ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
١ - ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ﴾ قال الفراء (٢)، والزجاج (٣): (أنْ) في موضع (٤) نصب؛ لأنك أسقطت منه الخافض، لأن الأصل بأن أنْذِرْ قَوْمَكَ، فلما سقطت الباء أفضى الفعل إلى (أن) فنصبها.قال أبو إسحاق: ويجوز أن يكون [أنْ] (٥) تفسيرًا لما أرسل به، فيكون المعنى (٦): إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه أن أنذر قومك (٧).
وقوله: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ قال الكلبي (٨)، ومقاتل (٩):
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ١٨٧ نقله عنه الإمام الواحدي بالمعنى.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٧ نقله عنه بتصرف.
(٤) بياض في: (ع).
(٥) ساقطة من النسختين، والمثبت من "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج: ٥/ ٢٢٧.
(٦) بياض في: (ع).
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٤ بنصه.
(٨) "النكت والعيون" ٦/ ٩٨، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٩٨، و"فتح القدير" ٥/ ٢٩٦.
(٩) "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٣٤.
قوله: ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ﴾ (أن) في محل نصب بقوله: [مبين]، أي: أبين لكم. قال مقاتل (٢) (٣)، والكلبي (٤): وحدوا الله.
﴿وَأَطِيعُونِ﴾ في التوحيد (٥).
٤ - وقوله (٦): ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾ قال أبو إسحاق: دخلت (من) تختص الذنوب من سائر الأشياء لم تدخل (٧) لتبعيض الذنوب كقوله: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ (٨) [الحج: ٣٠].
وقال غيره (٩): (من) بمعنى: (عن)، والمعنى: يصفح لكم عن
(٢) غير مقروء في: (ع).
(٣) قول مقاتل في: "تفسير مقاتل" ٢١٠/ أ.
(٤) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٥) بياض في: (ع).
(٦) في (أ): قوله: من غير واو.
(٧) في (أ): يدخل.
(٨) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٨ بتصرف، وقد رد ابن عطية هذا المعنى فقال: "وهذا ضعيف؛ لأنه ليس هنا جنس يبين". "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٢.
(٩) قاله الفراء في "معاني القرآن" ٣/ ١٨٧، وقد رد هذا أيضًا ابن عطية فقال: "وهذا غير معروف في أحكام "من". المرجع السابق.
ويجوز أن يريد: يغفر لكم السالفة من ذنوبكم، وهي بعض الذنوب التي تضاف إليهم، ولما كانت ذنوبهم التي يستأنفونها لا يجوز الوعد بغفرانها على الإطلاق قيدت بهذا التقييد (٢).
قال مقاتل: (من) هاهنا صلة، يعني: يغفر لكم ذنوبكم (٣). (ونحوه قال الكلبي (٤)) (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾، قال الفراء: يريد إلى أجل تعرفونه لا يميتكم غرقاً، ولا حرقاً (٦)، ولا قتلاً.
وليس في هذا حجة لأهل القدر (٧) (٨)؛ لأنه إنما أراد: مسمى عندكم -قال-، ومثله قوله: ﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧]، أي: عندكم في
(٢) وقد اعتبر ابن عطية هذا القول من أبين الأقوال عنده. مرجع سابق.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢١٠/ أ، وقد رد السمرقندي قول مقاتل في "بحر العلوم" ٣٠/ ٣٥٦.
(٤) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٥) ساقطة من: (أ).
(٦) في (أ): خوفًا.
(٧) أهل القدر: هم المعتزلة، ومن مذهبهم في ذلك أن العباد الخالقون لأفعالهم، والمستقلون في أعمالهم، بدون سبق قدر؛ وقد تقدم الكلام عنهم.
(٨) حيث تعلق بقوله: ﴿وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾، المعتزلة في قولهم: إن للإنسان أجلين، وذلك أنهم قالوا: لو كان واحدًا محدودًا لما صح التأخير إن كان الحد قد بلغ، ولا المعاجلة إن كان الحد لم يبلغ. قاله ابن عطية، انظر: "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٣. ولهذا فعندهم أن المقتول مات بالقتل، وليس بأجله، ولو لم يقتل لعاش. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" ١٤٩.
قال الزجاج: أي يؤخركم عن العذاب، فتموتوا غير ميتة المُستأصَلين بالعذاب (٢). هذا كلامهما.
(وليس فيه ما يَدفع قول أهل (٣) القدر؛ لأن ظاهر قوله: ﴿وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ أنهم إذا آمنوا (٤) بقوا إلى أجلهم المسمى، وإذا لم يؤمنوا عوجلوا بالعذاب قبل الأجل، والصحيح في هذا ما روى عطاء عن ابن عباس قال: ينسى في أعماركم (٥)؛ وذلك أن الله كان قد قضى قبل أن خلقهم، أنهم إن آمنوا بارك الله في أعمارهم (٦)، وإن لم يؤمنوا عوجلوا بالعذاب المهلك، فبأي الأجلين (٧) هلكوا كان ذلك بقضاء من الله وقدر.
هذا معنى قول ابن عباس: (ينسى في أعماركم (٨)) (٩).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٨ بنصه.
(٣) في (أ): هذا.
(٤) غير واضحة لبياض في: (ع).
(٥) "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٩٩.
(٦) بارك الله في أعمارهم: غير واضح في: (ع).
(٧) بالعذاب المهلك فبأي الأجلين: غير واضح في: (ع).
(٨) غير واضح لبياض في: (ع).
(٩) ما ورد بين القوسين من كلام الواحدي، وهو يدل على أمرين: أحدهما: ترجيح الإمام الواحدي إلى ما ذهبت إليه المعتزلة من إثبات أن للإنسان أجلين، وهذا ما يُفهم من قوله: "وليس فيه ما يدفع قول أهل القدر إلى قوله: وإذا لم يؤمنوا عوجلوا بالعذاب قبل الأجل". فتضعيفه لقولي الإمامين أراد به تقوية جانب الاستدلال بظاهر الآية إلى ما تزعمه المعتزلة من أن للإنسان أجلين. هذا وإن كان ما ذهب إليه الإمامان من رد على القدرية، فوجهه ضعيف؛ لأن ما ذكراه من معنى صحيح في =
الثاني: موافقته إلى ما ذهبت إليه المعتزلة، يفهم ذلك من قوله: "والصحيح في هذا ما روى عطاء عن ابن عباس إلى قوله: وإن لم يؤمنوا عوجلوا بالعذاب المهلك، فبأي الأجلين أهلكوا كان ذلك بقضاء من الله وقدر" حيث أقر -بقوله هذا- أن للإنسان أجلين، وهو ما تقول به المعتزلة. هذا وقد اختار الطحاوي هذا القول في مشكل الآثار: ٤/ ١٧٠. وقد اختلفت أقوال العلماء في تفسير الآية، وما شاكلها من أحاديث، كنحو ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه-، وحديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "من سره أن يبسط عليه رزقه، أو ينسأ في أثره، فليصل رحمه". صحيح مسلم: ٤/ ١٩٨٢: ح: ٢٥٥٧، كتاب البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم. ولتفصيل هذه المسألة انظر: القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة: لعبد الرحمن صالح المحمود -رسالة ماجستير-: ٣٢٧. والراجح من الأقوال في مسألة الآجال، وهل تتغير أم هي محددة؟ قول من ذهب إلى أن القدر لا يتغير، وأن التغيير والتبديل لا يكون أبدًا؛ لأن الذي سبق في علم الله كائن لا يتغير، وعلم الله كامل، أحاط بكل شيء، ومنه ما هو كائن، وأن الذي يجوز عليه التغيير والتبديل ما يبدو للناس من عمل العامل، أو ما في علم الحفظة والموكلين بالآدمي، فيقع المحو والإثبات، بمعنى أن ما في اللوح المحفوظ لا يتغير، وما سواه من صحف الملائكة الموكلين بالآدمي قد يدخله التغيير؛ لأن الملائكة لا يعلمون إلا ما علمهم الله، والله يعلم الأشياء قبل كونها. وهذا القول هو الذي عليه المحققون، كابن تيمية في: "مجموع الفتاوى" ٤/ ٤٩٠ - ٤٩٢، وابن حجر في "فتح الباري" ١١/ ٤٤٨، والشيخ السعدي في "تيسير الكريم الرحمن" ٢/ ٤٧٦.
وأما قول ابن عباس: "وينسى لكم في أعماركم" إلا يعارض القول الراجح، =
والمعنى على هذا القول: يؤخركم من العقوبات والشدائد إلى آجالكم، لا من المهلكات.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ﴾ يعني أجل الموت، وأجل العذاب، وكل أجل مسمى عند الله لشيء إذا جاء لم يؤخر.
والمعنى: آمنوا قبل الموت تسلموا من العقوبات، فإن أجل الموت إذا حل لم يؤخر، فلا يمكنكم الإيمان إذا جاء الأجل.
وعليه، فليس في الآية ولا في أحاديث الدعاء وصلة الرحم ما يدل على قول المعتزلة من أن للإنسان أجلين، إن آمن أو لم يؤمن، أو وصل رحمه أو لم يصل رحمه، بل أجل واحد محدود، لا يتقدم ولا يتأخر، وهذه الأمور المذكورة من جملة الأسباب المأمور بها، وهي ومسبَّبُها بقدر. قال ابن عطية: وليس في الآية تعلق، لأن المعنى أن نوحًا عليه السلام لم يعلم هل هم ممن يؤخر أو ممن يعاجل، ولا قال لهم: إنكم تؤخرون عن أجل قد حان لكم، لكن سبق في الأزل أنهم إما ممن قضي لهم بالإيمان والتأخير، وإما ممن قضي عليه بالكفر والمعاجلة، ثم تشدد هذا المعنى ولاح لقوله تعالى: ﴿إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ﴾ "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٣. وكل ما ذكرته من تحقيق لقول الواحدي قد نقلته عن د. عبد الرحمن بن صالح المحمود بشيء من التصرف، من الكتابة الخطية له، والمحررة ليلة السبت ١١/ ١/ ١٤١٨ هـ.
(١) غير واضح لبياض في: (ع).
(٢) "تفسير مقاتل" ٢١٠/ أ، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٩٩، و"فتح القدير" ٥/ ٢٩٧.
وقال قتادة: هو أنه كان الرجل يذهب بابنه إلى نوح فيقول: احذر لا يغرك، فإن أبي قد ذهب بي إليه وأنا مثلك، فحذرني كما حذرتك (٢).
وقوله: ﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ﴾ قال صاحب النظم: ظاهر هذا أن المغفرة جزاء لدعائهم، وهو في الباطن جزاء.
المعنى: هو سبب ادعائهم، وهذا مقتضى من قوله: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾ فالتأويل: وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم؛ لأمرهم بعبادة الله واتقائه وطاعته لتغفر لهم.
وقوله: ﴿وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ﴾ قال ابن عباس: جعلوا ثيابهم على رؤوسهم لئلا يسمعوا كلامي (٣).
وقال مقاتل: غطوا رؤوسهم لئلا يسمعوا دعائي (٤).
٨ - قوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (٨)﴾ قال ابن عباس:
(٢) "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣١٩، و"جامع البيان" ٢٩/ ٩٢، و"النكت والعيون" ٦/ ١٠٠، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٣، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٩، وعزاه أيضا إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(٣) "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٠٠، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٩ وعزاه إلى سعيد بن منصور وابن المنذر.
(٤) "تفسير مقاتل" ٢١٠/ أ.
وقال أبو إسحاق: أي دعوتهم مظهرًا لهم الدعوة، و ﴿جَهَارًا﴾ منصوب مصدر موضوع موضع الحال (٣) (٤). المعنى: دعوتهم مجاهرًا لهم بالدعاء إلى توحيد الله وتقواه (٥).
﴿ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ﴾ قال مجاهد (٦)، (ومقاتل) (٧): صحْت بهم (٨).
﴿وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا﴾ فيما بيني وبينهم.
قال ابن عباس: يريد الرجل بعد الرجل، أكلمه سرًا فيما بيني وبينه (٩)، أدعوه إلى عبادتك، وتوحيدك. (١٠)
وقال الزجاج: إني خلطت دُعاءهم بالعلانية بدعاء السر (١١).
(٢) "معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٧، و"زاد المسير" ٨/ ٩٨، و"لباب التأويل" ٤/ ٣١٢.
(٣) بياض في: (ع).
(٤) يجوز أن يكون مصدرًا من المعنى؛ لأن الدعاء يكون جهارًا وغيره، فهو من باب قعد القرفصاء، وأن يكون المراد بدعوتهم: جاهرتهم، وأن يكون نعت مصدر محذوف، أي دعاء جهارًا. انظر: "الدر المصون" ٦/ ٣٨٣.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٨ - ٢٢٩ بنصه.
(٦) "جامع البيان" ٢٩/ ٩٣، و"النكت والعيون" ٦/ ١٠١، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٠١، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٩٠، وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٧) ساقطة من: (أ).
(٨) "تفسير مقاتل" ٢١٠/ أ.
(٩) قاله مجاهد: انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٩٣.
(١٠) "معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٨، و"زاد المسير" ٨/ ٩٨، و"لباب التأويل" ٤/ ٣١٢.
(١١) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٩ بنصه.
والمعنى: استدعوا مغفرة ربكم بالتوحيد، وترك الشرك.
﴿يُرْسِلِ السَّمَاءَ﴾، أي: ماء السماء، ويجوز أن يكون المراد بالسماء المطر لقوله: ﴿مِدْرَارًا﴾، وهو الكثير الدرّ، والدر تخلّب (٢) الشيء حالاً بعد حال، يقال: درت الناقة، ودر اللبن، يدرّ ويدُرّ دَرّاً ودُرُوراً، ودَرت السحاب، ودرّ المطر (٣).
قال مقاتل: (مدراراً (٤)): متتابعاً (٥).
﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾ قال عطاء: يكثر أموالكم، وأولادكم (٦).
﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ﴾ يعني البساتين (٧).
(٢) الخُلَّب: السحاب يُومِضُ بَرْقُه حتى يُرْجَى مطرُه، ثم يُخْلِف، ويقلع، وينقشع، وكأنه من الخِلابة، وهي الخداع بالقول اللطيف. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير: ٢/ ٥٨.
(٣) انظر مادة: (درّ) في "تهذيب اللغة" ١٤/ ٦٠، و"الصحاح" ٢/ ٦٥٦، و"لسان العرب" ٤/ ٢٨٠. وانظر أيضًا: المفردات: للراغب الأصفهاني: ١٦٦ - ١٦٧.
(٤) بياض في: (ع).
(٥) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٦) "فتح القدير" ٥/ ٢٩٨.
(٧) قال بذلك الطبري في: "جامع البيان" ٢٩/ ٩٤، والزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٩، والسمرقندي في: "بحر العلوم" ٣/ ٤٠٧، والثعلبي في: "الكشف والبيان" ١٢: ١٨٨/ أ.
وقال أبو إسحاق (٣): أعلمهم أن إيمانهم بالله يجمع لهم من الحظ الوافر في الآخرة، والخِصْب والغنى في الدنيا (٤).
قوله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣)﴾ الرجاء هاهنا بمعنى الخوف -ذكرنا ذلك فيما تقدم (٥) -
ومنه قول الهذلي (٦):
إذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لمْ يَرْجُ لسْعَها (٧)
(٢) "تفسير مقاتل" ٢١٠/ أ.
(٣) بياض في: (ع).
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٩ بنصه.
(٥) منها في سورة يونس: ١٥: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (٧)﴾ فجاء أيضًا أن الرجاء: الخوف. والآية: ١٥ من السورة نفسها: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥)﴾. جاءت في تفسير الرجاء أنه الخوف. انظر: تفسير البسيط: ٣: ٥/ أ. وكذا سورة الفرقان: ٢١: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (٢١)﴾ وأيضًا جاء تفسير الرجاء: الخوف. المرجع السابق: ٤/ ٦٣/ ب.
(٦) الهذلي: هو أبو ذؤيب؛ خويلد بن خالد بن محرث بن زبيد بن مخزوم بن هزيل، تقدم.
(٧) هذا صدر بيت، وعجزه: =
يعني مالكم لا تخافون لله عظمة، وهو قول أبي عبيدة (٢)، والفراء (٣)، والزجاج (٤)، (وابن قتيبة (٥)، والكلبي (٦)) (٧).
وعند الفراء برواية: "الدبر" بدلًا من "النحل"، و"حالفها" بدلًا من "خالفها"، و"عوامل" بدلًا من "عواسل". وموضع الشاهد: "لم يرْجُ"، ومعناه: لم يخف، ولا يكون هذا إلا مع النفي. ومعنى "النوب": ذكر النحل. انظر: شرح أبيات "معاني القرآن" ٢٩٦: ش: ٦٦٣. وقد ورد البيت منسوبًا في كتب اللغة، مادة: (رجا). انظر: "تهذيب اللغة" ١١/ ١٨٢، برواية: "لسعتها"، و"معجم مقاييس اللغة": ٢/ ٤٩٥، و"الصحاح" ٦/ ٢٣٥٢، و"لسان العرب" ١٤/ ٣١٠، و"تاج العروس" ١٠/ ١٤٥، ديوان الهذليين: ١/ ١٤٣. وأيضًا: أبو ذؤيب الهذلي: حياته وشعره: ٩٩، كتاب "الأضداد" لابن الأنباري: ١٠، و"معاني القرآن" للفراء: ١/ ٢٨٦، و٢/ ٢٦٥، وفي: ج ٢ غير منسوب، كتاب "الأضداد" للسجستاني: ٨١، كتاب "الأضداد" لابن السكيت: ١٧٩. وأيضًا في: "جامع البيان" ٢٩/ ٩٥، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٤، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٣٨، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٩١، و"فتح القدير" ٥/ ٢٩٨، و"روح المعاني" ٢٩/ ٧٣. وورد غير منسوب في: "معاني القرآن" للأخفش: ٢/ ٧١٥.
(١) انظر: مادة: (وقر) في "تهذيب اللغة" ٩/ ٢٨٠، و"الصحاح" ٢/ ٩٤٩.
(٢) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٧١.
(٣) "معاني القرآن" ٣/ ١٨٨.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٩.
(٥) تفسير غريب القرآن: ٤٨٧.
(٦) "الكشف والبيان" ١٢: ١٨٨ /ب.
(٧) ساقطة من: (أ).
وقال الحسن: ما لكم لا تعرفون لله حقاً، ولا تشكرونه (٣).
وقال مجاهد: لا تُبالون عظمة ربكم (٤).
وقال قتادة: لا ترجون لله عاقبة (٥).
وقال ابن زيد (٦): لا ترون لله طاعة (٧).
ومعنى هذه الأقوال واحد (٨)، وهو أنهم لو عظموا الله، وعرفوا حق
(٢) قوله: حق عظمة الله غير واضح في: (ع).
(٣) "الكشف والبيان" ١٢: ١٨٨/ أ، و"النكت والعيون" ٦/ ١٠١، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٩، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٠٣، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٩١، و"فتح القدير" ٥/ ٢٩٨، شعب الإيمان: ١/ ٤٦٥: ح: ٧٣٢.
(٤) المراجع السابقة عدا: معالم التنزيل، والقرطبي، وقد عزاه صاحب الدر إلى سعيد ابن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وانظر: "فتح الباري" ٨/ ٦٦٧، و"شعب الإيمان" ١/ ٤٦٥: ح: ٧٣٠.
(٥) "جامع البيان" ٢٩/ ٩٥، و"الكشف والبيان" مرجع سابق، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٠٣، و"فتح القدير" ٥/ ٢٩٨.
(٦) في (أ): ابن دريد، وهو تصحيف، فابن دريد عالم في اللغة.
(٧) ورد قول ابن زيد في: "جامع البيان" ٢٩/ ٩٥، و"الكشف والبيان" ١٢: ١٨٨/ أ، و"النكت والعيون" ٦/ ١٠١، و"زاد المسير" ٨/ ٩٨، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٠٣، و"فتح القدير" ٥/ ٢٩٨.
(٨) بياض في: (ع).
وهذا معنى قول مقاتل: فمن (٢) لم يوحده لم يعظمه (٣).
(والمعنى: لمَ لا تعظمونه فتوحدونه، وقد جعل في أنفسكم (٤) آية تدل على توحيده: من خلقه إياكم، ومن خلق السموات والأرضين) (٥)، فقال عز وجل: ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (١٤)﴾
قال المفسرون: يعني نطفة، ثم علقة، ثم شيئاً بعد شيء (٦)، إلى آخر الخلق، وطوراً (٧) بعد طور ينقلكم من حال إلى حال (٨) (٩).
قال الليث: الطور: التارة، تقول: طَوْرًا بعد طَوْرٍ: أي تارة بعد تارة، والناس أطوار، أي: أخياف (١٠) على حالات شتى (١١).
(٢) غير واضحة لبياض في: (ع).
(٣) "تفسير مقاتل" ٢١٠/ أ.
(٤) بياض في: (ع).
(٥) ما بين القوسين نقله الإمام الواحدي عن الزجاج بشيء من التصرف: ٥/ ٢٢٩.
(٦) غير واضحة لبياض في: (ع).
(٧) غير واضحة لبياض في: (ع).
(٨) بياض في: (ع).
(٩) وممن قال بذلك من المفسرين: ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد. انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٩٥ - ٩٦، وعن يحيى بن رافع، وعكرمة، والسدي. انظر: "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٥٣، وتفسير السدي الكبير: ٤٦٢، وعن مطر؛ انظر: الدر: ٨/ ٢٩١. وذهب إلى هذا القول: الفراء ٣/ ١٨٨، والزجاج ٥/ ٢٢٩، والثعلبي ١٢/ ١٨٨ ب، والبغوي ٤/ ٣٩٨، وابن الجوزي ٨/ ٩٨، والقرطبي، وعزاه إلى ابن عباس.
(١٠) أخياف: أي يسْتوون. "تهذيب اللغة" ٧/ ٥٩١ (خيف).
(١١) ورد قول الليث في تهذيب اللغة، نقله بنصه: ١٤/ ١١٠ (وطر). وانظر: "الصحاح" ٢/ ٧٢٧: (طور).
(ثم) (٢) وعظهم ليعتبروا في صنعه فقال:
١٥ - ﴿أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ الله سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥)﴾ قال ابن عباس: بعضها (٣) فوق بعض (٤)، وهذا مفسر في أول سورة الملك (٥).
(قوله) (٦): ﴿وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا﴾، قال عطاء: في السموات (٧). واختلفوا في هذا؛ لأن القمر في السماء الدنيا، والله تعالى يقول: (فيهن)، فروى ميمون بن مهران، عن ابن عباس قال: وجهه في السموات، وقفاه في الأرض (٨).
(٢) ساقطة من: (أ).
(٣) في (أ): بعضًا.
(٤) "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٠٤.
(٥) سورة الملك: ٣، وقد جاء في تفسيرها: "قال ابن عباس والمفسرون: بعضها فوق بعض، وقال الكلبي: كل سماء مقبية على الأخرى، يلتصق بها أطرافها، وسماء الدنيا موضوعة على الأرض مثل القبة، قال الزجاج: وطباقًا مصدر، أي طوبقت طباقًا".
(٦) ساقط من: (ع).
(٧) "النكت والعيون" ٦/ ١٠٢، و"الدر المنثور" بمعناه: ٨/ ٢٩٢ وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ في العظمة.
(٨) "النكت والعيون" ٦/ ١٠٢، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٩، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٥، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٠٥، و"لباب التأويل" ٤/ ٣١٣، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٩٢، وعزاه إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ في العظمة، =
وقال قتادة: إن الشمس والقمر وجوههما قبل السموات، وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقر بذلك أنه من كتاب الله، وتلا هذه الآية (٢).
وقال الكلبي: (فيهن) يعني معهن (٣).
والمعنى: خلق السموات والأرض والقمر مع خلق السموات، فجعل القمر نورًا بالليل، وجعل الشمس سراجًا ضياء لأهل الأرض.
وهذا قول مقاتل (٤).
وعلى قولهما: (في) بمعنى: (مع) (٥)، هذا قول المفسرين، وأما أهل العربية، فقال الأخفش: هذا على المجاز، كما تقول: أتَيْتُ بني تميم، وإنما أتيت بعضهم (٦)؛ لأنه إنما جعل نورًا في السماء...........
(١) ورد قوله في: تفسير القرآن: لعبد الرزاق: ٢/ ٣١٩، و"جامع البيان" ٢٩/ ٩٧، و"الكشف والبيان" ١٢: ١٨٨/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٨، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٥، و"زاد المسير" ٨/ ٩٩، و"لباب التأويل" ٤/ ٣١٣، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٩١وعزاه إلى عبد بن حميد، و"فتح القدير" ٥/ ٢٩٩.
(٢) "جامع البيان" ٢٩/ ٩٧.
(٣) "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٠٤.
(٤) "الكشف والبيان" ١٢: ١٨٨/ ب، بمعناه، والعبارة عنه: "وجعل القمر معهن نورًا لأهل الأرض".
(٥) "في": هي من الحروف العوامل، وعملها الجر، ومعناها: الوعاء، وتأتي بمعنى: "على"، وهذا عند الكوفيين، وتأتي بمعنى: "مع" عند البصريين، وتكون على بابها. انظر: معاني الحروف للرُّماني: ٩٦.
(٦) "معاني القرآن" ٢/ ٧١٥ نقله عنه بتصرف.
وإنما جاز إقامة البعض دون الكل (٨)؛ لأنهن كالشىء الواحد. قاله الزجاح (٩).
وقال بعضهم (١٠): هذا مما حذف منه (١١) المضاف، والتقدير: وجعل القمر في بعضهن، أو في إحداهن (١٢).
قوله تعالى: ﴿وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (١٧)﴾: قال ابن عباس: يريد: مبتدأ خلق آدم (١٣) (١٤)، وقال الكلبي: لأن آدم خلق من الأرض،
(٢) ولم أعثر على مصدر لقوله.
(٣) وعلى هذا أقيم: بياض في: (ع).
(٤) بياض في: (ع).
(٥) بياض في: (ع).
(٦) في السفن: بياض في: (ع).
(٧) بياض في: (ع).
(٨) بياض في: (ع).
(٩) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٣٠ نقله عنه بتصرف.
(١٠) بياض في: (ع).
(١١) في (أ). منها.
(١٢) لم أعثر على من قال بذلك فيما بين يدي من كتب النحو والإعراب.
(١٣) بياض في: (ع).
(١٤) لم أعثر على مصدر لقوله، وقد ورد بمثله في الوسيط من غير عزو: ٤/ ٣٥٨.
وقال أبو إسحاق: (نباتاً) محمول على المصدر في المعنى؛ لأن معنى أنبتكم: جعلكم تنبتون نباتًا، فنباتكم (٦) أبلغ في المعنى (٧).
وقوله: ﴿سُبُلًا فِجَاجًا﴾، أي: طرقاً واسعة، واحدها: فج، وهو مفسر فيما تقدم (٨).
٢١ - ﴿قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا﴾ الآية.
قال الكلبي، ومقاتل: اتبع الفقراء والسفلة الرؤساء (٩) والكبراء الذين لم يزدهم كثرة المال إلا ضلالاً في الدنيا، وعقوبة في الآخرة، وهو قوله:
(٢) بياض في: (ع).
(٣) "تفسير مقاتل" ٢١٠/ ب.
(٤) بياض في: (ع).
(٥) ورد قوله في "معاني القرآن" ٢/ ٧١٥ بتصرف يسير.
(٦) في (ع): فنباتًا.
(٧) ورد قوله في "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٣٠ باختصار يسير.
(٨) سورة الأنبياء: ٣١: ﴿وَجَعَلْنَا في الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١)﴾، وجاء في تفسيرها: "قال الليث: الفج: الطريق الواسع بين جبلين، وقال أبو الهيثم: الفج: طريق في الجبل واسع، يقال: فج، وأفج، وفجاج، والفج في كلام العرب: تفريجك بين الشيئين، ومنه قيل: الطريق بين جبلين فج؛ لأنه فرج بين الجبلين. وعن ابن عباس قال: وجعلنا من الجبال طرقًا حتى اهتدوا إلى مقاصدهم في الأسفار والتجارات". تفسير البسيط: بتصرف.
(٩) "تفسير مقاتل" ٢١٠/ ب.
قوله تعالى: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (٢٢)﴾ يعني الرؤساء قتلوا السفلة (٤) عن الإيمان شرح، وقالوا لهم: (لا تذرنَّ) الآية. وهذا كان مكرهم (٥). قاله مقاتل، قال: والمعنى: قالوا قولاً عظيمًا، وقولهم العظيم أنهم قالوا: لا تذرنَّ عبادة ودّ (٦) (٧).
(٢) سورة مريم: ٧٧: ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧)﴾.
(٣) ما بين القوسين نقله عن أبي علي بتصرف: الحجة: ٦/ ٣٢٥ - ٣٢٦.
(٤) السُّفْل، والسِّفْلُ، والسُّفُول، والسَّفال، والسَّفالة بالضم: نقيض العُلْوِ، والعِلْوِ، والعُلُوِّ، والعَلاءِ، والعَلاوَةِ. والسَّفِلة: السُّقاط من الناس، ويقال: السِّفْلة. انظر: "الصحاح" ٥/ ١٧٣٠، مادة: (سفل)، وتهذيب اللغة: ١٢/ ٤٣٠، (سفل).
(٥) المكر له خمسة أوجه: فوجه منها: المكر: تكذيب الأنبياء، الثاني: المكر: فعل الشرك، الثالث: المكر بالقول، الرابع: المكر: إرادة القول، الخامس: المكر: الحيلة. انظر: قاموس القرآن أو إصلاح الوجوه والنظائر في القرآن الكريم: للدامغاني: ٤٣٩ - ٤٤٠.
(٦) ودّ: صنم كان لقوم نوح عليه السلام، ثم صار لكلاب. "الصحاح" ٢/ ٥٤٩ (ود). وفي الموسوعة الميسرة: ٢/ ١٩٤٦: "ود: اسم إله القمر في الديانة المعينية القديمة في اليمن، ومعناه: الحب، وورد اسمه في النقوش المعينية، والسبئية، وقد أقيمت باسمه بعض المعابد في بلاد الجوف باليمن".
(٧) ورد معنى قوله في: "تفسير مقاتل" ٢١٠/ ب، و"النكت والعيون" ٦/ ١٠٤، =
(والكُبَّار (٤): مبالغة من الكبير (٥)، يقال: كبير (٦)، وكُبَارٌ، وكُبَّارٌ، وجميل، وجَمال، وجُمَّالٌ، وعظيم، وعَظام، وعِظَّام في أشباه (٧) كثيرة (٨) " (٩)، لهذا تم ذكر ما قالت الكبراء للسفلة، وهو قوله:
﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ﴾ أي عبادتها.
(١) ورد معنى قوله في: "النكت والعيون" ٦/ ١٠٣، و"القرطبي" ١٨/ ٣٠٧، و"فتح القدير" ٥/ ٣٠٠، والعبارة عنه في كليهما: "هو ما جعلوه لله من الصاحب والولد".
(٢) وهو قول الضحاك، قال: افتروا على الله وكذبوا، وكذبوا رسوله.
وبمعنى هذا قال ابن عباس: قالوا قولًا عظيمًا، وكذا الحسن، قال: مكروا في دين الله وأهله مكرًا عظيمًا. انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٩/ ب، و"البغوي" ٤/ ٣٩٩.
(٣) في (أ): الفوز.
(٤) قال ابن فارس: "كبر: الكاف والباء والراء أصل صحيح يدل على خِلاف الصِّغَر، يقال: هو كبير، وكُبار، وكُبَّار، والكِبْر: مُعْظم الأمر". "معجم مقاييس اللغة": ٥/ ١٥٣ (كبر). وفي "الصحاح" "كَبُرَ -بالضم- يَكْبُر أي عَظُم فهو كبير، وكُبَار، فإذا أفرط قيل: كُبَّار -بالتشديد- ". ٢/ ٨٠١ (كبر).
(٥) في (أ): الكبر.
(٦) في (أ): كبر.
(٧) غير مقروءة في: (ع).
(٨) وأشباهه نحو: كثير وكُثَّار، وقليل وقُلّال، وجسيم وجُسَّام، وزحير وزُحَّار، وأنين وأنان. انظر: "إصلاح المنطق" ١٠٩.
(٩) ما بين القوسين نقله الواحدي عن الفراء بتصرف. انظر: "معاني القرآن" ٣/ ١٨٩.
قال قتادة: ثم عبدتها العرب بعد ذلك (٦)، وكان (ودٌّ) لكلب (٧) بدومة الجنْدَل (٨)،
(٢) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٣) لم أعثر على مصدر لقول السدي.
(٤) "تفسير مقاتل" ٢١٠/ ب.
(٥) وهو قول: قتادة، وابن عباس، والضحاك، وابن زيد، وعكرمة، وابن إسحاق، وأبي عثمان. انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٩٩، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٥٥، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٩٣ وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه، وابن المنذر. وبه قال الزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٣٠، والثعلبي في: "الكشف والبيان" ١٢: ١٩٠/ ب، وابن عطية في: "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٥، وابن كثير في: "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٥٤.
(٦) بياض في: (ع).
(٧) كلب بن وبرة: بطن من قُضاعة، من القحطانية، وهم: بنو كلب بن وبرة، وكانوا ينزلون دُومة الجندل وتبوك وأطراف الشام، ونزل خلق عظيم منهم على خليج القسطنطينية، ومن أمكنتهم: عُقدة الجوف، الشرية، ومن أوديتهم: قُراقر، ومن مياههم: عُراعر، وقد اتخذوا في الجاهلية بدومة الجندل صنمًا يدعى: "ودًّا"، ودخلوا في دين النصرانية، ثم في الإسلام. انظر: "معجم قبائل العرب القديمة والحديثة" لعمر رضا كحالة: ٣/ ٩٩١، و"نهاية الأرب" للقلقشندي: ٣٦٥: ت: ١٤٩١.
(٨) دُومَة الجندل -بضم أوله وفتحه-: وسميت دومة الجندل لأن حصنها مبني بالجندل، ودومة الجندل: حصن وقرى بين الشام والمدينة، قرب جبل طيئ، كانت به بنو كتانة من كلب. افتتحها خالد بن الوليد -رضي الله عنه- سنة ٩ هـ، وقال الشيخ =
وكان (يعوق (٦)) لهمدان (٧)،
(١) سواع: اسم صنم عُبد زمن نوح عليه السلام فغرقه الله أيام الطوفان ودفنه، فاستثاره إبليس لأهل الجاهلية، فعبدوه. تهذيب اللغة: ٣/ ٨٩، مادة: (سوع).
(٢) هذيل: هم بنو هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، كانت ديارهم بالسروات، وسراتهم متصلة بجبل غزوان المتصل بالطائف، وكان لهم أماكن ومياه في أسفلها من جهات نجد، وتهامة بين مكة والمدينة، ثم تفرقوا بعد الإسلام، وهم بطنان: سعد بن هذيل، ولحيان بن هذيل. من منازلهم وديارهم: عُرنة، عَرفة، بطن نُعمان. ومن جبالهم: مَكان المشعر، فَحل، عَماية. ومن أوديتهم: نخاة، الشامية، سعيا، حَلبة. ومن مياههم: المجاز، الرجيع، بئر معونة. ومن أيامهم: يوم خشاش، ووقعة الجُرف. وكانوا يعبدون مَناة بين مكة والمدينة، وصنم سعد، وصنمًا كان برهاط يحجون إليه، وقد هدمه عمرو بن العاص رضي الله عنه سنة ٥٨. انظر: معجم قبائل العرب القديمة والحديثة: لعمر رضا كحالة: ٣/ ١٢١٣، وانظر: نهاية الأرب: ٣٨٧: ت: ١٦١١.
(٣) يغوث: صنم كان لمَذْحِج. "لسان العرب" ٢/ ١٧٥، مادة: (غوث).
(٤) بياض في: (ع).
(٥) بنو غطيف: بطن من مراد من كهلان القحطانية، وهم بنو غطيف بن عبد الله بن ناجية بن مراد. قال أبو عبيد: ويقال: إنهم من الأزد، ومنهم فروة بن مسيك، وقد على النبي -صلى الله عليه وسلم-. انظر: نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب: ٣٤٨: ت: ١٤٢٣، معجم قبائل العرب القديمة والحديثة: لكحالة: ٣/ ٨٨٩.
(٦) يعوق: صنم كان لقوم نوح عليه السلام. "الصحاح" ٤/ ١٥٣٤، مادة: (عوق).
(٧) همْدان: بطن من كهلان، من القحطانية، وهم: بنو همدان بن مالك بن زيد بن =
وهذا قول ابن عباس (٥)
(١) نَسْر: صنم كان لذي الكلاع بأرض حمير. "لسان العرب" ٥/ ٢٠٦، مادة: (نسر).
(٢) بياض في (ع). وذو الكلاع: بطن يعرف بذي الكلاع من حمير القحطانية، وهم بنو شرحبيل بن حمير، كانوا يقطنون بمخلاف السَّحول بن سوادة. انظر: معجم قبائل العرب: ٣/ ٩٩٠.
(٣) ورد قول قتادة في: "جامع البيان" ٢٩/ ٩٩، و"الكشف والبيان" ١٢: ١٩٠/ ب، فتح الباري: ٨/ ٦٦٨ بمعناه.
(٤) حِمْيَر: بطن عظيم من القحطانية، ينتسب إلى حمير بن سبأ بن يَشْجُب بن يعرب بن فحطان، وسام حمير: العَرَنج، وحمير في قحطان ثلاثة: الأكبر، والأصغر، والأدنى. ومن بلاد حمير في اليمن: شِبام، وذمار، ورمغ. ومن حصونها: مُدَع. وسكن قسم من حمير الحيرة، ومن أيام حمير: يوم البيداء، وهو من أقدم أيام العرب، وكان بين حمير وكلب. وأما أديان حمير: فانتشرت اليهودية فيهم، وكانوا يعبدون الشمس، وكان لحمير بيت بصنعاء يقال له: رئام يعظمونه، ويتقربون عنده بالذبائح. انظر: معجم قبائل العرب: ١/ ٣٠٦.
(٥) ورد قوله في: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٢٠، و"جامع البيان" ٢٩/ ٩٩، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٠٧، و"لباب التأويل" ٤/ ٣١٤، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٥٤، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٩٣ وعزاه إلى البخاري، وابن المنذر، وابن مردويه، و"فتح القدير" ٥/ ٣٠٠. وأخرجه البخاري ٣/ ٣١٦، =
وقال محمد بن كعب: هذه أسماء قوم صالحين بين آدم ونوح (٤)، فنشأ قوم بعدهم، (فأخذوا بأخذهم في العبادة، فقال إبليس: لو صورتم صورهم كان أشوق لكم إلى العبادة، ففعلوا، ثم نشأ قوم بعدهم) (٥)، فجاء
(١) ساقطة من: (أ).
(٢) بياض في: (ع).
(٣) ورد قول ابن عباس من غير ذكر طريق الكلبي إليه في: "الكشف والبيان" ١٢: ١٩٠/ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٠٠، وورد معنى قوله عن مقاتل في "زاد المسير" ٨/ ١٠٠.
(٤) بياض في: (ع).
(٥) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
وابتداء عبادة (٣) الأوثان من ذلك الوقت، وسميت تلك الأصنام (٤) بهذه الأسماء؛ لأنهم صوَّروها على صورة أولئك القوم المسمين بهذه الأسماء (٥).
(وفي (ود) قراءتان: فتح الواو (٦)، وضمها (٧)، والفتح أعرف في اسم صنم قوم نوح. حكاه (أبو عبيدة) (٨) بالفتح، وقول الشاعر (٩):
فَحَيَّاكِ وَدٌّ مَنْ هَدَاكِ لفِتْيَةٍ | وخُوصٍ بأعلى ذي نُضالَةَ هُجَّدِ (١٠) |
(٢) في (أ): كلامهم.
(٣) غير مقروء لبياض في: (ع).
(٤) بياض في: (ع).
(٥) قال بذلك أيضًا ابن حجر في فتح الباري: ٨/ ٦٦٩.
(٦) قرأ عامة القراء بفتح الواو (وَدًّا) عدا نافع. انظر: "السبعة" ٦٥٣، و"القراءات وعلل النحويين فيها" ٢/ ٧١٦، و"الحجة" ٦/ ٣٢٧، و"التبصرة" ٧٠٩، و"تحبير التيسير" ١٩٣، و"الوافي" ٣٧٣.
(٧) قرأ نافع وحده: "وُدًّا" بضم الواو. انظر: المراجع السابقة.
(٨) في كلا النسختين: (أبو عبيد)، ولعل الصواب، (أبو عبيدة) كما جاء في الحجة: ٦/ ٣٢٧؛ إذ النص منقول عن الحجة. وانظر أيضًا: "مجاز القرآن" ٢/ ٢٧١.
(٩) الشاعر هو الحطيئة: جرول بن أوس من بني قُطيفة بن عبس.
(١٠) مواضع ورود البيت منسوبًا للحطيئة: "ديوانه" ٤٧ المؤسسة العربية للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، وانظر مادة: (هجد) في "تهذب اللغة" ٦/ ٣٦، و"لسان =
حَيّاك وُدٌّ فإنّا لا يَحِلُّ لَنا | لَهْوُ النّساءِ وإنَّ الدِّينَ قد عَزَما (١) |
وقال الليث: الوَد كان لقوم نوح، وكان لقريش صنم يدعونه وُداً، وبه سمي عمرو بن عبد وُدٍّ (٣).
وعلى هذا فلعل من قرأ بالضم غلط، فظن صنم قوم نوح صنم قريش، وأبو عبيد يختار الفتح، وإنما يقال: (ود) اسم صنم، ألا تراهم كانوا يتسمون بـ: (عبد ود) (٤)؟.
قوله: ﴿وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا﴾، من المفسرين من يجعل الإضلال من فعل كبرائهم، وهو الظاهر لقوله: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (٢٢) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ﴾.
قال مقاتل: أضل كبراؤهم كثيرًا من الناس (٥).
(١) البيت للشاعر النابغة الذبياني، وقد ورد البيت في: "ديوانه" ١٠١ ط دار بيروت برواية: "حياك ربي"، كما ورد غير منسوب في: "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٠٩، و"البحر المحيط" ٨/ ٣٤٢، و"فتح القدير" ٥/ ٣٠١، برواية: "غربًا" بدلاً، من: "عزمًا"، و"الدر المصون" ٦/ ٣٨٥. الدين هنا: الحج، عزم: أي عزمنا عليه، وهو من باب القلب. انظر: "ديوانه".
(٢) ما بين القوسين نقله الواحدي عن أبي علي من الحجة: ٦/ ٣٢٧ - ٣٢٨ بتصرف.
(٣) تهذيب اللغة: ١٤/ ٢٣٥ بتصرف يسير جدًا.
(٤) لم أعثر على مصدر قول أبي عبيد.
(٥) "تفسير مقاتل" ٢١٠/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٠٠.
وهذا القول حكاه الفراء (٤)، ولعله قول الكلبي.
﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ﴾ قال الكلبي (٥)، ومقاتل (٦): يعني المشركين بعبادتهم الأوثان.
﴿إِلَّا ضَلَالًا﴾ إلا خسراناً. وهذا دعاء عليهم بعد أن أعلمه الله أنهم لا يؤمنون، كما قال تعالى: ﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ﴾ (٧).
قوله تعالى: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ﴾ ((ما) صلة كقوله ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ﴾ (٨)،
(٢) ساقطة من: (أ).
(٣) في سورة إبراهيم: ٣٦: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ قال أبو إسحاق وغيره: أي ضُلِّلُوا بسببها؛ لأن الأصنام لا تعقل، ولا تفعل شيئًا، كما تقول: قد فتنتني هذه الدار، أي أحببتها، واستحسنتها، وافتتنت بسببها. فلما ضل الناس بسببها صارت كأنها أضلتهم، فنسب الفعل إليهم. انظر: "تفسير البسيط" بتصرف.
(٤) "معاني القرآن" ٣/ ١٨٩.
(٥) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٦) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٧) سورة هود: ٣٦: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)﴾ [هود: ٣٦]
(٨) سورة النساء: ١٥٥: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ الله عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (١٥٥)﴾.
وقرئ: (خطاياهم) (٤)، وكلاهما جمع خطيئة؛ أحدهما (٥) على التكثير، والآخر جمع الصحيح.
وقد تقدم الكلام فيها عند قوله: ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ﴾ (٦)، وفي
(٢) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢١٠/ ب، قال: يعني فخطيئاتهم.
(٤) قرأ أبو عمر وحده: "مِمَّا خَطَاياهُم" بفتح الطاء، والياء، وألف بعدها من غير همز، وقرأ الباقون: "خطيئاتهم" بكسر الطاء، وياء ساكنة بعدها، وبعد الياء همزة مفتوحة، وألف وتاء مكسورة. انظر: كتاب السبعة: ٦٥٣، القراءات وعلل النحويين فيها: ٢/ ٧١٦، و"الحجة": ٦/ ٣٢٨، و"الكشف" ٢/ ٣٣٧، و"حجة القراءات": ٧٢٦ - ٧٢٧، و"النشر": ٢/ ٣٩١، و"البدور الزاهرة" ٣٢٧.
(٥) في (ع): أحدها.
(٦) سورة البقرة: ٥٨، ومما جاء فيها من الكلام: "أن الأصل في "خطايا" كان "خطايو" لأنها جمع خطيئة قد أبدل من هذه الياء همزة، فصارت "خطائي"، وإنما أبدلت هذه الياء همزة لأن هذه الياء إذا وقعت في الجمع صارت همزة، وعلة ذلك لاجتماع همزتين، فقلبت الثانية "ياء" فصارت: "خطائي" ثم قلبت الياء والكسرة إلى الفتحة والألف، فصارت "خطاءا"، فأبدلت الهمزة ياءً لوقوعها بين ألفين، وإنما أُبدلت الهمزة حين وقعت بين ألفين؛ لأن الهمزة مجانسة للألفات، فاجتمعت ثلاثة أحرف من جنس واحد، فأبدلت الهمزة ياء فصارت: "خطايا". نقلاً -باختصار يسير- من تفسير البسيط.
وقوله تعالي: ﴿أُغْرِقُوا﴾، أي: بالطوفان.
﴿فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾ قال مقاتل: فأدخلوا في الآخرة نارًا (٣).
وقال الكلبي: يقول: سيدخلون في الآخرة نارًا (٤).
وعلى هذا معنى لفظ الماضي في قوله: (فأدخلوا) للاستقبال، وذكر على لفظ الماضي لصحة كونه، وصدق الوعد به، كقوله: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ﴾ [الأعراف: ٤٤].
وقال الضحاك: إنهم أغرقوا بالماء ثم أُحرقوا بالنار، وكانوا يغرقون من جانب، ويحرقون من جانب (٥).
٢٦ - قوله تعالى: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦)﴾ (٦) قال جماعة من المفسرين (٧): ما دَعَا نوح بهذا إلا بعد ما أوحى الله
(٢) ما بين القوسين نقله الإمام الواحدي عن صاحب الحجة بتصرف، وبإضافة قولي ابن عباس ومقاتل. انظر: الحجة: ٦/ ٣٢٨.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢١٠/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٠٠، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٤٥.
(٤) "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٤٥.
(٥) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٤٠٠، و"زاد المسير" ٨/ ١٠١، و"فتح القدير" ٥/ ٣٠١.
(٦) الآية ساقطة من: (ع).
(٧) قال بذلك: قتادة، انظر قوله في: تفسير عبد الرزاق: ٢/ ٣٢٠، و"جامع البيان" ٢٩/ ١٠١، و"النكت والعيون" ٦/ ١٠٥، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٧، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣١٢، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٩٥، وعزاه إلى عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، و"فتح القدير" ٥/ ٣٠١، وإليه ذهب ابن الجوزي ٨/ ١٠٢.
وقوله: ﴿دَيَّارًا﴾ قال أهل العربية: هو فَيْعال من الدوران، أصله: ديْوَار، فقلبت الياء واوًا، وأُدغمت إحداهما في الأخرى. قاله الفراء (٢)، والزجاج (٣)، (وغيرهما (٤)) (٥)، وهو في معنى واحد، يقال: مَا بالدار ديار، أي ما بها أحد.
قال المفسرون: لا تدع أحدًا حتى تهلكهم (٦).
وقال ابن قتيبة: يقال: ما بها ديار، أي نازل دار (٧).
وقال المبرد: ديار اسم حقه النفي، يقال: ما بها ديار، ولذلك لا يقع في الواجب، قال: وهو فيعال من دار يدور (٨)، مثل القيام، من قام
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ١٩٠.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٣١.
(٤) كابن جرير في: "جامع البيان" ٢٩/ ١٠٠، والثعلبي في: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٩١/ أ، وابن عطية في: "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٧، والقرطبي ١٨/ ٣١٣، وإليه ذهب أيضًا الشوكاني في: "فتح القدير" ٥/ ٣٠١، وقد أورد الفخر قول أهل العربية وعزاه إليهم في: "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٤٦.
(٥) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٦) بمعنى هذا قال الضحاك: "ديارًا": أحدًا. انظر قوله في: "النكت والعيون" ٦/ ١٠٥، وممن قال بذلك أيضًا ابن جرير في: "جامع البيان" ٢٩/ ١٠٠، والثعلبي في: "الكشف والبيان" ١٢: ١٩١/ أ، وابن عطية في: "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٧، والقرطبي في: "الجامع لأحكام القرآن" ٨/ ٣١٢، والشوكاني في: "فتح القدير" ٥/ ٣٠١.
(٧) تفسير غريب القرآن: ٤٨٨.
(٨) في (أ): تدور.
قوله: ﴿إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ﴾ قال الكلبي (٢)، ومقاتل (٣): هو أن الرجل منهم كان ينطلق بابنه إلى نوح يحذره تصديقه، والإيمان به، وقد ذكرنا ذلك (٤)، فهو معنى قوله: ﴿يُضِلُّوا عِبَادَكَ﴾.
وقوله تعالى (٥): ﴿وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ قال محمد بن كعب (٦)، (والربيع، وابن زيد (٧)) (٨): وهذا بعد ما أخبر الله تعالى نوحاً أنهم لا يلدوا مؤمناً.
ثم دعا للمؤمنين عامًا بعد دعائه على الكفار فقال:
﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ لملك بن متوشلح، وسخا بنت أنوش (٩).
قال المفسرون: وكانا مؤمنين (١٠).
(٢) الوسيط: ٤/ ٣٦٠.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢١٠/ ب.
(٤) راجع ذلك عند تفسير قوله تعالى: ﴿فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (٦)﴾ من هذه السورة.
(٥) ساقطة من: (ع).
(٦) "الكشف والبيان" ١٢: ١٩١/ ب، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٧، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣١٢، و"فتح القدير" ٥/ ٣٠١.
(٧) المراجع السابقة.
(٨) ما بين القوسين كتب في نسخة: أبدلاً منه: وغيره. وكذلك ممن قال بمثل قول القرظي، والربيع، وابن زيد: مقاتل، وعطية. انظر: المراجع السابقة.
(٩) لعله نقله عن الثعلبي. انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٩١/ ب.
(١٠) قال بذلك الحسن. انظر: "النكت والعيون" ٦/ ١٠٦، و"زاد المسير" ٨/ ١٠٢، وذهب الثعلبي ١٢/ ١٩١ب، والبغوي ٤/ ٤٠٠، والفخر الرازي ٣٠/ ١٤٦، والقرطبي ١٨/ ٣١٣، والخازن في: "لباب التأويل" ٤/ ٣١٥.
وقال الكلبي: كان بينه وبين آدم عشرة آباء كلهم مؤمن (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا﴾ قال الضحاك (٣)، والكلبي (٤): مسجدي.
روى عطاء عن ابن عباس: يريد من دخل بيتي، أي في ديني مؤمنًا (٥).
وهو معني؛ لأن من دخل مسجده مؤمنًا، فقد دخل في دينه.
وقوله (٦): ﴿وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ عام في كل من آمن بالله وصدق الرسل.
وقال عطاء عنه (٧): يريد أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- عامة (٨).
(٢) "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣١٤.
(٣) "جامع البيان" ٢٩/ ١٠١، و"الكشف والبيان" ١٢: ١٩١/ ب، و"النكت والعيون" ٦/ ١٠٦، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٠٠، و"زاد المسير" ٨/ ١٠٢، و"القرطبي" ١٨/ ٣١٤، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٩٥، وعزاه إلي ابن المنذر، و"فتح القدير" ٥/ ٣٠٢.
(٤) "معالم التنزيل" ٤/ ٤٠٠، و"فتح القدير" ٥/ ٣٠٢.
(٥) "زاد المسير" ٨/ ١٠٢ بعبارة: "منزله"، كما ورد بمعنى قوله في: "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣١٤، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٧.
(٦) في (أ): قوله.
(٧) أي عن ابن عباس.
(٨) لم أعثر على مصدر لقوله، وورد بمثله عن الكلبي في: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٩١/ ب، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣١٤.
(٢) قاله الثعلبي في "الكشف" ١٢/ ١٩١/ ب.
(٣) ما بين القوسين نقله الإمام الواحدي عن الزجاج بنصه. انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٣١.
(٤) سورة الأعراف: ١٣٩: ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٩)﴾.
(٥) سورة الإسراء: ٧. والتبار لغة: الهلاك، وتبَّرَه تتبيرًا أي كسَّره وأهلكه. "الصحاح" ٢/ ٦٠٠، (تبر)، وانظر: "القاموس المحيط": ١/ ٣٧٩، (تبر).