ﰡ
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ فاطر السماوات والأرض ﴾ قال : بديع السموات والأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : كل شيء في القرآن ﴿ فاطر السماوات والأرض ﴾ فهو خالق السموات والأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ جاعل الملائكة رسلاً ﴾ قال : إلى العباد.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ فاطر السماوات والأرض ﴾ قال : خالق السموات والأرض ﴿ جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع ﴾ قال : بعضهم له جناحان، وبعضهم له ثلاثة أجنحة، وبعضهم له أربعة أجنحة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ أولي أجنحة مثنى ﴾ قال : للملائكة الأجنحة من اثنين إلى ثلاثة إلى اثني عشر، وفي ذلك وتر الثلاثة الأجنحة والخمسة، والذين على الموازين فطران، وأصحاب الموازين أجنحتهم عشرة عشرة. وأجنحة الملائكة زغبة، ولجبريل ستة أجنحة : جناح بالمشرق، وجناح بالمغرب، وجناحان. منهم من يقول على ظهره، ومنهم من يقول متسرولاً بهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ يزيد في الخلق ما يشاء ﴾ يزيد في أجنحتهم وخلقهم ما يشاء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ﴿ يزيد في الخلق ما يشاء ﴾ قال : الصوت الحسن.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن الزهري رضي الله عنه في قوله ﴿ يزيد في الخلق ما يشاء ﴾ قال : حسن الصوت.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن حذيفة، أنه سمع أبا التياح يؤذن فقال : من يرد الله أن يجعل رزقه في صوته فعل.
وأخرج البيهقي عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ يزيد في الخلق ما يشاء ﴾ قال : الملاحة في العينين.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده ﴾ يقول ﴿ ليس لك من الأمر شيء ﴾ [ آل عمران : ١٢٨ ].
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ ما يفتح الله للناس من رحمة ﴾ أي من خير ﴿ فلا ممسك لها ﴾ قال : فلا يستطيع أحد حبسها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ﴾ قال : المطر.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب قال : سمعت مالكاً يحدث أن أبا هريرة رضي الله عنه كان إذا أصبح في الليلة التي يمطرون فيها وتحدث مع أصحابه قال : مطرنا الليلة بنوء الفتح، ثم يتلو ﴿ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ﴾.
وأخرج ابن المنذر عن عامر بن عبد قيس رضي الله عنه قال : أربع آيات من كتاب الله، إذا قرأتهن فما أبالي ما أصبح عليه وأمسي ﴿ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده ﴾ ﴿ وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله ﴾ [ الأنعام : ١٧ ] و ﴿ سيجعل الله بعد عسر يسراً ﴾ [ الطلاق : ٧ ] ﴿ وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ﴾ [ هود : ٦ ].
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن جعفر بن الزبير قال كان عروة يقول في ركوب المحمل : هي والله رحمة فتحت للناس، ثم يقول ﴿ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ يرزقكم من السماء والأرض ﴾ قال : الرزق من السماء : المطر، ومن الأرض : النبات.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ إن الشيطان لكم عدوّ فاتخذوه عدواً ﴾ قال : عادوه فإنه يحق على كل مسلم عداوته، وعداوته أن يعاديه بطاعة الله. وفي قوله ﴿ إنما يدعو حزبه ﴾ قال : أولياءه ﴿ ليكونوا من أصحاب السعير ﴾ أي ليسوقهم إلى النار، فهذه عداوته.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ إنما يدعو حزبه... ﴾ الآية. قال يدعو حزبه إلى معاصي الله، وأصحاب معاصي الله أصحاب السعير، وهؤلاء حزبه من الإِنس ألا تراه يقول :﴿ أولئك حزب الشيطان ﴾ [ المجادلة : ١٩ ] قال : والحزب ولاية الذين يتولاهم ويتولونه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ لهم مغفرة وأجر كبير ﴾ قال : كل شيء في القرآن ﴿ لهم مغفرة وأجر كبير ﴾ ورزق كريم فهو الجنة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة والحسن في قوله ﴿ أفمن زين له سوء عمله ﴾ قال : الشيطان زين لهم - والله - الضلالات ﴿ فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ﴾ أي لا تحزن عليهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً ﴾ قال : هذا المشرك ﴿ فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ﴾ كقوله ﴿ لعلك باخع نفسك ﴾ [ الكهف : ٦ ].
وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه قال : أنزلت هذه الآية ﴿ أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً ﴾ حيث قال النبي ﷺ :« اللهم أعِزَّ دينَكَ بعمر بن الخطاب، أو بأبي جهل بن هشام، فهدى الله عمر رضي الله عنه، وأضل أبا جهل. ففيهما أنزلت ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض، فينفخ فيه، فلا يبقى خلق لله في السموات والأرض ﴿ إلا ما شاء الله... ﴾ [ الأعلى : ٧ ]، ثم يرسل الله من تحت العرش منياً كمني الرجال، فتنبت أجسامهم ولحمانهم من ذلك الماء كما تنبت الأرض من الثرى، ثم قرأ عبد الله رضي الله عنه « الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور » ويكون بين النفختين ما شاء الله، ثم يقوم ملك فينفخ فيه، فتنطلق كل نفس إلى جسدها.
وأخرج الطيالسي وأحمد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله كيف يحيى الله الموتى؟ قال : أما مررت بأرض مجدبة، ثم مررت بها مخضبة تهتز خضراء؟ قال : بلى. قال : كذلك يحيي الله الموتى وكذلك النشور.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود قال : إذا حدثناكم بحديث أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله. إن العبد المسلم إذا قال سبحان الله وبحمده، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وتبارك الله، قبض عليهن ملك يضمهن تحت جناحه، ثم يصعد بهن إلى السماء، فلا يمر بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يجيء بهن وجه الرحمن، ثم قرأ ﴿ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ﴾.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله ﴿ إليه يصعد الكلم الطيب ﴾ قال : ذكر الله ﴿ والعمل الصالح يرفعه ﴾ قال : أداء الفرائض فمن ذكر الله في أداء فرائضه حمل عمله ذكر الله فصعد به إلى الله، ومن ذكر الله ولم يؤد فرائضه وكلامه على عمله، وكان عمله أولى به.
وأخرج آدم بن أبي أياس والبغوي والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ﴾ قال : هو الذي يرفع الكلام الطيب.
وأخرج الفريابي عن سعيد بن جبير رضي الله عنه، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه في قوله ﴿ إليه يصعد الكلم الطيب ﴾ قال : القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطر رضي الله عنه في قوله ﴿ إليه يصعد الكلم الطيب ﴾ قال : الدعاء.
وأخرج ابن المبارك وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ إليه يصعد الكَلِمُ الطيب والعمل الصالح يرفعه ﴾ قال : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب إلى الله، ويعرض القول على العمل، فإن وافقه رفع وإلا رد.
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ﴿ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ﴾ قال : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن شهر بن حوشب في الآية قال : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب.
وأخرج ابن المنذر عن مالك بن سعد قال : إن الرجل ليعمل الفريضة الواحدة من فرائض الله وقد أضاع ما سواها، فما زال الشيطان يمنيه فيها، ويزين له حتى ما يرى شيئاً دون الجنة، فقبل أن تعملوا أعمالكم فانظروا ما تريدون بها، فإن كانت خالصة لله فامضوها، وإن كانت لغير الله فلا تشقوا على أنفسكم، ولا شيء لكم فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً، فإنه قال تبارك وتعالى ﴿ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ﴾.
وأخرج ابن المبارك عن قتادة رضي الله عنه ﴿ والعمل الصالح يرفعه ﴾ قال : يرفع الله العمل الصالح لصاحبه.
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن الحسن رضي الله عنه قال : ليس الإِيمان بالتمني ولا بالتخلي ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال. من قال حسناً، وعمل غير صالح، رده الله على قوله. ومن قال حسناً، وعمل صالحاً، رفعه العمل ذلك، لأن الله قال ﴿ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه سئل : أتقطع المرأة، والكلب، والحمار، الصلاة؟ فقال ﴿ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ﴾ فما يقطع هذا، ولكنه مكروه.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان عن مجاهد في قوله ﴿ والذين يمكرون السيئات ﴾ قال : هم أصحاب الرياء وفي قوله ﴿ ومكر أولئك هو يبور ﴾ قال : الرياء.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن شهر بن حوشب في قوله ﴿ والذين يمكرون السيئات ﴾ قال : يراؤون ﴿ ومكر أولئك هو يبور ﴾ قال : هم أصحاب الرياء لا يصعد عملهم.
وأخرج عن ابن زيد في قوله ﴿ والذين يمكرون السيئات ﴾ قال : هم المشركون ﴿ ومكر أولئك هو يبور ﴾ قال : بار فلم ينفعهم، ولم ينتفعوا به وضرهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ والذين يمكرون السيئات ﴾ قال : يعملون السيئات ﴿ ومكر أولئك هو يبور ﴾ قال : يفسد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ ومكر أولئك هو يبور ﴾ قال : يهلك فليس له ثواب في الآخرة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وما يعمر من معمر... ﴾ الآية. يقول : ليس أحد قضيت له طول العمر والحياة إلا وهو بالغ ما قدرت له من العمر، وقد قضيت له ذلك، فإنما ينتهي له الكتاب الذي قدرت له لا يزاد عليه، وليس أحد قضيت له أنه قصير العمر والحياة ببالغ العمر، ولكن ينتهي إلى الكتاب الذي كتب له. فذلك قوله ﴿ ولا ينقص من عمره إلا في كتاب ﴾ يقول : كل ذلك في كتاب عنده.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله ﴿ وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره ﴾ يقول : لم يخلق الناس كلهم على عمر واحد. لهذا عمر، ولهذا عمر هو أنقص من عمره، كل ذلك مكتوب لصاحبه بالغ ما بلغ.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ﴿ وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره ﴾ قال : ما من يوم يعمر في الدنيا إلا ينقص من أجله.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله ﴿ وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره ﴾ قال : ليس يوم يسلبه من عمره إلا في كتاب كل يوم في نقصان.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره ﴾ إلا في كتاب، قال : مكتوب في أوّل الصحيفة عمره كذا وكذا، ثم يكتب في أسفل ذلك ذهب يوم ذهب يومان حتى يأتي على آخر عمره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حسان بن عطية في قوله ﴿ ولا ينقص من عمره ﴾ قال : كل ما ذهب من يوم وليلة، فهو نقصان من عمره.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج عن مجاهد في قوله ﴿ وما يعمر من معمر ﴾ إلا كتب الله له أجله في بطن أمه ﴿ ولا ينقص من عمره ﴾ يوم تضعه أمه بالغاً ما بلغ يقول : لم يخلق الناس كلهم على عمر واحد. لذا عمر، ولذا عمر هو أنقص من عمر هذا، وكل ذلك مكتوب لصاحبه بالغاً ما بلغ.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : ألا ترى الناس يعيش الإِنسان مائة سنة. وآخر يموت حين يولد، فهو هذا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي مسلم الخراساني في الآية قال : لا يذهب من عمر إنسان يوم، ولا شهر، ولا ساعة، إلا ذلك مكتوب، محفوظ، معلوم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : أما العمر فمن بلغ ستين سنة. وأما الذي ينقص من عمره، فالذي يموت قبل أن يبلغ ستين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ وما يعمر من معمر ﴾ قال : في بطن أمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ﴿ ولا ينقص من عمره ﴾ قال : ما لفظت الأرحام من الأولاد من غير تمام.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : قال رسول الله ﷺ :« يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو بخمس وأربعين ليلة فيقول : أي رب أشقي، أم سعيد؟ أذكر، أم أنثى؟ فيقول الله... ويكتبان، ثم يكتب عمله، ورزقه، وأجله، وأثره، ومصيبته، ثم تنطوي الصحيفة فلا يزاد فيها، ولا ينقص منها ».
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي وأبو الشيخ عن عبد الله بن مسعود قال : قالت أم حبيبة : اللهم أمتعني بزوجي النبي ﷺ، وبأبي أبي سفيان، وبأخي معاوية. فقال النبي ﷺ :« فإنك سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة، وأرزاق مقسومة، ولن يعجل شيئاً قبل حله، أو يؤخر شيئاً عن حله، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب النار، أو عذاب القبر، كان خيراً وأفضل ».
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال :« كان في بني إسرائيل اخوان ملكان على مدينتين، وكان أحدهما باراً برحمه، عادلاً على رعيته. وكان الآخر عاقاً برحمه، جائراً على رعيته. وكان في عصرهما نبي، فأوحى الله إلى ذلك النبي أنه قد بقي من عمر هذا البار ثلاث سنين، وبقي من عمر هذا العاق ثلاثون سنة، فأخبر النبي رعية هذا، ورعية هذا، فأحزن ذلك رعية العادل، وأفرح ذلك رعية الجائر، ففرقوا بين الأمهات والأطفال، وتركوا الطعام والشراب، وخرجوا إلى الصحراء يدعون الله تعالى أن يمتعهم بالعادل، ويزيل عنهم، الجائر، فأقاموا ثلاثاً، فأوحى الله إلى ذلك النبي : أن أخبر عبادي أني قد رحمتهم، وأجبت دعاءهم، فجعلت ما بقي من عمر هذا البار لذلك الجائر، وما بقي من عمر الجائر لهذا البار، فرجعوا إلى بيوتهم ومات العاق لتمام ثلاث سنين، وبقي العادل فيهم ثلاثين سنة. ثم تلا رسول الله ﷺ ﴿ وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير ﴾ ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وما يستوي البحران هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج ﴾ قال : الأجاج المر ﴿ ومن كل تأكلون لحماً طرياً ﴾ أي منهما جميعاً ﴿ وتستخرجون حلية تلبسونها ﴾ هذا اللؤلؤ ﴿ وترى الفلك فيه مواخر ﴾ قال : السفن مقبلة ومدبرة تجري بريح واحدة ﴿ يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ﴾ قال : نقصان الليل في زيادة النهار، ونقصان النهار في زيادة الليل ﴿ وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى ﴾ قال : أجل معلوم، وحد لا يتعداه ولا يقصر دونه ﴿ ذلكم الله ربكم ﴾ يقول : هو الذي سخر لكم هذا.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي حاتم عن سنان بن سلمة أنه سأل ابن عباس عن ماء البحر فقال : بحران لا يضرك من أيهما توضأت. ماء البحر، وماء الفرات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ ومن كل تأكلون لحماً طرياً ﴾ قال : السمك ﴿ وتستخرجون حلية تلبسونها ﴾ قال : اللؤلؤ من البحر الأجاج.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ ما يملكون من قطمير ﴾ قال : القطمير القشر، وفي لفظ الجلد الذي يكون على ظهر النواة.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله ﴿ من قطمير ﴾ قال : الجلدة البيضاء التي على النواة قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول :
لم أنل منهم بسطاً ولا زبداً | ولا فوفة ولا قطميرا |
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ قطمير ﴾ قال : لفافة النواة كسحاة البصلة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في قوله ﴿ من قطمير ﴾ قال : رأس التمرة يعني القمع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ﴾ قال : هي الآلهة. لا تسمع دعاء من دعاها وعبدها من دون الله تعالى ﴿ ولو سمعوا ما استجابوا لكم ﴾ قال : ولو سمعت الآلهة دعاءكم ما استجابوا لكم بشيء من الخير ﴿ ويوم القيامة يكفرون بشرككم ﴾ قال : بعبادتكم إياهم.
وأخرج سعيد بن منصور وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه عن أبي رمثة قال : انطلقت مع أبي نحو النبي ﷺ، فلما رأيته قال لأبي :« ابنك هذا؟ قال : أي ورب الكعبة قال : أما أنه لا يجني عليك ولا تجني عليه. ثم قرأ رسول الله ﷺ ﴿ ولا تزر وازرة وزر أخرى ﴾ ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله ﴿ وإن تدع مثقلة إلى حملها ﴾ قال : إن تدع نفس مثقلة من الخطايا ذا قرابة أو غير ذي قرابة ﴿ لا يحمل ﴾ عنها من خطاياها شيء.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ﴾ يكون عليه وزر لا يجد أحداً يحمل عنه من وزره شيئاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ﴾ كنحو ﴿ ولا تزر وازرة وزر أخرى ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : إن الجار يتعلق بجاره يوم القيامة فيقول : يا رب سل هذا لم كان يغلق بابه دوني، وإن الكافر ليتعلق بالمؤمن، يوم القيامة فيقول له : يا مؤمن إن لي عندك يداً قد عرفت كيف كنت في الدنيا، وقد احتجت إليك اليوم فلا يزال المؤمن يشفع له إلى ربه حتى يرده إلى منزلة دون منزلة وهو في النار. وأن الوالد يتعلق بولده يوم القيامة فيقول : يا بني أي والد كنت لك؟ فيثني خيراً فيقول : يا بني إني احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك أنجو بها مما ترى، فيقول له ولده : يا أبت ما أيسر ما طلبت؟ ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئاً، أتخوّف مثل الذي تخوّفت، فلا أستطيع أن أعطيك شيئاً. ثم يتعلق بزوجته فيقول : يا فلانة أي زوج كنت لك؟ فتثني خيراً فيقول لها : فإني أطلب إليك حسنة واحدة تهبيها لي لعلي أنجو مما ترين. قالت : ما أيسر ما طلبت! ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئاً، أتخوّف مثل الذي تخوّفت. يقول الله ﴿ وإن تدع مثقلة إلى حملها.... ﴾. ويقول الله ﴿ يوم لا يجزي والد عن ولده ﴾ [ لقمان : ١٣٣ ] و ﴿ يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه... ﴾ [ عبس : ٣٤ ].
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وإن تدع مثقلة إلى حملها ﴾ أي إلى ذنوبها ﴿ لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى ﴾ قال : قرابة قريبة لا يحمل من ذنوبه شيئاً، ويحمل عليها غيرها من ذنوبها شيئاً ﴿ إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب ﴾ أي يخشون النار، والحساب.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وما يستوي الأعمى والبصير.... ﴾ قال : هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن يقول : كما لا يستوي هذا وهذا، كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ وما يستوي الأعمى والبصير... ﴾ قال : الكافر والمؤمن ﴿ ولا الظلمات ﴾ قال : الكفر ﴿ ولا النور ﴾ قال : الايمان ﴿ ولا الظل ﴾ قال : الجنة ﴿ ولا الحرور ﴾ قال : النار ﴿ وما يستوي الأحياء ولا الأموات ﴾ قال : المؤمن والكافر ﴿ إن الله يسمع من يشاء ﴾ قال : يهدي من يشاء.
وأخرج أبو سهل السري بن سهل الجنديسابوري الخامس من حديثه من طريق عبد القدوس عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ فإنك لا تسمع الموتى ﴾ [ الروم : ٥٢ ] ﴿ وما أنت بمسمع من في القبور ﴾ قال : كان النبي ﷺ يقف على القتلى يوم بدر ويقول :« هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً يا فلان ابن فلان. ألم تكفر بربك؟ ألم تكذب نبيك؟ ألم تقطع رحمك؟ فقالوا : يا رسول الله أيسمعون ما نقول؟ قال : ما أنتم بأسمع منهم لما أقول. فأنزل الله ﴿ فإنك لا تسمع الموتى ﴾ ﴿ وما أنت بمسمع من في القبور ﴾ ومثل ضربة الله للكفار أنهم لا يسمعون لقوله ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وما أنت بمسمع من في القبور ﴾ فكذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يسمع. وفي قوله ﴿ وإن من أمةٍ إلا خلا فيها نذير ﴾ يقول كل أمة قد كان لها رسول جاءها من الله. وفي قوله ﴿ وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم ﴾ قال : يعزي نبيه ﴿ جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر والكتاب المنير، ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير ﴾ قال : شديد والله لقد عجل لهم عقوبة الدنيا ثم صيرهم إلى النار.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ثمرات مختلفاً ألوانها ﴾ قال : الأبيض، والأحمر، والأسود وفي قوله ﴿ ومن الجبال جدد بيض ﴾ قال : طرائق بيض يعني الألوان.
وأخرج البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :« جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال أيصبغ ربك؟ قال » نعم. صبغاً لا ينقض. أحمر. وأصفر. وأبيض « ».
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله ﴿ جدد ﴾ قال : طرائق. طريقة بيضاء، وطريقة خضراء. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت الشاعر وهو يقول :
قد غادر السبع في صفحاتها جدداً | كأنها طرق لاحت على أكم |
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال :﴿ الغرابيب الأسود ﴾ الشديد السواد.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله ﴿ مختلفاً ألوانها ﴾ قال : منها الأحمر والأبيض والأخضر والأسود، وكذلك ألوان الناس منهم الأحمر والأسود والأبيض، وكذلك الدواب، والأنعام.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله ﴿ ومن الجبال جدد ﴾ قال : طرائق تكون في الجبل بيض وحمر، فتلك الجدد ﴿ وغرابيب سود ﴾ قال : جبال سود ﴿ ومن الناس والدواب والأنعام... ﴾. قال : كذلك اختلاف الناس والدواب والأنعام، كاختلاف الجبال. ثم قال ﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾ فلا فضل لما قبلها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ ومن الجبال جدد بيض ﴾ قال : طرائق مختلفة، كذلك اختلاف ما ذكر من اختلاف ألوان الناس والدواب والأنعام، كذلك كما اختلفت هذه الأنعام تختلف الناس في خشية الله كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : الخشية والايمان والطاعة والتشتت في الألوان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾ قال : العلماء بالله الذين يخافونه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾ قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير.
وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن أبي كثير قال : العالم من خشي الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن صالح أبي الخليل رضي الله عنه في قوله ﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾ قال : أعلمهم بالله أشدهم له خشية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن أبي حيان التيمي عن رجل قال : كان يقال العلماء ثلاثة. عالم بالله، وعالم بأمر الله، وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله، وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله. فالعالم بالله وبأمر الله : الذي يخشى الله، ويعلم الحدود والفرائض. والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله : الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض، والعالم بأمر الله ليس بعالم بالله : الذي يعلم الحدود والفرائض، ولا يخشى الله.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عدي عن مالك بن أنس رضي الله عنه قال : إن العلم ليس بكثرة الرواية، إنما العلم نور يقذفه الله في القلب.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : الإِيمان من خشي الله بالغيب، ورغب فيما رغب الله فيه، وزهد فيما أسخط الله. ثم تلا ﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾.
وأخرج عبد بن حميد عن مسروق قال : كفى بالمرء علماً أن يخشى الله، وكفى بالمرء جهلاً أن يعجب بعمله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كفى بخشية الله علماً، وكفى باغترار المرء جهلاً.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الفقيه من يخاف الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن العباس العمي قال : بلغني أن داود عليه السلام قال : سبحانك! تعاليت فوق عرشك، وجعلت خشيتك على من في السموات والأرض، فأقرب خلقك إليك أشدهم لك خشية، وما علم من لم يخشك، وما حكمة من لم يطع أمرك.
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليس العلم بكثرة الرواية، ولكن العلم الخشية.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي والحاكم عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« العلم علمان : علم في القلب، فذاك العلم النافع. وعلم على اللسان، فتلك حجة الله على خلقه ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال : بحسب المرء من العلم أن يخشى الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس يفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخلطون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وينبغي لحامل القرآن أن لا يكون صخاباً، ولا صياحاً، ولا حديداً.
وأخرج الخطيب فيه أيضاً عن سعيد بن المسيب قال : وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس ثماني عشرة كلمة حكم كلها قال : ما عاقبت من عصى الله فيك مثل أن تطيع الله فيه، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك منه ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من مسلم شراً أنت تجد لها في الخير محملاً، ومن عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء الظن به. من كتم سره كانت الخيرة في يده، وعليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء، عدة في البلاء، وعليك بالصدق وإن قتلك، ولا تعرض فيما لا يعني، ولا تسأل عما لم يكن، فإن فيما كان شغلاً عما لم يكن، ولا تطلب حاجتك إلى من لا يحب نجاحها لك، ولا تهاون بالحلف الكاذب فيهلكك الله، ولا تصحب الفجار لتعلم من فجورهم، واعتزل عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من خشي الله، وتخشع عند القبور، وذل عند الطاعة، واستعصم عند المعصية، واستشر الذين يخشون الله، فإن الله تعالى يقول ﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾.
وأخرج عبد بن حميد عن مكحول قال : سئل رسول الله ﷺ عن العالم والعابد فقال :« فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم. ثم تلا النبي ﷺ هذه الآية ﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾ ثم قال إن الله وملائكته، وأهل السماء، وأهل الأرض، والنون في البحر، ليصلون، على معلمي الخير ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ يرجون تجارة لن تبور ﴾ قال : الجنة ﴿ لن تبور ﴾ لا تبيد ﴿ ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله ﴾ قال : هو كقوله ﴿ ولدينا مزيد ﴾ [ ق : ٣٥ ] ﴿ إنه غفور ﴾ قال : لذنوبهم ﴿ شكور ﴾ لحسناتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ يرجون تجارة لن تبور ﴾ قال : لن تهلك.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة... ﴾. قال كان مطرف بن عبد الله يقول : هذه آية القراء.
وأخرج الطيالسي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه « عن النبي ﷺ أنه قال : في هذه الآية ﴿ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات ﴾ قال : هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة، وكلهم في الجنة ».
وأخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي عن أبي الدرداء : سمعت رسول الله ﷺ يقول « قال الله تعالى ﴿ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات، بإذن الله ﴾ فأما الذين سبقوا، فأولئك يدخلون الجنة بغير حساب. وأما الذين اقتصدوا، فأولئك الذين يحاسبون حساباً يسيراً، وأما الذين ظلموا أنفسهم، فأولئك يحبسون في طول المحشر، ثم هم الذين تلقاهم الله برحمة، فهم الذين يقولون ﴿ الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور، الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ﴾ قال البيهقي : إن أكثر الروايات في حديث ظهر أن للحديث أصلاً ».
وأخرج الطيالسي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم وابن مردويه عن عقبة بن صهبان قلت لعائشة : أرأيت قول الله ﴿ ثم أورثنا الكتاب... ﴾. قالت : أما السابق، فقد مضى في حياة رسول الله ﷺ، فشهد له بالجنة. وأما المقتصد، فمن اتبع أمرهم، فعمل بمثل أعمالهم حتى يلحق بهم. وأما الظالم لنفسه، فمثلي ومثلك، ومن اتبعنا. وكل في الجنة.
وأخرج الطبراني والبيهقي في البعث عن أسامة بن زيد رضي الله عنه ﴿ فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات ﴾ قال : قال رسول الله ﷺ :« كلهم من هذه الأمة، وكلهم في الجنة ».
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن عوف بن مالك عن رسول الله ﷺ « أمتي ثلاثة أثلاث : فثلث يدخلون الجنة بغير حساب. وثلث يحاسبون حساباً يسيراً، ثم يدخلون الجنة. وثلث يمحصون ويكسفون، ثم تأتي الملائكة فيقولون : وجدناهم يقولون : لا إله إلا الله وحده فيقول الله :» أدخلوهم الجنة بقولهم لا إله إلا الله وحده، واحملوا خطاياهم على أهل التكذيب « وهي التي قال الله ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم ﴾ وتصديقاً في التي ذكر الملائكة قال الله تعالى ﴿ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ﴾ فجعلهم ثلاثة أنواع ﴿ فمنهم ظالم لنفسه ﴾ فهذا الذي يكسف ويمحص ﴿ ومنهم مقتصد ﴾ وهو الذي يحاسب حساباً يسيراً ﴿ ومنهم سابق بالخيرات ﴾ فهو الذي يلج الجنة بغير حساب ولا عذاب باذن الله. يدخلونها جميعاً لم يفرق بينهم ﴿ يحلون فيها من أساور من ذهب ﴾ إلى قوله ﴿ لغوب ﴾ ».
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي في البعث عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا نزع بهذه الآية قال : الا أن سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له.
وأخرج العقيلي وابن لال وابن مردويه والبيهقي من وجه آخر عن عمر بن الخطاب. سمعت رسول الله ﷺ يقول :« سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له »، وقرأ عمر ﴿ فمنهم ظالم لنفسه... ﴾.
وأخرج ابن النجار عن أنس أن النبي ﷺ قال :« سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له ».
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب. والمقتصد برحمة الله، والظالم لنفسه، وأصحاب الأعراف يدخلون الجنة بشفاعة محمد ﷺ.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عثمان بن عفان : أنه نزع بهذه الآية قال : إن سابقنا أهل جهاد. ألا وأن مقتصدنا ناج أهل حضرنا، ألا وأن ظالمنا أهل بدونا.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في البعث عن البراء بن عازب في قوله ﴿ فمنهم ظالم لنفسه ﴾ قال : أشهد على الله أنه يدخلهم الجنة جميعاً.
وأخرج الفريابي وابن مردويه عن البراء قال :« قرأ رسول الله ﷺ هذه الآية ﴿ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ﴾ قال : كلهم ناج وهي هذه الأمة ».
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن ابن عباس في قوله ﴿ ثم أورثنا الكتاب... ﴾. قال : هي مثل الذي في الواقعة ﴿ فأصحاب الميمنة ﴾ ﴿ وأصحاب المشئمة ﴾ ﴿ والسابقون ﴾ صنفان ناجيان، وصنف هالك.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله ﴿ فمنهم ظالم لنفسه... ﴾. قال ﴿ الظالم لنفسه ﴾ هو الكافر ﴿ والمقتصد ﴾ أصحاب اليمين.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عن كعب الأحبار أنه تلا هذه الآية ﴿ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ﴾ إلى قوله ﴿ لغوب ﴾ قال : دخلوها ورب الكعبة، وفي لفظ قال : كلهم في الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة أن رسول الله ﷺ ذكر الجنة فقال « مسوّرون بالذهب والفضة، مكللة بالدر وعليهم أكاليل من در وياقوت متواصلة، وعليهم تاج كتاج الملوك، جرد، مرد، مكحلون ».
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن حذيفة، سمعت رسول الله ﷺ يقول :« يبعث الله الناس على ثلاثة أصناف، وذلك في قوله ﴿ فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات ﴾ فالسابق بالخيرات يدخل الجنة بلا حساب، والمقتصد يحاسب حساباً يسيراً، والظالم لنفسه يدخل الجنة برحمة الله ».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ﴿ ثم أورثنا الكتاب ﴾ قال : جعل الله أهل الإِيمان على ثلاثة منازل كقوله ﴿ أصحاب الشمال ما أصحاب الشمال ﴾ [ الواقعة : ٤١ ]، ﴿ وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين ﴾ [ الواقعة : ٢٧ ]، ﴿ والسابقون السابقون ﴾ [ الواقعة : ١٠ ]، ﴿ أولئك المقربون ﴾ [ الواقعة : ١١ ] فهم على هذا المثال.
وأخرج ابن مردويه عن عمر عن النبي ﷺ في قوله ﴿ فمنهم ظالم لنفسه ﴾ قال : الكافر.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ فمنهم ظالم لنفسه ﴾ قال : هذا المنافق ﴿ ومنهم مقتصد ﴾ قال : هذا صاحب اليمين ﴿ ومنهم سابق بالخيرات ﴾ قال : هذا المقرب قال قتادة : كان الناس ثلاث منازل عند الموت، وثلاث منازل في الدنيا، وثلاث منازل في الآخرة. فأما الدنيا فكانوا : مؤمن، ومنافق، ومشرك. وأما عند الموت فإن الله قال :﴿ فأما إن كان من المقربين... ﴾ [ الواقعة : ٨٨ ] ﴿ وأما إن كان من أصحاب اليمين... ﴾ [ الواقعة : ٩٠ ] ﴿ وأما إن كان من المكذبين الضالين ﴾ [ الواقعة : ٩٢ ]. وأما الآخرة فكانوا أزواجاً ثلاثة ﴿ فأصحاب الميمنة ﴾ ﴿ وأصحاب المشئمة ﴾ ﴿ والسابقون السابقون أولئك المقربون ﴾.
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن الحسن ﴿ فمنهم ظالم لنفسه ﴾ قال : هو المنافق سقط والمقتصد والسابق بالخيرات في الجنة.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي عن عبيد بن عمير في الآية قال : كلهم صالح.
وأخرج عبد بن حميد عن صالح أبي الخليل قال : قال كعب يلومني أحبار بني إسرائيل إني دخلت في أمة فرقهم الله ثم جمعهم، ثم أدخلهم الجنة، ثم تلا هذه الآية ﴿ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ﴾ حتى بلغ ﴿ جنات عدن يدخلونها ﴾ قال : قال فادخلهم الله الجنة جميعاً.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : العلماء ثلاثة : منهم عالم لنفسه ولغيره، فذلك أفضلهم وخيرهم. ومنهم عالم لنفسه محسن. ومنهم عالم لا لنفسه ولا لغيره، فذلك شرهم.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مسلم الخولاني قال : قرأت في كتاب الله أن هذه الأمة تصنف يوم القيامة على ثلاثة أصناف : صنف منهم يدخلون الجنة بغير حساب.
وأخرج عبد بن حميد عن كعب في قوله ﴿ جنات عدن يدخلونها ﴾ قال : دخلوها ورب الكعبة، فأخبر الحسن بذلك فقال : أبت والله ذلك عليهم الواقعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عبدالله بن الحارث أن ابن عباس سأل كعباً عن قوله ﴿ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا... ﴾. نجوا كلهم، ثم قال : تحاكت مناكبهم ورب الكعبة، ثم أعطوا الفضل بأعمالهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن الحنفية قال : أعطيت هذه الأمة ثلاثاً لم تعطها أمة كانت قبلها ﴿ منهم ظالم لنفسه ﴾ مغفور له ﴿ ومنهم مقتصد ﴾ في الجنان ﴿ ومنهم سابق ﴾ بالمكان الأعلى.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ﴾ قال : هم أصحاب المشئمة ﴿ ومنهم مقتصد ﴾ قال : هم أصحاب الميمنة ﴿ ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ﴾ قال : هم السابقون من الناس كلهم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ﴿ ذلك هو الفضل الكبير ﴾ قال : ذاك من نعمة الله.
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري « أن النبي ﷺ تلا قول الله ﴿ جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤ ﴾ فقال :» إن عليهم التيجان. ان أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب « ».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أهل الجنة حين دخلوا الجنة ﴿ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ﴾ قال : هم قوم كانوا في الدنيا يخافون الله، ويجتهدون له في العبادة سراً وعلانية، وفي قلوبهم حزن من ذنوب قد سلفت منهم، فهم خائفون أن لا يتقبل منهم هذا الاجتهاد من الذنوب التي سلفت. فعندها ﴿ قالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور ﴾ غفر لنا العظيم، وشكر لنا القليل من أعمالنا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ﴾ قال : حزن النار.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ الذي أذهب عنا الحزن ﴾ قال : ما كانوا يعملون.
وأخرج الحاكم وأبو نعيم وابن مردويه عن صهيب رضي الله عنه سمعت رسول الله ﷺ يقول :« المهاجرون هم السابقون الْمُدِلُّون على ربهم، والذي نفس محمد بيده انهم ليأتون يوم القيامة على عواتقهم السلاح، فيقرعون باب الجنة، فتقول لهم الخزنة، من أنتم؟ فيقولون : نحن المهاجرون فتقول لهم الخزنة : هل حوسبتم؟ فيجثون على ركبهم ويرفعون أيديهم إلى السماء فيقولون : أي رب أبهذه نحاسب؟! قد خرجنا وتركنا الأهل والمال والولد، فيمثل الله لهم أجنحة من ذهب، مخوّصة بالزبرجد والياقوت، فيطيرون حتى يدخلوا الجنة فذلك قوله ﴿ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ﴾ إلى قوله ﴿ ولا يمسنا فيها لغوب ﴾ قال رسول الله ﷺ فلهم بمنازلهم في الجنة أعرف منهم بمنازلهم في الدنيا ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن شمر بن عطية رضي الله عنه في قوله ﴿ الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ﴾ قال : الجوع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في قوله ﴿ الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ﴾ قال : طلب الخبز في الدنيا، فلا نهتم له كاهتمامنا له في الدنيا طلب الغداء والعشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال : ينبغي لمن يحزن أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة، لأنهم قالوا ﴿ الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ﴾ وينبغي لمن يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة، لأنهم ﴿ قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ﴾ [ الطور : ٢٦ ].
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن شمر بن عطية رضي الله عنه في قوله ﴿ الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ﴾ قال : حزن الطعام ﴿ إن ربنا لغفور شكور ﴾ قال : غفر لهم الذنوب التي عملوها، وشكر لهم الخير الذي دلهم عليه، فعملوا به، فأثابهم عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي رافع رضي الله عنه قال : يأتي يوم القيامة العبد بدواوين ثلاثة : بديوان فيه النعم. وديوان فيه ذنوبه. وديوان فيه حسناته. فيقال لأصغر نعمة عليه : قومي فاستوفي ثمنك من حسناته، فتقوم فتستوهب تلك النعمة حسناته كلها، وتبقي بقية النعم عليه وذنوبه كاملة. فمن ثم يقول العبد إذا أدخله الله الجنة ﴿ إن ربنا لغفور شكور ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ إن ربنا لغفور شكور ﴾ يقول ﴿ غفور ﴾ لذنوبهم ﴿ شكور ﴾ لحسناتهم ﴿ الذي أحلنا دار المقامة من فضله ﴾ قال : أقاموا فلا يتحوّلون ولا يحوّلون ﴿ لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ﴾ قال : قد كان القوم ينصبون في الدنيا في طاعة الله، وهم قوم جهدهم الله قليلاً، ثم أراحهم كثيراً فهنيئاً لهم.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ﴿ لا يمسنا فيها نصب ﴾ أي وجع.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ لغوب ﴾ قال : إعياء.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ﴾ قال : ستين سنة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في سننه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن النبي ﷺ قال :« إذا كان يوم القيامة قيل : أين أبناء الستين؟ وهو العمر الذي قال الله ﴿ أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ﴾ ».
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري والنسائي والبزار وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« أعذر الله إلى امرىء أخر عمره حتى بلغ ستين سنة ».
وأخرج عبد بن حميد والطبراني والروياني في الأمثال والحاكم وابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إذا بلغ العبد ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر ».
وأخرج ابن جرير عن علي رضي الله عنه في الآية قال : العمر الذي عمرهم الله به. ستون سنة.
وأخرج الرامهرمزي في الأمثال عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال :« من عمره الله ستين سنة أعذر إليه في العمر. يريد ﴿ أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ﴾ ».
وأخرج الترمذي وابن المنذر والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك ».
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : العمر ستون سنة.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ﴾ قال : هو ست وأربعون سنة.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ﴾ قال : أربعين سنة.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : اعلموا أن طول العمر حجة، فنعوذ بالله أن نعيَّر بطول العمر. قال : نزلت وإن فيهم لابن ثمانِ عشرة سنة. وفي قوله ﴿ وجاءكم النذير ﴾ قال : احتج عليهم بالعمر والرسل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ وجاءكم النذير ﴾ قال : محمد ﷺ.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ وجاءكم النذير ﴾ قال : محمد ﷺ، وقرأ ﴿ هذا نذير من النذر الأولى ﴾ [ النجم : ٥٦ ].
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ﴿ وجاءكم النذير ﴾ قال : الشيب.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ وجاءكم النذير ﴾ قال : الشيب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ هو الذي جعلكم خلائف في الأرض ﴾ قال : أمة بعد أمة، وقرناً بعد قرن. وفي قوله ﴿ أروني ماذا خلقوا من الأرض ﴾ قال : لا شيء والله خلقوا منها. وفي قوله ﴿ أم لهم شرك في السماوات ﴾ قال : لا والله ما لهم فيهما من شرك ﴿ أم آتيناهم كتاباً فهم على بينة منه ﴾ يقول : أم آتيناهم كتاباً فهو يأمرهم أن لا يشركوا بي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خرشة بن الحر رضي الله عنه قال : حدثني عبد الله بن سلام أن موسى عليه السلام قال : يا جبريل هل ينام ربك؟ فقال جبريل : يا رب ان عبدك موسى يسألك هل تنام؟ فقال الله :« يا جبريل قل له فليأخذ بيده قارورتين، وليقم على الجبل من أول الليل حتى يصبح، فقام على الجبل وأخذ قارورتين فصبر، فلما كان آخر الليل غلبته عيناه، فسقطتا فانكسرتا فقال : يا جبريل انكسرت القارورتان فقال الله : يا جبريل قل لعبدي إني لو نمت لزالت السموات والأرض ».
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق عن عكرمة قال : أسر موسى عليه السلام إلى الملائكة هل ينام رب العزة؟ قال : فسهر موسى أربعة أيام ولياليهن، ثم قام على المنبر يخطب، ورفع إليه قارورتين في كل يد قارورة، وأرسل الله عليه النعاس، وهو يخطب إذ أدنى يده من الأخرى، وهو يضرب القارورة على الأخرى، ففزع ورد يده ثم خطب، ثم أدنى يده، فضرب بها على الأخرى، ففزع ثم قال :﴿ لا إله إلا الله الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ﴾ [ البقرة : ٢٥٥ ] قال عكرمة : السنة التي يضرب برأسه وهو جالس والنوم الذي يرقد.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه، أن موسى عليه السلام قال له قومه : أينام ربك؟ قال « اتقوا الله إن كنتم مؤمنين » فأوحى الله إلى موسى : ان خذ قارورتين، فاملأهما ماء. ففعل، فنعس، فنام، فسقطتا من يده، فانكسرتا، فأوحى الله إلى موسى اني : أمسك السموات والأرض أَنْ تزولا ولو نِمْتُ لزالتا قال البيهقي رضي الله عنه : هذا أشبه أن يكون هو المحفوظ.
وأخرج الطبراني في كتاب السنة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أن بني إسرائيل قالوا لموسى عليه السلام : هل ينام ربنا؟ إلخ.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا أتيت سلطاناً مهيباً تخاف أن يسطو عليك فقل : الله أكبر، الله أعز من خلقه جميعاً، الله أعز مما أخاف وأحذر، أعوذ بالله الذي لا إله إلا هو، الممسك السموات السبع أن يقعن على الأرض إلا بإذنه، من شر عبدك فلان، وجنوده، وأتباعه، وأشياعه من الجن والإِنس.
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ قال :« إن العبد إذا دخل بيته، وأوى إلى فراشه، ابتدره ملكه وشيطانه. يقول شيطانه : اختم بشر. ويقول الملك : اختم بخير. فإن ذكر الله وحده طرد الملك الشيطان، وظل يكلؤه، وإن هو انتبه من منامه، ابتدره ملكه وشيطانه. يقول له الشيطان : افتح بشر. ويقول الملك : افتح بخير. فإن هو قال الحمد لله الذي رد إليَّ نفسي بعد موتها، ولم يمتها في منامها. الحمد لله الذي ﴿ يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليماً غفوراً ﴾ وقال الحمد لله الذي ﴿ يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم ﴾ [ الحج : ٥٦ ] قال : فإن خرج من فراشه فمات كان شهيداً، وإن قام يصلي صلّى ».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق أبي مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأرض على حوت، والسلسلة على أذن الحوت في يد الله تعالى، فذلك قوله ﴿ إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ﴾ قال : من مكانهما.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة أن كعباً كان يقول : إن السماء تدور على نصب مثل نصب الرحا. فقال حذيفة بن اليمان : كذب كعب ﴿ إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ﴾.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن شقيق قال : قيل لابن مسعود إن كعباً يقول : إن السماء تدور في قطبة مثل قطبة الرحا، في عمود على منكب ملك فقال : كذب كعب ﴿ إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ﴾ وكفى بها زوالاً أن تدور.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ فلما جاءهم نذير ﴾ قال : هو محمد ﷺ ﴿ ما زادهم إلا نفوراً، استكباراً في الأرض ومكر السيء ﴾ وهو الشرك ﴿ ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ﴾ أي الشرك ﴿ فهل ينظرون إلا سنة الأولين ﴾ قال : عقوبة الأولين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم ﴾ قال : قريش ﴿ ليكونن أهدى من إحدى الأمم ﴾ قال : أهل الكتاب. وفي قوله تعالى ﴿ ومكر السيء ﴾ قال : الشرك.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به : من مكر، أو بغي، أو نكث. ثم قرأ ﴿ ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ﴾ ﴿ يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم ﴾ [ يونس : ٢٣ ]، ﴿ فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ﴾ [ الفتح : ١٠ ].
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن أبي زكريا الكوفي عن رجل حدثه أن النبي ﷺ قال :« إياكم والمكر السيء فإنه ﴿ لا يحيق المكر السيء إلا بأهله ﴾ ولهم من الله طالب ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ﴿ فهل ينظرون إلا سنة الأولين ﴾ قال : هل ينظرون إلا أن يصيبهم من العذاب مثل ما أصاب الأولين من العذاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ وما كان الله ليعجزه ﴾ قال : لن يفوته. قوله تعالى ﴿ ولو يؤاخذ الله الناس ﴾.
وأخرج الفريابي وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : ان كان الجعل ليعذب في جحره من ذنب ابن آدم، ثم قرأ ﴿ ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ﴾ والله أعلم.