تفسير سورة الزخرف

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
تفسير سورة سورة الزخرف من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم .
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

قيل إلَّا آية:﴿ وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا ﴾[الزخرف: ٤٥] لمَّا ذكر أنه أنزل إليه كتابا وهو روح يحيى القلوب، بين علو شأنه بقوله: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * حـمۤ * وَٱلْكِتَابِ ﴾: القرآن ﴿ ٱلْمُبِينِ ﴾: طرق الهدى ﴿ إِنَّا جَعَلْنَاهُ ﴾: الكتاب، قيل: الجعل بمعنى القول ﴿ قُرْآناً عَرَبِيّاً ﴾: بلغتكم ﴿ لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾: تفهمونه وتناسب القسم والمقسم عليه من البدائع ﴿ وَإِنَّهُ فِيۤ أُمِّ ٱلْكِتَابِ ﴾: في اللوح المحفوظ ﴿ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ ﴾: شأنا، وهذا متعلق في أم ﴿ حَكِيمٌ ﴾: ذو حكم إذا لا ينسخ أ نذرنكم ﴿ أَفَنَضْرِبُ ﴾: نمسك ونبعد ﴿ عَنكُمُ ٱلذِّكْرَ ﴾: التذكير أو إنزال القرآن ﴿ صَفْحاً أَن ﴾: أي: لأن ﴿ كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ ﴾: وبكسر إن شرطية مخرج للمحقق المشكوك، استجهالا لهم كقول الأجير: إن عملت لك فوفني حقي، وما قبلها ذليل الجزاء ﴿ وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي ﴾: الأمم ﴿ ٱلأَوَّلِينَ * وَمَا يَأْتِيهِم مِّنْ نَّبِيٍّ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * فَأَهْلَكْنَآ أَشَدَّ مِنْهُم ﴾: من المسرفين ﴿ بَطْشاً ﴾: قوة ﴿ وَمَضَىٰ ﴾: في القرآن ﴿ مَثَلُ ٱلأَوَّلِينَ ﴾: قصتهم العجيبة ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيمُ ﴾: أقامها مقام قولهم: الله، للزومهما إزاما لهم، ثم قال تعالى ﴿ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً ﴾: فراشا كالمهد ﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً ﴾: طرقا ﴿ لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾: إلى مقاصدكم في سفركم ﴿ وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ ﴾: تقتضيه حكمته ﴿ فَأَنشَرْنَا ﴾: أحيينا ﴿ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ ﴾: الإنشار ﴿ تُخْرَجُونَ ﴾: من قبوركم للبعث ﴿ وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَزْوَاجَ ﴾: الأصناف ﴿ كُلَّهَا ﴾: وكل ما سوى الله زوج كفوق وتحت، وغيمٌ وصَحْو، وغيرهما ﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْفُلْكِ وَٱلأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ ﴾: فيه وعليه ﴿ لِتَسْتَوُواْ عَلَىٰ ظُهُورِهِ ﴾: جمع بمعنى ما ﴿ ثُمَّ تَذْكُرُواْ ﴾: بقلوبكم ﴿ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا ٱسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُواْ ﴾: " كان صلى الله عليه وسلم إذا وضع رجله في الركاب قال:" بسم الله، فإذا استوى على الدابة قال: الحمدلله على كل حال "﴿ سُبْحَانَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ﴾: مطيقين ﴿ وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾: هذا آخر قوله - صلى الله عليه وسلم -، والمراد به كركوب النفس على البدن، وسير العمر والرحلة إلى الله تعالى ﴿ وَ ﴾: بعد اعترافهم بما مر ﴿ جَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾: الملائكة ﴿ جُزْءًا ﴾: ولدا، فإنه بضعة من الوالد ﴿ إِنَّ ٱلإنسَانَ ﴾: جنسه ﴿ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ ﴾: كفرانه ﴿ أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم ﴾: أخلصكم ﴿ بِٱلْبَنِينَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ ﴾: جعل ﴿ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً ﴾: شبها، فإن الولد يشبه الوالد ﴿ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ ﴾: مملوء من الغيظ كما مر.
﴿ أَ ﴾: جعلوا له ذلك ﴿ وَ ﴾: اتخذ ﴿ مَن يُنَشَّأُ ﴾: يتربى ﴿ فِي ٱلْحِلْيَةِ ﴾: الزينة يعني البنات ﴿ وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ ﴾: المجادلة ﴿ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾: لحجته لضعف رأيه ﴿ وَجَعَلُواْ ﴾: في اعتقادهم ﴿ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ﴾: إضافة تشريف ﴿ إِنَاثاً ﴾: مع أنهن أحسن الأصناف ﴿ أَشَهِدُواْ ﴾: حضروا ﴿ خَلْقَهُمْ ﴾: فشاهوهم إناثا وبالاستفهام أي: أأحظروا ﴿ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ ﴾: على الله تعالى والملائكة ﴿ وَيُسْأَلُونَ ﴾: عنها فيعذبون ﴿ وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ﴾: أن لا نبعد الملائكة ﴿ مَا عَبَدْنَاهُمْ ﴾: لهم شبهة القدرية في أن كل مأمور به مراد، وكل منهي عنه غير مراد ﴿ مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ ﴾: لأن المشيئة ترجيح ممكن كان أو منهيا ﴿ إِنْ ﴾: ما ﴿ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ﴾: يتحملون تمحلا باطلا ﴿ أَمْ ﴾: بل ﴿ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ ﴾: قبل القرآن فيه صحة قولهم ﴿ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوۤاْ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ ﴾: دين ﴿ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ﴾: فلا حجة لهم ﴿ وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ ﴾: متنعموها ﴿ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ ﴾: ملة ﴿ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ﴾: أفاد بالإتراف أن تنعمهم صرفهم عن النظر إلى التقليد
﴿ قَٰلَ أَ ﴾: تتبعونهم ﴿ وَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىٰ ﴾: بدين أهدى ﴿ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾: وإن كان أهدى ﴿ فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾: بالاستئصال ﴿ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ ﴾: واصبر ﴿ وَ ﴾: اذكر ﴿ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ ﴾: برئ ﴿ مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاَّ ﴾: غير ﴿ ٱلَّذِي فَطَرَنِي ﴾: خلقني ﴿ فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ﴾: إلى فوق ما هداني إليه والسين للتاكيد ﴿ وَجَعَلَهَا ﴾: جعل الله تعالى أو إبراهيم كلمة التوحيد الدال عليه إلا الذي.. إلى آخره ﴿ كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ﴾: ذريته فلا يزال فيهم موحد ﴿ لَعَلَّهُمْ ﴾: مشركهم ﴿ يَرْجِعُونَ ﴾: بدعوة موحديهم ﴿ بَلْ مَتَّعْتُ هَـٰؤُلاَءِ ﴾: قريش ﴿ وَآبَآءَهُمْ ﴾: في الدنيا ﴿ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ ﴾: القرآن ﴿ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ ﴾: كلمة الهدى ﴿ وَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ * وَقَالُواْ لَوْلاَ ﴾: هلا ﴿ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ﴾: إحدى ﴿ ٱلْقَرْيَتَيْنِ ﴾: مكة والطائف ﴿ عَظِيمٍ ﴾: بالجاه والمال، وليد بن مغيرة، وعروة بن مسعود، أو عمرو بن حبيب بن عمرو الثقفيين ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ ﴾: نبوة ﴿ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ ﴾: أي: خويصة أمرهم ﴿ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾: وهم عاجزون عن تدبيرها، فكيف بتدبير أمر النبوة التي هي اعلى المراتب، وأفاد أن حلالها وحرامها من الله تعالى: ﴿ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ﴾: بالمال ﴿ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم ﴾: الأغنياء ﴿ بَعْضاً ﴾: الفقراء ﴿ سُخْرِيّاً ﴾: الياء للنسبة، أي: مُسَخَّرًا في العمل لمظام العالم، فلا كمال في الاستخدام وكثرة المال، ولا نفص في الخدمة وفقر الحال ﴿ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ ﴾: كالنبوة وتوابعها ﴿ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾: من الأموال والعَظِيْمُ من رُزق منها لا منه ﴿ وَلَوْلاَ ﴾: كراهة ﴿ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾: مجتمعية على الكفر بأن رأوا الكفار في السعة فكفروا ﴿ لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ ﴾: بدل من لـ " مَنْ " ﴿ سُقُفاً ﴾: جمع سقف أو سقيفة، وهي الخشبة العريضة ﴿ مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ ﴾: كالدرج من الفضة ﴿ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ﴾: يعلون السطوح لحقارة الدنيا ﴿ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً ﴾: من فضة ﴿ عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَ ﴾: لجعلها لبيوتهم ﴿ زُخْرُفاً ﴾: ذهبا، حاصلة أن الموضع الحقيقي للمال أيدي أهل الضلال نادر لدى أهل الكمال ﴿ وَإِن ﴾: ما ﴿ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا ﴾: إلا وبتخفيفها إن مخففة ﴿ مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾: الزائلة ﴿ وَٱلآخِرَةُ ﴾: حاصلة ﴿ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾: خاصة، وتقليل دنياهم لآفاتها كما بينه: ﴿ وَمَن يَعْشُ ﴾: يتعام ويعرض ﴿ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ ﴾: نقدر ﴿ لَهُ شَيْطَاناً ﴾: أو نعوضه عن إغفاله الذكر ﴿ فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾: لا يفارقه ﴿ وَإِنَّهُمْ ﴾: جنس الشياطين ﴿ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ ﴾: الحق ﴿ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴾: جمع بمعنى من ﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ ﴾: ما بين المشرق والمغرب ﴿ فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ ﴾: أنت، قال تعالى: ﴿ وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ ﴾: تمني البعد ﴿ إِذ ظَّلَمْتُمْ ﴾: بكفركم ﴿ أَنَّكُمْ ﴾: لأنكم ﴿ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ﴾: كاشتراككم في سببه ﴿ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ أَوْ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ ﴾: مجاز عن تمرنهم في الكفر ﴿ وَمَن كَانَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾: بل لا يقدر عليه إلا الله تعالى، والعطف باعتبار تغاير الوصفين ﴿ فَإِمَّا ﴾: صلة ﴿ نَذْهَبَنَّ بِكَ ﴾: فإن نقبضك قبل تعذيبهم ﴿ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ ﴾: بعده ﴿ أَوْ نُرِيَنَّكَ ﴾: أن نريك ﴿ ٱلَّذِي وَعَدْنَاهُمْ ﴾: من العذاب ﴿ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ ﴾: على عذابهم ﴿ مُّقْتَدِرُونَ * فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِيۤ أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ ﴾: شرف ﴿ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾: عن القيام بحقه ﴿ وَسْئَلْ ﴾: عن أُمَمِ ﴿ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ﴾: المراد الاستشهاد بإجماعهم على التوحيد، أو اسئل الرسل ليلة الإسراء
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَـٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ * فَلَمَّا جَآءَهُم بِآيَاتِنَآ ﴾: من المعجزات ﴿ إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ ﴾: استهزاء ﴿ وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ ﴾: من آيات العذاب ﴿ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ﴾: صاحبتها، تمثيل لاتصاف الكل بالكمال أو هي مختصة بنوع إعجاز مفضلة على غيرها بذلك الإعْجاز ﴿ وَأَخَذْنَاهُم بِٱلْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾: عن كفرهم ﴿ وَقَالُواْ ﴾: لفرط حماقتهم أو لتسميتهم العالم الماهر ساحرا ﴿ يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ ﴾: يكشفه ﴿ بِمَا عَهِدَ ﴾: بحق عهده ﴿ عِندَكَ ﴾: من النبوة أو الإيمان ﴿ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ ﴾: بالإيمان أن يكشفه، وأما ذكره في الأعراف بنداء " يا موسى "، ووعد " لنؤمنن "، فيحتمل كونه في مجلسين، وإنْ حكاه تعالى بحسب حالهم لا بعبارتهم ﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ ﴾: ينقضون عهدهم ﴿ وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ ﴾: مخافة أن يسلموا ﴿ قَالَ يٰقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ ﴾: من النيل ﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ ﴾: تحت قصري ﴿ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ ﴾: عظمتي وعجزه ﴿ أَمْ ﴾: تبصون أني ﴿ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ ﴾: حقير ﴿ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ ﴾: الكلام لعقده لسانه ﴿ فَلَوْلاَ ﴾: هلا ﴿ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ ﴾: جمع سوار ﴿ مِّن ذَهَبٍ ﴾: المراد مقاليد الملك إذ كانوا إذا سودوا أحدا سوروه وطوقوه من الذهب ﴿ أَوْ جَآءَ مَعَهُ ٱلْمَلاَئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ﴾: مقرونين يصدقونه ﴿ فَٱسْتَخَفَّ ﴾: حمل على الخفة في طاعته ﴿ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ * فَلَمَّآ آسَفُونَا ﴾: أغضبونا بإفراط المعاصي ﴿ ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً ﴾: قدرة للفكرة بعدهم ﴿ وَمَثَلاً ﴾: قصة عجيبة ﴿ لِّلآخِرِينَ * وَلَمَّا ضُرِبَ ﴾: جعل ﴿ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً ﴾: مثالا ومقياسا لإبطال القرآن، ضربه ابن الزبعري حين نزل:﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾[الأنبيا: ٩٨] الآية، قال: إن آلهتنا مع عيسى ﴿ إِذَا قَوْمُكَ ﴾: قريش ﴿ مِنْهُ ﴾: من مثله ﴿ يَصِدُّونَ ﴾: يضجون فرحا بأنه ألزم محمدا، وبضم الصاد، أي: يعرضون عن الحق ﴿ وَقَالُوۤاْ ءَأَ ٰلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ﴾: عيسى، فإن كان هو فيها فلتكن آلهتنا فيها ﴿ مَا ضَرَبُوهُ ﴾: المثل ﴿ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً ﴾: خصومة بالباطل إذ علموا أن " ما " لغير أولي العقل وهذا ردهم مجملا، وقد فصله بآية " إنَّ الذين سبقت " إلى آخره ﴿ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ﴾: شديدُ الخصومة ﴿ إِنْ ﴾: ما ﴿ هُوَ ﴾: عيسى ﴿ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ ﴾: بالنبوة ﴿ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً ﴾: قصة عجيبة ﴿ لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ﴾: يستدل به على كمال قدرتنا ﴿ وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا ﴾: لولدنا ﴿ مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً ﴾: وهذا أعجب من توليده بلا أب ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: متعلق ﴿ يَخْلُفُونَ ﴾: بخلفونكم لتعرفوا أنهم اجسام لا آلهة ولا أولادهما ﴿ وَإِنَّهُ ﴾: عيسى ﴿ لَعِلْمٌ ﴾: لعلامة ﴿ لِّلسَّاعَةِ ﴾: تعلم بنزوله على ثنية اسمها: أفيق بالأرض المقدسة، وبيده حربة بها يقتل الدجال ﴿ فَلاَ تَمْتَرُنَّ ﴾: تشكن ﴿ بِهَا ﴾: فيها ﴿ وَٱتَّبِعُونِ ﴾: أي: شرعي ﴿ هَـٰذَا ﴾: المأمور به ﴿ صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ * وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ ﴾: عن متابعتي ﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ ﴾: من المعجزات ﴿ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ ﴾: بالنبوة ﴿ وَ ﴾: جئتكم ﴿ لأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ﴾: وهو أمر الدين لا الدنيا ﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ * فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ ﴾: فيه، أهو الله أو ابنه أو ثالث ثلاثة أو كاذب ﴿ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ ﴾: منهم ﴿ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ ﴾: القيامة
﴿ هَلْ ﴾: ما ﴿ يَنظُرُونَ ﴾: ينتظر الظالمون ﴿ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ ﴾: أي: إتيانها ﴿ بَغْتَةً ﴾: فجأة ﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾: أي: غير مستعدين لها فلا تكرار ﴿ ٱلأَخِلاَّءُ ﴾: الأحباء في الدنيا ﴿ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ﴾: الإخلاء ﴿ ٱلْمُتَّقِينَ ﴾: ينادون ﴿ يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾: يا أيها ﴿ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ * ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ﴾: تسرون أو تزينون أو تكرمون ﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ ﴾: جمع صفحة أي: قطعة ﴿ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ ﴾: جمع كوب، كوز بلا عروة ﴿ وَفِيهَا ﴾: في الجنة ﴿ مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ ﴾: بمشاهدته ﴿ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِيۤ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾: كما مر ﴿ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا ﴾: بعضها ﴿ تَأْكُلُونَ ﴾: ويخلفه بدله، ولا يرى شجر بلا مر، وإكثار ذكر التنعم بالمطاعم والملابس مع حقارته بالنسبة إلى سائر نعمها لشدة فاقتهم ﴿ إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لاَ يُفَتَّرُ ﴾: يخفف ﴿ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴾: ساكتون يأْسًا ﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ ﴾: أَنُسهم بما عملوا ﴿ وَنَادَوْاْ ﴾: قبل الإبلاس وقول: اخسئوا ﴿ يٰمَالِكُ ﴾: خازن جهنم ﴿ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ ﴾: بعد ألف سنة ﴿ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ ﴾: فيها دائما، ثم يقول تعالى: ﴿ لَقَدْ جِئْنَاكُم بِٱلْحَقِّ ﴾: على لسان الرسول ﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ * أَمْ ﴾: بل ﴿ أَبْرَمُوۤاْ ﴾: أحكم الكفار ﴿ أَمْراً ﴾: كيدا في رد الحق ﴿ فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ﴾: كيدنا في مجازاتهم ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ ﴾: حديث نفسهم ﴿ وَنَجْوَاهُم ﴾: تناجيهم ﴿ بَلَىٰ ﴾: نسمعها ﴿ وَرُسُلُنَا ﴾: الحفظة ﴿ لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾: ذلك ﴿ قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ ﴾: كما تزعمون ﴿ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ ﴾: المستكبرين عن عبادته، من عبد بالكسر اشتد أنفه أو إن كان فأنا أول عابديه، لكن لا، فلا وحينئذ إن لمجرد الشرطية، أو ما كان له ولد ﴿ فَأَنَاْ أَوَّلُ ﴾: الموحدين ﴿ سُبْحَانَ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾: بنسبة الولد، أفاد بالإضافة أن هذه الأجسام لكونها أصولا ذات استمرار منزهة عن التوليد فكيف بمبدعها ﴿ فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ ﴾: في الباطل ﴿ وَيَلْعَبُواْ ﴾: في الدنيا ﴿ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ ﴾: القيامة ﴿ وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمآءِ إِلَـٰهٌ ﴾: مستحق لأن يعبد ﴿ وَفِي ٱلأَرْضِ ﴾: هو ﴿ إِلَـٰهٌ ﴾: فكيف يحتاج إلى ولد؟! ﴿ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ﴾: في التدبير ﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾: بالكل ﴿ وَتَبَارَكَ ﴾: تعظم ﴿ ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾: للجزاء ﴿ وَلاَ يَمْلِكُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ ﴾: يعبدون ﴿ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَاعَةَ ﴾: كما زعموا ﴿ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِٱلْحَقِّ ﴾: بالتوحيد ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾: التوحيد كعيسى والملائكة عليهم أفضلُ الصلاة والسلام ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم ﴾: العابدين والمعبودين ﴿ مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ﴾: يُصرفون عن عبادته ﴿ وَ ﴾: عند علم ﴿ قِيلِهِ ﴾: قول محمد شكاية وبالنصب عطف على محل السَّاعة ﴿ يٰرَبِّ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ ﴾: قال تعالى: ﴿ فَٱصْفَحْ ﴾: أعرض ﴿ عَنْهُمْ وَقُلْ ﴾: أمري ﴿ سَلاَمٌ ﴾: منكم هو سلام متاركة، وقد يستعمل بعلى كما مرَّ ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾: نتائج عنادهم.
Icon