تفسير سورة فصّلت

تفسير ابن عباس
تفسير سورة سورة فصلت من كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس المعروف بـتفسير ابن عباس .
لمؤلفه الفيروزآبادي . المتوفي سنة 817 هـ

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿حم﴾ يَقُول قضى مَا هُوَ كَائِن أَي بَين وَهُوَ قسم أقسم بِهِ
﴿تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَن الرَّحِيم كِتَابٌ﴾ يَقُول هَذَا كتاب تَنْزِيل من الرَّحْمَن الرَّحِيم على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿فُصِّلَتْ﴾ بيّنت ﴿آيَاتُهُ﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي والحلال وَالْحرَام ﴿قُرْآناً عَرَبِيّاً﴾ على مجْرى لُغَة الْعَرَب نزل الله جِبْرِيل بِهِ على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿لقوم يعلمُونَ﴾ يصدقون بِمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن وَالْقُرْآن
﴿بَشِيراً﴾ بِالْجنَّةِ ﴿وَنَذِيراً﴾ من النَّار يبشر بِالْجنَّةِ من آمن بِالْقُرْآنِ ويخوف من النَّار من كفر بِالْقُرْآنِ ﴿فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ﴾ كفار مَكَّة عَن الْإِيمَان بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ﴾ لَا يصدقون بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن وَلَا يطيعون الله
﴿وَقَالُواْ﴾ كفار مَكَّة أَبُو جهل وَأَصْحَابه ﴿قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ﴾ فِي أغطية ﴿مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾ من الْقُرْآن والتوحيد ﴿وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ﴾ صمم لَا نسْمع قَوْلك لنا ﴿وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حجاب﴾ ستر غطوا رُءُوسهم بالثياب ثمَّ قَالُوا يَا مُحَمَّد بَيْننَا وَبَيْنك حجاب ستر لَا نسْمع كلامك استهزاء مِنْهُم بك ﴿فاعمل﴾ فِي دينك لإلهك بهلاكنا ﴿إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾ لِآلِهَتِنَا فِي ديننَا بهلاكك
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ﴾ آدَمِيّ ﴿مِّثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ﴾ أرسل إِلَى جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ أبلغكم ﴿أَنَّمَآ إِلَهكُم إِلَه وَاحِدٌ﴾ بِلَا ولد وَلَا شريك ﴿فاستقيموا إِلَيْهِ﴾ فاقبلوا إِلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ من الشّرك ﴿واستغفروه﴾ وحدوه
400
﴿وَوَيْلٌ﴾ شدَّة الْعَذَاب وَيُقَال ويل وَاد فِي جَهَنَّم من قيح وَدم ﴿لِّلْمُشْرِكِينَ﴾ لأبي جهل وَأَصْحَابه
401
﴿الَّذين لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاة﴾ لَا يقرونَ بِلَا إِلَه إِلَّا الله ﴿وَهُمْ بِالآخِرَة﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت وَالْجنَّة وَالنَّار ﴿هُمْ كَافِرُونَ﴾ جاحدون
﴿إِن الَّذين آمنُوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ الطَّاعَات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم ﴿لَهُمْ أَجْرٌ﴾ ثَوَاب ﴿غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ غير مَنْقُوص وَيُقَال غير مُنْقَطع عَنْهُم وَيُقَال لَا يمنون بذلك وَيُقَال يكْتب ثَوَاب أَعْمَالهم بعد الْهَرم أَو الْمَوْت إِلَى يَوْم الْقِيَامَة غير مَنْقُوص
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿أَئِنَّكُمْ﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ﴾ طول كل يَوْم ألف سنة مِمَّا تَعدونَ يَوْم الْأَحَد وَيَوْم الِاثْنَيْنِ ﴿وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً﴾ أعدالاً من الْأَصْنَام ﴿ذَلِك﴾ الَّذِي خلقهما ﴿رَبُّ الْعَالمين﴾ رب كل شَيْء ذِي روح
﴿وَجَعَلَ فِيهَا﴾ خلق فِيهَا ﴿رَوَاسِيَ﴾ الْجبَال الثوابت ﴿مِن فَوْقِهَا﴾ أوتاداً لَهَا ﴿وَبَارَكَ فِيهَا﴾ فِي الأَرْض بِالْمَاءِ وَالشَّجر والنبات وَالثِّمَار ﴿وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا﴾ معايشها فَفِي كل أَرض معيشة لَيست فِي غَيرهَا ﴿فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ﴾ يَقُول خلق الله الْأَرْوَاح قبل الأجساد بأَرْبعَة آلَاف سنة من سنى الدُّنْيَا وَقدر فِيهَا أرزاق الأجساد قبل أرواحها بأَرْبعَة آلَاف سنة من سني الدُّنْيَا ﴿سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ﴾ سَوَاء لمن سَأَلَ وَلمن لم يسْأَل يَعْنِي الرزق وَيُقَال بَيَانا للسائلين كَيفَ خلقهَا هَكَذَا خلقهَا
﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السمآء﴾ ثمَّ عمد إِلَى خلق السَّمَاء ﴿وَهِيَ دُخَانٌ﴾ بخار المَاء ﴿فَقَالَ لَهَا﴾ للسماء ﴿وَلِلأَرْضِ﴾ بعد مَا فرغ مِنْهُمَا (ائتيا) أعطيا مَا فيكما من المَاء والنبات ﴿طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا﴾ أعطينا ﴿طَآئِعِينَ﴾ لله كارهين بجفاء الْخلق
﴿فَقَضَاهُنَّ﴾ خَلقهنَّ ﴿سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ بَعْضهَا فَوق بعض ﴿فِي يَوْمَيْنِ﴾ طول كل يَوْم ألف سنة ﴿وَأوحى فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا﴾ خلق لكل سَمَاء أَهلا وَأمر لَهَا أمرهَا ﴿وَزَيَّنَّا السمآء الدُّنْيَا﴾ الأولى ﴿بِمَصَابِيحَ﴾ بالنجوم ﴿وَحِفْظاً﴾ وحفظناها بالنجوم من الشَّيَاطِين فبعض النُّجُوم زِينَة السَّمَاء لَا يَتَحَرَّك وَبَعضهَا يهتدى بِهِ فِي ظلمات الْبر وَالْبَحْر وَبَعضهَا رجوم للشياطين ﴿ذَلِكَ تَقْدِيرُ﴾ تَدْبِير ﴿الْعَزِيز﴾ بالنقمة لمن لَا يُؤمن بِهِ ﴿الْعَلِيم﴾ بتدبيره وبمن آمن بِهِ وبمن لَا يُؤمن بِهِ
﴿فَإِنْ أَعْرَضُواْ﴾ كفار مَكَّة عَن الْإِيمَان وَهُوَ عتبَة وَأَصْحَابه ﴿فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ﴾ خوفتكم بِالْقُرْآنِ ﴿صَاعِقَةً﴾ عذَابا ﴿مِّثْلَ صَاعِقَةِ﴾ مثل عَذَاب ﴿عَادٍ وَثَمُودَ﴾
﴿إِذْ جَآءَتْهُمُ الرُّسُل مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾ من قبل عَاد وَثَمُود إِلَى قَومهمْ ﴿وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ من بعدهمْ أَيْضا جَاءَت الرُّسُل إِلَى قَومهمْ وَقَالُوا لقومهم ﴿أَلاَّ تعبدوا﴾ أَن لَا توحدوا ﴿إِلَّا الله قَالُوا﴾ كل يَوْم لرسولهم ﴿لَوْ شَآءَ رَبُّنَا﴾ أَن ينزل إِلَيْنَا رَسُولا ﴿لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً﴾ من الْمَلَائِكَة الَّذين عِنْده ﴿فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ جاحدون مَا أَنْتُم إِلَّا بشر مثلنَا
﴿فَأَمَّا عَادٌ﴾ قوم هود ﴿فاستكبروا﴾ تعظموا عَن الْإِيمَان ﴿فِي الأَرْض بِغَيْرِ الْحق﴾ بِلَا حق كَانَ لَهُم ﴿وَقَالُواْ﴾ لهود ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّة﴾ بِالْبدنِ والمنعة فيهلكنا ﴿أولم يرَوا﴾ أولم يعلمُوا ﴿أَنَّ الله الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ مَنْعَة يقدر على إهلاكهم ﴿وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا﴾ بكتابنا ورسولنا هود ﴿يَجْحَدُونَ﴾ يكفرون
﴿فَأَرْسَلْنَا﴾ سلّطنا ﴿عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً﴾ بَارِدًا شَدِيدا ﴿فِي أَيَّام نحسات﴾ مشئومات عَلَيْهِم بِالْعَذَابِ وَيُقَال شَدِيدَة ﴿لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الخزي﴾ الشَّديد ﴿فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَة أخزى﴾
401
أَشد مِمَّا كَانَ لَهُم فِي الدُّنْيَا ﴿وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ﴾ لَا يمْنَعُونَ من عَذَاب الله
402
﴿وَأَمَّا ثَمُودُ﴾ قوم صَالح ﴿فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ بعثنَا إِلَيْهِم صَالحا وَبينا لَهُم الْكفْر وَالْإِيمَان وَالْحق وَالْبَاطِل ﴿فاستحبوا الْعَمى عَلَى الْهدى﴾ فَاخْتَارُوا الْكفْر على الْإِيمَان ﴿فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَاب﴾ الصَّيْحَة بِالْعَذَابِ ﴿الْهون﴾ الشَّديد ﴿بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ يَقُولُونَ ويعملون فِي كفرهم وبعقرهم النَّاقة
﴿وَنَجَّيْنَا الَّذين آمَنُواْ﴾ بِصَالح ﴿وَكَانُواْ يتَّقُونَ﴾ الْكفْر والشرك وعقر النَّاقة
﴿وَيَوْمَ﴾ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة ﴿يُحْشَرُ أَعْدَآءُ الله إِلَى النَّار﴾ صَفْوَان بن أُميَّة وختناه ربيعَة بن عَمْرو وحبِيب بن عَمْرو وَسَائِر الْكفَّار ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ يحبس الأول على الآخر
﴿حَتَّى إِذا مَا جاؤوها﴾ أَي النَّار ﴿شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ﴾ بِمَا سمعُوا بهَا ﴿وَأَبْصَارُهُمْ﴾ بِمَا أبصروا بهَا ﴿وَجُلُودُهُم﴾ أعضاؤهم ﴿بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ بهَا فِي كفرهم
﴿وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ﴾ لأعضائهم وَيُقَال لفروجهم ﴿لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا﴾ وَكُنَّا نحابس عَنْكُم بالجدال ﴿قَالُوا أَنطَقَنَا الله﴾ بالْكلَام ﴿الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ من الدَّوَابّ الْيَوْم ﴿وَهُوَ خَلَقَكُمْ﴾ أنطقكم ﴿أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ بعد الْمَوْت
﴿وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ﴾ تقدرون أَن تمنعوا أعضاءكم ﴿أَن يَشْهَدَ﴾ من أَن يشْهد ﴿عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ﴾ فِي الْآخِرَة ﴿وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ﴾ وَيُقَال وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ تقدرون فِي الدُّنْيَا أَن تستروا اكْتِسَاب الْأَعْضَاء عَن الْأَعْضَاء أَن يشْهد لكَي لَا يشْهد عَلَيْكُم وَيُقَال وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أتستيقنون أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ فِي الْآخِرَة وَلَا أبصاركم وَلَا جلودكم ﴿وَلَكِن ظَنَنتُمْ﴾ وقلتم ﴿أَنَّ الله لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ﴾ وتقولون فِي السِّرّ
﴿وذلكم ظَنُّكُمُ﴾ قَوْلكُم بِالظَّنِّ ﴿الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ﴾ وقلتم على ربكُم بِالْكَذِبِ ﴿أَرْدَاكُمْ﴾ أهلككم ﴿فَأَصْبَحْتُمْ﴾ صرتم ﴿مِّنَ الخاسرين﴾ من المغبونين بالعقوبة
﴿فَإِن يَصْبِرُواْ﴾ فِي النَّار أَو لَا يصبروا ﴿فَالنَّار مَثْوًى لَّهُمْ﴾ منزل لَهُم لِصَفْوَان بن أُميَّة وَأَصْحَابه ﴿وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ﴾ يسْأَلُوا الرّجْعَة إِلَى الدُّنْيَا ﴿فَمَا هُم مِّنَ المعتبين﴾ الراجعين إِلَى الدُّنْيَا
﴿وقيضنا لَهُم﴾ وَجَعَلنَا لَهُم ﴿قرناء﴾ أعوانا وشركاء من الشَّيَاطِين ﴿فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ من أَمر الْآخِرَة أَن لَا جنَّة وَلَا نَار وَلَا بعث وَلَا حِسَاب ﴿وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ من خَلفهم من أَمر الدُّنْيَا أَن لَا تنفقوا وَلَا تعطوا وَأَن الدُّنْيَا بَاقِيَة لَا تفنى ﴿وَحَقَّ﴾ وَجب ﴿عَلَيْهِمُ القَوْل﴾ بِالْعَذَابِ ﴿فِي أُمَمٍ﴾ مَعَ أُمَم ﴿قَدْ خَلَتْ﴾ قد مَضَت ﴿مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ الْجِنّ وَالْإِنْس﴾ من كفار الْجِنّ وَالْإِنْس ﴿إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ﴾ مغبونين بالعقوبة
﴿وَقَالَ الَّذين كَفَرُواْ﴾ كفار أهل مَكَّة أَبُو جهل وَأَصْحَابه ﴿لاَ تَسْمَعُواْ لهَذَا الْقُرْآن﴾ الَّذِي يقْرَأ عَلَيْكُم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿والغوا﴾ الغطوا ﴿فِيهِ﴾ وَهُوَ الشغب ﴿لَعَلَّكُمْ تغلبون﴾ لكى تغلبُوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيسكت
﴿فَلَنُذِيقَنَّ الَّذين كَفَرُواْ﴾ أَبَا جهل وَأَصْحَابه ﴿عَذَاباً شَدِيداً﴾ فِي الدُّنْيَا يَوْم بدر ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ بأقبح مَا كَانُوا يعْملُونَ فى الدُّنْيَا
﴿ذَلِك﴾ لَهُم فِي الدُّنْيَا ﴿جَزَآءُ أَعْدَآءِ الله﴾ وَجَزَاء أَعدَاء الله فِي الْآخِرَة ﴿النَّار لَهُمْ فِيهَا﴾ فِي النَّار ﴿دَارُ الْخلد﴾ قد خلدوا فِيهَا ﴿جَزَاء بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿يَجْحَدُونَ﴾ يكفرون
﴿وَقَال الَّذين كَفَرُواْ﴾ فِي النَّار ﴿رَبَّنَآ﴾ يَا رَبنَا ﴿أَرِنَا الَّذين أَضَلاَّنَا﴾ عَن الْحق وَالْهدى ﴿مِنَ الْجِنّ وَالْإِنْس﴾ من الْجِنّ إِبْلِيس وَالْإِنْس قابيل الَّذِي قتل أَخَاهُ هابيل وَيُقَال من الْجِنّ إِبْلِيس وَالشَّيَاطِين وَمن الْإِنْس رؤساؤهم ﴿نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا﴾ بِالْعَذَابِ ﴿لِيَكُونَا مِنَ الأسفلين﴾ من الأضلين بِالْعَذَابِ
﴿إِنَّ الَّذين قَالُواْ رَبُّنَا الله﴾ وحدوا الله ﴿ثُمَّ استقاموا﴾ على الْإِيمَان وَلم يكفروا وَيُقَال على أَدَاء الْفَرَائِض وَلم يروغوا روغان الثَّعْلَب ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَة﴾ عِنْد قبض أَرْوَاحهم ﴿أَلاَّ تَخَافُواْ﴾ على مَا أمامكم من الْعَذَاب ﴿وَلاَ تَحْزَنُواْ﴾ على مَا خَلفْتُمْ من خلفكم ﴿وَأَبْشِرُواْ بِالْجنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾ فِي الدُّنْيَا
﴿نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ توليناكم فِي الدُّنْيَا ﴿وَفِي الْآخِرَة﴾ ونتولاكم فِي الْآخِرَة وهم الْحفظَة ﴿وَلكم فِيهَا﴾ فى الْجنَّة ﴿مَا تشْتَهي﴾ مَا تتمنى ﴿أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا﴾ فِي الْجنَّة ﴿مَا توعدون﴾ تسْأَلُون
﴿نُزُلاً﴾ ثَوابًا وَطَعَامًا وَشَرَابًا لكم ﴿مِّنْ غَفُورٍ﴾ لمن تَابَ ﴿رَحِيم﴾ لمن مَاتَ على التَّوْبَة
﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً﴾ أحكم قولا وَيُقَال أحسن دَعْوَة ﴿مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله﴾ بِالتَّوْحِيدِ وَهُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ أدّى الْفَرَائِض وَيُقَال نزلت هَذِه الْآيَة فِي المؤذنين يَقُول وَمن أحسن قولا دَعْوَة مِمَّن دَعَا إِلَى الله بِالْأَذَانِ وَعمل صَالحا صلى رَكْعَتَيْنِ بعد الْأَذَان غير أَذَان صَلَاة الْمغرب ﴿وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسلمين﴾ انتحل الْإِسْلَام وَقَالَ إِنِّي مُؤمن حَقًا وَهُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه
﴿وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَة﴾ الدعْوَة إِلَى التَّوْحِيد من مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَلاَ السَّيئَة﴾ الدعْوَة إِلَى الشّرك من أبي جهل وَيُقَال وَلَا يَسْتَوِي الْحَسَنَة شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا السَّيئَة الشّرك بِاللَّه ﴿ادْفَعْ﴾ يَا مُحَمَّد الشّرك من أبي جهل أَن يفتنك ﴿بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَيُقَال ادْفَعْ السَّيئَة من أبي جهل عَن نَفسك بِالَّتِي هِيَ أحسن بالْكلَام الْحسن وَالسَّلَام واللطف ﴿فَإِذَا﴾ فعلت ذَلِك صَار ﴿الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ﴾ فِي الدّين وَهُوَ أَبُو جهل ﴿كَأَنَّهُ وَلِيٌّ﴾ فِي الدّين ﴿حَمِيمٌ﴾ قريب فِي النّسَب
﴿وَمَا يُلَقَّاهَا﴾ مَا يعْطى الْجنَّة فِي الْآخِرَة ﴿إِلاَّ الَّذين صَبَرُواْ﴾ على المرازي وأذى الْأَعْدَاء فِي الدُّنْيَا ﴿وَمَا يُلَقَّاهَآ﴾ وَمَا يوفق لدفع السَّيئَة بِالْحَسَنَة ﴿إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ ثَوَاب وافر فى الْجنَّة مثل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه
﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَان نَزْغٌ﴾ أَن يصيبك من الشَّيْطَان وَسْوَسَة بالجفاء عِنْد جفَاء أبي جهل ﴿فاستعذ بِاللَّه﴾ من الشَّيْطَان الرَّجِيم ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيع﴾ لمقالة أبي جهل ﴿الْعَلِيم﴾ بعقوبته وَيُقَال السَّمِيع باستعاذتك الْعَلِيم بوسوسة الشَّيْطَان
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ من عَلَامَات وحدانيته وَقدرته ﴿اللَّيْل وَالنَّهَار وَالشَّمْس وَالْقَمَر﴾ كل هَذَا من آيَات الله ﴿لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ﴾ لَا تعبدوا الشَّمْس ﴿وَلاَ لِلْقَمَرِ﴾ وَلَا الْقَمَر ﴿واسجدوا لِلَّهِ﴾ واعبدوا الله ﴿الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾ يَعْنِي خلق الشَّمْس وَالْقَمَر وَاللَّيْل وَالنَّهَار ﴿إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ إِن كُنْتُم تُرِيدُونَ عبَادَة الله فَلَا تعبدوا الشَّمْس وَالْقَمَر وَلَكِن اعبدوا الله الَّذِي خلقهما وَيُقَال إِن كُنْتُم تُرِيدُونَ بِعبَادة الشَّمْس وَالْقَمَر عبَادَة الله فَلَا تعبدوهما فَإِن عبَادَة الله فِي ترك عبادتهما
﴿فَإِنِ استكبروا﴾ تعظموا عَن الْإِيمَان وَالْعِبَادَة لله ﴿فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ﴾ يَعْنِي الْمَلَائِكَة ﴿يُسَبِّحُونَ لَهُ﴾ يصلونَ لله ﴿بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ﴾ لَا يملون من عبَادَة الله وَلَا يفترون
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ وَمن عَلَامَات وحدانيته وَقدرته ﴿أَنَّكَ تَرَى الأَرْض خَاشِعَةً﴾
403
ذليلة منكسرة ميتَة ﴿فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء﴾ الْمَطَر ﴿اهتزت﴾ استبشرت بالمطر وَيُقَال تحركت بالنبات ﴿وَرَبَتْ﴾ كثر نباتها وَيُقَال انتفخت بنباتها ﴿إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا﴾ بعد مَوتهَا ﴿لمحيي الْمَوْتَى﴾ للبعث ﴿إِنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الإماتة والإحياء ﴿قَدِيرٌ﴾
404
﴿إِنَّ الَّذين يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا﴾ يجحدون بِآيَاتِنَا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن وَيُقَال يكذبُون بِآيَاتِنَا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن إِن قَرَأت بِضَم الْيَاء ﴿لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ﴾ لَا يخفى علينا من أَعْمَالهم شَيْء ﴿أَفَمَن يلقى فِي النَّار﴾ وَهُوَ أَبُو جهل وَأَصْحَابه ﴿خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً﴾ من الْعَذَاب ﴿يَوْم الْقِيَامَة﴾ وَهُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه ﴿اعْمَلُوا﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿مَا شِئْتُمْ﴾ وَهَذَا وَعِيد لَهُم ﴿إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ يجزيكم بأعمالكم
﴿إِنَّ الَّذين كَفَرُواْ بِالذكر﴾ بِالْقُرْآنِ ﴿لَمَّا جَآءَهُمْ﴾ حِين جَاءَهُم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهِ وَهُوَ أَبُو جهل وَأَصْحَابه لَهُم فِي الْآخِرَة نَار جَهَنَّم ﴿وَإِنَّهُ﴾ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ كريم شرِيف
﴿لاَّ يَأْتِيهِ الْبَاطِل﴾ لم يُخَالِفهُ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَسَائِر الْكتب ﴿مِن بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ من قبله ﴿وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ﴾ وَلَا يكون من بعده كتاب فيخالفه وَيُقَال لَا تكذبه التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَسَائِر الْكتب من قبله وَلَا يكون من بعده كتاب فيكذبه وَيُقَال لم يَأْتِ إِبْلِيس إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قبل إتْيَان جِبْرِيل فَزَاد فِي الْقُرْآن وَلَا من بعد ذهَاب جِبْرِيل فنقص من الْقُرْآن وَيُقَال لَا يُخَالف الْقُرْآن بعضه بَعْضًا وَلَكِن يُوَافق بعضه بَعْضًا ﴿تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ﴾ تكليم من حَكِيم فِي أمره وقضائه ﴿حَمِيدٍ﴾ مَحْمُود فِي فعاله
﴿مَّا يُقَالُ لَكَ﴾ يَا مُحَمَّد من الشتم والتكذيب ﴿إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ﴾ من الشتم والتكذيب من قبلك وَيُقَال مَا يُقَال لَك مَا أَمر لَك من تَبْلِيغ الرسَالَة إِلَّا مَا قد قيل أَمر للرسل ﴿مِن قَبْلِكَ﴾ بتبليغ الرسَالَة ﴿إِنَّ رَبَّكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿لَذُو مَغْفِرَةٍ﴾ لمن تَابَ من الْكفْر وآمن بِاللَّه ﴿وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾ لمن مَاتَ على الْكفْر
﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً﴾ لَو نزلنَا جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ على غير مجْرى لُغَة الْعَرَب ﴿لَّقَالُواْ﴾ كفار مَكَّة ﴿لَوْلاَ فُصِّلَتْ﴾ هلا بيّنت وعربت ﴿آيَاته﴾ بِالْعَرَبِيَّةِ ﴿أأعجمي وَعَرَبِيٌّ﴾ قُرْآن أعجمي وَرجل عَرَبِيّ كَيفَ هَذَا ﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿هُوَ﴾ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿لِلَّذِينَ آمَنُواْ﴾ أبي بكر وَأَصْحَابه ﴿هُدىً﴾ من الضَّلَالَة ﴿وَشِفَآءٌ﴾ بَيَان لما فِي الصُّدُور من الْعَمى ﴿وَالَّذين لَا يُؤمنُونَ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن وَهُوَ أَبُو جهل وَأَصْحَابه ﴿فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ﴾ صمم ﴿وَهُوَ﴾ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ حجَّة ﴿أُولَئِكَ﴾ أهل مَكَّة أَبُو جهل وَأَصْحَابه ﴿يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾ كَأَنَّهُمْ ينادون إِلَى التَّوْحِيد من السَّمَاء
﴿وَلَقَد آتَيْنَا﴾ أعطينا ﴿مُوسَى الْكتاب﴾ يَعْنِي التَّوْرَاة ﴿فَاخْتلف فِيهِ﴾ فِي كتاب مُوسَى فَمنهمْ مُصدق بِهِ وَمِنْهُم مكذب بِهِ ﴿وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ﴾ وَجَبت ﴿مِن رَّبِّكَ﴾ بِتَأْخِير الْعَذَاب عَن هَذِه الْأمة ﴿لقضي بَينهم﴾ لفزع من هَلَاك الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكين يَقُول عذبُوا عِنْد التَّكْذِيب كَمَا عذب الَّذين من قبلهم عِنْد التَّكْذِيب ﴿وَإِنَّهُمْ﴾ يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكين ﴿لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ﴾ من الْقُرْآن ﴿مُرِيبٍ﴾ ظَاهر الشَّك وَيُقَال من كتاب مُوسَى
﴿مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً﴾ خَالِصا فِيمَا بَينه وَبَين ربه ﴿فَلِنَفْسِهِ﴾ ثَوَاب ذَلِك ﴿وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا﴾ من أشرك بِاللَّه فعلَيْهَا على نَفسه عُقُوبَة ذَلِك ﴿وَمَا رَبُّكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ أَن يَأْخُذهُمْ بِلَا جرم
﴿إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَة﴾ علم قيام السَّاعَة لَا يعلم قِيَامهَا أحد غير الله ﴿وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا﴾ من كفراها ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى﴾ الْحَوَامِل ﴿وَلاَ تَضَعُ﴾ حملهَا ﴿إِلاَّ بِعِلْمِهِ﴾ بِإِذْنِهِ لَا يُعلمهُ غَيره ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ﴾ فِي النَّار فَيَقُول الله ﴿أَيْنَ شُرَكَآئِي﴾ الَّذين كُنْتُم تَعْبدُونَ وتقولون أَنهم شركائي ﴿قَالُوا آذَنَّاكَ﴾ أعلمناك وَقُلْنَا لَك قبل هَذَا
404
﴿مَا منا من شَهِيد﴾ يشْهد على نَفسه أَنه عبد دُونك أحدا
405
﴿وَضَلَّ عَنْهُم﴾ اشْتغل عَنْهُم ﴿مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ﴾ يعْبدُونَ ﴿مِن قَبْلُ﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿وَظَنُّواْ﴾ علمُوا وأيقنوا ﴿مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ﴾ من ملْجأ وَلَا مغيث وَلَا نجاة من النَّار
﴿لاَّ يَسْأَمُ الْإِنْسَان﴾ يَعْنِي الْكَافِر لَا يمل وَلَا يفتر ﴿مِن دُعَآءِ الْخَيْر﴾ المَال وَالْولد وَالصِّحَّة ﴿وَإِن مَّسَّهُ الشَّرّ﴾ إِن أَصَابَته الشدَّة والفقر ﴿فيؤوس قَنُوطٌ﴾ فَيصير آيس شَيْء وأقنطه من رَحْمَة الله
﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ﴾ أصبناه ﴿رَحْمَةً مِّنَّا﴾ نعْمَة منا بِالْمَالِ وَالْولد ﴿مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ﴾ شدَّة أَصَابَته ﴿لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي﴾ بِخَير علم الله فِي ﴿وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَة﴾ قيام السَّاعَة ﴿قَآئِمَةً﴾ كائنة كَمَا يَقُول مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنكاراً مِنْهُ للبعث ﴿وَلَئِن رُّجِّعْتُ إِلَى رَبِّي﴾ كَمَا يَقُول مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿إِنَّ لِي عِندَهُ﴾ فِي الْآخِرَة ﴿للحسنى﴾ الْجنَّة وَهُوَ عتبَة بن أبي ربيعَة وَأَصْحَابه ﴿فَلَنُنَبِّئَنَّ﴾ فلنخبرن ﴿الَّذين كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ﴾ فِي كفرهم ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ شَدِيد لونا بعد لون فِي النَّار
﴿وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَان﴾ يَعْنِي الْكَافِر بِالْمَالِ وَالْولد ﴿أَعْرَضَ﴾ عَن شكر ذَلِك ﴿وَنَأَى بِجَانِبِهِ﴾ تبَاعد عَن الْإِيمَان ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرّ﴾ أَصَابَهُ الْفقر ﴿فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ﴾ طَوِيل بِالْمَالِ وَيُقَال كثير الْوَلَد وَهُوَ عتبَة
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ الله﴾ يَقُول هَذَا الْقُرْآن من الله ﴿ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ﴾ بِالْقُرْآنِ إِنَّه لَيْسَ من عِنْد الله مَاذَا يفعل بكم ربكُم ﴿مَنْ أَضَلُّ﴾ عَن الْحق وَالْهدى ﴿مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ﴾ فِي خلاف ﴿بَعِيدٍ﴾ عَن الْحق وَالْهدى وَيُقَال فِي معاداة شَدِيدَة مَعَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ أَبُو جهل
﴿سَنُرِيهِمْ﴾ يَا مُحَمَّد أهل مَكَّة ﴿آيَاتِنَا﴾ عَلَامَات عجائبنا ووحدانيتنا وقدرتنا ﴿فِي الْآفَاق﴾ فِي أَطْرَاف الأَرْض من خراب مسَاكِن الَّذين من قبلهم مثل عَاد وَثَمُود وَالَّذين من بعدهمْ ﴿وَفِي أَنفُسِهِمْ﴾ ونريهم فِي أنفسهم من الْأَمْرَاض والأوجاع والمصائب وَغير ذَلِك ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحق﴾ أَن مَا يَقُول لَهُم النَّبِي هُوَ الْحق ﴿أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ﴾ أَو لم يَكفهمْ مَا بَين لَهُم رَبك من أَخْبَار الْأُمَم الْمَاضِيَة من غير أَن يُرِيهم ﴿أَنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ﴾ من أَعْمَالهم ﴿شَهِيدٌ﴾
﴿أَلاَ إِنَّهُمْ﴾ أهل مَكَّة ﴿فِي مِرْيَةٍ﴾ فِي شكّ وارتياب ﴿مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ﴾ من الْبَعْث بعد الْمَوْت ﴿أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ﴾ من أَعْمَالهم وعقوبتهم ﴿مُحِيط﴾ عَالم
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا حم عسق وهى كلهَا مَكِّيَّة إِلَّا سبع آيَات ﴿قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى﴾ ﴿وَالَّذين يحاجون فِي الله من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ﴾ إِلَى آخر الْآيَة وَخمْس آيَات نزلت فى أَبى بكر الصّديق وَأَصْحَابه من قَوْله ﴿وَالَّذين يجتنبون كَبَائِر الْإِثْم﴾ إِلَى قَوْله ﴿إِن ذَلِك لمن عزم الْأُمُور﴾ فانهن مدنيات
آياتها خَمْسُونَ آيَة وكلماتها ثَمَانمِائَة وَسِتَّة وَثَمَانُونَ وحروفها ثَلَاثَة آلَاف وَخَمْسمِائة وَثَمَانِية وَثَمَانُونَ حرفا
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
Icon