مكية، عددها أربع وخمسون آية كوفية
ﰡ
﴿ تَنزِيلٌ ﴾ حم، يعني ما حم في اللوح المحفوظ، يعنى ما قضي من الأمر.
﴿ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾ [آية: ٢]، اسمان رقيقان، أحدهما أرق من الآخر.
﴿ ٱلرَّحْمَـٰنِ ﴾ يعني المسترحم على خلقه، و ﴿ ٱلرَّحِيمِ ﴾، أرق من الرحمن.
﴿ ٱلرَّحِيمِ ﴾ اللطيف بهم. قوله: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً ﴾، ليفقهوه، ولو كان غير عربي، ما علموه، فذلك قوله: ﴿ لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٣] ما فيه. ثم قال: القرآن ﴿ بَشِيراً ﴾ بالجنة.
﴿ وَنَذِيراً ﴾ من النار.
﴿ فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ ﴾، يعني أكثر أهل مكة عن القرآن.
﴿ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ﴾ [آية: ٤] الإيمان به.﴿ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ ﴾، وذلك" أن أبا جهل بن هشام، وأبا سفيان بن حرب، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، دخلوا على علي بن أبي طالب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عنده، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قولوا: لا إله إلا الله "، فشق ذلك عليهم ".
﴿ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ ﴾، يقولون: عليها الغطاء، فلا تفقه ما تقول.
﴿ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ ﴾، يعني ثقل، فلا تسمع ما تقول: ثم إن أبا جهل بن هشام جعل ثوبه بينه وبين النبي صلى الله عليه سلم، ثم قال: يا محمد، أنت من ذلك الجانب، ونحن من هذا الجانب.
﴿ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ﴾، يعني ستر، وهو الثوب الذي رفعه أبو جهل.
﴿ فَٱعْمَلْ ﴾ يا محمد لإلهك الذي أرسلك.
﴿ إِنَّنَا عَامِلُونَ ﴾ [آية: ٥] لآلهتنا التي نعبدها. ثم قال تعالى: ﴿ قُلْ ﴾ يا محمد لكفار مكة: ﴿ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ﴾ لقولهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اعمل أنت لإهلك، ونحن لآلهتنا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ ﴾ بالتوحيد.
﴿ وَٱسْتَغْفِرُوهُ ﴾ من الشرك، ثم أوعدهم إن لم يتوبوا من الشرك، فقال: ﴿ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ ﴾ [آية: ٦]، يعني كفار قريش.﴿ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ ﴾، يعني لا يعطون الصدقة، ولا يطعمون الطعام.
﴿ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ ﴾، يعني بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال.
﴿ هُمْ كَافِرُونَ ﴾ [آية: ٧] بها بأنها غير كائنة. ثم قال: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾، يعنى صدقوا بالتوحيد.
﴿ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ ﴾ من الأعمال ﴿ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ [آية: ٨]، يعنى غير منقوص فى الآخرة.
﴿ ذَلِكَ ﴾ الذي خلق الأرض في يومين هو ﴿ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ [آية: ٩]، يعني الناس أجمعين. ثم قال: ﴿ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا ﴾، يعني جعل الجبل من فوق الأرض أوتاداً للأرض؛ لئلا تزول بمن عليها.
﴿ وَبَارَكَ فِيهَا ﴾، يعني في الأرض، والبركة الزرع والثمار والنبت وغيره، ثم قال: ﴿ وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ﴾، يقول: وقسم في الأرض أرزاق العباد والبهائم.
﴿ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ ﴾ [آية: ١٠]، يعني عدلاً لمن يسأل الرزق من السائلين.﴿ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ ﴾، قبل ذلك.
﴿ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً ﴾ عبادتي ومعرفتي، يعني أعطيا الطاعة طيعاً.
﴿ أَوْ كَرْهاً ﴾، وذلك أن الله تعالى حين خلقهما عرض عليهما الطاعة بالشهوات واللذات، على الثواب والعقاب، فأبين أن يحملنها من المخافة، فقال لهما الرب: ائتيا المعرفة لربكما والذكر له، على غير ثواب ولا عقاب، طوعاً أو كرهاً.
﴿ قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ ﴾ [آية: ١١]، يعني أعطيناه طائعين.﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ﴾، يقول: فخلق السموات السبع.
﴿ فِي يَوْمَيْنِ ﴾، الأحد والاثنين.
﴿ وَأَوْحَىٰ ﴾، يقول: وأمر ﴿ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا ﴾ الذي أراده، قال: ﴿ وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا ﴾، يقول لأنها أدنى السموات من الأرض.
﴿ بِمَصَابِيحَ ﴾، يعني الكواكب.
﴿ وَحِفْظاً ﴾ بالكواكب، يعني ما يرمي الشياطين بالشهاب؛ لئلا يستمعوا إلى السماء، يقول: ﴿ ذَلِكَ ﴾ الذي ذكر من صنعه في هذه الآية.
﴿ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ﴾ في ملكه.
﴿ ٱلْعَلِيمِ ﴾ [آية: ١٢] بخلقه.﴿ فَإِنْ أَعْرَضُواْ ﴾ عن الإيمان، يعني التوحيد.
﴿ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً ﴾ في الدنيا.
﴿ مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ﴾ [آية: ١٣]، يقول: مثل عذاب عاد وثمود، وإنما خص عاداً وثمود من بين الأمم؛ لأن كفار مكة قد عاينوا هلاكهم باليمن والحجر. قال مقاتل: كل من يموت من عذاب، أو سقم، أو قتل، فهو مصعوق. ثم قال: ﴿ إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾، يعني من قبلهم ومن بعدهم، فقالوا لقومهم: ﴿ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ ﴾، يقول: وحدوا الله.
﴿ قَالُواْ ﴾ للرسل: ﴿ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً ﴾، فكانوا إلينا رسلاً.
﴿ فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ ﴾، يعني بالتوحيد.
﴿ كَافِرُونَ ﴾ [آية: ١٤] لا نؤمن به.﴿ فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ ﴾، يعني فتكبروا عن الإيمان وعملوا ﴿ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ﴾، فخوفهم هود العذاب.
﴿ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾، يعني بطشاً، قال: كان الرجل منهم ينزع الصخرة من الجبل لشدته، وكان طوله اثنا عشر ذراعاً، ويقال: ثمانية عشر ذراعاً، وكانوا باليمن في حضرموت.
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ ﴾، يقول: أو لم يعلموا ﴿ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ﴾، يعني بطشاً.
﴿ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا ﴾، يعني بالعذاب.
﴿ يَجْحَدُونَ ﴾ [آية: ١٥] أنه لا ينزل بهم، فأرسل الله عليهم الريح فأهلكتهم.
﴿ فِيۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ ﴾، يعني شداداً وكانت ريح الدبور فأهلكتهم، فذلك قوله: ﴿ لِّنُذِيقَهُمْ ﴾، يعني لكي نعذبهم.
﴿ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ ﴾، يعني الهوان.
﴿ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾، فهو الريح.
﴿ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ ﴾، يعني أشد وأكثر إهانة من الريح التي أهلكتهم في الدنيا.
﴿ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ ﴾ [آية: ١٦]، يعني لا يسمعون من العذاب. قال عبدالله: سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى يقول: الصرصر، الريح الباردة التي لها صوت. ثم ذكر ثمود، فقال: ﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ ﴾، يعني بينا لهم.
﴿ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ ﴾، يقول: اختاروا الكفر على الإيمان.
﴿ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ ﴾، يعني صيحة جبريل، عليه السلام.
﴿ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ [آية: ١٧]، يعني يعملون من الشرك. ثم قال: ﴿ وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾، يعني صدقوا بالتوحيد من العذاب الذي نزل بكفارهم.
﴿ وَكَانُواْ يتَّقُونَ ﴾ [آية: ١٨] الشرك. قوله: ﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾ [آية: ١٩]، نزلت في صفوان بن أمية الجمحي، وفي ربيعة، وعبد باليل ابنى عمرو الثقفيين[.....]، إلى خمس آيات، ويقال: إن الثلاثة نفر: صفوان بن أمية، وفرقد بن ثمامة، وأبو فاطمة.
﴿ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾، يعني يساقون إلى النار، تسوقهم خزنة جهنم.﴿ حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا ﴾، يعني النار وعاينوها، قيل لهم: أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون في الدنيا؟ قالوا عند ذلك﴿ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾[الأنعام: ٢٣]، فختم الله على أفواههم، وأوحى إلى الجوارح فنطقت بما كتمت الألسن من الشرك، فذلك قوله: ﴿ شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم ﴾ وأيديهم، وأرجلهم.
﴿ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ٢٠] من الشرك.
﴿ وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ ﴾، قالت الألسن للجوارح: ﴿ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ﴾، يعني الجوارح، قالوا: أبعدكم الله، إنما كنا نجاحش عنكم، فلم شهدتم علينا بالشرك، ولم تكونوا تتكلمون في الدنيا.
﴿ قَالُوۤاْ ﴾، قالت الجوارح للألسن: ﴿ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ﴾ اليوم.
﴿ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ من الدواب وغيرها.
﴿ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾، يعني هو أنطقكم أول مرة من قبلها في الدنيا، قبل أن ننطق نحن اليوم.
﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [آية: ٢١]، يقول: إلى الله تردون في الآخرة، فيجزيكم بأعمالكم، في التقديم. وذلك أن هؤلاء النفر الثلاثة كانوا في ظل الكعبة يتكلمون، فقال أحدهما: هل يعلم الله ما تقول؟ فقال الثاني: إن خفضنا لم يعلم، وإن رفعنا علمه، فقال الثالث: إن كان الله يسمع إذا رفعنا، فإنه يسمع إذا خفضنا، فسمع قولهم عبدالله بن مسعود، فأخبر بقولهم النبى صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله في قولهم: ﴿ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ ﴾، يعني تستيقنون، وقالوا: تستكتمون.
﴿ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ ﴾، يعني حسبتم.
﴿ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ٢٢]، يعني هؤلاء الثلاثة، قول بعضهم لبعض: هل يعلم الله ما نقول؟ لقول الأول والثاني والثالث، يقول: حسبتم ﴿ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴾.
﴿ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ ﴾، يقول: يقينكم الذي أيقنتم بربكم وعلمكم بالله بأن الجوارح لا تشهد عليكم، ولا تنطق، وأن الله لا يخزيكم بأعمالكم الخبيثة.
﴿ أَرْدَاكُمْ ﴾، يعني أهلككم سوء الظن.
﴿ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ ﴾ [آية: ٢٣] بظنكم السيىء، كقوله لموسى:﴿ فَتَرْدَىٰ ﴾[طه: ١٦]، يقول فتهلك.
﴿ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ ﴾، يعني من أهل النار.﴿ فَإِن يَصْبِرُواْ ﴾ على النار.
﴿ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ﴾، يعني فالنار مأواهم.
﴿ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ ﴾ في الآخرة.
﴿ فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ ﴾ [آية: ٢٤]، يقول: وإن يستقيلوا ربهم في الآخرة، فما هم من المقالين، لا يقبل ذلك منهم.
﴿ فَزَيَّنُواْ لَهُم ﴾، يقول: فحسنوا لهم، كقوله:﴿ كَذٰلِكَ زُيِّنَ ﴾[يونس: ١٢]، يقول: حسن ﴿ مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾، يعني من أمر الآخرة، وزينوا لهم التكذيب بالبعث والحساب والثواب والعقاب أن ذلك ليس بكائن.
﴿ وَ ﴾ زينوا لهم ﴿ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾ من الدنيا، فحسنوه في أعينهم، وحببوها إليهم حتى لا يعلموا خيراً.
﴿ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ ﴾، يعني وجب عليهم العذاب.
﴿ فِيۤ أُمَمٍ ﴾، يعني مع أمم.
﴿ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ ﴾، يعني من قبل كفار مكة.
﴿ مِّنَ ﴾ كفار ﴿ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ ﴾ من الأمم الخالية.
﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ ﴾ [آية: ٢٥].
﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾، يعني الكفار.
﴿ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ ﴾ [آية:........]ـ، إلى ثلاث آيات، وهذا قول أبى جهل، وأبي سفيان لكفار قريش، قالوا لهم: إذا سمعتم القرآن من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فارفعوا أصواتكم بالأشعار والكلام في وجوههم، حتى تلبسوا عليهم قولهم فيسكتون، فذلك قوله: ﴿ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ ﴾ بالأشعار والكلام.
﴿ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ [آية: ٢٦]، يعني لكي تغلبونهم فيسكتون. فأخبر الله تعالى بمستقرهم في الآخرة، فقال: ﴿ فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً ﴾، يعني أبا جهل وأصحابه.
﴿ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ٢٧] من الشرك.﴿ ذَلِكَ ﴾ العذاب ﴿ جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُ ﴾، يعني أبا جهل وأصحابه.
﴿ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ ﴾ لا يموتون.
﴿ جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا ﴾، يعني بآيات القرآن.
﴿ يَجْحَدُون ﴾ [آية: ٢٨] أنه ليس من الله تعالى، وقد عرفوا أن محمداً صلى الله عليه وسلم صادق في قوله، ونزل في أبي جهل بن هشام، وأبي بن خلف:﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ... ﴾[فصلت: ٤٠] الآية.﴿ وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ ﴾؛ لأنهما أول من أقاما على المعصية من الجن إبليس، ومن الإنس ابن آدم قاتل هابيل رأس الخطيئة.
﴿ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا ﴾، يعني من أسفل منا في النار.
﴿ لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ ﴾ [آية: ٢٩] في النار. ثم أخبر عن المؤمنين، فقال: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ﴾، فعرفوه.
﴿ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ ﴾ على المعرفة، ولم يرتدوا عنها.
﴿ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ ﴾ في الآخرة من السماء، وهم الحفظة.
﴿ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [آية: ٣٠] وذلك أن المؤمن إذا خرج من قبره، فينفض رأسه، وملكه قائم على رأسه يسلم عليه، فيقول الملك للمؤمن: أتعرفنى؟ فيقول: لا، فيقول: أنا الذي كنت أكتب عملك الصالح، فلا تخف ولا تحزن، وأبشر بالجنة التي كنت توعد، وذلك أن الله وعدهم على ألسنة الرسل في الدنيا الجنة.
﴿ مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾ [آية: ٣١]، يعني ما تتمنون. هذا الذي أعطاكم الله كان ﴿ نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ ﴾ [آية: ٣٢].
قوله: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ ﴾، يعني التوحيد.
﴿ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾ [آية: ٣٣]، يعني المخلصين، يعني النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: ﴿ وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾، وذلك أن أبا جهل كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي مبغضاً له، يكره رؤيته، فأمر بالعفو والصفح، يقول: إذا فعلت ذلك.
﴿ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ ﴾، يعني أبا جهل.
﴿ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ ﴾ لك في الدين.
﴿ حَمِيمٌ ﴾ [آية: ٣٤] لك في النسب، الشفيق عليك. ثم أخبر نبيه، عليه السلام: ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا ﴾، يعني لا يؤتاها، يعني الأعمال الصالحة، العفو والصفح.
﴿ إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ ﴾ على كظم الغيظ.
﴿ وَمَا يُلَقَّاهَآ ﴾، يعني لا يؤتاها.
﴿ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [آية: ٣٥] نصيباً وافراً في الجنة، فأمره الله بالصبر، والاستعاذة من الشيطان في أمر أبي جهل.﴿ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ ﴾، يعني يفتننك في أمر أبي جهل والرد عنه.
﴿ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ نَزْغٌ ﴾، يعني فتنة.
﴿ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ﴾ بالاستعاذة.
﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾ [آية: ٣٦] بها، نظيرها في حم المؤمن:﴿ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ ﴾[غافر: ٥٦]، وفي الأعراف أمر أبي جهل.﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ ﴾ أن يعرف التوحيد بصنعه، وإن لم تروه.
﴿ ٱللَّيْلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ ﴾، يعني الذي خلق هؤلاء الآيات.
﴿ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [آية: ٣٧]، فسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون يومئذ، فقال كفار مكة عند ذلك: بل نسجد للات، والعزى، ومناة. يقول الله تعالى: ﴿ فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ ﴾ عن السجود لله.
﴿ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ ﴾ من الملائكة.
﴿ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ ﴾ [آية: ٣٨]، يعني لا يملون من الذكر له والعبادة، وليست لهم فترة ولا شآمة.
﴿ أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَاشِعَةً ﴾، متهشمة غبراء لا نبت فيها.
﴿ فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ﴾، يعني على الأرض المطر، فصارت حية، فأنبتت و ﴿ ٱهْتَزَّتْ ﴾ بالخضرة.
﴿ وَرَبَتْ ﴾، يقول: وأضعفت النبات، ثم قال: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاهَا ﴾ بعد موتها.
﴿ لَمُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ ﴾ في الآخرة، ليعتبر من يشك في البعث.
﴿ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آية: ٣٩] من البعث وغيره. قوله: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ آيَاتِنَا ﴾، يعني أبا جهل، يميل عن الإيمان بالقرآن، وبالأشعار والباطل.
﴿ لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ ﴾، يعني أبا جهل، وأخبر الله تعالى بمستقره في الآخرة، فقال: ﴿ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيْرٌ ﴾، يعني أبا جهل، خير ﴿ أَم مَّن يَأْتِيۤ آمِناً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ﴾، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال لكفار مكة: ﴿ ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ ﴾، هذا وعيد.
﴿ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [آية: ٤٠]، من الشرك وغيره.﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾، يعني أبا جهل.
﴿ بِٱلذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ ﴾، يعني به القرآن حين جاءهم، وهو أبو جهل وكفار مكة.
﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ﴾ [آية: ٤١]، يقول: وإنه لقرآن منيع من الباطل، فلا يستذل، لأنه كلام الله.﴿ لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ ﴾، يقول: لا يأتى القرآن بالتكذيب، بل يصدق هذا القرآن الكتب التي كانت قبله: التوراة، والإنجيل، والزبور، ثم قال: ﴿ وَلاَ ﴾ يأتيه الباطل ﴿ مِنْ خَلْفِهِ ﴾، يقول لا يجيئه من بعده كتاب يبطله فيكذبه، بل هو ﴿ تَنزِيلٌ ﴾، يعني وحي.
﴿ مِّنْ حَكِيمٍ ﴾ في أمره.
﴿ حَمِيدٍ ﴾ [آية: ٤٢] عند خلقه. ثم قال: ﴿ مَّا يُقَالُ لَكَ ﴾ يا محمد من التكذيب بالقرآن أنه ليس بنازل عليك.
﴿ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ ﴾ من قومهم من التكذيب لهم أنه ليس العذاب بنازل بهم، يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم ليصبرعلى الأذى والتكذيب.
﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةَ ﴾، يقول: ذو تجاوز في تأخير العذاب عنهم إلى الوقت، حين سألوا العذاب في الدنيا، وإذا جاء الوقت.
﴿ وَذُو عِقَابٍ ﴾، فهو ذو عقاب ﴿ أَلِيمٍ ﴾ [آية: ٤٣]، يعني وجيع، كقوله:﴿ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ ﴾[النساء: ١٠٤]، إن كنتم تتوجعون.
﴿ لَّقَالُواْ ﴾، لقال كفار مكة: ﴿ لَوْلاَ فُصِّلَتْ ﴾، يقول: هلا بينت ﴿ آيَاتُهُ ﴾ بالعربية حتى نفقه ونعلم ما يقول محمد.
﴿ ءَاعْجَمِيٌّ ﴾، ولقالوا: إن القرآن أعجمي أنزل على محمد.
﴿ وَ ﴾ وهو ﴿ وَعَرَبِيٌّ قُلْ ﴾ نزله الله عربياً لكي يفقهوه، ولا يكون لهم علة، يقول الله تعالى: ﴿ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى ﴾ من الضلالة.
﴿ وَشِفَآءٌ ﴾ لما في القلوب للذي فيه من التبيان، ثم قال: ﴿ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ بالآخرة، يعني لايصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال.
﴿ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ ﴾ يعني ثقل، فلا يسمعون الإيمان بالقرآن.
﴿ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ﴾، يعني عموا عنه، يعني القرآن، فلم يبصروه ولم يفقهوه.
﴿ أُوْلَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ [آية: ٤٤] إلى الإيمان بأنه غير كائن؛ لأنهم صم عنه، وعمي، وفي آذانهم وقر. قوله: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ ﴾، يقول: أعطينا موسى التوراة.
﴿ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ ﴾، يقول: فكفر به بعضهم.
﴿ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ ﴾، وهى كلمة الفصل بتأخير العذاب عنهم إلى أجل مسمى، يعني يوم القيامة، يقول: لولا ذلك الأجل.
﴿ لَقُضِيَ ﴾، يعني بين الذين آمنوا وبين الذين اختلفوا وكفروا بالكتاب، لولا ذلك الأجل، لنزل بهم العذاب في الدنيا.
﴿ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ﴾، يعني من الكتاب.
﴿ مُرِيبٍ ﴾ [آية: ٤٥]، يعني أنهم لا يعرفون شكهم. ثم قال: ﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ ﴾ العمل.
﴿ فَعَلَيْهَا ﴾، يقول: إساءته على نفسه.
﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾ [آية: ٤٦].
﴿ إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ ﴾، وذلك" أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرنا عن الساعة، فإن كنت رسولاً كما زعمت علمتها، وإلا علمنا أنك لست برسول، ولا نصدقك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يعلمها إلا الله، أرد علمها إلى الله "، فقال الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم: فإن كنت رددت علمها، يعني علم الساعة إلى الله، فإن الملائكة والخلق كلهم ردوا علم الساعة "، يعني القيامه، إلى الله عز وجل.
﴿ وَ ﴾ يعلم ﴿ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا ﴾، يعني من أجوافها، يعني الطلع.
﴿ وَ ﴾ يعلم ﴿ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ ﴾ ذكراً أو أنثى، سوياً وغير سوي، يقول: ﴿ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ ﴾، يقول: لا تحمل المرأة الولد، ولا تضعه إلا بعلمه.
﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ ﴾، يقول: أسمعناك، كقوله:﴿ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا ﴾[الانشقاق: ٢]، يقول: سمعت لربها.
﴿ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ ﴾ [آية: ٤٧] يشهد بأن لك شريكاً، فتبرءوا يومئذ من أن يكون مع الله شريك.
﴿ مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ ﴾، يقول: يعبدون، يقول: ما عبدوا فى الدنيا ﴿ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ ﴾، يعني وعلموا.
﴿ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ ﴾ [آية: ٤٨]، يعني من فرار من النار.﴿ لاَّ يَسْأَمُ ٱلإِنْسَانُ ﴾، يقول: لا يمل الكافر.
﴿ مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ ﴾، يقول: لا يزال يدعو ربه الخير والعافية.
﴿ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ ﴾، يعني البلاء والشدة.
﴿ فَيَئُوسٌ ﴾ من الخير.
﴿ قَنُوطٌ ﴾ [آية: ٤٩] من الرحمة. ثم قال: ﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا ﴾، يقول: ولئن آتيناه خير وعافية.
﴿ مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ ﴾، يعني بعد بلاء وشدة أصابته.
﴿ لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِي ﴾، يقول: أنا أحق بهذا، يقول: ﴿ وَمَآ أَظُنُّ ﴾، يقول: ما أحسب ﴿ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةً ﴾، يعني القيامة كائنة، ثم قال الكافر: ﴿ وَلَئِن رُّجِّعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ ﴾ في الآخرة إن كانت آخرة.
﴿ إنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ ﴾، يعني الجنة كما أعطيت في الدنيا، يقول الله تعالى: ﴿ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ ﴾ من أعمالهم الخبيثة.
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ [آية: ٥٠]، يعني شديد لا يقتر عنهم، وهم فيه مبلسون.
﴿ أَعْرَضَ ﴾ عن الدعاء، فلا يدعو ربه.
﴿ وَنَأَى بِجَانِبِهِ ﴾، يقول: وتباعد بجانبه عن الدعاء في الرخاء.
﴿ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ ﴾، بلاء أو شدة أصابته.
﴿ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ ﴾ [آية: ٥١]، يعني دعاء كبير يسأل ربه أن يكشف ما به من الشدة في الدعاء، ويعرض عن الدعاء في الرخاء.﴿ قُلْ ﴾ يا محمد لكفار مكة: ﴿ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ ﴾ هذا القرآن ﴿ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ ﴾، وذلك أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ما هذا القرآن إلا شىء ابتدعته من تلقاء نفسك، أما وجد الله رسولاً غيرك، وأنت أحقرنا، وأنت أضعفنا ركناً، وأقلنا جنداً، أو يرسل ملكاً، إن هذا الذي جئت به لأمر عظيم، يقول الله: ﴿ مَنْ أَضَلُّ ﴾، يقول: فلا أحد أضل.
﴿ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴾ [آية: ٥٢]، يعني في ضلال طويل. ثم خوفهم، فقال: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا ﴾، يعني عذابنا.
﴿ فِي ٱلآفَاقِ ﴾، يعني في البلاد ما بين اليمن والشام، عذاب قوم عاد، وثمود، وقوم لوط، كانوا تمرون عليهم، ثم قال: ﴿ وَ ﴾ نريهم العذاب ﴿ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ ﴾، فهو القتل ببدر.
﴿ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ ﴾، يعني أن هذا القرآن الحق من الله عز وجل.
﴿ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ ﴾ شاهداً أن هذا القرآن جاء من الله عز وجل.
﴿ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [آية: ٥٣]، كقوله في الأنعام:﴿ قُلِ ٱللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾[الأنعام: ١٩].
﴿ أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ ﴾، يعني في شك من البعث وغيره.
﴿ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطُ ﴾ [آية: ٥٤].