تفسير سورة الكهف

تفسير الشافعي
تفسير سورة سورة الكهف من كتاب تفسير الشافعي .
لمؤلفه الشافعي . المتوفي سنة 204 هـ

٣٠٨- قال الشافعي : واعلموا أن قدرة العبد تسمى استطاعة، وهي مع الكسب لا قبله ولا بعده، والدليل عليه قوله تعالى :﴿ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِى صَبْرًا ﴾ فلما أرَادَ نَفْيَ الصبْر عنه نفى عنه استطاعة الصبر مع الصبر، ولأن الاستطاعة إذا وجدت لا تخلوا إما أن يصح حدوث الفعل معها أو يستحيل. وإن صح حدوث الفعل مع حدوثها فهو قولنا، وإن استحال حدوث الفعل معها فلا تخلوا الاستحالة إما أن تكون لعين الاستطاعة أو لعين الفعل أو للوقت. فبطل أن تكون استحالته لعين الاستطاعة، لأنه لو كان كذلك لم يجز وجود الفعل بها كالموت والعجز. وبطل أن تكون لعين الفعل، لأنه لو كان لعين الفعل لم يجز حصول جنسه بحال كما في الأول، لأنه لا يجوز وجود الفعل بحال. وبطل أن يكون استحالته للوقت، لأن الوقت الثاني من جنس الوقت الأول، فلو كان محالا في الوقت الأول لكان محالا أيضا في الوقت الثاني. ولأنه لو تقدمت القدرة على ذلك الوقت لصح وجوده قبله.
فإذا بطلت هذه الأقسام صح وثبت أن الاستطاعة مع الفعل لا قبله ولا بعده، ولأن الاستطاعة عرض يستحيل عليها البقاء إلى ثاني حال وجودها، فثبت أنها مع الفعل. ( الكوكب الأزهر شرح الفقه الأكبر ص : ١٩. )
Icon