وإذا قسمنا حياة المسلمين بمكة إلى ثلاثة فترات : الفترة المبكرة للدعوة والفترة المتوسطة فيما بين الهجرة إلى الحبشة والإسراء والفترة الأخيرة فيما بين الإسراء والهجرة إلى المدينة رأينا أن سورة فاطر نزلت في الفترة المتوسطة من حياة المسلمين بمكة.
ولسورة فاطر اسمان : الاسم الأول سورة فاطر والاسم الثاني سورة الملائكة لقوله تعالى في أول السورة :﴿ الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلاث وربع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شي ء قدير ﴾ ( فاطر : ١ )
موضوعات السورة
قال الفيروزبادي :
مقصود سورة فاطر هو : بيان خلق الملائكة، وفتح أبواب الرحمة، وتذكير النعمة، والتحذير من إغواء الشياطين، وتسلية الرسول، وصعود كلمة الشهادة إلى الله، وذكر عجائب البحر واستخراج الحلية منه، وسير الليل والنهار، وعجز الأصنام عن الربوبية، وفقر العباد إلى الله، وفضل القرآن وشرف تلاوته، وأصناف الخلق في وراثة القرآن، وخلود الجنة لأهل الإيمان، وخلود النار لأهل الكفر والطغيان، والمنة على العباد بحفظ السماء والأرض من الخلل والاضطراب... i
سياق السورة
سورة فاطر لها نسق خاص في موضوعها وفي سياقها أقرب ما تكون إلى نسق سورة الرعد. ››فهي تمضي في إيقاعات تتوالى على القلب البشرى من بدئها إلى نهايتها وهي إيقاعات موحية مؤثرة تهز القلب هزا وتوقظه من غفلته ليتأمل عظمة هدا الوجود وروعة هذا الكون وليتدبر آيات الله المبثوثة في تضاعيفه المتناثرة في صفحاته، وليتذكر آلاء الله ويشعر برحمته ورعايته وليتصور مصارع الغابرين في الأرض ومشاهدهم يوم القيامة وليخشع ويعنوا وهو يواجه بدائع صنع الله وآثار يده في أطواء الكون وقي أغوار النفس وفي حياة البشر وفي أحداث التاريخ وهو يرى ويلمس قي تلك البدائع وهذه الآثار وحدة الحق ووحدة الناموس ووحدة اليد الصانعة المبدعة القوية القادرة.. ذلك كله قي أسلوب وفي إيقاع لا يتماسك له قلب يحس ويدرك ويتأثر تأثر الأحياء.
والسورة وحدة متماسكة متوالية الحلقات متتالية الإيقاعات، يصعب تقسيمها إلى فصول متميزة الموضوعات، فهي كلها موضوع، كلها إيقاعات على أوتار القلب البشرى تستمد من ينابيع الكون والنفس والحياة والتاريخ والبعث فتأخذ على النفس أقطارها وتهتف بالقلب من كل مطلع إلى الإيمان والخشوع والإذعان
والسمة البارزة الملحوظة هي تجمع الخيوط كلها في يد القدرة المبدعة وإظهار هذه اليد تحرك الخيوط كلها وتجمعها وتقبضها وتبسطها وتشدها وترخيها فلا معقب ولا شريك ولا ظهير ii
فقرات السورة
رغم أن السورة كلها وحدة متماسكة إلا أنها يمكن تقسيمها إلى خمسة موضوعات أو مجموعات :
١- رحمة الله وفضله
إذا تأملنا الآيات من ( ١-٨ ) في سورة فاطر نجد فيضا من أنعم الله التي لا تعد ولا تحصى على عباده فهو خالق السماوات والأرض وجاعل الملائكة رسلا يوصلون آثار قدرته وجليل وحيه إلى عباده وإذا لاحظت عناية الله عبدا زالت من أمامه القيود والسدود :﴿ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها... ﴾( فاطر : ٢ ).
لقد فتح الله رحمته لأنبيائه وأصفيائه : جعل النار بردا وسلاما على إبراهيم وأنقذ يوسف من الجب ومن السجن واستجاب دعاء يونس في بطن الحوت وآزر موسى في طريقه إلى فرعون وأنزل رحمته بأصحاب الكهف وحفظهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا وشملت رحمة الله محمدا صلى الله عليه وسلم في الهجرة وهو طريد :﴿ ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا... ﴾( التوبة : ٤٠ ).
وإذا أمسك الله رحمته عن عبد فلن ينفعه مال ولا رجال وإذا استقر اليقين في القلب تنبه إلى كيد الشيطان وفنه، فالمؤمن يعلم أن الشيطان عدو لنا يزين لنا الشر ليوقعنا في المعصية فمن أطاع الشيطان زين له سوء عمله فرآه حسنا ووقع في الظلال ومن يضلل الله فما له من هاد.
٢ – آيات الله في الكون
في الآيات من ( ٩ – ١٠ ) نلاحظ آثار القدرة الإلهية قي نفس الإنسان وفي صفحة الكون وفي الرياح يسوقها الله، ثم تثير السحب فتسوقها يد القدرة مطرا يحي الأرض بعد موتها وكذلك البعث والحياة بعد الموت والله خالق الإنسان وبيده رعايته قي مراحل تكوينه وتخليقه في بطن أمه، ثم رعايته وليدا وناشئا وزوجا وهو عليم بمن يموت مبكرا إن ذلك على الله يسير.
وتمتد قدرة الله إلى كل مظهر من مظاهر الوجود فتراها في مشهد البحرين المتميزين أحدهما عذب فرات والأخر ملح أجاج وفيهما من نعم الله على الناس ما يقتضي الشكر والعرفان.
وفي مشهد الليل والنهار يتداخلان ويطولان ويقصران دليل على التقدير والتدبير وكذلك مشهد الشمس والقمر مسخرين بهذا النظام الدقيق.
هذه آثار قدرة الله والذين يدعون من دونه لا يسمعون ولا يستجيبون، ويوم القيامة يتبرءون من عبادهم الضلال ولا يخبر بهذه الحقائق مثل الإله الخبير
٣- الله غني عن عبادتنا
في الآيات من ( ١٥ – ٢٦ ) بيان لحقيقة أساسية هي أن الله غني عن عبادتنا فلا تنفعه طاعتنا ولا تضره معصيتنا ولكننا نحن الفقراء المحتاجون إلى رضاه وعنايته فمن وجد الله وجد كل شيء : وجد الهداية والسعادة والثقة بالنفس والأمل في الغد، ومن فقد الله فقد كل شيء ولو شاء الله أن يذهب الناس لأهلكهم وأتى بخلق جديد يعرفون فضله عليهم.
ويشير القرآن إلى أن طبيعة الهدى غير طبيعة الضلال وأن الاختلاف بين طبيعتهما أصل عميق كأصالة الاختلاف ف بين العمى والبصر والظالمات والنور والظل والحرور والموت صلة وشبها ثم تنتهي الجولة بإشارة إلى مصارع المكذبين للتنبيه والتحذير
٤ – كتابان إلهيان
عند قراءة الآيات من ( ٢٧ – ٣٨ ) يتضح أمامنا أن لله عز وجل كتابين يدلان عليه : أحدهما كتاب الكون والثاني الكتاب المنزل والمؤمن يقرأ دلائل القدرة قي كتاب الكون : في صحائفه العجيبة الرائعة المتنوعة الألوان والأنواع والأجناس والثمار المتنوعة الألوان والجبال الملونة الشعاب والناس والدواب والأنعام وألوانها المتعددة الكثيرة.. هذه اللفتة العجيبة إلى تلك الصحائف الرائعة في كتاب الكون المفتوح
والمؤمن يقرأ في الكتاب المنزل ويستيقن بما فيه من الحق المصدق لما بين يديه من الكتب المنزلة وتوريث هذا الكتاب للأمة المسلمة ودرجات الوارثين وما ينتظرهم جميعا من نعيم بعد عفو الله وغفرانه للمسيئين ومشهدهم في دار النعيم ومقابلتهم مشهد الكافرين الأليم وتختم الجولة العجيبة المديدة المنوعة الألوان بتقرير أن ذلك كله يتم وفقا لعلم الله العليم بذات الصدور
٥ – دلائل الإيمان
تشتمل الآيات من ( ٣٩ – ٤٥ ) على الفقرة الأخيرة من السورة وفيها دلائل يقدمها القرآن ليحرك القلوب نحو الإيمان وتجول الآيات جولات واسعة المدى تشتمل على إيحاءات شتى : جولة مع البشرية في أجيالها المتعاقبة يخلف بعضهما بعضا " وجولة في الأرض و السماوات للبحث عن أي أثر للشركاء الذين يدعونهم من دون الله، وجولة في السماوات و الأرض كذلك لرؤية يد الله القوية تمسك بالسماوات والأرض أن تزولا وجولة مع هؤلاء المكذبين بتلك الدلائل كلها وهم قد عاهدوا الله من قبل لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم ثم نقضوا هذا العهد وخالفوه فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا وجولة قي مصارع المكذبين من قبلهم وهم يشهدون آثارهم الداثرة ولا يخشون أن تدور عليهم الدائرة وأن تمضى فيهم سنة الله الجارية " iii ثم الختام الموحى الموقظ للقلب المبين فضل الله العظيم قي إمهال العصاة فإن تابوا قبل توبتهم وإن أصروا على المعصية عاقبهم وحاسبهم قال تعالى : ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا. ( فاطر : ٤٥ )
***
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير( ١ ) ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم( ٢ ) يأبها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تأفكون( ٣ ) وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور( ٤ ) ﴾المفردات :
الحمد لله : قولوا الحمد لله فإن واجب الحمد ومقتضى الحمد ما ذكر بعد
فاطرالسماوات والأرض : خالقهما ومبدعهما على غير مثال سابق
جاعل الملائكة رسلا : أي : جعل منهم رسلا إلى الأنبياء كجبريل
أولى أجنحة : ذوى أجنحة جمع جناح كجناح الطائر
مثنى وثلاث ورباع : أي اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، حسب مراتبهم
يزيد في الخلق ما يشاء : يزيد بحكمته في بعض مخلوقاته ما يشاء من الزيادات على بعض آخر إن اتفقوا في الجنس والنوع
تمهيــد :
تبدأ سورة فاطر بحمد الله تعالى وقد بدأت بحمد الله خمس سور هي : الفاتحة والأنعام والكهف وسبأ وفاطر وتشتمل البداية على دلائل القدرة والعظمة والملك وتدبير شؤون الكون وإرسال الرزق والوحي ومنافع العباد المادية والمعنوية
التفسير :
﴿ الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ﴾
الشكر لله منشأ السماوات والأرض من العدم وخالقهما على غير مثال سابق وهو سبحانه جعل الملائكة وسائط بينه وبين عباده لتبليغ رسالات السماء وتصريف الرياح والأمطار والسحاب والأرزاق والعذاب والهداية وغير ذلك ومن هؤلاء الملائكة جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وهم ذوو أجنحة متعددة بعضهم له جناحان وبعضهم له ثلاثة أجنحة وبعضهم له أربعة أجنحة وبعضهم له أكثر من ذلك ينزلون بها من السماء إلى الأرض ويعرجون بها من الأرض إلى السماء.
جاء في الحديث الصحيح عند مسلم عن ابن مسعود : أن رسول الله صلى الله عليه وسام رأى جبريل عليه السلام وله ستمائة جناح بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب. iv
﴿ يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ﴾ يزيد في خلق الملائكة ما يشاء من ناحية عددهم أو في عدد أجنحتهم أو يزيد في جميع الخلق ما يشاء نوعا وعددا وقوة وعقلا وعلما وحسنا وغير ذلك من الكمالات أو ما يقابلها لا يمنعه مانع من تنفيذ مشيئته إن الله على كل شيء قدير وقد تعددت الآراء قي الزيادة في الخلق فقيل : حسن الصوت وملاحة العين وحسن الأنف وحلاوة الفم وحكمة العقل وجودة الرأي وغير ذلك.
قال الزمخشرى في تفسير :﴿ يزيد في الخلق ما يشاء... ﴾
الآية مطلقة تتناول كل زيادة في الخلق من طول قامة واعتدال صورة وتمام في الأعضاء وقوة قي البطش وحصافة في العقل وجزالة في الرأي وجرأة قي القلب وسماحة في النفس وذلاقة في اللسان ولباقة في التكلم وحسن تأت قي مزاولة الأمور ما أشبه ذلك مما لا يحيط به الوصف.
تبدأ سورة فاطر بحمد الله تعالى وقد بدأت بحمد الله خمس سور هي : الفاتحة والأنعام والكهف وسبأ وفاطر وتشتمل البداية على دلائل القدرة والعظمة والملك وتدبير شؤون الكون وإرسال الرزق والوحي ومنافع العباد المادية والمعنوية
﴿ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم ﴾
المفردات :
فلا ممسك لها : فلا أحد يستطيع إمساكها ومنعها
العزيز : الغالب يتصرف في ملكه كما يشاء
الحكيم : في فعله يضع الأمر في موضعه المناسب
التفسير :
إذا أراد الله إكرام عبد من عباده يسر له أسباب الرزق والأمن والهداية والصحة والعلم والكرامة والحكمة وغير ذلك من أسباب الرحمة وألوان النعم وهدا العطاء لا يستطيع أحد أن يمسكه أو يمنعه عمن يريد الله إكرامه به وإذا أراد إهانة عبد أو منع الخير عنه فلا يستطيع أحد أن يرسل الخير إليه بعد أن أمسكه الله عنه فأسباب الرزق السماوي والأرضي بيده وهو سبحانه بيده الخلق والأمر لا معقب لأمره ولا راد لقضائه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن لا مانع لما أعطى ولا معطى لما منع.
وهو سبحانه العزيز الغالب على أمره ومراده الحكيم في صنعه وتدبير خلقه.
روى الإمام أحمد والشيخان عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من الصلاة قال : " لاإله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ". v
وروى مسلم بسنده عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع يقول : " سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء والأرض وملء ما شئت من شيء بعد اللهم أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا عبد اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ". vi
ونظير الآية قوله تعالى : وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير. ( الأنعام : ١٧ ).
وهذه الآية مكملة لما سبقها في أن الفضل والرحمة والنعمة بيد الله تعالى.
تبدأ سورة فاطر بحمد الله تعالى وقد بدأت بحمد الله خمس سور هي : الفاتحة والأنعام والكهف وسبأ وفاطر وتشتمل البداية على دلائل القدرة والعظمة والملك وتدبير شؤون الكون وإرسال الرزق والوحي ومنافع العباد المادية والمعنوية
﴿ يأيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى يؤفكون ﴾
المفردات :
لا إله إلا هو : لا معبود بحق إلا هو إذا فاعبدوه ووحدوه
فأنى تؤفكون : فكيف تصرفون عن عبادة الله تعالى وحده
التفسير :
نداء من العلي الكبير لأهل مكة، والناس أجمعين يلفتهم إلى إحياء قلوبهم بتذكر رحمة الله تعالى في إرسال النعم والخيرات والأرزاق والأمطار من السماء والنبات والأرزاق من الأرض بالزراعة والصناعة والتجارة وأنواع الحرف وألوان الكسب.
والاستفهام هنا للتقرير جوابه لا أحد غير الله يملك هذا الرزق سبحانه لا إله سواه فكيف تصرفون عن هذه الحقيقة وكيف تمتنعون عن توحيده والإيمان بما جاء به رسوله.
والآيات الثلاث السابقة كلها تأكيد لفيض الرحمة والنعمة والعظمة من الله وإذا استقر ذلك في القلب دفع صاحبه إلى السعادة والرضا واليقين وقريب من هذا المعنى قوله سبحانه في أوائل سورة ’آل عمران : قل اللهم مالك الملك نؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير. ( آل عمران : ٢٦ ).
تبدأ سورة فاطر بحمد الله تعالى وقد بدأت بحمد الله خمس سور هي : الفاتحة والأنعام والكهف وسبأ وفاطر وتشتمل البداية على دلائل القدرة والعظمة والملك وتدبير شؤون الكون وإرسال الرزق والوحي ومنافع العباد المادية والمعنوية
﴿ وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور ﴾
التفسير :
تأتي هذه الآية تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم حين كذبه أهل مكة، ولم يؤمنوا به وهي تسلية للدعاة والهداة فقد كذب الكفار الرسل من عهد نوح ومن بعده من الأنبياء والرسل بيد أن الحساب والجزاء بيد الله حيث يعاقب المكذبين ويكافئ المؤمنين وإليه وحده ترجع الأمور يوم القيامة، وهو الملك لذلك اليوم حين ينادي سبحانه : لمن الملك اليوم لله الواحد القهار.. ( غافر : ١٦ ).
***
المفردات :
وعد الله حق : بالبعث والحشر والجزاء لا خلف فيه.
فلا تغرنكم : لا تلهيكم ويذهلكم التمتع بها.
ولا يغرنكم بالله : في حلمه وإمهاله.
الغرور : الشيطان الخداع بأن يمنيكم المغفرة.
تمهيــد :
هذه الآيات توجيهات إلهية من الله لعباده بعدم الغرور بالدنيا وعدم طاعة الشيطان وبيان جزاء الكافرين والمؤمنين وبيان أن الهدى والضلال بيد الله بحسب ما يعلمه من استعداد العبد للأول أو للثاني.
التفسير :
﴿ يأيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحيواة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور... ﴾
يا كل الناس عن وعد الله حق بالحشر والحساب والجزاء والجنة أو النار وهذه حقيقة لا شك فيها هناك قيامة وثواب أو عقاب.
﴿ فلا تغرنكم الحيواة الدنيا... ﴾ بطول أعماركم وصحة أبدانكم وسعة أرزاقكم فإن ذلك زائل عنكم لا محالة ولا يغرنكم الشيطان ولا يخدعنكم عن أنفسكم بتزيين المعاصي والإصرار على الكبائر أملا في المغفرة مع التسويف في التوبة.
قال تعالى : وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون. ( المنافقون : ١٠-١١ ).
ثم حذر الله الإنسان من الشيطان الذي أخرج آدم من الجنة، واستمر في عداوته للإنسان وتزيين الشر له فكيف يسير الإنسان خلف عدوه وهو يعلم أنه يستدرجه على الضلال المبين ؟
هذه الآيات توجيهات إلهية من الله لعباده بعدم الغرور بالدنيا وعدم طاعة الشيطان وبيان جزاء الكافرين والمؤمنين وبيان أن الهدى والضلال بيد الله بحسب ما يعلمه من استعداد العبد للأول أو للثاني.
﴿ إن الشيطان لكم عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير... ﴾
المفردات :
فاتخذوه عدوا : فلا تطيعوه ولا تقبلوا ما يغركم به.
حزبه : أتباعه في الباطل والشر والفساد.
ليكونوا من أصحاب السعير : ليؤول أمرهم إلى أن يكونوا من أصحاب النار المستعرة.
التفسير :
الشيطان يغريكم بالمعصية والفحشاء والمنكر والبخل والصدود عن طاعة الله وهو عدو لكم وقد جند نفسه وأتباعه لغوايتكم فاحذروه ولا تتبعوه ولا تركنوا إليه ولا تتخذوه ناصحا لكم ولا تتبعوا خطاه وهو لا يدعوكم إلى خير ولا ينتهي به على نجاة، إنما يدعو أتباعه ويغريهم بالمعصية في الدنيا ليكونوا من أصحاب النار المستعرة يوم القيامة، فهل من عاقل يجيب دعوة الداعي إلى عذاب السعير ؟
هذه الآيات توجيهات إلهية من الله لعباده بعدم الغرور بالدنيا وعدم طاعة الشيطان وبيان جزاء الكافرين والمؤمنين وبيان أن الهدى والضلال بيد الله بحسب ما يعلمه من استعداد العبد للأول أو للثاني.
﴿ الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير ﴾
التفسير :
الذين ساروا وراء الشيطان وكفروا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر لهم عذاب شديد في الآخرة والذين آمنوا بالله ربا وصدقوا برسله وعملوا الصالحات لهم مغفرة لذنوبهم وجزاء عظيم في الجنة حيث أطاعوا الرحمان وامتنعوا عن طاعة الشيطان.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة، vii فأما لمة الشيطان فإبعاد بالشر وتكذيب بالحق وأما لمة الملك فإبعاد بالخير وتصديق بالحق ". viii
هذه الآيات توجيهات إلهية من الله لعباده بعدم الغرور بالدنيا وعدم طاعة الشيطان وبيان جزاء الكافرين والمؤمنين وبيان أن الهدى والضلال بيد الله بحسب ما يعلمه من استعداد العبد للأول أو للثاني.
﴿ أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون ﴾
المفردات :
زين له سوء عمله : حسنت له نفسه وشيطانه عمله السيئ.
فرآه حسنا : رآه حسنا لا قبح فيه.
فلا تذهب نفسك : فلا تهلك نفسك.
عليهم حسرات : تحسرا عليهم لكفرهم.
التفسير :
هذا هو مفتاح الشر في الحياة أن يزين الشيطان للإنسان عمله القبيح فلا يستمع إلى نصيحة ولا يراجع نفسه ولا يحاسبها على أمر بل يسير معجبا بنفسه قد تملكه الغرور أهذا المغرور المعجب بنفسه المرتكب للآثام مع اعتقاد أنه الأفضل والأحسن كمن استقبح الكفر واختار الإيمان والعمل الصالح ؟ كلا لا يستويان والمراد بمن زين له سوء عمله : كفار مكة.
وقد ورد في سبب نزول هذه الآية عن جوبير عن الضحاك عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام فهدى الله عمر بن الخطاب وأضل أبا جهل ففيهما نزلت :﴿ فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء... ﴾
إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمان يقلبها كيف يشاء فمنهم من يمنحه الهدى والتوفيق ونفاذ البصيرة، واختيار الإيمان ومنهم من يؤثر الضلالة والجحود والكنود، فيتركه الله مخذولا شاردا في الضلال ممعنا في الكفر فلا تغنم بكفرهم ولا تهلك نفسك حزنا على ضلالهم فالله مطلع وشاهد على أعمالهم وسوف يجازيهم بما يستحقون.
ويشبه بهذه الآية قوله تعالى : لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين. ( الشعراء : ٣ ).
وقوله تعالى : فلعلك باخع نفسك علي ءاثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا. ( الكهف : ٦ ).
***
﴿ والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فاحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور( ٩ ) من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور( ١٠ ) والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير( ١١ ) ﴾
المفردات :
فتثير سحابا : تظهره وتنشره وتحركه بشدة فيجتمع ويسير.
بلد ميت : لا زرع فيه ولا نبات.
فأحيينا به الأرض : بالماء والزرع والنبات والعشب والكلأ.
كذلك النشور : مثل إحياء الأرض بالنبات البعث والحياة الثانية.
التفسير :
﴿ والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذالك النشور ﴾
آيات القدرة ظاهرة في هذه السورة ومنها بعث الحياة في الأرض الميتة الهامدة الجافة، حيث يبعث الله الرياح من مكامنها فتثير السحاب وتبعثه ليجتمع ويسير شمالا أو جنوبا وشرقا أو غربا حسب توجيه الله وإرادته فإذا نزل مطرا بأرض ميتة لا زرع فيها ولا نبات فإن الماء مع البذور يترتب عليه النبات والزرع والتحرك والاخضرار وإذا الأرض الجافة الهامدة قد تحركت بالماء والزرع والنبات فصارت بهجة للناظرين وإن الله القادر الذي جمع السحاب وأنزل المطر وبعث الحياة في الأرض الميتة، قادر على إحياء الموتى وإخراجهم من قبورهم بعد جمع ما تفرق من أجزائهم الأصلية وكما أحيا الله الأرض بالماء والزرع فهو يحيي الموتى ويعيد إليهم أرواحهم ويبعثهم للحساب والجزاء.
قال تعالى : ومن ءاياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير. ( فصلت : ٣٩ ).
وقد أورد ابن كثير والقرطبي حديث أبي رزين قال : قلت يا رسول الله كيف يحيي الله الموتى ؟ وما آية ذلك في خلقه : قال صلى الله عليه وسلم : يا أبا رزين : أما مررت بوادي قومك ممحلا، ثم مررت به يهتز خضراء ؟ فقلت : بلى يا رسول الله قال : صلى الله عليه وسلم " فكذلك يحيي الله الموتى ".
المفردات :
العزة : الشرف والرفعة.
فلله العزة جميعا : فلتطلب العزة بطاعة الله فإنها لا تنال إلا بذلك.
الكلم الطيب : سبحان الله والحمد لله والله أكبر وكل ذكر وتلاوة قرآن وأمر معروف ونهي عن منكر والمراد من صعوده : قبوله.
والعمل الصالح : الإخلاص يعلى قدر الكلم الطيب عند الله تعالى.
يمكرون السيئات : يعملونها ويكسبونها.
يبور : يهلك ويفسد ويبطل.
التفسير :
من أراد عز الدنيا وشرف الآخرة فإن ذلك لا ينال إلا بطاعة الله تعالى فإن العزة لله وحده فهو سبحانه يعز من يشاء ويذل من يشاء يضع رفيعا ويرفع وضيعا ويغني فقيرا ويفقر غنيا ويعافي مبتلى ويبتلي معافى بيده الخلق والأمر كل يوم هو في شأن أي شئون بيديها ولا يبتديها : قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء واعز من تشاء وتذل من تشاء... ( آل عمران : ٢٦ ).
وقد كان كفار مكة يتقربون إلى الأصنام ويعبدونها يلتمسون عندها العزة، فبين القرآن أن العزة لله وأن أسباب العزة مجتمعة في يده وقدرته وأنه سميع قريب مجيب وآية ذلك أن الكلم الطيب مثل ذكر الله وتسبيحه وتلاوة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأنواع الأعمال الطيبة الصالحة تصعد إلى الله فيقبلها ويثيب عليها وهو جليس من ذكره فمن ذكره في نفسه ذكره الله في نفسه ومن ذكر الله في ملأ ذكره الله في ملأ خير منه.
والعمل الصالح المقترن بالإخلاص وأداء الفرائض يرفعه الله ويقبله فالرفعة هنا إشارة إلى القبول وحسن الجزاء أما كفار مكة، ومن يدبر السوء مثل اجتماعهم في دار الندوة للتشاور في أمر النبي صلى الله عليه وسلم فمنهم من يقترح قتله ومنهم من يقترح حبسه ومنهم من يقترح نفيه ولكن الله أبطل كيدهم ونجى رسوله صلى الله عليه وسلم.
﴿ والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور... ﴾ والذين يمكرون المكرات السيئات من قريش ضد محمد صلى الله عليه وسلم لهم عذاب شديد في الدنيا والآخرة ومكر هؤلاء يفسد ولا يتحقق' ويصبح بائرا تالفا.
قال تعالى : وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. ( الأنفال : ٣٠ ).
لقد أكرم الله رسوله وجعل هجرته نصرا وآزر جهاده في غزوات متتابعة مثل : بدر وأحد والخندق والحديبية ثم فتحت مكة ودخل الناس في دين الله أفواجا وبار مكر الكافرين وبطل شأنهم ونصر الله المؤمنين واعز الله دينه وصدق الله العظيم حيث يقول :
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الذين كله ولو كره المشركون ( الصف : ٩ ).
وقال تعالى : ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله. ( فاطر : ٤٣ ).
المفردات :
خلقكم من تراب : خلق أباكم آدم من تراب.
نطفة : مني يخلق ذريته منه أي ماء الرجل وماء المرأة.
ثم جعلكم أزواجا : ذكرانا وإناثا.
وما تحمل من أنثى : ما تحمل من جنين ولا تضعه.
إلا بعلمه : إلا بإذنه وتدبيره وعلمه ومشيئته.
وما يعمر من معمر : وما يطول من عمر ذي عمر طويل إلا في كتاب.
ولا ينقص من عمره : بأن يجعله اقل وأقصر من العمر الطويل وذلك بحسب العرف والعادة الشائعة بين الناس.
إلا في كتاب : في صحيفة المرء في اللوح المحفوظ.
يسير : سهل ميسور.
التفسير :
بدأ الله خلق آدم من تراب ثم خلق ذريته من النطفة وهي ماء الرجل الذي فيه الحيوانات المنوية وماء المرأة الذي فيه البويضة ثم جعلكم أزواجا حيث خلقكم أصنافا ذكرانا وإناثا بقدر معلوم قال تعالى : وما خلق الذكر والأنثى *إن سعيكم لشتى. ( الليل : ٣-٤ ).
وقال سبحانه : ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون. ( الذاريات : ٤٩ ).
فتجد الإنسان والحيوان والنبات أزواجا ليتم التناسل وتعمر الأرض وتستمر الحياة على يوم القيامة.
قال تعالى : وخلقناكم أزواجا... ( النبأ : ٨ ).
﴿ وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه... ﴾ أي لا تحمل أنثى بعد الزواج ثم تضع مولودا كامل الخلقة إلا بعلم الله أو يضع سقطا قبل استكمال ولادته إلا بعلم الله ونظير ذلك قوله تعالى : الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال. ( الرعد : ٨-٩ ).
فسبحان من أحاط بكل شيء علما.
﴿ وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير... ﴾ أي : لا يعطي إنسان عمرا طويلا حتى يصبح معمرا طويلا حتى يصبح معمرا طويل العمر إلا قد سجل ذلك في علم الله أو اللوح المحفوظ أو صحف الملائكة ولا ينقص من عمر غيره بأن يعطى عمرا ناقصا عن هذا العمر إلا كان ذلك ثابتا في كتاب أي سجل في اللوح المحفوظ إن ذلك سهل هين يسير وكذلك البعث والنشور.
وفي معنى الآية قوله تعالى : ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من ق بل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير. ( الحديد : ٢٢ ).
أي : قبل أن نخلق النفس وهي لا تزال جنينا في بطن الأم كتبنا العمر والرزق والشقاء أو السعادة.
كما ورد في الحديث النبوي الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم أربعين يوما علقة، ثم أربعين يوما مضغة ثم ينفخ فيه الروح ثم يقول الله للملك : اكتب قال أي رب، وما أكتب ؟ قال اكتب أجله ورزقه وشقي أو سعيد ". ix
'قال ابن كثير :
﴿ وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب... ﴾ أي : في بطن أمه يكتب له ذلك لم يخلق الخلق على عمر واحد بل لهذا عمر ولهذا عمر فكل ذلك مكتوب لصاحبه بالغ ما بلغ ويؤيده ما رواه البخاري ومسلم والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال : " من سره أن يبسط له في الرزق وينسأ له في أثره فليصل رحمه ". x
وعن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى لا يؤخر نفسا إذا جاء أجلها وإنما زيادة العمر بالذرية الصالحة، يرزقها العبد فيدعون له من بعده فيلحقه دعاؤهم في قبره فذلك زيادة العمر ".
***
﴿ وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون( ١٢ ) يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذالكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ( ١٣ )إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير( ١٤ ) ﴾
المفردات :
عذب : حلو لذيذ طعمه.
فرات : كاسر للعطش مزيل له.
سائغ : سهل انحداره لخلوه مما تعافه النفس.
ملح أجاج : مالح شديد الملوحة يحرق بملوحته.
حلية : كاللؤلؤ والمرجان.
التفسير :
﴿ وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ﴾
هذا لون جديد من ألوان النعم التي أنعم الله بها على عباده فالماء العذب الفرات يشربه الإنسان فيروى ظمأه ويقطع عطشه ويسعد نفسه ويمده بالطاقة والعافية وماء البحار ملح أي : مالح شديد الملوحة، لاذع لا يستساغ تناوله فالأول نافع في الري وإطفاء العطش والآخر غير نافع في ذلك فإن ماء البحار المالح يزيد العطشان عطشا.
قال بعض المفسرين : لعل في ذلك إشارة على أن المؤمن لا يستوي مع الكافر كما لا يستوي الماء العذب بالماء المالح ومع التباين في بعض الأمور ومنها الشرب فإن البحر والنهر يشتركان في استخراج السمك من كل منهما واستخراج الحلية أيضا مثل اللؤلؤ والمرجان.
وقد اثبت العلم وجود الحلية في الماء العذب كما أثبته الواقع ففي المياه العذبة بانجلترا واسكتلندا وويلز وتشيكوسلوفاكيا واليابان وغيرها، توجد أنواع من أصداف اللؤلؤ من الماس والياقوت كما جاء في التفسير المنتخب للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر.
وفي هذا دليل على أن الحلية تستخرج من البحر ومن النهر كما قال تعالى : يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان. ( الرحمن : ٢٢ ).
ثم يلفت القرآن النظر على السفن التي تمخر عباب البحر وتنقل التجارة والثمار والملبوسات والمصنوعات وغيرها من بلد على آخر فقال :
﴿ وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون... ﴾ وترى الفلك على اختلاف أحجامها تشق الماء وهي تجري بكم فيه لتطلبوا من فضل الله ورزقه منتقلين فيها من بلد على بلد ومن قطر إلى قطر ولعلكم بهذا تعرفون فضل الله عليكم وعظيم نعمائه فتحمدونه وتشكرونه وتطيعوه.
وأذكر بهذه المناسبة منظر قناة السويس والسفن فيها متعددة الأحجام والأشكال والألوان تنتقل وراء بعضها تابعة للعديد من الجنسيات تنقل البضائع والسلاح والتقنية وسائر الأشياء وتتزود في الطريق بالوقود وتشتري وتبيع ويستفيد الجميع من هذه الحركة ولعلهم يشكرون الله العلي الكبير.
المفردات :
مواخر : شاقات للماء حين جريانها.
يولج : يدخل.
سخر الشمس والقمر : ذللهما وأجراهما خاضعين لمشيئته.
قطمير : لفافة النواة وهي القشرة البيضاء الرقيقة التي تكون بين الثمرة والنواة.
التفسير :
إيلاج الليل في النهار أي إدخاله فيه عند الغروب حيث يتلاشى الضياء شيئا فشيئا ويعم دبيب الظلام ويستولي على الكون كأنما الليل يدخل في النهار فيطمس الضوء ومثل ذلك إيلاج النهار في الليل عندما يسطع الفجر الصادق ويظهر الضوء في الأفق ويستمر الضياء في الظهور شيئا فشيئا حتى تطلع الشمس فكأنما النهار قد دخل في الليل وأخذ مكانه.
قال تعالى : والليل إذ أدبر* والصبح إذا أسفر* إنها إحدى الكبر. ( المدثر : ٣٣-٣٥ ).
فهما حالتان تستوليان على القلب بحركة الظلام عند المساء وحركة الضياء عند الصباح فالفترة من المغرب إلى العشاء قرابة ساعة ونصف تقابلها الفترة من الفجر إلى طلوع الشمس كل منهما نهار يختلط بظلام الليل أو ظلام يختلط بضوء النهار وكل منهما فترة تمهيدية لما يأتي بعدها فلا هي ضوء خالص ولا هي ظلام خالص.
قال تعالى : فسبحانه الله حين تمسون وحين تصبحون. ( الروم : ١٧ ).
وقال عز شانه : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومنءانائ الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى. ( طه : ١٣٠ ).
والقرآن يلفت النظر على هذه المشاهد الكونية قبل الغروب وعند هجوم المساء وقبل الشروق وعند إقبال الصباح، باعتبار أن ذلك آية تدل على عظمة الخالق فيقول المؤمن في الصباح والمساء سبحان الله رب العالمين.
ويشمل إيلاج الليل في النهار طول الليل في الشتاء حتى يصل إلى أربع عشرة ساعة، كأنما الليل دخل في جزء من النهار واحتله كما يشمل إيلاج النهار في الليل طول النهار في الصيف حتى يصل إلى أربع عشرة ساعة، وقصر الليل في الصيف حتى يصل إلى عشر ساعات كأنما النهار دخل في جزء من الليل زائدا عن اختصاصه والتعبير القرآني يشملهما معا، ويطوف بالقلب البشري ليتحرك ويرى يد القدرة تحرك الليل وتمده في الشتاء وتحرك النهار وتمده في الصيف أو يشاهد تعاقب الليل والنهار في نظام دقيق مطرد لا يتخلف مرة ولا يضطرب ولا يختل يوما أو عاما على توالي القرون.
﴿ وسخر الشمس والقمر كل تجري لأجل مسمى.... ﴾ ذلل الله الشمس تجري أمام أعيننا نهارا في حركة دائبة لا تفتر من الشروق إلى الغروب في كل يوم وفي فصول السنة الأربعة لا تتخلف يوما عن الظهور ولا تتقدم ولا تتأخر وكذلك القمر يظهر في بداية كل شهر دقيقا رفيعا ثم يكبر قليلا قليلا حتى يصبح بدرا كاملا في منتصف الشهر خلال الليالي البيض ١٣-١٤-١٥، من الشهر العربي وتسمى الليالي البيض لشدة ضوء القمر فيها ويسن صيام نهارها شكرا لله القادر ثم يميل البدر إلى التناقص شيئا فشيئا حتى يصبح رفيعا كقوس صغير نراه على حرف الجريدة من النخل بعد أن تقطع من النخلة أو ( القحف ) الذي يدق و يستقوس ويصبح طرفه في هيئة الهلال الصغير.
قال تعالى : والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم* والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم* لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون. ( يس : ٣٨-٤٠ ).
فكل من الشمس والقمر يجري في فلكه ويرسل نوره لأجل سماه الله وهو يوم القيامة أو هو مدة الدورة في كليهما فدورة القمر تستغرق شهرا قمريا ودورة الشمس تستغرق سنة شمسية ثم يعود كل منها لابتداء دورة جديدة.
﴿ ذالكم الله ربكم له الملك... ﴾ ذلكم هو الله الخالق البارئ المهيمن المقتدر الذي بيده ملك هذا الكون، وحفظ توازنه ونظامه.
﴿ والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير... ﴾ والأصنام والأوثان أو الجن والملائكة أو عيسى والعزير أو غيرهم من الآلهة المدعاة لا يملكون قشرة نواة أي لا يملكون أي شيء في هذا الكون فمالكه هو الله وحده سبحانه وتعالى.
المفردات :
يكفرون بشرككم : يجحدون بإشراككم إياهم وعبادتكم لهم.
ولا ينبئك مثل خبير : ولا يخبرك بالأمر مخبر مثل الخبير به.
التفسير :
إن هذه الأوثان والأصنام وغيرها إذا طلبتم منها شيئا لا تسمع نداءكم وعلى فرض أنهم سمعوا كالجن والملائكة وعيسى والعزير فلن يستجيبوا لكم بشيء لأن الجميع سيتبرأ ممن عبده يوم القيامة.
﴿ ويوم القيامة يكفرون بشركم... ﴾ وفي يوم القيامة يتبرأ عيسى ممن عبده وكذلك كل إله مدعى فكل من الأصنام والأوثان والكواكب والشجر والإنسان والحيوان، حتى الشيطان يتبرأ ممن عبده واتبعه يحدث بذلك الخبير بكل شيء وبكل أمر وبالدنيا والآخرة.
﴿ ولا ينبئك مثل خبير... ﴾ ولا يخبرك عن عاقبة الأمور في الدنيا والآخرة مثل الله العليم بكل شيء وهذه الفقرة صارت مثلا فإذا نجح أستاذ متخصص في عرض موضوع فلك أن تعقب عليه قائلا : ولا ينبئك مثل خبير.
***
المفردات :
الفقراء إلى الله : المحتاجون إليه.
الغنى : المستغني عنكم أيها الناس وعن سائر خلقه.
الحميد : المحمود بأفعاله وأقواله وحسن تدبيره أو كل الخلائق تحمده بكل لسان.
التفسير :
﴿ يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ﴾
نداء إلهي علوي يبصر الإنسان بحقيقة افتقاره إلى الله الذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره وأنزل له الكتب وأرسل إليه الرسل وهداه النجدين وبين له الطريقين ثم هو سبحانه لم يغلق بابه في وجه هذا الإنسان بل فتح له باب التوبة على مصراعيه يسمع النداء ويجيب الدعاء ويرشد المسترشدين ويهدي الضالين ويأخذ بيد التائبين فما أعز جنابه وما أغناه عن عباده وهو سبحانه المحمود على عطاياه الرؤوف الرحيم بالخلق أجمعين يتفضل بالنعم ويعطي الجميع قبل أن يسألوه فما أكثر نعمائه وما أجل ثناءه وصدق الله العظيم حيث يقول : الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار* وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار* واتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار. ( إبراهيم : ٣٢-٣٤ ).
كم من شدة فرجها وكم من ظلمة بددها وكم من عسر يسره وكم من ذليل أعزه وكم من عزيز أذله وكم من غني أفقره وكم من فقير أغناه وكم من ضال هداه وكم من مستجير أجاره وكم من مضطر أجابه وكم من بائس يائس أجابه وأكرمه فله الحمد في الأولى والآخرة وله الثناء الحسن الجميل وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يقول : " اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت ضياء السماوت والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، لا إله إلا أنت وعدك حق والجنة حق، والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق ". xi
اللهم ربنا لك الحمد أنت الغني ونحن الفقراء إليك اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا راد لما قضيت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
المفردات :
ويأت بخلق جديد : بان يفنيكم ويستبدل بكم غيركم.
التفسير :
تهديد ووعيد للعصاة بأنه لو أراد الله لأهلككم كما أهلك الأمم السابقة من عاد وثمود وأصحاب مدين وفرعون وملئه وأتى بخلق جديد يكون أطوع لله من العصاة المهلكين.
المفردات :
بعزيز : يصعب أو ممتنع بل هو سهل.
التفسير :
وما ذلك بصعب عليه ولا بعسير بل هو سهل يسير فهو سبحانه على كل شيء قدير : إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. ( يس : ٧٢ ).
المفردات :
ولا تزر : ولا تحمل.
الوزر : الإثم والثقل أي : لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى بل كل وازرة تحمل وزرها وحدها.
مثقلة : نفس أثقلها الإثم حتى لم تقدر على الحركة.
لا يحمل منه شيء : لا تجد من سيستجيب لها، ويحمل عنها بعض ذنبها حتى لو دعت ابنها أو أباها أو أمها فضلا عن غيرهم.
بالغيب : لأنهم لم يروه بأعينهم.
ومن تزكى : طهر نفسه من الشرك والمعاصي.
فإنما يتزكى لنفسه : فإن ثمرة صلاحه تعود إليه.
المصير : المرجع والمآب.
التفسير :
روى أن الوليد بن المغيرة قال لقوم من المؤمنين اكفروا بمحمد وعلي وزركم، فنزلت هذه الآية : ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وهذه الآية من مفاخر الإسلام لتحقيق مبدأ المسؤولية الشخصية في الدنيا والآخرة فلا يسأل إنسان عن جريمة غيره ولا يتحمل امرؤ عقوبة جان آخر.
ومعنى الآية :
ولا تحمل نفس مثقلة بالذنوب ذنب نفس أخرى كل امرئ بما كسب رهين. ( الطور : ٢١ ).
فعدالة الله تأبى أن يعذب إنسان بذنوب آخر وفي القرآن الكريم على لسان يوسف الصديق : قال معاذ الله أن تأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون. ( يوسف : ٧٩ ).
وفي يوم القيامة يعظم الهول ويتشوف كل إنسان إلى النجاة بنفسه من هذا اليوم العصيب حتى يذهل الإنسان عن أقاربه وعن فلذة كبده، ويفر من اقرب الناس إليه لشدة انشغاله بالنجاة من النار.
﴿ وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى ﴾ وإن طلبت نفس مثقلة بالأوزار والذنوب مساعدة من نفس أخرى لتحمل عنها أي ذنب من ذنوبها لم تلق أي استجابة ولم تجد من يحمل عنها بعض ذنوبها ولو كانت قريبة لها في النسب كالأب والابن والزوجة، لأن كل إنسان مشغول بنفسه وحاله وله من الهموم ما يغنيه.
قال تعالى : يوم يفر المرء من أخيه* وأمه وأبيه* وصاحبته وبنيه *لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه.. ( عبس : ٣٤-٣٧ ).
وقال تعالى : يأيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا.. ( لقمان : ٣٣ ).
روى عن عكرمة :
إن الوالد ليتعلق بولده يوم القيامة، فيقول : يا بني أي والد كنت لك ؟ فيثني خيرا فيقول : يا بني إني قد احتجت إلى مثقال ذرة، من حسناتك أنجو بها مما ترى، فيقول له ولده : يا أبت ما أيسر ما طلبت ولكني أتخوف مثل ما تتخوف فلا أستطيع أن أعطيك شيئا ثم يتعلق بزوجته فيقول : يا فلانة، أو يا هذه أي زوج كنت لك ؟ فتثني خيرا فيقول لها : إني أطلب حسنة واحدة تهبينها لي لعلي أنجو بها مما ترين فتقول له : ما أيسر ما طلبت ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئا إني أتخوف مثل الذي تتخوف فذلك قوله تعالى : وإن تدع مثقلة إلى حملها منه شيء ولو كان ذا قربى...
وقال الفضيل بن عياض : هي المرأة تلقى ولدها فتقول يا ولدي : ألم يكن بطني لك وعاء ؟ الم يكن ثديي لك سقاء ؟ ألم يكن حجري لك وطاء ؟ فيقول : بلى يا أماه فتقول يا بني قد أثقلتني ذنوبي فاحمل عني ذنبا واحدا فيقول : إليك عني يا أماه فإني بذنبي عنك مشغول.
﴿ إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلواة... ﴾
أي : إنما يتعظ بما جئت به أيها الرسول أولو البصيرة والعقل الذين يخشون الله في خلواتهم أو يخافون من عذاب ربهم قبل معاينته، و قد حافظوا على إقامة الصلاة في أوقاتها كاملة الأركان في خشوع وخضوع ومناجاة لله رب العالمين.
﴿ ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه.... ﴾ ومن تطهر من الذنوب والمعاصي وأطاع الله بصنوف الطاعات واستجاب لدعوة الرسول الأمين ولوحي الله رب العالمين فإنما يتطهر لنفسه وفائدة الطهارة والسمو الروحي والسلوك الأمثل يعود نفعها على فاعلها.
قال ابن كثير : ومن عمل صالحا فإنما يعود على نفسه.
﴿ وإلى الله المصير... ﴾ أي : وإليه المرجع والمآب وهو سريع الحساب وسيجزي كل عامل بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
***
المفردات :
الأعمى والبصير : مثل للكافر والمؤمن.
تمهيــد :
نوع القران الكريم في أساليب الهداية والدعوة، ومن ذلك بيان أنواع الناس أمام هداية القرآن الكريم فمنهم الأعمى عن الهدى والبصير به ومن يعيش في ظلمات الكفر ومن يعيش في نور الإيمان ولا يستويان في الدنيا كذلك لا يستوي الثواب المريح كالظل والعقوبة المؤلمة كالحرور لكن الرسول مبلغ ومنذر وليس بهاد إنما الهدى والضلال بيد الله وحده، وهذه المهمة يشترك فيها الرسل الذين أرسلهم الله إلى الأمم السابقة وأنزل معهم المعجزات والصحف والكتاب المشتمل على الشرائع والأحكام كالتوراة.
التفسير :
﴿ وما يستوي الأعمى والبصير ﴾
لا يستوي الأعمى الفاقد للبصر مع المبصر الذي يرى الطريق ويهتدي إلى الصراط السليم وكذلك لا يستوي الكافر الذي عمى عن الحق مع المؤمن الذي هداه الله للإيمان واستمرت الأمثلة للتأكيد والتوضيح فيما يأتي :
نوع القران الكريم في أساليب الهداية والدعوة، ومن ذلك بيان أنواع الناس أمام هداية القرآن الكريم فمنهم الأعمى عن الهدى والبصير به ومن يعيش في ظلمات الكفر ومن يعيش في نور الإيمان ولا يستويان في الدنيا كذلك لا يستوي الثواب المريح كالظل والعقوبة المؤلمة كالحرور لكن الرسول مبلغ ومنذر وليس بهاد إنما الهدى والضلال بيد الله وحده، وهذه المهمة يشترك فيها الرسل الذين أرسلهم الله إلى الأمم السابقة وأنزل معهم المعجزات والصحف والكتاب المشتمل على الشرائع والأحكام كالتوراة.
﴿ ولا الظلمات ولا النور* ولا الظل ولا الحرور ﴾
المفردات :
ولا الظلمات ولا النور : مثل للباطل والحق.
التفسير :
ولا تستوي ظلمات الباطل وفنونه مع نور الحق وهدايته وجمع الظلمات مع إفراد النور لتعدد فنون الباطل مع اتحاد سبل الحق..
نوع القران الكريم في أساليب الهداية والدعوة، ومن ذلك بيان أنواع الناس أمام هداية القرآن الكريم فمنهم الأعمى عن الهدى والبصير به ومن يعيش في ظلمات الكفر ومن يعيش في نور الإيمان ولا يستويان في الدنيا كذلك لا يستوي الثواب المريح كالظل والعقوبة المؤلمة كالحرور لكن الرسول مبلغ ومنذر وليس بهاد إنما الهدى والضلال بيد الله وحده، وهذه المهمة يشترك فيها الرسل الذين أرسلهم الله إلى الأمم السابقة وأنزل معهم المعجزات والصحف والكتاب المشتمل على الشرائع والأحكام كالتوراة.
المفردات :
ولا الظل ولا الحرور : مثل للثواب والعقاب والحرور : الريح الحارة كالسموم إلا أن السموم تكون بالنهار و الحرور بالليل والنهار.
نوع القران الكريم في أساليب الهداية والدعوة، ومن ذلك بيان أنواع الناس أمام هداية القرآن الكريم فمنهم الأعمى عن الهدى والبصير به ومن يعيش في ظلمات الكفر ومن يعيش في نور الإيمان ولا يستويان في الدنيا كذلك لا يستوي الثواب المريح كالظل والعقوبة المؤلمة كالحرور لكن الرسول مبلغ ومنذر وليس بهاد إنما الهدى والضلال بيد الله وحده، وهذه المهمة يشترك فيها الرسل الذين أرسلهم الله إلى الأمم السابقة وأنزل معهم المعجزات والصحف والكتاب المشتمل على الشرائع والأحكام كالتوراة.
﴿ وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور ﴾
المفردات :
الأحياء ولا الأموات : شبه المؤمنين بالأحياء وشبه الكافرين بالأموات.
يسمع من يشاء : هدايته.
من في القبور : الكفار شبههم بالموتى الذين لا يجيبون.
التفسير :
لا يتساوى المؤمنون أحياء القلوب والمشاعر والكافرون أموات القلوب والحواس.
قال تعالى : مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا... ( هود : ٢٤ ).
وقال سبحانه : أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها.. ( الأنعام : ١٢٢ ).
قال قتادة : هذه كلها أمثال أي : كما لا تستوي هذه الأشياء كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن.
﴿ إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور ﴾ إن الله يهدي من يشاء إلى سماع الحجة وقبولها والانقياد لها، وكما أنك لا تسمع الأموات الذين توسدوا القبور كذلك لا تسمع من مات قلبه من هؤلاء المشركين.
نوع القران الكريم في أساليب الهداية والدعوة، ومن ذلك بيان أنواع الناس أمام هداية القرآن الكريم فمنهم الأعمى عن الهدى والبصير به ومن يعيش في ظلمات الكفر ومن يعيش في نور الإيمان ولا يستويان في الدنيا كذلك لا يستوي الثواب المريح كالظل والعقوبة المؤلمة كالحرور لكن الرسول مبلغ ومنذر وليس بهاد إنما الهدى والضلال بيد الله وحده، وهذه المهمة يشترك فيها الرسل الذين أرسلهم الله إلى الأمم السابقة وأنزل معهم المعجزات والصحف والكتاب المشتمل على الشرائع والأحكام كالتوراة.
﴿ إن أنت إلا نذير ﴾
المفردات :
نذير : منذر مخوف وهو النبي أي : ما أنت إلا منذر من العذاب أما الإسماع فبيد الله وحده.
التفسير :
ما أنت إلا رسول منذر عذاب الله لمن كفر ليس عليك إلا الإنذار والتبليغ أما الهدى والضلال فهما بيد الله وحده، وهو الحكيم في أفعاله العليم بعباده.
نوع القران الكريم في أساليب الهداية والدعوة، ومن ذلك بيان أنواع الناس أمام هداية القرآن الكريم فمنهم الأعمى عن الهدى والبصير به ومن يعيش في ظلمات الكفر ومن يعيش في نور الإيمان ولا يستويان في الدنيا كذلك لا يستوي الثواب المريح كالظل والعقوبة المؤلمة كالحرور لكن الرسول مبلغ ومنذر وليس بهاد إنما الهدى والضلال بيد الله وحده، وهذه المهمة يشترك فيها الرسل الذين أرسلهم الله إلى الأمم السابقة وأنزل معهم المعجزات والصحف والكتاب المشتمل على الشرائع والأحكام كالتوراة.
﴿ إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ﴾
المفردات :
أمة : جماعة كثيرة أو أهل عصر.
التفسير :
إن الله هو الذي أرسلك بالحق والصدق فالمرسل محق والمرسل محق والرسالة بالحق والصدق والإيمان بالله ورسله واليوم الآخر مشتملة على الشرائع والأحكام والآداب والعبادات والمعاملات لإرشاد الناس في الدنيا وإسعادهم في الآخرة.
﴿ وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ﴾ ما من جماعة كبيرة من الأمم إلا أرسل الله لها من بينهم من يرشدهم وينذرهم عذاب الله.
قال تعالى : وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه لبيبين لهم... ( إبراهيم : ٤ ).
وقال عز شأنه : رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون الناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما. ( النساء : ١٦٥ ).
وقال تعالى : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا.. ( الإسراء : ١٥ ).
وقال سبحانه : ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة. ( النحل : ٣٦ ).
نوع القران الكريم في أساليب الهداية والدعوة، ومن ذلك بيان أنواع الناس أمام هداية القرآن الكريم فمنهم الأعمى عن الهدى والبصير به ومن يعيش في ظلمات الكفر ومن يعيش في نور الإيمان ولا يستويان في الدنيا كذلك لا يستوي الثواب المريح كالظل والعقوبة المؤلمة كالحرور لكن الرسول مبلغ ومنذر وليس بهاد إنما الهدى والضلال بيد الله وحده، وهذه المهمة يشترك فيها الرسل الذين أرسلهم الله إلى الأمم السابقة وأنزل معهم المعجزات والصحف والكتاب المشتمل على الشرائع والأحكام كالتوراة.
﴿ وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ﴾
المفردات :
البينات : المعجزات الدالة على صدقهم فيما يدعون.
وبالزبر : الكتب المكتوبة، كصحف إبراهيم جمع زبور أي : كتاب.
التفسير :
إذا كذبك كفار مكة والطائف وأشباههم فلا تأس ولا تحزن فقد أرسلنا قبلك رسلا إلى قومهم فقابلوهم بالتكذيب والعناد مع أن هؤلاء الرسل حملوا إلى قومهم النصائح والشرائع والمعجزات البينة، والزبر وهي الصحف كصحف إبراهيم وموسى وزبور داود وصحف شيث ومن الرسل من حمل إلى قومه كتابا مشتملا على الشرائع والحدود والقصاص والآداب والعبادات والمعاملات مثل التوراة، على إرادة التفصيل، يعني أن بعض الرسل جاء بالبينات لقوم وبعضهم جاء بالزبر لآخرين وبعضهم جاء بالكتاب المنير لغيرهم لا على معنى إرادة الجمع وان كل رسول جاء بجميع ما ذكر.
نوع القران الكريم في أساليب الهداية والدعوة، ومن ذلك بيان أنواع الناس أمام هداية القرآن الكريم فمنهم الأعمى عن الهدى والبصير به ومن يعيش في ظلمات الكفر ومن يعيش في نور الإيمان ولا يستويان في الدنيا كذلك لا يستوي الثواب المريح كالظل والعقوبة المؤلمة كالحرور لكن الرسول مبلغ ومنذر وليس بهاد إنما الهدى والضلال بيد الله وحده، وهذه المهمة يشترك فيها الرسل الذين أرسلهم الله إلى الأمم السابقة وأنزل معهم المعجزات والصحف والكتاب المشتمل على الشرائع والأحكام كالتوراة.
﴿ ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير ﴾
المفردات :
فكيف كان نكير : فكيف كان إنكاري عليهم بالعقوبة والإهلاك.
التفسير :
لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وألوان الهدايات لكن الكافرين عاندوا وكذبوا رسلهم وكفروا بالله ورسله رغم وضوح الأدلة وصدق المعجزات والكتب السماوية ثم أخذت الكافرين اخذ عزيز مقتدر فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة، ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا فكيف رأيت إنكاري عليهم شديدا بليغا ؟ لقد استأصلهم فلم يبق منهم باقية، وفي الآية تهديد ووعيد لمشركي مكة، أي : كما أهلكت السابقين فإني قادر على إهلاك اللاحقين : سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا. ( الفتح : ٢٣ ).
المفردات :
ألوانها : من أحمر إلى أصفر إلى أخضر إلى نحو ذلك.
الغرابيب : واحدها غربيب، وهو شديد السواد، يقال : أسود غربيب وأبيض يقق وأصفر فاقع وأحمر قان وفي الحديث " إن الله يبغض الشيخ الغربيب " يعني الذي يخصب بالسواد وقال امرؤ القيس في وصف فرسه.
العين طامحة واليد سابحة | والرجل لافحة والوجه غربيب |
يعرض القرآن هنا بعض المشاهدات الكونية المختلفة الأشكال والألوان كألوان النبات والأزهار والثمرات وكذلك ألوان الجبال كالأسود والأبيض والأحمر وغير ذلك، ومثله في الناس والدواب والأنعام تحريكا للقلوب للعظة والاعتبار.
التفسير :
﴿ ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها... ﴾
قال أبو حيان آيات لتقرير وحدانية الله تعالى بأدلة سماوية وأرضية أه.
و المعنى :
ألم تتأمل أيها المشاهد كيف أنزل الله المطر فأنبت به من الأرض ألوانا متعددة وثمرات مختلفة الألوان متعددة الأصناف من أصفر وأحمر وأخضر وأبيض وأسود ونحو ذلك.
قال تعالى في سورة الرعد : وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون. ( الرعد : ٤ ).
﴿ ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ﴾ وخلقنا الجبال كذلك مختلفة الألوان من بيض إلى حمر إلى سود غرابيب وفي بعضها طرائق مختلفة الألوان أيضا.
يعرض القرآن هنا بعض المشاهدات الكونية المختلفة الأشكال والألوان كألوان النبات والأزهار والثمرات وكذلك ألوان الجبال كالأسود والأبيض والأحمر وغير ذلك، ومثله في الناس والدواب والأنعام تحريكا للقلوب للعظة والاعتبار.
﴿ ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك... ﴾
المفردات :
الدواب : جمع دابة وهي ما دب من الحيوان وغلب على ما يركب ويقع على المذكر أيضا.
التفسير :
وخلق الله خلقا آخر من الناس والدواب والأنعام التي هي الإبل والبقر والغنم مختلفة الألوان في الجنس الواحد، بل وفي النوع الواحد وفي الحيوان الواحد كاختلاف الثمار والجبال.
قال تعالى : ومن ءاياته خلق السماوت والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم... ( الروم : ٢٢ ).
والدواب هي كل ما دب على القوائم والأنعام من باب عطف الخاص على العام، وكلمة : كذلك هنا تمام الكلام أي : كذلك الناس والدواب والأنعام مختلفة الألوان.
﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء... ﴾ فالعلماء والباحثون والعارفون بأسرار الكون وجمال الخلق والمتأملون في ألوان الجبال والناس والحيوان هم الذين يخشون الله ويدركون جلال قدره وعظيم نعمائه وكثير عطائه وجليل قدرته والمراد بالعلماء هنا : علماء الطبيعة والحياة وأسرار الكون.
﴿ إن الله عزيز غفور ﴾ أي : هو سبحانه كامل العزة والقدرة وكامل المغفرة لأهل طاعته ومعرفته.
وفي بعض الآثار : نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق وقد ظهرت عليه هذه الخشية حتى عرفت فيه.
خلاصة من ظلال القرآن :
الجمال عنصر مقصود في هذا الكون فالألوان والصباغ والأشكال عنصر جمالي وألوان الزهرة وجمالها يجتذب الفراشة والنحلة لتؤدي وظيفة نقل اللقاح إلى الزهور الأخرى وألوان البشر وأصباغها وتفاوت درجات الألوان والأصباغ بين أخوين شقيقين وربما بين توءمين تؤدي إلى الرغبة الجنسية بين الذكر والأنثى وتؤدي إلى إعمار الكون والتناسل والنسب والصهر ومثل هذه الرغبة نجدها بين الحيوانات والطيور لحكمة إلهية.
قال تعالى : ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون. ( الذاريات : ٤٩ ).
وقال عز شأن : سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لايعملون. ( يس : ٣٦ ).
إن العلماء هم الذين يدركون روعة هذا الكون، وروعة الجبال في الألوان والأصباغ ودرجات التفاوت ونسبتها في اللون الواحد فيؤمنون بالله عز وجل عن معرفة دقيقة وعلم مباشر.
يعرض القرآن هنا بعض المشاهدات الكونية المختلفة الأشكال والألوان كألوان النبات والأزهار والثمرات وكذلك ألوان الجبال كالأسود والأبيض والأحمر وغير ذلك، ومثله في الناس والدواب والأنعام تحريكا للقلوب للعظة والاعتبار.
﴿ إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ﴾
المفردات :
يتلون : يقرؤون ويتبعون القراءة العمل من قولهم : تلاه إذا تبعه لأن التلاوة بلا عمل لا نفع فيها.
تجارة : معاملة مع الله لنيل الثواب.
تبور : تكسد أو تهلك يقال بار الشيء بورا بالفتح كسد لأنه إذا ترك صار غير منتفع به فأشبه الهالك من هذا الوجه فالمعنيان متقاربان.
التفسير :
إن الذين يقرؤون القرآن الكريم قراءة تدبر وتمعن وتعلم واهتداء بما فيه وعمل بأوامره واجتناب نواهيه حال كونهم قد أقاموا الصلاة كاملة الأركان مشتملة على الخشوع وحضور القلب وقد أدوا زكاة أموالهم وأخرجوا نفقة مناسبة للفقراء والمساكين ووجوه الخير في السر والعلن هؤلاء قد أحسنوا التجارة مع الحق سبحانه فباعوا قليلا واشتروا كثيرا وأنفقوا في هذه الحياة الفانية وحصدوا ثمار ذلك في الباقية فتجارتهم رابحة وجزاؤهم مضاعف.
قال تعالى : وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما. ( النساء : ٤٠ ).
يعرض القرآن هنا بعض المشاهدات الكونية المختلفة الأشكال والألوان كألوان النبات والأزهار والثمرات وكذلك ألوان الجبال كالأسود والأبيض والأحمر وغير ذلك، ومثله في الناس والدواب والأنعام تحريكا للقلوب للعظة والاعتبار.
﴿ ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور ﴾
التفسير :
ليوفيهم ثواب ما عملوا ويضاعف لهم بزيادات لم تخطر لهم على بال فهو سبحانه صاحب الفضل والمنة، والمغفرة للذنوب وهو الشكور للحسنات حيث يضاعفها لفاعليها.
قال قتادة : كان مطرف رحمه الله إذا قرأ هذه الآية يقول : هذه آية القراء.
***
المفردات :
من الكتاب : القرآن.
التفسير :
﴿ والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير ﴾
بيان لتشريف الله لهذه الأمة وتكريم لرسولها وتوثيق للكتاب المنزل وأنه من عند الله وتثبيت لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم.
والمعنى : والقرآن الكريم الذي أوحيناه إليك بواسطة جبريل هو الحق أنزله الله بالحق ونزل على رسوله بالحق وقد نزل مشتملا على الحق والصدق والهدى والإيمان وشرائع الإسلام.
﴿ مصدقا لما بين يديه... ﴾ مؤيدا لما سبقه من الكتب كالزبور والتوراة والإنجيل التي أنزلها الله داعية إلى الإيمان محرضة على التقوى والهداية فالقرآن نزل مؤيدا ومصدقا لما سبقه من الكتب حيث اشتدت الحاجة إلى رسول جديد وكتاب جديد يكون جامعا لشريعة خالدة، وصالحا لهداية الناس.
وفي معنى الآية قوله تعالى : وبالحق أنزلناه وبالحق نزل... ( الإسراء : ١٠٥ ).
وقوله عز شانه : نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل* من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان. ( آل عمران : ٣-٤ ).
والله تعالى يصطفي لرسالته من يشاء.
قال تعالى : الله أعلم حيث يجعل رسالته. ( الأنعام : ١٣٤ ).
وهو الخبير بعباده البصير بحاجة الخلق إلى رسول، الحكيم في اختيار الرسول.
المفردات :
ثم أورثنا الكتاب : أعطيناه بلا تعب ولا مشقة كما يعطى الميراث.
اصطفيناه : اخترنا واشتقاقه من الصفو وهو الخلوص من شوائب الكدر.
ظالم لنفسه : الظلم تجاوز الحد أو من رجحت سيئاته على حسناته.
مقتصد : متوسط أو هو من تساوت حسناته مع سيئاته.
سابق بالخيرات : سبق غيره بعمل الخير أو هو من رجحت حسناته على سيئاته.
التفسير :
جمهور المفسرين على أن هذه الفئات الثلاث من المؤمنين من هذه الأمة وبعضهم فسر الظالم لنفسه بالكافر وقد سئل أبو يوسف رحمه الله عن هذه الآية فقال : كلهم مؤمنون وأما الكافرون فصفتهم بعد هذا وهو قوله تعالى : والذين كفروا لهم نار جهنم... ( فاطر : ٣٦ ).
ومعنى الآية مع ما قبلها : الذي أوحيناه إليك من القرآن الكريم هو الحق وقد أورثنا هذا الكتاب أصحابك من الصحابة والتابعين وتابعيهم ممن يسير سيرتهم إلى يوم القيامة.
أو المعنى :
اصطفينا أمة محمد صلى الله عليه وسلم وجعلناها أمة وسطا وزودناها بميراث عظيم هو هذا القرآن الكريم المشتمل على العبادات والمعاملات والآداب والأخبار عن الأمم السابقة والبيان الجميل والإعجاز في عرض أدلة القدرة وبيان جمال الكون وإبداع الخلق ومظاهر البعث والقيامة.
وقد ورث القرآن طوائف ثلاث : طائفة ظلمت نفسها بارتكاب المعاصي أو التقصير في حق هذا الكتاب وطائفة مقتصدة متوسطة، تعمل بالقرآن حينا وتهمل حينا آخر وطائفة سباقة للخير بإذن الله وتوفيقه فهي حريصة على الكتاب والعمل بما فيه والمسابقة إلى تلاوته وتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه بإذن ربها وعنايته وهدايته.
روى عن عمر رضي الله عنه قال – وهو على المنبر- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له ". xii
وإنما قدم الظالم للإيذان بكثرة أفراده وأن المقتصدين قليل بالنظر إليهم والسابقين أقل من القليل وقيل : قدم الظالم لئلا ييأس من رحمة الله وآخر السابق لئلا يعجب بعمله فتعين توسيط المقتصد.
ونلاحظ أن القران الكريم في سورة الواقعة بدأ بالسابقين فقال تعالى : ثلة من الأولين وقليل من الآخرين. ( الواقعة : ١٣-١٤ ).
وثنى بأصحاب اليمين وقال عنهم : ثلة من الأولين* وثلة من الآخرين. ( الواقعة : ٣٩-٤٠ ).
ثم تكلم عن أصحاب الشمال وذكر أنهم في جهنم.
كما ذكر القرآن الكريم أن السابقين قلة، حين قال : وقليل من عبادي الشكور. ( سبأ : ١٣ ).
وقال عز شأنه : وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله. ( الأنعام : ١١٦ ).
ولعل من المناسب أن نقول إن القرآن الكريم يبدأ في كل حالة بما يناسبها ففي سورة البقرة مثلا بدأ بالمؤمنين وثنى بالكافرين ثم تحدث طويلا عن المنافقين وعن شياطينهم وضرب أمثلة توضح حالهم فكل سياق حكمته وطريقته ومناسبته.
المفردات :
أساور : جمع سوار وهي حلية تلبس في اليد.
أذهب عنا الحزن : أزال الحزن الشامل لأحزان الدنيا والآخرة.
التفسير :
أي : يدخل هؤلاء الطوائف الثلاث جنات إقامة، السابقون لسبقهم ومسارعتهم في الخيرات والمقتصدون لترجح حسناتهم أو تعادلها مع سيئاتهم والظالمون لأنفسهم لأنهم عملوا معاصي ثم تابوا منها أو لم يتوبوا فاستحقوا العذاب في جهنم ثم يدخلون الجنة لإيمانهم وإسلامهم وتوحيدهم لله ويحلون في الجنة بأساور من ذهب مرصع باللؤلؤ ويكون لباسهم حريرا خالصا وقد أباحه الله لهم في الآخرة لأنهم امتنعوا عن لبسه في الدنيا استجابة لأمر الله تعالى لهم.
ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ". xiii
وقال " هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة ". xiv
وعلى هذا تكون الأمة عامة في جميع الأقسام الثلاثة من هذه الأمة والعلماء أولى الناس بهذه النعمة.
أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة، عن قيس بن كثير قال قدم رجل من أهل المدينة إلى أبي الدرداء رضي الله عنه وهو بدمشق فقال أبو الدرداء : ما أقدمك يا أخي ؟ قال : حديث بلغني أنك تحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أما قدمت لتجارة ؟ قال : لا، قال : أما قدمت لحاجة ؟ قال : لا، قال : أما قدمت إلا في طلب هذا الحديث ؟ قال نعم، قال رضي الله عنه : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله تعالى به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإنه ليستغفر للعالم من في السموات والأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب إن العلماء هم ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر ". xv
التفسير :
لقد متعهم الله في الجنة بألوان من النعيم الحسي والمعنوي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم حلى أهل الجنة فقال : " مسورون بالذهب والفضة مكللة بالدر وعليهم أكاليل من در وياقوت متواصلة، وعليهم تاج كتاج الملوك شباب جرد مرد مكحولون ". xvi
متعهم الله بما كانوا يشتاقون إليه في الدنيا لتقر أعينهم وتثلج صدورهم وأراحهم الله من الدنيا وأحزانها والابتلاء فيها كما طمأنهم بعد الحساب والجزاء بدخول الجنة فقالوا شاكرين معترفين : الحمد لله حمدا
كثيرا مباركا فيه الذي أذهب عنا حزن الدنيا وأذهب عنا رهبة الحساب والخوف من العقاب وغفر لنا برحمته وشكر لنا بفضله إن ربنا لغفور يغفر الجنايات وإن كثرت شكور : بقبول الطاعات وإن قلت.
أخرج ابن المنذر عن ابن عباس أنه قال في ذلك : غفر لنا العظيم من ذنوبنا وشكر القليل من أعمالنا.
المفردات :
نصب : تعب ومشقة.
لغوب : إعياء وكلال من التعب يقال لغب لغوبا كمنع أعيا اشد الإعياء.
التفسير :
الذي أسكننا الجنة وهي دار الإقامة الدائمة من فضله وفيها نعيم أبدي سرمدي لقاء عملنا المحدود في الدنيا حيث كنا نتعب وننصب أملا في متاع الجنة، فأدخلنا الله بفضله جنات إقامة دائمة لا عمل فيها ولا نصب فله سبحانه الفضل والمنة والثناء الحسن الجميل فقد كافأنا على القليل بالنعيم الدائم الأبدي السرمدي.
روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لن يدخل أحدكم الجنة عمله " قالوا ولا أنت يا رسول الله قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته فسددوا وقاربوا ولا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله أن يزداد في إحسانه وإما مسيئا فلعله أن يتوب ". xvii
جاء في تفسير ابن كثير :
﴿ لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ﴾ أي : لا يمسنا فيها عناء ولا إعياء والنصب واللغوب كل منهما يستعمل في التعب وكأن المراد بنفي هذا وهذا عنهم أنهم لا تعب على أبدانهم ولا أرواحهم والله اعلم فمن ذلك أنهم كانوا يجهدون أنفسهم في العبادة في الدنيا فسقط عنهم التكليف بدخولها وصاروا في راحة مستمرة.
قال تعالى : كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية. ( الحاقة : ٢٤ ).
***
المفردات :
لا يقضى عليهم فيموتوا : لا يحكم عليهم بموت ثان فتحصل لهم الراحة.
التفسير :
﴿ والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور ﴾
بعد أن ذكر نعيم أهل الجنة وحمدهم لله وشكرهم له سبحانه أن أدخلهم الجنة في راحة وسرور ذكر هنا عقاب أهل النار.
والمعنى : أعددنا للذين كفروا بالإسلام ورفضوا الإيمان بالله وبرسوله نار جهنم عذابها مستمر أبدى سرمدي فهم في عذاب أبدي لا يحيرون حياة كريمة ولا يموتون فيستريحوا ولا يخفف عنهم من العذاب وقد استحق هذا العذاب الشديد كل كافر شديد الكفر والجحود وقد ورد هذا المعنى في آيات القرآن الكريم ومن أمثلته ذلك قوله تعالى : ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون. ( الزخرف : ٧٧ ).
وقوله تعالى : إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون. ( الزخرف حك ٧٤-٧٥ ).
وقوله تعالى : ثم لا يموت فيها ولا يحيى ( الأعلى : ١٣ ).
وثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون ". xviii
فما اشد شقاء الكفار وما أشد عنتهم.
المفردات :
يصطرخون : يستغيثون في النار بصوت عال، والصراخ : الصوت المرتفع المصحوب بالتعب والمشقة، ويستعمل كثيرا في العويل والاستغاثة وأصله يصترخون فأبدلت التاء طاء.
نعمركم : من التعمير بمعنى الإبقاء والإمهال في الحياة الدنيا إلى الوقت الذي كان يمكنهم فيه الإقلاع عن الكفر إلى الإيمان.
ما يتذكر فيه : ألم نعطكم من الوقت الذي كنتم تتمكنون فيه من التذكر والاعتبار.
من تذكر : متناول لكل عمر تمكن فيه المكلف من إصلاح شأنه.
النذير : الرسول أو المشيب أو العقل أو موت الأقارب أو كل أولئك.
التفسير :
تصف الآية ألوان العذاب والهوان والنكال الذي يتعرض له أهل النار فهم يصرخون ويستغيثون بصوت مرتفع حيث يشتد عويلهم وصراخهم واستغاثتهم يقولون : يا ربنا أخرجنا من هذا العذاب الشديد وأرجعنا إلى الدنيا لنعمل عملا صالحا نتدارك به الأعمال الكاسدة التي كنا نعملها في الدنيا.
﴿ أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير... ﴾ أو لم نعكم عمرا طويلا كافيا
لأن يتعظ ويتذكر فيه من أراد التذكر والاعتبار وجاءتكم الرسل أو الشيب أو موت الأقران أو وجوب استخدام العقل الفكر واللب في أن وراء هذا الكون البديع إلها خالقا واحدا بيده الخلق والأمر.
قال ابن كثير : أي : أو ما عشتم في الدنيا أعمارا لو كنتم ممن ينتفع بالحق لا تنفعهم به في مدة عمركم ؟
وقد اختلف المفسرون في مقدار العمر المراد ههنا :
فقال زين العابدين : إنه مقدار سبع عشرة سنة.
وقال قتادة : اعلموا أن طول العمر حجة، فنعوذ بالله أن نغير بطول العمل وقد نزلت هذه الآية وإن فيهم لابن ثماني عشرة سنة.
وقال وهب بن منبه : عشرين سنة.
وقال الحسن : أربعين سنة.
وقال مجاهد عن ابن عباس : ستين سنة وهذا أصح اٍلآراء.
أخرج الإمام أحمد والبخاري والنسائي وغيرهم عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم " أعذر الله تعالى إلى امرئ أخر عمره حتى بلغ ستين سنة ". xix
﴿ فذوقوا فما للظالمين من نصير... ﴾ فذوقوا ونالوا عذاب جهنم لأنه معد للظالمين أمثالكم وليس لكم ناصر ولا معين جزاء ظلمكم وكفركم بالله ورسوله.
المفردات :
ذات الصدور : خفاياها من النزوات والميول.
التفسير :
إنه سبحانه مطلع على الخفايا والنوايا وعلى ما غاب عنكم في السموات والأرض فاتقوه واحذروا أن يطلع على ما في ضمائركم من الكيد لرسوله وأنكم تريدون إطفاء دينه وتنصرون آلهتكم التي لا تنفعكم شيئا يوم القيامة.
﴿ إنه عليم بذات الصدور... ﴾ هو سبحانه مطلع على ما تكنه الضمائر وما تنطوي عليه السرائر وسيجازي كل عامل بما عمل لقد صمم الكافرين على ما هم فيه من الضلال إلى الأبد فمهما طالت أعمارهم فلن تتغير أحوالهم وكان عقابهم في جهنم جزاء وفاقا على عزمهم وتصميمه أنهم لو خلدوا في الدنيا أبدا لما آمنوا بالله ورسوله أبدا.
قال تعالى : ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون. ( الأنعام : ٢٨ ).
***
المفردات :
خلائف : جمع خليفة وهو مطرد في فعلية أي جعلكم خلفا بعد خلف وقرنا بعد قرن ترثون ما بأيديهم من مال وجاه والخلف التالي للمتقدم.
مقتا : بغضا وغضبا.
خسارا : هلاكا وضلالا.
التفسير :
﴿ هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا ﴾
جعل الله الناس خلائف يخلف بعضها بعضا فأمة تقنى وأمة تقوم وجبل يفنى وجبل يأتي بعده، وأمة تعتز وتقوى وأمة تذل وتهوى وبيد الله مقاليد السموات والأرض يغير ولا يتغير يحيي ويميت ويعز ويذل ويغني ويفقر وهو على كل شيء قدير، ومن واجب المخلوق الفاني أن يتأمل فيمن فني قبله وفيمن سيأتي بعده، وأن يتفكر في الأمم التي بادت كعاد وثمود وأن الله قادر على إهلاك الظالمين في كل وقت وحين وأن المسئولية فردية والتبعة فردية.
﴿ فمن كفر فعليه كفره.... ﴾ فمن جحد الخالق وأهمل العقل والتدبر والتأمل فيستحمل تبعة كفره وعقاب عمله.
﴿ ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا ﴾
أي : إن عاقبة الكفر هي المقت الشديد والغضب من جبار السموات وإصرار الكافرين على الكفر لا يزيدهم إلا هلاكا وبوارا وخسارا في الآخرة بدخول النار والحرمان من الجنة.
المفردات :
أرأيتم شركاءكم : أخبروني عن آلهتكم الذين أشركتموهم في العبادة.
شرك في السموات : نصيب في خلقها.
بينة : حجة ظاهرة.
غرور : أباطيل تغر وهي قول الرؤساء للأتباع إن هذه الآلهة تنفعكم وتقربكم إلى الله.
التفسير :
هذه الآية مناقشة ومواجهة للمشركين عباد الأصنام أو لكل مشرك يعبد غير الله من الجن أو الملائكة أو البقر أو غير ذلك.
والمعنى : أخبروني عن هؤلاء الشركاء الذين جعلتموهم شركاء لله في العبادة، هل خلقوا شيئا في هذه الأرض وهي تشهد كلها بوحدانية الصانع سبحانه وأنه ليس له شريك ؟ وهل هذه الأصنام أو الشركاء شاركوا في خلق السموات وهي بكل ما فيها من علو وأبراج وشموس وأقمار وليل ونهار تنطق بأنها صنعة الله الواحد القهار ؟ وهل أنزلنا كتابا من السماء على هؤلاء الشركاء بأنهم آلهة يستحقون العبادة ؟ ويتسع المعنى لأن يكون أيضا كالآتي هل أنزلنا عليكم يا كفار مكة كتابا من السماء فأنتم منه على بينة ودليل بأن الأصنام التي تعبدونها آلهة تستحق العبادة ؟ والاستفهام في الثلاثة استفهام إنكاري جوابه : أن الأصنام لم تشارك في خلق الأرض ولم تشارك في خلق السماء حتى تستحق العبادة، ولم ينزل كتاب من السماء يبين ويؤكد أن الأصنام تستحق العبادة، ولما تقرر نفي أنواع الحجج أضرب عنهم بذكر ما حملهم على الشرك فقال :
﴿ بل عن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا ﴾
أي : إن الذي حملهم على الشرك هو تغرير الرؤساء للأتباع وقولهم : إن الأصنام ترجى شفاعتها والحقيقة أنها لا تنفع ولا تضر ولا تسمع ولا تشفع وقوله : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى. ( الزمر : ٣ ) ما هي إلا أباطيل اقترفوها وستلقى هذه الأصنام في النار مع عبادها مهينة ذليلة هي ومن عبدها.
قال تعالى : والذين تدعون من دونه ما يملكون من قمطير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير. ( فاطر : ١٣-١٤ ).
وقال تعالى : احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون* من دون الله فأهدوهم إلى صراط الجحيم. ( الصافات : ٢٢٢٣ ).
المفردات :
يمسك : يحفظ.
أن تزولا : أن تنهدا وتضمحلا.
التفسير :
إن القدرة بيد الله والعزة لله جميعا وهو وحده الخالق الرازق قيوم السموات والأرض خلقهما الله على غير مثال سابق وهو سبحانه يمسك نظام الكون ويحفظه، ويرفع السماء بلا عمد ويبسط الأرض ويحفظ السماء والأرض من الفناء أو الزوال والتلاشي ولئن أشرفنا على الفناء أو الزوال ما أمسكهما من أحد بعد الله كائنا من كان أو بعد زوالهما حين تشاء القدرة ذالك فتبدل الأرض غير الأرض والسموات حين تنتهي الحياة فتنشق السماء على غلظها وتستجيب لخالقها وتتمدد الأرض ويشتد زلزالها وتخرج الأثقال من باطنها استجابة لأمر الله.
قال تعالى : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار. ( إبراهيم : ٤٨ ).
﴿ إنه كان حليما غفورا ﴾ فهو واسع الحلم على العصاة والكفار حيث لم يعاجلهم بالعقوبة وهو واسع المغفرة يتوب على التائبين ويقبل من أناب إليه ويمهل العصاة إلى حين.
قال تعالى : وإني لغفار لمن تاب وءامن وعمل صالحا ثم اهتدى. طه : ٨٢ ).
جاء في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله نه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ". xx
***
المفردات :
جهد أيمانهم : طاقتها وغايتها.
نذير : نهى يبلغهم ويخوفهم.
أهدى من إحدى الأمم : أهدى من كل واحدة من أمتي اليهود والنصارى وغيرهما.
نفورا : إعراضا وتباعدا عن الحق.
قال في ظلال القرآن :
إن نظرة إلى عالم السموات والأرض وإلى هذه الأجرام التي لا تحصى ومنتثرة في ذلك الفضاء الذي لا نعلم له حدودا وكلها قائمة في مواضعها تدور في أفلاكها محافظة على مداراتها لا تختل ولا تخرج عنها ولا تبطئ أو تسرع في دورتها وكلها لا تقوم على عمد ولا تشد بأحبال ولا تستند على شيء من هنا أو هناك... نظرة إلى تلك الخلائق الهائلة العجيبة جديرة بأن تفتح البصيرة على اليد الخفية القاهرة القادرة، التي تمسك بهذه الخلائق وتحفظها أن تزول.
تمهيــد :
بعد أن وصف القرآن يد القدرة التي تمسك بخلق السماوات والأرض وتحفظهما من الزوال أخذ يناقش أهل مكة في موقفهم وصدودهم عن الإيمان بعد أن أقسموا بالله جهد أيمانهم إن جاءهم رسول من عند الله فسوف يتبعونه وينصرونه.
التفسير :
﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا ﴾
كانت العرب تسمع عن أعمال اليهود مع أنبيائهم حيث كذبوهم وقتلوا بعضهم وحرفوا التوراة واعتدوا في السبت فأقسموا بالله وبالغوا في القسم واجتهدوا أن يأتو به على بالغ ما في وسعهم من جهد، لئن جاءهم رسول كما جاء اليهود والنصارى، ومن أية أمة بلغت من الطاعة والهداية وحسن الإتباع أن يقال فيها واحدة الأمم تفضيلا لها على غيرها فلما جاءهم النذير وهو محمد صلى الله عليه وسلم يدعوهم للإيمان ويحذرهم وينذرهم عذاب الله إن كذبوا وكفروا به وأعرضوا عنه وما زادتهم دعوته وهداياته إلا نفورا من الإسلام وإعراضا عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
إن نظرة إلى عالم السموات والأرض وإلى هذه الأجرام التي لا تحصى ومنتثرة في ذلك الفضاء الذي لا نعلم له حدودا وكلها قائمة في مواضعها تدور في أفلاكها محافظة على مداراتها لا تختل ولا تخرج عنها ولا تبطئ أو تسرع في دورتها وكلها لا تقوم على عمد ولا تشد بأحبال ولا تستند على شيء من هنا أو هناك... نظرة إلى تلك الخلائق الهائلة العجيبة جديرة بأن تفتح البصيرة على اليد الخفية القاهرة القادرة، التي تمسك بهذه الخلائق وتحفظها أن تزول.
تمهيــد :
بعد أن وصف القرآن يد القدرة التي تمسك بخلق السماوات والأرض وتحفظهما من الزوال أخذ يناقش أهل مكة في موقفهم وصدودهم عن الإيمان بعد أن أقسموا بالله جهد أيمانهم إن جاءهم رسول من عند الله فسوف يتبعونه وينصرونه.
﴿ استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ﴾
المفردات :
استكبارا : عتوا وتعاليا عن الإيمان.
مكر السيئ : مكر العمل السيئ وهو الشرك وخداع الضعفاء وردهم عن الإيمان والكيد لرسول الله.
ولا يحيق : ولا يحيط.
ينظرون : ينتظرون.
سنة الأولين : سنة الله فيهم بتعذيب مكذبيهم.
تبديلا : وضع غير العذاب موضع العذاب.
تحويلا : نقل العذاب من المكذبين على غيرهم.
التفسير :
تكمل هذه الآية الآية السابقة، فعندما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم أعرضوا عنه وابتعدوا وما زادهم دعاؤه وهدايته إلا نفورا منه ومن تفصيل ذلك النفور : تكبرهم واستعلاؤهم بالباطل وادعاؤهم أنهم أعلى شأنا من المؤمنين وأن المؤمنين فقراء ضعفاء ثم اجتهاد هؤلاء الكفار في الكيد والدس ومكر العمل السيئ حيث عذبوا المؤمنين وضايقوهم وحاولوا حبس النبي أو نفيه أو قتله ودبروا الكيد ودبر الله حفظ رسوله وحل بهم عاقبة مكرهم وعلى الباغي تدور الدوائر.
﴿ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله... ﴾ ولا يحيط المكر السيئ ولا ينزل عقابه إلا بأهله الذين دبروه وبيتوه ومن أمثال العرب :( من حفر لأخيه جبا وقع فيه منكبا ) وقد حاق نمكر هؤلاء بهم يوم بدر حيث قتلوا وأسروا وانهزموا ونصر الله المؤمنين عليهم نصرا عزيزا.
تلك سنة الله التي لا تتخلف أن يمهل الظالمين وأن يحق الحق وأن يأخذ الظالمين بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر.
﴿ فهل ينظرون إلا سنت الأولين... ﴾ أي : ما ينظرون إلا سنة الله تعالى في المكذبين السابقين كعاد وثمود حيث أخذهم الله بتعذيب مكذبيهم.
﴿ فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا ﴾ تلك قوانين كونية ثابتة، وضعها الله تبارك وتعالى، ومنها أن يرسل الرسل وينزل الكتب ويمهل الناس ويقدم لهم المعجزات والبينات ويوضح لهم صدق الدعوة وأدلة الإيمان فإذا اشتد العنت والتكذيب كانت العاقبة للمتقين والعذاب للكافرين تلك سنة الله التي لا تتبدل ولا تتحول فلا ينقل العذاب عن المكذبين و لا يحوله إلى غيرهم لأنه عادل حكيم فلا يضع الشيء في غير موضعه.
وقريب من معنى هذه الآية قوله تعالى : وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. الأنفال : ٣٠ ).
إن نظرة إلى عالم السموات والأرض وإلى هذه الأجرام التي لا تحصى ومنتثرة في ذلك الفضاء الذي لا نعلم له حدودا وكلها قائمة في مواضعها تدور في أفلاكها محافظة على مداراتها لا تختل ولا تخرج عنها ولا تبطئ أو تسرع في دورتها وكلها لا تقوم على عمد ولا تشد بأحبال ولا تستند على شيء من هنا أو هناك... نظرة إلى تلك الخلائق الهائلة العجيبة جديرة بأن تفتح البصيرة على اليد الخفية القاهرة القادرة، التي تمسك بهذه الخلائق وتحفظها أن تزول.
تمهيــد :
بعد أن وصف القرآن يد القدرة التي تمسك بخلق السماوات والأرض وتحفظهما من الزوال أخذ يناقش أهل مكة في موقفهم وصدودهم عن الإيمان بعد أن أقسموا بالله جهد أيمانهم إن جاءهم رسول من عند الله فسوف يتبعونه وينصرونه.
﴿ أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا ﴾
المفردات :
ليعجزه : ليمنعه بالقهر والغلبة أو ليسبقه و يفوته.
التفسير :
أعمى هؤلاء الكفار فلم يسيروا في الأرض جهة الشام أو اليمن ليعتب روا بما أصاب المكذبين قبلهم مثل ثمود وعاد، وغيرهم من الأمم الظالمة التي كذبت أنبياءها وعاندت وجحدت المعجزات والبينات وكانوا في قوة ومنعة، وأجساد متينة شديدة، وعمارات ومصانع، وأبنية قوية عزيزة وقد اشتد عنتهم واعتدادهم بقوتهم وظنوا أن قدرة الله لا تصل إليهم.
قال تعالى : فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بئاياتنا يجحدون* فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحيواة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون. ( فصلت : ١٥-١٦ ).
إن يد القدرة الإلهية التي أهلكت السابقين وكانوا أشد قوة من أهل مكة، قادرة على أن تنزل العذاب بالكافرين المكذبين وقدرة الله لا تحد وما كان الله ليمنعه عن مراده أي شيء في السماوات ولا في الأرض فهو سبحانه فعال لما يريد : إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. ( يس : ٨٢ ).
وكان سبحانه عليما : لا يغيب عن علمه شيء وكان سبحانه قديرا : لا يغلبه غالب ولا يفوته هارب.
إن نظرة إلى عالم السموات والأرض وإلى هذه الأجرام التي لا تحصى ومنتثرة في ذلك الفضاء الذي لا نعلم له حدودا وكلها قائمة في مواضعها تدور في أفلاكها محافظة على مداراتها لا تختل ولا تخرج عنها ولا تبطئ أو تسرع في دورتها وكلها لا تقوم على عمد ولا تشد بأحبال ولا تستند على شيء من هنا أو هناك... نظرة إلى تلك الخلائق الهائلة العجيبة جديرة بأن تفتح البصيرة على اليد الخفية القاهرة القادرة، التي تمسك بهذه الخلائق وتحفظها أن تزول.
تمهيــد :
بعد أن وصف القرآن يد القدرة التي تمسك بخلق السماوات والأرض وتحفظهما من الزوال أخذ يناقش أهل مكة في موقفهم وصدودهم عن الإيمان بعد أن أقسموا بالله جهد أيمانهم إن جاءهم رسول من عند الله فسوف يتبعونه وينصرونه.
﴿ ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا ﴾
المفردات :
كسبوا : فعلوا من السيئات.
دابة : حيوان يدب في الأرض وقيل المراد الإنس والجن.
التفسير :
هذا هو ختام سورة فاطر التي بدأت بحمد الله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة.
وختمت ببيان رحمة الله وحلمه فكأن سائلا سأل من هؤلاء الكفار وقال : لم لمْ يعجل الله لنا العقوبة ؟ وأين هو العذاب الذي تهددنا به ؟
فكان الجواب هو هذه الآية التي تفيد الآتي : لو عجل الله العقوبة لكل مخطئ في هذه الأرض لأهلك الناس جميعا ولأصيبت الدواب بسبب خطأ ابن آدم حين تنزل الصواعق أو تجتاح الأرض الأوبئة أو الأمراض أو الزلازل أو البراكين لكن حكمة الله تعالى اقتضت أن يؤجل عقاب المكذبين.
﴿ إلى أجل مسمى... ﴾ هو انتهاء حياتهم أو يؤجل عقاب الأمة إلى انتهاء الأجل المحدد لها في هذه الأرض فإذا انتهت الحياة على هذا الكوكب وجاء البعث والحشر والحساب والجزاء فإن الله تعالى عالم مطلع وشاهد وبصير بكل فرد من الأفراد وبكل أمة من الأمم وبكل جيل من الأجيال وهو سبحانه سريع الحساب لا يشغله شأن عن شان.
وفي معنى الآية قوله تعالى :
أكفاركم خير من أولائكم أم لكم براءة في الزبر لم يقولون نحن جميع منتصر سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر. ( القمر : ٤٣-٤٦ ).
وقوله سبحانه : وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظلمة إن أخذه أليم شديد. ( هود : ١٠٢ ).
من تفسير ابن كثير
لقوله تعالى :﴿ أو لم يسيروا في الأرض فينظروا... الآية. ﴾
قل يا محمد لهؤلاء المكذبين بما جئتهم به من الرسالة : سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين كذبوا الرسل كيف دمر الله عليهم فخلت منهم منازلهم وسلبوا ما كانوا فيه من النعيم بعد كمال القوة/ وكثرة العدد والعدة وكثرة الأموال والأولاد فما اغني ذلك عنهم شيئا ولا دفع عنهم من عذاب الله من شيء لأنه تعالى لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض.
﴿ إنه كان عليما قديرا... ﴾ أي : عليم بجميع الكائنات قدير على مجموعها.
تفسير الشيخ عبد الحميد كشك للآية الأخيرة من سورة فاطر
﴿ ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة.... ﴾ على هذا منطق العدل.
﴿ ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا.... ﴾ هذا منطق الفضل فإن يعاقب فبمحض العدل وإن يثب فبمحض الفضل إن الله لا يعجل كعجلة أحدكم.
روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ". xxi
وفي معنى الآية قوله تعالى في سورة النحل : ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. ( النحل : ٦١ ).
فاللهم عاملنا بفضلك وإحسانك ولا تعاملنا بميزانك وعاملنا بما أنت أهل له، فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة. xxii