تفسير سورة عبس

التفسير المظهري
تفسير سورة سورة عبس من كتاب التفسير المظهري .
لمؤلفه المظهري . المتوفي سنة 1216 هـ
سورة عبس
مكية وهي اثنان وأربعون آية

ذكر البغوي أن ابن أم مكتوم واسمه عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري من بني عامر ابن لؤي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب وأبي وأمية ابني خلف يدعوهم إلى الله يرجوا إسلامهم، فقال ابن أم مكتوم يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله فجعل يناديه ويكرر النداء ولا يدري أنه مقبل على غيره حتى ظهرت الكراهية في وجهه صلى الله عليه وسلم لقطع كلامه، وقال في نفسه يقول هؤلاء الصناديد أما أتباعه العميان والعبيد والسفلة فعبس وجهه وأعرض عنه وأقبل على القوم الذين كان يكلمهم فأنزل الله تعالى :﴿ عبس ﴾ محمد أي كلح ﴿ وتولى ﴾ أعرض وجهه.
﴿ أن جاءه الأعمى ٢ ﴾ ومحله النصب على أنه مفعول لأحد الفعلين على التنزاع أو لأن جاءه الأعمى وهو ابن أم مكتوم المذكور كذا أخرج الترمذي والحاكم عن عائشة وفيه قال ابن أم مكتوم أترى عما أقوله بأسا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا، وأخرج مثله عن أنس وكذا روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس وفيه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا رآه يكرمه ويقول :( مرحبا بمن عاتبني فيه ربي ويقول له هل لك من حاجة ) وفيما روى الترمذي والحاكم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه على المدينة مرتين في غزوتين غزاهما، وذكر الأعمى في الآية إشعار بعذره في الإقدام على قطع كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
﴿ وما يدريك ﴾ ما نافية أو استفهامية للإنكار ومعناه النفي يعني أنت ما أدريت بحاله وأي شيء يجعلك داريا بحاله وفيه إيماء إلى العذر في حق النبي صلى الله عليه وسلم يعني أنك لو كنت عالما بحال الأعمى لم تعرض عنه مقبلا على غيره. وفي الآية إجلال للنبي صلى الله عليه وسلم بوجوه أحدهما أنه ذكر موجب الإنكار والإعراض عنه في بدأ الكلام بلفظ الغيبة، ولم يسند ذلك الفعل إليه بالتخاطب إيهاما بأن من صدر ذلك الفعل كأنه غيره وليس من شأنه أن يصدر منه مثله وتوجيه ذلك أن الأعمال إنما هي بالنيات وما كانت في نية النبي صلى الله عليه وسلم الإعراض عنه مطلقا بل كان غرضه أن هذا الرجل مؤمن لا يضره التأخير في تعليمه ولا يخاف منه التولي والانحراف وأن صناديد قريش عند الإعراض عنهم يذهبون ولا ينظرون ولو أنهم آمنوا لآمن معهم خلق كثير وتساع كلمة الله فبهذا الغرض كأن لم يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم التولي عن الأعمى وإن وجد منه صورة التولي، وثانيها أن ذكر الإيماء إلى الاعتذار منه صلى الله عليه وسلم بأنك لم تكن تعلم وإلا لما صدر عنك ذلك، وثالثها الالتفات إليه من الغيبة إلى التخاطب إيناسا له دفعا للإيحاش وإقبالا عليه دفعا لتوهم الإعراض ورابعها إسناد موجب العذر إليه صلى الله عليه وسلم بالتخاطب تصريحا بكونه معذورا فيما صدر عنه ﴿ لعله يزكى ﴾ أصله يتزكى أي يتطهر بكماله من الشرك الجلي والخفي ورذائل النفس وهوائها وتعلق القلب بغير الله سبحانه وذهاب الغفلة عن سائر لطائف عالم الأمر وزوال صولة كل عنصر من عناصر عالم الخلق بفيض صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وبركة أنفاسه الشريفة واقتباس أنواره الظاهرة والباطنة.
﴿ أو يذكر ﴾ أصله يتذكر أي يشتغل بما يذكر الله سبحانه ويزيد حضوره ويفيد خشيته من عذابه ورجاء ثوابه ﴿ فتنفعه ﴾ قرأ عاصم بالنصب على جواب لعل والباقون بالرفع عطفا على يذكر ﴿ الذكرى ﴾ في الصحاح الذكرى كثرة الذكر وهو أبلغ من الذكر لقوله تعالى :﴿ لعله يزكى ﴾ إشعار إلى غاية منازل الإبرار وقوله أو يذكر إشارة إلى بداية حال الأخيار ولم يذكر ها هنا حال المقربين الصديقين لأن المقام مقام الأنانية وأما المقربون فملاك أمرهم على الاجتباء وذلك بالأصافة مختص بالأنبياء وبالوراثة والطفيل لمن شاء الله تعالى من الأصفياء وكلمة أو بين لمنع الخلو دون الجمع كما في قوله جانس الحسن أو ابن سيرين والجملة معترضة لما ذكرنا من الفوائد والبيان صلوح الأعلى للخطاب وفيه تعريض بأن صناديد قريش ليسوا بأهل للخطاب وفيه تعريض لا يرجى ما يقصد منهم كمن يقرأ مسألة لمن لا يفهمها وعنده آخر قابل لفهمها فيقال بل هذا يفهم ما تقول، وقيل : ضمير لعله راجع إلى الكافر يعني أنك تطمع منه تزكى وتذكر وما يدريك أن ما تطمع فيه كأين وعلى هذا جملة لعله يزكى مفعول ثان ليدريك والله تعالى أعلم.
﴿ أما من استغنى ٥ ﴾ قال ابن عباس استغنى عن الله وعن الإيمان بماله من المال.
﴿ فأنت له تصدى٦ ﴾ قرأ نافع وابن كثير بتشديد الصاد بإدغام التاء التفعل في الصاد والباقون بالتخفيف بحذف إحدى التائين وأصله يتصدى أي تعرض له وتقبل عليه كيلا يفوت منه التزكي والتطهر.
﴿ وما عليك ﴾ بأس في ﴿ ألا يزكى ﴾ حتى يبعثان الحرص على إسلامه إلى الإعراض عمن أسلم إنما عليك البلاغ ويحتمل أن يكون لا زائدة وألا يزكى اسم ما عليك خبره والمعنى أنه ليس الواجب عليك تزكيته إنما عليك البلاغ والجملة فاعل تصدى أو معترضة.
﴿ وأما من جاءك يسعى ٨ ﴾ حال أي ساعيا طالما لما عندك من الخير.
﴿ وهو يخشى ٩ ﴾ الله عز وجل حال مرادف سعى أو متداخل.
﴿ فأنت عنه تلهى ١٠ ﴾ أمال حمزة والكسائي أو آخر الآيات من أول السورة إلى ها هنا وورش بين بين إلا ذكرى فأما لها والباقون بالفتح أي تتشاغل إلى غيره الجملتين تفصيل لما أجل في عبس وتولى وبيان لما عليه العتاب وهو إهمال الطالب وبذل الجهد في الغافل مع أن الأولى عكس ذلك.
﴿ كلا ﴾ ردع عما فعل أي لا تفعل مثل ذلك أبدا ﴿ إنها ﴾ أي القرآن أنت الضمير لتأنيث خبره أو بتأويل الآيات ﴿ تذكرة ﴾ عظة وموجب لذكر الله سبحانه.
﴿ فمن شاء ﴾ الاتعاظ وذكره تعالى ﴿ ذكره ﴾ حفظه أي القرآن والجملة متعرضة تعليق الذكر بالمشيئة تخيير صيغة وتوبيخ للمعرضين عنه وثناء للمشتغلين به.
معنى في ﴿ في صحف ﴾ أي مثبتة مكتوبة فيها صفة لتذكرة أو خبر ثان لأن أو خبر مبتدأ محذوف أي هي في صحف والمراد بالصحف اللوح المحفوظ أو صحف ينسخها الملائكة من اللوح أو صحف الأنبياء بدليل قوله تعالى :﴿ وإنه لفي زبر الأولين ١٩٦ ﴾١ ﴿ إن هذا لفي الصحف الأولى ١٨ صحف إبراهيم وموسى ١٩ ﴾٢ أو المصاحف التي كتبها الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ مكرمة ﴾ عند الله.
١ سورة الشعراء، الآية: ١٩٦..
٢ سورة الأعلى، الآية: ١٨ -١٩..
﴿ مرفوعة ﴾ القدر عنه الله سبحانه وقبل مرفوعة في السماء السابعة ﴿ مطهرة ﴾ منزهة عن مس الجنب والحائض والنفساء والمحدث.
﴿ بأيدي سفرة ١٥ ﴾ جمع سافر بمعنى كاتب ومنه يقال الكتاب سفر وجمعه أسفار كذا قال ابن عباس ومجاهد فالمراد بهم الملائكة الكرام الكاتبون أو الأنبياء أو كتبة الوحي، وقال الآخرون هم الرسل جمع سفير بمعنى الرسل يقال سفير القوم للذي يسعى بينهم للصلح فالمراد هم الرسل من الملائكة ومن البشر قلت : وكذا كتبة الوحي وعلماء الأمة فإن كل منهم سفير بين الرسول وبين الأمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام الأبرار والذي يقرأه وينتفع فيه وهو عليه شاق له أجران )١ رواه الشيخان، عن عائشة رضي الله عنها يعني له أجران أجر القراءة وأجر المشقة وبهذا يظهر أن للماهر أجور غير متناهية.
١ أخرجه البخاري في كتاب: التفسير، باب: تفسير سورة عبس (٤٩٣٧)، وأخرجه مسلم في كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضل الماهر بالقرآن والذي يتعتع به (٧٩٨)..
﴿ كرام ﴾ على الله منعطفين على المؤمنين يكلمونهم ويستغفرون لهم ﴿ بررة ﴾ أتقياء صفة بعد صفة لسفرة هكذا ينبغي شأن العلماء.
﴿ قتل الإنسان ﴾ أي لعن ﴿ ما أكفره ﴾ دعاء عليه بأشنع الدعوات وتعجب من إفراطه في الكفر بعد هجوم الدواعي على التشكر والإيمان وهذا الكلام مع قصره يدل على سخط عظيم وذم بليغ، أخرج ابن المنذر عن عكرمة وكذا قال مقاتل أنها نزلت في عتبة بن أبي لهب قال : كفرت برب النجم قلت : وقصة ذلك على ما في السير أنه كان النبي صلى الله عليه وسلم زوجه ابنته أم كلثوم وزوج أخيه عتبة أختها عليهما السلام فلما نزلت ﴿ تبت يدا أبي لهب وتب ١ ﴾ قال أبو لهب رأسي من رأسكما حرام إن لم تطلقا ابنتي محمد فطلقا لهما ولم يبنيا بهما وجاء عتبة حين فارق أم كلثوم عند النبي صلى الله عليه وسلم وقال : كفرت بدينك وفارقتك ابنتك وسطا عليه وشق قميص النبي صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم : إني أسأل الله أن يسلط عليك كلبا من كلابه وكان خارجا إلى الشام تاجرا مع نفر من قريش حتى نزلوا مكانا من الشام يقال له الزوراء ليلا فطاف بهم الأسد تلك الليلة عتبة يقول يا ويل فإني أخاف دعوة محمد فجمعوا حمالهم فعرشوا لعتبة في أعلاها وناموا حوله فقيل : إن الأسد انصرف عنهم حتى ناموا وعتبة في وسطهم، ثم أقبل الأسد يتخطاهم حتى أخذ برأس عتبة قلت وأما عتبة ومعتب ابني أبي لهب فقد أسلم بعد ذلك وكان من التائبين مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين.
﴿ من أي شيء خلقه ١٨ ﴾ بيان لموجبات الإيمان والشكر وذكر مبدأ خلقه لكونها أسبق النعم وضمير الفاعل راجعا إلى مذكور تقديرا يعني من أي شيء خلقه الله الاستفهام للتقرير إلى حمل المخاطب على الإقرار بأنه خلقه الله من نطفة بيان لما وهذا الوجه أوقع في الذهن وفيه تحقير ينافي التكبر.
﴿ من نطفة ﴾ متعلق بمحذوف أي خلق الله من نطفة بيان لما أبهم ثم بين ما اعترض عليه من الأحوال من مبدأ خلقه إلى منتهاه فقال ﴿ خلقه ﴾ أوجده في الرحم من نطفة تاما ﴿ فقدره ﴾ أي كتب بإذنه ملك الموكل أربع كلمات مقدرة مقادير عمله وأجله ورزقه وسعادته أو شقاوته كما ذكرنا في سورة المرسلات حديث ابن مسعود المتفق عليه وهذا التأويل أولى مما ذكره المفسرون بأن معناه ها هنا لا يصلح من الأعضاء والأشكال أو قدره أطوارا من نطفة إلى أن تم خلقه.
﴿ ثم السبيل يسره ٢٠ ﴾ إضمار على شريطة التفسير معطوف على قدر يعني سهل طريق خروجه من بطن أمه كذا قال السدي ومقاتل أو المعنى سهل له طريق الحق وسبيل الوصول إلى الله تعالى ببعث الرسل وإنزال الكتاب ليتم عليه الحجة نظيره قوله تعالى :﴿ فأما من أعطى واتقى ٥ وصدق بالحسنى ٦ فسنيسره لليسرى ٧ وأما من بخل واستغنى ٨ ﴾١ أو المعنى سهل له الحياة الدنيا وما يتوقف عليه، فإن الدنيا سبيل أما إلى الجنة وإما إلى النار وليست بدار القرار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل )٢ رواه البخاري من حديث ابن عمر، ورواه احمد والترمذي وابن ماجه وزاد ( واعدد نفسك من أصحاب القبور ) ويناسب هذا التأويل قوله ﴿ ثم أماته ﴾.
١ سورة الليل، الآية: ٥ -١٠..
٢ أخرجه البخاري في كتاب: الرقاق، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) (٦٤١٦)، وأخرجه ابن ماجه في كتاب: الزهد، باب: مثل الدنيا (٤١١٤)، أخرجه الترمذي في كتاب: الزهد، باب: ما جاء في قصر الأمل (٢٣٣٣)..
﴿ ثم أماته ﴾ عدا الإماتة من النعم لكونها موصلة إلى دار القرار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( تحفة المؤمن الموت ) رواه الطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب وأبو نعيم في الحلية من حديث ابن عمر وأما كونه سبيلا إلى النار فلفساد اختياره ولا جبر بالكلية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( قيل لي سيد بني دارا ووضع مأدبة وأرسل داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ورضي عنه السيد ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة وسخط عليه السيد فقال : فالله السيد ومحمد الداعي والدار الإسلام والمأدبة الجنة ) رواه الدارمي من حديث ربيعة الجرسي والبخاري عن جابر نحوه ﴿ فأقبره ﴾ أي أمر الناس بجعل الميت في القبر صيانة عن السباع وهذا نعمة أخرى صبت أكرم الإنسان ولم يجعله كسائر الحيوانات جيفة ملقاة.
﴿ ثم إذا شاء ﴾ الله بعثه من القبر ﴿ أنشره ﴾ أحياه بعد الموتة فإن من هو قادر على خلقه قادر على نشره من القبر وقد أخبر بذلك على لسان رسله ولولا البعث والجزاء لصار الشاكر كالكافر وذلك قبيح.
﴿ كلا ﴾ ردع عما عليه الكافر من الإنكار والكفران مع تلك الدلائل الموجبة للإيمان والنعماء المستوجبة للشكر ﴿ لما يقض ﴾ أي بعده ما علم تلك النعم الجليلة والدلائل الواضحة لم يقض إلى الآن ﴿ ما أمره ﴾ الله من الإيمان والنعماء المستوجبة لشكر المنعم.
﴿ فلينظر الإنسان ﴾ عطف على مفهوم ما سبق أي لينظر أولا إلى نفسه من مبدأ خلقه إلى منتها وما أنعم عليه وفيه فينظر ﴿ إلى طعامه ﴾ كيف خلقناه ومتعناه به.
﴿ أنا صببنا الماء ﴾ المطر من السماء، قرأ الكوفيون بفتح همزة إنا على أنه بدل اشتمال للطعام لبيان خلقه والباقون بالكسر على الاستئناف ﴿ صبا ﴾ مفعول مطلق للتأكيد.
﴿ ثم شققنا الأرض شقا ٢٦ ﴾ بإخراج شطأ الزرع من الأرض أو بالكراب وحينئذ إسناد الفعل إلى الله إسناد إلى السبب.
﴿ فأنبتنا فيها ﴾ أي في الأرض ﴿ حبا ﴾ كالحنطة والشعير وغير ذلك.
﴿ وعنبا وقضبا ٢٨ ﴾ يعني الرطبة سميت بمصدر قضبه أو أقطعه لأنها يقضب مرة بعد أخرى وفي الصحاح القضب يستعمل في البقل وفي القاموس القضب كل شجرة طالت وبسطت أغصانها.
﴿ وزيوتا ونخلا ٢٩ وحدائق غلبا ٣٠ ﴾ وهي الحديقة المتكاثفة أشجارها كذا في القاموس.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٩:﴿ وزيوتا ونخلا ٢٩ وحدائق غلبا ٣٠ ﴾ وهي الحديقة المتكاثفة أشجارها كذا في القاموس.
﴿ وفاكهة ﴾ ما يراد بها التفكه فقط من الثمار، ومن ثم قال الفقهاء من حلف لا يأكل فاكهة لا يحنث بأكل التمر والعنب والزيتون ولأن العطف دليل المغايرة وكذا أكل ما يراد به الغذاء والدواء كالرمان ﴿ وأبا ﴾ أي كلأ ومرعى كذا في القاموس.
﴿ متاعا ﴾ مفعول له لأنبتنا ﴿ لكم ﴾ كالحب من الحنطة وغيرها ﴿ ولأنعامكم ﴾ كالأب.
﴿ فإذا جاءت الصاخة ٣٣ ﴾ في القاموس الصاخة صيحة بضم شدتها والمراد بها نفخة الصور، وفي الصحاح الصاخة الشدة الصوت ذي نطق وعلى هذا وصفت نفخة الصور بها مجازا لأن الناس يصيحون بها وهذا لا شرط محذوف الجزاء والجملة متصل لقوله تعالى :﴿ إنها تذكرة ﴾ أو بقوله :﴿ قتل الإنسان ما أكفره ١٧ ﴾ فعلى الأول تقديره إنها تذكرة وعظة فإذا جاءت الصاخة يختلف حال المتعظين بها وغير المتعظين وبيانه وجوه يومئذ الخ ويحتمل حينئذ أن يكون جزاءه وجوه يومئذ الخ وعلى الثاني تقديره قتل الإنسان ما أكفره فإذا جاءت الصاخة يرى جزاء كفرانه.
﴿ يوم يفر المرء من أخيه ٣٤ وأمه وأبيه ٣٥ وصاحبته وبنيه ٣٦ ﴾ لاشتغاله بشأن نفسه وعلمه بأنهم لا ينفعونهم أو لبغضهم وكراهتهم لأجل كفرهم وسوء حالهم عن علي رضي الله عنه قال :( سألت خديجة ولدين ماتا لها في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في النار فلما رأى الكراهة في وجهها قال لو رأيت مكانهما لأبغضتهما )١ الحديث رواه أحمد وتأخير الأحب للمبالغة كأنه قيل يفر المرء من أخيه بل من أبويه بل من صاحبته وبنيه والظرف أعني يوم يفر بدل من إذا.
١ فيه محمد بن عثمان لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيحين. انظر: مجمع الزوائد في كتاب: القدر، باب: ما جاء في الأطفال (١١٩٤٠)..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٤:﴿ يوم يفر المرء من أخيه ٣٤ وأمه وأبيه ٣٥ وصاحبته وبنيه ٣٦ ﴾ لاشتغاله بشأن نفسه وعلمه بأنهم لا ينفعونهم أو لبغضهم وكراهتهم لأجل كفرهم وسوء حالهم عن علي رضي الله عنه قال :( سألت خديجة ولدين ماتا لها في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في النار فلما رأى الكراهة في وجهها قال لو رأيت مكانهما لأبغضتهما )١ الحديث رواه أحمد وتأخير الأحب للمبالغة كأنه قيل يفر المرء من أخيه بل من أبويه بل من صاحبته وبنيه والظرف أعني يوم يفر بدل من إذا.
١ فيه محمد بن عثمان لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيحين. انظر: مجمع الزوائد في كتاب: القدر، باب: ما جاء في الأطفال (١١٩٤٠)..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٤:﴿ يوم يفر المرء من أخيه ٣٤ وأمه وأبيه ٣٥ وصاحبته وبنيه ٣٦ ﴾ لاشتغاله بشأن نفسه وعلمه بأنهم لا ينفعونهم أو لبغضهم وكراهتهم لأجل كفرهم وسوء حالهم عن علي رضي الله عنه قال :( سألت خديجة ولدين ماتا لها في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في النار فلما رأى الكراهة في وجهها قال لو رأيت مكانهما لأبغضتهما )١ الحديث رواه أحمد وتأخير الأحب للمبالغة كأنه قيل يفر المرء من أخيه بل من أبويه بل من صاحبته وبنيه والظرف أعني يوم يفر بدل من إذا.
١ فيه محمد بن عثمان لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيحين. انظر: مجمع الزوائد في كتاب: القدر، باب: ما جاء في الأطفال (١١٩٤٠)..

﴿ لكل امرئ منهم ﴾ من الناس ﴿ يومئذ ﴾ متعلق بالظرف المستقر ﴿ شأن ﴾ فاعل للظرف المستقر أو مبتدأ والظرف خبره ﴿ يغنيه ﴾ أي يشغله عن شأن غيره صفة لشأن وهذا التعليل للفراء عن سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يبعث الله الناس حفاة عراة غرلا لقد ألجمهم العرق وبلغ شحوم الآذان، فقلت يا رسول الله واسوأتاه ينظر بعضنا إلى بعض فقال قد شغل الناس لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) رواه الطبراني والبيهقي والبعوث وفي الصحيحين عن عائشة نحوه وفيه قال لعائشة :( الأمر منهم يومئذ أشد من ذلك )١ يعني من أن ينظر بعضهم أي بعض.
١ أخرجه البخاري في كتاب: الرقاق، باب: كيف الحشر (٦٥٢٧)، وأخرجه مسلم في كتاب: الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة (٢٨٥٩)..
وأخرج البيهقي عن ابن عباس نحوه ﴿ وجوه ﴾ المؤمنين أو وجوه كثيرة أو وجوه منهم أي من الناس المفهوم من كل امرئ ﴿ يومئذ ﴾ متعلق بما بعده ﴿ مسفرة ﴾ أي مضية من أسفار الصبح.
﴿ ضاحكة مستبشرة ٣٩ ﴾ وصفت الوجوه بصفة أصحابها مجازا.
﴿ ووجوه يومئذ ﴾ متعلق بظرف مستقر بعده ﴿ عليها ﴾ ظرف مستقر ﴿ غبرة ﴾ فاعل الظرف أو مبتدأ أي استقر عليها غبار أو كدورة والجملة خبر لوجوه.
﴿ ترهقها ﴾ تعلوها وتغشاها ﴿ قترة ﴾ أي سواد وظلمة قال ابن عباس تغشاها ذلة قال ابن زيد فرق بين الغبرة والقترة أن القترة ما ارتفع من الغبار فلحق بالماء والغبرة ما كان أسفل في الأرض وجملة ترهقها صفة بغبرة أو خبر بعد خبر بوجوه.
﴿ أولئك ﴾ مبتدأ يعني الذين وجوههم عليها غبره ﴿ هم ﴾ ضمير الفصل ﴿ الكفرة ﴾ جمع كفر خبر ﴿ الفجرة ﴾ جمع فاجر صفة لكفرة أو خبر والجملة مستأنفة كأنها جواب من أصحاب تلك الوجوه والفجور شق شر الدين والديانة وكماله في الكفر، والله أعلم بالصواب.
Icon