بسم الله الرحمن الرحيم
سورة تبت( ١ ) مكية( ٢ )٢ ساقط من م. وانظر: الإجماع على مكيتها في تفسير الماوردي ٤/٥٣٨ والمحرر ١٦/٣٧٨ وزاد المسير ٩/٢٥٨ والدر ٨/٦٦٥ وروح المعاني ٣٠/٣٣٢..
ﰡ
وقيل: عتيبة هو الذي أكله الأسد بدعاء رسول الله - ﷺ - وعتبة أسلم وأبلى.
قوله تعالى: ﴿تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ إلى آخرها.
أي: خسرت يدا أبي لهب، وقد خسر. فالأول [دعاء] والثاني [خبر]، كما تقول: [أهلكه] الله وقد هلك وفي قراءة عبد الله: " وقد تب " ووقع الإخبار والدعاء عن اليدين على طريق المجاز، والمراد صاحبهما، يدل على ذلك قوله: ﴿وَتَبَّ﴾ ولم يقل: وتبتا.
وقيل: هو حقيقة، وذلك أن أبا لهب أراد أن [يرمي] رسول الله ﷺ فمنعه الله من ذلك، ونزلت: ﴿تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾، فالأولى على الحقيقة لليدين، والثانية لأبي لهب، لأنه إذا خسرت يداه فقد خس هو.
وروي أن النبي ﷺ خص عشيرته بالدعوة إذ نزل عليه: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين﴾ [الشعراء: ٢١٤] فجمعهم ودعاهم وأنذرهم، فقال له أبو لهب: تباً لك سائر اليوم ألهذا دعوتنا، فأنزل الله ﴿تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾.
قال ابن عباس: " صعد النبي ﷺ ذات يوم [الصفا]، فقال: يا صاحباه، فاجتمعت إليه قريش فقالوا: ما لك؟ فقال: أرأيتكم إن (أخبرتكم) أن العدو
وكان اسم أبي لهب: عبد العزى، فذلك ذُكَِ بكنيته في القرآن.
وقوله: ﴿مَآ أغنى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ﴾ إن جعلت ما أستفهاما كانت في موضع (نصب) بأغنى، وإن جعلتها نفيا كانت حرفا، وقدَّرْتَ مفعولاً محذوفاً، أي: ما أغنى عنه ماله شيئاً.
والمعنى: ما يغني عنه ماله في الآخرة وفي الدنيا إذا جاءه الموت.
وقوله: ﴿مَآ أغنى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ﴾، يعني ما اقتنى من الموال والأغراض.
قال مجاهد: " وَمَا كسَبَ ولده ". وقيل: معناه: وما كسب من مال وجاه.
ثم قال تعالى: ﴿سيصلى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ﴾ روي عن أبي بكر عن عاصم أنه قرأ " سَيُصْلَى " بضم الياء والمعنى: سَيُقَاسِي حرَّ نارٍ ذاتِ توقُّدٍ وتَلَهُّبٍ.
وقوله: ﴿حَمَّالَةَ الحطب﴾ نعت للمرأة وهي أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب عَمَّةُ معاوية، نعتت بهذا لأنه قد كان له زوجات غيرها.
وقيل: نعتت به على طريق [التخسيس] [لها] عقوبة لأذَاها رسول الله ﷺ.
ويجوز أن تكون ﴿وامرأته﴾ [متبدأ] و ﴿حَمَّالَةَ الحطب﴾ نعت، وفي ﴿فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ﴾ ابتداء وخبر في موضع خبر (لامرأة، ويجوز أن يكون
ويجوز أن ترتفع " حَمَّالةُ الحطب " على البدل من [﴿وامرأته﴾ وتكون (معنى) الخبر ﴿فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ﴾ الجملة إن جعلت ﴿وامرأته﴾ [مبتدا].
ويجوز أن يكون ﴿حَمَّالَةَ الحطب﴾ / نكرة [يراد] به الاستقبال على ما سنذكره من قول المفسرين في معناه. ويجوز أن يكون معرفة يراد به الماضي على ما سنذكره من قول المفسرين.
فإن جعلت " المرأة " عطفاً على المضمر في ﴿سيصلى﴾ كان ﴿فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ﴾ في موضع الحال من المرأة.
ومن [نصب] (حمَّالة) [نصبه] على الذم.
[وقيل إن ﴿حَمَّالَةَ الحطب﴾ تمثيل لأذاها رسول الله ﷺ، والعرب تقول: فلان] يحطب على فلان، أي [يُغْري به] [وَيُؤذِيهِ] فشبه الحطب [بالعداوة].
وقيل: معنى ﴿حَمَّالَةَ الحطب﴾ أي: [الخطايا و] الذنوب والفواحش، كما
وقوله: ﴿فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ﴾ أي: في عنقها، والجيد: العُنُقُ.
قال الضحاك: " هو حبل من شجر، وهو الحبل الذي كانت تحتطب به، [وقاله] ابن عباس. وقال ابن زيد: هي حبال من شجر [ينبت] باليمن يقال لها: مسد.
وقيل: ﴿حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ﴾، أي: " حبل من نار في رقبتها ". وقال السدي: المسد: الليف.
وقال عروة: " هو سلسلة من حديد ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً ". (وقال سفيان:
وقال عكرمة: ﴿مِّن مَّسَدٍ﴾ هي: " [الحدِيدَةُ] التي في وسط البكرة " وروي ذلك أيضا عن مجاهد.
وقال قتادة: ﴿حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ﴾: " [قِلاَدَة] " من ودع.
فمن جعل هذا إخبار عما يكون في النار من حالها كانت ﴿حَمَّالَةَ الحطب﴾ نكرة لأنه يراد به الاستقبال، فلا يحسن أن يكون صفة ل ﴿امرأته﴾.
ومن جعله بمعنى قد مضى مثل [مشيها] بالنمائم وحَمْلِها الشوك لطريق رسول الله ﷺ، ف ﴿حَمَّالَةَ الحطب﴾ معرفة يحسن أن [تكون] صفة ل ﴿امرأته﴾. والوقف في هذه السورة على مقدار ما تَقَّدَّرَ مما تَقَدَّمَ ذكره من النعت والخبر.