تفسير سورة الحجر

إعراب القرآن للنحاس
تفسير سورة سورة الحجر من كتاب إعراب القرآن المعروف بـإعراب القرآن للنحاس .
لمؤلفه ابن النَّحَّاس . المتوفي سنة 338 هـ

١٥ شرح إعراب سورة الحجر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الحجر (١٥) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١)
الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ التقدير هذا تلك آيات الكتاب.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٢]
رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (٢)
رُبَما فيه ثمانية أوجه: قرأ الأعمش وحمزة والكسائي رُبَما «١» مثقلة، وقرأ أهل المدينة وعاصم رُبَما «٢» مخفّفة. والأصل الثقيل، والعرب تخفف المثقّل ولا تثقل المخفف. وقال سيبويه «٣» : لو سميت رجلا رب مخفّفة ثم صغرته رددته إلى أصله فقلت: ربيب. قال إسماعيل بن إسحاق: حدثنا نصر بن علي عن أبيه عن الأصمعي قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقرأ «ربما» مخفّفة ومثقلة. قال: التخفيف لغة أهل الحجاز والثقيل لغة تميم وقيس وبكر. وحكى أبو زيد أنه يقال: ربّتما وربّتما، وهذا على تأنيث الكلمة. فهذه أربع لغات وحكى أبو حاتم: ربما وربّما وربتما وربتما. ولا موضع لها من الإعراب عند أكثر النحويين لأنها كافة جيء بها لأن ربّ لا يليها الفعل، فلما جئت بما وليها الفعل عند سيبويه لا غير إلّا في الشعر فإنه يليها الابتداء والخبر، وأنشد: [الطويل] ٢٥٧-
صددت فأطولت الصّدود وقلّما وصال على طول الصّدود يدوم «٤»
(١) انظر تيسير الداني ١١٠.
(٢) انظر تيسير الداني ١١٠.
(٣) انظر الكتاب ٣/ ٥٠٢ قال (ولو حقرت «ربّ» مخفّفة لقلت ربيب).
(٤) الشاهد لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ٥٠٢، والكتاب ١/ ٦٢، وللمرار الفقعسي في ديوانه ٤٨٠، والأزهيّة ٩١، وخزانة الأدب ١٠/ ٢٢٦، والدرر ٥/ ١٩٠، وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٠٥، وشرح شواهد المغني ٢/ ٧١٧، ومغني اللبيب ١/ ٣٠٧، وبلا نسبة في خزانة الأدب ١/ ١٤٥، والخصائص ١/ ١٤٣، والدرر ٦/ ٣٢١، وشرح المفصّل ٧/ ١١٦، ولسان العرب (طول) و (قلل)، والمحتسب ١/ ٩٦، والمقتضب ١/ ٨٤، والممتع في التصريف ٢/ ٤٨٢، وهمع الهوامع ٢/ ٨٣.
والجيد قوله:
٢٥٨-
وطال ما وطال ما وطالما سقى بكفّ خالد وأطعما «١»
والذي حكيناه قول الخليل وسيبويه، وحكى لنا علي بن سليمان عن محمد بن يزيد أن هذا جائز في الكلام والشعر كما أن إنما يكون بعدها الفعل والابتداء والخبر، وسمعت محمد بن الوليد يقول: ليس في حروف الخفض نظير لربّ لأن سبيل حروف الخفض أن يضاف بها قبلها إلى ما بعدها وسبيل ربّ أن يضاف ما بعده من الفعل إلى ما قبله، وزعم الأخفش أنه يجوز أن تكون «ما» في موضع خفض على أنها نكرة أي ربّ شيء أو ربّ ودّ. يقال: وددت أنّ ذلك كان، إذا تمنيته ودّا لا غير، ووددت الرجل، إذا أحببته ودّا، بضم الواو ومودّة وودادة وودادا.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٣]
ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣)
ذَرْهُمْ في موضع أمر فيه معنى التهديد، ولا يقال: وذر ولا واذر، والعلة فيه عند سيبويه أنهم استغنوا عنه بترك، وعند غيره ثقل الواو فلما وجدوا عنها مندوحة تركوها، يَأْكُلُوا جواب الأمر وَيَتَمَتَّعُوا عطف عليه.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٤]
وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٤)
في موضع الحال، وفي غير القرآن يجوز حذف الواو. ودلّ بهذا على أن كل مهلك ومقتول فبأجله.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٨]
ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (٨)
ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ «٢» الأصل تتنزّل فحذفت إحدى التاءين تخفيفا.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٩]
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩)
والأصل في إِنَّا إنّنا نَحْنُ في موضع نصب على التوكيد بإنّ ويجوز أن تكون في موضع رفع على الابتداء، ويجوز أن تكون لا موضع لها تكون فاصلة. وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ اللام الأولى لام خفض والثانية لام توكيد ولم يحتج إلى فرق في المضمر لاختلاف العلامة.
[سورة الحجر (١٥) : آية ١٢]
كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢)
كَذلِكَ نَسْلُكُهُ الكاف في موضع نصب نعت لمصدر، وقد تكلّم الناس في
(١) ورد صدر الشاهد فقط في مجالس ثعلب ٣٢٦.
(٢) انظر تيسير الداني ١١٠. [.....]
المضمر هاهنا فقيل: هو كناية عن التكذيب، وقيل: عن الذكر، وقيل: هو مثل وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: ٨٢] أي عقوبته.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ١٤ الى ١٥]
وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥)
وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) ولغة هذيل يعرجون، وفي المضمر قولان: أحدهما أن التقدير: فظل الملائكة، والآخر أن التقدير: ولو فتحنا على هؤلاء الكفار المعاندين بابا من السماء فأدخلناهم فيه ليعرجوا إلى السماء فيكون ذلك آية لتصديقك لدفعوا العيان، وقالوا إنما سكّرت أبصارنا وسحرنا حتى رأينا الشيء على غير ما هو عليه، ويقال: سكر وسكّر على التكثير أي غطّي على عقله، ومنه قيل:
سكران، وهو مشتق من السّكر.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ١٧ الى ١٨]
وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ (١٨)
وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ.
مِنْ في موضع نصب. قال الأخفش: استثناء خارج، وقال أبو إسحاق: يجوز أن تكون «من» في موضع خفض، ويكون التقدير إلا ممّن استرق السمع.
[سورة الحجر (١٥) : آية ١٩]
وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩)
وَالْأَرْضَ مَدَدْناها على إضمار فعل.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٢٠]
وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ (٢٠)
قال الفراء «١» :«من» في موضع نصب والمعنى وجعلنا لكم فيها المعايش والإماء والعبيد. قال: ويجوز أن يكون «من» في موضع خفض أي ولمن لستم له برازقين، والقول الثاني عند البصريين لحن لأنه عطف ظاهرا على مكنيّ مخفوض، ولأبي إسحاق فيه قول ثالث حسن غريب قال «من» معطوفة على تأويل لكم، والمعنى:
أعشناكم أي رزقناكم ورزقنا من لستم له برازقين.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٢١]
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١)
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ أي نحن مالكون له وقادرون عليه، وقيل: يعني به المطر.
(١) انظر معاني الفراء ٢/ ٨٦.

[سورة الحجر (١٥) : آية ٢٢]

وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ (٢٢)
وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ قد ذكرناه، وقرأ طلحة ويحيى بن وثاب والأعمش وحمزة وأرسلنا الريح لواقح «١» وهذا عند أبي حاتم لحن لأن الريح واحدة فلا تنعت بجمع.
قال أبو حاتم: يقبح أن يقال: الريح لواقح. قال وأما قولهم: اليمين الفاجرة تدع الدار بلاقع. فإنّما يعنون بالدّار البلد كما قال عزّ وتعالى: فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ [الأعراف: ٧٨]. وقال أبو جعفر: هذا الذي قاله أبو حاتم في قبح هذا غلط بيّن، وقد قال الله جلّ وعزّ: وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها [الحاقة: ١٧] يعني الملائكة لا اختلاف بين أهل العلم في ذلك، وكذا الريح بمعنى الرياح، وقال سيبويه: وأما الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء، وحكى الفراء في مثل هذا جاءت الريح من كلّ مكان يعني الرياح.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٢٥]
وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥)
إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ حكيم في تدبيره عليم به.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٢٦]
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٦)
قد ذكرناه «٢». ومن أحسن ما قيل فيه قول ابن عباس رحمه الله قال: «مسنون» على الطريق، وتقديره على سنن الطريق وسننها، وسننها، وإذا كان كذلك أنتن وتغيّر لأنه ماء منفرد.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٢٧]
وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ (٢٧)
وروي عن الحسن أنه قرأ والجانّ خلقنه «٣» بالهمز كأنه كره اجتماع الساكنين.
والأجود بغير همز ولا ينكر اجتماع ساكنين إذا كان الأول حرف مد ولين والثاني مدغما. وَالْجَانَّ نصب بإضمار فعل.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٢٩]
فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٢٩)
فقوله ساجِدِينَ نصب على الحال.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٣٠]
فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠)
مذهب الخليل وسيبويه «٤» أنه توكيد بعد توكيد، وقال محمد بن يزيد: أجمعون يفيد أنهم غير متفرّقين. قال أبو إسحاق: هذا خطأ ولو كان كما قال لكان نصبا على الحال.
(١) انظر تيسير الداني ١١٠.
(٢) انظر معانيه في البحر المحيط ٥/ ٤٤٠.
(٣) انظر مختصر ابن خالويه ٧١، والبحر المحيط ٥/ ٤٤٠.
(٤) انظر الكتاب ٢/ ٤٠٧.

[سورة الحجر (١٥) : آية ٣١]

إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣١)
إِلَّا إِبْلِيسَ قال أبو إسحاق: استثناء ليس من الأول يذهب إلى قول من قال: إن إبليس ليس من الملائكة ولا كان منهم. وهذا قول صحيح يدلّ عليه أن الله جلّ وعزّ أخبرنا أنه خلق الجانّ من نار والملائكة لم تخلق من نار.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٣٢]
قالَ يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣٢)
ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ في موضع نصب.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٣٧ الى ٣٨]
قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٣٧) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٣٨)
ليس إجابة له إلى ما سأل وإنما هو على التهاون به إذ كان لا يصل إلى ضلال أحد إلّا من لا يفلح لو لم يوسوسه.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٣٩]
قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩)
قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي فيه أقوال: فمن أحسنها أن المعنى: بما خيّبتني من الجنة يقال: غوى إذا خاب وأغواه خيّبه ومنه: [الطويل] ٢٥٩-
ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما «١»
[سورة الحجر (١٥) : آية ٤٠]
إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠)
إِلَّا عِبادَكَ نصب على الاستثناء.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٤١]
قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١)
قالَ هذا صِراطٌ. مبتدأ وخبر عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ من نعته. قال زياد بن أبي مريم:
«عليّ» هي إليّ يذهب إلى أن المعنى واحد. قيل: فيه معنى التهديد أي إليّ مرجعه وعلى طريقه، وقيل: على بيانه أي ضمان ذلك.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٤٢]
إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ (٤٢)
إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ الأصل في ليس عند سيبويه ليس قال سيبويه «٢» :
وأما (ليس) فمسكّنة من نحو صيد كما قالوا: علم ذاك. قال أبو جعفر: كان يجب على أصول العربية أن يقال: لاس لتحرّك الياء وتحرّك ما قبلها. قال سيبويه «٣» : فجعلوا إعلاله إزالة الحركة لأنه لا يقال منه: يفعل ولا فاعل ولا مصدر ولا اشتقاق، وكثر في كلامهم
(١) مرّ الشاهد رقم ٥٦.
(٢) انظر الكتاب ٤/ ٤٨٦.
(٣) انظر الكتاب ٤/ ٤٨٦.
فلم يجعلوه كأخواته. يعني ما يعمل عمله. قال: فجعلوه كليت. قال أبو إسحاق: ولم يتصرّف ليس لأنه ينفى بها المستقبل والحال والماضي فلم يحتجّ فيها إلى تصرّف. قال أبو جعفر: وسمعت محمد بن الوليد يقول: لمّا ضارعت «ما» منعت من التصريف.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٤٧]
وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٧)
وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ قال الكسائي: غلّ يغلّ من الشحناء، وغلّ يغلّ من الغلول، وأغلّ يغلّ من الخيانة، وقال غيره: معنى وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ أزلنا عنهم الجهل والغضب وشهوة ما لا ينبغي حتى زال التحاسد. إِخْواناً على الحال.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٥١]
وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (٥١)
والتقدير: عن أصحاب ضيف إبراهيم ولهذا لم يكثّر ضيوف.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٥٣]
قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٥٣)
قالُوا لا تَوْجَلْ ومن قال تأجل أبدل من الواو ألفا لأنها أخفّ، ومن قال: تيجل أبدل منها ياء لأنها أخفّ من الواو، ولغة بني تميم تيجل ليدلّوا على أنه من فعل، ويقال: فلان ييجل، بكسر الياء، وهذا شاذّ لأن الكسرة في الياء مستقلة ولكن فعل هذا لتنقلب الواو ياء.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٥٤]
قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (٥٤)
فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قراءة أكثر الناس، وقرأ نافع بكسر النون، وحكي عن أبي عمرو بن العلاء رحمه الله أنه قال: كسر النون لحن، يذهب إلى أنه لا يقال: أنتم تقوموا فيحذف نون الإعراب. قال أبو جعفر: قد أجاز سيبويه «١» والخليل مثل هذا. قال سيبويه: وقرأ بعض الموثوق بهم قالَ أَتُحاجُّونِّي [الأنعام: ٨٠] وفَبِمَ تُبَشِّرُونَ وهي قراءة أهل المدينة «٢»، والأصل عند سيبويه: فبم تبشّرون بإدغام النون في النون ثم استثقل الإدغام فحذف إحدى النونين ولم يحذف نون الإعراب كما تأول أبو عمرو وإنما حذف النون الزائدة. وأنشد سيبويه: [الوافر] ٢٦٠-
تراه كالثّغام يعلّ مسكا يسوء الفاليات إذا فليني «٣»
وقال الآخر: [الوافر] ٢٦١-
أبالموت الّذي لا بدّ أنّي ملاق لا أباك تخوّفيني «٤»
(١) انظر الكتاب ٤/ ٣.
(٢) انظر تيسير الداني ١١١.
(٣) مرّ الشاهد رقم (١٣٤).
(٤) الشاهد لأبي حيّة النميري في ديوانه ١٧٧، وخزانة الأدب ٤/ ١٠٠، والدرر ٢/ ٢١٩، وشرح شواهد الإيضاح ٢١١، ولسان العرب (خعل) و (أبي)، و (فلا)، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣/ ١٣٢، والخصائص ١/ ٣٤٥، وشرح التصريح ٢/ ٢٦، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ٥٠١، وشرح شذور الذهب ٤٢٤، وشرح المفصّل ٢/ ١٠٥، واللامات ص ١٠٣، والمقتضب ٤/ ٣٧٥، والمقرّب ١/ ١٩٧، والمنصف ٢/ ٣٣٧، وهمع الهوامع ١/ ٣٣٧.

[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٥٥ الى ٥٦]

قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ (٥٥) قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ (٥٦)
وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ وقرأ وَمَنْ يَقْنِطُ «١» وقرأ مِنْ بَعْدِ ما قَنِطُوا [الشورى: ٢٨] جميعا بالكسر وقرأ أبو عمرو والكسائي قال ومن يقنط بكسر النون و «قنطوا» بفتح النون، وقرأ أهل الحرمين وعاصم وحمزة قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ بفتح النون، وقرءوا «قنطوا» بفتح النون، وقرأ الأشهب العقيلي قال ومن يقنط بضمّ النون. قال أبو جعفر: أبو عبيد القاسم بن سلام يختار قراءة أبي عمرو والكسائي في هذا، وزعم أنها أصحّ في العربية، وردّ قراءة أهل الحرمين وعاصم وحمزة لأنها على فعل يفعل عنده، وكذا أنكر قنط يقنط، ولو كان الأمر كما قال لكانت القراءتان لحنا، وهذا شيء لا يعلم أنه يوجد أن يجتمع أهل الحرمين على شيء ثم يكون لحنا ولا سيما ومعهم عاصم مع جلالته ومحلّه وعلمه وموضعه من اللغة، والقراءتان اللتان أنكرهما جائزتان حسنتان وتأويلهما على خلاف ما قال. يقال: قنط يقنط وقنط قنوطا فهو قانط، وقنط يقنط قنطا فهو قنط وقانط. فإذا قرأ «ومن يقنط» فهو على لغة من قال: قنط يقنط، وإذا قرأ «ومن يقنط» فهو على لغة من قال: قنط يقنط مثل ضرب يضرب، وإذا قرأ يقنطوا فهو على لغة من قال: قنط يقنط مثل حذر يحذر فله أن يستعمل اللغتين، وأبو عبيد ضيّق ما هو واسع من اللغة ومعنى ومن يقنط من ييأس.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٥٧]
قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٥٧)
قالَ فَما خَطْبُكُمْ ابتداء وخبر.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٥٨ الى ٥٩]
قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٥٨) إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٩)
إِلَّا آلَ لُوطٍ... قال أبو إسحاق: استثناء ليس من الأول إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٦٠]
إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ (٦٠)
إِلَّا امْرَأَتَهُ قال: استثناء من الهاء والميم. وتأوّل أبو يوسف هذا على أنه استثناء ردّ
(١) انظر البحر المحيط ٥/ ٤٤٧.
على استثناء، وهو قول أبي عبيد القاسم بن سلام قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إِلَّا آلَ لُوطٍ فاستثناهم من المجرمين إلا امرأته فاستثناها من قوم لوط فصارت مع المجرمين. قال كما تقول: له عليّ عشرة إلا أربعة إلّا واحدا، فيكون سبعة لأنك استثنيت من الأربعة واحدا فصار مع الستة فصارت سبعة. قال أبو عبيد: كما تقول: إذا قال رجل لامرأته: أنت طالق ثلاثا إلّا اثنتين إلّا واحدة فقد طلّق ثنتين. قال أبو جعفر: الذي قال أبو يوسف كما قال عند أهل العربية، والذي قاله أبو عبيد عند حذاق أهل العربية لا يجوز. يقولون إنّه لا يستثنى من الشّيء نصفه ولا أكثر من النصف ولا يتكلّم به أحد من العرب. والاستثناء عند الخليل وسيبويه «١» التوكيد، لأنك إذا قلت: جاءني القوم جاز أن يكون قد بقي منهم، فإذا قلت:
كلّهم أحطت بهم، وكذا إذا قلت: جاءني القوم جاز أن يكون زيد داخلا فيهم فإذا قلت: إلا زيدا بيّنت كما بيّنت بالتوكيد. ومعنى قولك: له عندي عشرة إلا واحدا، له عندي عشرة ناقصة، ولا يجوز أن يقال لخمسة ولا أقل منها عشرة ناقصة. قَدَّرْنا إِنَّها وقرأ عاصم قَدَّرْنا وفي التشديد معنى المبالغة أي كتبنا ذلك وأخبرنا به وعلمنا أنّها لمن الغابرين قد ذكرناه.
ومن أحسن ما قيل فيه أن معنى الغابرين الباقون المتخلّفون عن الخروج معه من قولهم غبر إذا بقي، وهكذا قال أهل العربية في معنى وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ [هود: ٨١] إن المعنى فأسر بأهلك إلّا امرأتك، ومن أحسن ما قيل في معنى وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ أن المعنى:
ولا يلتفت إلى ما خلّف وليخرج، وقد قيل: إنه من الالتفات أي لا يكن منكم خروج فيلتفت.
قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (٦٣) أي بالعذاب الذي كانوا يشكّون فيه.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٦٥]
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (٦٥)
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ من أسرى، ومن وصل جعله من سرّى، لغتان معروفتان.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٦٦]
وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (٦٦)
وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ قال الأخفش: «أنّ» في موضع نصب على البدل من الأمر، وقال الفراء «٢» : هي في موضع نصب بسقوط الخافض أي قضينا إليه ذلك الأمر بهذا. قال: وفي قراءة عبد الله وقلنا إن دبر هؤلاء «٣» فلو قرأ قارئ على هذا بكسر إنّ لجاز. مُصْبِحِينَ نصب على الحال، والتقدير عند الفراء وأبي عبيد إذا كانوا مصبحين. قال أبو عبيد: كما تقول: أنت راكبا أحسن منك ماشيا. قال:
وسمعت أعرابيا فصيحا من بني كلاب يقول: أنا لك صديقا خير منّي لك عدوا.
(١) انظر الكتاب ٢/ ٣٢٣. [.....]
(٢) انظر معاني الفراء ٢/ ٩٠.
(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٩٠.

[سورة الحجر (١٥) : آية ٦٧]

وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (٦٧)
في موضع نصب على الحال.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٦٨]
قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (٦٨)
قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي وحّد لأنه مصدر في الأصل ضفته ضيفا أي نزلت به، والتقدير: ذوو ضيفي. قال أبو إسحاق: المعنى أو لم ننهك عن ضيافة العالمين، وقال غيره: المعنى أو لم ننهك عن أن تجير أحدا علينا وتمنعنا منه.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٧٢]
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢)
لَعَمْرُكَ مبتدأ، والخبر محذوف لأن القسم باب حذف، والتقدير لعمرك قسمي إِنَّهُمْ بالكسر لأنه جواب القسم وأجاز جماعة من النحويين فتحها. لَفِي سَكْرَتِهِمْ أي جهلهم شبّه بالسكر.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٧٣]
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (٧٣)
نصب على الحال. وأشرقوا صادفوا شروق الشمس أي طلوعها.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٧٥]
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥)
أي لعظات عن المعاصي والكفر للمستدلّين.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٧٨]
وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ (٧٨)
وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لا اختلاف في صرف هذا والذي في «ق» «١»، واختلفوا في الذي في «الشعراء» «٢» والذي في «ص» «٣» فقرأهما أهل المدينة بغير صرف، وقرأهما أهل البصرة وأهل الكوفة كذينك، وهذا هو الحقّ لأنه لا فرق بينهنّ والقصة واحدة، وإنما هذا كتكرير القصص في القرآن. فأما قول من قال: إن أيكة اسم للقرية، وإن «الأيكة» اسم للبلد فغير معروف ولا مشهور، فأمّا احتجاج من احتجّ بالسواد وقال: لا أصرف اللتين في «الشعراء» و «ص» لأنهما في الخطّ بغير ألف فلا حجّة له في ذلك وإنما هذا على لغة من قال: جاءني صاحب زيد لسود، يريد الأسود، فألقى حركة الهمزة على اللام فتحرّكت اللام وسقطت ألف الوصل لتحرّكها وسقطت الهمزة لمّا ألقيت حركتها على ما قبلها، وكذا ليكة.
(١) ق: ١٤، وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ.
(٢) الشعراء: ١٧٦ كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ.
(٣) ص: ١٣ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ.

[سورة الحجر (١٥) : آية ٧٩]

فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ (٧٩)
وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ في معناه قولان: أحدهما أنّ الإمام الكتاب الذي كتبه الله جلّ وعزّ لأنه قبل الكتب كلّها، والآخر أنه الطريق لأنه يؤتمّ به.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٨٠]
وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠)
قيل: أصحاب الحجر قوم صالح.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٨٢]
وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ (٨٢)
وقرأ الحسن وَكانُوا يَنْحِتُونَ لأن فيه حرفا من حروف الحلق والكسر أفصح.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٨٧ الى ٨٨]
وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧) لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨)
وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ في الحديث أن القرآن هاهنا هو الحمد لأن بعض القرآن قرآن لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ لا تتمنّينّ نعمهم ولا تحزن عليهم أي على نعمتي عليهم. قال أبو إسحاق: ومعنى وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ألن جناحك لمن آمن بك واتّبعك.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٩٠ الى ٩١]
كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١)
كَما أَنْزَلْنا الكاف في موضع نصب أي «وقل إنّي أنا النّذير المبين» عقابا أو عذابا مثل ما أنزلنا على المقتسمين الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ أبو عبيدة «١» معمر بن المثنّى يذهب إلى أنّ «عضين» من عضّيت أي فرّقت، وهو مشتق من العضو، والمحذوف عنده واو، والتصغير عنده عضيّة، والكسائي يذهب إلى أنه من عضهت الرجل أي رميته بالبهتان، والتصغير عنده عضيهة. قال الفراء «٢» : العضون في كلام العرب السحر وإنما جمع بالواو والنون عند البصريين عوضا مما حذف منه وعند الكوفيين أنه كان يجب أن يجمع على فعول فطلبوا الواو التي في فعول فجاءوا بها فقالوا عضون. قال الفراء «٣» : ومن العرب من يقول: عضينك يجعله بالياء على كلّ حال ويعرب النون، كما تقول: مضت سنينك، وهي كثيرة في أسد وتميم وعامر، والعلّة عنده فيه أن الواو لمّا وقعت موقع حرف ناقص توهّموا أنها واو فعول فأعربوا ما
(١) انظر مجاز القرآن ١/ ٣٥٥.
(٢) انظر معاني الفراء ٢/ ٩٢.
(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٩٢.
بعدها وقلبوها ياء كما قال بعض العرب في التاء حكاه عن أبي الجرّاح: سمعت لغاتهم، ولا تقول ذلك في الصّالحات، ولا فيما حذف من أوله نحو لدّات.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٩٢]
فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢)
توكيد للهاء والميم.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٩٤]
فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤)
قال أبو إسحاق فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ أي أبنه وأظهره مشتقّ من الصّديع وهو الصبح، والصّدع في الزجاجة أن يبين بعضها من بعض بِما تُؤْمَرُ مصدر عند البصريين أي بأمرنا، وقال الكسائي: التقدير بما تؤمر به مثل أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ [هود: ٦] أي بربّهم ثم حذفت الباء. قال أبو جعفر: لا يجوز حذف الباء عند البصريين في كلام ولا شعر، وقد أنشد الكوفيون لجرير: [الوافر] ٢٦٢-
تمرّون الدّيار ولم تعوجوا كلامكم عليّ إذا حرام «١»
وسمعت علي بن سليمان يقول: سمعت محمد بن يزيد يقول: سمعت عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير ينشد لجدّه:
مررتم بالدّيار ولم تعوجوا
[سورة الحجر (١٥) : آية ٩٦]
الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٩٦)
الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ في موضع نصب على النعت للمستهزئين: ومعنى وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [الحجر: ٩٤] أي عن إجابتهم إذا تلقّوك بالقبيح.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٩٩]
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)
حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ نصب بحتّى، ولا يجوز رفعه لأنه مستقبل، واليقين الموت لأن كلّ عاقل يوقن به.
(١) الشاهد لجرير في ديوانه ٢٧٨، وتخليص الشواهد ٥٠٣، وخزانة الأدب ٩/ ١١٨، والدرر ٥/ ١٨٩، وشرح شواهد المغني ١/ ٣١١، ولسان العرب (مرر)، والمقاصد النحوية ٢/ ٥٦٠، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦/ ١٤٥، وخزانة الأدب ٧/ ١٥٨، ورصف المباني ص ٢٤٧، وشرح ابن عقيل ٢٧٢، وشرح المفصّل ٨/ ٨، ومغني اللبيب ١/ ١٠٠، والمقرّب ١/ ١١٥، وهمع الهوامع ٨٣٢.
Icon