تفسير سورة المؤمنون

تفسير المراغي
تفسير سورة سورة المؤمنون من كتاب تفسير المراغي .
لمؤلفه المراغي . المتوفي سنة 1371 هـ
الحزب الثامن عشر
آيها ثماني عشرة ومائة
هي مكية وقد نزلت بعد سورة الأنبياء.
روي أن بعض الصحابة قالوا لعائشة : كيف كان خلق رسول الله ؟ قالت : كان خلقه القرآن، ثم قرأت :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ حتى انتهت إلى﴿ والذين هم على صلواتهم يحافظون ﴾ هكذا كان خلق رسول الله ( ص ).
ووجه المناسبة بينها وبين ما قبلها من وجوه :
( ١ ) إنه تعالى ختم السورة السابقة بخطاب المؤمنين و أمرهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وفعل الخيرات لعلهم يفلحون وحقق فلاحهم في بدء هذه السورة.
( ٢ ) إنه تكلم في كل من السورتين في النشأة الأولى وجعل ذلك دليلا على البعث والنشور.
( ٣ ) إن في كل من السورتين قصصا للأنبياء الماضين وأممهم ذكرت عبرة للحاضرين والآتين.
( ٤ ) إنه نصب في كل منهما أدلة على وجود الخالق ووحدانيته

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ قد أفلح المؤمنون ( ١ ) الذين هم في صلاتهم خاشعون ( ٢ ) والذين هم عن اللغو معرضون ( ٣ ) والذين هم للزكاة فاعلون ( ٤ ) والذين لفروجهم حافظون ( ٥ ) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ( ٦ ) فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ( ٧ ) والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ( ٨ ) والذين هم على صلواتهم يحافظون ( ٩ ) أولئك هم الوارثون ( ١٠ ) الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ﴾[ المؤمنون : ١- ١١ ].
تفسير المفردات :
الفلاح : الظفر بالمراد. وأفلح : دخل في الفلاح، كأبشر دخل في البشارة، والمؤمن : هو المصدق بما جاء عن ربه على لسان نبيه من التوحيد والنبوة والبعث والجزاء.
الإيضاح :
حكم الله سبحانه بالفلاح لمن كان جامعا لخصال سبع من خصال الخير :
( ١ )الإيمان﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾أي فاز وسعد المصدقون بالله ورسله واليوم الآخر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقصارى ما سلف : إن فلاح المؤمن موقوف على اتصافه بتلك الصفات السامية العالية القدر العظيمة الأثر في حياته الروحية، وكمالاته النفسية.
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : كان رسول الله ( ص ) إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دوي كدوي النحل، فأنزل عليه يوما، فمكث ساعة ثم سري عنه، فاستقبل القبلة فقال :" اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا ". ثم قال :" لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾حتى ختم العشر.

تفسير المفردات :
والخاشع : هو الخاضع المتذلل مع خوف وسكون للجوارح.
الإيضاح :
( ٢ ) الخشوع في الصلاة﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾أي الذين هم مخبتون لله أذلاء منقادون له خائفون من عذابه، روى الحاكم أن النبي ( ص ) كان يصلي رافعا بصره إلى السماء، فلما نزلت هذه الآية رمى ببصره إلى نحو مسجده أي موضع سجوده، والخشوع واجب على المرء في الصلاة لوجوده :
( أ ) للتدبر فيما يقرأ كما قال :﴿ أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ﴾[ محمد : ٢٤ ]. و التدبر لا يكون بدون الوقوف على المعنى كما قال :﴿ ورتل القرآن ترتيلا ﴾ [ المزمل : ٤ ] أي لتقف على عجائب أسراره و بديع حكمه و أحكامه.
( ب ) لتذكر الله و الخوف من وعيده كما قال :﴿ وأقم الصلاة لذكرى ﴾[ طه : ١٤ ].
( ج ) إن المصلي يناجي ربه، والكلام مع الغفلة ليس بمناجاة البتة، ومن ثم قالوا : صلاة بلا خشوع جسد بلا روح، وجمهور العلماء على أن الخشوع ليس شرطا للخروج من عهدة التكليف وأداء الواجب، وإنما هو شرط لحصول الثواب عند الله وبلوغ رضوانه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقصارى ما سلف : إن فلاح المؤمن موقوف على اتصافه بتلك الصفات السامية العالية القدر العظيمة الأثر في حياته الروحية، وكمالاته النفسية.
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : كان رسول الله ( ص ) إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دوي كدوي النحل، فأنزل عليه يوما، فمكث ساعة ثم سري عنه، فاستقبل القبلة فقال :" اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا ". ثم قال :" لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾حتى ختم العشر.

تفسير المفردات :
واللغو : هجر القول و قبيحه.
الإيضاح :
( ٣ )الإعراض عن اللغو﴿ والذين هم عن اللغو معرضون ﴾أي الذين يعرضون عن كل ما لا يعنيهم، وعن كل كلام ساقط حقه أن يلغى كالكذب والهزل والسب، إذ لهؤلاء من الجد ما يشغلهم، فهم في صلاتهم معرضون عن كل شيء إلا عن خالقهم، وفي خارجها معرضون عن كل ما لا فائدة فيه، فهم متجهون للجد وصالح العمل، فهم قد استفادوا من خشوع الصلاة درسا انتفعوا منه بعدها، وتخلقوا بأخلاق النبيين والصديقين.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقصارى ما سلف : إن فلاح المؤمن موقوف على اتصافه بتلك الصفات السامية العالية القدر العظيمة الأثر في حياته الروحية، وكمالاته النفسية.
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : كان رسول الله ( ص ) إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دوي كدوي النحل، فأنزل عليه يوما، فمكث ساعة ثم سري عنه، فاستقبل القبلة فقال :" اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا ". ثم قال :" لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾حتى ختم العشر.

تفسير المفردات :
والزكاة : تزكية النفس وطهارتها بفعل العبادة المالية.
الإيضاح :
( ٤ ) تطهيرهم لأنفسهم بأداء الزكاة﴿ والذين هم للزكاة فاعلون ﴾أي والذين هم لأجل طهارة أنفسهم وتزكيتها يؤدون المفروض للفقير والمسكين كما قال :﴿ قد أفلح من زكاها ﴾[ الشمس : ٩ ] وقال :﴿ قد أفلح من تزكى ﴾[ الأعلى : ١٤ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقصارى ما سلف : إن فلاح المؤمن موقوف على اتصافه بتلك الصفات السامية العالية القدر العظيمة الأثر في حياته الروحية، وكمالاته النفسية.
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : كان رسول الله ( ص ) إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دوي كدوي النحل، فأنزل عليه يوما، فمكث ساعة ثم سري عنه، فاستقبل القبلة فقال :" اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا ". ثم قال :" لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾حتى ختم العشر.

تفسير المفردات :
والفرج : سوءة الرجل والمرأة. وحفظه : التعفف عن الحرام.
الإيضاح :
( ٥ )حفظ الفرج﴿ والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ﴾أي الذين يحفظون فروجهم في كافة الأحوال إلا في حال تزوجهم أو تسريهم " قربان الأمة بالملك " فإنهم حينئذ يكونون غير ملومين، والمراد بهذا الوصف مدحهم بنهاية العفة والإعراض عن الشهوات.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقصارى ما سلف : إن فلاح المؤمن موقوف على اتصافه بتلك الصفات السامية العالية القدر العظيمة الأثر في حياته الروحية، وكمالاته النفسية.
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : كان رسول الله ( ص ) إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دوي كدوي النحل، فأنزل عليه يوما، فمكث ساعة ثم سري عنه، فاستقبل القبلة فقال :" اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا ". ثم قال :" لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾حتى ختم العشر.

تفسير المفردات :
وابتغى : طلب. وراء ذلك : أي غير ذلك. والعادون : أي المتناهون في العدوان ومجاوزة الحدود الشرعية.
الإيضاح :
﴿ فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ﴾أي فمن طلب غير أربع من الحرائر وما شاء من الإماء فأولئك هم المتناهون في العدوان والمتعدون لحدود الله.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقصارى ما سلف : إن فلاح المؤمن موقوف على اتصافه بتلك الصفات السامية العالية القدر العظيمة الأثر في حياته الروحية، وكمالاته النفسية.
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : كان رسول الله ( ص ) إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دوي كدوي النحل، فأنزل عليه يوما، فمكث ساعة ثم سري عنه، فاستقبل القبلة فقال :" اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا ". ثم قال :" لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾حتى ختم العشر.

تفسير المفردات :
والأمانات : واحدها أمانة، وهي ما اؤتمن عليه من قبل الله كالتكاليف الشرعية أو من قبل الناس كالأموال المودعة لديه والنذور والعقود ونحوها. والعهد : ما عقده الإنسان على نفسه مما يقربه إلى ربه، وما أمر به الله كما قال :﴿ الذين قالوا إن الله عهد إلينا ﴾[ آل عمران : ١٨٣ ]. والرعي : الحفظ. والراعي : القائم على الشيء لحفظه وإصلاحه.
الإيضاح :
( ٦ ) رعاية الأمانة والعهد ﴿ والذين هم لأماناتهم وعهودهم راعون ﴾أي والذين إذا ائتمنوا لم يخونوا، بل يؤدون الأمانة لأهلها، وإذا عاهدوا أو عاقدوا أوفوا بما عاهدوا عليه، إذا الخيانة وخلف العهد من صفات المنافقين كما جاء في الحديث :" آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ".
وقصارى ذلك : إنهم يؤدون ما اؤتمنوا وعوهدوا عليه من الرب أو العبد كالتكاليف الشرعية والأموال المودعة والعقود التي عاقدوا الناس عليها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقصارى ما سلف : إن فلاح المؤمن موقوف على اتصافه بتلك الصفات السامية العالية القدر العظيمة الأثر في حياته الروحية، وكمالاته النفسية.
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : كان رسول الله ( ص ) إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دوي كدوي النحل، فأنزل عليه يوما، فمكث ساعة ثم سري عنه، فاستقبل القبلة فقال :" اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا ". ثم قال :" لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾حتى ختم العشر.

تفسير المفردات :
يحافظون : أي يواظبون عليها.
الإيضاح :
( ٧ )المحافظة على الصلوات﴿ والذين هم على صلواتهم يحافظون ﴾أي و الذين يواظبون عليها على أكمل وجه في الأوقات التي رسمها الدين، روي عن ابن مسعود أنه قال : سألت رسول الله ( ص ) فقلت : يا رسول الله أي العمل أحب إلى الله ؟ قال :" الصلاة على وقتها " قلت : ثم أي ؟ ثم قال :" بر الوالدين " قلت : ثم أي ؟ قال :" الجهاد في سبيل الله " رواه الشيخان.
وقد افتتح سبحانه هذه الصفات الحميدة بالصلاة واختتمها بالصلاة، دلالة على عظيم فضلها، وكبير مناقبها، وقد ورد في الحديث :" اعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن ".
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقصارى ما سلف : إن فلاح المؤمن موقوف على اتصافه بتلك الصفات السامية العالية القدر العظيمة الأثر في حياته الروحية، وكمالاته النفسية.
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : كان رسول الله ( ص ) إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دوي كدوي النحل، فأنزل عليه يوما، فمكث ساعة ثم سري عنه، فاستقبل القبلة فقال :" اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا ". ثم قال :" لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾حتى ختم العشر.

الإيضاح :
ولما كان الجزاء في الآخرة نتيجة للعمل في الدنيا، وما فيها من نعيم حصاد لما زرع فيها، رتب على ذلك قوله :
﴿ أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ﴾أي أولئك المؤمنون الذين تحلوا بتلك الخلال السامية جديرون بأن يتبوءوا أرفع مراتب الجنات، كفاء ما زينوا به أنفسهم من الأخلاق الفاضلة، والآداب العالية، ويبقون خالدين فيها أبدا لا يخرجون منها ولا يموتون.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠:الإيضاح :
ولما كان الجزاء في الآخرة نتيجة للعمل في الدنيا، وما فيها من نعيم حصاد لما زرع فيها، رتب على ذلك قوله :
﴿ أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ﴾أي أولئك المؤمنون الذين تحلوا بتلك الخلال السامية جديرون بأن يتبوءوا أرفع مراتب الجنات، كفاء ما زينوا به أنفسهم من الأخلاق الفاضلة، والآداب العالية، ويبقون خالدين فيها أبدا لا يخرجون منها ولا يموتون.


تفسير المفردات :
والفردوس : أعلى الجنة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقصارى ما سلف : إن فلاح المؤمن موقوف على اتصافه بتلك الصفات السامية العالية القدر العظيمة الأثر في حياته الروحية، وكمالاته النفسية.
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : كان رسول الله ( ص ) إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دوي كدوي النحل، فأنزل عليه يوما، فمكث ساعة ثم سري عنه، فاستقبل القبلة فقال :" اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا ". ثم قال :" لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾حتى ختم العشر.

﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ( ١٢ ) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ( ١٣ ) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ( ١٤ ) ثم إنكم بعد ذلك لميتون ( ١٥ ) ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ﴾[ المؤمنون : ١٢- ١٦ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أحوال السعداء المفلحين قفى على ذلك بذكر مبدئهم ومآل أمرهم وأمر غيرهم من بني الإنسان، وفي هذا إعظام للمنة، وحث على الاتصاف بحميد الصفات، وتحمل مؤونة التكاليف، ثم ذكر أن كل ذلك منته إلى غاية هي يوم القيامة الذي تبعثون وتحاسبون فيه على أعمالكم إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
تفسير المفردات :
السلالة : ما سل من الشيء واستخرج منه، وتارة تكون مقصودة كخلاصات الأشياء كالزبد من اللبن، وتارة تكون غير مقصودة كقلامة الظفر وكناسة البيت.
الإيضاح :
﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ﴾أي ولقد خلقنا أصل هذا النوع وأول أفراده، وهو آدم عليه السلام من صفوة طين لا كدر فيه.
ويرى جماعة من المفسرين : أن المراد بالإنسان هنا ولد آدم وهم يقولون : إن النطف تتوالد من الدم الحادث من الأغذية وهي إما حيوانية و إما نباتية، والحيوانية تنتهي إلى نباتية، والنبات يتوالد من صفو الأرض والماء، فالإنسان على الحقيقة متوالد من سلالة من طين، ثم تواردت على تلك السلائل أطوار الخلقة إلى أن صارت نطفا.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وخلاصة ما تقدم : إنه تعالى بعد أن ذكر أنه كلف عباده بما كلف، بين أن هذه التكاليف شكر من الإنسان لربه الذي أنشأه النشأة الأولى و قلبه في أطوار مختلفة حتى أوصله إلى طور هو غاية كماله، فأصبح قادرا على تكليفه بتلك التكاليف، ولا بد له من طور يستحق فيه الجزاء على ما كلف به، وهو طور البعث بعد الموت يوم القيامة.
ويقول الدكتور أحمد محمد كمال في مجلة الدكتور، إن كلمة " تراب " أو " طين " الواردة في القرآن وردت بمعناها المجازي، فالإنسان بل جميع الكائنات الحية تتركب كيميائيا من عناصر أولية جمعها الخالق سبحانه وتعالى وركبها في شكل مادة كيميائية معقدة هي البروتوبلازم أي المادة الحيوية التي تتركب منها الخلايا والأنسجة الحيوانية والنباتية، وهذه المادة الحيوية تتركب من عناصر الأوكسجين والأيدروجين والكربون و الأزوت والكبريت والفسفور والكالسيوم و الصديوم والكلور والحديد والنحاس واليود إلخ.
فإذا نظرنا إلى التراب وقمنا بتحليل عينات منه وجدنا أنه يحتوي على نفس العناصر الأولية المذكورة.
وليس أدل على أن التعبير مجازي من أن جسم الإنسان أو الحيوان أو النبات عندما يتحلل بعد الوفاة يتحول إلى رماد أو تراب بنفس العناصر.
ويقول الدكتور سالم محمد في هذه المجلة : إن الخلق في قوله :﴿ إن خلقناكم من تراب ﴾قد يكون إشارة إلى خلق آدم نفسه وقد يكون بمعنى أن النطفة في كل من الذكر والأنثى وليدة عملية التغذية التي يتغذى بها الإنسان أو الجسم، وأصل هذه التغذية ومنشؤها من التراب، والنطفة هي الحيوان المنوي للذكر والبويضة للأنثى، فإذا تم التلقيح بدأت البويضة في الانقسام بدأ تطور العلقة وهي مجموعة من الخلايا الحية تنقسم إليها البويضة بعد تلقيحها. وإنما سميت في هذا الطور علقة للشبه الكبير بينها وبين علق الماء.
وطور العلقة في حياة الجنين يبلغ أربعة أسابيع، ثم تتطور العلقة إلى مضغة للشبه الكبير بينها وبين قطعة اللحم الممضوغة ويبلغ طور المضغة بضع أسابيع، ثم يبدأ ظهور خلايا العظام، فاللحم أي العضلات التي تكسو هذه العظام.
وقوله :﴿ ثم أنشأناه خلقا آخر ﴾أي إنه من هذه الخلايا ومن هذه الأطوار المتعددة يخرج الله لنا هذه الصورة الإنسانية الجميلة التي تشهد بقدرة الخالق وعظمته.
وقوله :﴿ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ﴾ فالقرار المكين هو الرحم، ومن يدرس تشريح الرحم وموضعه المكين الأمين في أسفل بطن المرأة ويرى ذلك الوعاء ذا الجدار العريض السميك تم ترى هذه الأربطة العريضة و الأربطة المستديرة، وهذه الأجزاء من البريتون التي تشده إلى المثانة والمستقيم، وكلها تحفظ توازن الرحم وتشد أزره، وتحميه من الميل أو السقوط، وتطول معه إذا ارتفع عند تقدم الحمل، وتقصر إلى طولها الطبيعي تدريجيا بعد الولادة، وكذلك من يدرس تكوين الحوض عظامه يعرف جليا صدق قوله﴿ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ﴾ وكذلك في الرحم سائل أمينوس داخل جيب المياه يعوم فيه الجنين بحرية ويدفع عن الجنين ما قد تلاقيه الأم من صدمات وهزات عنيفة قد تصل إليه فتؤذيه إن لم يهدئ هذا السائل من قوتها ويضعف من شدتها.
ثم هو يحتفظ للجنين بحرارة مناسبة حيث إنه موصل رديء للحرارة، وكذلك هو يقوم بعملية تحديد عنق الرحم وتوسيعه وقت الولادة – القرن – كما يقوم بعملية التطهير أمام الجنين بما فيه من خواص مطهرة، فكل ذلك يزيد الرحم مكنة وأمنا.
وهكذا يبدو أن مصير هذا الكتاب العجيب الخالد لا يفنى، وأن معين العلم والإلهام فيه لا يضمحل ولا يغيض، وأن الدنيا ستظل تكشف فيه آفاقا بعد آفاق كلما تقدم العلم فتلقى ما بهذا الكتاب الكريم من إيحاءات و إشراقات ﴿ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ﴾[ فصلت : ٥٣ ].

﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ( ١٢ ) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ( ١٣ ) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ( ١٤ ) ثم إنكم بعد ذلك لميتون ( ١٥ ) ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ﴾[ المؤمنون : ١٢- ١٦ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أحوال السعداء المفلحين قفى على ذلك بذكر مبدئهم ومآل أمرهم وأمر غيرهم من بني الإنسان، وفي هذا إعظام للمنة، وحث على الاتصاف بحميد الصفات، وتحمل مؤونة التكاليف، ثم ذكر أن كل ذلك منته إلى غاية هي يوم القيامة الذي تبعثون وتحاسبون فيه على أعمالكم إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
تفسير المفردات :
وقرار : أي مستقر. مكين : أي متمكن.
الإيضاح :
﴿ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ﴾أي ثم جعلنا نسله نطفا في أصلاب الآباء، ثم قذفت إلى الأرحام، فصارت في حرز حصين من وقت الحمل إلى حين الولادة.
ونحو الآية قوله :﴿ ألم نخلقكم من ماء مهين ( ٢٠ ) فجعلناه في قرار مكين ﴾[ المرسلات : ٢٠- ٢١ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وخلاصة ما تقدم : إنه تعالى بعد أن ذكر أنه كلف عباده بما كلف، بين أن هذه التكاليف شكر من الإنسان لربه الذي أنشأه النشأة الأولى و قلبه في أطوار مختلفة حتى أوصله إلى طور هو غاية كماله، فأصبح قادرا على تكليفه بتلك التكاليف، ولا بد له من طور يستحق فيه الجزاء على ما كلف به، وهو طور البعث بعد الموت يوم القيامة.
ويقول الدكتور أحمد محمد كمال في مجلة الدكتور، إن كلمة " تراب " أو " طين " الواردة في القرآن وردت بمعناها المجازي، فالإنسان بل جميع الكائنات الحية تتركب كيميائيا من عناصر أولية جمعها الخالق سبحانه وتعالى وركبها في شكل مادة كيميائية معقدة هي البروتوبلازم أي المادة الحيوية التي تتركب منها الخلايا والأنسجة الحيوانية والنباتية، وهذه المادة الحيوية تتركب من عناصر الأوكسجين والأيدروجين والكربون و الأزوت والكبريت والفسفور والكالسيوم و الصديوم والكلور والحديد والنحاس واليود إلخ.
فإذا نظرنا إلى التراب وقمنا بتحليل عينات منه وجدنا أنه يحتوي على نفس العناصر الأولية المذكورة.
وليس أدل على أن التعبير مجازي من أن جسم الإنسان أو الحيوان أو النبات عندما يتحلل بعد الوفاة يتحول إلى رماد أو تراب بنفس العناصر.
ويقول الدكتور سالم محمد في هذه المجلة : إن الخلق في قوله :﴿ إن خلقناكم من تراب ﴾قد يكون إشارة إلى خلق آدم نفسه وقد يكون بمعنى أن النطفة في كل من الذكر والأنثى وليدة عملية التغذية التي يتغذى بها الإنسان أو الجسم، وأصل هذه التغذية ومنشؤها من التراب، والنطفة هي الحيوان المنوي للذكر والبويضة للأنثى، فإذا تم التلقيح بدأت البويضة في الانقسام بدأ تطور العلقة وهي مجموعة من الخلايا الحية تنقسم إليها البويضة بعد تلقيحها. وإنما سميت في هذا الطور علقة للشبه الكبير بينها وبين علق الماء.
وطور العلقة في حياة الجنين يبلغ أربعة أسابيع، ثم تتطور العلقة إلى مضغة للشبه الكبير بينها وبين قطعة اللحم الممضوغة ويبلغ طور المضغة بضع أسابيع، ثم يبدأ ظهور خلايا العظام، فاللحم أي العضلات التي تكسو هذه العظام.
وقوله :﴿ ثم أنشأناه خلقا آخر ﴾أي إنه من هذه الخلايا ومن هذه الأطوار المتعددة يخرج الله لنا هذه الصورة الإنسانية الجميلة التي تشهد بقدرة الخالق وعظمته.
وقوله :﴿ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ﴾ فالقرار المكين هو الرحم، ومن يدرس تشريح الرحم وموضعه المكين الأمين في أسفل بطن المرأة ويرى ذلك الوعاء ذا الجدار العريض السميك تم ترى هذه الأربطة العريضة و الأربطة المستديرة، وهذه الأجزاء من البريتون التي تشده إلى المثانة والمستقيم، وكلها تحفظ توازن الرحم وتشد أزره، وتحميه من الميل أو السقوط، وتطول معه إذا ارتفع عند تقدم الحمل، وتقصر إلى طولها الطبيعي تدريجيا بعد الولادة، وكذلك من يدرس تكوين الحوض عظامه يعرف جليا صدق قوله﴿ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ﴾ وكذلك في الرحم سائل أمينوس داخل جيب المياه يعوم فيه الجنين بحرية ويدفع عن الجنين ما قد تلاقيه الأم من صدمات وهزات عنيفة قد تصل إليه فتؤذيه إن لم يهدئ هذا السائل من قوتها ويضعف من شدتها.
ثم هو يحتفظ للجنين بحرارة مناسبة حيث إنه موصل رديء للحرارة، وكذلك هو يقوم بعملية تحديد عنق الرحم وتوسيعه وقت الولادة – القرن – كما يقوم بعملية التطهير أمام الجنين بما فيه من خواص مطهرة، فكل ذلك يزيد الرحم مكنة وأمنا.
وهكذا يبدو أن مصير هذا الكتاب العجيب الخالد لا يفنى، وأن معين العلم والإلهام فيه لا يضمحل ولا يغيض، وأن الدنيا ستظل تكشف فيه آفاقا بعد آفاق كلما تقدم العلم فتلقى ما بهذا الكتاب الكريم من إيحاءات و إشراقات ﴿ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ﴾[ فصلت : ٥٣ ].

﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ( ١٢ ) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ( ١٣ ) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ( ١٤ ) ثم إنكم بعد ذلك لميتون ( ١٥ ) ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ﴾[ المؤمنون : ١٢- ١٦ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أحوال السعداء المفلحين قفى على ذلك بذكر مبدئهم ومآل أمرهم وأمر غيرهم من بني الإنسان، وفي هذا إعظام للمنة، وحث على الاتصاف بحميد الصفات، وتحمل مؤونة التكاليف، ثم ذكر أن كل ذلك منته إلى غاية هي يوم القيامة الذي تبعثون وتحاسبون فيه على أعمالكم إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
تفسير المفردات :
والعلقة : الدم الجامد. والمضغة : قطعة اللحم قدر ما يمضغ، تبارك الله : أي تعالى وتقدس.
الإيضاح :
﴿ ثم خلقنا النطفة علقة ﴾ أي ثم حولنا النطفة من صفتها الثانية إلى صفة العلقة وهي الدم الجامد.
﴿ فخلقنا العلقة مضغة ﴾أي ثم جعلنا ذلك الدم الجامد مضغة أي قطعة لحم بمقدار ما يمضغ.
﴿ فخلقنا المضغة عظاما ﴾أي فصيرناها كذلك، وميزنا بين أجزائها، فما كان منها من العناصر الداخلة في تكوين العظام جعلناه عظاما، وما كان من مواد اللحم جعلناه لحما، والمواد الغذائية شاملة لذلك ومنبثة في الدم، ومن ثم قال :
﴿ فكسونا العظام لحما ﴾أي فجعلنا اللحم كسوة لها، من قبل أنه يستر العظام، فأشبه بالكسوة الساترة للجسم.
﴿ ثم أنشأناه خلقا أخر ﴾ مباينا للخلق الأول، إذ نفخنا فيه الروح وجعلناه حيوانا بعد ما كان أشبه بالجماد، ناطقا سميعا بصيرا، وأودعنا فيه من الغرائب ظاهرها وباطنها ما لا يحصى.
وقد قال العلماء : إن جميع أعضاء الإنسان مقسمة تقسيما دقيقا على نسب معينة مقيسة بشبره، فطوله ثمانية أشبار بشبره، وإذا مد يديه إلى أعلى كان عشرة أشبار بقياسه، وإذا مد يديه إلى الجانبين كان طولهما كطوله على السواء، ومن ثم جعل المصريون أصل المقاييس الشبر، وجعلوا كل ضلع من أضلاع الهرم الأكبر بالجيزة ألف شبر بشبر الإنسان.
﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾أي فتنزه ربنا جلت قدرته، وهو أحسن المقدرين المصورين.
عن أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في أربع، قلت : يا رسول الله لو صلينا خلف المقام فأنزل الله﴿ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ﴾[ البقرة : ١٢٥ ]وقلت : يا رسول الله لو اتخذت على نسائك حجابا، فإنه يدخل عليك البر والفاجر فأنزل الله﴿ وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ﴾[ الأحزاب : ٥٣ ] وقلت لأزواج النبي ( ص ) : لتنتهن أو ليبدلنه الله أزواجا خيرا منكن فنزلت﴿ عسى ربه إن طلقكن ﴾[ التحريم : ٥ ]الآية، ونزلت﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة ﴾إلى قوله﴿ ثم أنشأناه خلقا آخر ﴾فقلت :" فتبارك الله أحسن الخالقين " فقال رسول الله ( ص ) : هكذا أنزلت يا عمر أخرجه الطيالسي.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وخلاصة ما تقدم : إنه تعالى بعد أن ذكر أنه كلف عباده بما كلف، بين أن هذه التكاليف شكر من الإنسان لربه الذي أنشأه النشأة الأولى و قلبه في أطوار مختلفة حتى أوصله إلى طور هو غاية كماله، فأصبح قادرا على تكليفه بتلك التكاليف، ولا بد له من طور يستحق فيه الجزاء على ما كلف به، وهو طور البعث بعد الموت يوم القيامة.
ويقول الدكتور أحمد محمد كمال في مجلة الدكتور، إن كلمة " تراب " أو " طين " الواردة في القرآن وردت بمعناها المجازي، فالإنسان بل جميع الكائنات الحية تتركب كيميائيا من عناصر أولية جمعها الخالق سبحانه وتعالى وركبها في شكل مادة كيميائية معقدة هي البروتوبلازم أي المادة الحيوية التي تتركب منها الخلايا والأنسجة الحيوانية والنباتية، وهذه المادة الحيوية تتركب من عناصر الأوكسجين والأيدروجين والكربون و الأزوت والكبريت والفسفور والكالسيوم و الصديوم والكلور والحديد والنحاس واليود إلخ.
فإذا نظرنا إلى التراب وقمنا بتحليل عينات منه وجدنا أنه يحتوي على نفس العناصر الأولية المذكورة.
وليس أدل على أن التعبير مجازي من أن جسم الإنسان أو الحيوان أو النبات عندما يتحلل بعد الوفاة يتحول إلى رماد أو تراب بنفس العناصر.
ويقول الدكتور سالم محمد في هذه المجلة : إن الخلق في قوله :﴿ إن خلقناكم من تراب ﴾قد يكون إشارة إلى خلق آدم نفسه وقد يكون بمعنى أن النطفة في كل من الذكر والأنثى وليدة عملية التغذية التي يتغذى بها الإنسان أو الجسم، وأصل هذه التغذية ومنشؤها من التراب، والنطفة هي الحيوان المنوي للذكر والبويضة للأنثى، فإذا تم التلقيح بدأت البويضة في الانقسام بدأ تطور العلقة وهي مجموعة من الخلايا الحية تنقسم إليها البويضة بعد تلقيحها. وإنما سميت في هذا الطور علقة للشبه الكبير بينها وبين علق الماء.
وطور العلقة في حياة الجنين يبلغ أربعة أسابيع، ثم تتطور العلقة إلى مضغة للشبه الكبير بينها وبين قطعة اللحم الممضوغة ويبلغ طور المضغة بضع أسابيع، ثم يبدأ ظهور خلايا العظام، فاللحم أي العضلات التي تكسو هذه العظام.
وقوله :﴿ ثم أنشأناه خلقا آخر ﴾أي إنه من هذه الخلايا ومن هذه الأطوار المتعددة يخرج الله لنا هذه الصورة الإنسانية الجميلة التي تشهد بقدرة الخالق وعظمته.
وقوله :﴿ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ﴾ فالقرار المكين هو الرحم، ومن يدرس تشريح الرحم وموضعه المكين الأمين في أسفل بطن المرأة ويرى ذلك الوعاء ذا الجدار العريض السميك تم ترى هذه الأربطة العريضة و الأربطة المستديرة، وهذه الأجزاء من البريتون التي تشده إلى المثانة والمستقيم، وكلها تحفظ توازن الرحم وتشد أزره، وتحميه من الميل أو السقوط، وتطول معه إذا ارتفع عند تقدم الحمل، وتقصر إلى طولها الطبيعي تدريجيا بعد الولادة، وكذلك من يدرس تكوين الحوض عظامه يعرف جليا صدق قوله﴿ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ﴾ وكذلك في الرحم سائل أمينوس داخل جيب المياه يعوم فيه الجنين بحرية ويدفع عن الجنين ما قد تلاقيه الأم من صدمات وهزات عنيفة قد تصل إليه فتؤذيه إن لم يهدئ هذا السائل من قوتها ويضعف من شدتها.
ثم هو يحتفظ للجنين بحرارة مناسبة حيث إنه موصل رديء للحرارة، وكذلك هو يقوم بعملية تحديد عنق الرحم وتوسيعه وقت الولادة – القرن – كما يقوم بعملية التطهير أمام الجنين بما فيه من خواص مطهرة، فكل ذلك يزيد الرحم مكنة وأمنا.
وهكذا يبدو أن مصير هذا الكتاب العجيب الخالد لا يفنى، وأن معين العلم والإلهام فيه لا يضمحل ولا يغيض، وأن الدنيا ستظل تكشف فيه آفاقا بعد آفاق كلما تقدم العلم فتلقى ما بهذا الكتاب الكريم من إيحاءات و إشراقات ﴿ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ﴾[ فصلت : ٥٣ ].

﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ( ١٢ ) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ( ١٣ ) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ( ١٤ ) ثم إنكم بعد ذلك لميتون ( ١٥ ) ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ﴾[ المؤمنون : ١٢- ١٦ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أحوال السعداء المفلحين قفى على ذلك بذكر مبدئهم ومآل أمرهم وأمر غيرهم من بني الإنسان، وفي هذا إعظام للمنة، وحث على الاتصاف بحميد الصفات، وتحمل مؤونة التكاليف، ثم ذكر أن كل ذلك منته إلى غاية هي يوم القيامة الذي تبعثون وتحاسبون فيه على أعمالكم إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
الإيضاح :
﴿ ثم إنكم بعد ذلك لميتون ﴾أي ثم إنكم بعد النشأة الأولى من العدم تصيرون إلى الموت.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وخلاصة ما تقدم : إنه تعالى بعد أن ذكر أنه كلف عباده بما كلف، بين أن هذه التكاليف شكر من الإنسان لربه الذي أنشأه النشأة الأولى و قلبه في أطوار مختلفة حتى أوصله إلى طور هو غاية كماله، فأصبح قادرا على تكليفه بتلك التكاليف، ولا بد له من طور يستحق فيه الجزاء على ما كلف به، وهو طور البعث بعد الموت يوم القيامة.
ويقول الدكتور أحمد محمد كمال في مجلة الدكتور، إن كلمة " تراب " أو " طين " الواردة في القرآن وردت بمعناها المجازي، فالإنسان بل جميع الكائنات الحية تتركب كيميائيا من عناصر أولية جمعها الخالق سبحانه وتعالى وركبها في شكل مادة كيميائية معقدة هي البروتوبلازم أي المادة الحيوية التي تتركب منها الخلايا والأنسجة الحيوانية والنباتية، وهذه المادة الحيوية تتركب من عناصر الأوكسجين والأيدروجين والكربون و الأزوت والكبريت والفسفور والكالسيوم و الصديوم والكلور والحديد والنحاس واليود إلخ.
فإذا نظرنا إلى التراب وقمنا بتحليل عينات منه وجدنا أنه يحتوي على نفس العناصر الأولية المذكورة.
وليس أدل على أن التعبير مجازي من أن جسم الإنسان أو الحيوان أو النبات عندما يتحلل بعد الوفاة يتحول إلى رماد أو تراب بنفس العناصر.
ويقول الدكتور سالم محمد في هذه المجلة : إن الخلق في قوله :﴿ إن خلقناكم من تراب ﴾قد يكون إشارة إلى خلق آدم نفسه وقد يكون بمعنى أن النطفة في كل من الذكر والأنثى وليدة عملية التغذية التي يتغذى بها الإنسان أو الجسم، وأصل هذه التغذية ومنشؤها من التراب، والنطفة هي الحيوان المنوي للذكر والبويضة للأنثى، فإذا تم التلقيح بدأت البويضة في الانقسام بدأ تطور العلقة وهي مجموعة من الخلايا الحية تنقسم إليها البويضة بعد تلقيحها. وإنما سميت في هذا الطور علقة للشبه الكبير بينها وبين علق الماء.
وطور العلقة في حياة الجنين يبلغ أربعة أسابيع، ثم تتطور العلقة إلى مضغة للشبه الكبير بينها وبين قطعة اللحم الممضوغة ويبلغ طور المضغة بضع أسابيع، ثم يبدأ ظهور خلايا العظام، فاللحم أي العضلات التي تكسو هذه العظام.
وقوله :﴿ ثم أنشأناه خلقا آخر ﴾أي إنه من هذه الخلايا ومن هذه الأطوار المتعددة يخرج الله لنا هذه الصورة الإنسانية الجميلة التي تشهد بقدرة الخالق وعظمته.
وقوله :﴿ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ﴾ فالقرار المكين هو الرحم، ومن يدرس تشريح الرحم وموضعه المكين الأمين في أسفل بطن المرأة ويرى ذلك الوعاء ذا الجدار العريض السميك تم ترى هذه الأربطة العريضة و الأربطة المستديرة، وهذه الأجزاء من البريتون التي تشده إلى المثانة والمستقيم، وكلها تحفظ توازن الرحم وتشد أزره، وتحميه من الميل أو السقوط، وتطول معه إذا ارتفع عند تقدم الحمل، وتقصر إلى طولها الطبيعي تدريجيا بعد الولادة، وكذلك من يدرس تكوين الحوض عظامه يعرف جليا صدق قوله﴿ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ﴾ وكذلك في الرحم سائل أمينوس داخل جيب المياه يعوم فيه الجنين بحرية ويدفع عن الجنين ما قد تلاقيه الأم من صدمات وهزات عنيفة قد تصل إليه فتؤذيه إن لم يهدئ هذا السائل من قوتها ويضعف من شدتها.
ثم هو يحتفظ للجنين بحرارة مناسبة حيث إنه موصل رديء للحرارة، وكذلك هو يقوم بعملية تحديد عنق الرحم وتوسيعه وقت الولادة – القرن – كما يقوم بعملية التطهير أمام الجنين بما فيه من خواص مطهرة، فكل ذلك يزيد الرحم مكنة وأمنا.
وهكذا يبدو أن مصير هذا الكتاب العجيب الخالد لا يفنى، وأن معين العلم والإلهام فيه لا يضمحل ولا يغيض، وأن الدنيا ستظل تكشف فيه آفاقا بعد آفاق كلما تقدم العلم فتلقى ما بهذا الكتاب الكريم من إيحاءات و إشراقات ﴿ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ﴾[ فصلت : ٥٣ ].

﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ( ١٢ ) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ( ١٣ ) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ( ١٤ ) ثم إنكم بعد ذلك لميتون ( ١٥ ) ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ﴾[ المؤمنون : ١٢- ١٦ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أحوال السعداء المفلحين قفى على ذلك بذكر مبدئهم ومآل أمرهم وأمر غيرهم من بني الإنسان، وفي هذا إعظام للمنة، وحث على الاتصاف بحميد الصفات، وتحمل مؤونة التكاليف، ثم ذكر أن كل ذلك منته إلى غاية هي يوم القيامة الذي تبعثون وتحاسبون فيه على أعمالكم إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
الإيضاح :
﴿ ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ﴾من قبوركم للحساب ثم المجازاة بالثواب والعقاب، إذ يوفى كل عامل جزاء عمله، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وخلاصة ما تقدم : إنه تعالى بعد أن ذكر أنه كلف عباده بما كلف، بين أن هذه التكاليف شكر من الإنسان لربه الذي أنشأه النشأة الأولى و قلبه في أطوار مختلفة حتى أوصله إلى طور هو غاية كماله، فأصبح قادرا على تكليفه بتلك التكاليف، ولا بد له من طور يستحق فيه الجزاء على ما كلف به، وهو طور البعث بعد الموت يوم القيامة.
ويقول الدكتور أحمد محمد كمال في مجلة الدكتور، إن كلمة " تراب " أو " طين " الواردة في القرآن وردت بمعناها المجازي، فالإنسان بل جميع الكائنات الحية تتركب كيميائيا من عناصر أولية جمعها الخالق سبحانه وتعالى وركبها في شكل مادة كيميائية معقدة هي البروتوبلازم أي المادة الحيوية التي تتركب منها الخلايا والأنسجة الحيوانية والنباتية، وهذه المادة الحيوية تتركب من عناصر الأوكسجين والأيدروجين والكربون و الأزوت والكبريت والفسفور والكالسيوم و الصديوم والكلور والحديد والنحاس واليود إلخ.
فإذا نظرنا إلى التراب وقمنا بتحليل عينات منه وجدنا أنه يحتوي على نفس العناصر الأولية المذكورة.
وليس أدل على أن التعبير مجازي من أن جسم الإنسان أو الحيوان أو النبات عندما يتحلل بعد الوفاة يتحول إلى رماد أو تراب بنفس العناصر.
ويقول الدكتور سالم محمد في هذه المجلة : إن الخلق في قوله :﴿ إن خلقناكم من تراب ﴾قد يكون إشارة إلى خلق آدم نفسه وقد يكون بمعنى أن النطفة في كل من الذكر والأنثى وليدة عملية التغذية التي يتغذى بها الإنسان أو الجسم، وأصل هذه التغذية ومنشؤها من التراب، والنطفة هي الحيوان المنوي للذكر والبويضة للأنثى، فإذا تم التلقيح بدأت البويضة في الانقسام بدأ تطور العلقة وهي مجموعة من الخلايا الحية تنقسم إليها البويضة بعد تلقيحها. وإنما سميت في هذا الطور علقة للشبه الكبير بينها وبين علق الماء.
وطور العلقة في حياة الجنين يبلغ أربعة أسابيع، ثم تتطور العلقة إلى مضغة للشبه الكبير بينها وبين قطعة اللحم الممضوغة ويبلغ طور المضغة بضع أسابيع، ثم يبدأ ظهور خلايا العظام، فاللحم أي العضلات التي تكسو هذه العظام.
وقوله :﴿ ثم أنشأناه خلقا آخر ﴾أي إنه من هذه الخلايا ومن هذه الأطوار المتعددة يخرج الله لنا هذه الصورة الإنسانية الجميلة التي تشهد بقدرة الخالق وعظمته.
وقوله :﴿ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ﴾ فالقرار المكين هو الرحم، ومن يدرس تشريح الرحم وموضعه المكين الأمين في أسفل بطن المرأة ويرى ذلك الوعاء ذا الجدار العريض السميك تم ترى هذه الأربطة العريضة و الأربطة المستديرة، وهذه الأجزاء من البريتون التي تشده إلى المثانة والمستقيم، وكلها تحفظ توازن الرحم وتشد أزره، وتحميه من الميل أو السقوط، وتطول معه إذا ارتفع عند تقدم الحمل، وتقصر إلى طولها الطبيعي تدريجيا بعد الولادة، وكذلك من يدرس تكوين الحوض عظامه يعرف جليا صدق قوله﴿ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ﴾ وكذلك في الرحم سائل أمينوس داخل جيب المياه يعوم فيه الجنين بحرية ويدفع عن الجنين ما قد تلاقيه الأم من صدمات وهزات عنيفة قد تصل إليه فتؤذيه إن لم يهدئ هذا السائل من قوتها ويضعف من شدتها.
ثم هو يحتفظ للجنين بحرارة مناسبة حيث إنه موصل رديء للحرارة، وكذلك هو يقوم بعملية تحديد عنق الرحم وتوسيعه وقت الولادة – القرن – كما يقوم بعملية التطهير أمام الجنين بما فيه من خواص مطهرة، فكل ذلك يزيد الرحم مكنة وأمنا.
وهكذا يبدو أن مصير هذا الكتاب العجيب الخالد لا يفنى، وأن معين العلم والإلهام فيه لا يضمحل ولا يغيض، وأن الدنيا ستظل تكشف فيه آفاقا بعد آفاق كلما تقدم العلم فتلقى ما بهذا الكتاب الكريم من إيحاءات و إشراقات ﴿ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ﴾[ فصلت : ٥٣ ].

﴿ ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين ﴾[ المؤمنون : ١٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه خلق الإنسان في أطواره المختلفة، واستدل بذلك على قدرته وتفرده بالتصرف في الملك والملكوت أردفه بيان ما يحتاج إليه في بقائه لما فيه من المنافع التي لا غنى له عنها.
تفسير المفردات :
الطرائق : السماوات واحدها طريقة أي مطروق بعضه فوق بعض ؛ من قولهم طارق بين ثوبين : إذا لبس ثوبا فوق ثوب، قال الخليل والزجاج : وهذا كقوله﴿ ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا ﴾[ نوح : ١٥ ] وقوله :﴿ الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ﴾[ الطلاق : ١٢ ] والخلق : أي المخلوقات التي منها السماوات السبع. غافلين : أي مهملين أمرها كما قال :﴿ يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير ﴾[ الحديد : ٤ ].
الإيضاح :
﴿ ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق ﴾أي ولقد خلقنا فوقكم سبع سماوات بعضها فوق بعض وهي أيضا طرق الكواكب المعروفة عند البشر قديما، وهناك طرائق أخرى عرفها الناس حديثا.
﴿ وما كنا عن الخلق غافلين ﴾أي وما كنا عن المخلوقات سواء كانت هذه الطرائق أو غيرها غافلين عن أمرها، إذ تسير الكواكب في تلك الطرائق بحساب منتظم، ولو أهملناها لاختل توازنها وسار كل كوكب في غير مداره أو زل نجم عن سنن سيره، ففسد النظام العام للعالم العلوي والعالم الأرضي.
والخلاصة : إنا خلقنا السماوات لمنافعهم، ولسنا غافلين عن مصالحهم، بل نفيض عليهم ما تقتضيه الحكمة، فخلقها دال على كمال قدرتنا، وتدبير أمرها دال على كمال علمنا.
﴿ وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون ( ١٨ ) فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون ( ١٩ ) وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للأكلين ﴾[ المؤمنون : ١٨- ٢٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن من دلائل قدرته خلق الطرائق السبع قفى على ذلك ببيان ما فيها من منافع للإنسان، فمنها ينزل الماء الذي به تنشأ الجنات من النخيل والأعناب وكثير من أشجار الفاكهة التي تؤكل، وينبت به شجر الزيتون الذي يؤخذ من ثمره الزيت الذي يتخذ دهنا للأجسام، و إداما في الطعام.
تفسير المفردات :
السماء : هنا السحاب. بقدر : أي بتقدير خاص وهو مقدار كفايتهم. فأسكناه في الأرض : أي جعلناه ثابتا قارا فيها. والذهب : الإزالة إما بإخراجه من المائية أو بتغويره في الأرض بحيث لا يمكن استخراجه.
الإيضاح :
﴿ وأنزلنا من السماء ما بقدر فأسكناه في الأرض ﴾أي وأنزلنا من السحاب مطرا بقدر الحاجة، لا هو بالكثير فيفسد الأرض، ولا هو بالقليل فلا يكفي الزرع والثمار. حتى إن الأرضين التي تحتاج إلى ماء كثير لزرعها ولا تحتمل تربتها إنزال المطر عليها يساق إليها الماء من بلاد أخرى كما في أرض مصر، و يقال لمثلها " الأرض الجرز " فيساق إليها ماء النيل حاملا معه الطين الأحمر " الغرين " يجتر فه من بلاد الحبشة في زمن الأمطار فيستقر فيها ويكون سمادا لها ونافعا لزرعها.
وبعض هذا الماء يسكن في الأرض فيتغذى به ما فيها من الحب والنوى، ومنه تتكون الآبار والعيون التي تمر على معادن مختلفة، فتتشكل بأشكالها وتتصف بصفاتها فيكون ماؤها حاويا إما للنوشادر وإما للكبريت وإما للأملاح وهكذا.
﴿ وإنا على ذهاب به لقادرون ﴾أي وإنا على ذهابه وإزالته لقادرون بحيث يتعذر استخراجه، كما كنا قادرين على إنزاله، ولو شئنا ألا يمطر السحاب لفعلنا، ولو شئنا لصرفناه عنكم إلى جهات أخرى لا تستفيد منه كالأرضين السبخة والصحارى، ولو شئنا لجعلناه إذا نزل في الأرض يغور فيها إلى مدى بعيد لا تصلون إليه ولا تنتفعون به، ولكن بلطفنا ورحمتنا ننزل عليكم الماء العذب الفرات، ونسكنه في الأرض ونسلكه ينابيع فيها، لتسقوا به الزرع والثمار، وتشربوا منه أنتم ودوابكم وأنعامكم.
﴿ وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون ( ١٨ ) فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون ( ١٩ ) وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للأكلين ﴾[ المؤمنون : ١٨- ٢٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن من دلائل قدرته خلق الطرائق السبع قفى على ذلك ببيان ما فيها من منافع للإنسان، فمنها ينزل الماء الذي به تنشأ الجنات من النخيل والأعناب وكثير من أشجار الفاكهة التي تؤكل، وينبت به شجر الزيتون الذي يؤخذ من ثمره الزيت الذي يتخذ دهنا للأجسام، و إداما في الطعام.
الإيضاح :
﴿ فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب ﴾أي فأخرجنا لكم بما أنزلنا من السماء بساتين فيها نخيل وأعناب.
﴿ لكم فيها فواكه كثيرة ﴾ أي لكم في الجنات فواكه كثيرة تتمتعون بها زيادة على ثمرات النخيل والأعناب.
﴿ ومنها تأكلون ﴾أي ومن زروع الجنات وثمارها ترزقون وتحصلون معايشكم، كما يقال فلان يأكل من حرفة يحترفها، ومن تجارة يتربح بها أي إنها طعمته وجهته التي منها يحصل رزقه.
﴿ وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون ( ١٨ ) فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون ( ١٩ ) وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للأكلين ﴾[ المؤمنون : ١٨- ٢٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن من دلائل قدرته خلق الطرائق السبع قفى على ذلك ببيان ما فيها من منافع للإنسان، فمنها ينزل الماء الذي به تنشأ الجنات من النخيل والأعناب وكثير من أشجار الفاكهة التي تؤكل، وينبت به شجر الزيتون الذي يؤخذ من ثمره الزيت الذي يتخذ دهنا للأجسام، و إداما في الطعام.
تفسير المفردات :
والشجرة : هي الزيتون. وطور سيناء : هو جبل الطور الذي ناجى فيه موسى ربه، ويسمى طور سينين أيضا. والصبغ : ما يصبغ فيه الخبز أو يغمس فيه للائتدام، قال في المغرب : يقال صبغ الثوب بصبغ حسن، وصباغ حسن، ومنه الصبغ والصباغ من الإدام لأن الخبز يغمس فيه ويلون به كالخل والزيت.
الإيضاح :
﴿ وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين ﴾أي وأنشأنا لكم شجرة الزيتون التي تنبت في هذا الجبل بتلك البقعة المباركة، و تثمر زيتونا تصنع منه الزيوت التي يدهن بها، وتتخذ إداما للآكلين.
﴿ وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون ( ٢١ ) وعليها وعلى الفلك تحملون ﴾[ المؤمنون : ٢١- ٢٢ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكرنا سبحانه بنعمة إنزال الماء من السماء الذي ينبت به جنات النخيل والأعناب والفواكه المختلفة والزيتون أردفها ذكر النعم المختلفة التي سخرها لنا من خلق الحيوان.
الإيضاح :
﴿ وإن لكم في الأنعام لعبرة ﴾ أي إن في خلق الأنعام لعبرة فضلا عن كونها نعمة، ووجه العبرة فيها أن الدم المتوالد من الأغذية يتحول في الغدد التي في الضرع إلى شراب طيب لذيذ الطعم صالح للتغذية، وهذا من أظهر الدلائل على قدرة الخالق لها.
ثم فصل منافعها وذكر منها أربعا فقال :
( ١ )﴿ نسقيكم مما في بطونها ﴾ فتنتفعون بألبانها على ضروب شتى، فتتخذون منها القشدة والسمن والجبن ونحوها.
( ٢ )﴿ ولكم فيها منافع كثيرة ﴾فتأخذون أصوافها وأشعارها وأوبارها، وتتخذونها ملابس وفرشا للدفء وبيوتا في الصحارى ونحوها مما يجري هذا المجرى.
( ٣ )﴿ ومنها تأكلون ﴾أي وتأكلون منها بعد ذبحها، فكما انتفعتم بها وهي حية تنتفعون بها بعد الذبح بالأكل.
﴿ وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون ( ٢١ ) وعليها وعلى الفلك تحملون ﴾[ المؤمنون : ٢١- ٢٢ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكرنا سبحانه بنعمة إنزال الماء من السماء الذي ينبت به جنات النخيل والأعناب والفواكه المختلفة والزيتون أردفها ذكر النعم المختلفة التي سخرها لنا من خلق الحيوان.
الإيضاح :
( ٤ )﴿ وعليها وعلى الفلك تحملون ﴾أي وتركبون ظهورها وتحملونها الأحمال الثقيلة إلى البلاد النائية كما قال في آية أخرى :﴿ وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس ﴾[ النحل : ٧ ] وقال :﴿ أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون ( ٧١ ) وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ( ٧٢ ) ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون ﴾[ يس : ٧١- ٧٣ ].
وقصارى ذلك : إن في خلق الأنعام عبرا ونعما من وجوه شتى، ففيه دلائل على قدرة الخالق بخلق الألبان من مصادر هي أبعد ما تكون منها، ونعما لنا في مرافقها وأعيانها، فننتفع بألبانها وأصوافها ولحومها ونجعلها مطايا لنا في أسفارنا إلى نحو أولئك من شتى المنافع.
قصة نوح عليه السلام :
﴿ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ( ٢٣ ) فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ( ٢٤ ) إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين ( ٢٥ ) قال رب انصرني بما كذبون ( ٢٦ ) فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ( ٢٧ ) فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ( ٢٨ ) وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ( ٢٩ ) إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين ﴾[ ٢٣- ٣٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن عدد سبحانه ما أنعم به على عباده في نشأتهم الأولى وفي خلق الماء لهم لينتفعوا به، وفي خلق الحيوان كذلك، ذكر هنا أن كثيرا من الأمم قد أهملوا التدبر والاعتبار في هذا، فكفروا بهذه النعم، وجهلوا قدر المنعم بها، وعبدوا غيره، وكذبوا رسله الذين أرسلوا إليهم، فحاق بهم ما كانوا به يستهزئون، وأهلكهم بعذاب من عنده، فأصبحوا كأمس الدابر، والمثل السائر، وفي هذا تخويف لقريش، وإنذار لهم على ما يفعلون، وأنه سيحل بهم ما داموا على تكذيب رسولهم والكفر به مثل ما حل بمن قبلهم.
الإيضاح :
﴿ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ﴾أي ولقد أ رسلنا نوحا إلى قومه منذرا لهم عذاب الله وشديد بأسه وانتقامه على إشراكهم به وتكذيب رسوله، فقال لهم متعطفا عليهم مستميلا لهم لقبول الحق : يا قوم اعبدوا الله وحده وأطيعوه، ولا تشركوا معه ربا سواه، فإنه لا رب لكم غيره، ولا معبود سواه.
﴿ أفلا تتقون ﴾ أي أفلا تخشون عقابه فتحذروا أن تعبدوا معه سواه ؟
قصة نوح عليه السلام :
﴿ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ( ٢٣ ) فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ( ٢٤ ) إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين ( ٢٥ ) قال رب انصرني بما كذبون ( ٢٦ ) فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ( ٢٧ ) فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ( ٢٨ ) وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ( ٢٩ ) إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين ﴾[ ٢٣- ٣٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن عدد سبحانه ما أنعم به على عباده في نشأتهم الأولى وفي خلق الماء لهم لينتفعوا به، وفي خلق الحيوان كذلك، ذكر هنا أن كثيرا من الأمم قد أهملوا التدبر والاعتبار في هذا، فكفروا بهذه النعم، وجهلوا قدر المنعم بها، وعبدوا غيره، وكذبوا رسله الذين أرسلوا إليهم، فحاق بهم ما كانوا به يستهزئون، وأهلكهم بعذاب من عنده، فأصبحوا كأمس الدابر، والمثل السائر، وفي هذا تخويف لقريش، وإنذار لهم على ما يفعلون، وأنه سيحل بهم ما داموا على تكذيب رسولهم والكفر به مثل ما حل بمن قبلهم.
تفسير المفردات :
الملأ : أشراف القوم. يتفضل : أي يدعي الفضل والسيادة.
الإيضاح :
﴿ فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ﴾ أي فقال أشراف قومه و رؤساؤهم من العريقين في الكفر ومن ذوي الكلمة المسموعة والرأي المطاع : ما نوح إلا رجل منكم ليس له ميزة عليكم في فصل و لا خلق فيكون أهلا للنبوة و تلقي الوحي من ربه و ماهو إلا رجل يريد أن يسودكم ويكون له الصولة والسلطان عليكم، وقد ادعى الرسالة ليصل إلى ما تصبو إليه نفسه وليس له من حقيقتها شيء.
وبعد أن بينوا أن لا مقتضى لاختصاصه بالنبوة ذكروا الموانع التي تحول بينه وبينهما فذكروا أمورا ثلاثة :
( ١ )﴿ ولو شاء الله لأنزل ملائكة ﴾أي ولو شاء الله ألا نعبد سواه لأرسل بالدعاء إلى ما يدعوكم إليه نوح ملائكة تؤدي إليكم رسالته.
( ٢ )﴿ ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ﴾أي ما سمعنا في القرون الغابرة عهود الآباء والأجداد بمثل هذا الذي يدعو إليه نوح من أنه لا إله إلا إله واحد لا رب غيره ولا معبود سواه.
وفي هذا إيماء إلى أنهم قوم لا رأي لهم، وإنما يعولون على التقليد وقول الآباء والأجداد، فلما لم يجدوا عن آبائهم شيئا مثل هذا أنكروا نبوته، وفيه إشارة أيضا إلى أنهم قد بلغوا الغاية في العناد والتكذيب والانهماك في الغي والضلال.
قصة نوح عليه السلام :
﴿ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ( ٢٣ ) فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ( ٢٤ ) إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين ( ٢٥ ) قال رب انصرني بما كذبون ( ٢٦ ) فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ( ٢٧ ) فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ( ٢٨ ) وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ( ٢٩ ) إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين ﴾[ ٢٣- ٣٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن عدد سبحانه ما أنعم به على عباده في نشأتهم الأولى وفي خلق الماء لهم لينتفعوا به، وفي خلق الحيوان كذلك، ذكر هنا أن كثيرا من الأمم قد أهملوا التدبر والاعتبار في هذا، فكفروا بهذه النعم، وجهلوا قدر المنعم بها، وعبدوا غيره، وكذبوا رسله الذين أرسلوا إليهم، فحاق بهم ما كانوا به يستهزئون، وأهلكهم بعذاب من عنده، فأصبحوا كأمس الدابر، والمثل السائر، وفي هذا تخويف لقريش، وإنذار لهم على ما يفعلون، وأنه سيحل بهم ما داموا على تكذيب رسولهم والكفر به مثل ما حل بمن قبلهم.
تفسير المفردات :
جنة : أي جنون. فتربصوا : أي انتظروا.
الإيضاح :
( ٣ )﴿ إن هو إلا رجل به جنة ﴾أي وما نوح إلا رجل به خبل في عقله، فمزاعمه لا تصدر إلا من رجل لا يزن قوله، ولا يدعم رأيه بحجة ناصعة، فلا يلتفت إذا إلى ما يدعي، ولا ينبغي أن نضيع الوقت في محاجته، ودحض مزاعمه في صدق دعوته.
وبعد أن ذكروا موانع نبوته ذكروا الطريقة المثلى في إبطال دعوته فقالوا :
﴿ فتربصوا به حتى حين ﴾أي فتلبثوا و انتظروا، لعله يضيق مما هو فيه فيعود سيرته الأولى، ويرجع من تلقاء نفسه إلى دينكم ودين آبائكم وأجدادكم.
وهذا من مكابراتهم لفرط عنادهم، إذ هم يعلمون أنه أرجح الناس عقلا، و أرزنهم قولا.
ولم يرد سبحانه على هذه الشبه لسخافتها ووضوح فسادها، إذ كل عاقل يعلم أن الرسول يتميز من غيره بالمعجزات التي تأتي على يديه سواء أكان ملكا أم بشرا وإرادته التفضل عليهم إن كانت لأجل أن يستبين فضله حتى ينقادوا له فلا ضير في ذلك بل هو واجب، وإن أرادوا أنه يبغي التجبر عليهم فالأنبياء منزهون عن ذلك، وقولهم : ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين، اعتناق للتقليد وهو لا يصلح حجة تدفع بها حجج المعارضين الواضحة وضوح الشمس في رائعة النهار، وقولهم : به جنة كذب صراح، لأنهم يعلمون ذكنه، وعظيم فطنته، وما أوتيه من أصالة الرأي، وثاقب الفكر.
قصة نوح عليه السلام :
﴿ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ( ٢٣ ) فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ( ٢٤ ) إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين ( ٢٥ ) قال رب انصرني بما كذبون ( ٢٦ ) فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ( ٢٧ ) فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ( ٢٨ ) وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ( ٢٩ ) إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين ﴾[ ٢٣- ٣٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن عدد سبحانه ما أنعم به على عباده في نشأتهم الأولى وفي خلق الماء لهم لينتفعوا به، وفي خلق الحيوان كذلك، ذكر هنا أن كثيرا من الأمم قد أهملوا التدبر والاعتبار في هذا، فكفروا بهذه النعم، وجهلوا قدر المنعم بها، وعبدوا غيره، وكذبوا رسله الذين أرسلوا إليهم، فحاق بهم ما كانوا به يستهزئون، وأهلكهم بعذاب من عنده، فأصبحوا كأمس الدابر، والمثل السائر، وفي هذا تخويف لقريش، وإنذار لهم على ما يفعلون، وأنه سيحل بهم ما داموا على تكذيب رسولهم والكفر به مثل ما حل بمن قبلهم.
الإيضاح :
ولما استبان لنوح إصرارهم على ضلالهم وتماديهم في غيهم ويأسه من إيمانهم و أوحى إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن طلب إلى ربه أن ينصره عليهم :
﴿ قال رب انصرني بما كذبوني ﴾أي قال رب انصرني بإنجاز ما أوعدتهم به من العذاب بقولي﴿ إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ﴾[ الشعراء : ١٣٥ ].
ونحو الآية قوله :﴿ فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ﴾[ القمر : ١٠ ] وقوله :﴿ رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ﴾[ نوح : ٢٦ ].
قصة نوح عليه السلام :
﴿ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ( ٢٣ ) فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ( ٢٤ ) إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين ( ٢٥ ) قال رب انصرني بما كذبون ( ٢٦ ) فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ( ٢٧ ) فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ( ٢٨ ) وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ( ٢٩ ) إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين ﴾[ ٢٣- ٣٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن عدد سبحانه ما أنعم به على عباده في نشأتهم الأولى وفي خلق الماء لهم لينتفعوا به، وفي خلق الحيوان كذلك، ذكر هنا أن كثيرا من الأمم قد أهملوا التدبر والاعتبار في هذا، فكفروا بهذه النعم، وجهلوا قدر المنعم بها، وعبدوا غيره، وكذبوا رسله الذين أرسلوا إليهم، فحاق بهم ما كانوا به يستهزئون، وأهلكهم بعذاب من عنده، فأصبحوا كأمس الدابر، والمثل السائر، وفي هذا تخويف لقريش، وإنذار لهم على ما يفعلون، وأنه سيحل بهم ما داموا على تكذيب رسولهم والكفر به مثل ما حل بمن قبلهم.
تفسير المفردات :
بأعيننا : أي بحفظنا ورعايتنا. وفار : نبع. والتنور : وجه الأرض.
الإيضاح :
وقد أجاب الله دعاءه فقال :
﴿ فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا ﴾أي فقلنا حين استنصرنا على كفرة قومه :
اصنع السفينة بحفظنا ورعايتنا لك، من التعدي عليك، وتعليمنا إياك كيفية صنعها.
﴿ إذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ﴾أي فإذا جاء قضاؤنا من قومك بعذابهم وهلاكهم، ونبع الماء من وجه الأرض، فأدخل فيها من كل طائفة من الحيوان فردين مزدوجين كناقة وجمل، وحصان ورمكة، وأدخل ولدك ونساءهم إلا من سبق عليهم القول منا بأنه هالك فيمن يهلك، فلا تحمله معك وهو كنعان وأمه.
﴿ لا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ﴾ أي ولا تسألني أن أنجي الذين كفروا بالله من الغرق. فإن كلمتي قد حقت عليهم أجمعين.
قصة نوح عليه السلام :
﴿ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ( ٢٣ ) فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ( ٢٤ ) إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين ( ٢٥ ) قال رب انصرني بما كذبون ( ٢٦ ) فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ( ٢٧ ) فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ( ٢٨ ) وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ( ٢٩ ) إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين ﴾[ ٢٣- ٣٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن عدد سبحانه ما أنعم به على عباده في نشأتهم الأولى وفي خلق الماء لهم لينتفعوا به، وفي خلق الحيوان كذلك، ذكر هنا أن كثيرا من الأمم قد أهملوا التدبر والاعتبار في هذا، فكفروا بهذه النعم، وجهلوا قدر المنعم بها، وعبدوا غيره، وكذبوا رسله الذين أرسلوا إليهم، فحاق بهم ما كانوا به يستهزئون، وأهلكهم بعذاب من عنده، فأصبحوا كأمس الدابر، والمثل السائر، وفي هذا تخويف لقريش، وإنذار لهم على ما يفعلون، وأنه سيحل بهم ما داموا على تكذيب رسولهم والكفر به مثل ما حل بمن قبلهم.
تفسير المفردات :
استويت : أي علوت.
الإيضاح :
ثم أمره بحمده والثناء عليه إذا هو استوى على الفلك فقال :
﴿ فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ﴾أي فإذا اطمأننت في السفينة أنت ومن معك ممن حملته من أهلك، فقل الحمد لله الذي نجانا من هؤلاء المشركين الظلمة.
وفي هذا إيماء إلى أنه لا ينبغي المسرة بمصيبة أحد ولو عدوا إلا إذا اشتملت على دفع ضرره أو تطهير الأرض من دنس شركه وإضلاله.
قال ابن عباس : كان في السفينة ثمانون إنسانا نوح وامرأته غير التي غرقت وثلاثة بنين سام وحام و يافث، وثلاث نسوة لهم واثنان وسبعون إنسانا، وكل الخلائق من نسل من كان في السفينة.
قصة نوح عليه السلام :
﴿ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ( ٢٣ ) فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ( ٢٤ ) إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين ( ٢٥ ) قال رب انصرني بما كذبون ( ٢٦ ) فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ( ٢٧ ) فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ( ٢٨ ) وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ( ٢٩ ) إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين ﴾[ ٢٣- ٣٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن عدد سبحانه ما أنعم به على عباده في نشأتهم الأولى وفي خلق الماء لهم لينتفعوا به، وفي خلق الحيوان كذلك، ذكر هنا أن كثيرا من الأمم قد أهملوا التدبر والاعتبار في هذا، فكفروا بهذه النعم، وجهلوا قدر المنعم بها، وعبدوا غيره، وكذبوا رسله الذين أرسلوا إليهم، فحاق بهم ما كانوا به يستهزئون، وأهلكهم بعذاب من عنده، فأصبحوا كأمس الدابر، والمثل السائر، وفي هذا تخويف لقريش، وإنذار لهم على ما يفعلون، وأنه سيحل بهم ما داموا على تكذيب رسولهم والكفر به مثل ما حل بمن قبلهم.
الإيضاح :
ثم أمر نوح أن يدعو ربه حين خروجه من السفينة :
﴿ وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ﴾أي وقل إذا سلمت وخرجت من السفينة : رب أنزلني من الأرض منزلا مباركا وأنت خير من أنزل عباده المنازل.
قال قتادة : علمكم الله أن تقولوا حين ركوب السفينة :﴿ بسم الله مجراها ومرساها ﴾[ هود : ٤١ ] وحين ركوب الدابة :﴿ سبحان الذي سخر لنا هذا وكنا له مقرنين ﴾[ الزخرف : ١٣ ] وحين النزول :﴿ قل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ﴾[ المؤمنون : ٢٩ ].
قصة نوح عليه السلام :
﴿ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ( ٢٣ ) فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ( ٢٤ ) إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين ( ٢٥ ) قال رب انصرني بما كذبون ( ٢٦ ) فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ( ٢٧ ) فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ( ٢٨ ) وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ( ٢٩ ) إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين ﴾[ ٢٣- ٣٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن عدد سبحانه ما أنعم به على عباده في نشأتهم الأولى وفي خلق الماء لهم لينتفعوا به، وفي خلق الحيوان كذلك، ذكر هنا أن كثيرا من الأمم قد أهملوا التدبر والاعتبار في هذا، فكفروا بهذه النعم، وجهلوا قدر المنعم بها، وعبدوا غيره، وكذبوا رسله الذين أرسلوا إليهم، فحاق بهم ما كانوا به يستهزئون، وأهلكهم بعذاب من عنده، فأصبحوا كأمس الدابر، والمثل السائر، وفي هذا تخويف لقريش، وإنذار لهم على ما يفعلون، وأنه سيحل بهم ما داموا على تكذيب رسولهم والكفر به مثل ما حل بمن قبلهم.
تفسير المفردات :
لآيات : أي عبرا. لمبتلين : أي لمختبرين ممتحنين لهم، أي لمعامليهم معاملة من يختبر.
الإيضاح :
﴿ إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين ﴾أي إن فيما فعلنا بقوم نوح من إهلاكهم إذ كذبوا رسولنا وجحدوا وحدانيتنا وعبدوا الآلهة والأصنام لعبرا لقومك من مشركي قريش، وحججا لنا عليهم يستدلون بها على سنننا في أمثالهم فينزجرون عن كفرهم، ويرتدون عن تكذيبهم حذر أن يصيبهم مثل الذي أصاب من قبلهم من العذاب، وقد كنا مختبريهم بالتذكير بهذه الآيات لننظر ماذا يفعلون قبل أن ننزل بهم عقوبتنا.
ونحو الآية قوله :﴿ ولقد تركناها آية فهل من مدكر ﴾[ القمر : ١٥ ] وقد تقدم هذا القصص بتفصيل في سورة هود عليه السلام.
قصة هود عليه السلام :
﴿ ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين ( ٣١ ) فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ( ٣٢ ) وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ( ٣٣ ) ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون ( ٣٤ ) أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون ( ٣٥ ) *هيهات هيهات لما توعدون ( ٣٦ ) إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين ( ٣٧ ) إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين ( ٣٨ ) قال رب انصرني بما كذبون ( ٣٩ ) قال عما قليل ليصبحن نادمين ( ٤٠ ) فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين ﴾[ المؤمنون : ٣١- ٤١ ].
تفسير المفردات :
القرن : الأمة، والمراد بهم عاد قوم هود لقوله تعالى في سورة الأعراف :﴿ واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ﴾[ الأعراف : ٦٩ ].
الإيضاح :
﴿ ثم أنشأ من بعدهم قرنا آخرين * فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ﴾أي ثم أوجدنا من بعد مهلك قوم نوح قوما آخرين وهم عاد،
فأرسلنا فيهم رسولا منهم، وهو هود عليه السلام داعيا لهم قائلا : يا قوم اعبدوا الله وأطيعوه دون الأوثان والأصنام، فإن العبادة لا تنبغي إلا له، ولا تصلح لسواه، أفلا تخافون عقابه بعبادتكم غيره من وثن أو صنم ؟
تفسير المفردات :
أترفناهم : أي وسعنا عليهم وجعلناهم في ترف ونعيم.
الإيضاح :
﴿ وقال الملأ من قومه الذين كفروا و كذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ﴾أي وقال أشراف قومه الذين جحدوا وحدانية الله وكذبوا بالبعث والحساب، وقد وسعنا عليهم في الحياة الدنيا بما بسطنا لهم من الرزق حتى بطروا وعتوا وكفروا بربهم : ما هود إلا بشر مثلكم لا ميزة له عنكم، فهو يأكل مما تأكلون، ويشرب مما تشربون، ومرادهم بذلك تهوين أمره، وتحقير شأنه.
تفسير المفردات :
لخاسرون : أي لمغبونون في آرائكم، إذ أنكم أذللتم أنفسكم لعبادة من هو دونكم.
الإيضاح :
﴿ ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون ﴾ أي ولئن أطعتم بشرا مثلكم فاتبعتموه وقبلتم ما يقول إنكم إذا لمغبونون حظوظكم من الشرف والرفعة في الدنيا.
الإيضاح :
ثم بينوا سبب إنكارهم لاتباعه، واستبعادهم وقوع ما يدعيه بقولهم :
﴿ أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون ﴾أي أيعدكم أنكم مخرجون من قبوركم أحياء كما كنتم أولا إذا متم وكنتم ترابا في القبور بعد أن تذهب لحومكم وتبقى عظامكم.
تفسير المفردات :
هيهات : أي بعد. ما توعدون : هو البعث والحساب.
الإيضاح :
﴿ هيهات هيهات لما توعدون ﴾أي بعد ما توعدون أيها القوم من أنكم بعد موتكم ومصيركم ترابا وعظاما تخرجون من قبوركم للبعث والحساب ثم الجزاء على ما تعملون.
الإيضاح :
ثم أكدوا هذا الإنكار بقولهم :
﴿ إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين ﴾أي ما حياة إلا هذه الحياة في الدنيا، تموت الأحياء منا فلا تحيا، ويحدث آخرون منا ويولدون، وما نحن بمبعوثين بعد الموت، إنما مثلنا مثل الزرع يحصد هذا وينبت ذاك.
والخلاصة : إنه يموت منا من هو موجود، وينشأ آخرون بعدهم.
تفسير المفردات :
بمؤمنين : أي بمصدقين.
الإيضاح :
وبعد أن كان أمرهم معه مقصورا على الاستبعاد فحسب، جاهروا بتكذيبه فيما يدعي فقالوا :
﴿ إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين ﴾أي ما هود إلا رجل يختلق الكذب على الله، فتارة يقول : ما لكم من إله غير الله خالق السماوات والأرض وأخرى يقول : إنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما إنكم مخرجون، وما نحن بمصدقيه فيما يدعي ويزعم من التوحيد والبعث.
ولما يئس هود من إيمانهم بعد ذكر هذه المقالة﴿ وما نحن له بمؤمنين ﴾ فزع إلى ربه.
الإيضاح :
﴿ قال رب انصرني بما كذبون ﴾ أي قال بعد أن يئس من إيمانهم وقد سلك في دعوتهم كل مسلك، متضرعا إلى ربه : رب انصرني عليهم وانتقم لي منهم بتكذيبهم إياي فيما دعوتهم إليه من الحق وإصرارهم على الباطل. فأجابه ربه إلى ما سأل.
تفسير المفردات :
عما قليل : أي بعد زمان قليل. ليصبحن : أي ليصيرن.
الإيضاح :
﴿ قال عما قليل ليصبحن نادمين ﴾أي قال تعالى مجيبا دعاءه : ليصيرن مكذبوك بعد زمن قليل نادمين على ما فعلوا، وستحل به نقمتنا، ولا ينفعهم الندم حينئذ.
تفسير المفردات :
و الصيحة : العذاب الشديد كما قال :
صاح الزمان بآل برمك صيحة خروا لشدتها على الأذقان
والغثاء : ما يحمله السيل من الورق والعيدان البالية التي لا ينتفع بها. بعدا : أي هلاكا.
الإيضاح :
ثم أخبر أنه أنجز وعيده فيهم فقال :
﴿ فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء ﴾أي فسلطنا عليهم نقمتنا فأخذهم العذاب الذي لا قبل لهم به، وقد كانوا لمثله مستحقين، بسبب كفرهم وتكذيبهم برسوله، فجعلناهم كغثاء السيل، لا غناء فيهم، ولا فائدة ترجى منهم.
﴿ فبعدا للقوم الظالمين ﴾أي فأبعد الله القوم الكافرين بهلاكهم، إذ كفروا بربهم وعصوا رسوله وظلموا أنفسهم.
وفي هذا من الذلة والمهانة لهم والاستخفاف بأمرهم ما لا يخفى، وأن الذي ينزل بهم في الآخرة من البعد من النعيم والثواب أعظم مما حل بهم من العقاب في الدنيا، وفيه عظيم العبرة لمن بعدهم ممن هم عرضة لمثله.
قصص صالح ولوط وشعيب وغيرهم :
﴿ ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين ( ٤٢ ) ما تسبق من أمة أجلها وما يستئخرون ( ٤٣ ) ثم أرسلنا رسلنا تترا كل ما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون ﴾[ المؤمنون : ٤٢- ٤٤ ].
الإيضاح :
﴿ ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين ﴾ أي ثم أنشأنا من بعد هلاك عاد أقواما آخرين، كقوم صالح ولوط وشعيب وغيرهم.
الإيضاح :
﴿ ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ﴾أي ما تتقدم أمة من تلك الأمم المهلكة الوقت الذي قدر لهلاكهم وما يستأخرون عنه.
والخلاصة : ما تهلك أمة قبل مجيء أجلها ولا بعده، فلكل شيء ميقات لا يعدوه.
تفسيرالمفردات :
تترى : من المواترة : وهي التتابع بين الأشياء مع فترة ومهلة بينها قاله الأصمعي. أحاديث : واحدها أحدوثة، وهي ما يتحدث به تعجبا منه وتلهيا به، وقد جمعت لعرب ألفاظا على أفاعيل كأباطيل و أقاطيع، وقال الزمخشري : الأحاديث اسم جمع للحديث ومنه أحاديث رسول الله ( ص ) ولكن الجمهور على أنه جمع كما علمت.
الإيضاح :
﴿ ثم أرسلنا رسلا تترى ﴾أي ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين، وقد أرسلنا إلى كل قرن منهم رسولا خاصا به، بعضهم في إثر بعض.
﴿ كما جاء أمة رسولها كذبوه ﴾أي كلما بلغهم الرسول ما جاء به من عند ربه من الشرائع والأحكام كذبوه، كما فعل قومك بك حين أمرتهم بذلك.
﴿ فأتبعنا بعضهم بعضا ﴾أي فأهلكنا بعضهم في إثر بعض حين تألبوا على رسلهم وكذبوهم.
﴿ وجعلناهم أحاديث ﴾ يتحدث بها الناس ويتلهون بذكرها.
ونحو الآية قوله :﴿ فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق ﴾[ سبأ : ١٩ ].
ولما ترتب على تكذيبهم الهلاك المقتضى لبعدهم قال :
﴿ فبعدا لقوم لا يؤمنون ﴾أي فأبعد الله قوما لا يؤمنون به ولا يصدقون برسوله.
قصة موسى وهارون عليهما السلام :
﴿ ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين ( ٤٥ ) إلى فرعون و ملئيه فاستكبروا وكانوا قوما عالين ( ٤٦ ) فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ( ٤٧ ) فكذبوهما فكانوا من المهلكين ( ٤٨ ) ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون ﴾[ المؤمنون : ٤٥- ٤٩ ].
تفسير المفردات :
الآيات : هي الآيات التسع التي سبقت في سورة الأعراف. و السلطان : الحجة.
الإيضاح :
﴿ ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين * إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين ﴾أي ثم أرسلنا بعد الرسل الذين تقدم ذكرهم من قبل موسى وأخاه هارون إلى فرعون وأشرف قومه من القبط، بالآيات والحجج الدامغة والبراهين القاطعة، فاستكبروا عن اتباعهما والانقياد لما أمروا به ودعوا إليه، من الإيمان وترك تعذيب بني إسرائيل كما جاء في سورة النازعات :﴿ اذهب إلى فرعون إنه طغى ( ١٧ ) فقل هل لك إلى أن تزكى ( ١٨ ) وأهديك إلى ربك فتخشى ﴾[ النازعات : ١٧- ١٩ ] و قد كان من دأبهم العتو و البغي على الناس و ظلمهم كبرا و علو في الأرض.
تفسير المفردات :
عالين : أي متكبرين.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٥:قصة موسى وهارون عليهما السلام :
﴿ ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين ( ٤٥ ) إلى فرعون و ملئيه فاستكبروا وكانوا قوما عالين ( ٤٦ ) فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ( ٤٧ ) فكذبوهما فكانوا من المهلكين ( ٤٨ ) ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون ﴾[ المؤمنون : ٤٥- ٤٩ ].

تفسير المفردات :

الآيات : هي الآيات التسع التي سبقت في سورة الأعراف. و السلطان : الحجة.

الإيضاح :

﴿ ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين * إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين ﴾أي ثم أرسلنا بعد الرسل الذين تقدم ذكرهم من قبل موسى وأخاه هارون إلى فرعون وأشرف قومه من القبط، بالآيات والحجج الدامغة والبراهين القاطعة، فاستكبروا عن اتباعهما والانقياد لما أمروا به ودعوا إليه، من الإيمان وترك تعذيب بني إسرائيل كما جاء في سورة النازعات :﴿ اذهب إلى فرعون إنه طغى ( ١٧ ) فقل هل لك إلى أن تزكى ( ١٨ ) وأهديك إلى ربك فتخشى ﴾[ النازعات : ١٧- ١٩ ] و قد كان من دأبهم العتو و البغي على الناس و ظلمهم كبرا و علو في الأرض.

تفسير المفردات :
عابدون : أي خدم منقادون. قال أبو عبيدة : العرب تسمي كل من دان للملك عابدا. وقال المبرد : العابد : المطيع الخاضع.
الإيضاح :
ثم ذكر ما استتبعه هذا العتو والجبروت :
﴿ فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ﴾أي فقال فرعون وملؤه كيف ندين لموسى وأخيه، وبنو إسرائيل قومهما خدمنا وعبيدنا يخضعون لنا ويتلقون أوامرنا ؟
وما قصدوا بهذا إلا الزراية بهما والحط من قدرهما، وبيان أن مثلهما غير جدير بمنصب الرسالة، وقد قاسوا الشرف الديني والإمامة في تبليغ الوحي عن الله بالرياسة الدنيوية المبنية على نيل الجاه والمال.
وهم في هذا أشبه بقريش إذ قالوا :﴿ لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ﴾[ الزخرف : ٣١ ] وقد فاتهم أن مدار أمر النبوة و الاصطفاء للرسالة إنما هو السبق في الفضائل النفسية والصفات السنية التي يتفضل الله بها على من يشاء من عباده، فالأنبياء لصفاء نفوسهم يتصلون بالعالم العلوي وعالم المادة، فيتلقون الوحي من الملأ الأعلى ويبلغونه إلى البشر، ولا يعوقهم التعلق بمصالح الخلق، عن التبتل والانقطاع إلى حضرة الحق.
و إن تعجب من شيء فاعجب لهؤلاء وأمثالهم ممن لم يرض النبوة للبشر، كيف سوغت لهم أنفسهم ادعاء الألوهية للحجر :﴿ فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ﴾[ الحج : ٤٦ ].
الإيضاح :
ثم ذكر عاقبة أعمالهم وما آل إليه أمرهم فقال :
﴿ فكذبوهما فكانوا من المهلكين ﴾أي فأصر فرعون وملؤه على تكذيب موسى وهارون، فأهلكهم الله بالغرق في البحر القلزم – البحر الأحمر – كما أهلك من قبلهم من الأمم بتكذيبهم لرسلهم.
تفسير المفردات :
الكتاب : هو التوراة.
الإيضاح :
ثم ذكر ما أولاه موسى بعد هلاكهم من التشريف والتكريم فقال :
﴿ ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون ﴾أي ولقد أنزلنا على موسى التوراة وفيها الأحكام من الأوامر والنواهي بعد أن أهلكنا فرعون وملأه وأخذناهم أخذ عزيز مقتدر، رجاء أن يهتدي بها قومه إلى الحق، ويعملوا بما فيها من الشرائع.
قصص عيسى عليه السلام إجمالا :
﴿ وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ﴾[ المؤمنون : ٥٠ ].
تفسير المفردات :
الآية : الحجة والبرهان. وآويناهما : أي جعلنا مأواهما ومنزلهما الربوة، وهي ما ارتفع من الأرض دون الجبل. ذات قرار : أي ذات استقرار للناس لما فيها من الزرع والثمار. و معين : أي ماء جار.
الإيضاح :
﴿ وجعلنا ابن مريم وأمه آية ﴾أي وجعلنا عيسى آية للناس دالة على عظيم قدرتنا وبديع صنعنا، إذ خلقناه من غير أب، وأنطقناه في المهد، وأجرينا على يديه إبراء الأكمه و الأبرص وإحياء الموتى، وجعلنا أمه آية إذ حملته من غير أب.
وجعلهما آية واحدة، لأنهما اشتركا في هذا الأمر العجيب الخارق للعادة وهو الولادة بلا أب.
ونحو الآية قوله :﴿ وجعلناها وابنها آية للعالمين ﴾[ الأنبياء : ٩١ ].
﴿ وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ﴾أي وجعلناهما ينزلان بمرتفع من الأرض ذي ثمار وماء جار كثير.
قال قتادة : الربوة : بيت المقدس، و قال مقاتل والضحاك : هي غوطة دمشق إذ هي ذات الثمار والماء.
﴿ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ( ٥١ ) وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ( ٥٢ ) فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ( ٥٣ ) فذرهم في غمرتهم حتى حين ( ٥٤ ) أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين ( ٥٥ ) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ﴾ [ المؤمنون : ٥١- ٥٦ ].
المعنى الجملي : بعد أن قص سبحانه علينا قصص بعض الأنبياء السالفين عقب هذا ببيان أنه أوصاهم جميعا بأن يأكلوا من الحلال، ويعملوا صالح الأعمال، كفاء ما أنعم به عليهم من النعم العظيمة، والمزايا الجليلة التي لا يقدر قدرها، ثم حذرهم وأنذرهم بأنه عليم بكل أعمالهم، ظاهرها وباطنها، لا تخفى عليه من أمورهم خافية، ثم أرشدهم إلى أن الدين الحق واحد لا تعدد فيه، ولكن الأمم قد فرقت دينها شيعا، وكل أمة فرحة مسرورة بما تدين به كما هي حال قريش، ثم خاطب رسوله بأن يتركهم وما يعتقدون إلى حين، ثم ذكر أنهم في عماية حين ظنوا أن ما أوتوه من النعم هو حظوة من ربهم لهم. كلا، فهم لا يشعرون بحقيقة أمرهم وعاقبة حالهم، ولو عقلوا لعلموا أنهم في سكرتهم يعمهون.
تفسير المفردات :
الطيبات : ما يستطاب ويستلذ من المآكل والفواكه.
الإيضاح :
﴿ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا ﴾أمر الله كل نبي في زمانه بأن يأكل من المال الحلال ما لذ وطاب، وأن يعمل صالح الأعمال، ليكون ذلك كفاء ما أنعم به عليه من النعم الظاهرة والباطنة.
وهذا الأمر وإن كان موجها إلى الأنبياء فإن أممهم تبع لهم، وكأنه يقول لنا : أيها المسلمون في جميع الأقطار، كلوا من الطيبات أي من الحلال الصافي القوام، الحلال ما لا يعصى الله فيه، والصافي ما لا ينسى الله فيه، والقوام ما يمسك النفس ويحفظ العقل، واعملوا صالح الأعمال.
أخرج أحمد ابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم عن أم عبد الله أخت شداد بن أوس رضي الله عنها أنها بعثت إلى النبي ( ص ) بقدح لبن حين فطره وهو صائم، فرد إليها رسولها وقال : من أين لك هذا ؟ فقالت من شاة لي، ثم رده وقال : ومن أين هذه الشاة ؟ فقالت اشتريتها بمالي فأخذه، فلما كان من الغد أمته وقالت : يا رسول الله لم رددت اللبن ؟ فقال ( ص ) :" أمرت الرسل ألا يأكلوا إلا طيبا، ولا يعملوا إلا صالحا ".
وأخرج مسلم والترمذي وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال ( ص ) :" أيها الناس ! إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال :﴿ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ﴾ وقال :﴿ يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ﴾[ البقرة : ١٧٢ ] ثم ذكر :" الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، يمد يديه إلى السماء، يا رب يا رب فأني يستجاب له ؟ " ".
وفي تقديم أكل الطيبات على العمل الصالح إيماء إلى أن العمل الصالح لا يتقبل إلا إذا سبق بأكل المال الحلال.
و جاء في بعض الأخبار " إن الله تعالى لا يقبل عبادة من في جوفه لقمة من حرام " وصح أيضا :" أيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به ".
ثم علل هذا الأمر بقوله :
﴿ إني بما تعملون عليم ﴾أي إني بأعمالكم عليم، لا يخفى علي شيء منها، وأنا مجازيكم بجميعها، وموفيكم أجوركم، وثوابكم عليها، فخذوا في صالح الأعمال، واجتهدوا قدر طاقتكم فيها، شكرا لربكم على ما أنعم به عليكم.
وفي هذا تحذير من مخالفتهم ما أمروا به، وإذا قيل للأنبياء فما أجدر أممهم أن تأخذ حذرها، وترعوي عن غيها، وتخشى بأس الله وشديد عقابه.
﴿ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ( ٥١ ) وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ( ٥٢ ) فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ( ٥٣ ) فذرهم في غمرتهم حتى حين ( ٥٤ ) أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين ( ٥٥ ) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ﴾ [ المؤمنون : ٥١- ٥٦ ].
المعنى الجملي : بعد أن قص سبحانه علينا قصص بعض الأنبياء السالفين عقب هذا ببيان أنه أوصاهم جميعا بأن يأكلوا من الحلال، ويعملوا صالح الأعمال، كفاء ما أنعم به عليهم من النعم العظيمة، والمزايا الجليلة التي لا يقدر قدرها، ثم حذرهم وأنذرهم بأنه عليم بكل أعمالهم، ظاهرها وباطنها، لا تخفى عليه من أمورهم خافية، ثم أرشدهم إلى أن الدين الحق واحد لا تعدد فيه، ولكن الأمم قد فرقت دينها شيعا، وكل أمة فرحة مسرورة بما تدين به كما هي حال قريش، ثم خاطب رسوله بأن يتركهم وما يعتقدون إلى حين، ثم ذكر أنهم في عماية حين ظنوا أن ما أوتوه من النعم هو حظوة من ربهم لهم. كلا، فهم لا يشعرون بحقيقة أمرهم وعاقبة حالهم، ولو عقلوا لعلموا أنهم في سكرتهم يعمهون.
تفسير المفردات :
أمتكم : أي ملتكم وشريعتكم.
الإيضاح :
﴿ و إن هذه أمتكم أمة واحدة ﴾ أي وإن دينكم معشر الأنبياء دين واحد وملة واحدة، وهو الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له.
واختلاف الشرائع والأحكام بحسب اختلاف الأزمان والأحوال لا يسمى اختلافا في الدين، لأن الأصول واحدة.
﴿ وأنا ربكم فاتقوني ﴾أي وإني أنا ربكم لا شريك لي في الربوبية فاحذروا عقابي وخافوا عذابي.
وفي هذا إيماء إلى أن دين الجميع واحد فيما يتصل بمعرفة الله واتقاء معاصيه.
﴿ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ( ٥١ ) وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ( ٥٢ ) فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ( ٥٣ ) فذرهم في غمرتهم حتى حين ( ٥٤ ) أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين ( ٥٥ ) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ﴾ [ المؤمنون : ٥١- ٥٦ ].
المعنى الجملي : بعد أن قص سبحانه علينا قصص بعض الأنبياء السالفين عقب هذا ببيان أنه أوصاهم جميعا بأن يأكلوا من الحلال، ويعملوا صالح الأعمال، كفاء ما أنعم به عليهم من النعم العظيمة، والمزايا الجليلة التي لا يقدر قدرها، ثم حذرهم وأنذرهم بأنه عليم بكل أعمالهم، ظاهرها وباطنها، لا تخفى عليه من أمورهم خافية، ثم أرشدهم إلى أن الدين الحق واحد لا تعدد فيه، ولكن الأمم قد فرقت دينها شيعا، وكل أمة فرحة مسرورة بما تدين به كما هي حال قريش، ثم خاطب رسوله بأن يتركهم وما يعتقدون إلى حين، ثم ذكر أنهم في عماية حين ظنوا أن ما أوتوه من النعم هو حظوة من ربهم لهم. كلا، فهم لا يشعرون بحقيقة أمرهم وعاقبة حالهم، ولو عقلوا لعلموا أنهم في سكرتهم يعمهون.
تفسير المفردات :
فتقطعوا : أي قطعوا ومزقوا. أمرهم : أي أمر دينهم. زبرا : أي قطعا واحدها زبور
الإيضاح :
ثم بين أن أمم أولئك الرسل خالفوا أمر رسلهم واتبعوا أهواءهم وجعلوا دينهم فرقا وشيعا فقال :
﴿ فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ﴾أي فتفرق أتباع الأنبياء فرقا وجماعات، وأصبح كل فريق معجبا بنفسه، فرحا بما عنده، معتقدا أنه الحق الذي لا معدل عنه.
فيا أتباع الأنبياء، أين عقولكم ؟ إن الله أرسل إليكم رسلا فجعلتموهم محل الشقاق و مثار النزاع، لم هذا ؟ هل اختلاف الشرائع مع اتحاد الأصول والعقائد ينافي المودة والمحبة ؟ وأين أنتم يا أتباع محمد ؟ ما لكم كيف تفرقتم أحزابا ؟ هل اختلاف المذاهب كشافعية ومالكية، وزيدية وشيعة يفرق العقيدة ؟ وكيف يكون هذا سبب التفرقة فهل تغير الدين ؟ وهل تغير القرآن ؟ وهل تغيرت القبلة ؟ وهل حدث إشراك ؟ كلا كلا. فإذا كان العيب قد لحق الأمم المختلفة على تنابذها، فما أجدركم أن يلحقكم الذم على تنابذكم وأنتم أهل دين واحد.
ولا علة لهذا إلا لجهالة الجهلاء، فقد خيم الجهل فوق ربوعكم ومدت طنبه بين ظهرانيكم، لأنكم فرطتم في كتاب ربكم، ظننتم أن أسس الدين هي مسائل العبادات والأحكام، وتركتم الأخلاق وراءكم ظهريا، وتركتم آيات التوحيد والنظر في الأكوان ولو أنكم نظرتم إلى شيء من هذا لعلمتم أن كل ذلك من دينكم وأنتم عنه غافلون.
﴿ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ( ٥١ ) وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ( ٥٢ ) فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ( ٥٣ ) فذرهم في غمرتهم حتى حين ( ٥٤ ) أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين ( ٥٥ ) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ﴾ [ المؤمنون : ٥١- ٥٦ ].
المعنى الجملي : بعد أن قص سبحانه علينا قصص بعض الأنبياء السالفين عقب هذا ببيان أنه أوصاهم جميعا بأن يأكلوا من الحلال، ويعملوا صالح الأعمال، كفاء ما أنعم به عليهم من النعم العظيمة، والمزايا الجليلة التي لا يقدر قدرها، ثم حذرهم وأنذرهم بأنه عليم بكل أعمالهم، ظاهرها وباطنها، لا تخفى عليه من أمورهم خافية، ثم أرشدهم إلى أن الدين الحق واحد لا تعدد فيه، ولكن الأمم قد فرقت دينها شيعا، وكل أمة فرحة مسرورة بما تدين به كما هي حال قريش، ثم خاطب رسوله بأن يتركهم وما يعتقدون إلى حين، ثم ذكر أنهم في عماية حين ظنوا أن ما أوتوه من النعم هو حظوة من ربهم لهم. كلا، فهم لا يشعرون بحقيقة أمرهم وعاقبة حالهم، ولو عقلوا لعلموا أنهم في سكرتهم يعمهون.
تفسير المفردات :
فذرهم : أي فدعهم واتركهم، وأصل الغمرة الماء الذي يغمر القامة ويسترها والمراد بها الجهالة. حتى حين : أي إلى أن يموتوا فيستحقوا العذاب.
الإيضاح :
وبعد أن ذكر سبحانه ما حدث من أمم أولئك الأنبياء من التفرق والانقسام فيما كان يجب عليهم فيه اتفاق الكلمة، ومن فرحهم بما فعلوا أمر نبيه أن يتركهم في جهلهم الذي لا جهل فوقه، لأنه لا ينجح فيهم النصح، ولا يجدي فيهم الإرشاد فقال :
﴿ فذرهم في غمرتهم حتى حين ﴾أي فذرهم في غيهم وضلالهم إلى حين يرون العذاب رأي العين.
ونحو الآية قوله :﴿ فمهل الكافرين أمهلهم وريدا ﴾[ الطارق : ١٧ ] وقوله :﴿ ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون ﴾[ الحجر : ٣ ].
وقد جعلوا في غمرة تشبيها لحالهم حين ستر الجهل والحيرة عقولهم بحال من غمره الماء وغطاه.
﴿ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ( ٥١ ) وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ( ٥٢ ) فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ( ٥٣ ) فذرهم في غمرتهم حتى حين ( ٥٤ ) أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين ( ٥٥ ) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ﴾ [ المؤمنون : ٥١- ٥٦ ].
المعنى الجملي : بعد أن قص سبحانه علينا قصص بعض الأنبياء السالفين عقب هذا ببيان أنه أوصاهم جميعا بأن يأكلوا من الحلال، ويعملوا صالح الأعمال، كفاء ما أنعم به عليهم من النعم العظيمة، والمزايا الجليلة التي لا يقدر قدرها، ثم حذرهم وأنذرهم بأنه عليم بكل أعمالهم، ظاهرها وباطنها، لا تخفى عليه من أمورهم خافية، ثم أرشدهم إلى أن الدين الحق واحد لا تعدد فيه، ولكن الأمم قد فرقت دينها شيعا، وكل أمة فرحة مسرورة بما تدين به كما هي حال قريش، ثم خاطب رسوله بأن يتركهم وما يعتقدون إلى حين، ثم ذكر أنهم في عماية حين ظنوا أن ما أوتوه من النعم هو حظوة من ربهم لهم. كلا، فهم لا يشعرون بحقيقة أمرهم وعاقبة حالهم، ولو عقلوا لعلموا أنهم في سكرتهم يعمهون.
تفسير المفردات :
نمدهم : أي نعطيه مددا لهم.
الإيضاح :
ثم بين خطأهم فيما يظنون من أن سعة الرزق في الدنيا علامة رضا الله عنهم في الآخرة فقال :
﴿ أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ﴾أي أيظن هؤلاء المغرورون أن ما نعطيهم من الأموال والأولاد، كرامة لهم علينا وإجلالا لأقدارهم عندنا كلا، إن هذا الإمداد ليس إلا استدراجا في المعاصي، و استجرارا لهم إلى زيادة الإثم، وهم يحسبونه مسارعة في الخيرات، إذ هم أشبه بالبهائم لا فطنة لهم ولا شعور حتى يتفكروا في أنه استدراج هو أم مسارعة في الخيرات ؟
ونحو الآية قوله تعالى حكاية عنهم :﴿ وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ﴾[ سبأ : ٣٥ ] وقوله :﴿ فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا ﴾[ التوبة : ٥٥ ] وقوله :﴿ إنما نملى لهم ليزدادوا إثما ﴾[ آل عمران : ١٧٨ ].
قال قتادة في تفسير الآية : مكر الله بالقوم في أموالهم وأولادهم، يا ابن آدم لا تعتبر الناس بأموالهم وأولادهم، ولكن اعتبرهم بالإيمان والعمل الصالح.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال ( ص ) :" إن الله قسم بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحب و من لايحب ولا يعطي الدين إلا من أحب، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه، والذي نفس محمد بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يؤمن جاره بوائقه ". قالوا : وما بوائقه يا رسول الله ؟ قال :" غشه وظلمه ".
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٥:﴿ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ( ٥١ ) وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ( ٥٢ ) فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ( ٥٣ ) فذرهم في غمرتهم حتى حين ( ٥٤ ) أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين ( ٥٥ ) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ﴾ [ المؤمنون : ٥١- ٥٦ ].
المعنى الجملي : بعد أن قص سبحانه علينا قصص بعض الأنبياء السالفين عقب هذا ببيان أنه أوصاهم جميعا بأن يأكلوا من الحلال، ويعملوا صالح الأعمال، كفاء ما أنعم به عليهم من النعم العظيمة، والمزايا الجليلة التي لا يقدر قدرها، ثم حذرهم وأنذرهم بأنه عليم بكل أعمالهم، ظاهرها وباطنها، لا تخفى عليه من أمورهم خافية، ثم أرشدهم إلى أن الدين الحق واحد لا تعدد فيه، ولكن الأمم قد فرقت دينها شيعا، وكل أمة فرحة مسرورة بما تدين به كما هي حال قريش، ثم خاطب رسوله بأن يتركهم وما يعتقدون إلى حين، ثم ذكر أنهم في عماية حين ظنوا أن ما أوتوه من النعم هو حظوة من ربهم لهم. كلا، فهم لا يشعرون بحقيقة أمرهم وعاقبة حالهم، ولو عقلوا لعلموا أنهم في سكرتهم يعمهون.

تفسير المفردات :

نمدهم : أي نعطيه مددا لهم.

الإيضاح :

ثم بين خطأهم فيما يظنون من أن سعة الرزق في الدنيا علامة رضا الله عنهم في الآخرة فقال :
﴿ أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ﴾أي أيظن هؤلاء المغرورون أن ما نعطيهم من الأموال والأولاد، كرامة لهم علينا وإجلالا لأقدارهم عندنا كلا، إن هذا الإمداد ليس إلا استدراجا في المعاصي، و استجرارا لهم إلى زيادة الإثم، وهم يحسبونه مسارعة في الخيرات، إذ هم أشبه بالبهائم لا فطنة لهم ولا شعور حتى يتفكروا في أنه استدراج هو أم مسارعة في الخيرات ؟
ونحو الآية قوله تعالى حكاية عنهم :﴿ وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ﴾[ سبأ : ٣٥ ] وقوله :﴿ فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا ﴾[ التوبة : ٥٥ ] وقوله :﴿ إنما نملى لهم ليزدادوا إثما ﴾[ آل عمران : ١٧٨ ].
قال قتادة في تفسير الآية : مكر الله بالقوم في أموالهم وأولادهم، يا ابن آدم لا تعتبر الناس بأموالهم وأولادهم، ولكن اعتبرهم بالإيمان والعمل الصالح.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال ( ص ) :" إن الله قسم بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحب و من لايحب ولا يعطي الدين إلا من أحب، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه، والذي نفس محمد بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يؤمن جاره بوائقه ". قالوا : وما بوائقه يا رسول الله ؟ قال :" غشه وظلمه ".

﴿ إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون ( ٥٧ ) والذين هم بآيات ربهم يؤمنون ( ٥٨ ) والذين هم بربهم لا يشركون ( ٥٩ ) والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ( ٦٠ ) أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ﴾[ المؤمنون : ٥٧- ٦١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذم سبحانه من فرقوا دينهم شيعا وفرحوا بما عملوا وظنوا أن ما نالوه من حظوظ الدنيا هو وسيلة لنيل الثواب في الآخرة، وبين أنهم واهمون فيما حسبوا قفى على ذلك بذكر صفات من له المسارعة في الخيرات، ومن هو جدير بها.
تفسير المفردات :
الخشية : الخوف من العقاب، والإشفاق نهاية الخوف والمراد لازمه، وهو دوام الطاعة.
الإيضاح :
﴿ إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون ﴾أي إن الدين هم من خوفهم من عذاب ربهم دائبون في طاعته، جادون في نيل مرضاته، فهم في نهاية الخوف من سخطه عاجلا، ومن عذابه آجلا، ومن ثم يبتعدون عن الآثام والمعاصي.
﴿ إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون ( ٥٧ ) والذين هم بآيات ربهم يؤمنون ( ٥٨ ) والذين هم بربهم لا يشركون ( ٥٩ ) والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ( ٦٠ ) أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ﴾[ المؤمنون : ٥٧- ٦١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذم سبحانه من فرقوا دينهم شيعا وفرحوا بما عملوا وظنوا أن ما نالوه من حظوظ الدنيا هو وسيلة لنيل الثواب في الآخرة، وبين أنهم واهمون فيما حسبوا قفى على ذلك بذكر صفات من له المسارعة في الخيرات، ومن هو جدير بها.
تفسير المفردات :
والآيات : هي الآيات الكونية في الأنفس والآفاق والآيات المنزلة.
الإيضاح :
﴿ والذين هم بآيات ربهم يؤمنون ﴾أي والذين هم بآيات ربهم الكونية التي نصبها في الأنفس والآفاق دلالة على وجوده ووحدانيته، وبآياته المنزلة على رسله مصدقون موقنون، لا يعتريهم شك ولا ريب.
﴿ إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون ( ٥٧ ) والذين هم بآيات ربهم يؤمنون ( ٥٨ ) والذين هم بربهم لا يشركون ( ٥٩ ) والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ( ٦٠ ) أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ﴾[ المؤمنون : ٥٧- ٦١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذم سبحانه من فرقوا دينهم شيعا وفرحوا بما عملوا وظنوا أن ما نالوه من حظوظ الدنيا هو وسيلة لنيل الثواب في الآخرة، وبين أنهم واهمون فيما حسبوا قفى على ذلك بذكر صفات من له المسارعة في الخيرات، ومن هو جدير بها.
الإيضاح :
﴿ والذين هم بربهم لا يشركون ﴾أي والذين لا يعبدون مع الله سواه، ويعلمون أنه الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي ليس له صاحبة ولا ولد.
وفيما سبق وصف لله بتوحيد الربوبية، وهنا وصف له بتوحيد الألوهية، ولم يقتصر على الأول، لأن كثيرا من المشركين يعترفون بتوحيد الربوبية كما قال :﴿ ولئن سألتهم من خلف السماوات والأرض ليقولن الله ﴾[ الزمر : ٣٨ ]ولا يعترفون بتوحيد الألوهية والعبادة، ومن ثم عبدوا الأصنام والأوثان على طرائق شتى، وعبدوا معبودات مختلفة.
﴿ إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون ( ٥٧ ) والذين هم بآيات ربهم يؤمنون ( ٥٨ ) والذين هم بربهم لا يشركون ( ٥٩ ) والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ( ٦٠ ) أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ﴾[ المؤمنون : ٥٧- ٦١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذم سبحانه من فرقوا دينهم شيعا وفرحوا بما عملوا وظنوا أن ما نالوه من حظوظ الدنيا هو وسيلة لنيل الثواب في الآخرة، وبين أنهم واهمون فيما حسبوا قفى على ذلك بذكر صفات من له المسارعة في الخيرات، ومن هو جدير بها.
تفسير المفردات :
وجلة : أي خائفة.
الإيضاح :
﴿ والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ﴾أي والذين يعطون ما أعطوا، ويتصدقون بما تصدقوا، وقلوبهم خائفة ألا يتقبل ذلك منهم، وألا يقع على الوجه المرضي حين يبعثون ويرجعون إلى ربهم، وتنكشف الحقائق، ويحتاج العبد إلى عمل مقبول لديه وإن قل﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ( ٧ ) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾[ الزلزلة : ٧- ٨ ].
ويدخل في قوله :﴿ يؤتون ما آتوا ﴾كل حق يلزم إيتاؤه، سواء أكان من حقوق الله كالزكاة والكفارة وغيرها أم من حقوق العباد كالودائع والديون والعدل بين الناس، فمتى فعلوا ذلك وقلوبهم وجلة من التقصير والإخلال بما بنقصان أو غيره، اجتهدوا في أن يوفوها حقها حين الأداء.
وسألت عائشة رسول الله ( ص ) عن قوله :﴿ والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ﴾أهو الذي يزني ويشرب الخمر ويسرق وهو على ذلك يخاف الله تعالى ؟ فقال لا يا ابنة الصديق، ولكن هو الرجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخاف ألا يقبل ذلك منه.
﴿ إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون ( ٥٧ ) والذين هم بآيات ربهم يؤمنون ( ٥٨ ) والذين هم بربهم لا يشركون ( ٥٩ ) والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ( ٦٠ ) أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ﴾[ المؤمنون : ٥٧- ٦١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذم سبحانه من فرقوا دينهم شيعا وفرحوا بما عملوا وظنوا أن ما نالوه من حظوظ الدنيا هو وسيلة لنيل الثواب في الآخرة، وبين أنهم واهمون فيما حسبوا قفى على ذلك بذكر صفات من له المسارعة في الخيرات، ومن هو جدير بها.
تفسير المفردات :
سابقون : أي ظافرون بنيلها.
الإيضاح :
﴿ أولئك يسارعون في الخيرات ﴾أي أولئك الذين جمعوا هذه المحاسن يرغبون في الطاعات أشد الرغبة، فيبادرونها لئلا تفوتهم إذاهم ماتوا، ويتعجلون في الدنيا وجوه الخيرات العاجلة التي وعدوا بها على الأعمال الصالحة في نحو قوله :﴿ فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة ﴾[ آل عمران : ١٤٨ ]وقوله :﴿ وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ﴾[ العنكبوت : ٢٧ ].
﴿ وهم لها سابقون ﴾أي إنهم يرغبون في الطاعات وهم لأجلها سابقون الناس إلى الثواب، لا أولئك الذين أمددناهم بالمال والبنين فظنوا غير الحق أن ذلك إكرام منا لهم، فإن إعطاء المال والبنين والإمداد بهما لا يؤهل للمسارعة إلى الخيرات، وإنما الذي يؤهل للخيرات هو خشية الله وعدم الإشراك به وعدم الرياء في العمل والتصديق مع الخوف منه.
ومعنى ﴿ وهم لها ﴾أنهم معدون لفعل مثلها من الأمور العظيمة، كقولك لمن يطلب منه حاجة لا ترجى من غيره : أنت لها، وعلى هذا قوله :
مشكلات أعضلت ودهت *** يا رسول الله أنت لها
وخلاصة ذلك : إن النعم ليست هي السعادة الدنيوية ونيل الحظوظ فيها، بل هي العمل الطيب، بإيتاء الصدقات ونحوها مع إحاطة ذلك بالخوف والخشية.
﴿ ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون ﴾[ المؤمنون : ٦٢ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه صفات المؤمنين المخلصين الذين يسارعون إلى الخيرات، أرشد إلى أن ما كلفوا به سهل يسير لا يخرج عن حد الوسع والطاقة، وأنه مهما قل فهو محفوظ عنده في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى، وهو لا يظلم أحدا من خلقه، بل يجزي بقدر العمل، وبما نطقت به الصحف على وجه الحق والعدل.
تفسير المفردات :
الوسع : ما يتسع على الإنسان فعله ولا يضيق عليه. والكتاب : هو صحائف الأعمال. بالحق : أي بالصدق.
الإيضاح :
﴿ ولا نكلف نفسا إلا وسعها ﴾أي إن سنتنا جارية على ألا نكلف نفسا إلا ما في وسعها وقدر طاقتها، ومن ثم قال مقاتل : من لم يستطع القيام في الصلاة فليصل قاعدا، ومن لم يستطع القعود فليصل إيماء.
﴿ ولدينا كتاب ينطق بالحق ﴾أي ولدينا صحائف أعمالهم يقرؤونها حين الحساب، وتظهر فيها أعمالهم التي عملوها في الدنيا دون لبس ولا ريب، ويجازون على الجليل منها والحقير، والقليل والكثير.
ونحو الآية قوله :﴿ هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ﴾[ الجاثية : ٢٩ ] وقوله :﴿ لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ﴾[ الكهف : ٤٩ ].
ثم بين فضله على عباده وعدله بينهم في الجزاء إثر بيان لطفه في التكليف وكتابة الأعمال على ما هي عليه فقال :
﴿ وهم لا يظلمون ﴾أي وهم لا يظلمون في الجزاء بنقص ثواب أو زيادة عذاب، بل يجازون بما عملوا ونطقت به كتبهم بالعدل والحق.
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( ٦٣ ) حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( ٦٤ ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( ٦٥ ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ٦٦ ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( ٦٧ ) أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين ( ٦٨ ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( ٦٩ ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ( ٧٠ ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( ٧١ ) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( ٧٢ ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( ٧٣ ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( ٧٤ ) * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ( ٧٥ ) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ( ٧٦ ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾[ المؤمنون : ٦٣- ٧٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه سجاحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزد له فيه شيء، أردف هذا بيان أن المشركين في غفلة عن هذا الذي بين في القرآن، ولهم أعمال سواء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن واستهزائهم بالنبي ( ص ) وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها ؟ وهل رابكم في رسولكم شيء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا. لا، إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم لو تأملتم لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم فكيف تعرضون عنه ؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرا على هدايتكم وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم وهو خير الرازقين. فها هو ذا تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم، ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم كما قال﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
فإذا جاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون، أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
تفسير المفردات :
الغمرة : الغفلة والجهالة. من دون ذلك : أي غير ذلك.
الإيضاح :
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ﴾أي بل قلوب المشركين في غفلة عن هدى القرآن والاسترشاد بما جاء به، مما فيه سعادة الناس في دينهم ودنياهم، فلو قرؤوه وتدبروه لرأوا أنه كتاب ينطق بالصدق، وأنه يقضي بأن أعمال المرء مهما دقت فهو محاسب عليها، وإن ربك لا يظلم أحدا من عباده.
ثم ذكر جنايات أخرى لهم فوق جنايتهم السابقة فقال :
﴿ ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ﴾أي إن لهم أعمالا أخرى أسوأ من ذلك، فقد أغرقوا في الشرك والمعاصي، واتخذوا هذا الكتاب هزوا، وجعلوه سمرهم في البيت الحرام يقولون فيه ما هو منه براء، يقولون إن هو إلا سحر مفتري، وما هو إلا أساطير الأولين، وما هو إلا كلام شاعر، ويتقولون على من أرسل به، فيزعمون أنه رجل به جنة، وأنه قد تعلمه من غيره من أهل الكتاب، وانغمسوا في عبادة الأوثان والأصنام، ولقد تراهم إذا جاء البرهان الساطع أعرضوا عنه وقالوا : إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على أثارهم مقتدون.
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( ٦٣ ) حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( ٦٤ ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( ٦٥ ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ٦٦ ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( ٦٧ ) أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين ( ٦٨ ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( ٦٩ ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ( ٧٠ ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( ٧١ ) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( ٧٢ ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( ٧٣ ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( ٧٤ ) * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ( ٧٥ ) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ( ٧٦ ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾[ المؤمنون : ٦٣- ٧٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه سجاحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزد له فيه شيء، أردف هذا بيان أن المشركين في غفلة عن هذا الذي بين في القرآن، ولهم أعمال سواء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن واستهزائهم بالنبي ( ص ) وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها ؟ وهل رابكم في رسولكم شيء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا. لا، إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم لو تأملتم لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم فكيف تعرضون عنه ؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرا على هدايتكم وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم وهو خير الرازقين. فها هو ذا تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم، ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم كما قال﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
فإذا جاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون، أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
تفسير المفردات :
والمترف : المتوسع في النعمة. وجأر الرجل : صاح ورفع صوته.
الإيضاح :
﴿ حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون ﴾أي حتى إذا حل بهم بأسنا يوم القيامة، وحاق بهم سوء العذاب، صاحوا صيحة منكرة وقالوا : واغوثاه، وواسوء منقلباه، لشدة ما يروه من الكرب والهول، ولا سيما مترفوهم الذي انقلب أمرهم من النعيم إلى العذاب الأليم، وندموا حين لا ينفع الندم.
ندم البغاة ولات ساعة الندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( ٦٣ ) حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( ٦٤ ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( ٦٥ ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ٦٦ ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( ٦٧ ) أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين ( ٦٨ ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( ٦٩ ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ( ٧٠ ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( ٧١ ) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( ٧٢ ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( ٧٣ ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( ٧٤ ) * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ( ٧٥ ) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ( ٧٦ ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾[ المؤمنون : ٦٣- ٧٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه سجاحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزد له فيه شيء، أردف هذا بيان أن المشركين في غفلة عن هذا الذي بين في القرآن، ولهم أعمال سواء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن واستهزائهم بالنبي ( ص ) وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها ؟ وهل رابكم في رسولكم شيء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا. لا، إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم لو تأملتم لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم فكيف تعرضون عنه ؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرا على هدايتكم وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم وهو خير الرازقين. فها هو ذا تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم، ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم كما قال﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
فإذا جاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون، أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
تفسير المفردات :
وجأر الرجل : صاح ورفع صوته. لا تنصرون : أي لا يجيركم أحد ولا ينصركم.
الإيضاح :
ثم أبان الصريخ والعويل لا يجديهم نفعا فقال :
﴿ لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ﴾أي قلنا لهم : هيهات هيهات، قد فات ما فات، الآن لا يجديهم البكاء والعويل، فهذا وقت الجزاء على ما كسبت أيديكم، وقد حقت عليكم كلمة ربكم، ولا مغيث من أمره، ولا ناصر يحول بينكم وبين بأسه.
ولا يخفى ما في ذلك من التهويل الشديد لذلك اليوم وأنه لا تجدي فيه ضراعة ولا استغاثة، ولا ينفع فيه ولي ولا نصير.
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( ٦٣ ) حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( ٦٤ ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( ٦٥ ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ٦٦ ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( ٦٧ ) أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين ( ٦٨ ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( ٦٩ ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ( ٧٠ ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( ٧١ ) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( ٧٢ ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( ٧٣ ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( ٧٤ ) * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ( ٧٥ ) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ( ٧٦ ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾[ المؤمنون : ٦٣- ٧٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه سجاحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزد له فيه شيء، أردف هذا بيان أن المشركين في غفلة عن هذا الذي بين في القرآن، ولهم أعمال سواء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن واستهزائهم بالنبي ( ص ) وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها ؟ وهل رابكم في رسولكم شيء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا. لا، إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم لو تأملتم لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم فكيف تعرضون عنه ؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرا على هدايتكم وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم وهو خير الرازقين. فها هو ذا تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم، ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم كما قال﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
فإذا جاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون، أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
تفسير المفردات :
تنكصون : أي تعرضون عن سماعها، وأصل النكوص : الرجوع على الأعقاب. العقب : مؤخر الرجل، ورجوع الشخص على عقبه : رجوعه في طريقه الأولى كما يقال رجع عوده على بدئه.
الإيضاح :
ثم ذكر سببا آخرا يبين أن البكاء والصراخ لا ينفع شيئا فقال :
﴿ قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ﴾أي دعوا الصراخ فإنه لا يمنعكم منا، واتركوا النصير فإنه لا ينفعكم عندنا، فقد ركبتم شططا، وجاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عن سماعها، فضلا عن تصديقها والعمل بها، وكنتم كمن ينكص على عقبيه موليا القهقرى، نافرا مما يسمع ويرى.
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( ٦٣ ) حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( ٦٤ ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( ٦٥ ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ٦٦ ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( ٦٧ ) أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين ( ٦٨ ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( ٦٩ ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ( ٧٠ ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( ٧١ ) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( ٧٢ ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( ٧٣ ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( ٧٤ ) * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ( ٧٥ ) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ( ٧٦ ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾[ المؤمنون : ٦٣- ٧٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه سجاحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزد له فيه شيء، أردف هذا بيان أن المشركين في غفلة عن هذا الذي بين في القرآن، ولهم أعمال سواء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن واستهزائهم بالنبي ( ص ) وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها ؟ وهل رابكم في رسولكم شيء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا. لا، إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم لو تأملتم لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم فكيف تعرضون عنه ؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرا على هدايتكم وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم وهو خير الرازقين. فها هو ذا تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم، ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم كما قال﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
فإذا جاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون، أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
تفسير المفردات :
سامرا : أي تسمرون بذكر القرآن والطعن فيه. و الهجر : بالضم، الهذيان.
الإيضاح :
ثم ذكر سببا ثالثا يدعو إلى التنكيل بهم والتشديد في عذابهم فقال :
﴿ مستكبرين به سامرا تهجرون ﴾أي تعرضون عن الإيمان، مستعظمين بالبيت الحرام، تقولون نحن أهل حرمه وخدام بيته، فلا يظهر علينا أحد، ولا نخاف أحدا، وتسمرون حوله وتتخذون القرآن سلواكم، والطعن فيه هجيرا كم، تهذون فتقولون : هو سحر، هو شعر، هو كهانة إلى آخر ما يحلو لكم أن تتقولوه.
والخلاصة : إنكم كنتم عن سماع آياتي معرضين، مستعظمين بأنكم خدام البيت وجيرانه، فلا تضامون، وتهدون في أمر القرآن وتقولون فيه ما ليس فيه مسحة من الحق، ولا جانب من الصواب.
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( ٦٣ ) حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( ٦٤ ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( ٦٥ ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ٦٦ ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( ٦٧ ) أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين ( ٦٨ ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( ٦٩ ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ( ٧٠ ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( ٧١ ) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( ٧٢ ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( ٧٣ ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( ٧٤ ) * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ( ٧٥ ) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ( ٧٦ ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾[ المؤمنون : ٦٣- ٧٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه سجاحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزد له فيه شيء، أردف هذا بيان أن المشركين في غفلة عن هذا الذي بين في القرآن، ولهم أعمال سواء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن واستهزائهم بالنبي ( ص ) وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها ؟ وهل رابكم في رسولكم شيء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا. لا، إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم لو تأملتم لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم فكيف تعرضون عنه ؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرا على هدايتكم وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم وهو خير الرازقين. فها هو ذا تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم، ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم كما قال﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
فإذا جاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون، أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
الإيضاح :
ثم أنبهم على ما فعلوا وبين أن إقدامهم عليه لا بد أن يكون لأحد أسباب أربعة فقال :
( ١ ) ﴿ أفلم يدبروا القول ﴾أي إنهم لم يتدبروا القرآن فيعلموا ما خص به من فصاحة وبلاغة، وقد كان لديهم فسحة من الوقت، تمكنهم من التدبر فيه ومعرفة أنه الحق من ربهم، وأنه مبرأ من التناقض وسائر العيوب التي تعتري الكلام إلى ما فيه من حجج دامغة، وبراهين ساطعة، إلى ما فيه من فضائل الآداب، وسامي الأخلاق، إلى ما فيه من تشريع إن هم اتبعوه كانوا سادة البشر، واتبعهم الأسود والأحمر، كما كان لمن اتبعه من السابقين الأولين من المؤمنين.
( ٢ ) ﴿ أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين ﴾أي أم اعتقدوا أن مجيء الرسل أمر لم تسبق به السنن من قبلهم، فاستبعدوا وقوعه، لكنهم قد عرفوا بالتواتر أن الرسل كانت تترى وتظهر على أيديهم المعجزات، فهلا كان ذلك داعيا لهم إلى التصديق بهذا الرسول الذي جاء بذلك الكتاب الذي لا ريب فيه.
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( ٦٣ ) حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( ٦٤ ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( ٦٥ ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ٦٦ ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( ٦٧ ) أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين ( ٦٨ ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( ٦٩ ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ( ٧٠ ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( ٧١ ) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( ٧٢ ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( ٧٣ ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( ٧٤ ) * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ( ٧٥ ) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ( ٧٦ ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾[ المؤمنون : ٦٣- ٧٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه سجاحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزد له فيه شيء، أردف هذا بيان أن المشركين في غفلة عن هذا الذي بين في القرآن، ولهم أعمال سواء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن واستهزائهم بالنبي ( ص ) وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها ؟ وهل رابكم في رسولكم شيء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا. لا، إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم لو تأملتم لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم فكيف تعرضون عنه ؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرا على هدايتكم وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم وهو خير الرازقين. فها هو ذا تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم، ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم كما قال﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
فإذا جاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون، أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
الإيضاح :
( ٣ ) ﴿ أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ﴾أي أم أنهم لم يعرفوا رسولهم بأمانته وصدقه وجميل خصاله قبل أن يدعي النبوة ؟ كلا، إنهم لقد عرفوه بكل فضيلة، وشهر لديهم باسم " الأمين " فكيف ينكرون رسالته، ولقد قال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه للنجاشي : إن الله بعث فينا رسولا نعرف نسبه، ونعرف صدقه وأمانته، وكذلك قال أبو سفيان لملك الروم حين سأله وأصحابه عن نسبه، وصدقه وأمانته، وقد كانوا بعد كفارا لم يسلموا.
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( ٦٣ ) حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( ٦٤ ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( ٦٥ ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ٦٦ ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( ٦٧ ) أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين ( ٦٨ ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( ٦٩ ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ( ٧٠ ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( ٧١ ) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( ٧٢ ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( ٧٣ ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( ٧٤ ) * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ( ٧٥ ) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ( ٧٦ ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾[ المؤمنون : ٦٣- ٧٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه سجاحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزد له فيه شيء، أردف هذا بيان أن المشركين في غفلة عن هذا الذي بين في القرآن، ولهم أعمال سواء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن واستهزائهم بالنبي ( ص ) وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها ؟ وهل رابكم في رسولكم شيء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا. لا، إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم لو تأملتم لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم فكيف تعرضون عنه ؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرا على هدايتكم وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم وهو خير الرازقين. فها هو ذا تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم، ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم كما قال﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
فإذا جاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون، أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
تفسير المفردات :
والجنة : الجنون.
الإيضاح :
( ٤ ) ﴿ أم يقولون به جنة ﴾أي أم إن به جنونا فلا يدري ما يقول، مع أنهم يعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم ذهنا وأوفرهم رزانة.
وبعد أن عدد سبحانه هذه الوجوه، ونبه إلى فسادها، بين وجه الحق في عدم إيمانهم فقال :
﴿ بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ﴾أي إن ما جاءهم به هو الحق الذي لا محيص منه، فما هو إلا توحيد الله، وما شرعه لعباده مما فيه سعادة البشر، لكن أكثرهم جبلوا على الزيغ والانحراف عن الحق، لما ران على قلوبهم من ظلمات الشرك والإسراف في الآثام والمعاصي، ومن ثم فهم لا يفقهون الحق ولا تستسيغه نفوسهم فهم له كارهون.
وإنما نسب هذا الحكم للأكثر، لأن فيهم من ترك الإيمان أنفة من توبيخ قومه أن يقولوا :
ترك دين آبائه، لا كراهة للحق، كما أثر عن أبي طالب من قوله :
فو الله لولا أن أجيء بسبة تجر على أشياخنا في القبائل
إذا لاتبعناه على كل حالة من الدهر جدا غير قول التخاذل
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( ٦٣ ) حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( ٦٤ ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( ٦٥ ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ٦٦ ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( ٦٧ ) أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين ( ٦٨ ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( ٦٩ ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ( ٧٠ ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( ٧١ ) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( ٧٢ ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( ٧٣ ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( ٧٤ ) * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ( ٧٥ ) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ( ٧٦ ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾[ المؤمنون : ٦٣- ٧٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه سجاحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزد له فيه شيء، أردف هذا بيان أن المشركين في غفلة عن هذا الذي بين في القرآن، ولهم أعمال سواء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن واستهزائهم بالنبي ( ص ) وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها ؟ وهل رابكم في رسولكم شيء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا. لا، إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم لو تأملتم لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم فكيف تعرضون عنه ؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرا على هدايتكم وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم وهو خير الرازقين. فها هو ذا تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم، ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم كما قال﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
فإذا جاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون، أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
تفسير المفردات :
و الذكر : القرآن الذي هو فخرهم. عن ذكرهم : أي فخرهم.
الإيضاح :
ثم بين سبحانه أن اتباع الهوى يؤدي إلى الفساد العظيم فقال :
﴿ ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن ﴾أي ولو سلك القرآن طريقهم، بأن جاء مؤيدا للشرك بالله، واتخاذ الولد – تعالى الله عن ذلك – وزين الآثام واجتراح السيئات، لاختل نظام العالم كما جاء في قوله :﴿ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ﴾[ الأنبياء : ٢٢ ] ولو أباح الظلم وترك العدل لوقع الناس في هرج ومرج، ولوقع أمر الجماعات في اضطراب وفساد، والمشاهد في الأمم التي يفشو فيها التخاذل والذلة والمسكنة يؤول أمرها إلى الزوال، ولو أباح العدوان واغتصاب الأموال وأن يكون الضعيف فريسة للقوي، لما استتب أمن ولا ساد نظام، وحال العرب قبل الإسلام شاهد صدق على ذلك.
ولو أباح الزنا لفسدت الأنساب وما عرف والد ولده، فلا تتكون الأسر، ولا يكون من يعول الأبناء، ولا يبحث لهم عن رزق، فيكونون شردا في الطرقات لا مأوى لهم، ولا عائل يقوم بشؤونهم، وأكبر برهان على هذا ما هو حادث في أوروبا الآن من وجود نسل بازدواج غير شرعي مما تئن منه الأمم والجماعات ؛ إلى نحو أولئك مما سبق ذكره من قبل وفصلناه تفصيلا.
وبعد أن أنبهم على كراهتهم للحق، شنع عليهم لإعراضهم عما فيه الخير لهم، وهو يخالف ما جلبت عليه النفوس من الرغبة في ذلك فقال :
﴿ بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ﴾أي بل جئناهم بالقرآن الذي فيه فخرهم وشرفهم فأعرضوا عنه، ونكصوا على أعقابهم، وازدروا به وجعلوه هزوا وسخرية، وما كان لهم من الخير أن يفعلوا ذلك.
ونحو الآية قوله :﴿ وإنه لذكر لك ولقومك ﴾[ الزخرف : ٤٤ ].
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( ٦٣ ) حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( ٦٤ ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( ٦٥ ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ٦٦ ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( ٦٧ ) أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين ( ٦٨ ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( ٦٩ ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ( ٧٠ ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( ٧١ ) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( ٧٢ ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( ٧٣ ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( ٧٤ ) * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ( ٧٥ ) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ( ٧٦ ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾[ المؤمنون : ٦٣- ٧٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه سجاحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزد له فيه شيء، أردف هذا بيان أن المشركين في غفلة عن هذا الذي بين في القرآن، ولهم أعمال سواء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن واستهزائهم بالنبي ( ص ) وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها ؟ وهل رابكم في رسولكم شيء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا. لا، إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم لو تأملتم لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم فكيف تعرضون عنه ؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرا على هدايتكم وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم وهو خير الرازقين. فها هو ذا تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم، ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم كما قال﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
فإذا جاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون، أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
تفسير المفردات :
خرجا : أي جعلا و أجرا.
الإيضاح :
ثم نفى عن رسوله ( ص ) ما ربما صدهم عن دعوته، وهو طلبه المال منهم أجرا لنصحه وإرشاده فقال :
﴿ أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير ﴾أي أم يزعمون أنك طلبت منهم أجرا على تبليغ الرسالة، فلأجل هذا لا يؤمنون.
والمراد : إنك لا تسألهم أجرا، فإن ما رزقك الله في الدنيا والعقبى خير من ذلك، لسعته ودوامه وعدم تحمل منة فيه، ولأنك تحتسب أجره عند الله لا عندهم.
ونحو الآية قوله :﴿ قل سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله ﴾[ سبأ : ٤٧ ] وقوله :﴿ قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ﴾[ ص : ٨٦ ] وقوله :﴿ قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ﴾[ الشورى : ٢٣ ].
﴿ و هو خير الرازقين ﴾ توكيد لما قبله، إذ من يكون خير الرازقين يكون رزقه خير من رزق غيره.
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( ٦٣ ) حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( ٦٤ ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( ٦٥ ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ٦٦ ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( ٦٧ ) أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين ( ٦٨ ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( ٦٩ ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ( ٧٠ ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( ٧١ ) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( ٧٢ ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( ٧٣ ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( ٧٤ ) * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ( ٧٥ ) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ( ٧٦ ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾[ المؤمنون : ٦٣- ٧٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه سجاحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزد له فيه شيء، أردف هذا بيان أن المشركين في غفلة عن هذا الذي بين في القرآن، ولهم أعمال سواء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن واستهزائهم بالنبي ( ص ) وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها ؟ وهل رابكم في رسولكم شيء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا. لا، إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم لو تأملتم لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم فكيف تعرضون عنه ؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرا على هدايتكم وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم وهو خير الرازقين. فها هو ذا تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم، ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم كما قال﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
فإذا جاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون، أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
تفسير المفردات :
صراط مستقيم : أي طريق لا عوج فيه.
الإيضاح :
و بعد أن فند آراءهم أتبعها ببيان صحة ما جاء به الرسول وأنه الحق الذي لا معدل عنه فقال :
﴿ وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ﴾أي وإنك لتدعو هؤلاء المشركين من قومك إلى ذلك الدين القيم الذي تشهد العقول السليمة باستقامته، وبعده عن الضلال والهوى والاعوجاج والزيغ.
وخلاصة ما سبق : ما قاله صاحب الكشاف : قد ألزمهم الحجة في هذه الآيات وقطع معاذيرهم وعللهم بأن الذي أرسل إليهم رجل معروف أمره، وحاله مخبور سره وعلنه، خليق بأن يجتبى مثله للرسالة من بين ظهرانيهم، وأنه لم يعرض له حتى يدعي بمثل هذه الدعوى العظيمة بباطل، ولم يجعل ذلك سلما إلى النيل من دنياهم واستعطاء أموالهم، ولم يدعهم إلا إلى دين الإسلام الذي هو الصراط المستقيم، مع إبراز المكنون من أدوائهم، وهو إخلالهم بالتدبر والتأمل، واستهتارهم بدين الآباء الضلال من غير برهان، وتعللهم بأنه مجنون بعد ظهور الحق، وثبات التصديق من الله بالمعجزات والآيات النيرة، وكراهتهم للحق، وإعراضهم عما فيه حظهم من الذكر اه.
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( ٦٣ ) حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( ٦٤ ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( ٦٥ ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ٦٦ ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( ٦٧ ) أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين ( ٦٨ ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( ٦٩ ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ( ٧٠ ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( ٧١ ) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( ٧٢ ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( ٧٣ ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( ٧٤ ) * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ( ٧٥ ) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ( ٧٦ ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾[ المؤمنون : ٦٣- ٧٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه سجاحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزد له فيه شيء، أردف هذا بيان أن المشركين في غفلة عن هذا الذي بين في القرآن، ولهم أعمال سواء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن واستهزائهم بالنبي ( ص ) وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها ؟ وهل رابكم في رسولكم شيء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا. لا، إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم لو تأملتم لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم فكيف تعرضون عنه ؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرا على هدايتكم وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم وهو خير الرازقين. فها هو ذا تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم، ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم كما قال﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
فإذا جاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون، أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
تفسير المفردات :
لناكبون : أي عادلون عن طريق الرشاد، يقال نكب عن الطريق : إذا زاغ عنه.
الإيضاح :
ثم بين أن الذين ينكرون البعث هم في ضلال مبين فقال :
﴿ وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ﴾أي وإن الذين لا يصدقون بالبعث بعد الموت، وبقيام الساعة ومجازاة الله عباده في الآخرة، عادلون عن محجة الحق، وعن قصد السبيل، وهو دين الله الذي ارتضاه لعباده، ونصب الأدلة عليه.
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( ٦٣ ) حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( ٦٤ ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( ٦٥ ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ٦٦ ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( ٦٧ ) أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين ( ٦٨ ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( ٦٩ ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ( ٧٠ ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( ٧١ ) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( ٧٢ ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( ٧٣ ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( ٧٤ ) * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ( ٧٥ ) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ( ٧٦ ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾[ المؤمنون : ٦٣- ٧٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه سجاحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزد له فيه شيء، أردف هذا بيان أن المشركين في غفلة عن هذا الذي بين في القرآن، ولهم أعمال سواء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن واستهزائهم بالنبي ( ص ) وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها ؟ وهل رابكم في رسولكم شيء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا. لا، إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم لو تأملتم لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم فكيف تعرضون عنه ؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرا على هدايتكم وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم وهو خير الرازقين. فها هو ذا تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم، ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم كما قال﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
فإذا جاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون، أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
تفسير المفردات :
لج في الأمر : تمادى فيه. يعمهون : أي يتحيرون ويترددون في الضلال.
الإيضاح :
﴿ ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ﴾أي إنهم بلغوا في التمرد و العناد حدا لا يرجى معه صلاح لهم، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( ٦٣ ) حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( ٦٤ ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( ٦٥ ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ٦٦ ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( ٦٧ ) أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين ( ٦٨ ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( ٦٩ ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ( ٧٠ ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( ٧١ ) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( ٧٢ ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( ٧٣ ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( ٧٤ ) * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ( ٧٥ ) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ( ٧٦ ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾[ المؤمنون : ٦٣- ٧٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه سجاحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزد له فيه شيء، أردف هذا بيان أن المشركين في غفلة عن هذا الذي بين في القرآن، ولهم أعمال سواء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن واستهزائهم بالنبي ( ص ) وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها ؟ وهل رابكم في رسولكم شيء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا. لا، إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم لو تأملتم لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم فكيف تعرضون عنه ؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرا على هدايتكم وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم وهو خير الرازقين. فها هو ذا تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم، ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم كما قال﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
فإذا جاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون، أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
تفسير المفردات :
واستكانوا : خضعوا وذلوا. وما يتضرعون : أي يجددون التضرع والخضوع.
الإيضاح :
﴿ ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ﴾أي ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا لربهم، ولا انقادوا لأمره ونهيه، ولا تذللوا ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم.
ونحو الآية قوله :﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( ٦٣ ) حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( ٦٤ ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( ٦٥ ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ٦٦ ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( ٦٧ ) أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين ( ٦٨ ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( ٦٩ ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ( ٧٠ ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( ٧١ ) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( ٧٢ ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( ٧٣ ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ( ٧٤ ) * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ( ٧٥ ) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ( ٧٦ ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾[ المؤمنون : ٦٣- ٧٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه سجاحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزد له فيه شيء، أردف هذا بيان أن المشركين في غفلة عن هذا الذي بين في القرآن، ولهم أعمال سواء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن واستهزائهم بالنبي ( ص ) وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها ؟ وهل رابكم في رسولكم شيء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا. لا، إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم لو تأملتم لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم فكيف تعرضون عنه ؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرا على هدايتكم وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم وهو خير الرازقين. فها هو ذا تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم، ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم كما قال﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ﴾[ الأنعام : ٤٣ ].
فإذا جاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون، أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
تفسير المفردات :
مبلسون : أي متحيرون آيسون من كل خير.
الإيضاح :
ثم أبان عاقبة أمرهم وما يكون من حالهم إذا جاءت الساعة فقال :
﴿ حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ﴾أي حتى إذا جاءهم أمر الله، وجاءتهم الساعة بغتة، وأخذهم من العذاب ما لم يكونوا يحتسبون أيسوا من كل خير وانقطعت آمالهم وخاب رجاؤهم.
﴿ وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون ( ٧٨ ) وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون ( ٧٩ ) وهو الذي يحي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون ﴾[ المؤمنون : ٧٨- ٨٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه إعراض المشركين عن سماع الأدلة ورؤية العبر والتأمل في الحقائق، أردف ذلك الامتنان على عباده بأنه قد أعطاهم الحواس من السمع والبصر وغيرهما ووفقهم لاستعمالها، وكان من حقهم أن يستفيدوا بها، ليستبين لهم الرشد من الغي، لكنها لم تغن عنهم شيئا، فكأنهم فقدوها كما قال :﴿ فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله ﴾[ الأحقاف : ٢٦ ] ثم ساق أدلة أخرى على وجوده وقدرته، فبين أنه أوجدهم من العدم وأن حشرهم إليه، وأنه هو الذي يحييهم ثم يميتهم، وأنه هو الذي يولج الليل في النهار و يولج النهار في الليل، أفلا عقل لكم تتأملون به فيما تشاهدون ؟
الإيضاح :
امتن سبحانه على عباده بأمور هي دلائل قدرته وواسع علمه فقال :
( ١ )﴿ وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة ﴾أي والله الذي أحدث لكم السمع، لتسمعوا به الأصوات التي تخاطبون بها، والأبصار لتشاهدوا بها الأضواء والألوان والأشكال المختلفة، والعقول لتفقهوا بها ما ينفعكم ويوصلكم إلى سعادة الحياتين الدنيا والعقبى.
وخص هذه الثلاثة بالذكر، لأنها طريق الاستدلال الحسي والعقلي الموجودات، وذكرها على هذا الترتيب، لما أتبثه الطب أن الطفل في الأيام الثلاثة الأولى يسمع ولا يبصر، ثم يبدأ الرؤية بعدئذ، ومن الواضح تأخر العقل عن ذلك.
﴿ قليلا ما تشكرون ﴾تقول العرب للكفور الجحود للنعمة : ما أقل شكر فلان على نعمتي، على معنى أنه لم يشكرها، فالمراد هنا أنكم لم تشكروه على هذه النعم العظيمة، وقد كان ينبغي أن تشكروه عليها في كل حين.
﴿ وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون ( ٧٨ ) وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون ( ٧٩ ) وهو الذي يحي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون ﴾[ المؤمنون : ٧٨- ٨٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه إعراض المشركين عن سماع الأدلة ورؤية العبر والتأمل في الحقائق، أردف ذلك الامتنان على عباده بأنه قد أعطاهم الحواس من السمع والبصر وغيرهما ووفقهم لاستعمالها، وكان من حقهم أن يستفيدوا بها، ليستبين لهم الرشد من الغي، لكنها لم تغن عنهم شيئا، فكأنهم فقدوها كما قال :﴿ فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله ﴾[ الأحقاف : ٢٦ ] ثم ساق أدلة أخرى على وجوده وقدرته، فبين أنه أوجدهم من العدم وأن حشرهم إليه، وأنه هو الذي يحييهم ثم يميتهم، وأنه هو الذي يولج الليل في النهار و يولج النهار في الليل، أفلا عقل لكم تتأملون به فيما تشاهدون ؟
تفسير المفردات :
ذرأكم في الأرض : أي خلقكم وبثكم فيها.
الإيضاح :
( ٢ )﴿ وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون ﴾أي وهو الذين خلقكم في الأرض وبثكم فيها على اختلاف أجناسهم ولغاتهم، ثم يجمعهم لميقات يوم معلوم في دار لا حاكم فيها سواه.
﴿ وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون ( ٧٨ ) وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون ( ٧٩ ) وهو الذي يحي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون ﴾[ المؤمنون : ٧٨- ٨٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه إعراض المشركين عن سماع الأدلة ورؤية العبر والتأمل في الحقائق، أردف ذلك الامتنان على عباده بأنه قد أعطاهم الحواس من السمع والبصر وغيرهما ووفقهم لاستعمالها، وكان من حقهم أن يستفيدوا بها، ليستبين لهم الرشد من الغي، لكنها لم تغن عنهم شيئا، فكأنهم فقدوها كما قال :﴿ فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله ﴾[ الأحقاف : ٢٦ ] ثم ساق أدلة أخرى على وجوده وقدرته، فبين أنه أوجدهم من العدم وأن حشرهم إليه، وأنه هو الذي يحييهم ثم يميتهم، وأنه هو الذي يولج الليل في النهار و يولج النهار في الليل، أفلا عقل لكم تتأملون به فيما تشاهدون ؟
تفسير المفردات :
اختلاف الليل والنهار : تعاقبهما من قولهم : فلان يختلف إلى فلان : أي يتردد عليه بالمجيء والذهاب.
الإيضاح :
( ٣ )﴿ وهو الذي يحيي ويميت ﴾أي وهو الذي جعل الخلق أحياء بنفخ الروح فيهم بعد أن لم يكونوا شيئا، ثم يميتهم بعد أن أحياهم، ثم يعيدهم تارة أخرى للثواب والجزاء.
( ٤ )﴿ وله اختلاف الليل والنهار ﴾أي وهو الذي سخر الليل والنهار وجعلهما متعاقبين يطلب كل منهما الآخر طلبا حثيثا، لا يملان ولا يفترقان كما قال :﴿ لا شمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار ﴾[ يس : ٤٠ ]
ثم أنب من ترك النظر في كل هذا قال :
﴿ أفلا تعقلون ﴾أي أفلا تتفكرون في هذه الموجودات، لتعلموا أن هذه صنع الإله العليم القادر على كل شيء، وأن كل شيء خاضع له تحت قبضته دال على وجوده ؟
﴿ بل قالوا مثل ما قال الأولون ( ٨١ ) قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ( ٨٢ ) ولقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين ﴾[ المؤمنون : ٨١- ٨٣ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أدلة التوحيد المبثوثة في الأكوان والأنفس والتي يراها الناس في كل آن، أعقبها بذكر البعث والحشر وإنكار المشركين لهما، وتردادهم مقالة من سبقهم من الكافرين الجاحدين في استبعادهما والتكذيب بحصولهما.
الإيضاح :
﴿ بل قالوا مثل ما قال الأولون ﴾أي ما اعتبر هؤلاء المشركون بآيات الله، ولا تدبروا حججه الدالة على قدرته على فعل كل ما يريد، كإعادة الأجسام بالبعث، وحياتها حياة أخرى للحساب والجزاء، بل قالوا مثل مقالة أسلافهم من الأمم المكذبة لرسلها من قبلهم، تقليدا لهم دون برهان ولا دليل.
﴿ بل قالوا مثل ما قال الأولون ( ٨١ ) قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ( ٨٢ ) ولقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين ﴾[ المؤمنون : ٨١- ٨٣ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أدلة التوحيد المبثوثة في الأكوان والأنفس والتي يراها الناس في كل آن، أعقبها بذكر البعث والحشر وإنكار المشركين لهما، وتردادهم مقالة من سبقهم من الكافرين الجاحدين في استبعادهما والتكذيب بحصولهما.
الإيضاح :
ثم فصل تلك المقالة فقال :
﴿ قالو أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ﴾أي قالوا : أئذا متنا وصرنا ترابا قد بليت أجسامنا، وجردت عظامنا من لحومنا، أئنا لمبعوثون من قبورنا أحياء كهيئتنا قبل الممات ؟ إن هذا لن يكون.
﴿ بل قالوا مثل ما قال الأولون ( ٨١ ) قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ( ٨٢ ) ولقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين ﴾[ المؤمنون : ٨١- ٨٣ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أدلة التوحيد المبثوثة في الأكوان والأنفس والتي يراها الناس في كل آن، أعقبها بذكر البعث والحشر وإنكار المشركين لهما، وتردادهم مقالة من سبقهم من الكافرين الجاحدين في استبعادهما والتكذيب بحصولهما.
تفسير المفردات :
الأساطير : الأكاذيب واحدها أسطورة كأحدوثة وأعجوبة، قاله المبرد وجماعة.
الإيضاح :
ثم أكدوا هذا الإنكار فقالوا :
﴿ لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل ﴾أي قالوا : لقد وعدنا هذا الوعد الذي تعدنا به، ووعد آباؤنا من قبل مثل هذا على أيدي قوم زعموا أنهم رسل الله، ثم لم يوجد ذلك مع طول العهد.
ثم زادوا في تأكيد الإنكار فقالوا :
﴿ إن هذا إلا أساطير الأولين ﴾أي ما هذا الذي تعدنا به من البعث بعد الممات إلا أكاذيب الأولين، قد تلقفناها منهم دون أن يكون لها ظل من الحقيقة، ولا نصيب من الصحة.
ونحو الآية قوله حكاية عنهم :﴿ أئذا كنا عظاما نخرة ( ١١ ) قالوا تلك إذا كرة خاسرة( ١٢ ) فإنما هي زجرة واحدة ( ١٣ ) فإذا هم بالساهرة ﴾[ النازعات : ١١- ١٤ ]وقوله :﴿ أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين ( ٧٧ ) وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم ( ٧٨ ) قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ﴾[ يس : ٧٧- ٧٩ ].
﴿ قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون ( ٨٤ ) سيقولون لله قل أفلا تذكرون ( ٨٥ ) قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ( ٨٦ ) سيقولون لله قل أفلا تتقون ( ٨٧ ) قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ( ٨٨ ) سيقولون لله قل فأنى تسحرون ( ٨٩ ) بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون ﴾[ المؤمنون : ٨٤- ٩٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه شبهات المشركين في أمر البعث والحساب والجزاء وأحوال النشأة الآخرة عقب ذلك بذكر الأدلة التي تثبت تحققه وأنه كائن لا محالة.
الإيضاح :
احتج سبحانه عليهم لإثبات البعث ببرهانات ثلاثة :
( ١ )﴿ قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون ﴾أي قل أيها الرسول لهؤلاء المكذبين بالآخرة من قومك : لمن ملك السماوات والأرض ومن فيها من الخلق، إن كنتم من أهل العلم بذلك ؟
وفي قوله :﴿ إن كنتم تعلمون ﴾استهانة بهم وتوكيد لفرط جهالتهم كما يخفى.
﴿ قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون ( ٨٤ ) سيقولون لله قل أفلا تذكرون ( ٨٥ ) قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ( ٨٦ ) سيقولون لله قل أفلا تتقون ( ٨٧ ) قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ( ٨٨ ) سيقولون لله قل فأنى تسحرون ( ٨٩ ) بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون ﴾[ المؤمنون : ٨٤- ٩٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه شبهات المشركين في أمر البعث والحساب والجزاء وأحوال النشأة الآخرة عقب ذلك بذكر الأدلة التي تثبت تحققه وأنه كائن لا محالة.
الإيضاح :
ولما كانت بداهة العقل وتضطرهم أن يجيبون بأن الخالق لها هو الله أخبر عن الجواب قبل أن يجيبوا فقال :
﴿ سيقولون لله ﴾أي إنهم سيقرون بأنها لله ملكا وخلقا وتدبيرا دون غيره.
ثم أمر رسوله أن يرغبهم في التدبر ليعلموا بطلان ما هم عليه فقال :
﴿ قل أفلا تذكرون ﴾أي قل لهم حين يعترفون بذلك موبخا لهم : أفلا تتدبرون فتعلموا أن من قدر على خلق ذلك ابتداء، فهو قادر على إحيائكم بعد مماتهم، وإعادتهم خلقا جديدا بعد فنائهم.
﴿ قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون ( ٨٤ ) سيقولون لله قل أفلا تذكرون ( ٨٥ ) قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ( ٨٦ ) سيقولون لله قل أفلا تتقون ( ٨٧ ) قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ( ٨٨ ) سيقولون لله قل فأنى تسحرون ( ٨٩ ) بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون ﴾[ المؤمنون : ٨٤- ٩٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه شبهات المشركين في أمر البعث والحساب والجزاء وأحوال النشأة الآخرة عقب ذلك بذكر الأدلة التي تثبت تحققه وأنه كائن لا محالة.
الإيضاح :
( ٢ )﴿ قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ﴾أي قل لهم : من خلق السماوات وخلق العرش المحيط بهن كما قال :﴿ وسع كرسيه السماوات والأرض ﴾[ البقرة : ٢٥٥ ] ومن يدبر أمرهن على هذا الوضع البديع والنظام العجيب، كما قال :﴿ فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها ﴾[ فصلت : ١٢ ].
﴿ قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون ( ٨٤ ) سيقولون لله قل أفلا تذكرون ( ٨٥ ) قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ( ٨٦ ) سيقولون لله قل أفلا تتقون ( ٨٧ ) قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ( ٨٨ ) سيقولون لله قل فأنى تسحرون ( ٨٩ ) بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون ﴾[ المؤمنون : ٨٤- ٩٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه شبهات المشركين في أمر البعث والحساب والجزاء وأحوال النشأة الآخرة عقب ذلك بذكر الأدلة التي تثبت تحققه وأنه كائن لا محالة.
تفسير المفردات :
تتقون : أي تحذرون عقابه.
الإيضاح :
ثم أخبر عن الجواب قبل أن يجيبوا فقال :
﴿ سيقولون لله ﴾الذي له كل شيء وهو رب ذلك، ليس لهم جواب غيره ولما تأكد الأمر وزاد وضوحا حسن التهديد فقال :
﴿ قل أفلا تتقون ﴾أي قل لهم منكرا وموبخا : أتعلمون ذلك ولا تقون أنفسكم عقاب ربكم، فتنكروا ما أخبر به من البعث ؟
﴿ قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون ( ٨٤ ) سيقولون لله قل أفلا تذكرون ( ٨٥ ) قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ( ٨٦ ) سيقولون لله قل أفلا تتقون ( ٨٧ ) قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ( ٨٨ ) سيقولون لله قل فأنى تسحرون ( ٨٩ ) بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون ﴾[ المؤمنون : ٨٤- ٩٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه شبهات المشركين في أمر البعث والحساب والجزاء وأحوال النشأة الآخرة عقب ذلك بذكر الأدلة التي تثبت تحققه وأنه كائن لا محالة.
تفسير المفردات :
الملكوت : الملك والتدبير. يجير : أي يغيث، من قولهم أجرت فلانا من فلان إذا أنقذته منه. و لا يجار عليه : أي لا يعين أحد منه أحدا.
الإيضاح :
وبعد أن قررهم بأن العالمين العلوي والسفلي ملك له تعالى أمره أن يقررهم بأن له تدبير شؤونهما وتدبير كل شيء فقال :
( ٣ )﴿ قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ﴾أي قل لهم : من المالك لكل شيء ؟ والمدبر لكل شيء ؟ وفي قبضته وتحت سلطانه وتصرفه كل شيء ؟ وهو يغيث من يشاء فيكون في حرز لا يقدر أحد على الدنو منه، ولا يغاث أحد ولا يمنع منه، لأنه ليس في العوالم كلها ما هو خارج من قبضته.
والخلاصة : إنه المدبر لنظام العالم جميعه، وهو الذي يغيث من شاء، ولا يستطيع أحد أن يغيث منه.
﴿ قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون ( ٨٤ ) سيقولون لله قل أفلا تذكرون ( ٨٥ ) قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ( ٨٦ ) سيقولون لله قل أفلا تتقون ( ٨٧ ) قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ( ٨٨ ) سيقولون لله قل فأنى تسحرون ( ٨٩ ) بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون ﴾[ المؤمنون : ٨٤- ٩٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه شبهات المشركين في أمر البعث والحساب والجزاء وأحوال النشأة الآخرة عقب ذلك بذكر الأدلة التي تثبت تحققه وأنه كائن لا محالة.
تفسير المفردات :
تسحرون : أي تخدعون وتصرفون عن الرشد.
الإيضاح :
ثم أجاب عن هذا السؤال قبل أن يجيبوا فقال :
﴿ سيقولون لله ﴾الذي بيده ذلك دون غيره.
﴿ قل فأنى تسحرون ﴾أي قل لهم على طريق الاستهجان والتوبيخ : كيف تخدعون وتصرفون عن توحيد الله وطاعته ؟ فأنتم بعبادة الأصنام أو بعض البشر قد سحرت عقولكم كأنما غابت عن رشدها، واعتراها الذهول، فتصورت الأشياء على غير ما هي عليها.
وقد ثبت بالتجربة أن تكرار الكلام يخدع العقول والحواس حتى تتخيل غير الحق حقا، وتتوهم صدق ما يقال وإن كان باطلا، ومن ثم كثرت المذاهب الإسلامية وابتدع الرؤساء الدينيون والسياسيون من الأساليب ما خدعوا به عقول الشعوب في دينهم ودنياهم.
والخلاصة : إن الكتاب الكريم عبر عن انصراف المشركين عن الحقائق الملموسة إلى ما لا أصل له إلا في أوهامهم وخيالاتهم بالسحر، فإن قوما ما يعترفون بإله خالق للسماوات والأرض بل للعالم كله، ثم هم بعد ذلك يقولون إن له شريكا، ليس له من سر إلا أن العقول قد سحرت عن أن تفهم الحقائق، وعولت على الاقتناع بالترهات والأباطيل.
﴿ قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون ( ٨٤ ) سيقولون لله قل أفلا تذكرون ( ٨٥ ) قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ( ٨٦ ) سيقولون لله قل أفلا تتقون ( ٨٧ ) قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ( ٨٨ ) سيقولون لله قل فأنى تسحرون ( ٨٩ ) بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون ﴾[ المؤمنون : ٨٤- ٩٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه شبهات المشركين في أمر البعث والحساب والجزاء وأحوال النشأة الآخرة عقب ذلك بذكر الأدلة التي تثبت تحققه وأنه كائن لا محالة.
الإيضاح :
﴿ بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون ﴾أي ليس الأمر كما يزعم هؤلاء المشركون من قولهم :
﴿ إن هذا إلا أساطير الأولين ﴾، بل جئناهم فيه بالدين الحق الذي فيه سعادة البشر، وإنهم لكاذبون في إنكار ذلك، لأن عقولهم قد سحرت بخدع الآباء، وتكرار القول، وحكم العادة، وهي طبيعة ثانية.
﴿ ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق و لعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون ( ٩١ ) عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون ﴾[ ٩١- ٩٢ ].
المعنى الجملي : بعد أن بين سبحانه أن المشركين كاذبون في إنكار البعث والجزاء، وفي مقالتهم : إن القرآن أساطير الأولين، قفى على ذلك ببيان أنهم كاذبون في أمرين آخرين : اتخاذ الله للولد، وإثبات الشريك له.
الإيضاح :
نفى سبحانه عن نفسه شيئين :
( ١ )﴿ ما اتخذ الله ولد ﴾أي ليس له ولد كما زعم قوم من المشركين حين قالوا : الملائكة بنات الله، وكيف يكون له ذلك، ولا مثل له ولا ند، والولد إنما يتخذ للحاجة إلى النصير والمعين، والله غني عن كل شيء.
( ٢ )﴿ وما كان معه من إله ﴾يشركه في الألوهية، لا قبل خلق العالم ولا حين خلقه له ولا بعد خلقه.
ثم ذكر دليلين على بطلان تعدد الآلهة فقال :
( أ )﴿ إذا لذهب كل إله بما خلق ﴾أي لو قدر تعدد الآلهة لانفرد كل منهم بما خلق، إذ لكل صانع ضرب من الصنعة يغاير صنعة سواه، فكان يحصل التباين في نظم الخلق والإيجاد، ويوجد الاختلاف بين المخلوقات المتحدة الأنواع فلا ينتظم الكون، والمشاهد أنه منتظم متسق، وهو الغاية في الكمال كما قال :﴿ ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت ﴾[ الملك : ٣ ].
( ب )﴿ ولعلا بعضهم على بعض ﴾أي ولكان لكل منهم أن يطلب قهر الآخر وغلبته، فيعلو يعضهم على بعض كما هو حال ملوك الدنيا، وإذا لم تروا أثرا للتحارب و التغالب فاعلموا أنه إله واحد بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون.
وبعد أن وضح الحق وصار كفلق الصبح بما هو كالنتيجة لذلك فقال :
﴿ سبحان الله عما يصفون ﴾أي تنزه ربنا وتقدس عما يقوله الكافرون من أن له ولدا أو شريكا.
﴿ ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق و لعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون ( ٩١ ) عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون ﴾[ ٩١- ٩٢ ].
المعنى الجملي : بعد أن بين سبحانه أن المشركين كاذبون في إنكار البعث والجزاء، وفي مقالتهم : إن القرآن أساطير الأولين، قفى على ذلك ببيان أنهم كاذبون في أمرين آخرين : اتخاذ الله للولد، وإثبات الشريك له.
الإيضاح :
ثم وصف نفسه بصفات الكمال فقال :
﴿ عالم الغيب والشهادة ﴾أي هو العالم بما غاب عن خلقه من الأشياء فلا يرونه ولا يشاهدونه، وبما يرونه ويبصرونه، والمراد أن الذين قالوا بالولد والشريك مخطئون فيما قالوا، فإنهم يقولون عن غير علم، وأن الذي يعلم الأشياء شاهدها و غائبها ولا تخفى عليه خافية من أمرهما قد نفى ذلك، فخبره هو الحق دون خبرهم.
﴿ فتعالى عما يشركون ﴾أي تقدس عما يقول الجاحدون الظالمون.
﴿ قل رب إما تريني ما يوعدون ( ٩٣ ) رب فلا تجعلني في القوم الظالمين ( ٩٤ ) وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ( ٩٥ ) ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون ( ٩٦ ) وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ( ٩٧ ) وأعوذ بك رب أن يحضرون ( ٩٨ ) حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ( ٩٩ ) لعلى أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ﴾[ المؤمنون : ٩٣- ١٠٠ ]
المعنى الجملي : بعد أن ذكر اسمه ما لهم من مقالات السوء، كإنكار البعث والجزاء واتخاذ الولد، ووصف الله بما لا يليق به، وكان كل هذا ما يدعو إلى استئصالهم وأخذهم بالعذاب، أمر رسوله أن يدعوه بألا يجعله قرينا لهم فيما يحيق بهم من العذاب، ثم ذكر أنه قدير على أن يعجل لهم العذاب، ولكنه أخره ليوم معلوم، ثم أرشده إلى الترياق النافع في مخالطة الناس، وهو إحسان المرء إلى من يسيء إليه حتى تعود عداوته صداقة، وعنفه لينا.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان
ثم أمره أن يستعيذ من حيل الشياطين وأن يحضروه في أي عمل من أعماله، ولا يكون كالكافرين الذين قبلوا همزها وأطاعوا وسوستها، حتى إذا ما حان وقت الاحتضار تمنوا أن يعودوا إلى الدنيا ليعملوا صالحا، وإنه لا يسمع لمثل هؤلاء دعاء، فإنه لا رجعة لهم بعد هذا، وأمامهم حاجز يحول بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا إلى يوم البعث.
الإيضاح :
﴿ قل رب إما تريني ما يوعدون * رب فلا تجعلني في القوم الظالمين ﴾أي قل رب إن عاقبتهم وأنا مشاهد ذلك فلا تجعلني فيهم، ولا تهلكني بما تهلكهم به، ونجني من عذابك وسخطك، واجعلني ممن رضيت عنهم من أوليائك.
وفي أمره بذلك إيماء إلى أن العذاب قد يلحق غير من هو أهل له كما قال :﴿ واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ﴾[ الأنفال : ٢٥ ].
روى الإمام أحمد والترمذي أن النبي ( ص ) كان يدعو :" وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون ".
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٣:﴿ قل رب إما تريني ما يوعدون ( ٩٣ ) رب فلا تجعلني في القوم الظالمين ( ٩٤ ) وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ( ٩٥ ) ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون ( ٩٦ ) وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ( ٩٧ ) وأعوذ بك رب أن يحضرون ( ٩٨ ) حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ( ٩٩ ) لعلى أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ﴾[ المؤمنون : ٩٣- ١٠٠ ]
المعنى الجملي : بعد أن ذكر اسمه ما لهم من مقالات السوء، كإنكار البعث والجزاء واتخاذ الولد، ووصف الله بما لا يليق به، وكان كل هذا ما يدعو إلى استئصالهم وأخذهم بالعذاب، أمر رسوله أن يدعوه بألا يجعله قرينا لهم فيما يحيق بهم من العذاب، ثم ذكر أنه قدير على أن يعجل لهم العذاب، ولكنه أخره ليوم معلوم، ثم أرشده إلى الترياق النافع في مخالطة الناس، وهو إحسان المرء إلى من يسيء إليه حتى تعود عداوته صداقة، وعنفه لينا.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان
ثم أمره أن يستعيذ من حيل الشياطين وأن يحضروه في أي عمل من أعماله، ولا يكون كالكافرين الذين قبلوا همزها وأطاعوا وسوستها، حتى إذا ما حان وقت الاحتضار تمنوا أن يعودوا إلى الدنيا ليعملوا صالحا، وإنه لا يسمع لمثل هؤلاء دعاء، فإنه لا رجعة لهم بعد هذا، وأمامهم حاجز يحول بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا إلى يوم البعث.

الإيضاح :

﴿ قل رب إما تريني ما يوعدون * رب فلا تجعلني في القوم الظالمين ﴾أي قل رب إن عاقبتهم وأنا مشاهد ذلك فلا تجعلني فيهم، ولا تهلكني بما تهلكهم به، ونجني من عذابك وسخطك، واجعلني ممن رضيت عنهم من أوليائك.
وفي أمره بذلك إيماء إلى أن العذاب قد يلحق غير من هو أهل له كما قال :﴿ واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ﴾[ الأنفال : ٢٥ ].
روى الإمام أحمد والترمذي أن النبي ( ص ) كان يدعو :" وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون ".

﴿ قل رب إما تريني ما يوعدون ( ٩٣ ) رب فلا تجعلني في القوم الظالمين ( ٩٤ ) وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ( ٩٥ ) ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون ( ٩٦ ) وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ( ٩٧ ) وأعوذ بك رب أن يحضرون ( ٩٨ ) حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ( ٩٩ ) لعلى أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ﴾[ المؤمنون : ٩٣- ١٠٠ ]
المعنى الجملي : بعد أن ذكر اسمه ما لهم من مقالات السوء، كإنكار البعث والجزاء واتخاذ الولد، ووصف الله بما لا يليق به، وكان كل هذا ما يدعو إلى استئصالهم وأخذهم بالعذاب، أمر رسوله أن يدعوه بألا يجعله قرينا لهم فيما يحيق بهم من العذاب، ثم ذكر أنه قدير على أن يعجل لهم العذاب، ولكنه أخره ليوم معلوم، ثم أرشده إلى الترياق النافع في مخالطة الناس، وهو إحسان المرء إلى من يسيء إليه حتى تعود عداوته صداقة، وعنفه لينا.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان
ثم أمره أن يستعيذ من حيل الشياطين وأن يحضروه في أي عمل من أعماله، ولا يكون كالكافرين الذين قبلوا همزها وأطاعوا وسوستها، حتى إذا ما حان وقت الاحتضار تمنوا أن يعودوا إلى الدنيا ليعملوا صالحا، وإنه لا يسمع لمثل هؤلاء دعاء، فإنه لا رجعة لهم بعد هذا، وأمامهم حاجز يحول بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا إلى يوم البعث.
الإيضاح :
﴿ وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ﴾أي و إنا أيها الرسول لقادرون على أن نريك ما ننزله بهم من العذاب، فلا يحز ننك تكذيبهم بك، وإنما تؤخره حتى يبلغ الكتاب أجله، علما منا أن بعضهم أو بعض أعقابهم سيؤمن، ومن جراء ذلك لا نستأصلهم ولا نمحو آثارهم.
﴿ قل رب إما تريني ما يوعدون ( ٩٣ ) رب فلا تجعلني في القوم الظالمين ( ٩٤ ) وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ( ٩٥ ) ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون ( ٩٦ ) وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ( ٩٧ ) وأعوذ بك رب أن يحضرون ( ٩٨ ) حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ( ٩٩ ) لعلى أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ﴾[ المؤمنون : ٩٣- ١٠٠ ]
المعنى الجملي : بعد أن ذكر اسمه ما لهم من مقالات السوء، كإنكار البعث والجزاء واتخاذ الولد، ووصف الله بما لا يليق به، وكان كل هذا ما يدعو إلى استئصالهم وأخذهم بالعذاب، أمر رسوله أن يدعوه بألا يجعله قرينا لهم فيما يحيق بهم من العذاب، ثم ذكر أنه قدير على أن يعجل لهم العذاب، ولكنه أخره ليوم معلوم، ثم أرشده إلى الترياق النافع في مخالطة الناس، وهو إحسان المرء إلى من يسيء إليه حتى تعود عداوته صداقة، وعنفه لينا.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان
ثم أمره أن يستعيذ من حيل الشياطين وأن يحضروه في أي عمل من أعماله، ولا يكون كالكافرين الذين قبلوا همزها وأطاعوا وسوستها، حتى إذا ما حان وقت الاحتضار تمنوا أن يعودوا إلى الدنيا ليعملوا صالحا، وإنه لا يسمع لمثل هؤلاء دعاء، فإنه لا رجعة لهم بعد هذا، وأمامهم حاجز يحول بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا إلى يوم البعث.
الإيضاح :
﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون ﴾أي ادفع الأذى عنك بالخصلة التي هي أحسن، بالإغضاء والصفح عن جهلهم والصبر على أذاهم وتكذيبهم بما أتيتهم به من عند ربك، ونحن أعلم بما يصفوننا به، وينحلونه إيانا من الاختلاق والأكاذيب، وبما يقولون فيك من السوء وهجر القول ومجازوهم على ما يقولون، فلا يحزنك ذلك، واصبر صبرا جميلا.
ونحو الآية قوله :﴿ ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم ﴾[ فصلت : ٣٤ ]
روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال في الآية :" يقول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول له : إن كنت كاذبا فإني أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقا فإني أسأل الله أن يغفر لي ".
﴿ قل رب إما تريني ما يوعدون ( ٩٣ ) رب فلا تجعلني في القوم الظالمين ( ٩٤ ) وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ( ٩٥ ) ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون ( ٩٦ ) وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ( ٩٧ ) وأعوذ بك رب أن يحضرون ( ٩٨ ) حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ( ٩٩ ) لعلى أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ﴾[ المؤمنون : ٩٣- ١٠٠ ]
المعنى الجملي : بعد أن ذكر اسمه ما لهم من مقالات السوء، كإنكار البعث والجزاء واتخاذ الولد، ووصف الله بما لا يليق به، وكان كل هذا ما يدعو إلى استئصالهم وأخذهم بالعذاب، أمر رسوله أن يدعوه بألا يجعله قرينا لهم فيما يحيق بهم من العذاب، ثم ذكر أنه قدير على أن يعجل لهم العذاب، ولكنه أخره ليوم معلوم، ثم أرشده إلى الترياق النافع في مخالطة الناس، وهو إحسان المرء إلى من يسيء إليه حتى تعود عداوته صداقة، وعنفه لينا.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان
ثم أمره أن يستعيذ من حيل الشياطين وأن يحضروه في أي عمل من أعماله، ولا يكون كالكافرين الذين قبلوا همزها وأطاعوا وسوستها، حتى إذا ما حان وقت الاحتضار تمنوا أن يعودوا إلى الدنيا ليعملوا صالحا، وإنه لا يسمع لمثل هؤلاء دعاء، فإنه لا رجعة لهم بعد هذا، وأمامهم حاجز يحول بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا إلى يوم البعث.
تفسير المفردات :
الهمزات : الوساوس المغرية بمخالفة ما أمرنا به، واحدها همزة، وأصل الهمز النخس والدفع بيد أو غيرها، ومنه مهماز الرائض : حديدة توضع في مؤخر الرحل ينحس بها الدابة لتسرع.
الإيضاح :
ولما أدب سبحانه رسوله ( ص ) بأن يدفع بالحسنى أرشده إلى ما به يقوى على ذلك فقال :
﴿ وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك رب أن يحضرون ﴾أي وقل : رب إني ألتجىء إليك من أن يصل إلي الشياطين بوساوسهم، أو أن يبعثوا إلي أعداءك لإيذائي، وهكذا يدعو المؤمنون فإن الشيطان لا يصل إليهم إلا بأحد هذين الأمرين.
وإذا انقطع العبد إلى مولاه وتبتل إليه وسأله أن يعيذه من الشياطين استيقظ قلبه، وتذكر ربه قيما يأتي ويذر، ودعاه ذلك إلى التمسك بالطاعة، وازدجر عن المعصية.
وقد استعاذ ( ص ) أن تحضره الشياطين في عمل من أعماله ولا سيما حين الصلاة وقراءة القرآن وحلول الأجل.
أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والبيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان رسول الله ( ص ) يعلمنا كلمات نقولها عند النوم خوف الفزع :" بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ". قال : فكان ابن عمرو يعلمها من بلغ من أولاده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعلقها في عنقه.
وأخرج احمد عن الوليد بن الوليد أنه قال : يا رسول الله إني أجد وحشة، قال :" إذا أخذت مضجعك فقل : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يحضرك و بالحري لا يضرك ".
وروى أبو داود أن رسول الله ( ص ) كان يقول :" اللهم إني أعوذ بك من الهزم، وأعوذ بك من الهدم، ومن الغرق، وأعوذ بك أن تتخبطني الشياطين عند الموت ".
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٧:﴿ قل رب إما تريني ما يوعدون ( ٩٣ ) رب فلا تجعلني في القوم الظالمين ( ٩٤ ) وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ( ٩٥ ) ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون ( ٩٦ ) وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ( ٩٧ ) وأعوذ بك رب أن يحضرون ( ٩٨ ) حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ( ٩٩ ) لعلى أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ﴾[ المؤمنون : ٩٣- ١٠٠ ]
المعنى الجملي : بعد أن ذكر اسمه ما لهم من مقالات السوء، كإنكار البعث والجزاء واتخاذ الولد، ووصف الله بما لا يليق به، وكان كل هذا ما يدعو إلى استئصالهم وأخذهم بالعذاب، أمر رسوله أن يدعوه بألا يجعله قرينا لهم فيما يحيق بهم من العذاب، ثم ذكر أنه قدير على أن يعجل لهم العذاب، ولكنه أخره ليوم معلوم، ثم أرشده إلى الترياق النافع في مخالطة الناس، وهو إحسان المرء إلى من يسيء إليه حتى تعود عداوته صداقة، وعنفه لينا.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان
ثم أمره أن يستعيذ من حيل الشياطين وأن يحضروه في أي عمل من أعماله، ولا يكون كالكافرين الذين قبلوا همزها وأطاعوا وسوستها، حتى إذا ما حان وقت الاحتضار تمنوا أن يعودوا إلى الدنيا ليعملوا صالحا، وإنه لا يسمع لمثل هؤلاء دعاء، فإنه لا رجعة لهم بعد هذا، وأمامهم حاجز يحول بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا إلى يوم البعث.

تفسير المفردات :

الهمزات : الوساوس المغرية بمخالفة ما أمرنا به، واحدها همزة، وأصل الهمز النخس والدفع بيد أو غيرها، ومنه مهماز الرائض : حديدة توضع في مؤخر الرحل ينحس بها الدابة لتسرع.

الإيضاح :

ولما أدب سبحانه رسوله ( ص ) بأن يدفع بالحسنى أرشده إلى ما به يقوى على ذلك فقال :
﴿ وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك رب أن يحضرون ﴾أي وقل : رب إني ألتجىء إليك من أن يصل إلي الشياطين بوساوسهم، أو أن يبعثوا إلي أعداءك لإيذائي، وهكذا يدعو المؤمنون فإن الشيطان لا يصل إليهم إلا بأحد هذين الأمرين.
وإذا انقطع العبد إلى مولاه وتبتل إليه وسأله أن يعيذه من الشياطين استيقظ قلبه، وتذكر ربه قيما يأتي ويذر، ودعاه ذلك إلى التمسك بالطاعة، وازدجر عن المعصية.
وقد استعاذ ( ص ) أن تحضره الشياطين في عمل من أعماله ولا سيما حين الصلاة وقراءة القرآن وحلول الأجل.
أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والبيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان رسول الله ( ص ) يعلمنا كلمات نقولها عند النوم خوف الفزع :" بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ". قال : فكان ابن عمرو يعلمها من بلغ من أولاده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعلقها في عنقه.
وأخرج احمد عن الوليد بن الوليد أنه قال : يا رسول الله إني أجد وحشة، قال :" إذا أخذت مضجعك فقل : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يحضرك و بالحري لا يضرك ".
وروى أبو داود أن رسول الله ( ص ) كان يقول :" اللهم إني أعوذ بك من الهزم، وأعوذ بك من الهدم، ومن الغرق، وأعوذ بك أن تتخبطني الشياطين عند الموت ".

﴿ قل رب إما تريني ما يوعدون ( ٩٣ ) رب فلا تجعلني في القوم الظالمين ( ٩٤ ) وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ( ٩٥ ) ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون ( ٩٦ ) وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ( ٩٧ ) وأعوذ بك رب أن يحضرون ( ٩٨ ) حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ( ٩٩ ) لعلى أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ﴾[ المؤمنون : ٩٣- ١٠٠ ]
المعنى الجملي : بعد أن ذكر اسمه ما لهم من مقالات السوء، كإنكار البعث والجزاء واتخاذ الولد، ووصف الله بما لا يليق به، وكان كل هذا ما يدعو إلى استئصالهم وأخذهم بالعذاب، أمر رسوله أن يدعوه بألا يجعله قرينا لهم فيما يحيق بهم من العذاب، ثم ذكر أنه قدير على أن يعجل لهم العذاب، ولكنه أخره ليوم معلوم، ثم أرشده إلى الترياق النافع في مخالطة الناس، وهو إحسان المرء إلى من يسيء إليه حتى تعود عداوته صداقة، وعنفه لينا.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان
ثم أمره أن يستعيذ من حيل الشياطين وأن يحضروه في أي عمل من أعماله، ولا يكون كالكافرين الذين قبلوا همزها وأطاعوا وسوستها، حتى إذا ما حان وقت الاحتضار تمنوا أن يعودوا إلى الدنيا ليعملوا صالحا، وإنه لا يسمع لمثل هؤلاء دعاء، فإنه لا رجعة لهم بعد هذا، وأمامهم حاجز يحول بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا إلى يوم البعث.
الإيضاح :
ثم أخبر عما يقوله الكافرون حين معاينة الموت من سؤال الرجعة إلى الدنيا ليصلحوا ما كانوا قد أفسدوا حال حياتهم فقال :
﴿ حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعوني * لعلي أعمل صالحا فيما تركت ﴾أي ولا يزال الكافر يجترح السيئات ولا يبالي بما يأتي وما يذر من الآثام والأوزار، حتى إذا جاءه الموت وعاين ما هو قادم عليه من عذاب الله ندم على ما فات، وأسف على ما فرط في جنب الله وقال : رب ارجعني إلى الدنيا لأعمل صالحا فيما قصرت فيه من عبادتك وحقوق خلقك.
وخلاصة ذلك : إنه حين الاحتضار يعاين ما هو مقبل عليه من العذاب فيتمنى أن يرجع إلى الدنيا، ليصلح ما أفسد، ويطيع فيما عصى.
ونحو الآية قوله :﴿ ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ﴾[ السجدة : ١٢ ] وقوله :﴿ ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ﴾[ الأنعام : ٢٧ ] وقوله :﴿ وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل ﴾[ الشورى : ٤٤ ] وقوله :﴿ وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير ﴾[ فاطر : ٣٧ ]
ومن كل هذا تعلم أنهم يطلبون الرجعة حين الاحتضار، وحين النشور، وحين العرض على الملك الجبار، وحين يعرضون على النار وهم في غمرات جهنم، فلا يجابون إليها في كل حال.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٩:﴿ قل رب إما تريني ما يوعدون ( ٩٣ ) رب فلا تجعلني في القوم الظالمين ( ٩٤ ) وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ( ٩٥ ) ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون ( ٩٦ ) وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ( ٩٧ ) وأعوذ بك رب أن يحضرون ( ٩٨ ) حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ( ٩٩ ) لعلى أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ﴾[ المؤمنون : ٩٣- ١٠٠ ]
المعنى الجملي : بعد أن ذكر اسمه ما لهم من مقالات السوء، كإنكار البعث والجزاء واتخاذ الولد، ووصف الله بما لا يليق به، وكان كل هذا ما يدعو إلى استئصالهم وأخذهم بالعذاب، أمر رسوله أن يدعوه بألا يجعله قرينا لهم فيما يحيق بهم من العذاب، ثم ذكر أنه قدير على أن يعجل لهم العذاب، ولكنه أخره ليوم معلوم، ثم أرشده إلى الترياق النافع في مخالطة الناس، وهو إحسان المرء إلى من يسيء إليه حتى تعود عداوته صداقة، وعنفه لينا.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان
ثم أمره أن يستعيذ من حيل الشياطين وأن يحضروه في أي عمل من أعماله، ولا يكون كالكافرين الذين قبلوا همزها وأطاعوا وسوستها، حتى إذا ما حان وقت الاحتضار تمنوا أن يعودوا إلى الدنيا ليعملوا صالحا، وإنه لا يسمع لمثل هؤلاء دعاء، فإنه لا رجعة لهم بعد هذا، وأمامهم حاجز يحول بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا إلى يوم البعث.

الإيضاح :

ثم أخبر عما يقوله الكافرون حين معاينة الموت من سؤال الرجعة إلى الدنيا ليصلحوا ما كانوا قد أفسدوا حال حياتهم فقال :
﴿ حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعوني * لعلي أعمل صالحا فيما تركت ﴾أي ولا يزال الكافر يجترح السيئات ولا يبالي بما يأتي وما يذر من الآثام والأوزار، حتى إذا جاءه الموت وعاين ما هو قادم عليه من عذاب الله ندم على ما فات، وأسف على ما فرط في جنب الله وقال : رب ارجعني إلى الدنيا لأعمل صالحا فيما قصرت فيه من عبادتك وحقوق خلقك.
وخلاصة ذلك : إنه حين الاحتضار يعاين ما هو مقبل عليه من العذاب فيتمنى أن يرجع إلى الدنيا، ليصلح ما أفسد، ويطيع فيما عصى.
ونحو الآية قوله :﴿ ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ﴾[ السجدة : ١٢ ] وقوله :﴿ ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ﴾[ الأنعام : ٢٧ ] وقوله :﴿ وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل ﴾[ الشورى : ٤٤ ] وقوله :﴿ وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير ﴾[ فاطر : ٣٧ ]
ومن كل هذا تعلم أنهم يطلبون الرجعة حين الاحتضار، وحين النشور، وحين العرض على الملك الجبار، وحين يعرضون على النار وهم في غمرات جهنم، فلا يجابون إليها في كل حال.


تفسير المفردات :
كلا : كلمة تستعمل للردع والزجر عن حصول ما يطلب. من ورائهم : من أمامهم. برزخ : أي حاجز بينهم وبين الرجعة.
الإيضاح :
﴿ كلا إنها كلمة هو قائلها ﴾أي إنا لا نجيبه إلى ما طلب، لأنه طلبه الرد ليعمل صالحا هو قول فحسب ولا عمل معه وهو كاذب فيه، فلو رد لما عمل كما قال :﴿ ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ﴾[ الأنعام : ٢٨ ].
﴿ ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ﴾أي ومن أمامهم حاجز يحول بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا إلى يوم القيامة.
وفي هذا تيئيس لهم من الرجوع أبدا، لأنهم إذا لم يرجعوا قبل يوم القيامة، فهم بعدها لا يرجعون أبدا، لما علم أنه لا رجعة بعد البعث إلا إلى الآخرة.
﴿ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم بومئذ ولا يتساءلون ( ١٠١ ) فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ( ١٠٢ ) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ( ١٠٣ ) تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ( ١٠٤ ) ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ( ١٠٥ ) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ( ١٠٦ ) ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ( ١٠٧ ) قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ( ١٠٨ ) إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ( ١٠٩ ) فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ( ١١٠ ) إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون ﴾[ المؤمنون : ١٠١- ١١١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أن وراء الرجوع إلى الدنيا حاجزا إلى يوم القيامة، أعقب ذلك بذكر أحوال هذا اليوم، فبين أنه عند البعث وإعادة الأرواح في الأجسام لا تنفع الأحساب، ولا يسأل القريب قريبه وهو يبصره، وأن من رجحت حسناته على سيئاته فاز ونجى من النار دخل الجنة، ومن ثقلت سيئاته على حسناته خاب وهلك وأدخل النار خالدا فيها أبدا وكان عابس الوجه متقلص الشفتين من شدة الاحتراق، وأنه يقال لأهل النار توبيخا لهم على ما ارتكبوا من الكفر والآثام، ألستم قد أرسلت إليكم الرسل، وأنزلت عليكم الكتب ؟ فيقولون بلى، ولكنا لم ننقد لها ولم نتبعها فضللنا، ربنا ارددنا إلى دار الدنيا، فإن نحن عدنا فإنا ظالمون مستحقون العقوبة، فيجيبهم ربهم : امكثوا في النار صاغرين أذلاء ولا تعودوا إلى سؤالكم هذا، إنكم كنتم تستهزئون بعبادي المؤمنين وكنتم منهم تضحكون، إنهم اليوم هم الفائزون جزاء صبرهم على أذاكم واستهزائكم بهم.
تفسير المفردات :
الصور : واحدها صورة نحو بسر وبسرة : أي نفخت في الأجساد أرواحها. ولا يتساءلون : أي لا يسأل بعضهم بعضا.
الإيضاح :
﴿ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ﴾أي فإذا أعيدت الأرواح إلى الأجساد حين البعث والنشور، لا تنفعهم الأنساب، لان التعاطف يزول، والود يختفي، لاستيلاء الدهشة والحيرة عليهم، واشتغال كل امرىء بنفسه كما جاء في قوله :﴿ يوم يفر المرء من أخيه ( ٣٤ ) وأمه وأبيه ( ٣٥ ) وصاحبته و بنيه ﴾[ عيس : ٣٤- ٣٦ ].
﴿ ولا يتساءلون ﴾ أي ولا يسأل القريب قريبه وهو يبصره، لاشتغاله بأمر نفسه كما قال :﴿ ولا يسأل حميم حميما ﴾[ المعا رج : ١٠ ] وما جاء في بعض الآيات من إثبات التساؤل بينهم كقوله :﴿ فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ﴾[ الصافات : ٥٠ ] فإنما هو عند القرار في الجنة أو النار.
﴿ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم بومئذ ولا يتساءلون ( ١٠١ ) فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ( ١٠٢ ) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ( ١٠٣ ) تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ( ١٠٤ ) ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ( ١٠٥ ) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ( ١٠٦ ) ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ( ١٠٧ ) قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ( ١٠٨ ) إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ( ١٠٩ ) فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ( ١١٠ ) إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون ﴾[ المؤمنون : ١٠١- ١١١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أن وراء الرجوع إلى الدنيا حاجزا إلى يوم القيامة، أعقب ذلك بذكر أحوال هذا اليوم، فبين أنه عند البعث وإعادة الأرواح في الأجسام لا تنفع الأحساب، ولا يسأل القريب قريبه وهو يبصره، وأن من رجحت حسناته على سيئاته فاز ونجى من النار دخل الجنة، ومن ثقلت سيئاته على حسناته خاب وهلك وأدخل النار خالدا فيها أبدا وكان عابس الوجه متقلص الشفتين من شدة الاحتراق، وأنه يقال لأهل النار توبيخا لهم على ما ارتكبوا من الكفر والآثام، ألستم قد أرسلت إليكم الرسل، وأنزلت عليكم الكتب ؟ فيقولون بلى، ولكنا لم ننقد لها ولم نتبعها فضللنا، ربنا ارددنا إلى دار الدنيا، فإن نحن عدنا فإنا ظالمون مستحقون العقوبة، فيجيبهم ربهم : امكثوا في النار صاغرين أذلاء ولا تعودوا إلى سؤالكم هذا، إنكم كنتم تستهزئون بعبادي المؤمنين وكنتم منهم تضحكون، إنهم اليوم هم الفائزون جزاء صبرهم على أذاكم واستهزائكم بهم.
تفسير المفردات :
موازينه : أي موزونا ته وهي حسناته. المفلحون : أي الفائزون.
الإيضاح :
ثم شرع يبين أحوال السعداء وأحوال الأشقياء حينئذ فقال :
﴿ فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ﴾أي فمن رجحت موزونات أخلاقه وأعماله فأولئك هم الفائزون بكل مطلوب، والحائزون لكل مرغوب.
﴿ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم بومئذ ولا يتساءلون ( ١٠١ ) فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ( ١٠٢ ) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ( ١٠٣ ) تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ( ١٠٤ ) ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ( ١٠٥ ) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ( ١٠٦ ) ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ( ١٠٧ ) قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ( ١٠٨ ) إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ( ١٠٩ ) فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ( ١١٠ ) إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون ﴾[ المؤمنون : ١٠١- ١١١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أن وراء الرجوع إلى الدنيا حاجزا إلى يوم القيامة، أعقب ذلك بذكر أحوال هذا اليوم، فبين أنه عند البعث وإعادة الأرواح في الأجسام لا تنفع الأحساب، ولا يسأل القريب قريبه وهو يبصره، وأن من رجحت حسناته على سيئاته فاز ونجى من النار دخل الجنة، ومن ثقلت سيئاته على حسناته خاب وهلك وأدخل النار خالدا فيها أبدا وكان عابس الوجه متقلص الشفتين من شدة الاحتراق، وأنه يقال لأهل النار توبيخا لهم على ما ارتكبوا من الكفر والآثام، ألستم قد أرسلت إليكم الرسل، وأنزلت عليكم الكتب ؟ فيقولون بلى، ولكنا لم ننقد لها ولم نتبعها فضللنا، ربنا ارددنا إلى دار الدنيا، فإن نحن عدنا فإنا ظالمون مستحقون العقوبة، فيجيبهم ربهم : امكثوا في النار صاغرين أذلاء ولا تعودوا إلى سؤالكم هذا، إنكم كنتم تستهزئون بعبادي المؤمنين وكنتم منهم تضحكون، إنهم اليوم هم الفائزون جزاء صبرهم على أذاكم واستهزائكم بهم.
تفسير المفردات :
خسروا أنفسهم : أي غبنوها.
الإيضاح :
﴿ ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم ﴾أي ومن ثقلت سيئاته على حسناته فأولئك الذين خابوا وآبوا بالصفقة الخاسرة، إذ هم دسوا أنفسهم باسترسالهم في الشهوات وفعل الموبقات.
﴿ في جهنم خالدون ﴾أي مآلهم أن يمكثوا في جهنم لا يخرجون منها أبدا.
﴿ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم بومئذ ولا يتساءلون ( ١٠١ ) فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ( ١٠٢ ) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ( ١٠٣ ) تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ( ١٠٤ ) ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ( ١٠٥ ) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ( ١٠٦ ) ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ( ١٠٧ ) قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ( ١٠٨ ) إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ( ١٠٩ ) فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ( ١١٠ ) إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون ﴾[ المؤمنون : ١٠١- ١١١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أن وراء الرجوع إلى الدنيا حاجزا إلى يوم القيامة، أعقب ذلك بذكر أحوال هذا اليوم، فبين أنه عند البعث وإعادة الأرواح في الأجسام لا تنفع الأحساب، ولا يسأل القريب قريبه وهو يبصره، وأن من رجحت حسناته على سيئاته فاز ونجى من النار دخل الجنة، ومن ثقلت سيئاته على حسناته خاب وهلك وأدخل النار خالدا فيها أبدا وكان عابس الوجه متقلص الشفتين من شدة الاحتراق، وأنه يقال لأهل النار توبيخا لهم على ما ارتكبوا من الكفر والآثام، ألستم قد أرسلت إليكم الرسل، وأنزلت عليكم الكتب ؟ فيقولون بلى، ولكنا لم ننقد لها ولم نتبعها فضللنا، ربنا ارددنا إلى دار الدنيا، فإن نحن عدنا فإنا ظالمون مستحقون العقوبة، فيجيبهم ربهم : امكثوا في النار صاغرين أذلاء ولا تعودوا إلى سؤالكم هذا، إنكم كنتم تستهزئون بعبادي المؤمنين وكنتم منهم تضحكون، إنهم اليوم هم الفائزون جزاء صبرهم على أذاكم واستهزائكم بهم.
تفسير المفردات :
تلفح : أي تحرق. كالحون : أي عابسون متقلصو الشفاه.
الإيضاح :
ثم وصف حال النار وحالهم فيها فقال :
﴿ تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ﴾أي تحرق النار وجوههم وهم فيها متقلصو الشفاه من أثر ذلك اللفح.
وإنما خص الوجوه من بين باقي الأعضاء، لأنها أشرفها، فذكر ما ينوبها من ألم، ويلحقها من أذى، يكون أزجر عن المعاصي التي تصل بهم إلى النار.
أخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( ص ) في قول الله تعالى :﴿ تلفح وجوههم النار ﴾ :" تلفحهم لفحة تسيل لحومهم على أعقابهم ".
﴿ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم بومئذ ولا يتساءلون ( ١٠١ ) فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ( ١٠٢ ) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ( ١٠٣ ) تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ( ١٠٤ ) ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ( ١٠٥ ) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ( ١٠٦ ) ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ( ١٠٧ ) قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ( ١٠٨ ) إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ( ١٠٩ ) فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ( ١١٠ ) إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون ﴾[ المؤمنون : ١٠١- ١١١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أن وراء الرجوع إلى الدنيا حاجزا إلى يوم القيامة، أعقب ذلك بذكر أحوال هذا اليوم، فبين أنه عند البعث وإعادة الأرواح في الأجسام لا تنفع الأحساب، ولا يسأل القريب قريبه وهو يبصره، وأن من رجحت حسناته على سيئاته فاز ونجى من النار دخل الجنة، ومن ثقلت سيئاته على حسناته خاب وهلك وأدخل النار خالدا فيها أبدا وكان عابس الوجه متقلص الشفتين من شدة الاحتراق، وأنه يقال لأهل النار توبيخا لهم على ما ارتكبوا من الكفر والآثام، ألستم قد أرسلت إليكم الرسل، وأنزلت عليكم الكتب ؟ فيقولون بلى، ولكنا لم ننقد لها ولم نتبعها فضللنا، ربنا ارددنا إلى دار الدنيا، فإن نحن عدنا فإنا ظالمون مستحقون العقوبة، فيجيبهم ربهم : امكثوا في النار صاغرين أذلاء ولا تعودوا إلى سؤالكم هذا، إنكم كنتم تستهزئون بعبادي المؤمنين وكنتم منهم تضحكون، إنهم اليوم هم الفائزون جزاء صبرهم على أذاكم واستهزائكم بهم.
الإيضاح :
ثم ذكر ما يقال لهم حينئذ توبيخا وتقريعا وتذكيرا لما به حق عليهم العذاب :﴿ ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ﴾أي قد أرسلت إليكم الرسل، وأنزلت عليكم الكتب، وأزلت عنكم الشبه، ولم يبق لكم حجة كما قال :﴿ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ﴾[ النساء : ١٦٥ ] وقال :﴿ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ﴾[ الإسراء : ١٥ ] فكذبتم بها، وأعرضتم عنها، و آذيتم من جاء بها.
ونحو الآية قوله :﴿ كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير ( ٨ ) قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء ﴾[ الملك : ٨- ٩ ].
﴿ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم بومئذ ولا يتساءلون ( ١٠١ ) فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ( ١٠٢ ) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ( ١٠٣ ) تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ( ١٠٤ ) ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ( ١٠٥ ) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ( ١٠٦ ) ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ( ١٠٧ ) قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ( ١٠٨ ) إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ( ١٠٩ ) فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ( ١١٠ ) إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون ﴾[ المؤمنون : ١٠١- ١١١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أن وراء الرجوع إلى الدنيا حاجزا إلى يوم القيامة، أعقب ذلك بذكر أحوال هذا اليوم، فبين أنه عند البعث وإعادة الأرواح في الأجسام لا تنفع الأحساب، ولا يسأل القريب قريبه وهو يبصره، وأن من رجحت حسناته على سيئاته فاز ونجى من النار دخل الجنة، ومن ثقلت سيئاته على حسناته خاب وهلك وأدخل النار خالدا فيها أبدا وكان عابس الوجه متقلص الشفتين من شدة الاحتراق، وأنه يقال لأهل النار توبيخا لهم على ما ارتكبوا من الكفر والآثام، ألستم قد أرسلت إليكم الرسل، وأنزلت عليكم الكتب ؟ فيقولون بلى، ولكنا لم ننقد لها ولم نتبعها فضللنا، ربنا ارددنا إلى دار الدنيا، فإن نحن عدنا فإنا ظالمون مستحقون العقوبة، فيجيبهم ربهم : امكثوا في النار صاغرين أذلاء ولا تعودوا إلى سؤالكم هذا، إنكم كنتم تستهزئون بعبادي المؤمنين وكنتم منهم تضحكون، إنهم اليوم هم الفائزون جزاء صبرهم على أذاكم واستهزائكم بهم.
تفسير المفردات :
الشقوة والشقاوة : سوء العاقبة، وهي ضد السعادة.
الإيضاح :
ثم ذكر جوابهم عن ذلك فقال :
﴿ قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ﴾أي قالوا قد قامت علينا الحجة ولم ننقد لها، لسوء استعدادنا وتغلب شهواتنا، ولما دسينا به أنفسنا من الآثام والمعاصي ومن ثم ضللنا طريق الهدى، ولم نتبع الحق.
ونحو الآية قوله :﴿ فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ﴾[ غافر : ١١ ].
والخلاصة : إنا كنا نعرف الحق : ولكن العادة وخشية الناس ملكتا علينا أمرنا، فلم نقدر على الخلاص مما نحن فيه، وما مثلنا إلى مثل شاربي الخمر والتبغ والمولعين بحب الكبرياء والعظمة والمغرمين بالإسراف، فإنهم يعرفون أضرارها، ثم لا يجدون سبيلا إلى تركها ولا للبعد عنها.
﴿ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم بومئذ ولا يتساءلون ( ١٠١ ) فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ( ١٠٢ ) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ( ١٠٣ ) تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ( ١٠٤ ) ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ( ١٠٥ ) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ( ١٠٦ ) ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ( ١٠٧ ) قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ( ١٠٨ ) إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ( ١٠٩ ) فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ( ١١٠ ) إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون ﴾[ المؤمنون : ١٠١- ١١١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أن وراء الرجوع إلى الدنيا حاجزا إلى يوم القيامة، أعقب ذلك بذكر أحوال هذا اليوم، فبين أنه عند البعث وإعادة الأرواح في الأجسام لا تنفع الأحساب، ولا يسأل القريب قريبه وهو يبصره، وأن من رجحت حسناته على سيئاته فاز ونجى من النار دخل الجنة، ومن ثقلت سيئاته على حسناته خاب وهلك وأدخل النار خالدا فيها أبدا وكان عابس الوجه متقلص الشفتين من شدة الاحتراق، وأنه يقال لأهل النار توبيخا لهم على ما ارتكبوا من الكفر والآثام، ألستم قد أرسلت إليكم الرسل، وأنزلت عليكم الكتب ؟ فيقولون بلى، ولكنا لم ننقد لها ولم نتبعها فضللنا، ربنا ارددنا إلى دار الدنيا، فإن نحن عدنا فإنا ظالمون مستحقون العقوبة، فيجيبهم ربهم : امكثوا في النار صاغرين أذلاء ولا تعودوا إلى سؤالكم هذا، إنكم كنتم تستهزئون بعبادي المؤمنين وكنتم منهم تضحكون، إنهم اليوم هم الفائزون جزاء صبرهم على أذاكم واستهزائكم بهم.
الإيضاح :
و بعدئذ حكى دعاءهم ربهم أن يخرجهم منها، وقولهم فإن عدنا كنا ظالمين فقال :
﴿ ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ﴾أي قالوا ربنا أخرجنا من النار، وارددنا إلى الدنيا، فإن عدنا إلى مثل ما سلف منا من الشرور والآثام كنا ظالمين لأنفسنا جديرين بالعقوبة.
﴿ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم بومئذ ولا يتساءلون ( ١٠١ ) فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ( ١٠٢ ) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ( ١٠٣ ) تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ( ١٠٤ ) ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ( ١٠٥ ) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ( ١٠٦ ) ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ( ١٠٧ ) قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ( ١٠٨ ) إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ( ١٠٩ ) فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ( ١١٠ ) إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون ﴾[ المؤمنون : ١٠١- ١١١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أن وراء الرجوع إلى الدنيا حاجزا إلى يوم القيامة، أعقب ذلك بذكر أحوال هذا اليوم، فبين أنه عند البعث وإعادة الأرواح في الأجسام لا تنفع الأحساب، ولا يسأل القريب قريبه وهو يبصره، وأن من رجحت حسناته على سيئاته فاز ونجى من النار دخل الجنة، ومن ثقلت سيئاته على حسناته خاب وهلك وأدخل النار خالدا فيها أبدا وكان عابس الوجه متقلص الشفتين من شدة الاحتراق، وأنه يقال لأهل النار توبيخا لهم على ما ارتكبوا من الكفر والآثام، ألستم قد أرسلت إليكم الرسل، وأنزلت عليكم الكتب ؟ فيقولون بلى، ولكنا لم ننقد لها ولم نتبعها فضللنا، ربنا ارددنا إلى دار الدنيا، فإن نحن عدنا فإنا ظالمون مستحقون العقوبة، فيجيبهم ربهم : امكثوا في النار صاغرين أذلاء ولا تعودوا إلى سؤالكم هذا، إنكم كنتم تستهزئون بعبادي المؤمنين وكنتم منهم تضحكون، إنهم اليوم هم الفائزون جزاء صبرهم على أذاكم واستهزائكم بهم.
تفسير المفردات :
اخسئوا : أي اسكتوا سكوت ذلة وهوان.
الإيضاح :
ثم ذكر ما أجيبوا به عن طلبهم هذا فقال :
﴿ قال اخسئوا فيها ولا تكلموني ﴾أي قال امكثوا فيها أذلاء صاغرين واسكتوا، ولا تعودوا إلى مثل سؤالكم هذا، فإنه لا رجعة لكم إلى الدنيا، وإنما يكلمني من سمت نفسه إلى عالم الأرواح، وليس رداء الخوف والخشية من ربه، واحتقر الدنيا وشهواتها، وعزف عنها، لما يرجوه من ربه من ثواب عميم، ونعيم مقيم.
﴿ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم بومئذ ولا يتساءلون ( ١٠١ ) فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ( ١٠٢ ) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ( ١٠٣ ) تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ( ١٠٤ ) ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ( ١٠٥ ) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ( ١٠٦ ) ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ( ١٠٧ ) قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ( ١٠٨ ) إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ( ١٠٩ ) فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ( ١١٠ ) إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون ﴾[ المؤمنون : ١٠١- ١١١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أن وراء الرجوع إلى الدنيا حاجزا إلى يوم القيامة، أعقب ذلك بذكر أحوال هذا اليوم، فبين أنه عند البعث وإعادة الأرواح في الأجسام لا تنفع الأحساب، ولا يسأل القريب قريبه وهو يبصره، وأن من رجحت حسناته على سيئاته فاز ونجى من النار دخل الجنة، ومن ثقلت سيئاته على حسناته خاب وهلك وأدخل النار خالدا فيها أبدا وكان عابس الوجه متقلص الشفتين من شدة الاحتراق، وأنه يقال لأهل النار توبيخا لهم على ما ارتكبوا من الكفر والآثام، ألستم قد أرسلت إليكم الرسل، وأنزلت عليكم الكتب ؟ فيقولون بلى، ولكنا لم ننقد لها ولم نتبعها فضللنا، ربنا ارددنا إلى دار الدنيا، فإن نحن عدنا فإنا ظالمون مستحقون العقوبة، فيجيبهم ربهم : امكثوا في النار صاغرين أذلاء ولا تعودوا إلى سؤالكم هذا، إنكم كنتم تستهزئون بعبادي المؤمنين وكنتم منهم تضحكون، إنهم اليوم هم الفائزون جزاء صبرهم على أذاكم واستهزائكم بهم.
الإيضاح :
ثم بين السبب فيما نالهم من العذاب فقال :
﴿ إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ﴾أي إن فريقا من عبادي ممن كان يؤمن بالله واليوم الآخر في الدنيا يقولون : ربنا آمنا بك وبرسلك وبما جاؤوا به من لدنك، فاستر زلاتنا، وآمن روعاتنا، ولا تخزنا يوم العرض، ولا تعذبنا بعذابك، فإنك أرحم من رحم أهل البلاء.
﴿ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم بومئذ ولا يتساءلون ( ١٠١ ) فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ( ١٠٢ ) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ( ١٠٣ ) تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ( ١٠٤ ) ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ( ١٠٥ ) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ( ١٠٦ ) ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ( ١٠٧ ) قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ( ١٠٨ ) إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ( ١٠٩ ) فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ( ١١٠ ) إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون ﴾[ المؤمنون : ١٠١- ١١١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أن وراء الرجوع إلى الدنيا حاجزا إلى يوم القيامة، أعقب ذلك بذكر أحوال هذا اليوم، فبين أنه عند البعث وإعادة الأرواح في الأجسام لا تنفع الأحساب، ولا يسأل القريب قريبه وهو يبصره، وأن من رجحت حسناته على سيئاته فاز ونجى من النار دخل الجنة، ومن ثقلت سيئاته على حسناته خاب وهلك وأدخل النار خالدا فيها أبدا وكان عابس الوجه متقلص الشفتين من شدة الاحتراق، وأنه يقال لأهل النار توبيخا لهم على ما ارتكبوا من الكفر والآثام، ألستم قد أرسلت إليكم الرسل، وأنزلت عليكم الكتب ؟ فيقولون بلى، ولكنا لم ننقد لها ولم نتبعها فضللنا، ربنا ارددنا إلى دار الدنيا، فإن نحن عدنا فإنا ظالمون مستحقون العقوبة، فيجيبهم ربهم : امكثوا في النار صاغرين أذلاء ولا تعودوا إلى سؤالكم هذا، إنكم كنتم تستهزئون بعبادي المؤمنين وكنتم منهم تضحكون، إنهم اليوم هم الفائزون جزاء صبرهم على أذاكم واستهزائكم بهم.
تفسير المفردات :
سخريا : أي هزوا. ذكرى : أي خوف عقابي.
الإيضاح :
﴿ فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ﴾أي فتشاغلتم بهم، ساخرين منهم، ودأبتم على هذا، حتى نسيتم ذكري، ولم تخافوا عقابي، وكنتم تضحكون منهم استهزاء بهم.
والخلاصة : إنكم أضفتم إلى سيئاتكم، الاستهزاء بمن يفعلون الحسنات، ويتقربون إلى رب الأرض والسماوات، روي أنها نزلت في كفار قريش وقد كانوا يستهزئون بالفقراء من أصحاب رسول الله ( ص ) كبلال وعمار و صهيب.
ونحو الآية قوله :﴿ إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون ( ٢٩ ) وإذا مروا بهم يتغامزون ﴾[ المطففين : ٢٩- ٣٠ ].
﴿ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم بومئذ ولا يتساءلون ( ١٠١ ) فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ( ١٠٢ ) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ( ١٠٣ ) تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ( ١٠٤ ) ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ( ١٠٥ ) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ( ١٠٦ ) ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ( ١٠٧ ) قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ( ١٠٨ ) إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ( ١٠٩ ) فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ( ١١٠ ) إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون ﴾[ المؤمنون : ١٠١- ١١١ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه أن وراء الرجوع إلى الدنيا حاجزا إلى يوم القيامة، أعقب ذلك بذكر أحوال هذا اليوم، فبين أنه عند البعث وإعادة الأرواح في الأجسام لا تنفع الأحساب، ولا يسأل القريب قريبه وهو يبصره، وأن من رجحت حسناته على سيئاته فاز ونجى من النار دخل الجنة، ومن ثقلت سيئاته على حسناته خاب وهلك وأدخل النار خالدا فيها أبدا وكان عابس الوجه متقلص الشفتين من شدة الاحتراق، وأنه يقال لأهل النار توبيخا لهم على ما ارتكبوا من الكفر والآثام، ألستم قد أرسلت إليكم الرسل، وأنزلت عليكم الكتب ؟ فيقولون بلى، ولكنا لم ننقد لها ولم نتبعها فضللنا، ربنا ارددنا إلى دار الدنيا، فإن نحن عدنا فإنا ظالمون مستحقون العقوبة، فيجيبهم ربهم : امكثوا في النار صاغرين أذلاء ولا تعودوا إلى سؤالكم هذا، إنكم كنتم تستهزئون بعبادي المؤمنين وكنتم منهم تضحكون، إنهم اليوم هم الفائزون جزاء صبرهم على أذاكم واستهزائكم بهم.
الإيضاح :
ثم ذكر ما جازى به أولئك المستضعفين فقال :
﴿ إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون ﴾أي إني جزيتهم بصبرهم على الأذى والسخرية بهم بالفوز بالنعيم المقيم.
والخلاصة : إنهم صبروا فجوزوا أحسن الجزاء.
﴿ قل كم لبثتم في الأرض عدد سنين ( ١١٢ ) قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين ( ١١٣ ) قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ( ١١٤ ) أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ( ١١٥ ) فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ( ١١٦ ) ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ( ١١٧ ) وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ﴾[ المؤمنون : ١١٢- ١١٨ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر إنكارهم للبعث وأنهم لا يعترفون بحياة إلا ما كان في هذه الدنيا، وأنه بعد الفناء لا حياة ولا إعادة، ذكر هنا أنهم بعد أن يستقروا في النار ويوقنوا أنهم مخلدون فيها أبدا، يسألون سؤال تقريع وتوبيخ عن مدة لبثهم في الأرض، ليستبين لهم أن ما ظنوه أمدا طويلا يسير بالنسبة إلى ما أنكروه، وحينئذ يزدادون حسرة وألما على ما كانوا يعتقدون في الدنيا حين رأوا خلاف ما ظنوا، ثن بين بعدئذ ما هو كالدليل على وجود البعث، وهو تمييز المطيع من العاصي، ولولاه لكان خلق العالم عبثا، تنزه ربنا عن ذلك. ثم أتبع هذا بالرد على من أشرك معه غيره، وأنذره بالعذاب الأليم، ثم أمر رسوله أن يطلب منه غفران الذنوب، وأن يثني عليه بما هو أهله.
تفسير المفردات :
اللبث : الإقامة.
الإيضاح :
﴿ قال كم لبثم في الأرض عدد سنين ﴾أي قال الملك المأمور بسؤالهم : كم لبثتم في الأرض أحياء ؟
﴿ قل كم لبثتم في الأرض عدد سنين ( ١١٢ ) قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين ( ١١٣ ) قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ( ١١٤ ) أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ( ١١٥ ) فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ( ١١٦ ) ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ( ١١٧ ) وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ﴾[ المؤمنون : ١١٢- ١١٨ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر إنكارهم للبعث وأنهم لا يعترفون بحياة إلا ما كان في هذه الدنيا، وأنه بعد الفناء لا حياة ولا إعادة، ذكر هنا أنهم بعد أن يستقروا في النار ويوقنوا أنهم مخلدون فيها أبدا، يسألون سؤال تقريع وتوبيخ عن مدة لبثهم في الأرض، ليستبين لهم أن ما ظنوه أمدا طويلا يسير بالنسبة إلى ما أنكروه، وحينئذ يزدادون حسرة وألما على ما كانوا يعتقدون في الدنيا حين رأوا خلاف ما ظنوا، ثن بين بعدئذ ما هو كالدليل على وجود البعث، وهو تمييز المطيع من العاصي، ولولاه لكان خلق العالم عبثا، تنزه ربنا عن ذلك. ثم أتبع هذا بالرد على من أشرك معه غيره، وأنذره بالعذاب الأليم، ثم أمر رسوله أن يطلب منه غفران الذنوب، وأن يثني عليه بما هو أهله.
تفسير المفردات :
العادين : الحفظة العادين لأعمال العباد و أعمارهم.
الإيضاح :
﴿ قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم ﴾فقد نسي هؤلاء الأشقياء مدة لبثهم في الدنيا، لعظيم ما هم فيه من البلاء والعذاب، وقصر عندهم الأمد الذي مكثوه فيها، ما حل بهم من نقمة الله، حتى حسبوا أنهم لم يمكثوا إلا يوما أو بعض يوم، ولعل بعضهم يكون قد أقام بها الزمان الطويل والسنين الكثيرة.
﴿ فاسأل العادين ﴾أي فاسأل الحفظة العارفين لأعمال العباد وأعمارهم كما روى ذلك جماعة عن مجاهد
﴿ قل كم لبثتم في الأرض عدد سنين ( ١١٢ ) قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين ( ١١٣ ) قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ( ١١٤ ) أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ( ١١٥ ) فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ( ١١٦ ) ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ( ١١٧ ) وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ﴾[ المؤمنون : ١١٢- ١١٨ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر إنكارهم للبعث وأنهم لا يعترفون بحياة إلا ما كان في هذه الدنيا، وأنه بعد الفناء لا حياة ولا إعادة، ذكر هنا أنهم بعد أن يستقروا في النار ويوقنوا أنهم مخلدون فيها أبدا، يسألون سؤال تقريع وتوبيخ عن مدة لبثهم في الأرض، ليستبين لهم أن ما ظنوه أمدا طويلا يسير بالنسبة إلى ما أنكروه، وحينئذ يزدادون حسرة وألما على ما كانوا يعتقدون في الدنيا حين رأوا خلاف ما ظنوا، ثن بين بعدئذ ما هو كالدليل على وجود البعث، وهو تمييز المطيع من العاصي، ولولاه لكان خلق العالم عبثا، تنزه ربنا عن ذلك. ثم أتبع هذا بالرد على من أشرك معه غيره، وأنذره بالعذاب الأليم، ثم أمر رسوله أن يطلب منه غفران الذنوب، وأن يثني عليه بما هو أهله.
الإيضاح :
﴿ قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ﴾أي قال لهم الملك : ما لبثتم إلا زمنا يسيرا، ولو كنتم تعلمون شيئا من العلم لعلمتم على مقتضى ذلك، ولما صدر منكم ما أوجب خلودكم في النار، ولما قلنا لكم﴿ اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾[ المؤمنون : ١٠٨ ]
روي مرفوعا :" إن الله تعالى إذا أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قال : يا أهل الجنة كم لبثتم في الأرض عدد سنين ؟ قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم، قال : لنعم ما أنجزتم في يوم أو بعض يوم رحمتي ورضواني وجنتي، امكثوا فيها خالدين مخلدين، ثم يقول : يا أهل النار. كم لبثتم في الأرض عدد سنين ؟ قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم، فيقول بئسما أنجزتم في يوم أو بعض يوم ناري وسخطي، امكثوا فيها خالدين مخلدين ".
﴿ قل كم لبثتم في الأرض عدد سنين ( ١١٢ ) قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين ( ١١٣ ) قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ( ١١٤ ) أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ( ١١٥ ) فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ( ١١٦ ) ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ( ١١٧ ) وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ﴾[ المؤمنون : ١١٢- ١١٨ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر إنكارهم للبعث وأنهم لا يعترفون بحياة إلا ما كان في هذه الدنيا، وأنه بعد الفناء لا حياة ولا إعادة، ذكر هنا أنهم بعد أن يستقروا في النار ويوقنوا أنهم مخلدون فيها أبدا، يسألون سؤال تقريع وتوبيخ عن مدة لبثهم في الأرض، ليستبين لهم أن ما ظنوه أمدا طويلا يسير بالنسبة إلى ما أنكروه، وحينئذ يزدادون حسرة وألما على ما كانوا يعتقدون في الدنيا حين رأوا خلاف ما ظنوا، ثن بين بعدئذ ما هو كالدليل على وجود البعث، وهو تمييز المطيع من العاصي، ولولاه لكان خلق العالم عبثا، تنزه ربنا عن ذلك. ثم أتبع هذا بالرد على من أشرك معه غيره، وأنذره بالعذاب الأليم، ثم أمر رسوله أن يطلب منه غفران الذنوب، وأن يثني عليه بما هو أهله.
تفسير المفردات :
والعبث : ما خلا من الفائدة.
الإيضاح :
ثم زاد في توبيخهم على تماديهم في الغفلة وتركهم النظر الصحيح فيما يرشد إلى حقية البعث والقيامة فقال :
﴿ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ﴾أي أظننتم أيها الأشقياء أنا إنما خلقناكم لعبا وباطلا ؟ كلا، بل خلقناكم لنهذبكم ونعلمكم، لترتقوا إلى عالم أرقى مما أنتم فيه، لا كما ظننتم أنكم لا ترجعون إلينا للحساب والجزاء.
و في هذا إشارة إلى أن الحكمة تقتضي تكليفهم و بعثهم لمجازاتهم على ما قدموا من عمل، و أسلفوا من سعي في الحياة الدنيا.
﴿ قل كم لبثتم في الأرض عدد سنين ( ١١٢ ) قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين ( ١١٣ ) قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ( ١١٤ ) أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ( ١١٥ ) فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ( ١١٦ ) ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ( ١١٧ ) وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ﴾[ المؤمنون : ١١٢- ١١٨ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر إنكارهم للبعث وأنهم لا يعترفون بحياة إلا ما كان في هذه الدنيا، وأنه بعد الفناء لا حياة ولا إعادة، ذكر هنا أنهم بعد أن يستقروا في النار ويوقنوا أنهم مخلدون فيها أبدا، يسألون سؤال تقريع وتوبيخ عن مدة لبثهم في الأرض، ليستبين لهم أن ما ظنوه أمدا طويلا يسير بالنسبة إلى ما أنكروه، وحينئذ يزدادون حسرة وألما على ما كانوا يعتقدون في الدنيا حين رأوا خلاف ما ظنوا، ثن بين بعدئذ ما هو كالدليل على وجود البعث، وهو تمييز المطيع من العاصي، ولولاه لكان خلق العالم عبثا، تنزه ربنا عن ذلك. ثم أتبع هذا بالرد على من أشرك معه غيره، وأنذره بالعذاب الأليم، ثم أمر رسوله أن يطلب منه غفران الذنوب، وأن يثني عليه بما هو أهله.
تفسير المفردات :
الحق : أي الثابت الذي لا يبيد ولا يزول ملكه. والعرش : هو مركز تدبير العالم، ووصفه بالكريم لشرفه، وكل ما شرف في جنسه يوصف بالكرم في قوله :﴿ و زروع ومقام كريم ﴾[ الدخان : ٢٦ ] وقوله :﴿ وقل لهما قولا كريما ﴾[ الإسراء : ٢٣ ].
الإيضاح :
ثم نزه الله نفسه عما يصفه به المشركون فقال :
﴿ فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ﴾أي تنزه ربنا ذو الملك والملكوت ؛ الذي لا يزول، وليس هناك معبود سواه، وهو ذو العرش الكريم الذي يدبر فيه نظام الكون علويه وسفليه وجميع ما خلق عن أن يخلق الخلق عبثا، وأن تخلو أفعاله عن الحكم والمقاصد الحميدة، وأن يكون له ولد أو شريك.
﴿ قل كم لبثتم في الأرض عدد سنين ( ١١٢ ) قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين ( ١١٣ ) قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ( ١١٤ ) أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ( ١١٥ ) فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ( ١١٦ ) ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ( ١١٧ ) وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ﴾[ المؤمنون : ١١٢- ١١٨ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر إنكارهم للبعث وأنهم لا يعترفون بحياة إلا ما كان في هذه الدنيا، وأنه بعد الفناء لا حياة ولا إعادة، ذكر هنا أنهم بعد أن يستقروا في النار ويوقنوا أنهم مخلدون فيها أبدا، يسألون سؤال تقريع وتوبيخ عن مدة لبثهم في الأرض، ليستبين لهم أن ما ظنوه أمدا طويلا يسير بالنسبة إلى ما أنكروه، وحينئذ يزدادون حسرة وألما على ما كانوا يعتقدون في الدنيا حين رأوا خلاف ما ظنوا، ثن بين بعدئذ ما هو كالدليل على وجود البعث، وهو تمييز المطيع من العاصي، ولولاه لكان خلق العالم عبثا، تنزه ربنا عن ذلك. ثم أتبع هذا بالرد على من أشرك معه غيره، وأنذره بالعذاب الأليم، ثم أمر رسوله أن يطلب منه غفران الذنوب، وأن يثني عليه بما هو أهله.
تفسير المفردات :
يدعو : يعبد. حسابه : أي جزاؤه.
الإيضاح :
وبعد أن ذكر أنه الملك الحق الذي لا إله إلا هو أتبعه ببيان أن من ادعى أن في الكون إلها سواه فقد ادعى باطلا، وركب شططا فقال :
﴿ ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه ﴾ أي ومن يعبد مع ذلك المعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له، معبودا آخر لا بينة له به، فجزاؤه عند ربه، وهو موفيه ما يستحقه من جزاء وعقاب. وفي ذلك من شديد التوبيخ والتقريع ما لا يخفى.
﴿ إنه لا يفلح الكافرون ﴾أي إنه لا يسعد أهل الشرك ولا ينجيهم من العذاب.
وما ألطف افتتاح السورة بفلاح المؤمنين، وختمها بخيبة الكافرين، وعدم فوزهم بما يؤملون !
﴿ قل كم لبثتم في الأرض عدد سنين ( ١١٢ ) قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين ( ١١٣ ) قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ( ١١٤ ) أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ( ١١٥ ) فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ( ١١٦ ) ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ( ١١٧ ) وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ﴾[ المؤمنون : ١١٢- ١١٨ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر إنكارهم للبعث وأنهم لا يعترفون بحياة إلا ما كان في هذه الدنيا، وأنه بعد الفناء لا حياة ولا إعادة، ذكر هنا أنهم بعد أن يستقروا في النار ويوقنوا أنهم مخلدون فيها أبدا، يسألون سؤال تقريع وتوبيخ عن مدة لبثهم في الأرض، ليستبين لهم أن ما ظنوه أمدا طويلا يسير بالنسبة إلى ما أنكروه، وحينئذ يزدادون حسرة وألما على ما كانوا يعتقدون في الدنيا حين رأوا خلاف ما ظنوا، ثن بين بعدئذ ما هو كالدليل على وجود البعث، وهو تمييز المطيع من العاصي، ولولاه لكان خلق العالم عبثا، تنزه ربنا عن ذلك. ثم أتبع هذا بالرد على من أشرك معه غيره، وأنذره بالعذاب الأليم، ثم أمر رسوله أن يطلب منه غفران الذنوب، وأن يثني عليه بما هو أهله.
الإيضاح :
وبعد أن شرح أحوال الكافرين وجهلهم في الدنيا وعذابهم في الآخرة، أمر رسوله بالانقطاع إليه، والالتجاء إلى غفرانه ورحمته بقوله :
﴿ وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ﴾أي وقل أيها الرسول : رب استر علي ذنوبي يعفوك عنها، وارحمني بقبول توبتي وترك عقابي على ما اجترحت من آثام وأوزار، وأنت ربنا خير من رحم ذا ذنب، فقبل توبته وتجاوز عن عقابه أنك ربنا خير غافر، وإنك المتولي للسرائر، والمرجو لإصلاح الضمائر، وصل ربنا على محمد وآله.
أخرج البخاري ومسلم والترمذي وابن حبان في جماعة عن أبي بكر أنه قال : يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال :" قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم ".
Icon