تفسير سورة الصف

معاني القرآن
تفسير سورة سورة الصف من كتاب معاني القرآن .
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

قوله عز وجل :﴿ لِمَ تَقُولُونَ ما لاَ تَفْعَلُونَ ﴾.
كان المسلمون يقولون : لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله لأتيناه، ولو ذهبَتْ فيه أنفسنا وأموالنا، فلما كانت وقعة أحد فتولوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شُجّ وكسرت رباعِيَتُه فقال :﴿ لِمَ تَقُولُونَ ما لاَ تَفْعَلُونَ ﴾ لذلك.
ثم قال :﴿ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ [ أَن تَقُولُواْ ﴾ فأن في موضع رفع لأن ( كبر ) بمنزلة قولك : بئس رجلاً أخوك، وقوله : كَبُرَ مَقْتاً عند الله ] : أضمر في كبر آسما يكون مرفوعا. وأما قوله :﴿ كَبُرَتْ كَلمة ﴾ فإن الحسن قرأها رفعا، لأنه لم يضمر شيئا، وجعل الفعل للكلمة، ومن نصب أضمر في كبرت اسما ينوي به الرفع.
وقوله :﴿ كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ ﴾ بالرصاص، حثهم على القتال.
وقوله :﴿ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ﴾.
قرأها يحيى أو الأعمش شك الفراء :«والله متمُّ نورِه » بالإضافة، ونونها أهل الحجاز : متمٌّ نورَه. وكلٌّ صواب.
وقوله :﴿ هَلْ أَدُلُّكمْ على تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ ﴾، وفي قراءة عبد الله : آمنوا، فلو قيل في قراءتنا : أن تؤمنوا ؛ لأنه ترجمة للتجارة، وإذا فسرْت الاسم الماضي بفعل جاز فيه أن وطرحها ؛ تقول للرجل : هل لك في خير تقوم بنا إلى المسجد فنصلي، وإن قلت : أن تقوم إلى المسجد كان صوابا. ومثله مما فسر ما قبله على وجهين قوله :﴿ فَلْيَنْظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ﴾ : أنا، وإنا، فمن قال : أنا ها هنا فهو الذي يدخل ( أَنْ ) في يقوم، ومن قال : إنا فهو الذي يلقى ( أنْ ) من تقوم، ومثله :﴿ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا ﴾ و( إِنَّا ).
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠:وقوله :﴿ هَلْ أَدُلُّكمْ على تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ ﴾، وفي قراءة عبد الله : آمنوا، فلو قيل في قراءتنا : أن تؤمنوا ؛ لأنه ترجمة للتجارة، وإذا فسرْت الاسم الماضي بفعل جاز فيه أن وطرحها ؛ تقول للرجل : هل لك في خير تقوم بنا إلى المسجد فنصلي، وإن قلت : أن تقوم إلى المسجد كان صوابا. ومثله مما فسر ما قبله على وجهين قوله :﴿ فَلْيَنْظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ﴾ : أنا، وإنا، فمن قال : أنا ها هنا فهو الذي يدخل ( أَنْ ) في يقوم، ومن قال : إنا فهو الذي يلقى ( أنْ ) من تقوم، ومثله :﴿ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا ﴾ و( إِنَّا ).
وقوله :﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ جزمت في قراءتنا في هل. وفي قراءة عبد الله للأَمر الظاهر، لقوله :( آمِنوا )، وتأويل : هل أدلكم أمر أيضاً في المعنى، كقولك للرجل : هل أنت ساكت ؟ معناه : اسكت، والله أعلم.
وقوله :﴿ وَأُخْرَى تُحِبُّونَها ﴾ في موضع رفع ؛ أي : ولكم أخرى في العاجل مع ثواب الآخرة، ثم قال :﴿ نَصْرٌ مِّن اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ﴾ : مفسّر للأخرى، ولو كان نصرا من الله، لكان صوابا، ولو قيل : وآخر تحبونه يريد : الفتح، والنصر كان صوابا.
وقوله :﴿ كُونُواْ أَنصَارَ اللَّهِ ﴾ قرأها عاصم بن أبي النَّجود مضافا، وقرأها أهل المدينة : أنصاراً الله، يفردون الأنصار، ولا يضيفونها، وهي في قراءة عبد الله : أنتم أنصار الله.
Icon