تفسير سورة التين

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
تفسير سورة سورة التين من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن .
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ﴾ [ التين : ٤ ].
قال ذلك هنا : وقال في سورة البلد :﴿ لقد خلقنا الإنسان في كبد ﴾ [ البلد : ٤ ] ولا منافاة بينهما، لمراعاة الفواصل في السورتين، ولأن معناه هنا –عند كثير من المفسرين- منتصب القامة، معتدلها، فيكون في المعنى أحسن تقويم، وذلك لا ينافي كونه في كبد( ١ ).
١ - لا منافاة بين الآيتين، فإن كلا منهما في غرض غير الآخر، فإن الآية الأولى لبيان كمال خلق الإنسان، فقد خلقه الله في أجمل صورة وأحسن شكل، والثانية لبيان ما يكابده ويقاسيه من شدائد وأهوال في هذه الحياة الدنيا، من بداية ولادته، إلى نهاية حياته..
قوله تعالى :﴿ ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا... ﴾ الآية [ التين : ٥، ٦ ].
إن فُسّر بالردّ إلى جهنم، فهو سُفل حقيقي، والاستثناء بعده متّصل، وعليه فقوله تعالى :﴿ فلهم أجر غير ممنون ﴾ [ التين : ٦ ] قائم مقام قوله : فلا نردّهم أسفل سافلين.
أو بالردّ : إلى أسفل العمر، فهو تسفّل في الرّتب والأوصاف، بالنسبة إلى رُتب الشباب وأوصافه، والاستثناء بعده منقطع، وعليه فقوله تعالى :﴿ فلهم أجر غير ممنون ﴾ [ التين : ٦ ] أي غير مقطوع بالهرم والضّعف، والمعنى : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات في حال شبابهم( ١ ) وقوّتهم، إذا عجزوا بالهرم عن العمل، كتب لهم ثواب ما كانوا يعملون، إلى وقت موتهم.
١ - في مخطوطة الجامعة: شبّتهم، وهو خطأ ظاهر، لأنه عطف عليه القوة فهو حال الشباب..
Icon