تفسير سورة النّاس

تفسير النسفي
تفسير سورة سورة الناس من كتاب مدارك التنزيل وحقائق التأويل المعروف بـتفسير النسفي .
لمؤلفه أبو البركات النسفي . المتوفي سنة 710 هـ
مختلف فيها، وهي ست آيات.

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١)
﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الناس﴾ أي مربيهم ومصلحهم
مَلِكِ النَّاسِ (٢)
﴿مَلِكِ الناس﴾ مالكهم ومدبر أمورهم
إِلَهِ النَّاسِ (٣)
﴿إله الناس﴾ معبودهم ولم يكتف بإظهار المضاف إليه مرة واحدة لأن قوله مَلِكِ الناس إله الناس عطف بيان لرب الناس لأنه يقال لغيره رب الناس وملك الناس وأما إله الناس
فخاص لا شركة فيه وعطف البيان للبيان فكأنه مظنة للإظهار دون الإضمار وإنما أضيف الرب إلى الناس خاصة وإن كان رب كل مخلوق تشريفاً لهم ولأن الاستعاذة وقعت من شر الموسوس في صدور الناس فكأنه قيل أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم الذي يملك عليهم أمورهم وهو إلههم ومعبودهم وقيل أراد بالأول الأطفال ومعنى الربوبية يدل عليه وبالثانى الشبان ولفظ الملك المنبئ عن السياسة يدل عليه وبالثالث الشيوخ ولفظ الاله المنبئ عن العبادة يدل عليه وبالرابع الصالحين إذ الشيطان مولع بإغوائهم
699
وبالخامس المفسدين لعطفه على المعوذ منه
700
مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (٤)
﴿مِن شَرّ الوسواس﴾ هو اسم بمعنى الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة وأما المصدر فوسواس بالكسر كالزلزال والمراد به الشيطان سمي بالمصدر كأنه وسوسة في نفسه لأنها شغله الذي هو عاكف عليه أو أريد ذو الوسواس والوسوسة الصوت الخفي ﴿الخناس﴾ الذي عادته أن يخنس منسوب الى الخنوس وهو التأخر كالعواج والنتات لما روي عن سعيد بن جبير إذا ذكر الإنسان ربه خنس الشيطان وولى وإذا غفل رجع ووسوس إليه
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥)
﴿الذى يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ الناس﴾ في محل الجر على الصفة أو الرفع أو النصب على الشتم وعلى هذين الوجهين يحسن الوقف على الخناس
مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)
﴿مِنَ الجنة والناس﴾ بيان للذي يوسوس على أن الشيطان ضربان جني وإنسي كما قال شياطين الانس والجن وعن أبى ذر رضى الله عنه أنه قام لرجل هل تعوذت بالله من شيطان الإنس روي أنه عليه السلام سحر فمرض فجاءه ملكان وهو نائم فقال أحدهما لصاحبه ما باله فقال طُبّ قال ومن طبه قال لبيد بن أعصم اليهودي قال وبم طبه قال بمشط ومشاطة في جف طلعة تحت راعوفة فى بئر ذى أروان فانتبه ﷺ فبعث زبيرا وعليا وعمارا رضى الله عنهم فنزحوا ماء البئر وأخرجوا الجف فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه وإذا فيه وتر معقد فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر فنزلت هاتان السورتان فكلما قرأ جبريل آية انحلت عقدة حتى قال ﷺ عندانحلال العقدة الأخيرة كأنما نشط من عقال وجعل جبريل يقول بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء
700
يؤذيك ولهذا جوز الاسترقاء بما كان من كتاب الله وكلام رسول عليه السلام لا بما كان بالسريانية والعبرانية والهندية فإنه لا يحل اعتقاده والاعتماد عليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيآت أعمالنا وأقوالنا ومن شر ما عملنا وما لم نعمل ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ونبيه وصفيه أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون صلى الله عليه وعلى آله مصابيح الأنام وأصحابه مفاتيح دار السلام صلاة دائمة ما دامت الليالى والأيام
تم بعون الله تعالى طبع كتاب تفسير النسفى
701
Icon