تفسير سورة الزمر

تفسير العز بن عبد السلام
تفسير سورة سورة الزمر من كتاب تفسير العز بن عبد السلام المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام .
لمؤلفه عز الدين بن عبد السلام . المتوفي سنة 660 هـ
سُورة الزمر مكية، أو إلا آيتين مدنية ﴿ الله نزل أحسن الحديث ﴾ :[ ٢٣ ].
و ﴿ قل يا عبادي الذين أسرفوا ﴾ " ع "، أو إلا سبع آيات ﴿ قل يا عبادي الذين أسرفوا ﴾ :[ ٥٣ ] إلى آخر السبع.

١ - ﴿الْعَزِيزِ) في ملكه {الْحَكِيمِ﴾ في أمره، أو العزيز في نقمته الحكيم في عدله.
٢ - ﴿مُخلِصاً﴾ للتوحيد، أو للنية لوجهه ﴿الدِّينُ﴾ الطاعة، أو العبادة.
٣ - ﴿الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ شهادة أن لا إله إلا الله، أو الإسلام " ح "، أو ما لا رياء فيه من الطاعات. ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ﴾ قالته قريش في أوثانها وقاله من عبد الملائكة وعُزيراً وعيسى ﴿زُلفى﴾ منزلة، أو قرباً، أو الشفاعة ها هنا.
92
﴿خلق السموات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكورُ النهارَ على الليل وسخرَ الشمس والقمرَ كل يجري لأجلٍ مسمىً ألا هو العزيزُ الغفار (٥) خلقكم من نفسٍ واحدةٍ ثم جعلَ منها زوجهَا وأنزلَ لكم من الأنعامِ ثمانيةَ أزواجٍ يخلفكم في بطونِ أمهاتكم خلقاً من بعد خلقٍ في ظلماتٍ ثلاثٍ ذلكم اللهُ ربكمْ لهُ الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون (٦) ﴾
93
٥ - ﴿يكور الليل﴾ يحمل كل واحد منهما على الآخر " ع "، أو يغشي الليل على النهار فيذهب ضوءه ويغشي النهار على الليل فيذهب ظلمته، أو يرد نقصان كل واحد منهما في زيادة الآخر.
٦ - ﴿نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ آدم ﴿زَوْجَهَا﴾ حواء خلقها من ضلع آدم السفلي، أو خلقها من مثل ما خلقه منه ﴿وَأَنزَلَ لَكُم﴾ جعل " ح " أو أنزلها بعد أن خلقها في الجنة ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ المذكورة في سورة الأنعام ﴿خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ﴾ نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً ثم لحماً، أو خلقاً في بطون أمهات بعد خلق في ظهر آبائكم قاله ابن زيد ﴿ظُلُمَاتٍ ثلاثٍ﴾ ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة " ع "، أو ظلمة صلب الرجل وظلمة بطن المرأة وظلمة الرحم.
{إن تكفروا فإن الله غنيٌ عنكم ولا يرضى لعباده الكفرَ وإن تشكروا يرضه لكمْ ولا تزرَ وازرةٌ وزرَ أخرى ثم إلى ربكم مرجعكمْ فينبئكم بما كنتمْ تعلمون إنه عليم
93
بذات الصدور (٧) وإذا مس الإنسانَ ضرٌ دعا ربه منيباً إليه ثم إذا خوله نعمةً منه نسيَ ما كان يدعوا من قبل وجعلَ للهِ أنداداً ليضلَّ عنه سبيلهِ قل تمتع بكفركَ قليلاً إنك من أصحاب النار (٨) }
94
٨ - ﴿مُنِيباً﴾ مخلصاً له، أو مستغيثاً به، أو مقبلاً عليه ﴿نِعْمَةً مِّنْهُ﴾ تَرَكَ الدعاء، أو عافيةً نسي الضر، والتخويل العطية من هبة، أو منحة.
﴿أَمَّنْ هوَ قانتٌ ءاناءَ الليلِ ساجداً وقائماً يحذرُ الآخرةَ ويرجوا رحمةَ ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكرُ أولوا الألباب (٩) ﴾
٩ - ﴿قانتٌ﴾ مطيع، أو خاشع في الصلاة، أو قائم فيها، أو داعٍ لربه ﴿آناء الليل﴾ جوف الليل " ع "، أو ساعاته " ح "، أو ما بين المغرب والعشاء. ﴿رحْمَةَ رَبِّهِ﴾ نعيم الجنة. نزلت في الرسول [صلى الله عليه وسلم]، أو في أبي بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما - " ع "، أو عثمان بن عفان، أو عمار وصهيب وأبي ذر وابن مسعود، أو مرسلة فيمن هذا حاله ﴿أَمَّنَ﴾ فجوابه كمن ليس كذلك، أو كمن جعل لله أنداداً. ومن جعل له نداء فمعناه: يا من هو قانت ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يعلمون﴾ الذين يعلمون هذا فيعلمون له والذين لا يعملونه ولا يعلمون به، أو الذين يعلمون أنهم ملاقو ربهم والذين لا يعلمون المشركون الذين جعلوا لله أنداداً، أو الذين يعلمون نحن والذين لا يعلمون هم المرتابون في هذه الدنيا.
{قل ياعبادِ الذين ءامنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرضُ اللهِ
94
واسعةٌ إنما يوفى الصابرونَ أجرهم بغير حسابٍ (١٠) قل إني أمرتُ أن أعبدَ الله مخلصاً له الدين (١١) وأمرت لأن أكون أول المسلمين (١٢) }
95
١٠ - ﴿حسنةٌ﴾ في الآخرة وهي الجنة، أو في الدنيا زيادة على ثواب الآخرة وهو ما رزقهم مَنّ خير الدنيا أو العافية والصحة أو طاعة الله في الدنيا وجنته في الآخرة " ح "، أو الظفر والغنيمة. ﴿وَأَرْضُ اللَّهِ﴾ أرض الجنة، أو أرض الهجرة ﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ بغير مَنٍّ ولا تباعة أو لا يحسب عليهم ثواب عملهم فقط ولكن يزادون على ذلك، أو يعطونه جزافاً غير مقدر أو واسعاً بغير ضيق [١٦٥ / ب] / قال علي - رضي الله تعالى عنه - كل أجر يكال كيلاً ويوزن وزناً إلا أجر الصابرين فإنه يحثى لهم حثواً.
﴿قُلْ إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يومٍ عظيم (١٣) قل الله أعبد مخلصاً له دين (١٤) فاعبدوا ما شئتم من دونه قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يومَ القيامة ألا ذلك هو الخسرانُ المبين (١٥) لهم من فوقهم ظللٌ من النار ومن تحتهم ظللٌ ذلك يخوف الله به عباده ياعباد فاتقون (١٦) ﴾
١٥ - ﴿خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ﴾ بهلاك النار وخسروا أهليهم بأن لا يجدوا في النار أهلاً وقد كان لهم في الدنيا أهل، أو خسروا أنفسهم بما حرموا من الجنة وأهليهم: الحور العين الذين أعدوا لهم في الجنة " ح ".
﴿والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد (١٧) الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب (١٨) أفمن﴾
95
﴿حَقَّ عليه كلمةُ العذابِ أفأنتَ تنقذُ من في النار (١٩) لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرفٌ من فوقها غرفٌ مبينةٌ تجري من تحتها الأنهار وعدَ اللهِ لا يخلفُ الله الميعاد (٢٠) ﴾
96
١٧ - ﴿الطَّاغُوتَ﴾ الشيطان، أو الأوثان أعجمي كهاروت وماروت أو عربي من الطغيان ﴿وَأَنَابُواْ إِلَى اللَّهِ﴾ أقبلوا عليه أو استقاموا إليه. ﴿الْبُشْرَى﴾ الجنة، أو بشارة الملائكة للمؤمنين.
١٨ - ﴿القول﴾ كتاب الله، أو لم يأتهم كتاب الله ولكنهم استمعوا أقوال الأمم. قاله ابن زيد ﴿أَحْسَنَهُ﴾ طاعة الله، أو لا إله إلا الله، أو أحسن ما أُمِروا به، أو إذا سمعوا قول المشركين وقول المسلمين اتبعوا أحسنه وهو الإسلام، أو يسمع حديث الرجل فيحدث بأحسنه ويمسك عن سواه فلا يحدث به " ع " قال ابن زيد نزلت في زيد بن عمرو بن نفيل وأبي ذر وسلمان اجتنبوا الطاغوت في الجاهلية واتبعوا أحسن ما صار من القول إليهم.
﴿أَلَمْ تر أن الله أنزلَ من السماءِ ماءً فسلكهُ قي ينابيعَ في الأرضِ ثم يخرجُ به زرعاً مختلفاً ألوانهُ ثم يهيجُ فتراه مصفراً ثم يجعله حطاماً إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب (٢١) أفمن شرحَ الله صدرهُ للإسلام فهو على نورٍ من ربه فويلٌ للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلالٍ مبين (٢٢) ﴾
٢٢ - ﴿شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ﴾ وسعه للإسلام حتى ثبت فيه أو شرحه بفرحه وطمأنينته إليه ﴿نُورٍ مِّن رَّبِّهِ﴾ هدى، أو كتاب الله يأخذ به وينتهي إليه نزلت في
96
الرسول [صلى الله عليه وسلم]، أو في عمر، أو في عمار بن ياسر تقديره: أفمن شرح الله صدره كمن طبع على قلبه ﴿فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم﴾ القاسية قلوبهم قيل: أبو جهل وأتباعه من قريش.
﴿اللهُ نزل أحسنَ الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشونَ ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد (٢٣) ﴾
97
٢٣ - ﴿مُّتَشَابِهًا﴾ في نوره وصدقه وعدله، أو متشابه الآي والحروف ﴿مَّثَانِىَ﴾ لأنه ثنى فيه القضاء، أو قصص الأنبياء، أو ذكر الجنة والنار، أو الآية بعد الآية والسورة بعد السورة، أو تثنى تلاوته فلا يُمل لحسنه، أو يفسر بعضه بعضاً ويرد بعضه على بعض " ع " أو المثاني اسم لأواخر الآي والقرآن أسم جميعه والسورة اسم كل قطعة منه والآية اسم كل فصل من السورة ﴿تَقْشَعِرُّ﴾ من وعيده وتلين من وعده، أو تقشعر من الخوف وتلين من الرجاء " ع "، أو تقشعر من إعظامه وتلين القلوب عند تلاوته.
﴿أَفَمَن يتقي بوجهه سوءَ العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون (٢٤) كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون (٢٥) فأذاقهم الله الخزيَ في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون (٢٦) ﴾
٢٤ - ﴿يَتَّقِى بِوجْهِهِ﴾ تبدأ النار بوجهه إذا دخلها، أو يسحب على وجهه
97
إليها.
98
٢٥ - ﴿مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ﴾ فجأة، أو من مأمنهم.
﴿وَلَقَدْ ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون (٢٧) قرءاناً عربياً غير ذي عوجٍ لعلهم يتقون (٢٨) ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلماً لرجلٍ هل يستويان مثلاً الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون (٢٩) إنك ميت وإنهم ميتون (٣٠) ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (٣١) ﴾
٢٨ - ﴿عِوَجٍ﴾ لبس، أو اختلاف، أو شك.
٢٩ - ﴿مُتَشَاكِسُونَ﴾ متنازعون، أو مختلفون، أو متعاسرون، أو متضايقون. رجل شكس أي ضيق الصدر، أو متظالمون؛ شكسني مالي أي ظلمني ﴿سالماً﴾ مُخلِصاً مثل لمن عبد آلهة ومن عبد إلاهاً واحداً لأن العبد المشترك لا يقدر على توفية حقوق سادته من الخدمة والذي سيده واحد يقدر على القيام بخدمته.
٣٠ - ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ﴾ ستموت، الميِّت بالتشديد الذي سيموت وبالتخفيف من قد مات. ذكرهم الموت تحذيراً من الآخرة، أو حثاً على الأعمال، أو لئلا يختلفوا في موته كاختلاف الأمم في غيره [١٦٦ / أ] / وقد احتج بها أبو بكر على عمرة.
98
رضي الله تعالى عنهما - لما أنكر موته، أو ليعلمه الله - تعالى - أنه سوّى فيه بين خلقه. وكل هذه احتمالات يجوز أن يراد كلها، أو بعضها.
99
٣١ - ﴿تَخْتَصِمُونَ﴾ فيما كان بينهم في الدنيا، أو المداينة أو الإيمان والكفر، أو يخاصم الصادق الكاذب والمظلوم الظالم والمهتدي الضال والضعيف المستكبر " ع " قال الصحابة. لما نزلت ما خصومتنا بيننا فلما قتل عثمان - رضي الله تعالى عنه - قالوا: هذه خصومتنا بيننا.
﴿فَمَنْ أظلم ممن كذبَ على اللهِ وكذبَ بالصدقِ إذ جاءهُ أليسَ في جهنم مثوى للكافرين (٣٢) والذي جاء بالصدق وصدقَ به أولئك هم المتقون (٣٣) لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاءُ المحسنين (٣٤) ليكفرَ الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون (٣٥) ﴾
٣٣ - ﴿وَالَّذِى جَآءَ بِالصِّدْقِ﴾ محمد، أو الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام، أو جبريل عليه السلام، أو المؤمنون جاءوا بالصدق يوم القيامة، والصدق لا إله إلا الله " ع " أو القرآن ﴿وصدق به﴾ الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو مؤمنو هذه الأمة، أو أتباع الأنبياء كلهم، أو أبو بكر، أو علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنهما - والذي ها هنا يراد به الجمع وإن كان مفرد اللفظ.
٣٥ - ﴿أَسْوَأَ الَّذِى عَمِلُواْ﴾ قبل الإيمان والتوبة، أو الصغائر لأنهم قد اتقوا الكبائر.
99
﴿أَلَيْسَ الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد (٣٦) ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي التقام (٣٧) ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله قل أفرءيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكاتُ رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون (٣٨) قل ياقوم اعملوا على مكانتكم إني عاملٌ فسوف تعلمون (٣٩) من يأتيه عذابٌ يخزيه ويحل عليه عذابٌ مقيمٌ (٤٠) ﴾
100
٣٦ - ﴿بكاف عبده﴾ محمداً [صلى الله عليه وسلم] كفاه الله - تعالى - المشركين ﴿بِكَافٍ عباده﴾ الأنبياء ﴿بالذين من دونه﴾ خوفوه بأوثانهم يقولون تفعل بك كذا وتفعل، أو خوفوه من أنفسهم بالتهديد والوعيد.
٣٩ - ﴿مَكَانَتِكُمْ﴾ ناحيتكم، أو تمكنكم، أو شرككم ﴿عَامِلٌ﴾ على ما أنا عليه من الهدى.
﴿إِنَّآ أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل (٤١) الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسكُ التي قضى عليها الموتَ ويرسلُ الأخرى إلى أجلٍ مسمى إن في ذلك لآياتٍ لقوم يتفكرون (٤٢) ﴾
٤٢ - ﴿يَتَوَفَّى الأَنفُسَ﴾ يقبض أرواحها من أجسادها ويقبض نفس النائم عن التصرف مع بقاء الروح في الجسد ﴿فَيُمْسِكُ﴾ أرواح الموتى أن تعود إلى أجسادها ويرسل نفس النائم فيطلقها باليقظة للتصرف إلى أجل موتها، أو لكل جسد نفس وروح فيقبض بالنوم النفوس دون الأرواح حتى تتقلب بها وتتنفس ويقبض بالموت الأرواح والنفوس فيمسك نفوس الموتى فلا يردها إلى أجسادها ويرد نفوس النيام إلى أجسادها حتى تجتمع مع روحها إلى أجل موتها " ع "، أو يقبض أرواح النيام بالنوم والأموات بالموت فتتعارف ما شاء الله أن تتعارف فيمسك التي قضى عليها الموت فلا يعديها ويرسل الأخرى فيعديها قاله علي - رضي الله عنه - فما رأته النفس وهي في السماء قبل إرسالها فهي الرؤيا الصادقة وما رأته بعد الإرسال وقبل الاستقرار في الجسد يلقها الشياطين ويخيل لها الأباطيل فهي الرؤيا الكاذبة.
﴿أَمِ اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون (٤٣) قل لله الشفاعة جميعاً له ملك السموات والأرض ثم إليه ترجعون (٤٤) وإذا ذكر اللهُ وحدهُ اشمأزتْ قلوبُ الذين لا يؤمنون بالآخرةِ وإذا ذكرَ الذين من دونهِ إذا هم يستبشرون (٤٥) ﴾
٤٥ - ﴿اشمأزت﴾ انقبضت، أو نفرت، أو استكبرت.
﴿قُلِ اللهم فاطرَ السموات والأرض عالم الغيبِ والشهادة أنتَ تحكمُ بين عبادكَ في ما كانوا فيه يختلفون (٤٦) ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به من سوءِ العذابِ يومَ القيامةِ وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون (٤٧) وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون (٤٨) ﴾
٤٦ - ﴿فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ من الهدى والضلال.
101
﴿فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إلى خولناه نعمةً منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنةٌ ولكن أكثرهم لا يعلمون (٤٩) قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون (٥٠) فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئاتُ ما كسبوا وما هم بمعجزين (٥١) أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقومٍ يؤمنون (٥٢) ﴾
102
٤٩ - ﴿فَإِذَا مّسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ﴾ نزلت في أبي حذيفة بن المغيرة ﴿عَلَى عِلْمٍ﴾ عندي: على خبر عندي، أو بعلمي، أو علمت أن سوف أصيبه [١٦٦ / ب] / أو علم يرضاه عني، أو بعلم علمنيه الله إياه " ح " ﴿بَلْ هِىَ﴾ النعمة، أو مقالته: أوتيته على علم ﴿فِتْنَةٌ﴾ بلاء، أو اختبار ﴿لا يعلمون﴾ البلاء من النعماء.
{قُلْ يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم (٥٣) وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذابُ ثم لا تنصرون (٥٤) واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكمُ العذابُ بغتةً وأنتم لا تشعرون (٥٥) أن تقول نفسٌ يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين (٥٦) أو تقول لو أن الله هداني لكنتُ من المتقين (٥٧) أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرةً فأكونَ
102
من المحسنين (٥٨) بلى قد جاءتك ءاياتي فكذبت بها واستكبرت وكنتَ من الكافرين (٥٩) }
103
٥٣ - ﴿أَسْرَفُواْ﴾ بالشرك ﴿تَقْنَطُواْ) {تيأسوا﴾ (يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} بالتوبة منها " ح "، أو بالعفو عنها إلا الشرك، أو يغفر الصغائر باجتناب الكبائر نزلت والتي بعدها في وحشي قاتل حمزة قال علي: ما في القرآن آية أوسع منها. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] :" ما أحب أن لي الدنيا وما عليها بهذه الآية ".
٥٥ - ﴿أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ﴾ تأدية الفرائض، أو طاعة الله - تعالى - في الحلال والحرام، أو الناسخ دون المنسوخ، أو الأخذ بما أمروا به والكف عما نهوا عنه أو ما أمرهم به في كتابه.
٥٦ - ﴿جَنْبِ اللَّهِ﴾ مجانبة أمره، أو في طاعته، أو في ذكره وهو القرآن، أو في قرب الله من الجنة، أو في الجانب المؤدي إلى رضا الله. والجنب والجانب سواء، أو في طلب القرب من الله ﴿والصاحب بالجنب﴾ [النساء: ٣٦] أي بالقرب ﴿السَّاخِرِينَ﴾ المستهزئين بالقرآن، أو بالنبي والمؤمنين " ع ".
103
﴿وَيَوْمَ القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههمْ مسودةٌ أليس في جهنم مثوى للمتكبرين (٦٠) وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون (٦١) ﴾
104
٦١ - ﴿بِمَفَازَتِهِمْ﴾ بنجاتهم من النار، أو بما فازوا به من الطاعة، أو بما ظفروا به من الإرادة ﴿وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ على ما فاتهم من لذات الدنيا أو لا يخافون سوء العذاب.
﴿اللهُ خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل (٦٢) له مقاليد السموات والأرض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون (٦٣) قل أفغير الله تأمروني أعبدُ أيها الجاهلون (٦٤) ولقد أوحي إليكَ وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين (٦٥) بل الله فاعبد وكن من الشاكرين (٦٦) وما قدروا الله حق قدره والأرضُ جميعاً قبضتهُ يوم القيامة والسموات مطوياتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون (٦٧) ﴾
٦٧ - ﴿وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ﴾ ما عظموه حق عظمته إذ عبدوا الأوثان دونه، أو دعوك إلى عبادة غيره، أو ما وصفوه حق صفته ﴿قبضته﴾ أي هي في مقدوره كالذي يقبض القابض عليه في قبضته ﴿بِيَمِينِهِ﴾ بقوته لأن اليمين القوة، أو في ملكه لقوله ﴿أو ما ملكت أيمانكم﴾ [النساء: ٣].
104
﴿وَنُفِخُ في الصور فصعق من في السموات والأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون (٦٨) وأشرقت الأرض بنور ربها ووضعَ الكتابُ وجائ بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون (٦٩) ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون (٧٠) ﴾
105
٦٨ - ﴿فَصَعِقَ﴾ الصعقة: الغشية، أو الموت عند الجمهور ﴿إِلا مَن شَآءَ اللَّهُ﴾ جبريل وميكائيل وعزرائيل وإسرافيل ثم يقبض ملك الموت أرواحهم بعد ذلك مأثور، أو الشهداء، أو هو الله الواحد القهار. والعجب من الحسن يقول هذا مع أن المشيئة لا تتعلق بالقديم ﴿قِيَامٌ﴾ على أرجلهم ﴿يَنظُرُونَ﴾ إلى البعث الذي أُعيدوا به.
٦٩ - ﴿وَأَشْرَقَتِ﴾ أضاءت ﴿بِنُورِ رَبِّهَا﴾ بعدله، أو بنور قدرته، أو نورٌ خلَقه لإشراق أرضه، أو اليوم الذي يقضي فيه بين الخلق لأنه نهار لا ليل معه ﴿الْكِتَابُ﴾ الحساب، أو كتاب الأعمال ﴿وَالشُّهَدَآءِ﴾ الملائكة الذين يشهدون على أعمال العباد، أو الذين استشهدوا في طاعة [الله]. ﴿بالحق﴾
105
بالعدل ﴿لا يُظْلَمُونَ﴾ بنقص الحسنات، أو الزيادة في السيئات.
﴿وَسِيقَ
{وَسِيقَ الذين كفروا إلى جهنم زمراً حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسلٌ منكم يتلون عليكم ءاياتِ ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمةُ العذابِ على الكافرين (٧١) قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين (٧٢) ﴾
106
٧١ - ﴿زُمَراً﴾ أفواجاً، أو أمماً، أو جماعات، أو جماعات متفرقة بعضها إثر بعض، أو دفعاً وزجراً لصوت كصوت المزمار ومنه قولهم مزامير داود.
﴿وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلامٌ عليكم طبتم فادخلوها خالدين (٧٣) وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العالمين (٧٤) ﴾
٧٣ - ٧٤ - ﴿طِبْتُمْ﴾ بالطاعة، أو بالعمل الصالح، أو على باب الجنة شجرة ينبع من ساقها عينان يشربون من إحداهما فتطهر أجوافهم ويشربون من الأخرى فتطيب أبشارهم فحينئذ يقول ﴿خَزَنَتُهَا سَلامٌ عليكم طبتم فادخلوها خالدين﴾ [١٦٧ / أ] / فإذا دخلوها قالوا ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُ﴾ بالجنة ثواباً على الإيمان، أو بظهور دينه على الأديان وبالجزاء في الآخرة على الإيمان. ﴿وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ﴾ أرض الدنيا، أو أرض الجنة عند الأكثرين سماها ميراثاً لأنها صارت
106
إليهم في آخر الأمر كالميراث، أو لأنهم ورثوها عن أهل النار ﴿نَتَبَوَّأُ﴾ ننزل ﴿حَيْثُ نشاء﴾ من قرار أو علو، أو من منازل، أو مَنَازِه.
﴿وتَرَى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين (٧٥) ﴾
107
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧٣:- -ayah text-primary">﴿ طبتم ﴾ بالطاعة، أو بالعمل الصالح، أو على باب الجنة شجرة ينبع من ساقها عينان يشربون من إحداهما فتطهر أجوافهم ويشربون من الأخرى فتطيب أبشارهم فحينئذ يقول -ayah text-primary">﴿ خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ﴾ فإذا دخلوها قالوا -ayah text-primary">﴿ الحمد لله الذي صدقنا وعده ﴾ بالجنة ثواباً على الإيمان، أو بظهور دينه على الأديان وبالجزاء في الآخرة على الإيمان. -ayah text-primary">﴿ وأورثنا الأرض ﴾ أرض الدنيا، أو أرض الجنة عند الأكثرين سماها ميراثاً لأنها صارت إليهم في آخر الأمر كالميراث، أو لأنهم ورثوها عن أهل النار -ayah text-primary">﴿ نتبوّأ ﴾ ننزل -ayah text-primary">﴿ حيث نشاء ﴾ من قرار أو علو، أو من منازل، أو مَنَازِه.
٧٥ - ﴿حَآفِّينَ﴾ محدقين ﴿يُسَبِّحُونَ﴾ تلذذاً ﴿بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ بمعرفة ربهم " ح "، أو يذكرون بأمر ربهم ﴿وَقَضِىَ﴾ بين بعضهم لبعض، أو بين الرسل والأمم ﴿بِالْحَقِّ﴾ بالعدل ﴿وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ يحمده الملائكة على عدله وقضائه أو يحمده المؤمنون.
107
سورة المؤمن
سُورَةُ غَافِرٍ
مكية، أو إلا آيتين ﴿الذين يجادلون في آيات الله﴾ [الآية: ٣٥] والتي بعدها.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿حم (١) تنزيلُ الكتاب من الله العزيز العليم (٢) غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير (٣) ﴾
108
Icon