تفسير سورة سورة يس من كتاب تفسير القرآن العزيز
                             المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين
                        .
                            
                    لمؤلفه 
                                            ابن أبي زَمَنِين
                                                            .
                                             المتوفي سنة 399 هـ
                                    
                         
    
                                                                                         وهي مكية كلها. 
                                                                ﰡ
                                                                                        
                    
                                                                                    قَوْله: ﴿يس﴾ تَفْسِير قَتَادَة: يَا إِنْسَان، بقوله للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام. قَالَ محمدٌ: قيل: إِنَّهَا بلغَة طَيِّىء.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ﴾ الْمُحكم
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ أقسم للنَّبِي بِالْقُرْآنِ أَنَّهُ من الْمُرْسلين على دين مُسْتَقِيم
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ على صراط مستقيم( ٤ ) ﴾ أقسم للنبي بالقرآن أنه من المرسلين على دين مستقيم. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿تَنزِيلَ﴾ أَي: هُوَ تنزيلٌ، يَعْنِي: الْقُرْآن ﴿الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا﴾ يَعْنِي: قُريْشًا ﴿مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ﴾ قَالَ بَعضهم: يَعْنِي: الَّذِي أَنْذَرَ آبَاءَهُم ﴿فَهُمْ غَافِلُونَ﴾ يَعْنِي: فِي غفلةٍ من الْبَعْث
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ﴾ ﴿سبق﴾ (عَلَى أَكْثَرِهِمْ} يَعْنِي: من لَا يُؤمن مِنْهُم
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ﴾ [مغلولون] يَقُولُ: هُمْ فِيمَا ندعوهم إِلَيْهِ من الْهدى بِمَنْزِلَة الَّذِي فِي عُنقه
                                                                            
38
                                                                     
                                                                                                                الغُلُّ، فَهُوَ لَا يَسْتَطِيع أَن يبسط يَده، أَي: أَنهم لَا يقبلُونَ الْهدى و (المقمح) فِي تَفْسِير الْحَسَن: الطَّامح ببصره الَّذِي لَا يبصر حَيْثُ يطأُ بقدمه؛ أَي: أَنهم لَا يبصرون الهُدَى.
قَالَ محمدٌ: قَوْله: 
﴿فَهِيَ إِلَى الأذقان﴾ (فَهِيَ) كِنَايَة عَن الْأَيْدِي لَا عَن الْأَعْنَاق؛ لِأَن الغلّ يَجْعَل الْيَد تلِي الذَّقن والعُنق. والمُقْمَح فِي كَلَام الْعَرَب: الرافع رَأسه الغاضُّ بَصَره. وَقيل أقماح؛ لِأَن الْإِبِل إِذا وَردت المَاء ترفعُ رءوسها لشدَّة برودته.
قَالَ الشَّاعِر - يذكُر سفينة -:| ([وَنحن عَلَى جوانبها قعُود]  |  نغض الطّرف كَالْإِبِلِ القماح) | 
وَاحِد القماح: قامح (ل ٢٨٣)
                                                                            
39
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّ ا﴾ هُوَ كَقَوْلِه: 
﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾ [قَالَ: كَانَ ناسٌ من الْمُشْركين من قُرَيْش يَقُولُ بَعضهم: لَو قد رأيتُ مُحَمَّدًا لقد فعلتُ كَذَا وَكَذَا 
﴿وَيَقُول بعضهُم: لَو قد رأيتُه لفعلتُ بِهِ كَذَا وَكَذَا﴾ فَأَتَاهُم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَلْقة من الْمَسْجِد، فَوقف عَلَيْهِم فَقَرَأَ عَلَيْهِم: (يس وَالْقُرْآن
                                                                            
39
                                                                     
                                                                                                                الْحَكِيمِ} حَتَّى بلغ: 
﴿فَهُمْ لَا يبصرون﴾ ثمَّ أَخذ تُرَابا؛ فَجعل يذروه عَلَى رُءُوسهم، فَمَا رفع رَجُل إِلَيْهِ طرفه وَلَا تكلّم كلمة. ثمَّ جَاوز النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجعلُوا ينفضُون التُّرَاب عَن رُءُوسهم ولحاهم وهم يَقُولُونَ: وَالله مَا سمعنَا، وَمَا أبصرنا، وَمَا عقلنا!].
تَفْسِير سُورَة يس الْآيَات من آيَة ١٠ إِلَى آيَة ١٢.
                                                                            
40
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ﴾ يَعْنِي: الَّذين لَا يُؤمنُونَ
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ﴾ إِنَّمَا يقبل نذارَتَك ﴿مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ﴾ {الْقُرْآن
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ٢ - ! (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى} يَعْنِي: الْبَعْث ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا﴾ أَي: مَا عمِلُوا من خير أَو شَرّ ﴿وَآثَارَهُمْ﴾ تَفْسِير قَتَادَة: يَعْنِي الخُطَا، لَو كَانَ الله مُغْفِلًا شَيْئا من شَأْنك يَا ابْن آدم لَا تُحْصيه لأغفلَ هَذِه الآثارَ الَّتِي [تعفوها] الرِّيَاح ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ بيِّن؛ يَعْنِي: اللَّوْح الْمَحْفُوظ.
قَالَ محمدٌ: (كلّ) نُصِب عَلَى معنى: أحصينا كلَّ شيءٍ أحصيناه
﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ﴾ وَهِي أَنْطاكية ﴿إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾ أَي: قويناهما بثالث.
تَفْسِير سُورَة يس الْآيَات من آيَة ١٣ إِلَى آيَة ١٩.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قَالَ محمدٌ: معنى قَوْله: ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مثلا﴾ أَي: اذكر لَهُم مثلا و (أَصْحَاب الْقرْيَة) بدل من قَوْله: (مثلا) وَقَوله: (فعززنا) يُقَال: مِنْهُ عَزَّز من قلبه؛ أَي: قوَّى، وتعزّز لحم النَّاقة إِذا صَلُبَ.
وَفِي تَفْسِير مُجَاهِد: أَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَيْهِم نبيَّان قبل الثَّالِث فَقَتَلُوهُمَا ثمَّ أرسل اللَّه الثَّالِث قَالَ: فَقَالُوا: يَعْنِي: الْأَوَّلين قبل الثَّالِث، وَالثَّالِث بعدهمَا: ﴿إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ﴾.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    وقوله :( فعززنا ) يقال منه : عزز من قلبه ؛ أي : قوى،  وتعزز لحم الناقة إذا صلب. 
وفي تفسير مجاهد : أنه أرسل إليهم نبيان قبل الثالث فقتلوهما ثم أرسل الله الثالث قال : فقالوا : يعني : الأولين قبل الثالث،  والثالث بعدهما :﴿ إنا إليكم مرسلون( ١٤ ) ﴾. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿قَالُوا إِنَّا تطيرنا بكم﴾ أَي: تشاءمنا ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لنرجمنكم﴾ لنقتلنكم
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿قَالُوا﴾ قالتْ لَهُم رسلُهم 
﴿طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ﴾ [أَي عَمَلكُمْ مَعكُمْ.
قَالَ مُحَمَّد: شؤمكم مَعكُمْ أَي عَمَلكُمْ بِهِ تصابون] 
﴿أئن ذكرْتُمْ﴾ يَعْنِي: ذكّرناكم بِاللَّه تطيَّرْتمْ بِنَا.
قَالَ محمدٌ: قِرَاءَة نَافِع (أَيْنَ) بِهَمْزَة بعْدهَا يَاء. وَاخْتلف عَلَيْهِ فِي الْمَدّ.
                                                                            
41
                                                                     
                                                                                                                تَفْسِير سُورَة يس الْآيَات من آيَة ٢٠ إِلَى آيَة ٢٧.
                                                                            
42
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَجَاء من أقْصَى الْمَدِينَة﴾ أنطاكية ﴿رجل يسْعَى﴾ يسْرع، وَهُوَ حبيب النَّجَّار.
تَفْسِير مُجَاهِد قَالَ: كَانَ [رجلا] من قوم يونُسَ وَكَانَ بِهِ جذامٌ، فَكَانَ يطِيف بآلهتهم يدعوها فَلم يُغن ذَلكَ عَنْهُ شَيْئا، فَبَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا إِذْ هُوَ بِجَمَاعَة فَدَنَا مِنْهُم؛ فَإِذا نَبِي يَدعُوهُم إِلَى اللَّه وَقد قتلوا قبله اثْنَيْنِ، فَدَنَا مِنْهُ، فَلَمَّا سَمِعَ كَلَام النَّبِيّ قَالَ: يَا عبْدَ اللَّه، إِن معي ذَهَبا، فَهَل أَنْت آخذه مني وأتبعك وَتَدْعُو اللَّه لي؟ قَالَ: لَا أُرِيد ذهبك وَلَكِن ابتعني فَلَمَّا رَأَى الَّذِي بِهِ دَعَا اللَّه لَهُ فبرأ، فَلَمَّا رَأَى مَا صُنع بِهِ قَالَ: ﴿يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يسألكم أجرا﴾ لما كَانَ عرض عَلَيْهِ من الذَّهَب فَلم يقبله مِنْهُ
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ اتبعوا من لا يسألكم أجرا ﴾ لما كان عرض عليه الذهب فلم يقبله منه. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمَا لِي لَا أَعْبُدُ الَّذِي فطرني﴾ إِلَى قَوْله: 
﴿فاسمعون﴾ أَي: فاسمعو مني قولي، دعاهم إِلَى الْإِيمَان فَلَمَّا سَمِعُوهُ قَتَلُوهُ، فَقيل لَهُ: ادخل الْجنَّة. قَالَ مُجَاهِد: أَي:
                                                                            
42
                                                                     
                                                                                                                وَجَبت لَك الجنةُ 
﴿قَالَ يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ﴾ الْآيَة.
تَفْسِير سُورَة يس الْآيَات من آيَة ٢٨ إِلَى آيَة ٣٢.
                                                                            
43
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قوله :﴿ فاسمعون ﴾ أي : فاسمعو مني قولي،  دعاهم إلى الإيمان فلما سمعوه قتلوه. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    فقيل له : ادخل الجنة.  قال مجاهد : أي : وجبت لك الجنة ﴿ قال يا ليت قومي يعلمون( ٢٦ ). . .  ﴾ الآية. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قَالَ اللَّه: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ من السَّمَاء﴾ يَعْنِي: رِسَالَة - فِي تَفْسِير مُجَاهِد -؛ أَي: انْقَطع عَنْهُمُ الْوَحْي؛ فاستوجبوا الْعَذَاب
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ والصَّيْحَةُ عِنْد الْحَسَن: الْعَذَاب ﴿فَإِذَا هم خامدون﴾ قد هَلَكُوا
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿يَا حسرة على الْعباد﴾ أخبر اللَّه أَن تكذيبهم الرسلَ حسرةٌ عَلَيْهِم.
قَالَ محمدٌ: من قَرَأَ: (إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة) بالنصْب، فَالْمَعْنى: مَا كَانَت عقوبتُهم إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة.
والحسرةُ: أَن يركب الْإِنْسَان من شدَّة النّدم مَا لَا نِهَايَة بعده حَتَّى يبْقى قلبُه حسيرًا.
يُقَال مِنْهُ: حسر الرجل، وتحسر.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ألم يرَوا﴾ يَعْنِي: مُشْركي قُرَيْش ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يرجعُونَ﴾ أَي: لَا يرجعُونَ إِلَى الدُّنْيَا؛ يُحَذِّرُهُمْ أَنْ يُنَزِّلَ بِهِمْ مَا نزل بهم
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا محضرون﴾ يَوْم الْقِيَامَة.
قَالَ محمدٌ: من قَرَأَ (لَمَا) بِالتَّخْفِيفِ ف " مَا " زَائِدَة مؤكِّدة؛ الْمَعْنى: وَمَا كُلٌّ إِلَّا جَمِيع.
تَفْسِير سُورَة يس الْآيَات من آيَة ٣٣ إِلَى آيَة ٤٤.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَآيَة لَهُم الأَرْض الْميتَة﴾ يَعْنِي: الَّتِي لَا نَبَات فِيهَا أحييناها بالنبات؛ أَي: فَالَّذِي أَحْيَاهَا بعد مَوتهَا قادرٌ عَلَى أَن يحيى الْمَوْتَى.
قَالَ مُحَمَّد: ﴿أيه﴾ رفع بِالِابْتِدَاءِ، وخبرها ﴿الأَرْضُ الْمَيْتَةُ﴾ وَمعنى آيَة: عَلامَة.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْديهم﴾ أَي: لم تعمله أَيْديهم
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    
                                                                                                                خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا} يَعْنِي: الْأَصْنَاف 
﴿مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ﴾ يَعْنِي: الذّكر وَالْأُنْثَى 
﴿وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ﴾ مِمَّا خَلَق فِي البرّ وَالْبَحْر
                                                                            
45
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ﴾ ﴿ل ٢٨٤﴾ أَي: نَذْهَب مِنْهُ النَّهَار
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا﴾ لَا تجاوزه، وَهَذَا بعد مسيرها، ثمَّ ترجع منازلَها إِلَى يَوْم الْقِيَامَة حَيْثُ تُكوَّرُ ويذهبُ ضوْؤُها
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾ أَي: يجْرِي عَلَى مَنَازِله؛ يَزِيدُ وينقُص ﴿حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾ كعِذْق النَّخْلَة الْيَابِس؛ يَعْنِي: إِذا كَانَ هِلَالًا.
قَالَ محمدٌ: من قَرَأَ (وَالْقَمَر) بِالرَّفْع، فعلى معنى: وَآيَة لَهُم الْقَمَر.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ﴾ تَفْسِير الْحَسَن: لَا الشَّمْس يَنْبَغِي لَهَا أَن تدْرك الْقَمَر لَيْلَة الْهلَال خَاصَّة لَا يَجْتَمِعَانِ فِي السَّمَاء، وَقد يُرَيَان جَمِيعًا ويجتمعان فِي غير لَيْلَة الْهلَال، وَهُوَ كَقَوْلِه: 
﴿وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا﴾ إِذا تبعها لَيْلَة الْهلَال خَاصَّة 
﴿وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ﴾ أَي: يَأْتِي عَلَيْهِ النهارُ، كَقَوْلِه: 
﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾.
﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ يَعْنِي: الشَّمْس وَالْقَمَر.
قَالَ الْحَسَن: الفَلَكُ: طاحونَةُ مستديرةُ كفَلْكَةِ المِغْزَل بَين السَّمَاء وَالْأَرْض تجْرِي فِيهَا الشمسُ وَالْقَمَر والنجوم، وَلَيْسَت بملتصقةٍ بالسماء، وَلَو كَانَت ملتصقةً مَا جرت.
                                                                            
45
                                                                     
                                                                                                                تَفْسِير سُورَة يس الْآيَات من آيَة ٤١ إِلَى آيَة ٤٧.
                                                                            
46
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّاتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ يَعْنِي: نوحًا وبنيه الثَّلَاثَة: سَام وَحَام وَيَافث، مِنْهُم ذرىء الْخلق بعد مَا غَرِقَ قومُ نوح؛ والمشحونُ: المُوقَر، يَعْنِي: مِمَّا حمل نوح مَعَه فِي السَّفِينَة
                                                                            
46
                                                                     
                                                                                                                ﴿وخلقنا لَهُم من مثله﴾ من مثل الْفلك 
﴿مَا يَرْكَبُونَ﴾ يَعْنِي: الْإِبِل
                                                                            
46
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ وخلقنا لهم من مثله ﴾ من مثل الفلك ﴿ ما يركبون( ٤٢ ) ﴾ يعني الإبل. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُم﴾ أَي: فَلَا مُغِيث لَهُم ﴿وَلا هم ينقذون﴾ من الْعَذَاب
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِلا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِين﴾ فبرحمتنا نمتّعهم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَلم نهلكهم بِعَذَاب الاستئصال، وسيهلك كفار آخر هَذِه الأمّة بالنفخة الأولى
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَين أَيْدِيكُم وَمَا خلفكم﴾ تَفْسِير الْكَلْبِيّ: ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ﴾. من أَمْر الْآخِرَة اتقوها وَاعْمَلُوا بهَا، ﴿وَمَا خلفكم﴾ يَعْنِي: الدُّنْيَا إِذا كُنْتُم فِي الْآخِرَة فَلَا تغترُّوا بالدنيا؛ فَإِنَّكُم تأتون الْآخِرَة
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ﴾ وَهَذَا تطوُّع 
﴿قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاء الله أطْعمهُ﴾ فَإِذا لم يَشَأْ الله أَن يطعمهُ لِمَ نطعمه؟! 
﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ يَقُوله الْمُشْركُونَ للْمُؤْمِنين.
                                                                            
46
                                                                     
                                                                                                                تَفْسِير سُورَة يس الْآيَات من آيَة ٤٨ إِلَى آيَة ٥٤.
                                                                            
47
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْوَعْد﴾. أيْ: هَذَا الْعَذَاب ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقين﴾ يكذبُون بِهِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قَالَ الله ﴿مَا ينظرُونَ﴾ أَي: مَا ينْتَظر كفار آخر هَذِهِ الأُمَّةِ الدَّائِنِينَ بِدِينِ أَبِي جَهْلٍ وَأَصْحَابه ﴿إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ يَعْنِي: النفخة الأولى من إسْرَافيل بهَا يكون هلاكهم ﴿تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يخصمون﴾ أَي: يختصمون فِي أسواقهم وحوائجهم
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ توصية﴾ أَن يوصُوا ﴿وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يرجعُونَ﴾ من أسواقهم وَحَيْثُ كَانُوا
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَنفخ فِي الصُّور﴾ هَذِه النفخةُ الْآخِرَة، والصُّور. قرنٌ تُجْعل الأرواحُ فِيهِ، ثمَّ يَنْفُخ فِيهِ صاحبُ الصُّور، فيذهبُ كلُّ روح إِلَى جسده ﴿فَإِذَا هُمْ من الأجداث﴾ الْقُبُور ﴿إِلَى رَبهم يَنْسلونَ﴾ أَي: يخرجُون سرَاعًا
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا من مرقدنا﴾ قَالَ قَتَادَة: تكلّم بأوّل هَذِه الْآيَة أهلُ الضَّلَالَة، وبآخرها أهلُ الْإِيمَان. قَالَ أهل الضَّلَالَة: ﴿يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَن وَصدق المُرْسَلُونَ﴾
وَقَوْلهمْ: ﴿من مرقدنا﴾ هُوَ مَا بَين النفختيْن لَا يُعَذَّبون فِي قُبُورهم مَا بَين النفختين، وَيُقَال: إِنَّهَا أَرْبَعُونَ سنة، الْأُولَى يُمِيتُ اللَّهُ بِهَا كُلَّ حَيٍّ، وَالْأُخْرَى يُحْيِي اللَّهُ بِهَا كل ميت
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِن كَانَت﴾ يَعْنِي: مَا كَانَت 
﴿إِلا صَيْحَةً وَاحِدَة﴾ يَعْنِي: النفخة الثَّانِيَة 
﴿فَإِذَا هُمْ جَمِيع لدينا محضرون﴾ الْمُؤْمِنُونَ والكافرون.
                                                                            
47
                                                                     
                                                                                                                قَالَ محمدٌ: من قَرَأَ (صَيْحَةً) بالنصْب، فعلى معنى: إِن كَانَت تِلْكَ إِلَّا صَيْحَة.
تَفْسِير سُورَة يس الْآيَات من آيَة ٥٥ إِلَى آيَة ٥٩.
                                                                            
48
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِن أَصْحَاب الْجنَّة الْيَوْم﴾ يَعْنِي: فِي الْآخِرَة ﴿فِي شُغُلٍ﴾ قَالَ قَتَادَة فِي: افتضاض العذارى ﴿فاكهون﴾ أَي: مسرورون؛ فِي تَفْسِير الْحَسَن (ل ٢٨٥)
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأرائك﴾ يَعْنِي: السُّرُر فِي الحجال.
يَحْيَى: عَنْ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَدْخُلُونَهَا كُلُّهُمْ نِسَاؤُهُمْ وَرِجَالُهُمْ مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ أَبْنَاءَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً، عَلَى طُولِ آدَمَ؛ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا - اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَيِّ ذِرَاعٍ - جَرْدًا مُرْدًا مُكَحَّلِينَ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَلا يَبُولُونَ وَلا يَتَغَوَّطُونَ وَلا يَمْتَخِطُونَ، وَالنِّسَاءُ عُرُبًا أَتْرَابًا لَا يَحِضْنَ، وَلا يَلِدْنَ وَلا يَمْتَخِطْنَ وَلا يَبُلْنَ وَلا يَقْضِينَ حَاجَة ".
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يدعونَ﴾ أَي: يشتهون قَالَ: يكون فِي فَم أحدهم الطعامُ، فيخطُر عَلَى باله آخرُ؛ فيتحوَّل ذَلكَ الطعامُ فِي فِيهِ، يأكلُ من ناحيةٍ البسْرةَ بُسرًا، ثمَّ يَأْكُل من النَّاحِيَة الْأُخْرَى عنبًا إِلَى عشرةِ ألوان، وَمَا شَاءَ
                                                                            
48
                                                                     
                                                                                                                اللَّه من ذَلكَ. وتصفُّ الطيرُ بَين يَدَيْهِ؛ فَإِذا اشْتهى الطَّائِر مِنْهَا اضْطربَ ثمَّ صَار بَين يَدَيْهِ نَضِيجًا بعْضُه شواءً وبعْضُه قَدِيدًا، وكلُّ مَا اشتهت أنفسهم وجدوه.
                                                                            
49
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ يَأْتِي المَلَكُ من عِنْد اللَّه إِلَى أحدهم فَلَا يدْخل عَلَيْهِ، حَتَّى يسْتَأْذن عَلَيْهِ يطْلب الإذْنَ من البواب الأول؛ فيذكره للبواب الثَّانِي، ثمَّ كَذَلِك حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى البواب الَّذِي يَلِيهِ، فَيَقُول البواب لَهُ: ملكٌ عَلَى الْبَاب يستأذنُ! فَيَقُول: ائْذَنْ لَهُ فَيدْخل بِثَلَاثَة أَشْيَاء: بِالسَّلَامِ من اللَّه، والتحيَّة، وبأنّ اللَّه عَنْهُ راضٍ.
قَالَ محمدٌ: قَوْله: ﴿سَلامٌ قَوْلا﴾ منصوبٌ عَلَى معنى: لَهُم سلامٌ يَقُوله الله قولا.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وامتازوا الْيَوْم أَيهَا المجرمون﴾ الْمُشْركُونَ؛ أَي: تميزوا عَن أهل الجنَّة إِلَى النَّار.
قَالَ محمدٌ: الْمَعْنى انْقَطَعُوا عَن الْمُؤمنِينَ، يُقَال: مِزْتُ الشَّيْء عَن الشَّيْء إِذا عزلته عَنْهُ، فانمازَ وامتاز وميّزته فتميز.
تَفْسِير سُورَة يس الْآيَات من آيَة ٦٠ إِلَى آيَة ٦٦.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَلاَ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ﴾ لأَنهم عبدُوا الْأَوْثَان بِمَا وسوس إِلَيْهِم الشَّيْطَان؛ فَأَمرهمْ بعبادتهم فَإِنَّمَا عبدُوا الشَّيْطَان
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿هَذَا صِرَاط مُسْتَقِيم﴾ أَي: دين
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا﴾ أَي: خلقا كَثِيرَة
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ فِي الدُّنْيَا أَنْ لمْ تؤمنوا
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْديهم وَتشهد أَرجُلهم﴾ تَفْسِير بَعضهم: لما قَالُوا: وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين. ختم اللَّه عَلَى أَفْوَاههم ثمَّ قَالَ للجوارح: انْطِقِي فأوّل مَا يتَكَلَّم من أحدهم فَخِذُه. قَالَ الْحَسَن: وَهَذَا آخر مَوَاطِن يَوْم الْقِيَامَة، إِذا ختمت أفواهم لم يكن بعد ذَلكَ إِلَّا دُخُول النَّار.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ﴾ يَعْنِي: الْمُشْركين ﴿فاستبقوا الصِّرَاط﴾ الطَّرِيق ﴿فَأنى يبصرون﴾ فَكيف يبصرون إِذا أعميناهم؟!
تَفْسِير سُورَة يس الْآيَات من آيَة ٦٧ إِلَى آيَة ٧٠.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ﴾ أَي: لأقعدناهم عَلَى أَرجُلهم ﴿فَمَا اسْتَطَاعُوا مضيا وَلَا يرجعُونَ﴾ أَي: إِذا فعلنَا ذَلكَ بهم لمْ يستطيعوا أَن يتقدَّموا وَلَا يتأخروا
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمن نعمره﴾ أَي: إِلَى أَرْذَل الْعُمر 
﴿نُنَكِّسْهُ فِي الْخلق﴾ فَيكون
                                                                            
50
                                                                     
                                                                                                                بِمَنْزِلَة الصَّبِي الَّذِي لَا يَعْقِلُ 
﴿أَفلا يعْقلُونَ﴾ يَعْنِي: الْمُشْركين، أَي: فَالَّذِي خَلقكُم ثمَّ جعلكُمْ شبَابًا ثمَّ جعلكُمْ شُيُوخًا ثمَّ نكَّسكم فِي الْخلق فردكم بِمَنْزِلَة الطِّفْل الَّذِي لَا يعقل شَيْئا - قادرٌ عَلَى أَن يبعثكم يَوْم الْقِيَامَة
                                                                            
51
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمَا علمناه الشّعْر﴾ يَعْنِي: النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم 
﴿وَمَا يَنْبَغِي لَهُ﴾ أَن يكون شَاعِرًا وَلَا يروي الشّعْر، هَذَا لقَولهم فِي النَّبِي أَنَّهُ شاعرٌ.
قَالَ قَتَادَة: وَقَالَت عَائِشَة: " لم يتكلَّم رَسُول الله بِبَيْت شعرٍ قطّ؛ غير أَنَّهُ أَرَادَ مرّة أَن يتمثَّل بِبَيْت شعرٍ فَلم يُقِمْه " وَقَالَ بَعضهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " قَاتل اللَّه طرفَة حيثُ يَقُولُ:
(سَتُبْدِي لَك الأَيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلا... ويَأْتِيكَ مَنْ لم تُزَوَّدِ بالأَخْبَارِ)
قِيلَ لَهُ: إِنَّه قَالَ: (ويأتيك بالأخبار من لم تزَود... )
فَقَالَ: سَوَاء ".
                                                                            
51
                                                                     
                                                                                                                ﴿إِن هُوَ إِلَّا ذكر وَقُرْآن مُبين﴾ تَفْسِير بَعضهم: إِن هُوَ إِلَّا تفكر فِي ذَات الله 
﴿وَقُرْآن مُبين﴾ بَين
                                                                            
52
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لينذر﴾ يَا محمدُ ﴿مَنْ كَانَ حَيًّا﴾ أَي: مُؤمنا هُوَ الَّذِي يقبلُ نذارتك ﴿ويحق القَوْل﴾ الْغَضَب ﴿على الْكَافرين﴾.
تَفْسِير سُورَة يس الْآيَات من آيَة ٧١ إِلَى آيَة ٧٧.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا﴾ ﴿ل ٢٨٦﴾ أَي: قوتنا فِي تَفْسِير الْحَسَن كَقَوْلِه: ﴿وَالسَّمَاء بنيناها بأيد﴾ [أَي: بِقُوَّة]
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وذللناها لَهُم فَمِنْهَا ركوبهم﴾ أَي: مَا يركبون.
قَالَ محمدٌ: (الرَّكُوب) بِفَتْح الرَّاء اسْمُ مَا يركب، والرُّكوب المصدرُ، وَيُقَال: مكانٌ ركُوب، يُرِيدُونَ الِاسْم.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَهُم فِيهَا مَنَافِع﴾ فِي أصوافها، وأوبارها، وَأَشْعَارهَا، ولحومها ﴿ومشارب﴾ يشربون من أَلْبَانهَا ﴿أَفَلا يَشْكُرُونَ﴾ أَي: فليشكروا
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُم ينْصرُونَ﴾ يمْنَعُونَ
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصرهم﴾ لَا تَسْتَطِيع آلِهَتهم الَّتِي يعْبدُونَ نَصْرَهُمْ ﴿وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ﴾ مَعَهم فِي النَّار؛ فِي تَفْسِير قَتَادَة
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَلَا يحزنك قَوْلهم﴾ إِنَّكَ سَاحِرٌ، وَإِنَّكَ شَاعِرٌ [وَإِنَّكَ كَاهِنٌ] وَأَنَّكَ مَجْنُونٌ، وَأَنَّكَ كَاذِبٌ ﴿إِنَّا نعلم مَا يسرون﴾ من عداوتهم لَك ﴿وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ فيعصمك اللَّه مِنْهُم ويذلهم لَك، فَفعل الله ذَلِك بِهِ.
تَفْسِير سُورَة يس الْآيَات من آيَة ٧٨ إِلَى آيَة ٨٣.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ﴾ أَي: وَقد علم أَنَا خلقناه؛ أَي: فَكَمَا خلقناه كَذَلِك نعيده 
﴿قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيم﴾ أَي: رُفات.
قَالَ محمدٌ: يُقَال: رمّ العظْمُ فَهُوَ رَمِيم ورِمَامٌ.
قَالَ مُجَاهِد: " أَتَى أُبيُّ بْن خلف إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعظْمٍ نَخِرٍ ففتَّه بِيَدِهِ؛ فَقَالَ: يَا محمدُ، أَيُحْيِي اللَّه هَذَا وَهُوَ رَمِيم؟! ".
                                                                            
53
                                                                     
                                                                                                                قَالَ يَحْيَى: فبلغني أَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: " نعم يُحْيِيك اللَّه بعد موتك، ثمَّ يدْخلك النَّار "؟ فَأنْزل اللَّه 
﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا﴾ خلقهَا 
﴿أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾.
                                                                            
54
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ قل يحييها الذي أنشأها ﴾ خلقها ﴿ أول مرة وهو بكل خلق عليم( ٧٩ ) ﴾. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَر نَارا﴾ يَعْنِي: كُلّ عودٍ تزند مِنْهُ النَّار، فَهُوَ من شَجَرَة خضراء
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿الَّذِي بِيَدِهِ ملكوت﴾ (أَي: ملك) 
﴿كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ يَوْم الْقِيَامَة.
                                                                            
54
                                                                     
                                                                                                                تَفْسِير سُورَة الصافات وَهِي مَكِّيَّة كلهَا
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير سُورَة الصافات الْآيَات من آيَة ١ إِلَى آيَة ١٠.
                                                                            
55