ﰡ
ص : من الحروف التي بدئت بها بعض السور، وتقدّم الكلام عليها أكثر من مرة، وهناك رواية عن ابن عباس أنها قسَم : أقسم الله تعالى بالقرآن الكريم ذي الشرف والشأن العظيم، إنه لحقُّ لا ريب فيه، وإنك يا محمد لصادق فيما تقول.
وإن الكافرين لم يعرِضوا عن هذا القرآن لخلل وجدوه فيه، بل هم في استكبار عن اتباع الحق ومعاندة لأهله.
ولاتَ حين مناص : ليس الوقت وقتَ مفر وهروب.
وكم أهلكنا من قبلهم من جيل، فلما رأوا العذابَ نادوا ربهم مستغيثين، ولكن الوقت ليس وقت خلاص من العذاب.
كيف جعل الآلهة كلها إلها واحدا ! إن هذا لأمر عجيب.
وانطلق أشراف القوم منهم قائلين : سيروا على طريقتكم واثبتوا على عبادة آلهتكم، إن هذا إلاَّ أمرٌ عظيم يراد بكم.
اختلاق : كذب.
ما سمعنا بهذا التوحيد في دين آبائنا الذين أدركنا، وما هذا إلا كذب لا حقيقة له.
الأسباب : الطرق والوسائل التي يتوصل بها إلى الغاية.
أم لهم مُلك هذا الوجود ؟ إن كان لهم ذلك فلْيصعدوا في الأسباب التي توصلهم إلى مرتقىً يشرفون منه على العالم ويدبّرونه.... لا تكترث أيها الرسول، بما يقولون.
مهزوم : مغلوب.
الأحزاب : المجتمعين لإيذاء النبي عليه الصلاة والسلام.
فهنالك جند كثيرون من الأحزاب مهزومون ومغلوبون. وقد هُزموا بإذن الله.
كذّبت قبلهم قومُ نوح، وعاد، وقوم فرعون صاحبِ الملك الكبير والأبنية العظيمة الراسخة كالجبال.
الأيكة : الشجرة الملتّفة.
وقوم عاد وقوم لوط وأصحاب الأيكة ( وهم قوم شعيب ) ﴿ أولئك الأحزاب ﴾.
ثم بيّن بعد ذلك عقاب قريش، فقال :﴿ وَمَا يَنظُرُ هؤلاء إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً ﴾ : ما ينتظر كفار مكة الا صيحةً واحدة لا تحتاج إلى تكرار في وقت قصير جدا.
قراءات :
قرأ حمزة والكسائي :﴿ فُواق ﴾ بضم الفاء، والباقون :﴿ فَواق ﴾ بالفتح، وهما لغتان.
قِطّنا : نصيبنا وحظنا.
وقالوا استهزاء وسخرية : ربّنا عجّل لنا نصيبنا من العذاب الذي توعدتنا به، ولا تؤخره إلى يوم القيامة.
أواب : تواب.
اصبر يا محمد، على ما يقولون : واذكر كيف صبر عبدُنا داود ذو القوة، إنه توّاب.
لقد سخّرنا الجبالَ معه يسبّحن بالعشي والإصباح.
وسخّرنا الطير مجموعة له :﴿ كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ ﴾.
الحكمة : إصابة الصواب في القول والعمل.
فصْل الخطاب : الكلام الفاصل بين الحق والباطل.
وقوّينا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب بالفصل في الخصومات على أساس العدل.
بهذه الأوصاف الكاملة نعت القرآن الكريم داود، أما التوراة فقد وصفته بأقبح النعوت كالظلم والفسق والغدر واغتصاب النساء من أزواجهن ! ! وجاء في قاموس الكتاب المقدس صفحة ٣٦٥ طبعة ١٥ ما نصه : ارتكب داود في بعض الأحيان خطايا يندى لها الجبين خجلا.
تسوّروا : تسلقوا السور.
المحراب : مكان العبادة، والغرفة، وأكرم مكان في المنزل، ومقام الإمام في المسجد. ففزع : خاف.
لا يزال الحديث في قصة داود. هل أتاك يا محمد، خبر الخصمين اللذين تسلّقا السور ودخلا عليه في مكان عبادته، لا من الباب.
ولا تشطط : ولا تبعد عن الحق، ولا تتجبّر في الحكم.
سواء الصراط : طريق الحق.
وعندما دخلوا عليه بهذه الطريقة الغريبة خاف منهم واضطرب، قالوا : لا تخف، نحن خصمان ظلم بعضُنا بعضا، وجئناك لتحكم بيننا بالعدل، لا تجُرْ في حُكمك وأرشِدنا إلى الحق.
أكفلنيها : أعطني إياها، واجعلني كافلها.
وعزّني في الخطاب : وغلبني في الكلام.
إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة، ولي نعجة واحدة، فقال أعطِني إياها لتكون في كفالتي وغلبني بكلامه وحججه.
فتنّاه : ابتليناه.
خر : سقط على وجهه.
راكعا : ساجداً لربه.
وأناب : رجع إلى ربه.
قال داود قبل أن يسمع كلام الخصم الآخر : لقد ظلمك يا هذا، حين طلب ضمَّ نعجتك إلى نعاجه، إن كثيراً من الشركاء والمتخالطين ليجور بعضهم على بعض، ﴿ إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات ﴾ ولكنهم قلة نادرة.
﴿ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ﴾ : وعرف داود أن الأمر ما هو إلا امتحان من الله، فطلب المغفرة، وخرّ ساجدا لله، وأناب إليه بالتوبة.
وهنا عند قوله فخرّ راكعاً وأناب موضع سجدة.
نقل كثير من المفسرين ما جاء في التوراة، من أن داود كان يحب امرأة أُوريا الحثّين وأنه أرسله إلى الحرب حتى قُتل ثم تزوجها، ولم يثبت عندنا في الأثرِ شيء من هذا، ولذلك يجب أن نكون على حذر من هذه الأمور، فإن التوراة قد حُرِّفت من الدفة إلى الدقة كما يقول « لوثر » وغيره، وكما نص القرآن الكريم.
مآب : مرجع.
فغفرنا له تعجُّلة في الحكم، وإن له عندنا مكانةً عالية وحُسنَ مآب.
ويل : هلاك.
ليدّبّروا : ليتفكروا.
وليتذكر : وليتعظ.
أولو الألباب : أصحاب العقول المدركة.
إن هذا الذي أنزلناه إليك كتابٌ مبارك كثير الخيرات، ليتدبروا آياته ويفهموها، وليتعظ به أصحاب العقول السليمة، والبصائر المدركة.
الجياد : جمع جواد، وهو السريع العدو، كما أن الجواد من الناس هو السريع البذل والعطاء.
ومن أخباره أنه عُرضت إليه الخيل الأصيلة بالعشيّ لينظر إليها، ويُسرّ برؤيتها.
توارت : غابت عن الأنظار.
فأطال الوقوف عندها ( الخيل ) حتى أضاع وقت الصلاة، فلام نفسه :﴿ فَقَالَ إني أَحْبَبْتُ حُبَّ الخير عَن ذِكْرِ رَبِّي ﴾، والخير هنا هو الخيل، وهي من أجود المال عند العرب، و ﴿ عَن ذِكْرِ رَبِّي ﴾ عن الصلاة، حتى توارت الشمس بالحجاب.
مسحاً بالسُّوق والأعناق : جعل يمسح أعناقها وسوقها ترفقاً بها وحباً لها.
ثم أمر بردّها إليه فأخذ يمسح أعناقها وسوقها ترفقاً بها وحباً لها. وقال بعض المفسرين أنه أخذ يضرب سوقها وأعناقها بالسيف. ومن الصعب ترجيح رواية على الأخرى، ولكن ابن حزم لم يقبل رواية قتل الخيل. وكذلك الرازي والطبري، بل رأوا أنه أخذ يمسح أعناقها وسوقها ترفقاً بها وحبا لها.
لقد امتحنّا سليمان فابتليناه بمرضٍ شديد فألقيناه جسدا على كرسيه لا يستطيع تدبير الأمور فتنبّه إلى هذا الامتحان، فرجع إلى الله تعالى، وتاب ثم أناب.
وهنا عند قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا على كُرْسِيِّهِ جَسَداً ﴾ تكلم المفسرون كلاما كثيرا وكله من الإسرائيليات لا صحة له، فأعرضنا عنه.
حيث أصاب : حيث قصد وأراد.
ثم أخبر اللهُ بأنه أجاب دعاءه ووفقه لما أراد وعدّد نعمه عليه، فقال :﴿ فَسَخَّرْنَا لَهُ الريح تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ ﴾ : فذللّنا له الريح تجري حسب مشيئته، رطبة هينة. إلى أي جهة قصد. وتقدم في سورة سبأ :﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الريح غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ﴾ وفي سورة الأنبياء :﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الريح عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ.. ﴾ [ الأنبياء : ٨١ ].
حتى أنه قَرَنَ قسماً من الشياطين المتمردين في السلاسل والقيود، ليكفّ شرهم عن الناس.
وامسك : امنع.
وأوحى الله تعالى إليه بأن يتصرف في ملكه الواسع كما يشاء دون رقيب ولا حسيب، فقال :﴿ هذا عَطَآؤُنَا فامنن أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ : هذا عطاؤنا الخاص بك، فأعطِ من شئت وامنع من شئت، غير محاسَب على شيء من ذلك.
قراءات :
قرأ يعقوب :﴿ بنَصَب ﴾ بفتح النون والصاد، والباقون :﴿ بنصب ﴾ بضم النون وإسكان الصاد.
قراءات :
قرأ ابن كثير :﴿ واذكر عبدنا إبراهيم... ﴾ بالإفراد، والباقون :﴿ واذكر عبادنا ﴾ بالجمع.
قراءات :
قرأ نافع :﴿ بخالصةٍ ذكرى الدار ﴾ بالإضافة، والباقون :﴿ بخالصةٍ ذكرى الدار ﴾ بالتنوين.
قراءات :
قرأ حمزة والكسائي :﴿ والليسع ﴾ بلامين، والباقون :﴿ واليسع ﴾ بلام واحدة.
هذا الذي قصصّنا عليك أيها النبي، نبأَ بعض المرسَلين، تذكير لك ولقومك، وإن الله أعطى المتقين حسن المرجع إليه.
أتراب : متساويات في الأعمار.
وعندهم أزواجهم من الحور العِين القاصراتِ الطرف العفيفات، متساويات في العمرُ، على خير ما يرام من الوفاق والسعادة والسرور.
قراءات :
قرأ ابن كثير وأبو عمرو :﴿ هذا ما يوعدون ﴾ بالياء، والباقون بالتاء.
غسّاق : ما يسيل من صديد أهل النار.
هذا حميم بالغ الحرارة وصديدٌ من نار جهنم، فليذوقوه.
أزواج : ألون.
ولهم عذاب آخر في أشكال متعددة وأنواع متشابهة في شدتها وقسوتها.
لا مرحبا بهم : غير مرغوب فيهم، ولذلك لا يرحب بهم.
ويقال للطاغين وهم رؤساء المشركين : هذا جمعٌ كثير داخلون النار معكم يقتحمونها فوجا إثر فوج، وهم أتباعكم، فيقول هؤلاء الرؤساء :﴿ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النار ﴾ وداخلون فيها غير مرحَّب بهم.
وقد كنّا نسخَر منهم في الدنيا ونهزأ بهم فأين هم ؟ أم أن أعيننا زاغت عنهم فلا نراهم !
قراءات :
قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو :﴿ اتخذناهم ﴾ على الإخبار وقرأ الباقون :﴿ أتخذناهم ﴾ بفتح الهمزة على الاستفهام. وقرأ نافع وحمزة والكسائي :﴿ سُخريا ﴾ بضم السين، والباقون بكسرها، وهما لغتان.
وما كان لي أي علم باختلاف الملأ الأعلى في قضية آدم، فأنا لم أجلس إلى معلّم، ولا دخلت مدرسة، وطريق علمي هو الوحي من عند رب العالمين.
ومعنى ﴿ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ﴾ : جعلتُ في هذا الطين سر الحياة.
العالين : المتكبرين.
إلى يوم يبعثون : إلى يوم القيامة.
وطلب إبليس أن يُنظره الله إلى يوم القيامة.
إلا الذين آمنوا بإخلاص وصِدق، فإنه لا سلطان له عليهم.