لقولهم: ثاب يثوب مثابًا ومثابة وثؤوبا وثَوَبانا، ذكر ذلك الفراء في كتاب "المصادر". فالمثابة هاهنا: مصدر وُصِف به، ويراد به الموضعُ الذي يُثاب إليه (٧)، كما يقال: درهمٌ ضربُ الأمير، والمصدر قد يوصف به كثيرًا، قال زهيرٌ:
(١) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٣٠، وابن أبي حاتم ١/ ٢٢٣، وذكره الثعلبي ١/ ١١٥٩.
(٢) "معاني القرآن" ١/ ٧٦.
(٣) يريد ابن قتيبة الدينوري، المتوفى سنة ٢٧٦ هـ
(٤) "تأويل مشكل القرآن" ص ٦٢، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٤١.
(٥) قوله: (التي ذكر فيها) ساقطة من (ش).
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٣٢.
(٧) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٦، الطبري ١/ ٥٣٢، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٥ - ٢٠٦ انظر البحث في مثابة في: "اللسان" ١/ ٥١٨ (ثوب).
(٢) "معاني القرآن" ١/ ٧٦.
(٣) يريد ابن قتيبة الدينوري، المتوفى سنة ٢٧٦ هـ
(٤) "تأويل مشكل القرآن" ص ٦٢، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٤١.
(٥) قوله: (التي ذكر فيها) ساقطة من (ش).
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٣٢.
(٧) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٦، الطبري ١/ ٥٣٢، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٥ - ٢٠٦ انظر البحث في مثابة في: "اللسان" ١/ ٥١٨ (ثوب).
296
| مَتَى يَشْتَجِرْ قَوْمٌ يَقُلْ سَرَوَاتُهُمْ | هُمُ بَيْنَنا فَهُمُ رضًا وَهُمُ عَدْلُ (١) |
| سقى الله نجدًا من ربيعٍ وصيّفِ | وماذا تُرْجَى (٢) مِن ربيعٍ سَقَى نَجْدا |
| بلى إنَّهُ قد كانَ للعيشِ مرةً | وللبيضِ والفتيانِ منزلةً حمدا (٣) |
| وفيهم مقاماتٌ حِسَانٌ وجوهُها | وأنديةٌ ينتابُها القولُ والفِعْلُ (٥) |
(١) البيت لزهير بن أبي سلمى في "الديوان" ص ٤٠، "والأشباه والنظائر" ٢/ ٣٨٥، و"لسان العرب" ٣/ ١٦٦٤ (مادة: رضى). وينظر: "المعجم المفصل" ٦/ ٢١٦.
(٢) ساقطة من (أ)، (م).
(٣) هما بلا نسبة في "المذكر والمؤنث" للأنباري ص ٢٤٦، "معجم البلدان" ٥/ ٢٦٣ (نجد). وينظر: "المعجم المفصل" ٢/ ٢٠٤.
(٤) ابن الأنباري.
(٥) البيت لزهير بن أبي سلمى، في "ديوانه" ص١١٣، "لسان العرب" ٦/ ٣٧٨٧ مادة (قوم)، "المعجم المفصل" ٦/ ٢٤٥.
(٦) في (ش): (لا تقضون).
(٢) ساقطة من (أ)، (م).
(٣) هما بلا نسبة في "المذكر والمؤنث" للأنباري ص ٢٤٦، "معجم البلدان" ٥/ ٢٦٣ (نجد). وينظر: "المعجم المفصل" ٢/ ٢٠٤.
(٤) ابن الأنباري.
(٥) البيت لزهير بن أبي سلمى، في "ديوانه" ص١١٣، "لسان العرب" ٦/ ٣٧٨٧ مادة (قوم)، "المعجم المفصل" ٦/ ٢٤٥.
(٦) في (ش): (لا تقضون).
297
وانصرفوا اشتاقوا إلى الرجعة إليه (١).
وروي أيضًا عن ابن عباس أنه قال في تفسير المثابة: معادًا (٢)، وعلى هذا فقال أبو إسحاق: الأصل في مثابة مثْوَبةٌ، ولكنَّ حركة الواو نُقلت إلى الثاء، وتبعت الواو الحركة فانقلبت ألفًا. قال: وهذا إعلال إتباع، تبع مثابةٌ بابَ ثاب (٣)، وأصلُ ثاب ثَوَبَ، ولكنَّ الواوَ قُلِبَت ألفًا؛ لتحركها وانفتاحِ ما قبلها، لا اختلاف بين النحويين في ذلك. انتهى كلامه (٤). وُينشدُ على أن المثاب والمثابة واحد قول ورقة في صفة الحرم:
وأنشده الشافعي رحمه الله لأبي طالب، وروى: اليعملات الذوامل (٥).
وروي أيضًا عن ابن عباس أنه قال في تفسير المثابة: معادًا (٢)، وعلى هذا فقال أبو إسحاق: الأصل في مثابة مثْوَبةٌ، ولكنَّ حركة الواو نُقلت إلى الثاء، وتبعت الواو الحركة فانقلبت ألفًا. قال: وهذا إعلال إتباع، تبع مثابةٌ بابَ ثاب (٣)، وأصلُ ثاب ثَوَبَ، ولكنَّ الواوَ قُلِبَت ألفًا؛ لتحركها وانفتاحِ ما قبلها، لا اختلاف بين النحويين في ذلك. انتهى كلامه (٤). وُينشدُ على أن المثاب والمثابة واحد قول ورقة في صفة الحرم:
| مَثَابًا لأَفْنَاءِ القبائلِ كُلِّها | تَخُبُّ إليها اليعملاتُ الطَّلائحُ |
(١) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٣٣ وبنحوه أخرجه ابن أبي حاتم ١/ ٢٥٥ ثم قال: وروي عن أبي العالية، وسعيد بن جبير في إحدى روايتيه وعطاء ومجاهد والحسن وعطية والربيع بن أنس والسدي والضحاك نحو ذلك.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٠، البغوي في "تفسيره" ١/ ١٤٦، "البحر المحيط" ١/ ٣٨٠. ولفظهم: معاذًا وملجًا، بالذال، وليست بالدال. وقال الطبري ١/ ٥٣٢: وإذ جعلنا البيت مرجعا للناس ومعاذًا. وورد بالدال في "الوسيط" ١/ ٢٠٤.
(٣) في (ش): (وإعلال الألف اتباع تبع ألف مثابة ألف ثاب).
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٦.
(٥) نسبه إلى ورقة الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٣٢، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٨٠، و"البداية والنهاية" ٢/ ٢٩٧. ورواية الطبري: مثابٌ، وذكره الشافعي في "الأم" (١/ ١٥٣ط. دار المعرفة) منسوبًا لورقة بن نوفل خلافًا لما ذكره الواحدي، لكنه قال: الذوامل بدل الطلائح وكذلك ذكره القرطبي في "تفسيره" ٢/ ١٠٠ وعدها أبو حيان رواية في البيت. وبمثل هذه الرواية ذكرها صاحب "اللسان" ٣/ ١٥١٦ منسوبًا لأبي طالب، وذكره في (مادة: ذمل) غير منسوب قال=
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٠، البغوي في "تفسيره" ١/ ١٤٦، "البحر المحيط" ١/ ٣٨٠. ولفظهم: معاذًا وملجًا، بالذال، وليست بالدال. وقال الطبري ١/ ٥٣٢: وإذ جعلنا البيت مرجعا للناس ومعاذًا. وورد بالدال في "الوسيط" ١/ ٢٠٤.
(٣) في (ش): (وإعلال الألف اتباع تبع ألف مثابة ألف ثاب).
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٦.
(٥) نسبه إلى ورقة الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٣٢، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٨٠، و"البداية والنهاية" ٢/ ٢٩٧. ورواية الطبري: مثابٌ، وذكره الشافعي في "الأم" (١/ ١٥٣ط. دار المعرفة) منسوبًا لورقة بن نوفل خلافًا لما ذكره الواحدي، لكنه قال: الذوامل بدل الطلائح وكذلك ذكره القرطبي في "تفسيره" ٢/ ١٠٠ وعدها أبو حيان رواية في البيت. وبمثل هذه الرواية ذكرها صاحب "اللسان" ٣/ ١٥١٦ منسوبًا لأبي طالب، وذكره في (مادة: ذمل) غير منسوب قال=
298
ومعنى ثاب في اللغة: عاد ورجع إلى وضعه الذي كان أفضى إليه، يقال: ثاب ماء البئر إذا عاد جُمَّتُها (١)، ومنه تثويب الداعي إذا عاد وكرَّر الدعاء.
وقال الأخفشُ: الهاء في المثابة للمبالغة في كثرة من يثوب إليه، كقولهم: رجل علامة ونسابة (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَأَمْنًا﴾ أراد: مأمنا (٣)، وهو أيضًا مصدر وصف به، كما ذكرنا. قال ابن عباس: يريدُ: من دخله كان آمنًا، فمن أحدث حدثًا خارج الحرم ثم لجأ إليه أمن من أن يُهاجَ فيه. ولكن لا يُؤْذى (٤) ولا يخالط ولا يُبَايع، فإذا خرج منه أُقيم عليه الحدُّ، ومَنْ أحدثَ في الحرم أُقيمَ عليه الحد فيه (٥).
وقال الأخفشُ: الهاء في المثابة للمبالغة في كثرة من يثوب إليه، كقولهم: رجل علامة ونسابة (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَأَمْنًا﴾ أراد: مأمنا (٣)، وهو أيضًا مصدر وصف به، كما ذكرنا. قال ابن عباس: يريدُ: من دخله كان آمنًا، فمن أحدث حدثًا خارج الحرم ثم لجأ إليه أمن من أن يُهاجَ فيه. ولكن لا يُؤْذى (٤) ولا يخالط ولا يُبَايع، فإذا خرج منه أُقيم عليه الحدُّ، ومَنْ أحدثَ في الحرم أُقيمَ عليه الحد فيه (٥).
= شاكر في تعليقه على الطبري ٣/ ٢٦: "والظاهر أن الشافعي رحمه الله أخطأ في رواية البيت، وأخطأ صاحب "اللسان" في نسبته، اشتبه عليه بشعر أبي طالب في قصيدته المشهورة". وكلام الواحدي صريح في نسبة البيت لأبي طالب، فلعلها في نسخة أو كتاب آخر. وأفناء القبائل: أخلاطهم، وخَبَّت الدابة تَخُبُّ خَبَبًا: ضرب سريع من العدو، واليعملات: جمع يعملة، وهي الناقة السريعة المطبوعة على العمل، اشتق اسمها من العمل، والعمل من الإسراع والعجلة، والطلائح: جمع طليح، ناقة طليح أسفار: جهدها السير وهزلها، والذوامل جمع ذاملة: وهي التي تسير سيرًا لينًا سريعا.
(١) في "تهذيب اللغة" ١/ ٤٦٣ (مادة: ثاب).
(٢) "معاني القرآن" ١/ ١٤٦.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٣٤، "تفسير البغوي" ١/ ١٤٦.
(٤) في "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٦١: ولكن لا يُؤْوَي.
(٥) ذكره عنه الثعلبي ١/ ١١٦١ والسمعاني٢/ ٤٧، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٤١ وينظر: "تفسير السمرقندي" ١/ ١٥٧، القرطبي ٢/ ١١١، الرازي ٤/ ٥٢ =
(١) في "تهذيب اللغة" ١/ ٤٦٣ (مادة: ثاب).
(٢) "معاني القرآن" ١/ ١٤٦.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٣٤، "تفسير البغوي" ١/ ١٤٦.
(٤) في "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٦١: ولكن لا يُؤْوَي.
(٥) ذكره عنه الثعلبي ١/ ١١٦١ والسمعاني٢/ ٤٧، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٤١ وينظر: "تفسير السمرقندي" ١/ ١٥٧، القرطبي ٢/ ١١١، الرازي ٤/ ٥٢ =
299
وإلى هذا ذهب أبو حنيفة: أن الجاني إذا لاذ بالحرم أمن (١)، ومذهب الشافعي: أنه لا يأمن بالالتجاء إليه، وُيسْتَوفى منه ما وجب عليه في الحرم (٢) (٣)، على ما قد روي في الخبر: لا يعيذ الحرم عاصيًا (٤).
وعلى هذا فمعنى قوله: ﴿وَأَمْنًا﴾ الأولى أن يأمن فيه الجاني، فإن أخيف بإقامة الحد عليه جاز، فقد قال كثير من المفسرين: من شاء أمن، ومن شاء لم يؤمن، كما أنه لما جعله مثابة من شاء ثاب ومن شاء لم يثب، وقد كان قبل الإسلام يرى الرجلُ قاتلَ أبيه في الحرم فلا يتعرض له، وهذا شيء كانوا توارثوه من دين إسماعيل، فبقُوا عليه إلى أيام النبي - ﷺ -، فاليوم من أصاب فيه جريرةً أقيم عليه الحد بالإجماع (٥).
وعلى هذا فمعنى قوله: ﴿وَأَمْنًا﴾ الأولى أن يأمن فيه الجاني، فإن أخيف بإقامة الحد عليه جاز، فقد قال كثير من المفسرين: من شاء أمن، ومن شاء لم يؤمن، كما أنه لما جعله مثابة من شاء ثاب ومن شاء لم يثب، وقد كان قبل الإسلام يرى الرجلُ قاتلَ أبيه في الحرم فلا يتعرض له، وهذا شيء كانوا توارثوه من دين إسماعيل، فبقُوا عليه إلى أيام النبي - ﷺ -، فاليوم من أصاب فيه جريرةً أقيم عليه الحد بالإجماع (٥).
= وقد روي بعضه عن بعض التابعين كما عند الطبري ١/ ٥٣٤، ابن أبي حاتم ١/ ٢٢٥.
(١) ينظر: "شرح السير الكبير" للسرخسي ١/ ٣٦٦ (ط. الشركة الشرقية)، "كشف الأسرار" للبزدوي ١/ ٢٩٦، قال في "المغني" ٩/ ٩٠ (ط. دار احياء التراث العربي): وهذا قول ابن عباس، وعطاء، وعبيد بن عمير، والزهري ومجاهد وإسحاق والشعبي وأبي حنيفة وأصحابه. وأحمد بن حنبل في القتل وأما في غيره فعنه روايتان.
(٢) ينظر: "الأم" للشافعي ٤/ ٢٩٠، وبه قال مالك وابن المنذر كما في "المغني" ٩/ ٩٠.
(٣) ساقطة من (أ)، (م).
(٤) ذكره البخاري (١٠٤) كتاب العلم، باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب، ومسلم (١٣٥٤) كتاب الحج، باب: تحريم مكة وصيده، قال ابن حجر: كلام ظاهره حق لكن أراد به الباطل، "الفتح" ١/ ١٩٩ وقال في "المغني" ٩/ ٩١: وما رووه من الحديث فهو من كلام عمرو بن سعيد الأشدق يرد به قول رسول - ﷺ - حين روى له أبو شريح هذا الحديث [يعني إن الله حرم مكة] وقول الرسول أحق أن يتبع.
(٥) ينظر الخلاف الفقهي فيه في: "تفسير الطبري" ٤/ ١١ - ١٥، "غرائب النيسابوري" ١/ ٣٩٤، "الوسيط" ١/ ٢٠٤.
(١) ينظر: "شرح السير الكبير" للسرخسي ١/ ٣٦٦ (ط. الشركة الشرقية)، "كشف الأسرار" للبزدوي ١/ ٢٩٦، قال في "المغني" ٩/ ٩٠ (ط. دار احياء التراث العربي): وهذا قول ابن عباس، وعطاء، وعبيد بن عمير، والزهري ومجاهد وإسحاق والشعبي وأبي حنيفة وأصحابه. وأحمد بن حنبل في القتل وأما في غيره فعنه روايتان.
(٢) ينظر: "الأم" للشافعي ٤/ ٢٩٠، وبه قال مالك وابن المنذر كما في "المغني" ٩/ ٩٠.
(٣) ساقطة من (أ)، (م).
(٤) ذكره البخاري (١٠٤) كتاب العلم، باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب، ومسلم (١٣٥٤) كتاب الحج، باب: تحريم مكة وصيده، قال ابن حجر: كلام ظاهره حق لكن أراد به الباطل، "الفتح" ١/ ١٩٩ وقال في "المغني" ٩/ ٩١: وما رووه من الحديث فهو من كلام عمرو بن سعيد الأشدق يرد به قول رسول - ﷺ - حين روى له أبو شريح هذا الحديث [يعني إن الله حرم مكة] وقول الرسول أحق أن يتبع.
(٥) ينظر الخلاف الفقهي فيه في: "تفسير الطبري" ٤/ ١١ - ١٥، "غرائب النيسابوري" ١/ ٣٩٤، "الوسيط" ١/ ٢٠٤.
300
وقال أبو بكر بن الأنباري: معناه: وَأَمْنًا أن يُبخس القاصد له من الثواب الذي يوعده أمثاله، فهو واثق آمنٌ أنَّ أجرَه لا يضيعُ عند ربه (١) (٢)، وهذا قول قويم حسن؛ لأن الله تعالى وصف البيت بالأمن، وعلى ما ذكر أبو بكر يتعلق الأمن بالبيت، وعلى (٣) ما قاله غيره من المفسرين من أمْنِ الجاني إذا لاذ بالحرم، فهو أمن الحرم لا أمن البيت، إلا أن يقال: إن أمن الحرم لأجل البيت، فهو بسبب منه وعائد إليه (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ هذا معطوف على ما أضيف إليه إذ، كأنه: وإذ اتخذوا.
قال الزجاج: وهو عطف جملة، على جملة (٥).
وقال الفراء: أي: جعلناه مثابةً لهم فاتخذوه مُصلَّى. والفتح في الخاء على معنى الخبر، قراءة أهل المدينة والشام (٦). ويؤكده أنَّ الذي قبله والذي بعده خبر، وهو قوله ﴿جَعَلْنَا﴾ و ﴿وَعَهِدْنَا﴾.
ومن قرأ ﴿وَأتَّخِذُوا﴾ بالكسر على الأمر (٧) فحجته في ذلك: ما أخبرنا
وقوله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ هذا معطوف على ما أضيف إليه إذ، كأنه: وإذ اتخذوا.
قال الزجاج: وهو عطف جملة، على جملة (٥).
وقال الفراء: أي: جعلناه مثابةً لهم فاتخذوه مُصلَّى. والفتح في الخاء على معنى الخبر، قراءة أهل المدينة والشام (٦). ويؤكده أنَّ الذي قبله والذي بعده خبر، وهو قوله ﴿جَعَلْنَا﴾ و ﴿وَعَهِدْنَا﴾.
ومن قرأ ﴿وَأتَّخِذُوا﴾ بالكسر على الأمر (٧) فحجته في ذلك: ما أخبرنا
(١) في (م): أن أجره عند ربه لا يضيع.
(٢) ابن الأنباري.
(٣) ساقطة من (أ)، (ش).
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٨٠.
(٥) "معاني القرآن" ١/ ٢٠٧.
(٦) "معاني القرآن" ١/ ٧٧.
(٧) قرأ بفتح الخاء نافع وابن عمر، وبكسر الخاء على الأمر، قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي. ينظر: "السبعة" ص ١٦٩، "الحجة" ٢/ ٢٢٠، "المبسوط" لابن مهران ص ١٣٥، "التيسير" للداني ص ٦٥.
(٢) ابن الأنباري.
(٣) ساقطة من (أ)، (ش).
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٨٠.
(٥) "معاني القرآن" ١/ ٢٠٧.
(٦) "معاني القرآن" ١/ ٧٧.
(٧) قرأ بفتح الخاء نافع وابن عمر، وبكسر الخاء على الأمر، قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي. ينظر: "السبعة" ص ١٦٩، "الحجة" ٢/ ٢٢٠، "المبسوط" لابن مهران ص ١٣٥، "التيسير" للداني ص ٦٥.
301
الأستاذ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم (١) -رحمه الله- ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد (٢)، ثنا عبدوس بن الحسين بن منصور (٣)، ثنا أبو حاتم الرازي (٤)، ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري (٥)، حدثني حُميد الطويل (٦)، عن أنس بن مالك (٧)، قال: قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: وافقني ربي في ثلاث. قلت: لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى. فأنزل الله عز وجل:
(١) يعني: الثعلبي في "تفسيره".
(٢) هو عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، أبو الحسين بن أبي إسحاق المزكي، من فقهاء نيسابور، قال الخليلي: كان ثقة، وقال الحاكم: كان من الصالحين العباد، التاركين لما لا يغني، قراء القرآن، المكثرين من سماع الحديث توفي سنة ٣٩٧. ينظر: "تاريخ بغداد"١٠/ ٣٠٢، "السير" ١٦/ ٩٧.
(٣) هو أبو الفضل عبدوس بن الحسين بن منصور النَّصْراباذي، سمع محمد بن عبد الوهاب الفراء وطبقته، روي عنه أبو علي الحافظ، ويقال: إن اسم عبدوس: عبد القدوس، والله أعلم ينظر: "الأنساب" ٥/ ٤٩٢.
(٤) هو: محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، أبو حاتم الرازي، تقدمت ترجمته.
(٥) هو محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك، أبو عبد الله البصري القاضي، ثقةٌ، توفي سنة (٢١٤) أو نحوها. انظر: "تهذيب الكمال" ٢٥/ ٥٣٩، "تقريب التهذيب" ص ٤٩٠ (٦٠٤٦)، "تهذيب التهذيب" ٣/ ٦١٤.
(٦) هو: حميد بن أبي حميد الطويل، أبو عبيدة البصري، اختلف في اسم أبيه على نحو عشرة أقوال، ثقة مدلس، كثير التدليس عن أنس معظم حديثه عنه بواسطة ثابت وقتاده، وقد وقع تصريحه عن انس بالسماع وبالتحديث في أحاديث كثيرة في البخاري وغيره مات وهو قائم يصلي سنة ١٤٢ هـ ينظر: "تهذيب الكمال" ٧/ ٣٥٥، "التهذيب" ١/ ٤٩٣.
(٧) أنس بن مالك بن النضر الأنصاري، الخزرجي، خادم رسول الله - ﷺ -، خدمه عشر سنين، صحابي مشهور، مات سنة ٩٢ وقيل: ٩٣ وقد جاوز المائة. ينظر: "الاستيعاب" ١/ ١٩٨، "أسد الغابة" ١/ ١٥١.
(٢) هو عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، أبو الحسين بن أبي إسحاق المزكي، من فقهاء نيسابور، قال الخليلي: كان ثقة، وقال الحاكم: كان من الصالحين العباد، التاركين لما لا يغني، قراء القرآن، المكثرين من سماع الحديث توفي سنة ٣٩٧. ينظر: "تاريخ بغداد"١٠/ ٣٠٢، "السير" ١٦/ ٩٧.
(٣) هو أبو الفضل عبدوس بن الحسين بن منصور النَّصْراباذي، سمع محمد بن عبد الوهاب الفراء وطبقته، روي عنه أبو علي الحافظ، ويقال: إن اسم عبدوس: عبد القدوس، والله أعلم ينظر: "الأنساب" ٥/ ٤٩٢.
(٤) هو: محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، أبو حاتم الرازي، تقدمت ترجمته.
(٥) هو محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك، أبو عبد الله البصري القاضي، ثقةٌ، توفي سنة (٢١٤) أو نحوها. انظر: "تهذيب الكمال" ٢٥/ ٥٣٩، "تقريب التهذيب" ص ٤٩٠ (٦٠٤٦)، "تهذيب التهذيب" ٣/ ٦١٤.
(٦) هو: حميد بن أبي حميد الطويل، أبو عبيدة البصري، اختلف في اسم أبيه على نحو عشرة أقوال، ثقة مدلس، كثير التدليس عن أنس معظم حديثه عنه بواسطة ثابت وقتاده، وقد وقع تصريحه عن انس بالسماع وبالتحديث في أحاديث كثيرة في البخاري وغيره مات وهو قائم يصلي سنة ١٤٢ هـ ينظر: "تهذيب الكمال" ٧/ ٣٥٥، "التهذيب" ١/ ٤٩٣.
(٧) أنس بن مالك بن النضر الأنصاري، الخزرجي، خادم رسول الله - ﷺ -، خدمه عشر سنين، صحابي مشهور، مات سنة ٩٢ وقيل: ٩٣ وقد جاوز المائة. ينظر: "الاستيعاب" ١/ ١٩٨، "أسد الغابة" ١/ ١٥١.
302
﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾. وقلتُ: يا رسولَ الله، إنه يدخُلُ عليك البرُّ والفاجرُ، فلو حجبت أمهات المؤمنين، فأنزل الله عز وجل آية الحجاب، قال: وبلغني شيءٌ كان بين أمهات المؤمنين وبين النبي - ﷺ - فاستقريتُهن أقول: لتكُفُّنَّ عن رسول الله - ﷺ -، أو ليبدلَنَّه اللهُ أزواجًا خيرًا منكن، فأنزل الله عز وجل: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ﴾ الآية [التحريم: ٥] (١).
وهكذا قال ابن عباس في هذه، فقال في قوله: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾: وذلك أن عمر بن الخطاب قال: يا رسول الله، لو صليت بنا خلف المقام، فأنزل الله تعالى على ما قال عمر، ففعل رسول الله - ﷺ - (٢).
وعلى هذه القراءة يكون قوله: ﴿وَاتَّخِذُوا﴾ عطفا على المعنى لا على اللفظ؛ لأن قوله: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً﴾ معناه: ثوبوا إليه واتخذوا.
واختلف في مقام إبراهيم، فقال ابن عباس في رواية عطاء: يريد: البيت (٣)، وقال النخعي (٤) (٥):
وهكذا قال ابن عباس في هذه، فقال في قوله: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾: وذلك أن عمر بن الخطاب قال: يا رسول الله، لو صليت بنا خلف المقام، فأنزل الله تعالى على ما قال عمر، ففعل رسول الله - ﷺ - (٢).
وعلى هذه القراءة يكون قوله: ﴿وَاتَّخِذُوا﴾ عطفا على المعنى لا على اللفظ؛ لأن قوله: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً﴾ معناه: ثوبوا إليه واتخذوا.
واختلف في مقام إبراهيم، فقال ابن عباس في رواية عطاء: يريد: البيت (٣)، وقال النخعي (٤) (٥):
(١) أخرجه البخاري (٤٤٨٣) كتاب تفسير القرآن، باب: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى.
(٢) لعله من رواية عطاء، وقد تقدم الحديث عنها في المقدمة، والحديث رواه عدد كبير من الأئمة، وبعضهم أخرجه مختصرًا. وقد رواه الثعلبي بالإسناد نفسه ١/ ١١٦٣ بهذا اللفظ، وإسناده ورجاله ثقات عدا عبدوس فإنه لم يذكر بجرح أو تعديل، والحديث ثابت في البخاري (٤٤٨٤) كتاب التفسير: باب: قوله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ وغيره من طريق آخر عن حميد الطويل عن أنس به.
(٣) هذا من رواية عطاء التي تقدم الحديث عنها في المقدمة.
(٤) هو إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود أبو عمران النخعي من أهل الكوفة، كان إماما مجتهدًا، له مذهب، صالح زاهد ثقة، إلا أنه يرسل كثيرًا ويدلس، توفي سنة ٩٧ هـ. ينظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد ٦/ ٢٧٠، "الأعلام" ١/ ٨٠.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٦٤، البغوي ١/ ١٤٦، القرطبي ٢/ ١٠٢، "البحر المحيط" ١/ ٣٨١، والآلوسي ١/ ٣٨٠.
(٢) لعله من رواية عطاء، وقد تقدم الحديث عنها في المقدمة، والحديث رواه عدد كبير من الأئمة، وبعضهم أخرجه مختصرًا. وقد رواه الثعلبي بالإسناد نفسه ١/ ١١٦٣ بهذا اللفظ، وإسناده ورجاله ثقات عدا عبدوس فإنه لم يذكر بجرح أو تعديل، والحديث ثابت في البخاري (٤٤٨٤) كتاب التفسير: باب: قوله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ وغيره من طريق آخر عن حميد الطويل عن أنس به.
(٣) هذا من رواية عطاء التي تقدم الحديث عنها في المقدمة.
(٤) هو إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود أبو عمران النخعي من أهل الكوفة، كان إماما مجتهدًا، له مذهب، صالح زاهد ثقة، إلا أنه يرسل كثيرًا ويدلس، توفي سنة ٩٧ هـ. ينظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد ٦/ ٢٧٠، "الأعلام" ١/ ٨٠.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٦٤، البغوي ١/ ١٤٦، القرطبي ٢/ ١٠٢، "البحر المحيط" ١/ ٣٨١، والآلوسي ١/ ٣٨٠.
303
الحرم كله مقام إبراهيم (١). وقال يمان: المسجد كله مقام إبراهيم (٢). وقال عطاء: التعريف والصلاتان بعرفة والمشعر ورمي الجمار والطواف بين الصفا والمروة مقام إبراهيم، سمعته من ابن عباس (٣).
وقال قتادة (٤) ومقاتل (٥) والسدي (٦) في هذه الآية: هو الصلاة عند مقام إبراهيم، أمروا بالصلاة عنده، ولم يؤمروا بمسحه ولا تقبيله، والمقام في اللغة: موضع القدمين حيث يقوم عليه (٧). وروى عبد الله بن عمر (٨) أن النبي - ﷺ - قال: "الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة، طمس الله نورهما، ولولا أن طمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب" (٩).
وقال قتادة (٤) ومقاتل (٥) والسدي (٦) في هذه الآية: هو الصلاة عند مقام إبراهيم، أمروا بالصلاة عنده، ولم يؤمروا بمسحه ولا تقبيله، والمقام في اللغة: موضع القدمين حيث يقوم عليه (٧). وروى عبد الله بن عمر (٨) أن النبي - ﷺ - قال: "الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة، طمس الله نورهما، ولولا أن طمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب" (٩).
(١) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٦٤.
(٢) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٤، والبغوي ١/ ١٤٦، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٨١.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٢٦.
(٤) أخرجه الطبري ١/ ٥٣٧، وذكره الثعلبي ١/ ١١٦٤.
(٥) "تفسير مقاتل" ١/ ١٣٧ - ١٣٨، وذكره الثعلبي ٣/ ١١٦٤.
(٦) أخرجه الطبري ١/ ٥٣٧، وابن أبي حاتم ١/ ٢٢٧.
(٧) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٨١.
(٨) هكذا في الأصل، والصواب: عبد الله بن عمرو كما في مصادر تخريج الحديث.
(٩) أخرجه الترمذي (٨٧٨) كتاب الحج، باب: ما جاء في فضل الحجر الأسود، والإمام أحمد في "المسند" ٢/ ٢١٣ - ٢١٤ ابن خزيمة ٤/ ٢١٩ برقم ٢٧٣٢ في المناسك، باب صفة الركن والمقام، والبيان انهما ياقوتتان من يواقيت الجنة، والحاكم ١/ ٤٥٦ البيهقي ٥/ ٧٥ وعبد الرزاق في "المصنف" ٥/ ٣٩، الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٧. قال الترمذي: هذا يُرْوى عن عبد الله بن عمرو، موقوفًا من قوله، وفيه عن أنس أيضا، وهو حديث غريب وقال ابن خزيمة: لست أعرف (رجاء) [يعني رجاء بن صبيح الحَرَشي] هذا بعدالة ولا جرح، ولست أحتج بخبر مثله، اهـ. وقد ضعفه الحافظ في "الفتح" ٣/ ٤٦٢ وللحديث شواهد كثيرة حكم بعضها على الحديث بالحسن لغيره، كالدكتور خالد العنزي في تحقيق "تفسير الثعلبي".
(٢) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٤، والبغوي ١/ ١٤٦، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٨١.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٢٦.
(٤) أخرجه الطبري ١/ ٥٣٧، وذكره الثعلبي ١/ ١١٦٤.
(٥) "تفسير مقاتل" ١/ ١٣٧ - ١٣٨، وذكره الثعلبي ٣/ ١١٦٤.
(٦) أخرجه الطبري ١/ ٥٣٧، وابن أبي حاتم ١/ ٢٢٧.
(٧) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٨١.
(٨) هكذا في الأصل، والصواب: عبد الله بن عمرو كما في مصادر تخريج الحديث.
(٩) أخرجه الترمذي (٨٧٨) كتاب الحج، باب: ما جاء في فضل الحجر الأسود، والإمام أحمد في "المسند" ٢/ ٢١٣ - ٢١٤ ابن خزيمة ٤/ ٢١٩ برقم ٢٧٣٢ في المناسك، باب صفة الركن والمقام، والبيان انهما ياقوتتان من يواقيت الجنة، والحاكم ١/ ٤٥٦ البيهقي ٥/ ٧٥ وعبد الرزاق في "المصنف" ٥/ ٣٩، الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٧. قال الترمذي: هذا يُرْوى عن عبد الله بن عمرو، موقوفًا من قوله، وفيه عن أنس أيضا، وهو حديث غريب وقال ابن خزيمة: لست أعرف (رجاء) [يعني رجاء بن صبيح الحَرَشي] هذا بعدالة ولا جرح، ولست أحتج بخبر مثله، اهـ. وقد ضعفه الحافظ في "الفتح" ٣/ ٤٦٢ وللحديث شواهد كثيرة حكم بعضها على الحديث بالحسن لغيره، كالدكتور خالد العنزي في تحقيق "تفسير الثعلبي".
304
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن إبراهيم عليه السلام استأذن سارة أن يزور إسماعيل عليه السلام، فأذنت له، واشترطت عليه أن لا ينزل، فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى باب إسماعيل، فقال لامرأته: أين صاحبك؟ قالت: ذهب (١) يتصيد، قال لها: هل عندك ضيافة؟ قالت: نعم، فجاءت باللبن واللحم فدعا لها بالبركة، فقالت له: انزل حتى أغسل رأسك، فلم ينزل به، فجاءته بالمقام، فوضعته عن شقه الأيمن، فوضع قدمه عليه فبقي أثر قدمه عليه فغسلت شق رأسه الأيمن، ثم حولت المقام إلى شقه الأيسر، فغسلت شق رأسه الأيسر، فبقي أثر قدمه عليه (٢).
وذلك الحجر هو مقام إبراهيم الذي يعرفه الناس اليوم، وإذا أطلق مقام إبراهيم لم يفهم إلا الذي هو اليوم في المسجد، ويدل على هذا حديث عمر الذي رويناه آنفا (٣)، وجعل تأثير قدم إبراهيم في الحجر معجزة
وذلك الحجر هو مقام إبراهيم الذي يعرفه الناس اليوم، وإذا أطلق مقام إبراهيم لم يفهم إلا الذي هو اليوم في المسجد، ويدل على هذا حديث عمر الذي رويناه آنفا (٣)، وجعل تأثير قدم إبراهيم في الحجر معجزة
(١) ساقطة من (أ)، (م).
(٢) ذكر القصة مطولة مبسوطة الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٤ وقد ذكر الواحدي منها موضع الشاهد، وقد أخرج القصة الطبري في "تاريخه" ١/ ١٥٤ من طرق عن سعيد بن جبير، وذكرها البغوي في "تفسيره" ١/ ١٤٧، الثعلبي أيضا من رواية السدي وغيره في كتابه: "عرائس المجالس" ص ٧١، ورواها الطبري مختصرة من كلام السدي ١/ ٥٣٧، وأصل القصة رواها البخاري (٣٣٦٤) كتاب الأنبياء، وليس عند البخاري غسل رأس إبراهيم ووضع رجله حينذاك على المقام، ومن طريق البخاري أخرجها ابن الجوزي في "المنتظم" ١/ ٢٦٨ ثم ذكر قصة غسل زوجة إسماعيل الثانية لرأس إبراهيم، من رواية عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٦٦ تحقيق د: العنزي.
(٣) قال في "البحر المحيط" ١/ ٣٨١ بعد أن ذكر اتفاق المحققين على هذا القول: ورجح بحديث عمر أفلا نتخذه مصلى. الحديث، وبقراءة رسول الله - ﷺ - لما فرغ من الطواف وأتى المقام ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ فدل على أن المراد منه ذلك الموضع؛ ولأن هذا الاسم في العرف مختص بذلك الموضع، ولأن الحجر صارت تحت قدميه في رطوبة الطين حين غاصت فيه رجلاه، وفي ذلك معجزة له، فكان اختصاصه به أقوى من اختصاص غيره، فكان إطلاق هذا الاسم عليه أولى =
(٢) ذكر القصة مطولة مبسوطة الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٤ وقد ذكر الواحدي منها موضع الشاهد، وقد أخرج القصة الطبري في "تاريخه" ١/ ١٥٤ من طرق عن سعيد بن جبير، وذكرها البغوي في "تفسيره" ١/ ١٤٧، الثعلبي أيضا من رواية السدي وغيره في كتابه: "عرائس المجالس" ص ٧١، ورواها الطبري مختصرة من كلام السدي ١/ ٥٣٧، وأصل القصة رواها البخاري (٣٣٦٤) كتاب الأنبياء، وليس عند البخاري غسل رأس إبراهيم ووضع رجله حينذاك على المقام، ومن طريق البخاري أخرجها ابن الجوزي في "المنتظم" ١/ ٢٦٨ ثم ذكر قصة غسل زوجة إسماعيل الثانية لرأس إبراهيم، من رواية عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٦٦ تحقيق د: العنزي.
(٣) قال في "البحر المحيط" ١/ ٣٨١ بعد أن ذكر اتفاق المحققين على هذا القول: ورجح بحديث عمر أفلا نتخذه مصلى. الحديث، وبقراءة رسول الله - ﷺ - لما فرغ من الطواف وأتى المقام ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ فدل على أن المراد منه ذلك الموضع؛ ولأن هذا الاسم في العرف مختص بذلك الموضع، ولأن الحجر صارت تحت قدميه في رطوبة الطين حين غاصت فيه رجلاه، وفي ذلك معجزة له، فكان اختصاصه به أقوى من اختصاص غيره، فكان إطلاق هذا الاسم عليه أولى =
305
لنبوته.
وقال أنس بن مالك: رأيت في المقام أثر أصابعه وعقبه وأخمص
قدميه غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم (١).
ومعنى قوله تعالى: ﴿مُصَلًّى﴾ قال الحسن: قبلة (٢)، وقال مجاهد: مُدَّعى (٣)، أي: موضع دعاء. وقال قتادة: صلوا عنده (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ﴾ أي: أمرناهما وأوصينا إليهما (٥): ﴿أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ﴾ قال سعيد بن جبير (٦)، وعبيد بن عمير (٧) (٨)،
وقال أنس بن مالك: رأيت في المقام أثر أصابعه وعقبه وأخمص
قدميه غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم (١).
ومعنى قوله تعالى: ﴿مُصَلًّى﴾ قال الحسن: قبلة (٢)، وقال مجاهد: مُدَّعى (٣)، أي: موضع دعاء. وقال قتادة: صلوا عنده (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ﴾ أي: أمرناهما وأوصينا إليهما (٥): ﴿أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ﴾ قال سعيد بن جبير (٦)، وعبيد بن عمير (٧) (٨)،
= لأنه موضع القيام، وثبت قيامه على الحجر، ولم يثبت قيامه على غيره.
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٧ وفي "عرائس المجالس" ص ٧٣، وأخرجه الواحدي بسنده من طريق الزهري، عن ابن أنس في "الوسيط" ١/ ٢٠٦، وذكره أبن كثير في "تفسيره" ١/ ١٨٢ من هذا الطريق، وذكره القرطبي ٢/ ١٠٢ وابو حيان في "البحر" ١/ ٣٨١ وروى الطبري ٣/ ٣٥ بسنده عن قتادة قال: إنما أمروا أن يصلوا عنده، ولم يؤمروا بمسحه، ولقد تكلفت هذه الأمة شيئًا ما تكلفته الأمم قبلها، ولقد ذكر لنا بعض من رأى أثر عقبيه وأصابعه فيه، فما زالت هذه الأمة يمسحونه حتى اخلولق وانمحى.
(٢) في (ش): (وقبله).
(٣) أخرجه الطبري ١/ ٥٣٧، ابن أبي حاتم ١/ ٢٢٧.
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٣٧.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٦٩.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٢٧، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٩، البغوي ١/ ١٤٨، القرطبي ٢/ ١٠٣.
(٧) هو: أبو عاصم عبيد بن عمير بن قتادة الليثي، ولد على عهد النبي - ﷺ -، يعد من كبار التابعين، أجمعوا على توثيقه، كان من العباد، توفي سنة ٧٣ هـ. ينظر: "تقريب التهذيب" ص ٣٧٧ (٤٣٨٥)، "السير" ٤/ ١٥٦.
(٨) أخرجه الطبري ٣/ ٤٠، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٢٨، والثعلبي ١/ ١١٦٩.
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٧ وفي "عرائس المجالس" ص ٧٣، وأخرجه الواحدي بسنده من طريق الزهري، عن ابن أنس في "الوسيط" ١/ ٢٠٦، وذكره أبن كثير في "تفسيره" ١/ ١٨٢ من هذا الطريق، وذكره القرطبي ٢/ ١٠٢ وابو حيان في "البحر" ١/ ٣٨١ وروى الطبري ٣/ ٣٥ بسنده عن قتادة قال: إنما أمروا أن يصلوا عنده، ولم يؤمروا بمسحه، ولقد تكلفت هذه الأمة شيئًا ما تكلفته الأمم قبلها، ولقد ذكر لنا بعض من رأى أثر عقبيه وأصابعه فيه، فما زالت هذه الأمة يمسحونه حتى اخلولق وانمحى.
(٢) في (ش): (وقبله).
(٣) أخرجه الطبري ١/ ٥٣٧، ابن أبي حاتم ١/ ٢٢٧.
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٣٧.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٦٩.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٢٧، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٩، البغوي ١/ ١٤٨، القرطبي ٢/ ١٠٣.
(٧) هو: أبو عاصم عبيد بن عمير بن قتادة الليثي، ولد على عهد النبي - ﷺ -، يعد من كبار التابعين، أجمعوا على توثيقه، كان من العباد، توفي سنة ٧٣ هـ. ينظر: "تقريب التهذيب" ص ٣٧٧ (٤٣٨٥)، "السير" ٤/ ١٥٦.
(٨) أخرجه الطبري ٣/ ٤٠، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٢٨، والثعلبي ١/ ١١٦٩.
306
وعطاء (١)، ومقاتل (٢): من الأوثان والريب وقول الزور. وقال الزجاج (٣) والفراء (٤): يريد من الأصنام ألا تعلّق فيه. وهذا الاختيار عند أبي علي، قال: لما جاء في المظهر منه لفظ (الرِّجْس) في قوله: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ [الحج: ٣٠]. وقال ابن عباس ويمان بن رئاب (٥): يعنى بَخِّراه وخَلِّقاه (٦) ونظفاه.
وقوله تعالى: ﴿لِلطَّائِفِينَ﴾ قال الفراء (٧): يقال: طاف يطُوفُ طَوفًا وطَوافًا وطوفانًا، وطاف يطِيف، وأطَاف يُطِيفُ، بمعنى واحد (٨).
وقوله تعالى: ﴿وَالْعَاكِفِينَ﴾ العكوف: الإقامة (٩) على الشيء (١٠).
قال المفسرون: عنى بالطائفين: النُّزَّاع إليه من الآفاق، وبالعاكفين:
وقوله تعالى: ﴿لِلطَّائِفِينَ﴾ قال الفراء (٧): يقال: طاف يطُوفُ طَوفًا وطَوافًا وطوفانًا، وطاف يطِيف، وأطَاف يُطِيفُ، بمعنى واحد (٨).
وقوله تعالى: ﴿وَالْعَاكِفِينَ﴾ العكوف: الإقامة (٩) على الشيء (١٠).
قال المفسرون: عنى بالطائفين: النُّزَّاع إليه من الآفاق، وبالعاكفين:
(١) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٣/ ٤٠ عن عطاء، عن عبيد، وذكره عنه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٢٨، الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٩.
(٢) "تفسير مقاتل"١/ ١٣٨. وينظر: "الثعلبي" ١/ ١١٦٩، "البحر المحيط" ١/ ٣٨٢.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٧.
(٤) "معاني القرآن" ١/ ٧٧.
(٥) ذكره عنه الثعلبي ١/ ١١٧١ وينظر: البغوي ١/ ١٤٥٨، "البحر المحيط" ١/ ٣٨٢.
(٦) خَلَّقاه: أي طَيَّباه، والخلُوق والخِلاق: ضرب من الطيب وقيل: الزعفران وغيره، قال بعض الفقهاء: وهو مائع فيه صفرة. "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٩٤ "المصباح المنير" ص ١٨٠.
(٧) من قوله: (وقوله تعالى: للطائفين) ساقط من (ش).
(٨) هذا في كتاب "المصادر" للفراء وهو مفقود ينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢١٥٥، "لسان العرب" ٥/ ٢٧٢٢.
(٩) في (م): (القيام).
(١٠) ينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٥٣٢.
(٢) "تفسير مقاتل"١/ ١٣٨. وينظر: "الثعلبي" ١/ ١١٦٩، "البحر المحيط" ١/ ٣٨٢.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٧.
(٤) "معاني القرآن" ١/ ٧٧.
(٥) ذكره عنه الثعلبي ١/ ١١٧١ وينظر: البغوي ١/ ١٤٥٨، "البحر المحيط" ١/ ٣٨٢.
(٦) خَلَّقاه: أي طَيَّباه، والخلُوق والخِلاق: ضرب من الطيب وقيل: الزعفران وغيره، قال بعض الفقهاء: وهو مائع فيه صفرة. "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٩٤ "المصباح المنير" ص ١٨٠.
(٧) من قوله: (وقوله تعالى: للطائفين) ساقط من (ش).
(٨) هذا في كتاب "المصادر" للفراء وهو مفقود ينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢١٥٥، "لسان العرب" ٥/ ٢٧٢٢.
(٩) في (م): (القيام).
(١٠) ينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٥٣٢.
307
أهلَ مكة وبالركع السجود (١): جميعَ المسلمين (٢).
١٢٦ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا﴾. (البلد) يجوز في اللغة أن يكون جمع بلدة، ويجوز أن يكون واحدًا، وجمعه بلدان وبلاد (٣). قال الليث: كل موضع من الأرض (٤) عامرٍ أو غامر (٥) مسكونٍ أو خالٍ: بلدٌ، والطائفة منه: بلدة (٦). والبلد: المفازة، يقال: أذلّ من بيضةِ البلدِ، أي: بيضة النعامة التي تتركُها بالبلد، وهو المفازة. والعربُ تُسَمِّي كلَّ موضع خال: بلدة، فيقولون لموضع خالٍ من الكواكب بين النعائم وسعد الذابح: بلدة (٧). ويقال للذي ليس بمقرون الحاجبين: الأبلدُ؛ لخُلُوّ ما بين حاجبيه من الشعر.
وقال أهل اللغة: أصلُ البلد: هو الأثر. من ذلك قولهم لكِرْكِرَةِ (٨)
١٢٦ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا﴾. (البلد) يجوز في اللغة أن يكون جمع بلدة، ويجوز أن يكون واحدًا، وجمعه بلدان وبلاد (٣). قال الليث: كل موضع من الأرض (٤) عامرٍ أو غامر (٥) مسكونٍ أو خالٍ: بلدٌ، والطائفة منه: بلدة (٦). والبلد: المفازة، يقال: أذلّ من بيضةِ البلدِ، أي: بيضة النعامة التي تتركُها بالبلد، وهو المفازة. والعربُ تُسَمِّي كلَّ موضع خال: بلدة، فيقولون لموضع خالٍ من الكواكب بين النعائم وسعد الذابح: بلدة (٧). ويقال للذي ليس بمقرون الحاجبين: الأبلدُ؛ لخُلُوّ ما بين حاجبيه من الشعر.
وقال أهل اللغة: أصلُ البلد: هو الأثر. من ذلك قولهم لكِرْكِرَةِ (٨)
(١) في (أ)، (م): (بالركع).
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٣٩ - ٥٤١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٧، "تفسير الثعلبي"، "تفسير البغوي" ١/ ١٤٨ - ١٤٩ وذكر الثعلبي في "تفسيره" عن عطاء قال: إذا كان طائفا فهو من الطائفين، وإذا كان جالسًا فهو من العاكفين، وإذا كان مصليًا فهو من الركع السجود. وأخرجه الطبري ١/ ٥٤٠ - ٥٤١ مفرقًا عن ابن عطاء ورجحه، وأخرج ابن حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٢٨ مثله عن عطاء عن ابن عباس.
(٣) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٣٨٣.
(٤) عبارة في "التهذيب" البلد: كل موضع مُسْتَحِييزٍ من الأرض.
(٥) في (م): (أو غير عامر) وهو كذلك في "تهذيب اللغة" والغامر: ضد عامر.
(٦) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١/ ٣٨٣.
(٧) نقل في "تهذيب اللغة" ١/ ٣٨٣ عن الليث: والبلدة في السماء موضع لا نجوم فيه بين النعائم وسعد الذباح، وليست كواكب عظامًا تكون علمًا، وهي من منازل القمر وهي آخر البروج سميت بلدةً، وهي من برج القوس، خالية إلا من كواكب صغار.
(٨) الكِركِرة: بالكسر: رحى زور البعير، أو صدر كل ذي خف. "القاموس" ٤٦٩.
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٣٩ - ٥٤١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٧، "تفسير الثعلبي"، "تفسير البغوي" ١/ ١٤٨ - ١٤٩ وذكر الثعلبي في "تفسيره" عن عطاء قال: إذا كان طائفا فهو من الطائفين، وإذا كان جالسًا فهو من العاكفين، وإذا كان مصليًا فهو من الركع السجود. وأخرجه الطبري ١/ ٥٤٠ - ٥٤١ مفرقًا عن ابن عطاء ورجحه، وأخرج ابن حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٢٨ مثله عن عطاء عن ابن عباس.
(٣) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٣٨٣.
(٤) عبارة في "التهذيب" البلد: كل موضع مُسْتَحِييزٍ من الأرض.
(٥) في (م): (أو غير عامر) وهو كذلك في "تهذيب اللغة" والغامر: ضد عامر.
(٦) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١/ ٣٨٣.
(٧) نقل في "تهذيب اللغة" ١/ ٣٨٣ عن الليث: والبلدة في السماء موضع لا نجوم فيه بين النعائم وسعد الذباح، وليست كواكب عظامًا تكون علمًا، وهي من منازل القمر وهي آخر البروج سميت بلدةً، وهي من برج القوس، خالية إلا من كواكب صغار.
(٨) الكِركِرة: بالكسر: رحى زور البعير، أو صدر كل ذي خف. "القاموس" ٤٦٩.
308
البعير: بلدة. لأنه إذا برك أثرت.
قال ذو الرمة:
ويقال للأثر: بلد، وجمعه أبلادٌ.
قال القُطامي (٢):
وبالنُحورِ كُلومٌ ذاتُ أبلادٍ (٣)
وقال ابنُ الرِّقاع (٤):
وإنما سُمِّيت البلادُ لأنها مواضعُ مواطن الناس وتأثيرهم. والبلد: المقبرة، ويقال: هو نفس القبر، قال خُفَاف (٦):
قال ذو الرمة:
| أُنِيخَتْ فألقَتْ بلدةً فوقَ بلدةٍ | قليلٍ بها الأصواتُ إلا بُغَامُها (١) |
قال القُطامي (٢):
وبالنُحورِ كُلومٌ ذاتُ أبلادٍ (٣)
وقال ابنُ الرِّقاع (٤):
| عرَف الديارَ توهُّمًا فاعتادَها | مِنْ بعدِ ما شَمِلَ البِلَى أبلادَها (٥) |
| كلُّ امرئ تاركٌ أحبَّتَه | ومُسْلِمٌ وجهَه إلى البلَد (٧) |
(١) البيت لذي الرمة، في "ديوانه" ص ١٠٠٤، "تهذيب اللغة" ١/ ٣٨٣، "لسان العرب" ١/ ٣٤١، "المعجم المفصل" ٧/ ١٣٥.
(٢) هو عمير بن شييم التغلبي القطامي، شاعر إسلامي، تقدمت ترجمته [البقرة: ٦١].
(٣) هذا عجز بيت، وصدره: ليست تجرح فُرّارًا ظهورهم. وهو للقطامي في "ديوانه" ص ١٢، ينظر: "اللسان" مادة: بلد. ويروى: وفي النجوم، كما في "عمدة الحفاظ"١/ ٢٥٨، وكذا في "المشوف المعلم" ١/ ١١٧، و"البصائر" ٢/ ٢٧٣، وينظر: "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب ص ١٤٣.
(٤) هو عدي بن الرقاع بن عاملة حي من قضاعة، تقدمت ترجمته [البقرة: ٦٠].
(٥) البيت في "ديوانه" ص ٣٣، "لسان العرب" ١/ ٣٤١ مادة: بلد.
(٦) هو خفاف بن عمير بن الحارث بن الشريد السلمي، من مضر، أبو خراشة، شاعر فارس، كان أسود اللون، وعاش زمنًا في الجاهلية، وأدرك الإسلام فأسلم، وشهد فتح مكة وحنينًا والطائف، وثبت في الردة على إسلامه، توفي سنة ٢٠ هـ. ينظر: "أسد الغابة" ٢/ ١٣٨، "الأعلام" ٢/ ٣٠٩.
(٧) البيت بلا نسبة في "المخصص" ٦/ ١٣٣، وانظر: "المعجم المفصل" ٢/ ٤٢٩.
(٢) هو عمير بن شييم التغلبي القطامي، شاعر إسلامي، تقدمت ترجمته [البقرة: ٦١].
(٣) هذا عجز بيت، وصدره: ليست تجرح فُرّارًا ظهورهم. وهو للقطامي في "ديوانه" ص ١٢، ينظر: "اللسان" مادة: بلد. ويروى: وفي النجوم، كما في "عمدة الحفاظ"١/ ٢٥٨، وكذا في "المشوف المعلم" ١/ ١١٧، و"البصائر" ٢/ ٢٧٣، وينظر: "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب ص ١٤٣.
(٤) هو عدي بن الرقاع بن عاملة حي من قضاعة، تقدمت ترجمته [البقرة: ٦٠].
(٥) البيت في "ديوانه" ص ٣٣، "لسان العرب" ١/ ٣٤١ مادة: بلد.
(٦) هو خفاف بن عمير بن الحارث بن الشريد السلمي، من مضر، أبو خراشة، شاعر فارس، كان أسود اللون، وعاش زمنًا في الجاهلية، وأدرك الإسلام فأسلم، وشهد فتح مكة وحنينًا والطائف، وثبت في الردة على إسلامه، توفي سنة ٢٠ هـ. ينظر: "أسد الغابة" ٢/ ١٣٨، "الأعلام" ٢/ ٣٠٩.
(٧) البيت بلا نسبة في "المخصص" ٦/ ١٣٣، وانظر: "المعجم المفصل" ٢/ ٤٢٩.
309
ومن هذا يقال: رجلٌ بليدٌ، إذا أثَّرَ فيه الجهلُ، ثم يقالُ منه: تبلَّدَ الرجلُ، وهو نقيضُ التجلُّد، قال:
وبلد أيضا: إذا ضَعُفَ في العملِ وغيره، حتى قيل في الجرِي قال:
وقوله تعالى: ﴿آمِنًا﴾ قال الزجاج: ذا أَمْنٍ (٤)، فيكون كقولهم: لاِبنٌ وتَامِرٌ، ويجوزُ أن يكون آمنًا يأمَنُ أهله فيه، فيكون كقولهم: ليلٌ نائمٌ، أيْ: ينامُ أهله (٥) فيه، قال الشاعر:
ونمتُ وما ليلُ المطيِّ بنائمٍ (٦)
ويقولون: همٌّ ناصب، أي: ينصبُ فيه الإنسان، وينصبُ لأجلِه (٧)
| ألا لا تَلُمْهُ اليومَ أن يتبلَّدا | فقد غُلِبَ المحزونُ أن يتجلَّدا (١) |
| جَرَى طَلَقًا حتى إذا قيلَ سابقٌ | تداركَه أعراقُ (٢) سوءٍ فَبَلَّدَا (٣) |
ونمتُ وما ليلُ المطيِّ بنائمٍ (٦)
ويقولون: همٌّ ناصب، أي: ينصبُ فيه الإنسان، وينصبُ لأجلِه (٧)
(١) البيت للأحوص الأنصاري في "ديوانه" ص ٩٨، وانظر: "المعجم المفصل" ٢/ ٢٠١.
(٢) في (ش): (أعواق).
(٣) البيت بلا نسبة في "تهذيب اللغة" ١/ ٣٨٣، "لسان العرب" ١/ ٣٤٢ و ٥/ ٢٩٠٤، "المعجم المفصل" ٢/ ٢٠١.
(٤) "معاني القرآن" ١/ ٢٠٧.
(٥) زيادة من (م).
(٦) البيت لجرير بن عطية، ومطلعه:
لقد لُمتِنا يا أمَّ غيلان في السُّرى
ينظر: "ديوانه" ص ٤٥٤.
(٧) وليس هذا بقياس عند سيبويه، وعن المبرد أن فاعلاً بمعنى صاحب، كذا قياس، وفي شرح المفصل: وكثر فعال حتى لا يبعد دعوى القياس فيه، وقل فاعل، فلا يمكن دعوى القياس فيه لندوره. ينظر: "حاشية ابن جماعة الكناني على شرح الجاربردي للشافية لابن الحاجب" ١/ ١٢٥، "همع الهوامع" للسيوطي ٢/ ١٩٨.
(٢) في (ش): (أعواق).
(٣) البيت بلا نسبة في "تهذيب اللغة" ١/ ٣٨٣، "لسان العرب" ١/ ٣٤٢ و ٥/ ٢٩٠٤، "المعجم المفصل" ٢/ ٢٠١.
(٤) "معاني القرآن" ١/ ٢٠٧.
(٥) زيادة من (م).
(٦) البيت لجرير بن عطية، ومطلعه:
لقد لُمتِنا يا أمَّ غيلان في السُّرى
ينظر: "ديوانه" ص ٤٥٤.
(٧) وليس هذا بقياس عند سيبويه، وعن المبرد أن فاعلاً بمعنى صاحب، كذا قياس، وفي شرح المفصل: وكثر فعال حتى لا يبعد دعوى القياس فيه، وقل فاعل، فلا يمكن دعوى القياس فيه لندوره. ينظر: "حاشية ابن جماعة الكناني على شرح الجاربردي للشافية لابن الحاجب" ١/ ١٢٥، "همع الهوامع" للسيوطي ٢/ ١٩٨.
310
قال النابغة:
كِلِيني لَهمٍّ يا أميمةُ ناصبِ (١)
فأما التفسير فقال ابن عباس: يريد حرامًا محرمًا، لا يصاد طيره، ولا يقطع شجره، ولا يختلى خلاه، ولا يدخلها أحد إلا بإحرام، ولا تحلُّ لأحدٍ من الخلق إلا الساعة التي حلّت للنبي - ﷺ -، هذا كلامه (٢). فأما الحكم في هذا، فإنَّ صيدَ مكة لا ينفر، ولا ينتف شعره، ولا يتعرض له بنوع أذًى، ومن قتل صيد مكة فعليه جزاؤه، ولا يجوز قطع أشجار (٣) الحرم على جهة الإضرار بها، ويجوز تشذيبها على جهة المصلحة لها، ولا يجوز خبطها؛ ولكنها تهشُّ هشًا رفيقًا، ويجوزُ إرسالُ المواشي لترتَعَ في حشيش الحرم (٤). وقال النبي - ﷺ -: "إن الله حبس الفيل عن مكة، وسلَّطَ عليها رسولَه والمؤمنين، وإنهَّا لم تَحِلُّ لأحدٍ كان قبلي، ولا تحلُّ لأحدٍ كان بعدي، وإنما أُحِلَّت لي ساعة من النهار" (٥). والعرب تقول: آمَنُ من حمام مكة، يضربون المثلَ بها في الأمن (٦).
كِلِيني لَهمٍّ يا أميمةُ ناصبِ (١)
فأما التفسير فقال ابن عباس: يريد حرامًا محرمًا، لا يصاد طيره، ولا يقطع شجره، ولا يختلى خلاه، ولا يدخلها أحد إلا بإحرام، ولا تحلُّ لأحدٍ من الخلق إلا الساعة التي حلّت للنبي - ﷺ -، هذا كلامه (٢). فأما الحكم في هذا، فإنَّ صيدَ مكة لا ينفر، ولا ينتف شعره، ولا يتعرض له بنوع أذًى، ومن قتل صيد مكة فعليه جزاؤه، ولا يجوز قطع أشجار (٣) الحرم على جهة الإضرار بها، ويجوز تشذيبها على جهة المصلحة لها، ولا يجوز خبطها؛ ولكنها تهشُّ هشًا رفيقًا، ويجوزُ إرسالُ المواشي لترتَعَ في حشيش الحرم (٤). وقال النبي - ﷺ -: "إن الله حبس الفيل عن مكة، وسلَّطَ عليها رسولَه والمؤمنين، وإنهَّا لم تَحِلُّ لأحدٍ كان قبلي، ولا تحلُّ لأحدٍ كان بعدي، وإنما أُحِلَّت لي ساعة من النهار" (٥). والعرب تقول: آمَنُ من حمام مكة، يضربون المثلَ بها في الأمن (٦).
(١) البيت للنابغة الذبياني، وعجزه:
وليلٍ أقاسيه بطيءِ الكواكبِ
ينظر: "ديوانه" ص ٤٥، و"المعجم المفصل" ١/ ٤٥٠.
(٢) ينظر مرفوعًا عن ابن عباس بنحوه عند البخاري (١٣٤٩) كتاب الحج باب: الأذخر والحشيش في القبر، ومسلم (١٣٥٣) كتاب الحج؛ باب: تحريم مكة وصيدها وخلاها.
(٣) في (م): (شجر).
(٤) ينظر في المسألة: "مشكل الآثار" للطحاوي ٤/ ١٧٦ ط دار الكتب العلمية، "المجموع شرح المهذب" ٧/ ٤٢٥ و ٧/ ٤٤٤ ط المنيرية، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٨٠.
(٥) تقدم تخريجه آنفًا.
(٦) لأنها لا تثار ولا تهاج. ينظر: "مجمع الأمثال" للميداني ١/ ٨٧، "جمهرة الأمثال" للعسكري ١/ ١٩٩، "المستقصى" للزمخشري ١/ ٧.
وليلٍ أقاسيه بطيءِ الكواكبِ
ينظر: "ديوانه" ص ٤٥، و"المعجم المفصل" ١/ ٤٥٠.
(٢) ينظر مرفوعًا عن ابن عباس بنحوه عند البخاري (١٣٤٩) كتاب الحج باب: الأذخر والحشيش في القبر، ومسلم (١٣٥٣) كتاب الحج؛ باب: تحريم مكة وصيدها وخلاها.
(٣) في (م): (شجر).
(٤) ينظر في المسألة: "مشكل الآثار" للطحاوي ٤/ ١٧٦ ط دار الكتب العلمية، "المجموع شرح المهذب" ٧/ ٤٢٥ و ٧/ ٤٤٤ ط المنيرية، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٨٠.
(٥) تقدم تخريجه آنفًا.
(٦) لأنها لا تثار ولا تهاج. ينظر: "مجمع الأمثال" للميداني ١/ ٨٧، "جمهرة الأمثال" للعسكري ١/ ١٩٩، "المستقصى" للزمخشري ١/ ٧.
311
وقوله تعالى: ﴿وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ الثمرات: جمع ثمرة، وهو حمل الشجرة من أي نوع كان، ويأتي الكلام فيها عند اختلاف القراء في (ثمره) [الكهف: ٤٢].
قال المفسرون: استجاب الله دعاء إبراهيم، فقال في موضع آخر: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [القصص: ٥٧] (١).
قال عطاء عن ابن عباس: ذكروا أن الله عز وجل بعث جبريل إلى الشام، حتى اقتلع الطائف من موضع الأردن، ثم طاف بها حول الكعبة أسبوعًا، لذلك سميت الطائف، ثم أنزلها تهامة، ومنها تجْبَى إلى مكة الثمرات (٢).
وقوله تعالى: ﴿مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ (من) بَدَلٌ من أهله (٣) وهو بدل البعض من الكُلِّ، كقوله: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧]. والأخفش يسمي هذا بدل التبيان؛ لأنَّ الأول دلَّ على العموم، ثم بان بالبدل أن المراد به البعض، كما تقول: أخذت المال ثلثيه، ورأيت القوم ناسًا منهم (٤). وإنما خصَّ إبراهيم عليه السلام بطلب الرزق المؤمنين؛ لأن الله تعالى أدبه بقوله: ﴿قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ فتوهَّم أنه كما لا يعطيهم النبوة إلا إذا كانوا مؤمنين، كذلك لا يرزق أهل
قال المفسرون: استجاب الله دعاء إبراهيم، فقال في موضع آخر: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [القصص: ٥٧] (١).
قال عطاء عن ابن عباس: ذكروا أن الله عز وجل بعث جبريل إلى الشام، حتى اقتلع الطائف من موضع الأردن، ثم طاف بها حول الكعبة أسبوعًا، لذلك سميت الطائف، ثم أنزلها تهامة، ومنها تجْبَى إلى مكة الثمرات (٢).
وقوله تعالى: ﴿مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ (من) بَدَلٌ من أهله (٣) وهو بدل البعض من الكُلِّ، كقوله: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧]. والأخفش يسمي هذا بدل التبيان؛ لأنَّ الأول دلَّ على العموم، ثم بان بالبدل أن المراد به البعض، كما تقول: أخذت المال ثلثيه، ورأيت القوم ناسًا منهم (٤). وإنما خصَّ إبراهيم عليه السلام بطلب الرزق المؤمنين؛ لأن الله تعالى أدبه بقوله: ﴿قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ فتوهَّم أنه كما لا يعطيهم النبوة إلا إذا كانوا مؤمنين، كذلك لا يرزق أهل
(١) ينظر: "الوسيط" ١/ ٢١٠.
(٢) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٠ ذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ١٤٩ دون نسبة، وبعضه يذكر عن الزهري ومحمد بن مسلم الطائفي. ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٤٤، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٢٢٩ - ٢٣٠، "البحر المحيط" ١/ ٣٨٣.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٧.
(٤) "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٤٧.
(٢) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٠ ذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ١٤٩ دون نسبة، وبعضه يذكر عن الزهري ومحمد بن مسلم الطائفي. ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٤٤، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٢٢٩ - ٢٣٠، "البحر المحيط" ١/ ٣٨٣.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٧.
(٤) "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٤٧.
312
مكة إلا أن يكونوا مؤمنين (١).
قال ابن عباس: وكانت دعوةُ إبراهيم يومئذ وأهلها مؤمنون (٢)، فما زالوا على إيمانٍ ومعرفة بالله حتى غيَّرَ ذلك عمرو بن لُحَيّ الخُزاعي (٣)، وهو الذي قال رسول الله - ﷺ -: "رأيته في جهنم يجُرّ قُصْبَه (٤) في النار" (٥)، وكان أول من غيّر دين إبراهيم، وعبد الأصنام، وسيّب السائبة، وبَحَر البحيرة، وحمى الحامي (٦)، وغلب على مكة، وقهر أهلها، وهم ولد إسماعيل.
﴿وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً﴾ فسأرزقه إلى منتهى أجله (٧). وفي (أمتعه)
قال ابن عباس: وكانت دعوةُ إبراهيم يومئذ وأهلها مؤمنون (٢)، فما زالوا على إيمانٍ ومعرفة بالله حتى غيَّرَ ذلك عمرو بن لُحَيّ الخُزاعي (٣)، وهو الذي قال رسول الله - ﷺ -: "رأيته في جهنم يجُرّ قُصْبَه (٤) في النار" (٥)، وكان أول من غيّر دين إبراهيم، وعبد الأصنام، وسيّب السائبة، وبَحَر البحيرة، وحمى الحامي (٦)، وغلب على مكة، وقهر أهلها، وهم ولد إسماعيل.
﴿وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً﴾ فسأرزقه إلى منتهى أجله (٧). وفي (أمتعه)
(١) ينظر: "الوسيط" ١/ ٢١٠.
(٢) لعله من رواية عطاء، وقد تقدم الحديث عنها في القسم الدراسي.
(٣) هو عمرو بن لحي بن حارثة بن عمرو بن عامر الأزدي وقيل: عمرو بن لحي بن قَمَعَة، وقيل غير ذلك، من قحطان، أول من غير دين إسماعيل، ودعا العربَ إلى عبادة الأوثان حيث دعا إلى تعظيمها. ينظر: "البداية والنهاية" ٢/ ١٨٧، "الأعلام" ٥/ ٨٤.
(٤) قصبه أي: أمعاءه، ينظر: "صحيح مسلم" (٢٨٥٦) كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: النار يدخلها الجبارون.
(٥) رواه البخاري (٤٦٢٣) كتاب تفسير القرآن، باب: ما جعل الله من بحيرة، ومسلم (٢٨٥٦) كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: النار يدخلها الجبارون.
(٦) السائبة: قيل: من الإبل، وقيل من جميع الأنعام وتكوم من النذر للأصنام، فتسيب فلا تحبس عن مرعى ولا ماء ولا يركبها أحد، كان الرجل ينذر إن برىء أو قدم من سفره ليُسيبن بعيرًا. والبحيرة: هي التي بحرت أذنها أي خرمت، قيل من الإبل وقيل من الشاة، إذا ولدت خمسة أبطن بحروا أذنها وتركت فلا يمسها أحد. والحامي: هو فحل الإبل، إذا انتجوا منه عشرة أبطن، قالوا قد حمى ظهره، فلم يركب وقيل: غير ذلك ينظر: "فتح الباري" ٨/ ٢٨٤.
(٧) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٧٧، "تفسير البغوي" ١/ ١٤٩.
(٢) لعله من رواية عطاء، وقد تقدم الحديث عنها في القسم الدراسي.
(٣) هو عمرو بن لحي بن حارثة بن عمرو بن عامر الأزدي وقيل: عمرو بن لحي بن قَمَعَة، وقيل غير ذلك، من قحطان، أول من غير دين إسماعيل، ودعا العربَ إلى عبادة الأوثان حيث دعا إلى تعظيمها. ينظر: "البداية والنهاية" ٢/ ١٨٧، "الأعلام" ٥/ ٨٤.
(٤) قصبه أي: أمعاءه، ينظر: "صحيح مسلم" (٢٨٥٦) كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: النار يدخلها الجبارون.
(٥) رواه البخاري (٤٦٢٣) كتاب تفسير القرآن، باب: ما جعل الله من بحيرة، ومسلم (٢٨٥٦) كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: النار يدخلها الجبارون.
(٦) السائبة: قيل: من الإبل، وقيل من جميع الأنعام وتكوم من النذر للأصنام، فتسيب فلا تحبس عن مرعى ولا ماء ولا يركبها أحد، كان الرجل ينذر إن برىء أو قدم من سفره ليُسيبن بعيرًا. والبحيرة: هي التي بحرت أذنها أي خرمت، قيل من الإبل وقيل من الشاة، إذا ولدت خمسة أبطن بحروا أذنها وتركت فلا يمسها أحد. والحامي: هو فحل الإبل، إذا انتجوا منه عشرة أبطن، قالوا قد حمى ظهره، فلم يركب وقيل: غير ذلك ينظر: "فتح الباري" ٨/ ٢٨٤.
(٧) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٧٧، "تفسير البغوي" ١/ ١٤٩.
313
قراءتان: التشديد من التفعيل، وهو قراءة عامة القراء، وقرأ ابن عامر بالتخفيف (١). والتشديدُ أولى، لأن التنزيل عليه: كقوله: ﴿يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا﴾ [هود: ٣] وقال: ﴿كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [القصص: ٦١] وقال: ﴿وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [يونس: ٩٨]. وأمّا التخفيف فإن أَفْعَل قد يكون بمعنى فَعَّل في كثير من المواضع، نحو: فَرَّحْتُه وأفرحْتُه، وأنزلته ونَزَّلته، قال الراعي (٢):
وأما قوله: (قليلا) قال أبو علي الفارسي (٤): يجوز أن يكون صفةً للمصدر، ويجوز أن يكون صفة للزمان. فالدلالةُ على جواز كونه صفة للمصدر قوله: ﴿يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا﴾ [هود: ٣] فوصف به المصدر. قال سيبويه (٥): مثال هذا: أنك ترى الرجل يعالج شيئًا فتقول: رُويدًا، أي: علاجًا رويدًا. فإن قيل: كيف يحسنُ أن يكون صفة للمصدر، وفعّل يدل على التكثير، فكيفَ يستقيمُ وصفُ الكثير بالقليل في قوله: ﴿فَأُمَتِعُهُ قَلِيلًا﴾، وهلا كان قولُ ابن عامر أرجحَ؛ لأنَّ هذا السؤال لا يعترض فيه.
| خَلِيطَين من شعبين شتّى تجاورا | قديمًا وكانا بالتفرُّقِ أمتعا (٣) |
(١) ينظر: "السبعة" ص ١٧٠، "معاني القراءات" للأزهري ص ٦٣.
(٢) هو: أبو جندل عبيد بن حصين النميري، والراعي لقبه؛ لكثرة وصفه للإبل، وهو شاعر من المحدثين الفحول، عاصر جريرًا والفرزدق، توفي سنة ٩٠ هـ. ينظر: "الشعر والشعراء" ٢٦٥، "الأعلام" ٤/ ١٨٨.
(٣) ينظر: "ديوانه" ص ١٦٦، "لسان العرب" ٧/ ٤١٢٩، "المعجم المفصل" ٤/ ١٩٩.
(٤) في "الحجة للقراء السبعة" ٢/ ٢٢٢.
(٥) "الكتاب" ١/ ١٢٤.
(٢) هو: أبو جندل عبيد بن حصين النميري، والراعي لقبه؛ لكثرة وصفه للإبل، وهو شاعر من المحدثين الفحول، عاصر جريرًا والفرزدق، توفي سنة ٩٠ هـ. ينظر: "الشعر والشعراء" ٢٦٥، "الأعلام" ٤/ ١٨٨.
(٣) ينظر: "ديوانه" ص ١٦٦، "لسان العرب" ٧/ ٤١٢٩، "المعجم المفصل" ٤/ ١٩٩.
(٤) في "الحجة للقراء السبعة" ٢/ ٢٢٢.
(٥) "الكتاب" ١/ ١٢٤.
314
والجواب: أن هذا لا يدل على ترجيح قراءته، وإنما وصفه الله سبحانه بالقليلِ من حيثُ كان إلى نَفادٍ ونقصٍ وتناهٍ، ألا ترى أن (١) قوله: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾ [النساء: ٧٧] فعلى هذا وُصِفَ المتاع بالقلة في قوله: ﴿فَأُمَتِعُهُ قَلِيلاً﴾.
وأما جواز أن يكون (قليل) صفة للزمان فيدل عليه قوله: ﴿قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ﴾ [المؤمنون: ٤٠] بعد زمان قليل، كما تقول: أطعمه عن جوعٍ وكساه عن عُري (٢).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ﴾ أي: ألجئه في الآخرة إلى عذاب النار ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ مُختصر، أي: بئس المصير النار أو عذاب النار (٣).
١٢٧ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ﴾ معنى القعود في أصل (٤) اللغة: الثبات على أيِّ حالةٍ كانت، الدليل عليه قوله تعالى: ﴿تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ﴾ [آل عمران: ١٢١]، يريد: مثابت ومراكز، ولا يريد مَجَالس. وقولهم: قَعَدَتِ المرأةُ عن المحيض، معناه: ثبتت على حالة الطُّهْر، ولا يراد به الجُلوس. ويقولون: قَعَدَتِ الفَسِيلة، إذا ثَبَتَتْ في الأرض، وصار لها جذع (٥). ومن هذا: قواعد البيت، فَقَعَدَ في أصل اللغة
وأما جواز أن يكون (قليل) صفة للزمان فيدل عليه قوله: ﴿قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ﴾ [المؤمنون: ٤٠] بعد زمان قليل، كما تقول: أطعمه عن جوعٍ وكساه عن عُري (٢).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ﴾ أي: ألجئه في الآخرة إلى عذاب النار ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ مُختصر، أي: بئس المصير النار أو عذاب النار (٣).
١٢٧ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ﴾ معنى القعود في أصل (٤) اللغة: الثبات على أيِّ حالةٍ كانت، الدليل عليه قوله تعالى: ﴿تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ﴾ [آل عمران: ١٢١]، يريد: مثابت ومراكز، ولا يريد مَجَالس. وقولهم: قَعَدَتِ المرأةُ عن المحيض، معناه: ثبتت على حالة الطُّهْر، ولا يراد به الجُلوس. ويقولون: قَعَدَتِ الفَسِيلة، إذا ثَبَتَتْ في الأرض، وصار لها جذع (٥). ومن هذا: قواعد البيت، فَقَعَدَ في أصل اللغة
(١) زيادة من (م).
(٢) انتهى كلام أبي علي الفارسي من "الحجة" ٢/ ٢٢٢.
(٣) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٧٧، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٨٦ - ١٨٧.
(٤) ساقط من (ش).
(٥) "تهذيب اللغة" ٣/ ٣٠٠٤.
(٢) انتهى كلام أبي علي الفارسي من "الحجة" ٢/ ٢٢٢.
(٣) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٧٧، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٨٦ - ١٨٧.
(٤) ساقط من (ش).
(٥) "تهذيب اللغة" ٣/ ٣٠٠٤.
315
بمعنى: ثبت، ثم نقل إلى هذا الفعل المخصوص والمتعارف الذي لا تعرف العامة غيره (١).
وأما تفسير قواعد البيت، فقال ابن المظفر: القواعد: أصول الأساسِ، الواحد: قاعدة (٢).
قال الزجاج: وكل قاعدةٍ فهي أصلٌ للذي فوقها (٣). قال الكُمَيْت (٤):
ومنه يقال للخشبات أسافل الهودج: القواعد، لأنها كالأساس للهودج (٦). قال ابن عباس: يعنى: أصولَ البيت (٧).
وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾ المعنى: يقولان (٨): ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾
وأما تفسير قواعد البيت، فقال ابن المظفر: القواعد: أصول الأساسِ، الواحد: قاعدة (٢).
قال الزجاج: وكل قاعدةٍ فهي أصلٌ للذي فوقها (٣). قال الكُمَيْت (٤):
| في ذِروةٍ من يفاعٍ اوّلهم | زانت عواليَها قواعدُها (٥) |
وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾ المعنى: يقولان (٨): ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾
(١) ينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٣٠٠٤، "لسان العرب" ٦/ ٣٦٨٩ (قعد).
(٢) "تهذيب اللغة" ٣/ ٣٠٠٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٨٢، "البحر المحيط" ١/ ٣٨٧.
(٣) "معاني القرآن" ١/ ٢٠٨، قال في "البحر المحيط" ١: ٣٧٣: القواعد: قال الكسائي والفراء: هي الجدر، وقال أبو عبيدة: الأساس، وبالأساس فسرها ابن عطية أولًا والزمخشري وقال: هي صفة غالبة، ومعناها: الثابتة. اهـ.
(٤) تقدمت ترجمته.
(٥) البيت للكميت في "مجاز القرآن" ١/ ٥٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٨٣، "البحر المحيط" ١/ ٣٧٣ ولم ينسبه، واليَفَاع: المشرف من الأرض والجبل.
(٦) "لسان العرب" ٦/ ٣٦٨٩ (قعد)، والهَوْدَج: مركب للنساء يوضع على ظهور الرواحل.
(٧) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٣/ ١١٨٢، وأخرجه ابن أبي حاتم ١/ ٢٣١ بلفظ: أساس البيت، وأخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٤٦ بلفظ: القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك.
(٨) يروي ابن عباس ذلك كما في "تفسير الطبري" ١/ ٥٤٩، وينظر: "صحيح البخاري" (٣٣٦٥) كتاب الأنبياء، باب: يزفون النسلان في المشي، وعند الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ١٤٨ أن إسماعيل هو الذي قال: (ربنا تقبل منا).
(٢) "تهذيب اللغة" ٣/ ٣٠٠٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٨٢، "البحر المحيط" ١/ ٣٨٧.
(٣) "معاني القرآن" ١/ ٢٠٨، قال في "البحر المحيط" ١: ٣٧٣: القواعد: قال الكسائي والفراء: هي الجدر، وقال أبو عبيدة: الأساس، وبالأساس فسرها ابن عطية أولًا والزمخشري وقال: هي صفة غالبة، ومعناها: الثابتة. اهـ.
(٤) تقدمت ترجمته.
(٥) البيت للكميت في "مجاز القرآن" ١/ ٥٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٨٣، "البحر المحيط" ١/ ٣٧٣ ولم ينسبه، واليَفَاع: المشرف من الأرض والجبل.
(٦) "لسان العرب" ٦/ ٣٦٨٩ (قعد)، والهَوْدَج: مركب للنساء يوضع على ظهور الرواحل.
(٧) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٣/ ١١٨٢، وأخرجه ابن أبي حاتم ١/ ٢٣١ بلفظ: أساس البيت، وأخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٤٦ بلفظ: القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك.
(٨) يروي ابن عباس ذلك كما في "تفسير الطبري" ١/ ٥٤٩، وينظر: "صحيح البخاري" (٣٣٦٥) كتاب الأنبياء، باب: يزفون النسلان في المشي، وعند الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ١٤٨ أن إسماعيل هو الذي قال: (ربنا تقبل منا).
316
كقوله: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ﴾ [الأنعام: ٩٣] المعنى: يقولون: أخرجوا، ومثله: ﴿يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ [الرعد: ٢٣ - ٢٤].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ﴾ يريد: لدعائنا ﴿الْعَلِيمُ﴾ بما في قلوبنا (١).
١٢٨ - قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ﴾ أي: مطيعين مستسلمين منقادين لحكمك (٢).
قال ابن الأنباري: يقال: فلان مسلم، وفيه قولان:
أحدهما: أنه المستسلم لأمر الله.
والثاني: هو المخلص لله العبادة، من قولهم: سَلَّمَ لفلان الشيءَ، أي: خَلَّصَه له، وسَلِمَ له الشيءُ، أي: خَلَصَ (٣)، ومنه قوله تعالى: ﴿وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ﴾ [الزمر: ٢٩]، معناه: خالصًا لرجل، وأنشد على أنَّ المسلم بمعنى المستسلم لأمر الله قولَ الشاعر:
أراد: استسلموا. قالوا: فالمسلم الذي يعتقد الاستسلامَ لله تعالى والإيمانَ به محمودٌ، والمسلمُ الذي يستسلم خوفًا من القتل مذمومٌ، من
وقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ﴾ يريد: لدعائنا ﴿الْعَلِيمُ﴾ بما في قلوبنا (١).
١٢٨ - قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ﴾ أي: مطيعين مستسلمين منقادين لحكمك (٢).
قال ابن الأنباري: يقال: فلان مسلم، وفيه قولان:
أحدهما: أنه المستسلم لأمر الله.
والثاني: هو المخلص لله العبادة، من قولهم: سَلَّمَ لفلان الشيءَ، أي: خَلَّصَه له، وسَلِمَ له الشيءُ، أي: خَلَصَ (٣)، ومنه قوله تعالى: ﴿وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ﴾ [الزمر: ٢٩]، معناه: خالصًا لرجل، وأنشد على أنَّ المسلم بمعنى المستسلم لأمر الله قولَ الشاعر:
| فقلنا أسْلِمُوا إنّا أخوكم (٤) | فقد بَرِئَتْ مِنَ الإحَنِ الصُّدُورُ (٥) |
(١) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٨٤، "تفسير البغوي" ١/ ١٥٠.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٨٥، "تفسير البغوي" ١/ ١٥٠.
(٣) نقله في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٤٥، وعنه في "لسان العرب" ٤/ ٢٠٨٠.
(٤) في (ش): (باحركم).
(٥) البيت لعباس بن مرداس، في "ديوانه" ص ٥٢، "لسان العرب" ١/ ٤١ "المعجم المفصل" ٣/ ٣٢٦.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٨٥، "تفسير البغوي" ١/ ١٥٠.
(٣) نقله في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٤٥، وعنه في "لسان العرب" ٤/ ٢٠٨٠.
(٤) في (ش): (باحركم).
(٥) البيت لعباس بن مرداس، في "ديوانه" ص ٥٢، "لسان العرب" ١/ ٤١ "المعجم المفصل" ٣/ ٣٢٦.
317
ذلك قوله تعالى: ﴿قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ [الحجرات: ١٤] (١). معناه: استسلمنا من خوف القتل (٢). وقد ذكرنا معنى الإسلام فيما تقدم.
قوله تعالى: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ الأمَّةُ في اللغة تكون على وجوه، قال أبو العباس: الأمَّةُ تأويلها: الجماعة من كل شيء، من ذلك: أمة محمد - ﷺ -، ويقال: إنما فلان أمةٌ وَحْدَه، أي يَسُدُّ مَسَدَّ جَمَاعةٍ، ومنه يقال: فلان حسن الأُمَّة، إذا مُدِحَ بالتمامِ واستجماعِ الخُلُقِ على الاستواء (٣).
قال الأعشى (٤):
ومنه سميت الأمّ؛ لأنها المحتويةُ على الولد، ومنها يخرج، ومن ذلك قوله: ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [آل عمران: ٧] أَيْ: مجمع الحلال والحرام. والإمام مأخوذ من هذا؛ لأن عليه تجتمع (٦) الجماعة (٧)، ومنه: ﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥]، أي: بعد حين من الدهر (٨)، وذلك لجماعة الشهور
قوله تعالى: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ الأمَّةُ في اللغة تكون على وجوه، قال أبو العباس: الأمَّةُ تأويلها: الجماعة من كل شيء، من ذلك: أمة محمد - ﷺ -، ويقال: إنما فلان أمةٌ وَحْدَه، أي يَسُدُّ مَسَدَّ جَمَاعةٍ، ومنه يقال: فلان حسن الأُمَّة، إذا مُدِحَ بالتمامِ واستجماعِ الخُلُقِ على الاستواء (٣).
قال الأعشى (٤):
| وإنَّ معاويةَ الأكْرَمِين | حسَانُ الوُجُوهِ طِوالُ الأُمَمْ (٥) |
(١) في (م)، (ش): (لن).
(٢) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٤٥، "لسان العرب" ٤/ ٢٠٨٠.
(٣) "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٢ - ٢٠٦، "لسان العرب" ١/ ١٣٥ (أمم).
(٤) هو أبو بصير ميمون بن قيس، تقدمت ترجمته.
(٥) البيت للأعشى في "ديوانه" ص ١٩٩، "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٤، "لسان العرب" ١/ ١٣٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٢، "الأمالي" لأبي علي القالي ١/ ٢٥، "المعجم المفصل" ٧/ ٢٩.
(٦) في (أ): (يجتمع)، وفي (م): (مجتمع).
(٧) "لسان العرب" ١/ ١٣٣ - ١٣٤ (أمم).
(٨) "المفردات" للراغب الأصفهاني ص ٣٣.
(٢) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٤٥، "لسان العرب" ٤/ ٢٠٨٠.
(٣) "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٢ - ٢٠٦، "لسان العرب" ١/ ١٣٥ (أمم).
(٤) هو أبو بصير ميمون بن قيس، تقدمت ترجمته.
(٥) البيت للأعشى في "ديوانه" ص ١٩٩، "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٤، "لسان العرب" ١/ ١٣٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٢، "الأمالي" لأبي علي القالي ١/ ٢٥، "المعجم المفصل" ٧/ ٢٩.
(٦) في (أ): (يجتمع)، وفي (م): (مجتمع).
(٧) "لسان العرب" ١/ ١٣٣ - ١٣٤ (أمم).
(٨) "المفردات" للراغب الأصفهاني ص ٣٣.
318
والأعوام، وأم النجوم: المجرة، لأنها مجتمع النجوم، وكل شيء انضمت إليه أشياء فهو أمّ لها (١)، وأمُّ القوم: رئيسُهم الذي يجتمع إليه أَمْرُهم (٢).
قال الشنفرى (٣):
يعني: تأبط شرّا، والأَمَم: القريب المجتمع، وأمَّه: إذا قَصَدَ الاجتماع معه (٦).
وقال أبو إسحاق: الأمة في اللغة أشياء، الأمة: القرن من الناس، يقال: قد مضت أمم أي: قرون، والأمة: الدِّين، ومنه قوله: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [البقرة: ٢١٣]، أي: كانوا على دين واحد، والأمة: القامة وأنشد:
.......... طوال الأمم (٧)
والأمة: الرجل الذي لا نظير له، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾ (٨)، [النحل: ١٢٠].
قال الشنفرى (٣):
| وأمَّ عيال قد شَهِدتُ تَقُوتُهم | إذا أحْتَرتْهُمْ (٤) أحْتَرَتْ وأقَلَّتِ (٥) |
وقال أبو إسحاق: الأمة في اللغة أشياء، الأمة: القرن من الناس، يقال: قد مضت أمم أي: قرون، والأمة: الدِّين، ومنه قوله: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [البقرة: ٢١٣]، أي: كانوا على دين واحد، والأمة: القامة وأنشد:
.......... طوال الأمم (٧)
والأمة: الرجل الذي لا نظير له، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾ (٨)، [النحل: ١٢٠].
(١) "لسان العرب" ١/ ١٣٧ (أم).
(٢) "لسان العرب" ١/ ١٣٣ (أمم).
(٣) هو ثابت بن أوس الأزدي، شاعر جاهلي، تقدمت ترجمته [البقرة: ٣٠].
(٤) في (ش): (أخترتهم)، وفي (أ) لعلها كذلك.
(٥) البيت للشنفرى في "ديوانه" ص ٣٥، "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٣ وروايته: إذا حَتَرَتْهم أتْفَهَتْ وأقَلَّتِ، "لسان العرب" ٢/ ٧٦٩ (مادة: حتر)، ١/ ١٣٧ (مادة: أمم)، "المعجم المفصل" ١/ ٥٥٢.
(٦) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٢ - ٢٠٣، "لسان العرب" ١/ ١٣٥ (أمم).
(٧) هذه قطعة من البيت المذكور في الصفحة السابقة.
(٨) بتصرف من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٣، وزاد من المعاني: الأمة: بمعنى النعمة والخير.
(٢) "لسان العرب" ١/ ١٣٣ (أمم).
(٣) هو ثابت بن أوس الأزدي، شاعر جاهلي، تقدمت ترجمته [البقرة: ٣٠].
(٤) في (ش): (أخترتهم)، وفي (أ) لعلها كذلك.
(٥) البيت للشنفرى في "ديوانه" ص ٣٥، "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٣ وروايته: إذا حَتَرَتْهم أتْفَهَتْ وأقَلَّتِ، "لسان العرب" ٢/ ٧٦٩ (مادة: حتر)، ١/ ١٣٧ (مادة: أمم)، "المعجم المفصل" ١/ ٥٥٢.
(٦) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٢ - ٢٠٣، "لسان العرب" ١/ ١٣٥ (أمم).
(٧) هذه قطعة من البيت المذكور في الصفحة السابقة.
(٨) بتصرف من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٣، وزاد من المعاني: الأمة: بمعنى النعمة والخير.
319
قال: وأصل هذا الباب كله من القصد، يقال: أممت الشيء إذا قصدته، فمعنى الأمة في القرن من الناس: الذين يقصدهم مقصدًا واحدًا، ومعنى الأمة في الدين: إنما هو الشيء الذي يقصده الخلق ويطلبونه؛ ولذلك سميت النعمة أمة، ومعنى الأمة في الرجل: الذي لا نظير له: أن قصده منفرد من قصد سائر الناس (١). قال ومعنى الأمة: القامة، لأنها مقصد الجسد، فليس يخرج شيء من هذا الباب عن معنى أممت، أي: قصدت (٢).
قال الأزهري: والأمة فيما فسّروا يقع على الكفار والمؤمنين (٣)، وقال الليث: كلُّ قوم نُسبوا إلى نبيٍّ فأضيفوا إليه فهم أمته، وقيل: أمة محمد - ﷺ -: كل من أرسل إليه (٤) ممن آمن به أو كفر، قال: وكل جيل من الناس هم أمة على حدة (٥).
قال ابن الأنباري: والأمة أيضًا أتباع الأنبياء، من قولهم: نحن أمة محمد - ﷺ -.
قال ابن عباس: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا﴾ يريد: أمةَ محمَّدٍ - ﷺ - ﴿أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ يريد: المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان (٦). قيل: وإنما خصّا
قال الأزهري: والأمة فيما فسّروا يقع على الكفار والمؤمنين (٣)، وقال الليث: كلُّ قوم نُسبوا إلى نبيٍّ فأضيفوا إليه فهم أمته، وقيل: أمة محمد - ﷺ -: كل من أرسل إليه (٤) ممن آمن به أو كفر، قال: وكل جيل من الناس هم أمة على حدة (٥).
قال ابن الأنباري: والأمة أيضًا أتباع الأنبياء، من قولهم: نحن أمة محمد - ﷺ -.
قال ابن عباس: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا﴾ يريد: أمةَ محمَّدٍ - ﷺ - ﴿أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ يريد: المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان (٦). قيل: وإنما خصّا
(١) بتصرف من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٣، ونقله عنه الأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٤ (أم).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٤.
(٣) "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٤.
(٤) ساقط من (ش).
(٥) نقله في "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٥.
(٦) لم أجده ولعله من رواية عطاء التي تقدم الحديث عنها في المقدمة.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٤.
(٣) "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٤.
(٤) ساقط من (ش).
(٥) نقله في "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٥.
(٦) لم أجده ولعله من رواية عطاء التي تقدم الحديث عنها في المقدمة.
320
بالدعوة بعضَ الذُّرِّيَّة؛ لأن الله تعالى أعلمهما أن في ذريتهما من لا ينال العهد في قوله: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا﴾. (أرنا) يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون منقولًا من رأيت الذي يراد بها إدراك البصر، نقلت بالهمزة فتعدت إلى مفعولين، والتقدير: حذف المضاف، كأنه قال: أرنا مواضع مناسكنا، والمناسك: جمع منسك، وهو مصدر، جُمع لاختلاف ضروبه، والمعنى: عَرِّفْنا هذه المواضع التي تتعلق النسك بها؛ لنفعله ونقضي نسكنا فيها (١)، على حدِّ ما يقتضيه توقيفنا عليها، وذلك نحو: المواقيت التي يحرم منها، ونحو: الموضع الذي يوقف فيه بعرفةَ، وموضع الطواف، وموضع رمي الجمار، فهذا من: رأيتُ المواضع، وأريته زيدًا.
والوجه الآخر: أن يكون أرنا منقولًا من رأيت، الذي لا يراد به رؤية العين ولكن التوقيف على الأمر، وضرب من العلم. وإلى هذا ذهب أبو عبيدة في تأويل الآية فقال: (وأرنا مناسكنا) أي: عَلِّمْنا، وأنشد:
وقوله تعالى: ﴿وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا﴾. (أرنا) يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون منقولًا من رأيت الذي يراد بها إدراك البصر، نقلت بالهمزة فتعدت إلى مفعولين، والتقدير: حذف المضاف، كأنه قال: أرنا مواضع مناسكنا، والمناسك: جمع منسك، وهو مصدر، جُمع لاختلاف ضروبه، والمعنى: عَرِّفْنا هذه المواضع التي تتعلق النسك بها؛ لنفعله ونقضي نسكنا فيها (١)، على حدِّ ما يقتضيه توقيفنا عليها، وذلك نحو: المواقيت التي يحرم منها، ونحو: الموضع الذي يوقف فيه بعرفةَ، وموضع الطواف، وموضع رمي الجمار، فهذا من: رأيتُ المواضع، وأريته زيدًا.
والوجه الآخر: أن يكون أرنا منقولًا من رأيت، الذي لا يراد به رؤية العين ولكن التوقيف على الأمر، وضرب من العلم. وإلى هذا ذهب أبو عبيدة في تأويل الآية فقال: (وأرنا مناسكنا) أي: عَلِّمْنا، وأنشد:
| أريني جوادًا مات هَزْلًا لأَنني | أرى ما تَرَيْنَ أو بخيلًا مُخَلَّدا (٢) |
(١) في (م): (فيه)، وفي (ش): (بها).
(٢) البيت لحاتم الطائي، في "ديوانه" ص ٤٠، ولحطائط بن يعفر، "مجاز القرآن" ١/ ٥٥، "الحجة" ٢/ ٢٢٥، "شرح أبيات المغني" ١/ ٢١٩، وفي "خزانة الأدب" ١/ ٤٠٦، ولدريد في "لسان العرب" ١/ ١٥٨، ولمعن بن أوس في "ديوانه" ص ٣٩. قال: العيني ١/ ٣٢٩: أقول قائله هو حاتم بن عدي الطائي، كذا قالت جماعة من النحاة. ينظر: "المعجم المفصل" ٢/ ٢٠٢، وتحقيق أحمد شاكر لكتاب "الشعر والشعراء" ١/ ٢٤٨.
(٢) البيت لحاتم الطائي، في "ديوانه" ص ٤٠، ولحطائط بن يعفر، "مجاز القرآن" ١/ ٥٥، "الحجة" ٢/ ٢٢٥، "شرح أبيات المغني" ١/ ٢١٩، وفي "خزانة الأدب" ١/ ٤٠٦، ولدريد في "لسان العرب" ١/ ١٥٨، ولمعن بن أوس في "ديوانه" ص ٣٩. قال: العيني ١/ ٣٢٩: أقول قائله هو حاتم بن عدي الطائي، كذا قالت جماعة من النحاة. ينظر: "المعجم المفصل" ٢/ ٢٠٢، وتحقيق أحمد شاكر لكتاب "الشعر والشعراء" ١/ ٢٤٨.
321
قال: أراد: دُلِّيني، ولم يرد رؤية العين (١). وقوله: لأنني، أي: لعلني (٢).
وقال أبو إسحاق: ﴿وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا﴾ معناه: عرِّفنا متعبداتنا، وكلُّ متعبدٍ فهو منسِك ومنسَك، ومن هذا قيل للعابد: ناسك، ويقال للذبيحة المتقرب بها إلى الله: نسيكة، وإنما سمي الذبيحة نَسِيكة (٣)؛ لأنهم كانوا يذبحونها للعبادة. فقوله: ﴿مَنَاسِكَنَا﴾ يحتمل أن يكون جمع مَنْسَك الذي هو المصدر، فيكون على تقدير حذف المضاف كما ذكرنا، ويحتمل أن يكون جمع منسك الذي هو الموضع، فلا يكون فيه حذف. ونسك في اللغة على معنيين:
أحدهما: ذَبَح، والآخر: عَبَدَ، فلا يُدرى (٤) أيهما الأصل (٥).
وفي قوله: (وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} قراءتان: كسر الراء، وإسكانها (٦).
قال أبو إسحاق: والأجود الكسر؛ لأن الأصل أَرْئنا، فالكسرة في الراء إنما هي كسرة همزة، أُلقيت فَطُرحت حركتها على الراء، فالكسرة دليلُ الهمزة، وحذفُها قبيحٌ، وهو جائزٌ على بُعدٍ؛ لأن الكسرةَ والضمةَ
وقال أبو إسحاق: ﴿وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا﴾ معناه: عرِّفنا متعبداتنا، وكلُّ متعبدٍ فهو منسِك ومنسَك، ومن هذا قيل للعابد: ناسك، ويقال للذبيحة المتقرب بها إلى الله: نسيكة، وإنما سمي الذبيحة نَسِيكة (٣)؛ لأنهم كانوا يذبحونها للعبادة. فقوله: ﴿مَنَاسِكَنَا﴾ يحتمل أن يكون جمع مَنْسَك الذي هو المصدر، فيكون على تقدير حذف المضاف كما ذكرنا، ويحتمل أن يكون جمع منسك الذي هو الموضع، فلا يكون فيه حذف. ونسك في اللغة على معنيين:
أحدهما: ذَبَح، والآخر: عَبَدَ، فلا يُدرى (٤) أيهما الأصل (٥).
وفي قوله: (وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} قراءتان: كسر الراء، وإسكانها (٦).
قال أبو إسحاق: والأجود الكسر؛ لأن الأصل أَرْئنا، فالكسرة في الراء إنما هي كسرة همزة، أُلقيت فَطُرحت حركتها على الراء، فالكسرة دليلُ الهمزة، وحذفُها قبيحٌ، وهو جائزٌ على بُعدٍ؛ لأن الكسرةَ والضمةَ
(١) ما تقدم من "الحجة" ٢/ ٢٢٤ - ٢٢٥ بتصرف واختصار.
(٢) "مجاز القرآن" ١/ ٥٥.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٩، وقال بعده: وكان الأصل في النسك إنما هو من الذبيحة لله جل وعز.
(٤) في (ش): (ندري).
(٥) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٦٢ (نسو).
(٦) قرأ ابن كثير والسوسي ويعقوب بإسكان الراء، وقرأ الدوري عن أبي عمرو بإخفاء كسرتها: أي: اختلاسها، والباقون بالكسرة الكاملة على الأصل. ينظر: "السبعة" ص ١٧٠، "الحجة" ٢/ ٢٢٤، "البدور الزاهرة" ص ٥٠.
(٢) "مجاز القرآن" ١/ ٥٥.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٩، وقال بعده: وكان الأصل في النسك إنما هو من الذبيحة لله جل وعز.
(٤) في (ش): (ندري).
(٥) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٦٢ (نسو).
(٦) قرأ ابن كثير والسوسي ويعقوب بإسكان الراء، وقرأ الدوري عن أبي عمرو بإخفاء كسرتها: أي: اختلاسها، والباقون بالكسرة الكاملة على الأصل. ينظر: "السبعة" ص ١٧٠، "الحجة" ٢/ ٢٢٤، "البدور الزاهرة" ص ٥٠.
322
تُحذفانِ استثقالًا (١)؛ كقولهم في فَخِذٍ: فَخْذٌ، وفي عَضُدٍ: عَضْدٌ، وقد (٢) ذكرنا هذا بأبلغ من هذا الشرح فيما تقدم.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ﴾ قال ابن عباس: أي: الراجع بأوليائه وأهل طاعته (٣) إلى أفضل دينه (٤).
١٢٩ - وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا﴾ قال ابن عباس: يريد: في ولدي (٥)، والكناية تعود إلى الذرية أو إلى الأمة في قوله: ﴿أُمَّةً مُسْلِمَةً﴾ (٦)، وكلاهما ولد إبراهيم، وهم العرب (٧).
وقوله تعالى: ﴿رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ قال ابن عباس: يريد محمدًا - ﷺ -،
فاستجاب الله دعاءه، وبعث فيهم رسولًا من أنفسهم، محمدًا سيد الأنبياء (٨)، لذلك قال رسول الله - ﷺ -: "إني عند (٩) الله في أمِّ الكتاب لَخَاتَمُ
وقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ﴾ قال ابن عباس: أي: الراجع بأوليائه وأهل طاعته (٣) إلى أفضل دينه (٤).
١٢٩ - وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا﴾ قال ابن عباس: يريد: في ولدي (٥)، والكناية تعود إلى الذرية أو إلى الأمة في قوله: ﴿أُمَّةً مُسْلِمَةً﴾ (٦)، وكلاهما ولد إبراهيم، وهم العرب (٧).
وقوله تعالى: ﴿رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ قال ابن عباس: يريد محمدًا - ﷺ -،
فاستجاب الله دعاءه، وبعث فيهم رسولًا من أنفسهم، محمدًا سيد الأنبياء (٨)، لذلك قال رسول الله - ﷺ -: "إني عند (٩) الله في أمِّ الكتاب لَخَاتَمُ
(١) بتصرف من "معاني القرآن" ١/ ٢٠٩، وفيه: (والأجود الكسر، وإنما أسكن أبو عمرو لأنه جعله بمنزلة فخذ وعضد، وهذا ليس بمنزلة فخذ ولا عضد؛ لأن الأصل...).
(٢) في (ش): (وهذا).
(٣) في (أ)، (ش): (طاعة).
(٤) لعله من رواية عطاء التي تقدم ذكرها. وينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ١٢٠٠.
(٥) لعله من رواية عطاء.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٨٧، وينظر: "سنن سعيد بن منصور" ٢/ ٦١٥، "تفسير الطبري" ١/ ٥٥٦، "زاد المسير" ١/ ١٤٦.
(٧) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٨٧ قال: وقيل في أهل مكة. وينظر: "زاد المسير" ١/ ١٤٦، "الخازن" ١/ ١١١، "البحر المحيط" ١/ ٣٩٢.
(٨) ينظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١١٩٥، "تفسير البغوي" ١/ ١٥١.
(٩) في (ش): (عبد).
(٢) في (ش): (وهذا).
(٣) في (أ)، (ش): (طاعة).
(٤) لعله من رواية عطاء التي تقدم ذكرها. وينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ١٢٠٠.
(٥) لعله من رواية عطاء.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٨٧، وينظر: "سنن سعيد بن منصور" ٢/ ٦١٥، "تفسير الطبري" ١/ ٥٥٦، "زاد المسير" ١/ ١٤٦.
(٧) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٨٧ قال: وقيل في أهل مكة. وينظر: "زاد المسير" ١/ ١٤٦، "الخازن" ١/ ١١١، "البحر المحيط" ١/ ٣٩٢.
(٨) ينظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١١٩٥، "تفسير البغوي" ١/ ١٥١.
(٩) في (ش): (عبد).
323
النبيين، وإن آدم لمُنجدِلٌ في طِينَتِه، وسوف أنبئكم بتلك دعوة أبي إبراهيم ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ﴾. الآية، وبشارة عيسى قومه: ﴿وَمُبَشِّرَا بِرَسُولٍ﴾ [الصف: ٦]، ورؤيا أمي، التي رأت أنه خرج منها نورٌ أضاءت له قصورُ الشام (١) ".
وقوله تعالى: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ قال ابن عباس: يريد القرآن الذي أنزل عليه، وما فيه من الفرائض والأحكام والسنن وشرائع النبيين (٢).
فعلى هذا الحكمة: هي نفس الكتاب، وجُمع بينهما لاختلاف اللفظين. والحكمة في اللغة: فهم المعاني، وبه قال مجاهد، فإنه قال: يعنى بالحكمة فهم القرآن (٣).
وقال عبد الله بن مسلم: هي العلم والعمل، ولا يسمى الرجل حكيما
وقوله تعالى: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ قال ابن عباس: يريد القرآن الذي أنزل عليه، وما فيه من الفرائض والأحكام والسنن وشرائع النبيين (٢).
فعلى هذا الحكمة: هي نفس الكتاب، وجُمع بينهما لاختلاف اللفظين. والحكمة في اللغة: فهم المعاني، وبه قال مجاهد، فإنه قال: يعنى بالحكمة فهم القرآن (٣).
وقال عبد الله بن مسلم: هي العلم والعمل، ولا يسمى الرجل حكيما
(١) أخرجه الإمام أحمد في "المسند" ٤/ ١٢٧، وابن حبان (٦٤٠٤)، والحاكم ٢/ ٤١٨، ٦٠٠، والبيهقي في "الدلائل" ١/ ٣٨٩، والبغوي في "تفسيره" ١٥/ ١٥١، وفي "شرح السنة" ١٣/ ٢٠٧، والطبري ١/ ٥٥٦، والطبراني ١٨/ ٢٥٢ (٦٢٩)، (٦٣٠)، والبخاري في "تاريخه" ٦/ ٦٨ والثعلبي في "تفسيره"، وآخرون من حديث العرباض بن سارية وروايتهم: وسأنبئكم بتأويل ذلك، أو سأنبئكم بأول ذلك، أو سأخبركم عن ذلك، وذكر الآيات ليس في الرويات، ومعنى منجدل: أي: ملقىً على الجدالة وهي الأرض، والحديث صححه ابن حبان والحاكم، وقال: الهيثمي: أحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد وثقه ابن حبان، وينظر: "الكشاف" لابن حجر ص١٠، وهو صحيح لغيره.
(٢) لعله من رواية عطاء، وينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٥٧، عن قتادة وغيره "المحرر الوجيز" ١/ ٢١٢.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٨٨ عن مجاهد، وعنه البغوي ١/ ١١٨٨، "الخازن" ١/ ١١٢، وذكره أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٣.
(٢) لعله من رواية عطاء، وينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٥٧، عن قتادة وغيره "المحرر الوجيز" ١/ ٢١٢.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٨٨ عن مجاهد، وعنه البغوي ١/ ١١٨٨، "الخازن" ١/ ١١٢، وذكره أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٣.
324
حتى يجمعهما (١). سمعت الثعلبي -رحمه الله- يقول: سمعت البياري (٢) يقول: سمعت السِّيرافي (٣) يقول: سمعت ابن دُرَيدٍ يقول: كل كلمة وعظتك أو زجرتك أو دعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قَبيحٍ فهي حكمة (٤).
ومنه قوله - ﷺ -: "إنَّ من الشعرِ حكمةً (٥) ".
وأصلها في اللغة: من المنع والرد (٦)، قال الأصمعي: أصل الحكومة: ردُّ الرجل عن الظلم، ومنه سميت حَكَمَةُ اللِّجَام؛ لأنها تَرُدُّ الدَّابَّة (٧)، وهذا يذكر في مواضع من هذا الكتاب.
وقوله تعالى: ﴿وَيُزَكِّيهِمْ﴾ أصل التزكية في اللغة: النسبة إلى الازدياد من الأفعال الحسنة التي ليست بمشوبة، والزكاة: الزيادة (٨)، وقد ذكرنا
ومنه قوله - ﷺ -: "إنَّ من الشعرِ حكمةً (٥) ".
وأصلها في اللغة: من المنع والرد (٦)، قال الأصمعي: أصل الحكومة: ردُّ الرجل عن الظلم، ومنه سميت حَكَمَةُ اللِّجَام؛ لأنها تَرُدُّ الدَّابَّة (٧)، وهذا يذكر في مواضع من هذا الكتاب.
وقوله تعالى: ﴿وَيُزَكِّيهِمْ﴾ أصل التزكية في اللغة: النسبة إلى الازدياد من الأفعال الحسنة التي ليست بمشوبة، والزكاة: الزيادة (٨)، وقد ذكرنا
(١) ذكره عنه الثعلبي ١/ ١١٨، وذكره البغوي ١/ ١٥٢ وأبو حيان في "البحر المحيط".
(٢) هو علي بن الحارث البياري الخراساني، من معادن العلم، أديب بارع شدت إليه الرحال صاحب كتاب "شرح الحماسة وصناعة الشعر" ينظر: "إنباه الرواة" ٢/ ٢٧٤، ٢٧٥، "دمية القصر" ص ٣٠٢.
(٣) هو العلامة إمام النحو أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان، "السيرافي"، صاحب التصانيف ونحوي بغداد، وهو من أعيان الحنفية، رأسًا في نحو البصريين، تصدر لإقراء القراءات واللغة والفقه والفرائض، وولي قضاء بغداد توفي سنة ٣٦٨ هـ ينظر: "السير" ١٦/ ٢٤٧ - ٢٤٨، "إنباه الرواة" ١/ ٤١٣، "تاريخ بغداد" ٧/ ٣٤١ - ٣٤٢.
(٤) هكذا بهذا الإسناد عند الثعلبي ١/ ١١٨٩ وزاد: فهي حكمة وحكم. وذكره ابن دريد في "الجمهرة" ١/ ٥٦٤، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٢، والسمعاني ٢/ ٦٠.
(٥) رواه البخاري (٦١٤٥) كتاب الأدب، باب: ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه، من حديث أبي بن كعب.
(٦) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٦، "تفسير الثعلبي" ٨٤٣ و ١١٩٢.
(٧) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٦، "لسان العرب" ٢/ ٩٥٢.
(٨) "تفسير الطبري" ١/ ٥٥٨، "المحرر الوجيز" ١/ ٤٩٢، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٢٠.
(٢) هو علي بن الحارث البياري الخراساني، من معادن العلم، أديب بارع شدت إليه الرحال صاحب كتاب "شرح الحماسة وصناعة الشعر" ينظر: "إنباه الرواة" ٢/ ٢٧٤، ٢٧٥، "دمية القصر" ص ٣٠٢.
(٣) هو العلامة إمام النحو أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان، "السيرافي"، صاحب التصانيف ونحوي بغداد، وهو من أعيان الحنفية، رأسًا في نحو البصريين، تصدر لإقراء القراءات واللغة والفقه والفرائض، وولي قضاء بغداد توفي سنة ٣٦٨ هـ ينظر: "السير" ١٦/ ٢٤٧ - ٢٤٨، "إنباه الرواة" ١/ ٤١٣، "تاريخ بغداد" ٧/ ٣٤١ - ٣٤٢.
(٤) هكذا بهذا الإسناد عند الثعلبي ١/ ١١٨٩ وزاد: فهي حكمة وحكم. وذكره ابن دريد في "الجمهرة" ١/ ٥٦٤، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٢، والسمعاني ٢/ ٦٠.
(٥) رواه البخاري (٦١٤٥) كتاب الأدب، باب: ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه، من حديث أبي بن كعب.
(٦) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٦، "تفسير الثعلبي" ٨٤٣ و ١١٩٢.
(٧) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٦، "لسان العرب" ٢/ ٩٥٢.
(٨) "تفسير الطبري" ١/ ٥٥٨، "المحرر الوجيز" ١/ ٤٩٢، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٢٠.
325
هذا عند تفسير الزكاة. قال ابن عباس: ويرشدهم إلى أفضل عبادتك (١)، وقال ابن جريج (٢): يطهرهم من الشرك، ويخلّصهم منه (٣).
وقيل: يأخذ زكاة أموالهم (٤)، وقال ابن كيسان: يشهد لهم يوم القيامة بالعدالة إذا شهدوا للأنبياء بالبلاغ، بيانه قوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ (٥) [البقرة: ١٤٣] الآية.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ اختلف قول أهل اللغة في معنى العزيز واشتقاقه، فقال أبو إسحاق: العزيز في صفات الله: الممتنع فلا يغلبه شيء (٦)، وهذا قول المفضل، قال: العزيز: المنيع الذي لا تناله الأيدي (٧).
وعلى هذا القول العزيز من عزّ يَعَزُّ بفتح العين، إذا اشتد (٨)، يقال: عَزَّ علي ما أصاب فلانًا أي: اشتد، وتعزز لحم الناقة إذا صلُب واشتدّ (٩)،
وقيل: يأخذ زكاة أموالهم (٤)، وقال ابن كيسان: يشهد لهم يوم القيامة بالعدالة إذا شهدوا للأنبياء بالبلاغ، بيانه قوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ (٥) [البقرة: ١٤٣] الآية.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ اختلف قول أهل اللغة في معنى العزيز واشتقاقه، فقال أبو إسحاق: العزيز في صفات الله: الممتنع فلا يغلبه شيء (٦)، وهذا قول المفضل، قال: العزيز: المنيع الذي لا تناله الأيدي (٧).
وعلى هذا القول العزيز من عزّ يَعَزُّ بفتح العين، إذا اشتد (٨)، يقال: عَزَّ علي ما أصاب فلانًا أي: اشتد، وتعزز لحم الناقة إذا صلُب واشتدّ (٩)،
(١) لعله من رواية عطاء التي تقدم ذكرها. وبنحوه أخرجه الطبري١/ ٥٥٨، وابن أبي حاتم ١/ ٢٣٧ (١٢٦٥) بلفظ: يعني بالزكاة طاعة الله والإخلاص.
(٢) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، تقدمت ترجمته [البقرة: ٣٥].
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٥٨، وذكره الثعلبي ١/ ١١٩٢ بلا نسبة.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٩٢، والسمرقندي ١/ ١٥٨، والبغوي ١/ ١٥٢، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٤٦، وبنحوه في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٣.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٩٢، وعنه البغوي ١/ ١٥٢، "الخازن" ١/ ١١٢.
(٦) نقله عن أبي إسحاق الزجاج الأزهري في: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠، وعنه في "اللسان" ٥/ ٢٩٢٥، وينظر تفصيلا في "اشتقاق أسماء الله" لأبي القاسم الزجاجي ص ٢٣٧ - ٢٤٠.
(٧) نقله عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٩٣ وأبو حيان في "البحر المحيط"١/ ٣٩٣.
(٨) ينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠ "عزز".
(٩) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٩٤، "البحر المحيط" ١/ ٣٩٣، "الدر المصون" ١/ ٣٧٣.
(٢) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، تقدمت ترجمته [البقرة: ٣٥].
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٥٨، وذكره الثعلبي ١/ ١١٩٢ بلا نسبة.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٩٢، والسمرقندي ١/ ١٥٨، والبغوي ١/ ١٥٢، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٤٦، وبنحوه في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٣.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٩٢، وعنه البغوي ١/ ١٥٢، "الخازن" ١/ ١١٢.
(٦) نقله عن أبي إسحاق الزجاج الأزهري في: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠، وعنه في "اللسان" ٥/ ٢٩٢٥، وينظر تفصيلا في "اشتقاق أسماء الله" لأبي القاسم الزجاجي ص ٢٣٧ - ٢٤٠.
(٧) نقله عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٩٣ وأبو حيان في "البحر المحيط"١/ ٣٩٣.
(٨) ينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠ "عزز".
(٩) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٩٤، "البحر المحيط" ١/ ٣٩٣، "الدر المصون" ١/ ٣٧٣.
326
وأنشد أبو عمرو الشيباني (١):
يريد: أنها إذا هزلت صَلُبَ لحمُها ولم يَسْتَرْخِ جلدها.
وقال أبو كبير الهذلي (٣) يصف عقابًا (٤):
سماها عزيزة؛ لأنَّها من أقوى الجوارح، وأشدِّها بأسًا، والعزاز: الأرض الصلبة، فمعنى العِزَّةِ في اللغة: الشَدَّة (٦)، ولا يجوزُ في وصف الله تعالى الشِّدَّة (٧)، ويجوزُ العزّة، وهي امتناعه على من أراده، وعلوه
| أُجُدٌ إذا ضَمَرَتْ تعزّزَ لحمُها | وإذا تُشَدُّ بنسعةٍ لا تَنْبِسُ (٢) |
وقال أبو كبير الهذلي (٣) يصف عقابًا (٤):
| حتى انتهيت إلى فراشِ عزيزة | سوداء روثةُ أنفِها كالمِخْصفِ (٥) |
(١) هو إسحاق بن مرار أبو عمرو الشيباني، تقدمت ترجمته [البقرة: ٣٩].
(٢) البيت للمتلمس الضبعي في "ديوانه" ص ١٨٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٩٤، "لسان العرب" ٥/ ٢٩٢٧، "تاج العروس" ٨/ ١٠٥، "الأغاني" ٢٤/ ٢٣٠، وذكره ابن دريد في "الجمهرة" ص ٣٤١ ولم ينسبه. ورواية "الديوان": عُنُسٌ بدل أَجُدٌ، ورواية الثعلبي: بنَسعِها. ومعنى: ضمرت: نحلت، وقوله: تَعَزَّزَ لحمها: اشتد وصلب، والنسع: سير من الجلد تشد به الرحال، ومعنى لا تنبس: لا تنطق ولا تصيح. وهو في البيت يصف الناقة.
(٣) هو عامر بن الحليس الهذيلي، أبو كبير من بني سهل بن هذيل، تقدمت ترجمته.
(٤) ساقطة من (أ)، (م).
(٥) ينظر: "شرح أشعار الهذليين" ص١٠٨٩، "لسان العرب" ٥/ ٢٩٢٦، ١/ ١٠٣٩ (خصف)، "تاج العروس" ٣/ ٢٢٠ (مادة: روث)، "المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية" ٥/ ٩١.
(٦) "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠ (عزز).
(٧) ذكره الشيخ بكر أبو زيد في "معجم المناهي اللفظية" ص ٣٠٢ أن من أسماء الله تعالى القوي، ومن لوازم القوة: القدرة، بخلاف الشديد ولهذا لم يأت في القرآن =
(٢) البيت للمتلمس الضبعي في "ديوانه" ص ١٨٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٩٤، "لسان العرب" ٥/ ٢٩٢٧، "تاج العروس" ٨/ ١٠٥، "الأغاني" ٢٤/ ٢٣٠، وذكره ابن دريد في "الجمهرة" ص ٣٤١ ولم ينسبه. ورواية "الديوان": عُنُسٌ بدل أَجُدٌ، ورواية الثعلبي: بنَسعِها. ومعنى: ضمرت: نحلت، وقوله: تَعَزَّزَ لحمها: اشتد وصلب، والنسع: سير من الجلد تشد به الرحال، ومعنى لا تنبس: لا تنطق ولا تصيح. وهو في البيت يصف الناقة.
(٣) هو عامر بن الحليس الهذيلي، أبو كبير من بني سهل بن هذيل، تقدمت ترجمته.
(٤) ساقطة من (أ)، (م).
(٥) ينظر: "شرح أشعار الهذليين" ص١٠٨٩، "لسان العرب" ٥/ ٢٩٢٦، ١/ ١٠٣٩ (خصف)، "تاج العروس" ٣/ ٢٢٠ (مادة: روث)، "المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية" ٥/ ٩١.
(٦) "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠ (عزز).
(٧) ذكره الشيخ بكر أبو زيد في "معجم المناهي اللفظية" ص ٣٠٢ أن من أسماء الله تعالى القوي، ومن لوازم القوة: القدرة، بخلاف الشديد ولهذا لم يأت في القرآن =
327
عن (١) أن تناله (٢) يدٌ (٣)، وقال ابن عباس: العزيز: الذي لا يوجد مثله (٤).
قال الفراء: يقال: عزّ يَعِزُّ بالكسر: إذا قلَّ حتى لا يكاد يوجد، عِزّةً فهو عزيز (٥). وقال الكسائي (٦) وابن الأنباري (٧) وجماعة من أهل اللغة: العزيز: القوي الغالب، تقول العرب: عَزَّ فلانٌ فلانًا يَعُزُّه عِزًّا، إذا غلبه (٨)، قال الله تعالى: ﴿وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ [ص: ٢٣].
قال الفراء: يقال: عزّ يَعِزُّ بالكسر: إذا قلَّ حتى لا يكاد يوجد، عِزّةً فهو عزيز (٥). وقال الكسائي (٦) وابن الأنباري (٧) وجماعة من أهل اللغة: العزيز: القوي الغالب، تقول العرب: عَزَّ فلانٌ فلانًا يَعُزُّه عِزًّا، إذا غلبه (٨)، قال الله تعالى: ﴿وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ [ص: ٢٣].
= الكريم إلا مربوطًا بالعقاب أو العذاب أو الحساب الشديد، وهو كثير، وليس من أسماء الله الشديد، قال الله تعالى: ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣] فهذا من صفات الله سبحانه. ا. هـ. وقال الأستاذ علوي السقاف في كتابه: "صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة" ص ١٣٥ - ١٥٤: الشدَّة بمعنى القوة من صفات الله الذاتية ودلل لها بقوله تعالى: ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣] وقوله: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ [القصص: ٣٥]، وبحديث: "اللهم اشدد وطأتك على مضر.. " رواه البخاري ومسلم. وقال: وقد عد الزجاجي (في كتابه اشتقاق أسماء الله ص ١٩٢) وابن منده في كتابه "التوحيد" ووافقه محققه (الشديد) من أسماء الله تعالى، ولا يوافقون على ذلك. ا. هـ كلام السقاف ملخصًا.
(١) في (ش): (من).
(٢) في (أ) و (م): (يناله).
(٣) "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠ - ٢٤٢١، "لسان العرب" ٥/ ٢٩٢٥ (عزز).
(٤) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٩٢، وذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٢، "الخازن" ١/ ١١٢، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٣.
(٥) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠، وينظر: "القاموس المحيط" ص ٥١٧.
(٦) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٩٣، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٣، والقرطبي ٢/ ١٢١.
(٧) "الزهراء" ١/ ١٧٤.
(٨) ينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠، "لسان العرب" ٥/ ٢٩٢٥ (عزز).
(١) في (ش): (من).
(٢) في (أ) و (م): (يناله).
(٣) "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠ - ٢٤٢١، "لسان العرب" ٥/ ٢٩٢٥ (عزز).
(٤) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٩٢، وذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٢، "الخازن" ١/ ١١٢، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٣.
(٥) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠، وينظر: "القاموس المحيط" ص ٥١٧.
(٦) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٩٣، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٣، والقرطبي ٢/ ١٢١.
(٧) "الزهراء" ١/ ١٧٤.
(٨) ينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠، "لسان العرب" ٥/ ٢٩٢٥ (عزز).
328
قال عمر بن أبي ربيعة (١):
معناه: إما تغلب الهوى، ومنه يقال: من عَزّ بَزَّ أبو عبيد عن أبي زيد: عَزَّ الرجل يَعِزّ عِزةً وعِزًّا، إذا قَوِيَ (٣)، فمعنى العزيز: الغالبُ القويُّ الذي لا يعجزه شيء (٤)، وذكرنا معنى الحكيم فيما مضى (٥).
١٣٠ - قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ﴾ يقال: رغبت عن الشيء أي: تركته عمدًا، وهو ضدُّ قولك: رغبتُ فيه (٦).
قال أبو إسحاق: معنى (مَنْ) التقريرُ والتوبيخُ، ولفظُها لفظُ الاستفهام والمعنى: ما يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سَفِهَ نَفْسَه (٧)، وذكرنا معنى السفه فيما تقدم (٨).
واختلف النحويون في نصب (نفسَه). فقال الفرَّاءُ: العرب توقع (٩)
| هُنالك إما تَعُزُّ الهوى | وإما على إثرهم تَكْمدُ (٢) |
١٣٠ - قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ﴾ يقال: رغبت عن الشيء أي: تركته عمدًا، وهو ضدُّ قولك: رغبتُ فيه (٦).
قال أبو إسحاق: معنى (مَنْ) التقريرُ والتوبيخُ، ولفظُها لفظُ الاستفهام والمعنى: ما يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سَفِهَ نَفْسَه (٧)، وذكرنا معنى السفه فيما تقدم (٨).
واختلف النحويون في نصب (نفسَه). فقال الفرَّاءُ: العرب توقع (٩)
(١) هو: أبو الخطاب عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المغيري المخزومي القرشي، أكثر شعره في الغزل، ولد ليلة مقتل الخليفة عمر، وتوفي سنة ٩٣ هـ. ينظر: "وفيات الأعيان" ٣/ ٤٣٦، "الشعر والشعراء" ص ٢٥، ١٨٦.
(٢) ينظر: "الأغاني" ١٣/ ٨٧.
(٣) ذكره عنه في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠ "عزر".
(٤) ينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠، "لسان العرب" ٥/ ٢٩٢٥ (عزر).
(٥) تقدم عند قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: ٣٢].
(٦) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٤٣٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٩٤.
(٧) انظر: "معاني القرآن" للزجاج بتصرف، ١/ ٢٠٩ "البحر المحيط" ١/ ٣٩٤.
(٨) تقدم عند قوله تعالى: ﴿أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ﴾ [البقرة: ١٣].
(٩) في (م): (ترفع).
(٢) ينظر: "الأغاني" ١٣/ ٨٧.
(٣) ذكره عنه في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠ "عزر".
(٤) ينظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٢٠، "لسان العرب" ٥/ ٢٩٢٥ (عزر).
(٥) تقدم عند قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: ٣٢].
(٦) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٤٣٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٩٤.
(٧) انظر: "معاني القرآن" للزجاج بتصرف، ١/ ٢٠٩ "البحر المحيط" ١/ ٣٩٤.
(٨) تقدم عند قوله تعالى: ﴿أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ﴾ [البقرة: ١٣].
(٩) في (م): (ترفع).
329
سَفِهَ على النفس، وهى معرفة، وكذلك قوله: ﴿بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا﴾ [القصص: ٥٨] وهو في المعرفة كالنكرة؛ لأنه مفسِّر، والمفسِّر في أكثر الكلام نكرة، كقولك: ضِقْتُ به ذَرْعًا، المعنى: ضاق به ذرعي، فالفعل للذرع، فلما جعلتَ الضيق مسندًا إليك فقلت: ضقت، جاء الذرع مفسرًا؛ ليدل على أنَّ (١) الضيقَ فيه، كما تقول: هو أوسعُكم دارًا، أدخلتَ الدارَ لِيُعْلَمَ أنَّ السعةَ فيها لا في الرجل (٢). ثم أجري على هذا قولهم: قد (٣) وَجِعَ بطنَه، وأَلِمَ رأسَه، وغَبِنَ رأيَه، ورَشِدَ أمرَه، فعند الفرَّاءِ التقدير: سَفِهَتْ نفسُه، فَأُضيفَ الفعلُ إلى صاحب النفس، فخرجت النفس مُفسّرةً، وهذا مذهب الكوفيين.
واعترض الزجاج على هذا بأن قال: معنى التمييز لا يحتمل التعريفَ؛ لأنَّ التمييزَ إنما هو واحدٌ يدل على جنس أو خَلَّة يخلص من خِلال، فإذا عَرَّفته صار مقصودًا قصده، وهذا لم يقُلْهُ أحدٌ ممن تقدَّمَ (٤) من النحويين (٥).
ثم حكى أقوالًا، فحكى عن الأخفش (٦)، عن أهل التأويل، إنهم قالوا: إن المعنى: سَفَّه نفسه. وقال يونس (٧) (٨): أُراها لغةً، ذهب إلى أن
واعترض الزجاج على هذا بأن قال: معنى التمييز لا يحتمل التعريفَ؛ لأنَّ التمييزَ إنما هو واحدٌ يدل على جنس أو خَلَّة يخلص من خِلال، فإذا عَرَّفته صار مقصودًا قصده، وهذا لم يقُلْهُ أحدٌ ممن تقدَّمَ (٤) من النحويين (٥).
ثم حكى أقوالًا، فحكى عن الأخفش (٦)، عن أهل التأويل، إنهم قالوا: إن المعنى: سَفَّه نفسه. وقال يونس (٧) (٨): أُراها لغةً، ذهب إلى أن
(١) في (م): (أن المعنى الضيق فيه).
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٩، ونقله في "تفسير الثعلبي" ١/ ١٩٩.
(٣) ساقطة من (ش)، (م).
(٤) في (م): (من المتقدمين).
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٩، وينظر: "التبيان" للعكبري ٩٣.
(٦) "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٤٨.
(٧) نقله عنه الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ١٤٨.
(٨) هو يونس بن حبيب الضبي بالولاء، البصري أبو عبد الرحمن، تقدمت ترجمته.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٩، ونقله في "تفسير الثعلبي" ١/ ١٩٩.
(٣) ساقطة من (ش)، (م).
(٤) في (م): (من المتقدمين).
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٩، وينظر: "التبيان" للعكبري ٩٣.
(٦) "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٤٨.
(٧) نقله عنه الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ١٤٨.
(٨) هو يونس بن حبيب الضبي بالولاء، البصري أبو عبد الرحمن، تقدمت ترجمته.
330
فَعِلَ للمبالغة كفَعُلَ، فذهب في هذا مذهب أهل التأويل، قال: ويجوز على هذا سفِهتُ زيدًا (١)، بمعنى: سَفّهتُ زيدًا.
قال ابن الأنباري: لا يعرف (٢) هذا؛ لأن العرب لا تقول: سَفِهَ زيدٌ عمرًا بمعنى: سَفَّه، وحكى الزجّاج أيضًا، عن أبي عبيدة، أنه قال: معناه: أهلك نفسه، وأوبق نفسه (٣)، وهذا القول مثل ما حكى الأخفش عن أهل التأويل (٤).
وقال أبو بكر: على هذا القول أهلكت في معنى سفه معنًى، وليس بتفسير، وإذا كان كذلك لم يجز نصبُ النفس به، وإيقاعُه عليه؛ لأن سَفِهَ يخالف أهلَكَ في التعدِّي، وإن كان بمعنى خِفْتُ.
وحكى الزجّاج أيضًا عن الأخفش نفسه (٥): أن سَفِهَ نفسَه بمعنى سَفُه في نفسه، إلا أن (في) حذفت كما حُذفت حروف الجر في غير موضع، كقوله تعالى: ﴿أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، المعنى: أن تسترضعوا لأولادكم (٦)، فحذف حرف الجر من غير ظرف؛ لأن المعنى: لأولادكم، ومثله ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٥]، أي: عليها، ومثلُه قول الشاعر:
قال ابن الأنباري: لا يعرف (٢) هذا؛ لأن العرب لا تقول: سَفِهَ زيدٌ عمرًا بمعنى: سَفَّه، وحكى الزجّاج أيضًا، عن أبي عبيدة، أنه قال: معناه: أهلك نفسه، وأوبق نفسه (٣)، وهذا القول مثل ما حكى الأخفش عن أهل التأويل (٤).
وقال أبو بكر: على هذا القول أهلكت في معنى سفه معنًى، وليس بتفسير، وإذا كان كذلك لم يجز نصبُ النفس به، وإيقاعُه عليه؛ لأن سَفِهَ يخالف أهلَكَ في التعدِّي، وإن كان بمعنى خِفْتُ.
وحكى الزجّاج أيضًا عن الأخفش نفسه (٥): أن سَفِهَ نفسَه بمعنى سَفُه في نفسه، إلا أن (في) حذفت كما حُذفت حروف الجر في غير موضع، كقوله تعالى: ﴿أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، المعنى: أن تسترضعوا لأولادكم (٦)، فحذف حرف الجر من غير ظرف؛ لأن المعنى: لأولادكم، ومثله ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٥]، أي: عليها، ومثلُه قول الشاعر:
| نغالي اللحم للأضياف نِيئًا | ونبذُلُه إذا نَضجَ القُدُورُ (٧) |
(١) "معاني القرآن" للزجاج.
(٢) في (ش): (نعرف).
(٣) "مجاز القرآن" ١/ ٥٦.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٠.
(٥) ساقطة من (م).
(٦) ساقطة من (ش).
(٧) البيت لرجل من قيس، في "جمهرة اللغة" ص ١٣١٧، "أساس البلاغة" (غلو) =
(٢) في (ش): (نعرف).
(٣) "مجاز القرآن" ١/ ٥٦.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٠.
(٥) ساقطة من (م).
(٦) ساقطة من (ش).
(٧) البيت لرجل من قيس، في "جمهرة اللغة" ص ١٣١٧، "أساس البلاغة" (غلو) =
331
المعنى: نغالي باللحم (١).
قال: ومثله: قول العرب: ضُرِبَ زيدٌ الظَهَر والبَطنَ، المعنى (٢): على الظهر والبطن.
قال: وهذا عندي مذهَبٌ صالح، ثم اختار أن يكون معنى سفِه نفسَه: جَهِلَ نفسه، فالمعنى والله أعلم: إلا من جهل نفسه، أي: لم يفكر في نفسه، فوضع سَفِهَ موضع جَهِل، وعُدِّى كما عُدَي (٣). وقد ارتضى هذا القول كثير من العلماء (٤)، وبه قال ابن كيسان فقال في تفسير قوله: ﴿إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾: إلا من جهِل نفسه (٥)؛ لأن من عبد حجرًا أو قمرًا أو شمسا أو صنمًا (٦) فقد جهل نفسه؛ لأنه لم يعلم خالقها، ولم يعلم (٧) ما يحق لله عليه. والعرب تضع سَفِهَ في موضع جَهِل، ومنه الحديث: "الكِبْرُ (٨)
قال: ومثله: قول العرب: ضُرِبَ زيدٌ الظَهَر والبَطنَ، المعنى (٢): على الظهر والبطن.
قال: وهذا عندي مذهَبٌ صالح، ثم اختار أن يكون معنى سفِه نفسَه: جَهِلَ نفسه، فالمعنى والله أعلم: إلا من جهل نفسه، أي: لم يفكر في نفسه، فوضع سَفِهَ موضع جَهِل، وعُدِّى كما عُدَي (٣). وقد ارتضى هذا القول كثير من العلماء (٤)، وبه قال ابن كيسان فقال في تفسير قوله: ﴿إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾: إلا من جهِل نفسه (٥)؛ لأن من عبد حجرًا أو قمرًا أو شمسا أو صنمًا (٦) فقد جهل نفسه؛ لأنه لم يعلم خالقها، ولم يعلم (٧) ما يحق لله عليه. والعرب تضع سَفِهَ في موضع جَهِل، ومنه الحديث: "الكِبْرُ (٨)
= ص ١٧١ وبلا نسبة في "لسان العرب" ٦/ ٣٢٩٠. ونسب للحطيئة في "أمالي المرتضي". انظر: حاشية "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٠، "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٨٢، "المعجم المفصل" ٣/ ٣٢٧.
(١) "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٤٨ - ١٤٩، وينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٣٨٥.
(٢) في (ش): (والمعنى).
(٣) بتصرف من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٠، وعنده: فحذف حرف الجر في غير الظرف.
(٤) ينظر: "التبيان" ٩٣، "البحر المحيط" ١/ ٣٩٤.
(٥) الثعلبي ١/ ١٢٠٠، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٢. والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٤، وهو اختيار الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢١١.
(٦) في (ش): (ضيًا).
(٧) في (م): (ولا يعلم).
(٨) في (أ) و (م): (الكبير).
(١) "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٤٨ - ١٤٩، وينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٣٨٥.
(٢) في (ش): (والمعنى).
(٣) بتصرف من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٠، وعنده: فحذف حرف الجر في غير الظرف.
(٤) ينظر: "التبيان" ٩٣، "البحر المحيط" ١/ ٣٩٤.
(٥) الثعلبي ١/ ١٢٠٠، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٢. والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٤، وهو اختيار الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢١١.
(٦) في (ش): (ضيًا).
(٧) في (م): (ولا يعلم).
(٨) في (أ) و (م): (الكبير).
332
أن تسفَهَ الحقَّ وتغمِصَ (١) الناسَ (٢) " أي: تجهل الحق.
ويؤيد هذا القولَ ما روي في الحديث (٣): "مَنْ عرف نفسه فقد (٤) عرف ربه" (٥). قيل في معناه: إنما يقع الناس في البدع والضلالات لجهلهم أنفسهم، وظنّهم أنهم يملكون الضرّ والنفع دون الله.
ويؤيد هذا القولَ ما روي في الحديث (٣): "مَنْ عرف نفسه فقد (٤) عرف ربه" (٥). قيل في معناه: إنما يقع الناس في البدع والضلالات لجهلهم أنفسهم، وظنّهم أنهم يملكون الضرّ والنفع دون الله.
(١) أي: تحقر وتزدري، ينظر: "القاموس" ص ٦٢٥.
(٢) رواه الطبراني في "الكبير" ٢/ ٦٩، عن ثابت بن قيس، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٥/ ١٣٣، في طريق عبد الله بن عمرو: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفيه عبد الحميد بن سليمان، وهو ضعيف، وقال: رواه أحمد والبزار ورجال أحمد ثقات. اهـ. ورواه أحمد ٤/ ١٣٤ عن أبي ريحانة بلفظ: "إنما الكبر من سفه الحق وغمض الناس" ورواه مسلم (٩١) كتاب الإيمان، باب: تحريم الكبر وبيانه ولفظه: "الكبر بطر الحق وغمط الناس".
(٣) ذكره في "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٠٠، وقال: كما جاء في الخبر فذكره، وينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٥٣.
(٤) ساقطة من (أ).
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره"، وعنه البغوي ١/ ١٥٣، وذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٤ قال النووي: ليس بثابت، ينظر: "المقاصد الحسنة" ص ٤٩٠ (١١٤٩)، وقال ابن تيمية: موضوع، ينظر: "المصنوع في معرفة الموضوع" ص ١٨٩ (٣٤٩)، وقال السمعاني: إنه لا يعرف مرفوعًا، ينظر: "المقاصد" ص٤٩٠، "الموضوعات" ص ٣٥١. وقال العجلوني في "كشف الخفاء" ٢/ ٢٦٢: وقال أبو المظفر ابن السمعاني في "القواطع": إنه لا يُعرف مرفوعًا وإنما يُحْكى عن يحيى بن معاذ الرازي، يعني من قوله. وقال ابن الفرس بعد أن نقل عن النووي أنه ليس بثابت، قال: لكن كُتبُ الصوفية مشحونة به، يسوقونه مساق الحديث، كالشيخ محيي بن عربي، وغيره. قال: وللحافظ السيوطي فيه تأليف سماه "القول الأشبه في الحديث: من عرف نفسه فقد عرف ربه" والكتاب ضمن الكتب الموجودة في "الحاوي للفتاوى" للسيوطي، وذكره أبو نعيم في "الحلية" ١٠/ ٢٠٨، عن سهل التستري.
(٢) رواه الطبراني في "الكبير" ٢/ ٦٩، عن ثابت بن قيس، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٥/ ١٣٣، في طريق عبد الله بن عمرو: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفيه عبد الحميد بن سليمان، وهو ضعيف، وقال: رواه أحمد والبزار ورجال أحمد ثقات. اهـ. ورواه أحمد ٤/ ١٣٤ عن أبي ريحانة بلفظ: "إنما الكبر من سفه الحق وغمض الناس" ورواه مسلم (٩١) كتاب الإيمان، باب: تحريم الكبر وبيانه ولفظه: "الكبر بطر الحق وغمط الناس".
(٣) ذكره في "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٠٠، وقال: كما جاء في الخبر فذكره، وينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٥٣.
(٤) ساقطة من (أ).
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره"، وعنه البغوي ١/ ١٥٣، وذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٤ قال النووي: ليس بثابت، ينظر: "المقاصد الحسنة" ص ٤٩٠ (١١٤٩)، وقال ابن تيمية: موضوع، ينظر: "المصنوع في معرفة الموضوع" ص ١٨٩ (٣٤٩)، وقال السمعاني: إنه لا يعرف مرفوعًا، ينظر: "المقاصد" ص٤٩٠، "الموضوعات" ص ٣٥١. وقال العجلوني في "كشف الخفاء" ٢/ ٢٦٢: وقال أبو المظفر ابن السمعاني في "القواطع": إنه لا يُعرف مرفوعًا وإنما يُحْكى عن يحيى بن معاذ الرازي، يعني من قوله. وقال ابن الفرس بعد أن نقل عن النووي أنه ليس بثابت، قال: لكن كُتبُ الصوفية مشحونة به، يسوقونه مساق الحديث، كالشيخ محيي بن عربي، وغيره. قال: وللحافظ السيوطي فيه تأليف سماه "القول الأشبه في الحديث: من عرف نفسه فقد عرف ربه" والكتاب ضمن الكتب الموجودة في "الحاوي للفتاوى" للسيوطي، وذكره أبو نعيم في "الحلية" ١٠/ ٢٠٨، عن سهل التستري.
333
وحُكي عن أبي بكر الوراق (١) أنه قال في معنى هذا الحديث: من عرف نفسه مخلوقة مرزوقة بلا حول ولا قوة، عرف ربه خالقًا رازقًا بالحول والقوة (٢)، وقد أوحى الله إلى داود: كيف عرفتني، وكيف عرفت نفسك؟ فقال: عرفتك بالقدرة والقوة والبقاء، وعرفتُ نفسي بالعجز والضعف والفناء، فقال: الآن عرفتني (٣). فإذا كان من عرف نفسه عرف ربه، كان من جهل نفسه جهل ربه حتى يرغب (٤) عن ملة إبراهيم.
ثم بعد هذه الأقوال، قد حكي عن الخليل قول حَسَنٌ، وهو أنه قال: تجيء أفعال تتعدى إلى النفس خاصة، نحو: سَفِه نفسَه وصَبَر نفسَه، ولا يقال: سَفهتُ زيدا (٥) ولا صبرتُه، قال عنترة (٦):
أراد: صبرتُ نفسًا عارفة. وبهذا قال الكسائي، فقال في قوله: ﴿سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ و ﴿بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا﴾ [القصص: ٥٨]، ﴿أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: ١٥٠]، ووجع بطنَه، ورشِد أمرَهُ وخسِر نفسَه: هذه حروف تقولها العرب
ثم بعد هذه الأقوال، قد حكي عن الخليل قول حَسَنٌ، وهو أنه قال: تجيء أفعال تتعدى إلى النفس خاصة، نحو: سَفِه نفسَه وصَبَر نفسَه، ولا يقال: سَفهتُ زيدا (٥) ولا صبرتُه، قال عنترة (٦):
| فصبرتُ عارفةً لذلك حُرّةً | ترسُو إذا نفسُ الجبان تَطَلَّعُ (٧) |
(١) الإمام المحدث أبو بكر محمد بن إسماعيل بن العباس البغدادي المستملي الوراق، تقدمت ترجمته [البقرة: ٦].
(٢) ذكره في "الوسيط" ١/ ٢١٤.
(٣) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٥، والبغوي ١/ ١٥٣.
(٤) في (م): (حتى يذهب يرغب).
(٥) في (م): (سفهت نفسه زيدًا).
(٦) هو عنترة بن عمرو بن شداد العبسي، من أشهر فرسان العرب وشجعانهم، من أصحاب المعلقات، يعد من الطبقة السادسة لفحول شعراء الجاهلية. ينظر: "الشعر والشعراء" ص ١٤٩، "الأعلام" ٥/ ٩١.
(٧) البيت لعنترة، تقدم تخريجه [البقرة: ٤٤].
(٢) ذكره في "الوسيط" ١/ ٢١٤.
(٣) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٥، والبغوي ١/ ١٥٣.
(٤) في (م): (حتى يذهب يرغب).
(٥) في (م): (سفهت نفسه زيدًا).
(٦) هو عنترة بن عمرو بن شداد العبسي، من أشهر فرسان العرب وشجعانهم، من أصحاب المعلقات، يعد من الطبقة السادسة لفحول شعراء الجاهلية. ينظر: "الشعر والشعراء" ص ١٤٩، "الأعلام" ٥/ ٩١.
(٧) البيت لعنترة، تقدم تخريجه [البقرة: ٤٤].
334
كأنها فعل واقع في هذا المكان، ولا يقولون: وجعتُ عبدَ الله، ولا خسرتُ عبدَ الله (١).
قال الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله: ﴿إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ قال: خسر نفسه (٢).
وقال بعضهم: سفِه حقَّ نفسه، أي: جهِلَ (٣)، فجعله من باب حذف المضاف.
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا﴾ معنى اصطفيناه: اخترناه للرسالة، وهو افتعلنا من الصفوة، قلبت التاءُ طاءً؛ لأنها أشبه بالصاد (٤)، وتأويل: ﴿اصْطَفَيْنَاهُ﴾ أخذناه صافيًا من غير شائب (٥). قال ابن عباس في معنى قوله: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا﴾: يريد: أنه ليس في الأرض خلق إلا وهو (٦) يذكره بخير، وينتحل دينه (٧)، وقيل: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا﴾ بالنبوة، وقيل: بالخُلّة.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾، قال ابن عباس: يريدُ
قال الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله: ﴿إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ قال: خسر نفسه (٢).
وقال بعضهم: سفِه حقَّ نفسه، أي: جهِلَ (٣)، فجعله من باب حذف المضاف.
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا﴾ معنى اصطفيناه: اخترناه للرسالة، وهو افتعلنا من الصفوة، قلبت التاءُ طاءً؛ لأنها أشبه بالصاد (٤)، وتأويل: ﴿اصْطَفَيْنَاهُ﴾ أخذناه صافيًا من غير شائب (٥). قال ابن عباس في معنى قوله: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا﴾: يريد: أنه ليس في الأرض خلق إلا وهو (٦) يذكره بخير، وينتحل دينه (٧)، وقيل: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا﴾ بالنبوة، وقيل: بالخُلّة.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾، قال ابن عباس: يريدُ
(١) تقدم شيء منه قبل قليل.
(٢) ذكره الثعلبي ١/ ١١٩١، وذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٢، والخازن ١/ ١١٢، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٤.
(٣) ذكره الثعلبي ١/ ١٢٠٠، عن المفضل بن سلمة عن بعضهم. وانظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٩٤.
(٤) ينظر: "الكتاب" لسيبويه ٤/ ٢٣٩ - ٢٤٠، "تفسير الطبري" ١/ ٥٥٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٩٥، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٢٢.
(٥) ينظر: "الوسيط" للواحدي ١/ ٢١٥.
(٦) في (م): (إلا ويذكره).
(٧) لعله من رواية عطاء.
(٢) ذكره الثعلبي ١/ ١١٩١، وذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٢، والخازن ١/ ١١٢، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٤.
(٣) ذكره الثعلبي ١/ ١٢٠٠، عن المفضل بن سلمة عن بعضهم. وانظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٩٤.
(٤) ينظر: "الكتاب" لسيبويه ٤/ ٢٣٩ - ٢٤٠، "تفسير الطبري" ١/ ٥٥٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٩٥، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٢٢.
(٥) ينظر: "الوسيط" للواحدي ١/ ٢١٥.
(٦) في (م): (إلا ويذكره).
(٧) لعله من رواية عطاء.
335
من نوح وآدم (١)، وقال أبو صالح عنه: يريد مع آبائه الأنبياء في الجنة (٢)، وقال الحسن (٣): أي: من الذين يستوجبون على الله الكرامةَ وحسنَ الثواب، فلما كان خلوصُ الثواب في الآخرة دون الدنيا وصفه بما ينبئ عن ذلك.
وقال الزجاج: يريد من الفائزين؛ لأن الصالح في الآخرة فائز (٤).
وقال الحسينُ بن الفضل (٥): هذا على التقديم والتأخير، تقديره: ولقد اصطفيناه في الدنيا والآخرة وإنه لمن الصالحين قال: ومثل هذا: الآية التي في النحل: ﴿وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [النحل: ١٢٢] (٦).
١٣١ - قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ﴾ قال الزجاج: معناه: اصطفيناه إذ قال له ربه ﴿أَسْلِمْ﴾، أي: في ذلك الوقت (٧). ولأهل التفسير في قوله: ﴿أَسْلِمْ﴾ طريقان:
أحدهما: أنه أراد بقوله: ﴿أَسْلِمْ﴾ ابتداء الإسلام، فقد قال ابن
وقال الزجاج: يريد من الفائزين؛ لأن الصالح في الآخرة فائز (٤).
وقال الحسينُ بن الفضل (٥): هذا على التقديم والتأخير، تقديره: ولقد اصطفيناه في الدنيا والآخرة وإنه لمن الصالحين قال: ومثل هذا: الآية التي في النحل: ﴿وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [النحل: ١٢٢] (٦).
١٣١ - قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ﴾ قال الزجاج: معناه: اصطفيناه إذ قال له ربه ﴿أَسْلِمْ﴾، أي: في ذلك الوقت (٧). ولأهل التفسير في قوله: ﴿أَسْلِمْ﴾ طريقان:
أحدهما: أنه أراد بقوله: ﴿أَسْلِمْ﴾ ابتداء الإسلام، فقد قال ابن
(١) في "الوسيط" عزاه لعطاء، فلعله من رواية عطاء عن ابن عباس التي تقدم الحديث عنها في المقدمة، ولفظه: يريد: نوح وآدم.
(٢) ذكره الثعلبي ١/ ١٢٠١، والبغوي ١/ ١٥٣، وذكره أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٥.
(٣) ذكره في "الوسيط" ١/ ٢١٥، "البحر المحيط" ١/ ٣٩٥.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١١.
(٥) هو الحسين بن الفضل بن عمير البجلي، تقدمت ترجمته.
(٦) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٢٠١، والبغوي ١/ ١٥٣، والقرطبي ٢/ ١٢٢، وأبو حيان ١/ ٣٩٥ وقال: وهذا الذي ذهب إليه خطاء ينزه القرآن عنه.
(٧) "معاني القرآن" ١/ ٢١١.
(٢) ذكره الثعلبي ١/ ١٢٠١، والبغوي ١/ ١٥٣، وذكره أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٥.
(٣) ذكره في "الوسيط" ١/ ٢١٥، "البحر المحيط" ١/ ٣٩٥.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١١.
(٥) هو الحسين بن الفضل بن عمير البجلي، تقدمت ترجمته.
(٦) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٢٠١، والبغوي ١/ ١٥٣، والقرطبي ٢/ ١٢٢، وأبو حيان ١/ ٣٩٥ وقال: وهذا الذي ذهب إليه خطاء ينزه القرآن عنه.
(٧) "معاني القرآن" ١/ ٢١١.
336
عباس: إنما قال له ذلك حين خرج من السَّرَب (١)، فنظر إلى الكوكب والقمر والشمس (٢)، كما ذكره الله تعالى في سورة الأنعام (٣).
وقال أصحاب هذا القول: إن الأنبياء يجوز عليهم قبل الوحي من الشرك والكبائر ما جاز على غيرهم، وإنما عصموا من وقت البعثة وإنزال الوحي (٤)، وهذا مذهب جماعة من أهل الأصول (٥).
وقال عدة من المفسرين: قوله: (أسلِمْ) معناه: دُمْ واثْبُتْ على الإسلام، كقوله تعالى لمحمد - ﷺ -: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ (٦)
وقال أصحاب هذا القول: إن الأنبياء يجوز عليهم قبل الوحي من الشرك والكبائر ما جاز على غيرهم، وإنما عصموا من وقت البعثة وإنزال الوحي (٤)، وهذا مذهب جماعة من أهل الأصول (٥).
وقال عدة من المفسرين: قوله: (أسلِمْ) معناه: دُمْ واثْبُتْ على الإسلام، كقوله تعالى لمحمد - ﷺ -: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ (٦)
(١) السَّرَب: حفير تحت الأرض، وقيل: بيت تحت الأرض. ينظر: "اللسان" ٤/ ١٩٨٠.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٩٤، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٥، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٣، الخازن ١/ ١١١، والقرطبي في "تفسيره" ٢/ ١٢٣، وهو من رواية الكلبي عنه ولفظه كما في "الوسيط" رفع إبراهيم الصخرة عن باب السَّرَب، ثم خرج منه فنظر إلى الكوكب والشمس والقمر.
(٣) في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا﴾ [الأنعام: ٧٦]، وهذا اختيار الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٦٠.
(٤) قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" ٤/ ٣١٩: فإن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر، هو قول أكثر علماء الإسلام، وجميع الطوائف، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام، كما ذكر أبو الحسن الآمدي أن هذا قول أكثر الأشعرية، وهو أيضًا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء، بل هو لم يَنْقُلْ عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول.. وإنما نُقِل ذلك القول في العصر المتقدم عن الرافضة ثم عن بعض المعتزلة، ثم وافقهم عليه طائفة من المتأخرين، وعامة ما ينقل عن جمهور العلماء أنهم غير معصومين عن الإقرار على الصغائر، ولا يُقَرُّون عليها، ولا يقولون: إنها لا تقع بحال. وأول من نُقِل عنهم من طوائف الأمة القول بالعصمة مطلقًا وأعظمهم قولًا لذلك: الرافضة....
(٥) ينظر مناقشة ذلك عند أبي حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٥.
(٦) ينظر: "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٢٠١.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٩٤، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٥، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٣، الخازن ١/ ١١١، والقرطبي في "تفسيره" ٢/ ١٢٣، وهو من رواية الكلبي عنه ولفظه كما في "الوسيط" رفع إبراهيم الصخرة عن باب السَّرَب، ثم خرج منه فنظر إلى الكوكب والشمس والقمر.
(٣) في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا﴾ [الأنعام: ٧٦]، وهذا اختيار الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٦٠.
(٤) قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" ٤/ ٣١٩: فإن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر، هو قول أكثر علماء الإسلام، وجميع الطوائف، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام، كما ذكر أبو الحسن الآمدي أن هذا قول أكثر الأشعرية، وهو أيضًا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء، بل هو لم يَنْقُلْ عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول.. وإنما نُقِل ذلك القول في العصر المتقدم عن الرافضة ثم عن بعض المعتزلة، ثم وافقهم عليه طائفة من المتأخرين، وعامة ما ينقل عن جمهور العلماء أنهم غير معصومين عن الإقرار على الصغائر، ولا يُقَرُّون عليها، ولا يقولون: إنها لا تقع بحال. وأول من نُقِل عنهم من طوائف الأمة القول بالعصمة مطلقًا وأعظمهم قولًا لذلك: الرافضة....
(٥) ينظر مناقشة ذلك عند أبي حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٥.
(٦) ينظر: "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٢٠١.
337
[محمد: ١٩] وكقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا﴾ [النساء: ١٣٦]، في أحد الوجهين (١). وعند أصحاب هذا القول، لا يجوز على الأنبياء في سابقة حالهم الشرك والكبائر، بل عصمهم الله سبحانه ودفع عنهم مالم يدفع عن غيرهم. فأما محمد - ﷺ - فعامة أصحابنا: على أنه ما كفر بالله طرفةَ عينٍ، ولا كان مشركًا قطُّ. ثم قال بعضهم: كان قبل البَعْث على دين عيسى، ومنهم من قال: كان يعبد الله تعالى على دين إبراهيم. قال ابن كيسان: معنى (أسلم): أخلِصْ دينك لله بالتوحيد (٢) فيكون أصل الإسلام على هذا القول: من السلامة، كأنه يخلص دينه فيسلم من الشرك، والشك، وقال عطاء: أسلِمْ نفسَك إلى الله وفوِّض أمورَك إليه (٣).
وقوله تعالى: ﴿قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ قال ابن عباس: في رواية عطاء: يريد بقلبه ولسانه وجوارحه، فلم يعدل بالله شيئا، ورضي أن يُحرَق بالنار في رضى الله تعالى، ولم يستعن بأحد من الملائكة (٤).
١٣٢ - قوله تعالى: ﴿وَوَصَّى﴾ يقال: وصَّى يُوَصّي توصية (٥)، يكونُ المصدر منه على تفعلة، ولا يكون على تفعيل؛ لأنك لو جئت به على تفعيل
وقوله تعالى: ﴿قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ قال ابن عباس: في رواية عطاء: يريد بقلبه ولسانه وجوارحه، فلم يعدل بالله شيئا، ورضي أن يُحرَق بالنار في رضى الله تعالى، ولم يستعن بأحد من الملائكة (٤).
١٣٢ - قوله تعالى: ﴿وَوَصَّى﴾ يقال: وصَّى يُوَصّي توصية (٥)، يكونُ المصدر منه على تفعلة، ولا يكون على تفعيل؛ لأنك لو جئت به على تفعيل
(١) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٩٦، "تفسير الفخر الرازي" ٤/ ٧١.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٩٥، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٥، والبغوي ١/ ١٥٣، والقرطبي ٢/ ١٢٣، وهذا اختيار ابن كثير ١/ ١٩٨، وذكره أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٦.
(٣) ذكره عنه الثعلبي ١/ ١١٩٥، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٦، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٣ وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٥.
(٤) ذكره الواحدي في "الوسيط" بنحوه، وذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٣.
(٥) المادة المذكورة في "الحجة" لأبي علي الفارسي ٢/ ٢٢٧ - ٢٢٨، "اللسان" ٨/ ٤٨٥٣ - ٤٨٥٤ (وصى).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٩٥، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٥، والبغوي ١/ ١٥٣، والقرطبي ٢/ ١٢٣، وهذا اختيار ابن كثير ١/ ١٩٨، وذكره أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٦.
(٣) ذكره عنه الثعلبي ١/ ١١٩٥، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٦، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٣ وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٥.
(٤) ذكره الواحدي في "الوسيط" بنحوه، وذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٣.
(٥) المادة المذكورة في "الحجة" لأبي علي الفارسي ٢/ ٢٢٧ - ٢٢٨، "اللسان" ٨/ ٤٨٥٣ - ٤٨٥٤ (وصى).
338
للزم في حيّيتُ ونحوه أن يكون على تفعيل، فيجتمع ثلاث ياءات.
والوصاة: اسم من التوصية، يقوم مقام المصدر، يقال: وصَّاه وصاةً، كما يقال: كلَّمه كلامًا، قال الله تعالى: ﴿وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا﴾ [الأحزاب: ٤٩]، قال الشاعر:
المصدر من هذا الباب ينقسمُ إلى: تفعيل وتفعلة وفِعَّال ومُفَعَّل، قال الله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: ١٦٤] وقال: ﴿تَبْصِرَةً وَذِكْرَى﴾ [ق: ٨]. وقال: ﴿وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا﴾ [عم: ٢٨]. وقال: ﴿وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ [سبأ: ١٩]. وفيما جاء على فِعال وهو اسم ينوب عن المصدر كما ذكرنا، إلا أن العربَ تُؤْثِر التَّفْعِلة على التفعيل في ذوات الأربعة، يقولون: وصَّيْتُه توصيةً، وصفّيْتُه تصفيةً. قال الله تعالى: ﴿وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ﴾ [الواقعة: ٩٤]. وقال: ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً﴾ [يس: ٥٠]. والعلةُ فيه ما ذكرنا، واشتقاقُ التوصية من قول العرب: وصَى الشيء، إذا اتصل، قال أبو عُبيد (٢): وَصَيْتُ الشيءَ ووَصَلْتُه سواء، قال ذو الرمة:
وفلاة واصية: تتصلُ بفَلاةٍ أخرى، وقال ذو الرمة:
والوصاة: اسم من التوصية، يقوم مقام المصدر، يقال: وصَّاه وصاةً، كما يقال: كلَّمه كلامًا، قال الله تعالى: ﴿وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا﴾ [الأحزاب: ٤٩]، قال الشاعر:
| ألا مَنْ مبلغٌ عَنِّي يزيدًا | وَصاةً من أخي ثقةٍ وَدودِ (١) |
| وصى الليل بالأيامِ حتى صلاتُنا | مُقاسمةٌ يشتَقُّ أنصافَها السَّفْرُ (٣). |
(١) البيت بلا نسبة في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٠٢، "لسان العرب" ٨/ ٤٨٥٤ (وصى)، "المعجم المفصل" ٢/ ٢٥٦.
(٢) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٠٢ (وصى).
(٣) ينظر: "ديوانه" ص ٥٩٠، "لسان العرب" ٨/ ٤٨٥٤، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٠٢، "ديوان الأدب" ٣/ ٢٥٧، "أساس البلاغة" (وصى)، "المعجم المفصل" ٣/ ٢٨٢، ورواية " التهذيب" (نَصِي) بدل (وصى).
(٢) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٠٢ (وصى).
(٣) ينظر: "ديوانه" ص ٥٩٠، "لسان العرب" ٨/ ٤٨٥٤، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٠٢، "ديوان الأدب" ٣/ ٢٥٧، "أساس البلاغة" (وصى)، "المعجم المفصل" ٣/ ٢٨٢، ورواية " التهذيب" (نَصِي) بدل (وصى).
339
| بين الرَّجَا والرَّجَا من جنبِ واصيةٍ | يَهْمَاءُ خابطُها بالخوفِ مَكْعُومُ (١) (٢) |
وفي هذا الحرف قراءتان: وصَّى، وأوصى (٨)، ولهما أمثلة من الكتاب. فمثال التشديد قوله: ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً﴾ [يس: ٥٠]، وقوله:
(١) ينظر: "ديوانه" ص٤٠٧، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٢٠، "لسان العرب" ٣/ ١٦٠٥، ٧/ ٣٨٩١، ٨/ ٤٨٥٤، "المعجم المفصل" ٧/ ٢١٨، ورواية "التهذيب"، و"اللسان" معكوم.
(٢) في (ش): (معكوم).
(٣) ذكره في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٠٢ (وصى).
(٤) المصدر السابق.
(٥) لم أجد في النصوص ما يدل على وصف علي -رضي الله عنه- بالوصي سواء بالمفهوم الذي ذكره المؤلف أو بمفهوم الرافضة. وقد بين شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ٤/ ٧٧ أن الرافضة خرج أولهم في زمن علي -رضي الله عنه- صاروا يدعون أنه خُص بأسرار من العلوم والوصية حتى كان يسأله عن ذلك خواص أصحابه فيخبرهم بانتفاء ذلك.. وقد خرج أصحاب الصحيح كلام علي هذا من غير وجه مثل ما في الصحيح عن أبي جحيفة، قال: سألت عليًا، هل عندكم شيء ليس في القرآن؟ فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ماعندنا إلا ما في القرآن إلا فهمًا يعطيه الله لرجل في كتابه، وما في الصحيفة. قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال. العقل وفكاك الأسير.
(٦) ذكره في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٠٢ (وصى).
(٧) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٠٢، "لسان العرب" ٨/ ٤٨٥٤ (وصى).
(٨) قرأ نافع وابن عامر: (وأَوْصَى) بها وقرأ الباقون من السبعة: (وَوَصَّى). ينظر: "السبعة" ص ١٧٠، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٢٢٧، "الحجة" لابن خالويه ص ٨٩.
(٢) في (ش): (معكوم).
(٣) ذكره في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٠٢ (وصى).
(٤) المصدر السابق.
(٥) لم أجد في النصوص ما يدل على وصف علي -رضي الله عنه- بالوصي سواء بالمفهوم الذي ذكره المؤلف أو بمفهوم الرافضة. وقد بين شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ٤/ ٧٧ أن الرافضة خرج أولهم في زمن علي -رضي الله عنه- صاروا يدعون أنه خُص بأسرار من العلوم والوصية حتى كان يسأله عن ذلك خواص أصحابه فيخبرهم بانتفاء ذلك.. وقد خرج أصحاب الصحيح كلام علي هذا من غير وجه مثل ما في الصحيح عن أبي جحيفة، قال: سألت عليًا، هل عندكم شيء ليس في القرآن؟ فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ماعندنا إلا ما في القرآن إلا فهمًا يعطيه الله لرجل في كتابه، وما في الصحيفة. قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال. العقل وفكاك الأسير.
(٦) ذكره في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٠٢ (وصى).
(٧) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٠٢، "لسان العرب" ٨/ ٤٨٥٤ (وصى).
(٨) قرأ نافع وابن عامر: (وأَوْصَى) بها وقرأ الباقون من السبعة: (وَوَصَّى). ينظر: "السبعة" ص ١٧٠، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٢٢٧، "الحجة" لابن خالويه ص ٨٩.
340
﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ﴾ [الأحقاف: ١٥] ومثال الإفعال: قوله: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ﴾ [النساء: ١١] وقوله: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ﴾ [النساء: ١٢] (١). قال الزجاج: ووَصَّى أبلغ من أَوْصَى؛ لأن أَوْصَى جائزٌ أن يكون قال لهم مرة واحدة، ووَصَّى لا يكون إلا لمرات كثيرة (٢).
وقوله تعالى: (بِهَا) اختلفوا في هذه الكناية، فقال بعضُهم: إنهَّا ترجع إلى الوصية؛ لأنه ذكر الفعلَ، والفعلُ يدُلُّ على المصدرِ وعلى الاسمِ منه، كقول الشاعر:
إذا نُهِيَ السفيهُ جرى إليه (٣)
أي: إلى السَّفَهِ، فدل السفيهُ على السَّفَهِ. وهذا قولُ أبي عبيدة، قال: وإن شئت رددتها إلى الملة؛ لأنه قد ذكر ملة إبراهيم (٤). وقال المفضَّلُ وجماعة: الكناية عائدة إلى غير مذكور، ثم اختلفوا إلى ماذا تعود؟ فقال المفضل: تعود إلى الطاعة (٥)، كأنه قال: ووصّى بالطاعة. وقال الكلبي (٦)
وقوله تعالى: (بِهَا) اختلفوا في هذه الكناية، فقال بعضُهم: إنهَّا ترجع إلى الوصية؛ لأنه ذكر الفعلَ، والفعلُ يدُلُّ على المصدرِ وعلى الاسمِ منه، كقول الشاعر:
إذا نُهِيَ السفيهُ جرى إليه (٣)
أي: إلى السَّفَهِ، فدل السفيهُ على السَّفَهِ. وهذا قولُ أبي عبيدة، قال: وإن شئت رددتها إلى الملة؛ لأنه قد ذكر ملة إبراهيم (٤). وقال المفضَّلُ وجماعة: الكناية عائدة إلى غير مذكور، ثم اختلفوا إلى ماذا تعود؟ فقال المفضل: تعود إلى الطاعة (٥)، كأنه قال: ووصّى بالطاعة. وقال الكلبي (٦)
(١) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٠٣.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١١، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٩٧.
(٣) تمام البيت:
وخالف والسفيه إلى خلاف.
لم ينسب البيت لقائل. أنشده الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٢٤٨، وثعلب في "مجالسه" ١/ ٦٠، وذكره في "خزانة الأدب" ٤/ ٣٣٥، وفي "الخصائص" ٣/ ٤٩، وفي "همع الهوامع" ١/ ٢٦٤.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٠٣، ونقله البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٣، وينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١١.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٠٣، وذكره ولم ينسبه أبو حيان في "البحر" ١/ ٣٩٧، والسمين في "الدر المصون" ١/ ٣٧٦.
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٠٣، والواحدي في "البسيط" ١/ ١٢٠٤، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٣.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١١، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٩٧.
(٣) تمام البيت:
وخالف والسفيه إلى خلاف.
لم ينسب البيت لقائل. أنشده الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٢٤٨، وثعلب في "مجالسه" ١/ ٦٠، وذكره في "خزانة الأدب" ٤/ ٣٣٥، وفي "الخصائص" ٣/ ٤٩، وفي "همع الهوامع" ١/ ٢٦٤.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٠٣، ونقله البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٣، وينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١١.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٠٣، وذكره ولم ينسبه أبو حيان في "البحر" ١/ ٣٩٧، والسمين في "الدر المصون" ١/ ٣٧٦.
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٠٣، والواحدي في "البسيط" ١/ ١٢٠٤، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٣.
341
ومقاتل (١): يعني بكلمة الإخلاص: لا إله إلا الله. والكناية عن غير مذكور جائزة كثيرة، كقوله تعالى: ﴿وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ﴾ [القصص: ٨٠] يعنى: الجنة لم يسبق لها ذكر، وقال: ﴿حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾ [ص: ٣٢] يعني: الشمس.
وقال طرفة (٢)؟
أي: من الفلاة، وقال بعضهم: رجعت الكناية إلى كلمةٍ سبقت، وهو قوله: ﴿أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (٤).
وقوله تعالى: ﴿يَا بَنِيَّ﴾ قيل: أراد أن يا بني، فحذف (أن) كأنه قال: وصَّاهم أن يا بني، وكذلك هو في قراءة أُبي وابن مسعود، بإثبات أن (٥). قال الفراء: إنمَّا حذف (أن) لأن الوصية قول، وكل كلام رجع إلى القول جاز فيه دخول (أن) وجاز إلقاؤه (٦)، كما قال: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ﴾ [النساء: ١١]، ولم يقل: أن للذكر، كأنّ معناه: قال الله: للذكر، فجرى الوصية على معنى القول. قال: وأنشدني الكسائي:
وقال طرفة (٢)؟
| على مثلها أمضي إذا قال صاحبي | ألا ليتني أَفْدِيكَ منها وأَفْتَدي (٣) |
وقوله تعالى: ﴿يَا بَنِيَّ﴾ قيل: أراد أن يا بني، فحذف (أن) كأنه قال: وصَّاهم أن يا بني، وكذلك هو في قراءة أُبي وابن مسعود، بإثبات أن (٥). قال الفراء: إنمَّا حذف (أن) لأن الوصية قول، وكل كلام رجع إلى القول جاز فيه دخول (أن) وجاز إلقاؤه (٦)، كما قال: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ﴾ [النساء: ١١]، ولم يقل: أن للذكر، كأنّ معناه: قال الله: للذكر، فجرى الوصية على معنى القول. قال: وأنشدني الكسائي:
(١) "تفسير مقاتل" ١/ ١٤٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٠٣، "تفسير البغوي" ١/ ١٥٣.
(٢) هو: طرفة بن العبد بن سفيان البكري، تقدمت ترجمته.
(٣) ينظر: "ديوانه" ص ٢٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٠٤ "الإنصاف" لابن الأنباري ص ٨٥، "الدرر اللوامع على همع الهوامع" ٢/ ٢٦٩، والهاء في قوله: (منها) تعود إلى مضمر، وهي الصحراء المهلكة، وهو الشاهد حيث عادت على غير مذكور.
(٤) كذا في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٨.
(٥) كذا في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٠٧، "شواذ القراءة" ص ٣٢، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٢٥.
(٦) في (م): كأنها (الغاوه).
(٢) هو: طرفة بن العبد بن سفيان البكري، تقدمت ترجمته.
(٣) ينظر: "ديوانه" ص ٢٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٠٤ "الإنصاف" لابن الأنباري ص ٨٥، "الدرر اللوامع على همع الهوامع" ٢/ ٢٦٩، والهاء في قوله: (منها) تعود إلى مضمر، وهي الصحراء المهلكة، وهو الشاهد حيث عادت على غير مذكور.
(٤) كذا في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٨.
(٥) كذا في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٠٧، "شواذ القراءة" ص ٣٢، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٢٥.
(٦) في (م): كأنها (الغاوه).
342
إني سأبدي لك فيما أبدي
لي شَجَنان شجن بنجد
وشَجَنٌ لي ببلاد السند (١)
ولم يقل: أن لي؛ لأن الإبداء بلسانه في معنى القول، قال: ومثله قوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ [المائدة: ٩]، لأن العِدَةَ قولٌ، وإذا جعلت الوصية بمعنى القول لا يحسن أن يقال: أراد أن يا بني فحذف؛ لأنه لا يحتاج إلى إضمار أن مع القول (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى﴾ قال أبو إسحاق: إنما كسرت (إنّ) لأن معنى وصى وأوصى: قول، والمعنى: قال لهم: إن الله اصطفى (٣). قال ابن عباس: إن إبراهيم قال لبنيه: لا تَعْدِلُوا بالله شيئًا، وإن نُشرتم بالمناشير وقُرضتم بالمقاريض وحُرقتم بالنار (٤).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى﴾ يريد: دين الإسلام دين الحنيفية، والألف واللام فيه للعهد لا للجنس؛ لأنه لم يختر جميع الجنس من الدين، إنما اختار دين الإسلام على سائر الأديان (٥).
وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ قال الفراء في كتاب
لي شَجَنان شجن بنجد
وشَجَنٌ لي ببلاد السند (١)
ولم يقل: أن لي؛ لأن الإبداء بلسانه في معنى القول، قال: ومثله قوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ [المائدة: ٩]، لأن العِدَةَ قولٌ، وإذا جعلت الوصية بمعنى القول لا يحسن أن يقال: أراد أن يا بني فحذف؛ لأنه لا يحتاج إلى إضمار أن مع القول (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى﴾ قال أبو إسحاق: إنما كسرت (إنّ) لأن معنى وصى وأوصى: قول، والمعنى: قال لهم: إن الله اصطفى (٣). قال ابن عباس: إن إبراهيم قال لبنيه: لا تَعْدِلُوا بالله شيئًا، وإن نُشرتم بالمناشير وقُرضتم بالمقاريض وحُرقتم بالنار (٤).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى﴾ يريد: دين الإسلام دين الحنيفية، والألف واللام فيه للعهد لا للجنس؛ لأنه لم يختر جميع الجنس من الدين، إنما اختار دين الإسلام على سائر الأديان (٥).
وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ قال الفراء في كتاب
(١) الرجز ذكره الفراء، عن الكسائي في "معاني القرآن" ١/ ٨٠، وهو بلا نسبة في "تفسير الطبري" ١/ ٥٦١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٠٧، "المخصص" ١٢/ ٢٢٣، "مقاييس اللغة" ٣/ ٢٤٩.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٠
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١١.
(٤) ذكره في "الوسيط" ١/ ٢١٦، "تفسير ابن عباس" ص ١٩.
(٥) "البحر المحيط" ١/ ٣٩٩.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٠
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١١.
(٤) ذكره في "الوسيط" ١/ ٢١٦، "تفسير ابن عباس" ص ١٩.
(٥) "البحر المحيط" ١/ ٣٩٩.
343
المصادر: مات يموت مَوتًا ومِيتةً ومَمَاتًا، والمَوتَةُ: المرَّةُ، ويقال: أرض مَواتٌ، وهو مصدر، ووَقَعَ في الناس مُواتٌ ومُوْتانٌ، ويقال: فلان يبيعُ الحيوان والموتانَ، إذا كان يبيع ما سوى الحيوان، ورجل مَوْتانُ النفس إذا لم يكن حيَّ القلب (١) (٢).
ووقع النهي في ظاهرِ الكلام على الموت، وإنما نهُوا في الحقيقة عن ترك الإسلام؛ لئلَّا يصادفهم الموت وهم (٣) عليه، فإنه لابد منه، وتقديره: لا تتعرضوا للموت على ترك الإسلام بالشرك والكفر بالله (٤)، وهذا كما تقول: لا أريَنَّكَ ههنا، فتوقع حرف النهي على الرؤية، وأنت لم تنه نفسك على الحقيقة، بل نهيتَ المخاطب (٥)، كأنك قلت: لا تقربن هذا الموضع فمتى جئته لم أرك فيه، ومثله من الكلام: لا يصادفك الإمام على ما يكره، تقديره: لا تتعرض لأن يصادفك. قال الزجاج: وهذا من سعة الكلام، والمعنى في الآية: ألزموا الإسلام، فإذا أدرككم الموت صادفكم عليه (٦).
١٣٣ - قوله تعالى: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ﴾ الآية،
ووقع النهي في ظاهرِ الكلام على الموت، وإنما نهُوا في الحقيقة عن ترك الإسلام؛ لئلَّا يصادفهم الموت وهم (٣) عليه، فإنه لابد منه، وتقديره: لا تتعرضوا للموت على ترك الإسلام بالشرك والكفر بالله (٤)، وهذا كما تقول: لا أريَنَّكَ ههنا، فتوقع حرف النهي على الرؤية، وأنت لم تنه نفسك على الحقيقة، بل نهيتَ المخاطب (٥)، كأنك قلت: لا تقربن هذا الموضع فمتى جئته لم أرك فيه، ومثله من الكلام: لا يصادفك الإمام على ما يكره، تقديره: لا تتعرض لأن يصادفك. قال الزجاج: وهذا من سعة الكلام، والمعنى في الآية: ألزموا الإسلام، فإذا أدرككم الموت صادفكم عليه (٦).
١٣٣ - قوله تعالى: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ﴾ الآية،
(١) في نسخة (أ) زيادة ليست في النسخ لعلها حاشية من الكاتب وهي قوله: ومن العرب من يقولُ: مُتُّ، ومِتُّ، ويَمَات ويموتُ، والمَمَات من مصادر الموت أيضًا، والجارية تأخذها المُوْتَةُ كأنه سُكْرٌ وضرب من الجنون. ومؤتةُ، مهموزة، الأرض التي قتل بها جعفر بن أبي طالب، - رضي الله عنه -.
(٢) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٣٢١، "لسان العرب" ٧/ ٤٢٩٦ (مات).
(٣) زيادة من (م).
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٢، "البحر المحيط" ١/ ٣٩٩.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٢.
(٦) المصدر السابق.
(٢) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٣٢١، "لسان العرب" ٧/ ٤٢٩٦ (مات).
(٣) زيادة من (م).
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٢، "البحر المحيط" ١/ ٣٩٩.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٢.
(٦) المصدر السابق.
344
نزلت في اليهود حين قالوا للنبي صلى الله وسلم: ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية؟ فأنزل الله قوله: ﴿أَمْ كُنْتُمْ﴾ (١)، ومعناه: بل أكنتم، كأنه ترك الكلام الأول واستفهم، قاله أبو إسحاق (٢). وقال أبو عبيدة: أم ههنا بمعنى: هل، واحتج بقول الأخطل:
كذَبَتْكَ عَيْنُكَ أم رأيتَ بواسِطٍ (٣)
بمعنى: هل رأيت (٤).
ويجوز أن يتقدمه استفهام مضمر، كأنه قيل لليهود: أبلغكم ما تقولون وتنسبون إلى (٥) يعقوب، أم كنتم شهداء حضرتم وصيته (٦)؟ وقد شرحنا معنى (أم) عند قوله: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا﴾ [البقرة: ١٠٨].
كذَبَتْكَ عَيْنُكَ أم رأيتَ بواسِطٍ (٣)
بمعنى: هل رأيت (٤).
ويجوز أن يتقدمه استفهام مضمر، كأنه قيل لليهود: أبلغكم ما تقولون وتنسبون إلى (٥) يعقوب، أم كنتم شهداء حضرتم وصيته (٦)؟ وقد شرحنا معنى (أم) عند قوله: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا﴾ [البقرة: ١٠٨].
(١) ذكره مقاتل في "تفسيره" ١/ ١٤٠، والثعلبي ١/ ١٢١٠، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٤، وفي "الوسيط" ١/ ٢١٦، والبغوي ١/ ١٥٤ وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٤٨، وابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٩٧، والمناوي في "الفتح السماوي" ١/ ١٨٣، ونقله عنه السيوطي، قوله: لم أقف عليه.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٢، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٠٠.
(٣) وعجز البيت:
غَلَسَ الظلام من الرَّباب خيالا
ينظر: "ديوان الأخطل" ص ٣٨٥، "مجاز القرآن" ١/ ٦٥، "الخزانة" ٢/ ٤١١، ٤/ ٤٥٢، "لسان العرب" ٦/ ٣٢٨١، ٧/ ٣٨٤١، "المعجم المفصل" ٦/ ٧٩.
(٤) "مجاز القرآن" ١/ ٥٧.
(٥) في (ش): (عن).
(٦) قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" ١/ ٤٩٧ - ٤٩٨: وقال لهم على جهة التقريع والتوبيخ: أشهدتم يعقوب وعلمتم بما أوصى فتدلون عن علم، أي: لم تشهدوا بل أنتم تفترون، وأم، تكون بمعى ألف الاستفهام في صدر الكلام لغة يمانية، وحكى الطبري أن أم يستفهم بها في وسط كلام قد تقدم صدره، وهذا منه. ، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٠٠ - ٤٠١.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٢، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٠٠.
(٣) وعجز البيت:
غَلَسَ الظلام من الرَّباب خيالا
ينظر: "ديوان الأخطل" ص ٣٨٥، "مجاز القرآن" ١/ ٦٥، "الخزانة" ٢/ ٤١١، ٤/ ٤٥٢، "لسان العرب" ٦/ ٣٢٨١، ٧/ ٣٨٤١، "المعجم المفصل" ٦/ ٧٩.
(٤) "مجاز القرآن" ١/ ٥٧.
(٥) في (ش): (عن).
(٦) قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" ١/ ٤٩٧ - ٤٩٨: وقال لهم على جهة التقريع والتوبيخ: أشهدتم يعقوب وعلمتم بما أوصى فتدلون عن علم، أي: لم تشهدوا بل أنتم تفترون، وأم، تكون بمعى ألف الاستفهام في صدر الكلام لغة يمانية، وحكى الطبري أن أم يستفهم بها في وسط كلام قد تقدم صدره، وهذا منه. ، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٠٠ - ٤٠١.
345
وقوله تعا لى: ﴿شُهَدَاءَ﴾ أراد: حضورًا (١).
وقوله تعالى: ﴿إِذْ حَضَرَ﴾ موضع إذ نصب؛ لأنه بمعنى وقت حضر، والحضور خلاف الغيبة، وحَضْرة الرجل: فناؤه (٢) (٣).
وقوله: ﴿إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ﴾: إذ هذه الثانية موضعها نصب، كموضع الأولى، وهو بدل مؤكد (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَإِلَهَ آبَائِكَ﴾ الآباء: جمع أب، وفي الأب لغاتٌ، يقال: هذا أبُكَ، وهذا أباك، وهذا أبوكَ، فمن قال: أَبُكَ، قال في التثنية: أَبَان وأبُونَ وأَبِينَ، ومن قال: أباك وأبوك، فتثنيتهما أَبَوَان. أنشد أحمد بن يحيى (٥):
وأنشد سيبويه (٧):
وقوله تعالى: ﴿إِذْ حَضَرَ﴾ موضع إذ نصب؛ لأنه بمعنى وقت حضر، والحضور خلاف الغيبة، وحَضْرة الرجل: فناؤه (٢) (٣).
وقوله: ﴿إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ﴾: إذ هذه الثانية موضعها نصب، كموضع الأولى، وهو بدل مؤكد (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَإِلَهَ آبَائِكَ﴾ الآباء: جمع أب، وفي الأب لغاتٌ، يقال: هذا أبُكَ، وهذا أباك، وهذا أبوكَ، فمن قال: أَبُكَ، قال في التثنية: أَبَان وأبُونَ وأَبِينَ، ومن قال: أباك وأبوك، فتثنيتهما أَبَوَان. أنشد أحمد بن يحيى (٥):
| سوى أبِكَ الأدنى وأنَّ محمدًا | علا كلَّ عالٍ يا ابنَ عمِّ محمدِ (٦) |
| فلما تَبَيَّنَّ أصواتَنا | بَكَيْنَ وَفَدَّيْنَنَا بالأبِينَا (٨) |
(١) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢١٠.
(٢) في (ش): (حضر الرجل فتاه).
(٣) "تهذيب اللغة "١/ ٨٤٨، "البحر المحيط" ١/ ٣٩٧.
(٤) كذا قال الزجاج في: "معاني القرآن" ١/ ٢١٢.
(٥) في: "اللسان" ١/ ١٦ (أبى).
(٦) البيت بلا نسبة في "لسان العرب" ١/ ١٦ (أبى)، "المعجم المفصل" ٢/ ٤٣٦.
(٧) في: "الكتاب" ٣/ ٤٠٦، وهو في "اللسان" ١/ ١٥ (أبى).
(٨) البيت لزياد بن واصل السلمي، في "خزانة الأدب" ٤/ ٤٧٤ - ٤٧٧، "شرح أبيات سيبويه" ٢/ ٢٨٤، وبلا نسبة في "الأشباه والنظائر" ٤/ ٢٨٦، "خزانة الأدب" ٤/ ١٠٨، ٤٦٨، "الخصائص" ١/ ٣٥٦، "شرح المفصل" ٣/ ٣٧، "الكتاب" ٣/ ٤٠٦، "لسان العرب" ١/ ١٥ (أبى)، "المقتضب" ٢/ ١٧٤، "البحر المحيط" ١/ ٤٠٢، "المعجم المفصل" ٨/ ٧٥.
(٢) في (ش): (حضر الرجل فتاه).
(٣) "تهذيب اللغة "١/ ٨٤٨، "البحر المحيط" ١/ ٣٩٧.
(٤) كذا قال الزجاج في: "معاني القرآن" ١/ ٢١٢.
(٥) في: "اللسان" ١/ ١٦ (أبى).
(٦) البيت بلا نسبة في "لسان العرب" ١/ ١٦ (أبى)، "المعجم المفصل" ٢/ ٤٣٦.
(٧) في: "الكتاب" ٣/ ٤٠٦، وهو في "اللسان" ١/ ١٥ (أبى).
(٨) البيت لزياد بن واصل السلمي، في "خزانة الأدب" ٤/ ٤٧٤ - ٤٧٧، "شرح أبيات سيبويه" ٢/ ٢٨٤، وبلا نسبة في "الأشباه والنظائر" ٤/ ٢٨٦، "خزانة الأدب" ٤/ ١٠٨، ٤٦٨، "الخصائص" ١/ ٣٥٦، "شرح المفصل" ٣/ ٣٧، "الكتاب" ٣/ ٤٠٦، "لسان العرب" ١/ ١٥ (أبى)، "المقتضب" ٢/ ١٧٤، "البحر المحيط" ١/ ٤٠٢، "المعجم المفصل" ٨/ ٧٥.
346
ويقال: ما كنت أبًا ولقد أَبَوْتَ أُبُوَّةً، وماله أبٌ يأبُوه.
الليث: فلان يأبو تيمًا إباوة بكسر الألف، أي: يغذوه (١)، وتأبىّ فلان (٢) فلانًا، أي: اتخذه أبًا، كما تقول: تبنَّى من الابن (٣). وقال في تصغير الأب: أُبَيّ، وتصغير الآباء على وجهين: أجودهما: أُبيُّون، والآخر: أُبيَّاء؛ لأن كل جماعة كانت على أفعال فإنها تصغّر على حدها (٤)، كما تقول في تصغير الأجمال: أجيمال.
وقوله تعالى: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ﴾ أدخله في جملة الأباء، وهو كان عمَّ يعقوب؛ لأن العرب تُسَمِّي العمَّ أبًا (٥)، وقد روي أنه لما كان يوم فتح مكة قال رسول الله - ﷺ - للعباس (٦): "امض إلى قومك، أهل مكة، فادعهم إلى الله قبل القتال"، فركب العباس بغلة رسول الله - ﷺ - الشهباء، فانطلق، فلما مضى فأبعد، قال رسول الله - ﷺ -: "رُدُّوا عليَّ أبي، ردوا عليَّ أبي، لا تقتلْه
الليث: فلان يأبو تيمًا إباوة بكسر الألف، أي: يغذوه (١)، وتأبىّ فلان (٢) فلانًا، أي: اتخذه أبًا، كما تقول: تبنَّى من الابن (٣). وقال في تصغير الأب: أُبَيّ، وتصغير الآباء على وجهين: أجودهما: أُبيُّون، والآخر: أُبيَّاء؛ لأن كل جماعة كانت على أفعال فإنها تصغّر على حدها (٤)، كما تقول في تصغير الأجمال: أجيمال.
وقوله تعالى: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ﴾ أدخله في جملة الأباء، وهو كان عمَّ يعقوب؛ لأن العرب تُسَمِّي العمَّ أبًا (٥)، وقد روي أنه لما كان يوم فتح مكة قال رسول الله - ﷺ - للعباس (٦): "امض إلى قومك، أهل مكة، فادعهم إلى الله قبل القتال"، فركب العباس بغلة رسول الله - ﷺ - الشهباء، فانطلق، فلما مضى فأبعد، قال رسول الله - ﷺ -: "رُدُّوا عليَّ أبي، ردوا عليَّ أبي، لا تقتلْه
(١) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٣، "اللسان" ١/ ١٦ (أبي).
(٢) في (أ) (م): (تأبى فلانًا).
(٣) في "اللسان" ١/ ١٧ (أبي). "تهذيب اللغة" ١/ ٣٩٦.
(٤) في (ش): (أحدها).
(٥) يروى عن أبي العالية، كما أخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٤، وينظر: "مجاز القرآن"، "معاني القرآن" للفراء، "تفسير الطبري" ١/ ٥٦٣، "تفسير الثعلبي".
(٦) العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي القرشي أبو الفضل، عم رسول الله - ﷺ -، وكان إليه في الجاهلية السقاية والعمارة، هاجر قبل الفتح، وثبت يوم حنين، وقال النبي - ﷺ -: "من آذى العباس فقد آذاني، فإنما عم الرجل صنو أبيه"، ولد قبل النبي - ﷺ - بسنتين، وتوفي بالمدينة سنة ٣٢. ينظر: "فضائل الصحابة" للإمام أحمد ٢/ ١١٥٩، "الاستيعاب" ٢/ ٣٥٨.
(٢) في (أ) (م): (تأبى فلانًا).
(٣) في "اللسان" ١/ ١٧ (أبي). "تهذيب اللغة" ١/ ٣٩٦.
(٤) في (ش): (أحدها).
(٥) يروى عن أبي العالية، كما أخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٤، وينظر: "مجاز القرآن"، "معاني القرآن" للفراء، "تفسير الطبري" ١/ ٥٦٣، "تفسير الثعلبي".
(٦) العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي القرشي أبو الفضل، عم رسول الله - ﷺ -، وكان إليه في الجاهلية السقاية والعمارة، هاجر قبل الفتح، وثبت يوم حنين، وقال النبي - ﷺ -: "من آذى العباس فقد آذاني، فإنما عم الرجل صنو أبيه"، ولد قبل النبي - ﷺ - بسنتين، وتوفي بالمدينة سنة ٣٢. ينظر: "فضائل الصحابة" للإمام أحمد ٢/ ١١٥٩، "الاستيعاب" ٢/ ٣٥٨.
347
قريش كما قتلت ثقيفٌ عُروةَ بن مسعود (١) "، فلما رجع قال: يا رسول الله - ﷺ - دَعْني أمضِي لأمرك، فقال: "يا عم، أما علمتَ أنَّ عمَّ الرجل صِنْوُ أبيه (٢) "، وقال أيضًا يعني العباس: "هذا بقيةُ آبائي (٣) ".
وفي بعض القراءات: "وإله أبيك إبراهيم" (٤) وله وجهان:
وفي بعض القراءات: "وإله أبيك إبراهيم" (٤) وله وجهان:
(١) هو عروة بن مسعود بن معتب الثقفي، صحابي مشهور، كان كبيرًا في قومه بالطائف، استأذن رسول الله - ﷺ - في دعوته قومه فخافهم عليه أن يقتلوه فرجع ودعاهم فقتلوه سنة ٩ هـ. ينظر: "أسد الغابة" ٤/ ٣١ - ٣٢، "الاستيعاب" ٣/ ١٧٦.
(٢) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" ١٤/ ٤٨٤ عن عكرمة مرفوعًا، وينظر أيضًا: "كنز العمال" ١٤/ ٥٨٤ (٣٩٦٥٤).
(٣) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" ١١/ ٨٠ عن ابن عباس مرفوعًا ولفظه: "استوصوا بعمي العباس خيرًا فإنه بقية آبائي، وإنما عم الرجل صنو أبيه" قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٩/ ٢٦٩: رواه الطبراني، وفيه عبد الله بن خراش، وهو ضعيف، ووثقه ابن حبان، وقال: ربما أخطاه، وبقية رجاله وُثَّقُوا، ورواه الطبراني في "الصغير" ١/ ٣٤٤ من حديث الحسن بن علي مرفوعًا بلفظ "احفظوا في العباس فإنه بقية آبائي" قال الهيثمي: فيه جماعة لم أعرفهم وضعفه الألباني كما في "ضعيف الجامع الصغير" برقم ٢١٣، وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" ١٠/ ٦٨ من حديث عبد المطلب بن ربيعة، وقد ضعفه الألباني كما في "السلسلة الضعيفة" ٤/ ٤١٥، وروي عم مجاهد مرسلًا كما عند ابن أبي شيبة في "المصنف" ١٢/ ١٠٩ وعبد الرزاق في "تفسيره" ٢/ ٣٣١.
(٤) كذا قرأ ابن عباس والحسن وابن يعمر والجحدري وأبو رجاء، كما في "مختصر شواذ القرآن" لابن خالويه ص ٩، "شواذ القراءة" للكرماني ص ٣٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢١١، "البحر المحيط" ١/ ٤٠٢، وقال الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٦٣: وقرأ بعض المتقدمين (وإله أبيك إبراهيم) ظنا منه أن إسماعيل إذ كان عمًّا ليعقوب، فلا يجوز أن يكون فيمن ترجم به عن الآباء وداخلا في عدادهم، وذلك من قارئه كذلك قلة علم منه بمجاري كلام العرب، والعرب لا تمنع من أن =
(٢) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" ١٤/ ٤٨٤ عن عكرمة مرفوعًا، وينظر أيضًا: "كنز العمال" ١٤/ ٥٨٤ (٣٩٦٥٤).
(٣) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" ١١/ ٨٠ عن ابن عباس مرفوعًا ولفظه: "استوصوا بعمي العباس خيرًا فإنه بقية آبائي، وإنما عم الرجل صنو أبيه" قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٩/ ٢٦٩: رواه الطبراني، وفيه عبد الله بن خراش، وهو ضعيف، ووثقه ابن حبان، وقال: ربما أخطاه، وبقية رجاله وُثَّقُوا، ورواه الطبراني في "الصغير" ١/ ٣٤٤ من حديث الحسن بن علي مرفوعًا بلفظ "احفظوا في العباس فإنه بقية آبائي" قال الهيثمي: فيه جماعة لم أعرفهم وضعفه الألباني كما في "ضعيف الجامع الصغير" برقم ٢١٣، وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" ١٠/ ٦٨ من حديث عبد المطلب بن ربيعة، وقد ضعفه الألباني كما في "السلسلة الضعيفة" ٤/ ٤١٥، وروي عم مجاهد مرسلًا كما عند ابن أبي شيبة في "المصنف" ١٢/ ١٠٩ وعبد الرزاق في "تفسيره" ٢/ ٣٣١.
(٤) كذا قرأ ابن عباس والحسن وابن يعمر والجحدري وأبو رجاء، كما في "مختصر شواذ القرآن" لابن خالويه ص ٩، "شواذ القراءة" للكرماني ص ٣٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢١١، "البحر المحيط" ١/ ٤٠٢، وقال الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٦٣: وقرأ بعض المتقدمين (وإله أبيك إبراهيم) ظنا منه أن إسماعيل إذ كان عمًّا ليعقوب، فلا يجوز أن يكون فيمن ترجم به عن الآباء وداخلا في عدادهم، وذلك من قارئه كذلك قلة علم منه بمجاري كلام العرب، والعرب لا تمنع من أن =
348
أحدهما: أنه جمع الأب على أَبِينَ كما ذكرنا.
والثاني: أنه كره أن يجعل إسماعيل من جملة الآباء فوحَّد الأب، ويكونُ التقدير: إلهَ أبيك إبراهيمَ وإله إسماعيل وإسحاق، كما تقول: رأيتُ غلامَ زيد وعمرو أي: غلامهما (١)، قال عطاء عن ابن عباس: إن الله لم يقبض نبيًّا حتى يخيره بين الموت والحياة، فلما خيرَّ يعقوب قال: أنظِرْني حتى أسألَ ولدى وأوصيَهم، فجمع ولده، وهم اثنا عشر رجلًا، وهم الأسباطُ، وجميع أولادهم، فقال لهم: قد حَضَرَتْ وفاتي، وأنا أريدُ أن أسألكم وأوصيكم: ما تعبدون من بعدي قالوا: نعبد إلهك كما في الآية (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِلَهًا وَاحِدًا﴾ ينتصب على وجهين: إن شئت على الحال، كأنهم قالوا: نعبد إلهَكَ في حال وحدانية، وإن شئت على البدلِ، وتكون الفائدة في هذا البدل: ذكر التوحيد، فيكون المعنى: نعبد إلهًا واحدًا (٣).
والثاني: أنه كره أن يجعل إسماعيل من جملة الآباء فوحَّد الأب، ويكونُ التقدير: إلهَ أبيك إبراهيمَ وإله إسماعيل وإسحاق، كما تقول: رأيتُ غلامَ زيد وعمرو أي: غلامهما (١)، قال عطاء عن ابن عباس: إن الله لم يقبض نبيًّا حتى يخيره بين الموت والحياة، فلما خيرَّ يعقوب قال: أنظِرْني حتى أسألَ ولدى وأوصيَهم، فجمع ولده، وهم اثنا عشر رجلًا، وهم الأسباطُ، وجميع أولادهم، فقال لهم: قد حَضَرَتْ وفاتي، وأنا أريدُ أن أسألكم وأوصيكم: ما تعبدون من بعدي قالوا: نعبد إلهك كما في الآية (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِلَهًا وَاحِدًا﴾ ينتصب على وجهين: إن شئت على الحال، كأنهم قالوا: نعبد إلهَكَ في حال وحدانية، وإن شئت على البدلِ، وتكون الفائدة في هذا البدل: ذكر التوحيد، فيكون المعنى: نعبد إلهًا واحدًا (٣).
= تجعل الأعمام بمعنى الآباء، والأخوال بمعنى الأمهات، فلذلك دخل إسماعيل فيمن ترجم به عن الآباء، وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ترجمة عن الآباء في موضع جر، ولكنهم نصبوا بأنهم لا يجرون.
(١) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٠٢ - ٤٠٣، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٢٧.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٣/ ١٢١٠، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٤، والحافظ في "العجاب" ١/ ٣٨٠ من قول عطاء، وذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٢١٠ والرازي في "التفسير الكبير" ٤/ ٧٦، عن ابن عباس وذكره دون نسبة "الخازن" ١/ ١١٤، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤٠٢.
(٣) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٢، وذكره الأخفش في "معانيه" ١/ ١٥٠ على وجه الحال فقط.
(١) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٠٢ - ٤٠٣، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٢٧.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٣/ ١٢١٠، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٤، والحافظ في "العجاب" ١/ ٣٨٠ من قول عطاء، وذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٢١٠ والرازي في "التفسير الكبير" ٤/ ٧٦، عن ابن عباس وذكره دون نسبة "الخازن" ١/ ١١٤، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤٠٢.
(٣) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٢، وذكره الأخفش في "معانيه" ١/ ١٥٠ على وجه الحال فقط.
349
١٣٤ - قوله تعالى: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ﴾ قال الأخفش: التاء في تلك: اسم المؤنث، واللام عمادٌ للتاء، والكاف خطاب، وهذا كما ذكرنا في ذلك قال: وكُسرت التاء من (١) تلك علامةً للتأنيث (٢).
وقوله تعالى: ﴿قَدْ خَلَتْ﴾ أي: مضت (٣)، وخَلَتْ إذا استعمل في المكان فالمراد به خلوه عن السكان، وإذا استعمل في الزمان فالمراد به المضي (٤) كقوله عز وجل: ﴿الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: ٢٤]. وقول لبيد:
حِجَجٌ خلون حلالُها وحرامُها (٥)
والمراد بقوله: (تلك أمة) إبراهيم وبنوه ويعقوب وبنوه الذين تقدم ذكرهم، (لها ما كسبت) من العمل، ثم قال لليهود: ﴿وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ﴾ أي: حسابهم عليهم، وإنما تسألون عن أعمالكم (٦).
١٣٥ - قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ المعنى: قالت اليهود: كونوا هودًا، وقالت النصارى: كونوا نصارى (٧).
وقوله تعالى: ﴿قَدْ خَلَتْ﴾ أي: مضت (٣)، وخَلَتْ إذا استعمل في المكان فالمراد به خلوه عن السكان، وإذا استعمل في الزمان فالمراد به المضي (٤) كقوله عز وجل: ﴿الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: ٢٤]. وقول لبيد:
حِجَجٌ خلون حلالُها وحرامُها (٥)
والمراد بقوله: (تلك أمة) إبراهيم وبنوه ويعقوب وبنوه الذين تقدم ذكرهم، (لها ما كسبت) من العمل، ثم قال لليهود: ﴿وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ﴾ أي: حسابهم عليهم، وإنما تسألون عن أعمالكم (٦).
١٣٥ - قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ المعنى: قالت اليهود: كونوا هودًا، وقالت النصارى: كونوا نصارى (٧).
(١) في (ش): (في).
(٢) ينظر: "شرح التصريح على التوضيح" للشيخ خالد الأزهري ١/ ١٢٨.
(٣) كذا قال الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ١٥٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢١٢.
(٤) "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٧٤ (خلا).
(٥) مطلع البيت:
دمن تجرم بعد عهد أنيسها
وهو من الكامل، للبيد بن ربيعة من معلقته، ينظر: "ديوانه" ص ١٦٣.
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢١٢، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٩٩.
(٧) ذكره الزجاج في "معاني القرآن".
(٢) ينظر: "شرح التصريح على التوضيح" للشيخ خالد الأزهري ١/ ١٢٨.
(٣) كذا قال الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ١٥٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢١٢.
(٤) "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٧٤ (خلا).
(٥) مطلع البيت:
دمن تجرم بعد عهد أنيسها
وهو من الكامل، للبيد بن ربيعة من معلقته، ينظر: "ديوانه" ص ١٦٣.
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢١٢، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٩٩.
(٧) ذكره الزجاج في "معاني القرآن".
350
قال ابن عباس: نزلت في: يهود المدينة، ونصارى نجران، قال كل واحد من الفريقين للمؤمنين: كونوا على ديننا فلا دين إلا ذلك (١).
وقوله تعالى: ﴿بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾ بنصب (٢) ﴿مِلَّةَ﴾ بفعل مضمر، كأنه قال: قولوا بل نتبع ملة إبراهيم (٣). وقال بعض النحويين: هو عطف على المعنى؛ لأن قوله: ﴿كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ معناه: اتبعوا اليهودية والنصرانية، فقال الله: ﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾ أي: بل اتبعوا ملته (٤).
قال أبو اسحاق: ويجوز أن تنصب على معنى: بل نكون أهلَ ملةِ إبراهيم، ويحذف الأهل كقوله: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ (٥) [يوسف: ٨٢]، وإلى هذا القول أشار الفراء والكسائي.
وقوله تعالى: ﴿بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾ بنصب (٢) ﴿مِلَّةَ﴾ بفعل مضمر، كأنه قال: قولوا بل نتبع ملة إبراهيم (٣). وقال بعض النحويين: هو عطف على المعنى؛ لأن قوله: ﴿كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ معناه: اتبعوا اليهودية والنصرانية، فقال الله: ﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾ أي: بل اتبعوا ملته (٤).
قال أبو اسحاق: ويجوز أن تنصب على معنى: بل نكون أهلَ ملةِ إبراهيم، ويحذف الأهل كقوله: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ (٥) [يوسف: ٨٢]، وإلى هذا القول أشار الفراء والكسائي.
(١) ذكره الثعلبي، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤١، والبغوي ١/ ١٥٥، وابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٨١، عن ابن عباس وأخرج الطبري ١/ ٥٦٤، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٤١، عن ابن عباس، قال: قال عبد الله بن صوريا الأعور لرسول الله - ﷺ -: ما الهدى إلا ما نحن عليه، فاتبعنا يا محمد تهتد، وقالت النصارى مثل ذلك، فأنزل الله عز وجل فيهم: ﴿وَقَالُوا كُونُوا هُودًا﴾، وذكره السيوطي في "لباب النقول" ص ٢٦ وعزاه في "الدر" ١/ ٢٥٧، لابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وحسن إسناده الأستاذ عصام الحميدان في تحقيقه لـ"أسباب النزول" للواحدي ص ٤٤.
(٢) في (أ)، (م): (تنصب).
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للفراء، "معاني القرآن" للزجاج، وقال بعده: ويجوز الرفع (بل ملةُ إبراهيم حنيفا) والأجود والأكثر النصب، ومجاز الرفع على معنى: قل: ملتنا وديننا ملة إبراهيم.
(٤) كذا في "معاني القرآن" للزجاج.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج، وذكره بنحوه أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤٠٦.
(٢) في (أ)، (م): (تنصب).
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للفراء، "معاني القرآن" للزجاج، وقال بعده: ويجوز الرفع (بل ملةُ إبراهيم حنيفا) والأجود والأكثر النصب، ومجاز الرفع على معنى: قل: ملتنا وديننا ملة إبراهيم.
(٤) كذا في "معاني القرآن" للزجاج.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج، وذكره بنحوه أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤٠٦.
351
قال الفراء: إن نصبتها بـ (نكون) كان صوابًا (١)، وقال الكسائي: بل يكون ملة إبراهيم. وقول الزجاج بيان لقولهما.
قال أهل المعاني: وفي هذا احتجاج عليهم؛ إذ في اليهودية تناقُضٌ، وكذلك النصرانية، والتناقضُ لا يكون من عند الله، وملةُ إبراهيم سليمةٌ من التناقض، فهو أحقُّ بالاتباع (٢).
فمِمَّا في اليهودية من التناقض (٣): امتناعُهم من جواز النسخ، مع ما في التوراة مما يدل على ذلك، وإمتناعُهُمْ من العمل بما تقدمت به البشارة في التوراة من اتباع النبي الأمي، مع إظهارهِم التمسك بها، وامتناعهم من الإذعان لما دلّت عليه المعجزة من نبوة محمد وعيسى عليهما السلام، مع إقرارهم بنبوة موسى من أجل المعجزة، إلى غير هذا مما هم عليه من التناقض، وأما النصارى فقولهم بثلاثة، ثم يقولون: إنه إله واحد (٤).
وقوله تعالى: ﴿حَنِيفًا﴾. انتصب على الحال؛ لأن المعنى: نتبعُ ملةَ ابراهيم في حال حنيفيته، وعند الكوفيين ينتصب على القطع، كأنه ملة
قال أهل المعاني: وفي هذا احتجاج عليهم؛ إذ في اليهودية تناقُضٌ، وكذلك النصرانية، والتناقضُ لا يكون من عند الله، وملةُ إبراهيم سليمةٌ من التناقض، فهو أحقُّ بالاتباع (٢).
فمِمَّا في اليهودية من التناقض (٣): امتناعُهم من جواز النسخ، مع ما في التوراة مما يدل على ذلك، وإمتناعُهُمْ من العمل بما تقدمت به البشارة في التوراة من اتباع النبي الأمي، مع إظهارهِم التمسك بها، وامتناعهم من الإذعان لما دلّت عليه المعجزة من نبوة محمد وعيسى عليهما السلام، مع إقرارهم بنبوة موسى من أجل المعجزة، إلى غير هذا مما هم عليه من التناقض، وأما النصارى فقولهم بثلاثة، ثم يقولون: إنه إله واحد (٤).
وقوله تعالى: ﴿حَنِيفًا﴾. انتصب على الحال؛ لأن المعنى: نتبعُ ملةَ ابراهيم في حال حنيفيته، وعند الكوفيين ينتصب على القطع، كأنه ملة
(١) "معاني القرآن"، وعبارته (نكون). وفي الحاشية قال: وفي نسخ الفراء: بيكون، ولعل المراد إن صحت: يكون ما نختاره، وفي "البحر" ١/ ٤٠٥ ذكر من أعاريبه على النصب: أنه خبر كان أي: بل تكون ملة إبراهيم، أي: أهل ملة إبراهيم... وإما أنه منصوب على الإغراء، أي: الزموا ملة إبراهيم، قاله أبو عبيد، وإما على أنه منصوب على إِسقاط الخافض، أي: نهتدي ملة: أي بملة.
(٢) ينظر: "تفسير الفخر الرازي" ٤/ ٨٠.
(٣) ساقط من (م) و (أ).
(٤) ينظر: "تفسير الفخر الرازي" ٤/ ٨٠.
(٢) ينظر: "تفسير الفخر الرازي" ٤/ ٨٠.
(٣) ساقط من (م) و (أ).
(٤) ينظر: "تفسير الفخر الرازي" ٤/ ٨٠.
352
إبراهيم الحنيف، فقطع عنه الألف واللام (١).
وأمَّا معنى الحنيف: فقال ابنُ دُريد: الحنيف: العادل عن دين إلى دين، وبه سمي الإسلام: الحنيفية؛ لأنها مالت عن اليهودية والنصرانية (٢). قال أبو حاتم: قلت للأصمعي: من أين عُرِفَ في الجاهلية الحنيف؟ قال: لأن من عدل عن دين اليهود والنصارى فهو حنيف عندهم، وكان كل من حجَّ البيت سُمِّيَ حنيفًا، وكانوا في الجاهلية إذا أرادوا الحجَّ قالوا: هلموا نتَحَنَّفْ (٣) (٤). فالحنيف: المسلم؛ لأنه مال عن دين اليهود والنصارى إلى دين الإسلام، ومنه قيل للميل في القَدَم: حَنَفٌ.
قال ذو الرمَة:
وقال الأخفش: الحنيف: المسلم، وكان في الجاهلية يقال لمن اختتن وحج البيت: حنيف؛ لأن العرب لم تتمسك في الجاهلية بشيء من
وأمَّا معنى الحنيف: فقال ابنُ دُريد: الحنيف: العادل عن دين إلى دين، وبه سمي الإسلام: الحنيفية؛ لأنها مالت عن اليهودية والنصرانية (٢). قال أبو حاتم: قلت للأصمعي: من أين عُرِفَ في الجاهلية الحنيف؟ قال: لأن من عدل عن دين اليهود والنصارى فهو حنيف عندهم، وكان كل من حجَّ البيت سُمِّيَ حنيفًا، وكانوا في الجاهلية إذا أرادوا الحجَّ قالوا: هلموا نتَحَنَّفْ (٣) (٤). فالحنيف: المسلم؛ لأنه مال عن دين اليهود والنصارى إلى دين الإسلام، ومنه قيل للميل في القَدَم: حَنَفٌ.
قال ذو الرمَة:
| إذا حَوَّل الظلُّ العشِيَّ رأيتَه | حنيفًا وفي قَرنِ (٥) الضحَى يَتَنَصَّر (٦) (٧) |
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٤، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٢١٨، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢١٤، "البيان" لابن الأنباري ١/ ١٢٥، "التبيان" ١/ ٩٥، ٩٦.
(٢) ذكره في "الوسيط" ١/ ٢١٨.
(٣) في (م): (نحنف).
(٤) ذكره في "الوسيط" ١/ ٢١٨.
(٥) في (م): (قرب).
(٦) البيت في "ديوانه" ص ٦٣٢، "لسان العرب" ٢/ ١٠٦٠، "المعجم المفصل" ٣/ ٢٦٥.
(٧) في (م): (تنتصر).
(٢) ذكره في "الوسيط" ١/ ٢١٨.
(٣) في (م): (نحنف).
(٤) ذكره في "الوسيط" ١/ ٢١٨.
(٥) في (م): (قرب).
(٦) البيت في "ديوانه" ص ٦٣٢، "لسان العرب" ٢/ ١٠٦٠، "المعجم المفصل" ٣/ ٢٦٥.
(٧) في (م): (تنتصر).
353
دين إبراهيم غير الختان، وحج البيت، فلما جاء الإسلام عادت الحنيفية، فالحنيف: المسلم (١).
وروى ابن نجدة (٢)، عن أبي زيد (٣)، أنه قال: الحنيفُ: المستقيم، وأنشد (٤):
فقيل: لكل من سَلَّم لأمر الله ولم يَلْتَوِ: حنيف (٦)، وهذا القول اختيار ابن قتيبة (٧)، والرياشي (٨)، قالا: الحنيفية: الاستقامة على دين إبراهيم، وإنما قيل للذي تقبل إحدى قدميه على الأخرى: أحنف، تفاؤلًا بالسلامة، كما قيل للمفازة (٩): مهلكة (١٠).
وروى ابن نجدة (٢)، عن أبي زيد (٣)، أنه قال: الحنيفُ: المستقيم، وأنشد (٤):
| تعلم أَنْ سَيَهْدِيْكُم إلينا | طريقٌ لا يَجُور بكم حَنِيفُ (٥) |
(١) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١/ ٩٤٢، "لسان العرب" ٢/ ١٠٢٥.
(٢) هو محمد بن الحسين بن محمد الطبري النحوي، يعرف بابن نجدة، قال ياقوت: مشهور في أهل الأدب، وله خط مرغوب فيه، قرأ على الفضل بن الحباب الجمحي. ينظر: "بغية الوعاة" ١/ ٩٤، "معجم الأدباء" ١٨/ ١٨٦.
(٣) "لسان العرب" ٢/ ١٠٢٦ (حنف).
(٤) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١/ ٩٤٢ (حنف).
(٥) البيت بلا نسبة في "تهذيب اللغة" ١/ ٩٤٢، "لسان العرب" ٢/ ١٠٢٦ (حنف)، "المعجم المفصل" ٣/ ٢٦٥.
(٦) "تهذيب اللغة" ١/ ٩٤٢ (حنف).
(٧) "غريب القرآن" ص ٦٤ بنحوه، وكذا قال الطبري ١/ ٥٦٤ - ٥٦٥.
(٨) هو العباس بن الفرج، أبو الفضل الرياشي، اللغوي النحوي، قرأ على المازني النحو، وقرأ عليه المازني اللغة، ووثقه الخطيب، صنف كتاب الخيل وكتاب الإبل، وغير ذلك، قتله الفرنج سنة ٢٥٧ هـ. ينظر: "بغية الوعاة" ٢/ ٢٧، "الأعلام" ٣/ ٢٦٤.
(٩) في (ش): "للمقارفة".
(١٠) لعل صحة العبارة كما قيل للمهلكة: مفازة، أو: كما قيل: مفازة للمهلكة، وينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٦٤.
(٢) هو محمد بن الحسين بن محمد الطبري النحوي، يعرف بابن نجدة، قال ياقوت: مشهور في أهل الأدب، وله خط مرغوب فيه، قرأ على الفضل بن الحباب الجمحي. ينظر: "بغية الوعاة" ١/ ٩٤، "معجم الأدباء" ١٨/ ١٨٦.
(٣) "لسان العرب" ٢/ ١٠٢٦ (حنف).
(٤) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١/ ٩٤٢ (حنف).
(٥) البيت بلا نسبة في "تهذيب اللغة" ١/ ٩٤٢، "لسان العرب" ٢/ ١٠٢٦ (حنف)، "المعجم المفصل" ٣/ ٢٦٥.
(٦) "تهذيب اللغة" ١/ ٩٤٢ (حنف).
(٧) "غريب القرآن" ص ٦٤ بنحوه، وكذا قال الطبري ١/ ٥٦٤ - ٥٦٥.
(٨) هو العباس بن الفرج، أبو الفضل الرياشي، اللغوي النحوي، قرأ على المازني النحو، وقرأ عليه المازني اللغة، ووثقه الخطيب، صنف كتاب الخيل وكتاب الإبل، وغير ذلك، قتله الفرنج سنة ٢٥٧ هـ. ينظر: "بغية الوعاة" ٢/ ٢٧، "الأعلام" ٣/ ٢٦٤.
(٩) في (ش): "للمقارفة".
(١٠) لعل صحة العبارة كما قيل للمهلكة: مفازة، أو: كما قيل: مفازة للمهلكة، وينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٦٤.
354
فأما التفسير: فروي عن ابن عباس أنه قال: الحنيف: المائل عن الأديان كلها إلى دين الإسلام (١).
وقال مجاهد: الحنيفية اتباع الحق (٢)، وروي عنه أيضًا: الحنيفية: اتباع إبراهيم فيما أتى به من الشريعة التي صار بها إمامًا للناس بعده، من الحج، والختان، وغير ذلك من شرائعه (٣).
وقال الحسن: الحنيفية: حج البيت (٤)، وهو معنى قول ابن عباس (٥)، وعطية (٦) (٧).
وقيل: الحنيفية: إخلاص الدين لله وحده (٨)، وهذه الأقوال غير خارجة عما ذكره أهل اللغة؛ لأنها تعود إلى الاستقامة أو الميل إلى ما أتى به إبراهيم عليه السلام من الشريعة (٩).
وقال مجاهد: الحنيفية اتباع الحق (٢)، وروي عنه أيضًا: الحنيفية: اتباع إبراهيم فيما أتى به من الشريعة التي صار بها إمامًا للناس بعده، من الحج، والختان، وغير ذلك من شرائعه (٣).
وقال الحسن: الحنيفية: حج البيت (٤)، وهو معنى قول ابن عباس (٥)، وعطية (٦) (٧).
وقيل: الحنيفية: إخلاص الدين لله وحده (٨)، وهذه الأقوال غير خارجة عما ذكره أهل اللغة؛ لأنها تعود إلى الاستقامة أو الميل إلى ما أتى به إبراهيم عليه السلام من الشريعة (٩).
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢١٤، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٨، و"البغوي" ١/ ١٥٥، و"الخازن" ١/ ١١٥، و"البحر المحيط" ١/ ٤٠٦.
(٢) بنحوه أخرج الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٦٥ - ٥٦٦، وابن أبي حاتم ١/ ٤١ قال: وروي عن الربيع بن أنس نحو ذلك.
(٣) عنه الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٨، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٥.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٩٥، ومن طريقه أخرجه الطبري ١/ ٥٦٥، وأخرجه من طريق أخرى ١/ ٥٦٥، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٤٢، والثعلبي ١/ ١٢١٤.
(٥) أخرجه عنه الطبري ١/ ٥٦٥، وابن أبي حاتم ١/ ٢٤١، قال: وروي عن الحسن والضحاك وعطية والسدي نحو ذلك.
(٦) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٣/ ١٠٦، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٤١.
(٧) تقدمت ترجمته.
(٨) ذكر عن السدي كما أخرج الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٦٦، وعن خصيف عند ابن أبي حاتم ١/ ٢٤٢، وذكره مقاتل في "تفسيره" ١/ ١٤١.
(٩) رجح الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٦٦ أن الحنف والحنيف: الاستقامة على دين =
(٢) بنحوه أخرج الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٦٥ - ٥٦٦، وابن أبي حاتم ١/ ٤١ قال: وروي عن الربيع بن أنس نحو ذلك.
(٣) عنه الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٨، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٥.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٩٥، ومن طريقه أخرجه الطبري ١/ ٥٦٥، وأخرجه من طريق أخرى ١/ ٥٦٥، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٤٢، والثعلبي ١/ ١٢١٤.
(٥) أخرجه عنه الطبري ١/ ٥٦٥، وابن أبي حاتم ١/ ٢٤١، قال: وروي عن الحسن والضحاك وعطية والسدي نحو ذلك.
(٦) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٣/ ١٠٦، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٤١.
(٧) تقدمت ترجمته.
(٨) ذكر عن السدي كما أخرج الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٦٦، وعن خصيف عند ابن أبي حاتم ١/ ٢٤٢، وذكره مقاتل في "تفسيره" ١/ ١٤١.
(٩) رجح الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٦٦ أن الحنف والحنيف: الاستقامة على دين =
355
١٣٦ - قوله تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ إلى قوله: ﴿وَالْأَسْبَاطِ﴾ قال الزجاج: الأسباط: ولد إسحاق، ومعنى القبيلة في ولد إسماعيل: معنى الجماعة، يقال لكل جماعة من واحد: قبيلة، ويقال لكل جمع على شيء واحد: قبيل، قال الله عز وجل: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ﴾ (١) [الأعراف: ٢٧].
فأما الأسباط: فهو مشتق من السبط، وهو ضرب من الشجر، يعلفه الإبل. كأنه جعل إسحاق بمنزلة شجرة، وكذلك يفعل النسابون في النسب، يجعلون الوالد بمنزلة الشجرة، ويجعلون الأولاد بمنزلة أغصانها (٢).
وقال أبو العباس: سألت ابن الأعرابي، ما معنى السبط في كلام العرب؟ فقال: خاصة الأولاد (٣) والمُصَاصُ منهم (٤)، وكان في الأسباط أنبياء؛ لذلك قال: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ﴾.
وقوله: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ أي: لا نكفر ببعض ونؤمن ببعض،
فأما الأسباط: فهو مشتق من السبط، وهو ضرب من الشجر، يعلفه الإبل. كأنه جعل إسحاق بمنزلة شجرة، وكذلك يفعل النسابون في النسب، يجعلون الوالد بمنزلة الشجرة، ويجعلون الأولاد بمنزلة أغصانها (٢).
وقال أبو العباس: سألت ابن الأعرابي، ما معنى السبط في كلام العرب؟ فقال: خاصة الأولاد (٣) والمُصَاصُ منهم (٤)، وكان في الأسباط أنبياء؛ لذلك قال: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ﴾.
وقوله: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ أي: لا نكفر ببعض ونؤمن ببعض،
= إبراهيم، واتباعه على ملته، وبين أنه لو كان المراد الحج، أو الاختتان؛ لوجب أن يكون المشركون حنفاء، وقد نفى الله عنهم ذلك.
(١) عبارة الزجاج التي نقلها الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦١٥ (سبط): والصحيح أن الأسباط في ولد إسحاق عليه السلام، بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل، فولدُ كل ولد من أولاد يعقوب سبط، وولدُ كل ولد من أولاد إسماعيل قبيلة، وإنما سموا هؤلاء بالأسباط، وهؤلاء بالقبائل ليُفْصَل بين ولد إسماعيل وولد إسحاق عليهما السلام.
(٢) نقله بتصرف من "تهذيب اللغة" عن الزجاج ٢/ ١٦١٥ (سبط)، وقد ذكر في "معاني القرآن" شيئا يسيرا من هذا ١/ ٢١٧، وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢١٥، وقال: والأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من العرب والشعوب من العجم.
(٣) ساقط من (أ)، (م).
(٤) كما في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦١٦ (سبط)، وعبارته: فقال: السِّبط والسِّبطان والأسباط: خاصة الأولاد، أو المُصاص منهم.
(١) عبارة الزجاج التي نقلها الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦١٥ (سبط): والصحيح أن الأسباط في ولد إسحاق عليه السلام، بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل، فولدُ كل ولد من أولاد يعقوب سبط، وولدُ كل ولد من أولاد إسماعيل قبيلة، وإنما سموا هؤلاء بالأسباط، وهؤلاء بالقبائل ليُفْصَل بين ولد إسماعيل وولد إسحاق عليهما السلام.
(٢) نقله بتصرف من "تهذيب اللغة" عن الزجاج ٢/ ١٦١٥ (سبط)، وقد ذكر في "معاني القرآن" شيئا يسيرا من هذا ١/ ٢١٧، وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢١٥، وقال: والأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من العرب والشعوب من العجم.
(٣) ساقط من (أ)، (م).
(٤) كما في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦١٦ (سبط)، وعبارته: فقال: السِّبط والسِّبطان والأسباط: خاصة الأولاد، أو المُصاص منهم.
كما فعلت اليهود والنصارى (١)، وإنما جاز ﴿بَيْنَ أَحَدٍ﴾، و (بين): تقتضي اثنين؛ لأنَّ أحدًا منهم يقع على الاثنين والجمع، يقال: ما عندي أحدٌ يتكلمون، فجاز دخول (بين) عليه، كما تقول: لا نفرق بين قوم منهم، وبين جمع منهم. ولهذه العلة جمع نعته في قوله تعالى: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٧] (٢).
١٣٧ - قوله تعالى: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ قال الزجاج: تأويل هذا: إن أتوا بتصديقٍ مثل تصديقكم (٣)، فيُحْمَلُ على تشبيهٍ بالإيمان، لا على التشبيه في الشيء الذي آمنوا به، كأنه قال: إن آمنوا وكان إيمانهم كإيمانكم، ووحدوا كتوحيدكم، وهذا قول ابن الأنباري، وزاد بيانًا فقال: المعنى: فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به، أي: فإن آمنوا مثل إيمانكم، فتزاد الباء للتوكيد، كما زيدت في قوله: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ [مريم: ٢٥].
وقال أبو معاذ النحوي (٤): أراد: إن آمنوا هم (٥) بكتابكم كما آمنتم أنتم بكتابهم (٦). فالمثل هاهنا: الكتاب، والمسلمون يؤمنون بالتوراة،
١٣٧ - قوله تعالى: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ قال الزجاج: تأويل هذا: إن أتوا بتصديقٍ مثل تصديقكم (٣)، فيُحْمَلُ على تشبيهٍ بالإيمان، لا على التشبيه في الشيء الذي آمنوا به، كأنه قال: إن آمنوا وكان إيمانهم كإيمانكم، ووحدوا كتوحيدكم، وهذا قول ابن الأنباري، وزاد بيانًا فقال: المعنى: فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به، أي: فإن آمنوا مثل إيمانكم، فتزاد الباء للتوكيد، كما زيدت في قوله: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ [مريم: ٢٥].
وقال أبو معاذ النحوي (٤): أراد: إن آمنوا هم (٥) بكتابكم كما آمنتم أنتم بكتابهم (٦). فالمثل هاهنا: الكتاب، والمسلمون يؤمنون بالتوراة،
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢١٤.
(٢) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٠٩.
(٣) "معاني القرآن" ١/ ٢١٧.
(٤) هو أبو معاذ النحوي المروزي، المقرئ اللغوي، تقدمت ترجمته في المقدمة.
(٥) ليست في (م).
(٦) نقله البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٦.
(٢) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٠٩.
(٣) "معاني القرآن" ١/ ٢١٧.
(٤) هو أبو معاذ النحوي المروزي، المقرئ اللغوي، تقدمت ترجمته في المقدمة.
(٥) ليست في (م).
(٦) نقله البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٦.
357
وقيل: المثل ههنا صلة، والمعنى: فإن آمنوا بما آمنتم به (١)، والمثل قد يذكر ولا يراد به الشَبْهُ والنظير، كقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، قيل: ليس كهو شيء (٢).
وقوله تعالى: ﴿فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ أي: فقد صاروا مسلمين (٣).
﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾ أي: خلاف وعداوة (٤)، وتأويله: أنهم صاروا في شِقّ غير شَقّ المسلمين (٥)، والعداوة تسمى شقاقًا؛ لأنّ كلّ واحد من المعادين يأتي بما يشقّ على صاحبه، أو لأنّ كل واحد صار في شقّ غير شق صاحبه للعداوة والمباينة (٦).
وقوله تعالى: ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ﴾ قال المفسرون: كفاه الله أمر اليهود بالقتل والسبي في قريظة، والجلاء والنفي في بني النضير، والجزية والذلة (٧) في نصارى نجران (٨).
وقوله تعالى: ﴿فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ أي: فقد صاروا مسلمين (٣).
﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾ أي: خلاف وعداوة (٤)، وتأويله: أنهم صاروا في شِقّ غير شَقّ المسلمين (٥)، والعداوة تسمى شقاقًا؛ لأنّ كلّ واحد من المعادين يأتي بما يشقّ على صاحبه، أو لأنّ كل واحد صار في شقّ غير شق صاحبه للعداوة والمباينة (٦).
وقوله تعالى: ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ﴾ قال المفسرون: كفاه الله أمر اليهود بالقتل والسبي في قريظة، والجلاء والنفي في بني النضير، والجزية والذلة (٧) في نصارى نجران (٨).
(١) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٢٤، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٦، وقد ورد عن ابن عباس أنه كان يقرأ الآية: فإن آمنوا بالذي آمنتم به، كما ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٦٩، وبين الطبري أن مراد ابن عباس: فإن صدقوا مثل تصديقكم بما صدقتم به، فالتشبيه وقع بين التصديقين، الإقرارين اللذين هما: إيمان هؤلاء، وإيمان هؤلاء.
(٢) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢١٨، "البحر المحيط" ١/ ٤١٠.
(٣) كذا قال الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢١٤، والثعلبي ١/ ١٢١٧.
(٤) ذكره الثعلبي ١/ ١٢١٨، عن ابن عباس وعطاء والأخفش.
(٥) في (م): (الإسلام).
(٦) بنحوه عند الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢١٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢١٨، "تفسير السمرقندي" ١/ ١٦٢، والرازي ٤/ ٩٣.
(٧) في (ش): (والذلة والجزية).
(٨) "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٢٢٠و ١/ ١٥٧، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٣١، "البحر المحيط" ١/ ٤١٠.
(٢) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢١٨، "البحر المحيط" ١/ ٤١٠.
(٣) كذا قال الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢١٤، والثعلبي ١/ ١٢١٧.
(٤) ذكره الثعلبي ١/ ١٢١٨، عن ابن عباس وعطاء والأخفش.
(٥) في (م): (الإسلام).
(٦) بنحوه عند الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢١٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢١٨، "تفسير السمرقندي" ١/ ١٦٢، والرازي ٤/ ٩٣.
(٧) في (ش): (والذلة والجزية).
(٨) "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٢٢٠و ١/ ١٥٧، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٣١، "البحر المحيط" ١/ ٤١٠.
358
وقال عطاء عن ابن عباس في قوله: ﴿فِى شِقَاقٍ﴾ يريد في خلاف لدينهم ولدينكم (١)؛ لأنهم أمروا في التوراة بالإيمان بمحمد - ﷺ -. وقال الحسن: علموا أولادَكم وأهاليكم وخدمَكم أسماء الأنبياء، الذين ذكرهم الله في كتابه، حتى يؤمنوا بهم، ويصدقوا بما جاءوا به. هذا قوله (٢).
وقالت العلماء: لا يكون الرجل مؤمنًا حتى يؤمن بسائر الأنبياء السابقين، وجميع الكتب التي أنزلها الله على الرسل، فيجب على الإنسان أن يُعَلِّمَ صِبيانَه ونساءهَ أسماءَ الأنبياء ويأمرهم بالإيمان بجميعهم؛ إذ لا يبعد أن يظُنَّوا أنهم كُلِّفوا الإيمان بمحمد - ﷺ - فقط فيلقَّنوا قوله تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ الآية.
١٣٨ - قوله تعالى ﴿صِبغَةَ الله﴾ الصِّبْغ: ما يُلَوَّنُ به الثياب، والصَّبْغُ المصدر، وأصله: المزجُ للتلوين، وما يُصْطبَغُ به من الأطعمة يسمى: صِبْغا وصِبَاغًا؛ لأنه مزج شيء بشيء، ولون بلون (٣).
قال الحسن (٤) وقتادة (٥) وأبو العالية (٦) ومجاهد (٧) والسُّدّي (٨) وعطية (٩) وابن زيد (١٠): دين الله. فعلى هذا القول، إنما سمي الدينُ
وقالت العلماء: لا يكون الرجل مؤمنًا حتى يؤمن بسائر الأنبياء السابقين، وجميع الكتب التي أنزلها الله على الرسل، فيجب على الإنسان أن يُعَلِّمَ صِبيانَه ونساءهَ أسماءَ الأنبياء ويأمرهم بالإيمان بجميعهم؛ إذ لا يبعد أن يظُنَّوا أنهم كُلِّفوا الإيمان بمحمد - ﷺ - فقط فيلقَّنوا قوله تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ الآية.
١٣٨ - قوله تعالى ﴿صِبغَةَ الله﴾ الصِّبْغ: ما يُلَوَّنُ به الثياب، والصَّبْغُ المصدر، وأصله: المزجُ للتلوين، وما يُصْطبَغُ به من الأطعمة يسمى: صِبْغا وصِبَاغًا؛ لأنه مزج شيء بشيء، ولون بلون (٣).
قال الحسن (٤) وقتادة (٥) وأبو العالية (٦) ومجاهد (٧) والسُّدّي (٨) وعطية (٩) وابن زيد (١٠): دين الله. فعلى هذا القول، إنما سمي الدينُ
(١) بنحوه مختصرًا عند الثعلبي في "تفسيره" ٣/ ١٢١٨، والبغوي ١/ ١٥٦.
(٢) ذكره في "الوسيط" عنه، وبنحوه عن الضحاك، كما في "الدر المنثور" ١/ ٢٥٨.
(٣) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٧٥ - ١٩٧٦ "صبغ"، "البحر المحيط" ١/ ٤١١.
(٤) ذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٤٥.
(٥) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٧١، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٤٥.
(٦) المراجع السابقة.
(٧) المراجع السابقة.
(٨) المراجع السابقة.
(٩) المراجع السابقة.
(١٠) المراجع السابقة.
(٢) ذكره في "الوسيط" عنه، وبنحوه عن الضحاك، كما في "الدر المنثور" ١/ ٢٥٨.
(٣) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٧٥ - ١٩٧٦ "صبغ"، "البحر المحيط" ١/ ٤١١.
(٤) ذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٤٥.
(٥) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٧١، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٤٥.
(٦) المراجع السابقة.
(٧) المراجع السابقة.
(٨) المراجع السابقة.
(٩) المراجع السابقة.
(١٠) المراجع السابقة.
359
صبغةً؛ لأن المتدين يَلْزَمُه ولا يُفَارقُه، كما يلزم الصبغُ الثوبَ. والعرب تقول: فلانٌ يَصْبغ فلانًا في الشرّ، إذا أدخله فيه، وألزمه إياه، كما يلزم الثوب الصبغ، خاطبهم الله في كتابه بمثل ما يعرفون في لغتهم، أنشد ثعلب:
قال اللحياني: تَصَبَّغَ فلان في الدين تَصَبُّغُا، وصِبْغَةً حسنة (٢).
وقال أبو عمرو: كل ما يتقرب به إلى الله عز وجل فهو الصِّبْغَةُ (٣).
وقال ابن عباس: إن النصارى كانوا إذا ولد لأحدهم ولد، فأتى على سبعة أيام غمسوه في ماء لهم، يقال له: المعمودي، وصبغوه به ليطهروه بذلك مكان الختان (٤)، ويقولون: هو تطهير له وتنظيف، فجعل الله الختان للمسلمين تنظيفًا وتطهيرًا، وأمر به معارضةً للنصارى. فعلى هذا القول جرت الصبغة على الختانة؛ لصبغهم غلمانهم في الماء.
| دعِ الشَّرَّ وَانْزِلْ بِالنَّجَاةِ تَحَرُّزًا | إذا أنت لم يَصْبِغْكَ في الشَّرِّ صَابغُ (١) |
وقال أبو عمرو: كل ما يتقرب به إلى الله عز وجل فهو الصِّبْغَةُ (٣).
وقال ابن عباس: إن النصارى كانوا إذا ولد لأحدهم ولد، فأتى على سبعة أيام غمسوه في ماء لهم، يقال له: المعمودي، وصبغوه به ليطهروه بذلك مكان الختان (٤)، ويقولون: هو تطهير له وتنظيف، فجعل الله الختان للمسلمين تنظيفًا وتطهيرًا، وأمر به معارضةً للنصارى. فعلى هذا القول جرت الصبغة على الختانة؛ لصبغهم غلمانهم في الماء.
(١) البيت بلا نسبة في: "أساس البلاغة"، (دبغ)، (صبغ)، "المعجم المفصل" ٣/ ٢٦٧.
(٢) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٧٦، وابن منظور في "اللسان" ٤/ ٢٣٩٦ (صبغ).
(٣) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٧٦، وعنه ابن منظور في "اللسان" ٤/ ٢٣٩٦.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٢٣، وعنه البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٧، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٤، ٤٥، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٥١، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٣٢، و"الخازن" ١/ ١١٦، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤١١، وابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٨٢.
(٢) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٧٦، وابن منظور في "اللسان" ٤/ ٢٣٩٦ (صبغ).
(٣) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٧٦، وعنه ابن منظور في "اللسان" ٤/ ٢٣٩٦.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٢٣، وعنه البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٧، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٤، ٤٥، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٥١، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٣٢، و"الخازن" ١/ ١١٦، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤١١، وابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٨٢.
360
قال الأزهري: يقال: صَبَغَتِ الناقَةُ مَشَاَفِرَها في الماء: إذا غمستها، وصبغ يده في الماء (١)، قال:
قد صبغت مشافرًا كالأشبارْ (٢)
فسمي الختانُ صبغةً من حيثُ كان بدل ما فعلوه من صبغهم أولادهم، كما قال: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠] فسمى الثانية سيئة لما كانت في معارضة الأولى، كذلك الختانة سماها الله تعالى صبغة؛ لأنها تجري (٣) للمسلمين مجرى صبغ النصارى أولادهم، وهذا القول اختيار الفراء (٤). ويحتمل أنه سمي الختان صبغة؛ لأنه يصبغُ الولدَ بالدم.
وذكر أبو إسحاق في قوله: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ قولًا آخر، هو مذهب أبي عُبيدة (٥)، وهو أنه قال: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ أي: خِلقَةَ الله، من صبَغْتُ الثوب، إذا غيرتُ لونَه وخِلْقَتَه، فيجوز أن يسمى الخلقة صبغة، والله تعالى ابتدأ الخلقة على الإسلام بدليل قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ﴾ [الأعراف: ١٧٢] الآية.
وقوله: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم: ٣٠] (٦)، وما
قد صبغت مشافرًا كالأشبارْ (٢)
فسمي الختانُ صبغةً من حيثُ كان بدل ما فعلوه من صبغهم أولادهم، كما قال: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠] فسمى الثانية سيئة لما كانت في معارضة الأولى، كذلك الختانة سماها الله تعالى صبغة؛ لأنها تجري (٣) للمسلمين مجرى صبغ النصارى أولادهم، وهذا القول اختيار الفراء (٤). ويحتمل أنه سمي الختان صبغة؛ لأنه يصبغُ الولدَ بالدم.
وذكر أبو إسحاق في قوله: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ قولًا آخر، هو مذهب أبي عُبيدة (٥)، وهو أنه قال: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ أي: خِلقَةَ الله، من صبَغْتُ الثوب، إذا غيرتُ لونَه وخِلْقَتَه، فيجوز أن يسمى الخلقة صبغة، والله تعالى ابتدأ الخلقة على الإسلام بدليل قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ﴾ [الأعراف: ١٧٢] الآية.
وقوله: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم: ٣٠] (٦)، وما
(١) "تهذيب اللغة" له ٢/ ١٩٧٦ (صبغ).
(٢) هذا رجز ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٧٦، وابن منظور في "اللسان" ٤/ ٢٣٩٦ (صبغ)، ولم ينسباه.
(٣) في (م): (تجزي).
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٢، وينظر: "الزاهر" ١/ ١٤٥، "تفسير الطبري" ١/ ٥٧٠.
(٥) "مجاز القرآن" ١/ ٥٩.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٥ - ٢١٦، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٢١.
(٢) هذا رجز ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٧٦، وابن منظور في "اللسان" ٤/ ٢٣٩٦ (صبغ)، ولم ينسباه.
(٣) في (م): (تجزي).
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٢، وينظر: "الزاهر" ١/ ١٤٥، "تفسير الطبري" ١/ ٥٧٠.
(٥) "مجاز القرآن" ١/ ٥٩.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٥ - ٢١٦، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٢١.
361
رُوِيَ أن النبي - ﷺ - قال: "كل مولود يُولَد على الفطرة" (١)، معناه: إن كل مولود يولد في العالم على ذلك الإقرار الأول، وعلى ذلك العهد حين قالوا: ﴿بَلَى﴾ وهو الفطرة، ومعنى الفطرة (٢): ابتداء الخلقة. ثم يُهَوِّدُ اليهودُ أبناءَهم، وُيمَجِّسُ المجوسُ أبناءَهم، وليس الإقرارُ الأول مما يَقَعُ به حكم، أو عليه ثواب.
وانتصب قوله: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ عند الأخفش (٣) على البدل من قوله: ﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾. وذكر الزجاج (٤) في انتصابه الوجهين اللذين ذكرنا في ﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾، وقال أبو عبيد: نصب على الإغراء، أي: الزموا واتبعوا (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾ أي: دينًا، على القول الأول، وعلى قول ابن عباس: تطهيرًا، ومعناه: أن التطهير الذي أمر الله به مبالغ في النظافة، وعلى قول أبي إسحاق: فطرة وخلقة.
١٣٩ - قوله تعالى: ﴿قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا﴾ الخطاب ليهود المدينة، ونصارى نجران، ومحاجتهم أنهم قالوا: إن أنبياء الله كانوا منا، وديننا هو الأقدم، وكتابنا هو الأسبق، ولو كنت نبيًّا كنت منَّا، فأنزل الله تعالى: {قُلْ
وانتصب قوله: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ عند الأخفش (٣) على البدل من قوله: ﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾. وذكر الزجاج (٤) في انتصابه الوجهين اللذين ذكرنا في ﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾، وقال أبو عبيد: نصب على الإغراء، أي: الزموا واتبعوا (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾ أي: دينًا، على القول الأول، وعلى قول ابن عباس: تطهيرًا، ومعناه: أن التطهير الذي أمر الله به مبالغ في النظافة، وعلى قول أبي إسحاق: فطرة وخلقة.
١٣٩ - قوله تعالى: ﴿قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا﴾ الخطاب ليهود المدينة، ونصارى نجران، ومحاجتهم أنهم قالوا: إن أنبياء الله كانوا منا، وديننا هو الأقدم، وكتابنا هو الأسبق، ولو كنت نبيًّا كنت منَّا، فأنزل الله تعالى: {قُلْ
(١) أخرجه البخاري (١٣٨٥) كتاب "الجنائز"، باب: ما قيل في أولاد المشركين، ومسلم (٢٦٥٨) كتاب "القدر"، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة: ٤/ ٢٠٤٧، حديث ٢٦٥٨.
(٢) ليست في (أ) و (م).
(٣) "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٥٠، وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٢٤.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٥.
(٥) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٢٣، وذكر هذا الوجه ابن الأنباري في "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ١٢٦، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٤١٢، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٧.
(٢) ليست في (أ) و (م).
(٣) "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٥٠، وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٢٤.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٥.
(٥) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٢٣، وذكر هذا الوجه ابن الأنباري في "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ١٢٦، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٤١٢، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٧.
362
أَتُحَاَجُّونَنَا} (١) أي: أتخاصموننا وتجادلوننا، والمحاجة: مفاعلة من الحجة (٢). وظاهر الألف: الاستفهام، ومعناه: التوبيخ والتقرير هاهنا (٣)، وذكرنا في سورة آل عمران لم صار لفظ الاستفهام للتوبيخ.
وقوله تعالى: ﴿فِي اللَّهِ﴾ أي: في دين الله (٤)، ولنا أعمال نجازى بحسنها وسيئها، وأنتم في أعمالكم على مثل سبيلنا، لا يؤخذ بعض (٥) بذنب بعض. ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ﴾ أي: موحدون (٦)، ومعنى الإخلاص: التنقية من الشوائب (٧).
ولقد سألت الأستاذ أبا إسحاق أحمد بن محمد (٨) رحمه الله فحدثني بإسناده مسلسلا (٩): أن حذيفة (١٠) رضى الله عنه قال: سألت النبي - ﷺ - عن
وقوله تعالى: ﴿فِي اللَّهِ﴾ أي: في دين الله (٤)، ولنا أعمال نجازى بحسنها وسيئها، وأنتم في أعمالكم على مثل سبيلنا، لا يؤخذ بعض (٥) بذنب بعض. ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ﴾ أي: موحدون (٦)، ومعنى الإخلاص: التنقية من الشوائب (٧).
ولقد سألت الأستاذ أبا إسحاق أحمد بن محمد (٨) رحمه الله فحدثني بإسناده مسلسلا (٩): أن حذيفة (١٠) رضى الله عنه قال: سألت النبي - ﷺ - عن
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٢٤، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٢٣، و"الوجيز" ١/ ٥٠٦، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٧، و"الخازن" ١/ ١١٦، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٥٨٥.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٢٤، "تفسير البغوي" ١/ ١٥٧، "البحر المحيط" ١/ ٤١٢.
(٣) قال أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤١٣: والهمزة للاستفهام مصحوبًا بالإنكار عليهم. وينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ١٣٣.
(٤) في "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٢٤ قال: وذلك أنهم قالوا: يا محمد إن الأنبياء كانوا منا وعلى ديننا، ولم يكن من العرب نبي، فلو كنت نبيًّا لكنت منا وعلى ديننا، وينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٥٧، "تفسير الخازن" ١/ ١١٦.
(٥) في (ش): (بعضنا).
(٦) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٢٢٤.
(٧) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٢٥ - ١٣٣٢، وقد أفرد فصلًا في معنى الإخلاص، "تفسير البغوي" ١/ ١٥٧.
(٨) يعني الثعلبي.
(٩) هذا الحديث مسلسل بالسؤال عن الإخلاص من أدناه إلى أعلاه.
(١٠) هو حذيفة بن اليمان العبسي، حليف الأنصار، صحابي جليل من السابقين، =
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٢٤، "تفسير البغوي" ١/ ١٥٧، "البحر المحيط" ١/ ٤١٢.
(٣) قال أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤١٣: والهمزة للاستفهام مصحوبًا بالإنكار عليهم. وينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ١٣٣.
(٤) في "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٢٤ قال: وذلك أنهم قالوا: يا محمد إن الأنبياء كانوا منا وعلى ديننا، ولم يكن من العرب نبي، فلو كنت نبيًّا لكنت منا وعلى ديننا، وينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٥٧، "تفسير الخازن" ١/ ١١٦.
(٥) في (ش): (بعضنا).
(٦) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٢٢٤.
(٧) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٢٥ - ١٣٣٢، وقد أفرد فصلًا في معنى الإخلاص، "تفسير البغوي" ١/ ١٥٧.
(٨) يعني الثعلبي.
(٩) هذا الحديث مسلسل بالسؤال عن الإخلاص من أدناه إلى أعلاه.
(١٠) هو حذيفة بن اليمان العبسي، حليف الأنصار، صحابي جليل من السابقين، =
363
الإخلاص، ما هو؟ قال: "سألت جبريل عن الإخلاص، ما هو؟ قال: سألت ربَّ العزة عن الإخلاص، ما هو؟ قال: سرٌ من سِرِّي، استودعتُه قلبَ مَنْ أحببتُ من عبادي" (١).
قال ابن الأنبارى: وفي الآية إضمار واختصار، أراد: ونحن له مخلصون، وأنتم غير مخلصين، فحذف اكتفاء بقوله: ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ﴾.
قال: ومعنى الآية: أتحتجون علينا، وأنتم مشركون كافرون بالأنبياء، ونحن مخلصون له بالعبادة والتوحيد؟ ومَن هو على مثل سبيلكم، الواجبُ عليه أن يتشاغل بالفكر في عماه، وأن لا ينازع ويناظر من يعلم (٢) أنه أرشد منه وأهدى سبيلًا. وتلخيص الآية: لا حجة لكم علينا في دين ربنا؛ إذ كنا نخلص له (٣) ولا نعبد معه سواه، وأنتم تجعلون له الشركاء والأنداد (٤).
قال ابن الأنبارى: وفي الآية إضمار واختصار، أراد: ونحن له مخلصون، وأنتم غير مخلصين، فحذف اكتفاء بقوله: ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ﴾.
قال: ومعنى الآية: أتحتجون علينا، وأنتم مشركون كافرون بالأنبياء، ونحن مخلصون له بالعبادة والتوحيد؟ ومَن هو على مثل سبيلكم، الواجبُ عليه أن يتشاغل بالفكر في عماه، وأن لا ينازع ويناظر من يعلم (٢) أنه أرشد منه وأهدى سبيلًا. وتلخيص الآية: لا حجة لكم علينا في دين ربنا؛ إذ كنا نخلص له (٣) ولا نعبد معه سواه، وأنتم تجعلون له الشركاء والأنداد (٤).
= أعلمه النبي - ﷺ - بما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة، كما في "صحيح مسلم"، وأبوه صحابي أيضًا، توفي في أول خلافة علي سنة ٣٦ هـ ينظر: "تقريب التهذيب" ص ١٥٤ (١١٥٦)، "أسد الغابة" لابن الأثير ١/ ٤٦٨.
(١) رواه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٢٥، وذكره الديلمي في "مسند الفردوس" ٣/ ١٨٧، عن علي وابن عباس مرفوعًا، وذكره القرطبي في "تفسيره" ٢/ ١٣٤، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤١٣، والآلوسي في "روح المعاني" ١/ ٣٩٩، والحديث في إسناده أحمد بن عطاء، وعبد الواحد بن زيد، وقال عنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" ٤/ ١٠٩: حديث واهٍ جدًا وضعفه كذلك الدكتور خالد العنزي في تحقيق "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٢٧.
(٢) في (ش): (يعلم الله).
(٣) في (ش): (معه).
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤١٣ - ٤١٤.
(١) رواه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٢٥، وذكره الديلمي في "مسند الفردوس" ٣/ ١٨٧، عن علي وابن عباس مرفوعًا، وذكره القرطبي في "تفسيره" ٢/ ١٣٤، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤١٣، والآلوسي في "روح المعاني" ١/ ٣٩٩، والحديث في إسناده أحمد بن عطاء، وعبد الواحد بن زيد، وقال عنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" ٤/ ١٠٩: حديث واهٍ جدًا وضعفه كذلك الدكتور خالد العنزي في تحقيق "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٢٧.
(٢) في (ش): (يعلم الله).
(٣) في (ش): (معه).
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤١٣ - ٤١٤.
364
١٤٠ - قوله تعالى: ﴿أَمْ تَقُولُونَ﴾ قرئ بالتاء والياء (١)، فمن قرأ بالتاء؛ فلأن ما قبله من قوله: ﴿قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا﴾ وما بعده من قوله: ﴿قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ﴾ بالتاء. ومن قرأ بالياء؛ فلأن المعنى لليهود والنصارى، وهم غَيْبٌ (٢). ومعنى الآية: كأنه قيل لهم: بأي: الحجتين تتعلقون؟ أبالتوحيد؟، فنحن موحدون، أم باتباع دين الأنبياء، فنحن متبعون دونكم (٣)، فمن الجهتين جميعًا لا تلزمنا لكم حجة. هذا على قراءة من قرأ (٤) بالتاء، وتكون الآية متصلة بما قبلها من الاستفهام الذي معناه الإنكار، ومن قرأ بالياء، فمعناه الانقطاع إلى حجاج آخر غير الأول، كأنه قيل: بل أيقولون إن الأنبياء من قبل أن تنزل التوراة والإنجيل كانوا هودًا أو نصارى؟ كأنه أعرض عن خطابهم استجهالًا لهم بما كان منهم؛ كما يُقبِل العالِم على من بحضرته بعد ارتكاب مخاطبه جهالة شنيعة، هذا كله قول أصحاب المعاني في هذه الآية (٥).
وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّه﴾ أي: قد أخبرنا الله أن الأنبياء كان دينهم الإسلام، ولا أحد أعلم منه (٦) (٧).
وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّه﴾ أي: قد أخبرنا الله أن الأنبياء كان دينهم الإسلام، ولا أحد أعلم منه (٦) (٧).
(١) قرأ ابن كثير ونافع وعاصم في رواية أبي بكر، وأبو عمرو، بالياء، وقرأ الباقون بالتاء. ينظر: "السبعة" ص ١٧١، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٢٢٩، "الكشف" لمكي ١/ ٢٦٦.
(٢) من "الحجة" ٢/ ٢٢٩ بتصرف، وينظر: الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٣٢، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٨.
(٣) كذا قال الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢١٧.
(٤) في (م) و (ش): (قرأ).
(٥) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٧.
(٦) ساقط من (ش).
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٧.
(٢) من "الحجة" ٢/ ٢٢٩ بتصرف، وينظر: الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٣٢، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٨.
(٣) كذا قال الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢١٧.
(٤) في (م) و (ش): (قرأ).
(٥) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٧.
(٦) ساقط من (ش).
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٧.
365
وقوله تعالى ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ﴾ توبيخٌ من الله لليهود بعد أن قامت الحجةُ عليهم (١).
قال ابن عباس: يريد مَنْ أظلمُ ممَّنْ كتمَ شهادتَه التي أشهد عليها، يريد أن الله أشهدهم في التوراة والإنجيل: أنه باعث فيهم محمد بن عبد الله من ذرية إبراهيم، وأخذ على ذلك مواثيقهم أن يبيّنوه للناس ولا يكتموه، فكتموه وكذبوا فيه (٢).
وقال مجاهد (٣) والربيع (٤): الشهادةُ في أمر إبراهيم والأنبياء الذين ذكرهم وأنهم كانوا حنفاء مسلمين، فكتموها، وقالوا: إنهم كانوا هودًا أو نصارى (٥).
وحكى ابن الأنباري عن بعضهم: أن هذا من كلام المسلمين، يريدون: من أظلم منا إن تابعناكم على ما تقولون، بعد ما وقفنا على كذبكم بإعلام الله إيّانا، وكتمان أمر محمد، والشهادة له بالنبوة، بعد أن ثبتت (٦)
قال ابن عباس: يريد مَنْ أظلمُ ممَّنْ كتمَ شهادتَه التي أشهد عليها، يريد أن الله أشهدهم في التوراة والإنجيل: أنه باعث فيهم محمد بن عبد الله من ذرية إبراهيم، وأخذ على ذلك مواثيقهم أن يبيّنوه للناس ولا يكتموه، فكتموه وكذبوا فيه (٢).
وقال مجاهد (٣) والربيع (٤): الشهادةُ في أمر إبراهيم والأنبياء الذين ذكرهم وأنهم كانوا حنفاء مسلمين، فكتموها، وقالوا: إنهم كانوا هودًا أو نصارى (٥).
وحكى ابن الأنباري عن بعضهم: أن هذا من كلام المسلمين، يريدون: من أظلم منا إن تابعناكم على ما تقولون، بعد ما وقفنا على كذبكم بإعلام الله إيّانا، وكتمان أمر محمد، والشهادة له بالنبوة، بعد أن ثبتت (٦)
(١) "البحر المحيط" ١/ ٤١٥.
(٢) هذا من رواية عطاء التي تقدم ذكرها في المقدمة، ويذكر قريب منه عن غير ابن عباس عند الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٧٤ - ٥٧٥، وابن أبي حاتم ١/ ٢٤٦.
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٧٤.
(٤) أخرجه الطبري ١/ ٥٧٥، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٤٦.
(٥) رجح هذا القول الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٧٥ - ٥٧٥ مبينًا أن هذه الشهادة جاءت بعد ذكر هؤلاء الأنبياء؛ فأولى بها أن تكون متصلة بهم لا بموضوع آخر، والشهادة التي عندهم ما أنزل الله إليهم في التوراة والإنجيل من الأمر بمتابعة هؤلاء المذكورين من الأنبياء، وأنهم كانوا حنفاء مسلمين فكتموا ذلك حينما دعاهم إليه رسول الله - ﷺ - إلى الإسلام. ورجحه كذلك أبو حيان في "البحر" ١/ ٤١٥، مبينا أنه أشبه بالسياق.
(٦) في (م): (ثبت).
(٢) هذا من رواية عطاء التي تقدم ذكرها في المقدمة، ويذكر قريب منه عن غير ابن عباس عند الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٧٤ - ٥٧٥، وابن أبي حاتم ١/ ٢٤٦.
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٧٤.
(٤) أخرجه الطبري ١/ ٥٧٥، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٤٦.
(٥) رجح هذا القول الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٧٥ - ٥٧٥ مبينًا أن هذه الشهادة جاءت بعد ذكر هؤلاء الأنبياء؛ فأولى بها أن تكون متصلة بهم لا بموضوع آخر، والشهادة التي عندهم ما أنزل الله إليهم في التوراة والإنجيل من الأمر بمتابعة هؤلاء المذكورين من الأنبياء، وأنهم كانوا حنفاء مسلمين فكتموا ذلك حينما دعاهم إليه رسول الله - ﷺ - إلى الإسلام. ورجحه كذلك أبو حيان في "البحر" ١/ ٤١٥، مبينا أنه أشبه بالسياق.
(٦) في (م): (ثبت).
366
عندنا نبوته بإخبار الله تعالى إيانا.
١٤١ - قوله تعالى ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ﴾ أي: ثواب ما كسبت ﴿وَلَكُمْ﴾ ثواب ﴿مَا كَسَبْتُمْ﴾ (١) وحَسُنَ تكريرُ هذه الآية؛ لأن الحجاج إذا اختلفت مواطنه حَسُنَ تكريرُه للتذكير به (٢).
١٤٢ - قوله تعالى ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ﴾ الآية، نزلت في تحويل القبلة إلى الكعبة.
قال ابن عباس: عَنَى بالسفهاء يهود المدينة (٣)، وقال الحسن: يعني مشركي مكة.
وقال السدي: يعني منافقي المدينة، وذلك أن المشركين قالوا لما توجه النبي - ﷺ - إلى الكعبة: قد اشتاق محمد إلى مولده، ومولد آبائه، وقد توجه نحو قبلتكم، وهو راجع إلى دينكم. وقالت اليهود: قد تردد على محمد أمره، ولا يدري أين يتوجه. وقالت المنافقون استهزاءً بالإسلام والمسلمين: ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ﴾ (٤)، والسفهاء: جمع سفيه، وهو الخفيف إلى ما لا يجوز له أن يخِفّ إليه (٥)، وذكرنا هذا فيما تقدم.
١٤١ - قوله تعالى ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ﴾ أي: ثواب ما كسبت ﴿وَلَكُمْ﴾ ثواب ﴿مَا كَسَبْتُمْ﴾ (١) وحَسُنَ تكريرُ هذه الآية؛ لأن الحجاج إذا اختلفت مواطنه حَسُنَ تكريرُه للتذكير به (٢).
١٤٢ - قوله تعالى ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ﴾ الآية، نزلت في تحويل القبلة إلى الكعبة.
قال ابن عباس: عَنَى بالسفهاء يهود المدينة (٣)، وقال الحسن: يعني مشركي مكة.
وقال السدي: يعني منافقي المدينة، وذلك أن المشركين قالوا لما توجه النبي - ﷺ - إلى الكعبة: قد اشتاق محمد إلى مولده، ومولد آبائه، وقد توجه نحو قبلتكم، وهو راجع إلى دينكم. وقالت اليهود: قد تردد على محمد أمره، ولا يدري أين يتوجه. وقالت المنافقون استهزاءً بالإسلام والمسلمين: ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ﴾ (٤)، والسفهاء: جمع سفيه، وهو الخفيف إلى ما لا يجوز له أن يخِفّ إليه (٥)، وذكرنا هذا فيما تقدم.
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٨.
(٢) ينظر: "الوسيط" ١/ ٢٢٤، "البحر المحيط" ١/ ٤١٥، وقال: وليس ذلك بتكرار؛ لأن ذلك ورد إثر شيء مخالف لما وردت الجمل الأولى بإثره، وإذا كان كذلك فقد اختلف السياق فلا تكرار، بيان ذلك: أن الأولى وردت بإثر ذكر الأنبياء فتلك إشارة اليهم، وهذه وردت عقب أسلاف اليهود والنصارى فالمشار إليه هم.
(٣) أخرجه الطبري ٢/ ١، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٤٧.
(٤) ينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٥٨.
(٥) ينظر: "اللسان" ٤/ ٢٠٣٢ (سفه).
(٢) ينظر: "الوسيط" ١/ ٢٢٤، "البحر المحيط" ١/ ٤١٥، وقال: وليس ذلك بتكرار؛ لأن ذلك ورد إثر شيء مخالف لما وردت الجمل الأولى بإثره، وإذا كان كذلك فقد اختلف السياق فلا تكرار، بيان ذلك: أن الأولى وردت بإثر ذكر الأنبياء فتلك إشارة اليهم، وهذه وردت عقب أسلاف اليهود والنصارى فالمشار إليه هم.
(٣) أخرجه الطبري ٢/ ١، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٤٧.
(٤) ينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٥٨.
(٥) ينظر: "اللسان" ٤/ ٢٠٣٢ (سفه).
367
وقوله تعالى: ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ﴾ أي: عَدَلهم وصرفهم (١)، ونذكر أصل هذا الحرف عند قوله: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ [البقرة: ١٤٨].
وقوله تعالى: ﴿عَنْ قِبْلَتِهِمُ﴾ القبلة: الوجهة، وهي الفعلة من المقابلة، والعرب تقول: ماله قِبلة ولا دِبرة، إذا لم يهتد لجهة أمره، وأصل القبلة في اللغة: الحالة التي يقابل الشيء غيره عليها، كالجلسة للحال التي يجلس عليها، إلا أنها الآن صارت كالعلم للجهة التي تستقبل في الصلاة (٢).
وقوله تعالى: ﴿الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾ يعنون: بيت المقدس، في قول أكثر المفسرين، والضمير في قبلتهم: للنبي - ﷺ - وأصحابه.
وقال عطاء عن ابن عباس: يريد التي كان عليها إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط (٣)، وهذا على زعمهم؛ لأنهم كانوا يدعون أن قبلة إبراهيم كانت بيت المقدس، وعلى هذا القول الضمير (٤) في ﴿قِبلَتِهِمُ﴾ لإبراهيم ومن ذُكر بعده، كأنهم قالوا: ما ولّى النبي وأصحابه عن قبلة إبراهيم والأسباط. والقول هو الأول، وعليه المفسرون.
وقوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ﴾ أي: له أن يأمر بالتوجه إلى أي جهة شاء (٥).
وقيل: أراد بالمشرق الكعبة؛ لأن المصلي بالمدينة إذا توجه إلى الكعبة فهو متوجه إلى المشرق، وإذا توجه إلى بيت المقدس فهو متوجه إلى
وقوله تعالى: ﴿عَنْ قِبْلَتِهِمُ﴾ القبلة: الوجهة، وهي الفعلة من المقابلة، والعرب تقول: ماله قِبلة ولا دِبرة، إذا لم يهتد لجهة أمره، وأصل القبلة في اللغة: الحالة التي يقابل الشيء غيره عليها، كالجلسة للحال التي يجلس عليها، إلا أنها الآن صارت كالعلم للجهة التي تستقبل في الصلاة (٢).
وقوله تعالى: ﴿الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾ يعنون: بيت المقدس، في قول أكثر المفسرين، والضمير في قبلتهم: للنبي - ﷺ - وأصحابه.
وقال عطاء عن ابن عباس: يريد التي كان عليها إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط (٣)، وهذا على زعمهم؛ لأنهم كانوا يدعون أن قبلة إبراهيم كانت بيت المقدس، وعلى هذا القول الضمير (٤) في ﴿قِبلَتِهِمُ﴾ لإبراهيم ومن ذُكر بعده، كأنهم قالوا: ما ولّى النبي وأصحابه عن قبلة إبراهيم والأسباط. والقول هو الأول، وعليه المفسرون.
وقوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ﴾ أي: له أن يأمر بالتوجه إلى أي جهة شاء (٥).
وقيل: أراد بالمشرق الكعبة؛ لأن المصلي بالمدينة إذا توجه إلى الكعبة فهو متوجه إلى المشرق، وإذا توجه إلى بيت المقدس فهو متوجه إلى
(١) "تفسير الطبري" ٢/ ٢، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٣٧ - ١٣٨.
(٢) "اللسان" ٦/ ٣٥١٧ (قبل).
(٣) قريب منه في "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٢٤٧.
(٤) ساقط من (م).
(٥) كذا في "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٠.
(٢) "اللسان" ٦/ ٣٥١٧ (قبل).
(٣) قريب منه في "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٢٤٧.
(٤) ساقط من (م).
(٥) كذا في "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٠.
368
المغرب (١).
وقوله تعالى: ﴿يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ قال ابن عباس: إلى دين مستقيم، يريد: أني قد رضيت قبلة أولئك، ورضيت هذه القبلة لمحمد - ﷺ -. "ودين الله" يسمى: صراطًا مستقيمًا؛ لأنه يؤدي إلى الجنة؛ كما يؤدي الطريق المستقيم إلى البغية (٢).
١٤٣ - قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ الآية. قال أهل المعاني: التشبيه في قوله: ﴿وَكذَلِكَ﴾ يرجع إلى ذكر الأنبياء الذين أنعم الله عليهم، وهم إبراهيم وأولاده، فلما ذكرهم وذكر النعمة عليهم بالكتاب المنزل، والحنيفية المستقيمة، قال: ﴿وَكذَلِكَ﴾ أي: وكما اخترنا إبراهيم وذريته واصطفيناهم، كذلك جعلناكم أمةً وسطًا (٣).
وقيل: هذه الآية تتصل بما قبلها من قوله: ﴿يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ أي: هديناكم وخصصناكم دونهم بالصراط المستقيم، وتحويل قبلتكم إلى قبلة إبراهيم، وكذلك أنعمنا عليكم نعمة أخرى فقال: إنا جعلناكم عدولًا (٤).
وقوله: ﴿وَسَطًا﴾ الوسط: اسم لما بين طرفي الشيء. قال الفراء: الوَسَط المثقل: اسم، كقولك: رأسٌ وسط وأسفل، ولا تقولن ههنا:
وقوله تعالى: ﴿يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ قال ابن عباس: إلى دين مستقيم، يريد: أني قد رضيت قبلة أولئك، ورضيت هذه القبلة لمحمد - ﷺ -. "ودين الله" يسمى: صراطًا مستقيمًا؛ لأنه يؤدي إلى الجنة؛ كما يؤدي الطريق المستقيم إلى البغية (٢).
١٤٣ - قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ الآية. قال أهل المعاني: التشبيه في قوله: ﴿وَكذَلِكَ﴾ يرجع إلى ذكر الأنبياء الذين أنعم الله عليهم، وهم إبراهيم وأولاده، فلما ذكرهم وذكر النعمة عليهم بالكتاب المنزل، والحنيفية المستقيمة، قال: ﴿وَكذَلِكَ﴾ أي: وكما اخترنا إبراهيم وذريته واصطفيناهم، كذلك جعلناكم أمةً وسطًا (٣).
وقيل: هذه الآية تتصل بما قبلها من قوله: ﴿يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ أي: هديناكم وخصصناكم دونهم بالصراط المستقيم، وتحويل قبلتكم إلى قبلة إبراهيم، وكذلك أنعمنا عليكم نعمة أخرى فقال: إنا جعلناكم عدولًا (٤).
وقوله: ﴿وَسَطًا﴾ الوسط: اسم لما بين طرفي الشيء. قال الفراء: الوَسَط المثقل: اسم، كقولك: رأسٌ وسط وأسفل، ولا تقولن ههنا:
(١) ذكره أبو حيان في "البحر" ١/ ٤٢١.
(٢) ينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٠.
(٣) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٥، "تفسير البغوي" ١/ ١٥٨، "تفسير الرازي" ٤/ ٩٦ - ٩٧.
(٤) ذكر الرازي في "التفسير الكبير" ٤/ ٩٦ - ٩٧، وجوهًا أخر. وينظر: "المحرر الوجيز" ٢/ ٣ - ٤، "البحر المحيط" ١/ ٤١٢.
(٢) ينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٠.
(٣) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٥، "تفسير البغوي" ١/ ١٥٨، "تفسير الرازي" ٤/ ٩٦ - ٩٧.
(٤) ذكر الرازي في "التفسير الكبير" ٤/ ٩٦ - ٩٧، وجوهًا أخر. وينظر: "المحرر الوجيز" ٢/ ٣ - ٤، "البحر المحيط" ١/ ٤١٢.
369
وسْط بالتخفيف، واحتجم وَسَط رأسه، وربما خفف، وليس بالوجه. وجلس وسْط القوم، ولا تقول (١): وسَط؛ لأنه في معنى بين القوم، وجلس وسَط الدار؛ لأن (بين) لا يصلح في هذا الموضع، وربما خفف.
قال الفراء: قال ابن يونس: سمعت وسْط ووَسَط بمعنًى (٢)، قال الشاعر:
قال أحمد بن يحيى: ما اتحدت أجزاؤه فلم يتميز بعضه من بعض فهو وسَط بتحريك السين، نحو: وسَط الدار، ووسَط الرأس والكف، وما أشبهها. وما التفت أجزاؤه متجاورة، بعضها يتميز (٤) من بعض، كالعقد، وحلقة الناس، فهو وسْط (٥). ومما يصدق هذا ما روي في الخبر: "الجالس وسْط الحلقة ملعون" (٦)، لم يرو إلا بالتخفيف، وقال محمد بن يزيد: ما كان اسمًا فهو وسَط، محرّك السين، نحو قولك: وسَط رأسه صلبٌ، ووسَط
قال الفراء: قال ابن يونس: سمعت وسْط ووَسَط بمعنًى (٢)، قال الشاعر:
| قالوا يالَ أشجع يومَ هَيْجٍ | ووَسْط الدار ضَربًا واحْتِمايا (٣) |
(١) في (أ): (ولا يقول).
(٢) قال الجوهري: كل وضع صلح فيه بين فهو وسْط، وإن لم يصلح فيه بين فهو وسَط بالتحريك، وقال: وربما سكن، وليس بالوجه. وذكر البيت.
(٣) البيت، نسبه في "اللسان" ٨/ ٤٨٣١ (وسط) لأعصر بن سعد بن قيس عيلان.
(٤) في (م): (يتميز بعضها من بعض).
(٥) نقله عنه بمعناه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٢٨٨٨، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٤، "اللسان" ٨/ ٤٨٣٢ (وسط).
(٦) أخرجه الإمام أحمد في "المسند" ٥/ ٣٨٤ عن حذيفة، في الذي يقعد في وسط الحلقة قال: ملعون على لسان ٢٢٧٥٢، والترمذي (٢٧٥٣) الأدب، باب: كراهية القعود وسط الحلقة، وأبو داود (٤٨٢٦) الأدب، باب: في الجلوس وسط الحلقة، وقال الترمذي: حسن صحيح.
(٢) قال الجوهري: كل وضع صلح فيه بين فهو وسْط، وإن لم يصلح فيه بين فهو وسَط بالتحريك، وقال: وربما سكن، وليس بالوجه. وذكر البيت.
(٣) البيت، نسبه في "اللسان" ٨/ ٤٨٣١ (وسط) لأعصر بن سعد بن قيس عيلان.
(٤) في (م): (يتميز بعضها من بعض).
(٥) نقله عنه بمعناه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٢٨٨٨، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٤، "اللسان" ٨/ ٤٨٣٢ (وسط).
(٦) أخرجه الإمام أحمد في "المسند" ٥/ ٣٨٤ عن حذيفة، في الذي يقعد في وسط الحلقة قال: ملعون على لسان ٢٢٧٥٢، والترمذي (٢٧٥٣) الأدب، باب: كراهية القعود وسط الحلقة، وأبو داود (٤٨٢٦) الأدب، باب: في الجلوس وسط الحلقة، وقال الترمذي: حسن صحيح.
370
داره واسع، وما كان طرفًا فهو وسْط، مسكن السين، نحو قولك: وسْط رأسه دهن، ووسْط داره رجل أي: في وسط داره، وفي وسط رأسه (١).
قال الفراء: ويقال: وسطتُ القوم سِطةً ووسوطًا إذا دخلت وسطهم: قال الله تعالى: ﴿فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا﴾ [العاديات: ٥] (٢).
فأما التفسير: فقال عُظْم أهل التفسير في قوله: ﴿أُمَّةً وَسَطًا﴾ أي: عدلًا خيارًا (٣)، وروي ذلك في حديث مرفوع، أخبرناه الأستاذ أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي (٤) رحمه الله، ثنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص الزاهد (٥)، ثنا إبراهيم بن عبد الله الكوفي العبسي (٦)، ثنا
قال الفراء: ويقال: وسطتُ القوم سِطةً ووسوطًا إذا دخلت وسطهم: قال الله تعالى: ﴿فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا﴾ [العاديات: ٥] (٢).
فأما التفسير: فقال عُظْم أهل التفسير في قوله: ﴿أُمَّةً وَسَطًا﴾ أي: عدلًا خيارًا (٣)، وروي ذلك في حديث مرفوع، أخبرناه الأستاذ أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي (٤) رحمه الله، ثنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص الزاهد (٥)، ثنا إبراهيم بن عبد الله الكوفي العبسي (٦)، ثنا
(١) نقله عنه بمعناه في "تهذيب اللغة" ٤/ ٢٨٨٨، "اللسان" ٢/ ٤٨٣٢ (وسط).
(٢) نقله عنه بمعناه في "اللسان" ٨/ ٤٨٣٣، ينظر في معاني الوسط: "المفردات" ص ٥٣٧ - ٥٣٨، "البحر المحيط" ١/ ٤١٨، "اللسان" ٨/ ٤٨٣١ - ٤٨٣٤ (وسط).
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٧، وابن أبي حاتم ١/ ٢٤٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٤، "المحرر الوجيز" ٢/ ٤ - ٥، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٠.
(٤) هو محمد بن محمد بن محمش الزيادي، أبو طاهر، من شيوخ الواحدي، كان إمام أصحاب الحديث بخراسان، وفقيههم ومفتيهم، أخذ الواحدي عنه، توفي سنة ٤١٠هـ. ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٢٧٦ - ٢٧٨، "تذكرة الحفاظ" ٣/ ١٠٥١.
(٥) هو الإمام الزاهد المعمر أبو بكر محمد بن عمر بن حفص النيسابوري العابد، سمع سهل بن عمار وغيره، روى عنه أبو طاهر بن محمش وغيره، توفي سنة ٣٣٥ هـ. ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٥/ ٣٧٦.
(٦) هو إبراهيم بن عبد الله العبسي الكوفي أبو شيبة، سمع من أبي نعيم وقبيصة والإمام أحمد وغيرهم، وحدث عنه ابن ماجه والنسائي في اليوم والليلة، قال أبو حاتم: صدوق، توفي سنة ٢٦٥ هـ. ينظر: "السير" ١١/ ١٢٨، "الجرح والتعديل" ٢/ ١١٠.
(٢) نقله عنه بمعناه في "اللسان" ٨/ ٤٨٣٣، ينظر في معاني الوسط: "المفردات" ص ٥٣٧ - ٥٣٨، "البحر المحيط" ١/ ٤١٨، "اللسان" ٨/ ٤٨٣١ - ٤٨٣٤ (وسط).
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٧، وابن أبي حاتم ١/ ٢٤٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٤، "المحرر الوجيز" ٢/ ٤ - ٥، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٠.
(٤) هو محمد بن محمد بن محمش الزيادي، أبو طاهر، من شيوخ الواحدي، كان إمام أصحاب الحديث بخراسان، وفقيههم ومفتيهم، أخذ الواحدي عنه، توفي سنة ٤١٠هـ. ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٢٧٦ - ٢٧٨، "تذكرة الحفاظ" ٣/ ١٠٥١.
(٥) هو الإمام الزاهد المعمر أبو بكر محمد بن عمر بن حفص النيسابوري العابد، سمع سهل بن عمار وغيره، روى عنه أبو طاهر بن محمش وغيره، توفي سنة ٣٣٥ هـ. ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٥/ ٣٧٦.
(٦) هو إبراهيم بن عبد الله العبسي الكوفي أبو شيبة، سمع من أبي نعيم وقبيصة والإمام أحمد وغيرهم، وحدث عنه ابن ماجه والنسائي في اليوم والليلة، قال أبو حاتم: صدوق، توفي سنة ٢٦٥ هـ. ينظر: "السير" ١١/ ١٢٨، "الجرح والتعديل" ٢/ ١١٠.
371
وكيع (١)، عن الأعمش (٢)، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - ﷺ -: "يدعى نوح يوم القيامة، فيقال له (٣): هل بلّغت؟ فيقول: نعم. فيدعى قومه، فيقال لهم: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، وما أتانا من أحد، فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد - ﷺ - وأمته، فذلك قوله عز وجل: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ " (٤).
والوسط: العدل، ثم اختلفوا لِمَ سمّي العدل وسطًا؟ فقالت طائفة: هذا مأخوذ من وسط الوادي والقاع، وهو خير موضح فيه، وأكثره كَلأً وماءً، وذلك أن في غالب الأمر الماء يبرح وسط الوادي؛ لأنه في الصيف وشدة الحر ينحسر عن الأطراف إلى جوف الوادي، فيكون الكلأ هناك أكثر، ولذلك تقول العرب: انزل وسط الوادي، أي (٥): خير مكان منه (٦)، فعلى هذا (الوسط) اسم وصف به (٧)، ومنه قول زهير:
هم وَسَطٌ يرضى الأنام بحكمهم (٨)....................... البيت.
والوسط: العدل، ثم اختلفوا لِمَ سمّي العدل وسطًا؟ فقالت طائفة: هذا مأخوذ من وسط الوادي والقاع، وهو خير موضح فيه، وأكثره كَلأً وماءً، وذلك أن في غالب الأمر الماء يبرح وسط الوادي؛ لأنه في الصيف وشدة الحر ينحسر عن الأطراف إلى جوف الوادي، فيكون الكلأ هناك أكثر، ولذلك تقول العرب: انزل وسط الوادي، أي (٥): خير مكان منه (٦)، فعلى هذا (الوسط) اسم وصف به (٧)، ومنه قول زهير:
هم وَسَطٌ يرضى الأنام بحكمهم (٨)....................... البيت.
(١) هو وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي الكوفي الحافظ، تقدمت ترجمته.
(٢) هو أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي، تقدمت ترجمته [البقرة: ٦٠].
(٣) ساقط من (ش).
(٤) أخرجه البخاري (٣٣٣٩) كتاب أحاديث الأنبياء، باب: قول الله ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ﴾، ورواه أحمد ٣/ ٣٢، ٥٨، والطبري في "تفسيره" ٢/ ٨، وابن أبي حاتم ١/ ٢٤٩.
(٥) في (م): (انزل إلى وسط الوادي إلى)، وفي (أ): (انزل وسط الوادي إلى). وما أثبته موافق لما في "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٣.
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٣.
(٧) ينظر: "اللسان" ٨/ ٤٨٣٤ "وسط".
(٨) البيت تتمته:
إذا نزلت إحدى الليالي بمعظَمِ
(٢) هو أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي، تقدمت ترجمته [البقرة: ٦٠].
(٣) ساقط من (ش).
(٤) أخرجه البخاري (٣٣٣٩) كتاب أحاديث الأنبياء، باب: قول الله ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ﴾، ورواه أحمد ٣/ ٣٢، ٥٨، والطبري في "تفسيره" ٢/ ٨، وابن أبي حاتم ١/ ٢٤٩.
(٥) في (م): (انزل إلى وسط الوادي إلى)، وفي (أ): (انزل وسط الوادي إلى). وما أثبته موافق لما في "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٣.
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٣.
(٧) ينظر: "اللسان" ٨/ ٤٨٣٤ "وسط".
(٨) البيت تتمته:
إذا نزلت إحدى الليالي بمعظَمِ
372
ويحتمل على هذا الاشتقاق: أنه أراد: هم وسط بين طرفين:
أحدهما: الغلو.
والثاني: التقصير، وهما مذمومان، وهذا قول الكلبي (١).
قال أهل المعاني: لما صار ما بين (٢) الغلو والتقصير خيرًا منهما (٣) صار الوسط، والأوسط عبارة عن كل ما هو خير، وإن لم يتصور فيه الغلو والتقصير، حتى قالوا: هو من أوسطهم نسبًا، أي: خيرهم، قال الله تعالى: ﴿قَالَ أَوْسَطُهُمْ﴾ [القلم: ٢٨] قيل في تفسيره: خيرهم وأعدلهم (٤)، وقال النبي - ﷺ -: "خير هذا الدين النمط الأوسط" (٥). فعلى هذا، أمة
أحدهما: الغلو.
والثاني: التقصير، وهما مذمومان، وهذا قول الكلبي (١).
قال أهل المعاني: لما صار ما بين (٢) الغلو والتقصير خيرًا منهما (٣) صار الوسط، والأوسط عبارة عن كل ما هو خير، وإن لم يتصور فيه الغلو والتقصير، حتى قالوا: هو من أوسطهم نسبًا، أي: خيرهم، قال الله تعالى: ﴿قَالَ أَوْسَطُهُمْ﴾ [القلم: ٢٨] قيل في تفسيره: خيرهم وأعدلهم (٤)، وقال النبي - ﷺ -: "خير هذا الدين النمط الأوسط" (٥). فعلى هذا، أمة
= ذكره بهذا اللفظ الجاحظ في "البيان والتبيين" ٣/ ٣٢٥، لكنه قال: يرضى الإله. وهو تحريف مفسد للمعنى، وذكره ابن قتيبة في "غريب القرآن" ص ٦٣، ولم ينسبه، وذكره الطبري في "تفسيره" ٢/ ٦، والثعلبي ١/ ١٢٣٤، والسمعاني ٢/ ٨٠، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤١٨، والسمين في "الدر المصون" ١/ ٣٩٣، وقال المعلق على "تفسير الطبري" ٢/ ٦: البيت من معلقة زهير، وروايته كما في "ديوانه" بشرح ثعلب، وفي شرحي التبريزي والزوزني للمعلقات، وكما في جمهرة أشعار العرب للقرشي:
(١) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٤، وذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٨.
(٢) من قوله: (الغلو)، ساقط من (ش).
(٣) في (ش): (مبهمًا).
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٤.
(٥) قال العراقي في "تخريج الإحياء" ١/ ١٠٦: حديث: "عليكم بالنمط الأوسط"، رواه أبو عبيد في "غريب الحديث" موقوفا على علي بن أبي طالب، ولم أجده مرفوعا، وذكره في "اللسان" ٨/ ٤٨٣٣ "وسط" من كلام علي. وفي "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٠ - ١٤١: "عليكم بالنمط الأوسط، فإليه ينزل العالي وإليه يرتفع النازل". والنمط: جماعة من الناس أمرهم واحد، وقيل هو الطريقة.
| لحيٍّ حلال يعصم الناس أمرهم | إذا طرقت إحدى الليالي بِمُعْظَمِ |
(٢) من قوله: (الغلو)، ساقط من (ش).
(٣) في (ش): (مبهمًا).
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٤.
(٥) قال العراقي في "تخريج الإحياء" ١/ ١٠٦: حديث: "عليكم بالنمط الأوسط"، رواه أبو عبيد في "غريب الحديث" موقوفا على علي بن أبي طالب، ولم أجده مرفوعا، وذكره في "اللسان" ٨/ ٤٨٣٣ "وسط" من كلام علي. وفي "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٠ - ١٤١: "عليكم بالنمط الأوسط، فإليه ينزل العالي وإليه يرتفع النازل". والنمط: جماعة من الناس أمرهم واحد، وقيل هو الطريقة.
373
محمد - ﷺ - وسط، أي: عدول؛ لأنهم لم يغلوا غلو النصارى، ولا قصّروا تقصير اليهود، في حقوق أنبيائهم، بالقتل والصلب (١).
وقالت طائفة: وَسَط جمع واسط، وفَعَل يجوز في جمع فاعل، نحو: خدَم ونشَأ. والواسط: الذي يسِطُ الشيء، أي: يتوسطه، قال الشاعر:
وفلان من واسطة قومه، أي: من أعيانهم، وهذا يحتمل أمرين:
أحدهما: أن نسبه توسط نسبهم، فهو كريم الطرفين، أبوه وأمه من ذلك النسب.
والثاني: أنه أخذ من واسطة القلادة؛ لأنه يجعل فيه أنفَسَ خَرَزها.
قال بعض سعد بن زيد مناة:
قوله: واسط العم، يحتمل المعنيين (٥).
وقوله تعالى: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد: على جميع الأمم، وذلك أن (٦) الله تعالى إذا جمع الأولين والآخرين، أتى بالناس أمة بعد أمة، فيؤتى بأمة نوح، فيسألهم عما أرسل
وقالت طائفة: وَسَط جمع واسط، وفَعَل يجوز في جمع فاعل، نحو: خدَم ونشَأ. والواسط: الذي يسِطُ الشيء، أي: يتوسطه، قال الشاعر:
| وَسَطتْ نسبتي الذوائبَ منهم | كلُّ دار فيها أبٌ لي عظيم (٢) (٣) |
أحدهما: أن نسبه توسط نسبهم، فهو كريم الطرفين، أبوه وأمه من ذلك النسب.
والثاني: أنه أخذ من واسطة القلادة؛ لأنه يجعل فيه أنفَسَ خَرَزها.
قال بعض سعد بن زيد مناة:
| ومَن يفتقِرْ في قومه يحمَدِ الغنى | وإن كان فيهم واسطَ العَمِّ مُخْوِلا (٤) |
وقوله تعالى: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد: على جميع الأمم، وذلك أن (٦) الله تعالى إذا جمع الأولين والآخرين، أتى بالناس أمة بعد أمة، فيؤتى بأمة نوح، فيسألهم عما أرسل
(١) ينظر: "المحرر الوجيز" ١/ ٣ - ٥.
(٢) سقطت من (م).
(٣) البيت لحسان بن ثابت في "ديوانه" ص ٢٢٥.
(٤) البيت لجابر بن الثعلب الطائي، ينظر: "ديوان الحماسة" ١/ ١٠٩.
(٥) ينظر: "زاد المسير" ١/ ١٥٤.
(٦) في (م): (لأن الله).
(٢) سقطت من (م).
(٣) البيت لحسان بن ثابت في "ديوانه" ص ٢٢٥.
(٤) البيت لجابر بن الثعلب الطائي، ينظر: "ديوان الحماسة" ١/ ١٠٩.
(٥) ينظر: "زاد المسير" ١/ ١٥٤.
(٦) في (م): (لأن الله).
374
إليهم، فينكرون أن نوحًا بلّغهم ما أرسل به إليهم، فيقول الله تعالى لنوح: ما فعلت فيما أرسلتك؟ فيقول: بلّغته قومي فكذّبوني وعصوك، فيقول الله له: زعموا أنك لم تبلّغهم فهل لك شهيد؟ فيقول: نعم، محمد وأمته، فيدعى بأمة محمد، فيقول الله تعالى: بم تشهدون لنوح؟ فيقولون: نشهد أنه قد بلّغ رسالاتك، فكذبوه وعصوك، فتقول أمة نوح: هؤلاء بعدنا يارب؛ كيف يشهدون علينا؟ فيقولون: ربنا أرسلت إلينا رسولًا، فآمنا به وصدقناه، فكان فيما أنزلت عليه ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٠٥]، إلى قوله: ﴿قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ﴾ [الشعراء: ١١١]. قال: ثم يؤتى بأمة بعد أمة فيشهدون عليهم (١).
وشهداء: لا ينوّن؛ لأن فيه ألف التأنيث، وألف التأنيث يبنى معها الاسم، وجعل الجمع بألف التأنيث كما جعل بهاء التأنيث، نحو: أَجْرِبَة، وأغْرِبَة، وضَرَبَة، وكَتَبَة (٢). وقال ابن زيد في هذه الآية: الأشهاد أربعة: الملائكة، والأنبياء، وأمة محمد - ﷺ -، والجوارح، وهذا كقوله: ﴿وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ﴾ [الزمر: ٦٩]. وقوله: ﴿وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غافر: ٥١] (٣).
وشهداء: لا ينوّن؛ لأن فيه ألف التأنيث، وألف التأنيث يبنى معها الاسم، وجعل الجمع بألف التأنيث كما جعل بهاء التأنيث، نحو: أَجْرِبَة، وأغْرِبَة، وضَرَبَة، وكَتَبَة (٢). وقال ابن زيد في هذه الآية: الأشهاد أربعة: الملائكة، والأنبياء، وأمة محمد - ﷺ -، والجوارح، وهذا كقوله: ﴿وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ﴾ [الزمر: ٦٩]. وقوله: ﴿وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غافر: ٥١] (٣).
(١) ذكره بمعناه من غير نسبة الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٣٦، وينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٥٨، وبمعناه: حديث أبي سعيد عند البخاري (٧٣٤٩) كتاب الاعتصام، باب: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾، ورواه الترمذي (٢٩٦١) كتاب التفسير، باب: ومن تفسير سورة البقرة، والنسائي في "التفسير" ١/ ١٩٧، وابن ماجه (٤٢٨٤) كتاب الزهد، باب: صفة أمة محمد - ﷺ -.
(٢) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٠ بتصرف، وأجربة: جمع جريب، والأصل فيه: كل أرض ذات حدود، ثم استعمل في مقدار معين من الأرض، وهو يستعمل في المساحة والكيل. وضربة: جمع ضارب.
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٢/ ١١.
(٢) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٠ بتصرف، وأجربة: جمع جريب، والأصل فيه: كل أرض ذات حدود، ثم استعمل في مقدار معين من الأرض، وهو يستعمل في المساحة والكيل. وضربة: جمع ضارب.
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٢/ ١١.
375
وقوله تعالى: ﴿وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ قال المفسرون: وذلك أن محمدًا - ﷺ - يُسأل عن حال أمته، فيزكّيهم، ويشهد بصدقهم (١).
وقوله تعالى: ﴿عَلَيْكُمْ﴾ أي: لكم (٢)، كقوله (٣): ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾ [المائدة: ٣]، أي: للنصب، وقيل: معناه: على صدقهم، فهو من باب حذف المضاف (٤).
قال ابن جريج: قلت لعطاء: ما معنى: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾؟ قال: أمةُ محمد شهداءُ على من ترك الحق من الناس أجمعين (٥)، حين جاءه الهدى والإيمان، فذكر الله في كتابه ﴿وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ يشهد على أنهم آمنوا بالحق حين جاءهم، وقبلوا، وصدّقوا به.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ﴾ اختلف أهل المعاني في هذا، فقال بعضهم: إن الله تعالى تعبّد نبيه والمسلمين بالصلاة إلى بيت المقدس حيث (٦) كانوا بمكة في أول الأمر مخالفةً للمشركين؛ ليتبين إيمان المؤمن ونفاق المنافق، إذ كانت العرب تحب الكعبة، وترغب في الصلاة إليها، ولا يعجبهم الصلاة إلى بيت المقدس، فتعبّدهم الله بما يشقّ
وقوله تعالى: ﴿عَلَيْكُمْ﴾ أي: لكم (٢)، كقوله (٣): ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾ [المائدة: ٣]، أي: للنصب، وقيل: معناه: على صدقهم، فهو من باب حذف المضاف (٤).
قال ابن جريج: قلت لعطاء: ما معنى: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾؟ قال: أمةُ محمد شهداءُ على من ترك الحق من الناس أجمعين (٥)، حين جاءه الهدى والإيمان، فذكر الله في كتابه ﴿وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ يشهد على أنهم آمنوا بالحق حين جاءهم، وقبلوا، وصدّقوا به.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ﴾ اختلف أهل المعاني في هذا، فقال بعضهم: إن الله تعالى تعبّد نبيه والمسلمين بالصلاة إلى بيت المقدس حيث (٦) كانوا بمكة في أول الأمر مخالفةً للمشركين؛ ليتبين إيمان المؤمن ونفاق المنافق، إذ كانت العرب تحب الكعبة، وترغب في الصلاة إليها، ولا يعجبهم الصلاة إلى بيت المقدس، فتعبّدهم الله بما يشقّ
(١) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٩ - ١١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٥. وقال في "البحر المحيط" ١/ ٤٢٢: وفي شهادته أقوال: أحدها: شهادته عليهم أنه قد بلغهم رسالة ربه. والثاني: شهادته عليهم بإيمانهم. والثالث: يكون حجة عليهم. والرابع: تزكيته لهم وتعديلهم. ثم عزا هذا القول لأكثر المفسرين.
(٢) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٥.
(٣) في (م): (لقوله).
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ٢/ ٤٢٣.
(٥) رواه "الطبري" في "تفسيره" ٢/ ١١، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥٠، والبغوي ١/ ١٥٩.
(٦) في (ش): (حين).
(٢) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٥.
(٣) في (م): (لقوله).
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ٢/ ٤٢٣.
(٥) رواه "الطبري" في "تفسيره" ٢/ ١١، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥٠، والبغوي ١/ ١٥٩.
(٦) في (ش): (حين).
376
عليهم، امتحانًا واختبارًا؛ ليظهر إيمان المؤمن عند صبره على ما يحبّ، ويتبين نفاق المنافق عند خلافه ربَّه في إيثاره هواه، فكأنه قال: تعبدناكم بالصلاة إلى بيت المقدس برهةً من الدهر؛ لنمتحنكم بذلك، ونختبركم.
وعلى هذا التأويل خبر ﴿جَعَلْنَا﴾ محذوف، معناه: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها قبلة إلا لهذا، فحذف المفعول الثاني؛ لإحاطة العلم، ويقال: إن ﴿جَعَلْنَا﴾ هاهنا لا يقتضي (١) مفعولًا ثانيًا؛ لأنه في تأويل نصبنا.
وقال بعضهم: إن النبي - ﷺ - لما (٢) هاجر إلى المدينة أمر بالتوجه إلى الكعبة مخالفة لليهود وامتحانًا للمؤمنين، وعلى هذا التأويل (٣) تقدير الآية: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا﴾ فيكون من باب حذف المضاف (٤)، ويحتمل أن يكون التقدير: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها منسوخة، فأضمر المفعول الثاني، كما ذكرنا في الوجه الأول.
وتحتمل الآية على هذا التأويل وجهًا ثالثًا، وهو أن ﴿كُنْتَ﴾ بمعنى: أنت (٥)، والتقدير: وما جعلنا القبلة التي أنت عليها -وهي: الكعبة- قبلةً،
وعلى هذا التأويل خبر ﴿جَعَلْنَا﴾ محذوف، معناه: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها قبلة إلا لهذا، فحذف المفعول الثاني؛ لإحاطة العلم، ويقال: إن ﴿جَعَلْنَا﴾ هاهنا لا يقتضي (١) مفعولًا ثانيًا؛ لأنه في تأويل نصبنا.
وقال بعضهم: إن النبي - ﷺ - لما (٢) هاجر إلى المدينة أمر بالتوجه إلى الكعبة مخالفة لليهود وامتحانًا للمؤمنين، وعلى هذا التأويل (٣) تقدير الآية: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا﴾ فيكون من باب حذف المضاف (٤)، ويحتمل أن يكون التقدير: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها منسوخة، فأضمر المفعول الثاني، كما ذكرنا في الوجه الأول.
وتحتمل الآية على هذا التأويل وجهًا ثالثًا، وهو أن ﴿كُنْتَ﴾ بمعنى: أنت (٥)، والتقدير: وما جعلنا القبلة التي أنت عليها -وهي: الكعبة- قبلةً،
(١) في (ش): (تقتضي).
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) في (م): (وعلى هذا التقدير تأويل الآية).
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٦.
(٥) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٦، "البغوي" ١/ ١٥٩، "الكشاف" ١/ ١٩٩، وروي هذا عن ابن عباس.
ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٢٣، وقال: وهذا من ابن عباس إن صح: تفسير معنى، لا تفسير إعراب؛ لأنه يؤول إلى زيادة كان الرافعة للاسم والناصبة للخبر، وهذا لم يذهب إليه أحد.
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) في (م): (وعلى هذا التقدير تأويل الآية).
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٦.
(٥) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٦، "البغوي" ١/ ١٥٩، "الكشاف" ١/ ١٩٩، وروي هذا عن ابن عباس.
ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٢٣، وقال: وهذا من ابن عباس إن صح: تفسير معنى، لا تفسير إعراب؛ لأنه يؤول إلى زيادة كان الرافعة للاسم والناصبة للخبر، وهذا لم يذهب إليه أحد.
377
فحذف المفعول الثاني، أو أراد بـ (جعلنا) معنى نصبنا، كما بينا.
ويجوز أن يريد بمعنى الكون: الحال، كقوله: ﴿كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا﴾ [مريم: ٢٩] أي: من هو في الحال صبي، وكقوله: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ﴾ [آل عمران: ١١٠] أي: أنتم. ويؤكد هذا التأويل الثاني: أن جماعة من اليهود لما صرفت القبلة إلى الكعبة، قالوا للمسلمين: أخبرونا عن صلاتكم نحو بيت المقدس، أكانت هدًى أو ضلالةً؟ فإن كانت هدًى، فقد تحولتم عنها، وإن كانت ضلالة، لقد دنتم الله بها؟ فقال المسلمون: إنما الهدى ما أمر الله به، والضلالة ما نهى الله عنه، عيّروهم بنسخ القبلة (١).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ﴾ والله تعالى عالم لم يزل، ولا يجوز أن يحدث له علم.
واختلف أهل المعاني في وجه تأويله (٢):
فذهب جماعة إلى أن العلم له منزلتان: علم بالشيء قبل وجوده، وعلم به (٣) بعد وجوده، والحكم للعلم بعد الوجود؛ لأنه يوجب الثواب والعقاب، والمتعبد بالشيء إذا لم يُطع وعصى عَلِمَه اللهُ تعالى عاصيًا، وإذا
ويجوز أن يريد بمعنى الكون: الحال، كقوله: ﴿كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا﴾ [مريم: ٢٩] أي: من هو في الحال صبي، وكقوله: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ﴾ [آل عمران: ١١٠] أي: أنتم. ويؤكد هذا التأويل الثاني: أن جماعة من اليهود لما صرفت القبلة إلى الكعبة، قالوا للمسلمين: أخبرونا عن صلاتكم نحو بيت المقدس، أكانت هدًى أو ضلالةً؟ فإن كانت هدًى، فقد تحولتم عنها، وإن كانت ضلالة، لقد دنتم الله بها؟ فقال المسلمون: إنما الهدى ما أمر الله به، والضلالة ما نهى الله عنه، عيّروهم بنسخ القبلة (١).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ﴾ والله تعالى عالم لم يزل، ولا يجوز أن يحدث له علم.
واختلف أهل المعاني في وجه تأويله (٢):
فذهب جماعة إلى أن العلم له منزلتان: علم بالشيء قبل وجوده، وعلم به (٣) بعد وجوده، والحكم للعلم بعد الوجود؛ لأنه يوجب الثواب والعقاب، والمتعبد بالشيء إذا لم يُطع وعصى عَلِمَه اللهُ تعالى عاصيًا، وإذا
(١) ذكره مقاتل في "تفسيره" ١/ ١٤٥ - ١٤٦، والثعلبي ١/ ١٢٣٨. وتنظر بعض الآثار التي تدل على هذا عند الطبري ٢/ ١١ - ١٢، وابن أبي حاتم ١/ ٢٤٨. وتنظر الوجوه الإعرابية في: "البحر المحيط" ١/ ٤٢٣، "التبيان" للعكبري ص ٩٨.
(٢) ينظر في وجوه تأويل هذا: "تفسير الطبري" ٢/ ١٢ - ١٤، "تفسير البغوي" ١/ ١٦٠، "المحرر الوجيز" ٢/ ٧ - ٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٣، "البحر المحيط" ١/ ٤٢٤.
(٣) سقطت من (ش).
(٢) ينظر في وجوه تأويل هذا: "تفسير الطبري" ٢/ ١٢ - ١٤، "تفسير البغوي" ١/ ١٦٠، "المحرر الوجيز" ٢/ ٧ - ٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٣، "البحر المحيط" ١/ ٤٢٤.
(٣) سقطت من (ش).
378
أطاع عَلِمَه الله مطيعًا، وكان قبل أن أطاع لم يعلمه مطيعًا علمًا يستحق به الثواب، وإن كان في معلوم الباري أنه يطيع.
فمعنى قوله: ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ﴾ أي: لنعلم العلم الذي يستحق العامل به الثواب والعقاب، وتبدل الأحوال على المعلوم لا يقتضي تبدل العلم وتغيره، وهذا مذهب جماعة من أهل النظر (١). ويؤيده: ما روي عن ابن عباس: أنه فسر العلم هاهنا: بالرؤية، وقال: معنى ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ﴾: إلا لنرى (٢)، وهذا راجع إلى ما ذكرنا؛ لأنه إنما يراه إذا علمه موجودًا.
وحكى ابن الأنباري، عن الفراء، أنه قال: يجوز أن يكون الله جل اسمه أضاف العلم إليه، وهو للمخاطبين (٣) في المعنى، كما يجتمع جاهل وعاقل، فيقول الجاهل: الحطب يحرق النار. ويقول العاقل: النار تحرق الحطب، وسنجمع بينهما؛ لنعلم أيهما يحرق صاحبه؟. ومعناه: لتعلم أنت فينسب إلى نفسه فعل غيره، كذلك معنى الآية: إلا لتعلموا أنتم. ومثله: ﴿حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ﴾ [محمد: ٣١]، على هذا التأويل.
ويجوز في سَعَة العربية إضافة الفعل إلى من ليس له في الحقيقة، كقول العرب: طلعت الشِّعرى، وانتصب العود على الحرباء، معناه: انتصب الحرباء على العود، فنسب الانتصاب إلى غير فاعله، ومثله في الكلام: لا أرَيَنَّك ههنا، أوقع النهي على غير المنهي؛ لأن المنهيَّ المخاطب، وذكرنا
فمعنى قوله: ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ﴾ أي: لنعلم العلم الذي يستحق العامل به الثواب والعقاب، وتبدل الأحوال على المعلوم لا يقتضي تبدل العلم وتغيره، وهذا مذهب جماعة من أهل النظر (١). ويؤيده: ما روي عن ابن عباس: أنه فسر العلم هاهنا: بالرؤية، وقال: معنى ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ﴾: إلا لنرى (٢)، وهذا راجع إلى ما ذكرنا؛ لأنه إنما يراه إذا علمه موجودًا.
وحكى ابن الأنباري، عن الفراء، أنه قال: يجوز أن يكون الله جل اسمه أضاف العلم إليه، وهو للمخاطبين (٣) في المعنى، كما يجتمع جاهل وعاقل، فيقول الجاهل: الحطب يحرق النار. ويقول العاقل: النار تحرق الحطب، وسنجمع بينهما؛ لنعلم أيهما يحرق صاحبه؟. ومعناه: لتعلم أنت فينسب إلى نفسه فعل غيره، كذلك معنى الآية: إلا لتعلموا أنتم. ومثله: ﴿حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ﴾ [محمد: ٣١]، على هذا التأويل.
ويجوز في سَعَة العربية إضافة الفعل إلى من ليس له في الحقيقة، كقول العرب: طلعت الشِّعرى، وانتصب العود على الحرباء، معناه: انتصب الحرباء على العود، فنسب الانتصاب إلى غير فاعله، ومثله في الكلام: لا أرَيَنَّك ههنا، أوقع النهي على غير المنهي؛ لأن المنهيَّ المخاطب، وذكرنا
(١) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٧، "تفسير السمعاني" ٢/ ٨٣، البغوي في "تفسيره" ١/ ١٦٠، "التفسير الكبير" ٤/ ١١٥.
(٢) ذكره الطبري في "تفسيره" ٢/ ١٣ - ١٤، ولم ينسبه لابن عباس، ثم رد عليه، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٥٥.
(٣) في (أ): (المخاطبين).
(٢) ذكره الطبري في "تفسيره" ٢/ ١٣ - ١٤، ولم ينسبه لابن عباس، ثم رد عليه، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٥٥.
(٣) في (أ): (المخاطبين).
379
هذا في قوله: ﴿فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: ١٣٢].
وقيل: أراد ليعلم محمد - ﷺ -، فأضاف علمه إلى نفسه تخصيصًا وتفضيلًا، كقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ﴾ [الأحزاب: ٥٧] وقوله: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا﴾ [الزخرف: ٥٥] (١) وتحقيق هذا القول: أنه تعالى أراد: ليعلم حزبنا من النبي والمؤمنين، كما يقول الملك: فعلنا بمعنى: فعل أولياؤنا، ومنه: فتح عُمَرُ السواد، وجبى الخراج، وإن لم يتول ذلك بنفسه (٢).
وقوله تعالى: ﴿مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ﴾ أي: يطيعه في التوجه (٣) إلى بيت المقدس (٤).
﴿مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ أي: يرتد فيرجع إلى الشرك دين آبائه (٥).
ويجوز أن يكون المراد: ممن هو مقيم على كفره (٦)؛ لأن جهة الاستقامة إقبال وخلافها إدبار، وكذلك وصف الكافر بأنه أدبر واستكبر، هذا إذا قلنا: المراد بقوله: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا﴾ بيت المقدس
وقيل: أراد ليعلم محمد - ﷺ -، فأضاف علمه إلى نفسه تخصيصًا وتفضيلًا، كقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ﴾ [الأحزاب: ٥٧] وقوله: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا﴾ [الزخرف: ٥٥] (١) وتحقيق هذا القول: أنه تعالى أراد: ليعلم حزبنا من النبي والمؤمنين، كما يقول الملك: فعلنا بمعنى: فعل أولياؤنا، ومنه: فتح عُمَرُ السواد، وجبى الخراج، وإن لم يتول ذلك بنفسه (٢).
وقوله تعالى: ﴿مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ﴾ أي: يطيعه في التوجه (٣) إلى بيت المقدس (٤).
﴿مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ أي: يرتد فيرجع إلى الشرك دين آبائه (٥).
ويجوز أن يكون المراد: ممن هو مقيم على كفره (٦)؛ لأن جهة الاستقامة إقبال وخلافها إدبار، وكذلك وصف الكافر بأنه أدبر واستكبر، هذا إذا قلنا: المراد بقوله: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا﴾ بيت المقدس
(١) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٣، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٣٨.
(٢) قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" ٢/ ٨ عن الأقوال السابقة: وهذا كله متقارب، والقاعدة: نفي استقبال العلم بعد أن لم يكن. وقال أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤٢٤: فهذه كلها تأويلات في قوله: (لنعلم) فرارًا من حدوث العلم وتجدده؛ إذ ذاك على الله مستحيل، وكل ما وقع في القرآن مما يدل على ذلك أُوِّل بما يناسبه من هذه التأويلات.
(٣) في (ش): (التوحيد).
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٤.
(٥) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٥، "زاد المسير" ١/ ١٥٥، "المحرر الوجيز" ٢/ ١٠، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٤.
(٦) ينظر: "التفسير الكبير" ٤/ ١٠٥.
(٢) قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" ٢/ ٨ عن الأقوال السابقة: وهذا كله متقارب، والقاعدة: نفي استقبال العلم بعد أن لم يكن. وقال أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤٢٤: فهذه كلها تأويلات في قوله: (لنعلم) فرارًا من حدوث العلم وتجدده؛ إذ ذاك على الله مستحيل، وكل ما وقع في القرآن مما يدل على ذلك أُوِّل بما يناسبه من هذه التأويلات.
(٣) في (ش): (التوحيد).
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٤.
(٥) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٥، "زاد المسير" ١/ ١٥٥، "المحرر الوجيز" ٢/ ١٠، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٤.
(٦) ينظر: "التفسير الكبير" ٤/ ١٠٥.
380
وإن قلنا: إن المراد هناك: التحويل عن بيت المقدس، وهو أظهر التأويلين (١)، فمعنى قوله: ﴿مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ﴾ أي: يوافقه في التوجه إلى الكعبة، والانحراف عن بيت المقدس ﴿مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ أي: يرتّد عن الدين فيرجع إلى اليهودية، أو إلى ما كان عليه. وذلك أن الله تعالى جعل نسخ القبلة عن الصخرة إلى الكعبة ابتلاء لعباده المؤمنين، فمن عصمه ووفقه صدَّق الرسول في ذلك، وعلم أن لله (٢) تعالى أن يتعبد عباده بما شاء، وأن له أن ينسخ ما تعبدهم به، فيحولهم إلى غير ذلك، وأن الصلاح لهم فيما يأمرهم به، ومن لم يعصمه شَكَّ في دينه، وتردد عليه أمره، وظن أن محمدًا في حَيْرة من أمره، فارتد عن الإسلام.
والانقلاب على العَقِب: عبارة عن الانصراف إلى حيث أقبل منه؛ لأن عقبَ الإنسان يكون وراءه، فإذا رجع إلى وراء يقال: نكص على عقبيه، وانقلب على عقبيه، أي: انصرف راجعًا (٣).
قال ابن عباس: ﴿مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ يريد: من يرجع إلى دينه الأول (٤)، يعني: المنافقين، وسمي العقب عقبًا؛ لأنه يتلو القدَمَ، وأصل هذا الباب: الإتباع (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً﴾ قال سيبويه: ﴿وَإِنْ﴾ تأكيد شبيه
والانقلاب على العَقِب: عبارة عن الانصراف إلى حيث أقبل منه؛ لأن عقبَ الإنسان يكون وراءه، فإذا رجع إلى وراء يقال: نكص على عقبيه، وانقلب على عقبيه، أي: انصرف راجعًا (٣).
قال ابن عباس: ﴿مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ يريد: من يرجع إلى دينه الأول (٤)، يعني: المنافقين، وسمي العقب عقبًا؛ لأنه يتلو القدَمَ، وأصل هذا الباب: الإتباع (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً﴾ قال سيبويه: ﴿وَإِنْ﴾ تأكيد شبيه
(١) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٢٥.
(٢) في (م) و (ش): (الله).
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٥، "المحرر الوجيز" ٢/ ١٠.
(٤) هذه من رواية عطاء التي تقدم الحديث عنها بالمقدمة.
(٥) ينظر: "المفردات" ص ٣٤٣ - ٣٤٤، "اللسان" ٥/ ٣٠٢٢ (عقب).
(٢) في (م) و (ش): (الله).
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٥، "المحرر الوجيز" ٢/ ١٠.
(٤) هذه من رواية عطاء التي تقدم الحديث عنها بالمقدمة.
(٥) ينظر: "المفردات" ص ٣٤٣ - ٣٤٤، "اللسان" ٥/ ٣٠٢٢ (عقب).
381
باليمين؛ لذلك دخلت اللام في جوابها (١).
قال أبو إسحاق: دخلت اللام مع إن، لأنها لو لم تدخل كان الكلام جحدًا، فلولا اللام كان المعنى: (ما كانت كبيرة)، فإذا جاءت (إن واللام) فمعناهما التوكيد للقصة (٢).
وأما التفسير: فقال ابن عباس (٣) ومجاهد (٤) وقتادة (٥): وقد كانت التولية إلى الكعبة لكبيرة.
قال ابن زيد (٦): وقد كانت الصلاة إلى الكعبة لكبيرة ثقيلة، إلا على الذين هدى الله، وقال أبو العالية: وإن كانت القبلة لكبيرة (٧)، يعني: الكعبة. وقيل: إنه يعني: بيت المقدس (٨)، أي: وإن كان اتباعها لكبيرًا إلا على الذين هدى الله.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ قال المفسرون: قالت اليهود للمسلمين لما حُوِّلت القبلة إلى الكعبة: إن كان هذا التحويل حقًّا
قال أبو إسحاق: دخلت اللام مع إن، لأنها لو لم تدخل كان الكلام جحدًا، فلولا اللام كان المعنى: (ما كانت كبيرة)، فإذا جاءت (إن واللام) فمعناهما التوكيد للقصة (٢).
وأما التفسير: فقال ابن عباس (٣) ومجاهد (٤) وقتادة (٥): وقد كانت التولية إلى الكعبة لكبيرة.
قال ابن زيد (٦): وقد كانت الصلاة إلى الكعبة لكبيرة ثقيلة، إلا على الذين هدى الله، وقال أبو العالية: وإن كانت القبلة لكبيرة (٧)، يعني: الكعبة. وقيل: إنه يعني: بيت المقدس (٨)، أي: وإن كان اتباعها لكبيرًا إلا على الذين هدى الله.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ قال المفسرون: قالت اليهود للمسلمين لما حُوِّلت القبلة إلى الكعبة: إن كان هذا التحويل حقًّا
(١) ينظر: "الكتاب" لسيبويه ٤/ ٢٣٣، ٢/ ١٤٠.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٠، وينظر: "التبيان" للعكبري ٩٨، "البحر المحيط" ١/ ٤٢٥.
(٣) رواه عنه الطبري ٢/ ١٥، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥١.
(٤) رواه عنه الطبري ٢/ ١٥، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥١.
(٥) رواه عنه الطبري ٢/ ١٥، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٥١.
(٦) رواه عنه الطبري ٢/ ١٦.
(٧) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ١٥، بلفظ: عن أبي العالية (وإن كانت لكبيرة) أي: قبلة بيت المقدس (إلا على الذين هدى الله)، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٥١، وجعل قوله كقول مجاهد.
(٨) وعلى هذا المعنى حمله الطبري ٢/ ١٦.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٠، وينظر: "التبيان" للعكبري ٩٨، "البحر المحيط" ١/ ٤٢٥.
(٣) رواه عنه الطبري ٢/ ١٥، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥١.
(٤) رواه عنه الطبري ٢/ ١٥، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥١.
(٥) رواه عنه الطبري ٢/ ١٥، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٥١.
(٦) رواه عنه الطبري ٢/ ١٦.
(٧) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ١٥، بلفظ: عن أبي العالية (وإن كانت لكبيرة) أي: قبلة بيت المقدس (إلا على الذين هدى الله)، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٥١، وجعل قوله كقول مجاهد.
(٨) وعلى هذا المعنى حمله الطبري ٢/ ١٦.
382
فإنَّ من مات منكم وهو يصلي إلى بيت المقدس مات على الضَّلالة، وكان قد مات رجال من المسلمين قبل تحويل القبلة، فانطلق عشائرهم إلى النبي - ﷺ -، فقالوا: يارسول الله، صرفك الله إلى قبلة إبراهيم، فكيف بإخواننا الذين ماتوا منا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ (١) أي: تصديقكم بأمر تلك القبلة.
قال الفراء: أسند الإيمان إلى الأحياء من المؤمنين، والمعنى: فيمن مات من المسلمين. وإنما أضيف إلى الأحياء؛ لأن الذين ماتوا على القبلة الأولى كانوا منهم. فقال: ﴿إِيمَانَكُمْ﴾ وهو يريد: إيمانهم؛ لأنهم داخلون معهم في الملة، وهو كقولك للقوم: قد قتلناكم وهزمناكم، يريد: قتلنا منكم، فيواجههم بالقتل وهم أحياء (٢).
ويمكن أن يحمل على العموم، بأن أراد: إيمان الأحياء والأموات (٣).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ الرأفة: أخص من
قال الفراء: أسند الإيمان إلى الأحياء من المؤمنين، والمعنى: فيمن مات من المسلمين. وإنما أضيف إلى الأحياء؛ لأن الذين ماتوا على القبلة الأولى كانوا منهم. فقال: ﴿إِيمَانَكُمْ﴾ وهو يريد: إيمانهم؛ لأنهم داخلون معهم في الملة، وهو كقولك للقوم: قد قتلناكم وهزمناكم، يريد: قتلنا منكم، فيواجههم بالقتل وهم أحياء (٢).
ويمكن أن يحمل على العموم، بأن أراد: إيمان الأحياء والأموات (٣).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ الرأفة: أخص من
(١) روي بهذا اللفظ في: "تفسير الطبري" ٢/ ١٧، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٢٥١، "تفسير مقاتل" ١/ ٧٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٩، "الكفاية" للحيري ١/ ٧٩، "أسباب النزول" للواحدي ص ٤٥ - ٤٦، "تفسير البغوي" ١/ ١٢٣. وروى البخاري (٤٠) كتاب الإيمان، باب: الصلاة من الإيمان، عن البراء بن عازب أنه مات على القبلة قبل أن تحول رجال وقتلوا، فلم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى: (وما كان الله ليضيع إيمانكم).
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٣ - ٧٤.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٨.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٣ - ٧٤.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٨.
383
الرحمة وأرق، قال الفراء: الرأْفة والرآفة، مثل: الكأبة والكآبة (١).
وقال أبو زيد: رَأَفْتُ بالرجل، أَرْأَفُ به رأفةً، ورآفةً، ورَؤُفْتُ أَرْؤُفُ به، كلٌ من كلام العرب (٢). وفي الرؤوف قراءتان (٣):
أحدهما: رؤوف على وزن فعول.
والثانية: رؤف على وزن رَعُف.
فمن قرأ على فَعُول؛ فلأنه أكثر في كلامهم من فَعُل، ألا ترى أن باب صبور وشكور، أكثر من باب حذُر ويقُظ، وإذا كان أكثر في كلامهم كان أولى. يؤكد هذا: أن صفات الله قد جاءت على هذا (٤) الوزن، نحو: ﴿غَفُورٌ شَكُورٌ﴾، ولا نعلم فَعُلًا فيها قال الشاعر:
ومن قرأ على وزن "رَعُف"، فقد قيل: إنه غالبُ لغة أهل الحجاز، ومنه قول الوليد بن عقبة بن أبي معيط (٦):
وقال أبو زيد: رَأَفْتُ بالرجل، أَرْأَفُ به رأفةً، ورآفةً، ورَؤُفْتُ أَرْؤُفُ به، كلٌ من كلام العرب (٢). وفي الرؤوف قراءتان (٣):
أحدهما: رؤوف على وزن فعول.
والثانية: رؤف على وزن رَعُف.
فمن قرأ على فَعُول؛ فلأنه أكثر في كلامهم من فَعُل، ألا ترى أن باب صبور وشكور، أكثر من باب حذُر ويقُظ، وإذا كان أكثر في كلامهم كان أولى. يؤكد هذا: أن صفات الله قد جاءت على هذا (٤) الوزن، نحو: ﴿غَفُورٌ شَكُورٌ﴾، ولا نعلم فَعُلًا فيها قال الشاعر:
| نطيع إلهنا ونطيع ربًّا | هو الرحمن كان بنا رؤوفًا (٥) |
(١) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٣٢٣، وينظر: "لسان العرب" ٣/ ١٥٣٥ (رأف)، "البحر المحيط" ١/ ٤٢٦.
(٢) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٣٢٣، وينظر: "لسان العرب" ٣/ ١٥٣٥ (رأف). وينظر في بيان معاني الرؤوف: "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص ٨٦.
(٣) قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وشعبة عن عاصم: (رؤف)، بهمزة من غير واو. وقرأ الباقون بواو بعد الهمزة. ينظر "السبعة" ص ١٧١، "النشر" ٢/ ٢٢٣.
(٤) في (أ)، (م): (على وزن رعف الوزن).
(٥) البيت لكعب بن مالك الأنصاري في "ديوانه" ص ٢٣٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٠ وروايته: نطيع رسولنا، "لسان العرب" ٣/ ١٥٣٥ "رأف"، وروايته: نطيع ربنا، "تاج العروس" ١٢/ ٢٢١ (رجف).
(٦) هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط، واسم أبي معيط أبان بن عمرو، أسلم يوم فتح =
(٢) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٣٢٣، وينظر: "لسان العرب" ٣/ ١٥٣٥ (رأف). وينظر في بيان معاني الرؤوف: "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص ٨٦.
(٣) قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وشعبة عن عاصم: (رؤف)، بهمزة من غير واو. وقرأ الباقون بواو بعد الهمزة. ينظر "السبعة" ص ١٧١، "النشر" ٢/ ٢٢٣.
(٤) في (أ)، (م): (على وزن رعف الوزن).
(٥) البيت لكعب بن مالك الأنصاري في "ديوانه" ص ٢٣٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٠ وروايته: نطيع رسولنا، "لسان العرب" ٣/ ١٥٣٥ "رأف"، وروايته: نطيع ربنا، "تاج العروس" ١٢/ ٢٢١ (رجف).
(٦) هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط، واسم أبي معيط أبان بن عمرو، أسلم يوم فتح =
384
| وشرُّ الطالبين (١) فلا تَكُنْه | يقاتل عمَّه الرؤوفَ الرحيما (٢) |
| ترى للمسلمين عليك حقًّا | كفعل الوالد (٣) الرؤوف الرحيم (٤) (٥) |
قال ابن عباس: لأنها كانت قبلة أبيه إبراهيم (٦).
وقال مجاهد (٧) ومقاتل (٨) وابن زيد (٩): لأنه كره موافقة اليهود (١٠).
= مكة، كان من الشعراء المطبوعين، قال الأصمعي كان شاعرًا كريمًا، توفي بالرقة. ينظر: "أسد الغابة" ٥/ ٤٥١، "الإصابة" ٣/ ٦٣٧.
(١) في (أ)، (م): (للطالبين).
(٢) البيت للوليد في "الحجة" لأبي علي ٢/ ٢٣٠، ابن عطية في "تفسيره" ٢/ ١٢، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٥، "البحر المحيط" ١/ ٦٠١، "أنساب الأشراف" ص ١٤٠، "تاريخ الطبري" ٥/ ٢٣٦. وورد البيت في بعض المصادر هكذا:
(٣) في (ش): (الوليد).
(٤) البيت لجرير في "ديوانه" ص ٤١٢، "الخزانة" ٤/ ٢٢٢، "الكامل" للمبرد ٢/ ١٣٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤١، "البحر المحيط" ١/ ٦٠١.
(٥) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٢٢٩ - ٢٣٠.
(٦) رواه عنه الطبري ٢/ ٢٠، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥٣، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٤٢.
(٧) رواه عنه الطبري ٢/ ٢٠، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٤٢، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ٢٦٩ إلى عبد بن حميد.
(٨) ذكره الثعلبي ١/ ١٢٤٢، والحيري في "الكفاية" ١/ ٨٠.
(٩) رواه عنه الطبري ٢/ ٢٠، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٤٢.
(١٠) وثم قول ثالث روي عن السدي، وهو ليتألف العرب لمحبتها في الكعبة. ينظر "البحر المحيط" ١/ ٤٢٨.
(١) في (أ)، (م): (للطالبين).
(٢) البيت للوليد في "الحجة" لأبي علي ٢/ ٢٣٠، ابن عطية في "تفسيره" ٢/ ١٢، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٥، "البحر المحيط" ١/ ٦٠١، "أنساب الأشراف" ص ١٤٠، "تاريخ الطبري" ٥/ ٢٣٦. وورد البيت في بعض المصادر هكذا:
| وشر الظالمين للظالمين فلا تكنه | يقابل عمه الرؤف الرحيمُ |
(٤) البيت لجرير في "ديوانه" ص ٤١٢، "الخزانة" ٤/ ٢٢٢، "الكامل" للمبرد ٢/ ١٣٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤١، "البحر المحيط" ١/ ٦٠١.
(٥) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٢٢٩ - ٢٣٠.
(٦) رواه عنه الطبري ٢/ ٢٠، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥٣، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٤٢.
(٧) رواه عنه الطبري ٢/ ٢٠، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٤٢، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ٢٦٩ إلى عبد بن حميد.
(٨) ذكره الثعلبي ١/ ١٢٤٢، والحيري في "الكفاية" ١/ ٨٠.
(٩) رواه عنه الطبري ٢/ ٢٠، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٤٢.
(١٠) وثم قول ثالث روي عن السدي، وهو ليتألف العرب لمحبتها في الكعبة. ينظر "البحر المحيط" ١/ ٤٢٨.
385
وقال عامة المفسرين: إن رسول الله - ﷺ - وأصحابه كانوا بمكة يصلّون إلى الكعبة، فلما هاجروا إلى المدينة أمره الله أن يصلي نحو صخرة بيت المقدس؛ ليكون أقرب إلى تصديق اليهود إياه إذا صلى إلى قبلتهم (١).
وقال ابن زيد: قال الله لنبيه - ﷺ -: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ فقال: هؤلاء اليهود يستقبلون بيتًا من بيوت الله، فلو استقبلناه، فاستقبله النبي - ﷺ - سبعة عشر شهرًا (٢).
ثم رأى أن الصلاة إلى الكعبة أدعى لقومه إلى الإسلام، فقال لجبريل: وددت (٣) أنّ الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها، فقال له جبريل: إنما أنا عبد مثلك، وأنت كريم على ربك، فادع ربك وسَلْه، ثم ارتفع جبريل، وجعل رسول الله يديم النظر إلى السماء؛ رَجَاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل ربه، فأنزل الله تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ (٤).
وقال ابن زيد: قال الله لنبيه - ﷺ -: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ فقال: هؤلاء اليهود يستقبلون بيتًا من بيوت الله، فلو استقبلناه، فاستقبله النبي - ﷺ - سبعة عشر شهرًا (٢).
ثم رأى أن الصلاة إلى الكعبة أدعى لقومه إلى الإسلام، فقال لجبريل: وددت (٣) أنّ الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها، فقال له جبريل: إنما أنا عبد مثلك، وأنت كريم على ربك، فادع ربك وسَلْه، ثم ارتفع جبريل، وجعل رسول الله يديم النظر إلى السماء؛ رَجَاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل ربه، فأنزل الله تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ (٤).
(١) عزاه لعامة المفسرين: الثعلبي ١/ ١٢٤١. وينظر: "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد برقم ٢١، "صحيح البخاري مع الفتح" ١/ ٩٥، ومسلم (٥٢٥) كتاب المساجد، باب: تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، "تفسير الطبري" ٢/ ٢٠، "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي ص ١٢٦، "تفسير البغوي" ١/ ١٦١، "التفسير الكبير" ٣/ ١٠٩، "تفسير الخازن" ١/ ١٢٠، "العجاب" لابن حجر ١/ ٣٩٦.
(٢) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٠ بلفظ: ستة عشر شهرًا، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٤٢، ويوحي صنيع الواحدي أن ما بعده تبع له، وليس الأمر كذلك.
(٣) في (م): (وودت).
(٤) كذا في "تفسير مقاتل" ١/ ١٤٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٣، "تفسير البغوي"، عن مجاهد ١/ ١٦١، "العجاب" لابن حجر ١/ ٣٩٥، وقال في "الدر المنثور" ١/ ٢٦٩: أخرجه أبو داود في "ناسخه" عن أبي العالية. وذكره الواحدي ص ٤٦، =
(٢) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٠ بلفظ: ستة عشر شهرًا، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٤٢، ويوحي صنيع الواحدي أن ما بعده تبع له، وليس الأمر كذلك.
(٣) في (م): (وودت).
(٤) كذا في "تفسير مقاتل" ١/ ١٤٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٣، "تفسير البغوي"، عن مجاهد ١/ ١٦١، "العجاب" لابن حجر ١/ ٣٩٥، وقال في "الدر المنثور" ١/ ٢٦٩: أخرجه أبو داود في "ناسخه" عن أبي العالية. وذكره الواحدي ص ٤٦، =
386
قال أصحاب المعاني: أراد: تَقَلُّبَ عينيك، فذكرهما بلفظ الوجه، كما ذكر الأعين بلفظ الوجوه في قوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢ - ٢٣]، وذلك أنّ ما تقع به المواجهة يسمّى وجهًا، كاللحية قد يطلق عليها اسم الوجه. ويجوز أن يريد نفس الوجه؛ لأنه كما يقلب عينيه في السماء يقلب وجهه (١).
وقوله تعالى: ﴿فِي السَّمَاءِ﴾ أي: في النظر إلى السماء.
وقوله تعالى: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً﴾ يقال، وَلَّيْتُكَ القبلة،: إذا صيرتَه يستقبلها (٢) بوجهه، وليس في (فعلت) منه هذا المعنى؛ لأنك إذا قلت: وَلِيتُ الحائط، ووليت الجدران، لم يكن في قولك دلالة على أنك واجهته. فَفَعَّلت من هذه الكلمة ليس بمنقول من (فَعَلت) الذي هو وَلِيتُ، فيكون على حد قولك: فَرِحَ وفرّحْتُه، ولكن المعنى الذي هو المواجهة عارض (٣) في فَعّلت، ولم يكن في (فَعَلْت)، وإذا كان كذلك كان فيه دلالة على أن النقل لم يكن من فَعَلت، كما كان قولهم: ألقيتُ متاعَك بعضه على بعض، لم يكن النقل فيه (٤) من: لقي متاعك بعضه بعضًا، ولكن
وقوله تعالى: ﴿فِي السَّمَاءِ﴾ أي: في النظر إلى السماء.
وقوله تعالى: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً﴾ يقال، وَلَّيْتُكَ القبلة،: إذا صيرتَه يستقبلها (٢) بوجهه، وليس في (فعلت) منه هذا المعنى؛ لأنك إذا قلت: وَلِيتُ الحائط، ووليت الجدران، لم يكن في قولك دلالة على أنك واجهته. فَفَعَّلت من هذه الكلمة ليس بمنقول من (فَعَلت) الذي هو وَلِيتُ، فيكون على حد قولك: فَرِحَ وفرّحْتُه، ولكن المعنى الذي هو المواجهة عارض (٣) في فَعّلت، ولم يكن في (فَعَلْت)، وإذا كان كذلك كان فيه دلالة على أن النقل لم يكن من فَعَلت، كما كان قولهم: ألقيتُ متاعَك بعضه على بعض، لم يكن النقل فيه (٤) من: لقي متاعك بعضه بعضًا، ولكن
= عن ابن عباس من رواية الكلبي، وأخرج بعضه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٠، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص ١٥، من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس.
(١) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٣، "المحرر الوجيز" ٢/ ١٣، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٥، والوجه الثاني هو الذي ذكره الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٠.
(٢) في (م): (مستقبلها).
(٣) في (ش): كأنها (يمارض).
(٤) في (ش): (فيه دلالة).
(١) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٣، "المحرر الوجيز" ٢/ ١٣، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٥، والوجه الثاني هو الذي ذكره الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٠.
(٢) في (م): (مستقبلها).
(٣) في (ش): كأنها (يمارض).
(٤) في (ش): (فيه دلالة).
387
(ألقيت) كقولك: أسقطت، ولو كان منه زاد مفعول آخر في الكلام، ولم يحتج في تعديته إلى المفعول الثاني إلى حرف الجر في قولك: ألقيت متاعك بعضه على بعض، كما لم يحتج إليه في قولك: ضرب زيد عمرًا، وأضربته إياه، ونحو ذلك. فكذلك: وَلَّيْتُكَ قبلةً، من قولك: وَلِيتُ، كألقيت، من قولك: لَقِيتُ (١).
وقد جاءت هذه الكلمة مستعملة على خلاف المقابلة والمواجهة، وذلك نحو: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ﴾ [البقرة: ٨٣] ﴿وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى﴾ [يوسف: ٨٤] ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٦٤] ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ [عبس: ١] ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا﴾ [النجم: ٢٩]، فهذه مع (٢) دخول الزيادةِ الفِعْلَ. وفي غير الزيادة قوله: ﴿وَلَّى مُدْبِرًا﴾ [النمل: ١٠]، وقوله: ﴿ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾ [التوبة: ٢٥]، وقوله: ﴿مُدْبِرِينَ﴾ حال مؤكدة؛ لأن في ﴿وَلَّيْتُمْ﴾ دلالة على أنهم مدبرون، وهذا على نحوين: أما ما لحق التاءُ أولَّه، فإنه يجوز أن يكون من باب: تَحَوَّب (٣) وتأثم، إذا ترك الحُوب (٤) والإثم، فكذلك إذا ترك الجهة التي هي المقابلة. وأما الذي لا زيادة فيه، فيجوز أن تكون الكلمة استعملت على الشيء وعلى خلافه، كالحروف المروية في الأضداد، وقد روي في الأضداد: ولّى: إذا أقبل، وولّى: إذا أدبر (٥).
وقد جاءت هذه الكلمة مستعملة على خلاف المقابلة والمواجهة، وذلك نحو: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ﴾ [البقرة: ٨٣] ﴿وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى﴾ [يوسف: ٨٤] ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٦٤] ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ [عبس: ١] ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا﴾ [النجم: ٢٩]، فهذه مع (٢) دخول الزيادةِ الفِعْلَ. وفي غير الزيادة قوله: ﴿وَلَّى مُدْبِرًا﴾ [النمل: ١٠]، وقوله: ﴿ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾ [التوبة: ٢٥]، وقوله: ﴿مُدْبِرِينَ﴾ حال مؤكدة؛ لأن في ﴿وَلَّيْتُمْ﴾ دلالة على أنهم مدبرون، وهذا على نحوين: أما ما لحق التاءُ أولَّه، فإنه يجوز أن يكون من باب: تَحَوَّب (٣) وتأثم، إذا ترك الحُوب (٤) والإثم، فكذلك إذا ترك الجهة التي هي المقابلة. وأما الذي لا زيادة فيه، فيجوز أن تكون الكلمة استعملت على الشيء وعلى خلافه، كالحروف المروية في الأضداد، وقد روي في الأضداد: ولّى: إذا أقبل، وولّى: إذا أدبر (٥).
(١) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٢٣٠.
(٢) في (ش): فهذا (دخول).
(٣) في (أ)، (م): (تحرب).
(٤) في (أ)، (م): (الحرب).
(٥) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٢٣١ - ٢٣٢ بمعناه.
(٢) في (ش): فهذا (دخول).
(٣) في (أ)، (م): (تحرب).
(٤) في (أ)، (م): (الحرب).
(٥) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٢٣١ - ٢٣٢ بمعناه.
388
وقوله تعالى: ﴿تَرْضَاهَا﴾ أي: تحبها وتهواها (١)؛ لأن النبي - ﷺ - كان راضيًا بالقبلة الأولى، مطيعًا لله في حال صلاته إليها (٢)، ولكنه أحبّ أن (٣) تكون قبلته الكعبة، للمعاني التي ذكرنا (٤).
وقوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ﴾ أي: أقبل وجهك نحوه.
وقوله تعالى: ﴿شَطْرَ الْمَسْجِدِ﴾ أي: قصدَه ونحوَه، ومعنى الشطر: النحو عند أهل اللغة، يقولون: وَلِّ وجْهَك نحوَ الموضع، وشطرَه، وتلِقَاءه بمعنًى.
قال الشاعر:
وقال آخر:
وقوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ﴾ أي: أقبل وجهك نحوه.
وقوله تعالى: ﴿شَطْرَ الْمَسْجِدِ﴾ أي: قصدَه ونحوَه، ومعنى الشطر: النحو عند أهل اللغة، يقولون: وَلِّ وجْهَك نحوَ الموضع، وشطرَه، وتلِقَاءه بمعنًى.
قال الشاعر:
| وأظعنُ بالقوم شَطْر الملوك | حتى إذا خَفَق المِجْدَحُ (٥) |
| أقول لأم زِنباعَ أقيمي | صُدورَ العِيس شَطْرَ بني تميمِ (٦) |
(١) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٣.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٢.
(٣) أن ساقطة من (م).
(٤) تقدمت في أول الآية.
(٥) البيت لدرهم بن زيد الأنصاري، في "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٤، "مجمل اللغة" ١/ ١٨٠، "الكشاف" ١/ ٢٠١، "أساس البلاغة" ٢/ ٧٢، "تاج العروس" ٤/ ٢٢ (جرح)، "لسان العرب" ١/ ٥٥٩، ٢/ ١٢١٤. والمجدح: نجم من النجوم كانت العرب تزعم أنها تمطر به، كقولهم الأنواء. وجواب إذا خفق المجدح، في البيت الذي بعده وهو قوله:
(٦) البيت لأبي زنباع الجذامي، في "الدرر" ٣/ ٩٠، "لسان العرب" ٤/ ٢٢٦٣ "شطر"، ولأبي ذؤيب الهذلي في "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٣٦٣، وبلا نسبة في "شرح ديوان الحماسة" للمرزوقي ٢/ ٧٠٥.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٢.
(٣) أن ساقطة من (م).
(٤) تقدمت في أول الآية.
(٥) البيت لدرهم بن زيد الأنصاري، في "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٤، "مجمل اللغة" ١/ ١٨٠، "الكشاف" ١/ ٢٠١، "أساس البلاغة" ٢/ ٧٢، "تاج العروس" ٤/ ٢٢ (جرح)، "لسان العرب" ١/ ٥٥٩، ٢/ ١٢١٤. والمجدح: نجم من النجوم كانت العرب تزعم أنها تمطر به، كقولهم الأنواء. وجواب إذا خفق المجدح، في البيت الذي بعده وهو قوله:
| أمرت صحابي بأن ينزلوا | فناموا قليلًا وقد أصبحوا |
389
وقال سُدَيف:
قال أبو اسحاق: لا اختلاف بين أهل اللغة أن الشطر معناه: النحو. قال: وقول الناس: فلان شاطر، معناه: إنه قد أخذ في نحو غير الاستواء. قال: ونصب قوله: ﴿شَطْرَ الْمَسْجِدِ﴾ على الظرف (٢).
وقوله تعالى: ﴿اَلْحَرَامِ﴾ بمعنى المحرم، وأصله: من المنع، وسمِّيت تلك البقعة حرامًا لما منع فيها من أشياء لم تمنع في غيرها (٣)، ونذكر الكلام في الحرام والحرمات في موضع آخر. ﴿وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ﴾ في بر أو بحر (٤)، وذكرنا الكلام في حيث عند قوله: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: ١٩٩].
﴿فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ فيه إضمار واختصار، أي: وحيثما كنتم، وأردتم الصلاة، فولّوا وجوهكم شطره.
قال المفسرون: إن أول ما نسخ من أمور الشرع أمر القبلة (٥). وهذه
| أقِمْ قصدَ وجهك شطرَ العراق | وخالَ الخليفة فاستَمْطِرِ (١) |
وقوله تعالى: ﴿اَلْحَرَامِ﴾ بمعنى المحرم، وأصله: من المنع، وسمِّيت تلك البقعة حرامًا لما منع فيها من أشياء لم تمنع في غيرها (٣)، ونذكر الكلام في الحرام والحرمات في موضع آخر. ﴿وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ﴾ في بر أو بحر (٤)، وذكرنا الكلام في حيث عند قوله: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: ١٩٩].
﴿فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ فيه إضمار واختصار، أي: وحيثما كنتم، وأردتم الصلاة، فولّوا وجوهكم شطره.
قال المفسرون: إن أول ما نسخ من أمور الشرع أمر القبلة (٥). وهذه
(١) البيت بلا نسبة في "جمهرة اللغة" ٢/ ٧٢٨.
(٢) بتصرف من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٢، ونقل الإجماع على النحو ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٥٦، وينظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٢٢٠ - ٢٢١، "التبيان" للعكبري ص ٩٩. وينظر في معاني الشطر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٠ - ٢١، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ص ٦٠، "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٦٤، "المفردات" ص ٢٦٤، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٦.
(٣) ينظر: "لسان العرب" ٢/ ٨٤٧ - ٨٤٨.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٤.
(٥) قاله ابن عباس كما رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٥٣ عنه، ورواه أبو داود في ناسخه كما في "الدر المنثور" ١/ ٢٦٩، ورواه الطبري عن الحسن وعكرمة ٢/ ٤، وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤١.
(٢) بتصرف من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٢، ونقل الإجماع على النحو ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٥٦، وينظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٢٢٠ - ٢٢١، "التبيان" للعكبري ص ٩٩. وينظر في معاني الشطر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٠ - ٢١، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ص ٦٠، "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٦٤، "المفردات" ص ٢٦٤، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٦.
(٣) ينظر: "لسان العرب" ٢/ ٨٤٧ - ٨٤٨.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٤.
(٥) قاله ابن عباس كما رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٥٣ عنه، ورواه أبو داود في ناسخه كما في "الدر المنثور" ١/ ٢٦٩، ورواه الطبري عن الحسن وعكرمة ٢/ ٤، وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤١.
390
الآية نزلت ورسول الله - ﷺ - في مسجد بني سلمة، وقد صلّى بأصحابه (١) ركعتين من صلاة الظهر، فتحول في الصلاة نحو الكعبة، وحول الرجالَ مكانَ النساء، والنساءَ مكانَ الرجال، فسمي ذلك مسجد القبلتين (٢). فلما حولت القبلة إلى الكعبة قالت اليهود: يا محمد، ما أُمرت بهذا، وإنما هو شيء تبتدعه من تلقاء نفسك! فأنزل الله سبحانه: ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ (٣)، والكناية في ﴿أَنَّهُ﴾ يجوز أن ترجع إلى المسجد الحرام، أي: إنهم عالمون أن المسجد الحرام قِبْلَة إبراهيم وأنه حق.
(١) في (م): (أصحابه).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٤٤ عن مجاهد وغيره، وينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٦٢، (الخازن) ١/ ١٢١.
(٣) ذكره مقاتل في "تفسيره" ١/ ١٤٦، وذكره هكذا الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٤٤، والبغوي ١/ ١٦٢، وأخرج الطبري ٢/ ٢٤ - ٢٥ نحوه عن السدي، وقد اختلفت الروايات كثيرًا في الوقت والمكان والكيفية التي غيرت فيها القبلة، وقد ذكر جملة منها: السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ٢٦٧ - ٢٧٣.
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" ١/ ٥٠٣: اختلفت الرواية في الصلاة التي تحولت القبلة عندها، وكذا في المسجد، فظاهر حديث البراء هذا أنها الظهر، وذكر محمد بن سعد في "الطبقات" قال: يقال: إنه صلى ركعتين من الظهر في مسجده بالمسلمين، ثم أمر أن يتوجه إلى المسجد الحرام، فاستدار إليه، ودار معه المسلمون، ويقال: زار النبي - ﷺ - أم بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة، فصنعت له طعامًا، وحانت الظهر، فصلى رسول الله - ﷺ - بأصحابه ركعتين، ثم أمر فاستدار إلى الكعبة، واستقبل الميزاب، فسمي مسجد القبلتين. قال ابن سعد: قال الواقدي: هذا أثبت عندنا. وذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٥٧، خلاف العلماء في وقت تحويل القبلة فلينظر.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٤٤ عن مجاهد وغيره، وينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٦٢، (الخازن) ١/ ١٢١.
(٣) ذكره مقاتل في "تفسيره" ١/ ١٤٦، وذكره هكذا الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٤٤، والبغوي ١/ ١٦٢، وأخرج الطبري ٢/ ٢٤ - ٢٥ نحوه عن السدي، وقد اختلفت الروايات كثيرًا في الوقت والمكان والكيفية التي غيرت فيها القبلة، وقد ذكر جملة منها: السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ٢٦٧ - ٢٧٣.
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" ١/ ٥٠٣: اختلفت الرواية في الصلاة التي تحولت القبلة عندها، وكذا في المسجد، فظاهر حديث البراء هذا أنها الظهر، وذكر محمد بن سعد في "الطبقات" قال: يقال: إنه صلى ركعتين من الظهر في مسجده بالمسلمين، ثم أمر أن يتوجه إلى المسجد الحرام، فاستدار إليه، ودار معه المسلمون، ويقال: زار النبي - ﷺ - أم بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة، فصنعت له طعامًا، وحانت الظهر، فصلى رسول الله - ﷺ - بأصحابه ركعتين، ثم أمر فاستدار إلى الكعبة، واستقبل الميزاب، فسمي مسجد القبلتين. قال ابن سعد: قال الواقدي: هذا أثبت عندنا. وذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٥٧، خلاف العلماء في وقت تحويل القبلة فلينظر.
391
ويجوز أن تعود الكناية إلى التولية (١)، لأن قوله: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ﴾ دل على المصدر، كما أن قوله: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾ [آل عمران: ١٨٠] دل على البخل، فكنى عنه بقوله: ﴿هُوَ خَيْرًا لَهُمْ﴾. والتولية وإن كان في لفظ المؤنث فهو مصدر، وحكى ابن الأنباري: أن أبا عمرو الدوري روى عن الكسائي: أن الهاء تعود على الشطر (٢)، والمعنى عنده: لَيَعْلَمُون أن شطره الذي تحولتم إليه هو الحق من ربهم (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ قال ابن عباس: يريد أنكم يا معشر المؤمنين تطلبون مرضاتي، وما أنا بغافل عن ثوابكم وجزائكم. وإن اليهود يطلبون سخطي، وما أنا بغافل عن خِزْيِهم في الدنيا والآخرة (٤)،
١٤٥ - وقوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ الآية، معنى (لئن): ما تستقبل، ومعنى (لو): ماض، وحقيقة معنى (لو): أنها يمتنع بها الشيء لامتناع غيره، تقول: لو جئتني لأكرمتك، أي: لم تجئني، فلم أكرمك، فإنما امتنع إكرامي لامتناع مجيئك (٥). ومعنى إن ﴿وَلَئِنْ﴾: أنه يقع بهما الشيء لوقوع غيره، تقول: إن تأتني أكرمْك، فالإكرام يقع بوقوع
وقوله تعالى: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ قال ابن عباس: يريد أنكم يا معشر المؤمنين تطلبون مرضاتي، وما أنا بغافل عن ثوابكم وجزائكم. وإن اليهود يطلبون سخطي، وما أنا بغافل عن خِزْيِهم في الدنيا والآخرة (٤)،
١٤٥ - وقوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ الآية، معنى (لئن): ما تستقبل، ومعنى (لو): ماض، وحقيقة معنى (لو): أنها يمتنع بها الشيء لامتناع غيره، تقول: لو جئتني لأكرمتك، أي: لم تجئني، فلم أكرمك، فإنما امتنع إكرامي لامتناع مجيئك (٥). ومعنى إن ﴿وَلَئِنْ﴾: أنه يقع بهما الشيء لوقوع غيره، تقول: إن تأتني أكرمْك، فالإكرام يقع بوقوع
(١) وهذا اختيار الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٣، وينظر: "زاد المسير" ١/ ١٥٦ - ١٥٧، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٧.
(٢) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٣٠.
(٣) ينظر في الأقوال: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٣، "زاد المسير" ١/ ١٥٧، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٠، "الدر المنثور" ١/ ٢٦٧ - ٢٦٩.
(٤) ذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ١٦٣.
(٥) بمعناه من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٤، وينظر: "الكتاب" لسيبويه ٤/ ٢٢٤، "المقتضب" للمبرد ٣/ ٧٥.
(٢) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٣٠.
(٣) ينظر في الأقوال: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٣، "زاد المسير" ١/ ١٥٧، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٠، "الدر المنثور" ١/ ٢٦٧ - ٢٦٩.
(٤) ذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ١٦٣.
(٥) بمعناه من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٤، وينظر: "الكتاب" لسيبويه ٤/ ٢٢٤، "المقتضب" للمبرد ٣/ ٧٥.
392
الإتيان (١).
فقولهم: (لئن) تستعمل فيما يستقبل، وجوابها يقع بالمستقبل، و (لو) تستعمل في الماضي، وجوابها يقع بالماضي، كقولك: لئن قمتَ لأقومنّ، ولو قمتَ قمتُ، هذا معنى الكلمتين ووضعهما في الأصل.
ثم إنّ العرب لما استجازت في الفعل المستقبل والماضي أن يقوم أحدهما مقام الآخر، استجازت تقريب إحدى هاتين الكلمتين من الأخرى في الجواب؛ لذلك أجيبت لئن بجواب لو في هذه الآية (٢). ومثل هذا من تقريب إحداهما من الأخرى في التنزيل قوله: ﴿وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا﴾ [الروم: ٥١]، أجيب (لئن) بجواب (لو). وأجيبت (لو) بجواب (لئن) في قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ﴾ [البقرة: ١٠٣] فقوله: ﴿لَمَثُوبَةٌ﴾ ميعاد للثواب في المستقبل، ومثل هذا يكون جوابًا لقولك: لئن. وهذا معنى قول الفراء؛ لأنه قال؛ أجيبت لئن بجواب لو؛ لأن الماضي وليها، كما يلي لو، فأجيبت بجواب لو، ودخلت كل واحدة منهما على أختها، وشبهت كل واحدة بصاحبتها (٣).
فقولهم: (لئن) تستعمل فيما يستقبل، وجوابها يقع بالمستقبل، و (لو) تستعمل في الماضي، وجوابها يقع بالماضي، كقولك: لئن قمتَ لأقومنّ، ولو قمتَ قمتُ، هذا معنى الكلمتين ووضعهما في الأصل.
ثم إنّ العرب لما استجازت في الفعل المستقبل والماضي أن يقوم أحدهما مقام الآخر، استجازت تقريب إحدى هاتين الكلمتين من الأخرى في الجواب؛ لذلك أجيبت لئن بجواب لو في هذه الآية (٢). ومثل هذا من تقريب إحداهما من الأخرى في التنزيل قوله: ﴿وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا﴾ [الروم: ٥١]، أجيب (لئن) بجواب (لو). وأجيبت (لو) بجواب (لئن) في قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ﴾ [البقرة: ١٠٣] فقوله: ﴿لَمَثُوبَةٌ﴾ ميعاد للثواب في المستقبل، ومثل هذا يكون جوابًا لقولك: لئن. وهذا معنى قول الفراء؛ لأنه قال؛ أجيبت لئن بجواب لو؛ لأن الماضي وليها، كما يلي لو، فأجيبت بجواب لو، ودخلت كل واحدة منهما على أختها، وشبهت كل واحدة بصاحبتها (٣).
(١) بمعناه من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٤، وينظر: "الكتاب" لسيبويه ٣/ ٧٧، و ١٠٧، و ١٠٨، "المقتضب" للمبرد ٢/ ٤٦ - ٤٧، و ٣٦٢.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٣.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٤، واختاره الطبري ٢/ ٢٤، ورده الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢٢٤، وينظر: "التبيان" للعكبري ص ٩٩، وقال متعقبا رأي الفراء: وهو بعيد، لأن إن للمستقبل، ولو للماضي. وقال أبو حيان، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٠: اللام في (ولئن) هي التي تؤذن بقسم محذوف متقدم، فقد اجتمع القسم المتقدم المحذوف والشرط متأخر عنه، فالجواب للقسم، وهو قوله: (ما تبعوا)؛ ولذلك لم تدخله الماء، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه، وهو =
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٣.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٤، واختاره الطبري ٢/ ٢٤، ورده الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢٢٤، وينظر: "التبيان" للعكبري ص ٩٩، وقال متعقبا رأي الفراء: وهو بعيد، لأن إن للمستقبل، ولو للماضي. وقال أبو حيان، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٠: اللام في (ولئن) هي التي تؤذن بقسم محذوف متقدم، فقد اجتمع القسم المتقدم المحذوف والشرط متأخر عنه، فالجواب للقسم، وهو قوله: (ما تبعوا)؛ ولذلك لم تدخله الماء، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه، وهو =
393
فأما التفسير: فإن اليهود والنصارى طلبوا من النبي - ﷺ - الآيات، فأنزل الله هذه الآية، وقد علم أهل الكتابين أن محمدًا حقّ، وصفته ونبوته في كتابهم، ولكنهم جحدوا مع تحقق علمهم، وما تغني الآيات عند من يجحد ما يعرف (١)؛ لذلك قال -عز من قائل-: ﴿مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾.
فإن قيل: كيف قال هذا، وقد آمن منهم كثير؟
قيل: هذا إخبار عن جميعهم أنهم كلهم لا يفعلون (٢) ذلك (٣).
وقيل: إنه أراد الفريق الذين هم أهل العناد، وهم الذين عناهم بقوله: ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾ حسم بهذا إطماع اليهود في رجوعه - ﷺ - إلى قبلتهم، لأنهم كانوا يطمعون. وأكّد بهذا أنه لا ينسخ التوجه
فإن قيل: كيف قال هذا، وقد آمن منهم كثير؟
قيل: هذا إخبار عن جميعهم أنهم كلهم لا يفعلون (٢) ذلك (٣).
وقيل: إنه أراد الفريق الذين هم أهل العناد، وهم الذين عناهم بقوله: ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾ حسم بهذا إطماع اليهود في رجوعه - ﷺ - إلى قبلتهم، لأنهم كانوا يطمعون. وأكّد بهذا أنه لا ينسخ التوجه
= منفي بما، ماضي الفعل، مستقبل المعنى. ثم رد مذهب الفراء بقوله: وهذا الذي قاله الفراء هو بناء على مذهبه أن المقسم إذا تقدم على الشرط جاز أن يكون الجواب للشرط دون القسم، وليس هذا مذهب البصريين، بل الجواب يكون للقسم بشرطه المذكور في النحو، واستعمال (إن) بمعنى (لو) قليل، فلا ينبغي أن يحمل على ذلك، إذا ساغ إقرارها على وضع أصلها. وقال ابن عطية في: "المحرر الوجيز" ٢/ ١٧: وجاء جواب لئن كجواب لو، وهي ضدها في أن لو تطلب المضي والوقوع، وإن تطلب الاستقبال؛ لأنهما جميعاً يترتب قبلهما معنى القسم، فالجواب إنما هو للقسم، لا أن أحد الحرفين يقع موقع الآخر، هذا قول سيبويه.
(١) ينظر: "تفسير مقاتل" ١/ ١٤٧، "تفسير الطبري" ٢/ ٢٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٥، "الكفاية" ١/ ١٨، "تفسير البغوي" ١/ ١٦٣.
(٢) في (ش): (لا يعقلون).
(٣) ينظر: "المحرر الوجيز" ٢/ ١٧، "التفسير الكبير" ٤/ ١٢٥، ونسبه إلى الحسن.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٣١.
(١) ينظر: "تفسير مقاتل" ١/ ١٤٧، "تفسير الطبري" ٢/ ٢٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٥، "الكفاية" ١/ ١٨، "تفسير البغوي" ١/ ١٦٣.
(٢) في (ش): (لا يعقلون).
(٣) ينظر: "المحرر الوجيز" ٢/ ١٧، "التفسير الكبير" ٤/ ١٢٥، ونسبه إلى الحسن.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٣١.
394
إلى الكعبة (١)، وقيل في هذا: إنه لما قال: ﴿مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾ قال: ﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾ على المقابلة، كما تقول: ما هم بتاركي إنكار الحق، وما أنت بتارك الاعتراف به، ويكون الذي جرّ الكلام الثاني التقابل للكلام الأول، وهو حسن من كلام البلغاء (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ﴾ أخبر أنهم وإن اتفقوا في الظاهر على النبي - ﷺ - مختلفون فيما بينهم. فاليهود تستقبل بيت المقدس، والنصارى تستقبل المشرق. واليهود لا تتبع قبلة النصارى، ولا النصارى تتبع قبلة اليهود (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ أي: صليت إلى قبلتهم ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ أن قبلة الله الكعبة ﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ أي: إنك إذن مثلهم (٤)، وأجيبت (لئن) ها هنا بجواب مثلها؛ لأنه أراد فيما يستقبل من الزمان.
وذكر أهل التأويل في قوله: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ وجهين:
أحدهما: أن الخطاب له - ﷺ - في الظاهر وهو في المعنى لأمته، كما قال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [الطلاق: ١].
والثاني: أن الله تعالى خاطب نبيه -عليه السلام- بهذا مهددًا أمته، أي: إذا استحققت منا مثل ذا الجزاء عند مخالفة، لو وقعت منك، ولن تقع أبدًا
وقوله تعالى: ﴿وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ﴾ أخبر أنهم وإن اتفقوا في الظاهر على النبي - ﷺ - مختلفون فيما بينهم. فاليهود تستقبل بيت المقدس، والنصارى تستقبل المشرق. واليهود لا تتبع قبلة النصارى، ولا النصارى تتبع قبلة اليهود (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ أي: صليت إلى قبلتهم ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ أن قبلة الله الكعبة ﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ أي: إنك إذن مثلهم (٤)، وأجيبت (لئن) ها هنا بجواب مثلها؛ لأنه أراد فيما يستقبل من الزمان.
وذكر أهل التأويل في قوله: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ وجهين:
أحدهما: أن الخطاب له - ﷺ - في الظاهر وهو في المعنى لأمته، كما قال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [الطلاق: ١].
والثاني: أن الله تعالى خاطب نبيه -عليه السلام- بهذا مهددًا أمته، أي: إذا استحققت منا مثل ذا الجزاء عند مخالفة، لو وقعت منك، ولن تقع أبدًا
(١) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٤، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٢.
(٢) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٣٢.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٤، ٢٥ والثعلبي ١/ ١٢٤٦، "التفسير الكبير" ٤/ ١٢٦، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٢، " المحرر الوجيز" ٢/ ١٧ - ١٨.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٦.
(٢) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٣٢.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٤، ٢٥ والثعلبي ١/ ١٢٤٦، "التفسير الكبير" ٤/ ١٢٦، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٢، " المحرر الوجيز" ٢/ ١٧ - ١٨.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٦.
395
كانوا هم أجدر وأخلق، بتكاثف الأوزار، واجتماع الآثام، عند ما يظهر منهم من إيثار الضلال والانحراف عن الحق.
وذكر وجه ثالث: وهو أن معنى ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ أي: في المداراة معهم حرصًا على إيمانهم ﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ لنفسك، إذ قد أعلمتك أنهم لا يؤمنون (١).
وذكرنا الكلام في معنى (إذن) عند قوله: ﴿فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا﴾ [النساء: ٥٣].
١٤٦ - قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ﴾ الآية، الكناية في ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ تعود إلى محمد - ﷺ - عند أكثر المفسرين (٢). وكنى عن محمد، وقد تقدم ذكره في الخطاب؛ على عادة العرب في تلوين الخطاب.
ويشهد بصحة (٣) هذا التأويل: ما روي أن عبد الله بن سلام قال لما نزلت هذه الآية، وسئل عن معرفته محمدًا - ﷺ -، فقال: والله لأنا بمحمد وصحة نبوته أعرف مني بابني؛ لأني لا أشك في أمره، ولا أدري ما أحدث النساء (٤).
وذكر وجه ثالث: وهو أن معنى ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ أي: في المداراة معهم حرصًا على إيمانهم ﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ لنفسك، إذ قد أعلمتك أنهم لا يؤمنون (١).
وذكرنا الكلام في معنى (إذن) عند قوله: ﴿فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا﴾ [النساء: ٥٣].
١٤٦ - قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ﴾ الآية، الكناية في ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ تعود إلى محمد - ﷺ - عند أكثر المفسرين (٢). وكنى عن محمد، وقد تقدم ذكره في الخطاب؛ على عادة العرب في تلوين الخطاب.
ويشهد بصحة (٣) هذا التأويل: ما روي أن عبد الله بن سلام قال لما نزلت هذه الآية، وسئل عن معرفته محمدًا - ﷺ -، فقال: والله لأنا بمحمد وصحة نبوته أعرف مني بابني؛ لأني لا أشك في أمره، ولا أدري ما أحدث النساء (٤).
(١) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٤، "المحرر الوجيز" ٢/ ١٨ - ١٩.
(٢) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٦، وعزاه في "المحرر الوجيز" ٢/ ٢١ إلى قتاده ومجاهد، وعزاه في: "زاد المسير" ١/ ١٥٨ إلى ابن عباس، ولم يذكر ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٢٠٧ غيره، وقال في "البحر المحيط" ١/ ٤٣٥: "واختاره الزجاج ورجحه التبريزي، وبدأ به الزمخشري" وهو الذي رجحه أبو حيان.
(٣) في (م): (على صحة).
(٤) أخرجه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٤٦، من حديث ابن عباس، وفيه الكلبي، وينظر "الفتح السماوي" ١/ ١٩٥، "الوسيط" للواحدي ١/ ٢١٥، وذكره السمرقندي في "بحر العلوم" ١/ ١٦٦، والحيري في "الكفاية" ١/ ٨٢، =
(٢) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٦، وعزاه في "المحرر الوجيز" ٢/ ٢١ إلى قتاده ومجاهد، وعزاه في: "زاد المسير" ١/ ١٥٨ إلى ابن عباس، ولم يذكر ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٢٠٧ غيره، وقال في "البحر المحيط" ١/ ٤٣٥: "واختاره الزجاج ورجحه التبريزي، وبدأ به الزمخشري" وهو الذي رجحه أبو حيان.
(٣) في (م): (على صحة).
(٤) أخرجه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٤٦، من حديث ابن عباس، وفيه الكلبي، وينظر "الفتح السماوي" ١/ ١٩٥، "الوسيط" للواحدي ١/ ٢١٥، وذكره السمرقندي في "بحر العلوم" ١/ ١٦٦، والحيري في "الكفاية" ١/ ٨٢، =
396
وقال قتادة (١) والربيع (٢) وابن زيد (٣): معناه: يعرفون أن أمر القبلة حق (٤)
وقوله تعالى: ﴿لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ﴾ قال ابن عباس: يعني النبي - ﷺ - وصفته في التوراة (٥)، وقال قتادة (٦) والربيع (٧): يريد به: القبلة، والمسجد، والبيت، وأمر الكعبة (٨).
وقوله تعالى: ﴿لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ﴾ قال ابن عباس: يعني النبي - ﷺ - وصفته في التوراة (٥)، وقال قتادة (٦) والربيع (٧): يريد به: القبلة، والمسجد، والبيت، وأمر الكعبة (٨).
= والسمعاني في "تفسيره" ٢/ ٩٢، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٧، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٦٤، وأورده القرطبي في "تفسيره" بصيغة التمريض ٢/ ١٤٩. وعزاه ابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٩٩ إلى يحيى بن سلام.
(١) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٥، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٥٥.
(٢) رواه عنه الطبري ٢/ ٢٦، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٥٥، وروي عنه ما يوافق القول الأول، أخرجه عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" ١/ ٢٧١.
(٣) رواه عنه الطبري في ٢/ ٢٦.
(٤) وهذا اختيار الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٦، ورواه أيضا عن ابن عباس والسدي، كما رواه ابن أبي حاتم عنهما في "تفسيره" ١/ ٢٥٥، وينظر: "زاد المسير" ١/ ١٥٨، قال الحافظ ابن حجر في "العجاب" ١/ ٤٠٠: وحاصله أن الضمير في قوله: (يعرفونه) للنبي - ﷺ -، وهو في آية الأنعام بعيد، وأما في آية البقرة فمحتمل، وقد جاء أن الضمير للبيت الحرام، كذا قال مقاتل بن سليمان.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٤٧، ولم ينسبه لأحد، ورواه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٦ - ٢٧، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥٦ عن مجاهد، كما رواه ابن جرير ٢/ ٢٧، عن قتادة وخصيف بن عبد الرحمن.
(٦) روى الطبري في "تفسيره" عن قتادة ٢/ ٢٧ ما يوافق القول الأول.
(٧) رواه عنه الطبري ٢/ ٢٧، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥٦.
(٨) ينظر: "تفسير مقاتل" ١/ ١٤٨، وعزاه في "زاد المسير" ١/ ١٥٨ إلى السدي، وقد جمع الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٤٧ بين القولين.
(١) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٥، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٥٥.
(٢) رواه عنه الطبري ٢/ ٢٦، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٢٥٥، وروي عنه ما يوافق القول الأول، أخرجه عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" ١/ ٢٧١.
(٣) رواه عنه الطبري في ٢/ ٢٦.
(٤) وهذا اختيار الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٦، ورواه أيضا عن ابن عباس والسدي، كما رواه ابن أبي حاتم عنهما في "تفسيره" ١/ ٢٥٥، وينظر: "زاد المسير" ١/ ١٥٨، قال الحافظ ابن حجر في "العجاب" ١/ ٤٠٠: وحاصله أن الضمير في قوله: (يعرفونه) للنبي - ﷺ -، وهو في آية الأنعام بعيد، وأما في آية البقرة فمحتمل، وقد جاء أن الضمير للبيت الحرام، كذا قال مقاتل بن سليمان.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٤٧، ولم ينسبه لأحد، ورواه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٦ - ٢٧، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥٦ عن مجاهد، كما رواه ابن جرير ٢/ ٢٧، عن قتادة وخصيف بن عبد الرحمن.
(٦) روى الطبري في "تفسيره" عن قتادة ٢/ ٢٧ ما يوافق القول الأول.
(٧) رواه عنه الطبري ٢/ ٢٧، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥٦.
(٨) ينظر: "تفسير مقاتل" ١/ ١٤٨، وعزاه في "زاد المسير" ١/ ١٥٨ إلى السدي، وقد جمع الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٤٧ بين القولين.
397
وقوله تعالى: ﴿وَهُمْ يعَلَمُونَ﴾ لأن الله بيّن ذلك في كتابهم.
١٤٧ - ثم قال: ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ أي: هذا الحق من ربك (١). وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ لفظ خاص، ومعناه العموم، والخطاب للنبي - ﷺ -، والمراد غيره (٢).
والمعنى: فلا تكونن من الممترين في الجملة التي أخبرتك من أمر القبلة، وعناد من كتم النبوة، وامتناعهم من الإيمان بك (٣)، والمِرْيَة: الشك، ومنه: الامتراء والتماري (٤).
١٤٨ - قوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ﴾ مختصر، أراد: ولكل أهل دين وِجهة (٥). والوِجهة: اسم للمتوجَّه إليه. وقيل: الوجهة: الجهة.
قال الفراء: تقول العرب: هذا أمر ليس له وِجْهَةٌ، وليس له وَجْه (٦). قال: وسمعت العرب تقول (٧): وجِّه الحجر، وجِهةٌ مَّا لَه، وَوِجهةٌ مَّا لَه، ووَجهةٌ مَّا لَه (٨)، وجِهة مَّا له، ووَجْه ما له، معناه: ضعه غير هذه
١٤٧ - ثم قال: ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ أي: هذا الحق من ربك (١). وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ لفظ خاص، ومعناه العموم، والخطاب للنبي - ﷺ -، والمراد غيره (٢).
والمعنى: فلا تكونن من الممترين في الجملة التي أخبرتك من أمر القبلة، وعناد من كتم النبوة، وامتناعهم من الإيمان بك (٣)، والمِرْيَة: الشك، ومنه: الامتراء والتماري (٤).
١٤٨ - قوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ﴾ مختصر، أراد: ولكل أهل دين وِجهة (٥). والوِجهة: اسم للمتوجَّه إليه. وقيل: الوجهة: الجهة.
قال الفراء: تقول العرب: هذا أمر ليس له وِجْهَةٌ، وليس له وَجْه (٦). قال: وسمعت العرب تقول (٧): وجِّه الحجر، وجِهةٌ مَّا لَه، وَوِجهةٌ مَّا لَه، ووَجهةٌ مَّا لَه (٨)، وجِهة مَّا له، ووَجْه ما له، معناه: ضعه غير هذه
(١) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٧.
(٢) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤، وقال: وكل ما ورد عليك من هذا النحو فهو سبيله.
(٣) ينظر: "المحرر الوجيز" ٢/ ٢١، ٢٢، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٩ - ١٥٠.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٧، "زاد المسير" ١/ ١٥٨، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٥٠، وقال الراغب في "المفردات" ص ٤٦٩: المرية: التردد في الأمر، وهو أخصمن الشك، والامتراء والمماراة: المحاجة فيما فيه مرية.
(٥) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٨.
(٦) في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩٠ زيادة: وليس له جهة.
(٧) سقطت من (م).
(٨) في "معاني القرآن" ١/ ٩٠، وسمعتهم يقولون: وجه الحجر، جهةٌ ما له، ووجهة ما له، ووجهٌ ما له. وينظر: "اللسان" ٨/ ٤٧٧٥، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٤٢ "وجه".
(٢) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤، وقال: وكل ما ورد عليك من هذا النحو فهو سبيله.
(٣) ينظر: "المحرر الوجيز" ٢/ ٢١، ٢٢، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٩ - ١٥٠.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٧، "زاد المسير" ١/ ١٥٨، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٥٠، وقال الراغب في "المفردات" ص ٤٦٩: المرية: التردد في الأمر، وهو أخصمن الشك، والامتراء والمماراة: المحاجة فيما فيه مرية.
(٥) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٨.
(٦) في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩٠ زيادة: وليس له جهة.
(٧) سقطت من (م).
(٨) في "معاني القرآن" ١/ ٩٠، وسمعتهم يقولون: وجه الحجر، جهةٌ ما له، ووجهة ما له، ووجهٌ ما له. وينظر: "اللسان" ٨/ ٤٧٧٥، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٤٢ "وجه".
398
الوَضْعة، والضِّعة والضَّعَة (١). وأصله في البناء (٢)، يقولون: إذا رأيت الحجر في البناء لم يقع موقعه فأدِرْه، فإنه سيقع على جهته (٣).
قال أبو إسحاق: ومثله: وَضْعة وضِعَة وضَعَة (٤).
وقوله تعالى: ﴿هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ ذكرنا معنى التولية في قوله: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ﴾ [البقرة: ١٤٤]. وقوله: ﴿هُوَ﴾ (٥) ضمير اسم الله (٦) وقد حذف من الكلام أحد مفعولي الفعل الذي يتعدى إلى مفعولين وهو التولية، والتولية تقتضي (٧) مفعولين، كقوله: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً﴾ [البقرة: ١٤٤]. والتقدير هاهنا: الله موليها إياه، وإياه ضمير كل الموجَّه (٨) المولَّى، وتولية الله إياه إنما هي بأمره له بالتوجه إليها، أو بإرادته ذلك، هذا قول أبي علي (٩).
قال أبو إسحاق: ومثله: وَضْعة وضِعَة وضَعَة (٤).
وقوله تعالى: ﴿هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ ذكرنا معنى التولية في قوله: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ﴾ [البقرة: ١٤٤]. وقوله: ﴿هُوَ﴾ (٥) ضمير اسم الله (٦) وقد حذف من الكلام أحد مفعولي الفعل الذي يتعدى إلى مفعولين وهو التولية، والتولية تقتضي (٧) مفعولين، كقوله: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً﴾ [البقرة: ١٤٤]. والتقدير هاهنا: الله موليها إياه، وإياه ضمير كل الموجَّه (٨) المولَّى، وتولية الله إياه إنما هي بأمره له بالتوجه إليها، أو بإرادته ذلك، هذا قول أبي علي (٩).
(١) في (ش) لم يكرر: ما له. وليس فيها: والضعه والضعة.
(٢) في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩٠: ويقولون: ضعه غير هذه الوضعة، والضِّعة والضَّعة، ومعناه: وجِّه الحجر فله جهة، وهو مَثَلٌ.
(٣) من "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩٠ بتصرف، وينظر في معاني الكلمة: "المفردات" ص ٥٢٩، "اللسان" ٨/ ٤٧٧٦ (وجه).
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٥، ونصه: وكذلك يقال: ضَعَةٌ، ووَضْعة، وضِعَة.
(٥) قال ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٥٩: وفي هو ثلاثة أقوال: أحدها: أنها ترجع إلى الله تعالى، فالمعنى: الله موليها إياهم، أي: أمرهم بالتوجه إليها. والثاني: ترجع إلى المتولي، فالمعنى: هو موليها نفسه، فيكون هو ضمير كل. والثالث: يرجع إلى البيت، قاله مجاهد، أمر كل قوم أن يصلوا إلى الكعبة.
(٦) قوله: (اسم الله) سقطت من (ش).
(٧) قوله: (أحد مفعولي..) سقطت من (ش).
(٨) في (ش): (المؤخر).
(٩) ينظر: "الحجة" ٢/ ٢٣٩.
(٢) في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩٠: ويقولون: ضعه غير هذه الوضعة، والضِّعة والضَّعة، ومعناه: وجِّه الحجر فله جهة، وهو مَثَلٌ.
(٣) من "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩٠ بتصرف، وينظر في معاني الكلمة: "المفردات" ص ٥٢٩، "اللسان" ٨/ ٤٧٧٦ (وجه).
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٥، ونصه: وكذلك يقال: ضَعَةٌ، ووَضْعة، وضِعَة.
(٥) قال ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٥٩: وفي هو ثلاثة أقوال: أحدها: أنها ترجع إلى الله تعالى، فالمعنى: الله موليها إياهم، أي: أمرهم بالتوجه إليها. والثاني: ترجع إلى المتولي، فالمعنى: هو موليها نفسه، فيكون هو ضمير كل. والثالث: يرجع إلى البيت، قاله مجاهد، أمر كل قوم أن يصلوا إلى الكعبة.
(٦) قوله: (اسم الله) سقطت من (ش).
(٧) قوله: (أحد مفعولي..) سقطت من (ش).
(٨) في (ش): (المؤخر).
(٩) ينظر: "الحجة" ٢/ ٢٣٩.
399
وقال أبو إسحاق: قال أكثر أهل اللغة (١): هو ضمير لكل، المعنى: هو مولّيها وَجْهَة، وجاء قوله: ﴿هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ على لفظ كل، ولو قيل: هم (٢) مولّوها على المعنى كما قال: ﴿وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾ [النمل: ٨٧]، كان حسنًا، يريد: كل أهل وجهة هم الذين ولّوا وجوههم إلى تلك الجهة (٣)، ونحو هذا قال الفراء، فقال: هو مولّيها: مستقبلها، الفعل لكلٍ، يريد: كلٌّ مولّي وجهه إليها.
والتولية في هذا الموضع: الإقبال، وفي ﴿يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ﴾ [آل عمران: ١١١] ﴿ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾ [التوبة: ٢٥] نصراف، وهو كقولك في الكلام: انصرِفْ إليّ، أي: أقبِلْ إلي، وانصرف إلى أهلك، أي: اذهب إلى أهلك (٤)، وهذا وجه آخر في ولّى، بمعنى: أقبل، وبمعنى: أدبر، غير ما ذكرنا في قوله ﴿فَلَنُوَلّيَنَكَ﴾ أنّ (ولّى) من الأضداد.
قال الزجاج: وكلا القولين جائز (٥)، أي: أن يكون ﴿هُوَ﴾ كناية عن الله تعالى. وأن يكون كناية عن كلّ.
والتولية في هذا الموضع: الإقبال، وفي ﴿يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ﴾ [آل عمران: ١١١] ﴿ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾ [التوبة: ٢٥] نصراف، وهو كقولك في الكلام: انصرِفْ إليّ، أي: أقبِلْ إلي، وانصرف إلى أهلك، أي: اذهب إلى أهلك (٤)، وهذا وجه آخر في ولّى، بمعنى: أقبل، وبمعنى: أدبر، غير ما ذكرنا في قوله ﴿فَلَنُوَلّيَنَكَ﴾ أنّ (ولّى) من الأضداد.
قال الزجاج: وكلا القولين جائز (٥)، أي: أن يكون ﴿هُوَ﴾ كناية عن الله تعالى. وأن يكون كناية عن كلّ.
(١) في "معاني القرآن" للزجاج: قال بعض أهل اللغة. وهو أكثر القول.
(٢) في (أ)، (م): (هو).
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٥، وليس عنده: وجاء قوله كان حسنًا، وقال في "البحر المحيط" ١/ ٤٣٧: (وهو)، من قوله: (موليها)، عائد على (كل)، على لفظه، لا على معناه، أي: هو مستقبلها وموجه إليها صلاته التي يتقرب بها، والمفعول الثاني لموليها محذوف؛ لفهم المعنى، أي: هو موليها وجهه أو نفسه، قاله ابن عباس وعطاء والربيع، ويؤيد أن هو عائد على كل، قراءة من قرأ: هو مولاها.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٥ بمعناه.
(٥) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٥.
(٢) في (أ)، (م): (هو).
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٥، وليس عنده: وجاء قوله كان حسنًا، وقال في "البحر المحيط" ١/ ٤٣٧: (وهو)، من قوله: (موليها)، عائد على (كل)، على لفظه، لا على معناه، أي: هو مستقبلها وموجه إليها صلاته التي يتقرب بها، والمفعول الثاني لموليها محذوف؛ لفهم المعنى، أي: هو موليها وجهه أو نفسه، قاله ابن عباس وعطاء والربيع، ويؤيد أن هو عائد على كل، قراءة من قرأ: هو مولاها.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٥ بمعناه.
(٥) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٥.
400
وقرأ ابن عامر (١): (هو مولّاها) (٢). وعلى هذه القراءة الكناية تعود إلى كل فقط، والمفعولان مذكوران، وذلك أنه حذف الفاعل، وأضاف المفعول الأول إلى المفعول الآخر، الذي هو ضمير المؤنث العائد إلى الوجهة، أي: كلٌّ وُلِّي جهةً، وهذه القراءة تؤول في المعنى إلى القراءة الأولى (٣)؛ لأن التولية في المعنى استقبال، وما استقبلك فقد استقبلته، وما استقبلته فقد استقبلك.
وقال أبو (٤) الحسن النحوي فيما قرأته عليه: من قرأ بفتح اللام فحجته قوله: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً﴾ فلما كان الله هو الذي يولّي القبلةَ فالإنسان مولًّى (٥) إياها، ومن قرأ بكسر اللام قال: لما كان الله هو الذي يولّي المتوجه القبلة؛ كان إسناد التولية إليه أولى. وموضع ﴿هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ رفع؛ لأنها جملة وقعت صفةً لقوله ﴿وِجْهَةٌ﴾ (٦).
وقال الحسن في هذه الآية: هو كقوله: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا﴾ [الحج: ٦٧] (٧).
وقال أبو (٤) الحسن النحوي فيما قرأته عليه: من قرأ بفتح اللام فحجته قوله: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً﴾ فلما كان الله هو الذي يولّي القبلةَ فالإنسان مولًّى (٥) إياها، ومن قرأ بكسر اللام قال: لما كان الله هو الذي يولّي المتوجه القبلة؛ كان إسناد التولية إليه أولى. وموضع ﴿هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ رفع؛ لأنها جملة وقعت صفةً لقوله ﴿وِجْهَةٌ﴾ (٦).
وقال الحسن في هذه الآية: هو كقوله: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا﴾ [الحج: ٦٧] (٧).
(١) في (م): (عباس). وعند الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٨٥: وقرأ ابن عباس وغيره. وكذا عند الطبري ٢/ ٢٩.
(٢) ينظر: "السبعة" ص ١٧١، "الكشف" لمكي ١/ ٢٦٧، "النشر" ٢/ ٢٢٣.
(٣) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٢٤٠، وزاد: ألا ترى أن في (موليها) ضمير اسم الله عز وجل، فإذا أسند الفعل إلى المفعول به، وبناه له، ففاعل التولية هو الله تعالى، كما كانت القراءة الأخرى كذلك.
(٤) في (ش) سقطت (أبو).
(٥) في (ش) و (م): كتبت (مولي) بنقطتين.
(٦) ينظر: "التبيان" للعكبري ص ٩٩ - ١٠٠، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٧.
(٧) وفي "البحر المحيط" ١/ ٤٣٧: وقال الحسن: وجهة: طريقة، كما قال: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا).
(٢) ينظر: "السبعة" ص ١٧١، "الكشف" لمكي ١/ ٢٦٧، "النشر" ٢/ ٢٢٣.
(٣) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٢٤٠، وزاد: ألا ترى أن في (موليها) ضمير اسم الله عز وجل، فإذا أسند الفعل إلى المفعول به، وبناه له، ففاعل التولية هو الله تعالى، كما كانت القراءة الأخرى كذلك.
(٤) في (ش) سقطت (أبو).
(٥) في (ش) و (م): كتبت (مولي) بنقطتين.
(٦) ينظر: "التبيان" للعكبري ص ٩٩ - ١٠٠، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٧.
(٧) وفي "البحر المحيط" ١/ ٤٣٧: وقال الحسن: وجهة: طريقة، كما قال: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا).
401
وقوله تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ قال أهل التفسير: أراد: إلى الخيرات، فحذف حرف الجر (١)، كقول الراعي:
قال النحويون: ودعوى (٣) الحذف لا يطرد هاهنا، وليس (٤) الحذف من ضرورة هذا الكلام، فإن العرب تقول: استبقنا موضع كذا، أي: قصدناه متسابقين، كقوله تعالى: ﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ﴾ [يوسف: ٢٥] وقوله: ﴿فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ﴾ [يس: ٦٦] وقلَّ ما تراه مستعملا مع الخافض.
وقوله تعالى: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ﴾ قال الفراء: إذا رأيت حروف الاستفهام قد وُصِلت بـ (ما) مثل: أينما، ومتى ما، وكيف ما ﴿أَيًّا مَا تَدْعُوا﴾ [الإسراء: ١١٠] كانت جزاء ولم تكن استفهامًا. فإذا لم توصل بـ (ما) كان الأغلب عليها الاستفهام، وجاز فيها الجزاء، فإذا كانت جزاءً جزمت الفعلين، الفعلَ الذي مع أينما وأخواتها، وجوابَه، كقوله: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ﴾. فإذا أدخلت الفاء في الجواب، رفعت الجواب فقلت في مثله من الكلام: أينما تكن فآتيك، ومثله قوله: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ﴾ [البقرة:
| ثنائي عليكم يَا ابْنَ حَرْبٍ وَمَنْ يَمِلْ | سواكم فإني مهتدٍ غيرُ مائل (٢) |
وقوله تعالى: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ﴾ قال الفراء: إذا رأيت حروف الاستفهام قد وُصِلت بـ (ما) مثل: أينما، ومتى ما، وكيف ما ﴿أَيًّا مَا تَدْعُوا﴾ [الإسراء: ١١٠] كانت جزاء ولم تكن استفهامًا. فإذا لم توصل بـ (ما) كان الأغلب عليها الاستفهام، وجاز فيها الجزاء، فإذا كانت جزاءً جزمت الفعلين، الفعلَ الذي مع أينما وأخواتها، وجوابَه، كقوله: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ﴾. فإذا أدخلت الفاء في الجواب، رفعت الجواب فقلت في مثله من الكلام: أينما تكن فآتيك، ومثله قوله: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ﴾ [البقرة:
(١) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٩، "تفسير البغوي" ١/ ١٦٤،"البحر المحيط" ١/ ٤٣٩، "الدر المصون" ١/ ٤٠٧.
(٢) البيت للراعي النميري، في مدح يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، ينظر "ديوانه" ص ١٩١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٩، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٩، "الدر المصون" ١/ ٤٠٧ وموضع الشاهد قوله: ومن يمل سواكم، أراد: ومن يمل إلى سواكم.
(٣) في (ش): (ومعنى دعوى).
(٤) سقطت من: (ش).
(٢) البيت للراعي النميري، في مدح يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، ينظر "ديوانه" ص ١٩١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٩، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٩، "الدر المصون" ١/ ٤٠٧ وموضع الشاهد قوله: ومن يمل سواكم، أراد: ومن يمل إلى سواكم.
(٣) في (ش): (ومعنى دعوى).
(٤) سقطت من: (ش).
402
١٢٦]. فإذا كانت استفهامًا رفعت الفعل الذي يلي: أين، وكيف، ثم تجزم (١) الفعل الثاني؛ ليكون جوابًا للاستفهام بمعنى الجزاء، كما تقول: هل أدلك على بيتي تأتني؟ (٢).
فإذا (٣) أدخلْتَ في جواب الاستفهام فاءً نصبتَ، كما تقول: هل أدلك على بيتي فتأتيني؟ قال: ومثله قوله: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [المنافقون: ١٠] (٤).
وقال أبو إسحاق: إنما تجزم ما بعدها، لأنها إذا وصلت بما جزمت ما بعدها، وكان الكلام شرطًا، وكان الجواب جزمًا كالشرط، وإن كانت استفهامًا، نحو: أين زيد؟ فأجبته أجبت بالجزم، تقول: أين بيتُك أزرْكَ؟ المعنى: إن (٥) أعرف بيتك أزرك (٦).
قال أبو علي، فيما استدرك عليه (٧): لا فائدة تحت قوله: إنها إذا وصلت بما جُزِمت (٨)؛ لأنها تجزم ما بعدها في الشرط والجزاء، وُصلت
فإذا (٣) أدخلْتَ في جواب الاستفهام فاءً نصبتَ، كما تقول: هل أدلك على بيتي فتأتيني؟ قال: ومثله قوله: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [المنافقون: ١٠] (٤).
وقال أبو إسحاق: إنما تجزم ما بعدها، لأنها إذا وصلت بما جزمت ما بعدها، وكان الكلام شرطًا، وكان الجواب جزمًا كالشرط، وإن كانت استفهامًا، نحو: أين زيد؟ فأجبته أجبت بالجزم، تقول: أين بيتُك أزرْكَ؟ المعنى: إن (٥) أعرف بيتك أزرك (٦).
قال أبو علي، فيما استدرك عليه (٧): لا فائدة تحت قوله: إنها إذا وصلت بما جُزِمت (٨)؛ لأنها تجزم ما بعدها في الشرط والجزاء، وُصلت
(١) في (م): (وجزمت). في (أ)، (م): (فإن).
(٢) ذكر الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٨٦ مثالا غير هذا، فقال: كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ ثم أجاب الاستفهام بالجزم، فقال: تبارك وتعالى: (يغفر لكم ذنوبكم).
(٣) في (أ)، (م): (فإن).
(٤) من "معاني القرآن" للفراء ٦/ ٨٥ - ٨٦.
(٥) في (ش): (أين).
(٦) بتصرف يسير من، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٦.
(٧) يعني في كتاب "الإغفال" لأبي علي الفارسي.
(٨) كرر كلام أبي إسحاق في نسخة (ش) وهو زيادة لا داعي لها.
(٢) ذكر الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٨٦ مثالا غير هذا، فقال: كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ ثم أجاب الاستفهام بالجزم، فقال: تبارك وتعالى: (يغفر لكم ذنوبكم).
(٣) في (أ)، (م): (فإن).
(٤) من "معاني القرآن" للفراء ٦/ ٨٥ - ٨٦.
(٥) في (ش): (أين).
(٦) بتصرف يسير من، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٦.
(٧) يعني في كتاب "الإغفال" لأبي علي الفارسي.
(٨) كرر كلام أبي إسحاق في نسخة (ش) وهو زيادة لا داعي لها.
403
بـ (ما)، أو لم توصل بها، فقوله إذن لا فائدة فيه، ولا نكتة تحته، كما لا فائدة في قول القائل: الفعل يرفعُ الفاعل إذا كان ماضيًا؛ لأنه يرفع ماضيًا كان أو آتيًا (١)، ومما جزم أين (٢) من غير وصلها بـ (ما). قول الشاعر:
وأما التفسير: فلأهل التفسير في هذه الآية طريقان:
أحدهما: التعميم. والثاني: التخصيص.
فأما التخصيص فقوله: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ أراد: القبلة في الصلاة لكل أهل دين (٥)، كما ذكرنا.
وقوله ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ قال الزجاج: أي: فبادروا إلى القبول من الله عز وجل، وولّوا وجوهكم حيث أمركم الله أن تولوا (٦). وعلى هذا ﴿الْخَيْرَاتِ﴾ على صيغتها من العموم، وهي مخصوصة؛ لأنه أراد الابتدارَ إلى استقبال الكعبة.
وقوله تعالى: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا﴾ قيل: إنه في
| أين تصرِفْ بنا الغداة تجدنا | نصرف العيس نحوها للتلاقي (٣) (٤) |
أحدهما: التعميم. والثاني: التخصيص.
فأما التخصيص فقوله: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ أراد: القبلة في الصلاة لكل أهل دين (٥)، كما ذكرنا.
وقوله ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ قال الزجاج: أي: فبادروا إلى القبول من الله عز وجل، وولّوا وجوهكم حيث أمركم الله أن تولوا (٦). وعلى هذا ﴿الْخَيْرَاتِ﴾ على صيغتها من العموم، وهي مخصوصة؛ لأنه أراد الابتدارَ إلى استقبال الكعبة.
وقوله تعالى: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا﴾ قيل: إنه في
(١) "الإغفال" ص ٣٨٧.
(٢) في (ش): (أي).
(٣) البيت لابن همام السلولي في "الكتاب" ٣/ ٥٨، وبلا نسبة في "الإغفال" ص ٣٨٩، "شرح ابن يعيش" ٤/ ١٠٥، "المقتضب" ٢/ ٤٨، "شرح الأشموني" ٣/ ٥٨٠، والرواية في بعض نسخ "الإغفال" وبعض المصادر:
أين تضرب بنا العُداة
(٤) من "الإغفال" ص ٣٨٩، باختصار.
(٥) ينظر أثر ابن عباس والسدي وابن أبي زيد ومجاهد والربيع وعطاء في هذا: عند ابن جرير ٢/ ٢٨، ٢٩، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥٦ - ٢٥٧.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٦، وينظر أثر قتادة عند الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٠.
(٢) في (ش): (أي).
(٣) البيت لابن همام السلولي في "الكتاب" ٣/ ٥٨، وبلا نسبة في "الإغفال" ص ٣٨٩، "شرح ابن يعيش" ٤/ ١٠٥، "المقتضب" ٢/ ٤٨، "شرح الأشموني" ٣/ ٥٨٠، والرواية في بعض نسخ "الإغفال" وبعض المصادر:
أين تضرب بنا العُداة
(٤) من "الإغفال" ص ٣٨٩، باختصار.
(٥) ينظر أثر ابن عباس والسدي وابن أبي زيد ومجاهد والربيع وعطاء في هذا: عند ابن جرير ٢/ ٢٨، ٢٩، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥٦ - ٢٥٧.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٦، وينظر أثر قتادة عند الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٠.
404
المؤمنين خاصة، ومعناه: إن الذي سبق في علم الله أنه يصلي إلى الكعبة، فأينما يكونوا في شرق الأرض وغربها، وفي أصلاب الآباء وأرحام الأمهات، يجمعهم الله على التوجه إلى هذه القبلة، فهذا محمول على صرف وجوه الناس إلى الكعبة للصلاة والمناسك (١).
وأما التعميم فقوله: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ قال عطاء، عن ابن عباس: يريد: من أراد وجهَ الله قبِلَ اللهُ منه، ومن أراد غير ذلك فإن الله يجزيه (٢)، يعني: ان من طلب في جميع ما يأتي وجهَ الله قبِلَ الله منه، ومن رايا وطلب غير الله بعلمه عَلِمَ الله ذلك منه. وهذا كما قال سعيد بن جبير في هذه الآية قال: لكلٍّ طريقةٌ هو مجبور عليها. وهذا كقوله: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾ [الإسراء: ٨٤] وكقوله: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة: ٤٨].
وقوله: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ قال ابن عباس: يريد: تنافسوا فيما رغب فيه من الخير لكل عنده ثوابه (٣) (٤).
١٤٩ - وقوله تعالى: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا﴾ أي: أينما تكونوا يجمعكم الله للحساب فيجزيكم بأعمالكم (٥).
وأما التعميم فقوله: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ قال عطاء، عن ابن عباس: يريد: من أراد وجهَ الله قبِلَ اللهُ منه، ومن أراد غير ذلك فإن الله يجزيه (٢)، يعني: ان من طلب في جميع ما يأتي وجهَ الله قبِلَ الله منه، ومن رايا وطلب غير الله بعلمه عَلِمَ الله ذلك منه. وهذا كما قال سعيد بن جبير في هذه الآية قال: لكلٍّ طريقةٌ هو مجبور عليها. وهذا كقوله: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾ [الإسراء: ٨٤] وكقوله: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة: ٤٨].
وقوله: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ قال ابن عباس: يريد: تنافسوا فيما رغب فيه من الخير لكل عنده ثوابه (٣) (٤).
١٤٩ - وقوله تعالى: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا﴾ أي: أينما تكونوا يجمعكم الله للحساب فيجزيكم بأعمالكم (٥).
(١) ينظر: "زاد المسير" ١/ ١٥٩، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٩.
(٢) تقدم الحديث عن هذه الرواية.
(٣) تقدم الحديث عن هذه الرواية، وينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٠ حيث روى عن الربيع وابن أبي زيد ما يدل على العموم، وكذا ابن أبي حاتم ١/ ٢٥٧، وينظر: "زاد المسير" ١/ ١٥٩، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٩، "التفسير الكبير" ٤/ ١٣١ - ١٣٣.
(٤) من قوله: (وقوله تعالى:...) ساقط من (أ)، (م).
(٥) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٠، والثعلبي ١/ ١٢٤٩، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٩.
(٢) تقدم الحديث عن هذه الرواية.
(٣) تقدم الحديث عن هذه الرواية، وينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٠ حيث روى عن الربيع وابن أبي زيد ما يدل على العموم، وكذا ابن أبي حاتم ١/ ٢٥٧، وينظر: "زاد المسير" ١/ ١٥٩، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٩، "التفسير الكبير" ٤/ ١٣١ - ١٣٣.
(٤) من قوله: (وقوله تعالى:...) ساقط من (أ)، (م).
(٥) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٠، والثعلبي ١/ ١٢٤٩، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٩.
405
١٤٩ - قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ الهاء تعود على شطر المسجد، ويجوز أن تعود إلى التوجه المدلول عليه بقوله: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ﴾ (١)، ومعنى: ﴿لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ أي: بأمره وحكمه (٢).
١٥٠ - قوله تعالى: ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ﴾ إنما كرر هذا؛ لأن هذا من مواضع التوكيد؛ لأجل النسخ الذي نُقلوا فيه من جهة إلى جهة للتقرير (٣).
وقوله تعالى ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ﴾ قيل: الحجة: فُعلة، من الحج الذي هو القصد، لأنها مقصودة للمخاصم، ومنه: المحجّة: لأنها تقصد بالسلوك. والمخاصمةُ يقال لها: المحاجّة؛ لقصد كل واحد من الخصمين إلى إقامة بينته وإبطال ما في يد صاحبه (٤).
وقوله تعالى ﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ اختلف العلماء في وجه هذا الاستثناء، وهم في هذه الآية فريقان:
فريق أوّلوا الآية على سياقها، وصححوا الاستثناء على ظاهره (٥)،
١٥٠ - قوله تعالى: ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ﴾ إنما كرر هذا؛ لأن هذا من مواضع التوكيد؛ لأجل النسخ الذي نُقلوا فيه من جهة إلى جهة للتقرير (٣).
وقوله تعالى ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ﴾ قيل: الحجة: فُعلة، من الحج الذي هو القصد، لأنها مقصودة للمخاصم، ومنه: المحجّة: لأنها تقصد بالسلوك. والمخاصمةُ يقال لها: المحاجّة؛ لقصد كل واحد من الخصمين إلى إقامة بينته وإبطال ما في يد صاحبه (٤).
وقوله تعالى ﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ اختلف العلماء في وجه هذا الاستثناء، وهم في هذه الآية فريقان:
فريق أوّلوا الآية على سياقها، وصححوا الاستثناء على ظاهره (٥)،
(١) وهذا اختيار الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٠، وينظر: "التبيان" للعكبري ص ١٠٠.
(٢) قال الطبري ٢/ ٣٠: وان التوجه شطره للحق الذي لا شك فيه من عند ربك، فحافظوا عليه، وأطيعوا الله في توجهكم قِبَله. وقال في "البحر المحيط" ١/ ٤٣٩. هذا إخبار من الله تعالى بأن استقبال هذه القبلة هو الحق، أي الثابت الذي لا يعرض له نسخ ولا تبديل.
(٣) ينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٦٥، "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٤.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٠، "المفردات" ص ١١٥، "لسان العرب" ٢/ ٧٧٩ (حجج).
(٥) بين أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤٤١ أن الاستثناء في الآية متصل، ونسبه إلى ابن عباس، قال: واختاره الطبري، وبدأ به ابن عطية، ولم يذكر الزمخشري غيره، وذلك أنه متى أمكن الاستثناء المتصل إمكانًا حسنًا كان أولى من غيره.
(٢) قال الطبري ٢/ ٣٠: وان التوجه شطره للحق الذي لا شك فيه من عند ربك، فحافظوا عليه، وأطيعوا الله في توجهكم قِبَله. وقال في "البحر المحيط" ١/ ٤٣٩. هذا إخبار من الله تعالى بأن استقبال هذه القبلة هو الحق، أي الثابت الذي لا يعرض له نسخ ولا تبديل.
(٣) ينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٦٥، "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٤.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٠، "المفردات" ص ١١٥، "لسان العرب" ٢/ ٧٧٩ (حجج).
(٥) بين أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤٤١ أن الاستثناء في الآية متصل، ونسبه إلى ابن عباس، قال: واختاره الطبري، وبدأ به ابن عطية، ولم يذكر الزمخشري غيره، وذلك أنه متى أمكن الاستثناء المتصل إمكانًا حسنًا كان أولى من غيره.
406
وهم مجاهد (١) وعطاء (٢) وقتادة (٣) والربيع (٤) والسدي (٥) وابن جرير (٦) وأبو روق (٧) (٨)، قالوا: الناس هاهنا اليهود، كانوا يحتجون على رسول الله - ﷺ - في صلاتهم إلى بيت المقدس، ويقولون: ما درى محمد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم نحن، ويقولون: يخالفنا محمد في ديننا ويتبع قبلتنا (٩). وهذا كان حجتهم التي كانوا يحتجون بها على المؤمنين، على وجه الخصومة والتمويه بها على الجهال، فلما صرفت القبلة إلى الكعبة بطلت هذه الحجة (١٠).
ثم قال: ﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ وهم المشركون، فإنهم قالوا: قد تحيّر محمد في دينه، فتوجه إلى قبلتنا، وعلِم أنّا (١١) أهدى سبيلًا منه، ويوشك
ثم قال: ﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ وهم المشركون، فإنهم قالوا: قد تحيّر محمد في دينه، فتوجه إلى قبلتنا، وعلِم أنّا (١١) أهدى سبيلًا منه، ويوشك
(١) ينظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٢٥٩، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٥١.
(٢) رواه عنه الطبري ٢/ ٣٢، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٥١.
(٣) رواه عنه الطبري ٢/ ٣٢، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٥١.
(٤) رواه الطبري ٢/ ٣٢، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٥١.
(٥) رواه عنه الطبري ٢/ ٣٢، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٥١.
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣١ - ٣٥.
(٧) هو عطية بن الحارث الهمداني الكوفي صدوق، صاحب تفسير، عده ابن حجر من طبقة صغار التابعين، ينظر: "تقريب التهذيب" ص ٣٩٣ (٤٦١٥)، "الجرح والتعديل" ٣/ ٣٨٢.
(٨) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٤.
(٩) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣١ - ٣٢، ٢/ ١٩ - ٢٠، والثعلبي ١/ ١٢٥١، والبغوي ١/ ١٦٥، و"زاد المسير" ١/ ١٥٩ - ١٦٠، وزاد نسبة هذا القول لابن عباس وأبي العالية ومقاتل.
(١٠) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٦ - ٢٢٧، "البحر المحيط" ١/ ٤٤٢.
(١١) في (ش): (أننا).
(٢) رواه عنه الطبري ٢/ ٣٢، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٥١.
(٣) رواه عنه الطبري ٢/ ٣٢، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٥١.
(٤) رواه الطبري ٢/ ٣٢، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٥١.
(٥) رواه عنه الطبري ٢/ ٣٢، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٥١.
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣١ - ٣٥.
(٧) هو عطية بن الحارث الهمداني الكوفي صدوق، صاحب تفسير، عده ابن حجر من طبقة صغار التابعين، ينظر: "تقريب التهذيب" ص ٣٩٣ (٤٦١٥)، "الجرح والتعديل" ٣/ ٣٨٢.
(٨) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٤.
(٩) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣١ - ٣٢، ٢/ ١٩ - ٢٠، والثعلبي ١/ ١٢٥١، والبغوي ١/ ١٦٥، و"زاد المسير" ١/ ١٥٩ - ١٦٠، وزاد نسبة هذا القول لابن عباس وأبي العالية ومقاتل.
(١٠) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٦ - ٢٢٧، "البحر المحيط" ١/ ٤٤٢.
(١١) في (ش): (أننا).
407
أن يرجع إلى ديننا (١)، فهؤلاء تبقى لهم (٢) الخصومة. والحجةُ قد تكون بمعنى الخصومة، كقوله: ﴿لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم﴾ [الشورى: ١٥]، أي: لا خصومة (٣).
قال أبو روق: حجة اليهود أنّهم كانوا قد عرفوا أنّ النبيّ المبعوث في آخر الزمان قبلته الكعبة، وأنه يحوَّل إليها، فلما رأوا محمدًا - ﷺ - يصلي إلى الصخرة واحتجوا بذلك، فصرفت قبلته إلى الكعبة؛ لئلا يكون لهم عليه حجة إلا الذين ظلموا منهم (٤)، يريد: إلا الظالمين الذين يكتمون ما عرفوا من أنه يُحَوَّل إلى الكعبة.
وقال المفضَّل بن سلمة (٥): المراد بالناس في هذه الآية: جميع الناس، كانوا يحتجّون على النبي - ﷺ - بأنه (٦) لو كان نبيًّا لكانت له قبلة، ولم يصلّ إلى قبلة اليهود، فلما حُوِّلت قبلته إلى الكعبة، بطل هذا الاحتجاج، إلا أن الظالمين يتعنتون ويخاصمون. فيقول المشركون ومن دان بدينهم:
قال أبو روق: حجة اليهود أنّهم كانوا قد عرفوا أنّ النبيّ المبعوث في آخر الزمان قبلته الكعبة، وأنه يحوَّل إليها، فلما رأوا محمدًا - ﷺ - يصلي إلى الصخرة واحتجوا بذلك، فصرفت قبلته إلى الكعبة؛ لئلا يكون لهم عليه حجة إلا الذين ظلموا منهم (٤)، يريد: إلا الظالمين الذين يكتمون ما عرفوا من أنه يُحَوَّل إلى الكعبة.
وقال المفضَّل بن سلمة (٥): المراد بالناس في هذه الآية: جميع الناس، كانوا يحتجّون على النبي - ﷺ - بأنه (٦) لو كان نبيًّا لكانت له قبلة، ولم يصلّ إلى قبلة اليهود، فلما حُوِّلت قبلته إلى الكعبة، بطل هذا الاحتجاج، إلا أن الظالمين يتعنتون ويخاصمون. فيقول المشركون ومن دان بدينهم:
(١) ذكر ذلك الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٢ - ٣٤، وابن أبي حاتم ١/ ٢٥٨، بسنده عن أبي العالية، ثم ذكر عن مجاهد وعطاء والسدي وقتادة والربيع بن أنس والضحاك، وينظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٢٥١، والبغوي ١/ ١٥٦.
(٢) في (أ)، (م): (فهو لانتقالهم الخصومة).
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٢.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٥٤، والبغوي ١/ ١٦٥، وقد ذكر الرازي في "تفسيره" ٤/ ١٤٠ أربعة أوجه لتأويل كون الاستثناء متصلًا.
(٥) هو المفضل بن سلمة بن عاصم، أبو طالب الضبي، لغوي، كان كوفي المذهب في النحو، لقي ابن الأعرابي وغيره من العلماء، توفي في نحو ٢٩٠ هـ كما في "الأعلام". ينظر: "إنباه الرواة" ٣/ ٣٠٥، "بغية الوعاة" ٢/ ٢٩٦ - ٢٩٧، "الأعلام" ٧/ ٢٧٩.
(٦) في (م): (لأنه).
(٢) في (أ)، (م): (فهو لانتقالهم الخصومة).
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٢.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٥٤، والبغوي ١/ ١٦٥، وقد ذكر الرازي في "تفسيره" ٤/ ١٤٠ أربعة أوجه لتأويل كون الاستثناء متصلًا.
(٥) هو المفضل بن سلمة بن عاصم، أبو طالب الضبي، لغوي، كان كوفي المذهب في النحو، لقي ابن الأعرابي وغيره من العلماء، توفي في نحو ٢٩٠ هـ كما في "الأعلام". ينظر: "إنباه الرواة" ٣/ ٣٠٥، "بغية الوعاة" ٢/ ٢٩٦ - ٢٩٧، "الأعلام" ٧/ ٢٧٩.
(٦) في (م): (لأنه).
408
إنما رجع إلى الكعبة؛ لأنها قبلة آبائه وهي الحق، وكذا يرجع إلى ديننا، ويقول اليهود: إنما انصرف عن بيت المقدس مع علمه بأنه حق؛ لأنه يفعل برأيه ويزعم أنه أُمِرَ به. وهذا مذهب أبي إسحاق، فإنه يقول: المعنى: لأن لا يكون للناس عليكم حجة إلا من ظلم باحتجاجه فيما قد وضح له، كما تقول: مالك علي حجة، وحجته داحضة عند الله -عز وجل- قال الله تعالى: ﴿حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ﴾ [الشورى: ١٦]، فسماها حجة مع بطلانها.
وعلى هذا المذهب موضع (الذين) خفض على البدل من الناس: كما تقول: ما مررت بأحد إلا زيد. ويجوز أن يكون موضعه نصبًا على الاستثناء، كما يستثنى بعد الإيجاب؛ كقوله: ﴿مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ٦٦] من رفعه جعله بدلًا من الواو، ومن نصبه نصبه على الاستثناء (١)، وكذلك: ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ﴾ [هود: ٨١]، رفعًا ونصبًا (٢).
وأما الفريق الثاني فإنهم لم يصححوا الاستثناء، وعدلوا به عن ظاهره، وهم الأخفش والمؤرج والفراء ومعمر بن المثنى. قال الفراء والمؤرج: هذا استثناء منقطع من الكلام الأول، ومعناه: لأن لا يكون للناس كلهم عليكم حجة إلا الذين ظلموا فإنهم يحاجّونكم بالظلم. هذا معنى قولهما، ثم قال الفراء: وهو كما تقول في الكلام: الناس كلهم حامدون إلا الظالم لك، فإن ذلك لا يُعتدّ به وبتركه الحمد لعداوته لك، وكذلك: الظالم لا حجة له وقد سمّي ظالمًا.
وعلى هذا المذهب موضع (الذين) خفض على البدل من الناس: كما تقول: ما مررت بأحد إلا زيد. ويجوز أن يكون موضعه نصبًا على الاستثناء، كما يستثنى بعد الإيجاب؛ كقوله: ﴿مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ٦٦] من رفعه جعله بدلًا من الواو، ومن نصبه نصبه على الاستثناء (١)، وكذلك: ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ﴾ [هود: ٨١]، رفعًا ونصبًا (٢).
وأما الفريق الثاني فإنهم لم يصححوا الاستثناء، وعدلوا به عن ظاهره، وهم الأخفش والمؤرج والفراء ومعمر بن المثنى. قال الفراء والمؤرج: هذا استثناء منقطع من الكلام الأول، ومعناه: لأن لا يكون للناس كلهم عليكم حجة إلا الذين ظلموا فإنهم يحاجّونكم بالظلم. هذا معنى قولهما، ثم قال الفراء: وهو كما تقول في الكلام: الناس كلهم حامدون إلا الظالم لك، فإن ذلك لا يُعتدّ به وبتركه الحمد لعداوته لك، وكذلك: الظالم لا حجة له وقد سمّي ظالمًا.
(١) قرأ ابن عامر بنصب قليل والباقون برفعها، ينظر: "السبعة" ص ٢٣٥.
(٢) قرأ ابن كثير وأبو عمرو إلا امرأتك برفع التاء. والباقون بنصبها. ينظر: "السبعة" ص ٣٣٨.
(٢) قرأ ابن كثير وأبو عمرو إلا امرأتك برفع التاء. والباقون بنصبها. ينظر: "السبعة" ص ٣٣٨.
409
قال ابن الأنباري: (إلاَّ) في الاستثناء المنقطع له معنيان:
أحدهما: أن يكون الذي بعدها مستأنفًا، يلابس الأول من جهة عائد عليه منها، أو معنى يقرب به منه، كقول القائل: قعدنا نتذاكر الخير وما يقرّبنا من الله، إلا أن قومًا يبغضون ما كنا فيه. فالذي بعد (إلا) مستأنف، يلبس بالأول من جهة المعنى، وذلك بغضهم لما كانوا فيه، فتأويل إلا: لكن قومًا. ولو لم يلتبس ما بعد (إلا) بما قبلها من وجه لم يكن الاستثناء معنى على جهة إيصال ولا انقطاع، ولذلك يقول النحويون: (إلا) في الاستثناء المنقطع بمنزلة (لكن)، لأن الذي بعد (لكن) مستأنف.
وبهذا قال الأخفش في هذه الآية، لأنه قال: معناه: لكن الذين ظلموا، كقوله: ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾ [النساء: ١٥٧] يعني: لكن الذين يتبعون الظن ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾ [الليل: ١٩ - ٢٠]، يعني: لكن يبتغي، فيكون منقطعًا من الكلام الأول. وأما المتصل فإنه يخرج من أسماء تشاكله ومن فعل يخالف بخروجه منه ما قبله من الأسماء المذكورة، كما تقول: خرج القوم إلا زيدًا، فزيد من جنس القوم قد خالفهم بترك الخروج. والمنقطع لا يكون مخرجًا من الأسماء التي قبل إلا في الظاهر، ولكن من معنى من معاني الكلام يجب به الملابسة كما ذكرنا.
والمعنى الثاني في الاستثناء المنقطع: أن يكون مؤكدًا لما قبله، وذلك أن الرجل إذا قال: ارتحل الناس إلا الأثقال، أكّد ارتحال الناس بقوله: إلا الأثقال، وذهب إلى أنه إذا لم يبق إلا الأثقال، كان القوم كلهم مرتحلين، وكان تأويله: ارتحل الناس كلهم. وكذلك: مضى العسكر إلا الأبنية والخيام، معناه: مضوا أجمعون؛ لأنه إذا لم يبق إلا بناء وخيمة كان
أحدهما: أن يكون الذي بعدها مستأنفًا، يلابس الأول من جهة عائد عليه منها، أو معنى يقرب به منه، كقول القائل: قعدنا نتذاكر الخير وما يقرّبنا من الله، إلا أن قومًا يبغضون ما كنا فيه. فالذي بعد (إلا) مستأنف، يلبس بالأول من جهة المعنى، وذلك بغضهم لما كانوا فيه، فتأويل إلا: لكن قومًا. ولو لم يلتبس ما بعد (إلا) بما قبلها من وجه لم يكن الاستثناء معنى على جهة إيصال ولا انقطاع، ولذلك يقول النحويون: (إلا) في الاستثناء المنقطع بمنزلة (لكن)، لأن الذي بعد (لكن) مستأنف.
وبهذا قال الأخفش في هذه الآية، لأنه قال: معناه: لكن الذين ظلموا، كقوله: ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾ [النساء: ١٥٧] يعني: لكن الذين يتبعون الظن ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾ [الليل: ١٩ - ٢٠]، يعني: لكن يبتغي، فيكون منقطعًا من الكلام الأول. وأما المتصل فإنه يخرج من أسماء تشاكله ومن فعل يخالف بخروجه منه ما قبله من الأسماء المذكورة، كما تقول: خرج القوم إلا زيدًا، فزيد من جنس القوم قد خالفهم بترك الخروج. والمنقطع لا يكون مخرجًا من الأسماء التي قبل إلا في الظاهر، ولكن من معنى من معاني الكلام يجب به الملابسة كما ذكرنا.
والمعنى الثاني في الاستثناء المنقطع: أن يكون مؤكدًا لما قبله، وذلك أن الرجل إذا قال: ارتحل الناس إلا الأثقال، أكّد ارتحال الناس بقوله: إلا الأثقال، وذهب إلى أنه إذا لم يبق إلا الأثقال، كان القوم كلهم مرتحلين، وكان تأويله: ارتحل الناس كلهم. وكذلك: مضى العسكر إلا الأبنية والخيام، معناه: مضوا أجمعون؛ لأنه إذا لم يبق إلا بناء وخيمة كان
410
القوم غير متخلف منهم واحد. ومنه قوله عز وجل: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [النساء: ٢٣] معناه: لكن ما قد سلف وأنتم غير مؤاخذين، فهو مستأنف يلابس الأول، إذ كان أخرج من الأمور التي فيها المآثم والأوزار، فجعل لا مأثم فيه ولا وزر، ومثله قول النابغة:
......... وما بالربع من أحد
إلا أواري......... (١)
معناه: لكن، وضم الاستثناء؛ لأنها كانت مستثناة ممن كان بالربع، فالربع كان يشملهم، وهذا ملابسة بينهما، وأيضًا فإن هذا التأكيد لخلو الأرض؛ لأنه إذا لم يبق في الدار إلا الأواري كان خلوها من الإنس متيقنًا.
فهذان المعنيان ذكرناهما في الاستثناء المنقطع تحتملهما الآية؛ لأن الظالمين وإن لم يكن لهم حجة فهم يموّهون ويحتجون بالباطل، وأيضًا: فإنه إذا لم يكن لأحد عليهم حجة إلا من كان ظالمًا كان في هذا تأكيدًا لنفي الحجة.
فعلى المذهب الأول: الظالمون كانوا ظالمين بشركهم وكفرهم، وعلى المذهب الثاني: كانوا ظالمين لاحتجاجهم بما لا متعلق لهم به. وموضع (الذين) على هذا القول -وهو قول الفريق الثاني- نصب على أكثر العرب؛ لأنهم ينصبون ما كان من الاستثناء المنقطع كقوله:
إلا أواريّ......
......... وما بالربع من أحد
إلا أواري......... (١)
معناه: لكن، وضم الاستثناء؛ لأنها كانت مستثناة ممن كان بالربع، فالربع كان يشملهم، وهذا ملابسة بينهما، وأيضًا فإن هذا التأكيد لخلو الأرض؛ لأنه إذا لم يبق في الدار إلا الأواري كان خلوها من الإنس متيقنًا.
فهذان المعنيان ذكرناهما في الاستثناء المنقطع تحتملهما الآية؛ لأن الظالمين وإن لم يكن لهم حجة فهم يموّهون ويحتجون بالباطل، وأيضًا: فإنه إذا لم يكن لأحد عليهم حجة إلا من كان ظالمًا كان في هذا تأكيدًا لنفي الحجة.
فعلى المذهب الأول: الظالمون كانوا ظالمين بشركهم وكفرهم، وعلى المذهب الثاني: كانوا ظالمين لاحتجاجهم بما لا متعلق لهم به. وموضع (الذين) على هذا القول -وهو قول الفريق الثاني- نصب على أكثر العرب؛ لأنهم ينصبون ما كان من الاستثناء المنقطع كقوله:
إلا أواريّ......
(١) تمام البيتين:
ينظر: "ديوانه" ص ٩، "الأغاني" ١١/ ٢٧، "الخزانة" ٢/ ١٢٢.
| وقفتُ بها أصيلانًا أسائلها | عيَّتْ جوابًا وما بالربع من أحدِ |
| إلا الأواريَّ لأيًا ما أبينها | والنؤيُ كالحوض بالمظلومة الجَلَدِ |
411
غير أن بني تميم يجيزون البدل، كما يكون الاستثناء متصلًا، وعلى لغتهم ينشد:
فجعل اليعافير بدلًا من الأنيس. والقرآن نزل بلغة أهل الحجاز فلذلك نصب كل مستثنى منقطع من الأول، كقوله: ﴿إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾ [النساء: ١٥٧] وقوله: ﴿فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ﴾ ثم قال: ﴿إِلَّا رَحْمَةً﴾ [يس: ٤٣ - ٤٤] وكذلك قوله: ﴿إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ﴾ [الليل: ٢٠] (٢).
وقال معمر بن المثنى: إلا هاهنا معناها: الواو، فهو عطفٌ عُطِف به ﴿الَّذِينَ﴾ على ﴿النَّاسِ﴾. والمعنى: لئلا يكون للناس والذين ظلموا عليكم حجة (٣)، واحتُجَّ على هذا المذهب بأبيات منها (٤):
| وبلدةٍ ليس بها أنيسُ | إلّا اليعافيرُ وإلّا العِيسُ (١) |
وقال معمر بن المثنى: إلا هاهنا معناها: الواو، فهو عطفٌ عُطِف به ﴿الَّذِينَ﴾ على ﴿النَّاسِ﴾. والمعنى: لئلا يكون للناس والذين ظلموا عليكم حجة (٣)، واحتُجَّ على هذا المذهب بأبيات منها (٤):
(١) الرجز لجران العود في "ديوانه" ص ٩٧، "لسان العرب" ٧/ ٣٩٣٨ (كنز)، وأوضح المسالك ٢/ ٢٦١.
(٢) ينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٦٥، وقال في "البحر" ١/ ٤٤٢ مبينا مثار الخلاف بين من قال بالاتصال والانقطاع هو: هل الحجة هو الدليل والبرهان الصحيح، أو الحجة هو الاحتجاج والخصومة؟ فإن كان الأول: فهو استثناء منقطع، وإن كان الثاني: فهو استثناء متصل.
(٣) ينظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٦٠ - ٦١، و"تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٥، و"تفسير البغوي" ١/ ١٦٦.
(٤) احتج أبو عبيدة بهذه الأبيات: الأول للأعشى:
ومعناه: وخارجة. والثاني: لعنز بن دجاجة المازني:
يريد وناشرة الذي ضيعتم.
(٢) ينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٦٥، وقال في "البحر" ١/ ٤٤٢ مبينا مثار الخلاف بين من قال بالاتصال والانقطاع هو: هل الحجة هو الدليل والبرهان الصحيح، أو الحجة هو الاحتجاج والخصومة؟ فإن كان الأول: فهو استثناء منقطع، وإن كان الثاني: فهو استثناء متصل.
(٣) ينظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٦٠ - ٦١، و"تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٥، و"تفسير البغوي" ١/ ١٦٦.
(٤) احتج أبو عبيدة بهذه الأبيات: الأول للأعشى:
| إلا كخارجةَ المكلِّفِ نفسَه | وابني قبيصة أن أَغيبَ وأشهدا |
| من كان أسرع في تفرق فالج | فلبونُه جَرِبتْ معَا وأغدَّتِ |
| إلا كناشرةَ الذي ضيّعتمُ | كالغصن في غُلَوائه المتنبِّتِ |
412
| وكل أخٍ مفارقُهُ أخوه | لَعَمْرُ أبيك إلا الفرقدان (١) |
وما أنشده الأخفش (٢):
| وأرى لها دارًا بأغْدِرَةِ السِّيـ | ـدَانِ لم يَدْرُس لها رَسْمُ |
| إلّا رَمَادًا خامدًا دَفَعَتْ | عنهُ الرِّياحَ خَوَالِد سُحْمُ (٣) |
وهذا القول عند الفراء خطأ (٥)؛ لأن (إلا) (٦) لا يُخرج عن الاستثناء إلى النسق حتى يتقدمها عدد لا يصلح أن يستثنى منه، فتجري مجرى الواو إذا بطل فيها معنى الاستثناء، بيانه: قولك: لي على فلان ألفٌ إلا عشرةً إلا
(١) البيت. نسب لعمرو بن معدي كرب، ينظر: "ديوانه" ص١٧٨، "الكتاب" ٢/ ٣٣٤، "المؤتلف والمختلف" ص ١٥١، ولعمرو أو لحضرمي في "خزانة الأدب" ٣/ ٤٢١. وهو بلا نسبة في "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٥، "لسان العرب" ٦/ ٣٤٠٢ "فرقد". والفرقدان: نجمان في السماء لا يغربان.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٥٢.
(٣) البيت للمُخَبَّل السعدي، ينظر: "ديوانه" ص ٣١٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٦، "لسان العرب" ٢/ ١٢٢٥ (خلد)، "المفضليات" ص ١١٣ - ١١٤. والأغدرة: جمع غدير، السِّيدان: أرض لبني سعد. الخوالد: البواقي وعنى بها: الأثافي. سحم: ذات لون يضرب إلى السواد.
(٤) سقط من (ش).
(٥) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٩، وخطأه أيضًا الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٣ - ٣٤، وقال في "البحر المحيط" ١/ ٤٤٢: وإثبات إلا بمعنى الواو، لا يقوم عليه دليل، والاستثناء سائغ فيما ادعى فيه أن إلا بمعنى الواو، وكان أبو عبيدة يضعَّف في النحو، ثم نقل تخطئة الزجاج لهذا القول.
(٦) كتبت في (ش): (لئلا).
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٥٢.
(٣) البيت للمُخَبَّل السعدي، ينظر: "ديوانه" ص ٣١٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٦، "لسان العرب" ٢/ ١٢٢٥ (خلد)، "المفضليات" ص ١١٣ - ١١٤. والأغدرة: جمع غدير، السِّيدان: أرض لبني سعد. الخوالد: البواقي وعنى بها: الأثافي. سحم: ذات لون يضرب إلى السواد.
(٤) سقط من (ش).
(٥) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٩، وخطأه أيضًا الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٣ - ٣٤، وقال في "البحر المحيط" ١/ ٤٤٢: وإثبات إلا بمعنى الواو، لا يقوم عليه دليل، والاستثناء سائغ فيما ادعى فيه أن إلا بمعنى الواو، وكان أبو عبيدة يضعَّف في النحو، ثم نقل تخطئة الزجاج لهذا القول.
(٦) كتبت في (ش): (لئلا).
413
مائةً، لا يصلح استثناء المائة من العشرة، فعادت المائة إلى الألف لا بالاستثناء ولكن بالعطف، كأنك أغفلت المائة فاستدركتها فقلت: اللهم إلا مائة فالمعنى: لي عليه ألف ومائة، وكما قال الشاعر:
كأنه قال: ما بالمدينة دار إلا دار الخليفة ودار مروان (٢).
فعند الفراء إنما تكون (إلا) (٣) بمنزله الواو إذا عطفتها على استثناء قبلها، لا يصلح أن يكون الثاني استثناء من الأول، كما بيّنا، ومن الناس من صوّب أبا عبيدة في مذهبه، وصحح قوله بما احتج به من الشعر.
وقال قطرب: الاستثناء في هذه الآية من الضمير في ﴿عَلَيْكُمْ﴾، المعنى: لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا على الذين ظلموا منهم فإن عليهم الحجة (٤)، وهذا الوجه اختيار أبي منصور الأزهري. حكاه لي أحمد بن إبراهيم المقبري -رحمه الله- عن الحسن بن محرم، عنه.
قال أبو بكر بن الأنباري: وهذا عندي بعيد رديء (٥)؛ لأن المكني المخفوض لا ينسق عليه إلا بإعادة الخافض، ولأن (٦) الكاف والميم في عليكم، للمخاطبين، فلو استثنى الذين ظلموا منهم لقال: إلا الذين ظلموا
| ما بالمدينة دارٌ غيرُ واحدةٍ | دارُ الخليفة إلا دارُ مروانا (١) |
فعند الفراء إنما تكون (إلا) (٣) بمنزله الواو إذا عطفتها على استثناء قبلها، لا يصلح أن يكون الثاني استثناء من الأول، كما بيّنا، ومن الناس من صوّب أبا عبيدة في مذهبه، وصحح قوله بما احتج به من الشعر.
وقال قطرب: الاستثناء في هذه الآية من الضمير في ﴿عَلَيْكُمْ﴾، المعنى: لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا على الذين ظلموا منهم فإن عليهم الحجة (٤)، وهذا الوجه اختيار أبي منصور الأزهري. حكاه لي أحمد بن إبراهيم المقبري -رحمه الله- عن الحسن بن محرم، عنه.
قال أبو بكر بن الأنباري: وهذا عندي بعيد رديء (٥)؛ لأن المكني المخفوض لا ينسق عليه إلا بإعادة الخافض، ولأن (٦) الكاف والميم في عليكم، للمخاطبين، فلو استثنى الذين ظلموا منهم لقال: إلا الذين ظلموا
(١) البيت للفرزدق في "الكتاب" ٢/ ٣٤٠، وليس في "ديوانه"، وبلا نسبة في "تذكره النحاة" ص ٥٩٦، "المقتضب" ٤/ ٤٢٥.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٩ - ٩٠.
(٣) سقطت من (ش).
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٧، "التفسير الكبير" ٤/ ١٤٠، "البحر المحيط" ١/ ٤٤٢، وممن ضَّعف هذا: الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٤.
(٥) ساقط من (أ)، (م).
(٦) في (ش): (ولكن).
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٩ - ٩٠.
(٣) سقطت من (ش).
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٧، "التفسير الكبير" ٤/ ١٤٠، "البحر المحيط" ١/ ٤٤٢، وممن ضَّعف هذا: الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٤.
(٥) ساقط من (أ)، (م).
(٦) في (ش): (ولكن).
414
منكم، فلما قال: (منهم) دلّ بالغيبة على أنّ الذين ظلموا لم (١) يُستثنَوا من الكاف والميم.
وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَخْشَوْهُمْ﴾ الكناية ترجع إلى الذين ظلموا، والمعنى: لا تخشوهم في انصرافكم إلى الكعبة، وفي تظاهرهم عليكم في المحاجّة والمحاربة (٢)، فإني وليكم، أُظْهركم عليهم بالحجة والنصرة (٣). ﴿وَاخْشَوْنِي﴾ في تركها ومخالفتها (٤).
﴿وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ﴾ عطف على قوله: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ﴾ (٥)، ولكن (٦) أتم نعمتي عليكم بهدايتي إياكم إلى قبلة إبراهيم فتتم لكم الملة الحنيفية (٧).
قال عطاء: عن ابن عباس: ﴿وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ﴾ يريد: في الدنيا والآخرة، أما الدنيا: فأنصركم على عدوكم، وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأولادهم، وأما في الآخرة: ففي رحمتي وجنتي، وأزوجكم من الحور العين (٨).
وقال علي - رضي الله عنه -: تمام النعمة: الموت على الإسلام.
وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَخْشَوْهُمْ﴾ الكناية ترجع إلى الذين ظلموا، والمعنى: لا تخشوهم في انصرافكم إلى الكعبة، وفي تظاهرهم عليكم في المحاجّة والمحاربة (٢)، فإني وليكم، أُظْهركم عليهم بالحجة والنصرة (٣). ﴿وَاخْشَوْنِي﴾ في تركها ومخالفتها (٤).
﴿وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ﴾ عطف على قوله: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ﴾ (٥)، ولكن (٦) أتم نعمتي عليكم بهدايتي إياكم إلى قبلة إبراهيم فتتم لكم الملة الحنيفية (٧).
قال عطاء: عن ابن عباس: ﴿وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ﴾ يريد: في الدنيا والآخرة، أما الدنيا: فأنصركم على عدوكم، وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأولادهم، وأما في الآخرة: ففي رحمتي وجنتي، وأزوجكم من الحور العين (٨).
وقال علي - رضي الله عنه -: تمام النعمة: الموت على الإسلام.
(١) في (ش): (من).
(٢) في (ش): (والمجابهة).
(٣) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٧.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٧، والطبري ٢/ ٣٥، و"معالم التنزيل" ١/ ١٦٦.
(٥) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٨، "البحر المحيط" ١/ ٤٢٢، "التبيان" ص ١٠٥.
(٦) هكذا وردت في الأصول، ووردت في "الثعلبي": ولكي. وهي أوضح في المعنى.
(٧) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٨، والطبري ٢/ ٣٥، والبغوي ١/ ١٦٦.
(٨) تقدم الحديث عن هذه الرواية في المقدمة.
(٢) في (ش): (والمجابهة).
(٣) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٧.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٧، والطبري ٢/ ٣٥، و"معالم التنزيل" ١/ ١٦٦.
(٥) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٨، "البحر المحيط" ١/ ٤٢٢، "التبيان" ص ١٠٥.
(٦) هكذا وردت في الأصول، ووردت في "الثعلبي": ولكي. وهي أوضح في المعنى.
(٧) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٨، والطبري ٢/ ٣٥، والبغوي ١/ ١٦٦.
(٨) تقدم الحديث عن هذه الرواية في المقدمة.
415
وعنه أيضًا: النعم ست: الإسلام (١) (٢)، والقرآن، ومحمد - ﷺ -، والستر، والعافية، والغنى عما في أيدي الناس (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ ذكرنا معنى (لعل) فيما تقدم (٤)، ونظمُ الكلام يوجب طرح الواو؛ لأن معناه: ولأتم (٥) نعمتي عليكم لعلكم تهتدون بنعمتي، إلا أنه قد يحسن استعمال الواو في مثل هذا الموضع، ويستفاد منه أن يكون ما بعده جملة مبتدئة تتضمن الاتصال بما سبق من الكلام، ويحسن حذف الواو فيكون حينئذ اتصالًا محضًا لا يتضمن استئناف جملة، مثاله: أن تقول: أعطيتك وأكرمتك أرجو رُشْدك، ويحسن أن تقول: وأرجو رُشْدك، أي: بالإكرام والإعطاء، وإن كانت جملة مبتدئة.
١٥١ - قوله تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ﴾ الآية، تكلم النحويون وأرباب المعاني في أن الكاف في قوله: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا﴾ بماذا تتعلق، فذكروا فيه قولين (٦)، أحدهما: أنه متعلق بما قبله، وهو من صلة ﴿وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي﴾، فيكون المعنى: ولأتم نعمتي عليكم كإرسالي إليكم رسولًا، أي:
وقوله تعالى: ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ ذكرنا معنى (لعل) فيما تقدم (٤)، ونظمُ الكلام يوجب طرح الواو؛ لأن معناه: ولأتم (٥) نعمتي عليكم لعلكم تهتدون بنعمتي، إلا أنه قد يحسن استعمال الواو في مثل هذا الموضع، ويستفاد منه أن يكون ما بعده جملة مبتدئة تتضمن الاتصال بما سبق من الكلام، ويحسن حذف الواو فيكون حينئذ اتصالًا محضًا لا يتضمن استئناف جملة، مثاله: أن تقول: أعطيتك وأكرمتك أرجو رُشْدك، ويحسن أن تقول: وأرجو رُشْدك، أي: بالإكرام والإعطاء، وإن كانت جملة مبتدئة.
١٥١ - قوله تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ﴾ الآية، تكلم النحويون وأرباب المعاني في أن الكاف في قوله: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا﴾ بماذا تتعلق، فذكروا فيه قولين (٦)، أحدهما: أنه متعلق بما قبله، وهو من صلة ﴿وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي﴾، فيكون المعنى: ولأتم نعمتي عليكم كإرسالي إليكم رسولًا، أي:
(١) ساقطة من (ش).
(٢) ذكره عنه الثعلبي ١/ ١٢٥٨، والبغوي ١/ ١٦٦.
(٣) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٥٨، وذكر أبوحيان في "البحر المحيط" ١/ ٤٤٣: ثمانية أقوال في معنى تمام النعمة، قال فيها: صدرت مصدر المثال، لا مصدر التعيين، وكل فيها نعمة.
(٤) وقد ذكر الثعلبي في هذا الموضع من "تفسيره" ١/ ١٢٥٨ - ١٢٦٠: معاني لعل.
(٥) في (ش): (لأتم).
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٦، والثعلبي ١/ ١٢٦٢.
(٢) ذكره عنه الثعلبي ١/ ١٢٥٨، والبغوي ١/ ١٦٦.
(٣) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٥٨، وذكر أبوحيان في "البحر المحيط" ١/ ٤٤٣: ثمانية أقوال في معنى تمام النعمة، قال فيها: صدرت مصدر المثال، لا مصدر التعيين، وكل فيها نعمة.
(٤) وقد ذكر الثعلبي في هذا الموضع من "تفسيره" ١/ ١٢٥٨ - ١٢٦٠: معاني لعل.
(٥) في (ش): (لأتم).
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٦، والثعلبي ١/ ١٢٦٢.
416
أتم هذه كما أتممت تلك، وبيان هذا: ما ذكر محمد بن جرير، قال: إن إبراهيم عليه السلام دعا بدعوتين:
إحداهما: قوله ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا﴾ [البقرة: ١٢٨].
الثانية: قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٢٩] وهو محمد - ﷺ -، فالله تعالى قال: ﴿وَلِأُتِمَّ نِعمَتِى﴾ ببيان شرائع ملتكم الحنيفية، وأهديكم لدين خليلي إبراهيم، ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ﴾ يعني (١): فكما أجبتُ دعوته بابتعاث الرسول، كذلك أجيب دعوته بأن أهديكم لدينه، وأجعلكم مسلمين، فيكون هذا إجابةً لدعوته حيث قال: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً﴾ (٢) وهذا الوجه اختيار الفراء (٣).
القول الثاني: أن ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا﴾ جواب لقوله: ﴿فَاذْكُرُونِي﴾ معناه: فاذكروني أذكركم كما أرسلنا، فيكون هذا بمنزلة جزاءٍ له جوابان، أحدهما: مقدم، والآخر: مؤخر، ومثله من الكلام: إذا أتاك عبد الله فأتِه (٤) تُرْضِه، فقد صارت فأتِه ترْضِه جوابين (٥).
إحداهما: قوله ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا﴾ [البقرة: ١٢٨].
الثانية: قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٢٩] وهو محمد - ﷺ -، فالله تعالى قال: ﴿وَلِأُتِمَّ نِعمَتِى﴾ ببيان شرائع ملتكم الحنيفية، وأهديكم لدين خليلي إبراهيم، ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ﴾ يعني (١): فكما أجبتُ دعوته بابتعاث الرسول، كذلك أجيب دعوته بأن أهديكم لدينه، وأجعلكم مسلمين، فيكون هذا إجابةً لدعوته حيث قال: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً﴾ (٢) وهذا الوجه اختيار الفراء (٣).
القول الثاني: أن ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا﴾ جواب لقوله: ﴿فَاذْكُرُونِي﴾ معناه: فاذكروني أذكركم كما أرسلنا، فيكون هذا بمنزلة جزاءٍ له جوابان، أحدهما: مقدم، والآخر: مؤخر، ومثله من الكلام: إذا أتاك عبد الله فأتِه (٤) تُرْضِه، فقد صارت فأتِه ترْضِه جوابين (٥).
(١) في (ش): (معنى).
(٢) "تفسير الطبري" ١/ ٣٥ - ٣٦ بتصرف. ورجحه مكي بن أبي طالب في "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١١٤، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٤٤.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩٢، وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٦٢.
(٤) في (ش): كتبت: (فأنه).
(٥) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩٢، وذكر الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٢٦٢، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤٤٤ أن هذا قول مجاهد وعطاء والكلبي ومقاتل، وهو اختيار الأخفش والزجاج وابن كيسان والأصم، وردّ الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٦ قول من قال: معنى الآية: فاذكروني كما أرسلنا فيكم رسولا منكم أذكركم =
(٢) "تفسير الطبري" ١/ ٣٥ - ٣٦ بتصرف. ورجحه مكي بن أبي طالب في "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١١٤، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٤٤.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩٢، وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٦٢.
(٤) في (ش): كتبت: (فأنه).
(٥) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩٢، وذكر الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٢٦٢، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤٤٤ أن هذا قول مجاهد وعطاء والكلبي ومقاتل، وهو اختيار الأخفش والزجاج وابن كيسان والأصم، وردّ الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٦ قول من قال: معنى الآية: فاذكروني كما أرسلنا فيكم رسولا منكم أذكركم =
417
قال ابن الأنباري: وفسر بعض (١) أصحابنا هذا تفسيرًا شافيًا. فقال: (كما) شرط، والفاء في قوله: ﴿فَاذْكُرُونِي﴾ جوابه، و ﴿أَذْكُرْكُمْ﴾ جواب الشرط المقدر من الأمر في ﴿فَاذْكُرُونِي﴾ وكذلك: إذا أتاك عبد الله فأتِه تُرضِه، (إذا) محمولة على معنى الشرط، والفاء جواب (٢) له، فلما جعل له جواب لشرط مقدر من الإتيان، قال: ولو اقتصر على قوله: ﴿فَاذْكُرُونِي﴾ كان (كما) جوابًا له، فلما جُعِلَ له جوابٌ كان (كما) مذهوبًا به مذهب الشرط.
وهذا القول موافق لتفسير الآية؛ لأن الآية خطاب لمشركي العرب (٣)، خاطبهم الله تعالى بما دلّهم على إثبات رسالة محمد - ﷺ - فقال: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ﴾ محمدًا، وهو رجل منكم أمي، تعلمون أنه لم يتلُ كتابًا، فأنبأكم (٤) بأخبار الأنبياء، أىِ: فكما أنعمت عليكم بإرساله ﴿فَاذْكُرُونِي﴾
وهذا القول موافق لتفسير الآية؛ لأن الآية خطاب لمشركي العرب (٣)، خاطبهم الله تعالى بما دلّهم على إثبات رسالة محمد - ﷺ - فقال: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ﴾ محمدًا، وهو رجل منكم أمي، تعلمون أنه لم يتلُ كتابًا، فأنبأكم (٤) بأخبار الأنبياء، أىِ: فكما أنعمت عليكم بإرساله ﴿فَاذْكُرُونِي﴾
= وزعموا أن ذلك من المقدم الذي معناه التأخير، فأغربوا النزع وبعدوا من الإصابة، وحملوا الكلام على غير معناه المعروف، وسوى وجهه المفهوم. ثم فسر ذلك، ثم ذكر الرد على من قال بالجزاء الذي له جوابان، فقال: وهذا القول وإن كان مذهبا من المذاهب، فليس بالأسهل الأفصح في كلام العرب. وذكر في "البحر المحيط" ١/ ٤٤٤: أن مكي بن أبي طالب رد هذا القول، وقال: لأن الأمر إذا كان له جواب لم يتعلق به فاقبله لاشتغاله بجوابه، وقد رد كلامه أبو حيان في "البحر" وفصَّل.
(١) في (م): (وفسر هذا).
(٢) في نسخة (ش): (والفاء جوابها وترضه جواب الشرط مقدر من الإتيان..) والمثبت من نسختي (أ)، (م).
(٣) ينظر: "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٢٦٢.
(٤) سقطت من (ش).
(١) في (م): (وفسر هذا).
(٢) في نسخة (ش): (والفاء جوابها وترضه جواب الشرط مقدر من الإتيان..) والمثبت من نسختي (أ)، (م).
(٣) ينظر: "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٢٦٢.
(٤) سقطت من (ش).
418
بتوحيدي، وتصديقه ﴿أَذْكُرْكُمْ﴾ برحمتي ومغفرتي والثناء عليكم (١).
قال ابن عباس: قوله: ﴿وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ﴾ قال: هذا كله للمهاجرين والأنصار، فأوّل الآية الخطابُ عامٌّ؛ لأن الإرسال عام، وباقي الآية خاص؛ لأن تلاوته وتعليمه وتزكيته مما خص الله به أقوامًا دون (٢).
ومعنى قوله: ﴿وَيُزَكِّيكُمْ﴾ أي: يعرضكم لما تكونون به أزكياء، من الأمر بطاعة الله، واتباع مرضاته (٣)، ويحتمل أن يكون المعنى: ينسبكم إلى أنكم أزكياء بشهادته لكم؛ ليعرفكم الناس به، وقد ذكرنا معنى التزكية فيما تقدم (٤).
١٥٢ - قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ أصل الذكر في اللغة: التنبيه على الشيء، ومن ذكّرك شيئا فقد نبهك عليه، وإذا ذكرته فقد تنبهت عليه، والذَّكرُ أَنْبَهُ من الأنثى. وقوله: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ﴾ [الزخرف: ٤٤] أي: شرف لك، من النباهة. ومعنى الذكر: حضور المعنى للنفس، ثم يكون تارة بالقلب، وتارة بالقول، وليس موجبه أن يكون بعد النسيان؛ لأنه يستعمل كثيرًا دون أن يتقدمه نسيان (٥).
قال ابن عباس: قوله: ﴿وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ﴾ قال: هذا كله للمهاجرين والأنصار، فأوّل الآية الخطابُ عامٌّ؛ لأن الإرسال عام، وباقي الآية خاص؛ لأن تلاوته وتعليمه وتزكيته مما خص الله به أقوامًا دون (٢).
ومعنى قوله: ﴿وَيُزَكِّيكُمْ﴾ أي: يعرضكم لما تكونون به أزكياء، من الأمر بطاعة الله، واتباع مرضاته (٣)، ويحتمل أن يكون المعنى: ينسبكم إلى أنكم أزكياء بشهادته لكم؛ ليعرفكم الناس به، وقد ذكرنا معنى التزكية فيما تقدم (٤).
١٥٢ - قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ أصل الذكر في اللغة: التنبيه على الشيء، ومن ذكّرك شيئا فقد نبهك عليه، وإذا ذكرته فقد تنبهت عليه، والذَّكرُ أَنْبَهُ من الأنثى. وقوله: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ﴾ [الزخرف: ٤٤] أي: شرف لك، من النباهة. ومعنى الذكر: حضور المعنى للنفس، ثم يكون تارة بالقلب، وتارة بالقول، وليس موجبه أن يكون بعد النسيان؛ لأنه يستعمل كثيرًا دون أن يتقدمه نسيان (٥).
(١) من كلام الزجاج ١/ ٢٢٨، وينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٧، والثعلبي ١/ ١٢٦٢ - ١٢٦٥، والبغوي ١/ ١٦٧.
(٢) سقط في نسختي: (أ)، (م). وأما في (ش) فبياض بمقدار كلمة ولعلها (أقوام).
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٦ - ٣٧.
(٤) ينظر ما تقدم في قوله: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٢٩].
(٥) ينظر في الذكر: "البحر المحيط" ١/ ٤٤٥ - ٤٤٦، "لسان العرب" ٣/ ١٥٠٧ - ١٥٠٩ (ذكر)، وقال الراغب في "المفردات" ص ١٨٤: الذكر ذكران: ذكر بالقلب، وذكر باللسان، وكل واحد منهما ضربان، ذكر عن نسيان، وذكر لا عن نسيان، بل عن إدامة الحفظ، وكل قول يقال له ذكر.
(٢) سقط في نسختي: (أ)، (م). وأما في (ش) فبياض بمقدار كلمة ولعلها (أقوام).
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٦ - ٣٧.
(٤) ينظر ما تقدم في قوله: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٢٩].
(٥) ينظر في الذكر: "البحر المحيط" ١/ ٤٤٥ - ٤٤٦، "لسان العرب" ٣/ ١٥٠٧ - ١٥٠٩ (ذكر)، وقال الراغب في "المفردات" ص ١٨٤: الذكر ذكران: ذكر بالقلب، وذكر باللسان، وكل واحد منهما ضربان، ذكر عن نسيان، وذكر لا عن نسيان، بل عن إدامة الحفظ، وكل قول يقال له ذكر.
419
قال سعيد بن جُبير: (اذكروني) بطا عتي ﴿أَذْكُرْكُمْ﴾ بمغفرتي (١). وقيل: اذكروني بالدعاء أذكركم بالإجابة (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَاشْكُرُوا لِي﴾ تقول العرب: شكرته وشكرت له، ونصحته ونصحت له، في أحرف تسمع ولا تقاس. فمن قال: شكرتك، أوقع اسم المنعم موقع النعمة، فعدّى الفعل بغير وسيطة، والأجود: شكرت لك؛ لأنه الأصل في الكلام، والأكثر في الاستعمال (٣). والنعمة محذوفة من الآية؛ لأن معنى الكلام: واشكروا لي نعمتي؛ لأن حقيقة الشكر إنما هو إظهار النعمة، لا إظهار المنعم. وكذلك ﴿وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ أي: لا تكفروا نعمتي (٤)؛ لأن أصل الكفر إنما هو ستر النعمة (٥) لا ستر
وقوله تعالى: ﴿وَاشْكُرُوا لِي﴾ تقول العرب: شكرته وشكرت له، ونصحته ونصحت له، في أحرف تسمع ولا تقاس. فمن قال: شكرتك، أوقع اسم المنعم موقع النعمة، فعدّى الفعل بغير وسيطة، والأجود: شكرت لك؛ لأنه الأصل في الكلام، والأكثر في الاستعمال (٣). والنعمة محذوفة من الآية؛ لأن معنى الكلام: واشكروا لي نعمتي؛ لأن حقيقة الشكر إنما هو إظهار النعمة، لا إظهار المنعم. وكذلك ﴿وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ أي: لا تكفروا نعمتي (٤)؛ لأن أصل الكفر إنما هو ستر النعمة (٥) لا ستر
(١) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٧، وأبو نعيم في "الحلية" ٤/ ٣١٤، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٦٣، وعزاه في "الدر" ١/ ٢٧٣ إلى عبد بن حميد، وأخرجه أبو الشيخ والديلمي من طريق جويبر عن ابن عباس مرفوعًا.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٦٧.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٧ - ٣٨، "المفردات" ص ٢٦٨، "لسان العرب" ٤/ ٢٣٠٥ (شكر)، قال: يقال: شكرته، وشكرت له، وباللام أفصح، وقال الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٩٢: العرب لا تكاد تقول شكرتك، إنما تقول: شكرت لك، ونصحت لك، ولا يقولون: نصحتك، وربما قيلتا. وقال في "البحر المحيط" ١/ ٤٤٧: وهو من الأفعال التي ذكر أنها تارة تتعدى بحرف الجر، وتارة تتعدى بنفسها وقالوا: إذا قلت شكرت لزيد، فالتقدير: شكرت لزيد صنيعه، فجعلوه مما يتعدى لواحد بحرف جر ولآخر بنفسه، ولذلك فسر الزمخشري هذا الموضع بقوله. واشكروا لي ما أنعمت به عليكم.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٦٩، "البحر المحيط" ١/ ٤٤٧.
(٥) ينظر في الكفر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٧ - ٣٨، وقال في "المفردات" ص ٤٣٥: وكفر النعمة وكفرانها: سترها بترك أداء شكرها والكفران في جحود النعمة أكثر استعمالاً، والكفر في الدين أكثر، والكفور فيهما جميعًا.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٦٧.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٧ - ٣٨، "المفردات" ص ٢٦٨، "لسان العرب" ٤/ ٢٣٠٥ (شكر)، قال: يقال: شكرته، وشكرت له، وباللام أفصح، وقال الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٩٢: العرب لا تكاد تقول شكرتك، إنما تقول: شكرت لك، ونصحت لك، ولا يقولون: نصحتك، وربما قيلتا. وقال في "البحر المحيط" ١/ ٤٤٧: وهو من الأفعال التي ذكر أنها تارة تتعدى بحرف الجر، وتارة تتعدى بنفسها وقالوا: إذا قلت شكرت لزيد، فالتقدير: شكرت لزيد صنيعه، فجعلوه مما يتعدى لواحد بحرف جر ولآخر بنفسه، ولذلك فسر الزمخشري هذا الموضع بقوله. واشكروا لي ما أنعمت به عليكم.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٦٩، "البحر المحيط" ١/ ٤٤٧.
(٥) ينظر في الكفر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٧ - ٣٨، وقال في "المفردات" ص ٤٣٥: وكفر النعمة وكفرانها: سترها بترك أداء شكرها والكفران في جحود النعمة أكثر استعمالاً، والكفر في الدين أكثر، والكفور فيهما جميعًا.
420
المنعم. والأصل: لا تكفروني (١) بالياء، إلا أن أكثر ما جاء في القرآن حذف الياءات مع النون (٢) (٣)، وقد حذفت مع غير النون، كقوله: ﴿يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ﴾ (٤) [ق: ٤١].
قال الفراء: وليست تتهيّب العرب حذف الياء من آخر الكلام (٥)، إذا كان ما قبلها مكسورًا، من ذلك ﴿أَكْرَمَنِ﴾ ﴿أَهَانَنِ﴾ [الفجر: ١٥ - ١٦] و ﴿أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ﴾ [النمل: ٣٦]، ومن غير النون ﴿الْمُنَادِ﴾ [ق: ٤١] و ﴿الدَّاعِ﴾ [القمر: ٨]، (٦) يكتفي من الياء بكسر ما قبلها، ومن الواو بضمة ما قبلها، مثل: ﴿سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)﴾ [العلق: ١٨]، و ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (١١)﴾ [الإسراء: ١١]. وقد تُسقط العرب الواو، وهي واو جِمَاع (٧)، اكتفاءً بالضمة قبلها، فيقال في ﴿ضَرَبُوا﴾: ضَرَبُ، وفي ﴿قالوا﴾: قالُ، وهي في هوازن وعُليا قيس. قال بعضهم:
قال الفراء: وليست تتهيّب العرب حذف الياء من آخر الكلام (٥)، إذا كان ما قبلها مكسورًا، من ذلك ﴿أَكْرَمَنِ﴾ ﴿أَهَانَنِ﴾ [الفجر: ١٥ - ١٦] و ﴿أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ﴾ [النمل: ٣٦]، ومن غير النون ﴿الْمُنَادِ﴾ [ق: ٤١] و ﴿الدَّاعِ﴾ [القمر: ٨]، (٦) يكتفي من الياء بكسر ما قبلها، ومن الواو بضمة ما قبلها، مثل: ﴿سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)﴾ [العلق: ١٨]، و ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (١١)﴾ [الإسراء: ١١]. وقد تُسقط العرب الواو، وهي واو جِمَاع (٧)، اكتفاءً بالضمة قبلها، فيقال في ﴿ضَرَبُوا﴾: ضَرَبُ، وفي ﴿قالوا﴾: قالُ، وهي في هوازن وعُليا قيس. قال بعضهم:
| إذا ما شاءُ ضرّوا من أرادوا | ولا يألوهم أحدٌ ضرارا (٨) (٩) |
(١) في (ش)، (م): (لا تكفرون).
(٢) (النون) سقطت من (م).
(٣) ينظر: "الكتاب" لسيبويه ٤/ ١٨٦، "المقتضب" ٤/ ٢٤٦.
(٤) في (م): (ينادى المنادي).
(٥) في (م): (النون).
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٨، وقال فيه: الأكثر الذي أتى به القراء حذف الياءات مع النون.
(٧) في (ش): (اجماع).
(٨) (ما) ساقطة من (أ)، (م). وفيهما: "ضرار". وفي (م)، (ش): (ضربوا)، وهو تحريف.
(٩) البيت بلا نسبة في "الإنصاف" ص ٤٣٠، "همع الهوامع" ١/ ٥٨، وأورده البغدادي في "شرح شواهد المغني" ٢/ ٨٥٩، وقال: هذا البيت مشهور في تصانيف =
(٢) (النون) سقطت من (م).
(٣) ينظر: "الكتاب" لسيبويه ٤/ ١٨٦، "المقتضب" ٤/ ٢٤٦.
(٤) في (م): (ينادى المنادي).
(٥) في (م): (النون).
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٨، وقال فيه: الأكثر الذي أتى به القراء حذف الياءات مع النون.
(٧) في (ش): (اجماع).
(٨) (ما) ساقطة من (أ)، (م). وفيهما: "ضرار". وفي (م)، (ش): (ضربوا)، وهو تحريف.
(٩) البيت بلا نسبة في "الإنصاف" ص ٤٣٠، "همع الهوامع" ١/ ٥٨، وأورده البغدادي في "شرح شواهد المغني" ٢/ ٨٥٩، وقال: هذا البيت مشهور في تصانيف =
421
وأنشد الكسائي:
١٥٣ - وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾ قال مقاتل: استعينوا على طلب الآخرة بالصبر على الفرائض، وبالصلوات الخمس في مواقيتها على تمحيص الذنوب (٣). وذكرنا أن معنى الصبر في اللغة: الحبس (٤)، فالاستعانة بالصبر هو أن يستعين على دينه بحبس النفس عن (٥) الشهوات والمحارم، وحبسها على (٦) الطاعات (٧). ومعنى الاستعانة بالصلاة: قال الزجاج: أي: أنكم إذا صليتم تلوتم في صلاتكم ما تعرفون به فضل ما أنتم عليه، وكان ذلك لكم عونًا (٨).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ قال عطاء، عن ابن عباس:
| فلو أنّ الأطِبّا كانُ حولي | وكان مع الأطبّاءِ الأُسَاةُ (١) (٢) |
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ قال عطاء، عن ابن عباس:
= العلماء، ولم يذكر أحد منهم قائله. وذكر الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٩١ بيتًا هو:
(١) البيت بلا نسبة في "أسرار العربية" ص ٣١٧، "جواهر الأدب" ص ٢٠٨، وينظر: "الخزانة" ٢/ ٣٨٥. والأُساة: جمع آس، وهو هنا: من يعالج الجرح.
(٢) من "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩١.
(٣) ينظر: "تفسير مقاتل" ١/ ١٥٠، وعبارته: استعينوا على طلب الآخرة بالصبر على الفرائض والصلوات في مواقيتها نحو الكعبة، حين عيرتهم اليهود بترك قبلتهم.
(٤) ينظر في الصبر ومعناه وحقيقته: كتاب ابن القيم الماتع: "عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين".
(٥) في (ش): (من).
(٦) في (ش): (عن).
(٧) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٨.
(٨) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٩.
| متى تقول خلت من أهلها الدار | كأنهم بجناحي طائر طاروا |
(٢) من "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩١.
(٣) ينظر: "تفسير مقاتل" ١/ ١٥٠، وعبارته: استعينوا على طلب الآخرة بالصبر على الفرائض والصلوات في مواقيتها نحو الكعبة، حين عيرتهم اليهود بترك قبلتهم.
(٤) ينظر في الصبر ومعناه وحقيقته: كتاب ابن القيم الماتع: "عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين".
(٥) في (ش): (من).
(٦) في (ش): (عن).
(٧) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٨.
(٨) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٩.
يقول: إني معكم أنصركم ولا أخذلكم (١).
وقال أبو اسحاق: تأويله: أنه يظهر دينهم على سائر الأديان؛ لأن من كان الله معه فهو الغالب، كما قال عز وجل: ﴿فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [المائدة: ٥٦] (٢).
١٥٤ - قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ﴾ يرتفع بإضمار المكني، تقريره: لا تقولوا: هم أموات. ولا يجوز إيقاع القول على الأسماء، لا يجوز أن تقول: قلتُ عبد الله قائمًا، وإنما يجوز إيقاع القول على (٣) اسم في معنى قول، من ذلك قولك: قلت خيرًا، وقلت شرًا، نصبتهما؛ لأنهما قول، كأنك قلت كلامًا حسنًا أو قبيحًا (٤).
نزلت الآية في قتلى بدر من المسلمين، وذلك أن الناس كانوا يقولون لمن يقتل في سبيل الله: مات فلان، وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها، فأنزل الله هذه الآية (٥).
وقال أبو اسحاق: تأويله: أنه يظهر دينهم على سائر الأديان؛ لأن من كان الله معه فهو الغالب، كما قال عز وجل: ﴿فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [المائدة: ٥٦] (٢).
١٥٤ - قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ﴾ يرتفع بإضمار المكني، تقريره: لا تقولوا: هم أموات. ولا يجوز إيقاع القول على الأسماء، لا يجوز أن تقول: قلتُ عبد الله قائمًا، وإنما يجوز إيقاع القول على (٣) اسم في معنى قول، من ذلك قولك: قلت خيرًا، وقلت شرًا، نصبتهما؛ لأنهما قول، كأنك قلت كلامًا حسنًا أو قبيحًا (٤).
نزلت الآية في قتلى بدر من المسلمين، وذلك أن الناس كانوا يقولون لمن يقتل في سبيل الله: مات فلان، وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها، فأنزل الله هذه الآية (٥).
(١) تقدم الحديث عن هذه الرواية في المقدمة.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٩.
(٣) من قوله: (الأسماء..) ساقط من (ش).
(٤) بمعناه من كلام الفراء في "معاني القرآن" ٩٣/ ١، "تفسير الطبري" ٣٨/ ٢ - ٣٩، "المحرر الوجيز" ٢/ ٣٠ - ٣١، "البحر المحيط" ١/ ٤٤٨.
(٥) ذكره مقاتل في "تفسيره" ١/ ١٥٠، وعدَّ أسماء القتلى، وأبو الليث السمرقندي في "بحر العلوم" ١/ ١٦٩، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٦٩، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٧ - ٤٨، والحيري في "الكفاية" ١/ ٨٧، والسمعاني ٢/ ١٠٠، والماوردي مختصرا في "النكت والعيون" ١/ ٢٠٩، وعزاه السيوطي في "الدر" ١/ ٣٨٤ لابن منده في المعرفة، من طريق السدي الصغير، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وهذه سلسلة الكذب. وحكى ابن عطية في "المحرر" ٢/ ٣٠ - ٣١ في سببها، دون أن ينسبه إلى أحد، أن المؤمنين صعب عليهم فراق =
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٩.
(٣) من قوله: (الأسماء..) ساقط من (ش).
(٤) بمعناه من كلام الفراء في "معاني القرآن" ٩٣/ ١، "تفسير الطبري" ٣٨/ ٢ - ٣٩، "المحرر الوجيز" ٢/ ٣٠ - ٣١، "البحر المحيط" ١/ ٤٤٨.
(٥) ذكره مقاتل في "تفسيره" ١/ ١٥٠، وعدَّ أسماء القتلى، وأبو الليث السمرقندي في "بحر العلوم" ١/ ١٦٩، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٦٩، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٧ - ٤٨، والحيري في "الكفاية" ١/ ٨٧، والسمعاني ٢/ ١٠٠، والماوردي مختصرا في "النكت والعيون" ١/ ٢٠٩، وعزاه السيوطي في "الدر" ١/ ٣٨٤ لابن منده في المعرفة، من طريق السدي الصغير، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وهذه سلسلة الكذب. وحكى ابن عطية في "المحرر" ٢/ ٣٠ - ٣١ في سببها، دون أن ينسبه إلى أحد، أن المؤمنين صعب عليهم فراق =
وقوله تعالى: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ﴾ أي: بل هم أحياء، والأحسن في حياة الشهداء، وكيفية وصفهم بها (١) ما قال رسول الله - ﷺ -: "إن أرواح الشهداء في أجوافِ طيرٍ خُضْرِ، تسرَحُ في ثمار الجنة، وتشرب من أنهارها، وتأوي بالليل إلى قناديلَ من نورِ معلّقةِ بالعرش (٢) ".
وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ أي: ما هم فيه من النعيم والكرامة، وقيل ﴿وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ أنهم أحياء (٣).
فإن قيل: كيف لا يشعرون وقد أخبر الله بذلك؟
قلنا: أراد: لا يحسّون ذلك؛ لأنهم لا يشاهدون (٤)، وهذا النوع من العلم مقتضى (٥) الشِعْرِ، وذكرنا هذا في أول السورة (٦)، وبيّنّا أنه لهذا المعنى لا يقال: الله يشعر.
١٥٥ - قوله تعالى ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ النون فيه للتأكيد، واللام جواب قسم
وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ أي: ما هم فيه من النعيم والكرامة، وقيل ﴿وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ أنهم أحياء (٣).
فإن قيل: كيف لا يشعرون وقد أخبر الله بذلك؟
قلنا: أراد: لا يحسّون ذلك؛ لأنهم لا يشاهدون (٤)، وهذا النوع من العلم مقتضى (٥) الشِعْرِ، وذكرنا هذا في أول السورة (٦)، وبيّنّا أنه لهذا المعنى لا يقال: الله يشعر.
١٥٥ - قوله تعالى ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ النون فيه للتأكيد، واللام جواب قسم
= إخوانهم وقراباتهم، فنزلت مسلية لهم، تعظم منزلة الشهداء، فصاروا مغبوطين لا محزونا عليهم. ينظر: "العجاب" لابن حجر ١/ ٤٠٣ - ٤٠٥، "البحر المحيط" ١/ ٤٤٨.
(١) سقطت من (م).
(٢) أخرجه مسلم عن عبد الله بن مسعود (١٨٨٧) كتاب الإمارة، باب: بيان أن أرواح الشهداء في الجنة.
(٣) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٧٠، "البحر المحيط" ١/ ٤٤٨، وقال: ولكن لا تشعرون بكيفية حياتهم، ولو كان المعنى بأحياء: أنهم سيحيون يوم القيامة أو أنهم على هدى، فلا يقال فيه ولكن لا تشعرون؛ لأنهم قد شعروا به.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٤٠.
(٥) في (ش): (فيقتضي).
(٦) عند قوله: ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: ٩].
(١) سقطت من (م).
(٢) أخرجه مسلم عن عبد الله بن مسعود (١٨٨٧) كتاب الإمارة، باب: بيان أن أرواح الشهداء في الجنة.
(٣) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٧٠، "البحر المحيط" ١/ ٤٤٨، وقال: ولكن لا تشعرون بكيفية حياتهم، ولو كان المعنى بأحياء: أنهم سيحيون يوم القيامة أو أنهم على هدى، فلا يقال فيه ولكن لا تشعرون؛ لأنهم قد شعروا به.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٤٠.
(٥) في (ش): (فيقتضي).
(٦) عند قوله: ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: ٩].
424
محذوف، وفتحت الواو لالتقاء الساكنين في قول سيبويه، وقال غيره: إنّها مبنية على الفتح (١).
ومعنى ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ أي: نعاملكم معاملة المبتلي؛ لأن الله تعالى يعلم عواقب الأمور، فلا يحتاج إلى الابتلاء ليعرف العاقبة، ولكنه يعاملهم معاملة من يبتلي، فمن صبر أثابه على صبره، ومن لم يصبر لم يستحقّ الثواب، فيكون في ذلك إلزام الحجة (٢).
وقوله تعالى: ﴿بِشَيْءٍ﴾ ولم يقل: بأشياء، وقد ذكر بعده ما هو أشياء لمكان (من)، والمعنى: بشيء من الخوف وشيء (٣) من الجوع، وهو كقول القائل: أعطني شيئًا من الدراهم، ومن الطعام، فيصير شيء كالمكرر في المعنى، ولو كان (بأشياء) كان صوابًا (٤).
قال ابن عباس: ﴿مِنَ الْخَوْفِ﴾ يعني خوف العدو (٥)، ﴿وَالْجُوعِ﴾ يعني: المجاعة والقحط، ﴿وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ﴾ يعني: الخسران والنقصان
ومعنى ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ أي: نعاملكم معاملة المبتلي؛ لأن الله تعالى يعلم عواقب الأمور، فلا يحتاج إلى الابتلاء ليعرف العاقبة، ولكنه يعاملهم معاملة من يبتلي، فمن صبر أثابه على صبره، ومن لم يصبر لم يستحقّ الثواب، فيكون في ذلك إلزام الحجة (٢).
وقوله تعالى: ﴿بِشَيْءٍ﴾ ولم يقل: بأشياء، وقد ذكر بعده ما هو أشياء لمكان (من)، والمعنى: بشيء من الخوف وشيء (٣) من الجوع، وهو كقول القائل: أعطني شيئًا من الدراهم، ومن الطعام، فيصير شيء كالمكرر في المعنى، ولو كان (بأشياء) كان صوابًا (٤).
قال ابن عباس: ﴿مِنَ الْخَوْفِ﴾ يعني خوف العدو (٥)، ﴿وَالْجُوعِ﴾ يعني: المجاعة والقحط، ﴿وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ﴾ يعني: الخسران والنقصان
(١) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٣٠، وعنده: وقال غيره من أصحابه، وتتمة كلامه: وقد قال سيبويه في لام يفعل، لأنها مع ذلك قد تبنى على الفتحة، فالذين قالوا من أصحابه: إنها مبنية على الفتح غير خارجين من قول له، وكلا القولين جائز. ينظر: "الكتاب لسيبويه" ٣/ ٥١٨ - ٥٢١.
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٤١، "تفسير البغوي" ١/ ١٦٩.
(٣) في (م)، (ش): (شيئًا).
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٣١٢، "تفسير الطبري" ٣/ ٤١، "البحر المحيط" ١/ ٤٥٠، وقال: أفرده ليدل على التقليل؛ إذ لو جمعه فقال: بأشياء، لاحتمل أن تكون ضروبًا من كل واحد مما بعده.
(٥) ذكره عن ابن عباس: الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٧٤، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٣٦، و"البغوي" ١/ ١٦٩، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٥٩.
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٤١، "تفسير البغوي" ١/ ١٦٩.
(٣) في (م)، (ش): (شيئًا).
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٣١٢، "تفسير الطبري" ٣/ ٤١، "البحر المحيط" ١/ ٤٥٠، وقال: أفرده ليدل على التقليل؛ إذ لو جمعه فقال: بأشياء، لاحتمل أن تكون ضروبًا من كل واحد مما بعده.
(٥) ذكره عن ابن عباس: الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٧٤، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٣٦، و"البغوي" ١/ ١٦٩، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٥٩.
425
في المال وهلاك المواشي، ﴿وَالْأَنْفُسِ﴾ يعني: الموت والقتل. وقيل: المرض. وقيل: الشيب، ﴿وَالثَّمَرَاتِ﴾ يعني: الجوائح، وأن لا تخرج الثمرة كما كانت تخرج (١).
قال أبو إسحاق وابن الأ�
قال أبو إسحاق وابن الأ�