تفسير سورة الإخلاص

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
تفسير سورة سورة الإخلاص من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن .
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ قل هو الله أحد الله الصمد ﴾ [ الإخلاص : ١-٢ ] ( ١ ).
كرّر لفظ " الله " لتكون الجملة الثانية، مستقلة بذاتها كالأولى، غير محتاجة إلى الأولى.
فإن قلتَ : كيف ذكر " أحد " في الإثبات، مع أن المشهور أنه يُستعمل بعد النفي، كما أن الواحد لا يُستعمل إلا بعد الإثبات، يُقال : في الدار واحد، وما في الدار أحد، ومن ذلك قوله تعالى :﴿ وإلهكم إله واحد ﴾ [ البقرة : ١٦٣ ] وقوله :﴿ الله الواحد القهار ﴾ [ إبراهيم : ٤٨ ] وقوله تعالى :﴿ ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ﴾ [ التوبة : ٨٤ ] قوله :﴿ لا نفرّق بين أحد من رسله ﴾ ؟ [ البقرة : ٢٨٥ ].
قلتُ : قال ابن عباس رضي الله عنهما : لا فرق بينهما في المعنى.
واختاره أبو عبيدة، ويؤيده قوله تعالى :﴿ فابعثوا أحدكم بورِقِكُم ﴾ [ الكهف : ١٩ ]، وعليه فلا يختصّ أحدهما بمحلّ دون الآخر في الإثبات، و يجوز أن يكون العدول عن المشهور هنا، رعاية للفاصلة بعد.
١ - هذه السورة الكريمة أربع آيات فقط، وقد جاءت في غاية الإيجاز والإعجاز، فالآية الأولى أثبتت الوحدانية ونفت التعدّد ﴿قل هو الله أحد﴾ والثانية أثبتت صفات الكمال ونفت العجز ﴿الله الصمد﴾ والثالثة أثبتت الأزلية ونفت الذريّة ﴿لم يلد ولم يولد﴾ والرابعة نفت الأنداد الأضداد ﴿ولم يكن له كفؤا أحد﴾ فلا غرابة أن تكون ثلث القرآن..
Icon