تفسير سورة سورة الجاثية من كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
المعروف بـالدر المصون
.
لمؤلفه
السمين الحلبي
.
المتوفي سنة 756 هـ
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: ﴿تَنزِيلُ﴾ : قد تقدَّم مثلُه أولَ غافر. وقال أبو عبدِ الله الرازيُّ: «العزيزِ الحكيمِ إنْ كانا صفةً لله كان حقيقةً، وإنْ كانا صفةً للكتاب كان مجازاً». وقد رَدَّ عليه الشيخ جَعْلَه إياهما صفةً للكتاب قال: «إذ لو كان كذلك لَوَلِيَتِ الصفةُ موصوفَها فكان يُقال: تَنزيلُ الكتابِ العزيزِ الحكيمِ من الله» قال: «لأنَّ» من الله «إنْ تَعَلَّقَ ب» تَنْزيل «وتنزيل خبرٌ ل حم أو لمبتدأ محذوفٍ لَزِمَ الفَصْلُ به بين الصفة والموصوف، ولا يجوزُ، كما لا يجوزُ» أعجبني ضَرْبُ زيدٍ بسوطٍ الفاضلِ؛ أو في موضع الخبر، و «تنزيلُ» مبتدأ، فلا يجوز الفصْلُ به أيضاً لا يجوز: ضرْبُ زيدٍ شديدٌ الفاضلِ «.قوله: ﴿وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ﴾ : فيه وجهان، أظهرهما: أنه معطوفٌ على «خَلْقِكم» المجرورِ ب «في» والتقديرُ: وفي ما يَبُثُّ. والثاني: أنه معطوفٌ على الضميرِ المخفوضِ بالخَلْق، وذلك على مذهبِ مَنْ يرى العطفَ على الضميرِ المجرورِ دونَ إعادةِ الجارِّ واستقبحه الزمخشريُّ وإنْ
633
أُكِّد نحو: «مررتُ بك أنت وزيدٍ» يُشير بذلك إلى مذهب الجرميِّ فإنَّه يقول: إن أُكِّد جازَ، وإلاَّ فلا، فقولُه مذهبٌ ثالثٌ.
قوله: ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ و ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ قرأ «آياتٍ» بالكسر في الموضعَيْن الأخوَان، والباقون برفعهما. ولا خلافَ في كسرِ الأولى لأنها اسمُ «إنَّ». فأمَّا ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ بالكسر فيجوزُ فيها وجهان، أحدهما: أنها معطوفةٌ على اسم «إنَّ»، والخبرُ قولُه: «وفي خَلْقِكم». كأنه قيل: وإنَّ في خَلْقِكم وما يَبُثُّ مِنْ دابة آياتٍ. والثاني: أَنْ تكونَ كُرِّرَتْ تأكيداً لآيات الأُولى، ويكونُ «في خَلْقكم» معطوفاً على «في السماوات» كُرِّر معه حرفُ الجَرِّ توكيداً. ونظيرُه أَنْ تقولَ: «إنَّ في بيتك زيداً وفي السوق زيداً» فزيداً الثاني تأكيدٌ للأول، كأنك قلت: إنَّ زيداً زيداً في بيتك وفي السوق وليس في هذه عطفٌ على معمولَيْ عاملَيْن البتةَ.
وقد وَهِم أبو البقاء فجعلها مِنْ ذلك فقال: ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ يُقرأ بكسر التاءِ، وفيه وجهان، أحدهما: أنَّ «إنَّ» مضمرةٌ حُذِفَتْ لدلالة «إنَّ» الأُولى عليها، وليسَتْ «آيات» معطوفةً على «آيات» الأولى لِما فيه من العطفِ على معمولَيْ عامليْن. والثاني: أَنْ تكونَ كُرِّرَتْ للتأكيد لأنها مِنْ لفظ «آيات» الأُوْلى، وإعرابُها كقولِك: «إن بثوبك دماً وبثوبِ زيد دماً» ف «دم» الثاني مكررٌ؛ لأنَّك مُسْتغنٍ عن ذِكْرِه «انتهى.
قوله: ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ و ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ قرأ «آياتٍ» بالكسر في الموضعَيْن الأخوَان، والباقون برفعهما. ولا خلافَ في كسرِ الأولى لأنها اسمُ «إنَّ». فأمَّا ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ بالكسر فيجوزُ فيها وجهان، أحدهما: أنها معطوفةٌ على اسم «إنَّ»، والخبرُ قولُه: «وفي خَلْقِكم». كأنه قيل: وإنَّ في خَلْقِكم وما يَبُثُّ مِنْ دابة آياتٍ. والثاني: أَنْ تكونَ كُرِّرَتْ تأكيداً لآيات الأُولى، ويكونُ «في خَلْقكم» معطوفاً على «في السماوات» كُرِّر معه حرفُ الجَرِّ توكيداً. ونظيرُه أَنْ تقولَ: «إنَّ في بيتك زيداً وفي السوق زيداً» فزيداً الثاني تأكيدٌ للأول، كأنك قلت: إنَّ زيداً زيداً في بيتك وفي السوق وليس في هذه عطفٌ على معمولَيْ عاملَيْن البتةَ.
وقد وَهِم أبو البقاء فجعلها مِنْ ذلك فقال: ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ يُقرأ بكسر التاءِ، وفيه وجهان، أحدهما: أنَّ «إنَّ» مضمرةٌ حُذِفَتْ لدلالة «إنَّ» الأُولى عليها، وليسَتْ «آيات» معطوفةً على «آيات» الأولى لِما فيه من العطفِ على معمولَيْ عامليْن. والثاني: أَنْ تكونَ كُرِّرَتْ للتأكيد لأنها مِنْ لفظ «آيات» الأُوْلى، وإعرابُها كقولِك: «إن بثوبك دماً وبثوبِ زيد دماً» ف «دم» الثاني مكررٌ؛ لأنَّك مُسْتغنٍ عن ذِكْرِه «انتهى.
634
فقوله:» وليسَتْ معطوفةً على آياتِ الأولى لِما فيه من العطفِ على عامِلَيْن «وَهَمٌ؛ أين معمولُ العاملِ الآخر؟ وكأنه توهَّمَ أنَّ» في «ساقطةٌ مِنْ قولِه:» وفي خَلْقِكم «أو اختلطَتْ عليه ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ بهذه؛ لأنَّ تَيْكَ فيها ما يُوْهِمُ العطفَ على عامِلَيْن وقد ذكره هو أيضاً.
وأمَّا الرفعُ فمِنْ وجهَيْن أيضاً، أحدهما: أَنْ يكونَ» في خَلْقِكم «خبراً مقدَّماً، و» آياتٌ «مبتدأً مؤخراً، وهي جملةٌ معطوفةٌ على جملة مؤكدةٍ. ب» إنَّ «. والثاني: أَنْ تكون معطوفةً على» آيات «الأولى باعتبار المحلِّ عند مَنْ يُجيزُ ذلك، لا سيما عند مَنْ يقولُ: إنه يجوز ذلك بعد الخبرِ بإجماعٍ.
وأمَّا قولُه: ﴿واختلاف الليل والنهار﴾ الآية فقد عَرَفْتَ أنَّ الأخَوَيْن يقرآن» آيات «بالكسرِ، وهي تحتاج إلى إيضاحٍ، فإن الناسَ قد تكلَّموا فيها كلاماً كثيراً، وخرَّجوها على أوجهٍ مختلفةٍ، وبها استدلَّ على جوازِ العطفِ على عاملين.
قلت: والعطفُ على عامِلَيْن لا يختصُّ بقراءةِ الأخوَيْن بل يجوز أَنْ يُسْتَدَلَّ عليه أيضاً بقراءة الباقين، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى. فأما قراءةُ الأخوين ففيها أوجهٌ، أحدُها: أن يكونَ «اختلافِ الليلِ» مجروراً ب «في» مضمرةً، وإنما حُذِفَتْ لتقدُّم ذكرِها مَرَّتَيْنِ، وحرفُ الجرِّ إذا دَلَّ عليه دليلٌ/ جاز حَذْفُه وإبقاءُ عملِه. وأنشَدَ سيبويه:
تقديرُه: وبالأيام لتقدُّم الباءِ في «بك» ولا يجوزُ عَطْفُه على الكاف لأنه ليس مِنْ مذهبه - كما عَرَفْتَ - العطفُ على الضميرِ المجرورِ دونَ إعادةِ
وأمَّا الرفعُ فمِنْ وجهَيْن أيضاً، أحدهما: أَنْ يكونَ» في خَلْقِكم «خبراً مقدَّماً، و» آياتٌ «مبتدأً مؤخراً، وهي جملةٌ معطوفةٌ على جملة مؤكدةٍ. ب» إنَّ «. والثاني: أَنْ تكون معطوفةً على» آيات «الأولى باعتبار المحلِّ عند مَنْ يُجيزُ ذلك، لا سيما عند مَنْ يقولُ: إنه يجوز ذلك بعد الخبرِ بإجماعٍ.
وأمَّا قولُه: ﴿واختلاف الليل والنهار﴾ الآية فقد عَرَفْتَ أنَّ الأخَوَيْن يقرآن» آيات «بالكسرِ، وهي تحتاج إلى إيضاحٍ، فإن الناسَ قد تكلَّموا فيها كلاماً كثيراً، وخرَّجوها على أوجهٍ مختلفةٍ، وبها استدلَّ على جوازِ العطفِ على عاملين.
قلت: والعطفُ على عامِلَيْن لا يختصُّ بقراءةِ الأخوَيْن بل يجوز أَنْ يُسْتَدَلَّ عليه أيضاً بقراءة الباقين، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى. فأما قراءةُ الأخوين ففيها أوجهٌ، أحدُها: أن يكونَ «اختلافِ الليلِ» مجروراً ب «في» مضمرةً، وإنما حُذِفَتْ لتقدُّم ذكرِها مَرَّتَيْنِ، وحرفُ الجرِّ إذا دَلَّ عليه دليلٌ/ جاز حَذْفُه وإبقاءُ عملِه. وأنشَدَ سيبويه:
٤٠٢٣ - الآن قَرَّبْتَ تَهْجُونا وتَشْتِمُنا | فاذهَبْ فما بك والأيامِ من عَجَبِ |
635
الجارِّ، فالتقديرُ في هذه الآيةِ: «وفي اختلافِ آيات» ف «آيات» على ما تقدَّم من الوجهين في «آيات» قبلَها: العطفِ أو التأكيدِ. قالوا: ويَدُلُّ على ذلك قراءةُ عبد الله «وفي اختلافِ» تصريحاً ب «في». فهذان وجهان.
الثالث: أَنْ يُعْطَفَ «اختلافِ» على المجرورِ ب «في» وآياتٍ على المنصوبِ ب «إنَّ». وهذا هو العطفُ على عاملَيْنِ، وتحقيقُه على معمولَيْ عاملين: وذلك أنَّك عَطَفْتَ «اختلاف» على خَلْق وهو مجرورٌ ب «في» فهو معمولُ عاملٍ، وعَطَفْتَ «آياتٍ» على اسمِ «إنَّ» وهو معمولُ عاملٍ آخرَ، فقد عَطَفْتَ بحرفٍ واحدٍ وهو الواوُ معمولين وهما «اختلاف» و «آيات» على معمولَيْن قبلَهما وهما: خَلْق وآيات. وبظاهرِها استدلَّ مَنْ جَوَّز ذلك كالأخفشِ. وفي المسألة أربعةُ مذاهب: المَنْعُ مطلقاً، وهو مذهبُ سيبويه وجمهورِ البصريين. قالوا: لأنه يُؤَدِّي إلى إقامة حرفِ العطفِ مقامَ عاملين وهو لا يجوزُ؛ لأنه لو جاز في عامِلَيْن لجازَ في ثلاثةٍ، ولا قائل به، ولأنَّ حرفَ العطفِ ضعيفٌ فلا يَقْوَى أَنْ ينوبَ عن عاملَيْنِ ولأنَّ القائلَ بجوازِ ذلك يَسْتَضْعِفُه، والأحسنُ عنده أن لا يجوزَ، فلا ينبغي أَنْ يُحْمَلَ عليه كتابُ اللَّهِ، ولأنه بمنزلةِ التعديتَيْنِ بمُعَدٍّ واحد، وهو غيرُ جائزٍ.
قال ابن السراج: «العطفُ على عاملَيْن خطأٌ في القياسِ، غيرُ مَسْموع من العرب» ثم حَمَل ما في هذه الآيةِ على التكرارِ للتأكيد. قال الرمَّاني: «هو كقولِك:» إنَّ في الدارِ زيداً والبيتِ زيداً «فهذا جائزٌ بإجماعٍ فتدبَّرْ هذا الوجهَ
الثالث: أَنْ يُعْطَفَ «اختلافِ» على المجرورِ ب «في» وآياتٍ على المنصوبِ ب «إنَّ». وهذا هو العطفُ على عاملَيْنِ، وتحقيقُه على معمولَيْ عاملين: وذلك أنَّك عَطَفْتَ «اختلاف» على خَلْق وهو مجرورٌ ب «في» فهو معمولُ عاملٍ، وعَطَفْتَ «آياتٍ» على اسمِ «إنَّ» وهو معمولُ عاملٍ آخرَ، فقد عَطَفْتَ بحرفٍ واحدٍ وهو الواوُ معمولين وهما «اختلاف» و «آيات» على معمولَيْن قبلَهما وهما: خَلْق وآيات. وبظاهرِها استدلَّ مَنْ جَوَّز ذلك كالأخفشِ. وفي المسألة أربعةُ مذاهب: المَنْعُ مطلقاً، وهو مذهبُ سيبويه وجمهورِ البصريين. قالوا: لأنه يُؤَدِّي إلى إقامة حرفِ العطفِ مقامَ عاملين وهو لا يجوزُ؛ لأنه لو جاز في عامِلَيْن لجازَ في ثلاثةٍ، ولا قائل به، ولأنَّ حرفَ العطفِ ضعيفٌ فلا يَقْوَى أَنْ ينوبَ عن عاملَيْنِ ولأنَّ القائلَ بجوازِ ذلك يَسْتَضْعِفُه، والأحسنُ عنده أن لا يجوزَ، فلا ينبغي أَنْ يُحْمَلَ عليه كتابُ اللَّهِ، ولأنه بمنزلةِ التعديتَيْنِ بمُعَدٍّ واحد، وهو غيرُ جائزٍ.
قال ابن السراج: «العطفُ على عاملَيْن خطأٌ في القياسِ، غيرُ مَسْموع من العرب» ثم حَمَل ما في هذه الآيةِ على التكرارِ للتأكيد. قال الرمَّاني: «هو كقولِك:» إنَّ في الدارِ زيداً والبيتِ زيداً «فهذا جائزٌ بإجماعٍ فتدبَّرْ هذا الوجهَ
636
الذي ذكره ابنُ السراجِ فإنه حسنٌ جداً، لا يجوزُ أَنْ يُحْمَلَ كتابُ اللَّهِ إلاَّ عليه. وقد بَيَّنْتُ القراءةَ بالكسرِ ولا عيبَ فيها في القرآن على وجهٍ، والعطفُ على عاملَيْن عيبٌ عند مَنْ أجازه ومَنْ لم يُجِزْه، فقد تناهى في العيب، فلا يجوزُ حَمْلُ هذه الآيةِ إلاَّ على ما ذكره ابنُ السَّراج دون ما ذهبَ إليه غيرُه».
قلت: وهذا الحَصْرُ منه غيرُ مُسَلَّمٍ فإنَّ في الآيةِ تخريجاتٍ أُخَرَ غيرَ ما ذكره ابن السراج يجوزُ الحَمْلُ عليها. وقال الزجاج: «ومثلُه في الشعر:
وأنشد الفارسيُّ للفرزدق:
وقول الآخر:
قلت: أمَّا البيتُ الأولُ فظاهرُه أنه عَطَفَ و» نارٍ «على» امرئ «المخفوض ب» كل «و» ناراً «الثانية على» امرَأ «الثاني. والتقدير: وتحسبين كلَّ نارٍ ناراً، فقد عطف على معمولَيْ عاملَيْن. والبيتُ الثاني عَطَفَ فيه» جَنْبَيْه «على» بلبانه «وعَطَفَ» حَرَّ النارِ «على» الصلا «، والتقدير: وباشر بجَنْبَيْه حرَّ النار، والبيتُ
قلت: وهذا الحَصْرُ منه غيرُ مُسَلَّمٍ فإنَّ في الآيةِ تخريجاتٍ أُخَرَ غيرَ ما ذكره ابن السراج يجوزُ الحَمْلُ عليها. وقال الزجاج: «ومثلُه في الشعر:
٤٠٢٤ - أكلَّ امرِئٍ تَحْسَبين امْرَأً | ونارٍ تَوَقَّدُ بالليلِ نارا |
٤٠٢٥ - وباشَرَ راعيها الصَّلا بلَبانِه | وجَنْبَيْه حَرَّ النارِ ما يتحرَّق |
٤٠٢٦ - أَوْصَيْتُ مِنْ رُبْدَةَ قَلْباً حُرَّاً | بالكلبِ خيراً والحَماةِ شَرا |
637
الثالث عَطَفَ فيه» الحَماة «على» الكلب «و» شَرًّا «على» خيراً «، تقديرُه وأَوْصَيْتُ بالحَماة شراً. وسيبويه في جميع ذلك يرى الجرَّ بخافضٍ مقدرٍ لكنه عُورض: بأنَّ إعمال حرفِ الجرِّ مضمراً ضعيفٌ جداً، ألا ترى أنَّه لا يجوزُ» مررتُ زيدٍ «بخفضِ» زيد «إلاَّ في ضرورةٍ كقولِه:
يريد: إلى كليب، وقولِ الآخر:
أي إلى الأعلام، فقد فَرَّ مِنْ شيءٍ فوقَع في أضعفَ منه. وأُجيب عن ذلك: بأنه لَمَّا تَقَدَّم ذِكْرُ الحرف في اللفظِ قَوِيَتِ الدلالةُ عليه، فكأنَّه ملفوظٌ به بخلافِ ما أَوْرَدْتموه في المثالِ والشعر.
والمذهب الثاني: التفصيلُ - وهو مذهب الأخفش - وذلك أنَّه يجوز بشرطَيْنِ، أحدُهما: أَنْ يكونَ أحدُ العاملَيْن جارًّا. والثاني: أن يتصلَ المعطوفُ بالعاطفِ أو يُفْصَلَ بلا، مثالُ الأولِ الآيةُ الكريمةُ والأبياتُ التي قَدَّمْتُها. ولذلك استصوب المبردُ استشهادَه بالآيةِ. ومثالُ الفَصْل ب لا قولك:» ما في الدارِ
٤٠٢٧ - إذا قيلَ أيُّ الناسِ شرُّ قبيلةٍ | أشارَتْ كليبٍ بالأكفِّ الأصابعُ |
٤٠٢ - ٨-...................... | حتى تَبَذَّخَ فارتقى الأعلامِ |
والمذهب الثاني: التفصيلُ - وهو مذهب الأخفش - وذلك أنَّه يجوز بشرطَيْنِ، أحدُهما: أَنْ يكونَ أحدُ العاملَيْن جارًّا. والثاني: أن يتصلَ المعطوفُ بالعاطفِ أو يُفْصَلَ بلا، مثالُ الأولِ الآيةُ الكريمةُ والأبياتُ التي قَدَّمْتُها. ولذلك استصوب المبردُ استشهادَه بالآيةِ. ومثالُ الفَصْل ب لا قولك:» ما في الدارِ
638
زيدٌ ولا الحجرةِ عمروٌ «، فلو فُقِدَ الشرطانِ نحو: إنَّ/ زيداً شَتَمَ بِشْراً، وواللَّهِ خالداً هنداً، أو فُقِدَ أحدُهما نحو: إنَّ زيداً ضربَ بَكْراً، وخالداً بشراً. فقد نَقَلَ ابنُ مالكٍ الامتناعَ عند الجميعِ. وفيه نظرٌ لِما سَتَعْرِفُه من الخلافِ.
الثالث: أنَّه يجوزُ بشرطِ أَنْ يكونَ أحدُ العامِلَيْنِ جارَّاً، وأَنْ يكونَ متقدماً، نحوَ الآيةِ الكريمةِ، فلو لم يتقدَّمْ نحوَ:» إنَّ زيداً في الدار، وعمراً السوقِ «لم يَجُزْ، وكذا لو لم يكنْ حرفَ جرٍّ كما تقدَّمَ تمثيلُه.
الرابع: الجوازُ، ويُعْزَى للفَرَّاء.
الوجهُ الرابعِ من أوجهِ تخريجِ القراءةِ المذكورة: أَنْ تنتصِبَ» آيات «على الاختصاصِ.
قاله الزمخشريُّ، وسيأتي فيما أَحْكيه عنه.
وأمَّا قراءةُ الرفعِ ففيها أوجهٌ، أحدُها: أَنْ يكونَ الأولُ والثاني ما تقدَّم في ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾. الثالث: أَنْ تكونَ تأكيداً لآيات التي قبلها، كما كانَتْ كذلك في قراءةِ النصبِ. الرابع: أَنْ تكونَ المسألةُ من بابِ العطفِ على عامِلَيْن؛ وذلك أنَّ «اختلافِ» عطفٌ على «خَلْقِكم» وهو معمولٌ ل «في» و «آيات» معطوفةٌ على «آيات» قبلَها، وهي معمولةٌ للابتداءِ فقد عَطَفَ على معمولَيْ عامِلَيْنِ في هذه القراءةِ أيضاً. قال الزمخشري: «قُرِئَ ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ بالرفع والنصبِ على قولِك:» إنَّ زيداً في الدار وعمراً في السوقِ، أو وعمروٌ في السوق «. وأمَّا قولُه: ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ فمن العطفِ على عامِلَيْنِ سواءً نَصَبْتَ أم رَفَعْتَ فالعاملان في النصبِ هما:» إنَّ «، و» في «أُقيمت الواوُ مُقامَهما فعَمِلَتْ الجرَّ في و ﴿واختلاف اليل والنهار﴾ والنصبَ في» آياتٍ «.
الثالث: أنَّه يجوزُ بشرطِ أَنْ يكونَ أحدُ العامِلَيْنِ جارَّاً، وأَنْ يكونَ متقدماً، نحوَ الآيةِ الكريمةِ، فلو لم يتقدَّمْ نحوَ:» إنَّ زيداً في الدار، وعمراً السوقِ «لم يَجُزْ، وكذا لو لم يكنْ حرفَ جرٍّ كما تقدَّمَ تمثيلُه.
الرابع: الجوازُ، ويُعْزَى للفَرَّاء.
الوجهُ الرابعِ من أوجهِ تخريجِ القراءةِ المذكورة: أَنْ تنتصِبَ» آيات «على الاختصاصِ.
قاله الزمخشريُّ، وسيأتي فيما أَحْكيه عنه.
وأمَّا قراءةُ الرفعِ ففيها أوجهٌ، أحدُها: أَنْ يكونَ الأولُ والثاني ما تقدَّم في ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾. الثالث: أَنْ تكونَ تأكيداً لآيات التي قبلها، كما كانَتْ كذلك في قراءةِ النصبِ. الرابع: أَنْ تكونَ المسألةُ من بابِ العطفِ على عامِلَيْن؛ وذلك أنَّ «اختلافِ» عطفٌ على «خَلْقِكم» وهو معمولٌ ل «في» و «آيات» معطوفةٌ على «آيات» قبلَها، وهي معمولةٌ للابتداءِ فقد عَطَفَ على معمولَيْ عامِلَيْنِ في هذه القراءةِ أيضاً. قال الزمخشري: «قُرِئَ ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ بالرفع والنصبِ على قولِك:» إنَّ زيداً في الدار وعمراً في السوقِ، أو وعمروٌ في السوق «. وأمَّا قولُه: ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ فمن العطفِ على عامِلَيْنِ سواءً نَصَبْتَ أم رَفَعْتَ فالعاملان في النصبِ هما:» إنَّ «، و» في «أُقيمت الواوُ مُقامَهما فعَمِلَتْ الجرَّ في و ﴿واختلاف اليل والنهار﴾ والنصبَ في» آياتٍ «.
639
وإذا رَفَعْتَ فالعاملانِ: الابتداءُ، و» في «عملت الرفع في» آيات «والجرَّ في» اختلاف «». ثم قال في توجيهِ النصبِ: «والثاني أَنْ ينتصِبَ على الاختصاصِ بعد انقضاءِ المجرور».
الوجهُ الخامسُ أَنْ يرتفعَ «آياتٌ» على خبرِ ابتداءٍ مضمرٍ أي: هي آياتٌ. وناقَشَه الشيخُ فقال: «ونسبةُ الجرِّ والرفعِ، والجرِّ والنصبِ للواوِ ليس بصحيحٍ؛ لأنَّ الصحيحَ من المذاهبِ أنَّ حرفَ العطفِ لا يعملُ» قلت: وقد ناقشه الشيخُ شهابُ الدين أبو شامةَ أيضاً فقال: «فمنهم مَنْ يقولُ: هو على هذه القراءةِ أيضاً - يعني قراءةَ الرفعِ - عطفٌ على عاملَيْنِ وهما حرفُ» في «، والابتداءُ المقتضي للرفعِ. ومنهم مَنْ لا يُطْلِقُ هذه العبارةَ في هذه القراءةِ؛ لأنَّ الابتداءَ ليس بعاملٍ لفظي».
وقُرئ «واختلافُ» بالرفعِ «آيةٌ» بالرفعِ والتوحيدِ على الابتداء والخبر، وكذلك قُرئ ﴿وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٌ آيةٌ﴾ بالتوحيد. وقرأ زيد بن علي وطلحة وعيسى «وتصريف الريح» كذا قال الشيخ. قلت وقد قرأ بهذه القراءةِ حمزةُ والكسائيُّ أيضاً، وقد تقدَّم ذلك في سورةِ البقرةِ.
الوجهُ الخامسُ أَنْ يرتفعَ «آياتٌ» على خبرِ ابتداءٍ مضمرٍ أي: هي آياتٌ. وناقَشَه الشيخُ فقال: «ونسبةُ الجرِّ والرفعِ، والجرِّ والنصبِ للواوِ ليس بصحيحٍ؛ لأنَّ الصحيحَ من المذاهبِ أنَّ حرفَ العطفِ لا يعملُ» قلت: وقد ناقشه الشيخُ شهابُ الدين أبو شامةَ أيضاً فقال: «فمنهم مَنْ يقولُ: هو على هذه القراءةِ أيضاً - يعني قراءةَ الرفعِ - عطفٌ على عاملَيْنِ وهما حرفُ» في «، والابتداءُ المقتضي للرفعِ. ومنهم مَنْ لا يُطْلِقُ هذه العبارةَ في هذه القراءةِ؛ لأنَّ الابتداءَ ليس بعاملٍ لفظي».
وقُرئ «واختلافُ» بالرفعِ «آيةٌ» بالرفعِ والتوحيدِ على الابتداء والخبر، وكذلك قُرئ ﴿وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٌ آيةٌ﴾ بالتوحيد. وقرأ زيد بن علي وطلحة وعيسى «وتصريف الريح» كذا قال الشيخ. قلت وقد قرأ بهذه القراءةِ حمزةُ والكسائيُّ أيضاً، وقد تقدَّم ذلك في سورةِ البقرةِ.
640
قوله: ﴿نَتْلُوهَا﴾ : يجوز أَنْ يكونَ خبراً ل «تلك» و «آيات الله» بدلٌ أو عطفُ بيانٍ. ويجوزُ أَنْ تكونَ «تلك آيات» مبتدأً أو خبراً،
640
و «نَتْلُوها» حالٌ. قال الزمخشري: «والعاملُ ما دَلَّ عليه» تلك «مِنْ معنى الإِشارةِ ونحوُه: ﴿وهذا بَعْلِي شَيْخاً﴾ [هود: ٧٢]. قال الشيخ:» وليس نحوَه؛ لأنَّ في ﴿وهذا بَعْلِي شَيْخاً﴾ [هود: ٧٢] حرفَ تنبيه. وقيل: العاملُ في الحالِ ما دَل عليه حرفُ التنبيهِ أي: تَنَبَّهْ. وأمَّا «تلك» فليس فيها حرفُ تنبيهٍ؛ فإذا كان حرفُ التنبيهِ عاملاً بما فيه مِنْ معنى التنبيهِ، لأنَّ الحرفَ قد يَعْمَلُ في الحال، فالمعنى: تَنَبَّه لزيدٍ في حال شيخِه أو في حال قيامِه. وقيل: العاملُ في مثل هذا التركيبِ فعلٌ محذوفٌ يَدُلُّ عليه المعنى، أي: انظرْ إليه في حالِ شيخه، ولا يكون اسمُ الإِشارةِ عاملاً ولا حرفُ التنبيهِ إنْ كان هناك.
قلت: بل الآيةُ نحوَ ﴿وهذا بَعْلِي شَيْخاً﴾ [هود: ٧٢] من حيثيةِ نسبةِ العملِ لاسمِ الإِشارةِ. غايةُ ما ثَمَّ أنَّ في الآيةِ الأخرى ما يَصْلُحُ أَنْ يكونَ عاملاً، وهذا لا يَقْدَحُ في التنظيرِ إذا قَصَدْتَ جهةً مشتركةً. وأمَّا إضمارُ الفعلِ فهو مشتركٌ في الموضعَيْن عند مَنْ يَرَى ذلك. قال ابنُ عطيَة: «وفي» نتْلوها «حَذْفُ مضافٍ أي: نَتْلُوْ شَأْنَها وشَرْحَ العِبْرَةِ فيها. ويُحتمل أَنْ يريدَ بآيات الله القرآنَ المنزَّلَ في هذا المعنى، فلا يكونُ فيها حَذْفُ مضافٍ» / وقرأ بعضُهم «يَتْلوها» بياءِ الغَيْبةِ عائداً على الباري تعالى. و «بالحَقِّ» حالٌ من الفاعل أي: مُلْتَبسِينَ بالحق، ومن المفعولِ أي: مُلْتَبسةً بالحقِّ. ويجوزُ أَنْ تكونَ للسببيَّةِ فتتعلَّقَ بنفس «نَتْلوها».
قوله: ﴿بَعْدَ الله وَآيَاتِهِ﴾. قال الزمخشريُّ: «أي: بعد آياتِ اللَّهِ فهو
قلت: بل الآيةُ نحوَ ﴿وهذا بَعْلِي شَيْخاً﴾ [هود: ٧٢] من حيثيةِ نسبةِ العملِ لاسمِ الإِشارةِ. غايةُ ما ثَمَّ أنَّ في الآيةِ الأخرى ما يَصْلُحُ أَنْ يكونَ عاملاً، وهذا لا يَقْدَحُ في التنظيرِ إذا قَصَدْتَ جهةً مشتركةً. وأمَّا إضمارُ الفعلِ فهو مشتركٌ في الموضعَيْن عند مَنْ يَرَى ذلك. قال ابنُ عطيَة: «وفي» نتْلوها «حَذْفُ مضافٍ أي: نَتْلُوْ شَأْنَها وشَرْحَ العِبْرَةِ فيها. ويُحتمل أَنْ يريدَ بآيات الله القرآنَ المنزَّلَ في هذا المعنى، فلا يكونُ فيها حَذْفُ مضافٍ» / وقرأ بعضُهم «يَتْلوها» بياءِ الغَيْبةِ عائداً على الباري تعالى. و «بالحَقِّ» حالٌ من الفاعل أي: مُلْتَبسِينَ بالحق، ومن المفعولِ أي: مُلْتَبسةً بالحقِّ. ويجوزُ أَنْ تكونَ للسببيَّةِ فتتعلَّقَ بنفس «نَتْلوها».
قوله: ﴿بَعْدَ الله وَآيَاتِهِ﴾. قال الزمخشريُّ: «أي: بعد آياتِ اللَّهِ فهو
641
كقولِكَ: أَعْجبني زيدٌ وكرمُه تريدُ كرمَ زيدٍ». ورَدَّ عليه الشيخُ: بأنَّه ليس مُراداً، بل المرادُ إعجابان، وبأنَّ فيه إقحامَ الأسماءِ مِنْ غيرِ ضرورة. قال: «وهذا قَلْبٌ لحقائقِ النحو».
وقرأ الحرميَّان وأبو عمروٍ وعاصمٌ في روايةٍ «يُؤْمنون» بياء الغيبة. والباقون بتاءِ الخطاب. وقوله: «فبأيِّ» متعلِّقٌ به، قُدِّم لأنَّ له صدرَ الكلامِ.
وقرأ الحرميَّان وأبو عمروٍ وعاصمٌ في روايةٍ «يُؤْمنون» بياء الغيبة. والباقون بتاءِ الخطاب. وقوله: «فبأيِّ» متعلِّقٌ به، قُدِّم لأنَّ له صدرَ الكلامِ.
642
قوله: ﴿يَسْمَعُ﴾ : يجوزُ فيه أَنْ يكونَ مستأنفاً أي: هو يَسْمَعُ، أو دونَ إضمارِ «هو»، وأَنْ يكونَ حالاً من الضمير في «أثيم» وأَنْ يكونَ صفةً.
قوله: «تُتْلَى عليه» حالٌ مِنْ «آياتِ الله» ولا يَجيْءُ فيه الخلافُ: وهو أنه يجوزُ أَنْ يكونَ في محلِّ نصبٍ مفعولاً ثانياً؛ لأنَّ شرطَ ذلك أَنْ يقعَ بعدها ما لا يُسْمَعُ نحو: «سمعت زيداً يقرأ». أمَّا إذا وقع بعدها ما يُسْمَعُ نحو: «سمعتُ قراءةَ زيدٍ يترنَّم بها» فهي متعدية لواحدٍ فقط، والآياتُ مِمَّا يُسْمَعُ.
قوله: «ثم يُصِرُّ» قال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: ما معنى» ثم «في قوله: ﴿ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً﴾ ؟ قلت: كمعناه في قولِ القائل:
وذلك أنَّ غمراتِ الموتِ حقيقةٌ بأَنْ ينجوَ رائيها بنفسِه ويطلبَ الفِرارَ
قوله: «تُتْلَى عليه» حالٌ مِنْ «آياتِ الله» ولا يَجيْءُ فيه الخلافُ: وهو أنه يجوزُ أَنْ يكونَ في محلِّ نصبٍ مفعولاً ثانياً؛ لأنَّ شرطَ ذلك أَنْ يقعَ بعدها ما لا يُسْمَعُ نحو: «سمعت زيداً يقرأ». أمَّا إذا وقع بعدها ما يُسْمَعُ نحو: «سمعتُ قراءةَ زيدٍ يترنَّم بها» فهي متعدية لواحدٍ فقط، والآياتُ مِمَّا يُسْمَعُ.
قوله: «ثم يُصِرُّ» قال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: ما معنى» ثم «في قوله: ﴿ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً﴾ ؟ قلت: كمعناه في قولِ القائل:
٤٠٢٩ -......................... | يرى غَمَراتِ الموتِ ثم يزورُها |
642
منها، وأمَّا زَوْراتُها والإِقدامُ على مزاوَلَتِها فأمرٌ مُسْتَبْعَدٌ. فمعنى» ثم «الإِيذانُ بأنَّ فِعْلَ المُقْدِمِ عليها بعدما رآها وعاينها شيءٌ يُسْتَبْعَدُ في العاداتِ والطباعِ، وكذلك آياتُ اللَّهِ الواضحةُ الناطقةُ بالحق. فَمَنْ تُلِيَتْ عليه وسَمِعها كان مُسْتَبْعَداً في القول إصرارُه على الضلالةِ عندها واستكبارُه عن الإِيمان بها».
قوله: ﴿كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا﴾ هذه الجملةُ يجوزُ أَنْ تكون مستأنفةً، وأَنْ تكونَ حالاً.
قوله: ﴿كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا﴾ هذه الجملةُ يجوزُ أَنْ تكون مستأنفةً، وأَنْ تكونَ حالاً.
643
قوله: ﴿وَإِذَا عَلِمَ﴾ : العامَّةُ على فتح العينِ وكسرِ اللامِ خفيفةً مبنياً للفاعلِ. وقتادة ومطر الوراق «عُلِّم» مبنياً للمفعول مشدَّداً.
قوله: «اتَّخَذها» الضميرُ المؤنث فيه وجهان، أحدهما: أنه عائد على «آياتِنا». والثاني: أنه يعودُ على «شيئاً» وإنْ كان مذكراً؛ لأنه بمعنى الآية كقول أبي العتاهية:
لأنه أراد ب «شيء» جاريةً يقال لها: عُتْبَة.
قوله: «أولئك» إشارةٌ إلى معنى «كلِّ أَفَّاكٍ» حُمِل أولاً على لفظها فَأُفْرِدَ، ثم على معناها فَجُمِعَ كقولِه: ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٣].
قوله: ﴿وَلاَ مَا اتخذوا﴾ عطف على «ما كَسَبوا»، و «ما» فيهما: إمَّا
قوله: «اتَّخَذها» الضميرُ المؤنث فيه وجهان، أحدهما: أنه عائد على «آياتِنا». والثاني: أنه يعودُ على «شيئاً» وإنْ كان مذكراً؛ لأنه بمعنى الآية كقول أبي العتاهية:
٤٠٣٠ - نفْسي بشيءٍ من الدنيا مُعَلَّقَةٌ | اللَّهُ والقائمُ المهدِيُّ يَقْضِيها |
قوله: «أولئك» إشارةٌ إلى معنى «كلِّ أَفَّاكٍ» حُمِل أولاً على لفظها فَأُفْرِدَ، ثم على معناها فَجُمِعَ كقولِه: ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٣].
قوله: ﴿وَلاَ مَا اتخذوا﴾ عطف على «ما كَسَبوا»، و «ما» فيهما: إمَّا
643
مصدريةٌ أو بمعنى الذي أي: لا يُغْني كَسْبُهُمْ ولا اتِّخاذُهم، أو الذي كَسَبُوه ولا الذي اتَّخذوه.
644
قوله :﴿ وَلاَ مَا اتَّخَذُواْ ﴾ عطف على " ما كَسَبوا "، و " ما " فيهما : إمَّا مصدريةٌ أو بمعنى الذي أي : لا يُغْني كَسْبُهُمْ ولا اتِّخاذُهم، أو الذي كَسَبُوه ولا الذي اتَّخذوه.
وقوله: ﴿مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ﴾ : قد ذُكِر في سبأ.
قوله: ﴿جَمِيعاً مِّنْهُ﴾ :«جميعاً» حالٌ مِنْ ﴿مَّا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض﴾ أو توكيدٌ. وقد عدَّها ابنُ مالكٍ في ألفاظِه. و «منه» يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ صفةً ل «جميعاً»، وأَنْ يتعلَّقَ ب «سَخَّر» أي: هو صادرٌ مِنْ جهته ومِنْ عندِه. وجَوَّزَ الزمخشريُّ في «منه» أَنْ يكونَ خبرَ ابتداءٍ مضمرٍ أي: هي جميعاً منه، وأَنْ تكونَ ﴿وَمَا فِي الأرض﴾ مبتدأً، و «منه» خبرَه. قال الشيخ: «وهذان لا يجوزان إلاَّ على رَأْيِ الأخفش مِنْ حيث إنَّ الحالَ تَقدَّمَتْ بمعنى جميعاً، فقُدِّمَتْ على عاملِها المعنويِّ، يعني الجارَّ، فهي نظيرُ:» زيد قائماً في الدار «. والعامَّةُ على» مِنْه «جارّاً ومجروراً. [وقرأ] ابن عباس بكسرِ الميمِ وتشديدِ النونِ ونصبِ التاءِ، جعله مصدراً مِنْ: مَنَّ يَمُنَّ مِنَّةً، فانتصابُه عنده على المصدرِ المؤكِّد: إمَّا بعاملٍ مضمرٍ، وإمَّا بسَخَّر؛ لأنَّه بمعناه. قال أبو حاتم:» سَندُ هذه القراءةِ إلى ابنِ عباسِ مظلمٌ «. قلت: قد رُوِيَتْ أيضاً عن جماعة جِلَّةٍ غيرِ ابنِ عباس، فنقلها ابنُ خالويه عنه وعن
644
عبيد بن عمير، ونقلها صاحبُ» اللوامح «وابنُ جني، عن ابن عباس وعبد الله بن عمرو والجحدري وعبد الله بن عبيد بن عمير.
وقرأ مَسْلمة بن محارب كذلك، إلاَّ أنَّه رفع التاءَ جَعَلَها خبرَ ابتداءٍ مضمرٍ أي: هي منه. وقرأ أيضاً في روايةٍ أخرى بفتحِ الميم وتشديدِ النون وهاءِ كنايةٍ مضمومة، جعله مصدراً مضافاً لضمير الله تعالى.
ورَفْعُه من وجهين، أحدهما بالفاعلية ب» سَخَّر «أي: سَخَّر لكم هذه الأشياءَ مَنُّه عليكم. والثاني: أَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ أي: هو، أو ذلك مَنُّه عليكم.
وقرأ مَسْلمة بن محارب كذلك، إلاَّ أنَّه رفع التاءَ جَعَلَها خبرَ ابتداءٍ مضمرٍ أي: هي منه. وقرأ أيضاً في روايةٍ أخرى بفتحِ الميم وتشديدِ النون وهاءِ كنايةٍ مضمومة، جعله مصدراً مضافاً لضمير الله تعالى.
ورَفْعُه من وجهين، أحدهما بالفاعلية ب» سَخَّر «أي: سَخَّر لكم هذه الأشياءَ مَنُّه عليكم. والثاني: أَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ أي: هو، أو ذلك مَنُّه عليكم.
645
قوله: ﴿قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ﴾ : قد تقدَّم نظيرُه في سورة إبراهيم.
قوله: «ليَجْزِيَ» قرأ ابنُ عامر والأخَوان «لنجزيَ» بنونِ العظمةِ أي: لنجزيَ نحن. وباقي السبعة «ليجزِيَ» بالياء مِنْ تحتُ مبنياً للفاعلِ أي: ليجزيَ اللَّهُ. وأبو جعفر بخلافٍ عنه وشيبةُ وعاصم في روايةٍ كذلك، إلاَّ أنه مبنيٌّ للمفعولِ. هذا مع نصبِ «قوماً». / وفي القائمِ مَقامَ الفاعلِ ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: ضميرُ المفعولِ الثاني عادَ الضميرُ عليه لدلالةِ السِّياقِ تقديرُه: ليُجْزَى هو أي: الخيرُ قوماً. والمفعول الثاني مِنْ بابِ «أَعْطى» يقومُ مَقامَ الفاعلِ بلا
قوله: «ليَجْزِيَ» قرأ ابنُ عامر والأخَوان «لنجزيَ» بنونِ العظمةِ أي: لنجزيَ نحن. وباقي السبعة «ليجزِيَ» بالياء مِنْ تحتُ مبنياً للفاعلِ أي: ليجزيَ اللَّهُ. وأبو جعفر بخلافٍ عنه وشيبةُ وعاصم في روايةٍ كذلك، إلاَّ أنه مبنيٌّ للمفعولِ. هذا مع نصبِ «قوماً». / وفي القائمِ مَقامَ الفاعلِ ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: ضميرُ المفعولِ الثاني عادَ الضميرُ عليه لدلالةِ السِّياقِ تقديرُه: ليُجْزَى هو أي: الخيرُ قوماً. والمفعول الثاني مِنْ بابِ «أَعْطى» يقومُ مَقامَ الفاعلِ بلا
645
خلافٍ. ونظيرُه: «الدرهمُ أُعْطي زيداً». الثاني: أنَّ القائمَ مقامَه ضميرُ المصدرِ المدلولِ عليه بالفعلِ أي: ليُجْزَى الجزاءُ. وفيه نظر؛ لأنه لا يُتْرَكُ المفعول به ويُقام المصدرُ ولا سيما مع عَدَم التصريحِ به. الثالث: أنَّ القائمَ مَقامَه الجارُّ والمجرورُ. وفيه حُجَّةٌ للأخفشِ والكوفيين، حيث يُجيزون نيابةَ غيرِ المفعولِ به مع وجودِه وأنشدوا:
[وقوله] :
٤٠٣١ -.......................... | لَسُبَّ بذلك الجَرْوِ الكِلابا |