تفسير سورة الواقعة

تفسير الثعلبي
تفسير سورة سورة الواقعة من كتاب الكشف والبيان عن تفسير القرآن المعروف بـتفسير الثعلبي .
لمؤلفه الثعلبي . المتوفي سنة 427 هـ
مكية، وهي ألف وسبعمائة وثلاثة أحرف وثلثمائة وثمان وسبعون كلمة وست وتسعون آية
أخبرنا أبو الحسين الخبازي عن مرة، عن الشيخ الحافظ ابن أبي عاصم، حدّثنا عمرو بن عثمان، حدّثنا أبو بكر العطار، حدّثنا السدي بن يحيى عن شجاع عن أبي طيبة الجرجاني قال : دخل عثمان بن عفان على عبدالله بن مسعود يعوده في مرضه الذي مات فيه فقال : ما تشتكي ؟ قال : أشتكي ذنوبي. قال : فما تشتهي ؟ قال : أشتهي رحمة ربي. قال : أفلا ندعو الطبيب ؟
قال : الطبيب أمرضني. قال : أفلا نأمر بعطائك ؟ قال : لا حاجة لي به. قال : أندفعه إلى بناتك ؟ قال : لا حاجة لهنَّ بها ؛ قد أمرتهنَّ أن يقرأن سورة الواقعة، وإني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول :( من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً ).
وأخبرني محمد بن القاسم، حدّثنا عبدالله بن أحمد الشعراني، حدّثنا أحمد بن علي بن رزين، حدّثنا أحمد بن عبدالله العتكي، حدّثنا جرير عن منصور عن هلال بن سياف عن مسروق قال : من أراد أن يتعلم نبأ الأولين والآخرين، ونبأ أهل الجنة ونبأ أهل النار، ونبأ الدنيا ونبأ الآخرة فليقرأ سورة الواقعة.

سورة الواقعة
مكية، وهي ألف وسبعمائة وثلاثة أحرف وثلاثمائة وثمان وسبعون كلمة وست وتسعون آية
أخبرنا أبو الحسين الخبازي عن مرة، عن الشيخ الحافظ ابن أبي عاصم، حدّثنا عمرو بن عثمان، حدّثنا أبو بكر العطار، حدّثنا السدي بن يحيى عن شجاع عن أبي طيبة الجرجاني قال:
دخل عثمان بن عفان على عبد الله بن مسعود يعوده في مرضه الذي مات فيه فقال: ما تشتكي؟
قال: أشتكي ذنوبي. قال: فما تشتهي؟ قال: أشتهي رحمة ربي. قال: أفلا ندعو الطبيب؟
قال: الطبيب أمرضني. قال: أفلا نأمر بعطائك؟ قال: لا حاجة لي به. قال: أندفعه إلى بناتك؟ قال: لا حاجة لهنّ بها قد أمرتهنّ أن يقرأن سورة الواقعة، وإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا» [١٨٤] «١».
وأخبرني محمد بن القاسم، حدّثنا عبد الله بن أحمد الشعراني، حدّثنا أحمد بن علي بن رزين، حدّثنا أحمد بن عبد الله العتكي، حدّثنا جرير عن منصور عن هلال بن سياف عن مسروق قال: من أراد أن يتعلم نبأ الأولين والآخرين، ونبأ أهل الجنة ونبأ أهل النار، ونبأ الدنيا ونبأ الآخرة فليقرأ سورة الواقعة.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ١ الى ١٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (٢) خافِضَةٌ رافِعَةٌ (٣) إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤)
وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (٥) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (٦) وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (٧) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (٩)
وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢)
إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ أي إذا نزلت صبيحة القيامة وتلك النفخة الأخيرة لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ تكذيب ذكره سيبويه، وهو اسم كالعافية والنازلة والعاقبة، عن الفراء. قال الكسائي: هي
(١) بغية الباحث: ٢٢٦، والجامع الصغير: ٢/ ٦٣٤.
199
بمعنى الكذب كقوله لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً أي لغوا، ومنه قول العامة: عائذ بالله أي معاذ الله، وقم قائما أي قياما.
ولبعض نساء العرب ترقص ابنها:
قم قائما قم قائما... أصبت عبدا نائما
خافِضَةٌ أي هي خافضة رافِعَةٌ تخفض قوما إلى النار وترفع آخرين إلى الجنة.
وقال عكرمة والسدي ومقاتل: خفضت الصوت فأسمعت من دنا ورفعت الصوت فأسمعت من نأى يعني أنها أسمعت القريب والبعيد، ورفعت قوما كانوا مذللين فرفعتهم إلى أعلى عليين ووضعت قوما كانوا في الدنيا مرتفعين فوضعتهم إلى أسفل سافلين.
ابن عطاء: خفضت قوما بالعدل ورفعت قوما بالفضل.
إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا أي رجفت وزلزلت وحركت تحريكا من قولهم: السهم يرتجّ في الغرض، بمعنى يهتز ويضطرب.
قال الكلبي: وذلك أن الله عزّ وجل إذا أوحى إليها اضطربت فرقا.
وقال المفسرون: ترجّ كما يرجّ الصبي في المهد حتى ينهدم كل ما عليها، وينكسر كل شيء عليها من الجبال وغيرها.
وأصل الرجّ في اللغة التحريك يقال: رججته فارتجّ [فارتضى عنقه] ورجرجته فترجرج.
وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا أي حثّت حثّا وفتت فتا فصارت كالدقيق المبسوس، وهو المبلول والبسبسة عند العرب الدقيق أو السويق يلتّ ويتخذ زادا.
وذكر عن لصّ من غطفان أنه أراد أن يخبز فخاف أن يعجّل عن الخبز فقال لا تخبزا خبزا وبسّا بسّا ولا تطيلا بمناخ حبسا.
وقال عطاء: أذهبت إذهابا قال سعيد بن المسيب والسدي: كسرت كسرا.
الكلبي: سيّرت عن وجه الأرض تسييرا. مجاهد: لتّت لتّا.
الحسن: قلعت من أصلها فذهبت بعد ما كانت صخرا صماء: نظيرها فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً «١».
عطية: بسطت بسطا كالرمل والتراب.
ابن كيسان: جعلت كثيبا مهيلا بعد أن كانت شامخة طويلة.
(١) سورة طه: ١٠٥.
200
فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا قال ابن عباس: شعاع الشمس حين يدخل من الكوّة.
علي رضي الله عنه: رهج الدوابّ «١».
عطية: ما تطاير من شرر النار، قتادة: حطام الشجر.
وقراءة العامة: مُنْبَثًّا بالثاء أي متفرقا، وقرأ النخعي بالتاء أي منقطعا.
وَكُنْتُمْ أَزْواجاً أصنافا ثَلاثَةً ثم بيّن من هم فقال عز من قائل: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وهم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة.
وقال ابن عباس: وهم الذين كانوا على يمين آدم حين أخرجت الذرية من صلبه. وقال الله [إن] «٢» هؤلاء في الجنة ولا أبالي.
وقال الضحّاك: هم الذين يعطون كتبهم بإيمانهم.
وقال الحسن والربيع: هم الذين كانوا ميامين مباركين على أنفسهم، وكانت أعمارهم في طاعة الله عزّ وجل، وهم التابعون بإحسان.
ثم عجّب نبيه صلّى الله عليه وسلّم فقال: ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وهذا كما يقال: زيد ما زيد، يراد زيد شديد.
وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ أي الشمال، والعرب تسمي اليد اليسرى شؤمى.
قال الشاعر:
السهم والشرى «٣» في شؤمى يديك لهم وفي يمينك ماء المزن «٤» والضرب «٥»
ومنه الشام واليمن لأن اليمن عن يمين الكعبة والشام عن شمالها إذا [دخل الحجر] «٦» تحت الميزاب.
وهم الذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار.
وقيل: هم الذين كانوا على شمال آدم عند إخراج الذرية، وقال الله لهم هؤلاء في النار ولا أبالي.
(١) راجع الجامع لأحكام القرآن: ١٧/ ١٩٧.
(٢) في المخطوط: إنهم.
(٣) كذا في المخطوط.
(٤) المزن: السحاب الأبيض.
(٥) هكذا في الأصل.
(٦) كلمتان غير مقروءتين والظاهر ما أثبتناه.
201
وقيل: هم الذين يؤتون كتبهم بشمائلهم.
وقال الحسن: هم المشائيم على أنفسهم، وكانت أعمارهم في المعاصي.
ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ قال ابن سيرين: هم الذين صلوا القبلتين دليله قوله وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ.
أخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن حمران، حدّثنا أبي، حدّثنا محمد بن داود الدينوري، حدّثنا [.....] «١» عن ابن بن الجارود عن عبد الغفور ابن أبي الصباح عن ابن علي، عن كعب في قول الله عزّ وجل: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ قال: هم أهل القرآن وهم المتوجون يوم القيامة.
وأخبرني الحسين، حدّثنا موسى بن محمد بن علي، حدّثنا أبو شعيب، حدّثنا عبد الله بن الحسن الحراني، حدّثنا يحيى بن عبد الله البابلتي، حدّثنا الأوزاعي قال: سمعت عثمان بن أبي سودة يقول: السَّابِقُونَ أولهم رواحا إلى المسجد وأولهم خروجا في سبيل الله عزّ وجل.
وأخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن ماجة، حدّثنا ابن أيوب، حدّثنا عبد الله بن أبي زياد، حدّثنا سياد بن حاتم، حدّثنا عبد الله بن شميط قال: سمعت أبي يقول: الناس ثلاثة: فرجل ابتكر الخير في حداثة سنه ثم داوم عليه حتى خرج عن الدنيا فهذا السابق المقري، ورجل ابتكر عمره بالذنوب وطول الغفلة ثم تراجع بتوبة فهذا صاحب يمين، ورجل ابتكر الشر في حداثته ثم لم يزل عليه حتى خرج من الدنيا فهذا صاحب الشمال.
وقال ابن عباس: السَّابِقُونَ إلى الهجرة هم السابقون في الآخرة.
وقال علي بن أبي طالب: إلى الصلوات الخمس.
عكرمة: إلى الإسلام. الضحاك: إلى الجهاد. القرظي: إلى كل خير. سعيد بن جبير: هم المسارعون إلى التوبة وإلى أعمال البر. نظيره وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ «٢» سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ «٣».
ثم أثنى عليهم فقال عزّ من قائل أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ الربيع عن أنس: السَّابِقُونَ إلى إجابة الرسول في الدنيا، وهم السابقون إلى الجنة في العقبى.
ابن كيسان: السَّابِقُونَ إلى كل ما دعا الله سبحانه وتعالى إليه.
أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ إلى الله فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ.
(١) كلمة غير مقروءة.
(٢) سورة آل عمران: ١٣٣.
(٣) سورة الحديد: ٢١.
202
أخبرني الحسين، حدّثنا علي بن إبراهيم بن موسى الموصلي، حدّثنا محمد بن مخلد العطار، محمد بن إسماعيل، حدّثنا وكيع، حدّثنا شعبة ومسعر عن سعد بن إبراهيم عن عروة بن الزبير قال: كان يقال «١» : تقدموا تقدموا.
وأخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن ماجة، حدّثنا ابن أيوب، حدّثنا القطواني، حدّثنا سيار، حدّثنا جعفر حدّثني عوف حدّثني رجل من أهل الكوفة قال: بلغني أنه إذا خرج رجل من السابقين المقربين من مسكنه في الجنة كان له ضوء يعرفه من دونه فيقول: هذا ضوء رجل من السابقين المقربين.
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ١٣ الى ٢٩]
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ (١٦) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧)
بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ (١٩) وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ (٢٢)
كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (٢٣) جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (٢٥) إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً (٢٦) وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (٢٧)
فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩)
ثُلَّةٌ جماعة مِنَ الْأَوَّلِينَ أي الأمم الماضية وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ أمّة محمد صلّى الله عليه وسلّم عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ مرمولة منسوجة مشبكة بالذهب والجواهر، قد اتّصل بعضها في بعض، كما توضن حلق الدرع [......] «٢» بعضها في بعض مضاعفة.
ومنه قول الأعشى:
ومن نسج داود موضونة تساق مع الحيّ عيرا فعيرا «٣»
وقال أيضا:
وبيضاء كالنهي موضونة لها قونس فوق جيب البدن «٤»
ومنه وضين الناقة وهو البطان من السيور إذا نسج بعضه على بعض مضاعفا كحلق الدرع.
قال الكلبي: طول كل سرير ثلاثمائة ذراع، فإذا أراد العبد أن يجلس عليها تواضعت فإذا جلس عليها ارتفعت.
وقال الضحاك: مَوْضُونَةٍ مصفوفة، وهي رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. يقال:
آجر موضون إذا صفّ بعضها على بعض.
(١) كذا في المخطوط والصواب: يقول.
(٢) بياض في المخطوط. [.....]
(٣) لسان العرب: ١٣/ ٤٥٠.
(٤) تفسير القرطبي: ٨/ ٣٨٠.
203
مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ في الزيارة لا ينظر بعضهم في قفا بعض يَطُوفُ عَلَيْهِمْ للخدمة وِلْدانٌ غلمان مُخَلَّدُونَ أي لا يموتون عن مجاهد، وقال الكلبي: لا يهرمون ولا يكبرون ولا ينقصون ولا يتغيرون، وليس كخدم الدنيا يتغيرون من حال إلى حال.
ابن كيسان: يعني [ولدانا مخلدين] «١» لا يتحولون من حالة إلى حالة، عكرمة: منعمون.
سعيد بن جبير: مقرّطون.
قال المؤرّخ: ويقال للقرط الخلد.
قال الشاعر:
ومخلدات باللجين كأنما أعجازهن أفاوز الكثبان «٢»
وقال علي والحسن: «هم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها ولا سيئات فيعاقبوا عليها، لأن الجنة لا ولادة فيها» «٣».
وفي الحديث: «أطفال الكفار خدم أهل الجنة» «٤».
بِأَكْوابٍ جمع كوب وَأَبارِيقَ جمع إبريق، سمي بذلك لبريق لونه وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ خمر جارية لا يُصَدَّعُونَ عَنْها لا تصدّع رؤوسهم عن شربها وَلا يُنْزِفُونَ وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ يختارون ويشتهون.
أخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن حبش، حدّثنا ذكّار، حدّثنا هناد، حدّثنا أبو معونة عن عبيد الله بن الوليد عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن في الجنة لطيرا فيه سبعون ألف ريشة، فيجيء فيقع على صحيفة الرجل من أهل الجنة ثم ينتفض، فيخرج من كل ريشة لون أبيض من الثلج والبرد وألين من الزبد وأعذب من الشهد ليس فيه لون يشبه صاحبه ثم يطير فيذهب» [١٨٥] «٥».
وَحُورٌ عِينٌ قرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي والمفضل بكسر الواو والنون أي وبحور عين، أتبعوا الآخر الأول في الا عراب على اللفظ وإن اختلفا في المعنى، لأن الحور لا يطاف بهنّ، كقول الشاعر:
إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا «٦»
(١) في المخطوط: مخلدين ولدانا.
(٢) لسان العرب: ٣/ ١٦٤.
(٣) كنز العمال: ١٤/ ٤٩٨ ح ٣٩٤١٢ وفيه عن الحسن بن علي.
(٤) المصدر السابق وفيه: هم خدم أهل الجنة.
(٥) كنز العمال: ١٤/ ٤٦٢- ٤٦٣، والدر المنثور: ٦/ ١٥٦.
(٦) تفسير الطبري: ٢٧/ ٢٢٩.
204
والعين لا تزجج وإنما تكحل.
وقال الآخر: متقلدا سيفا ورمحا، ومثله كثير.
وقرأ إبراهيم النخعي واشهب العقيلي: (وحورا عينا) بالنصب، وكذلك هو في مصحف أبيّ، على معنى: ويزوّجون حورا عينا. وقال الأخفش: رفع بخبر الصفة، أي لهم حور عين.
وقيل: هو ابتداء وخبره فيما بعده.
أخبرنا الحسين، حدّثنا محمد بن الحسن بن صقلاب، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن بشير ابن يوسف بن النضر، حدّثنا بكر بن سهل الدمياطي، حدّثنا عمرو بن هاشم، حدّثنا سليمان بن أبي كرعة، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله أخبرني عن قول الله عزّ وجل حُورٌ عِينٌ؟ قال: «حور بيض عين ضخام العيون» [١٨٦] «١».
أخبرنا ابن فنجويه، حدّثنا ابن صقلاب، حدّثنا أبو بكر بن أبي الخصيب حدّثني محمد بن غالب حدّثنا الحرث بن خليفة، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «خلق الحور العين من الزعفران» [١٨٧] «٢».
وأخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن يودة، حدّثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك البزاز، حدّثنا سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل، حدّثنا خالد بن يزيد، عن أبي مالك، عن أبيه عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من عبد يدخل الجنة إلّا وهو يزوّج ثنتين وسبعين زوجة، ثنتين من الحور العين وسبعين من ميراثه من أهل النار، وليس منهن امرأة إلّا ولها قبل شهيّ وله ذكر لا ينثني» [١٨٨] «٣».
وأخبرني ابن فنجويه، حدّثنا أحمد بن محمد بن علي، حدّثنا عثمان بن نصر البغدادي، حدّثنا محمد بن مهاجر أبو حنيف، حدّثنا حلبس بن محمد الكلابي، حدّثنا سفيان الثوري، عن منصور أو المغيرة، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يسطع نور في الجنة فقالوا: ما هذا؟ قالوا: ضوء ثغر حوراء ضحكت في وجه زوجها» [١٨٩] «٤».
وروي أن الحوراء إن مشت سمع تقديس الخلاخيل من ساقيها وتمجيد الأسورة من ساعديها، وإن عقد الياقوت يضحك من نحرها، وفي رجليها نعلان من ذهب شراكها من لؤلؤ تصرّان بالتسبيح.
(١) تفسير ابن كثير: ٤/ ٣١٢، والمعجم الأوسط ٣/ ٢٧٨ بتفاوت.
(٢) المعجم الأوسط: ١/ ٩٥، وتفسير الطبري: ٢٧/ ٢٣١.
(٣) سنن ابن ماجة: ٢/ ١٤٥٢ ح ٤٣٣٧.
(٤) تاريخ بغداد: ١١/ ١٦٣.
205
وكان يحيى بن معاذ الرازي يقول: اخطب زوجة [لا تسلبها] منك المنايا، وأعرس بها في دار لا يخربها دوران البلايا وشبّك لها حجلة لا تحرقها نيران الرزايا.
وقال مجاهد: سميت حورا لأنه يحار فيهن الطرف.
كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ المخزون في الصدف الذي لم تمسّه الأيدي جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً في نصبهما وجهان:
أحدهما: إتباع للقيل.
والثاني: على «١» (يسمعون سلاما)، ثم رجع إلى ذكر منازل أصحاب الميمنة فقال وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ لا شوك فيه، كأنه خضّد شوكها أي قطع ونزع.
ومنه
الحديث في المدينة: «لا يخضد شوكها ولا يعصر شجرها»
«٢» وهذا قول ابن عباس وعكرمة وقسامة بن زهير.
وقال الحسن: لا تعقر الأيدي. قتادة: هو الذي لا يرد اليد منها شوك ولا بعد.
وقال الضحّاك ومجاهد ومقاتل بن حيان: هو الموقر حملا.
قال سعيد بن جبير: ثمرها أعظم من الفلال. وقال ابن كيسان: هو الذي لا أذى فيه.
قال: وليس شيء من ثمر الجنة في غلف كما تكون في الدنيا من الباقلاء وغيره، بل كلها مأكول ومشروب ومشموم ومنظور إليه.
قال أبو العالية والضحّاك: نظر المسلمون إلى وجّ وهو واد مخصب بالطائف، وأعجبهم سدرها.
وقالوا: يا ليت لنا مثل هذا، فأنزل الله عزّ وجل وَطَلْحٍ وموز واحدتها طلحة، عن أكثر المفسرين.
وقال الحسن: ليس هو موزا ولكنه شجر له ظلّ بارد طيب.
وقال الفراء وأبو عبيدة: الطلح عند العرب شجر عظام لها شوك.
قال بعض الحداة:
بشرها دليلها وقالا... غدا ترين الطلح والجبالا
(١) فيكون نصبه بوقوع القيل عليه.
(٢) التبيان في تفسير القرآن: ٩/ ٤٩٦. [.....]
206
وأخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن حيان، حدّثنا ابن مروان، حدّثنا أبي، حدّثنا إبراهيم بن عيسى، حدّثنا علي بن علي قال: زعم أبو حمزة الثمالي عن الحسن مولى الحسن بن علي أن عليا قرأ: وطلع منضود.
وأنبأني عقيل، أنبأنا المعافي محمد بن جرير، حدّثنا سعيد بن يحيى، حدّثنا أبي، حدّثنا مجالد عن الحسن بن سعد عن قيس بن سعد قال: قرأ رجل عند علي رضي الله عنه وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ فقال علي: «وما شأن الطلح؟ إنما هو طلع منضود» «١» ثم قرأ «طَلْعٌ [نَضِيدٌ] منضود».
فقلت: إنها في المصحف بالحاء فلا تحوّلها؟ فقال: «إن القرآن لا يهاج [اليوم] ولا يحوّل» «٢».
والمنضود: المتراكم الذي قد نضد بأكمله من أوله إلى آخره، ليست له سوق بارزة.
قال مسروق: أشجار الجنة من عروقها إلى أغصانها ثمر كله.
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٣٠ الى ٣٧]
وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (٣١) وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤)
إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦) عُرُباً أَتْراباً (٣٧)
وَظِلٍّ مَمْدُودٍ دائم لا تسخنه الشمس.
قال الربيع: يعني ظل العرش. عمرو بن ميمون: مسيرة سبعين ألف سنة.
قال أبو عبيدة: تقول العرب للدهر الطويل والعمر الطويل، وللشيء الذي لا ينقطع:
ممدود.
قال لبيد:
غلب العزاء وكنت غير مقلب دهر طويل دائم ممدود «٣»
حدّثنا أبو محمد مهدي بن عبد الله بن القاسم بن الحسن العلوي إملاء في شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، حدّثنا أبو بكر جعفر بن محمد الحجاج حدّثني محمد بن يونس الكديمي، حدّثنا أبو عامر العقدي، حدّثنا زمعة بن صالح عن سلمة عن عكرمة عن ابن عباس في قوله وَظِلٍّ مَمْدُودٍ قال: شجرة في الجنة على ساق يخرج إليها أهل الجنة، أهل الغرف وغيرهم فيتحدثون في أصلها ويتذكر بعضهم ويشتهي بعضهم لهو الدنيا فيرسل الله عزّ وجل عليها ريحا من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا.
(١) تفسير الطبري: ٢٧/ ٢٣٤ وفيه: ثم قرأ: طلعها هضيم، فقلنا: أولا نحولها.
(٢) تفسير القرطبي: ١٧/ ٢٠٨.
(٣) تفسير القرطبي: ١٧/ ٢٠٩ وفي جامع البيان للطبري (البقاء) بدل (العزاء) : ٢٧/ ٢٣٦.
207
وأخبرني ابن فنجويه، حدّثنا محمد بن حبيش بن عمر المقرئ، حدّثنا ذكار بن الحسن، حدّثنا هناد بن السري، حدّثنا عبدة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة لا يقطعها، اقرءوا إن شئتم قول الله عزّ وجل: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ» [١٩٠] «١».
وَماءٍ مَسْكُوبٍ مصبوب يجري دائما في غير أخدود لا ينقطع.
أخبرني الحسين، حدّثنا عبد الله بن يوسف، حدّثنا محمد بن موسى الحلواني، حدّثنا خزيمة بن أحمد الباوردي، حدّثنا إسحاق بن إسماعيل، حدّثنا الحسين بن علي الجعفي، حدّثنا مزاحم بن داود بن علبة «٢» قال: مات أخ لي وكان بارا بأمّه فرأيته فيما يرى النائم فقلت له: أي أخي إن أخاك يحب أن يعلم إلى أي شيء صرت؟
فقال لي: أنا فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ، وَظِلٍّ مَمْدُودٍ وَماءٍ مَسْكُوبٍ.
وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ بالأزمان وَلا مَمْنُوعَةٍ بالأثمان.
وقال القتيبي: لا محظور عليها كما يحظر على بساتين الدنيا. وقيل: لا تنقطع الثمرة إذا جنيت، بل تخرج مكانها مثلها.
أخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن شيبة، حدّثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدّثنا محمد بن حسان الأزرق، حدّثنا ريحان بن سعيد، حدّثنا عباد بن كثير عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما قطعت من ثمار الجنة إلّا أبدل الله مكانها ضعفين» [١٩١].
وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ
أخبرنا أبو علي بن أبي عمرو الجيري الجرشي، حدّثنا أبي، حدّثنا الحسن بن هارون، حدّثنا عمار بن عبد الجبار، حدّثنا رشيد، ح «٣».
وأخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن حبش، حدّثنا أبو عبد الرحمن الشائي، حدّثنا أبو كريب، حدّثنا رشد بن سعد عن عمرو بن الحرث عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قوله وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ قال: «إن ارتفاعها لكما بين السماء والأرض، وإن ما بين السماء والأرض لمسيرة خمسمائة عام» [١٩٢] «٤».
(١) المصنف لعبد الرزاق: ١١/ ٤١٧، ومسند أبي الجعد: ١٧٧.
(٢) في كتب الرجال: محمد بن غلبة، تهذيب التهذيب: ١٠/ ٩٠ رقم ١٨٣.
(٣) هذا الحرف علامة توضع بين سندين للدلالة على اشتراكهما في الراوي الذي بعدها: أنظر معجم الرموز والإشارات: ١١٥- ١١٦.
(٤) تفسير الطبري: ٢٧/ ٢٤٠
208
وقال أبو امامة الباهلي: لو طرح فراش من أعلاها إلى أسفلها لم يستقر إلّا بعد سبعين خريفا.
وقال علي بن أبي طالب: مَرْفُوعَةٍ على الأسرة.
وقيل: إنه أراد بالفرش النساء، والعرب تسمي المرأة فراشا ولباسا وإزارا على الاستعارة، لأن الفرش محل للنساء مَرْفُوعَةٍ رفعن بالجمال والفضل على نساء أهل الدنيا.
ودليل هذا التأويل قوله في عقبه إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عذارى عُرُباً عرائس متحببات إلى أزواجهن. قاله الحسن وقتادة وسعيد بن جبير وهي رواية الوالبي عن ابن عباس وعكرمة عنه ملقة. وقال عكرمة: غنجة.
ابن بريدة: الشركلة بلغة مكة. والمغنوجة بلغة المدينة.
وأخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمد الحافظ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان، حدّثنا عبيد الله بن ثابت بن أحمد، حدّثنا أبو سعيد الأشج، حدّثنا ابن يمان عن اسامة بن زيد عن أبيه عُرُباً قال: حسنات الكلام.
وأخبرني أبو عبد الله الحافظ أحمد بن محمد بن إسحاق السنيّ، حدّثنا حامد بن شعيب البلخي، حدّثنا سريج بن يونس، هشام، حدّثنا مغيرة عن عثمان عن تيم بن حزام قال: هي الحسنة التبعل وكانت العرب تقول للمرأة إذا كانت حسنة التبعل إنها لعربة واحدتها عروب.
أَتْراباً مستويات في السنّ.
عن ابن فنجويه، حدّثنا ابن شنبه، الفراتي، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «يدخل أهل الجنة الجنة مردا بيضا جعادا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين على خلق آدم، طوله ستون ذراعا في سبعة أذرع» «١» [١٩٣].
قال المفسرون: هذه صفات نساء الدنيا ومعنى قوله أَنْشَأْناهُنَّ خلقناهن بعد الخلق الأول، وبهذا جاءت الأخبار.
أخبرني الحسين، محمد بن الحسن الثقفي، حدّثنا محمد بن الحسن بن علي اليقطيني، حدّثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد العقيلي، حدّثنا صفوان بن صالح، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا عبد العزيز بن الحصين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على عائشة وعندها عجوز من بني عامر فقال: «من هذه العجوز عندك يا عائشة؟» قالت: إحدى خالاتي يا رسول الله فقال: «إن الجنة لا تدخلها عجوز» فبلغ ذلك من
(١) مسند أحمد: ٢/ ٣٤٣ وفيه: سبعون ذراعا، وفي لفظ له متفاوت ص ٢٩٥: ستون ذراعا.
209
العجوز كل مبلغ، فلما رجع النبي صلّى الله عليه وسلّم ذكرت له عائشة ما لقيت العجوز فقال: «إنها إذا دخلت الجنة أنشئت خلقا آخر» [١٩٤] «١».
وأخبرني الحسين، حدّثنا أبو زرعة أحمد بن الحسين بن علي الرازي، حدّثنا أبو علي الحسين بن إسماعيل الفارسي نزيل بخارى، حدّثنا عيسى بن عمرو بن [ميمون] البخاري حدّثنا المسيب بن إسحاق، حدّثنا عيسى بن موسى غنجار، حدّثنا إسماعيل بن أبي زياد عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أم سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم إنها قالت: سألت النبي صلّى الله عليه وسلّم عن قوله تعالى إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً. فقال: «يا أم سلمة، هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز شمطا عمشا رمصا جعلهن الله عزّ وجل بعد الكبر أَتْراباً على ميلاد واحد في الاستواء» [١٩٥] «٢».
وأخبرني الحسين بن محمد، حدّثنا موسى بن محمد، حدّثنا الحسن بن علوية، حدّثنا إسماعيل بن عيسى، حدّثنا المسيب بن شريك إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً.
قال: هنّ عجائز الدنيا أنشأهن الله عزّ وجل خلقا جديدا، كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا، فلما سمعت عائشة قالت: وا وجعا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس هناك وجع» [١٩٦] «٣».
وأخبرني الحسين، حدّثنا محمد بن علي بن الحسن الصوفي أبو مسلم الكجيّ، حدّثنا حجاج، حدّثنا مبارك، حدّثنا الحسن بن أبي الحسن إن امرأة عجوزا [كبيرة] «٤» أتت النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة. قال: «يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها العجائز» فولت وهي تبكي.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أخبروها ليست يومئذ بعجوز «٥» فإن الله عزّ وجل قال إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً» [١٩٧] «٦».
وبإسناد المسيب، حدّثنا عبد الرحمن الأفريقي عن سعد بن مسعود قال: إذا دخلت الجنة نساء الدنيا فضّلن على الحور العين بصلاتهن في الدنيا.
وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن الطيب، حدّثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن
(١) مجمع الزوائد: ١٠/ ٤١٩، والشمائل المحمدية: ١٩٩ بتفاوت.
(٢) المعجم الكبير: ٢٣/ ٣٦٨، وتفسير القرطبي: ١٧/ ٢١٠.
(٣) تفسير القرطبي: ١٧/ ٢١١.
(٤) في المخطوط: كبيرا.
(٥) في المصدر زيادة: وإنها يومئذ شابة.
(٦) تفسير مجاهد: ٢/ ٦٤٨. [.....]
210
منصور، حدّثنا أبو بكر محمد بن سليمان بن الحرث الواسطي ببغداد، حدّثنا خلاد بن يحيى بن صفوان السلمي، حدّثنا سفيان الثوري عن يزيد بن ابان عن أنس بن مالك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في قوله إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً قال: «عجائزكنّ في الدنيا عمشا رمصا فجعلهن إبكارا» «١».
وقيل هي الحور العين.
أخبرنا ابن فنجويه، حدّثنا عمر بن الخطاب، حدّثنا محمد بن عبد العزيز بن عبد الملك العثماني، حدّثنا العباس، حدّثنا الوليد عبد الله بن هارون عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «خلق الحور العين من تسبيح الملائكة فليس فيهن أذى»
«٢» [١٩٨] قال الله عزّ وجل إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً عواشق لأزواجهن أَتْراباً.
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٣٨ الى ٧٨]
لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠) وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢)
وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧)
أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢)
فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦) نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ (٥٧)
أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (٥٩) نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ (٦١) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ (٦٢)
أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧)
أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ (٧٠) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (٧٢)
نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (٧٣) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤) فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧)
فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (٧٨)
لِأَصْحابِ الْيَمِينِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ يعني من الأمم الماضية وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ من أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم.
أخبرني الحسين، حدّثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدقاق، حدّثنا محمد بن الوليد القرشي وعيسى بن المساور واللفظ له قالا: حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا عيسى بن موسى أبو محمد وغيره، عن عروة بن دويم قال: لما أنزل الله عزّ وجل على رسوله ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ بكى عمر رضي الله عنه فقال: يا نبي الله ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ؟ آمنا برسول الله وصدقناه ومن ينجو منّا قليل فأنزل الله عزّ وجل ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ فدعا رسول الله عمر فقال: «يا بن الخطاب قد أنزل الله عز وجل فيما قلت، فجعل: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ.
فقال عمر: رضينا عن ربنا ونصدق نبينا.
(١) تفسير ابن كثير: ٤/ ٣١٢.
(٢) كنز العمال: ١٤/ ٥١٩ ح ٣٩٤٦٨.
211
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من آدم إلينا ثلة ومني إلى [يوم] القيامة ثلة ولا يستتمها إلّا سودان من رعاة الإبل من قال لا إله إلّا الله» [١٩٩] «١».
وأخبرني عقيل أن أبا الفرج أخبرهم عن محمد بن جرير، حدّثنا بشر، حدّثنا يزيد، حدّثنا سعيد عن قتادة قال الحسن: حدّثني عمر بن أبي حصين عن عبد الله بن مسعود قال: تحدثنا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلة حتى أكرينا الحديث ثم رجعنا إلى أهلنا فلما أصبحنا غدونا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «عرضت عليّ الأنبياء الليلة بأتباعها من أمتها، وكان النبي يجيء معه الثلاثة من أمته والنبي معه العصابة من أمّته والنبي معه النفر من أمّته والنبي معه الرجل من أمته والنبي ما معه من أمّته أحد حتى أتى موسى في كبكبة بني إسرائيل، فلما رأيتهم أعجبوني فقلت: أي رب من هؤلاء؟ قيل: هذا أخوك موسى بن عمران ومن حفه من بني إسرائيل.
قلت: ربي فأين أمتي؟ قيل: انظر عن يمينك فإذا ظراب «٢»
مكة قد سدّت بوجوه الرجال.
فقلت: من هؤلاء؟ فقيل: هؤلاء أمّتك أرضيت؟ فقلت: رب رضيت، قيل: انظر عن يسارك فإذا الأفق قد سدّ بوجوه الرجال.
فقلت: رب من هؤلاء؟ قيل: هؤلاء أمتك أرضيت؟ قلت: رب رضيت، فقيل: إن مع هؤلاء سبعين ألفا من أمتك يدخلون الجنة. لا حساب عليهم.
قال: فأنشأ كاشة بن محصن- رجل من بني أسد بن خزيمة فقال: يا نبي الله ادع ربك أن يجعلني منهم فقال: «اللهم اجعله منهم» ثم أنشأ رجل آخر فقال: يا نبي الله ادع ربك أن يجعلني منهم.
قال: «سبقك بهما عكاشة».
فقال صلّى الله عليه وسلّم: «فداكم أبي وامي إن استطعتم أن تكونوا من السبعين فكونوا، وإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الظراب، فإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الأفق، فإني قد رأيت ثم أناسا يتهاوشون كثيرا».
قال: فقلت: من هؤلاء السبعون ألفا؟ فاتفق رأينا على أنهم أناس ولدوا في الإسلام فلم يزالوا يعملون به حتى ماتوا عليه فنهي حديثهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «ليس كذلك ولكنهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ».
ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إني لأرجو أن يكون من تبعني من امتي ربع أهل الجنة» فكبّرنا ثم
(١) أسباب نزول الآيات: ٢٧٠.
(٢) الظراب: الجبال، والظرب من الحجارة ما كان أصله ناتئا في جبل أو أرض حزنة، كتاب العين: ٨/ ١٥٩، وقيل: هي الروابي الصغار، الصحاح: ١/ ١٧٤- الظرب.
212
قال: «إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة» فكبّرنا. ثم قال: «إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة» ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ [٢٠٠] «١».
وقال أبو العالية ومجاهد وعطاء بن أبي رباح والضحّاك ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ يعني من سابقي هذه الأمة وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ من هذه الأمة في آخر الزمان.
يدل عليه ما
أخبرنا الحسين بن محمد، حدّثنا أحمد بن محمد بن إسحاق السني، حدّثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب محمد بن كثير، حدّثنا سفيان عن أبان بن أبي عياش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في هذه الآية ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هما جميعا من أمتي» [٢٠١] «٢».
وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ فِي سَمُومٍ ريح حارة وَحَمِيمٍ ماء حار وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ دخان شديد السواد. تقول العرب: أسود يحموم إذا كان شديد السواد.
وأنشد قطرب:
وما قد شربت ببطن [مكة] فراتا لمد كاليحموم جاري
وقال ابن بريدة: اليحموم جبل في جهنم يستغيث إلى ظله أهل النار «٣» لا بارِدٍ بل حار لأنه من دخان سعير جهنم وَلا كَرِيمٍ ولا عذب عن الضحّاك، سعيد ابن المسيب والحسن: نظيره: مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ «٤».
مقاتل: طيب. قتادة: لا بارِدٍ المنزل وَلا كَرِيمٍ المنظر.
قال الفراء: يجعل الكريم تابعا لكل شيء نفت عنه فعلا فيه ذم «٥».
وقال ابن كيسان: اليحموم اسم من أسماء النار. وقال الضحّاك: النار سوداء وأهلها سود وكل شيء فيها أسود.
إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ في الدنيا مُتْرَفِينَ منعّمين وَكانُوا يُصِرُّونَ يقيمون عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ على الذنب الكبير، وهو الشرك.
(١) مسند أحمد: ١/ ٤٢٠ وفيه الى قوله: سبقك بها عكاشة، وتاريخ جرجان: ٣٧٣، والمستدرك: ٤/ ٥٧٨.
(٢) جامع البيان للطبري: ٢٧/ ٢٤٩.
(٣) تفسير القرطبي: ١٧/ ٢١٣.
(٤) سورة الشعراء: ٧.
(٥) كقولهم: ما هذه بدار واسعة ولا كريمة.
213
وقال أبو بكر الأصم: كانوا يقسمون أن لا بعث، وأن الأصنام أنداد لله وكانوا يقيمون عليه فذلك حنثهم.
وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ لحق أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ثم يقال لهم: إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ.
قرأ أهل المدينة وعاصم وحمزة والأعمش وأيوب: (شُرْبَ) بضم الشين، واختاره أبو حاتم، وقرأ الباقون: بفتحه، واختاره أبو عبيد.
وروي عن الكسائي عن يحيى بن سعيد عن جريج إنه قال: ذكرت لجعفر بن محمد قراءة أصحاب عبد الله (شَرْبَ الْهِيمِ) بفتح الشين، فقال: «أما بلغك إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث بديل بن ورقاء الخزاعي إلى أهل منى في أيام التشريق فقال: «إنها أيام أكل وشرب» [٢٠٢] «١».
ويقال هي بفتح الشين [و.......] «٢» وهما لغتان جيدتان.
تقول العرب: شربت شربا وشربا وشربا بضمتين.
وقال أبو زيد الأنصاري: سمعت العرب تقول: شربت شربا، بكسر الشين.
وأما (الهيم) فالإبل العطاش. وقال عكرمة وقتادة: هو داء بالإبل لا تروى [معه] «٣» ولا تزال تشرب حتى تهلك ويقال لذلك الداء الهيام، ويقال: حمل أهيم وناقة هيماء وإبل هيم.
قال لبيد:
أجزت على معارفها بشعث وأطلاح من المهري هيم «٤»
وقال الضحّاك وابن عيينة وابن كيسان: الهيم الأرض السهلة ذات الرمل.
هذا نُزُلُهُمْ رزقهم وغذاؤهم وما أعدّ لهم يَوْمَ الدِّينِ نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ بالبعث أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ تصبون في الأرحام من النطف؟.
وقرأ أبو السماك: (تَمْنُونَ) بفتح التاء وهما لغتان.
أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ نَحْنُ قَدَّرْنا [قرأ مجاهد وحميد وابن محيصن (قَدَرْنا)
(١) مجمع الزوائد: ٣/ ٢٠٤، والمعجم الأوسط: ٧/ ١٦٩.
(٢) كلمة غير مقروءة.
(٣) في المخطوط: معها.
(٤) تفسير القرطبي: ١٧/ ٢١٥.
214
بتخفيف الدال] «١»، الباقون بالتشديد بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ فمنكم من يعيش إلى أن يبلغ الهرم، ومنكم من يموت شابا وصبيا صغيرا وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عاجزين عن إهلاككم عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ
أو إبدالكم بامثالكم وَنُنْشِئَكُمْ
ونخلقكم فِي ما لا تَعْلَمُونَ
من الصور. قال مجاهد: في أي خلق شئنا.
وقال سعيد بن المسيب فِي ما لا تَعْلَمُونَ
يعني في حواصل طير تكون ببرهوت كأنها الخطاطيف، وبرهوت واد باليمن. وقال الحسن وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ
أي نبدل صفاتكم ونجعلكم قردة وخنازير كما فعلنا بمن كان قبلكم.
وقال السدي: نخلقكم في سوى خلقكم.
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الخلقة الْأُولى ولم تكونوا شيئا، فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ أي قادر على إعادتكم كما قدرت على إبدائكم.
وقال الحسين بن الفضل في هذه الوجوه: وإن كانت غير مردودة، فالذي عندي في هذه الآية وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى
أي خلقتكم للبعث بعد الموت من حيث لا تعلمون كيف شئت وذلك أنكم علمتم النشأة الأولى كيف كانت في بطون الأمهات وليست الأخرى كذلك.
أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أي تثيرون الأرض وتعملون فيها وتطرحون البذر أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ تنبتونه أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ؟.
أخبرني الحسين، حدّثنا عمر بن محمد بن علي الزيات، حدّثنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الرحمن بن مرزوق، حدّثنا مسلم بن أبي مسلم الجرمي، حدّثنا مخلد بن الحسين عن هشام ابن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يقولن أحدكم: زرعت وليقل حرثت» [٢٠٣] «٢».
قال أبو هريرة: ألم تسمعوا قول الله عزّ وجل أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ.
لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً هشيما لا ينتفع به في مطعم وغذاء. وقال مرة: يعني نبتا لا قمح فيه.
فَظَلْتُمْ قرأت العامة بفتح الظاء. وقرأ عبد الله بكسره: والأصل ظللتم، فحذف إحدى
(١) زيادة عن تفسير القرطبي: ١٧/ ٢١٦ وفي المخطوط: نخفيف مكيّ. [.....]
(٢) تفسير القرطبي: ١٧/ ٢١٨.
215
اللامين تخفيفا، فمن فتحه فعلى الأصل ومن كسره نقل حركة اللام المحذوفة إلى الظاء.
تَفَكَّهُونَ قال يمان: تندمون على نفقاتكم، نظيره فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها «١».
قتادة: تعجبون. عكرمة: تلاومون. الحسن: تندمون على ما سلف منكم من معصية الله التي أوجبت لكم عقوبته حتى نالكم في زرعكم ما نالكم. ابن زيد: تتفجّعون. ابن كيسان:
تحزنون.
قال: وهو من الأضداد. تقول العرب: تفكهت: أي تنعّمت، وتفكهت: أي حزنت.
قال الفراء: تَفَكَّهُونَ وتفكنون واحد، والنون لغة عكل «٢».
وقيل: التفكه التكلم فما لا يعنيك، ومنه قيل للمزاح: فكاهة.
إِنَّا قرأ عاصم برواية أبي بكر والمفضل بهمزتين. الباقون على الخبر. ومجاز الآية فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ وتقولون إِنَّا لَمُغْرَمُونَ قال مجاهد وعكرمة: لمولع بنا. قال ابن عباس وقتادة: يعذبون، والغرام: العذاب.
ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: ملقون للشر. مقاتل بن حيان: مهلكون.
وقال الضحّاك: غرّمنا أموالنا وصار ما أنفقنا غرمنا عليه. مرة الهمداني: محاسبون.
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ محدودون [ممنوعون] «٣» محارفون، والمحروم ضد المرزوق.
قال أنس بن مالك: مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأرض الأنصار فقال: «ما يمنعكم من الحرث؟
قالوا: الجدوبة. قال: «فلا تفعلوا فإن الله عزّ وجل يقول: أنا الزارع إن شئت زرعت بالماء وإن شئت زرعت بالريح وإن شئت زرعت بالبذر»
«٤» [٢٠٤] ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ الآيات.
أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ السحاب، واحدتها مزنة.
قال الشاعر:
فنحن كماء المزن ما في نصابنا كهام ولا فينا يعدّ بخيل «٥»
(١) سورة الكهف: ٤٢.
(٢) عكل: قبيلة من العرب وقيل: عضل.
(٣) في المخطوط: ممنّعون بتشديد النون وفتحها.
(٤) تفسير القرطبي: ١٧/ ٢٢٠.
(٥) تفسير القرطبي: ١٧/ ٢٢٠.
216
أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً قال ابن عباس: شديد الملوحة. وقال الحسن: قعاعا مرا.
فَلَوْلا تَشْكُرُونَ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ تقدحون وتستخرجون من زندكم أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها التي تقدح منها النار وهي المرخ والعفار أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ المخترعون؟
نَحْنُ جَعَلْناها يعني نار الدنيا تَذْكِرَةً للنار الكبرى.
أخبرنا ابن سعيد بن حمدون، حدّثنا ابن الشرقي، حدّثنا محمد بن يحيى وعبد العزيز بن بشير وأحمد بن يوسف قالوا: حدّثنا عبد الرزاق، حدّثنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدّثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ناركم هذه التي توقد بنو آدم جزءا من سبعين جزءا من حرّ جهنم».
قالوا: والله إن كانت لكافيتنا برسول الله. قال: «فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرّها» «١» [٢٠٥].
وَمَتاعاً بلغة ومنفعة لِلْمُقْوِينَ المسافرين النازلين في الأرض القيّ والقوى، وهي القفر الخالية البعيدة من العمران والأهلين، يقال: أقوت الدار إذا دخلت من سكانها.
قال الشاعر:
أقوى وأقفر من نعم وغيّرها هوج الرياح بهابي الترب موار «٢»
وقال النابغة:
يا دارميّة بالعلياء فالسند بها أقوت وطال عليها سالف الأبد «٣»
هذا قول أكثر المفسرين، وقال مجاهد لِلْمُقْوِينَ يعني للمستمتعين من الناس أجمعين، المسافرين والحاضرين يستضيء بها في الظلمة ويصطلي بها في البرد وينتفع بها في الطبخ والخبز ونتذكر بها نار جهنم فنستجير الله منها.
وقال الحسن: بلغة المسافرين يبلغون بها إلى أسفارهم يحملونها في الخرق والجواليق.
وقال الربيع والسدي: يعني للمرملين المعترين الذين لا زاد معهم، نارا يوقدون فيختبزون بها، وهي رواية العوفي عن ابن عباس. قال ابن زيد: للجائعين. تقول العرب: أقويت مذ كذا وكذا أي ما أكلت شيئا.
(١) صحيح مسلم: ٨/ ١٤٩.
(٢) الهوج: الريح التي تستوي في هبوبها، والهابي من هباء الغبار أي سطع، وموار: تحرك بسرعة، والبيت في تفسير الطبري: ٢٧/ ٢٦٤.
(٣) ديوان النابغة الجعدي: ٣٥.
217
قال قطرب: المقوي من الأضداد «١» يكون بمعنى الفقر ويكون بمعنى الغنى. يقال: أقوى الرجل إذا قويت دوابّه، وإذا كثر ماله.
فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ فَلا أُقْسِمُ قال أكثر المفسرين: معناه: أقسم، ولا صلة، وتصديقه قراءة عيسى بن عمر: (فلا أقسم) على التحقيق.
وقال بعض أهل العربية: معناه فليس الأمر كما يقولون، ثم استأنف القسم فقال: أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ يعني نجوم القرآن التي كانت تنزل على «٢» انكدارها وانتشارها يوم القيامة.
واختلف القراء فيه فقرأ حمزة والكسائي وخلف: بموقع على الواحد، غيرهم:
(بِمَواقِعِ) على الجمع. وهو الاختيار.
وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ يعني هذا الكتاب، وهو موضع القسم لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ [حصين] «٣» عزيز مكرم.
وقال عبد العزيز بن يحيى الكناني: غير مخلوق، وقيل: سمي كريما لأن يسره يغلب عسره.
فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ مصون. عند الله سبحانه محفوظ عن الشياطين وعن جميع ما يشين.
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٧٩ الى ٩٦]
لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨٠) أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢) فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣)
وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٨٧) فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨)
فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣)
وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦)
(١) في المخطوط: الضداد.
(٢) كذا في المخطوط.
(٣) كلمة غير مقروءة والأقرب ما أثبتناه.
218
لا يَمَسُّهُ أي ذلك الكتاب إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ من الذنوب وهم الملائكة.
أخبرنا عبد الله بن حامد، أنبأنا ابن الشرقي، حدّثنا محمد بن الحسين بن طرحان، حدّثنا سعيد بن منصور، حدّثنا أبو الأحوص عن عاصم الأحول عن أنس في قوله عزّ وجل لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ قال: الملائكة.
وأخبرنا أبو بكر بن عبدوس، أنبأنا أبو الحسن بن محفوظ، حدّثنا عبد الله بن هاشم، حدّثنا عبد الرحمن عن سفيان عن الربيع عن سعيد بن جبير لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ قال:
الملائكة الذين في السماء.
وقال أبو العالية وابن زيد: ليس أنتم أصحاب الذنوب إنما هم الذين طهروا من الذنوب كالرسل من الملائكة والرسل من بني آدم، فجبرئيل الذي ينزل به مطهّر والرسل الذين يجيئهم به مطهّرون.
وقال ابن عباس: من الشرك. عكرمة: هم حملة التوراة والإنجيل.
قتادة: لا يَمَسُّهُ عند الله إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ فأما في الدنيا فيمسّه الكافر النجس والمنافق الرجس.
حبان عن الكلبي: هم السفرة الكرام البررة. محمد بن فضيل عنه لا يقرؤه إلّا الموحدون.
قال عكرمة: وكان ابن عباس ينهى أن يمكن اليهود والنصارى من قراءة القرآن.
الفراء: لا يجد طعمه ونفعه إلّا من آمن به.
الحسين بن الفضل: لا يعرف تفسيره وتأويله إلّا من طهّره الله من الشرك والنفاق.
أبو بكر الوراق: لا يوفق للعمل به إلّا السعداء.
أبو العباس بن عطاء: لا يفهم حقائق القرآن إلّا من طهر سرّه عند الأنوار من الأقذار.
جنيد: هم الذين طهر سرّهم عما سوى الله.
وقال قوم: معناه لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ من الأحداث والجنابات والنجاسات، وردّوا الكناية في قوله لا يَمَسُّهُ إلى القرآن.
وقالوا: أراد بالقرآن المصحف، سماه قرآنا على قرب الجوار والاتساع،
كالخبر الصحيح أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو «١»
. قالوا: وظاهر الآية نفي ومعناها نهي كقوله عزّ وجل: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ ونحوها
(١) راجع موطأ مالك: ٢/ ٤٤٦، وصحيح مسلم: ٦/ ٣٠.
219
واستدلوا بهذه الآية على منع الجنب والحائض والمحدث من مس المصحف وحمله، وقالوا: لا يجوز لأحد حمل المصحف ولا مسّه حتى يكون على صفة يجوز له الصلاة. قال: هذا مذهب جمهور الفقهاء إلّا إن أبا حنيفة لا يمنع من حمله بعلاقة ومسّه بحائل. والاختيار أنه ممنوع منه، لأنه إذا حمله في جلده فإنما حمله بحائل ومع هذا يمنع منه.
وذهب الحكم وحماد وداود بن علي إلى أنه لا بأس بحمل المصحف ومسّه على أي صفة كانت سواء كان طاهرا أو غير طاهر، مؤمنا أو كافرا. إلّا أن داود قال: لا يجوز للمشرك حمل المصحف.
والدليل على أنه لا يحمل المصحف ولا يمسّه إلّا طاهرا ما
روى أبو بكر محمد بن عمرو ابن جرم عن أبيه عن جده أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما بعثه إلى اليمن كتب في كتابه ألّا يحمل المصحف ولا يمسّه إلّا طاهر.
وروى سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تمس القرآن إلّا وأنت طاهر» «١» [٢٠٦].
ولأن به إجماع الصحابة.
وروي أن عليا سئل: أيمس المحدث المصحف؟ قال: «لا».
وروي أن مصعب بن سعد بن أبي وقاص كان يقرأ من المصحف فأدخل يده فحك ذكره فأخذ أبوه المصحف من يده. وقال: قم فتوضأ ثم خذه، ولا مخالف لهما في الصحابة.
وقال عطاء لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ قال: لا يقلب الورق من المصحف إلّا المتوضئ.
واستدل المبيحون بكتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى قيصر وفيه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ الآية «٢».
وأجاز الفقهاء ذلك إذا دعته ضرورة أو حمله عذر عليه، وأما الصبيان فلأصحابنا فيه وجهان:
أحدهما: أنهم يمنعون منه كالبالغين.
والثاني: أنهم لا يمنعون، لمعنيين: أحدهما: أن الصبي لو منع ذلك أدّى إلى ألّا يتلقن القرآن ولا يتعلمه ولا يحفظه، لأن وقت تعلمه وحفظه حال الصغر.
(١) كنز العمال: ١/ ٦١٥. [.....]
(٢) سورة آل عمران: ٦٤.
220
والثاني: أن الصبي وإن كانت له طهارة فليست بكاملة لأن النية لا تصحّ منه، فإذا جاز أن يحمله على طهر غير كامل جاز أن يحمله محدثا والله أعلم.
تَنْزِيلٌ أي منزل مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ فسمي المنزّل تنزيلا على اتّساع اللغة، كما تقول للمقدور قدر وللمخلوق خلق، وهذا الدرهم ضرب الأمير ووزن سبعة، ونحوها أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ يعني القرآن أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ قال ابن عباس: مكذبون.
مقاتل بن حيان: كافرون، ونظيره وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ «١».
وقال ابن كيسان: المدهن الذي لا يفعل ما يحق عليه ويدفعه بالعلل.
وقال المؤرخ: المدهن المنافق الذي ليّن جانبه ليخفي كفره. وادّهن وداهن واحد وأصله من الدهن. وقال مجاهد: تريدون أن تمالئوهم فيه وتركنوا إليهم.
وقال بعض أئمّة اللغة: مُدْهِنُونَ أي تاركون للحزم في قبول هذا القرآن والتهاون بأمره، ومداهنة العدو وملاينته مكان ما يجب من مغالظته، وأصله من اللين والضعف.
قال أبو قيس بن الأسلت:
الحزم والقوة خير من الإدهان... والفكّة والهاع «٢»
وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ حظكم ونصيبكم من القرآن أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ.
قال الحسن: في هذه الآية خسر عبد لا يكون حظه من كتاب الله إلّا التكذيب به.
وقال آخرون: هذا في الاستسقاء بالأنواء.
أنبأني عبد الله بن حامد، أنبأنا محمد بن الحسن، حدّثنا أحمد بن يوسف، حدّثنا النضر بن محمد، عكرمة، حدّثنا أبو زميل حدّثني ابن عباس قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة وضعها الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء «٣» كذا وكذا» [٢٠٧] «٤».
قال: فنزلت هذه الآية.
فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ حتى وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ، وشرح قول ابن عباس هذا في سبب نزول هذه الآية ما
روي عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج في سفر فنزلوا فأصابهم
(١) سورة القلم: ٩.
(٢) لسان العرب: ١٠/ ٤٧٦ وفيه: الإشفاق، بدل: الادهان.
(٣) في نسخة: بنو، بدل: نوء.
(٤) السنن الكبرى: ٣/ ٣٥٨، والمعجم الكبير: ١٢/ ١٥٣.
221
العطش وليس معهم ماء فذكروا ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أرأيتم إن دعوت لكم فسقيتم فلعلكم تقولون سقينا هذا المطر بنوء كذا» «١» [٢٠٨].
فقالوا: يا رسول الله ما هذا بحين الأنواء.
قال فصلى ركعتين ودعا ربه فهاجت ريح ثم هاجت سحابة فمطروا حتى سالت الأودية وملئوا الأسقية فثم ركب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فمرّ برجل يغترف بقدح له وهو يقول: سقينا بنوء فلان، ولم يقل: هذا من رزق الله، فأنزل الله عزّ وجل وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أي شكركم لله على رزقه إياكم أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ بالنعمة وتقولون: سقينا بنوء كذا
، وهذا كقول القائل: جعلت العطاء إليك إساءة منك إليّ، وجعلت شكر إكرامي لك أنك اتخذتني عدوا، فمجاز الآية: وتجعلون شكر رزقكم، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، كقوله وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ «٢» ونحوها.
قال الشاعر:
وكان شكر القوم عند المنن كنّ الصحيحات وقفا الأعين
ودليل هذا التأويل ما
أخبرنا عبد الله بن حامد، أخبرنا عمر بن الحسن، حدّثنا أحمد، حدّثنا أبي، حدّثنا حصين عن هارون بن سعد عن عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن عن علي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قرأ: (وتجعلون شكركم أنكم تكذبون).
وذكر الهيثم عن عدي أن من لغة أزد شنوءة «٣» : ما رزق فلان، بمعنى ما شكر «٤».
وأنبأني عقيل، المعافي، محمد بن جرير حدّثني يونس، سفيان عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ان الله سبحانه وتعالى ليصبح عباده «٥» بالنعمة أو يمسيهم بها فيصبح قوم كافرين يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا» [٢٠٩] «٦».
قال محمد: فذكرت هذا الحديث لسعيد بن المسيب فقال: ونحن قد سمعنا من أبي هريرة، وقد أخبرني من شهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يستسقي فلما استسقى التفت إلى العباس فقال: يا عم رسول الله كم بقي من نوء الثريا؟
(١) أسباب نزول الآيات: ٢٧١.
(٢) سورة يوسف: ٨٢.
(٣) على وزن فعولة (لسان العرب: ١/ ١٠٣)، وهي قبيلة سميت لشنآن بينهم، قاله الفيروزآبادي.
(٤) راجع زاد المسير لابن الجوزي: ٧/ ٢٩٤، وتفسير القرطبي: ١/ ١٧٨.
(٥) في المصدر: [القوم].
(٦) جامع البيان للطبري: ٢٧/ ٢٧١، والدر المنثور: ٦/ ١٦٤.
222
فقال: «العلماء يزعمون أنها تعترض في الأفق بعد سقوطها سبعا» قال: فما مضت سابعة حتى مطروا [٢١٠] «١».
أخبرنا عبد الله بن حامد، أخبرنا محمد بن خالد، أخبرنا داود بن سليمان، حدّثنا عبد بن حميد، حدّثنا هاشم بن القاسم، حدّثنا محمد بن طلحة، عن طلحة عن عبد الله بن محيريز قال: دعاه سليمان بن عبد الملك فقال: لو تعلّمت علم النجوم فازددت إلى علمك.
فقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ان أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث: حيف الأئمة وتكذيبا بالقدر وإيمانا بالنجوم» «٢» [٢١١].
ثم خاطبهم خطاب التحذير والترهيب فقال عزّ من قائل: فَلَوْلا فهلّا إِذا بَلَغَتِ يعني النفس الْحُلْقُومَ عند خروجها من الجسد فاختزل النفس لدلالة الكلام عليه.
كقول الشاعر:
أماويّ ما يغني الثراء عن الفنى إذا حشرجت يوما وضاق به الصدر
وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ إلى أمري وسلطاني.
وقال ابن عباس: يريد: من حضر الميت من أهله ينظرون إليه متى تخرج نفسه.
قال الفراء: وذلك معروف من كلام العرب أن يخاطبوا الجماعة بالفعل كأنهم أهله وأصحابه، والمراد به بعضهم غائبا كان أو شاهدا فيقولوا: قتلتم فلانا والقاتل منهم واحد.
ويقولون لأهل المسجد إذا آذوا رجلا بالازدحام: اتقوا الله فإنكم تؤذون المسلمين وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ بالقدرة والعلم ولا قدرة لكم على دفع شيء عنه.
قال عامر بن عبد قيس: ما نظرت إلى شيء إلّا رأيت الله سبحانه أقرب إليّ منه.
وقال بعضهم: أراد: ورسلنا الذين يقبضون.
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ مملوكين ومحاسبين ومجزيين.
فإن قيل: فأين جواب قوله فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ وقوله فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ؟
قلنا: قال الفراء: إنهما أجيبا بجواب واحد، وهو قوله تَرْجِعُونَها وربما أعادت العرب الحرفين ومعناهما واحد فهذا من ذلك، ومنه قوله فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
(١) مسند الحميدي: ٢/ ٤٣٢، وجامع البيان للطبري: ٢٧/ ٢٧١.
(٢) الجامع الصغير: ١/ ٤٧ ح ٢٧٩، وكنز العمال: ٦/ ١٥ ح ١٤٦٣٢ بتفاوت يسير.
223
أجيبا بجواب واحد، وهما جزآن ومن ذلك قوله لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ «١».
وقيل: في الآية تقديم وتأخير مجازها فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها أي تردّون نفس هذا الميت إلى جسده إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، ثم ذكر طبقات الخلق عند الموت وفي البعث، وبيّن درجاتهم فقال فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ وهم السابقون فَرَوْحٌ قرأ الحسن وقتادة ويعقوب: بضم الراء على معنى أن روحه تخرج في الريحان. قاله الحسن.
وقال قتادة: الروح الرحمة، وقيل: معناه فحياة وبقاء لهم، وذكر أنها قراءة النبي صلّى الله عليه وسلّم.
أخبرنا محمد بن نعيم، أخبرنا الحسين بن أيوب، أخبرنا علي بن عبد العزيز، أخبرنا أبو عبيد، حدّثنا مروان بن معاوية عن أبي حماد الخراساني عن بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقرأ هذا الحرف: (فَرُوحٌ وَرَيْحانٌ) بضم الراء.
وباسناده عن أبي عبيد، حدّثنا حجاج عن هارون وأخبرنا عبد الله بن حامد، أخبرنا عمر ابن الحسن، أخبرنا أحمد، حدّثنا أبي، حدّثنا الحسين عن عبيد الله البصري عن هارون بن موسى المعلم أخبرني بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقرأ (فَرُوحٌ وَرَيْحانٌ) بضم الراء.
وقرأ الآخرون: بفتح الراء.
واختلفوا في معناه، فقال ابن عباس ومجاهد: فراحة. سعيد بن جبير: فرح. الضحّاك:
مغفرة ورحمة.
وَرَيْحانٌ قال ابن عباس: مستراح. مجاهد وسعيد بن جبير: رزق. قال مقاتل: هو بلسان حمير، يقال: خرجت أطلب ريحان الله أي رزقه.
قال الربيع بن خثيم وابن زيد: (فَرَوْحٌ) عند الموت (وَرَيْحانٌ) يخبّأ له في الآخرة.
وقال الآخرون: هو الريحان المعروف الذي يشمّ.
قال أبو العالية: لا يفارق أحد من المقربين الدنيا حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيشمّه ثم يقبض «٢».
وَجَنَّةُ نَعِيمٍ قال أبو بكر الوراق: الرّوح: النجاة من النار، والريحان: دخول دار القرار.
(١) سورة آل عمران: ١٨٨. [.....]
(٢) تفسير الطبري: ٢٧/ ٢٧٦.
224
الترمذي: الروح: الراحة في القبر، والريحان: دخول الجنة.
بسام بن عبد الله: الروح: السلامة، والريحان: الكرامة.
شعر: «١» الروح معانقة الأبكار والريحان موافقة الأبرار بحران الروح كشف الغطاء والريحان الروية واللقاء.
وقيل: الروح: الراحة، والريحان: النجاة من الآفة، وقيل: الروح: الموت على الشهادة، والريحان: نداء السعادة، وقيل: الروح: كشف الكروب، والريحان: غفران الذنوب، وقيل:
الروح: الثبات على الايمان، والريحان: نيل الأمن والأمان.
وقيل: الروح فضلة، والريحان: [فضالة «٢» ]. وقيل: الروح تخفيف الحساب، والريحان:
تضعيف الثواب.
وقيل: الروح عفو بلا عتاب، والريحان: رزق بلا حساب.
ويقال: فَرَوْحٌ للسابقين وَرَيْحانٌ للمقتصدين وَجَنَّةُ نَعِيمٍ للطالبين.
وقيل: الروح لأرواحهم، والريحان لقلوبهم والجنة لأبدانهم والحق لأسرارهم.
وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ رفع على معنى: فلك سلام، وهو سلام لك، أي سلامة لك يا محمد منهم فلا تهتمّ لهم فإنهم سلموا من عذاب الله.
وقال الفراء: مسلّم لك أنهم من أصحاب اليمين. أو يقال لصاحب اليمين: إنه مسلم لك أنك مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ وقيل: فسلام عليك مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ.
وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ وهم أصحاب المشأمة فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ وإدخال النار إِنَّ هذا الذي ذكروا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ أي الحق اليقين فأضافه إلى نفسه، وقد ذكرنا نظائره.
قال قتادة: في هذه الآية: إن الله عزّ وجل ليس تاركا أحدا من الناس حتى يقفه على اليقين من هذا القرآن، فأما المؤمن فأيقن في الدنيا فنفعه ذلك يوم القيامة، وأما الكافر فأيقن يوم القيامة حين لا ينفعه.
فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ فصلّ بذكر ربك وأمره. وقيل: فاذكر اسم ربك الْعَظِيمِ وسبّحه.
(١) كذا في المخطوط وليس هو بشعر.
(٢) في المخطوط فضلة في الموضعين.
225
أخبرنا ابن فنجويه، حدّثنا ابن شنبه، حدّثنا حمزة بن محمد الكاتب، حدّثنا نعيم بن حماد، حدّثنا عبد الله بن المبارك عن موسى بن أيوب الغافقي عن عمّه وهو إياس بن عامر عن عقبة بن عامر الجهني قال: لما نزلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قال:
«اجعلوها في ركوعكم» ولما نزلت سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اجعلوها في سجودكم» «١» [٢١٢].
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ، حدّثنا أبو محمد عبد الله بن محمد الحافظ أخبرنا أبو بكر بن أبي عاصم النبيل، حدّثنا الحوصي، حدّثنا بقية، عن يحيى بن سعيد، عن خالد بن معدان عن أبي بلال عن العرباض بن سارية أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ بالمسبّحات قبل أن يرقد ويقول: «إن فيهن آية أفضل من ألف آية» [٢١٣] «٢».
قال: يعني بالمسبحات: الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن.
(١) مسند أحمد: ٤/ ١٥٥.
(٢) مسند أحمد: ٤/ ١٢٨.
226
Icon