ﰡ
مختلطة بين مكي ومدني ست وسبعون آية، ألف ومائتان وإحدى وتسعون كلمة خمسة آلاف ومائة وخمسة وثلاثون حرفا
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ بأن تطيعوه بفعل المأمورات واجتناب المنهيات. إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١). أي إن شدة حركة الأرض في قرب الساعة في نصف رمضان، معها طلوع الشمس من مغربها، أمر حادث، جليل، لا تدرك العقول كنهه.
روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حديث الصور: «أنه قرن عظيم، ينفخ فيه ثلاث نفخات، نفخة الفزع، ونفخة الصعقة، ونفخة القيام، لرب العالمين، وأن عند نفخة الفزع، يسيّر الله الجبال، وتَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ «وتكون الأرض كالسفينة تضربها الأمواج، أو كالقناديل المعلّق ترجرجه الرياح»
«١». يَوْمَ تَرَوْنَها
، منصوب ب «تذهّل»، أو بدل اشتمال من «زلزلة»، أي وقت رؤيتكم الزلزلة تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ
، أي تغفل مع دهشة عن طفلها الذي ألقمته ثديها، بحيث لا يخطر ببالها أنه ماذا، وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها
، أي تلقي الحوامل جنينها لغير تمام، وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى
، فالخطاب لكلّ أحد، أي يراهم كلّ أحد برؤية الزلزلة، كأنهم سكارى، وما هم بسكارى حقيقة. وقال ابن عباس، والحسن: أي وتراهم سكارى من الخوف، وما هم بسكارى من الشراب.
وقرأ حمزة والكسائي «سكرى» بفتح السين، وسكون الكاف. وقرئ: «ترى الناس» بالبناء للمجهول، والضمير للمخاطب، والناس بالنصب، أي تظنهم سكارى، وبالرفع نائب الفاعل على تأويله بالجماعة. وقرئ «تري»، بضم التاء وكسر الراء، أي تري الزلزلة الخلق جميع الناس سكارى. وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ
(٢) أي ولكن ما أزهقهم من هول عذاب الله
الْحَقُ
أي الموجود الثابت، المتحقق في
وهذا كناية عن كونه تعالى حكيما، لأنه من روادف الحكمة، فالمعنى ذلك أي خلق الإنسان، وإحياء النبات، حاصل بسبب أنه تعالى قادر على إحياء الموتى، وأنه تعالى حكيم لا يخلف وعده وقد وعد بإتيان الساعة، والبعث، فلا بد أن يفي بما وعد. وَمِنَ النَّاسِ وهو أبو جهل بن هشام، مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ أي في شأنه تعالى، بِغَيْرِ عِلْمٍ أي كائنا بغير علم ضروري، وَلا هُدىً أي نظر صحيح هاد إلى المعرفة. وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٨) أي وحي مظهر للحق أي يجادل في شأنه من غير تمسّك بقياس ضروري ولا بحجة نظرية، ولا ببرهان سمعي. ثانِيَ عِطْفِهِ حال ثانية من فاعل «يجادل»، أي معرضا بجانبه عن الحق متكبّر.
وقرأ الحسن بفتح العين أي مانعا لتعطّفه قاسيا. لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، متعلق ب «يجادل» أي فإن المجادل أظهر التكبّر لكي يتبعه غيره، فيضلّه عن طريق الحق بالتمويهات، فجمع بين الضلال والكفر وإضلال الغير.
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، بفتح الياء، فتكون اللام للعاقبة، أي فإن المجادل أظهر التكبّر فيستمر ضلاله عن دين الله، أو يزيد ضلاله عنه في عاقبة أمره، فلا هداية له بعده. لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وهو ما أصابه يوم بدر من القتل والإهانة. وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ (٩) أي عذاب النار المحرقة. ذلِكَ، أي العذاب الدنيوي والأخروي، بِما قَدَّمَتْ يَداكَ أي بسبب ما عملته من الكفر والمعاصي، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (١٠) ومحل «أن» رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف. أي والأمر أنه تعالى ليس بمعذب لعبيده بغير ذنب من جهتهم
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ أي على طرف من الدين، لا في وسطه، وعلى ضعيف يقين، والجار والمجرور حال من فاعل يعبد أي متزلزلا. فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ، دنيوي وهو ما يوافق الطبع، اطْمَأَنَّ بِهِ أي ثبت على ذلك الدين، بسبب ذلك الخير الذي يوافق هواه، وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ وهو ما يثقل على طبعه انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ أي رجع إلى دينه الأول، وهو الشرك بالله ولما كانت الشدة ليست بقبيحة لم يقل تعالى: وإن أصابه شر لأن ما ينفر عنه الطبع ليس شرا في نفسه، بل هو سبب القرب بشرط التسليم والرضا بالقضاء.
نزلت هذه الآية في أعراب كانوا يقدمون على النبي صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة مهاجرين من باديتهم، فكان أحدهم إذا صحّ في المدينة جسمه، ونتجت فرسه مهرا حسنا، وولدت امرأته غلاما، وكثر ماله، قال: هذا دين حسن واطمأن إليه، وإن أصابه مرض، وولدت امرأته جارية، أو أجهضت
قرأ العامة «خسر» فعلا ماضيا وهو استئناف أو حال من فاعل «انقلب»، أو بدل من «انقلب». وقرأ مجاهد «خاسر» بصيغة اسم الفاعل منصوبا على الحال. وقرئ بالرفع على الفاعلية، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف، وذلك لأنه يذهب في الدنيا الكرامة، وإصابة الغنيمة، وأهلية الشهادة، والإمامة، والقضاء، وعصمة ماله ودمه، ويفوت في الآخرة الثواب الدائم، ويحصل له العقاب الدائم. ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١١) أي الواضح إذ لا خسران مثله يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ استئناف مبين لعظم الخسران، وهي واردة في المشركين الذين قدموا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وعلى وجه النفاق وهم: بنو الحلاف، منافقو بني أسد وغطفان، أي أيعبد من ذكروهم بنو الحلاف متجاوزا عبادة الله تعالى، جمادا لا يضرّه إذا لم يعبده، ولا ينفعه إن عبده ذلِكَ العبادة هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢) عن الصواب، وهو الكفر العظيم. يَدْعُوا بالقول لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ، استئناف مذكور لبيان عاقبة عبادته المذكورة، فالدعاء بمعنى القول، واللام داخلة على الجملة الواقعة مقولا له، و «من» مبتدأ، و «ضره» مبتدأ ثان، خبر «أقرب»، والجملة صلة للمبتدأ الأول. أي يقول ذلك الكافر يوم القيامة بصراخ حين يرى تضرّره بمعبوده ودخوله النار بسببه، لمن ضرّه أقرب من نفعه والله، لَبِئْسَ الْمَوْلى أي الناصر هو، وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣) أي الصاحب هو إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لأن عبادتهم حقيقية، ومعبودهم يعطيهم أعظم المنافع وهو الجنة إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (١٤) بهم من أنواع الفضل والإحسان زيادة على أجورهم مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ (١٥).
أي من ظن أن لن ينصر الله محمدا صلّى الله عليه وسلّم في الدنيا بإعلاء كلمته، وإظهار دينه وفي الآخرة بإعلاء درجته والانتقام ممن كذبه، فليطلب سببا يصل به إلى سماء الدنيا فليقطع نصر الله لنبيه، ولينظر هل يتهيأ له الوصول إلى السماء بحيلة، وهل يتهيأ له أن يقطع بذلك نصر الله عن رسوله، فإذا كان ذلك ممتنعا كان غيظه عديم الفائدة، وهذا زجر للكفار عن الغيظ فيما لا فائدة فيه، فإن أعداءه صلّى الله عليه وسلّم، كانوا يتمنون أن لا ينصره الله، وأن لا يعليه على أعدائه، فمتى شاهدوا أن الله نصره غاظهم ذلك. وَكَذلِكَ أي مثل ذلك الإنزال أَنْزَلْناهُ أي القرآن آياتٍ بَيِّناتٍ أي واضحات الدلالة على معانيها الرائقة فآيات حال من الهاء وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦) هدايته، بأن يخلق له المعرفة ومحل الجملة، إما الجر على حذف الجار المتعلق بمحذوف مؤخر، أي ولأن الله يهدي من يريد أنزله كذلك، أو الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، والأمر أن الله يهدي
سمّيت بذلك لنسبتها إلى صابئ عم نوح عليه السلام- وَالنَّصارى: وهم الذين انتحلوا دين النصرانية، وَالْمَجُوسَ: عبدة الشمس والنيران، وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا: هم عبدة الأوثان، إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ، في الأحوال والأماكن فيظهر المحق، من المبطل، فلا يجازيهم جزاء واحدا بغير تفاوت، ولا يجمعهم في موطن واحد، إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧). أي فهو عالم بما يستحقه كلّ منهم، فلا يجري في ذلك الفصل حيف، ولا يغيب عن علمه شيء.
والأديان الحاصلة بسبب الاختلافات في الأنبياء ستة، فمن الناس من يعترفون بوجود الأنبياء، ومن لا، فالمعترفون بذلك: فإما أن يكونوا أتباعا لمن كان نبيا أو لمن كان متنبيا، فاتباع الأنبياء هم المسلمون، واليهود، والنصارى، وفرقة أخرى بين اليهود والنصارى، وهم الصابئون: فهم مختلفون في نبوة محمد، وموسى، وعيسى، فاليهود: نفوا نبوّة محمد وعيسى.
والنصارى: نفوا نبوّة سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم. والصابئون، تارة يوافقون النصارى في أصول دينهم، فتحلّ لنا مناكحتهم، وتارة يخالفونهم فلا تحلّ مناكحتهم، ويطلق الصابئون أيضا على قوم أقدم من النصارى يعبدون الكواكب السبعة، ويضيفون الآثار إليها، وينفون الصانع المختار، فهؤلاء لا تحلّ مناكحتهم وأتباع المتنبي هم المجوس، قيل: هم قوم يستعملون النجاسات.
والمنكرون للأنبياء على الإطلاق: هم عبدة الأصنام، وهم المسمّون بالمشركين ويدخل فيهم البراهمة على اختلاف طبقاتهم.
وقال قتادة: ومقاتل الأديان ستة، واحد لله تعالى وهو الإسلام، وخمسة للشيطان، وهي ما عداه. وقرأ نافع «الصابين» بالياء التحتية بعد الباء الموحدة. وقال الزجّاج: قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ خير لقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا كما نقول: إن أخاك إن الدين عليه لكثير، وأدخلت «إن» على واحد من جزء، أي الجملة لزيادة التأكيد. أَلَمْ تَرَ أي ألم تعلم يا أشرف الخلق بخبر الله تعالى لك أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ أي ينقاد لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ
فهؤلاء ينقادون لتدبيره تعالى انقيادا تاما يقبلون لما أحدثه الله تعالى فيهم من غير امتناع وَيسجد له تعالى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ سجود طاعة وعبادة وهم المؤمنون. وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ بامتناعه من السجود وهو من لا يوحد الله تعالى.
وقرئ «حق» بالرفع، و «حقا» بالنصب أي حق عليه العذاب حقا وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ بالشقاوة فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ بالسعادة أي إن الذين وجب عليهم العذاب ليس لهم أحد يقدر على إزالة ذلك الهوان عنهم بطريق الشفاعة لهم. وقرأ ابن أبي عبلة «مكرم» بفتح الراء على أنه مصدر
وقرأ ابن كثير «هذان» بتشديد النون.
وروي عن الكسائي «خصمان» بكسر الخاء اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ أي في شأنه قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في المسلمين وأهل الكتاب حيث قال أهل الكتاب: نحن أولى بالله وأقدم منكم كتابا ونبينا قبل نبيكم. وقال المسلمون: نحن أحق بالله منكم آمنا بنبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم، وآمنا بنبيكم وبما أنزل الله من كتاب وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا، ثم تركتموه وكفرتم به حسدا. فهذه خصومتهم في ربهم فحكم الله بينهم فقال: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ أي قدرت على مقادير جثثهم نيران تحيط بهم إحاطة الثياب بلابسها. فالمراد بالثياب إحاطة النار بهم أي جعلت النار محيطة بهم كقوله تعالى: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ [الأعراف: ٤١]، كما روي عن أنس، وقال سعيد ابن جبير: أي قطعت قمص وجباب من نحاس أذيب بالنار كقوله تعالى: سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ [إبراهيم: ٥٠]. فليس شيء حمى بالنار أشد حرارة منه يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) أي الماء الحار يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠) أي يذاب بالماء الحار إذا يصب على رؤوسهم ظاهرهم وباطنهم من الجلود والأمعاء.
وفي الحديث الذي رواه الترمذي: «إن الحميم ليصب من فوق رؤوسهم فينفذ من جمجمة أحدهم حتى يخلص إلى جوفه فيسلب ما في جوفه حتى يمرق من قدميه- وهو الصهر- ثم يعاد كما كان»
«١».
وَلَهُمْ أي للكفرة مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (٢١) أي مطارق من حديد ف «اللام» للاستحقاق كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أي من النار مِنْ غَمٍّ شديد أُعِيدُوا فِيها بالمقامع.
روي عن الحسن أن النار تضربهم بلهبها فترفعهم حتى إذا كانوا في أعلاها ضربوا بالمقامع فهو وافيها سبعين خريفا وَقيل لهم: ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٢٢) أي عذاب الغليظ من النار لعظيم الإهلاك إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها بالبناء للمفعول وبتشديد اللام أي يزينون. وقرئ بسكون الحاء أي يبلسون في الجنة أي تحليهم الملائكة بأمره تعالى. وقرئ «يحلون» بفتح الياء وسكون الحاء أي يلبسون حليهم مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً بالجر في قراءة الجمهور عطفا على ذهب بناء على أن الأساور مركبة منهما بأن يرصع الذهب باللؤلؤ وفي سورة الكهف ليس فيها ذكر لؤلؤ وفي سورة هل أتى لم يذكر فيها اللؤلؤ ولا الذهب وهنا قد ذكرا فيجتمع لهم التزين بهذه الأمور بالذهب
أي ليحضروا منافع مختصة بهذه العبادة كائنة لهم دينية ودنيوية لا توجد في غيرها من العبادة كحصول المغفرة والأموال وقوله تعالى: لِيَشْهَدُوا متعلق ب «يأتوك» وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ وهي أيام عشر ذي الحجة كما اختاره الشافعي وأبو حنيفة لأنه معلوم عند الناس لحرصهم على علمه من أجل أن وقت الحج في آخره. وقال ابن عباس في رواية عطاء: إن أياما معلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده، كما اختاره أبو مسلم وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى. والمراد بالذكر ما وقع عند الذبح كان يقول الذابح باسم الله، والله أكبر اللهم منك وإليك، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ أي لأجل ما رزقهم من الإبل والبقر والغنم، قال القفال: وكأن المتقرب بها وبإراقة دمائها متصور بصورة من يفدي نفسه بما يعادلها فكأنه يبذل تلك الشاة بدل مهجته طلبا لمرضاة الله تعالى واعترافا بأن تقصيره كاد يستحق مهجته فَكُلُوا مِنْها أي فاذكروا اسم الله على ضحاياكم فكلوا من لحومها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨).
تَفَثَهُمْ
أي ثم بعد خروجهم من الإحرام ليقطعوا أدرانهم كالشارب والأظفار والإبط والعانة وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ أي ما أوجبوه على أنفسهم ما لم يكن الحج يقتضي وجوب ذلك من الضحايا وغيرها.
وقرأ أبو بكر بفتح الواو وتشديد الفاء أي ليتموا ذلك وَلْيَطَّوَّفُوا الطواف الذي يتم به التحلل بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩) أي القديم، لأنه أول بيت بني وقد أعتق من غرق الطوفان زمن نوح ومن تسلط كل جبار دخل فيه ليهدمه، وهو بيت كريم لم يملك قط. وفي قراءة أبي عمر وتحريك اللامات الثلاثة بالكسر. وفي قراءة ابن ذكوان بكسر اللامين الأخيرين. وفي قراءة الباقين بإسكان الكل ذلِكَ خبر مبتدأ محذوف ويذكر للفصل بين كلامين أي الشأن، ذلك المذكور من قوله تعالى: وَإِذْ بَوَّأْنا إلى هنا أو مبتدأ خبره محذوف أي ذلك الأمر لازم لكم أو مفعول لمحذوف أي احفظوا ذلك وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ أي ومن يعظم جميع تكاليف الله تعالى من مناسك الحج وغيرها بالعمل بموجبه فتعظيمه قربة عند الله يثاب عليها في الآخرة وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ أي رخصت لكم حال الإحرام ذبيحة الأنعام وأكل لحومها إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ أي إلا ما يتلى عليكم آية تحريمه مما حرم منها لعارض كالميتة
حُنَفاءَ لِلَّهِ أي مائلين عن كل دين زائغ إلى الدين الحق غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ شيئا من الأشياء وهذان حالان من واو «فاجتنبوا» فالأولى مؤسسة والثانية مؤكدة. وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (٣١) أي إن بعد من أشرك بالله عن الحق كبعد من سقط من السماء فذهب كالطير حيث تشاء فإن الأهواء المردية توزع أفكاره أو قذفت به الريح في مكان بعيد، فإن الشيطان قد طرحه في وادي الضلالة. أو المعنى من أشرك بالله فقد هلكت نفسه هلاكا شبيها باستلاب الطير لحمه وتفرق أجزائه في حواصلها أو بسقوطه في المكان البعيد بعصف الريح به ذلِكَ أي الأمر ذلك التباعد لمن أشرك بالله أو امتثلوا ذلك أمر الله وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ أي معالم الحج وهي الهدايا فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢) أي فإن تعظيمها من أفعال دوي تقوى القلوب وتعظيمها اعتقاد أن التقرب بها من أجل القربات وأن يختارها حسانا سمانا غالية الأثمان. روي أنه صلّى الله عليه وسلّم أهدى مائة بدنة فيها جمل لأبي جهل في أنفه برة من ذهب. وأن عمر أهدى نجيبة طلبت منه بثلاثمائة دينار. وسميت الهدايا شعائر لتعليمها بعلامة يعرف بها أنها هدايا كطعن حديدة في سنامها وتعليق النعال في أعناقها وتعليق آذان القرب في آذان الغنم لَكُمْ فِيها أي الشعائر واجبة أو مندوبة مَنافِعُ مع تسمية الأنعام هدايا بأن تركبوها إن احتجتم إليها وتركبوها لغيركم بلا أجرة، فإن كان إركابها بأجرة حرم وإن تشربوا ألبانها الفاضلة عن ولدها إذا اضطررتم إليها إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى أي إلى أن تنحروها ولا تسمى الأنعام شعارا قبل أن تسمى هديا، كما اختاره الشافعي.
وروى أبو هريرة أنه صلّى الله عليه وسلّم مر برجل يسوق بدنة وهو في جهد فقال صلّى الله عليه وسلّم: «اركبها ويلك»
«١». ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣) أي ثم أعظم هذه المنافع وقت وجوب نحر الهدايا منتهية إلى الحزم كله.
قال صلّى الله عليه وسلّم: «كل فجاج منى منحر»
«٢». وَلِكُلِّ أُمَّةٍ من الأمم السالفة من عهد إبراهيم عليه السلام إلى من بعده جَعَلْنا مَنْسَكاً أي قربانا يتقربون إلى الله تعالى.
وقرأ أهل الكوفة إلا عاصما «منسكا» بكسر السين، أي مذبحا وهو موضع ذبح القربان.
وقرأ الباقون بالفتح وهو إراقة الدم لوجه الله تعالى وهو ذبح القرابين لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ
(٢) رواه أحمد في (م ٤/ ص ٨٢).
وقرأ الحسن «والمقيمي الصلاة» بنصب «الصلاة» على تقدير النون. وقرأ ابن مسعود «والمقيمين الصلاة» على الأصل وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥) في وجوه الخيرات وأمر الله تعالى رسوله أن يبشر بالجنة المتواضعين المتصفين بوجل القلوب إذا أمروا بأمر من الله تعالى وبالصبر إذا أصابهم البلاء من الله تعالى وبإقامة الصلاة في وقت السفر للحج وبصدقة التطوع، أي لذلك الوجل أثران الصبر على البلايا التي من قبل الله تعالى والاشتغال بالخدمة بالنفس وبالمال وهما أعز الأشياء عند الإنسان، فالخدمة بالنفس: هي الصلاة. والخدمة بالنفس وبالمال: هي إنفاقه في وجوه الخيرات وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ أي أعلام دينه وهو مفعول ثان و «لكم» متعلق به «والبدن» عند الشافعي خاصة بالإبل، وعند أبي حنيفة الإبل والبقر لَكُمْ فِيها أي البدن خَيْرٌ أي منافع دينية ودنيوية هي درها ونسلها وصوفها وظهرها فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها أي على نحرها صَوافَّ أي قياما على ثلاث قوائم قد صفت رجليها ويدها اليمنى ويد أخرى معقولة فينحرها كذلك بأن تقولوا عند الذبح بسم الله والله أكبر اللهم منك وإليك.
وقرئ «صوافن» بضم النون. وقرئ «صوافي» أي خوالص لوجه الله تعالى، لا تشركوا بالله في التسمية أحدا على نحرها وخوالص من العيوب. وعن عمرو بن عبيد «صوافيا» بالتنوين عوضا عن حرف الإطلاق عند الوقف فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها أي سقطت على الأرض وذلك عند خروج الروح منها فَكُلُوا مِنْها إن شئتم إذا كانت الأضاحي تطوعا وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ أي الراضي بما يدفع إليه من غير سؤال وَالْمُعْتَرَّ أي الذي يعتر بالسلام ولا يسأل بل يري نفسه للناس كالزائر كَذلِكَ مع كمال عظمها ونهاية قوتها، أي فالله تعالى جعل الإبل والبقر بالصفة التي يمكننا تصريفها على ما نريد وذلك نعمة عظيمة من الله تعالى في الدنيا والدين لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦) أي لتشكروا إنعامنا عليكم بالإخلاص لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ أي لن يصل إلى الله تعالى أي إلى مرضاته لحوم القرابين ولا دماؤها، ولكن يقبل
وروي أنهم كانوا في الجاهلية يضربون لحم الأضاحي على حائط الكعبة ويلطخونها بدمها فأراد المسلمون أن يفعلوا فعل المشركين من الذبح وتشريح اللحم منصوبا حول الكعبة وتضميخ الكعبة بالدم تقربا إلى الله تعالى فنزلت هذه الآية: كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ أي إنما سخّر الله تعالى البدن لكم هكذا لتشكروا الله تعالى على إرشادكم إلى أعلام دينكم وإلى كيفية التقرب بها، وإلى طريق تذليلها ولتقولوا: الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧)
أي المخلصين في كل ما يأتون وما يذرون في أمور دينهم إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو «يدفع» بفتح الياء وسكون الدال وفتح الفاء والباقون بضم الياء وفتح الدال مع الألف وكسر الفاء أي يبالغ في دفع ضرر المشركين عن الذين آمنوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ في أمانات الله تعالى وهي أوامره ونواهيه كَفُورٍ (٣٨) لنعمته وهم المشركون فإنهم أقروا بالصانع وعبدوا غيره فأي خيانة أعظم من هذا أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ.
قرأ أهل المدنية والبصرة وعاصم في رواية حفص «أذن» بالبناء للمجهول. والباقون بالبناء للفاعل. وقرأ أهل المدنية وعاصم «يقاتلون» بالبناء للمفعول. وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي ببناء الفعلين للفاعل وأبو عمرو وأبو بكر بناء الأول للمفعول والثاني للفاعل. وابن عامر عكس هذا أي أذن الله بعد الهجرة للذين يريدون قتال المشركين في أن يقاتلوا بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا قيل:
نزلت هذه الآية في قوم خرجوا مهاجرين من مكة إلى المدنية فاعترضهم مشركو مكة فأذن الله لهم في قتال الكفار الذين يمنعونهم من الهجرة بسبب أنهم مظلمون بالإيذاء. وقيل: كان مشركو مكة يؤذون أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أذى شديدا، وكانوا يأتونه صلّى الله عليه وسلّم من بين مضروب ومشجوج يشكون إليه فيقول لهم: اصبروا فإني لم أومر بالقتال حتى هاجر فأنزل الله تعالى هذه الآية. وهي أول آية أذن فيها بالقتال بعد ما نهى عنه في نيف وسبعين آية وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ أي نصر المؤمنين الذين يقاتلهم المشركون عليهم لَقَدِيرٌ (٣٩) وعد الله للمؤمنين بالنصر على طريق الكناية كما وعد بدفع أذى الكفار عنهم الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ مكة المعظمة فالموصول إما نعت للموصول الأول أو الثاني، أو بيان له أو بدل منه، وإما منصوب على المدح أو مرفوع بإضمار مبتدأ على المدح بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ. وهذا بدل من حق أي أنهم أخرجوا من مكة بغير سبب إلا بقولهم: ربنا الله وحده ومحمد رسوله إلينا، فالتوحيد هو الذي ينبغي أن يكون سبب التمكين في مكة لا سبب الإخراج فالإخراج به إخراج بغير حق وَلَوْلا دَفْعُ
بتسليط المؤمنين على الكافرين في كل زمان لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ للرهبانية وَبِيَعٌ للنصارى وَصَلَواتٌ أي كنائس لليهود وَمَساجِدُ للمسلمين يُذْكَرُ فِيهَا أي في هذه المواضع الأربعة اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً.
قال الزجاج: أي ولولا دفاع الله أهل الشرك بالمؤمنين بالإذن لهم في جهادهم لاستولى أهل الشرك على أهل الأديان وعطلوا مواضع عبادات المؤمنين منهم فهدم في شرع كل نبي المكان الذي يصلى فيه، فلولا ذلك الدفع لهدم في زمن موسى الكنائس التي كانوا يصلون فيها في شرعه. وهي المسماة بالصلوات، وهي كلمة معربة أصلها بالعبرانية: «صلوثا» بفتح الصاد والثاء المثلثة والقصر وبه قرئ في الشواذ. ومعناه في لغتهم «مصلى»، وفي زمن عيسى الصوامع والبيع وهما للنصارى. لكن الصوامع هي التي يبنونها في الصحارى والبيع هي التي يبنونها في البلدان، وفي زمن نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم المساجد.
وقرأ نافع «دفاع» بكسر الدال وفتح الفاء مع الألف وقرأ نافع وابن كثير «لهدمت» بتخفيف الدال وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ أي من ينصر دينه وأولياءه بأن يظفرهم بأعدائهم بالتجلد في القتال، وبإيضاح الأدلة وبالإعانة على الطاعات إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ على هذه النصرة التي وعدها للمؤمنين عَزِيزٌ (٤٠) أي لا يمنعه شيء وقد أنجز الله وعده بأن سلط المهاجرين والأنصار على صناديد العرب، وأكاسرة العجم وقياصرتهم، وأورثهم، أرضهم وديارهم.
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ أي المأذون لهم في القتال المخرجون من ديارهم هم الذين إن أعطيناهم السلطنة ونفاذ القول على الخلق أتوا بالأمور الأربعة هي: إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وهذا دليل على صحة إمامة الخلفاء الأربعة لأن الله تعالى لم يعط نفاذ الأمر غيرهم من المهاجرين. أما الأنصار فلم يخرجوا من ديارهم وفي هذه الآية إخبار من الله تعالى بالغيب عما تكون عليه سيرة المهاجرين إن أعطاهم السلطنة على الأرض وثناء منه تعالى عليهم قبل إحداثهم الخير وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١) وفي هذه إشارة إلى حضور سلطنة من أخرجهم كفار مكة ووقوع ملكه مع السيرة العادلة- وهم الخلفاء الراشدون- ثم إن الأمور ترجع إلى الله تعالى في العاقبة فإنه تعالى هو الذي لا يزول ملكه أبدا، وفي هذا تأكيد للوعد بإعلاء دينه تعالى وإظهار أوليائه وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى أي وإن تحزن يا أشرف الخلق على تكذيب قومك إياك فأنت يا أكرم الرسل لست بأوحدي في التكذيب، فتسل بهم فإنه قد كذب سائر الأمم أنبياءهم قبل تكذيب قومك إياك. كذب قوم نوح الذين هم من أشد الناس نوحا عليه السلام، وكذب قوم هود الذين هم ذوو الأبدان الشداد هودا عليه السلام، وكذب قوم صالح الذين هم أولوا الأبنية الطوال في الجبال والسهول صالحا
وقرأ أبو عمرو ويعقوب «أهلكتها» على وفق «فأمليت» ثم «أخذتهم»، أي فأهلكنا كثيرا من القرى بإهلاك أهلها، وَهِيَ ظالِمَةٌ أي كافرا أهلها. وهذه جملة حالية من مفعول أهلكنا فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها أي فهي ساقطة حيطانها على سقوفها، بأن خرت سقوفها على الأرض، ثم تهدمت حيطانها فسقطت فوق السقوف، أو فهي خالية عن الناس مع بقاء عروشها، وهذه معطوفة على «أهلكناها» فلا محل لها من الاعراب إن جعلت أهلكناها مفسرة لمضمر ناصب ل «كائن»، ومحلها رفع إن جعل خبرا ل «كأين» وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ أي وكم بئر عامرة كثيرة الماء متروكة لا يستسقى منها لهلاك أهلها. وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) أي مرفوع البنيان أو مجصص أخليناه عن ساكنه.
روى أبو هريرة أن هذه البئر نزل عليها صالح مع أربعة آلاف نفر ممن آمن به ونجاهم الله تعالى من العذاب وهم ب «حضرموت» وإنما سميت بذلك لأن صالحا حين حضرها مات. ثمّ وثمّ بلدة عند البئر اسمها «حاضورا» بناها قوم صالح، وأمّروا عليها حاسر بن جلاس، وجعلوا وزيره سنجاريب وأقاموا بها زمانا ثم كفروا وعبدوا صنما وأرسل الله تعالى إليهم حنظلة بن صفوان نبيا فقتلوه في السوق، فأهلكهم الله تعالى وعطّل بئرهم، وخرّب قصورهم. وعلى هذا فالمراد بالبئر بئر بسفح جبل بحضرموت وبالقصر مشرف على قلته أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ أي أغفل أهل مكة فلم يسافروا في تجاراتهم فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها ما يجب أن يعقل من التوحيد بسبب ما شاهدوه من مواد الاعتبار أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها ما يجب أن يسمع من أخبار الرسول فَإِنَّها الضمير للقصة يفسره ما بعده لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦) أي ليس الخلل في مشاعرهم، وإنما هو في عقولهم، باتباع الهوى والانهماك في الغفلة، والاعتماد في التقليد وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ أي تطلب قريش كالنضر بن الحرث أن تأتيهم بالعذاب عاجلا استهزاء بك وتعجيزا لك على زعمهم.
وكان رسول الله يهددهم بنقمات الله دنيا وأخرى، وهم يقولون: إن ما حذرتنا به لا يقع، وإنه لا بعث، فذكر الله تعالى نزول العذاب بهم في الدنيا والآخرة بقوله تعالى: وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ في إنزال العذاب بكم في الدنيا، وقد أنجز الله وعده يوم بدر، فقتل منهم سبعون، وأسر منهم سبعون وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧) أي وإن يوما من أيام عذابكم في الآخرة كألف سنة من سني الدنيا في كثرة الآلام وشدتها، فلو عرفوا حال عذاب الآخرة أنه بهذا الوصف لما استعجلوه.
وقرأ الباقون بالتاء فيكون التفاتا وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ أي وكم من أهل قرية أخرت إهلاكهم مع استمرارهم على ظلمهم فاغتروا بذلك التأخر ثُمَّ
أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ
(٤٨) أي ثم عاقبت أهل تلك القرية في الدنيا، بأن أنزلت العذاب بهم، ومع ذلك فعذابهم مدخر في الآخرة فإذا رجعوا إليّ بهم ما يليق بأعمالهم قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ أي يا أهل مكة إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩) أي إنما أنذركم إنذارا بينا بما أوحي إلي من أنباء الأمم المهلكة وليس بي تعجيل للعذاب ولا تأخير، وإنما بعثت للإنذار فاستهزاؤكم بذلك لا يمنعني منه فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ من الذنوب الصغائر والكبائر وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٥٠) أي ثواب حسن في الجنة
وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا أي الذين اجتهدوا في إبطال آياتنا حيث قالوا: شعر أو سحر أو أساطير الأولين، مُعاجِزِينَ أي معارضين المؤمنين، فكلما طلب المؤمنون إظهار الحق طلب هؤلاء إبطاله. أو ظانين عجزنا عنهم بأن لا يدركهم عذابنا! وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «معجزين» بتشديد الجيم بعد العين المفتوحة، أي مثبطين الناس عن الإيمان، أو طامعين في عجز الرسول بالمكايد ظانين ذلك. أُولئِكَ الموصوفون بالسعي في إبطال القرآن واعتقاد العجز لله أو للرسول، أو للمؤمنين. أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٥١) أي ملازمو النار الموقدة. وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أي إذا قرأ النبي أو الرسول أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ، أي في قراءة ذلك النبي أو الرسول. وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يرتّل قراءته للقرآن، فارتصد الشيطان سكتته، ونطق بقوله:
«تلك الغرانيق العلا | وإن شفاعتهن لترتجى» |
الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ أي في يوم عقيم لِلَّهِ وحده فلا يكون فيه لأحد تصرف من التصرفات في أمر من الأمور لا حقيقة ولا مجازا ولا صورة لأحد ولا معنى كما في الدنيا، فإنه تعالى ملك فيها الأمور غيره صورة يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ، أي بين المؤمنين بالقرآن والممارين فيه، فَالَّذِينَ آمَنُوا امتثالا بما أمروا فيه فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٥٦) يكرمون بالتحف فضلا من الله وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أي أصروا على ذلك فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٥٧)، أي شديد بسبب معاصيهم. أما إعطاء الثواب فبفضل الله لا بأعمالهم كما هو حكمة ذكر الفاء وتركه في الجانبين وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أي هاجروا إلى المدينة لنصرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وللتقرب إلى الله تعالى ثُمَّ قُتِلُوا أي قتلهم العدو.
وقرأ ابن عامر بتشديد التاء أَوْ ماتُوا في سفر أو حضر من غير قتل لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً لا ينقطع أبدا من نعيم الجنة لاستواء النوعين في القصد وأصل العمل.
وروي أن بعض أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم قالوا: يا نبي الله هؤلاء الذين قتلوا في سبيل الله قد علمنا ما أعطاهم الله تعالى من الخير ونحن نجاهد معك، كما جاهدوا، فما لنا إن متنا معك! فنزلت هذه الآية: وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٥٨) فإن ما يرزقه لا يقدر عليه أحد غيره والرزق الصادر منه لمحض الإحسان وإن غيره إنما يدفع الرزق من يده ليد غيره ولا يفعل نفس الرزق، ويرزق لانتفاعه إما لأجل خروجه عن الواجب أو لأجل أن يستحق بالإعطاء ثناء أو عوضا، أو لأجل الرقة الجنسية. وأما الله تعالى فإن كماله صفة ذاتية له فلا يستفيد من أحد كمالا زائدا فهو يرزق بغير حساب لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ بأن يدخلهم الجنة من غير مكروه تقدم إدخالا فوق ما يتمنونه ومدخلا فوق الذي يهوونه.
وقيل: هو خيمة من درة بيضاء لا فصم فيها ولا وصم، لها سبعون ألف مصراع. وقال ابن عباس: إنهم يرون في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر فيرضونه ولا يبغون عنها حولا.
للسببية. والعقاب مأخوذ من التعاقب. وهي مجيء الشيء بعد غيره.
قال مقاتل: نزلت هذه الآية في قوم من المشركين لقوا قوما من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرم. فقال بعضهم لبعض: إن أصحاب محمد يكرهون القتال في الشهر الحرام، فاحملوا عليهم، فناشدهم المسلمون أن يكفوا عن قتالهم لحرمة الشهر فأبوا، وقاتلوهم، وثبت المسلمون لهم فنصروا عليهم فحصل في أنفس المسلمين من القتال في الشهر الحرام شيء، فأنزل الله تعالى هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ عن هذه الإساءة غَفُورٌ (٦٠) لهم ما صدر عنهم من ترجيح الانتقام على العفو والصبر المطلوب إليهما وإنما عفا عنهم ذلك مع كونه محرما إذ ذاك، لأنهم فعلوه دفعا للصائل فكان من نوع الواجب عليهم. وهذا تنبيه على أنه تعالى قادر على العقوبة، إذ لا يوصف بالعفو إلا القادر على ضده
ذلِكَ أي النصر بسبب أنه تعالى قادر، ومن آيات قدرته كونه خالق الليل والنهار فذلك قوله تعالى: بِأَنَّ اللَّهَ تعالى يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ أي بسبب أن الله تعالى يزيد في أحد الملوين ما ينقص من الآخر من الساعات أو يحصل ظلمة أحدهما في مكان ضياء الآخر وعكسه، وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بكل المسموعات بَصِيرٌ (٦١) بجميع المبصرات أي أن الله كما يقدر على ما لا يقدر عليه غيره، فكذلك يدوم الاتصاف بالسمع والبصر فلا يحتاج لسمعه إلى سكون الليل ولا لبصره إلى ضياء النهار ذلِكَ أي الإنصاف بكمال القدرة والعلم بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ أي الثابت الذي يمتنع عليه التغير في ذاته وصفاته فعبادته هو الحق وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ أي وأن ما يعبده المشركون من غير الله هو الباطل ألوهيته، وأنه معدوم في حد ذاته.
وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر، وشعبة بالتاء على خطاب المشركين. وقرئ بالبناء للمفعول على أن «الواو» عائد ل «ما» فإنه كناية عن الآلهة وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٦٢) أي وأن الله هو القاهر الذي لا يغلب القادر على الضر والنفع العظيم في سلطانه الذي لا تدرك حقيقته أَلَمْ تَرَ أي ألم تعلم أيها المخاطب أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ
السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً
أي فتصير الأرض نامية بما فيه رزق العباد وعمارة البلاد إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ أي رحيم بعباده في إخراج النبات خَبِيرٌ (٦٣) أي عالم بمقادير مصالحهم، وبما في قلوبهم لَهُ ما فِي
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ أي ويعبد كفار مكة متجاوزين عبادة الله ما لم ينزل الله بجواز عبادته حجة من جهة الوحي، وما ليس لهم بجواز عبادته علم من دليل عقلي، أي أن عبادتهم لغير الله من الأصنام ليست مأخوذة من دليل سمعي ولا من دليل عقلي بل هو من تقليد أو جهل أو شبهة فوجب أن يكون ذلك باطلا وَما لِلظَّالِمِينَ أي المشركين مِنْ نَصِيرٍ (٧١) أي ليس لهم ناصر في مذهبهم بالحجة ولا في دفع عذاب الله عنهم، وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا أي القرآن بَيِّناتٍ أي واضحات في الدلالة على العقائد الحقة والأحكام الصادقة. تَعْرِفُ يا أشرف الخلق فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا بالقرآن الْمُنْكَرَ أي الكراهية للقرآن وأثر الغضب يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا أي يكادون يثبون على من يقرءوا القرآن عليهم بالبطش من فرط الغضب. قُلْ ردا عليهم: أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ أي أخاطبكم فأخبركم بأشر من غيظكم على التالين، وقهركم عليهم ومن الضجر بسبب ما تلي عليكم. النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا إذا ماتوا على الكفر. ف «النار» إما مبتدأ وخبره ما بعده، أو خبر مبتدأ مقدر. وقرأه زيد بن علي، وابن أبي عبلة بالنصب على الاختصاص أو على أنه منصوب بفعل مقدر يفسره ما بعده.
وقرأه ابن أبي إسحاق، وإبراهيم بن نوح بالجر بدلا من شر وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٢) النار.
يا أَيُّهَا النَّاسُ أي يا أهل مكة ضُرِبَ مَثَلٌ أي بيّن لكم حال عجيبة غريبة فَاسْتَمِعُوا لَهُ أي تدبروا المثل حق تدبره إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً أي أن الأصنام الذين تعبدونهم لن يقدروا على خلق الذباب مع صغره وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ أي لخلقه أي تعاونوا على خلقه فكيف يليق بالعاقل جعل الأصنام معبودا وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ أي وإن يأخذ الذباب من الأصنام شيئا من الطيب والعسل الذي لطخوا عليها لا تسترده من الذباب.
قال ابن عباس: إنهم كانوا يطلون الأصنام بالزعفران ورؤوسها بالعسل ويغلقون عليها الأبواب فيدخل الذباب من الكوى فيأكله ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣).
قال ابن عباس: أي ضعف الذباب والصنم، فالذباب طالب ما يأخذه من الذي على الصنم. وقال الضحاك: أي ضعف العابد والمعبود ولو حققت وجدت الصنم أضعف من الذباب وعابده أجهل من كل جاهل وأضل من كل ضال ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ أي ما عرفوا الله حق معرفته حيث أشركوا به وسموا باسمه ما هو أبعد الأشياء عنه مناسبة إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ على خلق
سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ أي قبل هذا القرآن في كتب الأنبياء وَفِي هذا أي القرآن بقوله تعالى: ورضيت لكم الإسلام دينا. وقيل: الله سماكم المسلمين في الأزل من قبل أن خلقكم وبعد أن خلقكم لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ يوم القيامة بأنه بلغكم وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ أي الأمم الماضية، بتبليغ الرسل إليهم فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ أي فلما خصكم الله بهذه الكرامة، فاعبدوه وتقربوا إلى الله بأنواع الطاعات وتخصيصهما بالذكر لفضلهما. وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ.
قال القفال: أي اجعلوا الله عصمة لكم مما تحذرون. وقال ابن عباس: أي سلوا الله العصمة عن كل المحرمات أي ولا تطلبوا الإعانة في كل الأمور إلا منه تعالى. هُوَ مَوْلاكُمْ
أي حافظكم. فَنِعْمَ الْمَوْلى أي الحافظ. وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨) بل فلا حافظ ولا ناصر في الحقيقة سواه تعالى.