ﰡ
قال الله تعالى ﴿ وَالأَرْحَامَ ﴾ ( ١ ) منصوبة أي : اتقوا الأَرْحام. وقال بعضهم ﴿ والأَرْحامِ ﴾ جرّ. والأوَّلُ أحسن لأنك لا تجري الظاهر المجرور على المضمر المجرور.
و [ قال تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ ( ١ ) ] تقول من " الرقيب " : " رَقَبَ " " يَرْقُبُ " " رَقْباً " و " رَقُوبا ".
وقال ﴿ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ [ ٩٢ب ] فَوَاحِدَةً ﴾ ( ٣ ) يقول : " فانكِحوا واحدة ﴿ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾. أي : انكحوا ما ملكت أيمانكم. وأما ترك الصرف في ﴿ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ﴾ ( ٣ ) فانه عدل عن " اثنين " و " ثَلاثٍ " و " أَربعٍ " كما انه من عدل " عُمَر " عن " عامِر " لم يصرف. وقال تعالى ﴿ أُوْلِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ﴾ فنصب. وقال ﴿ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ﴾ فهو معدول كذلك، ولو سميت به صرفت لأنه إذا كان اسما فليس في معنى " اثنين " و " ثلاثة " و " أربعة ". كما قال " نَزَالِ " حين كان في معنى " انزِلوا " وإذا سميت به رفعته.
قال الشاعر :[ من الوافر وهو الشاهد الثاني والستون بعد المائة ] :
أَحَمَّ اللّهُ ذلِكَ مِنْ لِقاءٍ | أُحادَ أُسادَ في شَهْرٍ حَلال |
وَلَكِنَّما أَهْلِي بِوادٍ أَنِيسُه | ذِئابٌ تَبَغَّى الناسَ مَثْنَى وَمْوحَدا |
وقال ﴿ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً ﴾ ( ٤ ) فقد يجري الواحد مجرى الجماعة لأنه إنما أراد " الهَوى " و " الهَوى " يكون جماعة. قال الشاعر :[ من الطويل وهو الشاهد الرابع والستون بعد المائة ] :
[ ٩٣ء ] بِها جِيَفُ الحَسْرى فأَمَّا عِظامُها | فَبِيضٌ وأمّا جِلْدُها فصَليبُ |
وقال ﴿ إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ ﴾ ( ٦ ) يقول لا تأكُلُوها مبادرةَ أَنْ يَشُبُّوا.
عَشِيَّةَ ما وَدَّ ابْنُ غَرَّاءَ أْمُّهُ | لَها مِنْ سِوانا إذْ دَعَا أَبَوانِ |
وقال ﴿ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ ﴾ ( ١١ ) فهذه الهاء التي في " أبويه " ضمير الميت لأنه لما قال ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ ﴾ ( ١١ ) كان المعنى : يوصي اللّهُ الميتَ قبلَ موتِهِ بأنَّ عَليْه لأَبويهِ كذا ولوَلَدِه كذا. أي : فلا يأخُذَنَّ إلاّ ماله.
وقال ﴿ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ ﴾ ( ١١ ) فيذكرون أن الأخوة اثنان ومثله " إنّا فَعَلْنا " وأنتما اثنان، وقد يشبه ما كان من شيئين وليس مثله، ولكن اثنين قد جعل جماعة [ في ] قول الله عز وجل ﴿ إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾ وقال ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا ﴾ وذلك أن في كلام العرب إن كل شيئين من شيئين فهو جماعة وقد يكون اثنين في الشعر [ قال الشاعر ] :
[ من الطويل وهو الشاهد السادس والستون بعد المائة ] :
[ ٩٤ء ] بِما فِي فُؤادَيْنا من الشَوْقِ والهَوى | فَيُجْبَرُ مُنْهاضُ الفُؤَادِ المُشَعَّفُ |
هُما نَفَثا فِي فِيَّ مِنْ فَمَوَيْهِما | على النّابِحِ العاوِي أَشَدّ لِجامِ |
لا نُنْكِرُ القَتْلَ وقد سُبِينا | في حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وَقَدْ شُجِينا |
كُلُوا في بَعْضِ بَطْنِكُمُ تَعَفُّوا | فإِنَّ زَمانَخكُمْ زَمَنَ خَمِيصُ |
وقال ﴿ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا ﴾ ( ١١ ) لأنه ذكر الرجل حين قال ﴿ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ ﴾ ( ١١ ) وقال بعضهم ﴿ يُوصِى ﴾ وكلٌّ حسن. ونظير ﴿ يُوصِي ﴾ بالياء.
فِدَى لِبَنِي ذُهْلِ بنِ شَيْبانَ نَاقَتِي | إذا كانَ يَوْمٌ ذُو كواكِبَ أشهَبُ |
وقال ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ ﴾ ( ٢٥ ) فرفع ﴿ بَعْضُكُمْ ﴾ على الابتداء.
وقال ﴿ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ﴾ ( ٢٥ ) لأن : " الأَهْلَ " جماعة ولكنه قد يجمع فيقال : " أَهْلُونَ " كما تقول : " قَوْمٌ " و " أقوامٌ " فتجمع الجماعة [ ٩٥ء ] وقال ﴿ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا ﴾ فجمع. وقال ﴿ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ﴾ فهذه الياء ياء جماعة فلذلك سكنت وهكذا نصبها وجرها بإسكان الياء وذهبت النون للإضافة.
وقال ﴿ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ ( ٢٥ ) يقول : " والصَبْر خَيْرٌ لكم ".
وقال ﴿ والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض ﴾ ( ٢٥ ) أي : الله أعلم بإيمان بعضكم من بعض.
الحَمْدُ للّهِ مُمْسانا وَمُصْبَحنَا | بِالْخَيْرِ صَبَّحنا رَبِّي وَمَسَّانا |
تَراهُ كالثُّغَامِ يُعَلُّ مِسْكاً | يَسُوءُ الفالِياتِ إِذَا فَلَيْنِي |
أبِالموتِ الذي لا بُدَّ أَنِّي | مُلاقٍ - لا أَبَاكِ - تُخَوِّفِيني |
مِسْنَا السَّماءَ فَنِلْناها وَطَالَهُمُ | حَتَّى رَأَوْا أُحُداً يَهْوِي وَثَهْلانا |
* الناسُ جَنْبٌ والأَمِيرُ جَنْبُ *
يريد ب " جَنْب " : الناحية. وهذا هو المتنحى عن القرابة فلذلك قال " جَنِبٌ " و " الجُنُبُ " أَيْضاً : المجانبُ للقرابة ويقال : " الجانِبُ " أيضا.
وأما ﴿ الصَّاحِبِ بِالجَنْبِ ﴾ ( ٣٦ ) فمعناه : " هو الذي بجنبك "، كما تقول " فلان بجنبي " و " إلى جنبي ".
قال ﴿ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً ﴾ ( ٤٢ ) أيْ : لا تَكْتُمُهُ الجوارحُ أو يقول : " لا يَخْفى عَلَيْهِ وإنْ كَتَمُوهُ ".
وقال ﴿ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ ﴾ ( ٤٣ ) لأنه قال ﴿ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ﴾ ( ٤٣ ) فقوله ﴿ وأَنْتُمْ سُكَارَى ﴾ في موضع نصب على الحال، فقال ﴿ وَلاَ جُنُباً ﴾ على العطف كأنه قال : " وَلا تَقْرَبُوها جُنْباً إِلاّ عابِري سَبِيلٍ " كما تقول : " لا تَأْتِي إِلاّ رَاكِباً ".
كَأَنَّكَ منْ جِمالِ بَنِي أُقَيْشٍ | يُقَعْقَعُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ |
﴿ وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً ﴾ ( ٤٦ ) وقوله ﴿ رَاعِنَا ﴾ أي : " راعِنا سَمْعَكَ. في معنى : أَرِعْنا. وقوله ﴿ غَيْرَ مُسْمِعٍ ﴾ أي : لا سَمِعْتُ [ ٩٧ب ] أي : لا سُمِعْتَ وأما ﴿ غَيْرَ مُسْمِعٍ ﴾ أي : لا يُسْمَعُ مِنْكَ فأَنْتَ غَيْر مُسْمِعٍ.
وقال ﴿ وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ ﴾ ( ٤٦ ). وإنما قال ﴿ وَانْظُرْنَا ﴾ لأَنَّها من " نَظَرْتُه " أي : " انْتَظَرْتُهُ ". وقال ﴿ انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ ﴾ أي : انْتَظِرُوا. وأما قوله ﴿ يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ﴾ فإنما هي : إلى قَدَّمَتْ يَداه. قال الشاعر :
[ من الخفيف وهو الشاهد السابع والسبعون بعد المائة ] :
ظاهِراتُ الجَمالِ والحُسْنِ يَنْظُرْ | نَ كَما تَنْظُرُ الأَراكَ الظِّباءُ |
وقال ﴿ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ ﴾ ( ٩٢ ) أي : فعليه ذلك.
وقال ﴿ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ ﴾ ( ٩٢ ) [ أي ] : فَعَلَيْكُمْ ذلِكَ إلاَّ أَنْ يَصَّدّقوا*.
*عاوِدْ هَراةَ وإِنْ مَعْمُورُها خَرَبا | ........ |
وقال ﴿ وَإِن* تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ ﴾ ( ١٣٥ ) لأنها من " لَوى " " يَلْوِى ". وقال بعضهم ﴿ وإِنْ تَلُوا ﴾ فان كانت لغة فهو لاجتماع الواوين، ولا أراها إِلاّ لحناً إلاّ على معنى " الوِلاية " وليس ل " الوِلايَة " معنى ها هنا إلا في قوله " وإِنْ تَلُوا عَلَيْهِم " فطرح ﴿ عَلَيْهِم ﴾ فهو جائز.
[ و ] قال﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً ﴾ ( ١٦٤ ) الكلام خلق من الله على غير الكلام منك وبغير ما يكون منك. خلقه الله ثم أوصله إلى موسى.
فَفواعِديه سَرْحَتَيْ مالِكٍ | أو الرُّبا بَينَهُما أسَهْلا |