تفسير سورة المدّثر

تفسير غريب القرآن للكواري
تفسير سورة سورة المدثر من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري .
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ﴾ أي المُتَغَطِّي بِثِيَابِهِ وهو النَّبِيُّ - ﷺ -.
﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ أَيْ: نَفْسَكَ فَطَهِّرْ مِنَ الإِثْمِ، والعربُ تقولُ: فُلَانٌ دَنِسُ الثِّيَابِ يُرِيدُونَ عَيْبُهُ في نَفْسِهِ، وفلانٌ نَقِيُّ الثِّيَابِ وَالجَيْبِ يُرِيدُونَ مِدْحَتَهُ.
﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ الأوثانَ، وقالوا: الإثمَ، والرُّجْزَ والرِّجْسَ وَاحِدٌ.
﴿وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ﴾ لا تُعْطِ عَطِيَّةً تَلْتَمِسْ أَكْثَرَ مِنْهَا، وقيل: لا تَمْنُنْ عَلَى اللهِ بِعَمَلِكَ مُسْتَكْثِرَهُ.
﴿نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ نُفِخَ في الصورِ، وهو القَرْنُ الَّذِي يَنْفُخُ فيه «إِسْرَافِيلُ» وهي النفخةُ الثانيةُ، والنقرُ في كلامِ العربِ: الصوتُ.
﴿عَسِيرٌ﴾ شديدٌ، وكذلك عصيبٌ غَيْرُ سَهْلٍ.
﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾ أي: دَعْنِي والذي خَلَقْتُهُ وَحِيدًا فَرِيدًا وكِلْهُ إِلَيَّ، قال أكثرُ المفسرين: هُوَ «الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ المَخْزُومِيُّ».
﴿وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا﴾ بَسَطْتُ له في العيشِ بَسْطًا حتى أَقَامَ بِبَلْدَتِهِ مُطْمَئِنًا مُتْرَفًا، والتمهيدُ عندَ العربِ التوطئةُ والتهيئةُ، وكان الوليدُ من أكابرِ قريشٍ.
﴿عَنِيدًا﴾ مُنْكِرًا وَمُعَانِدًا.
﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا﴾ سَأُكَلِّفُهُ عَذَابًا شَاقًّا لا يُطَاقُ.
﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ﴾ أي: فيما يَقُولُ عن القُرْآنِ الَّذِي سَمِعَهُ من النبيِّ - ﷺ - وَقَدَّرَ في نَفْسِهِ ذلك.
﴿فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ أي: فَلُعِنَ كيف قَدَّرَ ما هُوَ قَائِلٌ فيه.
﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾ أي: تَرَوَّى في ذلك، وقيل: فَكَّرَ بأيِّ شيءٍ يدفعُ القرآنَ وَيَقْدَحُ فيه.
﴿ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ﴾ قَطَبَ وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ.
﴿ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ﴾ عَنِ الإِيمَانِ وَاتِّبَاعِ الرَّسُولِ - ﷺ -.
﴿إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾ يُرْوَى وَيُحْكَى عَنِ السَّحْرَةِ.
﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ أي: سَأُدْخِلُهُ النَّارَ.
﴿لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ﴾ أَيْ: لا تَتْرُكُ لهم عَظْمًا ولا تَذَرُ لهم لَحْمًا وَلَا دَمًا إلا أَحْرَقَتْهُ وَأَهْلَكَتْهُ، ثم يعودُ كَمَا كَانَ.
﴿لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ﴾ مُغَيِّرَةٌ لِلْبَشْرَةِ، أو للبشرِ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.
﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ عَلَى النارِ تِسْعَةَ عَشَرَ من الملائكةِ هُمْ خَزَنَتُهَا وقيل: تِسْعَةَ عَشَرَ صِنْفًا من أصنافِ الملائكةِ.
﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً﴾ أي: خَزَنَتُهَا مَالِكٌ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَعَهُ.
﴿وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ﴾ أي: كَوْنُهُمْ تِسْعَةَ عَشَرَ.
﴿إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي: يَسْتَخِفُّوا بهم فَيَزْدَادُوا ضَلَالًا.
﴿الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ مَرَضُ النِّفَاقِ.
﴿مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾ أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ أَرَادَ اللهُ بِهَذَا العددِ الغريبِ؟ اسْتِنْكَارًا منهم.
﴿وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ﴾ أي: وَلَّى وَمَضَى.
﴿وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ﴾ أي: أَضَاءَ وَظَهَرَ.
﴿لَإِحْدَى الْكُبَرِ﴾ أَيْ: إن النارَ لَإِحْدَى العَظَائِمِ الطَّامَّةِ والأُمُورِ الهَامَّةِ.
﴿نَذِيرًا لِّلْبَشَرِ﴾ النارُ جَعَلَهَا اللهُ تَخْوِيفًا للنَّاسِ.
﴿سَلَكَكُمْ﴾ أَدْخَلَكُمْ.
﴿سَقَرَ﴾ في جَهَنَّمَ.
﴿الخَائِضِينَ﴾ أي: نَخُوضُ بالباطلِ وَنُجَادِلُ به الحقَّ.
﴿الْيَقِينُ﴾ الموتُ.
﴿شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ من الملائكةِ والأنبياءِ والشهداءِ والصَّالحِينَ؛ لأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الشفاعةِ فإنه ليس للكفارِ شفيعٌ يشْفَعُ لَهُمْ.
﴿حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ﴾ حَمِيرٌ مَذْعُورَةٌ نَافِرَةٌ.
﴿فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ﴾ مِنَ الأَسَدِ، وقيل: النَّبْلُ أو الرُّمَاةُ أو جَمَاعَةُ الرِّجَالِ أو ظُلْمَةُ اللَّيْلِ.
﴿بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفًا مُّنَشَّرَةً﴾ أي: يُرِيدُ كُلُّ واحدٍ من هؤلاء المشركينَ أن يُنَزَّلَ عَلَيْهِ كتابٌ كَمَا أُنْزِلَ عَلَى النبيِّ محمد - ﷺ -.
﴿هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ المَغْفِرَةِ﴾ أي: هُوَ أَهْلٌ لِأَنْ يُتَّقَى لِعَظَمَةِ سُلْطَانِهِ وَأَلِيمِ عِقَابِهِ، وَأَهْلٌ لأن يَغْفِرَ للتَّائِبِينَ من عِبَادِهِ والمُوَحِّدِينَ.
56
سُورة القِيَامَة
Icon