تفسير سورة البروج

تفسير ابن أبي زمنين
تفسير سورة سورة البروج من كتاب تفسير القرآن العزيز المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين .
لمؤلفه ابن أبي زَمَنِين . المتوفي سنة 399 هـ
تفسير سورة والسماء ذات البروج وهي مكية كلها.

قَوْلُهُ: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ﴾ تَفْسِيرُ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذَاتُ النُّجُومِ
﴿وَالْيَوْم الْمَوْعُود﴾ يَعْنِي: يَوْم الْقِيَامَة
﴿وَشَاهد﴾ يَعْنِي: يَوْم الْجُمُعَة ﴿ومشهود﴾ يَعْنِي: يَوْمَ عَرَفَةَ، هَذَا تَفْسِيرُ الْحسن، وَرَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم]. قَوْله:
﴿قتل﴾ لعن ﴿أَصْحَابُ الأُخْدُودِ﴾ ﴿النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ﴾ إِلَى قَوْله ﴿شُهُود﴾ الْأُخْدُودُ: الشِّقُّ فِي الْأَرْضِ، وَجَمْعُهُ: أَخَادِيدُ. قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ثَمَانِينَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، فَأَخذهُم الْمُشْركُونَ، فَخُذُوا لَهُمْ أُخْدُودًا فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ أَوْقَدُوا لَهُمْ نَارًا ضَخْمَةً ثُمَّ (ل ٣٩٠) فَجَعَلُوا يَقُولُونَ
114
لِلرَّجُلِ وَلِلْمَرْأَةِ مِنْهُمْ: إِمَّا أَنْ تَتْرُكَ دِينَكَ وَإِمَّا أَنْ نَقْذِفَكَ فِي النَّارِ. فَيَقُولُ: مَا أَنَا بِتَارِكِ دِينِي لِشَيْءٍ! فَيُقْذَفُ فِيهَا فَيَحْتَرِقُ حَتَّى أَتَوْا عَلَيْهِمْ، فَبَقِيَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ فَتَهَيَّبَتْ، فَقَالَ لَهَا الصَّبِيُّ: امْضِي وَلا تُنَافِقِي، فَمَضَتْ فَاحْتَرَقَتْ.
قَالَ يَحْيَى: كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَتَكَلَّمْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ مُجَاهِد: وَذَلِكَ بِنَجْرَان.
115
﴿ النار ذات الوقود( ٥ ) ﴾ إلى قوله ﴿ شهود ﴾ قال الحسن : كان أصحاب الأخدود ثمانين بين رجل وامرأة، فأخذهم المشركون، فخدوا لهم أخدودا في الأرض، ثم أوقدوا لهم نارا ضخمة ثم(. . . )١. فجعلوا يقولون للرجل وللمرأة منهم : إما أن تترك دينك وإما أن نقذفك في النار. فيقول : ما أنا بتارك ديني لشيء ! فيقذف فيها فيحترق حتى أتوا عليهم، فبقيت امرأة ومعها صبي فتهيبت ؛ فقال لها الصبي : امضي ولا تنافقي، فمضت فاحترقت.
قال يحيى : كان صغيرا لم يتكلم قبل ذلك، وقال مجاهد : وذلك بنجران.
١ ما بين المعكوفين طمس في الأصل..
قَالَ: ﴿وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُود﴾ من تحريقهم إيَّاهُم بالنَّار
﴿وَمَا نقموا مِنْهُم﴾ مَا كَرِهُوا مِنْهُمْ ﴿إِلا أَنْ يُؤمنُوا بِاللَّه الْعَزِيز الحميد﴾ مَا سَفَكُوا لَهُمْ دِمَاءً، وَلا أخذُوا لَهُم مَالا
﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ شَاهِدٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِعَمَلِهَا.
﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ يَعْنِي: أحرقهم بوالنار، فِي تَفْسِيرِ السُّدِّيِّ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَالُ فَتَنْتُ الشَّيْءَ أَحْرَقْتُهُ، وَالْفَتِينُ حِجَارَة سود كَأَنَّهَا محرقة. تَفْسِير سُورَة البروج من آيَة ١١ - ٢٢
﴿إِن بَطش رَبك﴾ عُقُوبَة رَبك ﴿لشديد﴾.
قَالَ مُحَمَّدٌ: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لشديد) هُوَ جَوَابُ الْقَسَمِ (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ).
﴿إِنَّه هُوَ يبدئ﴾ أَي: يخلق ﴿وَيُعِيد﴾ أَي: يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة
﴿وَهُوَ الغفور﴾ لِلذُّنُوبِ، وَلا يَغْفِرُ إِلَّا لِمَنْ آمن ﴿الْوَدُود﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: يَتَوَدَّدُ إِلَى خَلْقِهِ بِمَا يُعْطِيهِمْ مِنَ النِّعَمِ فِي وَأَرْزَاقِهِمْ، وَمَا يَغْفِرُ لَهُمْ مِنَ الذُّنُوب
﴿ذُو الْعَرْش﴾ رب الْعَرْش ﴿الْمجِيد﴾ يقْرَأ (الْمجِيد) بِالرَّفْعِ وَالْجَرِّ، فَمَنْ قَرَأَ بِالرَّفْعِ رَجَعَ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُود﴾ الْمَجِيدُ ذُو الْعَرْشِ، وَمَنْ قَرَأَهَا بِالْجَرِّ جَعَلَهُ مِنْ صِفَةِ (الْعَرْشِ) وَتَفْسِير الْمجِيد: الْكَرِيم.
﴿هَل أَتَاك﴾ أَيْ: قَدْ أَتَاكَ ﴿حَدِيثُ الْجُنُودِ فِرْعَوْن وَثَمُود﴾ كَيْفَ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ حِينَ كَذَّبُوا رسلهم.
﴿ فرعون وثمود( ١٨ ) ﴾ كيف أهلكهم الله حين كذبوا رسلهم.
﴿وَالله من ورائهم مُحِيط﴾ حَتَّى يَجْزِيَهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْمَعْنَى: إِنَّ قُدْرَتَهُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَيْهِمْ لَا يُعْجِزُهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَهُوَ الَّذِي أَرَادَ يحيى.
﴿بل هُوَ قُرْآن مجيد﴾ كريم على الله
﴿فِي لوح مَحْفُوظ﴾ وَهُوَ أُمُّ الْكِتَابِ قَالَ مُحَمَّدٌ: قَالَ وأَبُو عُبَيْدٍ: قَرَأَ نَافِعٌ: (مَحْفُوظٌ) بِالرَّفْع، وقرأه غَيره (مَحْفُوظ) بِالْخَفْضِ وَالْخَفْضُ فِي هَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ لِيَكُونَ مِنْ نَعْتِ (اللَّوْحِ).
116
تَفْسِيرُ سُورَةِ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَهِيَ مَكِّيَّة كلهَا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

تَفْسِير سُورَة الطارق من آيَة [١ - ١٧]
117
Icon