تفسير سورة النجم

تفسير التستري
تفسير سورة سورة النجم من كتاب تفسير التستري المعروف بـتفسير التستري .
لمؤلفه سهل التستري . المتوفي سنة 283 هـ

السورة التي يذكر فيها النجم
[سورة النجم (٥٣) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (١) مَا ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (٢) وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣)
قوله تعالى: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى [١] يعني ومحمد صلّى الله عليه وسلّم إذا رجع من السماء.
قوله تعالى: مَا ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى [٢] قال: أي ما ضل عن حقيقة التوحيد قط، ولا اتبع الشيطان بحال.
قوله تعالى: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى [٣] يعني لا ينطق بالباطل قط. قال كان نطقه حجة من حجج الله تعالى، فكيف يكون للهوى والشيطان عليه اعتراض؟
[سورة النجم (٥٣) : آية ٨]
ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (٨)
قوله تعالى: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى [٨] قال: يعني قرباً بعد قرب.
[سورة النجم (٥٣) : الآيات ١١ الى ١٤]
مَا كَذَبَ الْفُؤادُ مَا رَأى (١١) أَفَتُمارُونَهُ عَلى مَا يَرى (١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤)
قوله تعالى: مَا كَذَبَ الْفُؤادُ مَا رَأى [١١] من مشاهدة ربه ببصر قلبه كفاحاً.
قوله تعالى: أَفَتُمارُونَهُ عَلى مَا يَرى [١٢] منا وبنا وما يرى منا بنا أفضل مما يراه به.
قوله تعالى: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى [١٣] قال: يعني في الابتداء حين خلقه الله سبحانه وتعالى. ويقال نوراً في عامود النور قبل بدء الخلق بألف ألف عام بطبائع الإيمان مكاشفة الغيب بالغيب قام بالعبودية بين يديه: عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى [١٤] وهي شجرة ينتهي إليها علم كل أحد.
[سورة النجم (٥٣) : الآيات ١٦ الى ١٨]
إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشى (١٦) مَا زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (١٧) لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (١٨)
إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشى [١٦] السدرة من نور محمد صلّى الله عليه وسلّم في عبادته، كأمثال فراش من ذهب، ويجريها الحق إليه من بدائع أسراره، كل ذلك ليزيده ثباتاً لما يرد عليه من الموارد.
مَا زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى [١٧] قال: ما مال إلى شواهد نفسه ولا إلى مشاهدتها، وإنما كان مشاهداً بكليته ربه تعالى، شاهداً ما يظهر عليه من الصفات التي أوجبت الثبات في ذلك المحل.
لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى [١٨] يعني ما يبدي من صفاته من آياته رآها، ولم يذهب بذلك عن مشهوده، ولم يفارق مجاورة معبوده، وما زاده إلا محبة وشوقاً وقوة، أعطاه الله قوة احتمال التجلي والأنوار العظيمة، وكان ذلك تفضيلاً له على غيره من الأنبياء.
ألا ترى أن موسى صعق عند التجلي، ففي الضعف جابه النبي صلى الله عليه وسلّم في مشاهدته كفاحاً ببصر قلبه، فثبت لقوة حاله وعلو مقامه ودرجته.
[سورة النجم (٥٣) : آية ٤٠]
وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى (٤٠)
قوله تعالى: وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى [٤٠] قال: أي سوف يرى سعيه ويعلم أنه لا يصلح للحق ويعلم الذي يستحقه سعيه، وأنه لو لم يلحقه فضل الله لهلك سعيه.
[سورة النجم (٥٣) : الآيات ٤٣ الى ٤٤]
وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى (٤٣) وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا (٤٤)
قوله تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى [٤٣] قال: يعني أضحك المطيع بالرحمة، وأهلك العاصي بالسخط، وأضحك قلوب العارفين بنور معرفته، وأبكى قلوب أعدائه بظلمات سخطه «١».
وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا [٤٤] قال: أمات قلوب الأعداء بالكفر والظلمة، وأحيا قلوب الأولياء بالإيمان وأنوار المعرفة.
[سورة النجم (٥٣) : آية ٤٨]
وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (٤٨)
وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى [٤٨] قال: ظاهرها متاع الدنيا، وباطنها أغنى بالطاعة وأفقر بالمعصية. وقال ابن عيينة: أغنى وأقنى أي أقنع وأرضى.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
(١) في تفسير القرطبي ١٧/ ١١٧ ورد قول التستري في تفسير الآية المذكورة: (أضحك الله المطيعين بالرحمة، وأبكى العاصين بالسخط).
Icon