تفسير سورة سورة إبراهيم من كتاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم
.
لمؤلفه
المنتخب
.
المتوفي سنة 2008 هـ
تحمل هذه السورة المكية اسم إبراهيم نبي الله وخليله الذي أقام الكعبة في مكة المكرمة بيتا لعبادة الله، ودعا الناس إلى الإيمان بالله، إلها واحدا، بيده وحده الخلق والأمر. وفي السورة الكريمة يشكر إبراهيم ربه على نعمه التي لا تحصى، فهو سبحانه الذي وهبه على الكبر إسماعيل وإسحاق، ويدعو إبراهيم ربه أن يبارك هذا الوادي الذي أسكن فيه بعض ذريته عند البيت المحرم، فيجعل القلوب تميل إليه، ويرزق أهله من الثمرات ليشكروه على نعمه آمنين سالمين، والدعوة التي دعا إبراهيم الناس إليها هي : دين الله الواحد، وهي التي دعا إليها الأنبياء والرسل مثل موسى عليه السلام ولقد تعرض الرسل لإعراض الكفار ولألوان من المكر والعذاب، فصبروا مؤمنين بأن نصر الله قريب، فالله سبحانه وتعالى يهدي المؤمنين الذين عرفوا الله بعقولهم وقلوبهم، وتمسكوا بما عرفوا من حق، وهو يدخل المؤمنين جناته، ويعاقب الكافرين الذين أصروا على الضلال بنار جهنم. وضرب الله المثل لذلك بالكلمة الطيبة، فهي كالشجرة الطيبة النافعة التي تضرب بجذورها في أعماق الأرض، وترفع هامتها إلى السماء، وتثمر في حينها بإذن الله ثمرة مباركة، أما الكلمة الخبيثة فهي كالشجرة الخبيثة التي لا تنفع الناس، فلا جذور ثابتة لها، ولا ثمرة لها يستفيد منها الناس، فهي كالشجرة المقتلعة التي لا خير فيها.
ﰡ
١- ألف. لام. راء : في الابتداء بهذه الحروف تنبيه إلى إعجاز القرآن، مع أنه مكون من حروف يتكلمون بها، وتنبيه للاستماع. هذا المذكور في السورة كتاب منزل إليك يا محمد من عندنا، لتخرج الناس كافة من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم بتيسير ربهم.
٢- طريق الله الذي له كل ما في السماوات وما في الأرض - خلْقاً ومُلْكاً - إذا كان هذا هو حال الإله الحق، فالهلاك بعذاب شديد للكافرين.
٣- الذين يفضلون الحياة الدنيا على الآخرة، ويمنعون الناس عن شريعة الله، ويرغبون أن تصير الشريعة معوجة في نظر الناس لينفروا منها ؛ أولئك الموصوفون بما ذكر قد ضلوا ضلالا بعيداً عن الحق.
٤- وما أرسلنا رسولا قبلك - يا أيها النبي - إلا متكلماً بلغة قومه الذين بعثناه فيهم ليفهمهم ما أتى به، فيفقهوه ويدركوه بسهولة، وليس عليه هدايتهم، فالله يضل من يشاء لعدم استعداده لطلب الحق، ويهدى من يشاء لحسن استعداده، وهو القوى الذي لا يغلب على مشيئته، والذي يضع الأمور في مواضعها، فلا يهدي ولا يضل إلا لحكمة.
٥- ولقد أرسلنا موسى مؤيداً بمعجزاتنا، وقلنا له : أخرج قومك بني إسرائيل من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم، وذكّرهم بالوقائع والنقم التي أوقعها الله بالأمم قبلهم. إن في ذلك التذكير دلائل عظيمة على وحدانية الله، تدعو إلى الإيمان وإلى كل ما يتحقق به كمال الصبر على البلاء، والشكر على النعماء، وهذه صفة المؤمن.
٦- واذْكر - أيها النبي - لقومك، لعلهم يعتبرون، وقت قول موسى لقومه تنفيذاً لأمر ربك : اذكروا نعمة الله عليكم، حين أنجاكم من قوم فرعون وهم يذيقونكم العذاب الأليم، بتكليفكم الأعمال الشاقة، ويذبحون أبناءكم الذكور، ويستبقون نساءكم بلا قتل ذليلات مهانات، وفي كل ما ذكر من التعذيب والإنجاء اختبار من الله عظيم، ليظهر مقدار الصبر والشكر.
٧- واذكروا - يا بني إسرائيل - حين أعلمكم ربكم وقال : والله إن شكرتم ما وهبتكم من نعمة الإنجاء وغيرها، وبالثبات على الإيمان والطاعة لأزيدنكم من نعمى، وإن جحدتم نعمى بالكفر والمعصية، لأعذبنكم عذابا مؤلما، لأن عذابي شديد للجاحدين.
٨- وقال موسى لقومه - حينما عاندوا وجحدوا - : إن تجحدوا نعم الله ولا تشكروها بالإيمان والطاعة، أنتم وجميع من في الأرض، فإن ذلك لن يضر الله شيئا، لأن الله غنى عن شكر الشاكرين، مستوجب الحمد بذاته، وإن لم يحمده أحد.
٩- ألم يصل إليكم خبر الذين مَضوْا من قبلكم، قوم نوح وعاد وثمود، والأمم الذين جاءوا من بعدهم، وهم لا يعلمهم إلا الله لكثرتهم، وقد جاءتهم رسلهم بالحُجج الواضحة على صدقهم، فوضعوا أيديهم على أفواههم استغراباً واستنكاراً، وقالوا للرسل : إنا كفرنا بما جئتم به من المعجزات والأدلة، وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه من الإيمان والتوحيد، لأننا لا نطمئن إليه ونشك فيه.
١٠- قالت الرسل لأقوامهم - منكرين عليهم شكهم في وجود الله ووحدانيته، متعجبين من ذلك - أفي وجود الله وألوهيته - وحده - شك، وهو خالق السماوات والأرض على غير مثال يحتذيه، وهو يدعوكم ليغفر لكم بعض ذنوبكم التي وقعت منكم قبل الإيمان، ويؤخركم إلى انتهاء آجالكم ؟ ! قالت الأقوام لرسلهم تعنتاً : ما أنتم إلا بشر مثلنا، لا فضل لكم علينا يؤهلكم للرسالة.. تريدون أن تمنعونا بما تدعوننا إليه عمَّا كان عليه آباؤنا من العبادة، فأتونا بحُجة واضحة مما نقترحه عليكم.
١١- قالت لهم رسلهم : ما نحن إلا بشر مثلكم كما قلتم، ولكن الله يصطفي من يشاء من عباده فيخصهم بالنبوة والرسالة، وما كان في قدرتنا أن نأتيكم بحُجة مما تقترحون إلا بتيسير منه، وعلى الله - وحده - فليتوكل المؤمنون ولنتوكل عليه بالصبر على معاندتكم.
١٢- وأي عذر لنا في ترك التوكل على الله، وهو قد أرشدنا إلى سبيله ومنهاجه الذي شرع له، وأوجب عليه سلوكه في الدين، وإنا لنؤكد توكلنا على الله، ولنصبرن على أذاكم لنا بالعناد واقتراح المعجزات، والله - وحده - هو الذي يتوكل عليه المتوكلون.
١٣- عمد الكفار المتجبرون إلى القوة، بعد أن عجزوا جميعاً عن مقاومة الدليل، وقالوا لرسلهم : ليكونن أحد أمرين : إما أن نخرجكم من أرضنا، وإما أن تدخلوا في ديننا، فأوحى الله إلى الرسل قائلا : لنهلكن الكافرين لظلمهم.
١٤- ولنُسْكننّكم أرضهم من بعد هلاكهم. وذلك الإسكان للمؤمنين حق لمن خاف موقف حسابي، وخاف وعيدي بالعذاب، فإن من غلب عليه الخوف أطاع.
١٥- إن الرسل استنصروا على أقوامهم لما يئسوا من إيمانهم وطلبوا النصر من ربهم على الكافرين من أقوامهم، فنصرهم الله وربحوا، وخسر كل متكبر عن طاعة الله شديد العناد.
١٦- وقد استقبل الهزيمة في الدنيا، ومن ورائه في الآخرة عذاب جهنم، ويُسْقى فيها من ماء كريه، وهو كالصديد يسيل من أهل النار.
١٧- يتكلف شربه كأنه يبتلعه مرة أخرى، ولا يقرب من استساغته لأنه لا يمكن أن يستساغ لكراهته وقذارته ويحيط به أسباب الموت من الشدائد من كل جهة، وما هو في جهنم بميت فيستريح مما هو فيه، بل يستقبل في كل وقت عذاباً أشد.
١٨- إن حال أعمال الخيّرين الكافرين الدنيوية وكسبهم فيها - لبنائها على غير أساس من الإيمان - كحال رماد اشتدت لتفريقه الريح في يوم شديد العواصف، لا يقدرون يوم القيامة على شيء مما كسبوا في الدنيا من تلك الأعمال فلا يمكنهم الانتفاع بشيء منها إذ لا يرون لها أثراً من الثواب، كما لا يقدر صاحب الرماد المتطاير في الريح على إمساك شيء منه، وهؤلاء الضالون يحسبون أنهم محسنون، مع أن أعمالهم بعيدة أشد البعد عن طريق الحق.
١٩- ألم تعلم - أيها المخاطب - أن الله تعالى خلق السماوات والأرض لتقوما على الحق بمقتضى حكمته، ومن قدر على هذا كان قادراً على إهلاككم أيها الكافرون والإتيان بخلق جديد غيركم يعترفون بوجوده ووحدانيته إذا شاء.
٢٠- وما ذلك الإذهاب والإتيان على الله بمتعذر ولا بمتعسر.
٢١- وسيظهر الكفار جميعاً من قبورهم للرائين - لأجل حساب الله تعالى - ظهوراً لا شك فيه كأنه واقع الآن فعلا، فيقول ضعفاء الرأي من الأتباع للقادة المستكبرين : إنا كنا لكم تابعين في تكذيب الرسل ومحاربتهم والإعراض عن نصائحهم، فهل أنتم اليوم دافعون عنا من عذاب الله بعض الشيء ؟ قال المستكبرون : لو هدانا الله إلى طريق النجاة ووفقنا له لأرشدنا ودعوناكم إليه، ولكن ضللنا فأضللناكم، أي اخترنا لكم ما اخترناه لأنفسنا، ونحن وأنتم الآن سواء علينا الجزع والصبر، ليس لنا مهرب من العذاب.
٢٢- ويقول إبليس - حين يقضى الله الأمر بتنعيم الطائعين وتعذيب العاصين - لمن اتبعه : إن الله تعالى وعدكم وعداً حقاً بالبعث والجزاء فأنجزه، ووعدتكم وعداً باطلا بأن لا بعث ولا جزاء فأخلفتكم وعدي، وما كان لي عليكم قوة أقهركم بها على اتباعي، لكن دعوتكم بوسوستي إلى الضلالة فأسرعتم إلى طاعتي، فلا تلوموني بوسوستي، ولوموا أنفسكم على إجابتي وما أنا اليوم بمغيثكم من العذاب، وما أنتم بمغيثيّ. إني جحدت اليوم إشراككم إياي مع الله في الدنيا حيث أطعتموني كما يطيع العبد ربه. إن الكافرين لهم عذاب مؤلم.
٢٣- وأُدخل في الآخرة الذين صدقوا وعملوا الأعمال الصالحة جنات تجرى من تحت قصورها الأنهار خالدين فيها بإذن الله تعالى وأمره، تحيتهم فيها من الملائكة تفيد الأمن والاطمئنان.
٢٤- ألم تعلم - أيها الإنسان - كيف ضرب الله مثلا لكلمة الحق الطيبة، وكلمة الباطل الخبيثة، فجعل الكلمة الحسنة الفائدة مثل شجرة حسنة المنفعة، أصلها ضارب بجذورها في الأرض، وأفنانها مرتفعة إلى جهة السماء.
٢٥- تعطى ثمرها كل وقت عيَّنه الله ؛ لإثمارها بإرادة خالقها، كذلك كلمة التوحيد ثابتة في قلب المؤمن، وعمله يصعد إلى الله، وينال بركته وثوابه كل وقت، ويبيِّن الله الأمثال للناس، فيشبه المعاني بالمحسوسات ليتعظوا فيؤمنوا.
٢٦- الكلمة الباطلة الخبيثة شبيهة بشجرة خبيثة، كأنها اقتلعت، وكأنها ملقاة على الأرض لأنها ليس لها ثبات فيها، كذلك كلمة الباطل داحضة لا ثبات لها. لأنها لم تعاضد بحُجة.
٢٧- يثبت الله الذين آمنوا على القول الحق في الحياة الدنيا وفي يوم القيامة، ويُبعد الله الكافرين عنه لسوء استعدادهم، ويفعل الله ما يشاء من تثبيت بعض وإضلال آخرين، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه.
٢٨- ألم تنظر - أيها السامع - إلى المشركين الذين وضعوا مكان شكر نعمة الله بمحمد ودينه كفراً بالله تعالى وأنزلوا أتباعهم - بإضلالهم إياهم - دار الهلاك.
٢٩- وهي جهنم يقاسون حرَّها وقبح المقر جهنم.
٣٠- وجعلوا لله - الواحد الأحد - أمثالاً من الأصنام في العبادة، لتكون عاقبة عملهم إضلال الناس عن سبيل الله، وقل - أيها النبي - لأولئك الضالين : تمتعوا بشهواتكم فإن مرجعكم إلى النار !.
٣١- قل - يا محمد - لعبادي الصادقين الذين آمنوا وأحسنوا : أقيموا الصلاة، وأنفقوا بعض ما رزقناكم في وجوه البر، مسرين ومعلنين، وفي كل خير، من قبل أن يأتي يوم لا انتفاع فيه بمبايعة ولا صداقة.
٣٢- الله - وحده - هو الذي أنشأ السماوات وما فيها، والأرض وما فيها، وأنزل من السحاب ماء مدراراً، فأخرج بسببه رزقاً لكم. هو ثمرات الزرع أو الشجر، وسخَّر لكم السفن لتجرى في البحر تحمل أرزاقكم وتجارتكم بإذنه ومشيئته، وسخر لكم الأنهار العذبة لتنتفعوا بها في ري الأنفس والزروع.
٣٣- وسخر لكم الشمس والقمر دائبين، للإضاءة وإصلاح النبات والحيوان، وسخر لكم الليل للراحة، والنهار للسعي.
٣٤- وهيَّأ لكم كل ما تحتاجون إليه في حياتكم مما شأنه أن يطلب سواء أطلبتموه أم لا، وإن تعدوا ما أنعم الله به عليكم لا يمكنكم حصر أنواعه، فضلا عن أفراده. إن الجاحد الذي قابل النعم بالجحود لشديد الظلم والجحود.
٣٥- واذكر - أيها النبي - لقومك، ليعتبروا فيرجعوا عن إشراكهم، قوْل أبيهم إبراهيم بعد بناء الكعبة : يا رب اجعل هذا البلد الذي فيه الكعبة ذا أمن من الظالمين وأبعدني وأبنائي عن عبادة الأصنام.
٣٦- لأن الأصنام تسببت في إضلال كثير من الناس بعبادتهم لها. فَمِن تبعني من ذريتي، وأخلص لك العبادة، فإنه من أهل ديني، ومن عصاني - بإقامته على الشرك - فأنت قادر على هدايته لأنك كثير المغفرة والرحمة.
٣٧- يا ربنا إني أسكنت بعض ذريتي في وادي مكة الذي لا ينبت زرعاً، عند بيتك الذي حرَّمت التعرض له والتعاون بشأنه، وجعلت ما حوله آمناً. ربنا فأكرمهم ليقيموا الصلاة بجوار هذا البيت، فاجعل قلوباً خيرة من الناس تميل إليهم لزيارة بيتك، وارزقهم من الثمرات بإرسالها إليهم مع الوافدين، ليشكروا نعمتك بالصلاة والدعاء.
٣٨- ربنا، إنه يستوي عند علمك سرنا وعلانيتنا، فأنت أعلم بمصالحنا، وأرحم بنا منا، وما يخفي عليك شيء ولو كان صغيراً في الأرض ولا في السماء، فلا حاجة بنا إلى الدعاء، ولكننا ندعوك إظهاراً للعبودية، ونخشع لعظمتك، ونفتقر إلى ما عندك.
٣٩- الحمد لله الذي أعطاني - مع كبر سني، واليأس من الولد - إسماعيل ثم إسحاق. إن ربى لسميع دعائي، مجيب له.
٤٠- رب وفقني لأداء الصلاة على وجهها، ووفق لأدائها كذلك الأخيار من ذريتي، ربنا تقبل دعائي قبول المستجيب.
٤١- ربنا اغفر لي ما فرط منى من الذنوب، واغفر لوالديّ وللمؤمنين. يوم يتحقق الحساب، ويكون من بعده الجزاء.
٤٢- ولا تظنن - أيها الرسول - ربك غافلاً عما يعمل الظالمون من محاربة الإسلام وأهله ؛ بل هو عالم بمخالفتهم، وقدَّر تأخير عقوبتهم ليوم عسير، تبقى فيه أبصارهم مفتوحة، لا يسيطرون عليها، فلا ترتد إليهم من هول ما ترى.
٤٣- وهم مسرعون نحو الداعي، رافعو رؤوسهم إلى السماء، لا ترجع أعينهم إلى إرادتهم، وقلوبهم خالية ليس فيها تفكير من شدة الخوف.
٤٤- وبين - أيها النبي - للناس أهوال يوم القيامة الذي يأتيهم فيه العذاب فيقول الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي : ربنا أخِّر العذاب عنا، وردنا إلى الدنيا، وأمهلنا إلى أجل من الزمان قريب، نتدارك ما فرطنا بإجابة دعوتك إلى التوحيد واتباع الرسل. فيقال لهم : أتقولون اليوم هذا ونسيتم أنكم حلفتم من قبل في الدنيا أنكم إذا متم لا تزول عنكم هذه النعمة، إن كان بعث يوم القيامة ؟.
٤٥- وسكنتم في الدنيا في مساكن الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي من الأمم قبلكم، وظهر لكم بمشاهدة آثارهم كيف عاقبناهم فلم تنزجروا، وبيَّنا لكم صفات ما فعلوا وما حل بهم، فلم تعتبروا.
٤٦- وقد دبَّر هؤلاء المشركون تدبيرهم لإبطال الدعوة، وعند الله علْم مكرهم وما كان مكرهم لتزول منه الشريعة الثابتة ثبات الجبال.
٤٧- فلا تظن - أيها الرسول - أن الله تعالى مُخْلف رسله ما وعدهم به من النصر، لأنه غالب لا يمنعه أحد عما يريد، شديد الانتقام ممن كفر به وعصى رسله.
٤٨- فينتقم منهم يوم القيامة حين نجعل الأرض غير الأرض الموجودة الآن، ونجعل السماوات غير السماوات كذلك، ويخرج الخلائق من قبورهم لحكم الله الذي لا شريك له ولا غالب له.
٤٩- وترى الكافرين يوم القيامة مشدودين بالقيود مع شياطينهم.
٥٠- مطلية جلودهم بسائل من القطران، كالملابس على أجسادهم، وتعلو النار وجوههم وتجللها.
٥١- يفعل بهم ذلك، ليجزي الله كل نفس منهم بما كسبته في الدنيا، والله سريع الحساب يوم القيامة ولا يشغله عنه شيء.
٥٢- هذا القرآن هو البلاغ لنصحهم ولإنذارهم وتخويفهم من عذاب الله، وليعلموا إذا خافوا وتأملوا أنه لا إله إلا إله واحد، وليتذكر أصحاب العقول عظمة ربهم، فيبتعدوا عما فيه هلاكهم