وآياتها اثنتان وثمانون ومائة
كلماتها : ٨٦٠، حروفها : ٣٨٢٦.
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ والصافات صفا( ١ )فالزاجرات زجرا( ٢ )فالتاليات ذكرا( ٣ )إن إلهكم لواحد( ٤ )رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق( ٥ ) ﴾.﴿ والصافات ﴾ الواو للقسم١، والصف : ترتيب جماعة على خط، والجمهور من مفسري السلف-ابن عباس، وابن مسعود، وعكرمة، وسعيد ابن جبير، ومجاهد، وقتادة وغيرهم-على أن المراد الملائكة٢ عليهم السلام، ينظمون أنفسهم في سلك الصفوف، كل في مقامه ورتبته وقربه، كما يشير إليه قول الحق سبحانه :﴿ وما منا إلا له مقام معلوم. وإنا لنحن الصافون. وإنا لنحن المسبحون ﴾ ؛ ويصفون أنفسهم في الصلاة والعبادة، كما شهد بذلك الحديث الصحيح، روى الإمام مسلم-رحمه الله- في صحيحه عن جابر بن سمرة قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في المسجد فقال :( ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ؟ )فقلنا : يا رسول الله ! كيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال :( يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف )، ﴿ صفا( ١ ) ﴾ مصدر مؤكد.
٢ مما نقل الألوسي: وأبى أبو مسلم ذلك وقال: لا يجوز حمل هذا اللفظ وما بعده على الملائكة. لأن اللفظ مشعر بالتأنيث، والملائكة مبرؤون من هذه الصفة، وفيه أن هذا في معنى جمع الجمع، فهو جمع صافة أي طائفة أو جماعة صافة، ويجوز أن يكون تأنيث المفرد باعتبار أنه ذات ونفس، والتأنيث المعنوي هو الذي لا يحسن أن يطلق عليهم، وأما اللفظي فلا مانع منه، كيف وهم المسمون بالملائكة؟!والوصف المذكور منزل منزلة اللازم..
﴿ فالزاجرات زجرا( ٢ ) ﴾ فالمانعات الدافعات عن الوقوع في المعاصي، وتلك لمّة الملك : تصديق بالحق، ووعد بالخير، وتمنع وتدفع الشياطين أن تتسلط على المؤمنين المتقين، و﴿ زجرا ﴾ مفعول مطلق ومصدر مؤكد ؛
﴿ ذكرا ﴾ كتابا منزلا، فيه ثناء على الله تعالى وتسبيح له وتكبير وشكر.
﴿ فالتاليات ذكرا( ٣ ) ﴾ فالملائكة الذين يتلون آيات ربنا سبحانه على أنبيائه، ويبلغونهم كتب الله تعالى ورسالاته، ويوحون إليهم بما شاء المولى من ذكر وتسبيح، وتكبير وتحميد ؛ -والفاء العاطفة للصفات قد تكون لترتيب معانيها الوصفية في الوجود الخارجي إذا كانت الذات المتصفة بها واحدة، أو لترتيب معانيها في الرتبة... وكلاهما مع تعدد الموصوف والترتيب الرتبي إما باعتبار الترقي، أو باعتبار التدلي١.
﴿ إن إلهكم لواحد( ٤ ) ﴾ هذا هو المقسم عليه، إن معبودكم الذي يستحق العبادة الدائمة الحسنة الخالصة من شوائب الرياء هو الله دون سواه، وفي الكلام الكريم من المؤكدات بعد القسم ﴿ إن ﴾ والجملة الاسمية، واللام،
﴿ المشارق ﴾ الجهات التي يرى شروق الشمس من ناحيتها.
﴿ رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق( ٥ ) ﴾ ملك السماوات والأرض وخالقهما ووليهما ومدبرهما، ومطاعهما ورب ما بينهما، ورب المخلوقات العلوية والسفلية، والكواكب ومداراتها الفلكية، ومطالع الشمس والنجوم والقمر، وما نرى وما لا نرى من الروائع الكونية، ﴿ ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل ﴾١. ﴿ .. ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ﴾٢.
و﴿ رب ﴾ خبر ثان ل﴿ إن ﴾ [ على مذهب من يجوز تعدد الأخبار ]، أو خبر مبتدأ محذوف-٣ [ ودل بذكر المطالع على المغارب ؛ فلهذا لم يذكر المغارب، وهو كقوله :﴿ سرابيل تقيكم الحر.. ﴾٤.. وقال في سورة الرحمن :﴿ رب المشرقين ورب المغربين ﴾٥ أراد بالمشرقين أقصى مطلع تطلع منه الشمس في الأيام الطوال، وأقصر يوم في الأيام القصار ]٦ مما نقل صاحب تفسير غرائب القرآن.. : بدأ في أول هذه السورة بالتوحيد... وأقسم على المطلوب بثلاثة أشياء... وأما الإقسام بغير الله وصفاته فلا نسلم أنه لا يجوز لله سبحانه... والمراد تعظيم هذه الأشياء وتشريفها، أو المراد : رب هذه الأشياء... أو أقسم بنفوس العلماء الصافات لأجل الدعوة إلى دين الله الزاجرات عن الشبهات والمنهيات بالمواعظ والنصائح، والدراسات شرائع الله وكتبه لوجه الله... الوجه الثالث أنها صفات آيات القرآن، وذلك أنها أنواع مختلفة : بعضها دلائل التوحيد وبعضها دلائل العلم والقدرة، وبعضها دلائل النبوة، وبعضها دلائل المعاد، وبعضها بيان التكاليف والأحكام، وبعضها تعليم الأخلاق الفاضلة، وكلها مرتبة ترتيبا لا يتغير ولا يتبدل. اه
لكن خالف في ذلك صاحب جامع البيان، وقال : والذي هو أولى بتأويل الآية عندنا ما قال مجاهد ومن قال هم الملائكة، لأن الله تعالى ذكره ابتدأ القسم بنوع من الملائكة وهم الصافون بإجماع من أهل التأويل، فلأن يكون الذي بعده قسما بسائر أصنافهم أشبه. اه.
٢ سورة فاطر. من الآية١٣..
٣ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
٤ سورة النحل. من الآية ٨١..
٥ الآية١٧..
٦ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
خالق السماوات والأرض وما بينهما، وخالق كل شيء ومليكه ومدبره، وولي مطالع الكواكب من حيث يبدو رأي العين جهة ظهورها، هو الذي زين السماء الدنيا القريبة منا بالكواكب تستضيء الأرض بها وتزدان السماء، كما جاء في قوله تعالى :﴿ ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين.. ﴾١ ؛ وكذا الآيات الكريمة :﴿ ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين. وحفظناها من كل شيطان رجيم ﴾٢ ؛ وكأن التقدير وحفظناها حفظا من كل جني عات متمرد، بعد عن الحق، وتعرى عن الخيرات ؛ لئلا يصلوا إلى حيث قد يتسنى لأحدهم أن يستمع إلى حديث السماء ومن فيها من سكانها الملائكة، وهم الجمع العلوي من الخلق في مقابلة العالم السفلي سكان الأرض، ويرمون ويرجمون من أي صوب وناحية من السماء يتجهون حيالها ابتغاء استراق السمع، فيظلون ممنوعين منها مطرودين مدفوعين عنها، ولهم عذاب دائم مقيم ؛ وهو كما قال ربنا جل ثناؤه :﴿ .. وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير ﴾٣ ؛ إلا من اختطف من الشياطين الكلمة يسمعها من السماء فإن لهبا من السماء ينقض عليه يتوقد فيحرقه. مما في صحيح مسلم-رحمه الله- عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما :... انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا : ما لكم ؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب قالوا : ما ذاك إلا من شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة وهووا بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له وقالوا : هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فرجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا.. ﴿ إنا سمعنا قرآنا عجبا. يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بعبادة بربنا أحدا )٤ فأنزل الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم : قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن.. ﴾٥ "، [ وإنما كانوا من قبل كالمتجسسة من الإنس، يبلغ الواحد منهم حاجته ولا يبلغها غيره، ويسلم واحد ولا يسلم غيره، بل يقبض عليه ويعاقب وينكّل، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم زيد في حفظ السماء، وأعدت لهم شهب لم تكن من قبل، ليدحروا عن جميع جوانب السماء، ولا يقروا في مقعد من المقاعد التي كانت لهم منها...
وروي في هذا الباب أحاديث صحاح، مضمنها : أن الشياطين كانت تصعد إلى السماء، فتقعد للسمع واحدا فوق واحد، فيتقدم الأجسر نحو السماء ثم الذي يليه، فيقضي الله تعالى الأمر من أمر الأرض، فيتحدث به أهل السماء، فيسمعه منهم الشيطان الأدنى، فيلقيه إلى الذي تحته فربما أحرقه شهاب، وقد ألقى الكلام، وربما لم يحرقه.. فتنزل تلك الكلمة إلى الكهان، فيكون معها مائة كذبة، وتصدق تلك الكلمة فيصدق الجاهلون الجميع... فلما جاء الله بالإسلام حرست السماء بشدة، فلا يفلت شيطان سمع بتة. ]٦.
٢ سورة الحجر. الآيتان: ١٦، ١٧..
٣ سورة الملك من الآية ٥..
٤ سورة الجن. من الآية ١، والآية ٢..
٥ سورة الجن. من الآية ١..
٦ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
﴿ مارد ﴾ خارج عن الطاعة، متمرد متعر عن الخيرات.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦:﴿ إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب( ٦ )وحفظا من كل شيطان مارد( ٧ )لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب( ٨ )دحورا ولهم عذاب واصب( ٩ )إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب( ١٠ ) ﴾.
خالق السماوات والأرض وما بينهما، وخالق كل شيء ومليكه ومدبره، وولي مطالع الكواكب من حيث يبدو رأي العين جهة ظهورها، هو الذي زين السماء الدنيا القريبة منا بالكواكب تستضيء الأرض بها وتزدان السماء، كما جاء في قوله تعالى :﴿ ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين.. ﴾١ ؛ وكذا الآيات الكريمة :﴿ ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين. وحفظناها من كل شيطان رجيم ﴾٢ ؛ وكأن التقدير وحفظناها حفظا من كل جني عات متمرد، بعد عن الحق، وتعرى عن الخيرات ؛ لئلا يصلوا إلى حيث قد يتسنى لأحدهم أن يستمع إلى حديث السماء ومن فيها من سكانها الملائكة، وهم الجمع العلوي من الخلق في مقابلة العالم السفلي سكان الأرض، ويرمون ويرجمون من أي صوب وناحية من السماء يتجهون حيالها ابتغاء استراق السمع، فيظلون ممنوعين منها مطرودين مدفوعين عنها، ولهم عذاب دائم مقيم ؛ وهو كما قال ربنا جل ثناؤه :﴿.. وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير ﴾٣ ؛ إلا من اختطف من الشياطين الكلمة يسمعها من السماء فإن لهبا من السماء ينقض عليه يتوقد فيحرقه. مما في صحيح مسلم-رحمه الله- عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما :... انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا : ما لكم ؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب قالوا : ما ذاك إلا من شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة وهووا بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له وقالوا : هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فرجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا.. ﴿ إنا سمعنا قرآنا عجبا. يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بعبادة بربنا أحدا )٤ فأنزل الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم : قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن.. ﴾٥ "، [ وإنما كانوا من قبل كالمتجسسة من الإنس، يبلغ الواحد منهم حاجته ولا يبلغها غيره، ويسلم واحد ولا يسلم غيره، بل يقبض عليه ويعاقب وينكّل، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم زيد في حفظ السماء، وأعدت لهم شهب لم تكن من قبل، ليدحروا عن جميع جوانب السماء، ولا يقروا في مقعد من المقاعد التي كانت لهم منها...
وروي في هذا الباب أحاديث صحاح، مضمنها : أن الشياطين كانت تصعد إلى السماء، فتقعد للسمع واحدا فوق واحد، فيتقدم الأجسر نحو السماء ثم الذي يليه، فيقضي الله تعالى الأمر من أمر الأرض، فيتحدث به أهل السماء، فيسمعه منهم الشيطان الأدنى، فيلقيه إلى الذي تحته فربما أحرقه شهاب، وقد ألقى الكلام، وربما لم يحرقه.. فتنزل تلك الكلمة إلى الكهان، فيكون معها مائة كذبة، وتصدق تلك الكلمة فيصدق الجاهلون الجميع... فلما جاء الله بالإسلام حرست السماء بشدة، فلا يفلت شيطان سمع بتة. ]٦.
٢ سورة الحجر. الآيتان: ١٦، ١٧..
٣ سورة الملك من الآية ٥..
٤ سورة الجن. من الآية ١، والآية ٢..
٥ سورة الجن. من الآية ١..
٦ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
﴿ يقذفون ﴾ يرمون ويرجمون.
﴿ جانب ﴾ صوب وناحية.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦:﴿ إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب( ٦ )وحفظا من كل شيطان مارد( ٧ )لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب( ٨ )دحورا ولهم عذاب واصب( ٩ )إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب( ١٠ ) ﴾.
خالق السماوات والأرض وما بينهما، وخالق كل شيء ومليكه ومدبره، وولي مطالع الكواكب من حيث يبدو رأي العين جهة ظهورها، هو الذي زين السماء الدنيا القريبة منا بالكواكب تستضيء الأرض بها وتزدان السماء، كما جاء في قوله تعالى :﴿ ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين.. ﴾١ ؛ وكذا الآيات الكريمة :﴿ ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين. وحفظناها من كل شيطان رجيم ﴾٢ ؛ وكأن التقدير وحفظناها حفظا من كل جني عات متمرد، بعد عن الحق، وتعرى عن الخيرات ؛ لئلا يصلوا إلى حيث قد يتسنى لأحدهم أن يستمع إلى حديث السماء ومن فيها من سكانها الملائكة، وهم الجمع العلوي من الخلق في مقابلة العالم السفلي سكان الأرض، ويرمون ويرجمون من أي صوب وناحية من السماء يتجهون حيالها ابتغاء استراق السمع، فيظلون ممنوعين منها مطرودين مدفوعين عنها، ولهم عذاب دائم مقيم ؛ وهو كما قال ربنا جل ثناؤه :﴿.. وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير ﴾٣ ؛ إلا من اختطف من الشياطين الكلمة يسمعها من السماء فإن لهبا من السماء ينقض عليه يتوقد فيحرقه. مما في صحيح مسلم-رحمه الله- عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما :... انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا : ما لكم ؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب قالوا : ما ذاك إلا من شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة وهووا بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له وقالوا : هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فرجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا.. ﴿ إنا سمعنا قرآنا عجبا. يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بعبادة بربنا أحدا )٤ فأنزل الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم : قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن.. ﴾٥ "، [ وإنما كانوا من قبل كالمتجسسة من الإنس، يبلغ الواحد منهم حاجته ولا يبلغها غيره، ويسلم واحد ولا يسلم غيره، بل يقبض عليه ويعاقب وينكّل، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم زيد في حفظ السماء، وأعدت لهم شهب لم تكن من قبل، ليدحروا عن جميع جوانب السماء، ولا يقروا في مقعد من المقاعد التي كانت لهم منها...
وروي في هذا الباب أحاديث صحاح، مضمنها : أن الشياطين كانت تصعد إلى السماء، فتقعد للسمع واحدا فوق واحد، فيتقدم الأجسر نحو السماء ثم الذي يليه، فيقضي الله تعالى الأمر من أمر الأرض، فيتحدث به أهل السماء، فيسمعه منهم الشيطان الأدنى، فيلقيه إلى الذي تحته فربما أحرقه شهاب، وقد ألقى الكلام، وربما لم يحرقه.. فتنزل تلك الكلمة إلى الكهان، فيكون معها مائة كذبة، وتصدق تلك الكلمة فيصدق الجاهلون الجميع... فلما جاء الله بالإسلام حرست السماء بشدة، فلا يفلت شيطان سمع بتة. ]٦.
٢ سورة الحجر. الآيتان: ١٦، ١٧..
٣ سورة الملك من الآية ٥..
٤ سورة الجن. من الآية ١، والآية ٢..
٥ سورة الجن. من الآية ١..
٦ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
﴿ واصب ﴾ دائم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦:﴿ إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب( ٦ )وحفظا من كل شيطان مارد( ٧ )لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب( ٨ )دحورا ولهم عذاب واصب( ٩ )إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب( ١٠ ) ﴾.
خالق السماوات والأرض وما بينهما، وخالق كل شيء ومليكه ومدبره، وولي مطالع الكواكب من حيث يبدو رأي العين جهة ظهورها، هو الذي زين السماء الدنيا القريبة منا بالكواكب تستضيء الأرض بها وتزدان السماء، كما جاء في قوله تعالى :﴿ ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين.. ﴾١ ؛ وكذا الآيات الكريمة :﴿ ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين. وحفظناها من كل شيطان رجيم ﴾٢ ؛ وكأن التقدير وحفظناها حفظا من كل جني عات متمرد، بعد عن الحق، وتعرى عن الخيرات ؛ لئلا يصلوا إلى حيث قد يتسنى لأحدهم أن يستمع إلى حديث السماء ومن فيها من سكانها الملائكة، وهم الجمع العلوي من الخلق في مقابلة العالم السفلي سكان الأرض، ويرمون ويرجمون من أي صوب وناحية من السماء يتجهون حيالها ابتغاء استراق السمع، فيظلون ممنوعين منها مطرودين مدفوعين عنها، ولهم عذاب دائم مقيم ؛ وهو كما قال ربنا جل ثناؤه :﴿.. وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير ﴾٣ ؛ إلا من اختطف من الشياطين الكلمة يسمعها من السماء فإن لهبا من السماء ينقض عليه يتوقد فيحرقه. مما في صحيح مسلم-رحمه الله- عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما :... انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا : ما لكم ؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب قالوا : ما ذاك إلا من شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة وهووا بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له وقالوا : هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فرجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا.. ﴿ إنا سمعنا قرآنا عجبا. يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بعبادة بربنا أحدا )٤ فأنزل الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم : قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن.. ﴾٥ "، [ وإنما كانوا من قبل كالمتجسسة من الإنس، يبلغ الواحد منهم حاجته ولا يبلغها غيره، ويسلم واحد ولا يسلم غيره، بل يقبض عليه ويعاقب وينكّل، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم زيد في حفظ السماء، وأعدت لهم شهب لم تكن من قبل، ليدحروا عن جميع جوانب السماء، ولا يقروا في مقعد من المقاعد التي كانت لهم منها...
وروي في هذا الباب أحاديث صحاح، مضمنها : أن الشياطين كانت تصعد إلى السماء، فتقعد للسمع واحدا فوق واحد، فيتقدم الأجسر نحو السماء ثم الذي يليه، فيقضي الله تعالى الأمر من أمر الأرض، فيتحدث به أهل السماء، فيسمعه منهم الشيطان الأدنى، فيلقيه إلى الذي تحته فربما أحرقه شهاب، وقد ألقى الكلام، وربما لم يحرقه.. فتنزل تلك الكلمة إلى الكهان، فيكون معها مائة كذبة، وتصدق تلك الكلمة فيصدق الجاهلون الجميع... فلما جاء الله بالإسلام حرست السماء بشدة، فلا يفلت شيطان سمع بتة. ]٦.
٢ سورة الحجر. الآيتان: ١٦، ١٧..
٣ سورة الملك من الآية ٥..
٤ سورة الجن. من الآية ١، والآية ٢..
٥ سورة الجن. من الآية ١..
٦ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
﴿ ثاقب ﴾ متوقد مضيء.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦:﴿ إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب( ٦ )وحفظا من كل شيطان مارد( ٧ )لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب( ٨ )دحورا ولهم عذاب واصب( ٩ )إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب( ١٠ ) ﴾.
خالق السماوات والأرض وما بينهما، وخالق كل شيء ومليكه ومدبره، وولي مطالع الكواكب من حيث يبدو رأي العين جهة ظهورها، هو الذي زين السماء الدنيا القريبة منا بالكواكب تستضيء الأرض بها وتزدان السماء، كما جاء في قوله تعالى :﴿ ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين.. ﴾١ ؛ وكذا الآيات الكريمة :﴿ ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين. وحفظناها من كل شيطان رجيم ﴾٢ ؛ وكأن التقدير وحفظناها حفظا من كل جني عات متمرد، بعد عن الحق، وتعرى عن الخيرات ؛ لئلا يصلوا إلى حيث قد يتسنى لأحدهم أن يستمع إلى حديث السماء ومن فيها من سكانها الملائكة، وهم الجمع العلوي من الخلق في مقابلة العالم السفلي سكان الأرض، ويرمون ويرجمون من أي صوب وناحية من السماء يتجهون حيالها ابتغاء استراق السمع، فيظلون ممنوعين منها مطرودين مدفوعين عنها، ولهم عذاب دائم مقيم ؛ وهو كما قال ربنا جل ثناؤه :﴿.. وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير ﴾٣ ؛ إلا من اختطف من الشياطين الكلمة يسمعها من السماء فإن لهبا من السماء ينقض عليه يتوقد فيحرقه. مما في صحيح مسلم-رحمه الله- عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما :... انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا : ما لكم ؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب قالوا : ما ذاك إلا من شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة وهووا بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له وقالوا : هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فرجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا.. ﴿ إنا سمعنا قرآنا عجبا. يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بعبادة بربنا أحدا )٤ فأنزل الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم : قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن.. ﴾٥ "، [ وإنما كانوا من قبل كالمتجسسة من الإنس، يبلغ الواحد منهم حاجته ولا يبلغها غيره، ويسلم واحد ولا يسلم غيره، بل يقبض عليه ويعاقب وينكّل، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم زيد في حفظ السماء، وأعدت لهم شهب لم تكن من قبل، ليدحروا عن جميع جوانب السماء، ولا يقروا في مقعد من المقاعد التي كانت لهم منها...
وروي في هذا الباب أحاديث صحاح، مضمنها : أن الشياطين كانت تصعد إلى السماء، فتقعد للسمع واحدا فوق واحد، فيتقدم الأجسر نحو السماء ثم الذي يليه، فيقضي الله تعالى الأمر من أمر الأرض، فيتحدث به أهل السماء، فيسمعه منهم الشيطان الأدنى، فيلقيه إلى الذي تحته فربما أحرقه شهاب، وقد ألقى الكلام، وربما لم يحرقه.. فتنزل تلك الكلمة إلى الكهان، فيكون معها مائة كذبة، وتصدق تلك الكلمة فيصدق الجاهلون الجميع... فلما جاء الله بالإسلام حرست السماء بشدة، فلا يفلت شيطان سمع بتة. ]٦.
٢ سورة الحجر. الآيتان: ١٦، ١٧..
٣ سورة الملك من الآية ٥..
٤ سورة الجن. من الآية ١، والآية ٢..
٥ سورة الجن. من الآية ١..
٦ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
﴿ فاستفتهم ﴾ فاستخبرهم.
﴿ لازب ﴾ ملتزق ملتصق.
هدت الآيات التي في أول السورة إلى بصائر فيها من برهان التوحيد، فإن رب الملائكة ومطاعها ومعبودها، ورب السماوات ورافعها، ومزينها وحافظها ومجري كواكبها، ورب الأرض وما فيها ومن فيها من جن وإنس وخلق إنه إله واحد لا يعبد بحق سواه، وهذه الآيات تسوق الحجة على منكري البعث، ﴿ فاستفتهم ﴾ استخبرهم وسلهم سؤال المنكر عليهم جحودهم ﴿ أهم أشد خلقا أم من خلقنا ﴾ أهم أصعب تكوينا وإيجادا، وأعسر إنشاء وإبداعا ممن بدأناهم وخلقناهم من مخلوقاتنا العظيمة ؟ ! كلا ! فكم من خلق لله البارئ المصور، فاطر الكون لو تفكرنا في عجيب صنع الله فيه لتبين لنا أن أمر بني البشر بجانب ما برأ سبحانه وذرأ هين ويسير، وصدق الله العظيم :﴿ لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ﴾١.
﴿ إنا خلقناهم من طين لازب( ١١ ) ﴾ إنا بدأنا خلق أبيهم آدم من طين متخمر لازب يلزق، فهل من هذا بدء خلقهم يستبعد جمع أجزاء أجسامهم يوم بعثهم ؟ ﴿ وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ﴾٢، -والفاء فصيحة، أي : إذا كان لنا من المخلوقات ما سمعت.. فاستخبر مشركي مكة واسألهم على سبيل التبكيت :﴿ أهم أشد خلقا ﴾ أي : أقوى خلقة، وأمتن بنية ؟... ﴿ أم من خلقنا ﴾ من الملائكة والسماوات والأرض وما بينهما والمشارق والكواكب، والشياطين والشهب الثواقب... وغلب العقلاء على غيرهم... وأيا ما كان فخلقهم من طين لازب.. شهادة عليهم بالضعف والرخاوة، لأن ما يصنع من الطين غير موصوف بالصلابة والقوة.. -٣.
٢ سورة الروم الآية ٢٧..
٣ ما بين العارضتين من روح المعاني..
﴿ قل نعم وأنتم داخرون( ١٨ ) ﴾ أمر من الله تعالى لنبيه أن يرد على هؤلاء المتسائلين المستبعدين بعث الأجساد بعد صيرورتها ترابا أن يجيبهم بما يقرروا إتيان البعث لا محالة، قل لهم : نعم تبعثون ويبعث آباؤكم وتكونون على حال من الذلة والصغار حين تنشرون وتحشرون وتحاسبون، كما قال مولانا وهو أصدق القائلين :﴿ وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل.. ﴾١ وفي آية كريمة أخرى :﴿ ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم.. ﴾٢،
٢ سورة السجدة. من الآية ١٢..
﴿ فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون( ١٩ ) ﴾ ليست إعادة الأرواح إلى أجسادها، وجمعها بعد تفتتها وتفرق أجزائها، ليس ذلك بالأمر العسير علينا ولا مما يحتاج إلى وقت طويل، إنما هي نفخة في الصور ينفخها ملك بأمرنا فإذا الموتى قيام ينظرون إلى الهول المحيط بهم، ويعاينون ما كانوا يوعدون من قيام الساعة أو ينتظرون ما يقضى به في مصيرهم.
﴿ يوم الدين ﴾يوم الجزاء.
﴿ وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين( ٢٠ ) ﴾ أقر المنكرون إحياء الله الناس إذ عاينوا الآخرة بما كانوا يستبعدون وقوعه من قبل، ونادوا على أنفسهم بالهلاك، وشهدوا أن هذا هو يوم الجزاء.
عن قتادة :﴿ هذا يوم الدين ﴾ قال : يدين الله فيه العباد بأعمالهم. اه.
﴿ هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون٢١ ﴾ ويقال لهم هذا هو يوم يفصل الحق خير الحاكمين بين أهل الجنة، وأهل النار الهالكين، ولقد كنتم بكل هذا في دنياكم مكذبين، مما أورد صاحب تفسير غرائب القرآن :﴿ وقالوا يا ويلنا ﴾ الظاهر أن كلامهم يتم عند قوله :﴿ تكذبون ﴾ يقوله الكفرة فيما بينهم، وقيل : إن كلامهم يتم عند قوله :﴿ يا ويلنا ﴾ ثم قال الله، أو الملائكة : هذا يوم الجزاء والحساب ﴿ هذا يوم الفصل ﴾ القضاء والفرق بين المحسن والمسيء. اه.
﴿ ظلموا ﴾ أشركوا وأجرموا.
﴿ وأزواجهم ﴾ أشباههم.
﴿ احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون( ٢٢ )من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم( ٢٣ )وقفوهم إنهم مسئولون( ٢٤ )مالكم لا تناصرون( ٢٥ )بل هم اليوم مستسلمون( ٢٦ )وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون( ٢٧ )قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين( ٢٨ )قالوا بل لم تكونوا مؤمنين( ٢٩ )وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين( ٣٠ )فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون( ٣١ )فأغويناكم إنا كنا غاوين( ٣٢ )فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون( ٣٣ )إنا كذلك نفعل بالمجرمين( ٣٤ )إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون( ٣٥ )ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون( ٣٦ )بل جاء بالحق وصدق المرسلين( ٣٧ ) ﴾.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
﴿ صراط ﴾ طريق.
﴿ الجحيم ﴾ النار المتأججة.
﴿ احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون( ٢٢ )من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم( ٢٣ )وقفوهم إنهم مسئولون( ٢٤ )مالكم لا تناصرون( ٢٥ )بل هم اليوم مستسلمون( ٢٦ )وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون( ٢٧ )قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين( ٢٨ )قالوا بل لم تكونوا مؤمنين( ٢٩ )وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين( ٣٠ )فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون( ٣١ )فأغويناكم إنا كنا غاوين( ٣٢ )فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون( ٣٣ )إنا كذلك نفعل بالمجرمين( ٣٤ )إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون( ٣٥ )ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون( ٣٦ )بل جاء بالحق وصدق المرسلين( ٣٧ ) ﴾.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
﴿ احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون( ٢٢ )من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم( ٢٣ )وقفوهم إنهم مسئولون( ٢٤ )مالكم لا تناصرون( ٢٥ )بل هم اليوم مستسلمون( ٢٦ )وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون( ٢٧ )قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين( ٢٨ )قالوا بل لم تكونوا مؤمنين( ٢٩ )وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين( ٣٠ )فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون( ٣١ )فأغويناكم إنا كنا غاوين( ٣٢ )فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون( ٣٣ )إنا كذلك نفعل بالمجرمين( ٣٤ )إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون( ٣٥ )ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون( ٣٦ )بل جاء بالحق وصدق المرسلين( ٣٧ ) ﴾.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
﴿ احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون( ٢٢ )من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم( ٢٣ )وقفوهم إنهم مسئولون( ٢٤ )مالكم لا تناصرون( ٢٥ )بل هم اليوم مستسلمون( ٢٦ )وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون( ٢٧ )قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين( ٢٨ )قالوا بل لم تكونوا مؤمنين( ٢٩ )وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين( ٣٠ )فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون( ٣١ )فأغويناكم إنا كنا غاوين( ٣٢ )فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون( ٣٣ )إنا كذلك نفعل بالمجرمين( ٣٤ )إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون( ٣٥ )ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون( ٣٦ )بل جاء بالحق وصدق المرسلين( ٣٧ ) ﴾.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
﴿ احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون( ٢٢ )من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم( ٢٣ )وقفوهم إنهم مسئولون( ٢٤ )مالكم لا تناصرون( ٢٥ )بل هم اليوم مستسلمون( ٢٦ )وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون( ٢٧ )قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين( ٢٨ )قالوا بل لم تكونوا مؤمنين( ٢٩ )وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين( ٣٠ )فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون( ٣١ )فأغويناكم إنا كنا غاوين( ٣٢ )فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون( ٣٣ )إنا كذلك نفعل بالمجرمين( ٣٤ )إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون( ٣٥ )ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون( ٣٦ )بل جاء بالحق وصدق المرسلين( ٣٧ ) ﴾.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
﴿ طاغين ﴾ متجاوزين الحد.
﴿ احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون( ٢٢ )من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم( ٢٣ )وقفوهم إنهم مسئولون( ٢٤ )مالكم لا تناصرون( ٢٥ )بل هم اليوم مستسلمون( ٢٦ )وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون( ٢٧ )قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين( ٢٨ )قالوا بل لم تكونوا مؤمنين( ٢٩ )وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين( ٣٠ )فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون( ٣١ )فأغويناكم إنا كنا غاوين( ٣٢ )فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون( ٣٣ )إنا كذلك نفعل بالمجرمين( ٣٤ )إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون( ٣٥ )ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون( ٣٦ )بل جاء بالحق وصدق المرسلين( ٣٧ ) ﴾.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
﴿ احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون( ٢٢ )من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم( ٢٣ )وقفوهم إنهم مسئولون( ٢٤ )مالكم لا تناصرون( ٢٥ )بل هم اليوم مستسلمون( ٢٦ )وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون( ٢٧ )قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين( ٢٨ )قالوا بل لم تكونوا مؤمنين( ٢٩ )وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين( ٣٠ )فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون( ٣١ )فأغويناكم إنا كنا غاوين( ٣٢ )فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون( ٣٣ )إنا كذلك نفعل بالمجرمين( ٣٤ )إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون( ٣٥ )ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون( ٣٦ )بل جاء بالحق وصدق المرسلين( ٣٧ ) ﴾.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
﴿ احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون( ٢٢ )من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم( ٢٣ )وقفوهم إنهم مسئولون( ٢٤ )مالكم لا تناصرون( ٢٥ )بل هم اليوم مستسلمون( ٢٦ )وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون( ٢٧ )قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين( ٢٨ )قالوا بل لم تكونوا مؤمنين( ٢٩ )وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين( ٣٠ )فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون( ٣١ )فأغويناكم إنا كنا غاوين( ٣٢ )فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون( ٣٣ )إنا كذلك نفعل بالمجرمين( ٣٤ )إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون( ٣٥ )ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون( ٣٦ )بل جاء بالحق وصدق المرسلين( ٣٧ ) ﴾.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
﴿ احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون( ٢٢ )من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم( ٢٣ )وقفوهم إنهم مسئولون( ٢٤ )مالكم لا تناصرون( ٢٥ )بل هم اليوم مستسلمون( ٢٦ )وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون( ٢٧ )قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين( ٢٨ )قالوا بل لم تكونوا مؤمنين( ٢٩ )وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين( ٣٠ )فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون( ٣١ )فأغويناكم إنا كنا غاوين( ٣٢ )فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون( ٣٣ )إنا كذلك نفعل بالمجرمين( ٣٤ )إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون( ٣٥ )ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون( ٣٦ )بل جاء بالحق وصدق المرسلين( ٣٧ ) ﴾.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
﴿ وصدق المرسلين ﴾ جاء مصدقا لمن سبقه من رسل الله كافة.
﴿ احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون( ٢٢ )من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم( ٢٣ )وقفوهم إنهم مسئولون( ٢٤ )مالكم لا تناصرون( ٢٥ )بل هم اليوم مستسلمون( ٢٦ )وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون( ٢٧ )قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين( ٢٨ )قالوا بل لم تكونوا مؤمنين( ٢٩ )وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين( ٣٠ )فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون( ٣١ )فأغويناكم إنا كنا غاوين( ٣٢ )فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون( ٣٣ )إنا كذلك نفعل بالمجرمين( ٣٤ )إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون( ٣٥ )ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون( ٣٦ )بل جاء بالحق وصدق المرسلين( ٣٧ ) ﴾.
يقول الواحد القهار، يوم تشخص الأبصار : اجمعوا المشركين ومن شايعهم١ وتابعهم، وسوقوا المجرمين ومن رضي بعدوانهم أو وادعهم ومعهم آلهتهم التي زعموها، ليكونوا وإياهم حطبا للنار إذا وردوها، فأروهم الطريق إلى جهنم، واحبسوهم لنسألهم عما أجرموا... ﴿ ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ﴾٢، كما قال الله عز وجل :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ﴾٣.
ثم يقال لهم تحسيرا :﴿ مالكم لا تناصرون ﴾ ما الذي دهاكم فلا ينصر بعضكم بعضا، وأصله : تتناصرون، حذفت إحدى التاءين، ولقد أعذر ربنا وأنذر :﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾٤، ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ كل أتوا الواحد القهار أذلة خاضعين ﴿ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ﴾٥، مما أورد صاحب روح المعاني :﴿ وقفوهم ﴾ أي : احبسوهم في الموقف ﴿ إنهم مسئولون ﴾ عن عقائدهم وأعمالهم، وفي الحديث :( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس : عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به... والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف ﴿ اهدوهم ﴾ على ﴿ احشروا ﴾ بالفاء إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم :﴿ ما لكم لا تناصرون ؟ ﴾ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر، وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. اهـ.
﴿ وأقبل بعضهم على بعض ﴾ اتجه بعض الكافرين والمجرمين إلى بعض اتجاه المتخاصم المتلاوم، والمتحسر النادم ﴿ يتساءلون ﴾ يسأل الأتباع كبراءهم، كما يشير إلى ذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ فبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء.. ﴾٦.
وذهب الطبري إلى أن الإنس الكافرين يسألون الجن الشياطين المضلين، وكأنه أخذ ذلك من معنى قول الحق سبحانه :﴿ ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ﴾٧.
﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ قال الضالون لمن أضلوهم إنما أتيتمونا وتوصلتم إلى إضلالنا بما كنتم تقسمون به من أيمان تحلفون زورا أنكم على الحق، وما كنتم إلا مبطلين كاذبين :﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم.. ﴾٨، أو أتيتمونا من ناحية الخير، وزعمتم أن طريقكم أهدى مما دعانا إليه رسل الله، وزينتم لنا أن اليمن والبركة فيما تنتهجون، وحكى عن بعض أن من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين فلبّس عليه الحق، ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة والثواب والعقاب، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة، وكأنهم جعلوا اليمين هنا يراد بها الصوب والناحية اليمنى، وجمعها : أيمان، وتأولوا ما جاء في الآية الكريمة ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٩.
﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ قال قتادة : هذا قول الشياطين لهم، وقيل من قول الرؤساء، أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر، بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ أي من حجة في ترك الحق، ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي ضالين متجاوزين الحد.
﴿ فحق علينا قول ربنا ﴾ هو أيضا من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل... هذه المحاجة والمجادلة بين الهالكين المعذبين آتية لا ريب فيها :﴿ إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ﴾١٠ فهو بلسان المقال، وليس مجازا ولا بلسان الحال، وصدق ربنا ذو الجلال :﴿... ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين. قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب.. ﴾١١.
﴿ إنا لذائقون ﴾ [ فكأنهم قالوا : ولأجل أنا جميعا في حد ذاتنا لم نكن مؤمنين وكنا قوما طاغين لزمنا قول ربنا وخالقنا، العالم بما نحن عليه... وثبت علينا وعيده سبحانه بأنا ذائقون لا محالة لعذابه عز وجل... فلا يلومن بعضنا بعضا، ولكن لِيَلُم كل منا نفسه... ﴿ فأغويناكم ﴾ أي : فدعوناكم إلى الغي... ﴿ إنا كنا غاوين ﴾... وملخص كلامهم : إنه ليس منا في حقكم على الحقيقة سوى حب أن تكونوا مثلنا، وهو غير ضار لكم، وإنما الضار سوء اختياركم وقبح استعدادكم فذلك الذي ترتب عليه حقية الوعد عليكم، وثبوت هذا العذاب لكم ]١٢ وقريب من هذا ما جاء في آيات كريمة :﴿ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ﴾١٣ وقوله جل ثناؤه :﴿... كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ﴾١٤.
﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ ومهما تلاعنوا وتخاصموا، وتبرأ بعضهم من بعض وتشاتموا، فالعذاب واقع على الفريقين كليهما﴿ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾١٥ والشيطان يخذلهم ويزيدهم خبالا فيقول ما حكاه القرآن المجيد :﴿.. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾١٦، والشركة لا تقتضي المساواة فإن المغوين يؤخذون بذنوبهم وذنوب من فتنوهم عن الحق وكانوا سببا في إغوائهم مصداقا لوعيد الواحد القهار ﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾١٧.
﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ استيقنوا أنا نوقع هذا الوبال والنكال بكل أهل الكفر والضلال، ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ هؤلاء الذين يحل بهم الخسار وعذاب النار كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يأبون ويأنفون، ولا يقولون ولا يقبلون، فلا يقرون بوحدانية الله تعالى١٨. ﴿ ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يكذبون بالرسل ويسخرون منه ويتهمونه بالسحر والشعر والجنون، فهم بهذا الإفك والافتراء ينكرون الوحي ويكفرون بما أنزل على النبي، مثلما شهد عليهم الكتاب الحق :﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾١٩.
﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ فالذي أنزل إليه من ربه هو الحق، وليس بدعا من الرسل، بل دعا إلى مثل ما دعا إليه إخوانه الذين بعثهم الله تعالى بالهدى والرسالات من قبله، والله تعالى يشهد بذلك في قوله الحكيم :﴿ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.. ﴾٢٠.
يقال لهم تحسيرا وتخسيرا : ستصلون لا محالة العذاب الدائم الذي لا ينقطع ولا يفتر ولا يخف، وهو بالغ أقصى الوجع وأخزاه، وما ظلمكم الله، وإنما تثابون على ما قدمتم في الحياة الدنيا :﴿ وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ﴾١.
[ ﴿ إنكم ﴾ بما فعلتم من الإشراك وتكذيب الرسول عليه الصلاة والسلام والاستكبار ﴿ لذائقو العذاب الأليم ﴾ والالتفات لإظهار كمال الغضب عليهم بمشافهتهم بهذا الوعيد، وعدم الاكتراث بهم وهو اللائق بالمستكبرين ]٢.
٢ ما بين العلامتين[ ]من روح المعاني..
يقال لهم تحسيرا وتخسيرا : ستصلون لا محالة العذاب الدائم الذي لا ينقطع ولا يفتر ولا يخف، وهو بالغ أقصى الوجع وأخزاه، وما ظلمكم الله، وإنما تثابون على ما قدمتم في الحياة الدنيا :﴿ وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ﴾١.
[ ﴿ إنكم ﴾ بما فعلتم من الإشراك وتكذيب الرسول عليه الصلاة والسلام والاستكبار ﴿ لذائقو العذاب الأليم ﴾ والالتفات لإظهار كمال الغضب عليهم بمشافهتهم بهذا الوعيد، وعدم الاكتراث بهم وهو اللائق بالمستكبرين ]٢.
٢ ما بين العلامتين[ ]من روح المعاني..
﴿ إلا عباد الله المخلصين( ٤٠ )أولئك لهم رزق معلوم( ٤١ )فواكه وهم مكرمون ( ٤٢ )في جنات النعيم( ٤٣ )على سرر متقابلين( ٤٤ )يطاف عليهم بكأس من معين( ٤٥ )بيضاء لذة للشاربين( ٤٦ )لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ( ٤٧ ) وعندهم قاصرات الطرف عين( ٤٨ )كأنهن بيض مكنون( ٤٩ ) ﴾.
لكن عباد الرحمن الذين أخلصهم الملك الديان لطاعته وولايته لا يذوقون العذاب، [ وقيل استثناء منقطع من ضمير ﴿ تجزون ﴾ على أن المعنى : تجزون بمثل ما عملتم، لكن عباد الله المخلصين يجزون أضعافا مضاعفة بالنسبة إلى ما عملوا.... ﴿ أولئك ﴾ العباد المذكورون، وفيه إشارة إلى أنهم ممتازون بما اتصفوا به من الإخلاص في عبادته تعالى عمن عداهم امتيازا بالغا، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإشعار بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم في الفضل، وهو مبتدأ، وقوله تعالى ﴿ لهم ﴾ إما خبر له، وقوله سبحانه :﴿ رزق ﴾ مرتفع على الفاعلية للظرف، وإما خبر مقدم، و﴿ رزق ﴾ مبتدأ مؤخر، والجملة خبر المبتدأ.. ﴿ معلوم ﴾ أي معلوم الخصائص ككونه غير مقطوع ولا ممنوع، حسن المنظر، لذيذ الطعم، طيب الرائحة.. ]١، ﴿ فواكه ﴾ بدل من رزق، بدل كل من كل، وقد تعني ما يؤكل للتلذذ دون الاقتيات، وقد تعني الثمار كلها رطبها ويابسها، ﴿ وهم مكرمون ﴾ والعباد المخلصون لا يلحقهم في الجنة هوان بل هم في ضيافة الكبير المتعال ﴿ في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾٢ موفورة كرامتهم، وهذا من نعيمهم المعنوي فوق ما ينالهم من النعيم الحسي، ﴿ في جنات النعيم. على سرر متقابلين ﴾ مستقرهم جنات ليس فيها كد ولا هم، ولا سقم ولا موت، وإنما هي للنعيم المقيم ﴿ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور. الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ﴾٣. ويجلسون على سرر مصفوفة، يتكئون عليها ووجوههم متقابلة، لا ينظر أحدهم إلى قفا الآخر.
﴿ يطاف عليهم بكأس من معين. بيضاء لذة للشاربين ﴾ تدار عليهم الأشربة الشهية اللذيذة، تجري وتتدفق بها جداول وأفلاج في الجنة، كالذي بشر الله تعالى به في قوله الكريم :﴿ مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى.. ﴾٤.
والآنية التي يسقون بها منها ما هو كأس اتسع فمه وليس له مقبض، ويطاف عليهم بآنية أخرى، كما جاء في قول الحق تبارك اسمه :﴿ يطوف عليهم ولدان مخلدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين ﴾٥، فالأكواب أوان لها عرى وليس لها خراطيم، والأباريق أوان ذات عرى وخراطيم، والكأس بيضاء يستمتع الشارب برؤيتها ويتلذذ بشرب ما فيها، ﴿ لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾ ليس في أشربة الجنة ما يعقب شاربها وجعا أو مغصا أو مرضا، أو صداعا، ولا ما يدخل عليه فسادا يلحقه في خفاء وهو لا يدري، كما أنها لا تذهب العقل، ولا توهن البدن، وقيل عن للتعليل والسببية.
﴿ وعندهم قاصرات الطرف عين. كأنهن بيض مكنون ﴾ ومع عباد الله المخلصين في جنات النعيم نساء قصرن أنظارهن على أزواجهن، لا يمددن بصرا إلى غيرهم، واسعات أعينهن، بلغن الغاية في الجمال، والصون والعفاف، كالبيض الذي كنه الريش في العش، فلم تمسه الأيدي، ولم يصبه الغبار.
٢ من سورة القمر. الآية ٥٥..
٣ سورة فاطر. الآيتان: ٢٤، ٢٥..
٤ سورة محمد. من الآية١٥..
٥ سورة الواقعة. الآيتان: ١٧، ١٨..
﴿ إلا عباد الله المخلصين( ٤٠ )أولئك لهم رزق معلوم( ٤١ )فواكه وهم مكرمون ( ٤٢ )في جنات النعيم( ٤٣ )على سرر متقابلين( ٤٤ )يطاف عليهم بكأس من معين( ٤٥ )بيضاء لذة للشاربين( ٤٦ )لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ( ٤٧ ) وعندهم قاصرات الطرف عين( ٤٨ )كأنهن بيض مكنون( ٤٩ ) ﴾.
لكن عباد الرحمن الذين أخلصهم الملك الديان لطاعته وولايته لا يذوقون العذاب، [ وقيل استثناء منقطع من ضمير ﴿ تجزون ﴾ على أن المعنى : تجزون بمثل ما عملتم، لكن عباد الله المخلصين يجزون أضعافا مضاعفة بالنسبة إلى ما عملوا.... ﴿ أولئك ﴾ العباد المذكورون، وفيه إشارة إلى أنهم ممتازون بما اتصفوا به من الإخلاص في عبادته تعالى عمن عداهم امتيازا بالغا، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإشعار بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم في الفضل، وهو مبتدأ، وقوله تعالى ﴿ لهم ﴾ إما خبر له، وقوله سبحانه :﴿ رزق ﴾ مرتفع على الفاعلية للظرف، وإما خبر مقدم، و﴿ رزق ﴾ مبتدأ مؤخر، والجملة خبر المبتدأ.. ﴿ معلوم ﴾ أي معلوم الخصائص ككونه غير مقطوع ولا ممنوع، حسن المنظر، لذيذ الطعم، طيب الرائحة.. ]١، ﴿ فواكه ﴾ بدل من رزق، بدل كل من كل، وقد تعني ما يؤكل للتلذذ دون الاقتيات، وقد تعني الثمار كلها رطبها ويابسها، ﴿ وهم مكرمون ﴾ والعباد المخلصون لا يلحقهم في الجنة هوان بل هم في ضيافة الكبير المتعال ﴿ في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾٢ موفورة كرامتهم، وهذا من نعيمهم المعنوي فوق ما ينالهم من النعيم الحسي، ﴿ في جنات النعيم. على سرر متقابلين ﴾ مستقرهم جنات ليس فيها كد ولا هم، ولا سقم ولا موت، وإنما هي للنعيم المقيم ﴿ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور. الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ﴾٣. ويجلسون على سرر مصفوفة، يتكئون عليها ووجوههم متقابلة، لا ينظر أحدهم إلى قفا الآخر.
﴿ يطاف عليهم بكأس من معين. بيضاء لذة للشاربين ﴾ تدار عليهم الأشربة الشهية اللذيذة، تجري وتتدفق بها جداول وأفلاج في الجنة، كالذي بشر الله تعالى به في قوله الكريم :﴿ مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى.. ﴾٤.
والآنية التي يسقون بها منها ما هو كأس اتسع فمه وليس له مقبض، ويطاف عليهم بآنية أخرى، كما جاء في قول الحق تبارك اسمه :﴿ يطوف عليهم ولدان مخلدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين ﴾٥، فالأكواب أوان لها عرى وليس لها خراطيم، والأباريق أوان ذات عرى وخراطيم، والكأس بيضاء يستمتع الشارب برؤيتها ويتلذذ بشرب ما فيها، ﴿ لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾ ليس في أشربة الجنة ما يعقب شاربها وجعا أو مغصا أو مرضا، أو صداعا، ولا ما يدخل عليه فسادا يلحقه في خفاء وهو لا يدري، كما أنها لا تذهب العقل، ولا توهن البدن، وقيل عن للتعليل والسببية.
﴿ وعندهم قاصرات الطرف عين. كأنهن بيض مكنون ﴾ ومع عباد الله المخلصين في جنات النعيم نساء قصرن أنظارهن على أزواجهن، لا يمددن بصرا إلى غيرهم، واسعات أعينهن، بلغن الغاية في الجمال، والصون والعفاف، كالبيض الذي كنه الريش في العش، فلم تمسه الأيدي، ولم يصبه الغبار.
٢ من سورة القمر. الآية ٥٥..
٣ سورة فاطر. الآيتان: ٢٤، ٢٥..
٤ سورة محمد. من الآية١٥..
٥ سورة الواقعة. الآيتان: ١٧، ١٨..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:﴿ المخلصين ﴾ أخلصهم الله تعالى لطاعته وولايته.
﴿ إلا عباد الله المخلصين( ٤٠ )أولئك لهم رزق معلوم( ٤١ )فواكه وهم مكرمون ( ٤٢ )في جنات النعيم( ٤٣ )على سرر متقابلين( ٤٤ )يطاف عليهم بكأس من معين( ٤٥ )بيضاء لذة للشاربين( ٤٦ )لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ( ٤٧ ) وعندهم قاصرات الطرف عين( ٤٨ )كأنهن بيض مكنون( ٤٩ ) ﴾.
لكن عباد الرحمن الذين أخلصهم الملك الديان لطاعته وولايته لا يذوقون العذاب، [ وقيل استثناء منقطع من ضمير ﴿ تجزون ﴾ على أن المعنى : تجزون بمثل ما عملتم، لكن عباد الله المخلصين يجزون أضعافا مضاعفة بالنسبة إلى ما عملوا.... ﴿ أولئك ﴾ العباد المذكورون، وفيه إشارة إلى أنهم ممتازون بما اتصفوا به من الإخلاص في عبادته تعالى عمن عداهم امتيازا بالغا، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإشعار بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم في الفضل، وهو مبتدأ، وقوله تعالى ﴿ لهم ﴾ إما خبر له، وقوله سبحانه :﴿ رزق ﴾ مرتفع على الفاعلية للظرف، وإما خبر مقدم، و﴿ رزق ﴾ مبتدأ مؤخر، والجملة خبر المبتدأ.. ﴿ معلوم ﴾ أي معلوم الخصائص ككونه غير مقطوع ولا ممنوع، حسن المنظر، لذيذ الطعم، طيب الرائحة.. ]١، ﴿ فواكه ﴾ بدل من رزق، بدل كل من كل، وقد تعني ما يؤكل للتلذذ دون الاقتيات، وقد تعني الثمار كلها رطبها ويابسها، ﴿ وهم مكرمون ﴾ والعباد المخلصون لا يلحقهم في الجنة هوان بل هم في ضيافة الكبير المتعال ﴿ في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾٢ موفورة كرامتهم، وهذا من نعيمهم المعنوي فوق ما ينالهم من النعيم الحسي، ﴿ في جنات النعيم. على سرر متقابلين ﴾ مستقرهم جنات ليس فيها كد ولا هم، ولا سقم ولا موت، وإنما هي للنعيم المقيم ﴿ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور. الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ﴾٣. ويجلسون على سرر مصفوفة، يتكئون عليها ووجوههم متقابلة، لا ينظر أحدهم إلى قفا الآخر.
﴿ يطاف عليهم بكأس من معين. بيضاء لذة للشاربين ﴾ تدار عليهم الأشربة الشهية اللذيذة، تجري وتتدفق بها جداول وأفلاج في الجنة، كالذي بشر الله تعالى به في قوله الكريم :﴿ مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى.. ﴾٤.
والآنية التي يسقون بها منها ما هو كأس اتسع فمه وليس له مقبض، ويطاف عليهم بآنية أخرى، كما جاء في قول الحق تبارك اسمه :﴿ يطوف عليهم ولدان مخلدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين ﴾٥، فالأكواب أوان لها عرى وليس لها خراطيم، والأباريق أوان ذات عرى وخراطيم، والكأس بيضاء يستمتع الشارب برؤيتها ويتلذذ بشرب ما فيها، ﴿ لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾ ليس في أشربة الجنة ما يعقب شاربها وجعا أو مغصا أو مرضا، أو صداعا، ولا ما يدخل عليه فسادا يلحقه في خفاء وهو لا يدري، كما أنها لا تذهب العقل، ولا توهن البدن، وقيل عن للتعليل والسببية.
﴿ وعندهم قاصرات الطرف عين. كأنهن بيض مكنون ﴾ ومع عباد الله المخلصين في جنات النعيم نساء قصرن أنظارهن على أزواجهن، لا يمددن بصرا إلى غيرهم، واسعات أعينهن، بلغن الغاية في الجمال، والصون والعفاف، كالبيض الذي كنه الريش في العش، فلم تمسه الأيدي، ولم يصبه الغبار.
٢ من سورة القمر. الآية ٥٥..
٣ سورة فاطر. الآيتان: ٢٤، ٢٥..
٤ سورة محمد. من الآية١٥..
٥ سورة الواقعة. الآيتان: ١٧، ١٨..
﴿ إلا عباد الله المخلصين( ٤٠ )أولئك لهم رزق معلوم( ٤١ )فواكه وهم مكرمون ( ٤٢ )في جنات النعيم( ٤٣ )على سرر متقابلين( ٤٤ )يطاف عليهم بكأس من معين( ٤٥ )بيضاء لذة للشاربين( ٤٦ )لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ( ٤٧ ) وعندهم قاصرات الطرف عين( ٤٨ )كأنهن بيض مكنون( ٤٩ ) ﴾.
لكن عباد الرحمن الذين أخلصهم الملك الديان لطاعته وولايته لا يذوقون العذاب، [ وقيل استثناء منقطع من ضمير ﴿ تجزون ﴾ على أن المعنى : تجزون بمثل ما عملتم، لكن عباد الله المخلصين يجزون أضعافا مضاعفة بالنسبة إلى ما عملوا.... ﴿ أولئك ﴾ العباد المذكورون، وفيه إشارة إلى أنهم ممتازون بما اتصفوا به من الإخلاص في عبادته تعالى عمن عداهم امتيازا بالغا، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإشعار بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم في الفضل، وهو مبتدأ، وقوله تعالى ﴿ لهم ﴾ إما خبر له، وقوله سبحانه :﴿ رزق ﴾ مرتفع على الفاعلية للظرف، وإما خبر مقدم، و﴿ رزق ﴾ مبتدأ مؤخر، والجملة خبر المبتدأ.. ﴿ معلوم ﴾ أي معلوم الخصائص ككونه غير مقطوع ولا ممنوع، حسن المنظر، لذيذ الطعم، طيب الرائحة.. ]١، ﴿ فواكه ﴾ بدل من رزق، بدل كل من كل، وقد تعني ما يؤكل للتلذذ دون الاقتيات، وقد تعني الثمار كلها رطبها ويابسها، ﴿ وهم مكرمون ﴾ والعباد المخلصون لا يلحقهم في الجنة هوان بل هم في ضيافة الكبير المتعال ﴿ في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾٢ موفورة كرامتهم، وهذا من نعيمهم المعنوي فوق ما ينالهم من النعيم الحسي، ﴿ في جنات النعيم. على سرر متقابلين ﴾ مستقرهم جنات ليس فيها كد ولا هم، ولا سقم ولا موت، وإنما هي للنعيم المقيم ﴿ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور. الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ﴾٣. ويجلسون على سرر مصفوفة، يتكئون عليها ووجوههم متقابلة، لا ينظر أحدهم إلى قفا الآخر.
﴿ يطاف عليهم بكأس من معين. بيضاء لذة للشاربين ﴾ تدار عليهم الأشربة الشهية اللذيذة، تجري وتتدفق بها جداول وأفلاج في الجنة، كالذي بشر الله تعالى به في قوله الكريم :﴿ مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى.. ﴾٤.
والآنية التي يسقون بها منها ما هو كأس اتسع فمه وليس له مقبض، ويطاف عليهم بآنية أخرى، كما جاء في قول الحق تبارك اسمه :﴿ يطوف عليهم ولدان مخلدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين ﴾٥، فالأكواب أوان لها عرى وليس لها خراطيم، والأباريق أوان ذات عرى وخراطيم، والكأس بيضاء يستمتع الشارب برؤيتها ويتلذذ بشرب ما فيها، ﴿ لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾ ليس في أشربة الجنة ما يعقب شاربها وجعا أو مغصا أو مرضا، أو صداعا، ولا ما يدخل عليه فسادا يلحقه في خفاء وهو لا يدري، كما أنها لا تذهب العقل، ولا توهن البدن، وقيل عن للتعليل والسببية.
﴿ وعندهم قاصرات الطرف عين. كأنهن بيض مكنون ﴾ ومع عباد الله المخلصين في جنات النعيم نساء قصرن أنظارهن على أزواجهن، لا يمددن بصرا إلى غيرهم، واسعات أعينهن، بلغن الغاية في الجمال، والصون والعفاف، كالبيض الذي كنه الريش في العش، فلم تمسه الأيدي، ولم يصبه الغبار.
٢ من سورة القمر. الآية ٥٥..
٣ سورة فاطر. الآيتان: ٢٤، ٢٥..
٤ سورة محمد. من الآية١٥..
٥ سورة الواقعة. الآيتان: ١٧، ١٨..
﴿ إلا عباد الله المخلصين( ٤٠ )أولئك لهم رزق معلوم( ٤١ )فواكه وهم مكرمون ( ٤٢ )في جنات النعيم( ٤٣ )على سرر متقابلين( ٤٤ )يطاف عليهم بكأس من معين( ٤٥ )بيضاء لذة للشاربين( ٤٦ )لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ( ٤٧ ) وعندهم قاصرات الطرف عين( ٤٨ )كأنهن بيض مكنون( ٤٩ ) ﴾.
لكن عباد الرحمن الذين أخلصهم الملك الديان لطاعته وولايته لا يذوقون العذاب، [ وقيل استثناء منقطع من ضمير ﴿ تجزون ﴾ على أن المعنى : تجزون بمثل ما عملتم، لكن عباد الله المخلصين يجزون أضعافا مضاعفة بالنسبة إلى ما عملوا.... ﴿ أولئك ﴾ العباد المذكورون، وفيه إشارة إلى أنهم ممتازون بما اتصفوا به من الإخلاص في عبادته تعالى عمن عداهم امتيازا بالغا، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإشعار بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم في الفضل، وهو مبتدأ، وقوله تعالى ﴿ لهم ﴾ إما خبر له، وقوله سبحانه :﴿ رزق ﴾ مرتفع على الفاعلية للظرف، وإما خبر مقدم، و﴿ رزق ﴾ مبتدأ مؤخر، والجملة خبر المبتدأ.. ﴿ معلوم ﴾ أي معلوم الخصائص ككونه غير مقطوع ولا ممنوع، حسن المنظر، لذيذ الطعم، طيب الرائحة.. ]١، ﴿ فواكه ﴾ بدل من رزق، بدل كل من كل، وقد تعني ما يؤكل للتلذذ دون الاقتيات، وقد تعني الثمار كلها رطبها ويابسها، ﴿ وهم مكرمون ﴾ والعباد المخلصون لا يلحقهم في الجنة هوان بل هم في ضيافة الكبير المتعال ﴿ في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾٢ موفورة كرامتهم، وهذا من نعيمهم المعنوي فوق ما ينالهم من النعيم الحسي، ﴿ في جنات النعيم. على سرر متقابلين ﴾ مستقرهم جنات ليس فيها كد ولا هم، ولا سقم ولا موت، وإنما هي للنعيم المقيم ﴿ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور. الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ﴾٣. ويجلسون على سرر مصفوفة، يتكئون عليها ووجوههم متقابلة، لا ينظر أحدهم إلى قفا الآخر.
﴿ يطاف عليهم بكأس من معين. بيضاء لذة للشاربين ﴾ تدار عليهم الأشربة الشهية اللذيذة، تجري وتتدفق بها جداول وأفلاج في الجنة، كالذي بشر الله تعالى به في قوله الكريم :﴿ مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى.. ﴾٤.
والآنية التي يسقون بها منها ما هو كأس اتسع فمه وليس له مقبض، ويطاف عليهم بآنية أخرى، كما جاء في قول الحق تبارك اسمه :﴿ يطوف عليهم ولدان مخلدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين ﴾٥، فالأكواب أوان لها عرى وليس لها خراطيم، والأباريق أوان ذات عرى وخراطيم، والكأس بيضاء يستمتع الشارب برؤيتها ويتلذذ بشرب ما فيها، ﴿ لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾ ليس في أشربة الجنة ما يعقب شاربها وجعا أو مغصا أو مرضا، أو صداعا، ولا ما يدخل عليه فسادا يلحقه في خفاء وهو لا يدري، كما أنها لا تذهب العقل، ولا توهن البدن، وقيل عن للتعليل والسببية.
﴿ وعندهم قاصرات الطرف عين. كأنهن بيض مكنون ﴾ ومع عباد الله المخلصين في جنات النعيم نساء قصرن أنظارهن على أزواجهن، لا يمددن بصرا إلى غيرهم، واسعات أعينهن، بلغن الغاية في الجمال، والصون والعفاف، كالبيض الذي كنه الريش في العش، فلم تمسه الأيدي، ولم يصبه الغبار.
٢ من سورة القمر. الآية ٥٥..
٣ سورة فاطر. الآيتان: ٢٤، ٢٥..
٤ سورة محمد. من الآية١٥..
٥ سورة الواقعة. الآيتان: ١٧، ١٨..
﴿ معين ﴾ شراب جار ظاهر.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:﴿ المخلصين ﴾ أخلصهم الله تعالى لطاعته وولايته.
﴿ إلا عباد الله المخلصين( ٤٠ )أولئك لهم رزق معلوم( ٤١ )فواكه وهم مكرمون ( ٤٢ )في جنات النعيم( ٤٣ )على سرر متقابلين( ٤٤ )يطاف عليهم بكأس من معين( ٤٥ )بيضاء لذة للشاربين( ٤٦ )لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ( ٤٧ ) وعندهم قاصرات الطرف عين( ٤٨ )كأنهن بيض مكنون( ٤٩ ) ﴾.
لكن عباد الرحمن الذين أخلصهم الملك الديان لطاعته وولايته لا يذوقون العذاب، [ وقيل استثناء منقطع من ضمير ﴿ تجزون ﴾ على أن المعنى : تجزون بمثل ما عملتم، لكن عباد الله المخلصين يجزون أضعافا مضاعفة بالنسبة إلى ما عملوا.... ﴿ أولئك ﴾ العباد المذكورون، وفيه إشارة إلى أنهم ممتازون بما اتصفوا به من الإخلاص في عبادته تعالى عمن عداهم امتيازا بالغا، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإشعار بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم في الفضل، وهو مبتدأ، وقوله تعالى ﴿ لهم ﴾ إما خبر له، وقوله سبحانه :﴿ رزق ﴾ مرتفع على الفاعلية للظرف، وإما خبر مقدم، و﴿ رزق ﴾ مبتدأ مؤخر، والجملة خبر المبتدأ.. ﴿ معلوم ﴾ أي معلوم الخصائص ككونه غير مقطوع ولا ممنوع، حسن المنظر، لذيذ الطعم، طيب الرائحة.. ]١، ﴿ فواكه ﴾ بدل من رزق، بدل كل من كل، وقد تعني ما يؤكل للتلذذ دون الاقتيات، وقد تعني الثمار كلها رطبها ويابسها، ﴿ وهم مكرمون ﴾ والعباد المخلصون لا يلحقهم في الجنة هوان بل هم في ضيافة الكبير المتعال ﴿ في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾٢ موفورة كرامتهم، وهذا من نعيمهم المعنوي فوق ما ينالهم من النعيم الحسي، ﴿ في جنات النعيم. على سرر متقابلين ﴾ مستقرهم جنات ليس فيها كد ولا هم، ولا سقم ولا موت، وإنما هي للنعيم المقيم ﴿ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور. الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ﴾٣. ويجلسون على سرر مصفوفة، يتكئون عليها ووجوههم متقابلة، لا ينظر أحدهم إلى قفا الآخر.
﴿ يطاف عليهم بكأس من معين. بيضاء لذة للشاربين ﴾ تدار عليهم الأشربة الشهية اللذيذة، تجري وتتدفق بها جداول وأفلاج في الجنة، كالذي بشر الله تعالى به في قوله الكريم :﴿ مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى.. ﴾٤.
والآنية التي يسقون بها منها ما هو كأس اتسع فمه وليس له مقبض، ويطاف عليهم بآنية أخرى، كما جاء في قول الحق تبارك اسمه :﴿ يطوف عليهم ولدان مخلدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين ﴾٥، فالأكواب أوان لها عرى وليس لها خراطيم، والأباريق أوان ذات عرى وخراطيم، والكأس بيضاء يستمتع الشارب برؤيتها ويتلذذ بشرب ما فيها، ﴿ لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾ ليس في أشربة الجنة ما يعقب شاربها وجعا أو مغصا أو مرضا، أو صداعا، ولا ما يدخل عليه فسادا يلحقه في خفاء وهو لا يدري، كما أنها لا تذهب العقل، ولا توهن البدن، وقيل عن للتعليل والسببية.
﴿ وعندهم قاصرات الطرف عين. كأنهن بيض مكنون ﴾ ومع عباد الله المخلصين في جنات النعيم نساء قصرن أنظارهن على أزواجهن، لا يمددن بصرا إلى غيرهم، واسعات أعينهن، بلغن الغاية في الجمال، والصون والعفاف، كالبيض الذي كنه الريش في العش، فلم تمسه الأيدي، ولم يصبه الغبار.
٢ من سورة القمر. الآية ٥٥..
٣ سورة فاطر. الآيتان: ٢٤، ٢٥..
٤ سورة محمد. من الآية١٥..
٥ سورة الواقعة. الآيتان: ١٧، ١٨..
﴿ إلا عباد الله المخلصين( ٤٠ )أولئك لهم رزق معلوم( ٤١ )فواكه وهم مكرمون ( ٤٢ )في جنات النعيم( ٤٣ )على سرر متقابلين( ٤٤ )يطاف عليهم بكأس من معين( ٤٥ )بيضاء لذة للشاربين( ٤٦ )لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ( ٤٧ ) وعندهم قاصرات الطرف عين( ٤٨ )كأنهن بيض مكنون( ٤٩ ) ﴾.
لكن عباد الرحمن الذين أخلصهم الملك الديان لطاعته وولايته لا يذوقون العذاب، [ وقيل استثناء منقطع من ضمير ﴿ تجزون ﴾ على أن المعنى : تجزون بمثل ما عملتم، لكن عباد الله المخلصين يجزون أضعافا مضاعفة بالنسبة إلى ما عملوا.... ﴿ أولئك ﴾ العباد المذكورون، وفيه إشارة إلى أنهم ممتازون بما اتصفوا به من الإخلاص في عبادته تعالى عمن عداهم امتيازا بالغا، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإشعار بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم في الفضل، وهو مبتدأ، وقوله تعالى ﴿ لهم ﴾ إما خبر له، وقوله سبحانه :﴿ رزق ﴾ مرتفع على الفاعلية للظرف، وإما خبر مقدم، و﴿ رزق ﴾ مبتدأ مؤخر، والجملة خبر المبتدأ.. ﴿ معلوم ﴾ أي معلوم الخصائص ككونه غير مقطوع ولا ممنوع، حسن المنظر، لذيذ الطعم، طيب الرائحة.. ]١، ﴿ فواكه ﴾ بدل من رزق، بدل كل من كل، وقد تعني ما يؤكل للتلذذ دون الاقتيات، وقد تعني الثمار كلها رطبها ويابسها، ﴿ وهم مكرمون ﴾ والعباد المخلصون لا يلحقهم في الجنة هوان بل هم في ضيافة الكبير المتعال ﴿ في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾٢ موفورة كرامتهم، وهذا من نعيمهم المعنوي فوق ما ينالهم من النعيم الحسي، ﴿ في جنات النعيم. على سرر متقابلين ﴾ مستقرهم جنات ليس فيها كد ولا هم، ولا سقم ولا موت، وإنما هي للنعيم المقيم ﴿ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور. الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ﴾٣. ويجلسون على سرر مصفوفة، يتكئون عليها ووجوههم متقابلة، لا ينظر أحدهم إلى قفا الآخر.
﴿ يطاف عليهم بكأس من معين. بيضاء لذة للشاربين ﴾ تدار عليهم الأشربة الشهية اللذيذة، تجري وتتدفق بها جداول وأفلاج في الجنة، كالذي بشر الله تعالى به في قوله الكريم :﴿ مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى.. ﴾٤.
والآنية التي يسقون بها منها ما هو كأس اتسع فمه وليس له مقبض، ويطاف عليهم بآنية أخرى، كما جاء في قول الحق تبارك اسمه :﴿ يطوف عليهم ولدان مخلدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين ﴾٥، فالأكواب أوان لها عرى وليس لها خراطيم، والأباريق أوان ذات عرى وخراطيم، والكأس بيضاء يستمتع الشارب برؤيتها ويتلذذ بشرب ما فيها، ﴿ لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾ ليس في أشربة الجنة ما يعقب شاربها وجعا أو مغصا أو مرضا، أو صداعا، ولا ما يدخل عليه فسادا يلحقه في خفاء وهو لا يدري، كما أنها لا تذهب العقل، ولا توهن البدن، وقيل عن للتعليل والسببية.
﴿ وعندهم قاصرات الطرف عين. كأنهن بيض مكنون ﴾ ومع عباد الله المخلصين في جنات النعيم نساء قصرن أنظارهن على أزواجهن، لا يمددن بصرا إلى غيرهم، واسعات أعينهن، بلغن الغاية في الجمال، والصون والعفاف، كالبيض الذي كنه الريش في العش، فلم تمسه الأيدي، ولم يصبه الغبار.
٢ من سورة القمر. الآية ٥٥..
٣ سورة فاطر. الآيتان: ٢٤، ٢٥..
٤ سورة محمد. من الآية١٥..
٥ سورة الواقعة. الآيتان: ١٧، ١٨..
﴿ ينزفون ﴾ يسكرون وتذهب عقولهم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:﴿ المخلصين ﴾ أخلصهم الله تعالى لطاعته وولايته.
﴿ إلا عباد الله المخلصين( ٤٠ )أولئك لهم رزق معلوم( ٤١ )فواكه وهم مكرمون ( ٤٢ )في جنات النعيم( ٤٣ )على سرر متقابلين( ٤٤ )يطاف عليهم بكأس من معين( ٤٥ )بيضاء لذة للشاربين( ٤٦ )لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ( ٤٧ ) وعندهم قاصرات الطرف عين( ٤٨ )كأنهن بيض مكنون( ٤٩ ) ﴾.
لكن عباد الرحمن الذين أخلصهم الملك الديان لطاعته وولايته لا يذوقون العذاب، [ وقيل استثناء منقطع من ضمير ﴿ تجزون ﴾ على أن المعنى : تجزون بمثل ما عملتم، لكن عباد الله المخلصين يجزون أضعافا مضاعفة بالنسبة إلى ما عملوا.... ﴿ أولئك ﴾ العباد المذكورون، وفيه إشارة إلى أنهم ممتازون بما اتصفوا به من الإخلاص في عبادته تعالى عمن عداهم امتيازا بالغا، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإشعار بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم في الفضل، وهو مبتدأ، وقوله تعالى ﴿ لهم ﴾ إما خبر له، وقوله سبحانه :﴿ رزق ﴾ مرتفع على الفاعلية للظرف، وإما خبر مقدم، و﴿ رزق ﴾ مبتدأ مؤخر، والجملة خبر المبتدأ.. ﴿ معلوم ﴾ أي معلوم الخصائص ككونه غير مقطوع ولا ممنوع، حسن المنظر، لذيذ الطعم، طيب الرائحة.. ]١، ﴿ فواكه ﴾ بدل من رزق، بدل كل من كل، وقد تعني ما يؤكل للتلذذ دون الاقتيات، وقد تعني الثمار كلها رطبها ويابسها، ﴿ وهم مكرمون ﴾ والعباد المخلصون لا يلحقهم في الجنة هوان بل هم في ضيافة الكبير المتعال ﴿ في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾٢ موفورة كرامتهم، وهذا من نعيمهم المعنوي فوق ما ينالهم من النعيم الحسي، ﴿ في جنات النعيم. على سرر متقابلين ﴾ مستقرهم جنات ليس فيها كد ولا هم، ولا سقم ولا موت، وإنما هي للنعيم المقيم ﴿ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور. الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ﴾٣. ويجلسون على سرر مصفوفة، يتكئون عليها ووجوههم متقابلة، لا ينظر أحدهم إلى قفا الآخر.
﴿ يطاف عليهم بكأس من معين. بيضاء لذة للشاربين ﴾ تدار عليهم الأشربة الشهية اللذيذة، تجري وتتدفق بها جداول وأفلاج في الجنة، كالذي بشر الله تعالى به في قوله الكريم :﴿ مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى.. ﴾٤.
والآنية التي يسقون بها منها ما هو كأس اتسع فمه وليس له مقبض، ويطاف عليهم بآنية أخرى، كما جاء في قول الحق تبارك اسمه :﴿ يطوف عليهم ولدان مخلدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين ﴾٥، فالأكواب أوان لها عرى وليس لها خراطيم، والأباريق أوان ذات عرى وخراطيم، والكأس بيضاء يستمتع الشارب برؤيتها ويتلذذ بشرب ما فيها، ﴿ لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾ ليس في أشربة الجنة ما يعقب شاربها وجعا أو مغصا أو مرضا، أو صداعا، ولا ما يدخل عليه فسادا يلحقه في خفاء وهو لا يدري، كما أنها لا تذهب العقل، ولا توهن البدن، وقيل عن للتعليل والسببية.
﴿ وعندهم قاصرات الطرف عين. كأنهن بيض مكنون ﴾ ومع عباد الله المخلصين في جنات النعيم نساء قصرن أنظارهن على أزواجهن، لا يمددن بصرا إلى غيرهم، واسعات أعينهن، بلغن الغاية في الجمال، والصون والعفاف، كالبيض الذي كنه الريش في العش، فلم تمسه الأيدي، ولم يصبه الغبار.
٢ من سورة القمر. الآية ٥٥..
٣ سورة فاطر. الآيتان: ٢٤، ٢٥..
٤ سورة محمد. من الآية١٥..
٥ سورة الواقعة. الآيتان: ١٧، ١٨..
﴿ عين ﴾ عظام العيون.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:﴿ المخلصين ﴾ أخلصهم الله تعالى لطاعته وولايته.
﴿ إلا عباد الله المخلصين( ٤٠ )أولئك لهم رزق معلوم( ٤١ )فواكه وهم مكرمون ( ٤٢ )في جنات النعيم( ٤٣ )على سرر متقابلين( ٤٤ )يطاف عليهم بكأس من معين( ٤٥ )بيضاء لذة للشاربين( ٤٦ )لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ( ٤٧ ) وعندهم قاصرات الطرف عين( ٤٨ )كأنهن بيض مكنون( ٤٩ ) ﴾.
لكن عباد الرحمن الذين أخلصهم الملك الديان لطاعته وولايته لا يذوقون العذاب، [ وقيل استثناء منقطع من ضمير ﴿ تجزون ﴾ على أن المعنى : تجزون بمثل ما عملتم، لكن عباد الله المخلصين يجزون أضعافا مضاعفة بالنسبة إلى ما عملوا.... ﴿ أولئك ﴾ العباد المذكورون، وفيه إشارة إلى أنهم ممتازون بما اتصفوا به من الإخلاص في عبادته تعالى عمن عداهم امتيازا بالغا، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإشعار بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم في الفضل، وهو مبتدأ، وقوله تعالى ﴿ لهم ﴾ إما خبر له، وقوله سبحانه :﴿ رزق ﴾ مرتفع على الفاعلية للظرف، وإما خبر مقدم، و﴿ رزق ﴾ مبتدأ مؤخر، والجملة خبر المبتدأ.. ﴿ معلوم ﴾ أي معلوم الخصائص ككونه غير مقطوع ولا ممنوع، حسن المنظر، لذيذ الطعم، طيب الرائحة.. ]١، ﴿ فواكه ﴾ بدل من رزق، بدل كل من كل، وقد تعني ما يؤكل للتلذذ دون الاقتيات، وقد تعني الثمار كلها رطبها ويابسها، ﴿ وهم مكرمون ﴾ والعباد المخلصون لا يلحقهم في الجنة هوان بل هم في ضيافة الكبير المتعال ﴿ في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾٢ موفورة كرامتهم، وهذا من نعيمهم المعنوي فوق ما ينالهم من النعيم الحسي، ﴿ في جنات النعيم. على سرر متقابلين ﴾ مستقرهم جنات ليس فيها كد ولا هم، ولا سقم ولا موت، وإنما هي للنعيم المقيم ﴿ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور. الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ﴾٣. ويجلسون على سرر مصفوفة، يتكئون عليها ووجوههم متقابلة، لا ينظر أحدهم إلى قفا الآخر.
﴿ يطاف عليهم بكأس من معين. بيضاء لذة للشاربين ﴾ تدار عليهم الأشربة الشهية اللذيذة، تجري وتتدفق بها جداول وأفلاج في الجنة، كالذي بشر الله تعالى به في قوله الكريم :﴿ مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى.. ﴾٤.
والآنية التي يسقون بها منها ما هو كأس اتسع فمه وليس له مقبض، ويطاف عليهم بآنية أخرى، كما جاء في قول الحق تبارك اسمه :﴿ يطوف عليهم ولدان مخلدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين ﴾٥، فالأكواب أوان لها عرى وليس لها خراطيم، والأباريق أوان ذات عرى وخراطيم، والكأس بيضاء يستمتع الشارب برؤيتها ويتلذذ بشرب ما فيها، ﴿ لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾ ليس في أشربة الجنة ما يعقب شاربها وجعا أو مغصا أو مرضا، أو صداعا، ولا ما يدخل عليه فسادا يلحقه في خفاء وهو لا يدري، كما أنها لا تذهب العقل، ولا توهن البدن، وقيل عن للتعليل والسببية.
﴿ وعندهم قاصرات الطرف عين. كأنهن بيض مكنون ﴾ ومع عباد الله المخلصين في جنات النعيم نساء قصرن أنظارهن على أزواجهن، لا يمددن بصرا إلى غيرهم، واسعات أعينهن، بلغن الغاية في الجمال، والصون والعفاف، كالبيض الذي كنه الريش في العش، فلم تمسه الأيدي، ولم يصبه الغبار.
٢ من سورة القمر. الآية ٥٥..
٣ سورة فاطر. الآيتان: ٢٤، ٢٥..
٤ سورة محمد. من الآية١٥..
٥ سورة الواقعة. الآيتان: ١٧، ١٨..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:﴿ المخلصين ﴾ أخلصهم الله تعالى لطاعته وولايته.
﴿ إلا عباد الله المخلصين( ٤٠ )أولئك لهم رزق معلوم( ٤١ )فواكه وهم مكرمون ( ٤٢ )في جنات النعيم( ٤٣ )على سرر متقابلين( ٤٤ )يطاف عليهم بكأس من معين( ٤٥ )بيضاء لذة للشاربين( ٤٦ )لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ( ٤٧ ) وعندهم قاصرات الطرف عين( ٤٨ )كأنهن بيض مكنون( ٤٩ ) ﴾.
لكن عباد الرحمن الذين أخلصهم الملك الديان لطاعته وولايته لا يذوقون العذاب، [ وقيل استثناء منقطع من ضمير ﴿ تجزون ﴾ على أن المعنى : تجزون بمثل ما عملتم، لكن عباد الله المخلصين يجزون أضعافا مضاعفة بالنسبة إلى ما عملوا.... ﴿ أولئك ﴾ العباد المذكورون، وفيه إشارة إلى أنهم ممتازون بما اتصفوا به من الإخلاص في عبادته تعالى عمن عداهم امتيازا بالغا، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإشعار بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم في الفضل، وهو مبتدأ، وقوله تعالى ﴿ لهم ﴾ إما خبر له، وقوله سبحانه :﴿ رزق ﴾ مرتفع على الفاعلية للظرف، وإما خبر مقدم، و﴿ رزق ﴾ مبتدأ مؤخر، والجملة خبر المبتدأ.. ﴿ معلوم ﴾ أي معلوم الخصائص ككونه غير مقطوع ولا ممنوع، حسن المنظر، لذيذ الطعم، طيب الرائحة.. ]١، ﴿ فواكه ﴾ بدل من رزق، بدل كل من كل، وقد تعني ما يؤكل للتلذذ دون الاقتيات، وقد تعني الثمار كلها رطبها ويابسها، ﴿ وهم مكرمون ﴾ والعباد المخلصون لا يلحقهم في الجنة هوان بل هم في ضيافة الكبير المتعال ﴿ في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾٢ موفورة كرامتهم، وهذا من نعيمهم المعنوي فوق ما ينالهم من النعيم الحسي، ﴿ في جنات النعيم. على سرر متقابلين ﴾ مستقرهم جنات ليس فيها كد ولا هم، ولا سقم ولا موت، وإنما هي للنعيم المقيم ﴿ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور. الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ﴾٣. ويجلسون على سرر مصفوفة، يتكئون عليها ووجوههم متقابلة، لا ينظر أحدهم إلى قفا الآخر.
﴿ يطاف عليهم بكأس من معين. بيضاء لذة للشاربين ﴾ تدار عليهم الأشربة الشهية اللذيذة، تجري وتتدفق بها جداول وأفلاج في الجنة، كالذي بشر الله تعالى به في قوله الكريم :﴿ مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى.. ﴾٤.
والآنية التي يسقون بها منها ما هو كأس اتسع فمه وليس له مقبض، ويطاف عليهم بآنية أخرى، كما جاء في قول الحق تبارك اسمه :﴿ يطوف عليهم ولدان مخلدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين ﴾٥، فالأكواب أوان لها عرى وليس لها خراطيم، والأباريق أوان ذات عرى وخراطيم، والكأس بيضاء يستمتع الشارب برؤيتها ويتلذذ بشرب ما فيها، ﴿ لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾ ليس في أشربة الجنة ما يعقب شاربها وجعا أو مغصا أو مرضا، أو صداعا، ولا ما يدخل عليه فسادا يلحقه في خفاء وهو لا يدري، كما أنها لا تذهب العقل، ولا توهن البدن، وقيل عن للتعليل والسببية.
﴿ وعندهم قاصرات الطرف عين. كأنهن بيض مكنون ﴾ ومع عباد الله المخلصين في جنات النعيم نساء قصرن أنظارهن على أزواجهن، لا يمددن بصرا إلى غيرهم، واسعات أعينهن، بلغن الغاية في الجمال، والصون والعفاف، كالبيض الذي كنه الريش في العش، فلم تمسه الأيدي، ولم يصبه الغبار.
٢ من سورة القمر. الآية ٥٥..
٣ سورة فاطر. الآيتان: ٢٤، ٢٥..
٤ سورة محمد. من الآية١٥..
٥ سورة الواقعة. الآيتان: ١٧، ١٨..
وأهل الجنة يتساءلون، ويتحدث بعضهم مع بعض ويتفاوضون، ويتذاكرون ما كان منهم في حياتهم الدنيا، وما لاقوه، -وهو معطوف على معنى :﴿ يطاف عليهم ﴾ المعنى : يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشراب... فيقبل بعضهم يتساءلون... إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله تعالى في إخباره-١.
﴿ قال قائل منهم إني كان لي قرين ﴾ قال واحد من المنعمين لجلسائه في دار الخلد والتكريم : إني كان لي رفيق مقارن، وصاحب ملازم-من الإنس أو من الجن-صاحبني في الدنيا وكان يقول لي منكرا مستبعدا، ومكذبا بالقيامة جاحدا :﴿ أئنك لمن المصدقين. أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ﴾ ويعجب مني ويسخر كيف استيقنت بالحساب والجزاء، وأنّى للأجسام بعد بلاها وتفتت أجزائها أن تعود كسابق عهدها ؟ ! قال المتحدث لمن يحدثهم : أدعوكم لتطلعوا على رفيق السوء الذي حدثتكم عما كان منه ؟ أشرفوا وانظروا ! فاطلع فأبصر به في وسط جهنم، وازداد المطلعون شكرا للبر الرحيم، أن وقاهم عذاب الجحيم، وقال متحدثا بفضل مولاه شاكرا لأنعمه :﴿ تا الله إن كدت لتردين ﴾ قسما بالله لقد قاربت أن تهلكني بسوء وسواسك ﴿ .. يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.. ﴾٢ ولو أطعتك لخسرت خسرانا مبينا ﴿ ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ﴾ ولولا أن الله تعالى منّ عليّ باليقين، وعصمني من تضليل الزائغين، لكان المصير إلى العذاب المهين، -ولكنه رحمني فهداني للإيمان وأرشدني إلى توحيده ﴿ .. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. ﴾٣-٤، فإياك أخي ترافق من يزين لك الغرور، ولا يزجرك عن مسالك الكفور والفجور، فإن المرء على دين خليله، وصدق الله العظيم، ﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴾٥، ويتابع المؤمن حديثه فرحا بما آتاه الله من فضله حيث أدخله دار السلام، ومنحه الخلد فيها دون موت ولا أسقام :﴿ أفما نحن بميتين. إلا موتتنا الأولى٦ وما نحن بمعذبين ﴾ ؟ ! [ وأحضر لا يستعمل مطلقا إلا في الشر، قاله الماوردي، قوله تعالى :﴿ أفما نحن بميتين ﴾... معناه : أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين ؟ ! وهو من قول أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت، ويقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت.. ]٧.
﴿ إن هذا لهو الفوز العظيم ﴾ عن قتادة : قوله ﴿ أفما نحن بميتين ﴾ إلى قوله :﴿ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول أهل الجنة، وقوله :﴿ لمثل هذا فليعمل العاملون ﴾ يقول تعالى ذكره : لمثل هذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة فليعمل في الدنيا لأنفسهم العاملون ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم. النحاس : وتقدير الكلام- والله أعلم- : فليعمل العاملون لمثل هذا، فإن قال قائل : الفاء في العربية تفيد أن الثاني بعد الأول، فكيف صار ما بعدها ينوى به التقديم ؟ فالجواب : أن التقديم كمثل التأخير، لأن حق حروف الخفض وما بعدها أن تكون متأخرة.
٢ سورة الأنعام من الآية ١١٢..
٣ سورة الأعراف من الآية ٤٣..
٤ ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم..
٥ سورة الزخرف. الآية ٦٧..
٦ يقول صاحب روح المعاني-العلامة الألوسي- ﴿إلا موتتنا الأولى﴾ التي كانت في الدنيا، وهي متناولة عند أهل السنة لما في القبر بعد الإحياء للسؤال لعدم الاعتداد بالحياة فيه لكونها غير تامة ولا قارة، وزمانها قليل جدا..
٧ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:﴿ فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون( ٥٠ )قال قائل منهم إني كان لي قرين( ٥١ )يقول أئنك لمن المصدقين( ٥٢ )أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون( ٥٣ )قال هل أنتم مطلعون( ٥٤ )فاطلع فرآه في سواء الجحيم( ٥٥ )قال تا الله إن كدت لتردين( ٥٦ )ولول نعمة ربي لكنت من المحضرين( ٥٧ )أفما نحن بميتين( ٥٨ )إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين( ٥٩ )إن هذا لهو الفوز العظيم( ٦٠ )لمثل هذا فليعمل العاملون( ٦١ ) ﴾.
وأهل الجنة يتساءلون، ويتحدث بعضهم مع بعض ويتفاوضون، ويتذاكرون ما كان منهم في حياتهم الدنيا، وما لاقوه، -وهو معطوف على معنى :﴿ يطاف عليهم ﴾ المعنى : يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشراب... فيقبل بعضهم يتساءلون... إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله تعالى في إخباره-١.
﴿ قال قائل منهم إني كان لي قرين ﴾ قال واحد من المنعمين لجلسائه في دار الخلد والتكريم : إني كان لي رفيق مقارن، وصاحب ملازم-من الإنس أو من الجن-صاحبني في الدنيا وكان يقول لي منكرا مستبعدا، ومكذبا بالقيامة جاحدا :﴿ أئنك لمن المصدقين. أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ﴾ ويعجب مني ويسخر كيف استيقنت بالحساب والجزاء، وأنّى للأجسام بعد بلاها وتفتت أجزائها أن تعود كسابق عهدها ؟ ! قال المتحدث لمن يحدثهم : أدعوكم لتطلعوا على رفيق السوء الذي حدثتكم عما كان منه ؟ أشرفوا وانظروا ! فاطلع فأبصر به في وسط جهنم، وازداد المطلعون شكرا للبر الرحيم، أن وقاهم عذاب الجحيم، وقال متحدثا بفضل مولاه شاكرا لأنعمه :﴿ تا الله إن كدت لتردين ﴾ قسما بالله لقد قاربت أن تهلكني بسوء وسواسك ﴿.. يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.. ﴾٢ ولو أطعتك لخسرت خسرانا مبينا ﴿ ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ﴾ ولولا أن الله تعالى منّ عليّ باليقين، وعصمني من تضليل الزائغين، لكان المصير إلى العذاب المهين، -ولكنه رحمني فهداني للإيمان وأرشدني إلى توحيده ﴿.. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. ﴾٣-٤، فإياك أخي ترافق من يزين لك الغرور، ولا يزجرك عن مسالك الكفور والفجور، فإن المرء على دين خليله، وصدق الله العظيم، ﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴾٥، ويتابع المؤمن حديثه فرحا بما آتاه الله من فضله حيث أدخله دار السلام، ومنحه الخلد فيها دون موت ولا أسقام :﴿ أفما نحن بميتين. إلا موتتنا الأولى٦ وما نحن بمعذبين ﴾ ؟ ! [ وأحضر لا يستعمل مطلقا إلا في الشر، قاله الماوردي، قوله تعالى :﴿ أفما نحن بميتين ﴾... معناه : أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين ؟ ! وهو من قول أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت، ويقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت.. ]٧.
﴿ إن هذا لهو الفوز العظيم ﴾ عن قتادة : قوله ﴿ أفما نحن بميتين ﴾ إلى قوله :﴿ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول أهل الجنة، وقوله :﴿ لمثل هذا فليعمل العاملون ﴾ يقول تعالى ذكره : لمثل هذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة فليعمل في الدنيا لأنفسهم العاملون ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم. النحاس : وتقدير الكلام- والله أعلم- : فليعمل العاملون لمثل هذا، فإن قال قائل : الفاء في العربية تفيد أن الثاني بعد الأول، فكيف صار ما بعدها ينوى به التقديم ؟ فالجواب : أن التقديم كمثل التأخير، لأن حق حروف الخفض وما بعدها أن تكون متأخرة.
٢ سورة الأنعام من الآية ١١٢..
٣ سورة الأعراف من الآية ٤٣..
٤ ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم..
٥ سورة الزخرف. الآية ٦٧..
٦ يقول صاحب روح المعاني-العلامة الألوسي- ﴿إلا موتتنا الأولى﴾ التي كانت في الدنيا، وهي متناولة عند أهل السنة لما في القبر بعد الإحياء للسؤال لعدم الاعتداد بالحياة فيه لكونها غير تامة ولا قارة، وزمانها قليل جدا..
٧ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
وأهل الجنة يتساءلون، ويتحدث بعضهم مع بعض ويتفاوضون، ويتذاكرون ما كان منهم في حياتهم الدنيا، وما لاقوه، -وهو معطوف على معنى :﴿ يطاف عليهم ﴾ المعنى : يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشراب... فيقبل بعضهم يتساءلون... إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله تعالى في إخباره-١.
﴿ قال قائل منهم إني كان لي قرين ﴾ قال واحد من المنعمين لجلسائه في دار الخلد والتكريم : إني كان لي رفيق مقارن، وصاحب ملازم-من الإنس أو من الجن-صاحبني في الدنيا وكان يقول لي منكرا مستبعدا، ومكذبا بالقيامة جاحدا :﴿ أئنك لمن المصدقين. أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ﴾ ويعجب مني ويسخر كيف استيقنت بالحساب والجزاء، وأنّى للأجسام بعد بلاها وتفتت أجزائها أن تعود كسابق عهدها ؟ ! قال المتحدث لمن يحدثهم : أدعوكم لتطلعوا على رفيق السوء الذي حدثتكم عما كان منه ؟ أشرفوا وانظروا ! فاطلع فأبصر به في وسط جهنم، وازداد المطلعون شكرا للبر الرحيم، أن وقاهم عذاب الجحيم، وقال متحدثا بفضل مولاه شاكرا لأنعمه :﴿ تا الله إن كدت لتردين ﴾ قسما بالله لقد قاربت أن تهلكني بسوء وسواسك ﴿.. يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.. ﴾٢ ولو أطعتك لخسرت خسرانا مبينا ﴿ ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ﴾ ولولا أن الله تعالى منّ عليّ باليقين، وعصمني من تضليل الزائغين، لكان المصير إلى العذاب المهين، -ولكنه رحمني فهداني للإيمان وأرشدني إلى توحيده ﴿.. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. ﴾٣-٤، فإياك أخي ترافق من يزين لك الغرور، ولا يزجرك عن مسالك الكفور والفجور، فإن المرء على دين خليله، وصدق الله العظيم، ﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴾٥، ويتابع المؤمن حديثه فرحا بما آتاه الله من فضله حيث أدخله دار السلام، ومنحه الخلد فيها دون موت ولا أسقام :﴿ أفما نحن بميتين. إلا موتتنا الأولى٦ وما نحن بمعذبين ﴾ ؟ ! [ وأحضر لا يستعمل مطلقا إلا في الشر، قاله الماوردي، قوله تعالى :﴿ أفما نحن بميتين ﴾... معناه : أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين ؟ ! وهو من قول أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت، ويقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت.. ]٧.
﴿ إن هذا لهو الفوز العظيم ﴾ عن قتادة : قوله ﴿ أفما نحن بميتين ﴾ إلى قوله :﴿ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول أهل الجنة، وقوله :﴿ لمثل هذا فليعمل العاملون ﴾ يقول تعالى ذكره : لمثل هذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة فليعمل في الدنيا لأنفسهم العاملون ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم. النحاس : وتقدير الكلام- والله أعلم- : فليعمل العاملون لمثل هذا، فإن قال قائل : الفاء في العربية تفيد أن الثاني بعد الأول، فكيف صار ما بعدها ينوى به التقديم ؟ فالجواب : أن التقديم كمثل التأخير، لأن حق حروف الخفض وما بعدها أن تكون متأخرة.
٢ سورة الأنعام من الآية ١١٢..
٣ سورة الأعراف من الآية ٤٣..
٤ ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم..
٥ سورة الزخرف. الآية ٦٧..
٦ يقول صاحب روح المعاني-العلامة الألوسي- ﴿إلا موتتنا الأولى﴾ التي كانت في الدنيا، وهي متناولة عند أهل السنة لما في القبر بعد الإحياء للسؤال لعدم الاعتداد بالحياة فيه لكونها غير تامة ولا قارة، وزمانها قليل جدا..
٧ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:﴿ فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون( ٥٠ )قال قائل منهم إني كان لي قرين( ٥١ )يقول أئنك لمن المصدقين( ٥٢ )أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون( ٥٣ )قال هل أنتم مطلعون( ٥٤ )فاطلع فرآه في سواء الجحيم( ٥٥ )قال تا الله إن كدت لتردين( ٥٦ )ولول نعمة ربي لكنت من المحضرين( ٥٧ )أفما نحن بميتين( ٥٨ )إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين( ٥٩ )إن هذا لهو الفوز العظيم( ٦٠ )لمثل هذا فليعمل العاملون( ٦١ ) ﴾.
وأهل الجنة يتساءلون، ويتحدث بعضهم مع بعض ويتفاوضون، ويتذاكرون ما كان منهم في حياتهم الدنيا، وما لاقوه، -وهو معطوف على معنى :﴿ يطاف عليهم ﴾ المعنى : يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشراب... فيقبل بعضهم يتساءلون... إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله تعالى في إخباره-١.
﴿ قال قائل منهم إني كان لي قرين ﴾ قال واحد من المنعمين لجلسائه في دار الخلد والتكريم : إني كان لي رفيق مقارن، وصاحب ملازم-من الإنس أو من الجن-صاحبني في الدنيا وكان يقول لي منكرا مستبعدا، ومكذبا بالقيامة جاحدا :﴿ أئنك لمن المصدقين. أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ﴾ ويعجب مني ويسخر كيف استيقنت بالحساب والجزاء، وأنّى للأجسام بعد بلاها وتفتت أجزائها أن تعود كسابق عهدها ؟ ! قال المتحدث لمن يحدثهم : أدعوكم لتطلعوا على رفيق السوء الذي حدثتكم عما كان منه ؟ أشرفوا وانظروا ! فاطلع فأبصر به في وسط جهنم، وازداد المطلعون شكرا للبر الرحيم، أن وقاهم عذاب الجحيم، وقال متحدثا بفضل مولاه شاكرا لأنعمه :﴿ تا الله إن كدت لتردين ﴾ قسما بالله لقد قاربت أن تهلكني بسوء وسواسك ﴿.. يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.. ﴾٢ ولو أطعتك لخسرت خسرانا مبينا ﴿ ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ﴾ ولولا أن الله تعالى منّ عليّ باليقين، وعصمني من تضليل الزائغين، لكان المصير إلى العذاب المهين، -ولكنه رحمني فهداني للإيمان وأرشدني إلى توحيده ﴿.. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. ﴾٣-٤، فإياك أخي ترافق من يزين لك الغرور، ولا يزجرك عن مسالك الكفور والفجور، فإن المرء على دين خليله، وصدق الله العظيم، ﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴾٥، ويتابع المؤمن حديثه فرحا بما آتاه الله من فضله حيث أدخله دار السلام، ومنحه الخلد فيها دون موت ولا أسقام :﴿ أفما نحن بميتين. إلا موتتنا الأولى٦ وما نحن بمعذبين ﴾ ؟ ! [ وأحضر لا يستعمل مطلقا إلا في الشر، قاله الماوردي، قوله تعالى :﴿ أفما نحن بميتين ﴾... معناه : أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين ؟ ! وهو من قول أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت، ويقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت.. ]٧.
﴿ إن هذا لهو الفوز العظيم ﴾ عن قتادة : قوله ﴿ أفما نحن بميتين ﴾ إلى قوله :﴿ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول أهل الجنة، وقوله :﴿ لمثل هذا فليعمل العاملون ﴾ يقول تعالى ذكره : لمثل هذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة فليعمل في الدنيا لأنفسهم العاملون ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم. النحاس : وتقدير الكلام- والله أعلم- : فليعمل العاملون لمثل هذا، فإن قال قائل : الفاء في العربية تفيد أن الثاني بعد الأول، فكيف صار ما بعدها ينوى به التقديم ؟ فالجواب : أن التقديم كمثل التأخير، لأن حق حروف الخفض وما بعدها أن تكون متأخرة.
٢ سورة الأنعام من الآية ١١٢..
٣ سورة الأعراف من الآية ٤٣..
٤ ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم..
٥ سورة الزخرف. الآية ٦٧..
٦ يقول صاحب روح المعاني-العلامة الألوسي- ﴿إلا موتتنا الأولى﴾ التي كانت في الدنيا، وهي متناولة عند أهل السنة لما في القبر بعد الإحياء للسؤال لعدم الاعتداد بالحياة فيه لكونها غير تامة ولا قارة، وزمانها قليل جدا..
٧ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
وأهل الجنة يتساءلون، ويتحدث بعضهم مع بعض ويتفاوضون، ويتذاكرون ما كان منهم في حياتهم الدنيا، وما لاقوه، -وهو معطوف على معنى :﴿ يطاف عليهم ﴾ المعنى : يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشراب... فيقبل بعضهم يتساءلون... إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله تعالى في إخباره-١.
﴿ قال قائل منهم إني كان لي قرين ﴾ قال واحد من المنعمين لجلسائه في دار الخلد والتكريم : إني كان لي رفيق مقارن، وصاحب ملازم-من الإنس أو من الجن-صاحبني في الدنيا وكان يقول لي منكرا مستبعدا، ومكذبا بالقيامة جاحدا :﴿ أئنك لمن المصدقين. أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ﴾ ويعجب مني ويسخر كيف استيقنت بالحساب والجزاء، وأنّى للأجسام بعد بلاها وتفتت أجزائها أن تعود كسابق عهدها ؟ ! قال المتحدث لمن يحدثهم : أدعوكم لتطلعوا على رفيق السوء الذي حدثتكم عما كان منه ؟ أشرفوا وانظروا ! فاطلع فأبصر به في وسط جهنم، وازداد المطلعون شكرا للبر الرحيم، أن وقاهم عذاب الجحيم، وقال متحدثا بفضل مولاه شاكرا لأنعمه :﴿ تا الله إن كدت لتردين ﴾ قسما بالله لقد قاربت أن تهلكني بسوء وسواسك ﴿.. يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.. ﴾٢ ولو أطعتك لخسرت خسرانا مبينا ﴿ ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ﴾ ولولا أن الله تعالى منّ عليّ باليقين، وعصمني من تضليل الزائغين، لكان المصير إلى العذاب المهين، -ولكنه رحمني فهداني للإيمان وأرشدني إلى توحيده ﴿.. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. ﴾٣-٤، فإياك أخي ترافق من يزين لك الغرور، ولا يزجرك عن مسالك الكفور والفجور، فإن المرء على دين خليله، وصدق الله العظيم، ﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴾٥، ويتابع المؤمن حديثه فرحا بما آتاه الله من فضله حيث أدخله دار السلام، ومنحه الخلد فيها دون موت ولا أسقام :﴿ أفما نحن بميتين. إلا موتتنا الأولى٦ وما نحن بمعذبين ﴾ ؟ ! [ وأحضر لا يستعمل مطلقا إلا في الشر، قاله الماوردي، قوله تعالى :﴿ أفما نحن بميتين ﴾... معناه : أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين ؟ ! وهو من قول أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت، ويقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت.. ]٧.
﴿ إن هذا لهو الفوز العظيم ﴾ عن قتادة : قوله ﴿ أفما نحن بميتين ﴾ إلى قوله :﴿ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول أهل الجنة، وقوله :﴿ لمثل هذا فليعمل العاملون ﴾ يقول تعالى ذكره : لمثل هذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة فليعمل في الدنيا لأنفسهم العاملون ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم. النحاس : وتقدير الكلام- والله أعلم- : فليعمل العاملون لمثل هذا، فإن قال قائل : الفاء في العربية تفيد أن الثاني بعد الأول، فكيف صار ما بعدها ينوى به التقديم ؟ فالجواب : أن التقديم كمثل التأخير، لأن حق حروف الخفض وما بعدها أن تكون متأخرة.
٢ سورة الأنعام من الآية ١١٢..
٣ سورة الأعراف من الآية ٤٣..
٤ ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم..
٥ سورة الزخرف. الآية ٦٧..
٦ يقول صاحب روح المعاني-العلامة الألوسي- ﴿إلا موتتنا الأولى﴾ التي كانت في الدنيا، وهي متناولة عند أهل السنة لما في القبر بعد الإحياء للسؤال لعدم الاعتداد بالحياة فيه لكونها غير تامة ولا قارة، وزمانها قليل جدا..
٧ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:﴿ فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون( ٥٠ )قال قائل منهم إني كان لي قرين( ٥١ )يقول أئنك لمن المصدقين( ٥٢ )أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون( ٥٣ )قال هل أنتم مطلعون( ٥٤ )فاطلع فرآه في سواء الجحيم( ٥٥ )قال تا الله إن كدت لتردين( ٥٦ )ولول نعمة ربي لكنت من المحضرين( ٥٧ )أفما نحن بميتين( ٥٨ )إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين( ٥٩ )إن هذا لهو الفوز العظيم( ٦٠ )لمثل هذا فليعمل العاملون( ٦١ ) ﴾.
وأهل الجنة يتساءلون، ويتحدث بعضهم مع بعض ويتفاوضون، ويتذاكرون ما كان منهم في حياتهم الدنيا، وما لاقوه، -وهو معطوف على معنى :﴿ يطاف عليهم ﴾ المعنى : يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشراب... فيقبل بعضهم يتساءلون... إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله تعالى في إخباره-١.
﴿ قال قائل منهم إني كان لي قرين ﴾ قال واحد من المنعمين لجلسائه في دار الخلد والتكريم : إني كان لي رفيق مقارن، وصاحب ملازم-من الإنس أو من الجن-صاحبني في الدنيا وكان يقول لي منكرا مستبعدا، ومكذبا بالقيامة جاحدا :﴿ أئنك لمن المصدقين. أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ﴾ ويعجب مني ويسخر كيف استيقنت بالحساب والجزاء، وأنّى للأجسام بعد بلاها وتفتت أجزائها أن تعود كسابق عهدها ؟ ! قال المتحدث لمن يحدثهم : أدعوكم لتطلعوا على رفيق السوء الذي حدثتكم عما كان منه ؟ أشرفوا وانظروا ! فاطلع فأبصر به في وسط جهنم، وازداد المطلعون شكرا للبر الرحيم، أن وقاهم عذاب الجحيم، وقال متحدثا بفضل مولاه شاكرا لأنعمه :﴿ تا الله إن كدت لتردين ﴾ قسما بالله لقد قاربت أن تهلكني بسوء وسواسك ﴿.. يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.. ﴾٢ ولو أطعتك لخسرت خسرانا مبينا ﴿ ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ﴾ ولولا أن الله تعالى منّ عليّ باليقين، وعصمني من تضليل الزائغين، لكان المصير إلى العذاب المهين، -ولكنه رحمني فهداني للإيمان وأرشدني إلى توحيده ﴿.. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. ﴾٣-٤، فإياك أخي ترافق من يزين لك الغرور، ولا يزجرك عن مسالك الكفور والفجور، فإن المرء على دين خليله، وصدق الله العظيم، ﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴾٥، ويتابع المؤمن حديثه فرحا بما آتاه الله من فضله حيث أدخله دار السلام، ومنحه الخلد فيها دون موت ولا أسقام :﴿ أفما نحن بميتين. إلا موتتنا الأولى٦ وما نحن بمعذبين ﴾ ؟ ! [ وأحضر لا يستعمل مطلقا إلا في الشر، قاله الماوردي، قوله تعالى :﴿ أفما نحن بميتين ﴾... معناه : أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين ؟ ! وهو من قول أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت، ويقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت.. ]٧.
﴿ إن هذا لهو الفوز العظيم ﴾ عن قتادة : قوله ﴿ أفما نحن بميتين ﴾ إلى قوله :﴿ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول أهل الجنة، وقوله :﴿ لمثل هذا فليعمل العاملون ﴾ يقول تعالى ذكره : لمثل هذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة فليعمل في الدنيا لأنفسهم العاملون ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم. النحاس : وتقدير الكلام- والله أعلم- : فليعمل العاملون لمثل هذا، فإن قال قائل : الفاء في العربية تفيد أن الثاني بعد الأول، فكيف صار ما بعدها ينوى به التقديم ؟ فالجواب : أن التقديم كمثل التأخير، لأن حق حروف الخفض وما بعدها أن تكون متأخرة.
٢ سورة الأنعام من الآية ١١٢..
٣ سورة الأعراف من الآية ٤٣..
٤ ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم..
٥ سورة الزخرف. الآية ٦٧..
٦ يقول صاحب روح المعاني-العلامة الألوسي- ﴿إلا موتتنا الأولى﴾ التي كانت في الدنيا، وهي متناولة عند أهل السنة لما في القبر بعد الإحياء للسؤال لعدم الاعتداد بالحياة فيه لكونها غير تامة ولا قارة، وزمانها قليل جدا..
٧ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:﴿ فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون( ٥٠ )قال قائل منهم إني كان لي قرين( ٥١ )يقول أئنك لمن المصدقين( ٥٢ )أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون( ٥٣ )قال هل أنتم مطلعون( ٥٤ )فاطلع فرآه في سواء الجحيم( ٥٥ )قال تا الله إن كدت لتردين( ٥٦ )ولول نعمة ربي لكنت من المحضرين( ٥٧ )أفما نحن بميتين( ٥٨ )إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين( ٥٩ )إن هذا لهو الفوز العظيم( ٦٠ )لمثل هذا فليعمل العاملون( ٦١ ) ﴾.
وأهل الجنة يتساءلون، ويتحدث بعضهم مع بعض ويتفاوضون، ويتذاكرون ما كان منهم في حياتهم الدنيا، وما لاقوه، -وهو معطوف على معنى :﴿ يطاف عليهم ﴾ المعنى : يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشراب... فيقبل بعضهم يتساءلون... إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله تعالى في إخباره-١.
﴿ قال قائل منهم إني كان لي قرين ﴾ قال واحد من المنعمين لجلسائه في دار الخلد والتكريم : إني كان لي رفيق مقارن، وصاحب ملازم-من الإنس أو من الجن-صاحبني في الدنيا وكان يقول لي منكرا مستبعدا، ومكذبا بالقيامة جاحدا :﴿ أئنك لمن المصدقين. أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ﴾ ويعجب مني ويسخر كيف استيقنت بالحساب والجزاء، وأنّى للأجسام بعد بلاها وتفتت أجزائها أن تعود كسابق عهدها ؟ ! قال المتحدث لمن يحدثهم : أدعوكم لتطلعوا على رفيق السوء الذي حدثتكم عما كان منه ؟ أشرفوا وانظروا ! فاطلع فأبصر به في وسط جهنم، وازداد المطلعون شكرا للبر الرحيم، أن وقاهم عذاب الجحيم، وقال متحدثا بفضل مولاه شاكرا لأنعمه :﴿ تا الله إن كدت لتردين ﴾ قسما بالله لقد قاربت أن تهلكني بسوء وسواسك ﴿.. يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.. ﴾٢ ولو أطعتك لخسرت خسرانا مبينا ﴿ ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ﴾ ولولا أن الله تعالى منّ عليّ باليقين، وعصمني من تضليل الزائغين، لكان المصير إلى العذاب المهين، -ولكنه رحمني فهداني للإيمان وأرشدني إلى توحيده ﴿.. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. ﴾٣-٤، فإياك أخي ترافق من يزين لك الغرور، ولا يزجرك عن مسالك الكفور والفجور، فإن المرء على دين خليله، وصدق الله العظيم، ﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴾٥، ويتابع المؤمن حديثه فرحا بما آتاه الله من فضله حيث أدخله دار السلام، ومنحه الخلد فيها دون موت ولا أسقام :﴿ أفما نحن بميتين. إلا موتتنا الأولى٦ وما نحن بمعذبين ﴾ ؟ ! [ وأحضر لا يستعمل مطلقا إلا في الشر، قاله الماوردي، قوله تعالى :﴿ أفما نحن بميتين ﴾... معناه : أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين ؟ ! وهو من قول أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت، ويقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت.. ]٧.
﴿ إن هذا لهو الفوز العظيم ﴾ عن قتادة : قوله ﴿ أفما نحن بميتين ﴾ إلى قوله :﴿ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول أهل الجنة، وقوله :﴿ لمثل هذا فليعمل العاملون ﴾ يقول تعالى ذكره : لمثل هذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة فليعمل في الدنيا لأنفسهم العاملون ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم. النحاس : وتقدير الكلام- والله أعلم- : فليعمل العاملون لمثل هذا، فإن قال قائل : الفاء في العربية تفيد أن الثاني بعد الأول، فكيف صار ما بعدها ينوى به التقديم ؟ فالجواب : أن التقديم كمثل التأخير، لأن حق حروف الخفض وما بعدها أن تكون متأخرة.
٢ سورة الأنعام من الآية ١١٢..
٣ سورة الأعراف من الآية ٤٣..
٤ ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم..
٥ سورة الزخرف. الآية ٦٧..
٦ يقول صاحب روح المعاني-العلامة الألوسي- ﴿إلا موتتنا الأولى﴾ التي كانت في الدنيا، وهي متناولة عند أهل السنة لما في القبر بعد الإحياء للسؤال لعدم الاعتداد بالحياة فيه لكونها غير تامة ولا قارة، وزمانها قليل جدا..
٧ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:﴿ فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون( ٥٠ )قال قائل منهم إني كان لي قرين( ٥١ )يقول أئنك لمن المصدقين( ٥٢ )أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون( ٥٣ )قال هل أنتم مطلعون( ٥٤ )فاطلع فرآه في سواء الجحيم( ٥٥ )قال تا الله إن كدت لتردين( ٥٦ )ولول نعمة ربي لكنت من المحضرين( ٥٧ )أفما نحن بميتين( ٥٨ )إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين( ٥٩ )إن هذا لهو الفوز العظيم( ٦٠ )لمثل هذا فليعمل العاملون( ٦١ ) ﴾.
وأهل الجنة يتساءلون، ويتحدث بعضهم مع بعض ويتفاوضون، ويتذاكرون ما كان منهم في حياتهم الدنيا، وما لاقوه، -وهو معطوف على معنى :﴿ يطاف عليهم ﴾ المعنى : يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشراب... فيقبل بعضهم يتساءلون... إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله تعالى في إخباره-١.
﴿ قال قائل منهم إني كان لي قرين ﴾ قال واحد من المنعمين لجلسائه في دار الخلد والتكريم : إني كان لي رفيق مقارن، وصاحب ملازم-من الإنس أو من الجن-صاحبني في الدنيا وكان يقول لي منكرا مستبعدا، ومكذبا بالقيامة جاحدا :﴿ أئنك لمن المصدقين. أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ﴾ ويعجب مني ويسخر كيف استيقنت بالحساب والجزاء، وأنّى للأجسام بعد بلاها وتفتت أجزائها أن تعود كسابق عهدها ؟ ! قال المتحدث لمن يحدثهم : أدعوكم لتطلعوا على رفيق السوء الذي حدثتكم عما كان منه ؟ أشرفوا وانظروا ! فاطلع فأبصر به في وسط جهنم، وازداد المطلعون شكرا للبر الرحيم، أن وقاهم عذاب الجحيم، وقال متحدثا بفضل مولاه شاكرا لأنعمه :﴿ تا الله إن كدت لتردين ﴾ قسما بالله لقد قاربت أن تهلكني بسوء وسواسك ﴿.. يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.. ﴾٢ ولو أطعتك لخسرت خسرانا مبينا ﴿ ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ﴾ ولولا أن الله تعالى منّ عليّ باليقين، وعصمني من تضليل الزائغين، لكان المصير إلى العذاب المهين، -ولكنه رحمني فهداني للإيمان وأرشدني إلى توحيده ﴿.. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. ﴾٣-٤، فإياك أخي ترافق من يزين لك الغرور، ولا يزجرك عن مسالك الكفور والفجور، فإن المرء على دين خليله، وصدق الله العظيم، ﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴾٥، ويتابع المؤمن حديثه فرحا بما آتاه الله من فضله حيث أدخله دار السلام، ومنحه الخلد فيها دون موت ولا أسقام :﴿ أفما نحن بميتين. إلا موتتنا الأولى٦ وما نحن بمعذبين ﴾ ؟ ! [ وأحضر لا يستعمل مطلقا إلا في الشر، قاله الماوردي، قوله تعالى :﴿ أفما نحن بميتين ﴾... معناه : أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين ؟ ! وهو من قول أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت، ويقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت.. ]٧.
﴿ إن هذا لهو الفوز العظيم ﴾ عن قتادة : قوله ﴿ أفما نحن بميتين ﴾ إلى قوله :﴿ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول أهل الجنة، وقوله :﴿ لمثل هذا فليعمل العاملون ﴾ يقول تعالى ذكره : لمثل هذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة فليعمل في الدنيا لأنفسهم العاملون ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم. النحاس : وتقدير الكلام- والله أعلم- : فليعمل العاملون لمثل هذا، فإن قال قائل : الفاء في العربية تفيد أن الثاني بعد الأول، فكيف صار ما بعدها ينوى به التقديم ؟ فالجواب : أن التقديم كمثل التأخير، لأن حق حروف الخفض وما بعدها أن تكون متأخرة.
٢ سورة الأنعام من الآية ١١٢..
٣ سورة الأعراف من الآية ٤٣..
٤ ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم..
٥ سورة الزخرف. الآية ٦٧..
٦ يقول صاحب روح المعاني-العلامة الألوسي- ﴿إلا موتتنا الأولى﴾ التي كانت في الدنيا، وهي متناولة عند أهل السنة لما في القبر بعد الإحياء للسؤال لعدم الاعتداد بالحياة فيه لكونها غير تامة ولا قارة، وزمانها قليل جدا..
٧ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
وأهل الجنة يتساءلون، ويتحدث بعضهم مع بعض ويتفاوضون، ويتذاكرون ما كان منهم في حياتهم الدنيا، وما لاقوه، -وهو معطوف على معنى :﴿ يطاف عليهم ﴾ المعنى : يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشراب... فيقبل بعضهم يتساءلون... إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله تعالى في إخباره-١.
﴿ قال قائل منهم إني كان لي قرين ﴾ قال واحد من المنعمين لجلسائه في دار الخلد والتكريم : إني كان لي رفيق مقارن، وصاحب ملازم-من الإنس أو من الجن-صاحبني في الدنيا وكان يقول لي منكرا مستبعدا، ومكذبا بالقيامة جاحدا :﴿ أئنك لمن المصدقين. أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ﴾ ويعجب مني ويسخر كيف استيقنت بالحساب والجزاء، وأنّى للأجسام بعد بلاها وتفتت أجزائها أن تعود كسابق عهدها ؟ ! قال المتحدث لمن يحدثهم : أدعوكم لتطلعوا على رفيق السوء الذي حدثتكم عما كان منه ؟ أشرفوا وانظروا ! فاطلع فأبصر به في وسط جهنم، وازداد المطلعون شكرا للبر الرحيم، أن وقاهم عذاب الجحيم، وقال متحدثا بفضل مولاه شاكرا لأنعمه :﴿ تا الله إن كدت لتردين ﴾ قسما بالله لقد قاربت أن تهلكني بسوء وسواسك ﴿.. يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.. ﴾٢ ولو أطعتك لخسرت خسرانا مبينا ﴿ ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ﴾ ولولا أن الله تعالى منّ عليّ باليقين، وعصمني من تضليل الزائغين، لكان المصير إلى العذاب المهين، -ولكنه رحمني فهداني للإيمان وأرشدني إلى توحيده ﴿.. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. ﴾٣-٤، فإياك أخي ترافق من يزين لك الغرور، ولا يزجرك عن مسالك الكفور والفجور، فإن المرء على دين خليله، وصدق الله العظيم، ﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴾٥، ويتابع المؤمن حديثه فرحا بما آتاه الله من فضله حيث أدخله دار السلام، ومنحه الخلد فيها دون موت ولا أسقام :﴿ أفما نحن بميتين. إلا موتتنا الأولى٦ وما نحن بمعذبين ﴾ ؟ ! [ وأحضر لا يستعمل مطلقا إلا في الشر، قاله الماوردي، قوله تعالى :﴿ أفما نحن بميتين ﴾... معناه : أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين ؟ ! وهو من قول أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت، ويقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت.. ]٧.
﴿ إن هذا لهو الفوز العظيم ﴾ عن قتادة : قوله ﴿ أفما نحن بميتين ﴾ إلى قوله :﴿ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول أهل الجنة، وقوله :﴿ لمثل هذا فليعمل العاملون ﴾ يقول تعالى ذكره : لمثل هذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة فليعمل في الدنيا لأنفسهم العاملون ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم. النحاس : وتقدير الكلام- والله أعلم- : فليعمل العاملون لمثل هذا، فإن قال قائل : الفاء في العربية تفيد أن الثاني بعد الأول، فكيف صار ما بعدها ينوى به التقديم ؟ فالجواب : أن التقديم كمثل التأخير، لأن حق حروف الخفض وما بعدها أن تكون متأخرة.
٢ سورة الأنعام من الآية ١١٢..
٣ سورة الأعراف من الآية ٤٣..
٤ ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم..
٥ سورة الزخرف. الآية ٦٧..
٦ يقول صاحب روح المعاني-العلامة الألوسي- ﴿إلا موتتنا الأولى﴾ التي كانت في الدنيا، وهي متناولة عند أهل السنة لما في القبر بعد الإحياء للسؤال لعدم الاعتداد بالحياة فيه لكونها غير تامة ولا قارة، وزمانها قليل جدا..
٧ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
وأهل الجنة يتساءلون، ويتحدث بعضهم مع بعض ويتفاوضون، ويتذاكرون ما كان منهم في حياتهم الدنيا، وما لاقوه، -وهو معطوف على معنى :﴿ يطاف عليهم ﴾ المعنى : يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشراب... فيقبل بعضهم يتساءلون... إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله تعالى في إخباره-١.
﴿ قال قائل منهم إني كان لي قرين ﴾ قال واحد من المنعمين لجلسائه في دار الخلد والتكريم : إني كان لي رفيق مقارن، وصاحب ملازم-من الإنس أو من الجن-صاحبني في الدنيا وكان يقول لي منكرا مستبعدا، ومكذبا بالقيامة جاحدا :﴿ أئنك لمن المصدقين. أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ﴾ ويعجب مني ويسخر كيف استيقنت بالحساب والجزاء، وأنّى للأجسام بعد بلاها وتفتت أجزائها أن تعود كسابق عهدها ؟ ! قال المتحدث لمن يحدثهم : أدعوكم لتطلعوا على رفيق السوء الذي حدثتكم عما كان منه ؟ أشرفوا وانظروا ! فاطلع فأبصر به في وسط جهنم، وازداد المطلعون شكرا للبر الرحيم، أن وقاهم عذاب الجحيم، وقال متحدثا بفضل مولاه شاكرا لأنعمه :﴿ تا الله إن كدت لتردين ﴾ قسما بالله لقد قاربت أن تهلكني بسوء وسواسك ﴿.. يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.. ﴾٢ ولو أطعتك لخسرت خسرانا مبينا ﴿ ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ﴾ ولولا أن الله تعالى منّ عليّ باليقين، وعصمني من تضليل الزائغين، لكان المصير إلى العذاب المهين، -ولكنه رحمني فهداني للإيمان وأرشدني إلى توحيده ﴿.. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. ﴾٣-٤، فإياك أخي ترافق من يزين لك الغرور، ولا يزجرك عن مسالك الكفور والفجور، فإن المرء على دين خليله، وصدق الله العظيم، ﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴾٥، ويتابع المؤمن حديثه فرحا بما آتاه الله من فضله حيث أدخله دار السلام، ومنحه الخلد فيها دون موت ولا أسقام :﴿ أفما نحن بميتين. إلا موتتنا الأولى٦ وما نحن بمعذبين ﴾ ؟ ! [ وأحضر لا يستعمل مطلقا إلا في الشر، قاله الماوردي، قوله تعالى :﴿ أفما نحن بميتين ﴾... معناه : أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين ؟ ! وهو من قول أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت، ويقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت.. ]٧.
﴿ إن هذا لهو الفوز العظيم ﴾ عن قتادة : قوله ﴿ أفما نحن بميتين ﴾ إلى قوله :﴿ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول أهل الجنة، وقوله :﴿ لمثل هذا فليعمل العاملون ﴾ يقول تعالى ذكره : لمثل هذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة فليعمل في الدنيا لأنفسهم العاملون ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم. النحاس : وتقدير الكلام- والله أعلم- : فليعمل العاملون لمثل هذا، فإن قال قائل : الفاء في العربية تفيد أن الثاني بعد الأول، فكيف صار ما بعدها ينوى به التقديم ؟ فالجواب : أن التقديم كمثل التأخير، لأن حق حروف الخفض وما بعدها أن تكون متأخرة.
٢ سورة الأنعام من الآية ١١٢..
٣ سورة الأعراف من الآية ٤٣..
٤ ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم..
٥ سورة الزخرف. الآية ٦٧..
٦ يقول صاحب روح المعاني-العلامة الألوسي- ﴿إلا موتتنا الأولى﴾ التي كانت في الدنيا، وهي متناولة عند أهل السنة لما في القبر بعد الإحياء للسؤال لعدم الاعتداد بالحياة فيه لكونها غير تامة ولا قارة، وزمانها قليل جدا..
٧ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
وأهل الجنة يتساءلون، ويتحدث بعضهم مع بعض ويتفاوضون، ويتذاكرون ما كان منهم في حياتهم الدنيا، وما لاقوه، -وهو معطوف على معنى :﴿ يطاف عليهم ﴾ المعنى : يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشراب... فيقبل بعضهم يتساءلون... إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله تعالى في إخباره-١.
﴿ قال قائل منهم إني كان لي قرين ﴾ قال واحد من المنعمين لجلسائه في دار الخلد والتكريم : إني كان لي رفيق مقارن، وصاحب ملازم-من الإنس أو من الجن-صاحبني في الدنيا وكان يقول لي منكرا مستبعدا، ومكذبا بالقيامة جاحدا :﴿ أئنك لمن المصدقين. أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ﴾ ويعجب مني ويسخر كيف استيقنت بالحساب والجزاء، وأنّى للأجسام بعد بلاها وتفتت أجزائها أن تعود كسابق عهدها ؟ ! قال المتحدث لمن يحدثهم : أدعوكم لتطلعوا على رفيق السوء الذي حدثتكم عما كان منه ؟ أشرفوا وانظروا ! فاطلع فأبصر به في وسط جهنم، وازداد المطلعون شكرا للبر الرحيم، أن وقاهم عذاب الجحيم، وقال متحدثا بفضل مولاه شاكرا لأنعمه :﴿ تا الله إن كدت لتردين ﴾ قسما بالله لقد قاربت أن تهلكني بسوء وسواسك ﴿.. يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.. ﴾٢ ولو أطعتك لخسرت خسرانا مبينا ﴿ ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ﴾ ولولا أن الله تعالى منّ عليّ باليقين، وعصمني من تضليل الزائغين، لكان المصير إلى العذاب المهين، -ولكنه رحمني فهداني للإيمان وأرشدني إلى توحيده ﴿.. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. ﴾٣-٤، فإياك أخي ترافق من يزين لك الغرور، ولا يزجرك عن مسالك الكفور والفجور، فإن المرء على دين خليله، وصدق الله العظيم، ﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴾٥، ويتابع المؤمن حديثه فرحا بما آتاه الله من فضله حيث أدخله دار السلام، ومنحه الخلد فيها دون موت ولا أسقام :﴿ أفما نحن بميتين. إلا موتتنا الأولى٦ وما نحن بمعذبين ﴾ ؟ ! [ وأحضر لا يستعمل مطلقا إلا في الشر، قاله الماوردي، قوله تعالى :﴿ أفما نحن بميتين ﴾... معناه : أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين ؟ ! وهو من قول أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت، ويقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت.. ]٧.
﴿ إن هذا لهو الفوز العظيم ﴾ عن قتادة : قوله ﴿ أفما نحن بميتين ﴾ إلى قوله :﴿ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول أهل الجنة، وقوله :﴿ لمثل هذا فليعمل العاملون ﴾ يقول تعالى ذكره : لمثل هذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة فليعمل في الدنيا لأنفسهم العاملون ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم. النحاس : وتقدير الكلام- والله أعلم- : فليعمل العاملون لمثل هذا، فإن قال قائل : الفاء في العربية تفيد أن الثاني بعد الأول، فكيف صار ما بعدها ينوى به التقديم ؟ فالجواب : أن التقديم كمثل التأخير، لأن حق حروف الخفض وما بعدها أن تكون متأخرة.
٢ سورة الأنعام من الآية ١١٢..
٣ سورة الأعراف من الآية ٤٣..
٤ ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم..
٥ سورة الزخرف. الآية ٦٧..
٦ يقول صاحب روح المعاني-العلامة الألوسي- ﴿إلا موتتنا الأولى﴾ التي كانت في الدنيا، وهي متناولة عند أهل السنة لما في القبر بعد الإحياء للسؤال لعدم الاعتداد بالحياة فيه لكونها غير تامة ولا قارة، وزمانها قليل جدا..
٧ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
وأهل الجنة يتساءلون، ويتحدث بعضهم مع بعض ويتفاوضون، ويتذاكرون ما كان منهم في حياتهم الدنيا، وما لاقوه، -وهو معطوف على معنى :﴿ يطاف عليهم ﴾ المعنى : يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشراب... فيقبل بعضهم يتساءلون... إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله تعالى في إخباره-١.
﴿ قال قائل منهم إني كان لي قرين ﴾ قال واحد من المنعمين لجلسائه في دار الخلد والتكريم : إني كان لي رفيق مقارن، وصاحب ملازم-من الإنس أو من الجن-صاحبني في الدنيا وكان يقول لي منكرا مستبعدا، ومكذبا بالقيامة جاحدا :﴿ أئنك لمن المصدقين. أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ﴾ ويعجب مني ويسخر كيف استيقنت بالحساب والجزاء، وأنّى للأجسام بعد بلاها وتفتت أجزائها أن تعود كسابق عهدها ؟ ! قال المتحدث لمن يحدثهم : أدعوكم لتطلعوا على رفيق السوء الذي حدثتكم عما كان منه ؟ أشرفوا وانظروا ! فاطلع فأبصر به في وسط جهنم، وازداد المطلعون شكرا للبر الرحيم، أن وقاهم عذاب الجحيم، وقال متحدثا بفضل مولاه شاكرا لأنعمه :﴿ تا الله إن كدت لتردين ﴾ قسما بالله لقد قاربت أن تهلكني بسوء وسواسك ﴿.. يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.. ﴾٢ ولو أطعتك لخسرت خسرانا مبينا ﴿ ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ﴾ ولولا أن الله تعالى منّ عليّ باليقين، وعصمني من تضليل الزائغين، لكان المصير إلى العذاب المهين، -ولكنه رحمني فهداني للإيمان وأرشدني إلى توحيده ﴿.. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. ﴾٣-٤، فإياك أخي ترافق من يزين لك الغرور، ولا يزجرك عن مسالك الكفور والفجور، فإن المرء على دين خليله، وصدق الله العظيم، ﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴾٥، ويتابع المؤمن حديثه فرحا بما آتاه الله من فضله حيث أدخله دار السلام، ومنحه الخلد فيها دون موت ولا أسقام :﴿ أفما نحن بميتين. إلا موتتنا الأولى٦ وما نحن بمعذبين ﴾ ؟ ! [ وأحضر لا يستعمل مطلقا إلا في الشر، قاله الماوردي، قوله تعالى :﴿ أفما نحن بميتين ﴾... معناه : أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين ؟ ! وهو من قول أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت، ويقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت.. ]٧.
﴿ إن هذا لهو الفوز العظيم ﴾ عن قتادة : قوله ﴿ أفما نحن بميتين ﴾ إلى قوله :﴿ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول أهل الجنة، وقوله :﴿ لمثل هذا فليعمل العاملون ﴾ يقول تعالى ذكره : لمثل هذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة فليعمل في الدنيا لأنفسهم العاملون ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم. النحاس : وتقدير الكلام- والله أعلم- : فليعمل العاملون لمثل هذا، فإن قال قائل : الفاء في العربية تفيد أن الثاني بعد الأول، فكيف صار ما بعدها ينوى به التقديم ؟ فالجواب : أن التقديم كمثل التأخير، لأن حق حروف الخفض وما بعدها أن تكون متأخرة.
٢ سورة الأنعام من الآية ١١٢..
٣ سورة الأعراف من الآية ٤٣..
٤ ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم..
٥ سورة الزخرف. الآية ٦٧..
٦ يقول صاحب روح المعاني-العلامة الألوسي- ﴿إلا موتتنا الأولى﴾ التي كانت في الدنيا، وهي متناولة عند أهل السنة لما في القبر بعد الإحياء للسؤال لعدم الاعتداد بالحياة فيه لكونها غير تامة ولا قارة، وزمانها قليل جدا..
٧ ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي..
﴿ الزقوم ﴾ ما يبلع بعسر لخبثه.
﴿ أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم( ٦٢ )إنا جعلناها فتنة للظالمين( ٦٣ )إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم( ٦٤ )طلعها كأنه رؤوس الشياطين( ٦٥ )فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون( ٦٦ )ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم( ٦٧ )ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم( ٦٨ ) ﴾.
هل الذي أعد لأهل النعيم من الرزق المعلوم والفواكه والمشارب والزوجات، والكرامة ورفعة الدرجات أفضل ضيافة وعطاء أم طعام أهل النار، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وإنما هو ثمرة شجرة خبيثة المنبت، كريهة المرأى، يعذبون بتجرعها، ولا يكفيهم منها القليل :﴿ إن شجرة الزقوم. طعام الأثيم. كالمهل يغلي في البطون. كغلي الحميم ﴾١، ثم إن غصت بها حلوقهم-وإنها لكذلك-فليس من غوث إلا أن يسقوا من الماء الحار ﴿... وسقوا ماءا حميما فقطع أمعاءهم ﴾٢، ثم إن المسكن والمستقر لا يتجاوز السعير وسقر، كما قال تعالى :﴿ يطوفون بينها وبين حميم آن ﴾٣.
﴿ أذلك ﴾ الاستفهام هنا يراد به التوبيخ والتهكم، وأشير إلى ما ذكر من نزل أهل الجنة وهو قريب بما يشار به إلى البعيد ﴿ ذلك ﴾ لعلو منزلته، وبعد مكانته، -إنا جعلناها فتنة للظالمين } محنة وعذابا لهم في الآخرة وابتلاء في الدنيا، فإنهم سمعوا أنها في النار قالوا : كيف يمكن ذلك والنار تحرق الشجر، وكذا قال أبو جهل، ثم قال استخفافا بأمرها لا إنكارا للمدلول اللغوي : والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد فتزقموا، ولم يعلموا أن من قدر على خلق حيوان يعيش في النار ويتلذذ بها أقدر على خلق الشجر في النار وحفظه من الإحراق، فالنار لا تحرق إلا بإذنه.... ﴿ طلعها ﴾ أي حملها... ﴿ كأنه رؤوس الشياطين ﴾ أي في تناهي الكراهة وقبح المنظر، والعرب تشبه القبيح الصورة بالشيطان.. وإن لم يروه، لما أنه مستقبح جدا في طباعهم لاعتقادهم أنه شر محض.... وبهذا يرد على بعض الملاحدة حيث طعن في هذا التشبيه بأنه تشبيه بما لا يعرف، وحاصله أنه لا يشترط أن يكون معروفا في الخارج، بل يكفي كونه مركوزا في الذهن والخيال-٤.
[ وقيل : هذا الاستبعاد الذي وقع للكفار هو الذي وقع الآن للملاحدة، حتى حملوا الجنة والنار على نعيم وعقاب تتخلله الأرواح، وحملوا وزن الأعمال، والصراط واللوح والقلم على معاني زوروها في أنفسهم، دون ما فهمه المسلمون من موارد الشرع، وإذا ورد خبر الصادق بشيء هو موهوم في العقل فالواجب تصديقه، وإن جاز أن يكون له تأويل، ثم التأويل في موضع إجماع المسلمين على أنه تأويل باطل لا يجوز، والمسلمون مجمعون على الأخذ بهذه الأشياء من غير مصير إلى علم الباطن ]٥، نقل عن القشيري : ولعل الحميم في موضع جهنم على طرف منها. اهـ.
﴿ أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم( ٦٢ )إنا جعلناها فتنة للظالمين( ٦٣ )إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم( ٦٤ )طلعها كأنه رؤوس الشياطين( ٦٥ )فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون( ٦٦ )ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم( ٦٧ )ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم( ٦٨ ) ﴾.
هل الذي أعد لأهل النعيم من الرزق المعلوم والفواكه والمشارب والزوجات، والكرامة ورفعة الدرجات أفضل ضيافة وعطاء أم طعام أهل النار، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وإنما هو ثمرة شجرة خبيثة المنبت، كريهة المرأى، يعذبون بتجرعها، ولا يكفيهم منها القليل :﴿ إن شجرة الزقوم. طعام الأثيم. كالمهل يغلي في البطون. كغلي الحميم ﴾١، ثم إن غصت بها حلوقهم-وإنها لكذلك-فليس من غوث إلا أن يسقوا من الماء الحار ﴿... وسقوا ماءا حميما فقطع أمعاءهم ﴾٢، ثم إن المسكن والمستقر لا يتجاوز السعير وسقر، كما قال تعالى :﴿ يطوفون بينها وبين حميم آن ﴾٣.
﴿ أذلك ﴾ الاستفهام هنا يراد به التوبيخ والتهكم، وأشير إلى ما ذكر من نزل أهل الجنة وهو قريب بما يشار به إلى البعيد ﴿ ذلك ﴾ لعلو منزلته، وبعد مكانته، -إنا جعلناها فتنة للظالمين } محنة وعذابا لهم في الآخرة وابتلاء في الدنيا، فإنهم سمعوا أنها في النار قالوا : كيف يمكن ذلك والنار تحرق الشجر، وكذا قال أبو جهل، ثم قال استخفافا بأمرها لا إنكارا للمدلول اللغوي : والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد فتزقموا، ولم يعلموا أن من قدر على خلق حيوان يعيش في النار ويتلذذ بها أقدر على خلق الشجر في النار وحفظه من الإحراق، فالنار لا تحرق إلا بإذنه.... ﴿ طلعها ﴾ أي حملها... ﴿ كأنه رؤوس الشياطين ﴾ أي في تناهي الكراهة وقبح المنظر، والعرب تشبه القبيح الصورة بالشيطان.. وإن لم يروه، لما أنه مستقبح جدا في طباعهم لاعتقادهم أنه شر محض.... وبهذا يرد على بعض الملاحدة حيث طعن في هذا التشبيه بأنه تشبيه بما لا يعرف، وحاصله أنه لا يشترط أن يكون معروفا في الخارج، بل يكفي كونه مركوزا في الذهن والخيال-٤.
[ وقيل : هذا الاستبعاد الذي وقع للكفار هو الذي وقع الآن للملاحدة، حتى حملوا الجنة والنار على نعيم وعقاب تتخلله الأرواح، وحملوا وزن الأعمال، والصراط واللوح والقلم على معاني زوروها في أنفسهم، دون ما فهمه المسلمون من موارد الشرع، وإذا ورد خبر الصادق بشيء هو موهوم في العقل فالواجب تصديقه، وإن جاز أن يكون له تأويل، ثم التأويل في موضع إجماع المسلمين على أنه تأويل باطل لا يجوز، والمسلمون مجمعون على الأخذ بهذه الأشياء من غير مصير إلى علم الباطن ]٥، نقل عن القشيري : ولعل الحميم في موضع جهنم على طرف منها. اهـ.
﴿ أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم( ٦٢ )إنا جعلناها فتنة للظالمين( ٦٣ )إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم( ٦٤ )طلعها كأنه رؤوس الشياطين( ٦٥ )فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون( ٦٦ )ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم( ٦٧ )ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم( ٦٨ ) ﴾.
هل الذي أعد لأهل النعيم من الرزق المعلوم والفواكه والمشارب والزوجات، والكرامة ورفعة الدرجات أفضل ضيافة وعطاء أم طعام أهل النار، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وإنما هو ثمرة شجرة خبيثة المنبت، كريهة المرأى، يعذبون بتجرعها، ولا يكفيهم منها القليل :﴿ إن شجرة الزقوم. طعام الأثيم. كالمهل يغلي في البطون. كغلي الحميم ﴾١، ثم إن غصت بها حلوقهم-وإنها لكذلك-فليس من غوث إلا أن يسقوا من الماء الحار ﴿... وسقوا ماءا حميما فقطع أمعاءهم ﴾٢، ثم إن المسكن والمستقر لا يتجاوز السعير وسقر، كما قال تعالى :﴿ يطوفون بينها وبين حميم آن ﴾٣.
﴿ أذلك ﴾ الاستفهام هنا يراد به التوبيخ والتهكم، وأشير إلى ما ذكر من نزل أهل الجنة وهو قريب بما يشار به إلى البعيد ﴿ ذلك ﴾ لعلو منزلته، وبعد مكانته، -إنا جعلناها فتنة للظالمين } محنة وعذابا لهم في الآخرة وابتلاء في الدنيا، فإنهم سمعوا أنها في النار قالوا : كيف يمكن ذلك والنار تحرق الشجر، وكذا قال أبو جهل، ثم قال استخفافا بأمرها لا إنكارا للمدلول اللغوي : والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد فتزقموا، ولم يعلموا أن من قدر على خلق حيوان يعيش في النار ويتلذذ بها أقدر على خلق الشجر في النار وحفظه من الإحراق، فالنار لا تحرق إلا بإذنه.... ﴿ طلعها ﴾ أي حملها... ﴿ كأنه رؤوس الشياطين ﴾ أي في تناهي الكراهة وقبح المنظر، والعرب تشبه القبيح الصورة بالشيطان.. وإن لم يروه، لما أنه مستقبح جدا في طباعهم لاعتقادهم أنه شر محض.... وبهذا يرد على بعض الملاحدة حيث طعن في هذا التشبيه بأنه تشبيه بما لا يعرف، وحاصله أنه لا يشترط أن يكون معروفا في الخارج، بل يكفي كونه مركوزا في الذهن والخيال-٤.
[ وقيل : هذا الاستبعاد الذي وقع للكفار هو الذي وقع الآن للملاحدة، حتى حملوا الجنة والنار على نعيم وعقاب تتخلله الأرواح، وحملوا وزن الأعمال، والصراط واللوح والقلم على معاني زوروها في أنفسهم، دون ما فهمه المسلمون من موارد الشرع، وإذا ورد خبر الصادق بشيء هو موهوم في العقل فالواجب تصديقه، وإن جاز أن يكون له تأويل، ثم التأويل في موضع إجماع المسلمين على أنه تأويل باطل لا يجوز، والمسلمون مجمعون على الأخذ بهذه الأشياء من غير مصير إلى علم الباطن ]٥، نقل عن القشيري : ولعل الحميم في موضع جهنم على طرف منها. اهـ.
هل الذي أعد لأهل النعيم من الرزق المعلوم والفواكه والمشارب والزوجات، والكرامة ورفعة الدرجات أفضل ضيافة وعطاء أم طعام أهل النار، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وإنما هو ثمرة شجرة خبيثة المنبت، كريهة المرأى، يعذبون بتجرعها، ولا يكفيهم منها القليل :﴿ إن شجرة الزقوم. طعام الأثيم. كالمهل يغلي في البطون. كغلي الحميم ﴾١، ثم إن غصت بها حلوقهم-وإنها لكذلك-فليس من غوث إلا أن يسقوا من الماء الحار ﴿... وسقوا ماءا حميما فقطع أمعاءهم ﴾٢، ثم إن المسكن والمستقر لا يتجاوز السعير وسقر، كما قال تعالى :﴿ يطوفون بينها وبين حميم آن ﴾٣.
﴿ أذلك ﴾ الاستفهام هنا يراد به التوبيخ والتهكم، وأشير إلى ما ذكر من نزل أهل الجنة وهو قريب بما يشار به إلى البعيد ﴿ ذلك ﴾ لعلو منزلته، وبعد مكانته، -إنا جعلناها فتنة للظالمين } محنة وعذابا لهم في الآخرة وابتلاء في الدنيا، فإنهم سمعوا أنها في النار قالوا : كيف يمكن ذلك والنار تحرق الشجر، وكذا قال أبو جهل، ثم قال استخفافا بأمرها لا إنكارا للمدلول اللغوي : والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد فتزقموا، ولم يعلموا أن من قدر على خلق حيوان يعيش في النار ويتلذذ بها أقدر على خلق الشجر في النار وحفظه من الإحراق، فالنار لا تحرق إلا بإذنه.... ﴿ طلعها ﴾ أي حملها... ﴿ كأنه رؤوس الشياطين ﴾ أي في تناهي الكراهة وقبح المنظر، والعرب تشبه القبيح الصورة بالشيطان.. وإن لم يروه، لما أنه مستقبح جدا في طباعهم لاعتقادهم أنه شر محض.... وبهذا يرد على بعض الملاحدة حيث طعن في هذا التشبيه بأنه تشبيه بما لا يعرف، وحاصله أنه لا يشترط أن يكون معروفا في الخارج، بل يكفي كونه مركوزا في الذهن والخيال-٤.
[ وقيل : هذا الاستبعاد الذي وقع للكفار هو الذي وقع الآن للملاحدة، حتى حملوا الجنة والنار على نعيم وعقاب تتخلله الأرواح، وحملوا وزن الأعمال، والصراط واللوح والقلم على معاني زوروها في أنفسهم، دون ما فهمه المسلمون من موارد الشرع، وإذا ورد خبر الصادق بشيء هو موهوم في العقل فالواجب تصديقه، وإن جاز أن يكون له تأويل، ثم التأويل في موضع إجماع المسلمين على أنه تأويل باطل لا يجوز، والمسلمون مجمعون على الأخذ بهذه الأشياء من غير مصير إلى علم الباطن ]٥، نقل عن القشيري : ولعل الحميم في موضع جهنم على طرف منها. اهـ.
هل الذي أعد لأهل النعيم من الرزق المعلوم والفواكه والمشارب والزوجات، والكرامة ورفعة الدرجات أفضل ضيافة وعطاء أم طعام أهل النار، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وإنما هو ثمرة شجرة خبيثة المنبت، كريهة المرأى، يعذبون بتجرعها، ولا يكفيهم منها القليل :﴿ إن شجرة الزقوم. طعام الأثيم. كالمهل يغلي في البطون. كغلي الحميم ﴾١، ثم إن غصت بها حلوقهم-وإنها لكذلك-فليس من غوث إلا أن يسقوا من الماء الحار ﴿... وسقوا ماءا حميما فقطع أمعاءهم ﴾٢، ثم إن المسكن والمستقر لا يتجاوز السعير وسقر، كما قال تعالى :﴿ يطوفون بينها وبين حميم آن ﴾٣.
﴿ أذلك ﴾ الاستفهام هنا يراد به التوبيخ والتهكم، وأشير إلى ما ذكر من نزل أهل الجنة وهو قريب بما يشار به إلى البعيد ﴿ ذلك ﴾ لعلو منزلته، وبعد مكانته، -إنا جعلناها فتنة للظالمين } محنة وعذابا لهم في الآخرة وابتلاء في الدنيا، فإنهم سمعوا أنها في النار قالوا : كيف يمكن ذلك والنار تحرق الشجر، وكذا قال أبو جهل، ثم قال استخفافا بأمرها لا إنكارا للمدلول اللغوي : والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد فتزقموا، ولم يعلموا أن من قدر على خلق حيوان يعيش في النار ويتلذذ بها أقدر على خلق الشجر في النار وحفظه من الإحراق، فالنار لا تحرق إلا بإذنه.... ﴿ طلعها ﴾ أي حملها... ﴿ كأنه رؤوس الشياطين ﴾ أي في تناهي الكراهة وقبح المنظر، والعرب تشبه القبيح الصورة بالشيطان.. وإن لم يروه، لما أنه مستقبح جدا في طباعهم لاعتقادهم أنه شر محض.... وبهذا يرد على بعض الملاحدة حيث طعن في هذا التشبيه بأنه تشبيه بما لا يعرف، وحاصله أنه لا يشترط أن يكون معروفا في الخارج، بل يكفي كونه مركوزا في الذهن والخيال-٤.
[ وقيل : هذا الاستبعاد الذي وقع للكفار هو الذي وقع الآن للملاحدة، حتى حملوا الجنة والنار على نعيم وعقاب تتخلله الأرواح، وحملوا وزن الأعمال، والصراط واللوح والقلم على معاني زوروها في أنفسهم، دون ما فهمه المسلمون من موارد الشرع، وإذا ورد خبر الصادق بشيء هو موهوم في العقل فالواجب تصديقه، وإن جاز أن يكون له تأويل، ثم التأويل في موضع إجماع المسلمين على أنه تأويل باطل لا يجوز، والمسلمون مجمعون على الأخذ بهذه الأشياء من غير مصير إلى علم الباطن ]٥، نقل عن القشيري : ولعل الحميم في موضع جهنم على طرف منها. اهـ.
حميم } ماء حار.
﴿ أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم( ٦٢ )إنا جعلناها فتنة للظالمين( ٦٣ )إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم( ٦٤ )طلعها كأنه رؤوس الشياطين( ٦٥ )فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون( ٦٦ )ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم( ٦٧ )ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم( ٦٨ ) ﴾.
هل الذي أعد لأهل النعيم من الرزق المعلوم والفواكه والمشارب والزوجات، والكرامة ورفعة الدرجات أفضل ضيافة وعطاء أم طعام أهل النار، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وإنما هو ثمرة شجرة خبيثة المنبت، كريهة المرأى، يعذبون بتجرعها، ولا يكفيهم منها القليل :﴿ إن شجرة الزقوم. طعام الأثيم. كالمهل يغلي في البطون. كغلي الحميم ﴾١، ثم إن غصت بها حلوقهم-وإنها لكذلك-فليس من غوث إلا أن يسقوا من الماء الحار ﴿... وسقوا ماءا حميما فقطع أمعاءهم ﴾٢، ثم إن المسكن والمستقر لا يتجاوز السعير وسقر، كما قال تعالى :﴿ يطوفون بينها وبين حميم آن ﴾٣.
﴿ أذلك ﴾ الاستفهام هنا يراد به التوبيخ والتهكم، وأشير إلى ما ذكر من نزل أهل الجنة وهو قريب بما يشار به إلى البعيد ﴿ ذلك ﴾ لعلو منزلته، وبعد مكانته، -إنا جعلناها فتنة للظالمين } محنة وعذابا لهم في الآخرة وابتلاء في الدنيا، فإنهم سمعوا أنها في النار قالوا : كيف يمكن ذلك والنار تحرق الشجر، وكذا قال أبو جهل، ثم قال استخفافا بأمرها لا إنكارا للمدلول اللغوي : والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد فتزقموا، ولم يعلموا أن من قدر على خلق حيوان يعيش في النار ويتلذذ بها أقدر على خلق الشجر في النار وحفظه من الإحراق، فالنار لا تحرق إلا بإذنه.... ﴿ طلعها ﴾ أي حملها... ﴿ كأنه رؤوس الشياطين ﴾ أي في تناهي الكراهة وقبح المنظر، والعرب تشبه القبيح الصورة بالشيطان.. وإن لم يروه، لما أنه مستقبح جدا في طباعهم لاعتقادهم أنه شر محض.... وبهذا يرد على بعض الملاحدة حيث طعن في هذا التشبيه بأنه تشبيه بما لا يعرف، وحاصله أنه لا يشترط أن يكون معروفا في الخارج، بل يكفي كونه مركوزا في الذهن والخيال-٤.
[ وقيل : هذا الاستبعاد الذي وقع للكفار هو الذي وقع الآن للملاحدة، حتى حملوا الجنة والنار على نعيم وعقاب تتخلله الأرواح، وحملوا وزن الأعمال، والصراط واللوح والقلم على معاني زوروها في أنفسهم، دون ما فهمه المسلمون من موارد الشرع، وإذا ورد خبر الصادق بشيء هو موهوم في العقل فالواجب تصديقه، وإن جاز أن يكون له تأويل، ثم التأويل في موضع إجماع المسلمين على أنه تأويل باطل لا يجوز، والمسلمون مجمعون على الأخذ بهذه الأشياء من غير مصير إلى علم الباطن ]٥، نقل عن القشيري : ولعل الحميم في موضع جهنم على طرف منها. اهـ.
هل الذي أعد لأهل النعيم من الرزق المعلوم والفواكه والمشارب والزوجات، والكرامة ورفعة الدرجات أفضل ضيافة وعطاء أم طعام أهل النار، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وإنما هو ثمرة شجرة خبيثة المنبت، كريهة المرأى، يعذبون بتجرعها، ولا يكفيهم منها القليل :﴿ إن شجرة الزقوم. طعام الأثيم. كالمهل يغلي في البطون. كغلي الحميم ﴾١، ثم إن غصت بها حلوقهم-وإنها لكذلك-فليس من غوث إلا أن يسقوا من الماء الحار ﴿... وسقوا ماءا حميما فقطع أمعاءهم ﴾٢، ثم إن المسكن والمستقر لا يتجاوز السعير وسقر، كما قال تعالى :﴿ يطوفون بينها وبين حميم آن ﴾٣.
﴿ أذلك ﴾ الاستفهام هنا يراد به التوبيخ والتهكم، وأشير إلى ما ذكر من نزل أهل الجنة وهو قريب بما يشار به إلى البعيد ﴿ ذلك ﴾ لعلو منزلته، وبعد مكانته، -إنا جعلناها فتنة للظالمين } محنة وعذابا لهم في الآخرة وابتلاء في الدنيا، فإنهم سمعوا أنها في النار قالوا : كيف يمكن ذلك والنار تحرق الشجر، وكذا قال أبو جهل، ثم قال استخفافا بأمرها لا إنكارا للمدلول اللغوي : والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد فتزقموا، ولم يعلموا أن من قدر على خلق حيوان يعيش في النار ويتلذذ بها أقدر على خلق الشجر في النار وحفظه من الإحراق، فالنار لا تحرق إلا بإذنه.... ﴿ طلعها ﴾ أي حملها... ﴿ كأنه رؤوس الشياطين ﴾ أي في تناهي الكراهة وقبح المنظر، والعرب تشبه القبيح الصورة بالشيطان.. وإن لم يروه، لما أنه مستقبح جدا في طباعهم لاعتقادهم أنه شر محض.... وبهذا يرد على بعض الملاحدة حيث طعن في هذا التشبيه بأنه تشبيه بما لا يعرف، وحاصله أنه لا يشترط أن يكون معروفا في الخارج، بل يكفي كونه مركوزا في الذهن والخيال-٤.
[ وقيل : هذا الاستبعاد الذي وقع للكفار هو الذي وقع الآن للملاحدة، حتى حملوا الجنة والنار على نعيم وعقاب تتخلله الأرواح، وحملوا وزن الأعمال، والصراط واللوح والقلم على معاني زوروها في أنفسهم، دون ما فهمه المسلمون من موارد الشرع، وإذا ورد خبر الصادق بشيء هو موهوم في العقل فالواجب تصديقه، وإن جاز أن يكون له تأويل، ثم التأويل في موضع إجماع المسلمين على أنه تأويل باطل لا يجوز، والمسلمون مجمعون على الأخذ بهذه الأشياء من غير مصير إلى علم الباطن ]٥، نقل عن القشيري : ولعل الحميم في موضع جهنم على طرف منها. اهـ.
﴿ إنهم ألفوا آباءهم ضالين( ٦٩ )فهم على آثارهم يهرعون( ٧٠ )ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين( ٧١ )ولقد أرسلنا فيهم منذرين( ٧٢ )فانظر كيف كان عاقبة المنذرين( ٧٣ )إلا عباد الله المخلصين( ٧٤ ) ﴾.
وما أوردهم موارد الخسار والبوار إلا المسارعة في اقتفاء آثار أسلافهم الكفرة الفجار ﴿.. قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباءهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ﴾١، إنهم وجدوا وصادفوا آباءهم زاغوا وعموا عن الحق فكانوا سراعا في انتهاج طريقتهم وسبيلهم، والاقتداء بهم في غيهم، وما أكثر الهلكى في السابقين، بل ويمضي ذلك في الآخرين، وصدق الله العظيم :﴿ وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ﴾٢، ﴿.. ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٣ ﴿.. وقليل من عبادي الشكور ﴾٤ وما للناس على الله تعالى حجة بعد أن بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، والمعرضون عن الهدى بعد أن تبين لهم سوء مصيرهم في العاجل والآجل :﴿ وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا. فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا. أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا ﴾٥، وعباد الله الذين استخلصهم ربنا لطاعته ومحبته وولايته لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ﴿... فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ﴾٦.
﴿ يهرعون ﴾ يستحثون ليسرعوا.
﴿ إنهم ألفوا آباءهم ضالين( ٦٩ )فهم على آثارهم يهرعون( ٧٠ )ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين( ٧١ )ولقد أرسلنا فيهم منذرين( ٧٢ )فانظر كيف كان عاقبة المنذرين( ٧٣ )إلا عباد الله المخلصين( ٧٤ ) ﴾.
وما أوردهم موارد الخسار والبوار إلا المسارعة في اقتفاء آثار أسلافهم الكفرة الفجار ﴿.. قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباءهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ﴾١، إنهم وجدوا وصادفوا آباءهم زاغوا وعموا عن الحق فكانوا سراعا في انتهاج طريقتهم وسبيلهم، والاقتداء بهم في غيهم، وما أكثر الهلكى في السابقين، بل ويمضي ذلك في الآخرين، وصدق الله العظيم :﴿ وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ﴾٢، ﴿.. ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٣ ﴿.. وقليل من عبادي الشكور ﴾٤ وما للناس على الله تعالى حجة بعد أن بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، والمعرضون عن الهدى بعد أن تبين لهم سوء مصيرهم في العاجل والآجل :﴿ وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا. فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا. أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا ﴾٥، وعباد الله الذين استخلصهم ربنا لطاعته ومحبته وولايته لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ﴿... فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ﴾٦.
وما أوردهم موارد الخسار والبوار إلا المسارعة في اقتفاء آثار أسلافهم الكفرة الفجار ﴿.. قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباءهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ﴾١، إنهم وجدوا وصادفوا آباءهم زاغوا وعموا عن الحق فكانوا سراعا في انتهاج طريقتهم وسبيلهم، والاقتداء بهم في غيهم، وما أكثر الهلكى في السابقين، بل ويمضي ذلك في الآخرين، وصدق الله العظيم :﴿ وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ﴾٢، ﴿.. ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٣ ﴿.. وقليل من عبادي الشكور ﴾٤ وما للناس على الله تعالى حجة بعد أن بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، والمعرضون عن الهدى بعد أن تبين لهم سوء مصيرهم في العاجل والآجل :﴿ وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا. فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا. أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا ﴾٥، وعباد الله الذين استخلصهم ربنا لطاعته ومحبته وولايته لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ﴿... فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ﴾٦.
وما أوردهم موارد الخسار والبوار إلا المسارعة في اقتفاء آثار أسلافهم الكفرة الفجار ﴿.. قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباءهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ﴾١، إنهم وجدوا وصادفوا آباءهم زاغوا وعموا عن الحق فكانوا سراعا في انتهاج طريقتهم وسبيلهم، والاقتداء بهم في غيهم، وما أكثر الهلكى في السابقين، بل ويمضي ذلك في الآخرين، وصدق الله العظيم :﴿ وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ﴾٢، ﴿.. ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٣ ﴿.. وقليل من عبادي الشكور ﴾٤ وما للناس على الله تعالى حجة بعد أن بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، والمعرضون عن الهدى بعد أن تبين لهم سوء مصيرهم في العاجل والآجل :﴿ وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا. فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا. أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا ﴾٥، وعباد الله الذين استخلصهم ربنا لطاعته ومحبته وولايته لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ﴿... فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ﴾٦.
وما أوردهم موارد الخسار والبوار إلا المسارعة في اقتفاء آثار أسلافهم الكفرة الفجار ﴿.. قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباءهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ﴾١، إنهم وجدوا وصادفوا آباءهم زاغوا وعموا عن الحق فكانوا سراعا في انتهاج طريقتهم وسبيلهم، والاقتداء بهم في غيهم، وما أكثر الهلكى في السابقين، بل ويمضي ذلك في الآخرين، وصدق الله العظيم :﴿ وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ﴾٢، ﴿.. ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٣ ﴿.. وقليل من عبادي الشكور ﴾٤ وما للناس على الله تعالى حجة بعد أن بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، والمعرضون عن الهدى بعد أن تبين لهم سوء مصيرهم في العاجل والآجل :﴿ وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا. فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا. أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا ﴾٥، وعباد الله الذين استخلصهم ربنا لطاعته ومحبته وولايته لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ﴿... فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ﴾٦.
﴿ إنهم ألفوا آباءهم ضالين( ٦٩ )فهم على آثارهم يهرعون( ٧٠ )ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين( ٧١ )ولقد أرسلنا فيهم منذرين( ٧٢ )فانظر كيف كان عاقبة المنذرين( ٧٣ )إلا عباد الله المخلصين( ٧٤ ) ﴾.
وما أوردهم موارد الخسار والبوار إلا المسارعة في اقتفاء آثار أسلافهم الكفرة الفجار ﴿.. قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباءهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ﴾١، إنهم وجدوا وصادفوا آباءهم زاغوا وعموا عن الحق فكانوا سراعا في انتهاج طريقتهم وسبيلهم، والاقتداء بهم في غيهم، وما أكثر الهلكى في السابقين، بل ويمضي ذلك في الآخرين، وصدق الله العظيم :﴿ وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ﴾٢، ﴿.. ولا تجد أكثرهم شاكرين ﴾٣ ﴿.. وقليل من عبادي الشكور ﴾٤ وما للناس على الله تعالى حجة بعد أن بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، والمعرضون عن الهدى بعد أن تبين لهم سوء مصيرهم في العاجل والآجل :﴿ وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا. فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا. أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا ﴾٥، وعباد الله الذين استخلصهم ربنا لطاعته ومحبته وولايته لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ﴿... فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ﴾٦.
بينت آيات كريمة سبقت أن كثيرا من الأمم السالفة ضلوا، وعتوا عن أمر الله ورسله ولم يزدجروا، فلينظر كل معتبر بعين بصيرته ليرى عاقبة الذين بغوا وجحدوا، فإن في هذا التثبيت والبشرى للذين اتقوا وأحسنوا، والحجة على الغاوين ومن كفروا.
﴿ ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ﴾ اللام في ﴿ لقد ﴾ وفي ﴿ فلنعم ﴾ كلتاهما وقعتا جواب قسم محذوف-أي وتالله لقد دعانا نوح حين يئس من إيمان قومه بعد أن دعاهم أحقابا ودهورا، فلم يزدهم دعاءه إلا فرارا ونفورا، فأجبناه أحسن الإجابة. فوالله لنعم المجيبون نحن، فحذف ما حذف ثقة بدلالة ما ذكر عليه، والجمع للعظمة والكبرياء، وفيه من تعظيم أمر الإجابة ما فيه-١، لما أصر قوم نوح واستكبروا ونأوا عن توحيد الله الخلاق الرزاق ونهوا ﴿ وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا. ولا يغوث ويعوق ونسرا.. ﴾٢، ﴿ .. قال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ﴾٣ ﴿ فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ﴾٤.
﴿ ونجيناه وأهله من الكرب العظيم ﴾ حفظناه وأهل الإيمان به، وأنقذناهم وسلمناهم من البلاء الشديد، والغم الثقيل، والإهلاك بالطوفان، وسلمنا عقبه ومن تناسل ممن أنجيناهم في الفلك، ووهبناهم الذرية التي عمرت بها الأرض بعد إغراق الكافرين، ﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه في الباقين، يمتد إلى يوم الدين، قال ابن عباس : يذكر بخير. اه [ وقيل :﴿ في الآخرين ﴾ أي في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل : في الأنبياء، إذ لم يبعث بعده نبي إلا أمر بالاقتداء به، قال الله تعالى :﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا.. ﴾٥ ]٦.
﴿ سلام على نوح في العالمين ﴾-مبتدأ وخبر، وجاز الابتداء بالنكرة لما فيه من معنى الدعاء... وقوله تعالى :﴿ في العالمين ﴾... من تتمة الجملة السابقة، وجيء به للدلالة على الاعتناء التام بشأن السلام من حيث إنه أفاد الكلام عليه ثبوته في العالمين من الملائكة والثقلين٧... -.
﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل ذلك الجزاء الكريم الذي يطيب به الذكر على ألسن الملائكة والإنس والجن، ويخلد الأثر بالذرية الطيبة، إلى ما وعدوا به من بعد من درجات عالية ونعيم مقيم، نجزي من صبر على الحق، وجاهد في سبيله، وبلغ رسالات ربه يخشاه ولا يخشى سواه.
مما جاء في جامع البيان : قوله :﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ يقول تعالى ذكره : إنا كما فعلنا بنوح مجازة له على طاعتنا، وصبره على أذى قومه في رضانا، فأنجيناه وأهله من الكرب العظيم، وجعلنا ذريته هم الباقين، وأبقينا عليه ثناء في الآخرين كذلك نجزي الذين يحسنون فيطيعوننا، وينتهون إلى أمرنا، ويصبرون على الأذى فينا. فاستيقنوا معاشر الداعين إلى الله على هدى وبصيرة، واستبشروا بوعد الملك الحق الذي ينجز ما وعد :﴿ ... ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ﴾٨، [ وما فيه من معنى البعد-﴿ كذلك ﴾-للإيذان بعلو رتبته، وبعد منزلته في الفضل والشرف، والكاف متعلقة بما بعدها، أي : مثل ذلك الجزاء الكامل نجزي الكاملين في الإحسان لا جزاء أدنى منه، وقوله تعالى :﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ تعليل لكونه عليه السلام مؤمنا، المفهوم من الكلام بخلوص عبوديته، وكمال إيمانه، وفيه من الدلالة على جلالة قدرهما ما لا يخفى.. )٩.
﴿ ثم أغرقنا الآخرين ﴾ ﴿ ثم ﴾ ذهب الطبري إلى أنها قد تعني الاقتران، فيقول : ثم أغرقنا-حين نجينا نوحا وأهله من الكرب العظيم من بقي من قومه، ويرى الألوسي أنها للتراخي الذكرى إذ بقاؤه عليه السلام ومن معه متأخر عن الإغراق، بينما يقول القرطبي : و﴿ ثم ﴾ ليست للتراخي هاهنا، بل هو لتعديد النعم، كقوله :﴿ أو مسكينا ذا متربة. ثم كان من الذين آمنوا.. ﴾١٠ أي ثم أخبركم أني قد أغرقت الآخرين، وهم الذين تأخروا عن الإيمان. اه.
٢ سورة نوح. الآية ٢٣ومن الآية ٢٤..
٣ سورة نوح. من الآية ٢٦ والآية٢٧..
٤ سورة القمر. الآية ١٠..
٥ سورة الشورى. من الآية ١٣..
٦ ما بين العلامتين[ ] مما أورد القرطبي..
٧ الجن والإنس..
٨ سورة النور من الآية٥٥..
٩ مابين العلامتين[ ]مما أورد الألوسي..
١٠ سورة البلد. الآية ١٦ والآية ١٧..
بينت آيات كريمة سبقت أن كثيرا من الأمم السالفة ضلوا، وعتوا عن أمر الله ورسله ولم يزدجروا، فلينظر كل معتبر بعين بصيرته ليرى عاقبة الذين بغوا وجحدوا، فإن في هذا التثبيت والبشرى للذين اتقوا وأحسنوا، والحجة على الغاوين ومن كفروا.
﴿ ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ﴾ اللام في ﴿ لقد ﴾ وفي ﴿ فلنعم ﴾ كلتاهما وقعتا جواب قسم محذوف-أي وتالله لقد دعانا نوح حين يئس من إيمان قومه بعد أن دعاهم أحقابا ودهورا، فلم يزدهم دعاءه إلا فرارا ونفورا، فأجبناه أحسن الإجابة. فوالله لنعم المجيبون نحن، فحذف ما حذف ثقة بدلالة ما ذكر عليه، والجمع للعظمة والكبرياء، وفيه من تعظيم أمر الإجابة ما فيه-١، لما أصر قوم نوح واستكبروا ونأوا عن توحيد الله الخلاق الرزاق ونهوا ﴿ وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا. ولا يغوث ويعوق ونسرا.. ﴾٢، ﴿.. قال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ﴾٣ ﴿ فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ﴾٤.
﴿ ونجيناه وأهله من الكرب العظيم ﴾ حفظناه وأهل الإيمان به، وأنقذناهم وسلمناهم من البلاء الشديد، والغم الثقيل، والإهلاك بالطوفان، وسلمنا عقبه ومن تناسل ممن أنجيناهم في الفلك، ووهبناهم الذرية التي عمرت بها الأرض بعد إغراق الكافرين، ﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه في الباقين، يمتد إلى يوم الدين، قال ابن عباس : يذكر بخير. اه [ وقيل :﴿ في الآخرين ﴾ أي في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل : في الأنبياء، إذ لم يبعث بعده نبي إلا أمر بالاقتداء به، قال الله تعالى :﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا.. ﴾٥ ]٦.
﴿ سلام على نوح في العالمين ﴾-مبتدأ وخبر، وجاز الابتداء بالنكرة لما فيه من معنى الدعاء... وقوله تعالى :﴿ في العالمين ﴾... من تتمة الجملة السابقة، وجيء به للدلالة على الاعتناء التام بشأن السلام من حيث إنه أفاد الكلام عليه ثبوته في العالمين من الملائكة والثقلين٧... -.
﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل ذلك الجزاء الكريم الذي يطيب به الذكر على ألسن الملائكة والإنس والجن، ويخلد الأثر بالذرية الطيبة، إلى ما وعدوا به من بعد من درجات عالية ونعيم مقيم، نجزي من صبر على الحق، وجاهد في سبيله، وبلغ رسالات ربه يخشاه ولا يخشى سواه.
مما جاء في جامع البيان : قوله :﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ يقول تعالى ذكره : إنا كما فعلنا بنوح مجازة له على طاعتنا، وصبره على أذى قومه في رضانا، فأنجيناه وأهله من الكرب العظيم، وجعلنا ذريته هم الباقين، وأبقينا عليه ثناء في الآخرين كذلك نجزي الذين يحسنون فيطيعوننا، وينتهون إلى أمرنا، ويصبرون على الأذى فينا. فاستيقنوا معاشر الداعين إلى الله على هدى وبصيرة، واستبشروا بوعد الملك الحق الذي ينجز ما وعد :﴿... ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ﴾٨، [ وما فيه من معنى البعد-﴿ كذلك ﴾-للإيذان بعلو رتبته، وبعد منزلته في الفضل والشرف، والكاف متعلقة بما بعدها، أي : مثل ذلك الجزاء الكامل نجزي الكاملين في الإحسان لا جزاء أدنى منه، وقوله تعالى :﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ تعليل لكونه عليه السلام مؤمنا، المفهوم من الكلام بخلوص عبوديته، وكمال إيمانه، وفيه من الدلالة على جلالة قدرهما ما لا يخفى.. )٩.
﴿ ثم أغرقنا الآخرين ﴾ ﴿ ثم ﴾ ذهب الطبري إلى أنها قد تعني الاقتران، فيقول : ثم أغرقنا-حين نجينا نوحا وأهله من الكرب العظيم من بقي من قومه، ويرى الألوسي أنها للتراخي الذكرى إذ بقاؤه عليه السلام ومن معه متأخر عن الإغراق، بينما يقول القرطبي : و﴿ ثم ﴾ ليست للتراخي هاهنا، بل هو لتعديد النعم، كقوله :﴿ أو مسكينا ذا متربة. ثم كان من الذين آمنوا.. ﴾١٠ أي ثم أخبركم أني قد أغرقت الآخرين، وهم الذين تأخروا عن الإيمان. اه.
٢ سورة نوح. الآية ٢٣ومن الآية ٢٤..
٣ سورة نوح. من الآية ٢٦ والآية٢٧..
٤ سورة القمر. الآية ١٠..
٥ سورة الشورى. من الآية ١٣..
٦ ما بين العلامتين[ ] مما أورد القرطبي..
٧ الجن والإنس..
٨ سورة النور من الآية٥٥..
٩ مابين العلامتين[ ]مما أورد الألوسي..
١٠ سورة البلد. الآية ١٦ والآية ١٧..
بينت آيات كريمة سبقت أن كثيرا من الأمم السالفة ضلوا، وعتوا عن أمر الله ورسله ولم يزدجروا، فلينظر كل معتبر بعين بصيرته ليرى عاقبة الذين بغوا وجحدوا، فإن في هذا التثبيت والبشرى للذين اتقوا وأحسنوا، والحجة على الغاوين ومن كفروا.
﴿ ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ﴾ اللام في ﴿ لقد ﴾ وفي ﴿ فلنعم ﴾ كلتاهما وقعتا جواب قسم محذوف-أي وتالله لقد دعانا نوح حين يئس من إيمان قومه بعد أن دعاهم أحقابا ودهورا، فلم يزدهم دعاءه إلا فرارا ونفورا، فأجبناه أحسن الإجابة. فوالله لنعم المجيبون نحن، فحذف ما حذف ثقة بدلالة ما ذكر عليه، والجمع للعظمة والكبرياء، وفيه من تعظيم أمر الإجابة ما فيه-١، لما أصر قوم نوح واستكبروا ونأوا عن توحيد الله الخلاق الرزاق ونهوا ﴿ وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا. ولا يغوث ويعوق ونسرا.. ﴾٢، ﴿.. قال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ﴾٣ ﴿ فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ﴾٤.
﴿ ونجيناه وأهله من الكرب العظيم ﴾ حفظناه وأهل الإيمان به، وأنقذناهم وسلمناهم من البلاء الشديد، والغم الثقيل، والإهلاك بالطوفان، وسلمنا عقبه ومن تناسل ممن أنجيناهم في الفلك، ووهبناهم الذرية التي عمرت بها الأرض بعد إغراق الكافرين، ﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه في الباقين، يمتد إلى يوم الدين، قال ابن عباس : يذكر بخير. اه [ وقيل :﴿ في الآخرين ﴾ أي في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل : في الأنبياء، إذ لم يبعث بعده نبي إلا أمر بالاقتداء به، قال الله تعالى :﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا.. ﴾٥ ]٦.
﴿ سلام على نوح في العالمين ﴾-مبتدأ وخبر، وجاز الابتداء بالنكرة لما فيه من معنى الدعاء... وقوله تعالى :﴿ في العالمين ﴾... من تتمة الجملة السابقة، وجيء به للدلالة على الاعتناء التام بشأن السلام من حيث إنه أفاد الكلام عليه ثبوته في العالمين من الملائكة والثقلين٧... -.
﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل ذلك الجزاء الكريم الذي يطيب به الذكر على ألسن الملائكة والإنس والجن، ويخلد الأثر بالذرية الطيبة، إلى ما وعدوا به من بعد من درجات عالية ونعيم مقيم، نجزي من صبر على الحق، وجاهد في سبيله، وبلغ رسالات ربه يخشاه ولا يخشى سواه.
مما جاء في جامع البيان : قوله :﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ يقول تعالى ذكره : إنا كما فعلنا بنوح مجازة له على طاعتنا، وصبره على أذى قومه في رضانا، فأنجيناه وأهله من الكرب العظيم، وجعلنا ذريته هم الباقين، وأبقينا عليه ثناء في الآخرين كذلك نجزي الذين يحسنون فيطيعوننا، وينتهون إلى أمرنا، ويصبرون على الأذى فينا. فاستيقنوا معاشر الداعين إلى الله على هدى وبصيرة، واستبشروا بوعد الملك الحق الذي ينجز ما وعد :﴿... ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ﴾٨، [ وما فيه من معنى البعد-﴿ كذلك ﴾-للإيذان بعلو رتبته، وبعد منزلته في الفضل والشرف، والكاف متعلقة بما بعدها، أي : مثل ذلك الجزاء الكامل نجزي الكاملين في الإحسان لا جزاء أدنى منه، وقوله تعالى :﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ تعليل لكونه عليه السلام مؤمنا، المفهوم من الكلام بخلوص عبوديته، وكمال إيمانه، وفيه من الدلالة على جلالة قدرهما ما لا يخفى.. )٩.
﴿ ثم أغرقنا الآخرين ﴾ ﴿ ثم ﴾ ذهب الطبري إلى أنها قد تعني الاقتران، فيقول : ثم أغرقنا-حين نجينا نوحا وأهله من الكرب العظيم من بقي من قومه، ويرى الألوسي أنها للتراخي الذكرى إذ بقاؤه عليه السلام ومن معه متأخر عن الإغراق، بينما يقول القرطبي : و﴿ ثم ﴾ ليست للتراخي هاهنا، بل هو لتعديد النعم، كقوله :﴿ أو مسكينا ذا متربة. ثم كان من الذين آمنوا.. ﴾١٠ أي ثم أخبركم أني قد أغرقت الآخرين، وهم الذين تأخروا عن الإيمان. اه.
٢ سورة نوح. الآية ٢٣ومن الآية ٢٤..
٣ سورة نوح. من الآية ٢٦ والآية٢٧..
٤ سورة القمر. الآية ١٠..
٥ سورة الشورى. من الآية ١٣..
٦ ما بين العلامتين[ ] مما أورد القرطبي..
٧ الجن والإنس..
٨ سورة النور من الآية٥٥..
٩ مابين العلامتين[ ]مما أورد الألوسي..
١٠ سورة البلد. الآية ١٦ والآية ١٧..
بينت آيات كريمة سبقت أن كثيرا من الأمم السالفة ضلوا، وعتوا عن أمر الله ورسله ولم يزدجروا، فلينظر كل معتبر بعين بصيرته ليرى عاقبة الذين بغوا وجحدوا، فإن في هذا التثبيت والبشرى للذين اتقوا وأحسنوا، والحجة على الغاوين ومن كفروا.
﴿ ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ﴾ اللام في ﴿ لقد ﴾ وفي ﴿ فلنعم ﴾ كلتاهما وقعتا جواب قسم محذوف-أي وتالله لقد دعانا نوح حين يئس من إيمان قومه بعد أن دعاهم أحقابا ودهورا، فلم يزدهم دعاءه إلا فرارا ونفورا، فأجبناه أحسن الإجابة. فوالله لنعم المجيبون نحن، فحذف ما حذف ثقة بدلالة ما ذكر عليه، والجمع للعظمة والكبرياء، وفيه من تعظيم أمر الإجابة ما فيه-١، لما أصر قوم نوح واستكبروا ونأوا عن توحيد الله الخلاق الرزاق ونهوا ﴿ وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا. ولا يغوث ويعوق ونسرا.. ﴾٢، ﴿.. قال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ﴾٣ ﴿ فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ﴾٤.
﴿ ونجيناه وأهله من الكرب العظيم ﴾ حفظناه وأهل الإيمان به، وأنقذناهم وسلمناهم من البلاء الشديد، والغم الثقيل، والإهلاك بالطوفان، وسلمنا عقبه ومن تناسل ممن أنجيناهم في الفلك، ووهبناهم الذرية التي عمرت بها الأرض بعد إغراق الكافرين، ﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه في الباقين، يمتد إلى يوم الدين، قال ابن عباس : يذكر بخير. اه [ وقيل :﴿ في الآخرين ﴾ أي في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل : في الأنبياء، إذ لم يبعث بعده نبي إلا أمر بالاقتداء به، قال الله تعالى :﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا.. ﴾٥ ]٦.
﴿ سلام على نوح في العالمين ﴾-مبتدأ وخبر، وجاز الابتداء بالنكرة لما فيه من معنى الدعاء... وقوله تعالى :﴿ في العالمين ﴾... من تتمة الجملة السابقة، وجيء به للدلالة على الاعتناء التام بشأن السلام من حيث إنه أفاد الكلام عليه ثبوته في العالمين من الملائكة والثقلين٧... -.
﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل ذلك الجزاء الكريم الذي يطيب به الذكر على ألسن الملائكة والإنس والجن، ويخلد الأثر بالذرية الطيبة، إلى ما وعدوا به من بعد من درجات عالية ونعيم مقيم، نجزي من صبر على الحق، وجاهد في سبيله، وبلغ رسالات ربه يخشاه ولا يخشى سواه.
مما جاء في جامع البيان : قوله :﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ يقول تعالى ذكره : إنا كما فعلنا بنوح مجازة له على طاعتنا، وصبره على أذى قومه في رضانا، فأنجيناه وأهله من الكرب العظيم، وجعلنا ذريته هم الباقين، وأبقينا عليه ثناء في الآخرين كذلك نجزي الذين يحسنون فيطيعوننا، وينتهون إلى أمرنا، ويصبرون على الأذى فينا. فاستيقنوا معاشر الداعين إلى الله على هدى وبصيرة، واستبشروا بوعد الملك الحق الذي ينجز ما وعد :﴿... ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ﴾٨، [ وما فيه من معنى البعد-﴿ كذلك ﴾-للإيذان بعلو رتبته، وبعد منزلته في الفضل والشرف، والكاف متعلقة بما بعدها، أي : مثل ذلك الجزاء الكامل نجزي الكاملين في الإحسان لا جزاء أدنى منه، وقوله تعالى :﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ تعليل لكونه عليه السلام مؤمنا، المفهوم من الكلام بخلوص عبوديته، وكمال إيمانه، وفيه من الدلالة على جلالة قدرهما ما لا يخفى.. )٩.
﴿ ثم أغرقنا الآخرين ﴾ ﴿ ثم ﴾ ذهب الطبري إلى أنها قد تعني الاقتران، فيقول : ثم أغرقنا-حين نجينا نوحا وأهله من الكرب العظيم من بقي من قومه، ويرى الألوسي أنها للتراخي الذكرى إذ بقاؤه عليه السلام ومن معه متأخر عن الإغراق، بينما يقول القرطبي : و﴿ ثم ﴾ ليست للتراخي هاهنا، بل هو لتعديد النعم، كقوله :﴿ أو مسكينا ذا متربة. ثم كان من الذين آمنوا.. ﴾١٠ أي ثم أخبركم أني قد أغرقت الآخرين، وهم الذين تأخروا عن الإيمان. اه.
٢ سورة نوح. الآية ٢٣ومن الآية ٢٤..
٣ سورة نوح. من الآية ٢٦ والآية٢٧..
٤ سورة القمر. الآية ١٠..
٥ سورة الشورى. من الآية ١٣..
٦ ما بين العلامتين[ ] مما أورد القرطبي..
٧ الجن والإنس..
٨ سورة النور من الآية٥٥..
٩ مابين العلامتين[ ]مما أورد الألوسي..
١٠ سورة البلد. الآية ١٦ والآية ١٧..
بينت آيات كريمة سبقت أن كثيرا من الأمم السالفة ضلوا، وعتوا عن أمر الله ورسله ولم يزدجروا، فلينظر كل معتبر بعين بصيرته ليرى عاقبة الذين بغوا وجحدوا، فإن في هذا التثبيت والبشرى للذين اتقوا وأحسنوا، والحجة على الغاوين ومن كفروا.
﴿ ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ﴾ اللام في ﴿ لقد ﴾ وفي ﴿ فلنعم ﴾ كلتاهما وقعتا جواب قسم محذوف-أي وتالله لقد دعانا نوح حين يئس من إيمان قومه بعد أن دعاهم أحقابا ودهورا، فلم يزدهم دعاءه إلا فرارا ونفورا، فأجبناه أحسن الإجابة. فوالله لنعم المجيبون نحن، فحذف ما حذف ثقة بدلالة ما ذكر عليه، والجمع للعظمة والكبرياء، وفيه من تعظيم أمر الإجابة ما فيه-١، لما أصر قوم نوح واستكبروا ونأوا عن توحيد الله الخلاق الرزاق ونهوا ﴿ وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا. ولا يغوث ويعوق ونسرا.. ﴾٢، ﴿.. قال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ﴾٣ ﴿ فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ﴾٤.
﴿ ونجيناه وأهله من الكرب العظيم ﴾ حفظناه وأهل الإيمان به، وأنقذناهم وسلمناهم من البلاء الشديد، والغم الثقيل، والإهلاك بالطوفان، وسلمنا عقبه ومن تناسل ممن أنجيناهم في الفلك، ووهبناهم الذرية التي عمرت بها الأرض بعد إغراق الكافرين، ﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه في الباقين، يمتد إلى يوم الدين، قال ابن عباس : يذكر بخير. اه [ وقيل :﴿ في الآخرين ﴾ أي في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل : في الأنبياء، إذ لم يبعث بعده نبي إلا أمر بالاقتداء به، قال الله تعالى :﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا.. ﴾٥ ]٦.
﴿ سلام على نوح في العالمين ﴾-مبتدأ وخبر، وجاز الابتداء بالنكرة لما فيه من معنى الدعاء... وقوله تعالى :﴿ في العالمين ﴾... من تتمة الجملة السابقة، وجيء به للدلالة على الاعتناء التام بشأن السلام من حيث إنه أفاد الكلام عليه ثبوته في العالمين من الملائكة والثقلين٧... -.
﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل ذلك الجزاء الكريم الذي يطيب به الذكر على ألسن الملائكة والإنس والجن، ويخلد الأثر بالذرية الطيبة، إلى ما وعدوا به من بعد من درجات عالية ونعيم مقيم، نجزي من صبر على الحق، وجاهد في سبيله، وبلغ رسالات ربه يخشاه ولا يخشى سواه.
مما جاء في جامع البيان : قوله :﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ يقول تعالى ذكره : إنا كما فعلنا بنوح مجازة له على طاعتنا، وصبره على أذى قومه في رضانا، فأنجيناه وأهله من الكرب العظيم، وجعلنا ذريته هم الباقين، وأبقينا عليه ثناء في الآخرين كذلك نجزي الذين يحسنون فيطيعوننا، وينتهون إلى أمرنا، ويصبرون على الأذى فينا. فاستيقنوا معاشر الداعين إلى الله على هدى وبصيرة، واستبشروا بوعد الملك الحق الذي ينجز ما وعد :﴿... ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ﴾٨، [ وما فيه من معنى البعد-﴿ كذلك ﴾-للإيذان بعلو رتبته، وبعد منزلته في الفضل والشرف، والكاف متعلقة بما بعدها، أي : مثل ذلك الجزاء الكامل نجزي الكاملين في الإحسان لا جزاء أدنى منه، وقوله تعالى :﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ تعليل لكونه عليه السلام مؤمنا، المفهوم من الكلام بخلوص عبوديته، وكمال إيمانه، وفيه من الدلالة على جلالة قدرهما ما لا يخفى.. )٩.
﴿ ثم أغرقنا الآخرين ﴾ ﴿ ثم ﴾ ذهب الطبري إلى أنها قد تعني الاقتران، فيقول : ثم أغرقنا-حين نجينا نوحا وأهله من الكرب العظيم من بقي من قومه، ويرى الألوسي أنها للتراخي الذكرى إذ بقاؤه عليه السلام ومن معه متأخر عن الإغراق، بينما يقول القرطبي : و﴿ ثم ﴾ ليست للتراخي هاهنا، بل هو لتعديد النعم، كقوله :﴿ أو مسكينا ذا متربة. ثم كان من الذين آمنوا.. ﴾١٠ أي ثم أخبركم أني قد أغرقت الآخرين، وهم الذين تأخروا عن الإيمان. اه.
٢ سورة نوح. الآية ٢٣ومن الآية ٢٤..
٣ سورة نوح. من الآية ٢٦ والآية٢٧..
٤ سورة القمر. الآية ١٠..
٥ سورة الشورى. من الآية ١٣..
٦ ما بين العلامتين[ ] مما أورد القرطبي..
٧ الجن والإنس..
٨ سورة النور من الآية٥٥..
٩ مابين العلامتين[ ]مما أورد الألوسي..
١٠ سورة البلد. الآية ١٦ والآية ١٧..
بينت آيات كريمة سبقت أن كثيرا من الأمم السالفة ضلوا، وعتوا عن أمر الله ورسله ولم يزدجروا، فلينظر كل معتبر بعين بصيرته ليرى عاقبة الذين بغوا وجحدوا، فإن في هذا التثبيت والبشرى للذين اتقوا وأحسنوا، والحجة على الغاوين ومن كفروا.
﴿ ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ﴾ اللام في ﴿ لقد ﴾ وفي ﴿ فلنعم ﴾ كلتاهما وقعتا جواب قسم محذوف-أي وتالله لقد دعانا نوح حين يئس من إيمان قومه بعد أن دعاهم أحقابا ودهورا، فلم يزدهم دعاءه إلا فرارا ونفورا، فأجبناه أحسن الإجابة. فوالله لنعم المجيبون نحن، فحذف ما حذف ثقة بدلالة ما ذكر عليه، والجمع للعظمة والكبرياء، وفيه من تعظيم أمر الإجابة ما فيه-١، لما أصر قوم نوح واستكبروا ونأوا عن توحيد الله الخلاق الرزاق ونهوا ﴿ وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا. ولا يغوث ويعوق ونسرا.. ﴾٢، ﴿.. قال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ﴾٣ ﴿ فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ﴾٤.
﴿ ونجيناه وأهله من الكرب العظيم ﴾ حفظناه وأهل الإيمان به، وأنقذناهم وسلمناهم من البلاء الشديد، والغم الثقيل، والإهلاك بالطوفان، وسلمنا عقبه ومن تناسل ممن أنجيناهم في الفلك، ووهبناهم الذرية التي عمرت بها الأرض بعد إغراق الكافرين، ﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه في الباقين، يمتد إلى يوم الدين، قال ابن عباس : يذكر بخير. اه [ وقيل :﴿ في الآخرين ﴾ أي في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل : في الأنبياء، إذ لم يبعث بعده نبي إلا أمر بالاقتداء به، قال الله تعالى :﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا.. ﴾٥ ]٦.
﴿ سلام على نوح في العالمين ﴾-مبتدأ وخبر، وجاز الابتداء بالنكرة لما فيه من معنى الدعاء... وقوله تعالى :﴿ في العالمين ﴾... من تتمة الجملة السابقة، وجيء به للدلالة على الاعتناء التام بشأن السلام من حيث إنه أفاد الكلام عليه ثبوته في العالمين من الملائكة والثقلين٧... -.
﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل ذلك الجزاء الكريم الذي يطيب به الذكر على ألسن الملائكة والإنس والجن، ويخلد الأثر بالذرية الطيبة، إلى ما وعدوا به من بعد من درجات عالية ونعيم مقيم، نجزي من صبر على الحق، وجاهد في سبيله، وبلغ رسالات ربه يخشاه ولا يخشى سواه.
مما جاء في جامع البيان : قوله :﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ يقول تعالى ذكره : إنا كما فعلنا بنوح مجازة له على طاعتنا، وصبره على أذى قومه في رضانا، فأنجيناه وأهله من الكرب العظيم، وجعلنا ذريته هم الباقين، وأبقينا عليه ثناء في الآخرين كذلك نجزي الذين يحسنون فيطيعوننا، وينتهون إلى أمرنا، ويصبرون على الأذى فينا. فاستيقنوا معاشر الداعين إلى الله على هدى وبصيرة، واستبشروا بوعد الملك الحق الذي ينجز ما وعد :﴿... ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ﴾٨، [ وما فيه من معنى البعد-﴿ كذلك ﴾-للإيذان بعلو رتبته، وبعد منزلته في الفضل والشرف، والكاف متعلقة بما بعدها، أي : مثل ذلك الجزاء الكامل نجزي الكاملين في الإحسان لا جزاء أدنى منه، وقوله تعالى :﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ تعليل لكونه عليه السلام مؤمنا، المفهوم من الكلام بخلوص عبوديته، وكمال إيمانه، وفيه من الدلالة على جلالة قدرهما ما لا يخفى.. )٩.
﴿ ثم أغرقنا الآخرين ﴾ ﴿ ثم ﴾ ذهب الطبري إلى أنها قد تعني الاقتران، فيقول : ثم أغرقنا-حين نجينا نوحا وأهله من الكرب العظيم من بقي من قومه، ويرى الألوسي أنها للتراخي الذكرى إذ بقاؤه عليه السلام ومن معه متأخر عن الإغراق، بينما يقول القرطبي : و﴿ ثم ﴾ ليست للتراخي هاهنا، بل هو لتعديد النعم، كقوله :﴿ أو مسكينا ذا متربة. ثم كان من الذين آمنوا.. ﴾١٠ أي ثم أخبركم أني قد أغرقت الآخرين، وهم الذين تأخروا عن الإيمان. اه.
٢ سورة نوح. الآية ٢٣ومن الآية ٢٤..
٣ سورة نوح. من الآية ٢٦ والآية٢٧..
٤ سورة القمر. الآية ١٠..
٥ سورة الشورى. من الآية ١٣..
٦ ما بين العلامتين[ ] مما أورد القرطبي..
٧ الجن والإنس..
٨ سورة النور من الآية٥٥..
٩ مابين العلامتين[ ]مما أورد الألوسي..
١٠ سورة البلد. الآية ١٦ والآية ١٧..
بينت آيات كريمة سبقت أن كثيرا من الأمم السالفة ضلوا، وعتوا عن أمر الله ورسله ولم يزدجروا، فلينظر كل معتبر بعين بصيرته ليرى عاقبة الذين بغوا وجحدوا، فإن في هذا التثبيت والبشرى للذين اتقوا وأحسنوا، والحجة على الغاوين ومن كفروا.
﴿ ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ﴾ اللام في ﴿ لقد ﴾ وفي ﴿ فلنعم ﴾ كلتاهما وقعتا جواب قسم محذوف-أي وتالله لقد دعانا نوح حين يئس من إيمان قومه بعد أن دعاهم أحقابا ودهورا، فلم يزدهم دعاءه إلا فرارا ونفورا، فأجبناه أحسن الإجابة. فوالله لنعم المجيبون نحن، فحذف ما حذف ثقة بدلالة ما ذكر عليه، والجمع للعظمة والكبرياء، وفيه من تعظيم أمر الإجابة ما فيه-١، لما أصر قوم نوح واستكبروا ونأوا عن توحيد الله الخلاق الرزاق ونهوا ﴿ وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا. ولا يغوث ويعوق ونسرا.. ﴾٢، ﴿.. قال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ﴾٣ ﴿ فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ﴾٤.
﴿ ونجيناه وأهله من الكرب العظيم ﴾ حفظناه وأهل الإيمان به، وأنقذناهم وسلمناهم من البلاء الشديد، والغم الثقيل، والإهلاك بالطوفان، وسلمنا عقبه ومن تناسل ممن أنجيناهم في الفلك، ووهبناهم الذرية التي عمرت بها الأرض بعد إغراق الكافرين، ﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه في الباقين، يمتد إلى يوم الدين، قال ابن عباس : يذكر بخير. اه [ وقيل :﴿ في الآخرين ﴾ أي في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل : في الأنبياء، إذ لم يبعث بعده نبي إلا أمر بالاقتداء به، قال الله تعالى :﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا.. ﴾٥ ]٦.
﴿ سلام على نوح في العالمين ﴾-مبتدأ وخبر، وجاز الابتداء بالنكرة لما فيه من معنى الدعاء... وقوله تعالى :﴿ في العالمين ﴾... من تتمة الجملة السابقة، وجيء به للدلالة على الاعتناء التام بشأن السلام من حيث إنه أفاد الكلام عليه ثبوته في العالمين من الملائكة والثقلين٧... -.
﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل ذلك الجزاء الكريم الذي يطيب به الذكر على ألسن الملائكة والإنس والجن، ويخلد الأثر بالذرية الطيبة، إلى ما وعدوا به من بعد من درجات عالية ونعيم مقيم، نجزي من صبر على الحق، وجاهد في سبيله، وبلغ رسالات ربه يخشاه ولا يخشى سواه.
مما جاء في جامع البيان : قوله :﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ يقول تعالى ذكره : إنا كما فعلنا بنوح مجازة له على طاعتنا، وصبره على أذى قومه في رضانا، فأنجيناه وأهله من الكرب العظيم، وجعلنا ذريته هم الباقين، وأبقينا عليه ثناء في الآخرين كذلك نجزي الذين يحسنون فيطيعوننا، وينتهون إلى أمرنا، ويصبرون على الأذى فينا. فاستيقنوا معاشر الداعين إلى الله على هدى وبصيرة، واستبشروا بوعد الملك الحق الذي ينجز ما وعد :﴿... ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ﴾٨، [ وما فيه من معنى البعد-﴿ كذلك ﴾-للإيذان بعلو رتبته، وبعد منزلته في الفضل والشرف، والكاف متعلقة بما بعدها، أي : مثل ذلك الجزاء الكامل نجزي الكاملين في الإحسان لا جزاء أدنى منه، وقوله تعالى :﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ تعليل لكونه عليه السلام مؤمنا، المفهوم من الكلام بخلوص عبوديته، وكمال إيمانه، وفيه من الدلالة على جلالة قدرهما ما لا يخفى.. )٩.
﴿ ثم أغرقنا الآخرين ﴾ ﴿ ثم ﴾ ذهب الطبري إلى أنها قد تعني الاقتران، فيقول : ثم أغرقنا-حين نجينا نوحا وأهله من الكرب العظيم من بقي من قومه، ويرى الألوسي أنها للتراخي الذكرى إذ بقاؤه عليه السلام ومن معه متأخر عن الإغراق، بينما يقول القرطبي : و﴿ ثم ﴾ ليست للتراخي هاهنا، بل هو لتعديد النعم، كقوله :﴿ أو مسكينا ذا متربة. ثم كان من الذين آمنوا.. ﴾١٠ أي ثم أخبركم أني قد أغرقت الآخرين، وهم الذين تأخروا عن الإيمان. اه.
٢ سورة نوح. الآية ٢٣ومن الآية ٢٤..
٣ سورة نوح. من الآية ٢٦ والآية٢٧..
٤ سورة القمر. الآية ١٠..
٥ سورة الشورى. من الآية ١٣..
٦ ما بين العلامتين[ ] مما أورد القرطبي..
٧ الجن والإنس..
٨ سورة النور من الآية٥٥..
٩ مابين العلامتين[ ]مما أورد الألوسي..
١٠ سورة البلد. الآية ١٦ والآية ١٧..
بينت آيات كريمة سبقت أن كثيرا من الأمم السالفة ضلوا، وعتوا عن أمر الله ورسله ولم يزدجروا، فلينظر كل معتبر بعين بصيرته ليرى عاقبة الذين بغوا وجحدوا، فإن في هذا التثبيت والبشرى للذين اتقوا وأحسنوا، والحجة على الغاوين ومن كفروا.
﴿ ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ﴾ اللام في ﴿ لقد ﴾ وفي ﴿ فلنعم ﴾ كلتاهما وقعتا جواب قسم محذوف-أي وتالله لقد دعانا نوح حين يئس من إيمان قومه بعد أن دعاهم أحقابا ودهورا، فلم يزدهم دعاءه إلا فرارا ونفورا، فأجبناه أحسن الإجابة. فوالله لنعم المجيبون نحن، فحذف ما حذف ثقة بدلالة ما ذكر عليه، والجمع للعظمة والكبرياء، وفيه من تعظيم أمر الإجابة ما فيه-١، لما أصر قوم نوح واستكبروا ونأوا عن توحيد الله الخلاق الرزاق ونهوا ﴿ وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا. ولا يغوث ويعوق ونسرا.. ﴾٢، ﴿.. قال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ﴾٣ ﴿ فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ﴾٤.
﴿ ونجيناه وأهله من الكرب العظيم ﴾ حفظناه وأهل الإيمان به، وأنقذناهم وسلمناهم من البلاء الشديد، والغم الثقيل، والإهلاك بالطوفان، وسلمنا عقبه ومن تناسل ممن أنجيناهم في الفلك، ووهبناهم الذرية التي عمرت بها الأرض بعد إغراق الكافرين، ﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه في الباقين، يمتد إلى يوم الدين، قال ابن عباس : يذكر بخير. اه [ وقيل :﴿ في الآخرين ﴾ أي في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل : في الأنبياء، إذ لم يبعث بعده نبي إلا أمر بالاقتداء به، قال الله تعالى :﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا.. ﴾٥ ]٦.
﴿ سلام على نوح في العالمين ﴾-مبتدأ وخبر، وجاز الابتداء بالنكرة لما فيه من معنى الدعاء... وقوله تعالى :﴿ في العالمين ﴾... من تتمة الجملة السابقة، وجيء به للدلالة على الاعتناء التام بشأن السلام من حيث إنه أفاد الكلام عليه ثبوته في العالمين من الملائكة والثقلين٧... -.
﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل ذلك الجزاء الكريم الذي يطيب به الذكر على ألسن الملائكة والإنس والجن، ويخلد الأثر بالذرية الطيبة، إلى ما وعدوا به من بعد من درجات عالية ونعيم مقيم، نجزي من صبر على الحق، وجاهد في سبيله، وبلغ رسالات ربه يخشاه ولا يخشى سواه.
مما جاء في جامع البيان : قوله :﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ يقول تعالى ذكره : إنا كما فعلنا بنوح مجازة له على طاعتنا، وصبره على أذى قومه في رضانا، فأنجيناه وأهله من الكرب العظيم، وجعلنا ذريته هم الباقين، وأبقينا عليه ثناء في الآخرين كذلك نجزي الذين يحسنون فيطيعوننا، وينتهون إلى أمرنا، ويصبرون على الأذى فينا. فاستيقنوا معاشر الداعين إلى الله على هدى وبصيرة، واستبشروا بوعد الملك الحق الذي ينجز ما وعد :﴿... ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ﴾٨، [ وما فيه من معنى البعد-﴿ كذلك ﴾-للإيذان بعلو رتبته، وبعد منزلته في الفضل والشرف، والكاف متعلقة بما بعدها، أي : مثل ذلك الجزاء الكامل نجزي الكاملين في الإحسان لا جزاء أدنى منه، وقوله تعالى :﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ تعليل لكونه عليه السلام مؤمنا، المفهوم من الكلام بخلوص عبوديته، وكمال إيمانه، وفيه من الدلالة على جلالة قدرهما ما لا يخفى.. )٩.
﴿ ثم أغرقنا الآخرين ﴾ ﴿ ثم ﴾ ذهب الطبري إلى أنها قد تعني الاقتران، فيقول : ثم أغرقنا-حين نجينا نوحا وأهله من الكرب العظيم من بقي من قومه، ويرى الألوسي أنها للتراخي الذكرى إذ بقاؤه عليه السلام ومن معه متأخر عن الإغراق، بينما يقول القرطبي : و﴿ ثم ﴾ ليست للتراخي هاهنا، بل هو لتعديد النعم، كقوله :﴿ أو مسكينا ذا متربة. ثم كان من الذين آمنوا.. ﴾١٠ أي ثم أخبركم أني قد أغرقت الآخرين، وهم الذين تأخروا عن الإيمان. اه.
٢ سورة نوح. الآية ٢٣ومن الآية ٢٤..
٣ سورة نوح. من الآية ٢٦ والآية٢٧..
٤ سورة القمر. الآية ١٠..
٥ سورة الشورى. من الآية ١٣..
٦ ما بين العلامتين[ ] مما أورد القرطبي..
٧ الجن والإنس..
٨ سورة النور من الآية٥٥..
٩ مابين العلامتين[ ]مما أورد الألوسي..
١٠ سورة البلد. الآية ١٦ والآية ١٧..
﴿ وإن من شيعته لإبراهيم( ٨٣ )إذ جاء ربه بقلب سليم( ٨٤ )إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون( ٨٥ )أئفكا آلهة دون الله تريدون( ٨٦ )فما ظنكم برب العالمين( ٨٧ )فنظر نظرة في النجوم( ٨٨ )فقال إني سقيم( ٨٩ )فتولوا عنه مدبرين( ٩٠ ) ﴾.
وإن من أتباع نوح فيما كان يدعوا إليه من توحيد الله، والكفر بالأوثان والأصنام التي عبدوها من دون الله لإبراهيم الذي أخلص قلبه لحب الله، والرأفة بالمخلوقين، ومن خلوص قلبه أن دعا أباه وقومه إلى المعبود بحق، وأبطل ما كانوا يفترون ﴿ إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون ﴾ استفهام للإنكار والتحقير، فإنه عليه صلوات الله كان على يقين من أن معبوداتهم ليست إلا مخلوقات عاجزة ﴿ وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا.. ﴾١، ﴿.. هل يسمعونكم إذ تدعون. أو ينفعونكم أو يضرون ﴾٢، ﴿ يا أبت لما تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ﴾٣، ﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون ﴾٤، و﴿ إذا ﴾ الأولى منصوبة بفعل محذوف تقديره : واذكر، و﴿ إذ ﴾ الثانية بدل من الأولى، -﴿ أئفكا آلهة دون الله تريدون ﴾ أي أتريدون آلهة من دون الله تعالى إفكا، أي للإفك، فقدم المفعول به على الفعل للعناية، لأن إنكاره أو التقرير به هو المقصود... ثم المفعول لأجله لأن الأهم مكافحتهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم.. أو الكلام على تقدير مضاف أي عبادة آلهة، وهي صرف للعبادة عن وجهها... ﴿ فما ظنكم برب العالمين ﴾ أي : أي شيء ظنكم بمن هو حقيق بالعبادة لكونه ربا للعالمين ؟ ! أشككتم فيه حتى تركتم عبادته سبحانه بالكلية ؟ ! أو أعلمتم أي شيء هو حتى جعلتم الأصنام شركاءه سبحانه وتعالى...
﴿ فنظر نظرة في النجوم ﴾ أي : فتأمل نوعا من التأمل في أحوالها، وهو في نفس الأمر على طرز تأمل الكاملين في خلق السماوات والأرض، وتفكرهم في ذلك، إذ هو اللائق به عليه السلام، لكنه أوهمهم أنه تفكر في أحوالها من الاتصال والتقابل ونحوهما من الأوضاع التي تدل بزعمهم على الحوادث، ليرتب عليه ما يتوصل به إلى غرضه الذي يكون وسيلة إلى إنقاذهم مما هم فيه-٥.
﴿ فقال إني سقيم ﴾ ربما كان ذلك ردا على ما طلبوا إليه الخروج معهم يوم عيدهم-كما روي-، وقال الضحاك : معنى ﴿ سقيم ﴾ سأسقم سقم الموت، لأن من كتب عليه الموت ينسقم في الغالب ثم يموت، وهذا تورية وتعريض... اهـ.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما والترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لم يكذب إبراهيم النبي في شيء قط إلا في ثلاث قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله لسارة أختي وقوله :﴿ بل فعله كبيرهم هذا.. ﴾٦ ) لفظ الترمذي، وقال : حديث حسن صحيح.
مما يقول القاضي أبو بكر بن العربي : والمعاريض التي ترجع إلى النفس إذا خلصت للدين كانت لله سبحانه، كما قال :﴿... ألا لله الذين الخالص ﴾٧، وهذا لو صدر منا لكان لله، لكن منزلة إبراهيم اقتضت هذا، والله أعلم، ومما جاء في تفسير القرآن العظيم : فأما قوله عليه السلام :( لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام غير ثلاثة كذبات ثنتين في ذات الله تعالى قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله : بل فعله كبيرهم هذا.. ، وقوله في سارة :" هي أختي " فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن، ولكن ليس من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا، وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث :( إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب )اهـ.
ومما جاء في روح المعاني :.. أراد شيئا وفهم السائل آخر ولا يعد ذلك كذبا في الحقيقة، وتسميته به في بعض الأحاديث الصحيحة بالنظر لما فهم الغير منه لا بالنسبة إلى ما قصده المتكلم، وجعله ذنبا في أحاديث الشفاعة قيل لأنه ينكشف لإبراهيم عليه السلام أنه كان منه خلاف الأولى.. اهـ.
﴿ فتولوا عنه مدبرين ﴾ فلما قال لهم ما قال أعرضوا عنه، وفروا، وهربوا-ربما لخوفهم أن تنالهم عدوى.
﴿ وإن من شيعته لإبراهيم( ٨٣ )إذ جاء ربه بقلب سليم( ٨٤ )إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون( ٨٥ )أئفكا آلهة دون الله تريدون( ٨٦ )فما ظنكم برب العالمين( ٨٧ )فنظر نظرة في النجوم( ٨٨ )فقال إني سقيم( ٨٩ )فتولوا عنه مدبرين( ٩٠ ) ﴾.
وإن من أتباع نوح فيما كان يدعوا إليه من توحيد الله، والكفر بالأوثان والأصنام التي عبدوها من دون الله لإبراهيم الذي أخلص قلبه لحب الله، والرأفة بالمخلوقين، ومن خلوص قلبه أن دعا أباه وقومه إلى المعبود بحق، وأبطل ما كانوا يفترون ﴿ إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون ﴾ استفهام للإنكار والتحقير، فإنه عليه صلوات الله كان على يقين من أن معبوداتهم ليست إلا مخلوقات عاجزة ﴿ وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا.. ﴾١، ﴿.. هل يسمعونكم إذ تدعون. أو ينفعونكم أو يضرون ﴾٢، ﴿ يا أبت لما تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ﴾٣، ﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون ﴾٤، و﴿ إذا ﴾ الأولى منصوبة بفعل محذوف تقديره : واذكر، و﴿ إذ ﴾ الثانية بدل من الأولى، -﴿ أئفكا آلهة دون الله تريدون ﴾ أي أتريدون آلهة من دون الله تعالى إفكا، أي للإفك، فقدم المفعول به على الفعل للعناية، لأن إنكاره أو التقرير به هو المقصود... ثم المفعول لأجله لأن الأهم مكافحتهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم.. أو الكلام على تقدير مضاف أي عبادة آلهة، وهي صرف للعبادة عن وجهها... ﴿ فما ظنكم برب العالمين ﴾ أي : أي شيء ظنكم بمن هو حقيق بالعبادة لكونه ربا للعالمين ؟ ! أشككتم فيه حتى تركتم عبادته سبحانه بالكلية ؟ ! أو أعلمتم أي شيء هو حتى جعلتم الأصنام شركاءه سبحانه وتعالى...
﴿ فنظر نظرة في النجوم ﴾ أي : فتأمل نوعا من التأمل في أحوالها، وهو في نفس الأمر على طرز تأمل الكاملين في خلق السماوات والأرض، وتفكرهم في ذلك، إذ هو اللائق به عليه السلام، لكنه أوهمهم أنه تفكر في أحوالها من الاتصال والتقابل ونحوهما من الأوضاع التي تدل بزعمهم على الحوادث، ليرتب عليه ما يتوصل به إلى غرضه الذي يكون وسيلة إلى إنقاذهم مما هم فيه-٥.
﴿ فقال إني سقيم ﴾ ربما كان ذلك ردا على ما طلبوا إليه الخروج معهم يوم عيدهم-كما روي-، وقال الضحاك : معنى ﴿ سقيم ﴾ سأسقم سقم الموت، لأن من كتب عليه الموت ينسقم في الغالب ثم يموت، وهذا تورية وتعريض... اهـ.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما والترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لم يكذب إبراهيم النبي في شيء قط إلا في ثلاث قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله لسارة أختي وقوله :﴿ بل فعله كبيرهم هذا.. ﴾٦ ) لفظ الترمذي، وقال : حديث حسن صحيح.
مما يقول القاضي أبو بكر بن العربي : والمعاريض التي ترجع إلى النفس إذا خلصت للدين كانت لله سبحانه، كما قال :﴿... ألا لله الذين الخالص ﴾٧، وهذا لو صدر منا لكان لله، لكن منزلة إبراهيم اقتضت هذا، والله أعلم، ومما جاء في تفسير القرآن العظيم : فأما قوله عليه السلام :( لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام غير ثلاثة كذبات ثنتين في ذات الله تعالى قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله : بل فعله كبيرهم هذا.. ، وقوله في سارة :" هي أختي " فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن، ولكن ليس من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا، وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث :( إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب )اهـ.
ومما جاء في روح المعاني :.. أراد شيئا وفهم السائل آخر ولا يعد ذلك كذبا في الحقيقة، وتسميته به في بعض الأحاديث الصحيحة بالنظر لما فهم الغير منه لا بالنسبة إلى ما قصده المتكلم، وجعله ذنبا في أحاديث الشفاعة قيل لأنه ينكشف لإبراهيم عليه السلام أنه كان منه خلاف الأولى.. اهـ.
﴿ فتولوا عنه مدبرين ﴾ فلما قال لهم ما قال أعرضوا عنه، وفروا، وهربوا-ربما لخوفهم أن تنالهم عدوى.
وإن من أتباع نوح فيما كان يدعوا إليه من توحيد الله، والكفر بالأوثان والأصنام التي عبدوها من دون الله لإبراهيم الذي أخلص قلبه لحب الله، والرأفة بالمخلوقين، ومن خلوص قلبه أن دعا أباه وقومه إلى المعبود بحق، وأبطل ما كانوا يفترون ﴿ إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون ﴾ استفهام للإنكار والتحقير، فإنه عليه صلوات الله كان على يقين من أن معبوداتهم ليست إلا مخلوقات عاجزة ﴿ وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا.. ﴾١، ﴿.. هل يسمعونكم إذ تدعون. أو ينفعونكم أو يضرون ﴾٢، ﴿ يا أبت لما تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ﴾٣، ﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون ﴾٤، و﴿ إذا ﴾ الأولى منصوبة بفعل محذوف تقديره : واذكر، و﴿ إذ ﴾ الثانية بدل من الأولى، -﴿ أئفكا آلهة دون الله تريدون ﴾ أي أتريدون آلهة من دون الله تعالى إفكا، أي للإفك، فقدم المفعول به على الفعل للعناية، لأن إنكاره أو التقرير به هو المقصود... ثم المفعول لأجله لأن الأهم مكافحتهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم.. أو الكلام على تقدير مضاف أي عبادة آلهة، وهي صرف للعبادة عن وجهها... ﴿ فما ظنكم برب العالمين ﴾ أي : أي شيء ظنكم بمن هو حقيق بالعبادة لكونه ربا للعالمين ؟ ! أشككتم فيه حتى تركتم عبادته سبحانه بالكلية ؟ ! أو أعلمتم أي شيء هو حتى جعلتم الأصنام شركاءه سبحانه وتعالى...
﴿ فنظر نظرة في النجوم ﴾ أي : فتأمل نوعا من التأمل في أحوالها، وهو في نفس الأمر على طرز تأمل الكاملين في خلق السماوات والأرض، وتفكرهم في ذلك، إذ هو اللائق به عليه السلام، لكنه أوهمهم أنه تفكر في أحوالها من الاتصال والتقابل ونحوهما من الأوضاع التي تدل بزعمهم على الحوادث، ليرتب عليه ما يتوصل به إلى غرضه الذي يكون وسيلة إلى إنقاذهم مما هم فيه-٥.
﴿ فقال إني سقيم ﴾ ربما كان ذلك ردا على ما طلبوا إليه الخروج معهم يوم عيدهم-كما روي-، وقال الضحاك : معنى ﴿ سقيم ﴾ سأسقم سقم الموت، لأن من كتب عليه الموت ينسقم في الغالب ثم يموت، وهذا تورية وتعريض... اهـ.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما والترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لم يكذب إبراهيم النبي في شيء قط إلا في ثلاث قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله لسارة أختي وقوله :﴿ بل فعله كبيرهم هذا.. ﴾٦ ) لفظ الترمذي، وقال : حديث حسن صحيح.
مما يقول القاضي أبو بكر بن العربي : والمعاريض التي ترجع إلى النفس إذا خلصت للدين كانت لله سبحانه، كما قال :﴿... ألا لله الذين الخالص ﴾٧، وهذا لو صدر منا لكان لله، لكن منزلة إبراهيم اقتضت هذا، والله أعلم، ومما جاء في تفسير القرآن العظيم : فأما قوله عليه السلام :( لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام غير ثلاثة كذبات ثنتين في ذات الله تعالى قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله : بل فعله كبيرهم هذا.. ، وقوله في سارة :" هي أختي " فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن، ولكن ليس من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا، وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث :( إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب )اهـ.
ومما جاء في روح المعاني :.. أراد شيئا وفهم السائل آخر ولا يعد ذلك كذبا في الحقيقة، وتسميته به في بعض الأحاديث الصحيحة بالنظر لما فهم الغير منه لا بالنسبة إلى ما قصده المتكلم، وجعله ذنبا في أحاديث الشفاعة قيل لأنه ينكشف لإبراهيم عليه السلام أنه كان منه خلاف الأولى.. اهـ.
﴿ فتولوا عنه مدبرين ﴾ فلما قال لهم ما قال أعرضوا عنه، وفروا، وهربوا-ربما لخوفهم أن تنالهم عدوى.
﴿ وإن من شيعته لإبراهيم( ٨٣ )إذ جاء ربه بقلب سليم( ٨٤ )إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون( ٨٥ )أئفكا آلهة دون الله تريدون( ٨٦ )فما ظنكم برب العالمين( ٨٧ )فنظر نظرة في النجوم( ٨٨ )فقال إني سقيم( ٨٩ )فتولوا عنه مدبرين( ٩٠ ) ﴾.
وإن من أتباع نوح فيما كان يدعوا إليه من توحيد الله، والكفر بالأوثان والأصنام التي عبدوها من دون الله لإبراهيم الذي أخلص قلبه لحب الله، والرأفة بالمخلوقين، ومن خلوص قلبه أن دعا أباه وقومه إلى المعبود بحق، وأبطل ما كانوا يفترون ﴿ إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون ﴾ استفهام للإنكار والتحقير، فإنه عليه صلوات الله كان على يقين من أن معبوداتهم ليست إلا مخلوقات عاجزة ﴿ وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا.. ﴾١، ﴿.. هل يسمعونكم إذ تدعون. أو ينفعونكم أو يضرون ﴾٢، ﴿ يا أبت لما تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ﴾٣، ﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون ﴾٤، و﴿ إذا ﴾ الأولى منصوبة بفعل محذوف تقديره : واذكر، و﴿ إذ ﴾ الثانية بدل من الأولى، -﴿ أئفكا آلهة دون الله تريدون ﴾ أي أتريدون آلهة من دون الله تعالى إفكا، أي للإفك، فقدم المفعول به على الفعل للعناية، لأن إنكاره أو التقرير به هو المقصود... ثم المفعول لأجله لأن الأهم مكافحتهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم.. أو الكلام على تقدير مضاف أي عبادة آلهة، وهي صرف للعبادة عن وجهها... ﴿ فما ظنكم برب العالمين ﴾ أي : أي شيء ظنكم بمن هو حقيق بالعبادة لكونه ربا للعالمين ؟ ! أشككتم فيه حتى تركتم عبادته سبحانه بالكلية ؟ ! أو أعلمتم أي شيء هو حتى جعلتم الأصنام شركاءه سبحانه وتعالى...
﴿ فنظر نظرة في النجوم ﴾ أي : فتأمل نوعا من التأمل في أحوالها، وهو في نفس الأمر على طرز تأمل الكاملين في خلق السماوات والأرض، وتفكرهم في ذلك، إذ هو اللائق به عليه السلام، لكنه أوهمهم أنه تفكر في أحوالها من الاتصال والتقابل ونحوهما من الأوضاع التي تدل بزعمهم على الحوادث، ليرتب عليه ما يتوصل به إلى غرضه الذي يكون وسيلة إلى إنقاذهم مما هم فيه-٥.
﴿ فقال إني سقيم ﴾ ربما كان ذلك ردا على ما طلبوا إليه الخروج معهم يوم عيدهم-كما روي-، وقال الضحاك : معنى ﴿ سقيم ﴾ سأسقم سقم الموت، لأن من كتب عليه الموت ينسقم في الغالب ثم يموت، وهذا تورية وتعريض... اهـ.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما والترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لم يكذب إبراهيم النبي في شيء قط إلا في ثلاث قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله لسارة أختي وقوله :﴿ بل فعله كبيرهم هذا.. ﴾٦ ) لفظ الترمذي، وقال : حديث حسن صحيح.
مما يقول القاضي أبو بكر بن العربي : والمعاريض التي ترجع إلى النفس إذا خلصت للدين كانت لله سبحانه، كما قال :﴿... ألا لله الذين الخالص ﴾٧، وهذا لو صدر منا لكان لله، لكن منزلة إبراهيم اقتضت هذا، والله أعلم، ومما جاء في تفسير القرآن العظيم : فأما قوله عليه السلام :( لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام غير ثلاثة كذبات ثنتين في ذات الله تعالى قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله : بل فعله كبيرهم هذا.. ، وقوله في سارة :" هي أختي " فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن، ولكن ليس من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا، وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث :( إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب )اهـ.
ومما جاء في روح المعاني :.. أراد شيئا وفهم السائل آخر ولا يعد ذلك كذبا في الحقيقة، وتسميته به في بعض الأحاديث الصحيحة بالنظر لما فهم الغير منه لا بالنسبة إلى ما قصده المتكلم، وجعله ذنبا في أحاديث الشفاعة قيل لأنه ينكشف لإبراهيم عليه السلام أنه كان منه خلاف الأولى.. اهـ.
﴿ فتولوا عنه مدبرين ﴾ فلما قال لهم ما قال أعرضوا عنه، وفروا، وهربوا-ربما لخوفهم أن تنالهم عدوى.
وإن من أتباع نوح فيما كان يدعوا إليه من توحيد الله، والكفر بالأوثان والأصنام التي عبدوها من دون الله لإبراهيم الذي أخلص قلبه لحب الله، والرأفة بالمخلوقين، ومن خلوص قلبه أن دعا أباه وقومه إلى المعبود بحق، وأبطل ما كانوا يفترون ﴿ إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون ﴾ استفهام للإنكار والتحقير، فإنه عليه صلوات الله كان على يقين من أن معبوداتهم ليست إلا مخلوقات عاجزة ﴿ وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا.. ﴾١، ﴿.. هل يسمعونكم إذ تدعون. أو ينفعونكم أو يضرون ﴾٢، ﴿ يا أبت لما تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ﴾٣، ﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون ﴾٤، و﴿ إذا ﴾ الأولى منصوبة بفعل محذوف تقديره : واذكر، و﴿ إذ ﴾ الثانية بدل من الأولى، -﴿ أئفكا آلهة دون الله تريدون ﴾ أي أتريدون آلهة من دون الله تعالى إفكا، أي للإفك، فقدم المفعول به على الفعل للعناية، لأن إنكاره أو التقرير به هو المقصود... ثم المفعول لأجله لأن الأهم مكافحتهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم.. أو الكلام على تقدير مضاف أي عبادة آلهة، وهي صرف للعبادة عن وجهها... ﴿ فما ظنكم برب العالمين ﴾ أي : أي شيء ظنكم بمن هو حقيق بالعبادة لكونه ربا للعالمين ؟ ! أشككتم فيه حتى تركتم عبادته سبحانه بالكلية ؟ ! أو أعلمتم أي شيء هو حتى جعلتم الأصنام شركاءه سبحانه وتعالى...
﴿ فنظر نظرة في النجوم ﴾ أي : فتأمل نوعا من التأمل في أحوالها، وهو في نفس الأمر على طرز تأمل الكاملين في خلق السماوات والأرض، وتفكرهم في ذلك، إذ هو اللائق به عليه السلام، لكنه أوهمهم أنه تفكر في أحوالها من الاتصال والتقابل ونحوهما من الأوضاع التي تدل بزعمهم على الحوادث، ليرتب عليه ما يتوصل به إلى غرضه الذي يكون وسيلة إلى إنقاذهم مما هم فيه-٥.
﴿ فقال إني سقيم ﴾ ربما كان ذلك ردا على ما طلبوا إليه الخروج معهم يوم عيدهم-كما روي-، وقال الضحاك : معنى ﴿ سقيم ﴾ سأسقم سقم الموت، لأن من كتب عليه الموت ينسقم في الغالب ثم يموت، وهذا تورية وتعريض... اهـ.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما والترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لم يكذب إبراهيم النبي في شيء قط إلا في ثلاث قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله لسارة أختي وقوله :﴿ بل فعله كبيرهم هذا.. ﴾٦ ) لفظ الترمذي، وقال : حديث حسن صحيح.
مما يقول القاضي أبو بكر بن العربي : والمعاريض التي ترجع إلى النفس إذا خلصت للدين كانت لله سبحانه، كما قال :﴿... ألا لله الذين الخالص ﴾٧، وهذا لو صدر منا لكان لله، لكن منزلة إبراهيم اقتضت هذا، والله أعلم، ومما جاء في تفسير القرآن العظيم : فأما قوله عليه السلام :( لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام غير ثلاثة كذبات ثنتين في ذات الله تعالى قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله : بل فعله كبيرهم هذا.. ، وقوله في سارة :" هي أختي " فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن، ولكن ليس من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا، وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث :( إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب )اهـ.
ومما جاء في روح المعاني :.. أراد شيئا وفهم السائل آخر ولا يعد ذلك كذبا في الحقيقة، وتسميته به في بعض الأحاديث الصحيحة بالنظر لما فهم الغير منه لا بالنسبة إلى ما قصده المتكلم، وجعله ذنبا في أحاديث الشفاعة قيل لأنه ينكشف لإبراهيم عليه السلام أنه كان منه خلاف الأولى.. اهـ.
﴿ فتولوا عنه مدبرين ﴾ فلما قال لهم ما قال أعرضوا عنه، وفروا، وهربوا-ربما لخوفهم أن تنالهم عدوى.
وإن من أتباع نوح فيما كان يدعوا إليه من توحيد الله، والكفر بالأوثان والأصنام التي عبدوها من دون الله لإبراهيم الذي أخلص قلبه لحب الله، والرأفة بالمخلوقين، ومن خلوص قلبه أن دعا أباه وقومه إلى المعبود بحق، وأبطل ما كانوا يفترون ﴿ إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون ﴾ استفهام للإنكار والتحقير، فإنه عليه صلوات الله كان على يقين من أن معبوداتهم ليست إلا مخلوقات عاجزة ﴿ وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا.. ﴾١، ﴿.. هل يسمعونكم إذ تدعون. أو ينفعونكم أو يضرون ﴾٢، ﴿ يا أبت لما تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ﴾٣، ﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون ﴾٤، و﴿ إذا ﴾ الأولى منصوبة بفعل محذوف تقديره : واذكر، و﴿ إذ ﴾ الثانية بدل من الأولى، -﴿ أئفكا آلهة دون الله تريدون ﴾ أي أتريدون آلهة من دون الله تعالى إفكا، أي للإفك، فقدم المفعول به على الفعل للعناية، لأن إنكاره أو التقرير به هو المقصود... ثم المفعول لأجله لأن الأهم مكافحتهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم.. أو الكلام على تقدير مضاف أي عبادة آلهة، وهي صرف للعبادة عن وجهها... ﴿ فما ظنكم برب العالمين ﴾ أي : أي شيء ظنكم بمن هو حقيق بالعبادة لكونه ربا للعالمين ؟ ! أشككتم فيه حتى تركتم عبادته سبحانه بالكلية ؟ ! أو أعلمتم أي شيء هو حتى جعلتم الأصنام شركاءه سبحانه وتعالى...
﴿ فنظر نظرة في النجوم ﴾ أي : فتأمل نوعا من التأمل في أحوالها، وهو في نفس الأمر على طرز تأمل الكاملين في خلق السماوات والأرض، وتفكرهم في ذلك، إذ هو اللائق به عليه السلام، لكنه أوهمهم أنه تفكر في أحوالها من الاتصال والتقابل ونحوهما من الأوضاع التي تدل بزعمهم على الحوادث، ليرتب عليه ما يتوصل به إلى غرضه الذي يكون وسيلة إلى إنقاذهم مما هم فيه-٥.
﴿ فقال إني سقيم ﴾ ربما كان ذلك ردا على ما طلبوا إليه الخروج معهم يوم عيدهم-كما روي-، وقال الضحاك : معنى ﴿ سقيم ﴾ سأسقم سقم الموت، لأن من كتب عليه الموت ينسقم في الغالب ثم يموت، وهذا تورية وتعريض... اهـ.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما والترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لم يكذب إبراهيم النبي في شيء قط إلا في ثلاث قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله لسارة أختي وقوله :﴿ بل فعله كبيرهم هذا.. ﴾٦ ) لفظ الترمذي، وقال : حديث حسن صحيح.
مما يقول القاضي أبو بكر بن العربي : والمعاريض التي ترجع إلى النفس إذا خلصت للدين كانت لله سبحانه، كما قال :﴿... ألا لله الذين الخالص ﴾٧، وهذا لو صدر منا لكان لله، لكن منزلة إبراهيم اقتضت هذا، والله أعلم، ومما جاء في تفسير القرآن العظيم : فأما قوله عليه السلام :( لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام غير ثلاثة كذبات ثنتين في ذات الله تعالى قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله : بل فعله كبيرهم هذا.. ، وقوله في سارة :" هي أختي " فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن، ولكن ليس من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا، وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث :( إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب )اهـ.
ومما جاء في روح المعاني :.. أراد شيئا وفهم السائل آخر ولا يعد ذلك كذبا في الحقيقة، وتسميته به في بعض الأحاديث الصحيحة بالنظر لما فهم الغير منه لا بالنسبة إلى ما قصده المتكلم، وجعله ذنبا في أحاديث الشفاعة قيل لأنه ينكشف لإبراهيم عليه السلام أنه كان منه خلاف الأولى.. اهـ.
﴿ فتولوا عنه مدبرين ﴾ فلما قال لهم ما قال أعرضوا عنه، وفروا، وهربوا-ربما لخوفهم أن تنالهم عدوى.
وإن من أتباع نوح فيما كان يدعوا إليه من توحيد الله، والكفر بالأوثان والأصنام التي عبدوها من دون الله لإبراهيم الذي أخلص قلبه لحب الله، والرأفة بالمخلوقين، ومن خلوص قلبه أن دعا أباه وقومه إلى المعبود بحق، وأبطل ما كانوا يفترون ﴿ إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون ﴾ استفهام للإنكار والتحقير، فإنه عليه صلوات الله كان على يقين من أن معبوداتهم ليست إلا مخلوقات عاجزة ﴿ وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا.. ﴾١، ﴿.. هل يسمعونكم إذ تدعون. أو ينفعونكم أو يضرون ﴾٢، ﴿ يا أبت لما تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ﴾٣، ﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون ﴾٤، و﴿ إذا ﴾ الأولى منصوبة بفعل محذوف تقديره : واذكر، و﴿ إذ ﴾ الثانية بدل من الأولى، -﴿ أئفكا آلهة دون الله تريدون ﴾ أي أتريدون آلهة من دون الله تعالى إفكا، أي للإفك، فقدم المفعول به على الفعل للعناية، لأن إنكاره أو التقرير به هو المقصود... ثم المفعول لأجله لأن الأهم مكافحتهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم.. أو الكلام على تقدير مضاف أي عبادة آلهة، وهي صرف للعبادة عن وجهها... ﴿ فما ظنكم برب العالمين ﴾ أي : أي شيء ظنكم بمن هو حقيق بالعبادة لكونه ربا للعالمين ؟ ! أشككتم فيه حتى تركتم عبادته سبحانه بالكلية ؟ ! أو أعلمتم أي شيء هو حتى جعلتم الأصنام شركاءه سبحانه وتعالى...
﴿ فنظر نظرة في النجوم ﴾ أي : فتأمل نوعا من التأمل في أحوالها، وهو في نفس الأمر على طرز تأمل الكاملين في خلق السماوات والأرض، وتفكرهم في ذلك، إذ هو اللائق به عليه السلام، لكنه أوهمهم أنه تفكر في أحوالها من الاتصال والتقابل ونحوهما من الأوضاع التي تدل بزعمهم على الحوادث، ليرتب عليه ما يتوصل به إلى غرضه الذي يكون وسيلة إلى إنقاذهم مما هم فيه-٥.
﴿ فقال إني سقيم ﴾ ربما كان ذلك ردا على ما طلبوا إليه الخروج معهم يوم عيدهم-كما روي-، وقال الضحاك : معنى ﴿ سقيم ﴾ سأسقم سقم الموت، لأن من كتب عليه الموت ينسقم في الغالب ثم يموت، وهذا تورية وتعريض... اهـ.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما والترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لم يكذب إبراهيم النبي في شيء قط إلا في ثلاث قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله لسارة أختي وقوله :﴿ بل فعله كبيرهم هذا.. ﴾٦ ) لفظ الترمذي، وقال : حديث حسن صحيح.
مما يقول القاضي أبو بكر بن العربي : والمعاريض التي ترجع إلى النفس إذا خلصت للدين كانت لله سبحانه، كما قال :﴿... ألا لله الذين الخالص ﴾٧، وهذا لو صدر منا لكان لله، لكن منزلة إبراهيم اقتضت هذا، والله أعلم، ومما جاء في تفسير القرآن العظيم : فأما قوله عليه السلام :( لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام غير ثلاثة كذبات ثنتين في ذات الله تعالى قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله : بل فعله كبيرهم هذا.. ، وقوله في سارة :" هي أختي " فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن، ولكن ليس من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا، وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث :( إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب )اهـ.
ومما جاء في روح المعاني :.. أراد شيئا وفهم السائل آخر ولا يعد ذلك كذبا في الحقيقة، وتسميته به في بعض الأحاديث الصحيحة بالنظر لما فهم الغير منه لا بالنسبة إلى ما قصده المتكلم، وجعله ذنبا في أحاديث الشفاعة قيل لأنه ينكشف لإبراهيم عليه السلام أنه كان منه خلاف الأولى.. اهـ.
﴿ فتولوا عنه مدبرين ﴾ فلما قال لهم ما قال أعرضوا عنه، وفروا، وهربوا-ربما لخوفهم أن تنالهم عدوى.
﴿ مدبرين ﴾ فارين.
﴿ وإن من شيعته لإبراهيم( ٨٣ )إذ جاء ربه بقلب سليم( ٨٤ )إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون( ٨٥ )أئفكا آلهة دون الله تريدون( ٨٦ )فما ظنكم برب العالمين( ٨٧ )فنظر نظرة في النجوم( ٨٨ )فقال إني سقيم( ٨٩ )فتولوا عنه مدبرين( ٩٠ ) ﴾.
وإن من أتباع نوح فيما كان يدعوا إليه من توحيد الله، والكفر بالأوثان والأصنام التي عبدوها من دون الله لإبراهيم الذي أخلص قلبه لحب الله، والرأفة بالمخلوقين، ومن خلوص قلبه أن دعا أباه وقومه إلى المعبود بحق، وأبطل ما كانوا يفترون ﴿ إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون ﴾ استفهام للإنكار والتحقير، فإنه عليه صلوات الله كان على يقين من أن معبوداتهم ليست إلا مخلوقات عاجزة ﴿ وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا.. ﴾١، ﴿.. هل يسمعونكم إذ تدعون. أو ينفعونكم أو يضرون ﴾٢، ﴿ يا أبت لما تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ﴾٣، ﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون ﴾٤، و﴿ إذا ﴾ الأولى منصوبة بفعل محذوف تقديره : واذكر، و﴿ إذ ﴾ الثانية بدل من الأولى، -﴿ أئفكا آلهة دون الله تريدون ﴾ أي أتريدون آلهة من دون الله تعالى إفكا، أي للإفك، فقدم المفعول به على الفعل للعناية، لأن إنكاره أو التقرير به هو المقصود... ثم المفعول لأجله لأن الأهم مكافحتهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم.. أو الكلام على تقدير مضاف أي عبادة آلهة، وهي صرف للعبادة عن وجهها... ﴿ فما ظنكم برب العالمين ﴾ أي : أي شيء ظنكم بمن هو حقيق بالعبادة لكونه ربا للعالمين ؟ ! أشككتم فيه حتى تركتم عبادته سبحانه بالكلية ؟ ! أو أعلمتم أي شيء هو حتى جعلتم الأصنام شركاءه سبحانه وتعالى...
﴿ فنظر نظرة في النجوم ﴾ أي : فتأمل نوعا من التأمل في أحوالها، وهو في نفس الأمر على طرز تأمل الكاملين في خلق السماوات والأرض، وتفكرهم في ذلك، إذ هو اللائق به عليه السلام، لكنه أوهمهم أنه تفكر في أحوالها من الاتصال والتقابل ونحوهما من الأوضاع التي تدل بزعمهم على الحوادث، ليرتب عليه ما يتوصل به إلى غرضه الذي يكون وسيلة إلى إنقاذهم مما هم فيه-٥.
﴿ فقال إني سقيم ﴾ ربما كان ذلك ردا على ما طلبوا إليه الخروج معهم يوم عيدهم-كما روي-، وقال الضحاك : معنى ﴿ سقيم ﴾ سأسقم سقم الموت، لأن من كتب عليه الموت ينسقم في الغالب ثم يموت، وهذا تورية وتعريض... اهـ.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما والترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لم يكذب إبراهيم النبي في شيء قط إلا في ثلاث قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله لسارة أختي وقوله :﴿ بل فعله كبيرهم هذا.. ﴾٦ ) لفظ الترمذي، وقال : حديث حسن صحيح.
مما يقول القاضي أبو بكر بن العربي : والمعاريض التي ترجع إلى النفس إذا خلصت للدين كانت لله سبحانه، كما قال :﴿... ألا لله الذين الخالص ﴾٧، وهذا لو صدر منا لكان لله، لكن منزلة إبراهيم اقتضت هذا، والله أعلم، ومما جاء في تفسير القرآن العظيم : فأما قوله عليه السلام :( لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام غير ثلاثة كذبات ثنتين في ذات الله تعالى قوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله : بل فعله كبيرهم هذا.. ، وقوله في سارة :" هي أختي " فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن، ولكن ليس من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا، وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث :( إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب )اهـ.
ومما جاء في روح المعاني :.. أراد شيئا وفهم السائل آخر ولا يعد ذلك كذبا في الحقيقة، وتسميته به في بعض الأحاديث الصحيحة بالنظر لما فهم الغير منه لا بالنسبة إلى ما قصده المتكلم، وجعله ذنبا في أحاديث الشفاعة قيل لأنه ينكشف لإبراهيم عليه السلام أنه كان منه خلاف الأولى.. اهـ.
﴿ فتولوا عنه مدبرين ﴾ فلما قال لهم ما قال أعرضوا عنه، وفروا، وهربوا-ربما لخوفهم أن تنالهم عدوى.
﴿ فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون( ٩١ )مالكم لا تنطقون( ٩٢ )فراغ عليهم ضربا باليمين( ٩٣ )فأقبلوا إليه يزفون( ٩٤ )قال أتعبدون ما تنحتون( ٩٥ )والله خلقكم وما تعملون( ٩٦ ) ﴾.
فلما انصرف القوم عن إبراهيم، خرج فذهب إلى آلهتهم، فخاطبها خطاب من يعقل استهزاء بها وبعابديها، هلا أكلتم ؟ ! فلم يجيبوا، فكرر سؤالها سخرية من الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر، ولا تستطيع خلقا ولا رزقا :﴿ مالكم لا تنطقون ﴾ ؟ وأنى تجيب وهي الجماد الذي لا حس به !﴿ ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها.. ﴾١، كلا !﴿ فراغ عليهم ضربا باليمين ﴾ فمال إبراهيم عليها يضربها بيمينه، حتى تهشمت، وغدت قطعا حجرية صغيرة، -﴿ فراغ عليهم ﴾ فمال مستعليا عليهم، وقوله تعالى : ضربا مصدر لراغ عليهم باعتبار المعنى، فإن المراد منه ضربهم... ﴿ باليمين ﴾ أي باليد اليمين-كما روي عن ابن عباس- وتقييد الضرب باليمين للدلالة على شدته وقوته، لأن اليمين أقوى الجارحتين، وأشدهما في الغالب... وقيل : المراد باليمين الحلف،... وأريد باليمين قوله عليه السلام :﴿ وتالله لأكيدن أصنامكم.. ﴾٢ والباء عليه للسببية أي ضربا بسبب اليمين الذي حلفه قبل، وهي على ما تقدم للاستعانة أو للملابسة-٣، ﴿ فأقبلوا إليه يزفون ﴾٤ يمكن أن يكون عطفا على محذوف، والتقدير : فكسر الأصنام، وسمع قومه بذلك، فأقبلوا إليه يسعون، وحكى يحيى بن سلام : يرعدون غضبا، وقال مجاهد : يختالون، وهي مشي الخيلاء، ومنه أخذ زفاف العروس إلى زوجها.
( ﴿ قال أتعبدون ما تنحتون ﴾ فيه حذف، أي قالوا : من فعل هذا بآلهتنا ؟ فقال محتجا :﴿ أتعبدون ما تنحتون ﴾ ؟ أي أتعبدون أصناما أنتم نحتموها بأيديكم تنجرونها ؟ !... ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ ﴿ ما ﴾ في موضع نصب، أي : وخلق ما تعملون من الأصنام، يعني : الخشب والحجارة وغيرهما، كقوله :﴿.. بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن.. ﴾٥.. والأحسن أن تكون ﴿ ما ﴾ مع الفعل مصدرا، والتقدير : والله خلقكم وعملكم وهذا مذهب أهل السنة : أن الأفعال خلق لله عز وجل، واكتساب للعباد.. ]٦.
فلما انصرف القوم عن إبراهيم، خرج فذهب إلى آلهتهم، فخاطبها خطاب من يعقل استهزاء بها وبعابديها، هلا أكلتم ؟ ! فلم يجيبوا، فكرر سؤالها سخرية من الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر، ولا تستطيع خلقا ولا رزقا :﴿ مالكم لا تنطقون ﴾ ؟ وأنى تجيب وهي الجماد الذي لا حس به !﴿ ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها.. ﴾١، كلا !﴿ فراغ عليهم ضربا باليمين ﴾ فمال إبراهيم عليها يضربها بيمينه، حتى تهشمت، وغدت قطعا حجرية صغيرة، -﴿ فراغ عليهم ﴾ فمال مستعليا عليهم، وقوله تعالى : ضربا مصدر لراغ عليهم باعتبار المعنى، فإن المراد منه ضربهم... ﴿ باليمين ﴾ أي باليد اليمين-كما روي عن ابن عباس- وتقييد الضرب باليمين للدلالة على شدته وقوته، لأن اليمين أقوى الجارحتين، وأشدهما في الغالب... وقيل : المراد باليمين الحلف،... وأريد باليمين قوله عليه السلام :﴿ وتالله لأكيدن أصنامكم.. ﴾٢ والباء عليه للسببية أي ضربا بسبب اليمين الذي حلفه قبل، وهي على ما تقدم للاستعانة أو للملابسة-٣، ﴿ فأقبلوا إليه يزفون ﴾٤ يمكن أن يكون عطفا على محذوف، والتقدير : فكسر الأصنام، وسمع قومه بذلك، فأقبلوا إليه يسعون، وحكى يحيى بن سلام : يرعدون غضبا، وقال مجاهد : يختالون، وهي مشي الخيلاء، ومنه أخذ زفاف العروس إلى زوجها.
( ﴿ قال أتعبدون ما تنحتون ﴾ فيه حذف، أي قالوا : من فعل هذا بآلهتنا ؟ فقال محتجا :﴿ أتعبدون ما تنحتون ﴾ ؟ أي أتعبدون أصناما أنتم نحتموها بأيديكم تنجرونها ؟ !... ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ ﴿ ما ﴾ في موضع نصب، أي : وخلق ما تعملون من الأصنام، يعني : الخشب والحجارة وغيرهما، كقوله :﴿.. بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن.. ﴾٥.. والأحسن أن تكون ﴿ ما ﴾ مع الفعل مصدرا، والتقدير : والله خلقكم وعملكم وهذا مذهب أهل السنة : أن الأفعال خلق لله عز وجل، واكتساب للعباد.. ]٦.
﴿ فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون( ٩١ )مالكم لا تنطقون( ٩٢ )فراغ عليهم ضربا باليمين( ٩٣ )فأقبلوا إليه يزفون( ٩٤ )قال أتعبدون ما تنحتون( ٩٥ )والله خلقكم وما تعملون( ٩٦ ) ﴾.
فلما انصرف القوم عن إبراهيم، خرج فذهب إلى آلهتهم، فخاطبها خطاب من يعقل استهزاء بها وبعابديها، هلا أكلتم ؟ ! فلم يجيبوا، فكرر سؤالها سخرية من الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر، ولا تستطيع خلقا ولا رزقا :﴿ مالكم لا تنطقون ﴾ ؟ وأنى تجيب وهي الجماد الذي لا حس به !﴿ ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها.. ﴾١، كلا !﴿ فراغ عليهم ضربا باليمين ﴾ فمال إبراهيم عليها يضربها بيمينه، حتى تهشمت، وغدت قطعا حجرية صغيرة، -﴿ فراغ عليهم ﴾ فمال مستعليا عليهم، وقوله تعالى : ضربا مصدر لراغ عليهم باعتبار المعنى، فإن المراد منه ضربهم... ﴿ باليمين ﴾ أي باليد اليمين-كما روي عن ابن عباس- وتقييد الضرب باليمين للدلالة على شدته وقوته، لأن اليمين أقوى الجارحتين، وأشدهما في الغالب... وقيل : المراد باليمين الحلف،... وأريد باليمين قوله عليه السلام :﴿ وتالله لأكيدن أصنامكم.. ﴾٢ والباء عليه للسببية أي ضربا بسبب اليمين الذي حلفه قبل، وهي على ما تقدم للاستعانة أو للملابسة-٣، ﴿ فأقبلوا إليه يزفون ﴾٤ يمكن أن يكون عطفا على محذوف، والتقدير : فكسر الأصنام، وسمع قومه بذلك، فأقبلوا إليه يسعون، وحكى يحيى بن سلام : يرعدون غضبا، وقال مجاهد : يختالون، وهي مشي الخيلاء، ومنه أخذ زفاف العروس إلى زوجها.
( ﴿ قال أتعبدون ما تنحتون ﴾ فيه حذف، أي قالوا : من فعل هذا بآلهتنا ؟ فقال محتجا :﴿ أتعبدون ما تنحتون ﴾ ؟ أي أتعبدون أصناما أنتم نحتموها بأيديكم تنجرونها ؟ !... ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ ﴿ ما ﴾ في موضع نصب، أي : وخلق ما تعملون من الأصنام، يعني : الخشب والحجارة وغيرهما، كقوله :﴿.. بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن.. ﴾٥.. والأحسن أن تكون ﴿ ما ﴾ مع الفعل مصدرا، والتقدير : والله خلقكم وعملكم وهذا مذهب أهل السنة : أن الأفعال خلق لله عز وجل، واكتساب للعباد.. ]٦.
﴿ فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون( ٩١ )مالكم لا تنطقون( ٩٢ )فراغ عليهم ضربا باليمين( ٩٣ )فأقبلوا إليه يزفون( ٩٤ )قال أتعبدون ما تنحتون( ٩٥ )والله خلقكم وما تعملون( ٩٦ ) ﴾.
فلما انصرف القوم عن إبراهيم، خرج فذهب إلى آلهتهم، فخاطبها خطاب من يعقل استهزاء بها وبعابديها، هلا أكلتم ؟ ! فلم يجيبوا، فكرر سؤالها سخرية من الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر، ولا تستطيع خلقا ولا رزقا :﴿ مالكم لا تنطقون ﴾ ؟ وأنى تجيب وهي الجماد الذي لا حس به !﴿ ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها.. ﴾١، كلا !﴿ فراغ عليهم ضربا باليمين ﴾ فمال إبراهيم عليها يضربها بيمينه، حتى تهشمت، وغدت قطعا حجرية صغيرة، -﴿ فراغ عليهم ﴾ فمال مستعليا عليهم، وقوله تعالى : ضربا مصدر لراغ عليهم باعتبار المعنى، فإن المراد منه ضربهم... ﴿ باليمين ﴾ أي باليد اليمين-كما روي عن ابن عباس- وتقييد الضرب باليمين للدلالة على شدته وقوته، لأن اليمين أقوى الجارحتين، وأشدهما في الغالب... وقيل : المراد باليمين الحلف،... وأريد باليمين قوله عليه السلام :﴿ وتالله لأكيدن أصنامكم.. ﴾٢ والباء عليه للسببية أي ضربا بسبب اليمين الذي حلفه قبل، وهي على ما تقدم للاستعانة أو للملابسة-٣، ﴿ فأقبلوا إليه يزفون ﴾٤ يمكن أن يكون عطفا على محذوف، والتقدير : فكسر الأصنام، وسمع قومه بذلك، فأقبلوا إليه يسعون، وحكى يحيى بن سلام : يرعدون غضبا، وقال مجاهد : يختالون، وهي مشي الخيلاء، ومنه أخذ زفاف العروس إلى زوجها.
( ﴿ قال أتعبدون ما تنحتون ﴾ فيه حذف، أي قالوا : من فعل هذا بآلهتنا ؟ فقال محتجا :﴿ أتعبدون ما تنحتون ﴾ ؟ أي أتعبدون أصناما أنتم نحتموها بأيديكم تنجرونها ؟ !... ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ ﴿ ما ﴾ في موضع نصب، أي : وخلق ما تعملون من الأصنام، يعني : الخشب والحجارة وغيرهما، كقوله :﴿.. بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن.. ﴾٥.. والأحسن أن تكون ﴿ ما ﴾ مع الفعل مصدرا، والتقدير : والله خلقكم وعملكم وهذا مذهب أهل السنة : أن الأفعال خلق لله عز وجل، واكتساب للعباد.. ]٦.
فلما انصرف القوم عن إبراهيم، خرج فذهب إلى آلهتهم، فخاطبها خطاب من يعقل استهزاء بها وبعابديها، هلا أكلتم ؟ ! فلم يجيبوا، فكرر سؤالها سخرية من الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر، ولا تستطيع خلقا ولا رزقا :﴿ مالكم لا تنطقون ﴾ ؟ وأنى تجيب وهي الجماد الذي لا حس به !﴿ ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها.. ﴾١، كلا !﴿ فراغ عليهم ضربا باليمين ﴾ فمال إبراهيم عليها يضربها بيمينه، حتى تهشمت، وغدت قطعا حجرية صغيرة، -﴿ فراغ عليهم ﴾ فمال مستعليا عليهم، وقوله تعالى : ضربا مصدر لراغ عليهم باعتبار المعنى، فإن المراد منه ضربهم... ﴿ باليمين ﴾ أي باليد اليمين-كما روي عن ابن عباس- وتقييد الضرب باليمين للدلالة على شدته وقوته، لأن اليمين أقوى الجارحتين، وأشدهما في الغالب... وقيل : المراد باليمين الحلف،... وأريد باليمين قوله عليه السلام :﴿ وتالله لأكيدن أصنامكم.. ﴾٢ والباء عليه للسببية أي ضربا بسبب اليمين الذي حلفه قبل، وهي على ما تقدم للاستعانة أو للملابسة-٣، ﴿ فأقبلوا إليه يزفون ﴾٤ يمكن أن يكون عطفا على محذوف، والتقدير : فكسر الأصنام، وسمع قومه بذلك، فأقبلوا إليه يسعون، وحكى يحيى بن سلام : يرعدون غضبا، وقال مجاهد : يختالون، وهي مشي الخيلاء، ومنه أخذ زفاف العروس إلى زوجها.
( ﴿ قال أتعبدون ما تنحتون ﴾ فيه حذف، أي قالوا : من فعل هذا بآلهتنا ؟ فقال محتجا :﴿ أتعبدون ما تنحتون ﴾ ؟ أي أتعبدون أصناما أنتم نحتموها بأيديكم تنجرونها ؟ !... ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ ﴿ ما ﴾ في موضع نصب، أي : وخلق ما تعملون من الأصنام، يعني : الخشب والحجارة وغيرهما، كقوله :﴿.. بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن.. ﴾٥.. والأحسن أن تكون ﴿ ما ﴾ مع الفعل مصدرا، والتقدير : والله خلقكم وعملكم وهذا مذهب أهل السنة : أن الأفعال خلق لله عز وجل، واكتساب للعباد.. ]٦.
فلما انصرف القوم عن إبراهيم، خرج فذهب إلى آلهتهم، فخاطبها خطاب من يعقل استهزاء بها وبعابديها، هلا أكلتم ؟ ! فلم يجيبوا، فكرر سؤالها سخرية من الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر، ولا تستطيع خلقا ولا رزقا :﴿ مالكم لا تنطقون ﴾ ؟ وأنى تجيب وهي الجماد الذي لا حس به !﴿ ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها.. ﴾١، كلا !﴿ فراغ عليهم ضربا باليمين ﴾ فمال إبراهيم عليها يضربها بيمينه، حتى تهشمت، وغدت قطعا حجرية صغيرة، -﴿ فراغ عليهم ﴾ فمال مستعليا عليهم، وقوله تعالى : ضربا مصدر لراغ عليهم باعتبار المعنى، فإن المراد منه ضربهم... ﴿ باليمين ﴾ أي باليد اليمين-كما روي عن ابن عباس- وتقييد الضرب باليمين للدلالة على شدته وقوته، لأن اليمين أقوى الجارحتين، وأشدهما في الغالب... وقيل : المراد باليمين الحلف،... وأريد باليمين قوله عليه السلام :﴿ وتالله لأكيدن أصنامكم.. ﴾٢ والباء عليه للسببية أي ضربا بسبب اليمين الذي حلفه قبل، وهي على ما تقدم للاستعانة أو للملابسة-٣، ﴿ فأقبلوا إليه يزفون ﴾٤ يمكن أن يكون عطفا على محذوف، والتقدير : فكسر الأصنام، وسمع قومه بذلك، فأقبلوا إليه يسعون، وحكى يحيى بن سلام : يرعدون غضبا، وقال مجاهد : يختالون، وهي مشي الخيلاء، ومنه أخذ زفاف العروس إلى زوجها.
( ﴿ قال أتعبدون ما تنحتون ﴾ فيه حذف، أي قالوا : من فعل هذا بآلهتنا ؟ فقال محتجا :﴿ أتعبدون ما تنحتون ﴾ ؟ أي أتعبدون أصناما أنتم نحتموها بأيديكم تنجرونها ؟ !... ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ ﴿ ما ﴾ في موضع نصب، أي : وخلق ما تعملون من الأصنام، يعني : الخشب والحجارة وغيرهما، كقوله :﴿.. بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن.. ﴾٥.. والأحسن أن تكون ﴿ ما ﴾ مع الفعل مصدرا، والتقدير : والله خلقكم وعملكم وهذا مذهب أهل السنة : أن الأفعال خلق لله عز وجل، واكتساب للعباد.. ]٦.
﴿ فألقوه في الجحيم ﴾ فارموا بإبراهيم في جحيم ذلك البنيان، وعند تأجج نار وشدة اتقادها.
﴿ قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم( ٩٧ )فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين( ٩٨ ) ﴾.
مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم : يحتمل أن تكون ﴿ ما ﴾ مصدرية فيكون الكلام خلقكم وعملكم، ويحتمل أن تكون بمعنى( الذي ) تقديره : والله خلقكم والذي تعملونه، وكلا القولين متلازم، والأول أظهر لما رواه البخاري عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعا قال :( إن الله تعالى يصنع كل صانع وصنعته ) فعند ذلك لما قامت عليهم الحجة عدلوا إلى أخذه باليد والقهر، فقالوا :﴿ ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم ﴾. اهـ تشاوروا في أمرهم حين سمعوا من إبراهيم عليه السلام ما سمعوا، فقال بعضهم لبعض : لقد ظلمنا بعبادة من لا ينطق بلفظة ولا يملك لنفسه لحظة، وكيف يمنع عابديه ويمنع عنهم البأس، من لا يرد عن رأسه الفأس-١.
والقرآن المجيد يبين ما تناجوا به، ثم ما تواصوا به :﴿ فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون. ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ﴾٢. وهكذا-لما انقطعوا بالحجة أخذتهم عزة بإثم، وانصرفوا إلى طريق الغلبة والغشم، وقالوا : ابنوا لأجله حائطا توقدون فيه النار، وارموا بإبراهيم في جحمة ذلك البنيان، وعند تأجج ناره وشدة اتقادها، فأرادوا أن يهلكوه بحيلتهم وكيدهم فغلبهم كيد الله، ورفع شأن نبيه إبراهيم عليه السلام، وأنجاه من النار٣، وظهر الخزي والخذلان على الوثنيين الفجار، ثم يردون في أخراهم إلى أسوأ خسار وبوار.
﴿ فألقوه في الجحيم ﴾ فارموا بإبراهيم في جحيم ذلك البنيان، وعند تأجج نار وشدة اتقادها.
﴿ قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم( ٩٧ )فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين( ٩٨ ) ﴾.
مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم : يحتمل أن تكون ﴿ ما ﴾ مصدرية فيكون الكلام خلقكم وعملكم، ويحتمل أن تكون بمعنى( الذي ) تقديره : والله خلقكم والذي تعملونه، وكلا القولين متلازم، والأول أظهر لما رواه البخاري عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعا قال :( إن الله تعالى يصنع كل صانع وصنعته ) فعند ذلك لما قامت عليهم الحجة عدلوا إلى أخذه باليد والقهر، فقالوا :﴿ ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم ﴾. اهـ تشاوروا في أمرهم حين سمعوا من إبراهيم عليه السلام ما سمعوا، فقال بعضهم لبعض : لقد ظلمنا بعبادة من لا ينطق بلفظة ولا يملك لنفسه لحظة، وكيف يمنع عابديه ويمنع عنهم البأس، من لا يرد عن رأسه الفأس-١.
والقرآن المجيد يبين ما تناجوا به، ثم ما تواصوا به :﴿ فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون. ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ﴾٢. وهكذا-لما انقطعوا بالحجة أخذتهم عزة بإثم، وانصرفوا إلى طريق الغلبة والغشم، وقالوا : ابنوا لأجله حائطا توقدون فيه النار، وارموا بإبراهيم في جحمة ذلك البنيان، وعند تأجج ناره وشدة اتقادها، فأرادوا أن يهلكوه بحيلتهم وكيدهم فغلبهم كيد الله، ورفع شأن نبيه إبراهيم عليه السلام، وأنجاه من النار٣، وظهر الخزي والخذلان على الوثنيين الفجار، ثم يردون في أخراهم إلى أسوأ خسار وبوار.
وعزم إبراهيم عليه السلام على اعتزال أبيه وقومه، وأن يتركهم إلى أرض تكون أعون له على طاعة مولاه، وأرجى لقبول دعوة الحق والتوحيد، وقال إني سأترك دار الشرك، ﴿ وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا ﴾١ ﴿ .. وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم ﴾٢-جعل المكان الذي أمره ربه تعالى بالذهاب إليه ذهابا إليه، وكذا الذهاب إلى مكان يعبده تعالى فيه، ... والمراد بذلك المكان الشام، وقيل : مصر.. ﴿ سيهدين ﴾ إلى ما فيه صلاح ديني، أو إلى مقصدي-٣ وكيف لا ! وقد وعد ربنا عز وجل عباده الذين يخرجون من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله- وعدهم حياة طيبة في العاجلة، ثم الجزاء الأوفى في الآجلة ﴿ والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ﴾٤، وشاء ربنا أن يبوئه ومن آمن معه دارا خيرا من دار قومه، وصدق الله العظيم :﴿ ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ﴾٥.
﴿ رب هب لي من الصالحين ﴾ وتضرع إلى ربه أن يهب له ذرية من الصالحين، ولعله أراد أن يستجيب لدعوته من يمنحه البر الرحيم من أولاد وذرية، ليكونوا له عونا على تبليغ رسالته، وأنسا له في مهجره وغربته، فاستجاب الله تعالى له وبشره بأنه سيرزقه غلاما وسيمنح هذا الغلام سعة صدر، وحسن صبر، واستقامة فكر.
٢ سورة العنكبوت. من الآية ٢٦..
٣ ما بين العارضتين من روح المعاني..
٤ سورة النحل. الآية ٤١..
٥ سورة الأنبياء. الآية٧١..
وعزم إبراهيم عليه السلام على اعتزال أبيه وقومه، وأن يتركهم إلى أرض تكون أعون له على طاعة مولاه، وأرجى لقبول دعوة الحق والتوحيد، وقال إني سأترك دار الشرك، ﴿ وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا ﴾١ ﴿.. وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم ﴾٢-جعل المكان الذي أمره ربه تعالى بالذهاب إليه ذهابا إليه، وكذا الذهاب إلى مكان يعبده تعالى فيه،... والمراد بذلك المكان الشام، وقيل : مصر.. ﴿ سيهدين ﴾ إلى ما فيه صلاح ديني، أو إلى مقصدي-٣ وكيف لا ! وقد وعد ربنا عز وجل عباده الذين يخرجون من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله- وعدهم حياة طيبة في العاجلة، ثم الجزاء الأوفى في الآجلة ﴿ والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ﴾٤، وشاء ربنا أن يبوئه ومن آمن معه دارا خيرا من دار قومه، وصدق الله العظيم :﴿ ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ﴾٥.
﴿ رب هب لي من الصالحين ﴾ وتضرع إلى ربه أن يهب له ذرية من الصالحين، ولعله أراد أن يستجيب لدعوته من يمنحه البر الرحيم من أولاد وذرية، ليكونوا له عونا على تبليغ رسالته، وأنسا له في مهجره وغربته، فاستجاب الله تعالى له وبشره بأنه سيرزقه غلاما وسيمنح هذا الغلام سعة صدر، وحسن صبر، واستقامة فكر.
٢ سورة العنكبوت. من الآية ٢٦..
٣ ما بين العارضتين من روح المعاني..
٤ سورة النحل. الآية ٤١..
٥ سورة الأنبياء. الآية٧١..
وعزم إبراهيم عليه السلام على اعتزال أبيه وقومه، وأن يتركهم إلى أرض تكون أعون له على طاعة مولاه، وأرجى لقبول دعوة الحق والتوحيد، وقال إني سأترك دار الشرك، ﴿ وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا ﴾١ ﴿.. وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم ﴾٢-جعل المكان الذي أمره ربه تعالى بالذهاب إليه ذهابا إليه، وكذا الذهاب إلى مكان يعبده تعالى فيه،... والمراد بذلك المكان الشام، وقيل : مصر.. ﴿ سيهدين ﴾ إلى ما فيه صلاح ديني، أو إلى مقصدي-٣ وكيف لا ! وقد وعد ربنا عز وجل عباده الذين يخرجون من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله- وعدهم حياة طيبة في العاجلة، ثم الجزاء الأوفى في الآجلة ﴿ والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ﴾٤، وشاء ربنا أن يبوئه ومن آمن معه دارا خيرا من دار قومه، وصدق الله العظيم :﴿ ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ﴾٥.
﴿ رب هب لي من الصالحين ﴾ وتضرع إلى ربه أن يهب له ذرية من الصالحين، ولعله أراد أن يستجيب لدعوته من يمنحه البر الرحيم من أولاد وذرية، ليكونوا له عونا على تبليغ رسالته، وأنسا له في مهجره وغربته، فاستجاب الله تعالى له وبشره بأنه سيرزقه غلاما وسيمنح هذا الغلام سعة صدر، وحسن صبر، واستقامة فكر.
٢ سورة العنكبوت. من الآية ٢٦..
٣ ما بين العارضتين من روح المعاني..
٤ سورة النحل. الآية ٤١..
٥ سورة الأنبياء. الآية٧١..
﴿ ماذا ترى ﴾ ما رأيك ؟ وما مشورتك ؟
﴿ فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ما ذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين( ١٠٢ )فلما أسلم وتله للجبين( ١٠٣ )وناديناه أن يا إبراهيم( ١٠٤ )قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين( ١٠٥ )إن هذا لهو البلاء المبين( ١٠٦ )وفديناه بذبح عظيم( ١٠٧ )وتركنا عليه في الآخرين( ١٠٨ )سلام على إبراهيم( ١٠٩ )كذلك نجزي المحسنين( ١١٠ )إنه من عبادنا المؤمنين( ١١١ )وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين( ١١٢ )وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين( ١١٣ ) ﴾.
﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ كأنما هو عطف على محذوف، تقديره : ووهبنا له الغلام طفلا حتى إذا تجاوز الطفولة غدا صبيا ﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ شب وأطاق ما يفعله أبوه، وتعاون معه على العمل وقضاء المطالب ؛ قال له أبوه : يا بني-صغره للملاطفة والتدليل-إني قد رأيت في نومي أني أذبحك، فما رأيك في ذلك ؟ -وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه، وليختبر صبره وجلده، وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى، وطاعة أبيه ﴿ قال يا أبت افعل ما تؤمر ﴾ أي : امض لما أمرك الله من ذبحي، ﴿ ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾ أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله عز وجل، وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد، ولهذا قال الله تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ﴾١–٢نقل عن مجاهد وعكرمة وغيرهما ما حاصله : فلما استسلما وانقادا : إبراهيم امتثل لأمر الله تعالى، وإسماعيل طاعة لله ولأبيه. اهـ قال ابن عباس٣ :﴿ وتله للجبين ﴾ أكبه على وجهه، - وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أي قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح... وقوله تعالى﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾أي : هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد، ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا، كقوله تعالى :﴿ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ﴾٤ قال تعالى :﴿ إن هذا لهو البلاء المبين ﴾ أي الاختبار الواضح الجلي حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله تعالى، منقادا لطاعته، ولهذا قال تعالى :﴿ وإبراهيم الذي وفى ﴾٥، وقوله تعالى :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ عن علي رضي الله عنه، قال : بكبش أبيض أعين أقرن... ٦.
﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه فيمن يأتي بعده، يمتد إلى يوم الدين ؛ قال ابن عباس : يذكر بخير. اهـ ﴿ سلام على إبراهيم ﴾ يثنى عليه فيقال : سلام ورحمة من الشكور جل علاه على النبي إبراهيم خليل الله، وعلى آله ومن والاه، ﴿ كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل هذا الجزاء الجميل الجزيل نجزي من أحسن وأخلص دينه لله، وأسلم وجهه، وفوض أمره لمولاه، ﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ إنه ممن صدقوا تصديقا راسخا بكل ما يجب الإيمان به، وعبدوا عبادة خالصة أتموها وأحسنوا أداءها-من الذين أعطوا العبودية حقها حتى استحقوا الإضافة إلى الله تعالى-٧.
﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ وبشرنا إبراهيم بإسحاق وجعلناه نبيا صلح له أمر العاجلة والآجلة، وباركنا وكثرنا الخير، وثنينا النعمة : إذ بشرناه من قبل بغلام حليم ومنحناه إياه، ثم بشرناه بإسحاق وجعلناه نبيا صالحا، وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ؛ - وقد قيل إن الكناية في ﴿ عليه ﴾ تعود على إسماعيل وأنه هو الذبيح، قال المفضل : الصحيح الذي يدل عليه القرآن أنه إسماعيل، وذلك أنه قص قصة الذبيح، فلما قال في آخر القصة :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ ثم قال :﴿ سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ﴾قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين. وباركنا عليه ﴾ أي : على إسماعيل ﴿ وعلى إسحاق ﴾ كني عنه، لأنه قد تقدم ذكره، ثم قال :﴿ ومن ذريتهما ﴾ فدل على أنها ذرية إسماعيل وإسحاق، وليس تختلف الرواة في أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة-٨.
ومما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم : روى مجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه[ إسماعيل ] عليه الصلاة والسلام، وروى ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل عليه السلام، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود ؛ وروى مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل... وقال ابن إسحاق، عن محمد ابن كعب القرضي : أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه وهو خليفة وكان معه بالشام، فقال له عمر : إن هذا الشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا، فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علمائهم، فسأله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن ذلك، قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر : أيّ ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به، فهم، يجحدون ذلك، ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم، والله أعلم أيهما كان، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل، وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله- سألت أبي عن الذبيح، هل هو إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل. [ احتج من قال إنه إسماعيل : بأن الله وصفه بالصبر دون إسحاق في قوله تعالى :﴿ وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ﴾٩وهو صبره على الذبح، ووصفه بصدق الوعد في قوله :﴿.. إنه كان صادق الوعد.. ﴾١٠ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به، ولأن الله تعالى قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا ﴾ فكيف يأمره بذبحه وقد وعده أن يكون نبيا، وأيضا فإن الله تعالى قال :﴿.. فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾١١ فكيف يؤمر بذبح إسحاق قبل إنجاز الوعد في يعقوب ؛ وأيضا ورد في الأخبار تعليق قرن الكبش في الكعبة، فدل على أن الذبيح إسماعيل، ولو كان إسحاق لكان الذبح يقع ببيت المقدس ]١٢.
﴿ وتله للجبين ﴾ وكبه على جانب من جبهته.
﴿ فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ما ذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين( ١٠٢ )فلما أسلم وتله للجبين( ١٠٣ )وناديناه أن يا إبراهيم( ١٠٤ )قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين( ١٠٥ )إن هذا لهو البلاء المبين( ١٠٦ )وفديناه بذبح عظيم( ١٠٧ )وتركنا عليه في الآخرين( ١٠٨ )سلام على إبراهيم( ١٠٩ )كذلك نجزي المحسنين( ١١٠ )إنه من عبادنا المؤمنين( ١١١ )وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين( ١١٢ )وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين( ١١٣ ) ﴾.
﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ كأنما هو عطف على محذوف، تقديره : ووهبنا له الغلام طفلا حتى إذا تجاوز الطفولة غدا صبيا ﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ شب وأطاق ما يفعله أبوه، وتعاون معه على العمل وقضاء المطالب ؛ قال له أبوه : يا بني-صغره للملاطفة والتدليل-إني قد رأيت في نومي أني أذبحك، فما رأيك في ذلك ؟ -وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه، وليختبر صبره وجلده، وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى، وطاعة أبيه ﴿ قال يا أبت افعل ما تؤمر ﴾ أي : امض لما أمرك الله من ذبحي، ﴿ ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾ أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله عز وجل، وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد، ولهذا قال الله تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ﴾١–٢نقل عن مجاهد وعكرمة وغيرهما ما حاصله : فلما استسلما وانقادا : إبراهيم امتثل لأمر الله تعالى، وإسماعيل طاعة لله ولأبيه. اهـ قال ابن عباس٣ :﴿ وتله للجبين ﴾ أكبه على وجهه، - وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أي قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح... وقوله تعالى﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾أي : هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد، ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا، كقوله تعالى :﴿ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ﴾٤ قال تعالى :﴿ إن هذا لهو البلاء المبين ﴾ أي الاختبار الواضح الجلي حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله تعالى، منقادا لطاعته، ولهذا قال تعالى :﴿ وإبراهيم الذي وفى ﴾٥، وقوله تعالى :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ عن علي رضي الله عنه، قال : بكبش أبيض أعين أقرن... ٦.
﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه فيمن يأتي بعده، يمتد إلى يوم الدين ؛ قال ابن عباس : يذكر بخير. اهـ ﴿ سلام على إبراهيم ﴾ يثنى عليه فيقال : سلام ورحمة من الشكور جل علاه على النبي إبراهيم خليل الله، وعلى آله ومن والاه، ﴿ كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل هذا الجزاء الجميل الجزيل نجزي من أحسن وأخلص دينه لله، وأسلم وجهه، وفوض أمره لمولاه، ﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ إنه ممن صدقوا تصديقا راسخا بكل ما يجب الإيمان به، وعبدوا عبادة خالصة أتموها وأحسنوا أداءها-من الذين أعطوا العبودية حقها حتى استحقوا الإضافة إلى الله تعالى-٧.
﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ وبشرنا إبراهيم بإسحاق وجعلناه نبيا صلح له أمر العاجلة والآجلة، وباركنا وكثرنا الخير، وثنينا النعمة : إذ بشرناه من قبل بغلام حليم ومنحناه إياه، ثم بشرناه بإسحاق وجعلناه نبيا صالحا، وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ؛ - وقد قيل إن الكناية في ﴿ عليه ﴾ تعود على إسماعيل وأنه هو الذبيح، قال المفضل : الصحيح الذي يدل عليه القرآن أنه إسماعيل، وذلك أنه قص قصة الذبيح، فلما قال في آخر القصة :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ ثم قال :﴿ سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ﴾قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين. وباركنا عليه ﴾ أي : على إسماعيل ﴿ وعلى إسحاق ﴾ كني عنه، لأنه قد تقدم ذكره، ثم قال :﴿ ومن ذريتهما ﴾ فدل على أنها ذرية إسماعيل وإسحاق، وليس تختلف الرواة في أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة-٨.
ومما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم : روى مجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه[ إسماعيل ] عليه الصلاة والسلام، وروى ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل عليه السلام، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود ؛ وروى مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل... وقال ابن إسحاق، عن محمد ابن كعب القرضي : أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه وهو خليفة وكان معه بالشام، فقال له عمر : إن هذا الشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا، فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علمائهم، فسأله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن ذلك، قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر : أيّ ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به، فهم، يجحدون ذلك، ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم، والله أعلم أيهما كان، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل، وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله- سألت أبي عن الذبيح، هل هو إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل. [ احتج من قال إنه إسماعيل : بأن الله وصفه بالصبر دون إسحاق في قوله تعالى :﴿ وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ﴾٩وهو صبره على الذبح، ووصفه بصدق الوعد في قوله :﴿.. إنه كان صادق الوعد.. ﴾١٠ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به، ولأن الله تعالى قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا ﴾ فكيف يأمره بذبحه وقد وعده أن يكون نبيا، وأيضا فإن الله تعالى قال :﴿.. فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾١١ فكيف يؤمر بذبح إسحاق قبل إنجاز الوعد في يعقوب ؛ وأيضا ورد في الأخبار تعليق قرن الكبش في الكعبة، فدل على أن الذبيح إسماعيل، ولو كان إسحاق لكان الذبح يقع ببيت المقدس ]١٢.
﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ كأنما هو عطف على محذوف، تقديره : ووهبنا له الغلام طفلا حتى إذا تجاوز الطفولة غدا صبيا ﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ شب وأطاق ما يفعله أبوه، وتعاون معه على العمل وقضاء المطالب ؛ قال له أبوه : يا بني-صغره للملاطفة والتدليل-إني قد رأيت في نومي أني أذبحك، فما رأيك في ذلك ؟ -وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه، وليختبر صبره وجلده، وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى، وطاعة أبيه ﴿ قال يا أبت افعل ما تؤمر ﴾ أي : امض لما أمرك الله من ذبحي، ﴿ ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾ أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله عز وجل، وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد، ولهذا قال الله تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ﴾١–٢نقل عن مجاهد وعكرمة وغيرهما ما حاصله : فلما استسلما وانقادا : إبراهيم امتثل لأمر الله تعالى، وإسماعيل طاعة لله ولأبيه. اهـ قال ابن عباس٣ :﴿ وتله للجبين ﴾ أكبه على وجهه، - وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أي قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح... وقوله تعالى﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾أي : هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد، ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا، كقوله تعالى :﴿ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ﴾٤ قال تعالى :﴿ إن هذا لهو البلاء المبين ﴾ أي الاختبار الواضح الجلي حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله تعالى، منقادا لطاعته، ولهذا قال تعالى :﴿ وإبراهيم الذي وفى ﴾٥، وقوله تعالى :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ عن علي رضي الله عنه، قال : بكبش أبيض أعين أقرن... ٦.
﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه فيمن يأتي بعده، يمتد إلى يوم الدين ؛ قال ابن عباس : يذكر بخير. اهـ ﴿ سلام على إبراهيم ﴾ يثنى عليه فيقال : سلام ورحمة من الشكور جل علاه على النبي إبراهيم خليل الله، وعلى آله ومن والاه، ﴿ كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل هذا الجزاء الجميل الجزيل نجزي من أحسن وأخلص دينه لله، وأسلم وجهه، وفوض أمره لمولاه، ﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ إنه ممن صدقوا تصديقا راسخا بكل ما يجب الإيمان به، وعبدوا عبادة خالصة أتموها وأحسنوا أداءها-من الذين أعطوا العبودية حقها حتى استحقوا الإضافة إلى الله تعالى-٧.
﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ وبشرنا إبراهيم بإسحاق وجعلناه نبيا صلح له أمر العاجلة والآجلة، وباركنا وكثرنا الخير، وثنينا النعمة : إذ بشرناه من قبل بغلام حليم ومنحناه إياه، ثم بشرناه بإسحاق وجعلناه نبيا صالحا، وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ؛ - وقد قيل إن الكناية في ﴿ عليه ﴾ تعود على إسماعيل وأنه هو الذبيح، قال المفضل : الصحيح الذي يدل عليه القرآن أنه إسماعيل، وذلك أنه قص قصة الذبيح، فلما قال في آخر القصة :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ ثم قال :﴿ سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ﴾قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين. وباركنا عليه ﴾ أي : على إسماعيل ﴿ وعلى إسحاق ﴾ كني عنه، لأنه قد تقدم ذكره، ثم قال :﴿ ومن ذريتهما ﴾ فدل على أنها ذرية إسماعيل وإسحاق، وليس تختلف الرواة في أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة-٨.
ومما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم : روى مجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه[ إسماعيل ] عليه الصلاة والسلام، وروى ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل عليه السلام، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود ؛ وروى مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل... وقال ابن إسحاق، عن محمد ابن كعب القرضي : أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه وهو خليفة وكان معه بالشام، فقال له عمر : إن هذا الشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا، فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علمائهم، فسأله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن ذلك، قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر : أيّ ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به، فهم، يجحدون ذلك، ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم، والله أعلم أيهما كان، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل، وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله- سألت أبي عن الذبيح، هل هو إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل. [ احتج من قال إنه إسماعيل : بأن الله وصفه بالصبر دون إسحاق في قوله تعالى :﴿ وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ﴾٩وهو صبره على الذبح، ووصفه بصدق الوعد في قوله :﴿.. إنه كان صادق الوعد.. ﴾١٠ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به، ولأن الله تعالى قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا ﴾ فكيف يأمره بذبحه وقد وعده أن يكون نبيا، وأيضا فإن الله تعالى قال :﴿.. فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾١١ فكيف يؤمر بذبح إسحاق قبل إنجاز الوعد في يعقوب ؛ وأيضا ورد في الأخبار تعليق قرن الكبش في الكعبة، فدل على أن الذبيح إسماعيل، ولو كان إسحاق لكان الذبح يقع ببيت المقدس ]١٢.
﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ كأنما هو عطف على محذوف، تقديره : ووهبنا له الغلام طفلا حتى إذا تجاوز الطفولة غدا صبيا ﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ شب وأطاق ما يفعله أبوه، وتعاون معه على العمل وقضاء المطالب ؛ قال له أبوه : يا بني-صغره للملاطفة والتدليل-إني قد رأيت في نومي أني أذبحك، فما رأيك في ذلك ؟ -وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه، وليختبر صبره وجلده، وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى، وطاعة أبيه ﴿ قال يا أبت افعل ما تؤمر ﴾ أي : امض لما أمرك الله من ذبحي، ﴿ ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾ أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله عز وجل، وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد، ولهذا قال الله تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ﴾١–٢نقل عن مجاهد وعكرمة وغيرهما ما حاصله : فلما استسلما وانقادا : إبراهيم امتثل لأمر الله تعالى، وإسماعيل طاعة لله ولأبيه. اهـ قال ابن عباس٣ :﴿ وتله للجبين ﴾ أكبه على وجهه، - وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أي قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح... وقوله تعالى﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾أي : هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد، ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا، كقوله تعالى :﴿ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ﴾٤ قال تعالى :﴿ إن هذا لهو البلاء المبين ﴾ أي الاختبار الواضح الجلي حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله تعالى، منقادا لطاعته، ولهذا قال تعالى :﴿ وإبراهيم الذي وفى ﴾٥، وقوله تعالى :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ عن علي رضي الله عنه، قال : بكبش أبيض أعين أقرن... ٦.
﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه فيمن يأتي بعده، يمتد إلى يوم الدين ؛ قال ابن عباس : يذكر بخير. اهـ ﴿ سلام على إبراهيم ﴾ يثنى عليه فيقال : سلام ورحمة من الشكور جل علاه على النبي إبراهيم خليل الله، وعلى آله ومن والاه، ﴿ كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل هذا الجزاء الجميل الجزيل نجزي من أحسن وأخلص دينه لله، وأسلم وجهه، وفوض أمره لمولاه، ﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ إنه ممن صدقوا تصديقا راسخا بكل ما يجب الإيمان به، وعبدوا عبادة خالصة أتموها وأحسنوا أداءها-من الذين أعطوا العبودية حقها حتى استحقوا الإضافة إلى الله تعالى-٧.
﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ وبشرنا إبراهيم بإسحاق وجعلناه نبيا صلح له أمر العاجلة والآجلة، وباركنا وكثرنا الخير، وثنينا النعمة : إذ بشرناه من قبل بغلام حليم ومنحناه إياه، ثم بشرناه بإسحاق وجعلناه نبيا صالحا، وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ؛ - وقد قيل إن الكناية في ﴿ عليه ﴾ تعود على إسماعيل وأنه هو الذبيح، قال المفضل : الصحيح الذي يدل عليه القرآن أنه إسماعيل، وذلك أنه قص قصة الذبيح، فلما قال في آخر القصة :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ ثم قال :﴿ سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ﴾قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين. وباركنا عليه ﴾ أي : على إسماعيل ﴿ وعلى إسحاق ﴾ كني عنه، لأنه قد تقدم ذكره، ثم قال :﴿ ومن ذريتهما ﴾ فدل على أنها ذرية إسماعيل وإسحاق، وليس تختلف الرواة في أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة-٨.
ومما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم : روى مجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه[ إسماعيل ] عليه الصلاة والسلام، وروى ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل عليه السلام، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود ؛ وروى مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل... وقال ابن إسحاق، عن محمد ابن كعب القرضي : أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه وهو خليفة وكان معه بالشام، فقال له عمر : إن هذا الشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا، فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علمائهم، فسأله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن ذلك، قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر : أيّ ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به، فهم، يجحدون ذلك، ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم، والله أعلم أيهما كان، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل، وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله- سألت أبي عن الذبيح، هل هو إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل. [ احتج من قال إنه إسماعيل : بأن الله وصفه بالصبر دون إسحاق في قوله تعالى :﴿ وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ﴾٩وهو صبره على الذبح، ووصفه بصدق الوعد في قوله :﴿.. إنه كان صادق الوعد.. ﴾١٠ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به، ولأن الله تعالى قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا ﴾ فكيف يأمره بذبحه وقد وعده أن يكون نبيا، وأيضا فإن الله تعالى قال :﴿.. فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾١١ فكيف يؤمر بذبح إسحاق قبل إنجاز الوعد في يعقوب ؛ وأيضا ورد في الأخبار تعليق قرن الكبش في الكعبة، فدل على أن الذبيح إسماعيل، ولو كان إسحاق لكان الذبح يقع ببيت المقدس ]١٢.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠٢:﴿ بلغ معه السعي ﴾ بلغ الغلام السعي مع أبيه لمعاونته وقضاء مطالبه.
﴿ ماذا ترى ﴾ ما رأيك ؟ وما مشورتك ؟
﴿ فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ما ذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين( ١٠٢ )فلما أسلم وتله للجبين( ١٠٣ )وناديناه أن يا إبراهيم( ١٠٤ )قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين( ١٠٥ )إن هذا لهو البلاء المبين( ١٠٦ )وفديناه بذبح عظيم( ١٠٧ )وتركنا عليه في الآخرين( ١٠٨ )سلام على إبراهيم( ١٠٩ )كذلك نجزي المحسنين( ١١٠ )إنه من عبادنا المؤمنين( ١١١ )وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين( ١١٢ )وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين( ١١٣ ) ﴾.
﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ كأنما هو عطف على محذوف، تقديره : ووهبنا له الغلام طفلا حتى إذا تجاوز الطفولة غدا صبيا ﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ شب وأطاق ما يفعله أبوه، وتعاون معه على العمل وقضاء المطالب ؛ قال له أبوه : يا بني-صغره للملاطفة والتدليل-إني قد رأيت في نومي أني أذبحك، فما رأيك في ذلك ؟ -وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه، وليختبر صبره وجلده، وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى، وطاعة أبيه ﴿ قال يا أبت افعل ما تؤمر ﴾ أي : امض لما أمرك الله من ذبحي، ﴿ ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾ أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله عز وجل، وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد، ولهذا قال الله تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ﴾١–٢نقل عن مجاهد وعكرمة وغيرهما ما حاصله : فلما استسلما وانقادا : إبراهيم امتثل لأمر الله تعالى، وإسماعيل طاعة لله ولأبيه. اهـ قال ابن عباس٣ :﴿ وتله للجبين ﴾ أكبه على وجهه، - وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أي قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح... وقوله تعالى﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾أي : هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد، ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا، كقوله تعالى :﴿ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ﴾٤ قال تعالى :﴿ إن هذا لهو البلاء المبين ﴾ أي الاختبار الواضح الجلي حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله تعالى، منقادا لطاعته، ولهذا قال تعالى :﴿ وإبراهيم الذي وفى ﴾٥، وقوله تعالى :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ عن علي رضي الله عنه، قال : بكبش أبيض أعين أقرن... ٦.
﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه فيمن يأتي بعده، يمتد إلى يوم الدين ؛ قال ابن عباس : يذكر بخير. اهـ ﴿ سلام على إبراهيم ﴾ يثنى عليه فيقال : سلام ورحمة من الشكور جل علاه على النبي إبراهيم خليل الله، وعلى آله ومن والاه، ﴿ كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل هذا الجزاء الجميل الجزيل نجزي من أحسن وأخلص دينه لله، وأسلم وجهه، وفوض أمره لمولاه، ﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ إنه ممن صدقوا تصديقا راسخا بكل ما يجب الإيمان به، وعبدوا عبادة خالصة أتموها وأحسنوا أداءها-من الذين أعطوا العبودية حقها حتى استحقوا الإضافة إلى الله تعالى-٧.
﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ وبشرنا إبراهيم بإسحاق وجعلناه نبيا صلح له أمر العاجلة والآجلة، وباركنا وكثرنا الخير، وثنينا النعمة : إذ بشرناه من قبل بغلام حليم ومنحناه إياه، ثم بشرناه بإسحاق وجعلناه نبيا صالحا، وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ؛ - وقد قيل إن الكناية في ﴿ عليه ﴾ تعود على إسماعيل وأنه هو الذبيح، قال المفضل : الصحيح الذي يدل عليه القرآن أنه إسماعيل، وذلك أنه قص قصة الذبيح، فلما قال في آخر القصة :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ ثم قال :﴿ سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ﴾قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين. وباركنا عليه ﴾ أي : على إسماعيل ﴿ وعلى إسحاق ﴾ كني عنه، لأنه قد تقدم ذكره، ثم قال :﴿ ومن ذريتهما ﴾ فدل على أنها ذرية إسماعيل وإسحاق، وليس تختلف الرواة في أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة-٨.
ومما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم : روى مجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه[ إسماعيل ] عليه الصلاة والسلام، وروى ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل عليه السلام، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود ؛ وروى مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل... وقال ابن إسحاق، عن محمد ابن كعب القرضي : أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه وهو خليفة وكان معه بالشام، فقال له عمر : إن هذا الشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا، فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علمائهم، فسأله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن ذلك، قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر : أيّ ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به، فهم، يجحدون ذلك، ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم، والله أعلم أيهما كان، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل، وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله- سألت أبي عن الذبيح، هل هو إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل. [ احتج من قال إنه إسماعيل : بأن الله وصفه بالصبر دون إسحاق في قوله تعالى :﴿ وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ﴾٩وهو صبره على الذبح، ووصفه بصدق الوعد في قوله :﴿.. إنه كان صادق الوعد.. ﴾١٠ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به، ولأن الله تعالى قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا ﴾ فكيف يأمره بذبحه وقد وعده أن يكون نبيا، وأيضا فإن الله تعالى قال :﴿.. فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾١١ فكيف يؤمر بذبح إسحاق قبل إنجاز الوعد في يعقوب ؛ وأيضا ورد في الأخبار تعليق قرن الكبش في الكعبة، فدل على أن الذبيح إسماعيل، ولو كان إسحاق لكان الذبح يقع ببيت المقدس ]١٢.
﴿ فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ما ذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين( ١٠٢ )فلما أسلم وتله للجبين( ١٠٣ )وناديناه أن يا إبراهيم( ١٠٤ )قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين( ١٠٥ )إن هذا لهو البلاء المبين( ١٠٦ )وفديناه بذبح عظيم( ١٠٧ )وتركنا عليه في الآخرين( ١٠٨ )سلام على إبراهيم( ١٠٩ )كذلك نجزي المحسنين( ١١٠ )إنه من عبادنا المؤمنين( ١١١ )وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين( ١١٢ )وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين( ١١٣ ) ﴾.
﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ كأنما هو عطف على محذوف، تقديره : ووهبنا له الغلام طفلا حتى إذا تجاوز الطفولة غدا صبيا ﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ شب وأطاق ما يفعله أبوه، وتعاون معه على العمل وقضاء المطالب ؛ قال له أبوه : يا بني-صغره للملاطفة والتدليل-إني قد رأيت في نومي أني أذبحك، فما رأيك في ذلك ؟ -وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه، وليختبر صبره وجلده، وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى، وطاعة أبيه ﴿ قال يا أبت افعل ما تؤمر ﴾ أي : امض لما أمرك الله من ذبحي، ﴿ ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾ أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله عز وجل، وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد، ولهذا قال الله تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ﴾١–٢نقل عن مجاهد وعكرمة وغيرهما ما حاصله : فلما استسلما وانقادا : إبراهيم امتثل لأمر الله تعالى، وإسماعيل طاعة لله ولأبيه. اهـ قال ابن عباس٣ :﴿ وتله للجبين ﴾ أكبه على وجهه، - وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أي قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح... وقوله تعالى﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾أي : هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد، ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا، كقوله تعالى :﴿ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ﴾٤ قال تعالى :﴿ إن هذا لهو البلاء المبين ﴾ أي الاختبار الواضح الجلي حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله تعالى، منقادا لطاعته، ولهذا قال تعالى :﴿ وإبراهيم الذي وفى ﴾٥، وقوله تعالى :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ عن علي رضي الله عنه، قال : بكبش أبيض أعين أقرن... ٦.
﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه فيمن يأتي بعده، يمتد إلى يوم الدين ؛ قال ابن عباس : يذكر بخير. اهـ ﴿ سلام على إبراهيم ﴾ يثنى عليه فيقال : سلام ورحمة من الشكور جل علاه على النبي إبراهيم خليل الله، وعلى آله ومن والاه، ﴿ كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل هذا الجزاء الجميل الجزيل نجزي من أحسن وأخلص دينه لله، وأسلم وجهه، وفوض أمره لمولاه، ﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ إنه ممن صدقوا تصديقا راسخا بكل ما يجب الإيمان به، وعبدوا عبادة خالصة أتموها وأحسنوا أداءها-من الذين أعطوا العبودية حقها حتى استحقوا الإضافة إلى الله تعالى-٧.
﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ وبشرنا إبراهيم بإسحاق وجعلناه نبيا صلح له أمر العاجلة والآجلة، وباركنا وكثرنا الخير، وثنينا النعمة : إذ بشرناه من قبل بغلام حليم ومنحناه إياه، ثم بشرناه بإسحاق وجعلناه نبيا صالحا، وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ؛ - وقد قيل إن الكناية في ﴿ عليه ﴾ تعود على إسماعيل وأنه هو الذبيح، قال المفضل : الصحيح الذي يدل عليه القرآن أنه إسماعيل، وذلك أنه قص قصة الذبيح، فلما قال في آخر القصة :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ ثم قال :﴿ سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ﴾قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين. وباركنا عليه ﴾ أي : على إسماعيل ﴿ وعلى إسحاق ﴾ كني عنه، لأنه قد تقدم ذكره، ثم قال :﴿ ومن ذريتهما ﴾ فدل على أنها ذرية إسماعيل وإسحاق، وليس تختلف الرواة في أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة-٨.
ومما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم : روى مجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه[ إسماعيل ] عليه الصلاة والسلام، وروى ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل عليه السلام، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود ؛ وروى مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل... وقال ابن إسحاق، عن محمد ابن كعب القرضي : أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه وهو خليفة وكان معه بالشام، فقال له عمر : إن هذا الشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا، فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علمائهم، فسأله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن ذلك، قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر : أيّ ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به، فهم، يجحدون ذلك، ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم، والله أعلم أيهما كان، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل، وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله- سألت أبي عن الذبيح، هل هو إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل. [ احتج من قال إنه إسماعيل : بأن الله وصفه بالصبر دون إسحاق في قوله تعالى :﴿ وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ﴾٩وهو صبره على الذبح، ووصفه بصدق الوعد في قوله :﴿.. إنه كان صادق الوعد.. ﴾١٠ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به، ولأن الله تعالى قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا ﴾ فكيف يأمره بذبحه وقد وعده أن يكون نبيا، وأيضا فإن الله تعالى قال :﴿.. فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾١١ فكيف يؤمر بذبح إسحاق قبل إنجاز الوعد في يعقوب ؛ وأيضا ورد في الأخبار تعليق قرن الكبش في الكعبة، فدل على أن الذبيح إسماعيل، ولو كان إسحاق لكان الذبح يقع ببيت المقدس ]١٢.
﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ كأنما هو عطف على محذوف، تقديره : ووهبنا له الغلام طفلا حتى إذا تجاوز الطفولة غدا صبيا ﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ شب وأطاق ما يفعله أبوه، وتعاون معه على العمل وقضاء المطالب ؛ قال له أبوه : يا بني-صغره للملاطفة والتدليل-إني قد رأيت في نومي أني أذبحك، فما رأيك في ذلك ؟ -وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه، وليختبر صبره وجلده، وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى، وطاعة أبيه ﴿ قال يا أبت افعل ما تؤمر ﴾ أي : امض لما أمرك الله من ذبحي، ﴿ ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾ أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله عز وجل، وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد، ولهذا قال الله تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ﴾١–٢نقل عن مجاهد وعكرمة وغيرهما ما حاصله : فلما استسلما وانقادا : إبراهيم امتثل لأمر الله تعالى، وإسماعيل طاعة لله ولأبيه. اهـ قال ابن عباس٣ :﴿ وتله للجبين ﴾ أكبه على وجهه، - وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أي قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح... وقوله تعالى﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾أي : هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد، ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا، كقوله تعالى :﴿ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ﴾٤ قال تعالى :﴿ إن هذا لهو البلاء المبين ﴾ أي الاختبار الواضح الجلي حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله تعالى، منقادا لطاعته، ولهذا قال تعالى :﴿ وإبراهيم الذي وفى ﴾٥، وقوله تعالى :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ عن علي رضي الله عنه، قال : بكبش أبيض أعين أقرن... ٦.
﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه فيمن يأتي بعده، يمتد إلى يوم الدين ؛ قال ابن عباس : يذكر بخير. اهـ ﴿ سلام على إبراهيم ﴾ يثنى عليه فيقال : سلام ورحمة من الشكور جل علاه على النبي إبراهيم خليل الله، وعلى آله ومن والاه، ﴿ كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل هذا الجزاء الجميل الجزيل نجزي من أحسن وأخلص دينه لله، وأسلم وجهه، وفوض أمره لمولاه، ﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ إنه ممن صدقوا تصديقا راسخا بكل ما يجب الإيمان به، وعبدوا عبادة خالصة أتموها وأحسنوا أداءها-من الذين أعطوا العبودية حقها حتى استحقوا الإضافة إلى الله تعالى-٧.
﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ وبشرنا إبراهيم بإسحاق وجعلناه نبيا صلح له أمر العاجلة والآجلة، وباركنا وكثرنا الخير، وثنينا النعمة : إذ بشرناه من قبل بغلام حليم ومنحناه إياه، ثم بشرناه بإسحاق وجعلناه نبيا صالحا، وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ؛ - وقد قيل إن الكناية في ﴿ عليه ﴾ تعود على إسماعيل وأنه هو الذبيح، قال المفضل : الصحيح الذي يدل عليه القرآن أنه إسماعيل، وذلك أنه قص قصة الذبيح، فلما قال في آخر القصة :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ ثم قال :﴿ سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ﴾قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين. وباركنا عليه ﴾ أي : على إسماعيل ﴿ وعلى إسحاق ﴾ كني عنه، لأنه قد تقدم ذكره، ثم قال :﴿ ومن ذريتهما ﴾ فدل على أنها ذرية إسماعيل وإسحاق، وليس تختلف الرواة في أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة-٨.
ومما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم : روى مجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه[ إسماعيل ] عليه الصلاة والسلام، وروى ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل عليه السلام، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود ؛ وروى مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل... وقال ابن إسحاق، عن محمد ابن كعب القرضي : أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه وهو خليفة وكان معه بالشام، فقال له عمر : إن هذا الشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا، فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علمائهم، فسأله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن ذلك، قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر : أيّ ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به، فهم، يجحدون ذلك، ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم، والله أعلم أيهما كان، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل، وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله- سألت أبي عن الذبيح، هل هو إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل. [ احتج من قال إنه إسماعيل : بأن الله وصفه بالصبر دون إسحاق في قوله تعالى :﴿ وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ﴾٩وهو صبره على الذبح، ووصفه بصدق الوعد في قوله :﴿.. إنه كان صادق الوعد.. ﴾١٠ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به، ولأن الله تعالى قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا ﴾ فكيف يأمره بذبحه وقد وعده أن يكون نبيا، وأيضا فإن الله تعالى قال :﴿.. فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾١١ فكيف يؤمر بذبح إسحاق قبل إنجاز الوعد في يعقوب ؛ وأيضا ورد في الأخبار تعليق قرن الكبش في الكعبة، فدل على أن الذبيح إسماعيل، ولو كان إسحاق لكان الذبح يقع ببيت المقدس ]١٢.
﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ كأنما هو عطف على محذوف، تقديره : ووهبنا له الغلام طفلا حتى إذا تجاوز الطفولة غدا صبيا ﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ شب وأطاق ما يفعله أبوه، وتعاون معه على العمل وقضاء المطالب ؛ قال له أبوه : يا بني-صغره للملاطفة والتدليل-إني قد رأيت في نومي أني أذبحك، فما رأيك في ذلك ؟ -وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه، وليختبر صبره وجلده، وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى، وطاعة أبيه ﴿ قال يا أبت افعل ما تؤمر ﴾ أي : امض لما أمرك الله من ذبحي، ﴿ ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾ أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله عز وجل، وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد، ولهذا قال الله تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ﴾١–٢نقل عن مجاهد وعكرمة وغيرهما ما حاصله : فلما استسلما وانقادا : إبراهيم امتثل لأمر الله تعالى، وإسماعيل طاعة لله ولأبيه. اهـ قال ابن عباس٣ :﴿ وتله للجبين ﴾ أكبه على وجهه، - وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أي قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح... وقوله تعالى﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾أي : هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد، ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا، كقوله تعالى :﴿ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ﴾٤ قال تعالى :﴿ إن هذا لهو البلاء المبين ﴾ أي الاختبار الواضح الجلي حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله تعالى، منقادا لطاعته، ولهذا قال تعالى :﴿ وإبراهيم الذي وفى ﴾٥، وقوله تعالى :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ عن علي رضي الله عنه، قال : بكبش أبيض أعين أقرن... ٦.
﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه فيمن يأتي بعده، يمتد إلى يوم الدين ؛ قال ابن عباس : يذكر بخير. اهـ ﴿ سلام على إبراهيم ﴾ يثنى عليه فيقال : سلام ورحمة من الشكور جل علاه على النبي إبراهيم خليل الله، وعلى آله ومن والاه، ﴿ كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل هذا الجزاء الجميل الجزيل نجزي من أحسن وأخلص دينه لله، وأسلم وجهه، وفوض أمره لمولاه، ﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ إنه ممن صدقوا تصديقا راسخا بكل ما يجب الإيمان به، وعبدوا عبادة خالصة أتموها وأحسنوا أداءها-من الذين أعطوا العبودية حقها حتى استحقوا الإضافة إلى الله تعالى-٧.
﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ وبشرنا إبراهيم بإسحاق وجعلناه نبيا صلح له أمر العاجلة والآجلة، وباركنا وكثرنا الخير، وثنينا النعمة : إذ بشرناه من قبل بغلام حليم ومنحناه إياه، ثم بشرناه بإسحاق وجعلناه نبيا صالحا، وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ؛ - وقد قيل إن الكناية في ﴿ عليه ﴾ تعود على إسماعيل وأنه هو الذبيح، قال المفضل : الصحيح الذي يدل عليه القرآن أنه إسماعيل، وذلك أنه قص قصة الذبيح، فلما قال في آخر القصة :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ ثم قال :﴿ سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ﴾قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين. وباركنا عليه ﴾ أي : على إسماعيل ﴿ وعلى إسحاق ﴾ كني عنه، لأنه قد تقدم ذكره، ثم قال :﴿ ومن ذريتهما ﴾ فدل على أنها ذرية إسماعيل وإسحاق، وليس تختلف الرواة في أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة-٨.
ومما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم : روى مجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه[ إسماعيل ] عليه الصلاة والسلام، وروى ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل عليه السلام، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود ؛ وروى مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل... وقال ابن إسحاق، عن محمد ابن كعب القرضي : أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه وهو خليفة وكان معه بالشام، فقال له عمر : إن هذا الشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا، فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علمائهم، فسأله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن ذلك، قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر : أيّ ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به، فهم، يجحدون ذلك، ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم، والله أعلم أيهما كان، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل، وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله- سألت أبي عن الذبيح، هل هو إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل. [ احتج من قال إنه إسماعيل : بأن الله وصفه بالصبر دون إسحاق في قوله تعالى :﴿ وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ﴾٩وهو صبره على الذبح، ووصفه بصدق الوعد في قوله :﴿.. إنه كان صادق الوعد.. ﴾١٠ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به، ولأن الله تعالى قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا ﴾ فكيف يأمره بذبحه وقد وعده أن يكون نبيا، وأيضا فإن الله تعالى قال :﴿.. فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾١١ فكيف يؤمر بذبح إسحاق قبل إنجاز الوعد في يعقوب ؛ وأيضا ورد في الأخبار تعليق قرن الكبش في الكعبة، فدل على أن الذبيح إسماعيل، ولو كان إسحاق لكان الذبح يقع ببيت المقدس ]١٢.
﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ كأنما هو عطف على محذوف، تقديره : ووهبنا له الغلام طفلا حتى إذا تجاوز الطفولة غدا صبيا ﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ شب وأطاق ما يفعله أبوه، وتعاون معه على العمل وقضاء المطالب ؛ قال له أبوه : يا بني-صغره للملاطفة والتدليل-إني قد رأيت في نومي أني أذبحك، فما رأيك في ذلك ؟ -وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه، وليختبر صبره وجلده، وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى، وطاعة أبيه ﴿ قال يا أبت افعل ما تؤمر ﴾ أي : امض لما أمرك الله من ذبحي، ﴿ ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾ أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله عز وجل، وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد، ولهذا قال الله تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ﴾١–٢نقل عن مجاهد وعكرمة وغيرهما ما حاصله : فلما استسلما وانقادا : إبراهيم امتثل لأمر الله تعالى، وإسماعيل طاعة لله ولأبيه. اهـ قال ابن عباس٣ :﴿ وتله للجبين ﴾ أكبه على وجهه، - وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أي قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح... وقوله تعالى﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾أي : هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد، ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا، كقوله تعالى :﴿ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ﴾٤ قال تعالى :﴿ إن هذا لهو البلاء المبين ﴾ أي الاختبار الواضح الجلي حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله تعالى، منقادا لطاعته، ولهذا قال تعالى :﴿ وإبراهيم الذي وفى ﴾٥، وقوله تعالى :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ عن علي رضي الله عنه، قال : بكبش أبيض أعين أقرن... ٦.
﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه فيمن يأتي بعده، يمتد إلى يوم الدين ؛ قال ابن عباس : يذكر بخير. اهـ ﴿ سلام على إبراهيم ﴾ يثنى عليه فيقال : سلام ورحمة من الشكور جل علاه على النبي إبراهيم خليل الله، وعلى آله ومن والاه، ﴿ كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل هذا الجزاء الجميل الجزيل نجزي من أحسن وأخلص دينه لله، وأسلم وجهه، وفوض أمره لمولاه، ﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ إنه ممن صدقوا تصديقا راسخا بكل ما يجب الإيمان به، وعبدوا عبادة خالصة أتموها وأحسنوا أداءها-من الذين أعطوا العبودية حقها حتى استحقوا الإضافة إلى الله تعالى-٧.
﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ وبشرنا إبراهيم بإسحاق وجعلناه نبيا صلح له أمر العاجلة والآجلة، وباركنا وكثرنا الخير، وثنينا النعمة : إذ بشرناه من قبل بغلام حليم ومنحناه إياه، ثم بشرناه بإسحاق وجعلناه نبيا صالحا، وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ؛ - وقد قيل إن الكناية في ﴿ عليه ﴾ تعود على إسماعيل وأنه هو الذبيح، قال المفضل : الصحيح الذي يدل عليه القرآن أنه إسماعيل، وذلك أنه قص قصة الذبيح، فلما قال في آخر القصة :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ ثم قال :﴿ سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ﴾قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين. وباركنا عليه ﴾ أي : على إسماعيل ﴿ وعلى إسحاق ﴾ كني عنه، لأنه قد تقدم ذكره، ثم قال :﴿ ومن ذريتهما ﴾ فدل على أنها ذرية إسماعيل وإسحاق، وليس تختلف الرواة في أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة-٨.
ومما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم : روى مجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه[ إسماعيل ] عليه الصلاة والسلام، وروى ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل عليه السلام، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود ؛ وروى مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل... وقال ابن إسحاق، عن محمد ابن كعب القرضي : أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه وهو خليفة وكان معه بالشام، فقال له عمر : إن هذا الشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا، فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علمائهم، فسأله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن ذلك، قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر : أيّ ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به، فهم، يجحدون ذلك، ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم، والله أعلم أيهما كان، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل، وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله- سألت أبي عن الذبيح، هل هو إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل. [ احتج من قال إنه إسماعيل : بأن الله وصفه بالصبر دون إسحاق في قوله تعالى :﴿ وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ﴾٩وهو صبره على الذبح، ووصفه بصدق الوعد في قوله :﴿.. إنه كان صادق الوعد.. ﴾١٠ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به، ولأن الله تعالى قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا ﴾ فكيف يأمره بذبحه وقد وعده أن يكون نبيا، وأيضا فإن الله تعالى قال :﴿.. فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾١١ فكيف يؤمر بذبح إسحاق قبل إنجاز الوعد في يعقوب ؛ وأيضا ورد في الأخبار تعليق قرن الكبش في الكعبة، فدل على أن الذبيح إسماعيل، ولو كان إسحاق لكان الذبح يقع ببيت المقدس ]١٢.
﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ كأنما هو عطف على محذوف، تقديره : ووهبنا له الغلام طفلا حتى إذا تجاوز الطفولة غدا صبيا ﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ شب وأطاق ما يفعله أبوه، وتعاون معه على العمل وقضاء المطالب ؛ قال له أبوه : يا بني-صغره للملاطفة والتدليل-إني قد رأيت في نومي أني أذبحك، فما رأيك في ذلك ؟ -وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه، وليختبر صبره وجلده، وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى، وطاعة أبيه ﴿ قال يا أبت افعل ما تؤمر ﴾ أي : امض لما أمرك الله من ذبحي، ﴿ ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾ أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله عز وجل، وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد، ولهذا قال الله تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ﴾١–٢نقل عن مجاهد وعكرمة وغيرهما ما حاصله : فلما استسلما وانقادا : إبراهيم امتثل لأمر الله تعالى، وإسماعيل طاعة لله ولأبيه. اهـ قال ابن عباس٣ :﴿ وتله للجبين ﴾ أكبه على وجهه، - وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أي قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح... وقوله تعالى﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾أي : هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد، ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا، كقوله تعالى :﴿ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ﴾٤ قال تعالى :﴿ إن هذا لهو البلاء المبين ﴾ أي الاختبار الواضح الجلي حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله تعالى، منقادا لطاعته، ولهذا قال تعالى :﴿ وإبراهيم الذي وفى ﴾٥، وقوله تعالى :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ عن علي رضي الله عنه، قال : بكبش أبيض أعين أقرن... ٦.
﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه فيمن يأتي بعده، يمتد إلى يوم الدين ؛ قال ابن عباس : يذكر بخير. اهـ ﴿ سلام على إبراهيم ﴾ يثنى عليه فيقال : سلام ورحمة من الشكور جل علاه على النبي إبراهيم خليل الله، وعلى آله ومن والاه، ﴿ كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل هذا الجزاء الجميل الجزيل نجزي من أحسن وأخلص دينه لله، وأسلم وجهه، وفوض أمره لمولاه، ﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ إنه ممن صدقوا تصديقا راسخا بكل ما يجب الإيمان به، وعبدوا عبادة خالصة أتموها وأحسنوا أداءها-من الذين أعطوا العبودية حقها حتى استحقوا الإضافة إلى الله تعالى-٧.
﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ وبشرنا إبراهيم بإسحاق وجعلناه نبيا صلح له أمر العاجلة والآجلة، وباركنا وكثرنا الخير، وثنينا النعمة : إذ بشرناه من قبل بغلام حليم ومنحناه إياه، ثم بشرناه بإسحاق وجعلناه نبيا صالحا، وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ؛ - وقد قيل إن الكناية في ﴿ عليه ﴾ تعود على إسماعيل وأنه هو الذبيح، قال المفضل : الصحيح الذي يدل عليه القرآن أنه إسماعيل، وذلك أنه قص قصة الذبيح، فلما قال في آخر القصة :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ ثم قال :﴿ سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ﴾قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين. وباركنا عليه ﴾ أي : على إسماعيل ﴿ وعلى إسحاق ﴾ كني عنه، لأنه قد تقدم ذكره، ثم قال :﴿ ومن ذريتهما ﴾ فدل على أنها ذرية إسماعيل وإسحاق، وليس تختلف الرواة في أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة-٨.
ومما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم : روى مجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه[ إسماعيل ] عليه الصلاة والسلام، وروى ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل عليه السلام، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود ؛ وروى مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل... وقال ابن إسحاق، عن محمد ابن كعب القرضي : أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه وهو خليفة وكان معه بالشام، فقال له عمر : إن هذا الشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا، فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علمائهم، فسأله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن ذلك، قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر : أيّ ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به، فهم، يجحدون ذلك، ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم، والله أعلم أيهما كان، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل، وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله- سألت أبي عن الذبيح، هل هو إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل. [ احتج من قال إنه إسماعيل : بأن الله وصفه بالصبر دون إسحاق في قوله تعالى :﴿ وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ﴾٩وهو صبره على الذبح، ووصفه بصدق الوعد في قوله :﴿.. إنه كان صادق الوعد.. ﴾١٠ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به، ولأن الله تعالى قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا ﴾ فكيف يأمره بذبحه وقد وعده أن يكون نبيا، وأيضا فإن الله تعالى قال :﴿.. فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾١١ فكيف يؤمر بذبح إسحاق قبل إنجاز الوعد في يعقوب ؛ وأيضا ورد في الأخبار تعليق قرن الكبش في الكعبة، فدل على أن الذبيح إسماعيل، ولو كان إسحاق لكان الذبح يقع ببيت المقدس ]١٢.
﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ كأنما هو عطف على محذوف، تقديره : ووهبنا له الغلام طفلا حتى إذا تجاوز الطفولة غدا صبيا ﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ شب وأطاق ما يفعله أبوه، وتعاون معه على العمل وقضاء المطالب ؛ قال له أبوه : يا بني-صغره للملاطفة والتدليل-إني قد رأيت في نومي أني أذبحك، فما رأيك في ذلك ؟ -وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه، وليختبر صبره وجلده، وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى، وطاعة أبيه ﴿ قال يا أبت افعل ما تؤمر ﴾ أي : امض لما أمرك الله من ذبحي، ﴿ ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾ أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله عز وجل، وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد، ولهذا قال الله تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ﴾١–٢نقل عن مجاهد وعكرمة وغيرهما ما حاصله : فلما استسلما وانقادا : إبراهيم امتثل لأمر الله تعالى، وإسماعيل طاعة لله ولأبيه. اهـ قال ابن عباس٣ :﴿ وتله للجبين ﴾ أكبه على وجهه، - وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أي قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح... وقوله تعالى﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾أي : هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد، ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا، كقوله تعالى :﴿ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ﴾٤ قال تعالى :﴿ إن هذا لهو البلاء المبين ﴾ أي الاختبار الواضح الجلي حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله تعالى، منقادا لطاعته، ولهذا قال تعالى :﴿ وإبراهيم الذي وفى ﴾٥، وقوله تعالى :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ عن علي رضي الله عنه، قال : بكبش أبيض أعين أقرن... ٦.
﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه فيمن يأتي بعده، يمتد إلى يوم الدين ؛ قال ابن عباس : يذكر بخير. اهـ ﴿ سلام على إبراهيم ﴾ يثنى عليه فيقال : سلام ورحمة من الشكور جل علاه على النبي إبراهيم خليل الله، وعلى آله ومن والاه، ﴿ كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل هذا الجزاء الجميل الجزيل نجزي من أحسن وأخلص دينه لله، وأسلم وجهه، وفوض أمره لمولاه، ﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ إنه ممن صدقوا تصديقا راسخا بكل ما يجب الإيمان به، وعبدوا عبادة خالصة أتموها وأحسنوا أداءها-من الذين أعطوا العبودية حقها حتى استحقوا الإضافة إلى الله تعالى-٧.
﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ وبشرنا إبراهيم بإسحاق وجعلناه نبيا صلح له أمر العاجلة والآجلة، وباركنا وكثرنا الخير، وثنينا النعمة : إذ بشرناه من قبل بغلام حليم ومنحناه إياه، ثم بشرناه بإسحاق وجعلناه نبيا صالحا، وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ؛ - وقد قيل إن الكناية في ﴿ عليه ﴾ تعود على إسماعيل وأنه هو الذبيح، قال المفضل : الصحيح الذي يدل عليه القرآن أنه إسماعيل، وذلك أنه قص قصة الذبيح، فلما قال في آخر القصة :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ ثم قال :﴿ سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ﴾قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين. وباركنا عليه ﴾ أي : على إسماعيل ﴿ وعلى إسحاق ﴾ كني عنه، لأنه قد تقدم ذكره، ثم قال :﴿ ومن ذريتهما ﴾ فدل على أنها ذرية إسماعيل وإسحاق، وليس تختلف الرواة في أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة-٨.
ومما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم : روى مجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه[ إسماعيل ] عليه الصلاة والسلام، وروى ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل عليه السلام، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود ؛ وروى مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل... وقال ابن إسحاق، عن محمد ابن كعب القرضي : أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه وهو خليفة وكان معه بالشام، فقال له عمر : إن هذا الشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا، فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علمائهم، فسأله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن ذلك، قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر : أيّ ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به، فهم، يجحدون ذلك، ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم، والله أعلم أيهما كان، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل، وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله- سألت أبي عن الذبيح، هل هو إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل. [ احتج من قال إنه إسماعيل : بأن الله وصفه بالصبر دون إسحاق في قوله تعالى :﴿ وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ﴾٩وهو صبره على الذبح، ووصفه بصدق الوعد في قوله :﴿.. إنه كان صادق الوعد.. ﴾١٠ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به، ولأن الله تعالى قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا ﴾ فكيف يأمره بذبحه وقد وعده أن يكون نبيا، وأيضا فإن الله تعالى قال :﴿.. فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾١١ فكيف يؤمر بذبح إسحاق قبل إنجاز الوعد في يعقوب ؛ وأيضا ورد في الأخبار تعليق قرن الكبش في الكعبة، فدل على أن الذبيح إسماعيل، ولو كان إسحاق لكان الذبح يقع ببيت المقدس ]١٢.
﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ كأنما هو عطف على محذوف، تقديره : ووهبنا له الغلام طفلا حتى إذا تجاوز الطفولة غدا صبيا ﴿ فلما بلغ معه السعي ﴾ شب وأطاق ما يفعله أبوه، وتعاون معه على العمل وقضاء المطالب ؛ قال له أبوه : يا بني-صغره للملاطفة والتدليل-إني قد رأيت في نومي أني أذبحك، فما رأيك في ذلك ؟ -وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه، وليختبر صبره وجلده، وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى، وطاعة أبيه ﴿ قال يا أبت افعل ما تؤمر ﴾ أي : امض لما أمرك الله من ذبحي، ﴿ ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾ أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله عز وجل، وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد، ولهذا قال الله تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ﴾١–٢نقل عن مجاهد وعكرمة وغيرهما ما حاصله : فلما استسلما وانقادا : إبراهيم امتثل لأمر الله تعالى، وإسماعيل طاعة لله ولأبيه. اهـ قال ابن عباس٣ :﴿ وتله للجبين ﴾ أكبه على وجهه، - وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أي قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح... وقوله تعالى﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾أي : هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد، ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا، كقوله تعالى :﴿ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ﴾٤ قال تعالى :﴿ إن هذا لهو البلاء المبين ﴾ أي الاختبار الواضح الجلي حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله تعالى، منقادا لطاعته، ولهذا قال تعالى :﴿ وإبراهيم الذي وفى ﴾٥، وقوله تعالى :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ عن علي رضي الله عنه، قال : بكبش أبيض أعين أقرن... ٦.
﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾ أبقينا ثناء عليه فيمن يأتي بعده، يمتد إلى يوم الدين ؛ قال ابن عباس : يذكر بخير. اهـ ﴿ سلام على إبراهيم ﴾ يثنى عليه فيقال : سلام ورحمة من الشكور جل علاه على النبي إبراهيم خليل الله، وعلى آله ومن والاه، ﴿ كذلك نجزي المحسنين ﴾ مثل هذا الجزاء الجميل الجزيل نجزي من أحسن وأخلص دينه لله، وأسلم وجهه، وفوض أمره لمولاه، ﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ إنه ممن صدقوا تصديقا راسخا بكل ما يجب الإيمان به، وعبدوا عبادة خالصة أتموها وأحسنوا أداءها-من الذين أعطوا العبودية حقها حتى استحقوا الإضافة إلى الله تعالى-٧.
﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ وبشرنا إبراهيم بإسحاق وجعلناه نبيا صلح له أمر العاجلة والآجلة، وباركنا وكثرنا الخير، وثنينا النعمة : إذ بشرناه من قبل بغلام حليم ومنحناه إياه، ثم بشرناه بإسحاق وجعلناه نبيا صالحا، وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ؛ - وقد قيل إن الكناية في ﴿ عليه ﴾ تعود على إسماعيل وأنه هو الذبيح، قال المفضل : الصحيح الذي يدل عليه القرآن أنه إسماعيل، وذلك أنه قص قصة الذبيح، فلما قال في آخر القصة :﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ ثم قال :﴿ سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ﴾قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين. وباركنا عليه ﴾ أي : على إسماعيل ﴿ وعلى إسحاق ﴾ كني عنه، لأنه قد تقدم ذكره، ثم قال :﴿ ومن ذريتهما ﴾ فدل على أنها ذرية إسماعيل وإسحاق، وليس تختلف الرواة في أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة-٨.
ومما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم : روى مجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه[ إسماعيل ] عليه الصلاة والسلام، وروى ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل عليه السلام، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود ؛ وروى مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل... وقال ابن إسحاق، عن محمد ابن كعب القرضي : أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه وهو خليفة وكان معه بالشام، فقال له عمر : إن هذا الشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا، فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علمائهم، فسأله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن ذلك، قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر : أيّ ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به، فهم، يجحدون ذلك، ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم، والله أعلم أيهما كان، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل، وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله- سألت أبي عن الذبيح، هل هو إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل. [ احتج من قال إنه إسماعيل : بأن الله وصفه بالصبر دون إسحاق في قوله تعالى :﴿ وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ﴾٩وهو صبره على الذبح، ووصفه بصدق الوعد في قوله :﴿.. إنه كان صادق الوعد.. ﴾١٠ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به، ولأن الله تعالى قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا ﴾ فكيف يأمره بذبحه وقد وعده أن يكون نبيا، وأيضا فإن الله تعالى قال :﴿.. فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾١١ فكيف يؤمر بذبح إسحاق قبل إنجاز الوعد في يعقوب ؛ وأيضا ورد في الأخبار تعليق قرن الكبش في الكعبة، فدل على أن الذبيح إسماعيل، ولو كان إسحاق لكان الذبح يقع ببيت المقدس ]١٢.
﴿ ولقد مننا على موسى وهارون( ١١٤ )ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم( ١١٥ )ونصرناهم فكانوا هم الغالبين( ١١٦ )وآتيناهما الكتاب المستبين( ١١٧ )وهديناهما الصراط المستقيم( ١١٨ )وتركنا عليهما في الآخرين( ١١٩ )سلام على موسى وهارون( ١٢٠ )إنا كذلك نجزي المحسنين( ١٢١ )إنهما من عبادنا المؤمنين( ١٢٢ ) ﴾.
تتابع ذكر الذين أنعم الله عليهم من النبيين، نوح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق صلوات الله وسلامه عليهم، ثم موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام، ﴿ ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ﴾ كانت بعثتهما بالدعوة إلى التوحيد، والعمل على تحرير المستضعفين الإسرائيليين الذين استبد بهم فرعون، ﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم. أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين. وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين ﴾١، وبهذا أمرهما مولانا سبحانه في قوله :﴿ فآتيا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل ﴾٢﴿ فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى ﴾٣.
﴿ ونصرناهم فكانوا هم الغالبين ﴾ بعد أن استحيا فرعون نساءهم، وذبح أبناءهم، أراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقه الله تعالى وأغرق من معه جميعا، وأنجى موسى والذين معه برحمة منه عز وجل، ﴿.. وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا.. ﴾٤.
﴿ وآتيناهما الكتاب المستبين ﴾ وأعطينا موسى وهارون الكتاب المبين الموضح للشرائع والأحكام، وهو التوراة، وأنزلنا عليهما وحينا بصائر للناس وهدى ورحمة وتفصيلا لكل ما هم بحاجة إليه من الحلال والحرام.
﴿ وهديناهما الصراط المستقيم ﴾ ووفقناهما للطريق القويم، طريق الحق والعدل، وسبيل السعادة والفوز، الموصلة إلى الحياة الطيبة في العاجل والآجل والنعيم في جنة الخلد.
﴿ وتركنا عليهما في الآخرين ﴾ وأبقينا لهما ثناء عليهما وذكرا بالخير يبقى على ألسن من يأتي بعدهما، ويسلم عليهما سائر المؤمنين، أو بشرى من ربنا الكريم أنه سلمهما من أن يذكرا بسوء، أو يحل بهم خزي أو عذاب، واستيقنوا أن مثل هذا الجزاء نجزي من آمن واتقى وأحسن، فننصره في أولاه وأخراه، مصداقا لوعد الله :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾٥﴿ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ﴾٦.
﴿ إنهما من عبادنا المؤمنين ﴾ شهد الله تعالى أنهما أتما عبادتهما وأخلصا دينهما، ورسخ يقينهما بكل ما يجب الإيمان به.
﴿ ولقد مننا على موسى وهارون( ١١٤ )ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم( ١١٥ )ونصرناهم فكانوا هم الغالبين( ١١٦ )وآتيناهما الكتاب المستبين( ١١٧ )وهديناهما الصراط المستقيم( ١١٨ )وتركنا عليهما في الآخرين( ١١٩ )سلام على موسى وهارون( ١٢٠ )إنا كذلك نجزي المحسنين( ١٢١ )إنهما من عبادنا المؤمنين( ١٢٢ ) ﴾.
تتابع ذكر الذين أنعم الله عليهم من النبيين، نوح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق صلوات الله وسلامه عليهم، ثم موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام، ﴿ ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ﴾ كانت بعثتهما بالدعوة إلى التوحيد، والعمل على تحرير المستضعفين الإسرائيليين الذين استبد بهم فرعون، ﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم. أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين. وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين ﴾١، وبهذا أمرهما مولانا سبحانه في قوله :﴿ فآتيا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل ﴾٢﴿ فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى ﴾٣.
﴿ ونصرناهم فكانوا هم الغالبين ﴾ بعد أن استحيا فرعون نساءهم، وذبح أبناءهم، أراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقه الله تعالى وأغرق من معه جميعا، وأنجى موسى والذين معه برحمة منه عز وجل، ﴿.. وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا.. ﴾٤.
﴿ وآتيناهما الكتاب المستبين ﴾ وأعطينا موسى وهارون الكتاب المبين الموضح للشرائع والأحكام، وهو التوراة، وأنزلنا عليهما وحينا بصائر للناس وهدى ورحمة وتفصيلا لكل ما هم بحاجة إليه من الحلال والحرام.
﴿ وهديناهما الصراط المستقيم ﴾ ووفقناهما للطريق القويم، طريق الحق والعدل، وسبيل السعادة والفوز، الموصلة إلى الحياة الطيبة في العاجل والآجل والنعيم في جنة الخلد.
﴿ وتركنا عليهما في الآخرين ﴾ وأبقينا لهما ثناء عليهما وذكرا بالخير يبقى على ألسن من يأتي بعدهما، ويسلم عليهما سائر المؤمنين، أو بشرى من ربنا الكريم أنه سلمهما من أن يذكرا بسوء، أو يحل بهم خزي أو عذاب، واستيقنوا أن مثل هذا الجزاء نجزي من آمن واتقى وأحسن، فننصره في أولاه وأخراه، مصداقا لوعد الله :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾٥﴿ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ﴾٦.
﴿ إنهما من عبادنا المؤمنين ﴾ شهد الله تعالى أنهما أتما عبادتهما وأخلصا دينهما، ورسخ يقينهما بكل ما يجب الإيمان به.
تتابع ذكر الذين أنعم الله عليهم من النبيين، نوح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق صلوات الله وسلامه عليهم، ثم موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام، ﴿ ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ﴾ كانت بعثتهما بالدعوة إلى التوحيد، والعمل على تحرير المستضعفين الإسرائيليين الذين استبد بهم فرعون، ﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم. أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين. وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين ﴾١، وبهذا أمرهما مولانا سبحانه في قوله :﴿ فآتيا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل ﴾٢﴿ فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى ﴾٣.
﴿ ونصرناهم فكانوا هم الغالبين ﴾ بعد أن استحيا فرعون نساءهم، وذبح أبناءهم، أراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقه الله تعالى وأغرق من معه جميعا، وأنجى موسى والذين معه برحمة منه عز وجل، ﴿.. وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا.. ﴾٤.
﴿ وآتيناهما الكتاب المستبين ﴾ وأعطينا موسى وهارون الكتاب المبين الموضح للشرائع والأحكام، وهو التوراة، وأنزلنا عليهما وحينا بصائر للناس وهدى ورحمة وتفصيلا لكل ما هم بحاجة إليه من الحلال والحرام.
﴿ وهديناهما الصراط المستقيم ﴾ ووفقناهما للطريق القويم، طريق الحق والعدل، وسبيل السعادة والفوز، الموصلة إلى الحياة الطيبة في العاجل والآجل والنعيم في جنة الخلد.
﴿ وتركنا عليهما في الآخرين ﴾ وأبقينا لهما ثناء عليهما وذكرا بالخير يبقى على ألسن من يأتي بعدهما، ويسلم عليهما سائر المؤمنين، أو بشرى من ربنا الكريم أنه سلمهما من أن يذكرا بسوء، أو يحل بهم خزي أو عذاب، واستيقنوا أن مثل هذا الجزاء نجزي من آمن واتقى وأحسن، فننصره في أولاه وأخراه، مصداقا لوعد الله :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾٥﴿ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ﴾٦.
﴿ إنهما من عبادنا المؤمنين ﴾ شهد الله تعالى أنهما أتما عبادتهما وأخلصا دينهما، ورسخ يقينهما بكل ما يجب الإيمان به.
﴿ الكتاب المستبين ﴾ البليغ في البيان والتفصيل، وهو التوراة.
﴿ ولقد مننا على موسى وهارون( ١١٤ )ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم( ١١٥ )ونصرناهم فكانوا هم الغالبين( ١١٦ )وآتيناهما الكتاب المستبين( ١١٧ )وهديناهما الصراط المستقيم( ١١٨ )وتركنا عليهما في الآخرين( ١١٩ )سلام على موسى وهارون( ١٢٠ )إنا كذلك نجزي المحسنين( ١٢١ )إنهما من عبادنا المؤمنين( ١٢٢ ) ﴾.
تتابع ذكر الذين أنعم الله عليهم من النبيين، نوح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق صلوات الله وسلامه عليهم، ثم موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام، ﴿ ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ﴾ كانت بعثتهما بالدعوة إلى التوحيد، والعمل على تحرير المستضعفين الإسرائيليين الذين استبد بهم فرعون، ﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم. أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين. وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين ﴾١، وبهذا أمرهما مولانا سبحانه في قوله :﴿ فآتيا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل ﴾٢﴿ فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى ﴾٣.
﴿ ونصرناهم فكانوا هم الغالبين ﴾ بعد أن استحيا فرعون نساءهم، وذبح أبناءهم، أراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقه الله تعالى وأغرق من معه جميعا، وأنجى موسى والذين معه برحمة منه عز وجل، ﴿.. وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا.. ﴾٤.
﴿ وآتيناهما الكتاب المستبين ﴾ وأعطينا موسى وهارون الكتاب المبين الموضح للشرائع والأحكام، وهو التوراة، وأنزلنا عليهما وحينا بصائر للناس وهدى ورحمة وتفصيلا لكل ما هم بحاجة إليه من الحلال والحرام.
﴿ وهديناهما الصراط المستقيم ﴾ ووفقناهما للطريق القويم، طريق الحق والعدل، وسبيل السعادة والفوز، الموصلة إلى الحياة الطيبة في العاجل والآجل والنعيم في جنة الخلد.
﴿ وتركنا عليهما في الآخرين ﴾ وأبقينا لهما ثناء عليهما وذكرا بالخير يبقى على ألسن من يأتي بعدهما، ويسلم عليهما سائر المؤمنين، أو بشرى من ربنا الكريم أنه سلمهما من أن يذكرا بسوء، أو يحل بهم خزي أو عذاب، واستيقنوا أن مثل هذا الجزاء نجزي من آمن واتقى وأحسن، فننصره في أولاه وأخراه، مصداقا لوعد الله :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾٥﴿ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ﴾٦.
﴿ إنهما من عبادنا المؤمنين ﴾ شهد الله تعالى أنهما أتما عبادتهما وأخلصا دينهما، ورسخ يقينهما بكل ما يجب الإيمان به.
﴿ ولقد مننا على موسى وهارون( ١١٤ )ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم( ١١٥ )ونصرناهم فكانوا هم الغالبين( ١١٦ )وآتيناهما الكتاب المستبين( ١١٧ )وهديناهما الصراط المستقيم( ١١٨ )وتركنا عليهما في الآخرين( ١١٩ )سلام على موسى وهارون( ١٢٠ )إنا كذلك نجزي المحسنين( ١٢١ )إنهما من عبادنا المؤمنين( ١٢٢ ) ﴾.
تتابع ذكر الذين أنعم الله عليهم من النبيين، نوح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق صلوات الله وسلامه عليهم، ثم موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام، ﴿ ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ﴾ كانت بعثتهما بالدعوة إلى التوحيد، والعمل على تحرير المستضعفين الإسرائيليين الذين استبد بهم فرعون، ﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم. أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين. وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين ﴾١، وبهذا أمرهما مولانا سبحانه في قوله :﴿ فآتيا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل ﴾٢﴿ فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى ﴾٣.
﴿ ونصرناهم فكانوا هم الغالبين ﴾ بعد أن استحيا فرعون نساءهم، وذبح أبناءهم، أراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقه الله تعالى وأغرق من معه جميعا، وأنجى موسى والذين معه برحمة منه عز وجل، ﴿.. وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا.. ﴾٤.
﴿ وآتيناهما الكتاب المستبين ﴾ وأعطينا موسى وهارون الكتاب المبين الموضح للشرائع والأحكام، وهو التوراة، وأنزلنا عليهما وحينا بصائر للناس وهدى ورحمة وتفصيلا لكل ما هم بحاجة إليه من الحلال والحرام.
﴿ وهديناهما الصراط المستقيم ﴾ ووفقناهما للطريق القويم، طريق الحق والعدل، وسبيل السعادة والفوز، الموصلة إلى الحياة الطيبة في العاجل والآجل والنعيم في جنة الخلد.
﴿ وتركنا عليهما في الآخرين ﴾ وأبقينا لهما ثناء عليهما وذكرا بالخير يبقى على ألسن من يأتي بعدهما، ويسلم عليهما سائر المؤمنين، أو بشرى من ربنا الكريم أنه سلمهما من أن يذكرا بسوء، أو يحل بهم خزي أو عذاب، واستيقنوا أن مثل هذا الجزاء نجزي من آمن واتقى وأحسن، فننصره في أولاه وأخراه، مصداقا لوعد الله :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾٥﴿ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ﴾٦.
﴿ إنهما من عبادنا المؤمنين ﴾ شهد الله تعالى أنهما أتما عبادتهما وأخلصا دينهما، ورسخ يقينهما بكل ما يجب الإيمان به.
تتابع ذكر الذين أنعم الله عليهم من النبيين، نوح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق صلوات الله وسلامه عليهم، ثم موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام، ﴿ ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ﴾ كانت بعثتهما بالدعوة إلى التوحيد، والعمل على تحرير المستضعفين الإسرائيليين الذين استبد بهم فرعون، ﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم. أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين. وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين ﴾١، وبهذا أمرهما مولانا سبحانه في قوله :﴿ فآتيا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل ﴾٢﴿ فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى ﴾٣.
﴿ ونصرناهم فكانوا هم الغالبين ﴾ بعد أن استحيا فرعون نساءهم، وذبح أبناءهم، أراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقه الله تعالى وأغرق من معه جميعا، وأنجى موسى والذين معه برحمة منه عز وجل، ﴿.. وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا.. ﴾٤.
﴿ وآتيناهما الكتاب المستبين ﴾ وأعطينا موسى وهارون الكتاب المبين الموضح للشرائع والأحكام، وهو التوراة، وأنزلنا عليهما وحينا بصائر للناس وهدى ورحمة وتفصيلا لكل ما هم بحاجة إليه من الحلال والحرام.
﴿ وهديناهما الصراط المستقيم ﴾ ووفقناهما للطريق القويم، طريق الحق والعدل، وسبيل السعادة والفوز، الموصلة إلى الحياة الطيبة في العاجل والآجل والنعيم في جنة الخلد.
﴿ وتركنا عليهما في الآخرين ﴾ وأبقينا لهما ثناء عليهما وذكرا بالخير يبقى على ألسن من يأتي بعدهما، ويسلم عليهما سائر المؤمنين، أو بشرى من ربنا الكريم أنه سلمهما من أن يذكرا بسوء، أو يحل بهم خزي أو عذاب، واستيقنوا أن مثل هذا الجزاء نجزي من آمن واتقى وأحسن، فننصره في أولاه وأخراه، مصداقا لوعد الله :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾٥﴿ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ﴾٦.
﴿ إنهما من عبادنا المؤمنين ﴾ شهد الله تعالى أنهما أتما عبادتهما وأخلصا دينهما، ورسخ يقينهما بكل ما يجب الإيمان به.
تتابع ذكر الذين أنعم الله عليهم من النبيين، نوح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق صلوات الله وسلامه عليهم، ثم موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام، ﴿ ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ﴾ كانت بعثتهما بالدعوة إلى التوحيد، والعمل على تحرير المستضعفين الإسرائيليين الذين استبد بهم فرعون، ﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم. أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين. وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين ﴾١، وبهذا أمرهما مولانا سبحانه في قوله :﴿ فآتيا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل ﴾٢﴿ فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى ﴾٣.
﴿ ونصرناهم فكانوا هم الغالبين ﴾ بعد أن استحيا فرعون نساءهم، وذبح أبناءهم، أراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقه الله تعالى وأغرق من معه جميعا، وأنجى موسى والذين معه برحمة منه عز وجل، ﴿.. وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا.. ﴾٤.
﴿ وآتيناهما الكتاب المستبين ﴾ وأعطينا موسى وهارون الكتاب المبين الموضح للشرائع والأحكام، وهو التوراة، وأنزلنا عليهما وحينا بصائر للناس وهدى ورحمة وتفصيلا لكل ما هم بحاجة إليه من الحلال والحرام.
﴿ وهديناهما الصراط المستقيم ﴾ ووفقناهما للطريق القويم، طريق الحق والعدل، وسبيل السعادة والفوز، الموصلة إلى الحياة الطيبة في العاجل والآجل والنعيم في جنة الخلد.
﴿ وتركنا عليهما في الآخرين ﴾ وأبقينا لهما ثناء عليهما وذكرا بالخير يبقى على ألسن من يأتي بعدهما، ويسلم عليهما سائر المؤمنين، أو بشرى من ربنا الكريم أنه سلمهما من أن يذكرا بسوء، أو يحل بهم خزي أو عذاب، واستيقنوا أن مثل هذا الجزاء نجزي من آمن واتقى وأحسن، فننصره في أولاه وأخراه، مصداقا لوعد الله :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾٥﴿ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ﴾٦.
﴿ إنهما من عبادنا المؤمنين ﴾ شهد الله تعالى أنهما أتما عبادتهما وأخلصا دينهما، ورسخ يقينهما بكل ما يجب الإيمان به.
تتابع ذكر الذين أنعم الله عليهم من النبيين، نوح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق صلوات الله وسلامه عليهم، ثم موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام، ﴿ ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ﴾ كانت بعثتهما بالدعوة إلى التوحيد، والعمل على تحرير المستضعفين الإسرائيليين الذين استبد بهم فرعون، ﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم. أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين. وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين ﴾١، وبهذا أمرهما مولانا سبحانه في قوله :﴿ فآتيا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل ﴾٢﴿ فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى ﴾٣.
﴿ ونصرناهم فكانوا هم الغالبين ﴾ بعد أن استحيا فرعون نساءهم، وذبح أبناءهم، أراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقه الله تعالى وأغرق من معه جميعا، وأنجى موسى والذين معه برحمة منه عز وجل، ﴿.. وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا.. ﴾٤.
﴿ وآتيناهما الكتاب المستبين ﴾ وأعطينا موسى وهارون الكتاب المبين الموضح للشرائع والأحكام، وهو التوراة، وأنزلنا عليهما وحينا بصائر للناس وهدى ورحمة وتفصيلا لكل ما هم بحاجة إليه من الحلال والحرام.
﴿ وهديناهما الصراط المستقيم ﴾ ووفقناهما للطريق القويم، طريق الحق والعدل، وسبيل السعادة والفوز، الموصلة إلى الحياة الطيبة في العاجل والآجل والنعيم في جنة الخلد.
﴿ وتركنا عليهما في الآخرين ﴾ وأبقينا لهما ثناء عليهما وذكرا بالخير يبقى على ألسن من يأتي بعدهما، ويسلم عليهما سائر المؤمنين، أو بشرى من ربنا الكريم أنه سلمهما من أن يذكرا بسوء، أو يحل بهم خزي أو عذاب، واستيقنوا أن مثل هذا الجزاء نجزي من آمن واتقى وأحسن، فننصره في أولاه وأخراه، مصداقا لوعد الله :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾٥﴿ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ﴾٦.
﴿ إنهما من عبادنا المؤمنين ﴾ شهد الله تعالى أنهما أتما عبادتهما وأخلصا دينهما، ورسخ يقينهما بكل ما يجب الإيمان به.
تتابع ذكر الذين أنعم الله عليهم من النبيين، نوح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق صلوات الله وسلامه عليهم، ثم موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام، ﴿ ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ﴾ كانت بعثتهما بالدعوة إلى التوحيد، والعمل على تحرير المستضعفين الإسرائيليين الذين استبد بهم فرعون، ﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم. أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين. وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين ﴾١، وبهذا أمرهما مولانا سبحانه في قوله :﴿ فآتيا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل ﴾٢﴿ فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى ﴾٣.
﴿ ونصرناهم فكانوا هم الغالبين ﴾ بعد أن استحيا فرعون نساءهم، وذبح أبناءهم، أراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقه الله تعالى وأغرق من معه جميعا، وأنجى موسى والذين معه برحمة منه عز وجل، ﴿.. وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا.. ﴾٤.
﴿ وآتيناهما الكتاب المستبين ﴾ وأعطينا موسى وهارون الكتاب المبين الموضح للشرائع والأحكام، وهو التوراة، وأنزلنا عليهما وحينا بصائر للناس وهدى ورحمة وتفصيلا لكل ما هم بحاجة إليه من الحلال والحرام.
﴿ وهديناهما الصراط المستقيم ﴾ ووفقناهما للطريق القويم، طريق الحق والعدل، وسبيل السعادة والفوز، الموصلة إلى الحياة الطيبة في العاجل والآجل والنعيم في جنة الخلد.
﴿ وتركنا عليهما في الآخرين ﴾ وأبقينا لهما ثناء عليهما وذكرا بالخير يبقى على ألسن من يأتي بعدهما، ويسلم عليهما سائر المؤمنين، أو بشرى من ربنا الكريم أنه سلمهما من أن يذكرا بسوء، أو يحل بهم خزي أو عذاب، واستيقنوا أن مثل هذا الجزاء نجزي من آمن واتقى وأحسن، فننصره في أولاه وأخراه، مصداقا لوعد الله :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾٥﴿ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ﴾٦.
﴿ إنهما من عبادنا المؤمنين ﴾ شهد الله تعالى أنهما أتما عبادتهما وأخلصا دينهما، ورسخ يقينهما بكل ما يجب الإيمان به.
شهد الله تعالى أن ﴿ إلياس ﴾ من أنبيائه الأكرمين-صلوات الله عليهم أجمعين-وأنه مبعوث برسالة تهدي إلى الحق والرشد.
﴿ بعلا ﴾ ربا، أو هو اسم لصنم.
﴿ تذرون ﴾ تتركون.
نقل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : هو عم اليسع، وقال بعض المفسرين : ابن عم اليسع، ومما نقل عن ابن إسحق وغيره : لما قبض الله حزقيل النبي عظمت الأحداث في بني إسرائيل ونسوا عهد الله وعبدوا الأوثان من دونه، فبعث الله إليهم إلياس نبيا، وتبعه اليسع وآمن به. اه دعا قومه إلى تقوى الله سبحانه وتوحيده وحظهم على طاعته-تبارك اسمه-والخوف منه ومهابته ؛ ثم أنكر عليهم اتخاذ رب صنم، وأن يعبدوا وثنا، ويتجهوا إليه بقربات أو دعاء ﴿ أتدعون بعلا ﴾ روي عن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس :﴿ أتدعون بعلا ﴾ قال : ربا، وعن الحكم عن عكرمة عن ابن عباس :﴿ أتدعون بعلا ﴾، قال صنما، نقل عن النحاس : والقولان صحيحان، أي : أتدعون صنما عملتموه ربا ؟ ! ونسب إلى سيبويه : أتدعون ربا اختلقتموه و﴿ أتدعون ﴾ بمعنى : أتسمون، ﴿ وتذرون أحسن الخالقين( ١٢٥ ) ﴾ وتتركون عبادة ودعاء أحسن من يقال له خالق، -وقيل : المعنى : أحسن الصانعين، لأن الناس يصنعون ولا يخلقون-١.
﴿ فكذبوه فإنهم لمحضرون( ١٢٧ ) ﴾ فكذب القوم نبيهم إلياس، عليه السلام، فاستوجبوا سخط القيوم سبحانه وعقابه، فهم مسوقون إليه يشهدون العذاب لا يغيبون عنه، ولا يفلتون منه، إلا العباد الذين استخلصهم البر الرحيم لطاعته فإنهم لن يعذبوا، وأبقينا على إلياس ذكرا حسنا، وثناء طيبا يلهج به الصالحون إلى يوم يبعثون.
﴿ فكذبوه فإنهم لمحضرون( ١٢٧ ) ﴾ فكذب القوم نبيهم إلياس، عليه السلام، فاستوجبوا سخط القيوم سبحانه وعقابه، فهم مسوقون إليه يشهدون العذاب لا يغيبون عنه، ولا يفلتون منه، إلا العباد الذين استخلصهم البر الرحيم لطاعته فإنهم لن يعذبوا، وأبقينا على إلياس ذكرا حسنا، وثناء طيبا يلهج به الصالحون إلى يوم يبعثون.
﴿ فكذبوه فإنهم لمحضرون( ١٢٧ ) ﴾ فكذب القوم نبيهم إلياس، عليه السلام، فاستوجبوا سخط القيوم سبحانه وعقابه، فهم مسوقون إليه يشهدون العذاب لا يغيبون عنه، ولا يفلتون منه، إلا العباد الذين استخلصهم البر الرحيم لطاعته فإنهم لن يعذبوا، وأبقينا على إلياس ذكرا حسنا، وثناء طيبا يلهج به الصالحون إلى يوم يبعثون.
واستيقنوا بأن عبدنا لوط نبي مرسل، بعثناه إلى قومه، وآتيناه حكما وعلما، ودعا إلى تقوى الله تعالى، وطاعته والتصديق برسالته، وحذر من عمل الخبائث، وإتيان الذكران، والعكوف على الفحشاء والمنكر :﴿ ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين. أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين. قال رب انصرني على القوم المفسدين ﴾١.
﴿ إلا عجوزا في الغابرين( ١٣٥ ) ﴾ إلا امرأته قدر الله تعالى أن تكون من الباقين من الإنجاء ثم هي مهلكة بعد مع الهالكين، يقول ربنا وهو أصدق القائلين :﴿ .. إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ﴾١.
٢ سورة القمر. الآيات: من ٣٤إلى٣٨..
﴿ وإنكم لتمرون عليهم مصبحين( ١٣٧ ). وبالليل أفلا تعقلون( ١٣٨ ) ﴾ جعلهم الله تعالى معتبرا ومزدجرا﴿.. فانظر كيف كان عاقبة المجرمين ﴾١، لقد قلب الله تعالى تلك المدائن، لكن بقيت أطلالها ﴿ ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون ﴾٢، وانداحت بحيرة منتنة خبيثة مكان هذه القرى المؤتفكات المنقلبات٣.
ولقد أعذر ربنا وأنذر ﴿ وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم ﴾٤وشاء الحكيم جل ثناؤه أن يجعلها على طريق مسلوكة، يراها الذاهبون والقافلون وفي كل وقت إذ يمسون، أو يصبحون، أو يظهرون، ﴿ إن في ذلك لآيات للمتوسمين. وإنها لبسبيل مقيم٥ فاعتبروا يا أولي الأبصار وفي ذلك تعريض بالكفار حيث يعرضون عن الآيات الدالة على قدرة الملك المهيمن وبأسه، وبطشه بالذين يحادون رسله، وأنهم لا يستفيدون من عقولهم، فكأنهم ومن لا يعقل سواء :{ إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ﴾٦، بل هم أوكس حظا من البهائم :﴿.. أولئك كالأنعام بل هم أضل سبيلا ﴾٧.
﴿ وإنكم لتمرون عليهم مصبحين( ١٣٧ ). وبالليل أفلا تعقلون( ١٣٨ ) ﴾ جعلهم الله تعالى معتبرا ومزدجرا﴿.. فانظر كيف كان عاقبة المجرمين ﴾١، لقد قلب الله تعالى تلك المدائن، لكن بقيت أطلالها ﴿ ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون ﴾٢، وانداحت بحيرة منتنة خبيثة مكان هذه القرى المؤتفكات المنقلبات٣.
ولقد أعذر ربنا وأنذر ﴿ وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم ﴾٤وشاء الحكيم جل ثناؤه أن يجعلها على طريق مسلوكة، يراها الذاهبون والقافلون وفي كل وقت إذ يمسون، أو يصبحون، أو يظهرون، ﴿ إن في ذلك لآيات للمتوسمين. وإنها لبسبيل مقيم٥ فاعتبروا يا أولي الأبصار وفي ذلك تعريض بالكفار حيث يعرضون عن الآيات الدالة على قدرة الملك المهيمن وبأسه، وبطشه بالذين يحادون رسله، وأنهم لا يستفيدون من عقولهم، فكأنهم ومن لا يعقل سواء :{ إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ﴾٦، بل هم أوكس حظا من البهائم :﴿.. أولئك كالأنعام بل هم أضل سبيلا ﴾٧.
يونس عليه السلام رسول من رسل الله، وقد جاء ذكره في القرآن الكريم باسم ذي النون وصاحب الحوت-وهما بمعنى واحد-يقول ربنا تبارك اسمه :﴿ فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت.. ﴾١، ويقول جل ثناؤه :﴿ وذا النون إذ ذهب مغاضبا ﴾٢.
٢ سورة الأنبياء. من اللآية٨٧..
﴿ الفلك ﴾ السفينة.
﴿ المشحون ﴾ المملوء.
﴿ إذ أبق إلى الفلك المشحون( ١٤٠ ) ﴾ واذكر إذ فر وتباعد من قومه مستخفيا، وخرج إلى سفينة ممتلئة موقرة بحملها، قد تهيأت للإبحار.
﴿ المدحضين ﴾ المغلوبين.
﴿ فساهم فكان من المدحضين( ١٤١ ) ﴾ فلما ركب السفينة ركدت، - فقال صاحبها : ما يمنعها أن تسير إلا أن فيكم رجلا مشئوما، فاقترعوا ليلقوا من وقعت عليه القرعة في الماء، فوقعت على يونس، ثم أعادوا فوقعت عليه، ثم أعادوا فوقعت عليه، فلما رأى ذلك رمى بنفسه في الماء... وفي خبر أخرجه أحمد، وغيره، عن ابن مسعود أنه أتى قوما في سفينة فحملوه وعرفوه، فلما دخلها ركدت، والسفن تسير يمينا وشمالا، فقال : ما بال سفينتكم ؟ قالوا : ما ندري : قال : ولكني أدري إن فيها عبدا أبق من ربه، وإنها والله لا تسير حتى تلقوه ! قالوا : أما أنت والله يا نبي الله فلا نلقيك ! فقال لهم : اقترعوا، فمن قرع فليلق، فاقترعوا ثلاث مرات، وفي كل مرة تقع القرعة عليه، فرمى بنفسه، فكان ما قص الله تعالى.. اه. ١
ومما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم.. يونس بن متى عليه السلام بعثه الله تعالى إلى أهل نينوى-وهي قرية من أرض الموصل-فدعاهم إلى الله تعالى، فأبوا عليه وتمادوا على كفرهم فخرج من بين أظهرهم مغاضبا لهم، ووعدهم بالعذاب بعد ثلاث، فلما تحققوا منه ذلك، وعلموا أن النبي لا يكذب، خرجوا إلى الصحراء بأطفالهم وأنعامهم ومواشيهم، ثم تضرعوا إلى الله عز وجل، وجأروا إليه، فرفع الله عنهم العذاب، قال الله تعالى﴿ فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا... ﴾٢. اه.
٢ سورة يونس. من اللآية٩٨..
﴿ مليم ﴾ أتى بما يلام عليه.
﴿ فالتقمه الحوت وهو مليم( ١٤٢ ) ﴾ فابتلعه حوت، وربما دخلت عليه[ ال ] المعرفة، لأنه معلوم لله تعالى، سخر بأمره، ليلتقم عبد الله عليه السلام إلى حين، فلن يكون له رزقا ولا طعاما ؛ ولعل ما يلام عليه أنه خرج قبل أن يؤذن له من ربه سبحانه في الخروج وذلك من نبي شيء يخالف ما هو الأولى بحقه عليه سلام الله.
يونس عليه السلام رسول من رسل الله، وقد جاء ذكره في القرآن الكريم باسم ذي النون وصاحب الحوت-وهما بمعنى واحد-يقول ربنا تبارك اسمه :﴿ فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت.. ﴾١، ويقول جل ثناؤه :﴿ وذا النون إذ ذهب مغاضبا ﴾٢.
٢ سورة الأنبياء. من اللآية٨٧..
﴿ فلولا أنه كان من المسبحين. ( ١٤٣ ) للبث في بطنه إلى يوم يبعثون( ١٤٤ ) ﴾ لما دخل بطن الحوت استدام ذكر مولانا العظيم وتقديسه :﴿ .. فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ﴾١ فبهذا التسبيح نجاه الله تعالى من الهلاك والغم، وأخرجه من بطن الحوت، ومن ظلمات البحر، ولولا أنه كان من الذاكرين لغدا طعاما لهذا الوحش الذي ابتلعه، لكن تداركه فضل الله تعالى وحفظه.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٤٣:نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣٩:﴿ وإن يونس لمن المرسلين( ١٣٩ )إذ أبق إلى الفلك المشحون( ١٤٠ )فساهم فكان من المدحضين( ١٤١ )فالتقمه الحوت وهو مليم( ١٤٢ )فلولا أنه كان من المسبحين( ١٤٣ )للبث في بطنه إلى يوم يبعثون( ١٤٤ )*فنبذناه بالعراء وهو سقيم( ١٤٥ )وأنبتنا عليه شجرة من يقطين( ١٤٦ )وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون( ١٤٧ )فآمنوا فمتعناهم إلى حين( ١٤٨ ) ﴾.
يونس عليه السلام رسول من رسل الله، وقد جاء ذكره في القرآن الكريم باسم ذي النون وصاحب الحوت-وهما بمعنى واحد-يقول ربنا تبارك اسمه :﴿ فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت.. ﴾١، ويقول جل ثناؤه :﴿ وذا النون إذ ذهب مغاضبا ﴾٢.
٢ سورة الأنبياء. من اللآية٨٧..
﴿ فلولا أنه كان من المسبحين. ( ١٤٣ ) للبث في بطنه إلى يوم يبعثون( ١٤٤ ) ﴾ لما دخل بطن الحوت استدام ذكر مولانا العظيم وتقديسه :﴿.. فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ﴾١ فبهذا التسبيح نجاه الله تعالى من الهلاك والغم، وأخرجه من بطن الحوت، ومن ظلمات البحر، ولولا أنه كان من الذاكرين لغدا طعاما لهذا الوحش الذي ابتلعه، لكن تداركه فضل الله تعالى وحفظه.
﴿ بالعراء ﴾ : بالصحراء.
﴿ فنبذناه بالعراء وهو سقيم ﴾ : فلفظه النون وطرحه، فخرج إلى العراء والخلاء والصحراء، وقد بلغ منه الجهد مبلغه، وعن ابن جبير أنه عليه السلام ألقي ولا شعر له ولا جلد... ولعل ذلك يستدعي بحكم العادة أن لمدة لبثه في بطن الحوت طولا ما.
وأورد ابن كثير : قال صلى الله عليه وسلم :( دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت.. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء إلا استجاب له.
وعن سعد بن أبي وقاص قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( اسم الله الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى ) قلت : يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين ؟ قال :( هي ليونس بن متى خاصة ولجماعة المؤمنين عامة إذا دعوا بها ألم تسمع قول الله عز وجل :﴿ .. فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ﴾ فهو شرط من الله لمن دعا به.
﴿ وأنبتنا عليه شجرة من يقطين ﴾ : أظله البر المولى الرحيم بشجرة أنبتها في المكان الذي لفظه الحوت فيه.
وذكر بعضهم في القرع فوائد : منها سرعة نباته، وتظليل ورقه لكبره.. وأنه لا يقربه الذباب، وجودة تغذية ثمره... وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب الدباء، ويتبعه من حواشي الصفحة، واليقطين : الفرع، ويسمى كذلك : الدباء، وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :( ما ينبغي في لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى ).
جاءت هذه الآيات تدفع باطل المفترين الذين ينسبون الولد إلى رب العالمين، وبدأت بتبكيتهم باستفهام إنكاري لما زعموه من أن الملائكة بنات الله –تعالى ربنا عما يقول المجرمون علوا كبيرا- ﴿ لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا أحد ﴾.
﴿ فاستفتهم ﴾ : فسلهم سؤال المنكر عليهم ﴿ ألربك البنات ولهم البنون ﴾ ؟ القسمة الباطلة اللازمة لما كانوا عليه من الاعتقاد الزائغ حيث كانوا يقولون كبعض أجناس العرب-جهينة، وسليم وخزاعة، وبني مليح- : الملائكة بنات الله سبحانه، ثم بتبكيتهم بما يتضمنه كفرهم المذكور من الاستهانة بالملائكة عليهم السلام بجعلهم إناثا.. ]... ووجه ترتب المعطوف على ما قبل كوجه ترتب المعطوف عليه، فإن كونه تعالى رب السماوات والأرض وتلك الخلائق العظيمة كما دل على وحدته تعالى وقدرته عز وجل دال على تنزهه سبحانه عن الولد، ألا ترى إلى قوله جل شأنه :﴿ بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد.. ﴾.
*م/
﴿ أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون ﴾ تقريع وتجهيل للأفاكين المفترين، ِوانتقال من التبكيت بالاستفتاء السابق إلى التبكيت بهذا، أي : بل أخلقنا الملائكة الذين هم من أشرف الخلق وأقواهم وأعظمهم تقدسا عن النقائص الطبيعية إناثا ؟ والأنوثة من أخس صفات الحيوان ] ؟ ! والمفترون كانوا يتوارون من عشيرتهم إذا بشر واحد منهم بميلاد أنثى كما قال جل ثناؤه :﴿ وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم. أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين. وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون ﴾ فهل كانوا شهودا حاضرين حين خلقنا الملائكة استهزاء بهم وتجهيل لهم.. فإن أمثال هذه الأمور لا تعلم إلا بالمشاهدة، إذ لا سبيل إلى معرفتها بطريقة العقل، وانتفاء النقل مما لا ريب فيه، فلم يبقى إلا أن يكون القائل بأنوثتهم كان حاضرا عند خلقهم.
﴿ ألا إنهم من إفكهم ليقولون. ولد الله ﴾ استئناف من جهته تعالى غير داخل تحت الاستفتاء، مسوق لإبطال أصل مذهبهم الفاسد، ببيان أن مبناه ليس إلا الإفك الصريح، والافتراء القبيح، من غير أن يكون لهم شبهة أو دليل﴿ وإنهم لكاذبون ﴾ فيما يتدينون به مطلقا، وفي هذا القول، وفيه تأكيد لقوله تعالى :﴿ من إفكهم ﴾.
﴿ ألا إنهم من إفكهم ليقولون. ولد الله ﴾ استئناف من جهته تعالى غير داخل تحت الاستفتاء، مسوق لإبطال أصل مذهبهم الفاسد، ببيان أن مبناه ليس إلا الإفك الصريح، والافتراء القبيح، من غير أن يكون لهم شبهة أو دليل﴿ وإنهم لكاذبون ﴾ فيما يتدينون به مطلقا، وفي هذا القول، وفيه تأكيد لقوله تعالى :﴿ من إفكهم ﴾.
﴿ أصطفى البنات على البنين ﴾ : أيختار الخلاق الغني الوهاب لنفسه أدون الجنسين، ويخصكم بأفضلهما، وأصل التركيب : أأصطفى، دخلت همزة الاستفهام على أصطفى فحذفت همزة الوصل، والاستفهام للإنكار، وقد أنكر عليهم تعالى هذا الافتراء في آيات أخر، منها قوله سبحانه :﴿ أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما ﴾١، ويقول تبارك اسمه :﴿ وجعلوا له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين. أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين ﴾٢ ؛
٢ سورة الزخرف. الآيتان: ١٥، ١٦..
﴿ أم لكم سلطان مبين ﴾ : إضراب من توبيخهم وتبكيتهم بما ذكر، بتكليفهم ما لا يدخل تحت الوجود أصلا، أي : ألكم حجة واضحة نزلت من السماء بأن الملائكة بناته تعالى ؟ ! ضرورة أن الحكم بذلك لابد له من سند حسي أو عقلي، وحيث انتفى كلاهما-إذ لم تكونوا حاضرين مشاهدين خلق الملائكة، حتى تتأتى منكم رؤية خلقتهم، ولا سبيل إلى الدليل الحسي إلا هذا أو قد عجزتم عن الإتيان به، ويستحيل عقلا أن يصطفي الملك الذي أوجدكم من العدم، وأسبغ عليكم النعم، يستحيل أن يختار لنفسه الأدون، ويهبكم الجنس الأفضل، فلا بد من سند نقلي.
﴿ فأتوا بكتابكم ﴾ الناطق بصحة دعواكم، ﴿ إن كنتم صادقين ﴾ فيها، والأمر للتعجيز، وإضافة الكتاب إليهم للتهكم.
﴿ وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ﴾ : عن مجاهد قال : قال كفار قريش الملائكة بنات الله تعالى، فقال لهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه :- أي على سبيل التبكيت- : فمن أمهاتكم ؟ فقالوا : بنات سرات الجن. اه، وقال الحسن : أشركوا الشيطان في عبادة الله فهو النسب الذي جعلوه، يقول القرطبي : قول الحسن في هذه أحسن، دليله قوله تعالى :﴿ إذ نسويكم برب العالمين ﴾ : أي في العبادة. اه.
﴿ ولقد علمت الجنة ﴾ : أي الشياطين، أو الخلق الذين استتروا عن أعين الناس، كما جاء في القرآن الكريم :﴿ فلما جن عليه الليل ﴾ : أي غطى وستر، وبهذا المعنى يمكن إطلاقه على الملائكة عليهم السلام، فهم مستترون عن الأعين، ﴿ إنهم لمحضرون ﴾ : إن الجن لمحضرون في العذاب، أو من يقول : الملائكة بنات الله فإن الملائكة والجن يعلمون أنه معذب لا محالة، مطرود من رحمة ربنا جزاء له على كفره وبهتانه.
﴿ سبحان الله ﴾ : تنزه مولانا المعبود بحق وتقدس وتبرأ، ﴿ عما يصفون ﴾ : عما يصفونه به عز وجل من نسبة الولد إليه :﴿ وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ﴾ تعالى مقامه أن يتخذ زوجة أو ذرية :﴿ لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا أحد ﴾.
ثم التفتت الآيات إلى الحديث عن المشركين، الذين كانوا يقولون : لو بعث فينا من يعلمنا الشرائع كالذين سبقوا لاهتدينا إلى الرشاد، وصرنا من صفوة العباد، تمنوا هذا، فلما جاءهم ما رجوا جحدوا شريعته، وحاربوه وكذبوا رسالته، فويل لهم، وسيعلمون يوم الفصل ماذا أعد لهم من العذاب المقيم، وفي ذلك يقول مولانا في كتابه الحكيم :﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا. استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.. ﴾ وقال تبارك اسمه :﴿ أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين. أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها.. ﴾.
ثم التفتت الآيات إلى الحديث عن المشركين، الذين كانوا يقولون : لو بعث فينا من يعلمنا الشرائع كالذين سبقوا لاهتدينا إلى الرشاد، وصرنا من صفوة العباد، تمنوا هذا، فلما جاءهم ما رجوا جحدوا شريعته، وحاربوه وكذبوا رسالته، فويل لهم، وسيعلمون يوم الفصل ماذا أعد لهم من العذاب المقيم، وفي ذلك يقول مولانا في كتابه الحكيم :﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا. استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.. ﴾ وقال تبارك اسمه :﴿ أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين. أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها.. ﴾.
ثم التفتت الآيات إلى الحديث عن المشركين، الذين كانوا يقولون : لو بعث فينا من يعلمنا الشرائع كالذين سبقوا لاهتدينا إلى الرشاد، وصرنا من صفوة العباد، تمنوا هذا، فلما جاءهم ما رجوا جحدوا شريعته، وحاربوه وكذبوا رسالته، فويل لهم، وسيعلمون يوم الفصل ماذا أعد لهم من العذاب المقيم، وفي ذلك يقول مولانا في كتابه الحكيم :﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا. استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.. ﴾ وقال تبارك اسمه :﴿ أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين. أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها.. ﴾.
ثم التفتت الآيات إلى الحديث عن المشركين، الذين كانوا يقولون : لو بعث فينا من يعلمنا الشرائع كالذين سبقوا لاهتدينا إلى الرشاد، وصرنا من صفوة العباد، تمنوا هذا، فلما جاءهم ما رجوا جحدوا شريعته، وحاربوه وكذبوا رسالته، فويل لهم، وسيعلمون يوم الفصل ماذا أعد لهم من العذاب المقيم، وفي ذلك يقول مولانا في كتابه الحكيم :﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا. استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.. ﴾ وقال تبارك اسمه :﴿ أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين. أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها.. ﴾.
ولقد أكد القرآن الكريم هذه البشرى في آيات أخر، منها قول الحق سبحانه :﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي.. ﴾ وقوله تبارك اسمه :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾، وقال الحسن : المراد النصرة والغلبة في الحرب، فإنه لم يقتل نبي من الأنبياء في الحرب، وإنما قتل من قتل منهم غيلة أو على وجه آخر في غير حرب، وإن مات نبي قبل النصرة أو قتل فقد أجرى الله تعالى أن ينصر قومه من بعده فيكون في نصرة قومه نصرة له ؛ - واستمرار الغلبة للجند مشروط بما تشعر به الإضافة، فلا يغلب أتباع المرسلين في حرب إلا لإخلالهم بما تشعر به بميل ما إلى الدنيا أو ضعف التوكل عليه تعالى، أو نحو ذلك.
ولقد أكد القرآن الكريم هذه البشرى في آيات أخر، منها قول الحق سبحانه :﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي.. ﴾ وقوله تبارك اسمه :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾، وقال الحسن : المراد النصرة والغلبة في الحرب، فإنه لم يقتل نبي من الأنبياء في الحرب، وإنما قتل من قتل منهم غيلة أو على وجه آخر في غير حرب، وإن مات نبي قبل النصرة أو قتل فقد أجرى الله تعالى أن ينصر قومه من بعده فيكون في نصرة قومه نصرة له ؛ - واستمرار الغلبة للجند مشروط بما تشعر به الإضافة، فلا يغلب أتباع المرسلين في حرب إلا لإخلالهم بما تشعر به بميل ما إلى الدنيا أو ضعف التوكل عليه تعالى، أو نحو ذلك.
ولقد أكد القرآن الكريم هذه البشرى في آيات أخر، منها قول الحق سبحانه :﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي.. ﴾ وقوله تبارك اسمه :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾، وقال الحسن : المراد النصرة والغلبة في الحرب، فإنه لم يقتل نبي من الأنبياء في الحرب، وإنما قتل من قتل منهم غيلة أو على وجه آخر في غير حرب، وإن مات نبي قبل النصرة أو قتل فقد أجرى الله تعالى أن ينصر قومه من بعده فيكون في نصرة قومه نصرة له ؛ - واستمرار الغلبة للجند مشروط بما تشعر به الإضافة، فلا يغلب أتباع المرسلين في حرب إلا لإخلالهم بما تشعر به بميل ما إلى الدنيا أو ضعف التوكل عليه تعالى، أو نحو ذلك.
﴿ أفبعذابنا يستعجلون( ١٧٦ ) ﴾ استفهام توبيخ، أخرج جويبر عن ابن عباس قال : قالوا : يا محمد أرنا العذاب الذي تخوفنا به، وعجله لنا، فنزلت ﴿ فإذا نزل ﴾ أي العذاب الموعود ﴿ بساحتهم ﴾، وهي العرصة الواسعة عند الدور... ﴿ فساء صباح المنذرين( ١٧٧ ) ﴾ أي فبئس صباح المنذرين صباحهم... -.
في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، فلما خرجوا بفؤوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش رجعوا، وهم يقولون : محمد والله، محمد والخميس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :( الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ) ومعنى : " محمد والخميس " محمد والجيش.
﴿ وتول عنهم حتى حين. ( ١٧٨ )وأبصر فسوف يبصرون( ١٧٩ ) ﴾ تأكيد لما أعد الله تعالى للمؤمنين من نصر وفتح يأتيان عما قليل، ولما سيحله بالكافرين من هوان وخذلان-مع ما في إطلاق الفعلين عن المفعول من الإيذان ظاهرا، بأن ما يبصره عليه الصلاة والسلام حينئذ من فنون المسار، وما يبصرونه من فنون المضار لا يحيط به الوصف....
ولقد أكد القرآن الكريم هذه البشرى في آيات أخر، منها قول الحق سبحانه :﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي.. ﴾ وقوله تبارك اسمه :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾، وقال الحسن : المراد النصرة والغلبة في الحرب، فإنه لم يقتل نبي من الأنبياء في الحرب، وإنما قتل من قتل منهم غيلة أو على وجه آخر في غير حرب، وإن مات نبي قبل النصرة أو قتل فقد أجرى الله تعالى أن ينصر قومه من بعده فيكون في نصرة قومه نصرة له ؛ - واستمرار الغلبة للجند مشروط بما تشعر به الإضافة، فلا يغلب أتباع المرسلين في حرب إلا لإخلالهم بما تشعر به بميل ما إلى الدنيا أو ضعف التوكل عليه تعالى، أو نحو ذلك.
ولقد أكد القرآن الكريم هذه البشرى في آيات أخر، منها قول الحق سبحانه :﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي.. ﴾ وقوله تبارك اسمه :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾، وقال الحسن : المراد النصرة والغلبة في الحرب، فإنه لم يقتل نبي من الأنبياء في الحرب، وإنما قتل من قتل منهم غيلة أو على وجه آخر في غير حرب، وإن مات نبي قبل النصرة أو قتل فقد أجرى الله تعالى أن ينصر قومه من بعده فيكون في نصرة قومه نصرة له ؛ - واستمرار الغلبة للجند مشروط بما تشعر به الإضافة، فلا يغلب أتباع المرسلين في حرب إلا لإخلالهم بما تشعر به بميل ما إلى الدنيا أو ضعف التوكل عليه تعالى، أو نحو ذلك.
ولقد أكد القرآن الكريم هذه البشرى في آيات أخر، منها قول الحق سبحانه :﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي.. ﴾ وقوله تبارك اسمه :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾، وقال الحسن : المراد النصرة والغلبة في الحرب، فإنه لم يقتل نبي من الأنبياء في الحرب، وإنما قتل من قتل منهم غيلة أو على وجه آخر في غير حرب، وإن مات نبي قبل النصرة أو قتل فقد أجرى الله تعالى أن ينصر قومه من بعده فيكون في نصرة قومه نصرة له ؛ - واستمرار الغلبة للجند مشروط بما تشعر به الإضافة، فلا يغلب أتباع المرسلين في حرب إلا لإخلالهم بما تشعر به بميل ما إلى الدنيا أو ضعف التوكل عليه تعالى، أو نحو ذلك.
ولقد أكد القرآن الكريم هذه البشرى في آيات أخر، منها قول الحق سبحانه :﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي.. ﴾ وقوله تبارك اسمه :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾، وقال الحسن : المراد النصرة والغلبة في الحرب، فإنه لم يقتل نبي من الأنبياء في الحرب، وإنما قتل من قتل منهم غيلة أو على وجه آخر في غير حرب، وإن مات نبي قبل النصرة أو قتل فقد أجرى الله تعالى أن ينصر قومه من بعده فيكون في نصرة قومه نصرة له ؛ - واستمرار الغلبة للجند مشروط بما تشعر به الإضافة، فلا يغلب أتباع المرسلين في حرب إلا لإخلالهم بما تشعر به بميل ما إلى الدنيا أو ضعف التوكل عليه تعالى، أو نحو ذلك.