تفسير سورة التوبة

معاني القرآن
تفسير سورة سورة التوبة من كتاب معاني القرآن .
لمؤلفه الأخفش . المتوفي سنة 215 هـ
قال ﴿ وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ ( ٣ ) ﴿ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ ( ٣ ) أي : بأَنّ اللهَ بريء وكذلك ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ﴾ ( ٢ ) أي : بأَن الله.
وقال ﴿ فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ ﴾ ( ٥ ) فجمع على أدنى العدد لأن معناها [ ١٢٦ ب ] " الأربَعَة " وذلك أن " الأَشْهُر " إنما تكون إذا ذكرت معها " الثَلاثَة " إلى " العَشْرة " فإذا لم تذكر " الثلاثَة " إلى " العَشْرة " فهي " الشُّهُورُ ".
وقال ﴿ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ﴾ ( ٥ ) وألقى " على ". وقال الشاعر :[ من الوافر وهو الشاهد السادس والخمسون ] :
نُغالِي اللَّحْمَ للأَضْيافِ نِيْئاً وَنَبْذُلُه إذا نَضِجَ القُدُورُ
أرادَ : نُغالِي باللحم.
وقال ﴿ وَأَنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ ﴾ ( ٦ ) فابتدأ بعد ( أنْ )، وأن يكون رفع أحداً على فعل مضمر أقيس الوجهين لأن حروف المجازاة لا يبتدأ بعدها. إلا أنهم قد قالوا ذلك في " أَنْ " لتمكنها وحسنها إذا وليتها الأسماء وليس بعدها فعل مجزوم في اللفظ كما قال [ الشاعر ] [ من البسيط وهو الشاهد الثامن والسبعون بعد المئة ] :
عاوِدْ هَراةَ وأَنْ مَعْمُورُها خَرِبا ........
وقال [ الآخر ] :[ من الكامل وهو الشاهد الرابع والعشرون بعد المئتين ] :
لا تَجْزَعِي أَنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُهُ وأَذا هَلَكْتُ فَعِنْدَ ذلِكَ فَاجْزَعي
وقد زعموا أن قول الشاعر :[ من الطويل وهو الشاهد الخامس والعشرون بعد المئتين ] :
أَتَجْزَعُ أَنْ نَفْسٌ أَتَاهَا حِمامُها فَهَلاَّ الَّتِي عَنْ بينِ جَنْبَيْكَ تَدْفَعُ
لا ينشد إِلاّ رفعاً وقد سقط الفعل على شيء من سببه. وهذا قد ابتدئ بعد " أنْ " وانْ شئت جعلته رفعا [ ١٢٧ ء ] بفعل مضمر.
وقال ﴿ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ ﴾ ( ٧ ) فهذا استثناء خارج من أول الكلام. و( الذينَ ) في موضع نصب.
وقال ﴿ كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ ﴾ ( ٨ ) فأضمر كأنه [ قال ] " كيف لا تقتلونهم " و الله اعلم.
وقال ﴿ وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ ﴾ ( ١٢ ) قال ﴿ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ﴾ ( ١٢ ) فجعل الهمزة ياء لأنها في موضع كسر وما قبلها مفتوح ولم يهمز لاجتماع الهمزتين. ومن كان من رأيه جمع الهمزتين همز.
وقال ﴿ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ ﴾ ( ١٣ ) لأَنك تقول " هَمَمْتُ بكذا " و " أَهَمَّني كذا ".
وقال ﴿ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ﴾ ( ٢٥ ) لا تنصرف. وكذلك كل جمع ثالث حروفه ألف وبعد الألف حرف ثقيل أو اثنان خفيفان فصاعدا فهو لا ينصرف في المعرفة ولا النكرة نحو " محاريب " و " تماثيل " و " مساجد " وأشباه ذلك إلا أن يكون في آخره الهاء فان كانت في آخره الهاء انصرف في النكرة نحو " طيالِسَة " و " صياقِلَة ". وإنما منع العرب من صرف هذا الجمع أنه مثال لا يكون للواحد ولا يكون إلا للجمع والجمع أثقل من الواحد. فلما كان هذا المثال لا يكون إلا للأثقل لم يصرف. وأما الذي في آخره الهاء فانصرف لأنها منفصلة كأنها اسم على حيالها. والانصراف إنما يقع في آخر الاسم [ ١٢٧ ب ] فوقع على الهاء فلذلك انصرف فشبه ب " حَضْرَموت " و " حَضْرَمَوْتَ " مصروف في النكرة.
وقال ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً ﴾ ( ٢٨ ) وهو " الفَقْر " تقول : " عالَ " " يَعِيلُ " " عَيْلَةً " أي : " اِفْتَقَر ". و " أَعَالَ " " إِعالَةً " : إذا صار صاحب عيال. و " عالَ عِيالَهُ " و " هو يَعُولُهم " " عَوْلاً " و " عِيَالَةً ". وقال " ﴿ ذلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ﴾ أي : ألاّ تَعُولُوا العِيالَ. و " أعالَ الرجلُ " " يُعِيلُ " إذا صار ذا عيال.
[ وقال ] ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ﴾ ( ٣٠ ) وقد طرح بعضهم التنوين وذلك رديء لأنه إنما يترك التنوين إذا كان الاسم يستغني عن الابن وكان ينسب إلى اسم معروف. فالاسم ها هنا لا يستغني. ولو قلت " وَقَالَتِ اليَهودُ عَزَيْزُ " لم يتمّ كلاما إلا أنه قد قرئ وكثر وبه نقرأ على الحكاية كأنهم أرادوا " وَقَالَتِ الْيَهُودُ نَبِيُّنا عُزَيْزُ ابنُ اللهِ ".
وقال ﴿ وَيَأْبَى الله إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ ﴾* ( ٣٢ ) لأن ( أن يتم ) اسم كأنه " يَأبَى اللهُ أَلاَّ إِتمامَ نُورِه ".
وقال ﴿ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ﴾ ( ٣٤ ) ثم قال ﴿ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ ﴾ ( ٣٥ ) فجعل الكلام على الآخر. وقال الشاعر :[ من المنسرج وهو الشاهد الستون ] :
نَحْنُ بِما عِنْدَنا وَأَنْتَ بِما عِنْدَكَ راضٍ والرَأْيُ مُخْتَلِفُ
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٤:وقال ﴿ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ﴾ ( ٣٤ ) ثم قال ﴿ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ ﴾ ( ٣٥ ) فجعل الكلام على الآخر. وقال الشاعر :[ من المنسرج وهو الشاهد الستون ] :
نَحْنُ بِما عِنْدَنا وَأَنْتَ بِما عِنْدَكَ راضٍ والرَأْيُ مُخْتَلِفُ

وقال ﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ﴾ ( ٣٧ ) وهو التأخير. وتقول " أَنْسَأْتُهُ الدَّيْنَ " [ ١٢٨ ء ] إِذَا جعلته إليه يؤخره هو. و : " نَسَأْتُ عَنْهُ دَيْنَهُ " أي : أَخَرْتُهُ* عَنْهُ. وإنما قلت : " أَنْسَأْتُهُ الدَّيْنَ " لأَنَّكَ تقول : " جعلتْه لَهُ يؤَخِّرُهُ " و " نَسَأْتُ عَنْهُ دَيْنَه " " فَأَنَا أنَّسَؤُهُ " أي : أُوَخِّرُهُ. وكذلك " النَّساءُ في العُمْر " يقال : " مَنْ سَرَّهُ النَّساءُ في العُمُر "، ويقال " عِرْق النَّسَا " غير مهموز.
وقال ﴿ لِّيُوَاطِئُواْ ﴾ ( ٣٧ ) لأنَهَّا من " وَاطَأْتُ " ومثله ( هِيَ أَشَدُّ وِطاءً ) أي : مواطأة، وهي المواتاة وبعضهم قال ( وَطْءا ) أَي : قياما.
وقال ﴿ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ ﴾ ( ٣٨ ) لأنَّهُ مِن " تَثاقَلْتُمْ " فَأَدغم التاء في الثاء فسكنت فأحدث لها ألِفاً ليصل أَلىَ الكلامِ بها.
وقال ﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ ﴾ ( ٤٠ ) وكذلك ( ثالثُ ثلاثةٍ ) وهو كلام العرب. وقد يجوز " ثاني واحدٍ " و " ثالثُ اثْنَينِ " وفي كتاب الله ﴿ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ ﴾ وقال ﴿ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾ و﴿ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾ و﴿ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾
وقال ﴿ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ﴾ ( ٤٠ ) لأنه لم يحمله على ( جَعَلَ ) وحمله على الابتداء.
وقال ﴿ انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً ﴾ ( ٤١ ) في هذه الحال. إن شئت ( انفِروا ) في لغة من قال " يَنْفِر " وان شئت ( انْفُرُوا ).
وقال ﴿ عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ ﴾ ( ٤٣ ) لأَنَّه استفهام أي : " لأَيِّ شيء ".
وقال ﴿ ولكن كَرِهَ الله انبِعَاثَهُمْ ﴾ ( ٤٦ ) جعله من " بَعَثْتُهُ " ف " انْبَعَثَ " وسمعت من العرب من يقول : " لَوْ دُعِينا لانْدَعَيْنا ". وتقول : " انْبَعَثَ انَبِعاثاً " أي : " بَعَثْتُهُ " ف " انْبَعَثَ انْبِعاثاً " وتقول : " انْقُطِعَ بِهِ " إذا تكلم فانقطع به ولا تقول " قُطِعَ بِهِ ".
وقال ﴿ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً ﴾ ( ٥٧ ) لأنه من " اِدَّخَلَ " " يَدَّخِلُ " وقال بعضهم ( مَدْخَلا ) جعله من " دَخَلَ " " يَدْخُل " وهي فيما أعلم [ ١٢٨ ب ] أردأ الوجهين. ويذكرون أنها في قراءة أبي ( مُنْدَخَلاً ) أراد شيئاً بعد شيء. وإنما قال ﴿ مُغَارَاتٍ ﴾ لأنها من " أَغَارَ " فالمكان " مُغارٌ " قال الشاعر :[ من البسيط وهو الشاهد الحادي والسبعون بعد المئة ] :
الحمدُ للهِ مُمْسانَا وَمُصْبَحَنا بِالخَيْرِ صَبْحَنا رَبِّي وَمَسَّانا
لأنَّها من " أَمْسَى " و " أَصْبَحَ " وإذا وقفت على " مَلْجَأ " قلت " مَلْجَأَا " لأنه نصب منون فتقف بالألف نحو قولك " رأيتُ زيدَا ".
وقال ﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ ﴾ ( ٥٨ ) وقال بعضهم ( يَلْمُزُكَ ).
وقال ﴿ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ ﴾ ( ٦١ ) أي : هُوَ أُذُنُ خَيْرٍ لا أُذُنُ شرٍّ. وقال بعضهم ( أُذُنٌ خَيْرٌ لَكُمْ ) والأولى أحسنهما لأنك لو قلت " هو أُذُنٌ خَيْرٌ لَكُم " لم يكن في حسن ( هو أَذُنُ خَيْرٍ لَكُم ) وهذا جائز على أن تجعل ( لكم ) صفة " الأُذُنْ ".
وقال ﴿ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ ( ٦١ ) أي : يُصدقهم كا تقول للرجل " أَنَا ما يُؤمِنُ لي بأَنْ أَقُولَ كذا وكذا " أي : ما يصدقني.
وقال ﴿ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ ﴾ ( ٦١ ) أي : وهو رحمة.
وقال :﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ ﴾ ( ٦٢ ) و " سَيَحْلِفُوَن بالله لَكُمِ لِيُرْضُوكُمْ " وَلا أَعلمه إلاَّ على قوله : " لَيُرضُنَّكُم " كما قال الشاعر :[ من الطويل وهو الشاهد السادس والعشرون بعد المئتين ] :
إِذا قُلْتُ قَدْنِي قالَ باللهِ حِلْفَةً لَتُغِنِيَ عَنّي ذا أَنائِكَ أَجْمَعا
أي : لَتُغْنِيَنَّ عني. وهو نحو ﴿ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ ﴾ أي : ولتُصْغِيَنَّ.
وقال ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ ﴾ ( ٦٣ ) فكسر الألف لأن الفاء التي هي جواب [ ١٢٩ ء ] المجازاة ما بعدها مستأتف.
وقال ﴿ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللَّهِ ﴾ ( ٨١ ) أي : مُخالَفَةً. وقال بعضهم ( خَلْفَ ) و( خِلافَ ) أصوبهما لأنهم خالفوا مثل " قَاتَلُوا قِتالا " ولأنه مصدر " خَالَفُوا ".
وقال ﴿ وَجَاءَ الْمُعَذِرُونَ ﴾ ( ٩٠ ) خفيفة لأنها من " اَعْذَرُوا " وقال بعضهم ( المُعَذِّرُونَ ) ثقيلة يريد : " المُعْتَذرُونَ " ولكنه ادغم التاء في الذال كما قال ﴿ يَخِصِّمُونَ ﴾ وبها نقرأ. وقد يكون ( المُعْذِرُون ) بكسر العين لاجتماع الساكنين وإنما فتح لأنه حول فتحة التاء عليها. وقد يكون أن تضم العين تتبعها الميم وهذا مثل ( المُرْدِفِين ).
وقال ﴿ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ﴾ ( ٩٨ ) كما تقول : " هذا رَجُل السَّوْءِ " وقال الشاعر :[ من الطويل وهو الشاهد السابع والعشرون بعد المئتين ] :
وَكُنْتَ كَذِئْبِ السَّوْءِ لَمَّا رَأَى دَماً بِصاحِبِه يَوْماً أَحارَ عَلَى الدَّمِ
وقد قرئت ( دائِرَةُ السُّوءِ ) [ ١٢٩ ب ] وذا ضعيف لأنك إذا قلت " كانت عليهم دائرة السُوءِ " كان أحسن من " رجل السَوْءِ " ألا ترى أنك تقول : " كانت عليهم دائرة الهزيمة " لأَنَّ الرجل لا يضاف إلى السُّوء كما يضاف هذا لأن هذا يفسر به الخير والشر كما نقول : " سلكتُ طريقَ الشرَ " و " تركتُ طريقَ الخَيْر ".
وقال ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ ﴾ ( ١٠٠ ) وقال بعضهم ( والأَنْصارُ ) رفع عطفه على قوله ( والسَّابِقُونَ ) والوجه هو الجر لأن السابقين الأولين كانوا من الفريقين جميعا.
وقال ﴿ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ﴾ ( ١٠٢ ) فيجوز في العربية أن تكون " بآخرَ " كما تقول : " اِسْتَوىَ الماءُ والخَشَبَةَ " أي : " بالخَشَبَةِ " و " خَلَطْتُ الماءَ واللَّبَنَ " أي " بِالَّلبَنِ ".
وقال ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ ( ١٠٣ ) فقوله ﴿ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ على الابتداء وإن شئت جعلته من صفة الصدقة ثم جئت بها توكيداً. وكذلك ( تُطَهِّرُهُم ).
وقال ﴿ وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ ﴾ ( ١٠٦ ) لأنه من " أَرْجَأْتُ " وقال بعضهم ( مُرْجَوْنَ ) في لغة من قال ( أَرْجَيْتُ ).
وقال ﴿ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ ﴾ ( ١٠٨ ) يريد : " مُنْذُ أوَّلِ يَوْمٍ " لأن من العرب من يقول " لَمْ أَرَهُ مِنْ يَوْمِ كَذا " يريد " مُنْذُ أوَّلِ يَوْمِ " يريد به " مِنْ أَوَّلِ الأَيَّامِ " كقولك [ ١٣٠ ء ] " لَقِيتُ كُلَّ رَجُلٍ " تريد به " كُلَّ الرِجّال ".
وقال ﴿ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ ﴾ ( ١٠٩ ) فذكروا أنه من " يَهُورُ " وهو مقلوب وأصله " هائِرٌ " * ولكن قلب مثل ما قلب " شاكِ السِّلاح " [ و ] إنما هو " شائِك ".
وقال ﴿ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ ﴾ ( ١١٠ ) و( تَقَطَّعَ ) في قول بعضهم وكل حسن.
وقال ﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ.. ﴾ ( ١١٢ ) الى رأس الآية ثم فسر ( وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ ) ( ١١٢ ) لأن قوله - و الله اعلم - ( التائبون ) إنما هو تفسير لقوله ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ ﴾ ( ١١١ ) ثم فسر فقال " هُمْ التَّائِبُونَ ".
ثم قال ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾ ( ١١٣ ) يقول " وما كانَ لَهُمْ استِغْفارٌ لِلْمَشْرِكِينَ " وقال ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾. أي ما كان لها الإيمان إلا بإذن الله.
وقال ﴿ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ ﴾ ( ١١٤ ) يريد " إلاَّ مِنْ بَعْدِ مَوْعِدَةٍ " كما تقول : " ما كان هذا الشرُّ إلاَّ عَنْ قَوْلٍ كانَ بَيَنْكَمُا " أي : عن ذلك صار.
وقال ﴿ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ ﴾ ( ١١٧ ) وقال بعضهم ( تَزِيغُ ) جعل في ( كادَ ) و( كادَت ) اسما مضمرا ورفع القلوب على ( تَزِيغُ ) وان شئت رفعتها على ( كادَ ) وجعلت ( تَزيغُ ) حالا وان شئت جعلته مشبها ب " كانَ " فأضمرت في ( كادَ ) اسما وجعلت ( تَزِيغُ قلوبُ ) في موضع الخبر.
وقال ﴿ وَظَنُّوا أَن لاَّ مَلْجَأَ ﴾ ( ١١٨ ) وهي هكذا إذا وقفت [ ١٣٠ ب ] عليها ولا تقول ( ملجأ ا ) لأنه ليس ها هنا نون. ألا ترى انك لو وقفت على " لا خَوْفَ " لم تلحق ألفا. وأمّا " لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأَا " فالوقف عليه بالألف لأن النصب فيه منون.
وقال ﴿ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً ﴾ ( ١٢٣ ) وبها نقرأ وقال بعضهم ( غُلْظَةَ ) وهما لغتان.
وقال ﴿ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً ﴾ ( ١٢٤ ) ف " أيّ " مرفوع بالابتداء لسقوط الفعل على الهاء فان قلت : " ألا تضمر في أوله فعلا " كما قال ﴿ أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً ﴾ فلأن قبل " بشر " حرف استفهام وهو أولى بالفعل و( أيّ ) استغنى به عن حرف الاستفهام فلم يقع قبله شيء هو أولى بالفعل فصارت مثل قولك " زيدٌ ضَرْبتُه ". ومن نصب " زيداً ضربُته " في الخبر نصب " أيّ " ها هنا.
وقال ﴿ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِّنْ أَحَدٍ ﴾ ( ١٢٧ ) كأنه قال " قالَ بعضُهم لبَعْضٍ " لأن نظرهم في هذا المكان كان إيماء أو شبيها به و الله اعلم.
وقال ﴿ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾ ( ١٢٨ ) جعل ( ما ) اسما و( عَنِتُّم ) من صلته.
Icon